الاستراتيجية الصينية تجاه العالم العربي.. الأهداف والمصالح والآفاق المستقبلية

المحتويات
مقدمة
لمحة تاريخية عن العلاقات الصينية العربية
استراتيجية الصين تجاه العالم العربي
مصالح وأهداف الصين تجاه العالم العربي
آفاق مستقبلية في العلاقات الصينية العربية
خاتمة

مقدمة

هيمنت الولايات المتحدة على المجال السياسي العربي بخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي، وما رافق ذلك من الدور الذي لعبته أمريكا في حرب تحرير الكويت عام 1991، وأصبحت بذلك واشنطن العاصمة الأجنبية الأهم لأغلب الدول العربية، ولكن يبدو أن عصر الهيمنة الأميركية في المنطقة العربية في طريقه للتراجع نسبيًا أمام صعود صيني واضح، تتزايد معه المصالح الصينية حول العالم.

وعلى الرغم من تراث الاستعمار الغربي للدول العربية بصفة عامة، إلا أن العرب كانوا طيلة العقود الماضية أقرب للغرب. ولكن هذا الواقع قد لا يصمد أمام ما تشهده الصين من تطورات متسارعة، ستصل تبعاتها -بشكل أو آخر- للدول العربية.

وتاريخيًا، لم تلعب الصين دورًا مهمًا في سياسات الشرق الأوسط منذ التأسيس الحديث لها عام 1949، حيث تمحور دورها في تقديم دعم معنوي ورمزي فقط للحقوق الفلسطينية والعربية. ووازنت بكين بين عدة علاقات متشابكة ومعقدة. فهي تحافظ على علاقاتها مع الكيان الصهيوني من جهة، وعلى مصالحها في مصادر الطاقة العربية من جهة أخرى، كما  تجمعها علاقات جيدة بالغريمين، السعودية وإيران. [1]

وتدرك الصين أهمية العالم العربي الغني بموارد الطاقة الوافرة، خاصة مع ارتفاع نسبة واردات الطاقة الصينية من البترول والغاز العربي. كذلك يمثل العالم العربي سوقًا كبرى للمنتجات الصينية، بالإضافة لموقعه الجغرافي الإستراتيجي، الذي تزداد أهميته مع ظهور التوترات بين الصين وجيرانها في شرق آسيا.

وفي سياستها تجاه العالم العربي تركز الصين على نمو العلاقات الاقتصادية، ودعم البنية التحتية وتعزيز التعاون التجاري والتكنولوجي. وتنأى الصيـن بنفسـها عـن أن تكـون طرفًا فـي النزاعات أو الخلافــات الإقليميــة، وتحرص على ألا تمثل أية ضغوط أو تهديدات للأنظمة الحاكمة في العالم العربي، وبالأخص فإنها -على عكس بعض الدول الغربية- لا تفرض شروطًا متعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، للتعاون مع تلك الأنظمة.

ومع تزايد النفوذ الصيني داخل العالم العربي تبرز عدة أسئلة: ماذا تريد الصين من العالم العربي؟ وما استراتيجيتها تجاه المنطقة العربية؟ وهل ستظل سياسة التنين الحذر -التي تحاول فيها الصين الابتعاد عن الانخراط في نزاعات العالم العربي، متخذة موقف المحايد من قضاياه مع حرصها على التركيز على الجوانب التنموية والاقتصادية- هي سياستها الدائمة؟ أم أن إكراهات الواقع وضرورات الهيمنة تحتم عليها لعب دور أكبر في المستقبل القريب؟

هذا ما تحاول أن تجيب عليه هذه الدراسة من خلال سرد تاريخي للعلاقات بين الصين والعالم العربي، ثم البحث في استراتيجية وأهداف الصين تجاه العالم العربي، وأثر ذلك على العلاقات المستقبلية بينهما.

لمحة تاريخية عن العلاقات الصينية العربية

تعود العلاقات المعاصرة بين الصين والدول العربية إلى الفترة من نهاية الخمسينيات وحتى بداية ثمانينيات القرن العشرين. وكان تأسيس الصين الجديدة واستقلال الدول العربية قد بدأ بعهد جديد للعلاقات الودية الصينية العربية، حيث أُقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين وجميع الدول العربية البالغ عددها 22 دولة خلال الفترة ما بين عامي 1956 و1990. وكان موقف الصين داعمًا لحركات التحرر الوطني في العالم العربي، ودعم تطوير الاقتصاد القومي للدول العربية.

كما كان موقف الصين واضحًا من رفض الاعتداء الذي شنته بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني ضد مصر (العدوان الثلاثي) في أكتوبر/ تشرين الأول 1956. ولعبت الصين دورًا مهمًّا في السودان، وذلك لتعزيز حضورها في هذا البلد الغني بالموارد الزراعية، وإدخال العديد من السلالات الجيدة للقطن والقمح والذرة والفول ودوار الشمس.

وعندما أُعلن في القاهرة عن قيام الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في 19 سبتمبر/ أيلول سنة 1958 اعترفت بها الصين بعد 3 أيام فقط، وأصبحت أول دولة غير عربية تعترف بها. كما أن الصين أول دولة غير عربية اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، فضلًا عن مواقف أخرى كانت فيها الصين داعمة للدول والشعوب العربية.

وفي المقابل، كان الدعم العربي للصين في كافة المحافل الدولية كبيرًا أيضًا، حيث قدمت الدول العربية دعمًا قويًا للصين في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة، وفي قضية تايوان وغيرها.[2]

وإذا ما نظرنا إلى العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، سنجد أن مصر هي أول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية (مايو/ أيار 1956)، والسعودية هي آخر دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين (يوليو/ تموز 1990).[3]

وما بين مصر والسعودية، جاء ترتيب إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول العربية، على النحو التالي: سوريا والعراق في أغسطس/ آب 1956، اليمن في سبتمبر/ أيلول 1956، المغرب في نوفمبر/ تشرين الثاني 1958، الجزائر في ديسمبر/ كانون الأول 1958، السودان في فبراير/ شباط 1959، الصومال في ديسمبر/ كانون الأول 1960، تونس في يناير/ كانون الثاني 1964، موريتانيا في يوليو/ تموز 1965، جيبوتي في يناير/ كانون الثاني 1971، الكويت في مارس/ آذار 1971، لبنان في نوفمبر/ تشرين الثاني 1971، الأردن في أبريل/ نيسان 1977، ليبيا في أبريل/ نيسان 1978، سلطنة عُمان في مايو/ أيار 1978، الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني 1984، قطر في يوليو/ تموز 1988، البحرين في أبريل/ نيسان 1989.

وأقامت الصين علاقات دبلوماسية مع دولة فلسطين في نوفمبر/ تشرين الثاني 1988، بعد أن أعلن ياسر عرفات قيام دولة فلسطين، عاصمتها القدس الشريف، في الخامس عشر من الشهر نفسه، في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر.

جاء التطور المتسارع فى العلاقة البينية بعد توقيع وثيقة لإقامة تعاون استراتيجي شامل بين كلا الجانبين، قائم على التنمية المشتركة عام 2010، تأسيسًا على ما تم عام 2005 من توقيع عدد كبير من الدول العربية لعدد من الاتفاقيات الثقافية مع الصين.

وساعدت هذه الاتفاقيات على خلق ثقة متبادلة، سهلت انضمام مزيد من الدول العربية وتأييدها لعدد كبير من المبادرات الصينية، سواء على الصعيد الإقليمي والدولي مثل مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية والأمن العالمية، ومبادرة الوساطة العالمية، ومؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا ومنظمة شنغهاي للتعاون (SCO).

وأصبحت لبكين مصالح اقتصادية واستراتيجية كبيرة في الوطن العربي. ومؤخرًا شهدت العلاقات الصينية العربية تطورًا كبيرًا على مستويات عدة حيث وُقع عدد من المذكرات لتعزيز الأمن والاستثمارات في المنطقة. كذلك، تعتبر الدول العربية داعمًا أساسيًا وكبيرًا لمبادرة الحزام والطريق الصينية، التي شهدت انضمام 20 دولة عربية. وتستمر الصين في جذب الدول للمبادرة لما سيعود عليها وعلى دول طريق الحرير من نفع كبير، وفق الرواية الصينية.[4]

استراتيجية الصين تجاه العالم العربي

على المستوى الرسمي، لم تصرح بكين علنًا عن استراتيجية متكاملة تجاه العالم العربي، وفقا لما ذكره معهد “راند” الأمريكي،[5] غير أنه يمكن التعرف على ملامح استراتيجيتها من خلال تحليل سياساتها ومشاريعها واتفاقياتها وبؤر نشاطها ومراكز اهتمامها في المنطقة العربية. ومن خلال متابعة سياسة الصين تجاه المنطقة، يمكن القول إن لها أولويات تتناسب مع مصالحها؛ كمواصلة التنمية الاقتصادية، وضمان استمرار الحفاظ على مصادر الطاقة، في سعيها إلى الحفاظ على التوازن الاستراتيجي العالمي للطاقة وتحقيق أمنها الطاقوي، وتحديث جيشها.

وفي ذلك، تركز بكين على استثمار جوانب ضعف النفوذ الأميركي، نتيجة الحرب في العراق وأفغانستان، والفشل في إيجاد تسوية للصراع العربي مع الكيان الصهيوني، والموقف الشعبي المعادي للولايات المتحدة في أغلبية مناطق الوطن العربي، للحد من النفوذ الأميركي وتوسيع النفوذ الصيني فيه.[6]

وتعــد سياســة الصيــن تجــاه الشــرق الأوســط محــدّدة بالضــرورة بسـياق إقليمـي معقّـد، ينطـوي علـى العديـد مـن المنافسـات بيـن دول الإقليـم مـن جهـة وبيـن القـوى العظمـى مـن جهـة أخـرى. وفي هـذا الصـدد، تنـأى الصيـن بنفسـها عـن أن تكـون طرفًا فـي النزاعات أو الخلافــات الإقليمية. فعلــى ســبيل المثال، تحــرص بكين علــى تجنب الانحيـاز لأي طـرف فـي المواجهـة الإيرانيـة-السـعودية؛ فالزيـارة الأولــى للرئيــس الصينــي، شــي جيــن بينــغ، إلــى الشــرق الأوســط، شـملت المملكـة العربيـة السـعودية وإيران[7]، ورفـع خلالهـا مسـتوى العلاقــات الصينيــة مــع الدولتيــن لتصبــح “شــراكة اســتراتيجية شــاملة”.

والأمر هو ذاته فيما يتعلق بطريقــة تعاطــي الصيــنّ مـع الخلافات العربيـة، حيـث تفضـل الصيـن التعاطي مـع جامعـــة الــدول العربيــة كطرف أساســي للحــوار مع العرب.[8] كما أنها تحاول التدخل -على استحياء- في الصراع العربي الإسرائيلي. وبناء على ذلك، أقام “المعهد الصيني للدراسات الدولية”، أربع حوارات سلام استضافتها بكين منذ عام 2006، كما رحب بالجانبين (الإسرائيلي والفلسطيني) لإجراء جولات إضافية من المحادثات المباشرة في العاصمة الصينية.[9]

ويتضــح ممــا ســبق، أن السياسة الصينية تجاه العالم العربي تقــوم علــى بنــاء علاقــات ثنائية مع دول المنطقة، دون توفّــر رؤيــة استراتيجية إقليمية متكاملة، إذ تســعى الصيــن إلــى بنــاء شــراكات استراتيجية، مــع الحــد بشــكل كبيــر مــن الالتزامــات الأمنيــة أو المواقــف السياسـية، حيث إنها تنتهج سياسة حذرة، تخشى فيها على مصالحها في المنطقة.
وفي بناء سياستها تجاه العالم العربي تسترشد الصين بمبادئ وأولويات تضمَّنتها بعض وثائقها، على رأسها “وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية“،[10] الصادرة عام 2016. والجدير بالذكر هنا أن هذه الوثيقة لا تخالف ما ذكره معهد “راند”، ونقلناه أعلاه، من أن الصين ليس لديها استراتيجية معلنة تجاه المنطقة. حيث إن هذه الوثيقة تذكر بعض الدعوات العامة حول التعاون السياسي والأمني والاقتصادي بين الصين والدول العربية. لكنها لم تتعرض لمشكلات الشرق الأوسط، كالقضية الفلسطينية أو الخلاف السعودي الإيراني.

وقد حددت هذه الوثيقة خمسة مبادئ تحكم علاقتها بالدول العربية، هي: الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي. وفي الحقيقة، فإن هذه المبادئ لا تخص المنطقة العربية فقط، بل تزعم بكين أنها مبادئ ثابتة في سياستها الخارجية بشكل عام.[11]

وأظهرت الوثيقة تفضيل الصين دعم الروابط الاقتصادية والمساعدة الإنمائية على أي أدوار أخرى. ولذلك ظلت بكين حريصة على عدم التدخل والنأي بالنفس عن النزاعات والخلافــات الإقليمية، وبالتالي ظل تأثيرها هامشيًا في هذه المنطقة. لكنها استطاعت في المقابل بناء مصالح عميقة و متنامية فيها، فقد بلغ حجم التجارة مع العالم العربي عام 2021، مثلًا، حوالي 330 مليار دولار، ووقعت خلال العقد الماضي 15 اتفاقية “شراكة استراتيجية” مع الدول العربية.[12]

مصالح وأهداف الصين تجاه العالم العربي

خلال السنوات الماضية، أصبحت الصين تولي أهمية أكبر للعالم العربي، ففي حين تنشط بكين على نحو متزايد لتوسيع دائرة نفوذها حول العالم، فإن بعض المناطق تحظى بأهمية استراتيجية خاصة. ويعتبر الشرق الأوسط والعالم العربي أهم منطقة في العالم بالنسبة لبكين خارج منطقة آسيا والمحيط الهادئ؛ بسبب موارد الطاقة الوافرة فيه وموقعه الجغرافي الإستراتيجي المركزي، خاصة مع ظهور التوترات بين الصين وجيرانها في شرق آسيا.

فالصين حاليًا هي أكبر شريك تجاري للدول العربية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 330 مليار دولار أميركي عام 2021، بعد أن كان نحو 36.7 مليار دولار عام 2004.

ومع تصاعد الصين ونموها الاقتصادي، ازداد طلبها على النفط، فباتت أكبر مستورد للنفط الخام عالميًا، وهي تستورد نصف احتياجاتها منه من البلدان العربية، إذ إنَّ هناك 5 دول عربية من بين أكبر 10 دول موردة للنفط إلى الصين (السعودية، العراق، عمان، الكويت، الإمارات)، والسعودية أكبر مصدر لواردات الصين من النفط، حيث شكلت وحدها 17.4 بالمئة من إجمالي واردات الصين من النّفط الخام في العام 2021. [13]

وبلغت استثمارات الصين في الدول العربية 213.9 مليار دولار، وارتفعت بنسبة 9 بالمئة (17 مليار دولار) خلال 2021، وكانت استثماراتها 196.9 مليار دولار في نهاية 2020.

وللدول العربية دور كبير في مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، التي انضمَّت إليها 20 دولة عربية، وعمد بعضها إلى مواءمة استراتيجيتها التنموية مع المبادرة، منها رؤية مصر 2030، ورؤية السعودية 2030، ورؤية الأردن 2025، ومشروع مدينة الحرير الكويتي، ومشروع مدينة محمد السادس الذكية في طنجة المغربية.[14]

وفي علاقاتها بالعالم العربي تسعى الصين إلى الحفاظ على مصالحها وتوسيع دوائر نفوذها وضمان استقرارها من خلال:

تأمين احتياجاتها من الطاقة:

علــى أثــر النمــو الاقتصــادي الســريع فــي الصيــن، تزايــدت احتياجاتهــا مــن الطاقــة، خاصــة بعــد انتقالهــا فــي عــام 1993 مــن دولــة مكتفيــة بقدراتهــا الإنتاجيــة مــن مصــادر الطاقــة إلــى دولــة مستوردة لهــذه المصــادر.

وتدرك الصين أهمية المنطقة العربية التي تطفو فوق مخزون من النفط يناهز 657 مليار برميل، أي ما يعادل نحو 40 بالمئة من الاحتياطيات العالمية، وهي المنطقة نفسها التي تحصل منها بكين على ما يقرب من نصف احتياجاتها السنوية من النفط.[15]

وفــي عــام 2017، أصبحــت الصيــن رسميًا أكبــر مســتورد عالمــي للنفـط الخـام، بعـد أن تجـاوز إجمالي إيراداتها مـن النفـط إجمالي إيرادات الولايات المتحــدة منــه، وفقًا لإدارة معلومــات الطاقــة الأمريكيـة. ولكـون منطقـة الشـرق الأوسـط تتمتـع بوفرة فـي مصـادر الطاقـة؛ فـإن أحـد أهـم المصالـح الصينيـة فـي المنطقـة يكمـن فـي اسـتمرار حصولهـا علـى تدفـق ثابـت مـن مواردهـا مـن الطاقـة.

وبحســب البيانــات المتوفــرة لعــام 2017، والتي وردت فــي تقريــر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) فــي عــام 2019، فقـد استوردت الصيـن حوالي 8.4 مليـون برميـل مـن النفـط فـي اليـوم خلال تلك السنة، منهـا 3.9 مليـون برميـل مـن مجلـس التعـاون الخليجـي.

وفــي عــام 2018، بلــغ حجــم صادرات النفط العربــي إلــى الصيــن حوالي 107.7 مليار دولار، وتأتي 3 دول عربيــة ضمــن الــدول الخمـس الأولـى التـي استوردت الصيـن منهـا احتياجاتهـا مـن النفـط فــي العــام ذاتــه؛ وهــي: الســعودية[16] (فــي المركــز الثانــي بقيمة 29.7 مليـار دولار)، والعـراق (فـي المركـز الرابـع بقيمـة 22.4 مليـار دولار)، وسلطنة عُمــان (فــي المركــز الخامـس بقيمة 17.3 مليــار دولار). [17]

ووفقًا لأحد المحللين الصينيين الذي كتب في صحيفة بارزة متخصصة بالشؤون الدولية في عام 2014، فإن “الشرق الأوسط سيبقى أكبر مصدر للواردات النفطية إلى الصين، وهذه هي الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط في نظر بكين”.[18]

كسر الحصار الجغرافي:

تحاول الصين كسر سياسة التطويق التي تفرضها عليها الولايات المتحدة في المحيط الجغرافي الصيني، حيث كوّنت الولايات المتحدة شبكة حلفاء في المحيط الصيني مع دول مثل كوريا الجنوبية واليابان.

وتتمركز القوة الأمريكية البحرية والجوية بكثافة في هذه المنطقة، وتعزز الولايات المتحدة علاقاتها الأمنية مع جيران الصين، كالهند و أستراليا والفلبين، بالإضافة إلى بسط النفوذ السياسي والعسكري على جزيرة تايوان، التي تعتبرها الصين جزءًا منها.

ومن وجهة نظر بكين، يطرح كل ذلك السؤال حول كيفية الرد على هذه السياسة الأمريكية، واختراق ما يبدو أنها استراتيجية تطويق للتنين الصيني.

واقترح في هذا الإطار بعض المحللين الصينيين “تقدم الصين غربًا؛ لأن استراتيجية التطويق الأمريكية لا تبدو قوية في آسيا الوسطى والعالم العربي والشرق الأوسط. حيث لا تملك واشنطن في أقصى الغرب الصيني شبكة تحالفات لمنع الصين من اختراق التطويق؛ وبالتالي تتوفر أمام الصين فرص أكبر لتحسين علاقاتها وتوسيع نطاق نفوذها الجغرافي السياسي والإقتصادي في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وما بعدهما”.[19]

العرب ومبادرة الحزام والطريق:

في سبتمبر/ أيلول من عام 2013، أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال زيارته إلى كازاخستان عن خطته لتأسيس طريق حرير جديد يصل الصين ببقية العالم القديم، تحت مسمى “الحزام والطريق”، باستثمارات متوقَّعة تتراوح ما بين 4 و8 تريليونات دولار، وتدرك الصين أهمية المنطقة العربية لتأمين أمن العالم من الطاقة، وكجزء من مبادرة الحزام والطريق.

ليس هذا فحسب؛ فالمنطقة بموقعها الذي يمتد بين آسيا وأفريقيا، تطل على منافذ حيوية للتجارة العالمية، بدءًا من مضيق هرمز الذي يمر عبره 30 بالمئة من النفط المنقول بحرًا، مرورًا بمضيق باب المندب، الذي تمر عبره قرابة 25 ألف سفينة سنويًا، وصولًا لقناة السويس التي تُعدُّ أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب، ويمر عبرها 40 بالمئة من بضائع العالم.

تلك المنافذ ترتبط أيضًا بالتبادل التجاري الصيني الضخم مع المنطقة العربية، والذي يناهز 330 مليار دولار سنويًا. ولا يتضمن هذا الرقم استثمارات البنية التحتية في إطار “الحزام والطريق”، والتي بلغت تدفقاتها من جانب الصين أكثر من 120 مليار دولار، بين عامي 2016 و2020. [20]

وقـد تزايـدت الاستثمارات الصينيـة فـي منطقـة الشـرق الأوسـط بعد إعـلان الرئيـس الصينـي عـن إطـلاق مبـادرة “الحـزام والطريــق”، وبنــاء علــى “الإعــلان التنفيــذي الصينــي العربـي” الخـاص بالمبادرة الصينية، والصـادر فـي بكيـن عـام 2018، فقـد وقعـت 9 دول عربيـة علـى وثائـق تعاون في إطار مبادرة الحـزام والطريـق، إضافـة إلـى توقيع 5 دول عربيـة علـى التعـاون فـي مجـالات الطاقة الإنتاجية.

وهنـاك 7 دول فـي المنطقـة العربيـة أصبحـت مـن الأعضاء المؤسسـين في البنك الآسـيوي للاسـتثمار فــي البنيــة التحتية. ووفقــًا لــــموقع “NS Energy Business”،  فقــد تضاعفت مشــاركة الصيــن فــي تطويــر البنــى التحتيــة فــي منطقتــي الشــرق الأوســط وشــمال أفريقيــا، حيــث ارتفــع إجمالي الإنفاق السـنوي علـى المشـاريع التـي تضـم مقاولين صينيين مـن 13 مليــار دولار خــلال عــام 2014، إلــى 24 مليــار دولار عام 2018.[21]

الاستقرار الداخلي (العرب ومسلمو الأويغور):

باتت الصين ترى في الشرق الأوسط امتدادًا استراتيجيًا لمحيطها، ويخشى قادتها من انعكاسات عدم الاستقرار في هذه المنطقة على الاستقرار الداخلي للصين. فبعد تفكك الاتحاد السوفييتي، برزت مجموعة من البلدان الإسلامية في آسيا الوسطى، وقلص هذا الواقع المسافة الجغرافية بين الصين والشرق الأوسط. فالمنطقة الغربية في الصين كانت في الأصل مجاورة للشرق الأوسط، وارتبطت به منذ زمن طويل عبر طريق الحرير. وتجمع بين المنطقتين أوجه شبه متعددة، وعلاقات وثيقة على الصعيد العرقي والديني والثقافي.

ويؤثر الشرق الأوسط في حالات انعدام الأمن الصيني في ما يتعلق بالاضطرابات العرقية في المناطق الحدودية الداخلية النائية، التي تسكنها أقليات قومية مثل الأويغور والتبتيين (Tibetans).

وقد ظهرت عدة مشكلات تخص الأقليات في الصين خلال السنوات الماضية. فأقلية الأويغور -التي يتحدث بعضها باللغة التركية، والتي تقطن إقليم سينكيانغ الغربي- يقدر عددهم بنحو 11 مليون نسمة، ولديهم حركات سياسية تطالب بالانفصال عن الصين وإقامة جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية[22]. وأعرب الحزب الشيوعي الصيني عن قلقه من احتمال تحول التعاطف الإقليمي مع الأويغور إلى دعم معنوي ومادي لهم.[23]

 وتعمل بكين بجهد على تثبيط الدعم الخارجي، لما يصفه الحزب الشيوعي الصيني على أنه “إرهاب وانفصالية وتطرّف المنشقين في سينكيانغ”.

ويكمن أكبر مخاوف الصين في تحوّل نضال الأويغور إلى نضال إسلامي عالمي، على غرار الحرب ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي. كما تخشى بكين على وجه الخصوص من انتشار الأيديولوجية الجهادية السنية في صفوف الأويغور.

ويقرّ المحللون الصينيون بأن ما يُنظر إليه بوصفه محنة المجموعة العرقية المضطهدة في غرب الصين يلقى تعاطفًا في الشرق الأوسط. وبالتالي، لا تألو بكين جهدًا في التصدي لأي بلد أجنبي يُعبّر عن دعم رسمي أو شعبي للأويغور.

ونجحت الصين حتى الآن في تحقيق هدفها، خاصة مع جل حكومات المنطقة تقريبًا، أما الشعوب فلا تزال تتعاطف مع قضية الأويغور، كواحدة من قضايا الأقليات المسلمة المضطهدة حول العالم.[24] أما أبرز الاستثناءات لموقف حكومات المنطقة من قضية الأويغور، فتأتي من خلال تصريحات القادة الأتراك التي أدانت القمع الصيني للاضطرابات العرقية في كسنغيانغ، غير أن هذه التصريحات التركية معدودة أيضًا.[25]

وبالإضافة إلى ذلك، شعر القادة الصينيون بالقلق حيال  تظاهرات الربيع العربي، التي بدأت في تونس في عام 2011، قبل أن تطيح بالأنظمة الدكتاتورية في عدة دول عربية. فلقد أعاد الربيع العربي إحياء مخاوف الحزب الشيوعي الصيني من اضطرابات سياسية، حدثت عام 1989، داخل المنطقة المركزية في الصين، التي تطغى عليها أغلبية عرقية من الهان. وتخوفت بكين من شبح “ثورة الياسمين” التونسية، التي تبعها موجة انتفاضات في الشرق الأوسط.

وعلى ذلك، فإن قلق الصين من أن تمتد إليها ثورات الربيع العربي أو القلاقل السياسة في المنطقة، فضلًا عن قلقها من دعم الدول العربية والإسلامية لأقلية الأويغور، يعد أحد أسباب ازدياد اهتمامها بالعالم العربي.

محورية العامل الاقتصادي:

حقــق الاقتصــاد الصينــي النمــوَّ الأكبــر لــه فــي التاريــخ المنظــور خـلال الــ 25 سـنة الماضيـة، ويسـتمر فــي تحقيــق نمـو عــام بشـكل ســنوي. وبالتالي، تنظــر الصيــن إلــى الشــرق الأوســط علــى أنــه ســوق جديــدة لدعــم نموهــا الاقتصــادي ومصــدر لتأميــن احتياجاتهــا مــن الطاقـة. ويمكـن قـراءة التعـاون الاقتصـادي والتنموي لمشـاركة الصين مــع دول الشــرق الأوســط فــي ثــلاث وثائــق صينيــة رســمية؛ هــي:

 الأولى:  “وثيقــة سياســة الصيــن تجــاه الــدول العربيــة” عــام 2016.

الثانية: “خطــة الرؤيــة والإجراءات” عــام 2015، التــي تضمنــت مبــادرة “الحــزام والطريــق”، وطريــق الحريــر البحــري للقــرن الــ 21.

الثالثة: “الإعــلان التنفيــذي الصينــي العربــي” عــام 2018. [26]

ويركـز إطـار التعـاون الموضـح فـي هـذه الوثائـق علـى مجـالات التجــارة والاســتثمار فــي منطقــة الشــرق الأوســط، والطاقــة، وإقامة البنى التحتية.

فعلى صعيد الاستثمارات بين الصين والعالم العربي، أدت سلســلة مــن المشــاريع والاســتثمارات الصينيــة فــي منطقــة الشـرق الأوسـط إلـى تعزيـز التواجـد الاقتصـادي الصينـي، وجعلت منـه جـزءًا رئيسـيًا فـي اقتصاديات الشـرق الأوسـط.

ووفقـًا لتقريـر صــادر عــام 2020 لمؤسســة “American Enterprise”، والــذي تطــرق للحديــث عــن الاستثمارات الصينيــة لعــام 2019، فقــد تمكنــت الصيــن مــن زيــادة حجـم اســتثماراتها فــي منطقــة الشـرق الأوســط وشــمال إفريقيــا فــي الفتــرة الممتــدة مــا بيــن (2005 – 2019) إلــى 200 مليــار دولار، وتشــارك الصيــن فــي العديــد مــن مشــروعات البنــى التحتيــة فــي جميــع أنحاء المنطقــة.

ووفقًــا لتقديــرات منصــة التحليــل الجيوسياســي “Mena Pacs”، فــإن مـا يقـارب مـن ثلاثة أربـاع إجمالـي الاسـتثمارات الصينيـة فـي الشـرق الأوســط موزعــة بيــن ثــلاث دول عربية رئيســية؛ هــي: مصــر، والمملكــة العربيــة الســعودية، والإمــارات العربيــة المتحــدة.

وقد نمــت العلاقــات التجاريــة بيــن الصيــن ودول الشــرق الأوســط نمــوًا مطـردًا خـلال العقـد الماضي؛ الأمـر الـذي شـكل مصـدرًا للقلـق لـدى الـدول الصناعيـة. ويعـود هـذا النمـو إلـى أن الصيـن شـريك مرغـوب فيــه لوفــرة بضائعهــا وزهــد أســعارها. [27]

وللمـرة الأولـى منــذ عــام 2007، تفـوق حجـم التبـادل التجـاري الصينـي على حجم التبـادل التجـاري الأمريكـي مـع دول المنطقـة”.[28] وبهذا أصبحت الصين من أهم الشركاء الاقتصاديين التي تعتمد عليهم المنطقة العربية، وأصبحت المنطقة العربية من أهم الأسواق المستوعبة للمنتجات الصينية.[29]

المساعدات الإنسانية والإنمائية:

بخـلاف التجـارة والاسـتثمار؛ فقـد بـدأت الصيـن بتقديـم المسـاعدات الإنســانية والإنمائية إلــى دول الشــرق الأوســط وشــمال إفريقيــا. ووفقـًا للمجلـس الأوروبـي للعلاقـات الخارجيـة  (ECFR)، فقـد قدمت الصيـن 100 مليـون دولار لبعثـة الأمـم المتحـدة لحفـظ السـلام فـي الصومـال  عـام 2015.[30]

المساعدات الصينية للدول العربية: قدمت الصين في سنة 2018 حزمة مساعدات للدول العربية تصل إلى نحو 23 مليار دولار. كان قرابة 87 بالمئة منها على شكل قروض تخصص لتطوير مشروعات وإيجاد فرص عمل، كما أن 6 مليون دولار من هذه المساعدات كانت في صورة مساعدات إنسانية وإنشائية لكل من سوريا، واليمن، والأردن، ولبنان.

كما أقرضت الصين مصر بمبلغ يصل إلى 1.2 مليار دولار، لإنشاء قطار كهربائي بطول 68 كم، يصل إلى العاصمة الإدارية المصرية الجديدة. كما حصلت مصر على استثمار صيني لإنشاء 18 برجًا في منطقة الأعمال في العاصمة الإدارية الجديدة، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وقدمت الصين 85 بالمئة منها في صورة قرض يبدأ سداده بعد عشرة أعوام، أي سنة 2030 تقريبًا. [31]  

وتقرض الصين الدول العربية بلا شروط حقوقية أو شروط تخص السياسات الداخلية للدول، ولذلك فهي أحد الخيارات المفضلة لحكومات المنطقة، خاصة أنها لا تفرض شروطًا متعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، في وقت تواجه فيه بعض الدول العربية صعوبة الحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد والبنك الدوليين.

إضافة إلى أن القروض الصينية تستهدف بالدرجة الأولى البنية التحتية في الدول العربية، خاصة الموانئ والطرقات والسكك الحديدية، وخطوط النقل والإمداد، وذلك لكي تتمكن من غزو الأسواق العربية عن طريق التسويق لسلعها.[32]

آفاق مستقبلية في العلاقات الصينية العربية

لطالما ساد انطباع بأن العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والصين تتمحور حول استيراد النفط من منطقة الخليج، أو التعاون مع الصين في تنفيذ بعض مشروعات البنية التحتية، وبالأخص في مجال الإنشاءات. بيد أن هذا المشهد بصدد التغير في ضوء المباحثات التي شهدتها القمة العربية الصينية الأخيرة، التي انعقدت، في ديسمبر/ كانون الأول 2022، والتي تدلل على أن الفترة القادمة ستشهد بداية تحولات أعمق في العلاقات بين الصين والدول العربية. ويمكن رصد أهم ملامح هذه التحولات فيما يلي:

التعاون في مجال  التكنولوجيا:

 تعد رقمنة الاقتصاد المحرك الرئيسي لنمو الاقتصادات وتعزيز جهود التنوع الاقتصادي، خصوصًا في دول الخليج. فالاقتصاد الرقمي ينمو في دول الخليج بشكل أسرع بمعدل مرتين من الاقتصادات المتقدمة، الأمر الذي يخلق فرصًا حقيقية للتعاون بين الصين ودول الخليج، في مجالات مثل إنشاء مراكز البيانات الضخمة، والمدن الذكية، ودعم البنية التحتية للألياف الضوئية. وتمتلك شركات الاتصالات الصينية، التي تعمل بتقنية (5G)، حصصًا سوقية مهمة في دول المنطقة، وتُعد تلك التقنية مكونًا أساسيًا لدعم تطوير “الموانئ الذكية” وتعزيز الكفاءة التشغيلية لها.

وربما يكون التعاون في مجال “التكنولوجيا النووية” على وجه الخصوص، أحد مجالات التعاون المستقبلية بين الصين وبعض الدول العربية. فالصين من الدول التي تمتلك طاقة نووية، سواء في الاستخدامات المدنية أو العسكرية. وقد نجحت الصين فى تفجير قنبلتها الذرية الأولى عام 1964، وكان ذلك مؤشرًا على قدرتها على تحقيق اختراقات تقنية.

وفى ظل الحصار التكنولوجى الذى تحاول دول الغرب فرضه على الصين خلال هذه الآونة، فإن مجال “التكنولوجيا النووية” قد يكون أحد أهم أوجه التعاون المستقبلي بين الجانبين العربي والصيني، خاصة مع إعلان دول -مثل مصر، والسعودية، والأردن- عن عزمها دخول مجال الطاقة النووية.[33]

اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج:

 من المتوقع أن تُنجَز الصيغة النهائية لاتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج قريبًا، ويُستَدل على ذلك بتصريح السفير الصيني لدى دولة الإمارات، تشانغ ييمينغ، الذي قال فيه إن المفاوضات حول هذه الاتفاقية قد دخلت “المرحلة النهائية والحاسمة”، وإن الجانبين قد اتفقا على معظم القضايا.

ومن شأن هذه الاتفاقية، المساهمة في إضفاء طابع مؤسسي على العلاقات الاقتصادية بين الصين ودول الخليج، وتهيئة الطريق لتصبح هذه الدول مركزًا للتجارة الصينية خلال العقود القادمة، فضلًا عن أن توقيع الاتفاقية وتفعيلها سيعزز آفاق التعاون التجاري في مجالات غير النفط، لا سيما التقنيات والمنتجات التكنولوجية المتعلقة بالطاقة المتجددة، وإقامة منطقة تجارة حرة مشتركة.[34]

تعزيز النفط العربي لمكانة اليوان بالعالم: 

في ديسمبر/ كانون الأول 2022، اقترح الرئيس “شي” خلال فعاليات القمة الصينية الخليجية إمكانية اعتماد دول الخليج على “بورصة شنغهاي العالمية للطاقة لتداول العقود الآجلة للنفط” المقومة باليوان، والتي أسستها الصين عام 2019[35]. واعتبر البعض هذه الدعوة الصينية خطوة نحو تسعير عقود النفط بالمنطقة باليوان الصيني بدلًا من الدولار الأمريكي[36].

وقد تكرر التلميح السابق مرارًا في الفترة الماضية ولم يفضِ إلى نتائج ملموسة، إلا أنه في ظل الزخم الحالي في العلاقات العربية الصينية، ورغبة الدول العربية، خصوصًا الخليجية، في تحقيق مزيد من التوازن في شبكة تحالفاتها وعلاقتها الدولية، فمن المحتمل أن يتباحث الجانبان، خلال الفترة المقبلة، بشكل جاد حول آليات تطبيق استخدام اليوان لتسعير بعض صفقات النفط مع الصين.

علاوة على ما سبق، قد تتزايد أيضًا احتمالية اتجاه  البنوك العربية لإصدار سندات مالية باليوان، وهو توجه سعت إليه عدة دول في المنطقة مؤخرًا، ومنها مصر. حيث التقى وزير مالية النظام المصري، محمد معيط، مع سفير الصين لدى القاهرة، لياو ليتشيانج، وبحثا التعاون لإصدار سندات مصرية باليوان في السوق الصينية، خاصة بعد أن أضاف صندوق النقد الدولي اليوان الصيني ضمن سلة العملات التي تتألف منها حقوق السحب الخاصة، إلى جانب العملات الأربع المدرجة من قبل وهم الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني[37]، ومن شأن هذه الجهود أن تعزز تدويل اليوان.

تعزيز الحضور الأمني:

تركز الصيـن علـى التنميـة والعلاقات المتبادلة في العالم العربي، مــع محاولتها للنــأي بنفســها عــن الخلافــات والنزاعــات الإقليميــة. وقد يكـون ذلـك صحيحًا مـن الناحيـة النظريـة، إلا أن الممارسة العملية لدور الصيـن، فـي منطقـة كالشـرق الأوسـط، أكثـر تعقيـدًا، حيث يتزايــد النشــاط الدبلوماسي والأمني الصينــي فــي المنطقــة، ويبدو أن بكين ستكون مضطرة لزيادة هذا الدور والانخراط في نزاعات العالم العربي والشرق الأوسط في المستقبل.

هذا الانخراط يترافق مع التطلعات الصينية في المنطقة، من حيث مشاركتها الاقتصاديــة مــع بعــض دول المنطقــة ومصالحها المتزايدة فيهــا، وحجــم رؤيتهــا لمبادرة “الحــزام والطريق”، بالإضافــة إلــى ضـرورة ضمــان ســلامة المقيمين الصينييــن المتواجدين فــي منطقــة الشـرق الأوسـط، والذين تقدر أعدادهم بحوالي 550 ألف مواطـن صينـي؛ وفقًا لدراسة «The Red Star and the Crescent» الصـادرة عـن جامعـة جـورج تـاون فـي قطـر.

كل ذلـك يأتـي فـي وقـت يقـل فيـه اعتماد الصيـن علـى البنيـة الأمنية التـي تقودها الولايات المتحــدة الأمريكيــة، مــع التحول الاستراتيجي للولايــات المتحـدة نحــو شــرق آســيا. وجميــع هــذه العوامــل ســوف تــؤدي إلــى زيــادة المشـاركة الصينية في شؤون الأمن والسياسة في الشـرق الأوسـط.

ويمكـن تتبــع مســار التدخــلات السياسيــة والأمنيــة للصيــن فـي المنطقـة؛ فوفقًا للمجلـس الأوروبـي للعلاقـات الخارجيـة “ECFR”، فقد أبرمت الصيــن خــلال الأعوام الماضيــة اتفاقيات شــراكة مــع 15 دولـة مـن الشـرق الأوسـط، لتشـارك فـي مهمـات مكافحـة القرصنـة والأمــن البحــري فــي كل مــن بحــر العــرب وخليج عــدن.

وفـي فبراير/ شباط 2016، أنشأت الصيـن أولى قواعدها للدعـم اللوجستي لجيـش التحريـر الصينـي فـي الخـارج فـي دولـة جيبوتي. وهـي قاعـدة عسكرية مجهـزة لاسـتيعاب مـا يقـارب مـن 10 آلاف جنـدي. كما أن الصيــن تخطــط قريبــًا لإنشاء قواعد عسكرية إضافية لها في منطقة الشرق الأوسط؛ حسب التقرير السـنوي للكونغـرس الأمريكي حـول القـوة العسـكرية الصينيـة لعـام 2019.[38] [39]

وتـؤدي الصيـن دورًا متزايدًا فـي عمليـات حفظ السـلام فـي المنطقة؛ وفقًــا لبيانــات عمليــات حفــظ الســلام التابعـة للأمــم المتحــدة؛ فقــد بلــغ عــدد الجنود الصينيين عــام 2019 فــي جنــوب الســودان 103 جندي، إضافــة إلــى  410 جنديــا فــي لبنــان.

وقـد وصف تقرير «China’s Foreign Policy Experiment in South Sudan»  لعــام 2017، الــدور الصينــي فــي جنــوب الســودان علــى أنــه تغييــر كبيــر فــي نهــج الصيــن بعــدم التدخــل فــي المنطقــة، مــن خــلال الحصــول علــى تفويض الأمــم المتحــدة للوساطة وحمايـة المدنيين، وعلـى موافقـة مـن الاتحاد الأفريقي ودول الجوار.

وبنــاء علــى مــا ســبق، قــد تجــد الصيــن نفســها مجبــرة علــى أن تــؤدي دورًا أمنيــًا فــي الشــرق الأوســط إذا مــا أرادت الحفــاظ علــى أمــن طرقهــا التجاريــة واســتثماراتها، وحينهــا ســتجد نفســها أمــام إشـكالية تناقـض الركيـزة الأساسـية فـي سياسـتها الخارجيـة والتـي أعلنتها فــي “وثيقــة سياســة الصيــن تجــاه الــدول العربيــة” لعــام 2016، والمتمثلة فـي عـدم التدخـل فـي الشـؤون الداخليـة للـدول الأخــرى، وفــي مبــدأ التعايش السلمي، وغيرهــا مــن المبــادئ الخمســة المذكــورة فــي الوثيقــة.[40]

ويمكن الرجوع هنا إلى ما أورد مركز المسار، في ترجمة له بعنوان: “الدور الصيني في الشرق الأوسط.. زيادة النفوذ وتهديد الهيمنة الغربية“، حيث ذكرت الورقة بعض ملامح زيادة اهتمام الصين بالشرق الأوسط، من المنظور الأمني، والعقبات التي تعترضها.

التعاون في تقنيات الطاقة المتجددة: 

من المتوقع أن تدعم الصين جهود الدول العربية في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والبحث عن مصادر أكثر استدامة للطاقة، وذلك من خلال الدخول في شراكات لبناء محطات لتوليد الطاقة باستخدام الألواح الشمسية، وتكثيف التعاون البحثي لابتكار مزيد من البدائل التكنولوجية للطاقة المتجددة، فضلًا عن التعاون للاستفادة من الخبرات الصينية في استخدام الطاقة النظيفة،[41] والطاقة النووية للأغراض السلمية، والتي وقّعت السعودية بشأنها مذكرة تفاهم مع بكين خلال فعاليات قمة الرياض الأخيرة.

استكشاف الفضاء الخارجي: 

تتوافق رؤية الجانبين الصيني والعربي حيال تعزيز الوجود في الفضاء الخارجي، فبكين تسعى إلى أن تكون رائدة عالميًا في مجال تقنيات الفضاء بحلول عام 2045. وسبق أن أصدر مجلس الدولة الصيني بيانًا حول الأنشطة الفضائية المنتظر تحقيقها في الفترة بين عامي 2021 و2025، وكان من بينها إنشاء ميناء فضاء تجاري تتم من خلاله عمليات إطلاق الأقمار الصناعية غير الصينية. على الجانب الآخر، يمتلك عدد كبير من الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات والسعودية ومصر، برامج فضاء طموحة.

وبالتالي، فإن هناك نواة رئيسية موجودة بالفعل لتعزيز التعاون الفضائي الصيني مع الدول العربية على المدى القصير. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، وقّع الجانبان على “خطة الصين والدول العربية للملاحة عبر الأقمار الصناعية”. أما على المدى المتوسط والطويل، فبالإمكان أن تتعاون الصين والدول العربية لإنشاء مركز مشترك لاستكشاف القمر والفضاء العميق، فضلًا عن زيادة عدد رواد الفضاء العرب الذين سيتلقون تدريبات في الصين لنقل الخبرات والتقنيات الصينية في هذا المجال.[42]

فالتقدم المتواصل الذي يحرزه الصينيون في مجال تقنيات الفضاء يمكن أن تفيد منه الدول العربية فى عصر أصبح فيه الفضاء مكونًا هامًا في المنظومة الكلية للقوة الشاملة للدولة، مع انتشار أقمار التجسس في أجواء متشابكة ومتداخلة مع الفضاء العربى.[43]

خاتمة

يتضح ممــا ســبق أن طموحــات الصيــن تــزداد فــي منطقــة الشــرق الأوســط، وباتــت تــؤدي دورًا أكبــر فــي منطقــة تولــي لهــا أهميــة استراتيجية. ويبدو أن أهداف الصينيــة واضحـة المعالــم، وتنســجم مــع علاقاتها الثنائية فــي المنطقــة؛ خاصــة فــي إطــار أولويـات التعــاون الاقتصاديــة.

كمـا يُعتبـر النهج الصينـي هامًـا فـي إطـار فهـم الصيـن لمنطقـة الشـرق الأوسـط، ويتفق مـع سـلوكها المتمثـل فـي النـأي بالنفـس عـن التدخـل فـي النزاعـات والخلافـات فـي المنطقـة مع التركيز على جوانب الاقتصاد والتنمية. حيـث تُظهـر الصيـن حرصهـا علـى عـدم التدخـل فـي النظـام الإقليمي الدقيـق والمتقلـب. وهـي تقيـم أيضًـا علاقـات متوازنـة مـع كافـة المتضاديـن فـي المنطقـة، دون أن تنفر أي طـرف مـن اللاعبيـن الإقليميين الرئيسـيين، ودون أن يتـم تهديـد المكاسب التي حققتها.

وأخيـرًا، فـإن المسـتقبل يوحـي بتغيرات كبيـرة فـي سياسات الصيـن تجـاه المنطقـة، ويأتـي ذلـك مـع تزايـد الفـراغ الأمنـي الـذي قـد يخلفـه التراجع النسبي للدور الأمريكي في المنطقـة. وهـذه السياسـات تتمثـل فـي زيـادة تركيـز الصيـن علـى مصالحها الحيويـة، كما يبدو أن التعاون في الملفات التجارية والاقتصادية والتكنولوجية سيزداد بشكل متسارع في المستقبل القريب. وهـو مـا يعنـي أن الصيـن سـتكون بحاجـة إلـى تأميـن تجارتهـا واستثماراتها فـي الشـرق الأوسـط بنفسها.

وهـذا يوحـي بـأن عليهـا أن تزيـد مـن مشـاركتها الأمنيـة والعسـكرية والدبلوماسـية فـي تعقيـدات المنطقـة ونزاعاتهـا، بالتـوازي مـع سـعيها للحفـاظ علـى سـلامة مصالحهـا الحيـوية.


المصادر

[1] هل صعود الصين مصلحة للعرب؟، الجزيرة، 12 أكتوبر/ تشرين أول 2021، https://cutt.us/3istb

[2]  ورقة علمية: مستقبل العلاقات العربية الصينية سنة 2030 … أ. د. وليد عبد الحي ،مركز الزيتونة للدراسات، 3 مارس /ازار 2023، https://cutt.us/9M0ot

[3] العلاقات العربية – الصينية فى الفترة من “2001-2015 م” دراسة حالة (مصر) ،المركز الديمقراطي العربي، 2 نوفمبر /تشرين ثان 2016، https://www.democraticac.de/?p=39327#_ftn4

[4] العلاقات الصينية-العربية من “الحرير” إلى “الحزام والطريق”،الشرق، 8 ديسمبر/ كانون اول 2022 ، https://cutt.us/1xo2P

[5] الصين في الشرق الأوسط.. التنين الحذر، مركز راند، تاريخ الوصول: 18 أغسطس/ آب 2023 https://cutt.us/5cOoz

[6] الصين والشرق الأوسط ،المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 9 سبتمبر/ أيلول 2020، https://cutt.us/F1o5s

[7] زيارة فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية السيد شي جين بينغ للمملكة العربية السعودية عام 2016، سفارة الصين بالمملكة العربية السعودية ،27 يناير /كانون ثان 2016، https://cutt.us/bsQNc

[8] الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط من منظور تحليلي ،استراتيجيوس،7 يوليو /تموز 2022، https://cutt.us/NBxpo

[9] الدور الصيني في الشرق الأوسط.. زيادة النفوذ وتهديد الهيمنة الغربية، المسار للدراسات الانسانية ،28 مارس /آذار 2023، https://almasarstudies.com/china-middle-east/#_ftn61

[10]  النص الكامل: وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية، صحيفة الشعب اليومية الصينية، 13 يناير/ كانون الثاني 2016

[11]  قانون العلاقات الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، الموقع الرسمي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، 28 يونيو/ حزيران 2023

[12] اليمن في الحسابات الصينية: هل ثمَّة جديد؟،ممركز الأهرام للسياسات،23 يناير / كانون ثان 2023، https://cutt.us/r4Sci

[13] السعودية في المرتبة الأولى كأكبر مورد للنفط إلى الصين ،سكاي نيوز،24 أكتوبر / تشربن أول 2022، https://cutt.us/1CurX

[14] العلاقات الصّينية العربيّة إلى أين؟ ،الميادين،5 يوليو/تموز 2023، https://cutt.us/1nvxw

[15] العلاقات الصينية-العربية من “الحرير” إلى “الحزام والطريق”،الشرق، 8 ديسمبر/ كانون اول 2022 ، https://cutt.us/1xo2P

[16] السعودية أكبر موردي النفط الخام للصين في أبريل.. وروسيا ثانياً ،العربية،21 مايو / أيار 2023، https://cutt.us/Mv5sb

[17] الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط من منظور تحليلي ،استراتيجيوس،7 يوليو /تموز 2022، https://cutt.us/NBxpo

[18] الصين في الشرق الأوسط التنين الحذر،مركز راند، https://cutt.us/5cOoz

[19] الصين في الشرق الأوسط التنين الحذر،مركز راند، https://cutt.us/5cOoz

[20] العلاقات الصينية-العربية من “الحرير” إلى “الحزام والطريق”،الشرق، 8 ديسمبر/ كانون اول 2022 ، https://cutt.us/1xo2P

[21] الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط من منظور تحليلي ،استراتيجيوس،7 يوليو /تموز 2022، https://cutt.us/NBxpo

[22] ورقة علمية: مستقبل العلاقات العربية الصينية سنة 2030 … أ. د. وليد عبد الحي ،مركز الزيتونة للدراسات،3 مارس /ازار 2023، https://cutt.us/9M0ot

[23] الصين في الشرق الأوسط التنين الحذر،مركز راند، https://cutt.us/5cOoz

[24]  ممارسات الصين ضد الأويغور تتصدر المشهد العالمي بـ2019 (تقرير)، الأناضول، 29 ديسمبر/ كانون الأول 2019

[25] قمع الإيغور.. دول تدافع وأخرى تدين وسط “استغلال تركي وصمت أزهري” ،الحرة،30 نوفمبر تشرين ثان 2020، https://cutt.us/Vzp6Z

[26] لماذا لا تهتم الصين بطبيعة الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط وبترويج أيديولوجيتها في المنطقة؟، نبض، ٢٦ يوليو/ تموز ٢٠٢٣، https://cutt.us/r2WPJ

[27] صراع المصالح في الشرق الأوسط.. ما المخطط السري للصين؟ ولماذا تخشى أميركا تغلغلها في المنطقة؟،الجزيرة ،13 يوليو/ تموز 2023، https://cutt.us/PVYjp

[28] الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط من منظور تحليلي ،استراتيجيوس،7 يوليو /تموز 2022، https://cutt.us/NBxpo

[29] تحليل: الصين والعالم العربي- السياسة لواشنطن والاقتصاد لبكين!،dw،13 ديسمبر / كانون أول 2022، https://cutt.us/H0njx

[30] الصعود الصيني في منطقة الشرق الأوسط – عربي بوست ،عربي بوست، 31 مارس / آذار 2023، https://cutt.us/L4q6L

[31] ورقة علمية: مستقبل العلاقات العربية الصينية سنة 2030 … أ. د. وليد عبد الحي ،مركز الزيتونة للدراسات،3 مارس /ازار 2023، https://cutt.us/9M0ot

[32] الصين وسياستها الناعمة في العالم الإسلامي،الجزيرة،28 فبراير/شباط 2023، https://cutt.us/YN34m

[33] العلاقات العربية – الصينية فى الفترة من “2001-2015 م” دراسة حالة (مصر) ،المركز الديمقراطي العربي،2 نوفمبر /تشرين ثان 2016، https://www.democraticac.de/?p=39327#_ftn4

[34] مفاوضات توقيع اتفاق تجارة حرة بين “مجلس التعاون” والصين: الآفاق والتحديات،ستراتيجوس،30 يناير كانو ثان 2022، https://cutt.us/t5cPE

[35] تحليل: الصين تستعد للجم الدولار، أين اليورو والعرب من ذلك؟ ،dw،28 يوليو/ تموز 2020، https://cutt.us/9yBdO

[36] سعي صيني لتسوية صفقات الطاقة باليوان مع دول الخليج، سكاي نيوز ، 9 ديسمبر /كانون اول  2022، https://cutt.us/sIVu4

[37] مصر تستعد لإصدار سندات باليوان الصيني.. وخبراء يعلقون،cnn، 14 مايو / أيار 2022 ،    https://cutt.us/zPFXz

[38]  الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط من منظور تحليلي ،استراتيجيوس،7 يوليو /تموز 2022، https://cutt.us/NBxpo

[39] الصين نحو إنشاء أول قاعدة عسكرية على الساحل الأطلسي ،اندبندنت ،9 ديسمبر / كانون أول 2021، https://cutt.us/HMA6b

[40]  الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط من منظور تحليلي ،استراتيجيوس،7 يوليو /تموز 2022، https://cutt.us/NBxpo

[41] مستقبل واعد للتعاون الصيني العربي في مجال الطاقة النظيفة، منتدى التعاون الصيني العربي ،8 يوليو / تموز 2021، https://cutt.us/n0NJF

[42] فرص اقتصادية متصاعدة لتعزيز العلاقات العربية – الصينية ،المستقبل للابحاث والدراسات المتقدمة ، 26 ديسمبركانون او 2022 ،https://cutt.us/SmBoR

[43] العلاقات العربية – الصينية فى الفترة من “2001-2015 م” دراسة حالة (مصر) ،المركز الديمقراطي العربي،2 نوفمبر / تشرين ثان 2016، https://www.democraticac.de/?p=39327#_ftn4

Exit mobile version