الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
سحب نقاط مراقبة تركية
المحور الثاني: ليبيا
تعثر المفاوضات
محاولة لتهميش الدور التركي
المحور الثالث: مصر
زيارة السيسي إلى فرنسا
المناورات العسكرية في البحر المتوسط
المحور الرابع: العراق
الزيارة الأولى للكاظمي إلى أنقرة
المحور الخامس: الخليج
التقارب التركي-السعودي
المصالحة الخليجية
زيارة الأمير تميم لتركيا
المحور السادس: فلسطين
دعم دبلوماسي مستمر
زيارة شيخ الأقصى لتركيا
الدعم الخيري
المحور السابع: أوروبا
العقوبات الأوروبية على تركيا
سياسة أنقرة بعد العقوبات
حشد الدعم للاعتراف بقبرص الشمالية
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
عقوبات الأمريكية على تركيا
استشراف مسؤولين أتراك للعلاقات في عهد بايدن
المحور التاسع: أذربيجان
زيارة أردوغان إلى باكو
محاولة فرنسية لنقض الهدنة
المحور العاشر: الداخل التركي
استقالة مستشار كبير في الرئاسة
انتقادات المعارضة للاتفاقات مع قطر
المقدمة
تجابه الدولة التركية تحديات كبيرة على عدة مستويات، وأتت العقوبات الأمركية والأوروبية لتؤكد حجم هذه التحديات، وأنها قد تزيد مع وصول المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض. وفي وقت تحاول فيه القيادة التركية التجديد في سياستها الداخلية، وإعادة تموضعها في بعض الملفات الخارجية، أتت تصريحات من بولنت أرينتش، عضو المجلس الاستشاري الأعلى للرئاسة، لتضع الرئاسة التركية في موقف كاد أن يتسبب في أزمة مع حليفها حزب الحركة القومية.
كذلك كان للاتفاقيات التي وقعها أمير دولة قطر، تميم بن حمد، مع الرئيس أردوغان صدى واسع على المستوى الداخلي، أخذته الرئاسة التركية بجدية وتفاعلت معه بشكل ملحوظ. وعلى الساحة الليبية، يبدو أن هناك محاولات أمريكية-أوروبية لتهميش الدور التركي هناك، الأمر الذي تحاول تركيا تجاوزه عبر توثيق علاقتها بقادة حكومة الوفاق. أما في مصر، فيقل الحديث تدريجيًا عن مصالحة تركية معها، خصوصًا في ظل زيارات السيسي الأخيرة لدول المحور الأوروبي المجابه لأنقرة، وتكرار المناورات العسكرية معها.
وعلى المستوى الخليجي، ظهرت بوادر انفراجة في العلاقات مع السعودية، لكن يبدو أن الملفات المختلف عليها بين الطرفين تمثل عقبة في طريق تطور العلاقات بين الطرفين. وعلى الساحة العراقية، تأمل القيادتين التركية والعراقية أن تمثل زيارة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إلى أنقرة بداية لمرحلة جديدة من التعاون بين الجارتين. وفي سوريا، ما زالت تركيا تفكك بعض نقاط المراقبة التي باتت تقع في مناطق سيطرة النظام.
أما على الساحة الأذرية، فتحاول تركيا جني ثمار انتصار حليفتها أذربيجان في حرب التحرير، لكن يبدو أن هناك محاولات من فرنسا لنقض اتفاق وقف إطلاق النار. وعن فلسطين، فما زال الدعم التركي الدبلوماسي والخيري مستمرًا لها، وشكلت زيارة الشيخ عكرمة صبري، شيخ المسجد الأقصى، خطوة مهمة تؤكد على دعم تركيا للقضية الفلسطينية.
ربما كانت الساحة السورية هي أقل الساحات التي شهدت تطورات خلال الشهر الماضي، حيث ما زالت قوات النظام السوري –المدعومة من روسيا وإيران- تخرق الهدنة في إدلب. كذلك فإن الجيش التركي استمر في سحب بعض نقاط المراقبة المتمركزة في مناطق خضعت لسيطرة النظام السوري شمال وغربي سوريا، وإن جاء الانسحاب هذا الشهر بوتيرة أقل.[1]
كان الجيش التركي قد انتشر في سوريا في أكثر من 60 نقطة من بينها نقاط مراقبة نشرت بناء على اتفاق خفض التصعيد بين الدول الضامنة لمسار أستانة، ونقاط أخرى جرى نشرها بناء على تفاهمات روسية تركية. لكن بدأ الجيش التركي بتفكيك معظم النقاط التي تقع في مناطق سيطرة النظام، ونقل أجزاء منها إلى نقاط جديدة أقامها في جبل الزاوية التي باتت أكبر منطقة يتجمع فيها الجيش التركي، في العديد من النقاط على خطوط التماس مع النظام.
كانت بعض التحليلات قد ذهبت بعيدًا بشأن “قبول تركيا” للرؤية الروسية حول إدلب، إثر لجوء أنقرة لسحب عدد من نقاطها العسكرية بناء على طلب روسي بذلك، بحسب ما أشارت تسريبات صحافية روسية. لكن يبدو أن الرأي القائل بأن الانسحابات التركية الأخيرة من بعض نقاط المراقبة يأتي بسبب رغبة أنقرة في الحفاظ على جنودها أقرب للواقع.[2]
حيث نقل موقع “ميدل إيست آي” عن مصادر خاصة أن أنقرة باتت تخشى من استخدام القوات التركية المحاصَرة في إدلب كورقة ضغط ضدها لو قرر النظام السوري القيام بعملية عسكرية جديدة. لذا تتوقع المصادر أن تُخلي أنقرة كل مواقع المراقبة المحاصرة من قوات بشار الأسد تباعًا.[3]
لكن المصادر أكدت في ذات الوقت أن تركيا “ستستمر في حمايتها لمدينة إدلب. ومما يؤكد أن سحب نقاط المراقبة تكتيك متَّبَع وليس استراتيجية عامة، فأنقرة لم تتوقف عن إرسال تعزيزاتها إلى إدلب وجبل الزاوية، رغم الطلب الروسي بتخفيض حجم القوات التركية جنوبي إدلب. لذلك فإن هذه المعطيات تشير إلى استعداد تركيا والفصائل لصد أي هجوم من قبل النظام وحلفائه نحو جبل الزاوية وجنوبي إدلب.[4]
زاد خطاب التوتر والتصعيد في ليبيا ثانية، في وقت تراجعت فيه نسبيًا فرص الوصول إلى حلول سياسية. حيث هدد وزير الدفاع بحكومة الوفاق، صلاح الدين النمروش، أكثر من مرة بالانسحاب من اللجنة العسكرية التي شكلتها الأمم المتحدة “إذا استمرت خروقات حفتر لوقف إطلاق النار”، مؤكدًا استعداد حكومة الوفاق لــ”خوض معركة” ضد حفتر إذا انهار اتفاق الهدنة.[5]
كذلك فإن الحوار السياسي الليبي-الليبي لم يسفر حتى الآن عن نتائج تنبئ بتقدم نحو حل جديّ للأزمة فيما يخص تحديد آليات الانتقال إلى السلطة التنفيذية الانتقالية والشخصيات التي ستقودها. ويقول مراقبون إن كواليس الملتقيات السياسية بين طرفي النزاع في ليبيا تشهد ضغوطًا كبيرة من عدة أطراف. تهدف هذه الضغوط إلى تمرير مقترحات مختلفة تصب في مصلحة أطراف معينة، وتتوافق مع طموح شخصيات سياسية حالية تهدف للبقاء في المشهد المقبل ضمن مناصب السلطة الجديدة، مقابل رفض أطراف أخرى استمرار وجود هذه الشخصيات في مناصبهم.[6]
في ذات الآونة، أثار قانون تحقيق الاستقرار في ليبيا – الذي أقر فيه الكونجرس الأمريكي معاقبة من يؤجج الصراع هناك- المزيد من الأسئلة والتكهنات بشأن الجهة التي يستهدفها هذا القانون، وبالطبع لم تكن تركيا خارج الاحتمالات.[7] حيث يقول محللون إن هناك اتجاهًا لدى الإدارة الأمريكية بأن تراجع دورها في الأزمة الليبية قد يسمح بصعود قوى أخرى تؤثر في المشهد، بما قد يقلل من نفوذ واشنطن في المنطقة.
ورغم أن الوجود التركي في ليبيا كان منسجمًا مع الموقف الأميركي والأوروبي في معظمه، وساهم في تقويض الدور الروسي المتصاعد في ليبيا، إلا أن أنقرة ليست الخيار الأفضل بالنسبة لأوروبا وأمريكا، فوجودها في المنطقة يمثل ورقة قوية لها وسط تصاعد خلافاتها يومًا بعد يوم مع عدد من العواصم الأوروبية، على رأسها باريس وأثينا، وعدم استقرار علاقتها بواشنطن. وبالتالي، ليس مستبعدًا أن تستخدم تركيا هذه الورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي حال تصاعدت الخلافات بينهما.[8]
محاولات تهميش الدور التركي في ليبيا بدت بشكل واضح في استبعاد تركيا من المشاركة بأي شكل في العملية التفاوضية، التي تقودها الدبلوماسية الأمريكية، ستيفاني وليامز، المبعوثة الأممية إلى طرابلس. الأمر الذي حاولت القيادة التركية تداركه عبر تكثيف تواصها مع أطراف الحكومة الليبية الشرعية، سواء عبر الزيارات، أو عبر سفيرها في العاصمة الليبية بطرابلس.
ويبدو حتى الآن أن هناك نجاحًا تركيا – رغم الصعوبات- في الحفاظ على العلاقات والاتفاقيات مع الوفاق، حيث تكرر الشهر الماضي تصريحات من قيادة حكومة طرابلس تثمن الدور الذي تلعبه تركيا على الساحة الليبية، من ذلك قول نائب رئيس الوزراء الليبي، أحمد معيتيق، أن حكومة الوفاق دعت شركاءها لدعمها عندما هاجم الانقلابي، خليفة حفتر، العاصمة. ولم تأت استجابة إيجابية إلا من تركيا. مضيفًا: “فقط تركيا على الساحة الدولية هي التي وقفت بجانبنا داعمة للحكومة الشرعية. نحن ممتنون لذلك”.[9]
كما أكدت وزارة الخارجية الليبية على لسان الناطق باسمها، محمد القبلاوي، أن اتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع تركيا “شرعية وتتوافق مع القوانين الدولية، ولا يمكن مساواتها بالدعم الذي يتلقاه الجنرال الانقلابي خليفة حفتر”. وكان ذلك ردًا على ما أشارت إليه “وليامز” من وجود “20 ألفًا من القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، قائلة: “إن هذا انتهاك مروّع للسيادة”.[10]
ومؤخرًا، أرسلت الرئاسة التركية إلى برلمان بلادها مذكرة رئاسية موقعة من الرئيس رجب طيب أردوغان، تطلب الموافقة على تمديد مهام القوات التركية العاملة في ليبيا 18 شهرًا إضافيًا. وجاء في المذكرة أن المرحلة التي وصلت لها ليبيا حتى الآن تظهر أنّ إمكانية تأسيس وقف إطلاق النار الدائم، وانتهاء مرحلة الحوار وتوحيد المؤسسات، غير ممكنة حتى الآن”.[11]
وبناء على ما تقدم، يمكن القول إن تركيا مستمرة في الوجود على الساحة الليبية لدعم حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا، إلى أن يتم تأمين عملية سياسية حقيقة تحافظ على الإدارة الشعبية هناك، وعلى المكتسبات التي حققتها طرابلس وحليفتها أنقرة، بعد طردهم للقوات الانقلابية التابعة لحفتر من كامل الغرب الليبي. لكن يبدو أن الوصول لاتفاق سياسي كهذا لن يكون قريبًا، في ظل الخلافات الحادة التي تشهدها المحادثات.
يقل الحديث شيئًا فشيئًا عن مصالحة مصرية-تركية قريبة، وتثبت مجريات الأحداث أن الطرفين لم يستطيعا التوصل إلى اتفاق ولو بشكل مبدئي في هذا الشأن. فخلال الشهر الماضي زار قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، اليونان. ومن هناك، قال السيسي في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس: “إنّ القاهرة اتفقت مع أثينا على التصدي لأي تهديد للأمن الإقليمي، وكذلك للإجراءات الأحادية في شرق المتوسط”، في إشارة منه للإجراءات التركية.[12]
وفي خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، قام السيسي بزيارة أخرى إلى فرنسا. وحسب المتحدث باسم الرئاسة في مصر، باسم راضي، فإن الزيارة أتت بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأفصح المتحدث عن وجود دوائر تفاهم مشتركة كبيرة في المواقف بين القاهرة وباريس تجاه عدة قضايا إقليمية، منها الوضع في شرق المتوسط. وأضاف أن هناك شبه تطابق في مواقف البلدين حول ليبيا، من رفض التدخل الخارجي، ورفض التعامل مع الميليشيات ونقل المقاتلين الأجانب من العراق وسوريا إلى ليبيا.[13]
وخلال الزيارة، صرح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن هناك استفزازات من تركيا في شرق البحر المتوسط تمثل خطورة على مصر وشركائها، وأن هناك تنسيقًا مصريًا فرنسيًا لإعادة الاستقرار.[14] التعاون المصري-الفرنسي في منطقة شرق المتوسط أكدته الرئاسة الفرنسية في بيان لها حول زيارة السيسي قائلة: “إن سياسة تركيا في المنطقة عدائية، وإننا نعمل مع مصر من أجل استقرار منطقة المتوسط.[15]
من جانبه، هاجم ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، زيارة السيسي الأخيرة إلى فرنسا، في مقال نشره بصحيفة يني شفق التركية تحت عنوان: “انقلابي ومستعمر يعاني من الإسلاموفوبيا يبجّلان بعضهما في قصر الإليزيه”. وفي مقاله وصف أقطاي السيسي بأنه “استولى على السلطة عبر انقلاب دموي على أول حكومة وصلت إلى الحكم ضمن أول انتخابات ديمقراطية نزيهة في تاريخ مصر، فراح يُعمل آلة القمع والقتل ضدّ أيّ اعتراض أو احتجاج يعترض طريقه، حتى قتل آلاف الناس، ومن ثمّ توجه نحو أي معارضة محتملة فملأ السجون بعشرات المعارضين دون أي تهمة”.[16]
كذلك فقد استقبل السيسي وزير الدفاع اليوناني نيكولاوس باناجيوتوبولوس، بحضور محمد زكي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وسفير اليونان بالقاهرة. وخلال الزيارة أكد السيسي على التعاون العسكري المشترك مع قبرص واليونان في منطقة شرق المتوسط.[17]
تكرار الزيارات المتبادلة بين المسؤولين المصريين ونظرائهم في المحور الأوروبي المنافح لتركيا والمتمثل في فرنسا واليونان وقبرص الجنوبية، يؤكد صعوبة حدوث تقارب بين أنقرة والقاهرة في المدى القريب على أقل تقدير. ويبدو أن النظام المصري يعتقد أن تقاربه مع تركيا سيعني بالضرورة ابتعاده عن هذا المحور الأوروبي ونظيره الخليجي اللذين يدعمان استمرار حكمه في مصر. لذلك فهو لا يريد التضحية بأكبر داعميه في سبيل التقارب مع تركيا، حتى ولو كان في ذلك تفويت لمصالح للشعب المصري قد يجلبها التقارب مع أنقرة.
لم تكن الزيارات هي المظهر الوحيد لتأكيد السيسي على بقائه طرفًا أساسيًا في المحور المعادي لتركيا في الإقليم، فخلال الشهر الماضي قام الجيش المصري بمجموعة مناورات عسكرية مع ذات الدول السابق ذكرها. فأواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نفذت وحدات من القوات البحرية المصرية واليونانية تدريبًا بحريًا عابرًا بنطاق بحر إيجه شمال البحر المتوسط. [18]
تبع ذلك إعلان الجيش المصري تنفيذ مناورات عسكرية كبيرة في البحر المتوسط حملت اسم “ميدوزا -10”. وشارك فيها عناصر من القوات الجوية والبحرية المصرية واليونانية والقبرصية والفرنسية والإماراتية، وكل من السعودية وأمريكا والبحرين والسودان والأردن وإيطاليا وألمانيا بصفة مراقب.[19]
وعلقت تركيا على لسان المتحدثة الإعلامية لوزارة الدفاع التركية، المقدم بينار كارا، في مؤتمر صحفي بمقر الوزارة في أنقرة، قائلة إن “مصر والإمارات واليونان وفرنسا، اتحدوا معًا وتضافرت جهودهم لمواجهة الأعمال التركية في شرق المتوسط، وهو ما تسبب في إشعال التوتر”. وأضافت: “إن مصر ستشارك في مناورات عسكرية بحرية في البحر المتوسط مع 5 دول أخرى، وهذه إشارة من تلك الدول لرفض الحوار والسلام مع الجانب التركي”.[20]
التباعد المصري-التركي المستمر قد يذكيه أيضًا دعم القاهرة لانضمام الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم مصر، الأردن، فلسطين، إسرائيل، قبرص، إيطاليا، اليونان، دون تركيا صاحبة الشاطئ الأكبر على البحر المتوسط. فـبالتزامن مع زيارة أجراها ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إلى القاهرة، صرحت الرئاسة المصرية في بيان لها أن السيسي رحب بطلب الإمارات الانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط، مشددة على ما وصفتها بـ”القيمة المضافة التي ستساهم بها الإمارات في نشاط المنتدى لخدمة المصالح الإستراتيجية وتعزيز التعاون والشراكة بين دول المنتدى”.[21]
وكان وزير الطاقة في الكيان الصهيوني، يوفال شتاينتز، قد قال، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إن تل أبيب “اقترحت انضمام الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط”.[22]
يتطلع المسؤولون في أنقرة وبغداد إلى مرحلة جديدة في العلاقات بين الدولتين، تتعاون فيها الدولتان على أصعدة شتى. وهذا ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإرسال دعوة رسمية إلى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لزيارة أنقرة، حملها سفيره لدى بغداد “فاتح يلديز”. وقال أردوغان حينها، إنه يضع العراق في أولوياته ومحور اهتماماته ولديه الرغبة في تعميق العلاقات مع البلدين.[23]
على إثر الدعوة، جاءت الزيارة الأولى للكاظمي إلى أنقرة منتصف الشهر الجاري لتؤكد أن البلدين المتجاورين يحتاجان إلى بعضهما في ملفات جوهرية عدة.[24] فـبالنسبة لتركيا، يتصدر أجندتها في هذا الخصوص مشكلة وجود قواعد حزب العمال الكردي التركي الانفصالي- الموضوع على قائمة الإرهاب الأمريكية والأوربية- في مناطق شمال العراق، وعمليات القصف التركية هناك.
كذلك يهم تركيا أيضًا أن ترفع الميزان التجاري السنوي مع بغداد، حيث يرتبط البلدان بعلاقات تجارية واسعة تأخذ شكل استيراد العراق للبضائع التركية بكميات كبيرة، بما جعل نقاط العبور بين البلدين من أهم المناطق التجارية التي تشهد حركة دخول الشاحنات التركية إلى العراق بشكل يومي وواسع.
وبالنسبة للعراق، فإنه يشارك تركيا الاهتمام بموضوع حزب العمال الكردستاني، حيث أكد الكاظمي في يوليو/ تموز الماضي، ضرورة مواصلة الحوار الدبلوماسي مع تركيا لوقف عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية، التي نوه إلى أنها “تشكل اعتداء على السيادة العراقية، وتسيء للعلاقات الوثيقة بين البلدين الصديقين”.[25]
كما أن موضوع المياه يمثل ملفًا حساسًا بالنسبة لبغداد. حيث يطمح العراق للتنسيق مع تركيا لمنع انحفاض نسب المياه لديه في نهري دجلة والفرات، اللذين يعتمد عليهما العراق بشكل كبير في توفير حاجته من المياه المستخدمة في الزراعة والشرب. وترجع أسباب انخفاض المياه في النهرين – حسب مراقبين- إلى قلة الأمطار الموسمية، وعدم تطوير أنظمة الري الزراعية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وبناء تركيا عدد من السدود والقنوات على النهرين، وعدم ترشيد السكان لاستهلاكهم من المياه في عاداتهم اليومية.[26]
يجدر الإشارة إلى أن زيارة الكاظمي سبقتها مطالبة من وزارة الموارد المائية العراقية، لتشكيل لجنة تحقيقية واستدعاء السفير العراقي في أنقرة بسبب ما وصفته الوزارة بـ “ضعف التنسيق” مع الجانب التركي فيما يخص الدخول بمفاوضات معه، وحل مشاكل المياه بين البلدين.[27]
تصريحات المسؤولين الأتراك والعراقيين التي تلت الزيارة أوضحت أن هناك توافقًا بين الطرفين على كيفية التعامل مع هذه الملفات. فمن جانبه صرح أردوغان أنه ” لا مكان أبدًا لمنظمة “بي كا كا” الانفصالية في مستقبل تركيا والعراق وسوريا”. وأعلن أنه اتفق مع الكاظمي على “مواصلة مكافحة الأعداء المشتركين المتمثلين بتنظيمات داعش وبي كا كا وجولن الإرهابية”.[28]
وحول التعاون الاقتصادي لفت أردوغان إلى إمكانية رفع حجم التجارة بين تركيا والعراق إلى 20 مليار دولار سنويًا. وأردف أنه مع إصلاح خط الأنابيب بين تركيا والعراق الذي دمره تنظيم داعش، فإن تركيا ترغب في ضخ نفط كركوك العراقية إلى الأسواق العالمية بكميات أكبر. كما أكد أردوغان أن قضية المياه ستكون مجالًا للتعاون وليس النزاع بين البلدين.[29]
من جانبه، شدد الكاظمي على أن بلاده “لن تتسامح مع أي كيان يهدد تركيا”. وأضاف أنه وقَّع مع الرئيس أردوغان عددًا من الاتفاقيات المشتركة، مضيفًا أن بلاده تريد مزيدًا من التطور في العلاقات الاقتصادية والشراكة التجارية مع تركيا، وأن أبواب العراق مفتوحة أمام جميع رجال الأعمال الأتراك. وصرح أن البلدين يعملان على تفعيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بينهما.[30]
ميدانيًا.. ورغم أن الزيارة لم يمر عليها الكثير لمعرفة تفاصيل ما اتُّفِق عليه بشأن العمليات العسكرية التركية في الشمال العراقي، وإذا ما كانت ستواصل تركيا بنفسها قصف أوكار “بي كا كا”، أم ستقوم بغداد بهذه المهمة. إلا أن ما يبدو عليه الأمر هو أن الجيش التركي سيظل متواجدًا في الشمال العراقي لمكافحة التنظيم الانفصالي.
حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية بعد زيارة الكاظمي، وتحديدًا في 19 من الشهر الجاري، تحييد 3 مقاتلين من منظمة “بي كا كا”، في منطقة أفاشين، شمالي العراق.[31] كما أنه -حتى الآن- لم تعلن الوزارة أي شيء يخص انتهاءها من عملية “مخلب النمر” التي أطلقتها في السابع عشر من يونيو/حزيران الماضي ضد عناصر “بي كا كا” في شمال العراق.
شهدت الساحة التركية-الخليجية أحداثًا عدة خلال الشهر الماضي على أكثر من مستوى، منها ما يمس تركيا بشكل مباشر، وأخرى قد تترك أثرًا على علاقات تركيا بدول خليجية ولو بشكل غير مباشر. وربما كان أهم هذه الأحداث هو ما تم تداوله عن تقارب سعودي-تركي قريب. بدأ الحديث بعد مكالمة هاتفية جمعت العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لتنسيق الجهود حول قمة العشرين التي رأستها الرياض الشهر الماضي.[32]
وحسب دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فإن الطرفين اتفقا على “إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات الثنائية وإزالة المشاكل”.[33] صَاحَب ذلك تصريحٌ من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في مقابلة له مع وكالة رويترز، قال فيه: “إن المملكة لديها علاقات طيبة ورائعة مع تركيا، ولا توجد بيانات تشير إلى وجود مقاطعة غير رسمية للمنتجات التركية”.[34]
وتلا هذه التصريحات لقاء بين “فرحان” ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، في إطار اجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في نيامي عاصمة النيجر. وبعد اللقاء كتب الوزير التركي في حسابه على موقع “تويتر” أن بلاده تولي أهمية لعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية. مضيفًا أن “الشراكة القوية بين تركيا والمملكة ليست لصالح البلدين فحسب؛ بل للمنطقة بأكملها”.[35]
كل هذه الإشارات أكدت – ولو بشكل نسبي- الرأي القائل أن الرياض وأنقرة سيتجهان للتقارب بعد أن أعلُن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة. حيث يرى مراقبون أن تسلم بايدن قيادة أمريكا سيؤثر على التوازنات في الشرق الأوسط، بعد سياسة دونالد ترامب التي قدم فيها الدعم غير المحدود للاحتلال الإسرائيلي والإمارات ومصر والسعودية، وشدد فيها عمليات الحظر على إيران.
وحيث إنه من المتوقع أن يعيد جو بايدن العلاقات مع إيران باتفاق نووي جديد بدلًا من مهاجمتها، فإن السعودية لن تستسيغ الوضع الجديد، وسيدفعها ذلك للتقارب مع تركيا، وقد جاء الاتصال الهاتفي بين الملك سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولقاء وزيري الخارجية في البلدين في هذا السياق.[36]
لكن يرى محللون أنه من السابق لأوانه والمبالغ فيه توقع انقلاب جذري في العلاقات بين البلدين، وتحولها إلى حالة تعاون متقدم، فضلًا عن التحالف. حيث تبقى اختلافات الرؤى والسياسات والملفات الخلافية قائمة بينهما، بالإضافة إلى أنه ليس من المؤكد أن يلتزم بايدن بتطبيق كل ما تعهد به خلال حملته الانتخابية؛ إذ أن الواقع قد يفرض عليه العدول عن بعضها، خصوصًا في ظل تماسك المحور الإقليمي المناهض لتركيا في الإقليم بعد اتفاقات التطبيع الأخيرة. لكنهم في ذات الوقت يؤكدون أن التراجع عن المواقف الحادة سيترك أثرًا إيجابيًا على العلاقات الثنائية.[37]
مصالحة خليجية.. الحديث عن التقارب السعودي-التركي تبعه تصريحات رسمية من أطراف الأزمة الخليجية حول اتفاق سعودي-قطري مبدئي برعاية كويتية-أمريكية على تصفية الخلافات وإنهاء الحصار. حيث أفصح الشيخ محمد بن عبدالرحمن، وزير الخارجية القطري، عن وجود تحركات في سبيل حل الأزمة الخليجية،[38] وأكد ذلك نظيره السعودي بقوله إن “حل الأزمة بات وشيكًا”.[39]
رحبت تركيا بالمبادرات الهادفة لحل الأزمة، حيث أعربت الخارجية التركية عن بالغ امتنانها جراء هذه التطورات الإيجابية. وتمنّت أن يتم حل الخلاف في أقرب وقت من خلال الحوار غير المشروط، وإنهاء “الحصار الجائر” والعقوبات المفروضة على قطر، بالسرعة القصوى.[40]
وحال إتمام المصالحة الخليجية فإن ذلك لن يكون على حساب العلاقات القطرية-التركية، حيث إن التعاون الاستراتيجي بين البلدين في تنامٍ مستمر في كافة المجالات، السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، وحتى الثقافية. ولذلك، فمن من غير المتوقع أن تضحي الدوحة بحليفها القوي وهي في طريقها للتقارب مع محيطها الخليجي، كما إنه من الصعب الانسلاخ من هذه العلاقات التي تشعبت وتشابكت بشكل واسع.
زيارة الأمير تميم لتركيا.. وربما أقرب دليل على التطور الإيجابي المستمر الذي تشهده العلاقات التركية-القطرية هي الزيارة الأخيرة التي قام بها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى تركيا أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. فـخلال الزيارة وقع الأمير تميم مع الرئيس أردوغان، 10 اتفاقيات في مجالات مختلفة، منها إنشاء لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، والتعاون في مجال إدارة المياه، وتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي، والتعاون في مجالات الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية.[41]
سبق ذلك إعلان الديوان الأميري القطري توقيع مذكرة شراء حصة من “مجمع استنيا بارك” التجاري، ومذكرة تفاهم بين جهاز قطر للاستثمار و”شركة هاليك ألتون”، للاستثمار المحتمل في “مشروع القرن الذهبي”. كما تم توقيع “مذكرة شراء حصة من بورصة إسطنبول، واتفاقية بيع وشراء لميناء أورتادوغو أنطاليا بين شركة غلوبال ليمان وشركة كيوتيرمينالز”. ووقع الطرفان “مذكرة تفاهم بين هيئة المناطق الحرة ووزارة التجارة التركية حول نشاط التعاون والترويج المشترك في مجال المناطق الحرة”.[42]
وحسب مدير عام غرفة قطر صالح الشرقي، فإن التبادل التجاري بين بلاده وتركيا نما بنسبة 136 بالمئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، محققًا 2.2 مليار دولار في 2019، مقابل 908 ملايين دولار في 2016.[43] كذلك فإن التعاون العسكري ما زال مستمرًا، حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية عبر حسابها على تويتر، منتصف الشهر الجاري: إجراء قيادة القوات القطرية- التركية المشتركة، وقيادة القوات الخاصة القطرية مناورات وحدة المغاوير المشتركة لمكافحة الإرهاب في المناطق السكنية.[44]
شكلت عدة أحداث خلال الأسابيع الماضية فرصًا للقيادة التركية لتجديد دعمها لفلسطين وقضية القدس. كان أولها هو زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى مستوطنة بالضفة الغربية، حيث أصدرت الخارجية التركية بيانًا تدين فيه الزيارة التي وصفتها بأنها “تخالف قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر أنشطة إسرائيل الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية انتهاكًا للقوانين”. كما لفتت إلى أن زيارة بومبيو “تهدف إلى إضفاء الشرعية على أنشطة إسرائيل غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.[45]
كذلك هاجم رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، بومبيو قائلًا: إن “البطة العرجاء تترك أثرًا خاطئًا”. وأضاف: “وحدهم سياسيو البطة العرجاء هم من يزورون مستوطنة غير قانونية بحسب القانون الدولي، إنها زيارة استفزاز وليست من أجل السلام”. ووصف “البطة العرجاء” يُطلق في الولايات المتحدة على السياسيين المنتهية ولايتهم أثناء انتظارهم انتهاء فترة حكمهم.[46]
بعد ذلك بأيام، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي لدعم برنامج يعزز صمود القدس وأهلها اقتصاديًا. حيث أبدى أردوغان ثقته بأن برنامج اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي في القدس سيحظى بالدعم اللازم من قِبل الدول الأعضاء في سبيل زيادة دعم الأشقاء الفلسطينيين”.[47]
وخلال مشاركته باختتام جلسة العمل الوزارية، لاجتماع اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي، قال فؤاد أقطاي، نائب الرئيس التركي إن “فلسطين والقدس الشريف في مركز قلوبنا، ويجب أن يكونا في مركز أفعالنا كذلك. وإن الاحتلال الإسرائيلي يواصل عزل الشعب الفلسطيني، وعلينا تبني موقف مشترك حيال القضية الفلسطينية”.[48]
وعلى هامش مشاركته بالاجتماع السابع والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، صرح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن “تعليق ضم الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل مقابل التطبيع، مجرد احتيال”، معتبرًا أن “قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة جغرافيًا يصبح مستحيلًا في ظل سياسة الضم الإسرائيلية”.[49]
كذلك تم افتتاح مبنى جديد لرابطة “برلمانيون لأجل القدس” بإسطنبول. وهي رابطة تأسست عام 2015 وتُعتبر أول منصة برلمانية تعنى بتفعيل وتنسيق دور البرلمانيين في العالم تجاه القدس وفلسطين، وتتألف من أكثر من 1500 عضوًا من البرلمانيين المسلمين وغير المسلمين من 73 دولة.
وخلال الافتتاح بعث أردوغان برسالة إلى الرابطة ورد فيها أن تركيا “ستواصل كفاحها إلى أن يتم تأسيس دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وموحدة عاصمتها القدس الشرقية في حدود 1967 بناءً على قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية”.[50] كما قال رئيس البرلمان التركي: إن “القدس هي أهم قضايا القرن العشرين”. وأكد أن القدس المحتلة ليست هدفًا نهائيًا لإسرائيل فالمسألة الرئيسية للصهيونية الوصول لهدف إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.[51]
التصريحات التركية المدافعة عن فلسطين وقضية القدس تُوِّجت بزيارة قام بها خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عكرمة صبري، إلى تركيا، أوائل الشهر الجاري. وخلال الزيارة أمّ الشيخ صلاة الجمعة في مسجد “آيا صوفيا” بمدينة إسطنبول بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الشؤون الدينية علي أرباش، ووزير الثقافة والسياحة التركي محمد نوري أرسوي، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، ومتحدث الرئاسة إبراهيم قالن.[52]
كذلك جرى لقاء في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، بعيدًا عن عدسات الصحفيين بين أردوغان وشيخ الأقصى، حضر فيه رئيس الشؤون الدينية التركي السابق محمد غورماز.[53] وحسب مؤسسة القدس الدولية (غير حكومية)، فإن استقبال الشيخ في تركيا حمل “رسائل دعم وتضامن معه، حيث إنه يتعرض لمضايقات شديدة من الاحتلال الإسرائيلي”.
واعتبرت المؤسسة أن الزيارة تتضمن “إعلانًا رسميًا بأن تركيا تحتضن النهجَ الذي يمثله الشيخ عكرمة، وهو نهجُ المتمسكين بالقدسِ، المرابطين فيها بوجه سياسات الاحتلال”. ورأت أن “توقيت الزيارة في غاية الأهمية، فهي تأتي تزامنًا مع صفقات لتصفية القضية الفلسطينية، وهرولة مخزية غير مسبوقة نحو مستنقع التطبيع مع العدو الإسرائيلي”.[54]
بجانب الدعم الدبلوماسي، استمر الدعم الخيري الذي تقدمه أنقرة للقدس، حيث سلّمت وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا”، مستشفى “لجنة الزكاة” في مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، 5 حاضنات لحديثي الولادة، كجزء من الدعم التركي للقطاع الصحي الفلسطيني.[55] كما تسلمت وزارة الصحة الفلسطينية شحنة ثانية من المساعدات الطبية التركية، لمواجهة فيروس كورونا.[56]
بعد انتظار طويل انعقدت قمة الاتحاد الأوروبي في التاسع من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، والتي كانت من المفترض أن تناقش الخطوات التي ستتخذها دول الاتحاد تجاه أنقرة فيما يخص أنشطة التنقيب في المناطق التي تدَّعي اليونان حيازتها شرقي البحر المتوسط. وتمخضت الجلسة عن فرض عقوبات محدودة ضد الأفراد والمنظمات المرتبطة بأنشطة التنقيب والمسح التركية شرقي المتوسط، ولكن لم يتقرر تنفيذها فورًا، بل دراستها في جدول أعمال القمة المقبلة في مارس/ آذار 2021.[57]
وقبل انعقاد القمة، تحركت أنقرة على مستويين. الأول هو إعادة سفينة التنقيب التركية “أوروتش رئيس” من مهمتها للتنقيب شرقي البحر المتوسط لترسو قبالة سواحل ولاية أنطاليا التركية، بعد مهمة عمل مستمرة بشكل متقطع منذ أشهر. الأمر الذي تلقفته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبر تأكيدها أن عودة السفينة إلى موانئ تركيا، تعد إشارة جيدة قبل انطلاق قمة الاتحاد الأوروبي.[58]
المستوى الثاني، هو تأكيد المسؤولين الأتراك مرارًا أن العقوبات لن تجدي نفعًا مع أنقرة، وأن العقوبات لن تردعها عن التنقيب في المناطق التي تعتقد أنها تقع داخل جرفها القاري. هذه التأكيدات جاءت على لسان كبار القادة الأتراك وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي قال قُبيل انعقاد القمة: “إن قرارات العقوبات المحتملة من جانب الاتحاد الأوروبي لا تهم تركيا كثيرًا”، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية تفرض عقوبات على بلاده منذ الستينيات، ولم يعاملوا بلاده بإنصاف مطلقًا. كذلك عوَّل أردوغان على أن هناك قادة أوروبيين “صادقين ومنصفين” يعارضون مثل تلك القرارات.[59]
وبالفعل فإن هذا ما حدث، فرغم الإلحاح الفرنسي-اليوناني على دول الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات مؤثرة على تركيا، جاءت العقوبات الأخيرة شكليه ومحدودة إلى حد بعيد. ولذلك صرح أردوغان بُعيد فرض العقوبات أن “البلدان الحكيمة في الاتحاد الأوروبي أحبطت مخططًا ضد تركيا عبر طرح مواقف إيجابية خلال القمة”. مضيفًا أن القمة الأوروبية لم تُلبِّ توقعات بعض الدول بشأن تركيا لأن مواقفها لم تكن محقة”.[60]
ومن الواضح أن هناك انقسامًا أوروبيًا حول كيفية التعاطي مع تركيا بوجه عام، فهناك بعض الدول التي تمثل حجر عثرة أمام اليونان وفرنسا في مسألة فرض العقوبات، وذلك لمصالح اقتصادية وأمنية مهمة. حيث رفضت دول عدة -منها ألمانيا وإيطاليا وبولندا- الذهاب إلى عقوبات اقتصادية، أو فرض حظر على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.[61]
كما صرح وزير الخارجية المجري بيتر زيجارتو، من أنقرة خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو بأنّ “قسمًا مهمًا من أمن أوروبا بيد الأتراك، سواء أعجب ذلك الأوروبيين أم لم يعجبهم”، مضيفًا أنه “لولا الدور التركي لشهدت البلقان موجات هجرة غير نظامية لمئات الآلاف من الأفراد”.[62] كذلك يرى محللون أن هناك خوفًا من أسبانيا وإيطاليا بالتحديد من أن تقود عقوبات ثقيلة إلى تدهور الاقتصاد التركي لأنهما ستواجهان بذلك مسارًا مضادًا لمصالحهما الاقتصادية الخاصة، وذلك لتشابك اقتصادات البلدين مع الاقتصاد التركي بشكل مؤثر.[63]
ويبدو أن تركيا تحاول أن تستغل مخرجات القمة الأخيرة لدول الاتحاد الأوروبي، فرغم أن أنقرة أدانت العقوبات رسميًا،[64] إلا أنها اتخذت لنفسها مسارًا من الواضح أنه يستثمر في وجود دول تتسم بـ “الهدوء” في سياستها تجاه أنقرة.
ولذلك انحصر بشكل كبير النقد التركي الموجه إلى الاتحاد الأوروبي ليشمل فرنسا واليونان وقبرص الجنوبية فقط. بينما دعا الرئيس أردوغان إلى “فتح صفحة جديدة بين بلاده والاتحاد الأوروبي بشكل عام، وإلى إنقاذ العلاقات بينهما من “الحلقة المفرغة”، وإطلاق الحوار مع الاتّحاد الأوروبي من خلال النظر إلى الوضع برمّته على أساس المصالح المتبادلة”.[65]
أبدى الرئيس التركي رغبته مجددًا في “فتح صفحة جديدة بين تركيا والاتحاد الأوروبي” في اتصال مرئي جمعه بـ”ميركل” مؤخرًا، وأخبرها بأن “حصر العلاقات التركية الأوروبية ضمن المصالح الضيقة لبعض الدول الأعضاء في الاتحاد أدى لمضيعة الوقت” وأن ” اليونان هربت من المحادثات الاستكشافية مع تركيا؛ رغم استعداد تركيا لاستئنافها”.[66]
وفي تدوينة إلكترونية له بعنوان “الطريق المقبل في العلاقات الأوربية التركية بعد عام عصيب”، كتب الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل: “إنه لا تزال هناك فرصة لإعادة توجيه العلاقات الأوروبية التركية، وإن الاتحاد الأوروبي يمد يده إلى تركيا على أمل أن تمسك بها” ـ كما أضاف أن “تركيا أصبحت قوة إقليمية يجب أخذها في الحسبان، وحققت نجاحًا لا يمكن إنكاره، وأنه يجب إيجاد مخرج من معضلة “العين بالعين” في العلاقات الأوروبية التركية والعودة إلى مبدأ التعاون والثقة المتبادلة”.[67]
هذه الإشارات الإيجابية المتبادلة بين أطراف من الاتحاد الأوروبي وتركيا ربما يكون لها تأثير على أثينا للرجوع إلى طاولة الحوار مرة أخرى وإيجاد حل لمشكلتها مع تركيا حول تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة لكلا البلدين في البحر المتوسط. لكن هذا لن يحدث إلا إذا مارست الأطراف التي وصفها أردوغان بـ “الحكيمة” داخل الاتحاد الأوروبي ضغطًا على اليونان لفعل ذلك. وبالطبع فإن السياسة التي سينتهجها الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن ستكون عاملًا مهمًا في توجهات أثينا تجاه قضية المتوسط خلال فترة رئاسته.
قبرص الشمالية.. من جانب آخر، يبدو أن القيادة التركية بدأت تُدرِج ملف حشد الدعم الدولي للاعتراف بقبرص الشمالية التركية كدولة مستقلة على أجندتها الخارجية، بعد فوز أرسين تتار – الذي يدعم حل الدولتين في الجزيرة- بانتخابات الرئاسة في شمال قبرص.[68] فقد صرح الرئيس أردوغان الشهر الماضي بعد ترؤسه اجتماعًا للحكومة التركية أن بلاده شرعت في “مرحلة جديدة ستفضي إلى الإقرار بواقع جمهورية شمال قبرص التركية بالمنطقة والعالم أجمع”.[69]
تصريحات الرئيس التركي تبعها تحركات دبلوماسية من وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو. حيث أفادت مصادر دبلوماسية تركية لوكالة الأناضول، أن مباحثات حول جزيرة قبرص جاءت خلال اتصال هاتفي جمعت بين تشاووش أوغلو ونظيره البريطاني دومينيك راب.[70] وكما هو معلوم فإن بريطانيا هي أحد دول ثلاثة ضامنة في الجزيرة (تركيا، واليونان، وبريطانيا).
كذلك بحث تشاووش أوغلو مع نظيره الإيطالي، لويجي دي مايو، القضية القبرصية أوائل الشهر الجاري.[71] ومؤخرًا، ناقش المسؤول التركي مع مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن القضية القبرصية جين هول لوت، التطورات الأخيرة في الجزيرة. إذ أبلغها أن مشروع الاتحاد في الجزيرة “لم يعد ممكنًا”. مؤكدًا لها أن الجانب التركي “يدعو إلى حل الدولتين على أساس المساواة في السيادة، بما يتماشى مع الحقائق في الجزيرة”.[72]
لكن يبدو أن عقبات كثيرة ستعترض تركيا وقبرص الشمالية وهما في طريقهما لتحقيق هذا الهدف. فمن جهة، ما زال الاتحاد الأوروبي يطمح لإعادة توحيد الجزيرة،[73] ومن جهة أخرى فإن فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة لن يكون إيجابيًا في هذا السياق، حيث يُعرف بايدن بعلاقته الجيدة مع اليونان، وقبرص الجنوبية بطبيعة الحال.
وتحت كافة الظروف، فإن مجرد طرح حل الدولتين على المستوى الرسمي في كل من قبرص الشمالية وتركيا ومناقشة هذا الحل مع المسؤولين الأوروبيين والأمميين، يبعد من احتمالية إعادة توحيد الجزيرة مرة أخرى، في المستويين، القريب والمتوسط، على أقل تقدير.
بينما كان المراقبون ينتظرون استلام الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة، معتقدين -في معظمهم- أن خسارة الرئيس الحالي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة نقطة سلبية بالنسبة لأنقرة، أعلنت إدارة ترامب فرض عقوبات على أنقرة على خلفية شرائها واختبارها منظومة صواريخ “إس 400” الروسية للدفاع الجوي.[74]
حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إدراج رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية (SSB) إسماعيل دمير، ومسؤولي المؤسسة مصطفى ألبر دنيز، وسرحات غانش أوغلو، وفاروق ييغيت، إلى قائمة العقوبات. كما أفاد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الأمن الدولي والحد من التسلح، كريستوفر فورد، بأن العقوبات المفروضة على المؤسسة التركية تشمل حظر إصدار تصاريح تصدير منتجات وتقنيات الولايات المتحدة، وأنه تم منع كل المؤسسات المالية الأمريكية والدولية من إسناد أي قرض أو دين بقيمة تتجاوز 10 ملايين دولار إلى المؤسسة التركية.[75]
من جانبها، رأت تركيا أن اختيار واشنطن للعقوبات خطوة نحو طريق مسدود، وأن الهدف الأساسي للعقوبات ليس معاقبة تركيا على شرائها المنظومة الدفاعية الروسية، إنما هو قطع الطريق أمام القفزات التي بدأتها تركيا في الصناعات الدفاعية لجعلها تعتمد على الخارج. على ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده ستسرّع من خطواتها في طريق بناء الصناعات الدفاعية لتبلغ الريادة العالمية.[76]
لكن أوضحت أمريكا على لسان وزير خارجيتها “مايك بومبيو” أن العقوبات لم تهدف إلى تقويض قدرات أنقرة العسكرية، إنما هدفت إلى منع روسيا من الحصول على النفوذ والأرباح، حيث اعتبر أن “شراء تركيا هذه المنظومة يهدد أمن الأفراد والتكنولوجيا العسكرية الأمريكية، ويسمح لروسيا بالوصول إلى القوات التركية وصناعاتها الدفاعية”.[77]
يصرح المسؤولون الأتراك أن العقوبات لن تؤثر على الصناعات العسكرية التركية بل قد تكون في صالحها. وهذا ما ذهب إليه بعض المراقبين الذين قالوا إن العقوبات ستضع القطاع أمام تحد كبير لتطوير نفسه لكي يتغلب على تلك الخطوة، ويعتمد على نفسه بنسبة مئة بالمئة. [78] لكن يقول آخرون إن “آثار العقوبات ستكون معتدلة، وإنه من الخطأ القول إنها لن تؤثر بشكل كامل”.
حيث يرون أن العقوبات استهدفت الصناعات الدفاعية، والتي باتت تشكّل حجر الزاوية في السياسة الخارجية لتركيا، وأحد أبرز أوراق صعودها الإقليمي في المنطقة. وقد يعرقل ذلك أنقرة عن طريق تعرضها لأضرار حقيقية من عمليات حظر تراخيص التصدير، الأمر الذي سينعكس على الطرف الثالث في الصفقات العسكرية، وسيدفعه للتردد والخوف في التعامل مع كيان خاضع للعقوبات.[79]
ويرون أن صفقتين مهمتين بين أمريكا وتركيا قد تشملهما العقوبات، الأول هو عقد متابعة للترقيات الهيكلية لطائرات “F-16″، إلى جانب عقد تراخيص التصدير لمحركات أمريكية الصنع تحتاجها تركيا لإتمام صفقة بيع مروحيات هجومية لباكستان بقيمة 1.5 مليار دولار. حيث إن الصفقة بين إسلام أباد وأنقرة باتت مهددة كون الشركة التركية المصنعة للمروحيات الهجومية تحتاج إلى تأمين تراخيص تصدير أمريكية لأي صفقة تصدير مع دولة ثالثة، وهذا يرجع إلى أن محركات المروحية الهجومية تعود إلى مشروع مشترك بين شركتين، أمريكية وبريطانية.[80]
وجددت العقوبات الأمريكية على تركيا الحديث عن السياسات التي من المحتمل أن يتبعها بايدن بعد توليه الرئاسة بشكل رسمي. حيث يقول مراقبون إنه ستكون هناك بداية معقدة في التعامل بين أنقرة وإدارة بايدن، والتي ستبدأ مع إرث ثقيل، ولاسيما إذا أرادت تركيا الرد على هذه العقوبات عبر الابتعاد عن خطط واشنطن في سوريا على وجه الخصوص، عبر شن عملية عسكرية واسعة تستهدف تنظيم “بي كا كا” الانفصالي، المصنف لدى أنقرة كتنظيم إرهابي.[81]
ويبدو أن العلاقات ستظل على تعقيدها في بدايات حكم بايدن، حيث ستكون الأشهر الأولى – على الأرجح- فترة لجس النبض بين الطرفين. لكن من الواضح أن تركيا ترغب في تجنب أي تدهور في العلاقات في فترة حكم بايدن، الذي لم يُخفِ معارضته الشديدة لسياسات القيادة التركية الحالية. فقد أبدى أكثر من مسؤول تركي تفاؤلًا أن تكون العلاقات بين حليفي الناتو جيدة في ظل رئاسة بايدن.
في هذا السياق، جاء تصريح للرئيس أردوغان من أن علاقته بالرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” جيدة جدًا، مضيفًا، “دعوا السيد بايدن يتولى السلطة أولًا. بمجرد أن يتولى السلطة سنجلس بالتأكيد ونناقش أمورًا مُعينة معه، تمامًا كما جلسنا وتحدثنا في الولايات المتحدة أو تركيا من قبل، سنناقش هذه الأمور مجددًا”. وتابع أردوغان: “سنتعرف عليه (بايدن) بشكل أفضل ونجلس ونتحدث”.[82]
كذلك أعرب متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن عن ثقته بأن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة الأمريكية ستكون جيدة وإيجابية في عهد بايدن. وقال قالن في هذا السياق: “بايدن يدرك تركيا ورئيسها جيدًا، وزار أنقرة عدة مرات عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي السابق، وإنني على ثقة بأن علاقاتنا ستكون جيدة وإيجابية”، مؤكدًا أن بايدن سوف يثمّن القيمة الاستراتيجية والجيوسياسية لتركيا.[83]
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق ينص على وقف إطلاق النار في إقليم “قره باغ”، مع بقاء قوات البلدين متمركزة في مناطق سيطرتها الحالية.[84] اعتبر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الاتفاق بمثابة نصر لبلاده،[85] بينما اعتبر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، أنه كان مضطرًا لقبول الاتفاق بسبب التقدم الميداني الكبير الذي حققته أذربيجان، وسيطرتها على مقاليد الحرب.[86]
وبطبيعة الحال، فإن نصر أذربيجان هو نصر لتركيا، التي كانت الداعم الأول لها في حرب التحرير، سواء على مستوى التسليح أو التدريب أو الدبلوماسية والإعلام. وكما هي طبيعة الحروب، فإن الطرف المنتصر عسكريًا يحاول ترجمة انتصاراته إلى منجزات سياسية على أرض الواقع. وهذا ما تحاول تركيا فعله بعد انتصار حليفتها في القوقاز.
ربما كان المنجز التركي الأول في هذه الحرب بعد استرداد الأراضي الأذرية المحتلة هو عودة حضورها في القوقاز، حيث تضمن اتفاق الهدنة تشكيل مركز قيادة لقوات حفظ السلام بإشراف عسكريين أتراك وروس، بهدف تعزيز مراقبة الأطراف لوقف إطلاق النار. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن التعاون التركي-الأذري سوف يشهد طفرات على مستويات عدة خلال الفترة المقبلة.
وهذا ما أكدته الزيارة التاريخية الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى باكو، حيث حضر احتفالات النصر على رأس وفد من كبار المسؤولين في الدولة التركية،[87] بالإضافة إلى جنود أتراك شاركوا في العروض العسكرية المقدمة في الحفل الكبير.[88] ومن هناك أعلن أردوغان أنه ستبدأ مرحلة السفر بين البلدين باستخدام البطاقات الشخصية دون الحاجة إلى جوازات سفر قريبًا.
ولفت إلى أن البَلَدان ستركزان على العمل في مجالي التجارة والسياحة، لاسيما زيادة الاستثمارات المتبادلة. وأضاف أن تركيا ستلعب دورًا مهمًا في إعادة إعمار البنية التحتية بإقليم “قره باغ”.[89] وكانت من النتائج الفعلية للزيارة هو توقيع مذكرة تفاهم بين البنك المركزي التركي ونظيره الأذربيجاني لتعزيز سبل التعاون المشترك.[90]
على صعيد آخر، يبدو أن هناك أطرافًا لا تقبل اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته أرمينيا مع أذربيجان. حيث صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن هناك أطرافًا تحاول عرقلة تطبيق الاتفاق، دون أن يسمي أطرافًا بعينها.[91] لكن ذكر القادة الأتراك في غير مرة أن فرنسا على وجه الخصوص غير مرحبة بالتطورات الأخيرة على الساحة الأذرية.
وقال الرئيس أردوغان تعليقًا على تصويت البرلمان الفرنسي على قرار للاعتراف بما يسمى بـ”حكومة قره باغ”، “إن مواقف الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أربكت حسابات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ربما يتسبب بالقضاء على العلاقات الأذربيجانية الفرنسية “نتيجة قلة خبرته السياسية”.[92] كذلك صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن فرنسا أثبتت أنها جزء من المشكلة في إقليم “قره باغ” وليس من الحل.[93]
ظهر الغضب الفرنسي من وقف إطلاق النار أيضًا – وخصوصًا الدور التركي فيه- من خلال دعوة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريا، لروسيا بأن تبدد ما وصفه بـ “اللبس” بشأن وقف إطلاق النار الموقّع في ناغورني قره باغ، خاصة فيما يتعلق بدور تركيا.[94] ثم طلب باريس لاحقًا بأن يكون هناك إشراف دولي لتطبيق وقف إطلاق النار.[95]
الاعتراض الواسع من فرنسا يأتي ردًا على تهميش دورها في الاتفاق، فرغم أن فرنسا عضو في مجموعة “مينسك” -التي تضم في عضويتها أيضًا الولايات المتحدة وروسيا- لم يكن لها دور بارز في اتفاق وقف إطلاق النار. في المقابل، خرج كل من من أذربيجان وروسيا وتركيا، بمكاسب منه.
فأذربيجان لم تحرر أراضيها المحتلة فحسب، بل حققت أيضًا الاستقرار طويل الأمد الذي تحتاج إليه من حيث الطاقة والتجارة وصدت المضايقات الأرمينية المستمرة. وضمنت روسيا نشر جنودها على طول خط الجبهة لأول مرة بعد الاتحاد السوفيتي. أما تركيا فقد عادت إلى جنوب القوقاز بعد أكثر من قرن، إذ إن جهودها لتدريب الجيش الأذربيجاني وتجهيزه آتت ثمارها.[96]
الاعتراض الفرنسي الواسع على مخرجات الأحداث الأخيرة في القوقاز، لا يقابله امتلاك أوراق ضغط كبيرة تستطيع باريس أن تستخدمها لتغير بها شيئًا من الواقع الجديد، فالأطراف الرئيسيون في الأزمة لن يسمحوا أن يسلبهم طرف آخر مكاسبهم. وعلى اعتبار أن روسيا لا تريد تناميًا للدور التركي القوقاز، فإن ذلك لن يدفعها بالتأكيد لاستبدال النفوذ التركي بآخر فرنسي. وعلى ذلك، يمكن القول إن الهدنة التي وقعها أطراف الصراع في القوقاز لها من المقومات ما يمكنها من الصمود في المدى القريب على أقل تقدير.
كالعادة، فإن الساحة السياسية الداخلية في تركيا غالبًا ما تكون مزدحمة بالأحداث والتفاعلات، ونستطيع القول إن عشرات القضايا يتم تداولها شهريًا في أروقة السياسة التركية والشارع، لكن ربما كان الحدث الأبرز هذا الشهر هو استقالة بولنت أرينتش عضو المجلس الاستشاري الأعلى للرئاسة.
أرينتش -الذي شغل سابقا منصب نائب رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، وأحد الشخصيات الثلاث المهمة التي أسست حزب العدالة والتنمية- كان قد أدلى بتصريحات خلال لقاء تلفزيوني تقول بضرورة إطلاق سراح صلاح الدين ديميرطاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، والذي يقبع في السجن منذ 4 سنوات ويحاكم بتهم دعم الإرهاب، كما طالب بإطلاق سراح عثمان كافالا، رجل الأعمال والناشط المدني الذي يحاكم منذ سنوات بتهم تتعلق بدعم محاولة انقلابية.[97]
يحاكم “ديميرطاش” بتهمة التحريض على ما عرفت بـ”أحداث كوباني”. وهي أعمال شغب شهدتها عدة محافظات تركية عام 2014، بعدما طالب متظاهرون أكراد الحكومة التركية بالتدخل عسكريًا لحماية كوباني – المدينة السورية التابعة لمحافظة حلب- من هجوم تنظيم الدولة (داعش). وخلفت هذه الأحداث قرابة 50 قتيلًا، حيث وجهت لديمرطاش تهمة التحريض على القيام بأعمال عنف والتسبب بسقوط هذا العدد من القتلى. أما “كافالا” فهو متهم بتمويل جماعات شاركت في أحداث (غيزي بارك) التي اشتعلت قرب ميدان تقسيم عام 2013 واعتبرتها الحكومة محاولة انقلابية عليها.[98]
وفي الوقت الذي يعمل فيه الرئيس التركي رجي طيب أردوغان، على حملة إصلاحات جديدة على صعيد الاقتصاد والقانون والديمقراطية، كما صرح أردوغان الشهر الماضي، أثارت تصريحات “أرينتش” جدلًا واسعًا في الإعلام التركي، حيث عبّر عدد كبير من قيادات “الحركة القومية” – الحيلف الأول للحزب الحاكم -عن غضبهم العارم من هذه التصريحات، مستخدمين لغة حادة غير مسبوقة تجاه مستشار الرئيس التركي.[99]
وهذا ما دفع المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إبراهيم قالن، للقول في لقاء تلفزيوني، إن “أرينتش يعبر عن آرائه الشخصية ولا يتحدث بالنيابة عن الرئاسة”، موضحًا أن “الرئيس يستمع إلى هذه الآراء لكن تطبيقها يتم بعد بحثها ومناقشتها، وهو شيء يتم برغبة وإرادة الرئيس”. لكن يبدو أن تصريحات “قالن” لم تكن كافية لتوضيح موقف أردوغان من الأمر، وهو ما قاد الرئيس التركي لتوجيه انتقادات ضمنية لمستشاره قال فيها: “هناك تصريحات فردية مؤخرًا تؤدي لاستعار نار الفتنة في البلاد، وإن كان صاحب هذه الانتقادات يعمل معنا فلا علاقة لكلامه بعمل الحكومة”.[100]
التقط “أرينتش” تصريحات أردوغان، وقدم استقالته –التي قبلتها الرئاسة لاحقًا- ثم أشفعها ببيان يوضح فيه موقفه. حيث قال إن “المناقشات وصلت في الإعلام إلى وضع جرى تصويري فيه على أنني أقف إلى جانب قتلة الشهداء من قبل جماعة جولن في المحاولة الانقلابية”. ورفض”أرينتش” هذه الاتهامات مشددًا أن موقفه معروف من حزب العمال الكردستاني.[101]
وأضاف: “البلاد بحاجة لإصلاح، ورأيت الإرادة لدى الرئيس أردوغان وأدعمها، ولكن تولدت لدي الخشية من أن تحريف التصريحات سيؤدي إلى إعاقة جهود الإصلاحات، ولهذا قررت الاستقالة؛ إذ قدمتها للرئيس أردوغان وهو قبلها بنوايا سليمة متبادلة، وضمن هذا الإطار أدعم كل جهود الإصلاحات من قبل الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية”.[102]
ورأى محللون في رد فعل أردوغان أنه يعطي أولوية كبيرة في الوقت الحالي لاستمرار تحالفه مع “الحركة القومية” بل ويخشى أن تؤدي أي حوادث من هذا القبيل إلى تفكك التحالف، بما يحمله ذلك من احتمالات لتغيير التركيبة السياسية في البلاد بشكل عام، عبر جر البلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في وقت لا يرغبه الحزب الحاكم الآن. كذلك فإن رد فعل الرئاسة التركية أثار تساؤلات حول مدى ارتباط حزب “الحركة القومية” بالحكومة، وإلى أي مدى تأثر “العدالة والتنمية” به في الخطاب والسياسات.
زيارة أمير قطر.. كان لزيارة أمير دول قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى تركيا صدى داخلي واسع، حيث هاجمت المعارضة بشراسة الاتفاقات الاقتصادية التي وقعها أردوغان مع نظيره القطري. في هذا السياق، جاء انتقاد رئيس حزب “الشعب الجمهوري” التركي المعارض، “كمال كيليتشدار أوغلو”، لعملية استحواذ قطر على 10% من بورصة إسطنبول، زاعمًا أنها تمت مقابل ثمن زهيد، وأن الدوحة ستسترد ما دفعته في العملية خلال أشهر قليلة.[103]
كذلك قال النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري المعارض علي ماهر باشارير، في لقاء تلفزيوني: “بلغنا مرحلة تم فيها ولأول مرة في تاريخ الجمهورية بيع جيش البلاد لصالح قطر”، في إشارة منه إلى شراكة إحدى الشركات القطرية في مصنع صيانة وتحديث الدبابات التركية. تصريحات باشارير – الذي أقر مرات عدة بإعجابه برئيس النظام السوري بشار الأسد- أثارت ضجة واسعة أيضًا.[104]
حيث رفعت وزراة الدفاع التركية دعوة قضائية ضده، وقالت في بيان لها: إن “تصريحات باشارير بحق الجيش الذي يدافع عن البلاد ويصون حدودها، تعتبر إهانة كبيرة”. كما ندد العديد من المسؤولين الأتراك بتصريحات “باشارير”، وطالبوه بتقديم اعتذار رسمي والتراجع عن تصريحاته.[105]
الضجة الإعلامية التي صاحبت الاتفاقيات الاقتصادية بين تركيا وقطر، جعلت هذا الأمر يأخذ مساحة من خطاب الرئيس أردوغان في الأيام التي تلت الزيارة. حيث صرح الرئيس أردوغان في غير مرة أن شراكة بلاده مع المستثمرين القطريين تشبه تمامًا شراكتها مع الأمريكيين والبريطانيين والألمان وغيرهم. وأكد أردوغان أن “هناك في تركيا مَن يلتزم الصمت عندما يكون المستثمر أمريكيًا أو بريطانيًا أو فرنسيًا ويتهجم حينما يكون قطريًا”.[106]
كما أضاف الرئيس التركي في مناسبة أخرى أن “قطر تأتي في المرتبة الـ 17 في الاستثمار الأجنبي بتركيا، وأن الصندوق القطري موجود في أكبر أسواق المال حول العالم في ألمانيا وإنجلترا وغيرها من الدول الأخرى وتبلغ استثماراتها في هذه الدول 400 مليار دولار من دون أن تشن حملات على هذه الدول مثلما فعل حزب الشعب الجمهوري، حسب قوله.[107]
وأوضح أن جهاز قطر للاستثمار يمتلك 10.3% من بورصة لندن. وأضاف: “لم يخرج أحد في العالم ليثرثر بأن قطر تستولي علينا عبر استثماراتها، كما لم يخرج أحد قائلًا: لنسلم سند ملكية ألمانيا أو بريطانيا إلى القطريين، بل على العكس تمامًا، رحب الجميع بالاستثمارات القطرية”.[108]
وربما كان من الضروري – بالنسبة للحزب الحاكم في تركيا- أن تأتي التوضيحات حيال هذا الأمر من أعلى مستوى في الدولة وبشكل متكرر، حتى لا يتأثر الشعب بخطاب المعارضة في هذا الأمر، ويستقبل بالسلب أي اتفاقات اقتصادية قادمة بين قطر وتركيا، في وقت يتنامي فيه التعاون في الدولتين بشكل مستمر.
[1] العربي الجديد، تركيا تواصل سحب قواتها من مناطق النظام السوري وتقصف “قسد”، 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[2] العربي الجديد، تركيا تزيد حضورها العسكري في إدلب: استعداد للمعركة أم إعادة انتشار؟، 1 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[3] القدس العربي، ميدل إيست آي: تركيا تخطط لمغادرة عدة مواقع عسكرية في إدلب لتقليل المخاطر، 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[4] وكالة أنباء تركيا، الجيش التركي ينشئ نقطة جديدة جنوبي إدلب، 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[5] العربية، ليبيا.. “دفاع الوفاق” تهدد بالانسحاب من اتفاق وقف النار، 7 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[6] العربي الجديد، هل تدفع القوى الإقليمية نحو مسار اقتصادي لحلحلة الأزمة الليبية يستثني تركيا؟، 12 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[7] الجزيرة، روسيا أم تركيا.. من المستهدف من قانون الكونغرس الأميركي بشأن ليبيا؟، 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[8] الاستقلال، تقرير الحالة العربية لشهر نوفمبر / تشرين الثاني 2020 – الحالة الليبية، 1 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[9] القدس العربي، معيتيق: تركيا الدولة الوحيدة التي وقفت بجانب ليبيا في أزمتها، 1 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[10] الأناضول، ليبيا: لا يمكن مساواة اتفاقيتنا مع تركيا بدعم مرتزقة حفتر، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[11] العربي الجديد، الرئاسة التركية ترسل مذكرة إلى البرلمان لتمديد مهام الجيش في ليبيا، 12 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[12] البيان الإماراتية، السيسي من اليونان: اتفقنا على التصدي لأي تهديد للأمن الإقليمي، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[13] مصراوي، زيارة الرئيس السيسي لفرنسا وارتفاع الاحتياطي الأجنبي أبرز عناوين الصحف، 7 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[14] قناة TeN، وزير الخارجية: استفزازات تركيا في شرق المتوسط تمثل خطورة على مصر وشركائها، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[15] العربية، فرنسا: سياسة تركيا عدائية ونعمل مع مصر لاستقرار المتوسط، 4 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[16] CNN، مستشار أردوغان ينتقد لقاء السيسي وماكرون: مصر من أهم قلاع العالم الإسلامي، 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[17] RT، السيسي يؤكد التعاون العسكري مع قبرص واليونان من أجل أمن واستقرار شرق المتوسط، 3 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[18] RT، الجيش المصري ينفذ مناورات عسكرية في بحر إيجه مع اليونان، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[19] الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة، التدريب البحرى الجوى المشترك (ميدوزا – 10)، 1 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[20] تركيا الآن، «الدفاع التركية»: مصر تحالفت مع 3 دول ضد تنقيبنا في البحر المتوسط ولن نتوقف، 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[21] الجزيرة، بعد لقاء السيسي بن زايد.. مصر ترحب بطلب الإمارات الانضمام لمنتدى غاز شرق المتوسط، 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[22] المصدر نفسه.
[23] RT، السفير التركي: وجهنا دعوة رسمية إلى الكاظمي لزيارة تركيا، 17 سبتمبر/ أيلول 2020
[24] العربي الجديد، رئيس الوزراء العراقي يبدأ زيارة رسمية إلى تركيا: “حزب العمال الكردستاني” أولاً، 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[25] الخليج الجديد، الكاظمي يزور تركيا الأسبوع المقبل لبحث ملفات حساسة، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[26] Al-Monitor، What trump cards is Iraq pulling against Turkey to secure water quota، 12 أغسطس/آب 2020
[27] RT، وزارة عراقية تطالب بالتحقيق مع سفير بغداد في أنقرة، 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[28] القدس العربي، اردوغان استقبل الكاظمي: اتفاق على مواجهة «الكردستاني» وتبادل تجاري بـ 20 مليار دولار سنويا، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[29] الشرق الأوسط، إردوغان والكاظمي يؤكدان رغبتهما في تعزيز العلاقات التركية ـ العراقية، 18 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[30] الخليج الجديد، أردوغان: سنكافح مع العراق الأعداء المشتركين.. والكاظمي: لن نتسامح مع من يهدد تركيا، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[31] الأناضول، الدفاع التركية: تحييد 3 إرهابيين في شمال العراق، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[32] الأناضول، الملك سلمان يهاتف الرئيس أردوغان حول “قمة العشرين”، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[33] يورو نيوز، بعد طول جفاء.. اتصال بين أردوغان والملك سلمان وشكر خاص للسعودية على رئاسة مجموعة ال20، 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[34] رصد، الخارجية السعودية: لدينا علاقة طيبة مع تركيا ونسعى لحل الخلاف مع قطر، 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[35] صدى البلد، تركيا: الشراكة مع السعودية في صالح المنطقة بأكملها، 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[36] عربي 21، صحيفة: تركيا حليف أفضل للسعودية بالمنطقة.. لماذا؟، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[37] الجزيرة، العلاقات التركية السعودية في رئاسة بايدن، 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[38] CNN، وزير خارجية قطر يؤكد وجود تحركات حالية لحل الأزمة الخليجية: لا أستطيع توقع إن كان الحل وشيكا، 4 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[39] فرانس 24، وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان يتوقع التوصل قريبا إلى اتفاق نهائي بشأن حل الأزمة الخليجية، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[40] الخليج أونلاين، تركيا ترحب بجهود الكويت لحل الأزمة الخليجية، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[41] الأناضول، تركيا وقطر توقعان 10 اتفاقيات بمجالات متعددة، 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[42] المصدر نفسه
[43] يني شفق، 136 بالمئة نمو التجارة بين قطر وتركيا خلال 3 أعوام، 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[44] القدس العربي، قوات تركية وقطرية تجري مناورات لمكافحة الإرهاب- (صور)، 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[45] الميادين، أنقرة: زيارة بومبيو لمستوطنة إسرائيلية انتهاك للقرارات الدولية، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[46] العربي الجديد، إدانات لاعتبار بومبيو المستوطنات ومنتجاتها جزءاً من إسرائيل، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[47] TRT، أردوغان يدعو منظمة التعاون الإسلامي لدعم برنامج يعزز صمود القدس اقتصادياً، 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[48] يني شفق، نائب أردوغان: فلسطين والقدس في قلب الأمة الإسلامية، 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[49] RT، تركيا: فتح سفارات لدول عربية في القدس يقوض امكانية قيام دولة فلسطينية، 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[50] الجزيرة، بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين.. أردوغان: سنواصل كفاحنا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[51] الأناضول، رئيس البرلمان التركي: قضية القدس أهم قضايا القرن العشرين، 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[52] ترك برس، بمشاركة أردوغان.. الشيخ “عكرمة صبري” يؤم صلاة الجمعة في “آيا صوفيا”، 4 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[53] يني شفق، أنقرة.. الرئيس أردوغان يستقبل الشيخ عكرمة صبري، 1 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[54] الأناضول، مؤسسة دولية: استقبال تركيا خطيب “الأقصى” يحمل رسائل مهمة، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[55] وكالة أنباء تركيا، “تيكا” التركية تسلم حاضنات لحديثي الولادة لأحد مستشفيات فلسطين، 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[56] قدس برس، السلطة الفلسطينية تتسلم الشحنة الثانية من المساعدات الطبية التركية، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[57] الأناضول، الرئاسة التركية تدعو قادة الاتحاد الأوروبي لعدم السماح بانسداد العلاقات، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[58] القدس العربي، هل تنجح تركيا مجدداً في تجاوز “فخ العقوبات” في القمة المقبلة للاتحاد الأوروبي؟، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[59] الجزيرة، مستمرة منذ 1963.. أردوغان يقلل من شأن العقوبات الأوروبية المحتملة وإيطاليا تحذر من تأجيج الصراع مع تركيا، 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[60] TRT، أردوغان: البلدان الأوروبية الحكيمة أحبطت مخططاً ضدنا بقمة بروكسل، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[61] يورو نيوز، قادة الاتحاد الأوروبي يعقدون قمة مثقلة بالقضايا الساخنة، 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[62] وكالة أنباء تركيا، وزير مجري: أمن أوروبا بيد تركيا، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[63] DW، ما جدوى فرض عقوبات أوروبية ضد تركيا؟، 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[64] العربي الجديد، أنقرة ترفض “الموقف غير القانوني” للقمة الأوروبية.. وعقوبات أميركية قد تعلن “في أي وقت”، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[65] فرانس 24، تركيا تأمل فتح “صفحة جديدة” مع الاتحاد الأوروبي، 15 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[66] ديلي صباح، أردوغان وميركل يبحثان سبل تطوير العلاقات التركية الأوروبية، 18 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[67] الأناضول، مسؤول أوروبي: ثمة فرصة لإعادة توجيه العلاقات مع تركيا، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[68] الخليج الجديد، قبرص والحل المستحيل، 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[69] RT، أردوغان: العالم سيقر بقبرص التركية، 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[70] الأناضول، وزيرا خارجية تركيا وبريطانيا يبحثان قضايا قبرص وليبيا و”قره باغ”، 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[71] يني شفق، مباحثات تركية إيطالية حول الاتحاد الأوروبي وقبرص، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[72] الأناضول، تشاووش أوغلو يبحث مع مستشارة أممية القضية القبرصية، 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[73] تركيا الآن، القمة الأوروبية تدعو لاستئناف المفاوضات بشأن توحيد جزيرة قبرص، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[74] BBC، الولايات المتحدة تفرض عقوبات على تركيا بسبب أنظمة إس-400 الروسية للصواريخ، 15 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[75] عربي بوست، عقوبات أمريكا على تركيا بسبب إس-400.. لماذا الآن، وكيف تؤثر على الصناعات العسكرية؟، 15 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[76] الراية القطرية، أردوغان: تركيا ستسرع خطواتها في الصناعات الدفاعية، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[77] صدى البلد، بومبيو لتركيا: شراء منظومة إس 400 الروسية يهدد الأمن الإقليمي، 18 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[78] الأناضول، خبيران: تركيا ستصبح أكثر قوة بعد العقوبات الأمريكية (تقرير)، 18 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[79] الخليج الجديد، بعد العقوبات الأمريكية.. مكاسب وخسائر الصناعة العسكرية التركية بالأرقام ، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[80] المصدر نفسه
[81] الحرة، العقوبات الأميركية على تركيا.. ثلاثة أسئلة عن التداعيات المحتملة، 15 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[82] الخليج الجديد، أردوغان: علاقتي ببايدن جيدة جدا.. والتلويح بالعقوبات لن يؤثر على تركيا، 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[83] المصري اليوم، الرئاسة التركية: علاقاتنا مع واشنطن ستكون إيجابية في عهد بايدن، 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[84] TRT، أهم تفاصيل اتفاق وقف الحرب وانتصار أذربيجان في قره باغ، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[85] عربي بوست، أذربيجان تعلن النصر، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[86] المنار، رئيس الوزراء الأرمني: لو لم أوقع الاتفاق لأسر 20 ألف جندي أرمني، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[87] العربي الجديد، أردوغان يشارك بعرض عسكري في أذربيجان: دروس كاراباخ ستدشن عهداً جديداً في المنطقة، 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[88] ترك برس، باكو.. جنود أتراك يشاركون أذربيجان احتفالات النصر، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[89] يني شفق، أردوغان: نصر “قره باغ” صفحة جديدة بتاريخ القوقاز، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[90] ديلي صباح، البنك المركزي التركي يوقع مذكرة تفاهم مع نظيره الأذربيجاني، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[91] العربي الجديد، لافروف يتحدث عن “محاولات لعرقلة” اتفاق السلام في كاراباخ، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[92] RT، أردوغان: يمكن فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية الأرمنية، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[93] الأناضول، وزير الدفاع التركي: فرنسا جزء من المشكلة في “قره باغ”، 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[94] الشرق الأوسط، باريس تدعو موسكو إلى تبديد «اللبس» بشأن دور تركيا في قره باغ، 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[95] الجزيرة، خوفا من الدور التركي.. فرنسا تريد إشرافا دوليا في قره باغ، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[96] TRT، قره باغ.. أذربيجان ترسخ انتصارها وماكرون يحاول لملمة هزيمته، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[97] BBC، رجب طيب أردوغان: لماذا استقال حليفه القوي بولنت آرينج من منصبه الاستشاري؟، 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[98] القدس العربي، عقب أزمة تصريحات أرينتش.. هل يضحي أردوغان بمستشاره أم بتحالفه مع الحركة القومية؟، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[99] المصدر نفسه
[100] الخليج الجديد، إثر تصريحات مثيرة للجدل.. أردوغان يقبل استقالة مستشاره بولنت أرنج، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[101] الأناضول، أردوغان يقبل استقالة “أرينتش” من المجلس الاستشاري بالرئاسة، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[102] المصدر نفسه
[103] الخليج الجديد، زعيم المعارضة التركية ينتقد صفقة بورصة إسطنبول مع قطر ويدعو لمعاقبة أردوغان، 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[104] عربي 21، ما وراء مهاجمة المعارضة استثمارات قطر بتركيا؟.. أردوغان يرد، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[105] الأمة برس، الدفاع التركية تقاضي برلمانيا معارضا جراء إساءته لجيش البلاد، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[106] أحوال تركيا، أردوغان يرفض التهجم على الاستثمارات القطرية، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[107] CNN، أردوغان: قطر تحتل المرتبة الـ17 في الاستثمار الأجنبي بتركيا.. ولا أحد ينتقد وجودها في أسواق المال الأوروبية، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[108] المصدر نفسه