طوفان الأقصى.. تحولات أداء المقاومة والآثار الإستراتيجية للمواجهة
المحتويات
- مقدمة
- تحولات نوعية في أداء المقاومة
- سيناريوهات الرد الاسرائيلي
- التأثيرات الاستراتيجية لعملية طوفان الأقصى
- خاتمة
مقدمة
طوفان الأقصى، تلك العملية النوعية غير المسبوقة التي نفذها مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد المعسكرات والمستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تُعد واقعة ستدرسها أجهزة الاستخبارات حول العالم -وفق وصف الكاتب الأمريكي توماس فريدمان-[1] وستشكل منعطفًا تاريخيًا سيرسم معالم المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط.
إذ أظهرت العملية تطورًا في أداء المقاومة الفلسطينية ومقاتلي حركة حماس، من مجموعات ثورية مسلحة إلى ما يشبه جيش تحرير نظامي طبق قواعد الهجوم للقوات المشتركة – برية وجوية وبحرية – بشكل منسق، مستخدمًا تكنولوجيا بسيطة، لكنها سخرت بفعالية لتأدية المطلوب منها.
ويمكننا وصف العملية بأنها كانت نوعية واستثنائية خارج سياقات التوقع على مستوى الأهداف والتوقيت والتحركات والأساليب وحجم خسائر العدو.
ولا تزال النتائج النهائية للهجوم المباغت غير واضحة. فالحدث ما زال جاريًا، ومن الصعب التكهن بالكيفية التي سينتهي بها، خاصة بعد إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حالة الحرب للمرة الأولى منذ عام 1973.
ومع ذلك، ثمة إجماع داخل الدوائر السياسية والأمنية والاعلامية في الكيان الصهيوني على أن ما بعد هذا الحدث لن يكون كما قبله، نظرًا لأنه يفوق الإخفاق الإسرائيلي في حرب تشرين/ أكتوبر 1973، وفق وصف تقارير إسرائيلية.[2]
فـطيلة 50 عامًا منذ حرب أكتوبر 1973 لم تجر عملية بهذه الخطورة تزعزع أمن إسرائيل من الداخل. ولذلك استحوذت العملية على الاهتمام المحلي والإقليمي والعالمي، وما زالت.
وهناك من بدأ يصف الحدث بأنه بمثابة “أحداث 11 سبتمبر 2001” (في الولايات المتحدة) في نسختها الإسرائيلية، باعتبار أن تداعياتها الاستراتيجية قد تطول الشرق الأوسط برمته.[3]
وفي هذه الورقة الأولية هذه سنحاول الوقوف على طبيعة عملية طوفان الأقصى، وإلى أين وصلت المقاومة الفلسطينية من إمكانات على كافة المستويات، كما سنضع تصورًا للدلالات والتداعيات التي تحملها نتائج هذه العملية والسيناريوهات المتوقعة[4].
تحولات نوعية في أداء المقاومة
مثلت عملية طوفان الأقصى تحولًا نوعيًا في مسار واستراتيجيات فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ،على مستوى التصعيد مع إسرائيل، وذلك في ضوء عدد من الاعتبارات الأساسية التي لم يعكسها فقط الواقع الميداني، والعملياتي، وإنما عكسها أيضًا التغير الكبير في استراتيجيات المقاومة ويمكن بيان ذلك فيما يلي:
أولًا: المبادأة واختيار التوقيت
تعد هذه هي المرة الثانية التي تتخذ فيها “كتائب الشهيد عز الدين القسام” قرار شن معركة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بعد معركة “سيف القدس”، التي نشبت في 10 أيّار/مايو من عام 2021، بعد الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة في القدس.
لكن ما يميز “طوفان الأقصى” هي أن هذه المرة الأولى التي تقرر فيها “كتائب القسام” تنفيذ عملية في العمق الإسرائيلي بهذا الحجم، في ظل غياب معلوماتي شبه كامل للجيش الإسرائيلي، وأجهزته الاستخباراتية، حيث قررت قيادة “القسام”، التوغل إلى الداخل المحتل، ليس لتنفيذ عملية محدودة -كتلك التي اختُطف فيها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006- بل لتنفيذ عملية أكثر تعقيدًا.
ثانيًا: التوغل البري في الأراضي المحتلة
شملت عملية “طوفان الأقصى” هجومًا بريًا، وجويًا، وبحريًا اخترقت به عناصر المقاومة الداخل المحتل، واقتحمت مجموعة من مستوطنات غلاف غزة بعمق 40 كيلو متر، وسيطرت على بعضها سيطرة تامة، فضلًا عن العديد من المواقع العسكرية. [5]
ووفق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، صالح العاروري، فقد نفذ هذه العملية 1200 جندي من كتائب القسام، كان تحركهم لمهمة محددة تتمثل الهجوم على “فرقة غزة” في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي الفرقة المسؤولة عن حصار القطاع، وتنفيذ الاغتيالات فيه وتجنيد العملاء.
وذكر العاروري، أن الهدف كان مهاجمة كل معسكرات الفرقة، وصولًا لمقر قيادتها، ثم التوجه إلى المطار العسكري الذي يليها. وبالتزامن مع ذلك، ذهب جزء من القوات للسيطرة على المستوطنات المحاذية للقطاع لمنع التدخل والإسناد لقوات الاحتلال، ضد جنود القسام المتقدمين نحو فرقة غزة.[6]
ورغم تقدير “القسام” بأن القتال سيمتد لساعات طويلة إلى حين السيطرة على كامل فرقة غزة، إلا أنها انهارت خلال 3 ساعات تقريبًا، بما في ذلك المقر الرئيسي لقيادتها، حسب العاروري.
ثالثًا: من حيث الحجم والأسلوب
شكلت طوفان الأقصى نمطًا نوعيًا جديدًا على أساليب المقاومة العسكرية، وكذلك حجم القوات والأسلحة المنفذة للعملية، وذلك من خلال عدة اعتبارات رئيسية:
انطلقت العملية ولأول مرة على مستويين رئيسيين أحدهما جوي من خلال إطلاق الصواريخ والقذائف بكثافة وصلت إلى حد إطلاق 5000 صاروخ [7]، مما مثل غطاء جويًا مهمًا مهد إلى المستوى الثاني من العملية وهو التوغل البري من خلال تنظيم عمليات اقتحام منظمة للمستوطنات الإسرائيلية على الغلاف الحدودي بما يقارب 1000 مقاتل من خلال 80 نقطة اختراق في السياج الفاصل بين القطاع والمستوطنات [8].
علاوة على هذا، فإنها ربما المرة الأولى التي تستهدف فيها المقاومة الفلسطينية فرقة كاملة من جيش الاحتلال، كفرقة غزة، واقتحام كافة معسكراتها وصولًا إلى المقر الرئيسي للفرقة. الأمر الذي يشير إلى تطور أهداف المقاومة واتساع حجمها وتعقيدها.
وكذلك أظهرت العملية شكلًا جديدًا من الاستهداف الصاروخي، حيث مع تصاعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، ذهبت المقاومة إلى المرحلة الثانية من الردع -حسب العاروري– وهي تهجير بعض المستوطنات الإسرائيلية، عبر تركيز الصواريخ على بلدات بعينها، بشكل شبه يومي، منها عسقلان،[9] و”سيدروت”، التي أخلتها سلطات الاحتلال من كافة المستوطنين.[10]
رابعًا: من حيث الخداع التكتيكي والاستراتيجي
جاءت العملية في ظل توقيت مباغت، بالتزامن مع عيد العرش اليهودي -فترة الأعياد اليهودية- وهي الفترات التي تشهد فيها الثكنات العسكرية الإسرائيلية، والمستوطنات حالة من الهدوء النسبي، والخمول على مستوى النشاط الخاص بالقوات المنتشرة فيها.[11]
علاوة على ذلك، فإن تقدير المؤسسات الإسرائيلية كان استبعاد أن تشن حماس أي هجوم في الوقت الحاضر على الأراضي المحتلة. وهذا ما صرح به رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، من أنه “أخطأ التقدير عندما قال إن حماس لن تجرؤ على التحرك ضد إسرائيل لسنوات طويلة”.
وربما هذا التقدير الخاطئ هو ما يفسر تراخي الجيش الإسرائيلي في التعاطي مع معلومات وُصفت بأنها “مثيرة للقلق” ليلة الهجوم. إذ كشف متحدث جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هغاري، أن الجيش تلقى إشارات استخباراتية أفادت بوجود استعدادات بالليلة التي سبقت الهجمات من قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه “لم يكن هناك تحذير استخباراتي ملموس حول هذه الحادثة، لكن كانت هناك مجموعة إشارات استخباراتية في الليلة السابقة، غير أنها ليس عن مثل هذه الخطوة (معركة طوفان الأقصى)”.
كما أعطت صحيفة “هآرتس” العبرية تفاصيل أكثر عن ردود الفعل داخل المؤسسات الإسرائيلية، حيث كشفت أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رأى أن المعلومات تتعلق بتدريبات ليس إلا، ووافقه على ذلك الجهاز الاستخباراتي، الموساد. وبناء على توصية الشاباك وبموافقة عسكرية من أعلى المستويات، لم تُتخذ أي خطوة.
ويبدو أن تقييم الشاباك بأن الأمر يرتبط بـ”تدريبات” لكتائب القسام، مردة إلى أن الكتائب عملت على تكرار نمط معين من التدريبات أو الحشد العسكري، بحيث اعتاد الاحتلال على حدوث ذلك من حين لآخر. ولذلك، عندما جاء وقت تنفيذ العملية في السابع من أكتوبر، فسرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تحركات المقاومين في ذات الإطار الذي كونته المقاومة في عقولها.
علاوة على هذا الخداع التكتيكي، كان هناك خداع استراتيجي مارسته “حماس” خلال السنة الماضية على وجه الخصوص، مفاده أنها لا ترغب في الانخراط في مواجهة عسكرية مع الاحتلال. وهذا ما أشار إليه الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، من أن “حماس” مارست خداعًا استراتيجيًا على الاحتلال الإسرائيلي، إذ صورت له، منذ نهاية معركة سيف القدس عام 2021، أنها غير معنية بدخول في مواجهة معه.[12]
وعلى هذا، فإن التوقيت كان مفاجئًا إلى حد بعيد، بالنسبة لاستخبارات الاحتلال الإسرائيلي، والأجهزة الاستخبارية العالمية المتعاونة معه، ما يمثل نجاحًا لكتائب القسام.
وبقي أن نقول أن عملية طوفان الأقصى تشابهت في توقيتها مع توقيت حرب أكتوبر 1973، الأمر الذي يترك أثرًا نفسيًا في نفوس الإسرائيليين باستدعاء أول هزيمة حربية في تاريخهم على يد الجيشين المصري والسوري منذ خمسين عامًا. [13]
خامسًا: التطور الاستخباراتي للمقاومة مقابل الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي
كشفت المعركة عن تطور استخباري للمقاومة تمثل في معرفتها الدقيقة بمواقع العملية، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المقاتلين حملوا معهم خرائط دقيقة للمواقع المستهدفة، وعدد الجنود الإسرائيليين فيها، وعدد المستوطنين المسلحين، وعدد قطع السلاح، وأنواع الأسلحة، وعدد ونوع الآليات الإسرائيلية.
وفي المقابل، أظهرت المعركة فشلًا استخباريًا كبيرًا لدولة الاحتلال، عبر عنه مستشار الأمن القومي السابق في حكومة نتنياهو، يعقوب عميد، قائلًا إن “الهجوم يمثل فشلًا كبيرًا لنظام المخابرات، والجهاز العسكري الاسرائيلي”[14].
فرغم بناء كتائب القسام ما يشبه مستوطنة إسرائيلية للتدريب على كيفية اختراقها والسيطرة عليها وتدربت قوات النخبة على كيفية تدمير واختراق السياج الخرساني والمعدني، لم تقدّر الأجهزة الإسرائيلية ما تفكر به قيادة حماس.[15] وساعد في ذلك عنصر السرية التامة حول قرار المعركة وأبعادها.
إذ أوردت تقارير أن الكثير من قادة حماس لم يعلموا بالعملية، وأن الفرق العسكرية لم تكن تعرف الهدف من التدريب إلا قبل ساعة الصفر بقليل، وذلك تجنبًا للاختراقات الإسرائيلية.
ويبرز التفوق الاستخباري للمقاومة إذا ما علمنا أن عدد الجنود المشاركين في هذه العملية بريًا فقط 1200، هذا فضلًا عن الجنود الذين أطلقوا الصواريخ في بداية العملية، وغيرهم ممن مهمته تقديم الدعم اللوجستي لهم. وبالتالي، فإن عدم قدرة أجهزة الاحتلال على كشف العملية رغم اشتراك هذا العدد الكبير فيها يؤكد فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
سادسًا: وضع إستراتيجية عسكرية لأسر أكبر عدد من الجنود
بالنظر إلى السوابق التي أسرت فيها المقاومة الفلسطينية جنودًا إسرائيليين، سنجد أنها كانت عمليات محدودة مقارنة بعملية “طوفان الأقصى”. ففي 2006، أسرت المقاومة جنديًا واحدًا في عملية “الوهم المتبدد” التي شنتها ضد قوة إسرائيلية مدرعة في موقع “كرم أبو سالم” العسكري. وخلال معركة العصف المأكول عام 2014 وما تلاها، أسرت المقاومة 4 إسرائيليين. لكن في “طوفان الأقصى” وصل عدد أسرى الاحتلال لدى المقاومة حوالي 250 أسيرًا، وفق تقدير كتائب القسام.
وإذا ما أخذنا في الاعتبار تعقيد عمليات الأسر، بما تنضوي عليه من تحديد الهدف وتحييد قدرة الجندي على استخدام القوة، ثم أسره والوصول به من المعسكر الإسرائيلي إلى غزة، مع تأمين المقاومين خلال العملية، ثم الاحتفاظ بالجندي داخل القطاع رغم نشاط الاستخبارات الإسرائيلية وعملائها، فإن كل هذا يؤكد تنامي قدرة المقاومة على تنفيذ عمليات أسر معقدة وواسعة النطاق، واستعدادها للاحتفاظ بهؤلاء الأسرى، رغم العمليات العسكرية الإسرائيلية المتوقعة، ثم التفاوض على خروج أسراها في سجون الاحتلال.
سيناريوهات الرد الإسرائيلي
تطرح عملية طوفان الأقصى سؤالًا رئيسيًا مهمًا على مستوى تداعياتها ومآلاتها المحتملة، وفي هذا الإطار يمكن القول إن نهاية هذه الجولة يتحكم فيها مجموع تفاعلات العديد من المتغيرات غير المحسومة حتى الآن، نلخصها في الآتي: قدرة المقاومة على الصمود طبقا لحجم إمكاناتها العسكرية التي تمكنها من البقاء فاعلة في ساحة المعركة لأطول فترة ممكنة، علاوة على ذلك، فإن هناك عوامل أخرى قد تغير مسار الحرب تتمثل في احتمالية تدخل الأذرع الإيرانية بفتح جبهات ضاغطة على الجيش الاسرائيلي -كحزب الله اللبناني- في المعركة، الأمر الذي قد يُرغم “إسرائيل” على التفاوض تحت وطأة تعدد الجبهات.
ويرتبط الأمر كذلك بمدى قدرة الداخل الفلسطيني نفسه في فتح جبهات داخلية أخرى تربك الاحتلال في الضفة الغربية وأراضي 48. ومدى استجابة النظام المصري لخطة تهجير أعداد من الفلسطينيين إما تحت الضغوط أو بهدف تحقيق بعض المصالح الاقتصادية التي سيحصلها إذا ما وافق ومرر الخطة.
وما يزيد المشهد تعقيدًا ويصعب من ترجيح أحد السيناريوهات هو وجود عوامل إضافية تتوقف عليها سياقات المعركة، منها مدى تماسك الجبهة الإسرائيلية الداخلية وقدرة نتنياهو على حشد الكتل السياسية خلف قرار استمرار الحرب، وعدم تشكل جبهة داخلية مناوئة لهذا التوجه. ثم تأتي مسألة الرأي العام في الغرب، ومدى قدرة داعمي فلسطين على عكس الرأي العام الغربي ضد استمرار الحرب مما يضغط على الحكومات الغربية الداعمة لاستمرار إسرائيل في الحرب.
أضف إلى ذلك مدى تطور الموقف الرسمي العربي والإسلامي، وقدرة تركيا وغيرها من الأطراف الفاعلة على التحرك دوليًا لرفع الكلفة السياسية على إسرائيل إذا ما استمرت في حربها على غزة. وأخيرًا مدى صمود الفلسطينيين داخل قطاع غزة على الاستمرار في احتضان ودعم المقاومة بالرغم من زيادة الخسائر في الأرواح والممتلكات.
كل تغيير في هذه العوامل ضروري في تقييم مآلات الوضع في غزة، ومجموع المتغيرات فيها مجتمعة هو ما قد قد يساهم في حرف مآلات المعركة إلى مسار محدد. وعلى هذا، ونتيجة لعدم حسم أي من مآلات تلك المتغيرات المتعددة، فإن كل السيناريوهات مفتوحة حتى الآن.
وفي إطار محصلة تطورات المتغيرات السابقة، فإن الحرب ستتجه إلى أحد السيناريوهات التالية:
السيناريو الأول: حرب شاملة
في هذا السيناريو تسعى إسرائيل إلى تغيير جذري في الوضع السياسي والعسكري في غزة، بما يتطلب اجتياحًا بريًا واسعًا. ولهذا السيناريو عدة مؤشرات هامة يمكن رصدها في التالي:
إشارات سيناريو الحرب الشاملة:
- التصريحات شديدة اللهجة التي أتت على لسان الدوائر السياسية الاسرائيلية، حيث تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن “حرب طويلة وصعبة”، قائلًا: “سنضربهم حتى النهاية، وسننتقم لهذا اليوم الأسود الذي ألحقوه بإسرائيل وشعبها”. كما أبلغ نتنياهو بايدن أنه “ما من مفر أمام إسرائيل إلا الدخول في عملية برية إلى غزة[16]. علاوة على ذلك، صدر عن نتنياهو تصريحات أخرى تدلل على عزمه أن يكون الرد على “طوفان الأقصى” ردًا بالغ الأثر، حيث قال: “أطلب منكم الوقوف بحزم لأننا سنغير الشرق الأوسط”، وكرر جملته هذه زعيم المعارضة الإسرائيلية، وزير الحرب السابق، بيني غانتس.[17]
- هذا السيناريو الأكثر رغبة في أوساط الإعلام الإسرائيلي، وربما قادة الاحتلال الإسرائيلي وركزت على ذلك صحف مثل هآرتس، ويديعوت أحرونوت، محاولين تغذية تلك الفرضية في نفوس الرأي العام الإسرائيلي[18].
- التحركات العسكرية للجيش الإسرائيلي، حيث تمثلت في إعلان حالة الحرب، وإطلاق عملية “السيوف الحديدية” واستدعاء 360 ألف من قوات الاحتياط والاستعانة بأربعة فرق في الجيش الإسرائيلي تحت ذريعة حماية المستوطنات. غير أن “يديعوت أحرونوت” قالت إن هدف هذه التحركات هو الانضمام إلى العملية البرية التي اتخذت حكومة نتنياهو القرار بشنها. ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية توقعات لمحللين أمريكيين بأن “إسرائيل” قد تختار شن غزو واسع النطاق لغزة، في محاولة للقضاء على حماس[19]. ثم أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي هذا التوجه، إذ أعلن في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استعداده “لتوسيع دائرة الهجوم” ضد قطاع غزة، بعد نشر قواته في جميع المناطق، تمهيدًا لتنفيذ “عملية برية واسعة”.[20]
- التفاعلات السياسية في إسرائيل، حيث أقر الكنيست الإسرائيلي، في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشكيل “حكومة طوارئ” ستعمل طوال فترة الحرب مع قطاع غزة، وذلك بتأييد 64 نائبًا مقابل رفض أربعة أصوات. والجدير بالذكر أن تشكيل حكومة الطوارئ في دولة الاحتلال لم يحدث منذ 1967.[21]
- إعلان وزير الحرب الإسرائيلي إطباق الحصار بشكل كامل، وصل إلى حد قطع مصادر الماء، والطاقة، والغذاء عن غزة، وتهديد مصر بأن الشاحنات التي ستعبر من مصر إلى غزة ستُقصَف. وهذا قد يُفهم في سياق السعي الإسرائيلي لإنهاك القطاع قبل الهجوم البري[22] .
- دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة وإعلانها الوقوف الكامل مع إسرائيل، ولكن الحدث الأبرز هو إرسالها لحاملة الطائرات جيرالد فورد تحسبًا لدخول أطراف إقليمية أخرى في الحرب خاصة إذا بدأت إسرائيل حربًا شاملة، وهي تقصد بذلك إيران وأذرعها بشكل مباشر[23]. هذا علاوة على إرسالها 2000 جندي لنشرهم في “إسرائيل” لتقديم المساعدة في مهام مثل الدعم اللوجستي، وفق تقارير أمريكية.[24]
- القصف الجوي العنيف المستهدف للتهجير القسري لسكان غزة، خاصة الشمال، حتى أن نتنياهو صرح أن على سكان غزة أن يغادروا.[25] هذا فضلًا عن تصريح لمتحدث عسكري إسرائيلي قال فيه إن “الفلسطينيين المتضررين من الضربات الجوية على قطاع غزة يمكنهم التوجه إلى مصر”.[26] واعتمادًا على 21 مصدرًا حكوميًا ودبلوماسيًا مصريًا، أوضح موقع “مدى مصر” أن القاهرة تدرس التوصل إلى اتفاق لاستضافة ما يصل إلى 100 ألف فلسطيني نزحوا من قطاع غزة مقابل تخفيف أعباء الديون الأمريكية.[27] لكن في المقابل، أعلن قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، رفضه للخطة الأمريكية الإسرائيلية، وسمح بتظاهرات داعمة للشعب الفلسطيني، ورافضة لخطة توطين فلسطينيي غزة في سيناء.[28]
- عدم لجوء إسرائيل إلى خيار الحرب البرية سينتقص من صورة “إسرائيل” عالميًا، حيث سيُظهرها على أنها تخشى حربًا برية. وتكون حماس هي التي فرضت ردعًا على الإسرائيليين[29]. ولذلك قد يعتقد قادة الاحتلال أن سيناريو الحرب الشاملة سيكون الحل الوحيد لإعادة هيبة وكرامة جيشهم واستعادة معادلة الردع.
- عدم تناسب ردود الفعل من إيران وأذرعها في المنطقة مع حجم المعركة حتى الآن، فرغم المناوشات التي تحدث على الحدود بين لبنان ودولة الاحتلال الإسرائيلي حاليًا إلا أنها ما زالت محدودة ولم ترتق لكونها فتح جبهة حرب حقيقية مع الاحتلال. وهذا ما أشار إليه قائد حركة حماس في الخارج، خالد مشعل، من أن “حزب الله قام مشكورًا بخطوات لكن الأمر يتطلب أكثر ومن مصلحتنا خوض المعركة معًا”.[30] كما أشار “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” أن حزب الله يحرص على الحفاظ على مستوى تهديد معين من خلال إجراء نوع من العمليات الهامة كل يوم منذ هجوم حماس. وذكر المعهد أن الهدف من الاستراتيجية الحالية لـ “حزب الله” هو قطف ثمار الحرب بين حركة “حماس” وإسرائيل من دون خسارة الوجود العسكري الذي نجح في بنائه بشكل مطرد في لبنان منذ عام 2006. وأورد المعهد أن “حزب الله لم يستدعِ عناصره الاحتياطيين بعد”.[31] وهذا الموقف قد يشجع “إسرائيل” على التمادي في عملياتها ضد غزة.
معوقات سيناريو الحرب الشاملة:
إن تنفيذ سيناريو الحرب الشاملة -وإن هناك رغبة إسرائيلية في تنفيذه- ليس سهلًا، إذ تقف مجموعة من العوائق في تنفيذه ويمكن رصدها على النحو التالي:
- هذا السيناريو لا تقبل به مصر والأردن، حسبما أوضح الكاتب الأمريكي ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، وكبير الكتاب في صحيفة “الغارديان” البريطانية سابقًا. حيث أكد أن “تهجير أهل غزة ووصول مليون فلسطيني من غزة إلى سيناء يمكن، دون مبالغة، أن يقلب مصر على حافة الانهيار بعد عقد من التدهور الاقتصادي في ظل قيادة السيسي، الذي يدرك ذلك”. هذا فضلًا عن أن “الطرد الجماعي للفلسطينيين سيؤثر على التوازن الدقيق بين الفلسطينيين وسكان الضفة الشرقية في الأردن”.[32]
- حرص الولايات المتحدة الأمريكية على عدم توسيع الحرب، في وقت تنشغل فيه باحتواء الصين، وقتال روسيا في أوكرانيا.
- تصريح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من أنه سيكون من “الخطأ الكبير أن تحتل إسرائيل غزة مرة أخرى”. وهذا ما وافقه فيه الكاتب الأمريكي، توماس فريدمان، الذي كتب في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالًا أيد فيه تصريح بايدن، قائلًا إن “مثل هذا التحرك قد يحول الهزيمة التكتيكية المذلة التي منيت بها إسرائيل على أيدي حماس، إلى أزمة استراتيجية أخلاقية وعسكرية طويلة الأمد”. وأضاف فريدمان أن “الحرب يمكن أن تغرق إسرائيل في وحل غزة، وتجر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، وتقوض أهم مصالح السياسة الخارجية الأمريكية”. وتابع: “إذا دخلت إسرائيل إلى غزة الآن، فسوف تنسف اتفاقيات أبراهام، وتزيد من زعزعة استقرار اثنين من أهم حلفاء أمريكا “مصر والأردن”، وتجعل التطبيع مع السعودية مستحيلًا، وهذه نكسات استراتيجية ضخمة”.[33]
- الخسائر الإسرائيلية في حالة الحرب البرية لن تكون بسيطة، خاصة وأنها ستكون مضطرة لدخول حرب شوارع ، في ظل تهاوي الثقة في شبكة الجواسيس داخل القطاع بعد الإخفاق الاستخباراتي الأخير.
- أزمة الرهائن ستقلل من احتمالية هذا السيناريو حيث تحتجز حماس ما يقارب 250 أسيرًا، ويدور الحديث عن وجود رهائن من ثماني جنسيات مختلفة بما فيهم أمريكا، وفق مستشار الأمن القومي الأمريكي، واحتمالية نجاتهم في حالة الاجتياح البري مشكوك فيها[34].
- الانقسام السياسي داخل إسرائيل على إثر أزمة التعديلات القضائية سيؤثر على استعداد إسرائيل لتحمل قرار كهذا، على الرغم من تشكيل حكومة طوارئ[35].
- الرفض المصري لخطة تهجير فلسطينيي غزة لا يشجع جيش الاحتلال الإسرائيلي على شن هجوم بري واسع.
السيناريو الثاني :عملية محدودة ومركزة
في هذا السيناريو، ستهدف إسرائيل إلى استعادة جزء من هيبتها، عبر تكثيف القصف الجوي، وتوسيع مداه، وقد يتطلب عملية برية محدودة النطاق، أو محاولات لتنفيذ اغتيالات سريعة لقادة المقاومة. ومن المنطقي أن تكون كل عوائق السيناريو الأول بمثابة دوافع، ومؤشرات، إلى السيناريو الثاني، باعتبار أن هذا الأخير أخف كلفة ومجازفة من الأول.
وبالحديث عن العوائق، فإن وجود أسرى إسرائيليين وإعلان المقاومة توزيعهم على كل محاور القطاع، وأنهم معرضون لما يتعرض له سكان غزة، سيكون ذلك معوقًا للاستمرار في سيناريو القصف المكثف، وكذلك تأثير القصف العكسي لصواريخ المقاومة، والتي زاد مداها وقوتها في هذه الحرب[36].
وإن كان يبدو أن تلك العوائق محدودة التأثير على القرار الإسرائيلي، ويدلل على ذلك استمرار القصف المكثف على قطاع غزة، وتصريح المسؤولين الإسرائيليين أن الخوف على الرهائن لن يوقف القتال[37].
السيناريو الثالث: الوصول لتهدئة سريعة
يتطلب هذا السيناريو التجاوب مع دعوات الأطراف الإقليمية بوقف إطلاق النار، والبداية في عملية مفاوضات على الأسرى، والرهائن. ولكن هذا السيناريو لم تظهر له مؤشرات جادة حتى الآن، ويبدو مستبعدًا خلال تلك الأسابيع، حتى من جهة أكثر المتفائلين.
ويمنع من الوصول إلى تهدئة سريعة حجم الضربة التي تعرض لها الاحتلال الإسرائيلي، حيث إن معادلة الردع -التي يريد أن يثبتها- اخترقتها المقاومة إلى حد بعيد. فجميع المعارك السابقة في تاريخ النضال الفلسطيني كانت دفاعية بشكل أو بآخر، لكن هذه المرة كانت المعركة هجومية وبرية، وواسعة النطاق، وتكللت بالنجاح. إذ تمكنت من تحقيق أهدافها المتمثلة في القضاء على فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي، وأسر جنود إسرائيليين للمفاوضة بهم على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.
ومن الواضح أن نجاح هذه العملية وتعقيدها مبعث قلق عميق لدى قادة الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية. إذ أنها أثبتت أن المقاومة في غزة، رغم الحصار المُطبق عليها لسنوات ممتدة، تمكنت من زعزعة أمن دولة الاحتلال، وإيقاع خسائر هائلة بها في يوم واحد، لم تتكبدها إلا في الحروب الكبرى لحرب 1973. وبالتالي، فإن استمرار الوضع على ما هو عليه سيمكن المقاومة من مراكمة قوتها واستئناف مشروعها التحرري، ما يعني -وفق البعض- أن تنظر إسرائيل لغزة على أنها أصبحت خطرًا وجوديًا.
ومن هنا، فإن من المهم من وجهة النظر الإسرائيلية والأمريكية إعادة تثبيت معادلة الردع مرة أخرى، بحيث لا تقوى المقاومة على تكرار الهجوم.
وبجانب إعادة تثبيت معادلة الردع، فإن وجود أكثر من 250 أسير في قبضة المقاومة يشكل ضغطًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية.[38] فمع أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاهلت أو سوّفت إجراء عملية تبادل أسرى مع المقاومة الفلسطينية منذ عام 2014، إلا أنه من الصعب عليها أن تتباطأ، بعد أن وصل عدد الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة من 4 إلى حوالي 250 أسير. وبالتالي، ستستمر “إسرائيل” في الضغط العسكري على قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية حتى تستعيد أسراها. بمعنى أن إسرائيل تريد التفاوض على الأسرى وغزة تحت القصف، في محاولة لعدم تحويل هذا الملف إلى نقطة ضغط كبيرة لصالح المقاومة للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال.
ولهذا شدد الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، على أن المقاومة لن تتفاوض تحت النار على الأسرى لديها،[39] ما يعني بوضوح أن الفصائل الفلسطينية تحاول فك الارتباط الذي يريده الاحتلال بين ملف الأسرى ووقف العدوان على غزة.
وعلى هذا، فإن للأسباب الواردة أعلاه يصعب التوصل إلى تهدئة سريعة للمعركة، لكن مجرياتها مفتوحة على كافة الاحتمالات.
التأثيرات الاستراتيجية لعملية طوفان الأقصى
بغض النظر عن النتائج النهائية التي ستؤول إليها المعركة، إلا أن تأثيراتها الاستراتيجية ستمتد لسنوات مقبلة على أقل تقدير. وهنا سنحاول مقاربة تأثيرات عملية “طوفان الأقصى” على عدة مستويات. الأول: التأثيرات على الداخل الإسرائيلي، والثاني: التأثيرات على المقاومة الفلسطينية، والثالث: التأثيرات على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأبعاده الإقليمية.
التأثيرات على دولة الاحتلال الإسرائيلي
- سيزداد عدم استقرار الحكومة الإسرائيلية الحالية -مع العلم أنها لم تكن مستقرة تمامًا قبل “طوفان الأقصى”- وذلك بالنظر إلى فشلها في توقع هجوم المقاومة وعرقلة وقوعها، وذلك في مقابل تزايد شعبية المعارضة، خصوصًا اليساريين منها.[40] وربما يؤيد ذلك استطلاع الرأي الذي أجراه معهد “لازار” الإسرائيلي، والذي أشار إلى أن 80 بالمئة يرون نتنياهو مسؤولًا عن هذا الإخفاق.[41] وستتشكل لجان محاسبة لمسؤولي الكيات الإسرائيلي، مما يهدد استمرار رؤساء أجهزة الشباك والموساد في مواقعهم. ومن المتوقع أيضًا أن يطال الحساب رئاسة الأركان وقيادة الجيش وقيادة الجبهة الجنوبية وربما تكون هذه الحرب هي نهاية مسيرة نتنياهو السياسية[42] . فإذا كانت لجنة “أجرانات” قد انتهت إلى أنها جعلت من القيادات الأمنية والعسكرية كبش فداء للسياسيين من أمثال جولدا مائير وموشى ديان، فإن اللجنة المتوقع تشكيلها كما جرت العادة في “إسرائيل” في أعقاب معظم حروبها ستكون أكثر تشددًا وستوصي بعزل القيادات السياسية أولًا. وفي المقابل، فإن المعارضة السياسية ضد نتنياهو ستكتسب زخمًا كبيرًا في المستقبل المنظور، مستغلة تحذيراتها التي أطلقتها ضد الحكومة المتطرفة بقيادته[43]. فقد أورد معهد “لازار” أن 28 بالمئة من المشاركين بالاستطلاع أشاروا إلى أن نتنياهو هو الأصلح لرئاسة الحكومة، في حين قال 48 بالمئة إن زعيم حزب الوحدة الوطنية وزير الدفاع السابق بيني غانتس هو الأصلح للمنصب. ومن المتوقع أن يكتسب الخطاب العلماني في إسرائيل زخمًا جديدًا، لاسيما أنه يطالب بوضع حد لنفوذ التيار الديني والأحزاب اليمينية، الذي نما في السنوات الأخيرة، خصوصًا في ظل وجود حكومة نتنياهو الحالية. وستستغل الولايات المتحدة هذه المعركة لمحاولة إلجام اليمين الإسرائيلي المتطرف بشكل أو بآخر لصالح اليسار الاسرائيلي الأكثر انسجامًا مع توجهات حكومة الديموقراطيين الحاكمة في أمريكا الآن.
- تزايد خطر التغييرات الديمغرافية على دولة الاحتلال، ويتمثل ذلك في تراجع نسبة الهجرة إلى “إسرائيل”، مقابل ازدياد وتيرة الهجرة العسكية منها. وهي ظاهرة تعاني منها دولة الاحتلال منذ سنوات فعلى سبيل المثال، انخفضت الهجرة إلى “إسرائيل” بشكل حاد في النصف الأول من عام 2023، حيث تراجعت نسبة استقدام اليهود بنحو 20 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022، وفق بيانات وزارة الهجرة الإسرائيلية. وحينها عَزَت التقديرات الزيادة في الهجرة العسكية إلى التوتر الأمني في الضفة الغربية، أما الآن ومع وجود عملية كبيرة كهذه في قلب المستوطنات الإسرائيلية، فإن هذا من شأنه أن يرفع نسبة الهجرة العكسية من “إسرائيل” إلى الخارج، وتقليل الأعداد الوافدة إليها. وهذا يُعد أحد أخطر الآثار السلبية على دولة الاحتلال، التي تعتمد بشكل رئيسي على الاستيطان لتجنب الخطر الديمغرافي الذي يهدد وجودها. فوفقًا لمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، فإن عدد الفلسطينيين سيصل إلى ما لا يقل عن 10 ملايين بالضفة وغزة عام 2050 – فيما سيكون هناك 10.6 مليون يهودي في إسرائيل و3.2 مليون عربي بالعام ذاته. واستنادًا إلى هذه المعطيات فإن عدد الفلسطينيين في المنطقة ما بين البحر والنهر سيصل في العام 2050 إلى أكثر من 13 مليون بمقابل نحو 10.6 مليون يهودي.[44] وفي أغسطس/ آب 2022، نشرت صحيفة “هآرتس” تقريرً وصفت فيه الزيادة السكانية الفلسطينية بـ “شيطان الديموغرافيا” الذي يهدد إسرائيل. وقالت إنه “في الوقت الذي تغفون فيه، قد يتحول اليهود إلى أقلية في إسرائيل”. بل ذهبت جامعة “رايخمان” العبرية إلى وصف ذلك التغير الديموغرافي بـ “الانقلاب”. وأشارت في ورقة بحثية أن الفلسطينيين سيحققون أغلبية كاسحة في المستقبل، بسبب ارتفاع معدلات الولادة لديهم (27.7) لكل ألف شخص مقارنة بـ (19.3) في إسرائيل، بحسب الأمم المتحدة. هذا فضلًا عن ارتفاع نسبة الوفيات لدى الإسرائيليين 5.3 لكل ألف مقارنة بـ 3.4 لكل ألف لدى الفلسطينيين بسبب كبر متوسط عمر السكان في إسرائيل. وبناء على هذه الإحصائيات، رأت الورقة البحثية أن “تلك المعادلة تؤشر أن دولة إسرائيل تتجه نحو واقع قد يقوض مشروعها والمشروع الصهيوني برمته”.[45] ولذلك، فإن العملية الأخيرة من شأنها أن تزيد مخاوف الذين ترغب إسرائيل في استقدامهم، وأولئك الذين يعيشون داخلها في الوقت الحالي، ما سيدفع أعدادًا أكبر منهم إلى الهجرة العكسية إلى خارجها، وتأزم خطر الديموغرافيا أكثر لدى دولة الاحتلال.
- معاناة دولة الاحتلال الإسرائيلي من تباطؤ اقتصادي حاد، نظرًا لضعف النشاط الاستهلاكي الخاص مع استمرار الحرب، واتساع العجز الحكومي بسبب ارتفاع الإنفاق وانخفاض الدخل. وهذا ما أكده موقع “غلوبس” المختص بالاقتصاد الإسرائيلي من أن الاقتصاد الإسرائيلي فقد زخمه الذي كان يتمتع به منذ عام 2022، إذ كان التأثير الأول مرتبطًا بخطة إصلاح القضاء خلال وقت سابق من 2023، وتخارج استثمارات من إسرائيل. بينما الحرب الحالية – بحسب الموقع – دفعت إلى إغلاق قطاعات رئيسة في الاقتصاد، وسحبت قوى عاملة في السوق إلى الجيش، عدا عن غلق المدارس والمؤسسات التعليمية، وتعليق صناعة الضيافة.[46] وكانت وكالة “موديز” قد وصفت الاقتصاد الإسرائيلي بأنه يواجه اختبارا غير مسبوق، وأرجأت تصنيف إسرائيل الائتماني لما بعد 6 شهور تجنبًا لتصنيف سلبي. ومن جانبه، قدر بنك “هبوعليم” الإسرائيلي فاتورة الحرب بما لا يقل عن 7 مليارات دولار، في وقت تسعى فيه تل أبيب لعودة الاستثمار الأجنبي الذي تراجع بنسبة 60% خلال الربع الأول من 2023.[47]
- احتمالية تأثر نسبة مبيعات الشركات الأمنية والشركات الدفاعية الإسرائيلية سلبًا بالنظر إلى الفشل الأمني الكبير الذي مُنيت به دولة الاحتلال. وهذا ما أشار إليه المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يويل غوزانسكي، من أن “قبل يوم السبت (7 أكتوبر) كانت إسرائيل بمثابة أصل للعديد من دول المنطقة فيما يتعلق بالقضايا الأمنية، وهذا لم يعد قائمًا الآن”. وتابع: “إننا ننفق المليارات والمليارات على جمع المعلومات الاستخبارية عن حماس، ثم في ثانية واحدة انهار كل شيء كقطع الدومينو”.[48]
التأثيرات على المقاومة الفلسطينية
- اتساع القاعدة الشعبية للمقاومة الفلسطينية إقليميًا وعالميًا، حيث حازت معركة “طوفان الأقصى” اهتمامًا شعبيًا عربيًا وإسلاميًا واسعًا منذ اللحظة الأولى، وأبدت الشعوب تضامنًا مع المقاومة الفلسطينية اتضح في وسائل التواصل الاجتماعي وفي التظاهرات التي خرجت في العديد من المدن حول العالم. كذلك، مثلت معركة “طوفان الأقصى” وما زالت فرصة لإحياء القضية الفلسطينية، وشرح أبعادها للأجيال الجديدة التي تعرضت لقدر كبير من الدعاية الغربية ودعاية المطبعين خلال العقد الماضي على وجه الخصوص. ومع اتساع القاعدة الجماهيرية للمقاومة، فإن ذلك يفتح لها أبوابًا أكثر من الدعم الإعلامي والمالي وغيره، الأمر الذي سيعزز قدراتها وسرديتها في المستقبل.
- زيادة الوزن السياسي الإقليمي للمقاومة الفلسطينية بعد أن أثبتت أنها رقم صعب في الصراع، وأن بإمكانها عرقلة مخططات تصفية القضية الفلسطينية. الأمر الذي قد يدفع دولًا أخرى لفتح قنوات تواصل معها، ويجعل الدول المتواصلة معها بالفعل أكثر حرصاً على التواصل عن ذي قبل.
- ستتجه دول العالم بشكل أكبر للتعامل مع المقاومة بصفتها فاعلًا دوليًا قويًا في القضية الأهم في الشرق الأوسط. وسيزداد التفاعل من دول كبرى على خلاف مع واشنطن، مثل روسيا والصين، مع حركات المقاومة، وعلى رأسها حماس، وذلك من منطلق مناكفة الولايات المتحدة والتأكيد على أنها سبب في الأزمة وغير قادرة على حلها باعتبارها طرفًا أصيلًا فيها، وفي إطار محاولات تلك القوى تهديد الهيمنة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط. وهذا بدوره يزيد من فرص الدعم السياسي للمقاومة في المحافل الدولية ومجلس الأمن. ويمكن ملاحظة ذلك -على سبيل المثال- في الفيتو الروسي مؤخرًا على قرار مجلس الأمن إدانة حركة حماس.
التأثيرات على الإقليم
- إعادة اهتمام الإقليم بالقضية الفلسطينية، حيث ستُعطى الحرب الحالية دفعة -ولو إعلامية- للرؤية العربية المتمثلة في حل الدولتين[49]، باعتبار أن تجاهل القضية الفلسطينية ومحاولة تجاوزها كان أحد الأسباب الرئيسية في الأزمة.
- عرقلة مسارات التطبيع الجارية، إذ ستصعّب “طوفان الأقصى” المحاولات الإسرائيلية للفصل بين اتفاقيات التطبيع وبين حل القضية الفلسطينية [50]، كما أنها بين السعودية و”إسرائيل” أيًا ما كانت نتيجتها.
- ستتراجع جدوى اتفاقات التطبيع مع الدول الإقليمية التي طبعت بالفعل، حيث يمكن أن تتباطأ وتيرة الاتفاقات مع بعض الدول المطبعة كالمغرب. ومع ترجيحنا أن دولًا أخرى ستستمر في التعامل مع “إسرائيل” بنفس الوتيرة، كالإمارات، إلا أن الهدف الاسرائيلي والغربي الأساسي من التطبيع -المتمثل في النظر الشعبي والرسمي لـ”إسرائيل” كدولة طبيعية في المنطقة- يتراجع إلى حد بعيد.
- سيستمر تنشيط القنوات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وباقي الدول في الإقليم، خاصة مصر وتركيا وقطر والأردن. وقد يمتد ذلك لأشهر وربما لسنوات، نظرًا لاستمرار الحرب وتعقدها ومرحلة التفاوض المتوقعة لتبادل الأسرى وإعادة إعمار غزة وكيفية التعامل مع حركة حماس. وهذا من شأنه أن يزيد من أهمية بعض الأنظمة لدى الإدارة الأمريكية، ومنها النظام المصري بعد فترات من النفور أو القطيعة.
خاتمة
يتسم مشهد الصراع الفلسطينى-الإسرائيلى بالتعقيد، وفي حين من السهل معرفة بداية “طوفان الأقصى”، فمن الصعب معرفة حدود المعركة وفرص التهدئة. وفى الوقت نفسه، تسيطر فكرة انخراط أطراف أخرى في المعركة، منها حزب الله اللبناني، الأمر الذي سيعقد المشهد، لكنه في الوقت نفسه قد يرغم دولة الاحتلال الإسرائيلي على التهدئة.
وعلى الرغم من الحديث عن محاولات عقد صفقات تبادل أسرى محدودة، تكون فيها النساء الرهائن من الجانب الإسرائيلي مقابل الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، فإن فشل تلك المقترحات فى الوقت الحالى يظل مسيطرًا ومتوقعًا فى ظل حاجة إسرائيل إلى تجاوز فكرة الهزيمة وتآكل الردع، والحاجة إلى تحقيق مشهد انتصار عسكرى وسياسى.
وباعتبار ما لدى الفصائل، من أسرى ورهائن إسرائيليين، والحاجة إلى عقد صفقة تبادل للأسرى بوصفها ضرورة وطنية وفصائلية، والحاجة إلى تحسين أوضاع القطاع وفك الحصار واستكمال جهود الإعمار، يظل من الصعب على الفصائل القبول بتهدئة على حساب مكاسبها التي حققتها من المعركة حتى الآن، ومنها الأسرى الإسرائيليين، الذين تطمح المقاومة من خلالهم إلى الإفراج عن الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وكما أسلفنا فإن تحديد السيناريو الذي قد تنتهي الحرب من خلاله متعسر لوجود عوامل عديدة تتحكم فيه، منها ما يتعلق بالمقاومة نفسها وداعميها من “محور المقاومة”، وما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي وتوجهات الرأي العام العالمي، هذا فضلًا عن جهود الدول الإقليمية الفاعلة.
لكن بعيدًا عن كيفية انتهاء هذه المعركة المحتدمة، فإن معادلة الردع الإسرائيلية قد تضررت إلى حد بعيد، وما يجري حاليًا من قصف إسرائيلي ربما يكون غير مسبوق على قطاع غزة، والتحركات الأمريكية شرق المتوسط، كلها خطوات تأتي في سياق المحاولات الإسرائيلية-الغربية لإعادة تثبيت معادلة الردع.
وبالتأكيد، فإن حجم العملية التي نفذتها المقاومة وعدد القتلى والأسرى الكبير في صفوف الاحتلال، يشير إلى صعوبة محو آثار “طوفان الأقصى”، التي يبدو أنها ستمد زمنيًا لعقود.
طوفان الأقصى.. تحولات أداء المقاومة والآثار الإستراتيجية للمواجهة
المصادر
[1] المضمون الأوسع لهجوم حماس على إسرائيل.. كيف سيؤثر “طوفان الأقصى” على التطبيع مع السعودية؟، قناة “سي إن إن” الأمريكية، 09 أكتوبر / تشرين الأول 2023
[2] YONAH JEREMY BOB, Hamas attack: The greatest intelligence failure in Israeli history?, The Jerusalem Post, OCTOBER 10, 2023
[3] NAHAL TOOSI, To end Hamas, Israel may need to grieve first, Politico, OCTOBER 13, 2023
[4] هل نحن بإزاء إخفاق إسرائيلي استراتيجي يفوق إخفاق حرب 1973؟ تقدير موقف أولي ،مدار،، 08 أكتوبر 2023، https://cutt.us/UdD61
[5] طوفان الأقصى: تطور نوعي وعملية مفاجئة في قلب إسرائيل،المرصد المصري،7 أكتوبر 2023 ، https://marsad.ecss.com.eg/79479/
[6] نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس للجزيرة: هذه معركة متقدمة على طريق حرية شعبنا، الجزيرة نت، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[7] صواريخ حماس “أذهلت” إسرائيل.. ما أنواعها وقدرتها العسكرية؟،سكاي نيوز ،8 أكتوبر 2023 ، https://cutt.us/2gBqu
[8] صواريخ القسام.. لوحة المقاومة في سماء فلسطين،الجزيرة، 12 أكتوبر 2023 ، https://cutt.us/B0yh0
[9] “طوفان الأقصى” توقف القطارات والرحلات الجوية في إسرائيل، الجزيرة، 9 اكتوبر 2023، https://cutt.us/Zl9TF
[10] الاحتلال يخلي سديروت من كافة المستوطنين، الجزيرة نت، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[11] مصدر يكشف لـCNN ما عرضته أمريكا على إسرائيل بشأن إنقاذ الرهائن من “حماس”،CNN،7 أكتوبر 2023 https://cutt.us/y7Nwy
[12] أبو عبيدة: معركتنا الحالية ابتدأت من حيث انتهت عملية سيف القدس، قناة الجزيرة، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[13] انعكاسات عملية طوفان الأقصى؟،مركز رع للدراسات الاستراتيجية،7 أكتوبر، 2023 ، https://rcssegypt.com/15281
[14] لماذا استغرقت إسرائيل وقتاً طويلاً للتعامل مع هجوم “طوفان الأقصى” لحركة حماس؟،BBC، 10 أكتوبر 2023، https://cutt.us/DVtKe
[15] كيف أعدت حماس “جيشا مصغرا” لشن هجوم دام على إسرائيل؟، سكاي نيوز ، 14 أكتوبر 2023، https://cutt.us/0jX2q
[16] تحليل-حرب إسرائيل وحماس تدفع بايدن ونتنياهو نحو شراكة غير مريحة، swissinfo،9 أكتوبر 2023، https://cutt.us/Ek58r ر
[17] إسرائيل صدمتها خسائرها فأعلنت الحرب رسمياً،الشرق الاوسط ،9 أكتوبر 2023، https://cutt.us/7PYmz
[18] صحف إسرائيلية عن هجوم حماس: صدمة، فشل، وكابوس،BBC، 8أكتوبر 2023 ، https://cutt.us/TlWlZ
[19] سيناريوهات مفتوحة للمواجهة الأعنف بين حماس وإسرائيل،العرب، 10 أكتوبر 2023، https://cutt.us/VZZhC
[20] الجيش الإسرائيلي: نستعد لتوسيع الهجوم وتنفيذ عملية برية واسعة، الأناضول، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[21] “طوفان الأقصى” و”السيوف الحديدية”.. أرقام وأحداث استثنائية ،سكاي نيوز ،10 أكتوبر 2023، https://cutt.us/Yw49h
[22] وزير الدفاع الإسرائيلي: حصار كامل على غزة، لا كهرباء، لا طعام ولا ماء ولا غاز،FRANCE24 ، 8 أكتوبر 2023، https://cutt.us/oP6UX
[23] وسيلة أمريكية للترويع الدولي.. قصة حاملة الطائرات «جيرالد فورد» وتهديدات الصين بتدميرها (تقرير)،المصري اليوم، 11أكتوبر 2023، https://cutt.us/sQ3ro
[24] مصادر: وزير الدفاع الأمريكي يأمر بتجهيز 2000 جندي لاحتمال إرسالهم لإسرائيل، CNN عربي 2023، 17 أكتوبر / تشرين الأول 2023
[25] نتنياهو يدعو الفلسطينيين إلى مغادرة غزة،هسبريس،7 أكتوبر 2023، https://cutt.us/llDQM
[26] القاهرة «قلقة» من «محاولات تهجير الفلسطينيين» إلى سيناء، الشرق الأوسط، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[27] طوفان غزة على باب مصر، مدى مصر، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023،
[28] مظاهرات بالقاهرة والمحافظات تلبية لنداء الرئيس برفض تهجير الفلسطينيين، الهيئة الوطنية للإعلام، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[29] اجتياح غزة بريا.. “مغامرة” إسرائيلية لها عواقب وخيمة،سكاي نيوز،13 أكتوبر 2023، https://cutt.us/mb834
[30] تحدث عن دور حزب الله.. خالد مشعل للعربي: مستعدون لكل السيناريوهات، التلفزيون العربي، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[31] Hanin Ghaddar, Hezbollah Miscalculations and the Gaza War, The Washington Institute for Near East Policy, October 12, 2023
[32] David Hearst, The Nakba that Israel has started will backfire, Middle East Eye, October 13, 2023
[33] Thomas L. Friedman, Why a Gaza Invasion and ‘Once and for All’ Thinking Are Wrong for Israel, The New York Times, October 16, 2023
[34] لماذا تعد أزمة الرهائن أصعب مهمة تواجهها إسرائيل على الإطلاق؟،BBC، 12 أكتوبر 2023، https://cutt.us/NzcEw
[35] إسرائيل: نتانياهو يواجه ضغوطا متزايدة بعد هجمات حماس المفاجئة،FRANCE24،، 12 أكتوبر 2023، https://cutt.us/SB5ri
[36] ما أبرز التطورات منذ هجوم القسّام يوم السبت والقصف الإسرائيلي على قطاع غزة؟،BBC، 7 أكتوبر 2023، https://cutt.us/V77Kf
[37] متحدث باسم الجيش الإسرائيلي يرد على تهديد حماس بقتل رهائن في غزة،CNN، 10 أكتوبر 2023، https://cutt.us/cw8Q2
[38] بلغ عددهم نحو 150 شخصا… هل يكبح الرهائن والأسرى الإسرائيليون لدى حماس خطوات نتانياهو التصعيدية؟، مونت كارلو الدولية، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[39] “حماس”: لن نتفاوض بقضية الأسرى الإسرائيليين تحت النار، الأناضول، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[40] الآفاق المنتظرة لحرب حماس وإسرائيل: قراءة أوّلية،مركز الاهرام للدراسات، 7 أكتوبر 2023، https://cutt.us/mJ6IK
[41] ضربة حماس تضاعف غضب الإسرائيليين من سياسات نتنياهو، صحيفة العرب، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[42] سيناريوهات الرد على حماس.. “القضاء على الحركة بالكامل يحتاج لوقت ولقرارات تتجاوز إسرائيل”،FRANCE24 ،9 أكتوبر 2023، https://cutt.us/84vDS
[43] «التصعيد أم الاحتواء؟».. سيناريوهات عملية «طوفان الأقصى» بعد إعلان إسرائيل حالة حرب،المصري اليوم ،9 أكتوبر 2023 ، https://cutt.us/2TieL
[44] “فلسطين التاريخية”.. التزايد السكاني للعرب يفزع إسرائيل (تقرير)، الأناضول، 27 ديسمبر/كانون الأول 2021
[45] هاجس أمني وسياسي.. لماذا تمثل الديموغرافيا الفلسطينية تهديدا للمشروع الصهيوني؟، صحيفة الاستقلال، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[46] الحرب في غزة تقرّب إسرائيل من تباطؤ اقتصادي حاد، الأناضول، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[47] “نزيف مستمر”.. حرب غزة تكبّد الاقتصاد الإسرائيلي فاتورة خسائر باهظة، الجزيرة، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[48] Ronen Bergman and Patrick Kingsley, How Israel’s Feared Security Services Failed to Stop Hamas’s Attack, The New York Times, October 10, 2023
[49] ماذا بعد “طوفان الأقصى”…سيناريوهات ونتائج،وطن، 10 أكتوبر 2023، https://cutt.us/Ksi7v
[50] ما هي سيناريوهات المرحلة المقبلة في غزة بعد طوفان الأقصى،عمان نت، 8 أكتوبر 2023، https://cutt.us/ikgqH