فريق التحرير
د أحمد حسين، أحمد عاطف، جهاد عبدالمجيد، رحمة عبدالمجيد، محمد عبدالعاطي، عبدالرحمن محمد
الفهرس
الدفتر السياسي
- أهم التطورات المتعلقة بملف حقوق الإنسان والحريات وسلوك النظام تجاه المعارضة.
- صفقات السلاح بين مصر وفرنسا.
- اتفاقية النفط مقابل الإعمار بين مصر والعراق
- أهم التطورات المتعلقة بقضية شرق المتوسط
الدفتر الاقتصادي
- المشروعات التنموية والقروض
- الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الطاقة
- كيفية تعزيز الاحتياطي والسيولة من النقد الأجنبي
- سندات التوريق
الدفتر التشريعي
- قرارات مجلس النواب بجلسته الأخيرة
- مشروعات مقترحة للمجلس الجديد
- قرارات جمهورية متعلقة بتخصيص أراضي مملوكة للدولة
- حصاد المجلس بعد انتهاء الفصل التشريعي الأول
الدفتر الثقافي والفكري
- التنمّر ضد ذوي البشرة السمراء
- الأزهر وتحريم الانضمام إلى الإخوان المسلمين
الدفتر الإعلامي
- المصالحة الخليجية
- ليبيا.
- بيان البرلمان الأوروبي
المقدمة
بدت ورقات الدفتر المصري مزدحمة بعض الشيء خلال هذا الشهر (ديسمبر2020 ) ، نظرًا للتغيرات الكبيرة الحادثة في المشهد المصري.
وبطبيعة الحال، كان الدفتر السياسي الأكثر ازدحامًا بسبب التطورات المتلاحقة في الحالة السياسية، واستُهِلَّ دفترنا برصد وتحليل التطورات المتعلقة بملف حقوق الإنسان والحريات في ظل الضغوط الدولية المتصاعدة بخصوص هذا الملف. إضافة إلى رصد زيارة عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا، وكيف تتصاعد العلاقات بين الطرفين من خلال صفقات الأسلحة التي تستوردها القاهرة من باريس. كما يرصد الدفتر التطورات المتعلقة بقضية شرق المتوسط، وكذلك بزيارة الوفد الوزاري العراقي للقاهرة، واجتماعه مع السيسي.
بينما يتناول الدفتر الاقتصادي الوسائل التي يعتمدها النظام من أجل سد الموازنة العامة وتسديد مستحقات الديون، كما تطرق إلى اتباع النظام لمبادلة الديون من أجل التنمية، هذا بالإضافة إلى رصد آليات النظام لإنعاش احتياطي النقد الأجنبي وكذلك سيولة النقد الأجنبي في البلاد، وكذلك تحليل الآثار المترتبة على هذه السياسات الاقتصادية. ويختتم الدفتر الاقتصادي بتناول التغيرات الحادثة في “سندات التوريق” بعد التعديل الأخير بخصوص قانون رأس المال.
دفترنا التشريعي يحوي تفاصيل ما اعتمده مجلس النواب الجديد في جلسته الأخيرة بالفصل التشريعي الأول، حيث أقر المجلس 7 اتفاقات دولية، منها ما يخص قروضًا خارجية، ومنها ما يخص غير ذلك من اتفاقات شراكة وتعاون مع دول أجنبية وعربية، كما وافق المجلس على قانونين قُدِّما من الحكومة في وقت سابق.
كذلك يتعرض الدفتر التشريعي لنتائج انتخابات مجلس النواب الأخيرة، التي استحوذ فيها حزب مستقبل وطن -المقرب من النظام- على أغلبية المقاعد، مما يشير إلى شكل الأداء البرلماني المرتقب خلال السنوات المقبلة.
كما يختتم الدفتر التشريعي أوراقه برصد أبرز ما صدر عن المجلس المنتهية ولايته خلال السنوات الماضية.
وعالج الدفتر الثقافي والفكري قضيتين مهمتين برزتا خلال هذا الشهر، أولاهما إشكالية التنمر ضد ذوي البشرة السمراء، وهي التي تصاعدت خلال الفترة الأخيرة، وثانيهما يتعلق بفتوى “مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية” بحرمة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وأخيرًا.. رصد الدفتر الإعلامي كيفية تعاطي الإعلام الموالي للنظام مع أحاديث المصالحة الخليجية، وتبيين كيف أن الإعلامي المصري ليس مرحبًا بشكل كبير بهذه المصالحة، إضافة إلى تناوله لتطورات المشهد الليبي، في ظل التقارب المصري المرتقب مع الحكومة الشرعية في غرب ليبيا. واختتم الدفتر بمناقشة التعاطي مع قرارات البرلمان الأوروبي والضغوط الدولية المرتقبة بشأن انتهاك حقوق الإنسان في مصر، علاوة على تطورات قضية جوليو ريجيني.
شهدت الساحة المصرية تطورات عديدة في شهر ديسمبر2020، فيما يتعلق بالجانب السياسي. حيث لا زال النظام المصري يواجه العديد من الضغوطات الخارجية إثر انتهاكاته الصريحة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان والحريات والديمقراطيات. حيث قام البرلمان الأوروبي بإصدار قرار ضد مصر لإجبار النظام على الحد من انتهاكات ضد معتقلي الرأي. كذلك، ربط الكونغرس الأميركي جزءا من المعونة العسكرية لمصر بالتقدم في ملف حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك، قامت إحدى محاكم القاهرة بنزع الجنسية عن ناشطة مصرية معارضة لنظام السيسي. غير أنه رغما عن سيل الانتقادات الموجهة للنظام المصري بشأن حقوق الإنسان، لا زالت هناك علاقة استثنائية بين فرنسا والنظام المصري، تحكمها صفقات السلاح المتتالية .
بالإضافة إلى ذلك، لقد صرح وفد عراقي خلال زيارته لمصر بأن اتفاقية إعادة الإعمار مقابل النفط بين الدولتين، ستدخل حيز التنفيذ عما قريب. وقد حدثت الكثير من التطورات المتعلقة بقضية شرق المتوسط أبرزها انضمام الإمارات إلى منتدى شرق المتوسط. وفي هذا التقرير سنوضح كيف تؤثر تلك التحولات على الوضع السياسي المصري؟
أولًا: أهم التطورات المتعلقة بملف حقوق الإنسان والحريات وسلوك النظام تجاه المعارضة
لقد احتل ملف حقوق الإنسان الصدارة خلال ديسمبر2020الماضي، وذلك بعد إعلان النائب العام الإيطالي انتهاء التحقيقات في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، ذلك القرار الذي تلته عدة قرارات في غاية الأهمية من داخل البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي بشأن مصر.
فقد أعلن النائب العام الإيطالي انتهاء التحقيقات في قضية مقتل ريجيني؛ الباحث الإيطالي الذي وصل القاهرة عام 2013 بصفته متدرباً في وكالة تابعة للأمم المتحدة، ولكن انتهى مصيره في القاهرة؛ حيث عثر على جثته -وعليها آثار تعذيب شديد- قرب طريق القاهرة-الإسكندرية السريع، يوم 3 فبراير 2016. وقد انتهت التحقيقات بتوجيه تهم الخطف والقتل والتعذيب لأربعة ضباط مصريين[1]. ذلك الإعلان الذي تبعه تصريح من جوزيبي كونتي رئيس الوزراء الإيطالي بإمكانية مشاركة مراقبين دوليين، وذلك لكفاية الأدلة التي تدين الضباط المصريين . مما قد يساهم في تحويل القضية إلى قضية دولية.
كما وافق البرلمان الأوروبي بأغلبية 434 صوتا على مشروع قرار يتعلق بانتهاكات مصر الواسعة، فيما يخص ملف حقوق الإنسان وحرية التعبير. ومن أهم المواد التي اشتمل عليها القرار الأوروبي؛ المطالبة بالإطلاق الفوري لسراح معتقلي الرأي، وإعادة النظر في الدعم المادي والتنموي المقدم من قبل دول الاتحاد الأوروبي لمصر، بالإضافة إلى أنه دعا لوقف تراخيص بيع الأسلحة وغيرها من المعدات الأمنية، وكاميرات المراقبة لمصر، كما أشار إلى ضرورة إقرار آلية في نهاية يناير2021 للرصد والإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. وكذلك، يحث القرار السلطات المصرية على التعاون مع إيطاليا في التحقيقات الجارية بشأن قضية ريجيني.[2]
علاوة على ذلك، لقد تضمن قانون ميزانية الإنفاق الحكومي للعام المقبل للولايات المتحدة الأمريكية، المساعدات العسكرية المعتادة إلى مصر، وهي التي تقدر قيمتها ب 1.3 مليار دولار. لكن الكونغرس اشترط إحراز مصر تقدما في الإفراج عن سجناء سياسيين وحقوقيين، وأفراد من الأقليات الدينية، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز سيادة القانون، وذلك لصرف مبلغ أكثر من 300 مليون دولار من الأموال المرصودة لمصر[3]. وبذلك ربط الكونغرس الأميركي جزءا كبيراً من المعونة العسكرية لمصر بالتقدم في ملف حقوق الإنسان.
إثر الضغوط الأوروبية المتواصلة على مصر في الآونة الأخيرة، من أجل الإفراج عن معتقلي الرأي، قررت نيابة أمن الدولة المصرية، إخلاء سبيل 39 متهماً تم اعتقالهم قبل نحو ثلاثة أشهر على خلفية مظاهرات سبتمبر2020 التي طالبت برحيل السيسي عن الحكم.
وكان النائب العام المصري قد أعلن، قبل أسبوعين من قرار البرلمان الأوروبي؛ إغلاق التحقيق مع 20 منظمة حقوقية، ورفع الحظر عن أعضائها، وسمح لهم بالسفر والتصرف في أموالهم. علماً بأن تلك المنظمات الحقوقية العشرين من ضمن المنظمات الحقوقية التي اتهمهما النظام المصري عقب اندلاع ثورة يناير بالتمويل الأجنبي في القضية المعروفة إعلامياً بــ “القضية 173”[4]. ومن الجدير بالذكر أنه من بين تلك المنظمات؛ (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية). المنظمة التي أدان البرلمان الأوروبي إلقاء القبض على ٣ مسؤولين فيها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. مما يشير إلى أن استمرارية الضغوطات الأوروبية والأمريكية على السلطات المصرية، قد يساهم في تراجع الأخير عن التمادي في انتهاك حقوق الإنسان ضد معارضيه.
على الصعيد الآخر، أصدر مدبولي، رئيس الحكومة المصرية، القرار رقم 48 لسنة 2020 بشأن الموافقة على إسقاط الجنسية عن ناشطة معارضة تسمى غادة محمد نجيب، قائلاً إنها سورية الجنسية في الأصل. يجدر بالذكر، أن غادة قالت في تصريحات إعلامية في مقتبل شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إنها تلقت تهديدات من قبل أشخاص مقربين من أحد الضباط النافذين في المخابرات العامة المصرية، و يدعى أحمد شعبان، من أجل إجبارها على التوقف عن انتقادها له .
تعد ما قامت به السلطات المصرية تطورا خطيرا تجاه المعارضين، وكذلك إخلالا صريحا بالمادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. حيث إنه وفقا للمادة 15 “، لا يجوز- تعسفاً- حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته”[1]. كما يحظر أيضا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 50/152، حرمان أي شخص من جنسيته تعسفاً.
ثانيًا: صفقات السلاح بين مصر وفرنسا
لقد قام عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى الجمهورية الفرنسية، وذلك تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأتت الزيارة بعد نحو عامين من لقاء جمعه بنظيره الفرنسي في القاهرة. [5]
وقد أشار السيسي في تصريح له خلال الزيارة إلى التعاون العسكري والأمني بين مصر وفرنسا، وتبادل الاثنين الحديث عن إمكانية توقيع اتفاقيات سلاح جديدة تتعلق بالأقمار الصناعية العسكرية. كما تحدث عن مدى تقدم التكنولوجيا الفرنسية بشكل خاص في مجال الطائرات الحربية. وفيما يتعلق بالطائرات، تابع قائلاً “نقدر بصورة خاصة التكنولوجيا الفرنسية، و تذكرون أن مصر كانت أول دولة تختار الطائرات “الرافال”؛ مما فتح الطريق أمام شرائها من قبل العديد من الدول[6].
وكانت فرنسا باعت لمصر 24 طائرة “رافال” وفرقاطة متعددة المهام، وسفينتين حربيتين من طراز ميسترال خلال عام 2015 ، في عقود قيمتها نحو ستة مليارات يورو. علماً بأن مصر لا تستطيع استخدام تلك الطائرات لضرر أهداف جوية إلى مدى يزيد عن 60 كيلو متراً، وذلك إثر حرمان الرافال المصرية من صواريخ جو جو من الجيل الأخير، وفقاً لقانون التداول الدولي بالأسلحة وقوانين ITAR الأمريكية. ولكن تعد صفقات السلاح مع الحكومة الفرنسية وغيرها من الحكومات الأوروبية، كالحكومة الألمانية، ضمن محاولات السيسي، للظفر بالدعم الأوروبي، مقابل صمت القيادات السياسية لهذه الدول عما يحدث في مصر من انتهاكات جسيمة ضد معتقلي الرأي.
وتزامنت تلك الزيارة مع عرض رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس لمشروع قانون مكافحة “التطرّف الإسلامي”، أو ما يسمى بقانون محاربة “الانعزال الإسلاموي”. وفي حوار للسيسي مع صحيفة لوفيجارو، أشاد بذلك القانون، حيث قال السيسي “إن مصر وفرنسا تواجهان الإرهاب وتحاربان معا على عدة جبهات، مشيرا إلى أن البرلمان الفرنسي يبحث حاليا مشروع قانون يضمن احترام المبادئ الجمهورية.” ومن ثم أشاد بمشروع القانون الفرنسي وربطه بالإخوان المسلمين قائلاً: “يبدو لي أن فرنسا أصبحت تقيس مدى الخطر الذي يمثله الإخوان المسلمين على المجتمع الأوروبي” وتابع مناديا بضرورة معاقبة كل من الجماعات الإرهابية، وكذلك الدول التي تمول وتسلح هذه المنظمات الإرهابية[7].
يحاول السيسي البحث عن دعم أنظمة تتفق معه في محاربة الإسلام السياسي والتي تعد الإخوان المسلمين- أبرز جماعات الإسلام السياسي- أهم جماعة معارضة له. حيث يأمل السيسي ومحالفيه إلى تصنيف جماعة الإخوان من قبل أوروبا ودولياً على أنها جماعة إرهابية، مع أنها في حقيقتها سياسية وفكرية، وذلك ليبرر عمليات القمع والاعتقال والتعذيب والقتل، التي يمارسها نظامه ضد أفراد الجماعة. إذ إن السيسي يعتقد أنهم يشكلون العائق الأكبر بينه وبين الاستمرار في الحكم.
ثالثًا: اتفاقية النفط مقابل الإعمار بين مصر والعراق
التقى وفد وزارى عراقي في منتصف شهر ديسمبر بالسيسي في القاهرة. ونقل خالد بتّال النجم -وزير التخطيط ورئيس الوفد العراقي- بالغ الاهتمام الذي يوليه مصطفى الكاظمي -رئيس الوزراء العراقي- بما وقع عليه الوفد المصري أثناء زيارته إلى بغداد مؤخرا. وقد شهدت الآونة الأخيرة، لقاءات مكثفة بين وزيري خارجية مصر والعراق في إطار متابعة مسار تعزيز علاقات التعاون الثنائي بين البلدين.
ومن أهم التصريحات التي صرح بها الوفد العراقي خلال المباحثات الثنائية مع مصر، أن الاتفاقية التي وقعتها الدولتان في أكتوبر الماضي المعروفة باسم “اتفاقية النفط مقابل الإعمار” ستدخل حيز التنفيذ، فور انتهاء الإجراءات الدستورية. ووفقا لهذه الاتفاقية، ستقوم الشركات المصرية بتنفيذ مشروعات تنموية في العراق مقابل واردات البترول لمصر[8][9] .
يذكّر بأن البنى التحتية العراقية تضررت بشكل كبير إثر عقود من الحروب والحصار، ولذلك تسعى العراق لجذب الاستثمارات إلى قطاع إعادة الإعمار. علماً بأنّ العراق يحتاج إلى 88 مليار دولار لتطوير بناه التحتيّة المتهالكة. وتحاول العراق في الوقت الحالي توقيع نفس الاتفاقية مع العملاق الاقتصادي “الصين”، وكذلك مع الهند. وقد وقعت مصر على تلك الاتفاقية ضمن سياستها لتنويع الموارد النفطية، بهدف تحقيق الاستقرار في مجال الطاقة. كذلك، قد يفتح هذا التعاون في مجال النفط طريقاً أمام القاهرة، لضم العراق إلى جانبها في منتدى شرق المتوسط.
أما من الناحية الاقتصادية، فإنه في ظل التراجع الحالي لحجم الصادرات المصرية إلى العراق التي قد بلغت 4.6 مليارات دولار منذ عام 2012 وحتى الآن، مضافا إليها تراجع هذه الصادرات نفسها بنسبة كبيرة في العام المنصرم 2020، إذ تبلغ 137.4 مليون دولار ، أي إنها تراجعت بنسبة 65 % . فقد تساهم هذه الإجراءات الاقتصادية في رفع حجم التبادل التجاري بين االدولتين الذي بلغ مليار و600 مليون دولار العام الماضي.
علاوة على ذلك، لقد تراجعت إجمالى الواردات من البنزين والسولار بنسبة %65 خلال الفترة من 2016 حتى عام 2020. وفقاً لأحد التقارير، الصادرعن وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية[10]. وبإعلان مجلس الوزراء العراقي يوم 30 ديسمبر/كانون الأول موافقته على تجديد عقد لتوريد 12 مليون برميل من خام البصرة الخفيف إلى الهيئة المصرية العامة للبترول خلال العام المقبل2021[11]، فإن اتفاقية النفط مقابل الإعمار تساهم في تحقيق الاستقرار في مجال الطاقة لمصر ، من خلال تأمين كمية هائلة من واردات النفط.
رابعًا: أهم التطورات المتعلقة بقضية شرق المتوسط
التقى السيسي بولي عهد أبو ظبي (ابن زايد) في القاهرة في شهر ديسمبر/كانون الأول. تضمنت جلسة المباحثات الثنائية بقصرالاتحادية كافة جوانب العلاقات بين البلدين. ومن أهم ما تم الإعلان عنه كان انضمام الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط كمراقب[12] .
يجدر بالذكر أن مياه شرق المتوسط تطفو على أحواض ضخمة من الغاز الطبيعي، تصل إلى حوالى ١٢٢ تريليون قدم مكعبة وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. وقربها من الدول الأوروبية المتعطشة للغاز الطبيعي، يجعلها تجسد أهمية جيوستراتيجية لدول المنطقة. ولكن هذا الكنز الأسود يجعلها فرصة لدولة مثل الإمارات لمد نفوذها في المنطقة من خلال تحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية مع شركائها في المنطقة، وعلى رأسهم مصر. ومن الجدير بالذكر أنها من خلال انضمامها للفريق المعارض لتركيا في قضية شرق المتوسط، ستتمكن الإمارات من الإضرار بمصلحة أنقرة، التي تراها عائقا أساسيا أمام توسيع نفوذها في المنطقة. بيد أن هذه الخطوة تضر بالمصالح المصرية، على عكس المصالح الإماراتية. علما بأن انضمام الإمارات كمراقب في منتدى غاز شرق المتوسط كان باقتراح من إسرائيل.
(EAPC) ودخول الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط أتى بعد توقيع شركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي اتفاقا مبدئيا، بشأن المساعدة في نقل الغاز بواسطة الإمارات إلى أوروبا عبر خط أنابيب يربط بين إيلات وميناء عسقلان (من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط). و يعد هذا الخط بديلاً عن مرور ناقلات النفط عبر قناة السويس، حيث إنه من المفترض أن يستحوذ على 51% من كميات النفط التى تعبر قناة السويس حالياً. علماً بأن قناة السويس تستحوذ على 66% أي حوالي 107 ملايين طن من كميات الخام العابر من خلال القناة والتي تصل إيراداتها السنوية إلى أكثر من 5.70 مليارات دولار في المتوسط في السنة المالية[13]. مما يعني أن إنشاء الخط سيتسبب في خسارة فادحة لإيرادات قناة السويس. وقد يسبب تضارب المصالح بين مصر والإمارات فيما يتعلق بقضية غاز شرق المتوسط، توترالعلاقات بين الدولتين، وفتح الباب لتقارب مصري-تركي-ليبي، حيث لم يعد يتبقى لها خيار آخر للحفاظ على مصالحها في شرق المتوسط.
تلجأ الحكومة المصرية إلى عقد معاملات مبادلة الديون من أجل التنمية، وكذلك إلى القيام بتوقيع اتفاقيات المشروعات التنموية، وذلك بهدف سد عجز الموازنة العامة وتسديد مستحقات ديون أخرى، حيث بلغ إجمالي الديون ما يقدر بنحو 83.8% من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2019[14]، وذلك من خلال التعاقد مع دول بعينها أو بنوك دولية أو منظمات غير حكومية. كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر انتعش في السنوات الأخيرة في مجال الطاقة، مما أدى لدخول شركات أمريكية للسوق المصرية، واستحواذ الشركات العالمية على مجال الطاقة في مصر. أيضًا السلطات المصرية لجأت إلى السندات والقروض، لأجل تعزيز الاحتياطي الأجنبي وكذلك السيولة من النقد الأجنبي، مما سيكون له تبعاته الاقتصادية المضرة. وأما سندات التوريق، فقد ارتفعت نسب إصدارها في الفترة الأخيرة، وخصوصًا بعد تعديل قانون رأس المال.
أولًا: المشروعات التنموية والقروض
معاملات مبادلة الديون من أجل التنمية، تتم من خلال منظمة تنموية قد تكون منظمة غير حكومية أو إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة، تقوم هذه المنظمات بشراء الديون السيادية لدولة ما بخصم معين. بحيث تقوم المنظمات بالتفاوض مع البلد المدين، وأن يقوموا بتبديل الدين عند سعر خصم متفق عليه، مقابل أن يصدق البلد المدين على تمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية، والتي سيتم تنفيذها من خلال المنظمة التنموية. وفي ذلك السياق قامت السلطات المصرية بتوقيع 20 اتفاقية لمبادلة الديون من أجل التنمية، وجاء ذلك ضمن المرحلة الثالثة من البرنامج المصري الايطالي لمبادلة الديون، من أجل التنمية و الذي كان يقدر بنحو 100 مليون دولار. وطبقا للبرنامج فإنه من المتوقع أن تمول السلطات المصرية مخططات مشروعات تنموية في العديد من القطاعات كالأمن الغذائي والتعليم العالي والزراعة والبيئة وغيرها[15].
أي إنه سيتم ضخ مبالغ كبيرة من العملة المحلية لتمويل هذه المشروعات، مما سيؤدي إلى زيادة نسب التضخم. وقد ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى 5.7% في نوفمبر/ تشرين الثاني، بينما كان 4.5% في أكتوبر/تشرين الأول 2020.[16] كما أنه عند إعادة الدين بالعملة المحلية فإن ذلك يؤدي لتحويل الدين الخارجي إلى دين محلي. ويحدث ذلك في دولة كمصر، وصل بها إجمالي الدين المحلي نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، حوالي 70.7%[17] .
ولقد عقدت وزارة التعاون الدولي اتفاقيات بشأن تمويلات تنموية مع الصناديق العربية بقيمة 754.4 مليون دولار، ضمن الخطة القومية لتنمية شبه جزيرة سيناء في قطاعات تحلية المياه والبنية التحتية، والصرف الصحي، والتعليم. بحيث تم أخذ قرض بنحو 244.16 مليون دولار من الصندوق العربي الإنماء الاقتصادي والاجتماعي لاستكمال مشروع إنشاء منظومة مياه بحر البقر[18] . وسيكون هذا القرض بفائدة سنوية 2.5٪ علي أن يتم تسديده على مدار 30 سنة، وبما فيها مدة إمهال 6 سنوات. وستكون الهيئة الهندسية للقوات المسلحة هي الجهة القائمة على تنفيذ المشروع[19] . والاعتماد على مثل هذه القروض طويلة المدى، يزيد من معدلات الدين الخارجي، أما الحديث عن المشروعات التنموية، فإن هذا المشروع الذي تتكون عناصره الأساسية من إنشاء مرافق وتملك اراضي وإقامة المزارع وحظائر لتربية الماشية ومنشآت التصنيع الزراعي وكذلك توفير الخدمات الاستثمارية اللازمة للإشراف على تنفيذ المشروع ومتابعته أثناء الصيانة التي ستتم من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة – أبعد ما يكون عن التنمية. وهذه الديون طويلة المدى تدفع أعباءها الأجيال القادمة، بالإضافة إلى أن السلطات المصرية ستضطر لتأدية فؤاد ديون عالية.
وكما أن وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط صرحت أن الوزارة عقدت اتفاقيات تمويل تنموي بقيمة 9.8 مليار دولار خلال العام الجاري، بحيث تم تخصيص 6.7 مليار دولار لقطاعات الدولة التنموية، و 3.1 مليار دولار لمشروعات القطاع الخاص[20] .
ثانيًا: الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الطاقة
الاستثمار الأجنبي المباشر في مجال الطاقة في مصر نشط بشكل كبير خلال فترة حكم السيسي، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، حيث إن الشركة القابضة للغازات الطبيعية ” إيجاس”، قامت بتوقيع 5 اتفاقيات جديدة للبحث عن البترول، بإجمالي منح توقيع 41 مليون دولار، وبإجمالي استثمارات 684 مليون دولار، كما أوضحت في تقريرها لحصاد عام 2019-2020، أن البرلمان وافق على 9 اتفاقيات، بمنح توقيع 24 مليون دولار، وبإجمالي استثمارات 981 مليون دولار[21].
ولقد وقع وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا على 9 اتفاقيات بترولية جديدة، للبحث عن البترول والغاز الطبيعي في مناطق شرق وغرب المتوسط في المياه الإقليمية بالبحر الأحمر، لصالح شركات عالمية وأخرى مصرية، وهي: آكسون موبيل وشيفرون، وهما تسجلان دخول للسوق المصرية لأول مرة في أنشطة البحث عن البترول والغاز الطبيعي، وذلك إلى جانب شركات؛ كشركة شل وبي بي وتوتال. وجاءت هذه الاتفاقيات ضمن 12 اتفاقية، تم توقيعها خلال فترة كورونا، وذلك بحد أدنى للاستثمارات 1.4 مليار دولار، وتستهدف حفر 23 بئًرا في 9 مناطق بشرق وغرب المتوسط، وثلاثة أخرى بالبحر الأحمر.[22]
تنشيط الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال الطاقة له أن يستنفذ من ثروات مصر الطبيعية، حيث إنه تم منح هذه الشركات حق حفر العديد من الآبار الاستكشافية. ويأتي ذلك علاوة على استحواذ شركة شل التي وقعت مع وزارة البترول والثروة المعدنية اتفاقيات لاقتسام الإنتاج في منطقتي الامتياز البحري والمياه العميقة في البحر الأحمر، القطاع الاستكشافي 3 بمساحة 3097 كم مربع. وكذلك في منطقة غرب البحر المتوسط حصة 30% من القطاع الاستكشافي في منطقة بحوض هيرودوت في غرب البحر المتوسط، بالشراكة مع توتال بنسبة 35%. وكوفيبك الاستكشافات البترولية بنسبة 25%، أما بالنسبة للشريك المصري الممثل في ثروة البترول، ستكون نسبته 10%[23] .
أي أن الشريك الأجنبي يستنزف مصادر الطاقة، ويستفيد من أرباحها، والسلطات المصرية ليس لها إلا مداومة الاستدانة من الخارج ، لسد عجز الموازنة، ولتأدية خدمات الديون الأخرى، عوضا عن عقد استثمارات حقيقية في مجال الطاقة، تزيد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر، وتمكينها من الخروج من دوامة الديون.
وحيث إن إنتاج مصر من الغاز يبلغ 6.2 مليار مكعب، وفقا لتصريح وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا، وإذا أخذنا في عين الاعتبار توقيع 86 اتفاقية بترولية خلال الست سنوات الماضية مع شركات عالمية في مجال البحث والاستكشاف؛ وكذلك بدء مصر في التصدير من جديد.[24] فالسؤال الذي يطرح نفسه بعد عمليات الحفر هذه وتجريد مصر من مصادر الغاز والبترول؛ ماذا ستفعل الحكومات القادمة إذا لم تستطع توفير الاكتفاء الذاتي، واضطرت للاستيراد من الخارج، في ظل الدين الخارجي المتزايد وعجز الموازنة القائم؟! بالأخص وأن احتياطي النقد الأجنبي لدى مصر سيتعرض لانخفاض شديد في حالة لجوء مصر للاستيراد من جديد ، وعندها ستكون الحكومة المصرية في حاجة لتوفير مزيد من القروض بالعملة الصعبة.
ثالثًا: كيفية تعزيز الاحتياطي والسيولة من النقد الأجنبي:
تعمل الحكومة المصرية على تعزيز إمكاناتها من العملة الصعبة، وذلك عن طريق الاقتراض الخارجي، كالاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وأيضا باللجوء إلى طرح أذون وسندات الخزانة. وذلك عوضا عن القيام باستثمارات حقيقية في مجال الطاقة، أو الحد من الواردات، كواردات القمح لتخفيف العبء، حيث إن مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وذلك يؤدي بجزء كبير من إمكانيات النقد الأجنبي لدى الحكومة.
بحسب فيتش، فإن قيمة حيازات المستثمرين الأجانب من أذون وسندات الخزانة المصرية من المتوقع أن تقدر بنحو 20 مليار دولار أمريكي، في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي. ووفقا لتصريح وزير المالية المصري، محمد معيط، فإن إجمالي استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية سجلت نحو 23 مليار دولار بنهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مقارنة بنحو 21.1 مليار في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، و10.4 مليار دولار في مايو/ آيار الماضي[25].
كما أن مصر عملت على تعزيز السيولة بالعملات الأجنبية في الربع الثالث من العام الجاري، عن طريق جمع قرض من بنوك إقليمية ودولية بقيمة ملياري دولار، بجانب إصدار سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار في سبتمبر/ أيلول 2020[26].
علاوة على ذلك فإن الحكومة المصرية تهدف إلى تعزيز الاحتياطي النقدي كذلك، عن طريق الاقتراض وإصدار السندات، حيث إنه وفقا لتقرير الاستقرار المالي لعام 2019 عن البنك المركزي المصري ” فإن صافي الاحتياطات الدولية بالعملة الأجنبية انخفضت في أبريل ومايو لاستيعاب الاحتياجات من العملة الأجنبية، إلا أن صافي الاحتياطات الدولية قد ارتفع في يونيو 2020 ليسجل 38.2 مليار دولار، وذلك بعد انعكاس التدفقات الموجهة للأسواق الناشئة، وإصدار الحكومة المصرية لسندات دولية في مايو 2020 وحصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي”[27] . كما أن الحكومة المصرية طرحت سندات دولية بقيمة 5 مليار دولار في مايو/ آيار 2020[28] .
ولكن هذه الوسيلة التي تلجأ إليها الحكومة المصرية من الاقتراض ليس لها إلا أن تزيد من حجم الديون، خصوصا وأنه في دولة كمصر، معدل التضخم بها في تزايد، فحجم الديون التي يتم تسديدها، له أن يتعدى مبلغ الدين الأصلي الذي تم تحصيله. كما أن هذه الحكومة التي تقترض لتوفير سيولة أجنبية كيف لها أن تقوم بتأدية خدمة الديون، وخصوصاً في ظل الضغط الحادث على إيرادات مصر الدولارية خلال فترة كوفيد-19.
رابعًا: سندات التوريق
التوريق المصرفي “هو أداة مالية تفيد قيام مؤسسة مالية بحشد مجموعة من الديون المتجانسة والمضمونة كأصول، ووضعها في صورة دين واحد معزز ائتمانيًا ، ثم عرضه على الجمهور من خلال منشأة متخصصة للاكتتاب في شكل أوراق مالية، وذلك بهدف تقليل المخاطر، وضمان التدفق المستمر للسيولة النقدية للبنك. ويمكن تمويل صفقة التوريق عن طريق إصدار سندات دين، بحيث تعادل قيمة الديون موضوع التوريق”[29].
وفقا لرئيس هيئة الرقابة المالية دكتور محمد عمران ، فإن حجم إصدار سندات التوريق خلال العام الجاري بلغت نحو 15.7 مليار جنيه بنهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. كما إنه من المتوقع أن يصل حجم سندات التوريق نهاية العام الجاري إلى 25 مليار جنيه. مما يزيد على 22 مليار جنيه عام 2019 مقابل 5.3 مليار جنيه فقط لعام 2018، وجاء ذلك نتيجة إجراء تعديلات على قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 والذي بدوره أدى إلى انتعاش سوق السندات[30] .
كما أن التوريق هو تحويل الديون المتجانسة في شكل محفظة، على أن تباع هذه المحفظة إلى المؤسسة التي تتولى توريق هذه الديون[31] . كذلك فإنه وفقا لما صرح به رئيس هيئة الرقابة المالية، محمد عمران، فإنه تمت الموافقة بحق إصدار ترخيص لطرح سبع إصدارات من سندات التوريق، بما يقيم بنحو 9.3 مليار جنيه لخمس شركات توريق، مقابل محافظ لحقوق مالية آجله، لأنشطة التأجير التمويلي والتمويل الاستهلاكي والتمويل العقاري والتخصيم[32] .
انعقد مجلس النواب في جلسته الأخيرة بالفصل التشريعي الأول بتاريخ 15 ديسمبر 2020، أقر خلالها سبعة اتفاقات دولية، منها ما يخص قروضا خارجية، ومنها اتفاقات تعاون وشراكة مع دول أجنبية وعربية. ووافق على مشروعَي قانون مُقدمين من الحكومة. كما أحال ثمانية عشر مشروع قانون مقدمة من الحكومة إلى اللجان النوعية، منهيًا بذلك جلسته الأخيرة في الفصل التشريعي الأول.
انتهت كذلك انتخابات النواب الأخيرة؛ حيث أعلنت لجنة الانتخابات في ديسمبر الماضي النتيجة النهائية لها، والتي استحوذ على أغلب مقاعدها حزب مستقبل وطن، الذي ارتبط اسمه بالحزب الوطني المنحل وإعادة إنتاج رموزه إلى الساحة السياسية مجددًا، ومن المقرر أن ينعقد المجلس الجديد في العاشر من يناير 2021.
كما أصدر السيسي قرارات جمهورية خلال شهر ديسمبر، تتعلق في معظمها بتخصيص أراض مملوكة للدولة لصالح مشاريع حكومية، وأخرى تتعلق بتعيينات قضاة جدد، نتعرض لأبرزها من خلال الآتي. ونرصد في النهاية أبرز ما صدر عن المجلس ـ المنتهية ولايته ـ خلال خمس سنوات من الانعقاد.
أولًا: قرارات مجلس النواب بجلسته الأخيرة
وافق مجلس النواب نهائياً على سبع اتفاقيات دولية هي:
ـ الموافقة على اتفاق بين جمهورية مصر العربية وروسيا الاتحادية حول الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي، والموقع في سوتشي 17/10/2020
ووفقا للاتفاقية، سوف يلتزم الطرفان بالقيام بزيارة متبادلة على مستوى رؤساء الدول، على أساس منتظم، مرة واحدة على الأقل في العام بالتناوب في القاهرة وموسكو، وسيتم تنظيم حوار سياسي بشكل منتظم مرتين على الأقل سنويا، ليشمل مشاورات بين وزراء الخارجية بالتناوب في عاصمتي الدولتين، كما يتم عقد مشاورات “2 + 2” بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين، بالإضافة إلى تسهيل الاتصالات بين البرلمانين المصري والروسي.
ـ قرار جمهوري رقم 557 لسنة 2020 بشأن الموافقة على اتفاقية التعاون الجمركي العربي المعتمدة من المجلس الاجتماعي والاقتصادي لجامعة الدول العربية، والتي وقعت عليها مصر بتاريخ 5/7/2020.
وتهدف الاتفاقية بحسب المذكرة الإيضاحية إلى تعزيز التعاون بين الإدارات الجمركية العربية، وتبادل المعلومات بين أطراف هذه الاتفاقية لتفادي المخالفات للتشريعات الجمركية في هذه الدول.[33]
ويُذكر أن هذه الاتفاقية أُنشئت بتاريخ 3 ديسمبر 2015 ، ولم تدخل حيز التنفيذ إلى الآن، لعدم توقيع العدد المطلوب من الدول عليها، إذ يبلغ عدد الدول التي صدقت إلى الآن خمسة دول بعد تصديق مجلس النواب في مصر، في حين يُشترط – كحد أدنى – توقيع سبعة دول، لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
ـ قرار جمهوري رقم 558 لسنة 2020 بشأن اتفاق بين جمهورية مصر العربية، وحكومة الإمارات العربية المتحدة بشأن تجنب الازدواج الضريبي، ومنع التهرب من الضرائب بالنسبة للضرائب على الدخل والموقع في أبو ظبي.
ـ الموافقة على الاتفاقية المعدلة لاتفاقية القرض بين مصر والصندوق السعودي للتنمية بتاريخ 8/04/2016 بشأن مشروع جامعة الملك سلمان بن عبد العزيز بمدينة الطور.
وسبق التوقيع على الاتفاقية في عام 2016، التي سيتم بمقتضاها تخصيص مبلغ مساهمة قدره مليار و500 دولار أمريكي لتمويل البرنامج، ووفقًا للاتفاقية المعدلة يصبح مبلغ القرض المقدم من الصندوق للحكومة المصرية طبقا لاتفاقية أبريل 2016 (937 مليونا و500 ألف ريال سعودي) ليصبح مليار و465 مليونا و817 ألفا و500 ريال سعودي.[34]
ـ الموافقة على اتفاقية تسهيل قرض لأجل بين الهيئة القومية للأنفاق بصفتها مقترض وجي بي مورجان يوروب لميتد بصفته (وكيل التسهيلات)، وبنك جي بي مورجان تشيس فرع لندن، ومؤسسات مالية أخرى بمبلغ قدرة 1.885.630.553.20 يورو، والموقعة بتاريخ 13/8/2020.
يُذكر أن هذا القرض بهدف تمويل مشروع خَطي قطار مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة مدينة السادس من أكتوبر، وقد أقره المجلس بشكل نهائي بعد موافقة لجنة النقل والمواصلات[35]، وجدير بالذكر أن الدولة تتكفل بـ 15% فقط من تكلفة هذا المشروع، وباقي التكلفة من خلال هذا القرض، على أن يتم سداده خلال 14 سنة على 28 قسط نصف سنوي متساوٍ، بضمان وزارة المالية،[36] مما يعني زيادة الأعباء المالية على الدولة في سداد مثل هذه المبالغ الضخمة التي تتضمن بالضرورة إجراءَات اقتصادية أكثر حدًة على المواطنين، وقد تم البدء بالفعل في خط العاصمة الإدارية في أغسطس الماضي.
ـ قرار بشأن الموافقة على ميثاق منتدى غاز شرق المتوسط، الموقع في القاهرة 22/09/2020.
وقد أُعلن عن تأسيس هذا الميثاق مطلع 2019 ومقره القاهرة. والأعضاء المؤسسون؛ كل من: مصر والأردن وإسرائيل وقبرص (الرومية) واليونان وإيطاليا وفلسطين.
وفي حين صرح على عبد العال رئيس مجلس النواب أن هذا المنتدى سيكون فاتحة خير على مصر، فقد نسبت لِمصدر إسرائيلي في قطاع الطاقة قوله: إن “المنتدى سَيساعد في إحلال تطبيع مرحب به في العلاقات في المنطقة، والذي يساعد بدوره في تعزيز وتطوير قطاع الغاز في إسرائيل، وصادرات الغاز من إسرائيل لجيرانها وأوروبا ومناطق أخرى”[37] .
ـ قرار بشأن الموافقة على اتفاقية بين جمهورية مصر العربية والمملكة المتحدة البريطانية الموقعة في القاهرة بتاريخ 5/ 12/ 2020 [38] .
وتأتي هذه الاتفاقية في إطار استدراك على الاتفاقية الأوروبية ـ المتوسطية التي يترتب عليها شراكة بين مصر من جهة، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، والموقعة في لوكسمبرج عام 2001، والتي سوف ينتفي سريانها على بريطانيا بنهاية الفترة الانتقالية لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فتم توقيع هذه الاتفاقية حتى تستمر الحقوق المترتبة على الاتفاقية سالفة الذكر قائمة بين الدولتين.
ـ قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 643 لسنة 2020 بشأن الموافقة على اتفاقية منحة المساعدة بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الحوكمة الاقتصادية الشاملة، الموقعة في القاهرة بتاريخ 30/ 09/ 2019.
ـ كما تضمنت الجلسة الأخيرة الموافقة على مشروعي قانون مُقدمين من الحكومة
ـ الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة ايوك برودكشن بي.في وشركة لوك أويل اوفرسيز ايجيبت لميتيد للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة تنمية مليحة بالصحراء الغربية.
الاتفاقات التي وقعتها الوزارة خلال فترة الجائحة (كورونا) بلغت 12 اتفاقية تستهدف حفر 23 بئرًا في تسع مناطق بشرق وغرب المتوسط وثلاث مناطق بالبحر الأحمر.[39]
وحسب وزير البترول، فالقطاع مستمر في جلب المزيد من الاتفاقات البترولية ، باعتبارها إحدى الدعائم الرئيسية لجلب الاستثمارات الأجنبية، كما صرح من قبل أن استراتيجية الوزارة الفترة المقبلة طرح مزايدات عالمية، وتوقيع المزيد من الاتفاقات، والتي بلغت في يناير الماضي 79 اتفاقية.[40]
ـ كما ناقش المجلس تقرير لجنة النقل والمواصلات عن مشروع القانون المقدم من الحكومة، بمنح التزام لتمويل وتصميم وإنشاء واستغلال وصيانة وإعادة ملكية الميناء الجاف بمدينة السادس من أكتوبر بنظام المشاركة مع القطاع الخاص، ووفق عليه نهائياً [41].
ونصت المادة الأولى على أن يمنح التزام التمويل وتصميم وإنشاء واستغلال وصيانة وإعادة ملكية ميناء السادس من أكتوبر الجاف لشركة ميناء أكتوبر الجاف شركة مساهمة مصرية وشركة المشروع المؤسسة من التحالف الفائز لشركات “السويدي إليكتريك – دي بي شنكر – السويدي للممتلكات اللوجيستية”، وفق أحكام العقد المرافق لهذا القانون.
ووفق المادة الثانية تكون مدة الالتزام الممنوحة لشركة المشروع المذكورة أعلاه ثلاثين عامًا من تاريخ التشغيل الفعلي للميناء، وتبلغ إجمالي التكلفة التقديرية للإنشاءات والمعدات الخاصة بالميناء 176 مليون دولار، يتحملها التحالف الفائز والذي يضم شركتين مصريتين وثالثة ألمانية.[42]
كان من المفترض أن تأتي مناقشة مجلس النواب لهذا المشروع منذ عام وليس الآن للوقوف على الاتفاقية وأبعادها، لإصدار قرار واضح بشأنها، فبحسب تصريح لوزير النقل في فبراير 2020 أنه كلف التحالف المتعاقد معه بالبدء في تنفيذ الأعمال، على أن ينتهي في 2021،[43] وكانت الوزارة قد وقعت مع التحالف الفائز على هذا المشروع في يناير 2020.
ثانيًا: مشروعات مقترحة للمجلس الجديد
ـ وأحال المجلس عدد 18 قانونا إلى اللجان النوعية لدراستها، لتكون على جدول الأعمال في المجلس القادم، وهي :
ـ مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الصادر بالقانون رقم 118 لسنة 1964.
ـ مشروع قانون من الحكومة بشأن المالية العامة الموحد.
ـ مشروع قانون مقدم من الحكومة بإعفاء عوائد السندات التي تطرح للاكتتاب في الخارج من كافة الضرائب والرسوم.
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بربط الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019/2020.
ـ مشروعات قوانين مقدمة من الحكومة بربط الحسابات الختامية لموازنات الهيئات العامة الاقتصادية للسنة المالية 2019/2020 (وعددها 50 مشروع قانون).
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بربط حساب ختامي موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية 2019/2020.
– مشروع قانون مقدم من الحكومة باعتماد الحساب الختامي لوزارة العدل والجهات التابعة لها (الجهات المعاونة) للسنة المالية 2019/2020.
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 84 لسنة 2015 بإنشاء صندوق تحيا مصر.
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون الصكوك السيادية.
– مشروع قانون مقدم الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 3 لسنة 2005 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون التأمين الموحد.
– مشروع قانون بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة بي بي مصر للبحث عن البترول وتنميته واستغلاله في منطقة تنمية جنوب غارب البحرية بخليج السويس (ج.م.ع).
– مشروع قانون بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة ايوك برودكشن بي. في ، وشركة لوك أويل أوفرسيز ايجيبت ليمتد، للبحث عن البترول وتنميته واستغلاله في منطقة تنمية مليحة المندمجة بالصحراء الغربية (ج.م.ع).
– مشروع قانون بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول والشركة الوطنية المصرية لاكتشاف وتنمية البترول؛ للبحث عن البترول واستغلاله في منطقة وادي دب بالصحراء الشرقية (ج.م.ع).
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون إنشاء الهيئة المصرية لضمان الجودة والاعتماد في التعليم والتدريب التقني والفني والمهني.
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون تنظيم عمليات الدم وتجميع البلازما لتصنيع مشتقاتها وتصديرها.
– مشروع قانون مقدم من الحكومة بمنح التزام لتمويل وتصميم وإنشاء واستغلال وصيانة وإعادة ملكية الميناء الجاف بمدينة السادس من أكتوبر بنظام المشاركة مع القطاع الخاص.[44]
ـ ثالثًا: قرارات جمهورية متعلقة بتخصيص أراضي مملوكة للدولة
ـ قرار جمهوري 621 لسنة 2020 بتخصيص قطعة أرض بمساحة 930920.41 فدان تقريبا، من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بجهة منخفض توشكى بمحافظتي أسوان والوادي لصالح مشروعات الخدمة الوطنية لاستثمارها في الاستثمار السمكي والزراعي.[45]
ـ قرار جمهوري رقم 645 لسنة 2020 بتخصيص مساحة 29435,50 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، ناحية مدينة بدر محافظة القاهرة لصالح هيئة المجتمعات العمرانية لإقامة مجتمع عمراني جديد بحدائق العاصمة[46].
ـ قرار جمهوري رقم 646 لسنة 2020 بالموافقة على تغيير الغرض من استخدام بعض الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة ناحية محافظة الأقصر من نشاط الاستصلاح والاستزراع إلى النشاط السياحي.[47]
ـ قرار جمهوري رقم 648 لسنة 2020 بتخصيص مساحة 1227.84 فدان ناحية جنوب مدينة العاشر من رمضان لغرض المنفعة العامة بدون مقابل لاستخدامها في إقامة مدفن صحي تحت إشراف وزارة البيئة، نقلا من الأراضي المملوكة للقوات المسلحة.[48]
ـ كما أصدر السيسي قرارا بفض دور الانعقاد السادس لمجلس النواب، والذي يكمل به المجلس فصله التشريعي الأول بمضي خمس سنوات ميلادية.[49]
ويذكر أن الهيئة الوطنية أعلنت في 14 ديسمبر الماضي النتيجة النهائية لانتخابات النواب بعد انتهاء جولة الإعادة[50] .
رابعًا: حصاد المجلس بعد انتهاء الفصل التشريعي الأول
المراقب لأداء البرلمان يقف أمام قدر غير مسبوق من الموافقات على القانونين والاتفاقات الدولية، فبحسب الأمانة العامة لمجلس النواب، فقد وافق المجلس على 891 قانونًا، و308 اتفاقيات دولية.
شملت هذه الموافقات التصديق على اتفاقات القروض التي تسلمها السيسي خلال السنوات السابقة، وإقرار صندوق مصر السيادي الذي يمنح السيسي سلطة التصرف في أصول الدولة وبيعها، والموافقة على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وقوانين إزالة الملكية للمنفعة العامة، والموافقة على تمديد حالة الطوارئ، كما أقر القوانين التي أصدرتها الحكومة للاقتطاع من رواتب العاملين بالدولة تحت أكثر من بند، وإقرار تعديلات قانون هيئة الشرطة للتوسيع من صلاحيات الأمن الوطني، إلى غيره من القوانين.
في إطار ذلك تُطرح تساؤلات عن الدور المنوط بالمجلس في مراقبة الإنفاق الحكومي، وخطط الاقتراض وكيفية السداد، إضافة إلى الجوانب الأخرى في الأداء الحكومي.
كما مارس دورًا شديد السلبية في تمكين النظام من البطش بمعارضيه من كافة أطياف الشعب المصري، بالتجاوز عنه تارة، وإصدار تشريعات توسع صلاحيات الأمن تارة أخرى، وعدم ممارسته حقه في مساءلة الحكومة، مما جعله أداة تحركها يد النظام.
شهد شهر ديسمبر 2020م حدثيْن مُهمَّيْن على المستوى الثقافي والفكري، أوَّلهما انشغال الرأي العام في مصر بموضوع التنمُّر ضد ذوي البشرة السمراء، وهي ظاهرة غريبة على المجتمع المصري. وثانيهما إفتاء «مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيَّة» بحُرمَة الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين.
أولًا: التنمّر ضد ذوي البشرة السمراء
التنمُّر، مصطلح شغل المصريّين كثيرًا في مطلع هذا الشهر، بعد أن تعرَّض لاعبٌ من ذوي البشرة السمراء للإهانة من جماهير النادي المنافس في لقاءٍ جَمَع قطبي الكرة المصريَّة، في 28 سبتمبر2020. الأمر الذي فجَّر موجة من الغضب الشديد بسبب هذه التصرُّف المُشِين في وسائل الإعلام المختلفة وعلى منصَّات التواصل الاجتماعي، وأعاد إلى الأذهان ذكرى حوادث كثيرة تعرَّض فيها الضحايا للتنمُّر بسبب لون البشرة، كتلك الحادثة التي وَجَّه فيها أحد المدرسين سؤالًا لتلميذته التي تدعى “بسملة” قال فيه: “اعربي جملة: بسملة فتاة سوداء”، ما جَعَل الفتاة تجهش بالبكاء وسط سخرية من مدرسها. ولَعَلَّ من أكثر الحوادث مأساويَّة تلك التي انتهت بانتحار فتاة مصريَّة بسبب تنمُّر زملائها ومعلميها، حتى إنَّ أحدهم قال لها: “إنتي سودة، دخلتي تمريض إزاي؟”، فقرَّرت الفتاة أن تُنهِي معاناتها معهم بالانتحار[51].
والتنمُّر شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجَّه من قِبَل فردٍ أو مجموعة أفراد نحو فردٍ أو مجموعةٍ أضعف، وهو من الأفعال المتكرِّرة على مَرِّ الزمان وباختلاف المكان. وقد يكون التنمُّر لفظيًّا أو جسديًّا أو حتى بالإيماءات، ويُؤدِّي إلى إشعار الضحايا بالخجل والعجز واليأس والاكتئاب، ويُحِيطهم بجَوٍّ من الخوف وانعدام الأمن، ويَدفعهم إلى الانسحاب من المجتمع واختيار الوحدة والانعزال، وكأنَّهم غير مرغوب بهم في المجتمع. وقد يتحوَّل هؤلاء الضحايا إلى مُتنمِّرين فيما بعد انتقامًا لأنفسِهم.
ومن أكثر أنواع التنمُّر شيوعًا ذلك الذي تتعرَّض فيه الضحية للإيذاء المعنوي أو المادي بسبب لون البشرة، خاصَّة أصحاب البشرة السمراء، تلك الظاهرة التي شاعت في دول عديدة وثقافات مختلفة، وهي من تجليَّات العنصريَّة البغيضة التي تفرِّق بين الأبيض والأسود، وتدَّعي الأفضليَّة والتفوُّق لأصحاب البشرة البيضاء.
لكن العجيب أن تظهر هذه الظاهرة في المجتمعات الإسلاميَّة، ومنها المجتمع المصري الذي يَدين أغلب أفراده بالإسلام، ذلك الدين الذي جَعَل من اختلاف ألوان البشر آية من آيات الله الدَّالة على قدرته وإبداعه في الخلق: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)[الروم: 22]، وسَاوى بين الناس: “إنَّما النَّاسُ سَوَاءٌ كَأسْنَانِ المُشْطِ، وإنَّما يَتفاضَلون بالعافِيَة”[أمثال الحديث للأصبهاني]، واتخذ من التقوى أساسًا للتمايز بين البشر: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات: 13]. والتاريخ الإسلامي حافل بنماذج دَلَّت على فهم المسلمين لجوهر هذا الدين الذي يقوم على المساواة، ويَجعل من التقوى معيارًا للأفضليَّة، ويُقدِّم أصحاب الرأي والعِلم، كما في دخول وفد المسلمين على المقوقس، حيث تقدَّمهم عبادة بن الصامت، فهَابَه المقوقس، وقال: نَحُّوا عنّي هذا الأسود، وقَدِّموا غيره يكلمني. فقالوا جميعًا: إنَّ هذا الأسود أفضلنا رأيًا وعلمًا، وهو سيدنا وخيرنا والمُقدَّم علينا، وإنَّما نرجع جميعًا إلى قوله ورأيه.
ولكن هذا العجب يَنتفِي حينما نعلم أنَّ لهذه الظاهرة روافد كثيرة تمدُّها وتُبقِي عليها، أبرزها ما يلي:
- الجهل بشرائع الإسلام التي تحمي الإنسان من الضرر، سواء كان ماديًّا أو معنويًّا، والبُعْد عن تعاليمه السامية التي لا تتحيَّز للون أو جنس: “يا أيُّها الناس، ألا إنَّ ربَّكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلَّا بالتقوى”[مسند الإمام أحمد]. وتُحرِّم إيذاء الغير: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)[الأحزاب: 58]، وتَنهَى عن السخرية من الآخرين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ…)[الحجرات: 11]. وهي ضوابط تضمن القضاء على عقدتي “الاستعلاء” و”الدُّونيَّة” في المجتمع المسلم، حتي إنَّ الداعية الأميركي المسلم، «مالكوم إكس»، وَصَف هذه الحالة بـ”عَمَى الألوان في المجتمع الديني بالعالم الإسلامي، وعَمَى الألوان في المجتمع الإنساني بالعالم الإسلامي”[52].
- استحضار الجوانب العنصريَّة من الموروث الشعبي في علاقاتنا الاجتماعيَّة وما يرتبط بها من عادات وأعراف وتقاليد. وهذا الموروث، بما فيه من حكايات وأمثال وأغان شعبيَّة، هو أحد مكونات ثقافتنا العامَّة، وعنصر من عناصر تكوين الوَعْي، رغم ما نجده أحيانًا من تعارض بين الديني والتراثي، كما في موضوع العنصريَّة القائمة على اللون، فتراثنا يزخر بكثير من المقولات العنصريَّة التي جَرَى ترديدها وتناقلها على مَرِّ العصور، دون التعمُّق فيما تحمله من معانٍ مؤذيةٍ. غير أنَّ ارتفاع نسبة الوَعْي في المجتمع العربي مؤخرًا، وانخفاض نسبة الأميَّة والجهل، جعلا المجتمع يتخلَّى عن الكثير من تلك المقولات، ولم يعد سماعها مُستساغًا لدى نسبة كبيرة من أبناء هذا الجيل، إلَّا أنَّها لم تختف بشكل كامل[53].
- تأثير الأعمال الفنيَّة التي تحتوي على مضمون يُدمِّر القِيَم الأخلاقيَّة النبيلة ويُروِّج لأفكار وسلوكيَّات تشجع التنمُّر وترسِّخ العنصريَّة في نفوس المشاهدين من خلال السخرية من أصحاب البشرة السمراء لانتزاع الضحكات، أو حصرهم في أنماط مُعيَّنة يَراها البعض في أدنى درجات السلم الاجتماعي، مثل البوَّاب والسفرجي والخادم. وهكذا تغذي الأعمال الفنيَّة العنصريَّة بما تتركه من أثر في نفس المتلقي، ولهذا يَنبغِي أن يهتم النقّاد برصد المشاهد التي يوجد بها تنمُّر أو عنصريَّة من أيّ نوع ومحاربتها[54].
ولخطورة هذه الظاهرة، انبرى كثير من الدعاة لمواجتها، وقامت دار الإفتاء المصريَّة بنشر مقطع فيديو على حسابها على «تويتر»، أكَّدت من خلاله أنَّ التنمُّر والسخرية سلوكيَّات مرفوضة، تتنافى مع مكارم الأخلاق. وقال أمين الفتوى بالدار إنَّ “السخرية والاستهزاء بالخلق… سلوكيَّات مرفوضة، لأنَّها تجعل الإنسان في ورطة بين يدي الله”[55].
ولكن، إذا كان القانون قد نصَّ على معاقبة المتنمِّر، فإنَّ القوانين لم تمنع الجريمة من الوقوع، ولن تمنعها، كما أنَّ الفتوى الدينيَّة لن تُجدِي نفعًا مع المتنمِّرين في مجتمع يُراد له الابتعاد عن الدين ومنظومته الأخلاقيَّة، ولهذا فإنَّ محاصرة هذه الظاهرة مرهونة بزيادة الوَعْي الديني، وانتشار العلم والرحمة بين أفراد المجتمع، وسن قانون يردع المتنمرين.
ثانيًا: الأزهر وتحريم الانضمام إلى الإخوان المسلمين
في 20 ديسمبر 2020م، وفي خطوة مُتوقَّعة، أفتى «مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيَّة» : “بأنَّ الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات “الإرهابيَّة” مُحرَّم شرعًا”.
انطلقت الفتوى من ثوابت إسلاميَّة لا خلاف عليها، مثل الأمر بالاجتماع على كلمة واحدة، والتمسُّك بوحدة الصَّف، والابتعاد عن الفتن وأسبابها، والنهي عن الفرقة والاختلاف. ثم اتهمت الإخوان بتشويه النصوص واقتطاعها من سياقها واستخدامها لتحقيق أهداف ومآرب شخصيَّة، والإفساد في الأرض من خلال غرس الفتنة والوقيعة بين أبناء الوطن، ورَمْي المجتمعات بالكفر. وما بين التأكيد على الثوابت وتوجيه الاتهامات نلاحظ ما يلي:
- سَاوت الفتوى بين الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابيَّة، وعَمَّمت عليهم جميعًا الحكم بحُرْمَة الانضمام إليهم، لا فرق في ذلك بين المُتطرِّفين الذين ينتهجون سبيل العنف ومَن تأسَّس منهجه على كتاب الله وصحيح السُّنَّة، ويدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون إفراط أو تفريط.
- ركَّزت الفتوى على إظهار الانتماء للجماعات وكأنَّه شق للصَّف الإسلامي، وهو أمر مُخالِف لمنهج الأزهر الذي لا يرفض وجود جماعات دعويَّة تعمل لخدمة الإسلام.
- لم تأت الفتوى بشواهد تدل على انطباق أحكام الجماعات الإرهابيَّة والتكفيريَّة على الإخوان المسلمين، أو تشير إلى مخالفة الجماعة للثوابت الداعية إلى الوحدة، خاصَّة وأنَّ الجماعة تنبذ العنف وترفض التكفير.
لقد تناقضت هذه الفتوى مع موقف شيخ الأزهر من الإخوان المسلمين ورأيه فيهم بعد ثورة يناير 2011م وإلى ما قبل الانقلاب العسكري، حيث استقبل الشيخ مرشد الإخوان وكبار قيادات الجماعة داخل مكتبه في مقر المشيخة، وقال حينها إنَّ “الأزهر والإخوان شركاء في المَسَار نفسِه، ونصف أعضاء الجماعة من الأزاهرة، والجماعة لم تكن غائبة عن الأزهر طوال تاريخها”. ثم قال في لقاء متلفز يعود إلى عام 2012م إنَّ “الإخوان من الناحية الفكريَّة أو العقائديَّة لا خوف منهم، لأنَّهم متشبعون بفكر الأزهر”. كما اختار بعض الشخصيَّات القريبة من الإخوان والتي تمثل قيمة فكريَّة كبيرة بالنسبة لهم في هيئة كبار علماء الأزهر، مثل: حسن الشافعي، ويوسف القرضاوي، ومحمد الراوي، ومحمد عمارة[56]. علمًا بأنَّ من مهام هذه الهيئة البَت في المسائل الدينيَّة ذات الطابع الخلافي، والقضايا الاجتماعيَّة التي تواجه العالم الإسلامي والمجتمع المصري على أساس شرعي، وكذلك البَت في النوازل والمسائل المُستجدَّة، ودراسة التطورات المُهمَّة في مناهج الدراسة الأزهريَّة[57]. وهو ما يَعنِي ثقة الأزهر في فكر هؤلاء العلماء الذين تمثل مؤلفاتهم وأفكارهم جزءًا مُهمًّا من المُكوِّن الفكري للإخوان المسلمين.
وتناقضت أيضًا مع مواقف شيوخ الأزهر السابقين الذين تولَّوا مسؤوليَّة هذه المؤسَّسة الدينيَّة العريقة في الفترة ما بين تاريخ تأسيس الجماعة عام 1928م وتاريخ إصدار هذه الفتوى، إذ لم يُعرَف عن أحدٍ من هؤلاء الشيوخ الأجلاء انبطاحًا للنظم الحاكمة وتسييسًا للفتوى الدينيَّة من أجل تشويه الجماعة كما فعل الأزهر في عهد الشيخ الحالي.
كما دفعت هذه الفتوى البعضَ إلى المقارنة بين شيخ الأزهر الحالي والشيوخ الأجلاء الذين صنعوا مجد الأزهر بمواقفهم التي سَجَّلها التاريخ، بعد أن وقفوا في وَجْه الحكَّام الذين أرادوا استغلال منبر الأزهر في المكايدات السياسيَّة، وحاولوا تسخير الفتوى الشرعيَّة لتثبيت أركان حكمهم والتنكيل بالمعارضة، وأعادت ذكرى شيوخ لم يَخشوا في الله لومة لائم، ورفضوا الزجَّ بالأزهر في الصراع بين النظام في مصر والإخوان المسلمين، وعلى رأسهم شيخ الأزهر الأسبق، «الخضر حسين»، الذي رفض طلبًا من جمال عبدالناصر بالإفتاء بأنَّ الجماعة إرهابيَّة، قائلًا: “لقد عِشت خادمًا لديني وليس مستخدمًا لهم، ويكفى العبد الفقير كسرة خبز وشربة ماء، وما أكثر القضاء في ملكوت الله، وإنِّي أشهد الله أنَّ الإخوان المسلمين دعوة ربانيَّة، عرفتها ميادين البذل والعطاء والجهاد والتضحية، لم يخونوا ولم يغدروا”[58].
لم تصدر الفتوى المذكورة على لِسَان شيخ الأزهر أو في بَيَان يحمل توقيعه، وهو ما يمكن تفسيره بمحاولة رفع الحرج عنه، ولكي يجد مخرجًا للتنصُّل منها إذا ما اضطر إلى ذلك مستقبلًا، وحتى لا يَظهر في مظهر المُستسلِم لضغوط الإعلام المحلي والمنفذ للإملاءات الخارجيَّة. ولكن لا شك في أنَّ فتوى كهذه لم تكن لتخرج إلَّا بمعرفته ، وأنَّه يتحمل المسؤوليَّة عن تبعاتها بوصفه شيخًا للأزهر، وهو ما أكَّده الشيخ «نصر فريد واصل»، مفتي الجمهوريَّة الأسبق وعضو «اللجنة العُليا للإفتاء» بالأزهر، الذي كشف أنَّ المركز الذي صدرت عنه فتوى تحريم الانضمام لجماعة الإخوان يتبع مشيخة الأزهر، وقال: “إنَّنا في مشيخة الأزهر مَن نشرف على مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونيَّة”، مؤكِّدًا أنَّه “موقع رسمي يمثل الأزهر الشريف وشيخه الطيّب”، ومُعلِنًا أنَّها “فتوى صحيحة وصادرة عن الأزهر وتمثل المشيخة”. وحول أسباب صمت شيخ الأزهر وعدم إعلانه قبول هذه الفتوى أو رفضها، قال: “لو كان لشيخ الأزهر موقف آخر لأعلنه صراحة”[59].
وهكذا سَار الأزهر على خطى «هيئة كبار العلماء» بالمملكة العربيَّة السعوديَّة التي أعلنت، منتصف نوفمبر، أنَّ الإخوان المسلمين “جماعة إرهابيَّة لا تمثل منهج الإسلام”، و«مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي»، الذي جَرَّم في 24 نوفمبر جماعة الإخوان المسلمين واعتبرها منظمة إرهابيَّة. وجاءت خطوة الأزهر بعد حملة شنتها الأذرع الإعلاميَّة للنظام العسكري الحاكم بمصر على شيخ الأزهر لإصدار بَيَان رسمي يُصنِّف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابيَّة، أسوة بما صدر عن السعوديَّة والإمارات، وحديثٍ عن ضغوطٍ مارستها الإمارات على الشيخ لاتخاذ خطوة مماثلة لعزل الجماعة دينيًّا بعد محاصرتها سياسيًّا.
لم تخرج فتوى الأزهر عن مضمون البَيَانين السعودي والإماراتي، فالمصدر واحد، والمستفيد واحد، وهو تحالف الثورة المضادة المعادي لثورات الربيع العربي، والذي يُريد خنق الأصوات الإصلاحيَّة المعارضة للأنظمة الاستبداديَّة في المنطقة العربيَّة وإخراجها من المشهد السياسي. ولهذا فقد اشتركت الجهات الثلاث في اتهام جماعة الإخوان المسلمين بأنَّها تتبع أهدافها الحزبيَّة، وتتستر بالدين، وتمارس ما يُخالِفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب.
أمَّا عن موقف الإخوان المسلمين من الأزهر بعد هذه الفتوى، فمِن غير المُنتظَر أن يهاجموا الأزهر في دفاعهم عن جماعتهم، فقد تمسَّكوا – منذ نشأتهم – باحترام الأزهر والمحافظة على هيبته كمرجعيَّة أولى لأهل السُّنَّة والجماعة في مصر والعالم، حتى في أشد لحظات المعاناة بسبب ما وقع عليهم من ظلم شارك فيه شيخ الأزهر الحالي، وهو ما يؤكِّده البَيَان الذي ندَّدت فيه الجماعة بالحملة التي شنَّها إعلام النظام الانقلابي على الأزهر للإساءة إليه في 2017م[60]. ويَستنِد الإخوان في موقفهم المبدئي هذا إلى أدبيَّات الجماعة، وعلى رأسها كلمات مؤسِّسِها، الشيخ حسن البنّا، التي يَصِف فيها الأزهر فيقول: “إنَّ الأزهر الشريف هو أمل المسلمين الباقي، وهو مظهر الإسلاميَّة، وله من ماضيه وحاضره وآثاره ما يجعله كذلك؛ فإعزازه إعزاز للإسلام، والنَيْل منه نَيْل من الإسلام؛ فموقف الإخوان المسلمين منه المحافظة التامَّة على مجده وكرامته، والعمل الدائب على إعزازه وإعلاء شأنه وتأييده في كلّ خطةٍ يُراد بها خدمة الإسلام والمسلمين”[61].
أولًا: المصالحة الخليجية
اكتسبت مسألة المصالحة الخليجية زخمًا واسعًا في كل وسائل الإعلام العالمية والإقليمية، الأمر الذي يدل على الأهمية التي تكتسبها هذه القضية في المنطقة. ورغم هذه التغطية الواسعة، فإنه برزت بعض الفوارق الواضحة بين تغطية وأخرى.
وحيث إن اهتمامنا الرئيسي في هذا الباب مُنصَبٌّ على الإعلام المصري، فيمكن القول بأنه استقبل أنباء المصالحة بشكل سلبي، بخلاف الإعلام السعودي الذي استقبلها بإيجابية، فأوقف الحملات الإعلامية التي كان يشنها ضد الدوحة، وبدأ يتحدث عن القواسم المشتركة بين المملكة وجارتها قطر.[62]
ورغم تشابه الإعلام المصري مع نظيره الإماراتي في إعطاء رسائل سلبية حول الاتفاق المبدئي على حلحلة الأزمة الخليجية، الذي أعلنته دولة الكويت، فإن الإعلام المصري كان سباقًا إلى انتقاد قطر، بخلاف الإعلام الإماراتي الذي تجاهل ذكر هذه الأنباء في البداية، ثم ما لبث أن استمر في حملاته الإعلامية ضد قطر بشكل عام، بما في ذلك من لمز لفكرة المصالحة.[63]
بدأ أبرز الإعلاميين المصريين المعروفين بالقرب من النظام الحاكم في مهاجمة المصالحة، حتى قبل أن تعلن الكويت التوصل لاتفاق مبدئي بين الفرقاء. حيث قال أحد أقرب الإعلاميين للسلطة في مصر في الثاني من شهر ديسمبر/ كانون الأول المنصرم: “يقولون نريد مصالحة! اذهب وتصالح مع مَن تريد، لكن مصر لن تفعل. أنت (قطر) تتآمر عليّ ثم تقول أريد مصالحة! نحن نفهمك جيدًا ولن نتصالح”.[64]
ثم كثَّف ذات الإعلامي حملته عقب البيانات الرسمية التي تحدثت عن التوافق حول حلحلة الأزمة. حيث وصف القيادة السياسية في قطر بـ”النظام الإرهابي”، وجاء على لسانه عبارات مثل “مَن يريد أن يصالح لقطر فليفعل، نحن لن نفعل. نحن لدينا شهداء ودم، ولابد من أخذ ثأر أولادنا. ومع احترمنا لدولة الكويت الشقيقة وكل المبادرات المتعلقة بالمصالحة الخليجية، النظام القطري لا يؤتمن ولو بأقل قدر، ولن نصدق أي حديث يخرج من أفواه المسؤولين القطريين”[65] .
ورغم ما ورد على لسان هذا الإعلامي من كلمات “شديدة وتصعيدية”، فإن رسائله الأساسية جاءت على لسان باقي الإعلاميين المصريين الذين تحدثوا في شأن المصالحة. وكان واضحًا أيضًا أن الإعلام المصري يحاول إبراز أن المفاوضات الجارية ، ليست بين العواصم الخليجية فقط، بل إن القاهرة طرف رئيسي في كل التطورات المتعلقة بالأزمة[66].
ويبدو أن تغطية الإعلام القطري وعلى رأسه “قناة الجزيرة” للوضع في مصر، بالإضافة إلى الإعلام المعارض -الذي يزعم النظام المصري أنه ممول قطريًا- هو أهم ما يشغل نظام السيسي، حيث كرر المذيعون المصريون مطالبهم بوقف ما أسموه بـ”الحملات الإعلامية التي تستهدف مصر” هذا إذا أرادت قطر المضي قدمًا في ملف المصالحة. في المقابل، قلَّ الحديث في النوافذ الإعلامية المصرية عن مطالب أخرى ترفعها دول الحصار، كعلاقة الدوحة بطهران.
ورغم مرور ما يقرب من الشهر على الأنباء الرسمية حول التوصل إلى اتفاق مبدئي لحل الملفات العالقة بين دول الحصار من جهة، وقطر من جهة أخرى، فإن خطاب الإعلام المصري لم يتغير كثيرًا في هذا الشأن[67].
فمع اقتراب عقد قمة خليجية خلال يناير/ كانون الثاني الجاري في الرياض، والحديث عن احتمالية حضور تمثيل قطري عالي المستوى، وحضور قائد الإنقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي للقمة[68] ، ما زال الإعلام المصري يتحدث حتى الآن عن أن الكرة في ملعب قطر إن أرادت المصالحة[69] ، ولا يخلو الخطاب كذلك من انتقاد للسياسات القطرية، خصوصًا الإعلامية منها[70].
التباين في التغطية الإعلامية بين الإعلام السعودي من جهة، ونظيريه الإماراتي والمصري من جهة أخرى، ينبئ بأن السعودية هي وحدها ضمن دول الحصار التي تتحمس إلى إنهاء ملف الأزمة الخليجية.
وبعيدًا عن الأسباب التي قد تدفع الرياض لأخذ هذا المنحى- التي لن تخلو بطبيعة الحال من ذكر المتغير الأهم في السياسة العالمية حاليًا وهو قدوم المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى رئاسة أمريكا- فإنه من الواضح أن القاهرة وأبو ظبي لا تشاركان الرياض هذا الحماس، بل يمكن القول إن الدولتين تعملان في الاتجاه المضاد الذي تقوده المملكة، وهو ما يقلص من فرص التوصل لاتفاق حقيقي شامل ينهي الأزمة، فضلًا عن أنه يهدد ديمومة الاتفاق – حال حدوثه- مستقبلًا.
ثانيًا: ليبيا
رغم الأهمية الكبيرة الذي تحوزها الأزمة الليبية إقليميًا وعالميًا، والاهتمام الواسع الذي توليه القاهرة لجميع التطورات في جوارها الليبي، تراجع ذكر الأزمة الليبية في معظم النوافذ الإعلامية المصرية خلال الأسابيع الماضية، حيث قلَّ الحديث في الإعلام المرئي عن مجريات الأحداث على الساحة الليبية، حتى إن التغطية الإعلامية لزيارة وفد ضم 75 من شيوخ الجنوب الليبي إلى القاهرة كانت باهتة إلى حد بعيد، حيث اكتفى معظم المقدمين بقراءة البيانات الرسمية التي تحدثت عن اللقاء[71].
لكن مع زيارة الوفد التركي الذي تكون من ضباط عسكريين كبار، على رأسهم وزير الدفاع خلوصي أكار[72]، بدأ الإعلام يتحدث بشكل طفيف عن رأيه في تطورات المشهد الليبي. وربما توضح بعض العبارات – التي وردت على لسان أحد أقرب الإعلاميين للنظام- الرؤية المصرية الحالية تجاه ليبيا.
حيث قال: “تركيا تحاول تأجيج الصراع بين الليبيين”، “رغم إيجابية أن يكون هناك تبادل أسرى بين حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي (قوات حفتر) فإنه من المحزن أن يصل الخلاف بين الليبيين إلى هذا الحال”، “أقول للإخوة في الشرق والغرب أنتم ليبيون والأغراب لابد أن يرحلوا، كل الأغراب بما فيهم القوات التركية والروسية. لابد أن يخرج الجميع من ليبيا وتبقى ليبيا لليبيين. أقول للإخوة الليبيين انتبهوا لوحدتكم، أخرجوا واطردوا الغازي والمحتل الذي يسرق ثروتكم”[73].
وفي أعقاب زيارة الوفد التركي إلى طرابلس، زار وفد مصري رفيع المستوى طرابلس للمرة الأولى منذ أكثر من خمس سنوات[74] ، لكن الخطاب الإعلامي لم يتغير كثيرًا من حيث الانتشار والرسائل. حيث كان استعراض القنوات التلفزيونية للحدث محدودا، وسريعا، دون التركيز على كثير من التفاصيل.
ومن حيث الرسالة، فيمكن ملاحظة التغير في خطاب الإعلام المصري تجاه الشأن الليبي بوضوح، وبالأخص تجاه حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا. فقبل أسابيع مضت، كانت الحكومة الليبية توصَف في النوافذ الإعلامية المصرية بشكل واسع بأنها “إرهابية” ، وأنها عبارة عن “مجموعة من الجهاديين والتكفيريين والخونة الذين باعوا أنفسهم وأرضهم لجهات خارجية”[75].
لكن يخلو الخطاب الإعلامي الحالي – رغم محدوديته- من توجيه انتقادات لحكومة الوفاق. في المقابل، علت نبرة الدعوة إلى التوافق بين جميع أطياف الشعب الليبي، لحل الأمور بينهم بشكل سلمي، بعيدًا عن النزاع المسلح. كما أنه جدير بالملاحظة دعوة أحد الإعلاميين إلى خروج القوات الروسية من ليبيا، الأمر الذي لم يتطرق إليه إعلام النظام طيلة الأشهر الماضية، وربما منذ بداية الأزمة بشكل عام[76].
الهدوء النسبي الذي اتصف به الإعلام المصري فيما يخص حكومة الوفاق تزامن مع هجوم إعلامي على الوجود التركي في ليبيا، والذي نتج عن مذكرة التعاون الأمني التي وقعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع رئيس الحكومة الليبية فائز السراج، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي[77] . حيث استمر إعلاميون مصريون في وصفهم للتواجد التركي الداعم للوفاق بـ”الاحتلال”، داعين إلى ضرورة إخراجه من ليبيا[78] .
ويبدو أن طبيعة الرسائل الإعلامية في هذا الشأن لها علاقة بالتحركات الأخيرة للقاهرة، حيث يظهر أن أولويات القاهرة تحولت من تمكين قوات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر من العاصمة، إلى ضرورة إخراج تركيا من المشهد الليبي قبل كل شيء. في هذا السبيل، تسعى مصر إلى صنع سياسة أكثر توازنًا بين طرفي الصراع هناك، بعد أن كانت داعمة لقوات حفتر بشكل مطلق، وقاطعة لأي أواصر مع حكومة طرابلس.
ربما تكون السياسة المصرية الحالية تجاه الملف الليبي أتت بعد مراجعات للخيارات الخاطئة والأدوار السلبية التي لعبتها القاهرة طيلة السنوات الماضية من عمر الأزمة. وربما تكون مناورة تهدف لاستخدام الوفاق في إخراج تركيا من المشهد، أو للعب على التناقضات في معسكر الغرب الليبي، وإضعاف معسكر الشرعية من هذا الباب. لكن الأكيد أن الموقف المصري من الأزمة الليبية بدا متغيرًا، برز ذلك في زيارة الوفد المصري إلى طرابلس مؤخرًا، وكذلك في التغطية الإعلامية لما يخص الشأن الليبي.
ثالثًا: بيان البرلمان الأوروبي
صوت البرلمان الأوروبي منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول على قرار يدين عدم التزام الدول الأعضاء بمنع تصدير أي معدات أو أدوات قد تستخدم في “القمع” في مصر على حد ما جاء في القرار. ومن الواضح أن قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني -الذي عُثر على جثته في 3 فبراير/ شباط 2016 في حفرة على جانب أحد الطرق في مصر، وعلى جثمانه آثار التعذيب – كانت من أهم مسببات هذا القرار. حيث جدد القرار الأوروبي دعوة مصر إلى ضرورة البحث عن الحقيقة بخصوص مقتل ريجيني[79].
ويبدو أن قضية ريجيني والقضايا الحقوقية بشكل عام ستسبب خلال الفترة القادمة ضغوطًا دولية على المستويات السياسية والإعلامية والحقوقية على النظام المصري، خصوصًا في ظل وصول جو بايدن للبيت الأبيض؛ الأمر الذي حدا بنظام السيسي لمواجهة هذه الحملات بشكل مكثف في بدايتها، تمامًا كما فعل إعلام النظام قبل أسابيع، بعد اعتقال أعضاء من “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”[80].
في هذا الإطار، هاجم معظم الإعلاميين المصريين القرار الأوروبي من باب أن ذلك انتهاك للسيادة المصرية وتدخل في الشؤون الداخلية لمصر. ووُصفت توصيات البرلمان الأوروبي بـ”الحمقاء”، كما وُصف أعضاء البرلمان الأوروبي في أحد البرامج بـ”الأوغاد الحمقى”[81].
لم يخلُ الخطاب الإعلامي هذه المرة أيضًا من مهاجمة البيان الأوروبي من باب تشجيعه للشذوذ الجنسي.[82] فمن الملاحظ أن الإعلام المصري يحاول منذ فترة اختزال مطالبة الهيئات الدولية للنظام المصري باحترام حقوق الإنسان في أنهم يريدون شرعنة الشذوذ الجنسي في مصر، وتغيير هوية المجتمع المصري المحافظ.[83]
كذلك تداول الإعلام بصورة واسعة بيان البرلمان المصري الذي انتقد فيه بيان نظيره الأوروبي،[84] ويبدو أن ذلك جاء اتباعًا لسياسة النظام في تنشيط كل مؤسسات الدولة للرد على مثل هذه الانتقادات الدولية، التي نوهنا عنها في الدفتر الإعلامي لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.[85]
يحاول الإعلام خلال هذه المعركة التي يختلط فيها الشأن السياسي بالحقوقي بالإعلامي أن يُشَغِّب على أي انتقاد لممارسات السلطات المجحفة بحق المعارضين في مصر، وذلك باستثارة العاطفة الدينية للشعب عبر اختزال الملف الحقوقي في الشذوذ وما شابهه من ممارسات مستنكرة شعبيًا.
كذلك تحاول نوافذ النظام الإعلامية تحويل الانتقادات الدولية لتردي الملف الحقوقي في مصر إلى معركة قومية تستثير فيها الحس القومي الشعبي، وتحويل الأمر إلى قضية استقلال وطني. ويبدو أن إعلام النظام سيستمر فترة ليست بالقصيرة على ذات الوتيرة، مع ازدياد الانتقادات الدولية للنظام المصري في هذا الشأن.
المصادر
[1] Trt العربية
“تطورات متلاحقة في قضية ريجيني” ، 16 ديسمبر/كانون الأول 2020.
[2] Anadolu Agency, “EU Parliament calls for ‘restrictive measures’ against Egypt, 18 Dec 2920.
Europa, “European Parliament resolution on The deteriorating situation of human rights in Egypt, in particular the case of the activists of the Egyptian Initiative for Personal Rights (EIPR)
(2020/2912(RSP)), 18 Dec 2020.
[3] الجزيرة، “المساعدات العسكرية وحقوق الإنسان بمصر.. مواقع التواصل تتفاعل مع قرار الكونغرس وتصريحات ترامب، 23 ديسمبر/كانون الأول 2020
[4] عربي بوست، “رفعت الحظر عن جمعيات اتهمتها بالتمويل قبل 9 أعوام.. مصر تستبق قرار برلمان أوروبا بتلميع صورتها الحقوقية، 25 ديسمبر/كانون الأول 2020.
[5] France 24, “Egypt’s Sisi in France: ‘Human rights comes second’ to France’s Macron, 08 Dec 2020.
[6] اليوم السابع: “مصر وفرنسا.. علاقات عسكرية متطورة ومستمرة.. التعاون فى المجال العسكرى لم يتوقف منذ سبعينيات القرن الماضى.. القاهرة عقدت صفقات سلاح عديدة مع باريس بعد حرب أكتوبر.. وتدريبات مشتركة للجانبين منذ عام 2014، 07 ديسمبر/كانون الأول 2020.
[7] القدس العربي: “السيسي لـ”لوفيغارو”: هناك 55 ألف مكان فقط في سجوننا! ومصر وفرنسا تقاتلان معا على عدة جبهات، 9 ديسمبر/كانون الأول 2020.
[8] Arabic sputnik, “العراق: اتفاقية “الإعمار مقابل النفط” مع مصر تدخل حيز التنفيذ فور إنهاء إجراءاتها الدستورية,
12, ديسمبر/كانون الأول
[9] البوابة نيوز، “تعرف على تطور العلاقات المصرية العراقية تزامنا مع زيارة وفد وزاري من بغداد إلى القاهرة، 13 ديسمبر/كانون الأول 2020.
[10] المال، “%65 تراجعا فى واردات مصر من البنزين والسولار، 5 أكتوبر 2020.
[11] المال، “العراق يوافق على تصدير 12 مليون برميل نفط إلى مصر العام المقبل، 30 ديسمبر/كانون الأول 2020.
[12] رويترز، “مصر تعلن انضمام الإمارات لمنتدى غاز شرق المتوسط بصفة مراقب، 16ديسمبر/كانون الأول 2020
[13] BBC arabic التطبيع: النفط الإماراتي إلى الأسواق الأوروبية عبر إسرائيل وليس قناة السويس ،26 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
الحرة، “انقسام بشأن تأثير صفقة موانئ دبي وشركة إسرائيلية على إيرادات قناة السويس ،21 سبتمبر/أيلول 2020
[14] IMF, Report for selected countries and subjects: October 2020. 13 Oct. 2020.
[15] State information service, Egypt, Italy sign 20 deals for debt swap for development. 03 Dec 2020
[16] البنك المركزي المصري، التحليل الشهري للتضخم ، نوفمبر/ تشرين التاني 2020.
[17] وزارة المالية، التقرير المالي عن شهر نوفمبر، نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
[18] جريدة البورصة، 754.4 مليون جنيه تمويلات تنموية لمشروعات تنمية شبه جزيرة سيناء خلال 2020. 23 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[19] الصندوق العربي الانماء الاقتصادي والاجتماعي، توقيع اتفاقية قرض في جمهورية مصر العربية.
[20] جريدة البورصة، ” التعاون الدولي” اتفاقيات تمويل تنموي بقيمة 9.8 مليار دولار خلال العام الجاري. 23 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[21] بوابة الأهرام، توقيع 5 اتفاقيات بترولية جديدة بإجمالي استثمارات 684 مليون دولار. 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[22] بوابة الشروق، 12 اتفاقية مع أكبر الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز بالبحرين المتوسط والأحمر باستثمارات 1.4 مليار دولار، 1 يناير/ كانون الثاني 2020.
[23] المصري اليوم، ” شل” تتفق مع ” البترول” على اقتسام الإنتاج في مناطق امتياز البحر الأحمر و “المتوسط”. 2 يناير/ كانون الثاني 2020.
[24] بوابة الشروق، وزير البترول : مصر خامس أكبر دول المنطقة إنتاجا للغاز، 14 ديسمبر/كانون الاول 2020.
[25] مصراوي، فيتش عودة استثمارات الأجانب لمصر تنعش السيولة بالعملات الأجنبية في البنوك، 15 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[26] مصراوي، فيتش عودة استثمارات الأجانب لمصر تنعش السيولة بالعملات الأجنبية في البنوك، 15 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[27] المركزي المصري، تقرير الاستقرار المالي لعام 2019.
[28] البنك المركزي المصري، تقرير الاستقرار المالي لعام 2019.
[29] محاماة نت، ما مفهوم التوريق، 21فبراير/ شباط 2018.
[30] بوابة الشروق، توقعات بوصول سندات التوريق إلى 25 مليار جنيه نهاية 2020. 13 ديسمبر/ تشرين الثاني 2020.
[31] محاماة نت. أبحاث قانونية ودراسات حول توريق الديون وضوابطه في التعاملات الشرعية، 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[32] بوابة الشروق، الرقابة المالية توافق على سندات توريق ب10 مليارات جنيه، 13 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[33] أخبار اليوم.خطة النواب توافق على اتفاقية التعاون الجمركي العربي.14 ديسمبر
[34] الوطن، تشريعية النواب توافق على قرض لجامعة الملك سلمان، 15 ديسمبر 2020،
[35] جريدة المال. الموافقة على قرض هيئة الأنفاق وجي بي مورجان. 13.ديسمبر 2020
[36] اليوم السابع. اتفاقية تمويل عقد مونوريل العاصمة الإدارية. 15 ديسمبر 2020. https://bit.ly/2WP0zk4
[37] AA.COM. ميثاق منتدى شرق المتوسط . 21 سبتمبر 2020.https://bit.ly/3o0sUjl
[38] اليوم السابع ، حصاد الجلسة الأخيرة لمجلس النواب، 2020ديسمبر2020، https://bit.ly/2M7SKDW
[39] 218tv.net، مصر توقع تسع اتفاقيات ، 2 يناير 2021 ، https://bit.ly/38TmnAG
[40] الشرق الأوسط، مصر تنقب عن الغاز غرباً، 21 يناير 2020، https://bit.ly/3nkhCWd
[41] عراق نيوز. 18 قانون أحالها المجلس للجان النوعية. 18 ديسمبر. https://bit.ly/3nVueE4
[42] almal news، https://bit.ly/38bqU2o نقل البرلمان توافق على مشروع قانون إنشاء الميناء الجاف بمدينة 6 أكتوبر، 15 ديسمبر2020
[43] اليوم السابع،النقل تستعد لبدء أعمال تنفيذ أول ميناء جاف بـ6 أكتوبر على مساحة 100 فدان، 11 فبراير 2020، https://bit.ly/3b9vH6a
[44] مستقبل وطن نيوز، حصاد برلمان 2015، 18 ديسمبر 2020، https://bit.ly/2Lhhpp3
[45] الوطن . 3 ديسمبر 2020. تخصيص أرض توشكا. https://bit.ly/3pJGzvt
[46] الوطن. 10 ديسمبر 2020 . هيئة المجتمعات العمرانية. https://bit.ly/2X3Pg7P
[47] اليوم السابع، 30 ديسمبر، حصاد القرارات الجمهورية، https://bit.ly/38XTCmC
[48] بوابة الأهرام، 17 ديسمبر 2020، قرار جمهوري بتخصيص أرض بالعاشر من رمضان لإقامة مدفن صحي، https://bit.ly/2X0rcCD
[49] الشروق. قرار جمهوري بفض دور الانعقاد السادس للنواب. 28ديسمبر 2020، https://bit.ly/3aVFyfX
[50] اليوم السابع، النتيجة النهائية للنواب. 14 ديسمبر 2020 ، https://bit.ly/3b7bNbQ
[51] صدى البلد، من بكاء بسملة لانتحار إيمان.. التنمر ضد البشرة السمراء قاتل، 26 نوفمبر 2018م، https://www.elbalad.news/3587869
[52] برنارد لويس، المساواة العنصرية في الإسلام، ترجمة: محمد الشوفاني، مجلة دعوة الحق، العدد 133،
http://www.habous.gov.ma/daouat-alhaq/item/3525
[53] هزار نجار، عن العنصرية التي تعشعش في أغانينا وأمثالنا الشعبية، “نون بوست”، 30 يونيو 2020م،
https://www.noonpost.com/content/37378
[54] آيات خيري، “البشرة السمراء” بالسينما المصرية.. الإبداع في خدمة العنصرية، “مصر 360″، 15 يونيو 2020م،
https://masr.masr360.net/
[55] RTarabic، دار الإفتاء المصرية تدخل على خط أزمة “شيكابالا” بعد تعرضه للتنمر، 30 نوفمبر 2020م،
https://arabic.rt.com/sport/1178430
[56] النهار العربي، باحث إسلامي: الأزهر يرفض وصف “الإخوان” بالإرهاب!، 26 نوفمبر 2020م،
https://www.annaharar.com/arabic/news/arab-world/egypt-sudan/26112020092933046
[57] موقع الشيخ يوسف القرضاوي، في مقدمتهم القرضاوي.. الأزهر يشكل “هيئة كبار العلماء، 25 يونيو 2012م،
https://www.al-qaradawi.net/node/1130
[58] محمد عبدالشكور. رجال صنعوا مجد الأزهر، “الجزيرة مباشر”، 19 مايو 2017م،
https://mubasher.aljazeera.net/opinions/2017/5/19
[59] عربي 21، هذه حقيقة فتوى مركز يتبع “الأزهر” تحرّم الانضمام لـ”الإخوان”، 22 ديسمبر 2020م، https://arabi21.com/story/1323511
[60] إخوان أون لاين، بيان من الإخوان بشأن إقرار الطوارئ وقتل الأبرياء والهجوم على الدين الإسلامي والأزهر الشريف، 11 أبريل 2017م،
https://ikhwanonline.info
[61] إخوان أون لاين، رسالة المنهج للإمام الشهيد حسن البنا، https://www.ikhwanonline.com/article/236789
[62] قناة سعودي 24، برنامج أحداث ٢٤، وزير الخارجية: المصالحة الخليجية ستشمل كافة الأطراف، 7 ديسمبر/كانون الأول 2020
[63] سكاي نيوز، كيف تساهم قطر في حل الأزمة الخليجية؟ 7 ديسمبر/كانون الأول 2020
العين الإخبارية، قطر تفسد “المصالحة الخليجية” بإساءات الجزيرة، 25 ديسمبر/كانون الأول 2020
سكاي نيوز، ماذا تريد قطر من المصالحة؟ 21 ديسمبر/كانون الأول 2020
[64] على مسئوليتي، على مسئوليتي مع أحمد موسى – الحلقة الكاملة ]الدقيقة 52[، 2 ديسمبر/كانون الأول 2020
[65] صدى البلد، على مسئوليتي مع أحمد موسى | الحلقة الكاملة ]الدقيقة 31[، 2 ديسمبر/كانون الأول 2020
[66] الحكاية، عمرو أديب اللي بيسألني عن المصالحة الخليجية الكلام بيشمل قطر والرباعي العربي دول اللي الموضوع بينهم، 6 ديسمبر/كانون الأول 2020
الحكاية، عمرو أديب عن المصالحة مع قطر: الدول الـ4 عندها مطالب سيب وأنا أسيب لا تضرني ولا تحرض عليا، 6 ديسمبر/كانون الأول 2020
[67] صدى البلد، أحمد موسى: المقاطعة العربية “كسرت وسط قطر”، 2 يناير/كانون الثاني 2021
[68] الجزيرة، مصدر خليجي يتوقع حضور السيسي قمة الرياض ، 28 ديسمبر/كانون الأول 2020
[69] قناة TeN، ردًا على رسالة أمير الكويت.. نشأت الديهي يكشف مطالب مصر للموافقة على الصلح، 2 يناير/ كانون الثاني 2021
الحكاية، عمرو أديب عن المصالحة مع قطر: عاوز تصالحني اعمل كده،1 يناير/ كانون الثاني 2021
[70] الحكاية، عمرو أديب: إيه اللي هيحصل في قطر لو علاقتها بينها وبين الدول من غير مشاكل ، 1 يناير/ كانون الثاني 2021
[71] صدى البلد، أحمد موسى: برعاية الرئيس السيسي زيارة لوفد من قادة الجنوب الليبي لمصر، 22 ديسمبر/كانون الأول 2020
[72] مصراوي، وزير الدفاع التركي يغادر طرابلس بعد زيارة قصيرة إلى ليبيا، 26 ديسمبر/كانون الأول 2020
[73] Nashaat Eldeehy، مشهد صادم لفنان تركي يحمل السلاح داخل ليبيا، 27 ديسمبر/كانون الأول 2020
[74] أخبار اليوم، وفد مصري يزور طرابلس لمعاينة مقر السفارة المصرية، 27 ديسمبر/كانون الأول 2020
[75] اكسترا نيوز، أستاذ بأكاديمية الشرق: حكومة السراج في ليبيا أصبحت تضم جماعات إرهابية، 26 فبراير/شباط 2020
قناة TeN، الديهي يعلق: فايز السراج أراجوز لجهات خارجية استعمارية، 2 ديسمبر/كانون الأول 2019
[76] Nashaat Eldeehy، مشهد صادم لفنان تركي يحمل السلاح داخل ليبيا، 27 ديسمبر/كانون الأول 2020
[77] الأناضول، البرلمان التركي يوافق على مذكرة التفاهم العسكري مع ليبيا، 21 ديسمبر/كانون الأول 2019
[78] الغد، باحث: لا خيار أمام الجيش الليبي سوى طرد القوات التركية، 24 ديسمبر/كانون الأول 2020
اليوم السابع، “البجاحة التركية”.. وزير دفاع أردوغان يهدد قائد وأفراد الجيش الليبى، 27 ديسمبر/كانون الأول 2020
[79] BBC، البرلمان الأوروبي يندد بـ”القمع” في مصر، 19 ديسمبر/كانون الأول 2020
[80] صدى البلد، أحمد موسى: العاملون في المبادرة المصرية للحقوق الشحصية لا يعملون لصالح مصر، 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020
[81] TeN، نشأت الديهي يكشف الوجه الحقيقي لـ البرلمان الأوروبي، 19 ديسمبر/كانون الأول 2020
[82] Nashaat Eldeehy، الديهي يفضح الوجه الحقيقي وراء بيان البرلمان الأوروبي: المثلية الجنسية فقط، 19 ديسمبر/كانون الأول 2020
[83] صدى البلد، لن نكون مثل تركيا.. أحمد موسى: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تدعم الشذوذ الجنسي في مصر، 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020
[84] اكسترا نيوز، رفض واسع لبيان البرلمان الأوروبي بشأن مصر، 19 ديسمبر/كانون الأول 2020
[85] مركز المسار للدرسات الإنسانية، دفاتر مصرية ـ نوفمبر 2020، 9 ديسمبر/كانون الأول 2020