فريق التحرير:
د أحمد حسين – أحمد عاطف – جهاد عبد المجيد – رحمة عبد المجيد – عبد الرحمن محمد – محمد عبدالعاطي
المحتويات
مقدمة
الدفتر السياسي:
الشأن الداخلي:
- انتخابات النواب.
- خطاب سياسي متناقض.
- أزمة التسريبات بين أذرع النظام.
الشأن الخارجي:
- إدانات دولية للوضع الحقوقي في مصر.
- استئناف مفاوضات سد النهضة.
- القمة الثلاثية (مصر، واليونان، وقبرص)
الدفتر الاقتصادي:
- أداء الناتج المحلي.
- الدين العام.
- احتياطي النقدي الأجنبي.
- الضرائب.
- تعديلات قوانين اقتصادية.
- البطالة.
- التضخم.
- البورصة.
الدفتر التشريعي والقانوني:
- 18 مشروع قانون، و6 قرارات جمهورية.
- قرارات جمهورية ومشاريع قانون متعلقة بشأن تحديد أجور العمال، وضبط عملية إجراء عقود العمل، وتحسين بعض الأجور وفرض الضرائب والرسوم على العمال والموظفين وأثرها التشريعي والاقتصادي.
- أبرز القوانين الاقتصادية والمالية، وأثرها الاقتصادي.
الدفتر الثقافي والفكري:
- مفتي مصر والإسلاموفوبيا.
- هدم المنارة الأندلسية بالإسكندرية.
- إعادة انتخاب حسن الشافعي رئيسًا لمجمع اللغة العربية.
- المصريون وتطاول ماكرون على الإسلام ورسوله.
الدفتر الإعلامي:
- الذكرى السابعة والأربعين لحرب 6 أكتوبر.
- صراع بين الأذرع الإعلامية.
- تطاول فرنسا على الرسول ﷺ.
- رسائل هيلاري كلينتون.
المقدمة
تشهد الحالة المصرية نوعًا من “الديناميكية الفاترة” خلال شهر أكتوبر 2020، ووصفها بالديناميكية جاء لتعدد الأحداث وكثرتها وتباينها، أما نعتها بالفتور فقد جاء معبرًا عن حالة الثبات النسبي العام في المشهد السياسي، حيث إن جميع هذه الأحداث المتتابعة لا يكاد يُرى لها أثر حقيقي في تغيير المشهد السياسي.
الفصل الداخلي في دفترنا السياسي يرصد هذا الشهر انتهاء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، وما سبقها من أحداث، وما يتوقع من نتائج خلال الأسابيع المقبلة. كما يبرز لنا التقرير عددًا من الرسائل السياسية التي أراد عبد الفتاح السيسي إيصالها خلال الشهر، موضحًا مدى الاختلاف ما بين ما يريد السيسي إيصاله، وما هو مفترض أن يكون. علاوة على الإشارة إلى أزمة التسريبات الإعلامية التي تشنها أذرع النظام بعضها ضد بعض، والتي راح ضحيتها هذا الشهر وزير الإعلام، أسامة هيكل، والصحفي المقرب من الأجهزة الأمنية، عبد الرحيم علي.
على حين يرصد الفصل الخارجي من دفترنا السياسي الإدانات الدولية التي تعرضت لها الحكومة المصرية جراء سياساتها القمعية، إضافة إلى استشراف مآلات استئناف مباحثات سد النهضة عقب توقفها خلال الأسابيع الماضية، ويختتم الفصل باستعراض وقائع ومخرجات الجولة الثامنة في القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص الجنوبية.
كما يتابع دفترنا الاقتصادي عددًا من المؤشرات الاقتصادية العامة المؤثرة في المشهد المصري، حيث يرصد التقرير أداء الناتج المحلي والدين العام، علاوة على التضخم ومؤشر البورصة، كما يبرز الضرائب الجديدة الملقاةَ على كاهل المصريين، علاوة على تحليل التعديلات التي أُقرت على عدد من القوانين الاقتصادية، موضحًا أثر ذلك على حياة المواطنين.
على جانب آخر.. رصد الدفتر التشريعي مناقشة البرلمان لـ 18 مشروع قانون في مطلع دور الانعقاد السادس، إضافة إلى نحو 6 قرارات جمهورية. وقد ناقش التقرير الآثار المترتبة جراء إنفاذ هذه القوانين والقرارات، خصوصًا فيما يتعلق بقوانين إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له، إلى جانب مشروع القانون الهام المتعلق بقانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في مصر.
ويتناول الدفتر الثقافي والفكري 4 قضايا طارئة على الساحة المصرية، أوَّلها: الحديث عن الإسلاموفوبيا ودور مفتي مصر في التحريض ضد مسلمي الغرب ومراكزهم الإسلاميَّة، وثانيها: هدم المنارة الأندلسيَّة بالإسكندريَّة، وثالثها: إعادة انتخاب الدكتور حسن الشافعي رئيسًا لمجمع اللغة العربيَّة بالقاهرة، ورابعها: موقف المصريين من تطاول ماكرون على الإسلام ورسوله الكريم.
ويختتم التقرير بالدفتر الإعلامي، وفيه نرصد كيف تعامل الإعلام مع الذكرى السابعة والأربعين لحرب السادس من أكتوبر، وكذلك كيف تناول الإعلام الرسائل المسربة لوزيرة الخارجية الأمريكية سابقًا، هيلاري كلينتون. ولم يغفل التقرير تعامل الإعلام المصري مع دعوات المقاطعة للمنتجات الفرنسية التي أعقبت حملة التطاول على مقام الرسول الكريم ﷺ.
————————————————————
الدفتر السياسي
على الصعيد الداخلي، شهدت مصر خلال شهر أكتوبر مجموعة من الأحداث المهمة، منها: انتخابات المرحلة الأولى لمجلس النواب، وانعقاد مجلس الشيوخ بعد إعادته للحياة النيابية مرة أخرى، منذ أن حُل مجلس الشورى في 2013. كما شهد شهر أكتوبر أكثر من مؤتمر على الصعيد المحلي، وكانت السمة البارزة في هذه المؤتمرات هي تأكيد السيسي على استمراره في سياسته الإقصائية بحجة محاربة الشر والإرهاب، مجددًا تحذيره من الفوضى أو الثورة، وكل أشكال التحرك. كما ظهرت خلال الشهر تسريبات جديدة لإعلاميين ووزراء، وتبادل اتهامات قاسية بين أذرع النظام.
وعلى الصعيد الخارجي، تجلت أحداث مهمة بالنسبة لمصر، منها: احتجاج البرلمان الأوروبي على الوضع الحقوقي بالبلاد، حيث عبروا عن رأيهم من خلال رسالة مفتوحة لنظام السيسي، يطالبونه فيها بضرورة معالجة هذه القضية، واحتج كذلك نواب ديمقراطيون في الولايات المتحدة الأمريكية على ذات الأمر، مؤكدين عدم استمرار الدعم الأمريكي للسيسي حال فوز جو بايدن، المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية. كما شهد شهر أكتوبر عودة مفاوضات سد النهضة برعاية الاتحاد الإفريقي، وسط تساؤلات عن مدى جدوى ذلك في ظل التعنت الإثيوبي. كذلك حدثت جولة جديدة في إطار التحالف الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان.
الشأن الداخلي
انتخابات النواب
جرت انتخابات مجلس النواب في مصر والتي انتهت المرحلة الأولى فيها في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي . وبناءً على ما ظهر من نتائج أولية، فقد حصدت قائمة “من أجل مصر” الحظ الأوفر من عدد المقاعد المخصص للقوائم، ومن المعلوم أن القائمة الوطنية من أجل مصر – وفي القلب منها حزب مستقبل وطن – على ارتباط وثيق بالنظام وأجهزته الأمنية.
تؤكد الأحداث الجارية أن النظام اختار حزب مستقبل وطن ليحظى بدعم النظام، دون إشارة رسمية إلى أنه الحزب الممثل له. وهذا ما أكده تصريح أمين الحزب في إحدى المحافظات من أن حزب مستقبل وطن هو حزب الدولة الحالي كالحزب الوطني سابقًا، علاوة على ظهور زكريا عزمي، أمين الحزب الوطني المنحل، في أحد المؤتمرات الانتخابية لحزب مستقبل وطن قائلًا: “احنا بنسلم الراية للنظام الحالي”.
لم يخل المشهد الانتخابي من مخالفات كسابقيه من المشاهد التي تمت خلال السنوات السبع الماضية، من حشد إجباري لعمال وموظفين بالدولة، إلى الرشاوى الانتخابية التي ظهرت بشكل واضح على مواقع التواصل. والملاحظ أن مثل هذه المظاهر لم تعد تحظى باهتمام كبير من السلطة، فرغم كونها مخالفات تضر بصورة النظام وتعطي دليلًا لمن يشكك في نزاهة الانتخابات، إلا أن من الواضح أن عبثية المشهد تجاوزت الحديث عن محاولة تجميله.
الحقيقة أن تشكيل المجلس يكاد يكون محسومًا، حيث إن نسبة التغيرات في المقاعد الفردية لا تؤثر على المشهد ككل. كما أن دور المجلس وفعاليته محل شك كبير، نظرًا لأداء المجلس السابق. فالمجلس المنتهية ولايته لم يقم باستجواب جاد لأي وزير رغم ما شهدته الدولة من كوارث على مدار السنوات الماضية، كحادثة قطار رمسيس. كما تم تمرير جميع ما اتخذه السيسي من قرارات خطيرة من خلال مجلس النواب، مثلما حدث في قضية التنازل عن تيران وصنافير لصالح المملكة العربية السعودية، وإجازة نقل ملكية أصول الدولة إلى الصندوق السيادي، ونزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
أما مجلس الشيوخ، فقد انعقد خلال شهر أكتوبر، بعد تعيين السيسي المائة عضو المتبقين من تشكيل المجلس. وتم اختيار رئيس حزب مستقبل وطن المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيسًا للمجلس. الأمر الذي بدا وكأنه مكافأة له على ما قدمه للنظام خلال الفترة السابقة. فهو من قضى بعدم دستورية قانون العزل السياسي لرموز نظام مبارك عام 2012، كما قضى ببطلان انتخابات أول مجلس شعب بعد ثورة يناير، كذلك كان هو صاحب الحكم النهائي بأحقية السعودية في ضم تيران وصنافير. وفيما يخص صلاحيات مجلس الشيوخ، فحسب القانون هو مجلس استشاري، وليس له أي دور رقابي.
وفيما يبدو، فإن السيسي يحاول الوصول لهدفين من وراء إجرائه انتخابات مجلسي النواب والشيوخ. الأول هو تصوير نظامه على أنه مؤسسي يحترم الاختصاصات، وليس نظامًا قائمًا على حكم الفرد. وربما هذه الرسالة موجهة للخارج في الأساس. الهدف الثاني هو توسيع شبكة المصالح المرتبطة بوجوده، فكل عضو من أعضاء المجلسين ترتبط به شبكة مصالح أقل منه، كما يرتبط هو نفسه بشبكة مصالح أعلى، وفي قمة هذه الشبكة يتربع السيسي. لذلك كلما زادت هذه الشبكة واتسعت في المجتمع، كلما كثر عدد المدافعين عن هذا النظام والداعمين له، ما يشكل عاملًا إضافيًا يساعد على استمرار حكمه.
خطاب سياسي متناقض
شارك السيسي في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة -التي أُقيمت في الحادي عشر من أكتوبر الماضي- بُعَيد أحداث سبتمبر وحالة الغضب التي شهدها الشارع المصري مؤخرًا. وخلال كلمته تناول السيسي عدة نقاط متعلقة بما وصفه بـ”تشكيل الوعي السياسي لدى المصريين” بخصوص الأزمات الحالية.
في هذا السياق، أشار السيسي مرارًا إلى أهمية الحفاظ على الدولة. ورغم تأكيده أنه يقصد الدولة نفسها وليس النظام، إلا أن واقع الحال يكذب ادعاء السيسي . فعلى مدار سبع سنوات، طال بطش النظام الجميع، بدءًا ممن اعتبر ما حدث في 3 يوليو 2013 انقلابًا وعارضه، مرورًا بمن حاول التماهي مع الوضع القائم كالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وليس انتهاءً بمن شارك في الإنقلاب وروج له كأحمد شفيق وسامي عنان، وغيرهم ممن فكر بالترشح أمام السيسي، أو حتى معارضة إحدى سياساته.
اتساع رقعة بطش السلطة لتشمل أفراد بارزين في النظام بل ومن المجلس العسكري نفسه، يدل دلالة واضحة على أن السيسي انتقل من التمكين لمؤسسة الجيش إلى التمكين لشخصه بالتحديد، الأمر الذي يكذب دعواه بأنه يريد الحفاظ على الدولة وليس النظام. ويؤكد ذلك أيضًا التعديلات التي أجراها على الدستور، والتي تسمح له بالبقاء في السلطة حتى عام 2034.
تحدث السيسي كذلك خلال كلمته عن حروب الجيل الرابع والخامس، الأمر الذي دأب إعلامه على الحديث عنه خلال الأشهر الماضية. حيث أشار إلى أن “الحراك الشعبي” مرادف للدمار والخراب، محذرًا الشعب من عواقب النزول للشارع للمطالبة بحقوقه. ولم يضيع السيسي الفرصة للهجوم على ثورة يناير كمثال حي لهذه الفوضى، حسب اعتقاده. إلا أن هناك تناقضًا واضحًا في كلمات السيسي، حيث يقر بأن الدولة كانت مهملة على مدار عقود مضت، ثم هو في ذات الوقت يلقي اللوم على الثورة، متجاهلًا حقيقة أن المسئولين عن الدولة خلال هذه العقود كانوا عسكريين، توفر لحكمهم لهم قدر كبير من الاستقرار.
تضمن خطاب السيسي كذلك هجومًا على معارضيه، حيث اتهمهم أنهم على استعداد لتدمير الدولة من أجل الوصول للحكم وتحقيق أغراضهم. وبغض النظر عن انسداد أي أفق سياسي لتمكين الشعب من اختيار حكامه، كما كان الحال بعد ثورة يناير، إلا أن السيسي بانتقاده المعارضة وتحذيره المستمر منها يحاول تصوير الأمر وكأنه أزمة نخبة تريد الوصول للحكم، وليس أزمة شعب لديه تطلع للعيش بكرامة والتمتع بالحرية.
أزمة التسريبات بين أذرع النظام
في تصريح له، قال وزير الإعلام المصري أسامة هيكل: “إن الفئات العمرية أقل من خمسة وثلاثين عامًا – ويمثلون حوالي 65% من المجتمع – لا يشاهدون الإعلام ولا يقرؤون الصحف”، موجهًا بذلك النقد إلى الصحافة والإعلام المصري. وربما يكون هذا التصريح عاديًا في أي دولة، حيث يؤخذ في سياق النقد الذاتي لتحسين الأداء، إلا حربًا شرسة قامت ضد الرجل من صحفيين وإعلاميين مصريين. أُكيلت الاتهامات لهيكل ووصلت إلى حد الادعاء أنه من “أذرع جماعة الإخوان المسلمين”، وطالب البعض بإقالته من منصبه. كما أذاع إعلامي على التلفزيون الرسمي للدولة تسريب قديم للوزير، الأمر الذي يثير التساؤل حول المسؤول الفعلي عن ملف الإعلام في مصر.
يشير هذا الخلاف إلى خرق في النظام الإداري والمحرك للأجهزة الإعلامية في مصر. ويبدو أنه بات من الواضحات أن المخابرات المصرية هي الجهة التي تدير ملف الإعلام في مصر بشكل فعلي. ظهر ذلك من قبل في عدة تسريبات لعباس كامل مدير المخابرات وغيره من الضباط وهم يعطون تعليمات لإعلاميين وصحفيين، بل وفنانين.
في سياق مماثل، خرجت تسريبات لعبد الرحيم علي- أبرز الوجوه الإعلامية المقربة من النظام – وهو يسب السيسي والقانون والدولة المصرية بشكل فج. ورغم التحليلات التي تقول أن سبب خروج مثل هذا التسريب هو الانتخابات البرلمانية، حيث يترشح “علي” في ذات الدائرة ضد محمد أبو العينين، رجل الأعمال المشهور والمقرب من النظام، إلا أن التسريب يؤكد في النهاية على أن الدولة المصرية لا يديرها القانون، بل يتحكم فيها مدى نفوذ كل شخص وقربه من رأس النظام. كما يؤكد هذا التسريب أن ما يروج له هؤلاء الإعلاميين أمام الكاميرات يختلف عما يقتنعون به ويروجون له.
الشأن الخارجي
إدانات دولية للوضع الحقوقي بمصر
شهد الوضع الحقوقي في مصر تأخرًا وتراجعًا كبيرًا على مدار سبع سنوات، قُمِع فيها مناهضي النظام الحالي بشتى وسائل التنكيل من السجن والإخفاء القسري والقتل خارج إطار القانون، وعلى إثر ذلك صدرت إدانات دولية متعددة لهذه الممارسات الأمنية، وبالأخص لأحكام الإعدام التي كان آخرها إعدام خمسة عشر شخصًا من مناهضي الانقلاب في الخامس من أكتوبر الماضي.
فخلال هذا الشهر وجه ستة وخمسون نائبًا في الكونجرس الأمريكي من الحزب الديمقراطي الإدانة للوضع الحقوقي في مصر، مصرحين بأنه ينبغي ألا يستمر الوضع القائم بأي حال، وتوعدوا بفتح هذا الملف حال فوز بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية، كما أدان البرلمان الأوروبي الوضع الحقوقي من خلال 222 نائبًا أرسلوا رسالة مفتوحة إلى السيسي، يدينون فيها انتهاكات الحكومة المستمرة لحقوق الإنسان واستمرار احتجاز سجناء الرأي، وليست هذه هي المرة الأولى، فقد دعا البرلمان الأوروبي قبل ذلك للإفراج عن المعتقلين السياسيين.
لكن دائمًا ما تهمل مصر هذه الدعوات وغيرها، حيث ينكر النظام وجود سجناء رأي في مصر، ويحاول إبراز الوضع الحالي على أنه محاكمات عادية لمرتكبي جرائم جنائية. إضافة إلى تصدير خطاب الحرب على الإرهاب، والذي يحتج به النظام على ممارساته القمعية، وبل يحاول استجلاب الدعم المادي والمعنوي على هذه الخلفية.
استئناف مفاوضات سد النهضة
صرح الرئيس الأمريكي ترامب في اتصال هاتفي أجراه مع رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك في الثالث والعشرين من شهر أكتوبر الماضي بشأن تعنت الموقف الإثيوبي في قضية سد النهضة، قائلًا: “إن إثيوبيا رفضت العروض السابقة لحل هذه القضية، وإن الأمر مسألة حياة أو موت بالنسبة للمصريين، مما قد يفضي بهم إلى تفجير السد”. وقد اعتبر بعض المحللين أن هذا ضوء أخضر لمصر أنها ستحظى على تأييد أمريكي حال القيام بعمل ضد السد. لكن الملاحَظ أن الموقف المصري لم يبد تفاعلًا مع هذه التصريحات، واستمر في التأكيد على سياساته السابقة.
يذكر أن المفاوضات كانت قد توقفت منذ نهاية أغسطس الماضي بسبب التعنت الإثيوبي، ولكن تم استئنافها مجددًا بدعوة من الاتحاد الإفريقي بعد أيام من تصريحات ترامب، واتفقت الدول الثلاث على عودة الاجتماعات على مستوى وزراء الري لمحاولة تقديم اتفاق بشأن أسس تشغيل السد.
وحول جدوى عودة التفاوض، صرح رئيس الوزراء السوداني أنه لا يمكن استئناف التفاوض بنفس الأساليب الماضية، ودعا إلى زيادة دور الخبراء الدوليين. ورغم ذلك، فلا مجال لتوقع نوع من التقدم الكبير، فقد صرح وزير الري السوداني في نهاية أغسطس الماضي أن الأمر يسير في طريق مالا نهاية، وأنه يجب أن يتم على مستويات عليا، وليس على مستوى الوزارات.
وحتى الآن، لم يحدث نوع من التصعيد على مستوى السياسة المصرية تجاه التعنت الإثيوبي سوى الاستمرار في الاستجابة للمفاوضات التي لا ترى سبيلًا غيرها. في حين أن الموقف الإثيوبي مستمر في التأكيد على أن السد مشروع قومي لا يمكن التراجع عنه، متحديًا بذلك الجميع. وقد بدا الإصرار الإثيوبي مؤخرًا في احتجاجهم على تصريحات ترامب الأخيرة واستدعاء السفير الأمريكي في أديس أبابا، والتصريح بأنهم لن يخضعوا لأي اعتداء من أي نوع، ويرى مراقبون أن إثيوبيا تسعى بسياسة واضحة لفرض الأمر الواقع على باقي دول المصب وأن المسارات التفاوضية إذا استمرت على نفس النسق القديم فلن تكون سوى نوع من العبث.
القمة الثلاثية (مصر، واليونان، وقبرص)
توجه السيسي في الحادي والعشرين من أكتوبر إلى قبرص، للمشاركة في القمة الثلاثية التي تضم مصر واليونان وقبرص في جولتها الثامنة لبحث آليات التعاون المشترك بين الدول الثلاث، حيث تستهدف التوافق بشأن قضايا متعلقة بالغاز في شرق المتوسط وترسيم الحدود وتعيين المناطق الاقتصادية الخالصة.
تأتي هذه الجولات في ظل توتر تركي مع هذه الدول لأسباب مختلفة. فمن ناحية، هناك نزاع قائم بين أنقرة من جانب وأثينا ونيقوسيا من جانب آخر على تعيين الجرف القاري بين الدولتين. من ناحية أخرى، ورغم عدم وجود نزاع على الحدود البحرية بينهما، تختلف أنقرة والقاهرة على ملفات عدة، أبرزها استضافة تركيا للمعارضين المصريين، وعدم اعتراف أنقرة بالنظام الانقلابي في القاهرة.
ورغم عدم وجود ما يدعو للنزاع بين مصر وتركيا فيما يتعلق بمناطق الصلاحية البحرية، ما يزال السيسي مُصرًا على وضع نفسه طرفًا في سياسة المحاور، ويبدو أنه يرى أن وجوده في المحور المناوئ لتركيا والمدعوم من ملكيات خليجية هو من الضمانات الأساسية لبقاء حكمه. في هذا السياق، جاء تصريح السيسي خلال القمة بأن مصر ترفض أي إجراءات غير قانونية في المتوسط، في إشارة واضحة إلى تركيا. ورغم ما تم تداوله خلال الأسابيع الماضية من تقارب مصري-تركي يتم التحضير له، إلا أن استمرار السيسي ونظامه في سياسة المكايدة مع تركيا، يؤخر أي أمل في حل المشكلات العالقة بي الدولتين.
————————————————————
الدفتر الاقتصادي
أداء الناتج المحلي:
يتوقع أن يسجل معدل التغير السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2020 نحو 3.5 %، وذلك بعد أن سجل الناتج المحلي الإجمالي ما يقيم بنحو 5.6% لعام 2019.[1] مما يمثل أداءً سلبيًا للاقتصاد المصري الذي يلجأ القائمون عليه إلى الاقتراض كوسيلة لسد الاحتياجات المالية للدولة بدلا عن إقامة مشروعات اصلاحية واستثمارية، ففي عام 2014، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نحو 305,567 مليار دولار؛ ليصل إلى 302,335 مليار دولار خلال عام 2019؛ كما أن الناتج المحلي الإجمالي هبط ليصل إلى 250,253 مليار دولار في عام 2018؛ وكانت هذه أقل قيمة حققها الناتج المحلي الإجمالي منذ 2014 وحتى يومنا هذا.[2] كما ذكر تقرير لصندوق النقد الدولي أنه من المتوقع أن ينكمش النشاط المحلي في الربع الثاني والربع الثالث من عام 2020؛ مع بدء انتعاش طفيف في الربع الرابع والذي من المحتمل أن يصبح أقوى في عام 2021.[3]
الدين العام:
خلال فترة حكم السيسي حدثت زيادة سريعة وملحوظة في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يعني أن أعباء الديون في حالة زيادة مستمرة. وفقًا لإحصائيات صندوق النقد الدولي، فإن إجمالي الدين العام خلال السنة المالية 2021/2020 يقيم بنحو 93.3% من الناتج المحلي الإجمالي،[4] في حين كان إجمالي الدين العام المستحق على الحكومة عام 2014 يعادل نحو 85,127 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2014، والذي قل ليصل إلى 83,8% خلال عام 2019، لكنه يتوقع أن يزداد ليصل إلى ما يعادل نحو 86,590% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020؛ وقد وصل إلى أعلى معدلاته في عام 2017 ليصل إلى نحو 103,161% من الناتج المحلي الإجمالي.[5] كما أنه وفقا للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية فإن السلطات المصرية تقدمت بطلب لأخذ قرض بقيمة نحو 250 مليون دولار؛ على أن يتم منح القرض لشركة بترول الإسكندرية.[6]
لماذا تشكل الزيادة الكبيرة في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر خطورة على الاقتصاد المصري على الرغم من أن هناك دول عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية لديها ديون تقيم بنحو 22.8 تريليون دولار للسنة المالية 2019؛ بما يعادل نحو 79% من الناتج المحلي الإجمالي؟[7] في حالة الولايات المتحدة الأمريكية سعر الفائدة قد يصل إلى نحو 0.25%.[8] كما أنه عند إصدار سندات حكومية فإن عوائد السندات التي تدوم 10 سنوات تكون بقيمة 0.831%.[9]
لكن السلطات المصرية تبقي على سعر الفائدة عند قيمة 10.1% للديون التي مدتها تبدأ من سنة أو تزيد على ذلك.[10] بالإضافة إلى أن عوائد أذون الخزانة بدءًا من 1 أكتوبر/ تشرين الأول وحتى 27 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري تتراوح من 13.213% إلى 13.580 % لأذون الخزانة التي تكون مدتها اثنتا عشر شهرا. كما طرحت وزارة المالية في تاريخ الموافق 5 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري أدوات دين طويلة الأجل؛ بعائد يتراوح من 14.38% إلى 14.64%؛ بحيث يكون استحقاق أكتوبر 2025 يبلغ فيه متوسط العائد 14.38% بقيمة 6 مليارات جنيه، بينما وصل متوسط السندات بقيمة 4 مليارات جنيه والتي سيكون استحقاقها في أكتوبر 2030 نحو 14.64%. [11] كما أنه تم طرح سندات خزانة بقيمة 9.5 مليار جنيه في تاريخ الموافق 26 أكتوبر/ تشرين الاول من العام الجاري.[12]
وفقًا لتقرير البنك المركزي فإن معاملات الاقتصاد المصري خلال الفترة من يوليو إلى مارس من العام المالي 2020/2019 حققت عجزًا كليا في ميزان المدفوعات بلغ نحو 5.1 مليار دولار.[13] وكما ذكر تقرير صندوق النقد الدولي فإنه لمعالجة العجز الكلي لميزان المدفوعات لجأت السلطات المصرية لطلب قرض من خلال اتفاق الاستعداد الائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار وذلك مباشرة بعد التصديق على قرض أداة التمويل السريع كجزء من خطة السلطات المصرية المكونة من خطوتين لتلبية احتياجات التمويل خلال العام المقبل. [14] كما أن البنك المركزي طرح أذون خزانة في تاريخ 25 أكتوبر/ تشرين الاول 2020 بالتنسيق مع وزارة المالية وكان ذلك بهدف سد عجز الموازنة، وكما أنه بحسب الموازنة تستهدف الحكومة إصدار أذون خزانة خلال العام المالي الجاري بنحو 409.6 مليار جنيه، وإصدار سندات بقيمة 101.6 مليار جنيه.[15]
المستوى المرتفع لسعر الفائدة يزيد من عبء استحقاقات الديون، علاوة على ذلك فإن هذه الديون لا تستخدم لتحسين أوضاع الاقتصاد ولجلب المزيد من الاستثمارات وإنما لسد عجز الموازنة؛ مما قد يودي بالاقتصاد المصري إلى أوضاع شديدة السلبية.
الاحتياطي النقدي الأجنبي والأصول الأخرى بالنقد الأجنبي
حقق الاحتياطي النقدي الأجنبي زيادة طفيفة بقيمة 59 مليون دولار وذلك بنهاية سبتمبر/أيلول 2020 ليصل لنحو 38.425 مليار دولار وذلك مقارنة بنحو 38.366 مليار دولار بنهاية أغسطس/ آب 2020، و لقد سجل الاحتياطي النقدي تراجعا في بداية العام الجاري حيث فقد ما يقدر بنحو 9.4 مليار دولار في ثلاثة أشهر.[16] كما أنه وفقاً لإحصائيات البنك المركزي بلغت الأصول الاحتياطية الرسمية نحو 37.3 مليار دولار في نهاية يوليو/ تموز 2020، بزيادة قدرها 0.1 مليار دولار خلال شهر يوليو/تموز 2020، كما تراجعت الأصول الأخرى بالنقد الأجنبي بما يقدر بنحو 0.7 مليار دولار لتبلغ نحو 8.1 مليار دولار في نهاية يوليو/تموز 2020.[17]
الضرائب
تسعى السلطات المصرية لجمع أكبر قدر ممكن من الضرائب، نتيجة لإخفاق السلطات في سد الاحتياجات المالية، وبسبب تفاقم استحقاقات الدين العام، لذلك تسعى السلطات لدمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، حتى أن مصلحة الضرائب المصرية وقعت مذكرة تفاهم مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بهدف تطوير إجراءات فتح ملف ضريبي وإصدار البطاقة الضريبية وذلك لتبسيط إجراءات إنشاء وتأسيس المشروعات، وجاء هذا في ظل قرض يتم منحه لبنك القاهرة من خلال البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بقيمة 50 مليون دولار وسيتم منح البنك هذا القرض على أن يعيد إقراضه للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.[18]
كما أن هيئة التنمية الصناعية عندما طرحت 1657 وحدة صناعية في مجمعات صناعية بسبعة محافظات يمكن للمستثمر الحصول فيها على المصنع بنظام التخصيص أو الإيجار الشهري وتتراوح مساحة المتر من 27.3 كحد أدني في المحلة الكبرى بينما يبلغ أعلى سعر 33.4 جنيه للمتر في محافظة الاقصر ويتوفر نظام تمليك المصنع جعلوا الأمر متعلق بكراسة الشروط والتي تتوفر في مقرات الهيئة العامة للتنمية مقابل مبلغ مالي قيمته تتراوح ما بين 3000 إلى 5000 جنيه مضافا إليها ضريبة القيمة المضافة.[19]
علاوة على أنه تم تمديد فترة التقدم بطلبات التصالح في مخالفات البناء ودفع مبلغ جدية التصالح، لشهر آخر حتى آخر نوفمبر.[20] وجاء ذلك بعد خروج مظاهرات خلال شهر سبتمبر/ أيلول في عدة محافظات تندد بتردي الأوضاع الاقتصادية وهدم المنازل.
تعديلات قوانين اقتصادية
حصل مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون الجمارك على موافقة مجلس النواب، لكن هناك بعض فقرات القانون المثيرة للجدل كمنح حق الضبطية القضائية لموظفي الجمارك المختصين بقرار مشترك من وزير العدل بالاتفاق مع وزير المالية. ويأتي منح هذه السلطة مع عدم جواز رفع دعوى جنائية في الجرائم التي تنسب إلى موظفي المصلحة ممن لهم صفة الضبطية القضائية أثناء وبسب تأدية عملهم إلا بناء على طلب كتابي من الوزير أو من يفوضه، أي أن المستثمرين وخصوصًا من أصحاب المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر سيصبح كلٌّ منهم نسبيا خاضعًا بشكل أو بآخر إلى هؤلاء الموظفين مما سيضير بحقوقهم.
نظم مشروع القانون المدى الزمني لمراجعة السجلات وذلك طبقا لأحكام قانون التجارة المصري الذي يلزم التاجر بالاحتفاظ بالدفاتر التجارية الإلزامية لمدة خمس سنوات على الأقل تبدأ من تاريخ إقفال الدفتر والتأشير عليه من السجل التجاري،[21] مما يغلق الباب أمام التهرب الضريبي الذي قد يؤدي إلى غرامات مالية حال حدوث تفتيش في أي توقيت خلال هذه الخمس سنوات.
قانون الإجراءات الضريبية الموحد لا يعرف حق للمستثمر في اللجوء للقضاء في بعض الأحيان، وستنعكس الآثار السلبية لهذا على القتصاد المصري حيث إنه يؤدي لمخاوف كبيرة بين صفوف المستثمرين، الذين إذا بقوا في حالة نزاع مع مصلحة الضرائب فإنه وكما ذكر في مشروع القانون سيجوز سحب النزاع من أمام لجنة الطعن واستثناء الدعاوي الضريبية من العرض على هيئة مفوضي الدولة بدعوى سرعة الحسم في المنازعات الضريبية، وتجنبا للجوء لساحة القضاء لعدم إثقالها بالمزيد من الدعوى، والتي تستغرق أمدًا طويلًا للفصل فيها بما لا يتناسب مع المنازعات ذات الطابع المالي،[22] ويعد سحب هذا الحق الأصيل للمستثمر في اللجوء للقضاء، بمثابة القضاء على حقوق المستثمرين في مصر مما سيضير بالمناخ الاستثماري وبالتالي زيادة نسب البطالة في مصر.
البطالة
وفقا لإحصائيات صندوق النقد الدولي، يتوقع أن تصبح نسبة البطالة نحو 8,296% من إجمالي القوى العاملة خلال عام 2020، ويتوقع أن تزيد لتصبح 9,664% من إجمالي القوي العاملة خلال عام 2021.[23] يأتي ذلك تزامنا مع أوضاع اقتصادية تمر بها مصر من ارتفاع معدلات التضخم مما يضيق الخناق على المواطن المصري ويؤدي إلى تردي أوضاعه المعيشية.
التضخم
ارتفع معدل التضخم السنوي، حيث سجل الرقم العام لأسعار المستهلكين المعلن في 20 سبتمبر/ أيلول 2020 نحو 3.694%، مقابل نحو 3.366% سجلها الرقم العام لأسعار المستهلكين المعلن في 20 أغسطس/ آب 2020. وسجل الرقم الأساسي لأسعار المستهلكين المعلن في 20 سبتمبر/أيلول 2020 نحو 3.264%، مقابل نحو 0.836% سجلها الرقم الأساسي لأسعار المستهلكين المعلن في 20 أغسطس/ آب 2020.[24] ذلك و يتوقع أن يرتفع معدل التضخم من 5.8% في السنة المالية 2020/2019 إلى حوالي 8% في السنة المالية 2021/2020.[25] ارتفاع معدلات التضخم أودى بالقدرة الاستهلاكية للشعب المصري الذي يقع جزء كبير منه تحت وطأة الفقر.
البورصة
وقد هبط المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 خلال جلسات شهر أكتوبر المنتهية في تاريخ 28 أكتوبر/ تشرين الاول 2020؛ بنسبة 4.3% ليغلق عند مستوى 10515 نقطة، وذلك بينما هبط مؤشر EGX100 الأوسع نطاقًا بنسبة 5.3% إلى مستوى 2743 نقطة. كما أن مؤشر EGX700 EWI للأسهم الصغيرة والمتوسطة تراجع بنسبة 6.6%؛ ليغلق عند مستوى 1870 نقطة. ذلك وقد هبط رأس السوق المالي بنسبة 2.15% عن الشهر الماضي حيث بلغ رأس المال السوقي في نهاية تعاملات أكتوبر/ تشرين الاول 2020 نحو 605.4 مليار جنيه، مقابل نحو 618.7 مليار جنيه[26].
————————————————————
الدفتر التشريعي والقانوني
قام مجلس النواب بمناقشة 18 مشروع قانون في مطلع دور الانعقاد السادس للبرلمان، والذي سيستمر لفترة لا تزيد عن 3 أشهر. ومن أبرز القوانين التي تم التصديق عليها؛ مشروع قانون بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له، ومشروع قانون العمل الجديد، ومشروع قانون الإدارة المحلية الجديد، وقانون بشأن إنشاء إدارة والتصرف في الأموال المستردة.
وقد أثارت بعض القوانين جدلاً واسعاً، مما أدى إلى تأجيل مناقشتها؛ وأكثرهم إثارة للجدل هو مشروع قانون الأحوال الشخصية للأقباط المصريين. كما أصدر السيسي 6 قرارات جمهورية، أهمها قرارات تتعلق بمد حالة الطوارئ، ودمج الإجراءات الضريبية. سنستعرض لكم في هذا التقرير أبرز القوانين والتشريعات التي تناولها مجلس النواب خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول.
مشروع قانون الأحوال الشخصية للأقباط:
مشروع قانون سلمته الكنائس الثلاث (الإنجيلية، والكاثوليكية، والأرثوذكسية) للبرلمان، وسيتم تطبيقه حال وافق عليه مجلس المسيحيين في مصر. ويتكون مشروع القانون من 10 أبواب. من أبرز ما تضمنه نص مشروع القانون، مساواة المرأة والرجل في الميراث. كما نص القانون على أن “كل ما يتركه البابا البطريرك من مال أو عقارات أو منقولات يؤول إلى البطريركية، ويكون القائم مقام أمينا عليها فيما هو لصالح الكنيسة ولا يكون له حق التصرف فيها لغير صالح البطريركية على أن يسلم الباقي للبابا البطريرك الجديد فور رسامته، ولا يرث البابا أقارب له من الجسد، أما الأساقفة والمطارنة فيؤول إرثهم إلى إيبارشياتهم، ويكون البابا أميناً عليها إلى حين تسليمها لمن يخلفهم، ولا يرث الأسقف أقارب له من الجسد، وكذلك الراهب يؤول إرثه إلى الدير الذى ترهبن فيه ويكون لرئيس الدير المختص حق التصرف في الإرث لصالح الدير، ولا يرث الرهبان أو الراهبات أقارب لهم من الجسد”. كما اعتزم مشروع القانون لأول مرة إعطاء المسيحين حق التبني [27].
وتستند الكنائس إلى المادة الثالثة من الدستور، والتي تتيح لغير المسلمين حق الاحتكام إلى شرائعهم في سن التشريعات المرتبطة بأحوالهم الأسرية دون الاعتراف بما تقره الشريعة الإسلامية باعتبارها الأساس الذي تنطلق منه التشريعات المصرية، لذا قد يبدو القانون غير مخالف لأحكام الدستور المصري. لكن إذا دققنا في الأمر سنجد أن هذا القانون جمع كل تعاملات الأقباط المتعلقة بالأحوال الشخصية؛ من زواج، وثبوت نسب، وتبني وميراث. إلخ. والمشكلة الكبرى تكمن هنا؛ حيث إن إقرار التبني يتنافى مع نصوص الشريعة الإسلامية، لما يحدثه من آثار خطيرة، أبرزها الخلط بين الأنساب بالمجتمع.
والتبني ليست قضية تتعلق بالمسيحيين فقط، ولكنها تؤثر على كل الطبقات والعرقيات والجماعات والطوائف الدينية المختلفة، مما سيحدث خطراً على البنية المجتمعية. إذ إن الغالبية العظمى للأطفال في دور الرعاية، هم في الواقع مجهولو الهوية، أي مجهولو الديانة. وتشريع التبني، الذي حُظِر في مصر وفق قانون الطفل الصادر عام 1996، قد يسمح بالشروع في ” تنصير” العشرات، بل المئات أو الآلاف من الأطفال. بالإضافة إلى ضياع الأنساب وخلطها. ولهذا القانون أيضا أثر تشريعي خطير، لما سيترتب على تمريره من ضرورة تشريع قوانين أخرى متعلقة بحقوق المُتبنَى وما إذا كان سيُعامل معاملة الطفل من الصلب فيما يتعلق بالزواج والميراث.
بالإضافة إلى ذلك، سينشأ جدل واسع بين الطوائف المسيحية التي لم يتم إشراكها في الاتفاق على مواد مشروع القانون، وأهم تلك الطوائف الممتعضة الأدفنتست السبتيين، فمشروع القانون الذي لم يعترف بهم كطائفة مسيحية وتم ضمهم إلى “البهائيين” و”شهود يهوه”، احتجوا على ذلك في ظل أن الدولة المصرية معترفة بهم رسميا كطائفة مسيحية؛ مما سيحدث قلقاً في البلاد. كما أن مطالبة مشروع القانون بالمساوة في الميراث بين الذكور والإناث، مخالفة أيضا لقواعد الشريعة الاسلامية. وتمرير مثل هذا التشريع يمكن أن يعتبر خطوة خطيرة نحو تطبيق هذا القانون على المسلمين أيضاً، أي على كل أبناء الدولة. مما قد يتسبب في تقليص دور الأزهر الشريف، وعلمنة الدولة المصرية شيئاً فشيئا. ويذكر أن هذا القانون مدعوم بشكل خاص من السيسي، مما تسبب في احتدام الموقف وإثارة الجدل بين السيسي و مؤسسة الأزهر الشريف وشيخها.
مشروع قانون الخاص بتعديل بعض أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له:
نص التعديل على أن يقضي أي موظف تابع لمؤسسة الأزهر ما لا يقل عن خمس سنوات في ممارسة العمل الفعلي في الوظيفة الأدنى مباشرة، أو ما في مستواها، على أن تحتسب مدة الإجازة المرضية، وإجازة رعاية الطفل ضمن المدة البينية للترقية، تبعاً للضوابط المنصوص عليها بقانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، على أن يتم تخفيض المدة البينية للترقية عاماً واحداً للحاصل على الماجستير، وعامين للحاصل على الدكتوراه[28]. ولهذا التعديل أثر تشريعي خطير، حيث تم تعديل البند الثاني من مادة 93 (11) مكرر، والتي كانت في الأساس تعطي مسؤولية وحق إعطاء الترقيات لموظفي الهيئات التابعة للأزهر الشريف وفقاً للقواعد التي يصدر بها قرار من شيخ الأزهر. وبالتالي، يقوض هذا التعديل سلطات ونشاط مؤسسة الأزهر الشريف وشيخ الأزهر. مما يعد مخالفاً للدستور ولقانون رقم 103 لسنة 1961 والذي تم تعديله عام 2012.
أبرز القرارات الجمهورية التي أصدرها السيسي في مطلع دور الانعقاد السادس للبرلمان، وأثرها التشريعي والاقتصادي:
- قرار رقم 596 لسنة 2020 بشأن تمديد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر جديدة. نص القرار على أن “تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين. كما تم تفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية، المنصوص عليها في قانون الطوارئ، مع توقيع عقوبة السجن إزاء المخالفين للأوامر الصادرة عن رئيس الدولة”[29]. وهذا هو التمديد 15 لقرار إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد الصادر في أبريل/نيسان 2017. ويشترط الدستور المصري عدم إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد إلا لستة أشهر متصلة كحدّ أقصى. وعلى الرغم من ذلك، يتم تجديد قرار تمديد حالة الطوارئ بعد انتهاء المدة المحددة في الدستور بيوم واحد فقط. يعد هذا القرار تحايلا على القوانين الدستورية المتعلقة بهذا الشأن. ولهذا القرار تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة.
حيث إنه بموجب هذا القرار، يحق لهم إخلاء بعض المناطق وفرض حظر التجوال، واعتقال أي مواطن يشتبه به من قبل ضباط الأمن. كذلك، تتأثر الاستثمارات على المدى البعيد بهذا القرار. فيتخذ بعض المستثمرون الكبار قرارات استبدال استثمارات المدى الطويل باستثمارات المدى البعيد خوفاً من أي قلق قد يحدث في البلاد. كما يتسبب استمرار هذا القرار في إلحاق الضرر بالسياحة، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد المصري.
- قرار رقم 590 لسنة 2020، بشأن تعيين 100 عضو في مجلس الشيوخ الجديد[30]، 20 منهم من العسكريين، وشرطيان سابقان. جاء هذا القرار استناداً على المادة رقم 244 بشأن مجلس الشيوخ، والتي تمت إضافتها إثر تعديلات 2019 التي جرت على دستور 2014. حيث نصت على أن يشكل مجلس الشيوخ من عدد من الأعضاء يحدده القانون، على ألا يقل عن ٢٥٠ عضوا. وتكون مدة المجلس خمس سنوات. ويُنتخب ثلثا أعضاء المجلس بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، وتجرى الانتخابات طبقا لما ينظمه القانون. مما يعد اعتداء صريحا على أسس النظام الرئاسي الديمقراطي. بالإضافة الى هيمنة رئيس الجمهورية على إحدى غرفتي البرلمان المصري بشكل مباشر، وعلى مؤسسات القرار ونشر الوعي من خلال تعيين عساكر وإعلاميين تابعين له بمجلس الشيوخ.
قرارات جمهورية ومشاريع قوانين متعلقة بشأن تحديد أجور العمال، وضبط عملية إجراء عقود العمل، وتحسين بعض الأجور، وفرض الضرائب والرسوم على العمال والموظفين وأثرها التشريعي والاقتصادي:
مشروع قانون التأمين الجديد بشأن طلب إنشاء وتأسيس شركات التأمين:
حدد القانون شروطا لمن يؤسس شركة تأمين؛ بحيث لا يكون قد سبق الحكم عليه، وألا يقوم به عارض من عوارض الأهلية، وأن يكون حسن السمعة ومتمتعا بحقوقه المدنية كاملة. كما حدد مبلغ قيمته 250 ألف جنيه كرسوم فحص طلب تأسيس شركة التأمين و100 ألف جنيه للشركات الأخرى. على أن يتم سداد تلك الرسوم للهيئة القائمة على تشكيل لجنة لدراسة طلبات التأسيس[31]. وفقاً لنص القانون، سيتم توحيد سن المعاش ليصل إلى 65 سنة في عام 2040 [32]، على أن يبدأ العمل بالقانون بدءاً من عام 2032 برفع سن التقاعد. مما سيؤثر سلباً على المواطنين. حيث أنه بذلك سيحرمهم من إجراء تسوية المعاش المبكر.
قرار رقم 200 لسنة 2020، بشأن إصدار قانون إنشاء صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة[33]
: يفرض القرار رسوماً شهرية على أجور جميع العاملين في الجهاز الإداري للدولة، وشركات القطاع العام، وقطاع الأعمال العام، والشركات المملوكة للدولة، والقطاع الخاص، والبنوك الحكومية وغير الحكومية، وغيرها من الجهات، بهدف دعم موارد الصندوق. بحيث سيتم اقتطاع مبلغ قيمته ثلاث جنيهات شهرياً من جميع العاملين في الدولة، حتى الدرجة الوظيفية الثالثة، وخمسة جنيهات حتى ذوي الدرجة الوظيفية الأولى، وعشرة جنيهات للدرجات الوظيفية الأعلى، على أن يتم توريدها مباشرة إلى الصندوق. كما نص القانون على أداء كل طالب في مراحل التعليم قبل الجامعي، حكومي وخاص، مساهمة تكافلية مقدارها خمس جنيهات بغرض التضامن. وترتفع إلى عشرة جنيهات بالنسبة للطلاب في التعليم الجامعي، والمعاهد العالية والمتوسطة، حكومية وخاصة.كما نص على فرض رسم إضافي قيمته خمسة جنيهات على الخدمات الآتية: رخصة السلاح، ورخصة القيادة بجميع أنواعها، ورخصة تسيير المركبات بجميع أنواعها، واستخراج شهادة صحيفة الحالة الجنائية، والتذاكر الخاصة بحضور المباريات الرياضية، وتذاكر الحفلات والمهرجانات الغنائية بجميع أنواعها، وطلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية، وتأشيرات الإقامة للأجانب، وتصاريح العمل للمصريين العاملين لدى جهات أجنبية، سواء كانت داخل البلاد أو خارجها. كذلك فرض القانون خمسة جنيهات كرسم على كراسات الشروط للمناقصات والمزايدات الحكومية، وعقود المقاولات والتوريدات الحكومية، وتراخيص إنشاء المدارس الخاصة أو الدولية أو تجديد التراخيص لها، وطلبات حجز قطعة أرض أو وحدة سكنية من الأراضي أو الوحدات التي تخصصها الدولة لهذا الشأن في المدن العمرانية الجديدة، وطلبات الاشتراكات في النوادي، وتجديد العضوية السنوية فيها. مما يعني أن مصدر التمويل الرئيسي للصندوق هو المواطن الفقير. حيث اعتمد القرار على اقتطاع رسوم قد تبدو قليلة لكنها في الواقع في مجموعها ليست بالقليلة وتساهم في الاقتطاع من معاشه بشكل مباشر وغير مباشر دون أن يلاحظ المواطن ذلك. مما يعد قراراً في أصله ليس لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، وإنما لإنقاص الأجور والمعاشات.
مشروع قانون بشأن تحسين الأوضاع المالية للمعلمين والموظفين بالتعليم العام والأزهري[34]:
يتضمن نص القانون إصلاحات هيكلية للأجور بقطاع التعليم، مما يعني أنه لا يمكن تطبيق القانون علي قطاع التعليم العالي (الجامعي). كما أنه يشتمل على إنشاء صندوق للرعاية الاجتماعية والمالية للمعلمين. وفقاً لنص مشروع القانون، سيتم تخصيص ميزانية تتراوح قيمتها ما بين 5.6 إلى 6.1 مليار جنيه كتكلفة لإتمام الإصلاحات الهيكلية المقترحة. كذلك سيتم وضع 250 مليون جنيه في الصندوق الذي سيتم إنشاءه للمعلمين. يستهدف مشروع القانون تحسين الأوضاع المالية ل 2.1 مليون معلم وموظف. كما حدد القانون قيمة لزيادة معاشات المعلمين تتراوح ما بين 325 إلي 475 جنيهاً بحيث يتم تعيينها حسب المستوي الوظيفي لكل منهم. كذلك، سيتم رفع قيمة مكافأة امتحانات النقل المقررة في يونيو الماضي بنسبة 25% بما يتراوح من 65 إلى 155 جنيهاً. كما سيتم تنفيذ نحو 15 ألف فصل دراسي في مختلف المحافظات. كذلك يتضمن مشروع القانون زيادة قيم كل من بدل المعلم والحوافز على التوالي: بنسبة 50% بما يتراوح من 75 إلى 180 جنيهاً لبدل المعلم وبما يتراوح من 140 إلى 185 جنيهاً. ولكن قيمة الزيادة لا زالت ضئيلة جدا فتتراوح قيمتها ما بين ٢٠ و ٣٠ دولار. وبينما شرعت الحكومة في تشريع هذا القانون كتعويض عن قرار لاحق بمنع الدروس الخصوصية في البلاد. مما يذّكر أن السبب الرئيسي الذي جعل المعلمين يلجؤون إلى الدروس الخصوصية كان تدني معاشاتهم بشكل كبير مما يحرمهم من العيش حياة كريمة. فضلاً عن أن المعاش الإضافي الذي حاول المعلمون إضافته بمجهودهم إلى راتبهم الحكومي من قبل الدروس الخصوصية أكثر بكثير من قيمة الزيادة. وقد تتراوح ما بين 500 إلى 1000 دولار شهرياً. مما سيؤثر سلباً على أوضاع المعلمين الاقتصادية والاجتماعية بقدر كبير.
مشروع قانون العمل الجديد بشأن تحديد الأجور في عقود العمال بالقطاع الخاص:
بحيث وضع القانون ضوابط جديدة لإجراء عقد العمل بالقطاع الخاص من ضبط لساعات العمل والإجازات، وتحديد ضوابط عمل المرأة وتنظيمه، وتحديد سن العمل وسن التدريب (من 14 إلى 18 عام) وضبط عمالة الأطفال، بالإضافة إلى إنشاء محاكم عمالية متخصصة للفصل في النزاعات العمالية. كما يحظر إنهاء عقود العمال حال دمج المنشأة أو إفلاسها ويلزم أصحاب العمل الوفاء بحقوق العمال.[35]
كذلك، حدد وسائل الأمان والسلامة والصحة في المنشآت والمؤسسات. كما نص مشروع القانون علي وضع ضوابط وشروط الترخيص لبعض الجهات والشركات بشأن مزاولة عملية إلحاق العمالة. كذلك حدد عقوبات بالحبس وغرامات تتراوح قيمتها من 20 إلى 200 ألف جنيه ضد من يمارس نشاط إلحاق المصريين بالعمل داخل وخارج البلاد بدون ترخيص.
مشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية بشأن مواجهة ظاهرة تواجد المراكب خارج الحدود البحرية دون تصريح:
نص التصريح على سحب ترخيص المركب لمدة سنة في الحالات التالية: تواجد المركب خارج المياه الإقليمية بدون تصريح، وقيامه بأي عمل من أعمال الصيد غير القانوني أو غير المنظم أو غير المبلغ عنه. وقضي بوجوب سحب الترخيص نهائياً في حال تكرار المخالفة. كما تضمن التعديل معاقبة المخالفين بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد عن 500 ألف جنيه[36].
أبرز القوانين الاقتصادية والمالية، وأثرها الاقتصادي:
قرار رقم 206 لسنة 2020 بشأن الإجراءات الضريبية الموحدة:
يهدف إلى دمج الإجراءات الضريبية، طالما كانت قابلة للتطبيق، أو على ما يُستحدث من ضرائب من طبيعة مماثلة، أو تتفق في جوهرها مع هذه الفرائض المالية أو تحل محلها. فقد نص على ادراج رقم التسجيل الضريبي الموحد على كل التعاملات مع المصلحة أو الغير. كما قضي بأن التسجيل الضريبي يحدث إما بناء على طلب الممول أو تلقائيا عن طريق المصلحة إذا توافرت معلومات لممارسة نشاط تجاري. وعلى أن تقديم إقرار القيمة المضافة بمدة سماح 30 يوما فقط وليس 60 يوما. كما فرض غرامة تأخير تقديم الإقرار تبدأ من 3000 وتصل إلى 5000 والتي تعادل حوالي 1% زيادة قيمة الضريبة. وذلك بهدف منع التهرب الضريبي حال عدم تقديم الإقرار الضريبي. لكن في نفس الوقت سيزيد العبء على المواطن[37].
كما نص على جواز سحب النزاع من أمام لجنة الطعن وإعادته للمأمورية للصلح في الطعن واستثناء الدعاوى الضريبية من العرض على هيئة مفوضي الدولة. وذلك تجنباً للجوء إلى ساحة القضاء. قد يساعد هذا القانون في تسريع حل النزاعات الضريبية نظراً لأنها تستمر لفترة طويلة في المحكمة. ولكن هذا يعد تعديًا على إحدى اختصاصات القضاء ذات الأهمية الكبرى بشكل عام، وعلى اختصاصات مجلس الدولة بشكل خاص. كما يعد إخلالاً بنص المادة 27 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، والتي اعتبرت هيئة مفوضي الدولة، وهي أحد أقسام القسم القضائي لمحكمة مجلس الدولة، أنها الجهة المعنية بتحضير الدعاوى المتعلقة بالمنازعات الإدارية (ومنها المنازعات الضريبية) وتهيئتها للمرافعة ولمفوض الدولة.
- مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم 45 لسنة 1982: [38]عدّل مشروع القانون المادة رقم 88 على أن يتم إبطال العمل بالمادة السابق ذكرها ويتم استبدال نصها. حيث قضى التعديل بفرض الحد الأقصى لما يٌصرف للملحقين الفنيين من مرتبات ومرتبات إضافية وبدل التمثيل والمبالغ والإعفاءات الجمركية المقررة إبان عملهم في الخارج، هو ما يٌصرف لشاغلي وظيفة مستشار من وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي في ذات البعثة. ويشمل هذا التعديل على موظفي الوزارات الأخرى غير موظفي وزارة الخارجية، ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ويوفدون كملحقين فنيين في المجالات المختلفة. وجاء هذا القانون في إطار تحقيق المساواة بين كل من الملحق الفني وشاغلي وظيفة مستشار من السلك الدبلوماسي، بالإضافة إلى تخفيف الأعباء عن الخزانة العامة للدولة.
- مشروع قانون بشأن منح امتياز إنشاء وتشغيل إعادة تسليم محطة دحرجة (رورو)، بنظام ال O.T في ميناء شرق بورسعيد[39]:
- تعد المحطة؛ أول محطة متخصصة لتداول السيارات في مصر. وقد تعاقدت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية مع ثلاث شركات دولية، هي: بولورية لوجيستكس الفرنسية، وكلٌّ من: نيبون كايشا، وتويوتا، وتسوشو اليابانيتان. بحيث ستتجاوز قيمة الاستثمارات 200 مليون دولار. والعوائد المنتظرة تتمثل في عوائد مباشرة في مقابل حق الانتقاع بالأرض وعوائد غير مباشرة مقابل ترددات ورسو السفن في الميناء، وايرادات عبور الشاحنات للأنفاق، وضرائب وكهرباء ومياه ووقود.
- مشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجمارك الجديد [40]:
ينص على إلزام كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بالعمليات الجمركية، بالتنسيق والربط الإلكتروني وتبادل المعلومات مع مصلحة الجمارك. وذلك بهدف تفعيل نظام النافذة الواحدة والتي هي عبارة عن منصة إلكترونية متكاملة تقدم كافة الخدمة التي تتعلق بالإفراج عن البضائع. كذلك، تختص بالمعاملات التي تخص المصلحة والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات وهيئات الموانئ والهيئة العامة للاستثمار وكافة الجهات المعنية. كما فرضت غرامة تعادل قيمتها 10 آلاف جنيه في حالات؛ عدم تمكن موظفي الجمارك من القيام بواجباتهم، عدم اتباع المخلصين للأنظمة الجمركية، إغفال الإجراءات التي تحدد بالنسبة إلى البضائع الأجنبية التي لا تخضع لأحد الأنظمة الخاصة وبالتالي يجب إعادتها إلى الخارج أو نقلها من ميناء إلى ميناء آخر بداخل مصر.
وإن كان ثمة تعليق؛ فمعظم القوانين الاقتصادية والمالية، وكذلك تلك المتعلقة بقوانين العمل، في الواقع لا تصب في مصلحة المواطن؛ أي أن فرض كل تلك الرسوم والضرائب والغرامات المذكورة أعلاه، ليس عادلاً إذا ما قارناه بمقدار المعاشات والرواتب وحجم الدعم الذي تقدمه الدولة للمواطن. وبالتالي – على العكس- تزيد تلك الغرامات والرسوم من العبء المالي، خصوصاً على أبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة والتي تمثل نسبتها 60 % من البلاد.
————————————————————
الدفتر الثقافي والفكري
شهد شهر أكتوبر أربعة أحداث مهمة، أوَّلها: الحديث عن الإسلاموفوبيا ودور مفتي مصر في التحريض ضد مسلمي الغرب ومراكزهم الإسلاميَّة، وثانيها: هدم المنارة الأندلسيَّة بالإسكندريَّة، وثالثها: إعادة انتخاب الدكتور حسن الشافعي رئيسًا لمجمع اللغة العربيَّة بالقاهرة، ورابعها: موقف المصريين من تطاول ماكرون على الإسلام ورسوله الكريم. وكالعادة، كان الإخوان المسلمون هم الحاضر الغائب، حيث وجهت لهم تهم بأنهم الذين “حَرَّفوا” كلام المفتي الذي لا يقبل التحريف، وهم الذين “أثاروا” الناس للمحافظة على المنارة الأندلسيَّة بما تمثله من قيمة فنيَّة ورمزيَّة تاريخيَّة، وهم الذين “أخْوَنوا” مجمع اللغة العربيَّة – الذي لا نعرف اسمًا واحدًا من الإخوان أضيف إليه- وهم الذين “دعوا” لمقاطعة البضائع الفرنسيَّة لصالح تركيا.
مفتي مصر والإسلاموفوبيا
الإسلاموفوبيا، أو رُهاب الإسلام، مصطلح يُعبِّر عن حالة التحامل والكراهية والخوف من الإسلام أو من المسلمين. ولمتابعة هذه الظاهرة، أنشأت دار الإفتاء المصريَّة مرصد الإسلاموفوبيا، ليقوم “برصد الإساءات ضد الإسلام والمسلمين، ويبحث في أطراف الإساءة وسياقها، ويُحلِّل المعطيات، ويتواصل مع الجاليات المسلمة في الخارج والمؤسَّسَات الإسلاميَّة المعتبرة في الداخل، لتقديم أفضل السُّبل المطروحة للرَّد على الإساءة ورفضها والاستفادة منها في تحسين صورة الإسلام والمسلمين”[41].
ولكن مفتي مصر، بدلًا من أن يحقق أهداف المرصد الذي أنشأه، أطلق تصريحات في التاسع من هذا الشهر تؤجج نيران الإسلاموفوبيا وتحرِّض على المسلمين في الغرب، وتدعم موقف التيَّار اليميني وتدور في فلك السياسة التي يتبعها النظام الانقلابي في مصر وحلفائه في المنطقة، حيث صَرَّح في لقاء تلفزيوني بأن “عدد الأوروبيين في داعش يتزايد، إلى أن وَصَل لما يقرب من 50% من المسلمين الذين يعيشون في أوروبا – من الجيلين الثاني والثالث- أعضاء في تنظيم داعش”. وادَّعى أن أساس المشكلة هو المراكز الإسلاميَّة في الخارج، لأن غالبيَّة هذه المراكز “تتبنى بعض الأجندات الإخوانيَّة وغير الإخوانيَّة، وتموَّل بأموال كثيرة جدًّا، لافتًا إلى أنه يجري تمويلها بسخاء بهذا الشكل، نظرًا لأنها تحمل خطاباً آخر”[42].
أثارت تصريحات المفتي غضب المتابعين، ورَدَّ عليها كثيرٌ من العلماء والمفكرين ومتابعي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث فندوا ما فيها من أكاذيب وكشفوا زيف الادعاءات التي ادعاها المفتي المعروف بمواقفه المثيرة للجدل في تأييده للنظام الانقلابي في مصر، وتسخيره لدار الإفتاء لمهاجمة المعارضين للنظام من الداخل والخارج، على حساب الفتوى الشرعيَّة ومصالح المسلمين.
وكان من أبرز المنتقدين لتصريحات المفتي والمُفنِّدين لها الدكتور علي القره داغي، أمين عام الاتحاد العالمي للمسلمين، الذي ذكر أن هذه التصريحات تفتقر إلى “الدقة والموضوعيَّة”، وأن “خلاف النظام المصري مع أيِّ جماعة دينيَّة لا يُلزِم المفتي المصري أن يكون بوق سلطةٍ ينشر العقل المخابراتي، الذي يُحرِّض على المسلمين والمسلمات، حتى وَصَل التحريض إلى خارج مصر”. وأن المسلمين في الغرب “ينتظرون فتاوى دينيَّة لا مواقف سياسيَّة، فتاوى تدعم حياتهم والاندماج والمحافظة على دينهم، وهذا ما تقرره القوانين في الغرب.. لا ينتظر المسلم في الغرب تصريحات من مُفتٍ تكون فتنة تؤجج النار وتشعل الحريق”. وذكر القره داغي أن ما قاله المفتي هو صدى لما قاله السيسي في ألمانيا من تحريض على المساجد خلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن في 2019م، حين حث الأوروبيين على الانتباه لما يُنشر في دور العبادة، وعدم السماح للمتطرفين بأن يوجهوا البسطاء نحو الغلو والتطرف. واستند القره داغي إلى إحصائيات رسميَّة صادرة عن جهات بحثيَّة غربيَّة تكذب ما ادَّعَاه المفتي، وتدل على أن المسلمين في الغرب هم أكثر الناس تضررًا من داعش، ومنها تقرير شركة الاستشارات الأمريكيَّة(Soufan) ، الذي صدر عام 2017م، وأفاد بأن روسيا تتصدر قائمة الدول التي انحدر منها أعلى عدد من المقاتلين الأجانب الذين ذهبوا للقتال مع “داعش” في سوريا والعراق، تليها السعوديَّة والأردن وتونس وفرنسا على التوالي[43].
ولمواجهة سَيْل الانتقادات التي طالت المفتي بسبب تصريحاته، خرجت دار الإفتاء ببيان ادَّعت فيه أن الجماعات الإرهابيَّة والقنوات المشبوهة قد شوَّهت تصريحات المفتي وحَرَّفتها بسبب مواقفه الوطنيَّة، وشدَّدت الدار على أن المفتي يولي ملف الجاليات المسلمة في الغرب عناية خاصَّة، ويبذل الكثير من الجهود من أجل العمل على ترسيخ مسألة اندماج المسلمين في الغرب، وأن تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في الغرب تحتاج إلى مجهود دعوي كبير، خاصَّة بعد انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا وإلصاق كلِّ عمل إرهابي يحدث هناك بالإسلام زورًا وبهتانًا. ولكن البيان أعاد التحريض على المراكز الإسلاميَّة، حيث أكَّد أن نشاط المراكز الإسلاميَّة “المتطرفة” هو السبب الأهم في انتشار الإسلاموفوبيا، وخاصَّة في أوربا، حيث سيطر على تحركاتها وتوجهاتها عاملا المال والسياسة. ولم تفوت الدار فرصة المكايدة لتركيا، حيث أكَّدت أن دخولها على خط إقامة تلك المراكز، ودعم وتمويل المساجد في أوربا، جزء من مخطط الرئيس التركي أردوغان لإعادة الاعتبار لتركيا الإسلاميَّة–العالميَّة؛ ومِن ثمَّ أصبحت تلك المراكز حاضنة لتفريخ الإرهاب في الغرب[i].
وخلاصة القول هي أنَّ البيان لم يكن مقنعًا في لجوئه إلى موضوع التحريف، لأن لقاء المفتي موثق بالصوت والصورة، ولا مجال لتحريف كلماته التحريضيَّة على المسلمين ومراكزهم الدعويَّة. كما أن تمويل تركيا للمراكز والمساجد وسعيها لرَدِّ اعتبارها كقوَّة إسلاميَّة كبرى حق أصيل لها، ولا علاقة للنظام الانقلابي الذي قزَّم دورَ مصر بذلك، خاصَّة وأنه لا يوجد دليل على تمويل تركيا للإرهاب.
هدم المنارة الأندلسيَّة بالإسكندريَّة
في 11 أكتوبر، قامت السلطات في محافظة الإسكندريَّة بهدم عمل فني وجَمَالي كبير، هو المنارة الأندلسيَّة أو فنار العجمي، كما يسميه أبناء المحافظة، وهو عمل فني له طراز معماري فريد، من تصميم وتنفيذ الفنان التشكيلي وعميد كلية الفنون الجميلة بالإسكندريَّة الدكتور محمد شاكر. وقد بَرَّر محافظ الإسكندريَّة هدم هذا العمل الجمالي ذي الرمزيَّة التاريخيَّة بالمصلحة العامَّة، وذكر أنَّ الهدم تمَّ بسبب إعاقة المبنى لبناء كوبري جديد يهدف إلى تخفيف الضغط المروري .
والمنارة الأندلسيَّة عبارة عن عمل فني ثلاثي الأبعاد، يبلغ مسطحه حوالي 515 مترًا مربعًا، تمَّت إقامته في عام 1999م، ويَحمِل أعمال فسيفساء جداريَّة، وزجاج معشق، ويُعتبر رمزًا وعلامة مميزة للمكان.
وقد أشارت الدكتوره منى رجب، أستاذة التصوير الجداري بكليَّة الفنون الجميلة بجامعة الإسكندريَّة، إلى أنَّ هذا العمل الفني قد تمَّت دراسته في العديد من الرسائل العلميَّة من ماجستير ودكتوراه، وهو أوَّل وأضخم عمل فني في الوطن العربي، ويرمز لحدث مهم أدَّى إلى انتشار الإسلام من هذه المنطقة عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث كان يوجد باب الإسكندريَّة، الذي عسكرت عنده الجيوش العربيَّة الإسلاميَّة لمدة 60 يومًا، وهى فى طريقها إلى الأندلس، للتزوُّد بالمؤن والتجهيزات اللازمة. وتابعت أنَّ المبنى استقر في ذاكرة التاريخ، وأصبح ثروة قوميَّة تتشرَّف بها الإدارة المصريَّة، التي آمنت بضرورة الفن لخدمة المجتمع في مجال التربية الجماليَّة، وذلك من خلال واحد من أهم النُصب التذكاريَّة التي ترمز إلى عبور الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة من الشرق إلى مختلف دول العالم، عبر الأندلس فى عصرها الذهبي .
أثار هدم المنارة اعتراض المهتمين بالفنون والمتذوقين للجمال في المجتمع المصري، ولكن اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندريَّة، لم يَرَ داعيًا لهذا الاعتراض، لأن مبنى المنارة الأندلسيَّة ليس أثريًّا أو تاريخيًّا، ولم يُدرج مطلقًا بمجلد التراث السكندري للمباني القديمة. ووَصَفه بأنه مبنى فارغ من الداخل ويُعِيق الحركة المروريَّة.
ولكن ثمة تساؤلات ينبغي طرحها:
هل أثريَّة العمل تحميه من عبث العسكر؟ وهل كل الآثار المصريَّة مسجلة في سجلات الدولة؟ وهل يُجيز عدم تسجيل الآثار في السجلات الحكوميَّة تدميرها؟
لقد أعاد هدم المنارة إلى الأذهان صورة الجَرَّافات- في مصر أيضا- وهي تهدم مقابر أثريَّة تعود إلى العصر المملوكي في يوليو 2020م، حيث طال الهدم واحدة من أقدم الجَبَّانات في العالم من أجل إقامة محور الفردوس المروري، وغيَّر الهدم ملامح صحراء المماليك التاريخيَّة، عبر إزالة بعض مباني وأسوار من مقابر المكان الذي يُعدُّ متحفًا مفتوحًا في قلب العاصمة، وشاهدًا على التاريخ والمعمار والأدب. وقد نفى رئيس قطاع الآثار الإسلاميَّة بوزارة الآثار ما تمَّ تداوله حول هدم الآثار، وقال إنَّ المحور المروري بعيد عن الآثار الإسلاميَّة المسجلة بقرافة المماليك، وأن المقابر التي دمرت غير مسجلة في الآثار الإسلاميَّة. ثم قام المجلس الأعلى للآثار بتشكيل لجنة علميَّة فنيَّة لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفيَّة أو كتابة، لدراستها والبحث في إمكانيَّة عرض جزءٍ منها في بعض المتاحف كجزءٍ من تراث مصر المُمَيَّز. ولكن هذا التناقض الواضح في موقف مؤسَّسات وزارة الآثار التي أيَّدت إحداها الهدم بحجة عدم التسجيل وسَعَت أخرى إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموقع المُدمَّر، أثار انتقاد المتابعين الذين رأوا أن هدم مبان غير مسجلة مَرَّ عليها أكثر من مائة عام “كارثة بحق الإنسانيَّة”، وأكدوا على ضرورة عدم ربط أهميَّة المباني بعمرها الزمني في كلِّ الأوقات، وأشاروا إلى “أهميَّة الحفاظ على النسيج العمراني المُمَيَّز في منطقة القاهرة التاريخيَّة”، خاصَّة وأن المحور المروري سَيُغيّر من المنظر العام لقبة قنصوة، أقدم مباني المنطقة، وكذلك سَيُغطي على مقبرة إينال، الحاكم المملوكي الذي حكم الدولة لمدة ثماني سنوات، ووزير دفاع مملوكي آخر يدعى قرقماس .
وكالعادة، وبعد كلِّ أزمة في ظِلِّ النظام الانقلابي القائم، كان الإخوان المسلمون هم شماعة الفشل، حيث زعمت بعض وسائل الإعلام أن الإخوان هم الذين ينشرون الإشاعات حول هدم المنارة لإثارة الناس، وهي محمدة للإخوان – الذين يريدون المحافظة على بقايا الجمال في مصر – إن صَدق المدعون. ويبقى السؤال: هل المعترضون على هدم هذا العمل الفني من أساتذة الفنون الجميلة في الجامعات المصريَّة والمهتمون بالحركة الفنيَّة والمتذوقون للجَمَال في مصر من الإخوان المسلمين أو متأثرين بهم؟
إعادة انتخاب حسن الشافعي رئيسًا لمجمع اللغة العربيَّة
في 19 أكتوبر، انتخب أعضاء مجمع اللغة العربيَّة بالقاهرة الدكتور حسن الشافعي، أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلاميَّة في كليَّة دار العلوم بجامعة القاهرة، رئيسًا للمجمع للمَرَّة الثالثة على التوالي، وجاء اختياره بأغلبيَّة الأصوات، وهو أوَّل رئيس أزهري للمجمع الذي سَبَق وأن رَأسَه أحمد لطفي السيد، وطه حسين، وشوقي ضيف. ويتكوَّن المجمع الذي تأسَّس سنة 1932م مِن العلماء المعروفين بتبحرهم في اللغة العربيَّة وآدابها، ويَهدف إلى المحافظة على سلامة اللغة، وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون في تقدمها، وملائمة لحاجات الحياة في العصر الحاضر، وذلك مِن خلال المعاجم والتفاسير اللغويَّة والمصطلحات الحديثة والدراسات الخاصَّة التي يُصدِرها المجلس مِن خلال لجانه المختلفة.
والدكتور الشافعي من مواليد 1930م، ويَنتمِي إلى جامعتي الأزهر والقاهرة معًا، وحاصل على الدكتوراه من بريطانيا، وأستاذ الفلسفة الإسلاميَّة، ووكيل كليَّة دار العلوم، ورئيس الجامعة الإسلاميَّة بباكستان سابقًا. وكان عضو الهيئة الاستشاريَّة لدائرة المعارف الإسلاميَّة. وللدكتور إنتاج علمي غزير؛ فقد كتب بالعربيَّة في الفلسفة الإسلاميَّة والتوحيد وعلم الكلام والتصوف، وأكثر من 30 بحثًا علميًّا في العديد من المجلات والدوريات العلميَّة في مصر والخارج، وخمسة نصوص تراثيَّة مُحقَّقة، وأربعة كتب مترجمة إلى الإنجليزيَّة، هذا فضلًا عن الإشراف والحكم على عشرات من الرسائل الجامعيَّة في مصر والعالم العربي وباكستان وماليزيا.
وللدكتور الشافعي آراء واضحة في كثير من القضايا الجدليَّة التي أثيرت في المجتمع المصري، وذلك بحكم موقعه كرئيس للمجمع اللغوي ومستشار سابق لشيخ الأزهر، مثل تجديد الخطاب الديني، ومناهج الأزهر، والدعوة إلى خلع الحجاب، حيث أبدى الشيخ انزعاجه مِمَّن يتكلّمون عن تجديد الخطاب الدّينيّ بغير علمٍ أو دربةٍ، أمَّا بالنسبةِ إلى مَن يتحدثون عن دعوات خلع الحجاب فيَرَى الشافعي أن هذه الدعوات بمثابة «زوبعة في فنجان»، مؤكِّدًا أن قرار المرأة بارتداء الحجاب أمرٌ خاص بها. وقد ذَكَّر الشافعي مَن ينتقدون كتب التراث بما تناسوه مِن أن هناك حركة كبيرة تمَّت في القرون الأولى مِن الهجرة لتنقية الأحاديث، وأكّد على أنَّ «مَن يجبُ أن يتكلّمَ عن التراث مَن له عِلمٌ به، ويقول ما يشاء، إنما المشكلة أن يتكلّم الجاهل عن التراث، وهذا لا ينبغي». كما انتقد الشيخ توسع وسائل الإعلام في استضافة الملحدين والمشككين في الدين والهويَّة. وأصر على المحافظة على الهوية الإسلامية للدولة أثناء تمثيله للأزهر في لجنة تعديل الدستور عام 2012م.
وعن اللغة العربيَّة والهويَّة، يقول الدكتور الشافعي إنَّ العودة إليهما «تحتاج إلى ثورة ثقافيَّة، لأنه في الحقبة الماضية كان هناك كثير من المتعلمين، لا نقول مِن المثقفين، يَعتزون بالتعبير عن أنفسِهم بلغاتٍ أخرى، أو بمزيج مِن اللغة العربيَّة واللغات الأخرى، ولا يستحون مِن ذلك، وكان السياسيون والزعماء ينطقون العربيَّة بطريقة مهينة وسيئة، بما يدل على عدم الاعتزاز بلغتهم القوميَّة”.
غير أن موقف الدكتور الشافعي مِن الانقلاب العسكري في مصر(2013) يُعدُّ صفحة مضيئة في تاريخ هذا العالم الجليل الذي عارض موقف الأزهر الرسمي المؤيد للانقلاب، ورفض الزجَّ بالجيش المصري في صراعات سياسيَّة، ووَصَف ما حدث بالمؤامرة الانقلابيَّة، واتهم السيسي بأنه “كبيرهم الذى نسف عملية التحول الديمقراطى وداس ببيانه الانقلابى إرادة الشعب المصرى”، وكان بيانه الآخر أشد حدة في مهاجمة الانقلاب، وذلك بعد أحداث «الحرس الجمهورى»، حيث رأى أن «ما حدث ظلم فادح لم نشهد له مثيلًا حتى من المستعمرين”. ودَعَا علماء العالم الإسلامى كله للتدخل ضد السلطات القائمة ، وهو ما عرَّضه لحملة إعلاميَّة شرسة اتهمته بالانتماء للإخوان المسلمين، وأدَّت إلى استقالته من منصبه كمستشارٍ لشيخ الأزهر، وفصله من جامعة القاهرة فيما بعد فصلًا تعسفيًّا، ألغته المحكمة بعد خمس سنوات.
لم تمر انتخابات المجمع في هدوء كما هو معتاد في هذا المحفل العلمي العريق، فقد أثار انتخاب الدكتور حسن الشافعي لرئاسة مجمع اللغة العربية، غضب النظام السَّاعي إلى إزاحة معارضيه مِن جميغ مؤسَّسَات الدولة والقضاء على هامش الديمقراطيَّة المتاح لبعض المؤسَّسَات، والذي يأتي بشخصيَّات معارضة أو غير محسوبة على النظام. وهو ما حدث في المجمع الذي اختار أعضاؤه رئيسَهم اختيارًا حُرًا وفي أجواء ديمقراطيَّة يندر أن يكون لها مثيلًا بعد الانقلاب.
ظهر موقف النظام الحاكم مِن اختيار الدكتور الشافعي مِن خلال رفض نتيجة الانتخابات التي كانت قد أجريت في 17 فبراير، حيث رفض وزير التعليم العالي اعتماد نتيجة الانتخابات ورَفْعها إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليها كما تنصُّ قوانين المجمع، متعللًا بوجود خطأ إداري في عدم تسجيل أحد أعضاء المجمع في محضر الجلسة الانتخابيَّة. وعلى الرغم مِن أن هذا الخطأ لم يكن مؤثرًا في نتيجة الانتخابات التي أسفرت عن فوز الدكتور الشافعي بـ 27 صوتًا مِن إجمالي 32 صوتًا، وهي أغلبية ساحقة قريبة مِن الإجماع، فإنَّ الوزارة أصرت على إعادة الانتخابات، ليفوز بها الدكتور الشافعي مَرَّة أخرى في ظِلِّ وجود منافس قوي، هو الدكتور صلاح فضل، عضو المجمع وأستاذ الأدب، الذي رشح نفسَه قبل إغلاق باب الترشيح بدقائق معدودة. وبهذا تمسَّك أعضاء المجمع باختيارهم السابق، وفرضوا إرادتهم الحرة، واستندوا في اختيارهم إلى عنصر الكفاءة والجدارة، ولم يلتفتوا إلى الحملة الشعواء التي شنَّها الإعلام قبل إعادة الانتخابات، والتي اتسمت بالتشنج والكذب وكَيْل الاتهامات، وهو ما رأيناه في لغة المقالات والتقارير في بعض الصحف التي صدرت بعناوين من قبيل: “أخرجوا الإخواني حسن الشافعي من مجمع اللغة العربية”.
وبدلًا من تسليط الضوء على هذا الحدث الثقافي والتعريف برئيسه وماضيه العلمي المشرف والتذكير بتاريخ المجمع وجهود علمائه في خدمة اللغة العربية، راح الإعلام المصري الموالي للنظام يكيل الاتهامات للدكتور الشافعي، وشنت حملة لتشويه صورته والتشكيك في العمليَّة الانتخابيَّة، وهو ما وصفه الدكتور عبدالحكيم راضي، عضو المجمع وأستاذ النقد الأدبي بجامعة القاهرة، بأنَّه إرهاب فكري مورس ضد أعضاء مجلس المجمع مِن العلماء الأجلاء المخلصين بتخوينهم ورميهم زورًا وبهتانًا باتهامات باطلة.
لقد اتهم الدكتور الشافعي بالعمل على أخونة مجمع اللغة العربيَّة بجميع قياداته، وطرد جميع مَن لا ينتمون إلى الإخوان مِن داخل المجمع، وهو اتهام مُرسَل، لا دليل عليه، إذ لم يُذكَر اسمٌ واحدٌ من أسماء الذين يُفترض أن يكون الشافعي قد عزلهم مِن المجمع أو عَيَّنهم فيه. وقد نفى الدكتور عبدالحميد مدكور، أمين عام المجمع، اتهامات الأخونة، ووصفها بأنَّها مُجرَّد فزاعة انتخابيَّة لا أساس لها.
لم تكن محاولة تشويه صورة الدكتور الشافعي من جانب الإعلام المصري إهانة لرجل أفنى عمره في خدمة اللغة العربية والثقافة الإسلامية فقط، بل إهانة لجميع علماء المجمع الذين شكَّكت هذه الاتهامات في أهليتهم وقدرتهم على الاختيار الصحيح، وتصفية حسابات سياسيَّة على حساب مؤسَّسَة عريقة ذات طابع علمي خاص.
المصريون وتطاول ماكرون على الإسلام ورسوله
أشعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غضب المسلمين في جميع أرجاء العالم بعد أن ادَّعى في مطلع أكتوبر أن الإسلام يُعاني أزمة عالميَّة، وأن بلاده تخطط لسنّ قوانين أكثر صرامة للتصدِّي لما سَمَّاه “الانعزال الإسلامي”، والدفاع عن القيم العلمانيَّة. ثم عاد بعد ذلك ليتطاول على النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم بدعمه للرسوم الكاريكاتوريَّة المسيئة له، والتي تنشرها صحيفة “شارل إبدو” الفرنسيَّة، والادعاء بأن مثل هذه الرسوم تعد حريَّة تعبير.
وعلى الرغم من أنَّ الدفاع عن الإسلام ورسوله الكريم أمر لا يختلف عليه اثنان في مصر التي عرف شعبها بحُبِّه الشديد للرسول وآل بيته وصحابته الأطهار وتفانيه في الدفاع عنهم، المتدين منه وغير المتدين، فإن الموقف الرسمي في مصر اختلف تمام الاختلاف عن الموقف الشعبي، إذ بَدَا وكأنَّه يدور في فلك الموقف الفرنسي، وهو ما مثل صدمة لمشاعر المصريين الدينيَّة.
لقد اتسم الموقف الشعبي بالتنوع في إظهار مشاعر الغضب من فرنسا، فقد انتشرت الدعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسيَّة، ووجدت تجاوبًا كبيرًا من التجار والمشترين على السواء، ووَصَلت إلى حَدِّ مطالبة البعض بإلغاء جميع اتفاقيات التجارة الموقعة مع باريس كنوع من المقاطعة الاقتصاديَّة[ii]. كما أشعل المصريون وسائل التواصل الاجتماعي بحملات الهجوم على ماكرون وعلمانيته المزيفة التي لا يطبقها إلَّا على المسلمين في بلاده، وشارك المصريون بأعداد ضخمة في حملة “إلَّا رسول الله” التي تجاوزت الفضاء الإلكتروني إلى العالم الحقيقي، حيث شارك 250 طالبًا مصريًّا في مدرسة بمحافظة الإسكندريَّة في كتابة عبارة “إلَّا رسول الله” بأجسادهم داخل ملعب المدرسة، نصرة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وشارك في هذه الحملة مسيحيون مصريون، رفضًا منهم للإساءة إلى الرسول، لأن الإساءة لمعتقدات الآخرين ليست حريَّة تعبير.
وعلى الجانب الآخر، كان الموقف الرسمي مخزيًّا، إذ لم يَحترم النظام مشاعر مواطنيه، ولم يُعارض تصريحات الحليف الفرنسي، وراح يؤكد من خلال مؤسَّسَاته وأذرعه الإعلاميَّة وقوفه إلى جانب ماكرون مع كلِّ تطور من تطورات هذه الأزمة، وكانت الإدانات المصريَّة لعمليات العنف التي شهدتها فرنسا سريعة ومؤكِّدة على الوقوف ضد الإرهاب، ولم تتطرق إلى السبب الأصلي في موجة العنف الأخيرة في فرنسا، وهو تصريحات ماكرون العنصريَّة، والتي وَصَلت إلى حد تجييش الكاثوليك في بلاده ضد المسلمين.
لم يجد إعلاميو السيسي وسيلة لتشويه دعوات المقاطعة سوى محاولة ربطها كالعادة بجماعة الإخوان المسلمين والرئيس التركي أردوغان. وبما يشبه النص الموحّد، تبارت وسائل إعلام مصريَّة في الحديث عَمَّا وَصَفتها بالأهداف الحقيقيَّة لدعوات مقاطعة البضائع الفرنسيَّة، وعلى رأس تلك الأهداف المزعومة محاولة تركيا صرف الانتباه عن دعوات مقاطعة البضائع التركيَّة التي أطلقها نشطاء محسوبون على النظام السعودي، وحرصت على ترويجها وسائل الإعلام في السعوديَّة والإمارات ومصر. ووَصَل الأمر إلى حَدِّ استخدام لغة سوقيَّة مبتذلة من جانب خالد الجندي الذي يحسب نفسه على الدعاة، حين خاطب المصريين بقوله: “هتهجس وتقول لي مقاطعة، خليك راجل عاقل وانت بتتكلم”.
ولكن الأزهر شذ عن باقي مؤسَّسَات الدولة، واستنكر من خلال مجمع البحوث الإسلاميَّة تصريحات ماكرون التي تنسف- برأيه- “كل الجهود المشتركة للقضاء على العنصريَّة والتنمر ضد الأديان”، وحذر من أن مثل تلك التصريحات العنصريَّة من شأنها أن تؤجّج مشاعر المسلمين. وسَبَق أن انتقد شيخ الأزهر ما اعتبره إصرار بعض مسؤولي الدول الغربيَّة على استخدام مصطلح “الإرهاب الإسلامي”.
وكعادة المصريين، لم يتركوا الحدث يمر دون أن يضفوا عليه بعض الدعابة التي تميزهم، فراحوا ينشرون مواد ساخرة تتحدى ماكرون وأنصار السيسي، من قبيل: “وربنا ما هنسيبك غير لما تغني طلع البدر علينا”، و”أسبوعين مقاطعة كمان وماكرون هينزل تغريدة إلَّا رسول الله”، و”جاب ورا”، و”لو نزلنا قلنا إلَّا رسول الله هينزل السيساويَّة يقولوا إلَّا ماكرون”.
————————————————————
الدفتر الإعلامي
شهدت الساحة المصرية أحداثًا متعددة طيلة شهر أكتوبر، الأمر الذي جعل الأجندة الإعلامية المصرية مزدحمة نوعًا ما.
بدايةً، صادف الشهر الماضي الذكرى السابعة والأربعين لحرب السادس من أكتوبر، وكالعادة فإن مناسبة كبيرة كهذه يغطيها الإعلام بشكل واسع ويستعرضها من نواحي عدة، بدءًا من عظمة العبور وذكريات النصر، مرورًا باسترداد الكرامة الوطنية، وليس انتهاءًا بتسليط الضوء على دور الجيش[44].
ورغم أهمية الذكرى وإحيائها في النفوس، فإن طريقة استعراض الإعلام لها خصوصًا في السنوات الأخيرة تشي بمحاولاتٍ لاستخدام هذه المناسبة بشكل أو بآخر لأغراض النظام في تثبيت حكمه. فبدلًا من أن يكون التركيز الإعلامي مُنصَبٌ على أن “الكيان الصهيوني” هو العدو الإستراتيجي لمصر والدول العربية، خفتت هذه اللهجة مقابل إرساء رسالتين أخريين، وهما الإعلاء من دور القوات المسلحة، وإشعار الشعب أن الخطر الذي تواجهه مصر ما زال موجودًا، لكن هذه المرة تمثله المعارضة السياسية وليس الكيان الصهيوني!
بدأ الإعلام المصري مبكرًا تغطيته للذكرى السابعة والأربعين للحرب، قبل حلول الذكرى بحوالي أربعة أيام.[45] ويبدو أن التظاهرات التي خرجت ضد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أواخر شهر سبتمبر / أيلول الماضي، كانت سببًا في هذا التبكير. حيث بدا أن السلطة أرادت أن تواجه الحشد المعارض بحشد مماثل، لكنها في ذات الوقت لم تُرد للأمر أن يظهر وكأن النظام في أزمة. لذلك ظهر أن السلطة وإعلامها استغلا قرب ذكرى حرب التحرير ليجعلوها غطاء لحشدهم.
حاول الإعلام سحب التقدير والاعتزاز الذي يكنه شعب مصر لكل من شاركوا في الحرب وإضفائه على قادة الجيش الحاليين الذين لم يشارك أي منهم في حرب أكتوبر. بدا ذلك جليًا في الاهتمام الذي أولاه للحفل الذي شارك فيه فنانون مؤيدون للنظام تحت دعوى إحياء ذكرى أكتوبر، بينما كانت فقرات الحفل تمجد في القيادة السياسية الحالية أكثر من قادة أكتوبر أنفسهم[46]. ومن ناحية أخرى، أعادت نوافذ إعلام النظام تحذيرها من اتخاذ أي موقف معارض للسلطة الحالية، لأن هذا – كما يقولون – يقود إلى تنفيذ أهداف العدو عن طريق هدم الدولة وتفكيكها من الداخل[47].
وكما حاول الإعلاميون ربط النظام المصري الحالي بقيادة الجيش المصري في حرب أكتوبر، على أساس أنه امتداد لها، له مالها من المكانة في نفوس الشعب، فإنهم حاولوا أيضًا ربط المعارضة المصرية الحالية بدولة الاحتلال الإسرائيلي[48]! لدرجة تصريح أحد الإعلاميين بأن جماعة الإخوان المسلمين كانت شريكًا لبريطانيا في قيام دولة الاحتلال، في مخالفة لكل بديهيات العقل والتاريخ[49]. وعلى هذا، يصبح النظام الحالي هو الدولة، وهو الجيش الذي حرر الأرض والذي يجب أن يحكمها ليستمر في حمايتها، وتصبح المعارضة السياسية وداعموها هم العدو الاستراتيجي الجديد!
صراع بين الأذرع الإعلامية.. تسبب تصريح لوزير الدولة للإعلام أسامة هيكل في حملة هجوم واسعة عليه من إعلاميين من المفترض- حسب منصبه- أنهم يخضعون لإدارته. قال “هيكل” في تصريحات مقتضبة إن “الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلون حوالي 60 أو 65% من المجتمع، لا يقرؤون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون”، مطالبًا بـ “التفكير في نمط حياة هذه الفئات”.[50] بعدها مباشرة شن مذيعون وصحفيون يعملون في صحف وفضائيات مملوكة للنظام أو مقربة منه حملة هجوم حادة، وقال بعضهم إن هيكل يردد مقولات “إعلام الأعداء” قاصدين الفضائيات المصرية المعارضة بالخارج، ويقدم لهم “مادة خصبة للنيل من سمعة الإعلام المصري”، وبلغ الأمر بصحف مملوكة لجهاز المخابرات لأن تصف هيكل بأنه أداة في يد جماعة الإخوان المسلمين[51].
وصل الأمر إلى استخدام أسلوب يتسم بالفجاجة من صحفي تابع للسلطة مع أحد وزرائها، حيث كتب أحد المذيعين المعروفين بتبعيتهم للسلطة: “لكن -ولأن الوهم أكل دماغ هيكل تمامًا- وجدته يواصل عبثه وهراءه وكلامه الفارغ، معتبرا أنني مدفوع لأنتقده وأبين عواره وعورته، وهو منطق يليق بألسنة الإعلام الوقحة التي تنطلق ضدنا من قطر وتركيا”[52].
كما طالبت عضوة الهيئة الوطنية للصحافة، فاطمة سيد أحمد، السيسي بإقالة الوزير الذي حنث بالقسم، وقدم مادة خصبة لـ “الإعلام المعادي”، على حد قولها. كذلك وصف نقيب الإعلاميين طارق سعدة تصريحات هيكل بأنها “أداة لهدم الإعلام المصري”. المثير للاستغراب وربما السخرية هو أن التلفزيون الرسمي للدولة الذي يخضع لإدارة وزير الإعلام نظريًا، بث تسريبًا للوزير نفسه يعود لسنوات مضت، وذلك في سياق اتهامه بتلقي تعليمات وتوجيهات من جهات أخرى[53].
لكن رد الوزير بكتابة منشور عبر “فيسبوك” جاء فيه: “صدرت الأوامر بشن حملة جديدة على شخصي… بعد حملة سابقة منذ شهرين. ففي توقيت واحد، وبنفس الكلمات، شنت أقلام معروف للكافة من يحركها بالتساؤلات نفسها حول ماذا فعلت منذ توليت المسؤولية؟ ولماذا لا أصمت؟ ولماذا لا أبحث عن وظيفة أخرى؟ وأحدهم يتهمني بأني بتصريحاتي سأتسبب في عدم إقبال المعلنين على الإعلان في الصحف. لا إبداع على الإطلاق… نفس الكلمات ونفس الأسماء، بل ونفس التوقيت”[54].
وحسب مراقبين، فإن الصراع الدائر هو حرب مصالح واختصاصات بين “هيكل” وبين جهات أخرى تدير المشهد الإعلامي في مصر بينهم ضباط ورؤساء تحرير صحف وإعلاميون وغيرهم. وذهب البعض إلى أن الأمر أبعد من مجرد صراع بين الأذرع الإعلامية، وأن الإعلام المصري يعاني من مشكلات هيكلية، خصوصًا وأن هناك أربعة أجهزة منفصلة تسيطر عليه هي: المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، ووزارة الدولة للإعلام[55] .
في حين كان آخرون أكثر تحديدًا، حيث قالوا إن الضابط أحمد شعبان، المعروف أنه من يدير المشهد الإعلامي في مصر داخل مؤسسة الرئاسة، يعارض وجود أسامة هيكل من الأساس ويعتقد أنه ليس له قيمة، ويرون أن أحمد شعبان أعطى أوامره بالفعل للأذرع الإعلامية بإطلاق سهامها على هيكل[56] . وهو ما يبدو أنه أقرب للحقيقة، خصوصًا أن الهجوم الذي شُن على الوزير جاء متزامنًا وبنفس الاتهامات والصياغات تقريبًا.
رسائل هيلاري كلينتون.. حاولت النوافذ الإعلامية التابعة للنظام استغلال رسائل بريد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، التي أفرج عنها وزير الخارجية الحالي مايك بومبيو، في سياق الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع عقدها في نوفمبر الجاري. وعمل الإعلام المصري على ترسيخ أن ثورة 25 يناير هي في الأصل مؤامرة أمريكية، وأن جماعة الإخوان كانت خطرًا على الدولة[57] .
لكن في سبيل تحقيق هذا الهدف، تعامل الإعلام مع الرسائل بشكل لا يمت للمهنية والمصداقية بصلة، حيث استغل حقيقة أن معظم الجمهور المصري لا يعرف اللغة الإنجليزية بالقدر الذي يُمَكِّنه من الاطلاع على النص الأصلي للرسائل، ومعرفة صحة المعلومات التي تروج تحت اسمها. فمثلًا كان الإعلام يورد تحليلات لمصادر ذُكرت في الرسائل على أنها معلومات مؤكدة، أو يأخذ خبرًا في صحيفة مصرية أرسله أحد مستشاري كلينتون لها لتطلع عليه، على أن ما ورد فيه هو قول لكلينتون نفسها، أو يأخذ نصًا من رسالة ويلوي عنقه ليوصل للمشاهد معنى معينًا[58].
فعلى سبيل المثال، روج الإعلام المصري أن رسائل بريد هيلاري كلينتون أثبتت أن دولة قطر ستدعم جماعة الإخوان المسلمين لفتح قناة تلفزيونية باستثمارات تبلغ 100 مليون دولار، بعد شكوى الجماعة من ضعف إعلامها[59]. لكن الحقيقة هي أن هذه المعلومة لم تأتِ على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية، أو أحد من مستشاريها، بل ما تنص عليه الوثيقة بوضوح – حتى في النسخة التي يتداولها الإعلام المصري- هو أن هذا كان خبرًا في صحيفة “المصري اليوم” نُشر في 12 سبتمبر / أيلول 2012، نقلًا عن مصادر خاصة بالجريدة، ولا زال الخبر موجودًا حتى الآن على شبكة الإنترنت[60].
تحليل الرسائل أيضًا أتى أحيانًا مخالفًا للمنطق؛ ففي الوقت الذي تعتبر فيه الدول التعددية أن التحالفات الانتخابية ممارسة ديمقراطية مشروعة وربما مستحسنة، اعتبر إعلامي موال للنظام أن ما ورد في أحد الرسائل من أن جماعة الإخوان قد تسعى لعقد تحالف تحت قبة البرلمان مع حزب النور وبعض الأحزاب الليبرالية، اعتبر ذلك ممارسة ضد الديمقراطية، بدلًا من اعتبارها محاولة للم الشمل وتحقيق أكبر قدر من التوافق![61].
كما حاول أحد الإعلاميين تصوير ثورة يناير على أنها كانت سببًا في اختراق المخابرات الأمريكية لمصر، مستدلًا بكثرة المعلومات التي احتوت عليها الرسائل والتي كان الكثير منها صحيحًا[62]. لكن يبدو أنه تجاهل أن كثيرًا من الرسائل احتوت على معلومات مصدرها أشخاص مقربين من القيادات العليا في المجلس العسكري، بل ومن عبد الفتاح السيسي نفسه[63].
كذلك روجت نوافذ النظام الإعلامية أن جماعة الإخوان المسلمين كانت أداة لدى الإدارة الأمريكية لزعزعة الإستقرار في مصر،[64] في تجاهل واضح للرسائل التي حملت طعنًا في جماعة الإخوان من قِبَل أفراد في الإدارة الأمريكية، من باب أنها خطر على أمن الكيان الصهيوني والكيانات الليبرالية في مصر.[65]
وكما نَمَّ استعراض الإعلاميين للرسائل على عدم مهنيتهم، فقد أشار أيضًا إلى جهل واضح لديهم فيما يتعلق بفهم طريقة كتابة الرسائل، ففي أحد البرامج اعتبر أحد الإعلاميين أن اسم “Sid” الذي تكرر في كثير من الرسائل هو اسم سري للشخص الذي أرسل هذه الرسائل إلى هيلاري كلينتون[66]، بينما الحقيقة هي أن “Sid” هو اختصار لاسم “سيدني بلومنتال” وهو من مستشاري كلينتون المعروفين[67].
تطاول فرنسا على الرسول ﷺ.. ربما تكون دعوات مقاطعة المنتجات الفرنسية ردًا على نشر رسوم تتضمن تطاولًا على مقام رسول الكريم محمد ﷺ، هي الحدث الأبرز على الساحة العربية منذ أسابيع وحتى الآن. ورغم تجاهل الإعلام في البداية للحدث، إلا أن التفاعل الواسع من الشعوب العربية والإسلامية مع الحملة، أجبره – فيما يبدو – على تناول هذا الأمر. لكن كان هناك بعض الاختلاف في لهجة التناول من إعلامي إلى آخر.
فالقليل من الإعلاميين طالبوا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بالاعتذار بشكل واضح عن الرسوم المراد بها الإساءة للنبي الكريم ﷺ.[68] بينما أدان عدد آخر من الإعلاميين التصرفات الفرنسية، دون أن يؤيدوا ردود الأفعال الشعبية حيالها.[69] لكن في المقابل، اعتبرت كثير من النوافذ الإعلامية أن فرنسا لم تتطاول على رسول الله ﷺ، وأن دعوات المقاطعة هدفها سياسي ولا علاقة له بالدين.[70] حيث اعتبر هؤلاء المذيعون أن القضية هي مشكلات سياسية بين فرنسا وتركيا، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان افتعل هذه المسألة، لكي يصرف نظر الشعوب العربية عن دعوات مقاطعة المنتجات التركية.[71] كما لم يخل الأمر أيضًا من سخرية بعض المذيعين من دعوات المقاطعة، معتبرين المقاطِعين ألعوبة في يد تركيا، وأن المقاطعة غير مهمة ولن تؤثر شيئًا[72].
تَجَاهَل الإعلاميون – الذين يروجون أن المقاطعة هي أداة سياسية تركية موجهة ضد فرنسا- التصريحَ الواضح لـماكرون بأن فرنسا لن تتخلى عن الرسومات والكاريكاتير الساخرة بما فيها المتطاولة على مقام النبي الكريم ﷺ.[73] بينما ادَّعى المذيعون الذين رفضوا المقاطعة أنها سوف تضر المصريين أيضًا.[74] لكن الغريب أن نفس هؤلاء المذيعين هم من روجوا ودعموا الحملة السعودية لمقاطعة المنتجات التركية وطالبوا بتعميمها في مصر، في تناقض جليّ[75].
المصادر
[1] International Monetary Fund, Real GDP growth – Country Data.
[2] “Report for Selected Countries and Subjects.” IMF,
[3] International Monetary Fund. Middle East and Central Asia Dept. “Arab Republic of Egypt : Request for a 12-Month Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt.” IMF ,P.7 ,10 Aug. 2020 ,
[4] International Monetary Fund. Middle East and Central Asia Dept. “Arab Republic of Egypt : Request for a 12-Month Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt.” IMF, p.23, 10 Aug. 2020,
[5] IMF. “Report for Selected Countries and Subjects.” IMF, 2020,
[6] EBRD. “Alexandria Refinery Green Project.” European Bank for Reconstruction and Development (EBRD), 6 Oct. 2020, .
[7] “America’s Fiscal Future – Fiscal Outlook.” U.S. Government Accountability Office (U.S. GAO),
[8] “United States Interest Rate.” United States Interest Rate 1971 – 2020,
[9] “United States Government Bonds – Yields Curve.” World Government Bonds,
[10] “Central Bank of Egypt.” Monthly Average interest rates,
[11].بوابة الأهرام، “المالية تطرح سندات خزانة بقيمة 10 مليارات والعائد بين 14.3 و14.6%،5 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
[12] جريدة الشروق، المالية تطرح سندات خزانة بقيمة 9.5 مليار جنيه، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020 .
[13] البنك المركزي المصري، النشرة الإحصائية الشهرية 282 ، ص 3 ، سبتمبر/ أيلول 2020 .
[14] International Monetary Fund. Middle East and Central Asia Dept. “Arab Republic of Egypt : Request for a 12-Month Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt.” IMF ,P.1 ,10 Aug. 2020,
[15] جريدة الشروق، البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 19 مليار جنيه، 25 أكتوبر/ تشرين الاول 2020.
[16] جريدة الشروق، ارتفاع الاحتياطي النقدي بنحو 59 مليون دولار بنهاية سبتمبر الماضي، 7 أكتوبر/ تشرين الاول 2020.
[17] البنك المركزي المصري، النشرة الإحصائية الشهرية، سبتمبر/ أيلول 2020.
[18] “FIF – Banque Du Caire – SME Loan.” European Bank for Reconstruction and Development (EBRD),
[19] بوابة الأهرام، تعرف على تفاصيل الطرح الجديد ل “مصنعك جاهز بالترخيص” ضمن مبادرة الرئيس السيسي، 11ص. أكتوبر/ تشرين الاول 2020 .
[20] جريدة البورصة، مد مدة التصالح في مخالفات البناء حتى نهاية نوفمبر، 28 أكتوبر/ تشرين الاول 2020.
[21] جريدة البورصة، مجلس النواب يوافق نهائيا علي مشروع قانون الجمارك، 24 أغسطس/آب 2020.
[22] بوابة الأهرام، الضرائب أي ممول سيزيد رقم أعماله السنوي على 500 ألف جنيه ملزم بإمساك دفاتر منتظمة، 22 أكتوبر/تشرين الاول 2020 .
[23] IMF. “Report for Selected Countries and Subjects.” IMF, Oct. 2020,
[24] “Central Bank of Egypt. “Inflation Rates, 2020,
[25] International Monetary Fund. Middle East and Central Asia Dept. “Arab Republic of Egypt : Request for a 12-Month Stand-By Arrangement-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for the Arab Republic of Egypt.” IMF ,P.7 ,10 Aug. 2020,
[26] البورصة الرئيسي يتراجع 4.3 خلال تعاملات أكتوبر، 29 أكتوبر/تشرين الاول 2020.
[27] الشروق، “أبرز ملامح مشروع قانون الأسرة بعد إجازته من جانب الكنائس الثلاث، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[28] اليوم السابع، “الحكومة توافق على إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له، 28 أكتوبر 2020.
[29] أخبار اليوم، “قرار جمهوري بتمديد حالة الطوارئ في مصر لمدة ثلاثة أشهر، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[30] البوابة نيوز، “ننشر قرار رئيس الجمهورية بتعيين 100 عضو في مجلس الشيوخ، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[31] اليوم السابع، “250 ألف جنيه رسوم فحص طلب تأسيس شركات التأمين وفقا للقانون الجديد، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[32] المال نيوز، “الحكومة : توحيد سن المعاش ليصبح 65 عاما فى يوليو 2040، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[33] المصري اليوم، “قرار جمهوري بإصدار قانون إنشاء صندوق دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[34] الموجز، “مشروع قانون بشأن تحسين الأوضاع المالية للمعلمين والموظفين بالتعليم العام والأزهري، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[35] اليوم السابع، “مشروع قانون العمل يلزم باعتماد استقالة العامل بالقطاع الخاص من الجهة الإدارية، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
اليوم السابع، “القانون يلزم بتحديد الأجور في عقود العمال بالقطاع الخاص، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[36] الأهرام، “الحكومة توافق على قانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
[37] Economyplumse, “معيط: بدء تطبيق قانون الإجراءات الضريبية الموحد خطوة جوهرية نحو التحول الرقمي
،22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
[38] اليوم السابع، “تعرف على تعديلات قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي في 5 نقاط، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[39] الوطن نيوز، بعد موافقة “النواب”.. تعرف على مشروع “الرورو” باقتصادية قناة السويس، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
[40] اليوم السابع، “تعرف على عقوبات التهريب الجمركى بالقانون الجديد، 13 إكتوبر/تشرين الأول 2020.
[41] بوابة دار الإفتاء، مرصد الإسلاموفوبيا دار الإفتاء المصرية، https://www.dar-alifta.org/AR/Module.aspx?sec=media&Name=aboutmarsad
[42] أخبار اليوم، الإفتاء: «جماعات الفتنة» تعمدوا تحريف تصريحات المفتي، 13 أكتوبر 2020م، https://akhbarelyom.com/news/newdetails/3131862/1
[43] سداوي، منعم. دعوات المقاطعة الفرنسية تلهب الشارع المصري وسط سخط على الأداء الحكومي، العربي الجديد، 26 أكتوبر، 2020، https://www.alaraby.co.uk/economy
[44] المحور، تغطية خاصة | الشعب المصري يحتفل بالذكري ال47 لحرب أكتوبر المجيدة، 2 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[45] قناة اليوم السابع، احتفالات المواطنين بذكرى انتصارات أكتوبر أمام المنصة بمدينة نصر، 2 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[46] DMC، مساء dmc – الفنان محمد فؤاد يتحدث عن احتفالية أكتوبر، 2 أكتوبر / تشرين الأول
صدى البلد، نفدي رئيسنا بروح أكتوبر..الآلاف يحتفلون في ميدان سوهو بشرم الشيخ، 3 أكتوبر / تشرين الأول 2020
قناة اليوم السابع، احتفالات حاشدة في البحيرة بذكرى نصر أكتوبر ودعم الدولة والرئيس، 2 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[47] الحياة، الحياة اليوم – محمد مصطفى شردي و لبنى عسل | الثلاثاء 6 أكتوبر 2020 – الحلقة الكاملة، 6 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[48] MBC مصر، المصريون يسخرون (ماذا لو غطت الجزيرة وقنوات الإخوان وأعوانهم حرب أكتوبر)؟ 8 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[49] قناة نشأت الديهي، “الأطماع في مصر لم تنتهي”.. الديهي يوضح أهم ما قاله الرئيس السيسي في ذكرى انتصار أكتوبر، 6 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[50] الصفحة الرسمية للوزير أسامة هيكل، وزير الإعلام: الأعمار أقل من 35 سنة لا يقرءون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون، 12 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[51] الجزيرة، وزير إعلام السيسي على مذبح أذرعه الإعلامية.. ما سر اشتعال معركة السامسونغ؟، 18 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[52] الصفحة الشخصية لمحمد الباز على “فيسبوك”، الوهم الذى يأكل دماغ أسامة هيكل، 17 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[53] القناة الأولى المصرية، التاسعة| استهجان واسع بعد طعن أسامة هيكل في الإعلام المصري، 17 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[54] الصفحة الرسمية للوزير أسامة هيكل، صدرت الأوامر بشن حملة جديدة على شخصي، 17 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[55] الجزيرة مباشر، أسامة هيكل.. ما سر هجوم الإعلام المفاجئ ضد الوزير المصري؟ (فيديو)، 19 أكتوبر / تشرين الأول 2020
shorturl.at/uyGPW
[56] الجزيرة مباشر، ماذا قال #معتز_مطر عن الحملة الصحفية والإعلامية ضد #أسامة_هيكل؟ 19 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[57] صدى البلد، بريد هيلاري كلينتون.. علاقات مشبوهة مع قناة الجزيرة وتنظيم الإخوان الإرهابي لنشر الفوضي في مصر، 11 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[58] مكملين، فضيحة إعلام السيسي وتزوير رسائل هيلاري كلينتون، 12 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[59] اليوم السابع، رسائل هيلارى كلينتون تفضح المتآمرين وتكشف تآمرها مع قطر لدعم الإخوان، 12 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[60] الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، MUSLIM BROTHERHOOD PLANNING MEDIA VENTURE WITH QATARI PARTNERS, SAY SOURCES (QATAR1)، 7 يناير/كانون الثاني 2016
Egypt Independent، Muslim Brotherhood planning media venture with Qatari partners, say sources، 13 سبتمبر / أيلول 2012
[61] MBC مصر، عمرو أديب عن إيميلات هيلاري كلينتون: عاوز أقولك على إيميل له دلالة عندي، 12 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[62] MBC مصر، عمرو أديب: بعد2011 البلد كانت مخترقة..وظباط المخابرات الأمريكان كانوا بيقولوا كل اللي بيحصل هنا بدقة، 12 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[63] الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، Two memos, Morsi’s moves، 7 يناير/كانون الثاني 2016
[64] اكسترا نيوز، رسائل هيلاري كلينتون.. تفاصيل المؤامرة، 19 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[65] الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، WSJ OP ED: HOW THE U.S. SHOULD HANDLE THE ISLAMIST RISE IN EGYPT، 30 نوفمبر / تشرين الثاني 2015
[66] MBC مصر، عمرو أديب عن إيميلات هيلاري كلينتون: عاوز أقولك على إيميل له دلالة عندي، 12 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[67] موسوعة ويكيبيديا، Sidney Blumenthal، تاريخ الوصول: 31 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[68] بوابة الوفد الإلكترونية، فيديو.. أحمد موسى يطالب ماكرون بالاعتذار للمسلمين، 24 أكتوبر / تشرين الأول 2020
النهار، آخر النهار| لابد من اعتذار ماكرون الرئيس الفرنسي للعالم الإسلامي اعتذار واضح وصريح، 25 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[69] النهار، تامر أمين عن الرسومات المسيئة لسيدنا النبي * أنا أول المدافعين ولكن العفو مطلوب *، 26 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[70] اليوم السابع، دندراوى الهوارى يكتب: الحرب على ماكرون هدفها سياسى ولا علاقة له بالدين، 26 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[71] اليوم السابع، خالد صلاح: أردوغان يتاجر باسم الرسول لإشعال الكراهية الدينية في العالم، 26 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[72] dmc، لعلهم يفقهون – تعليق الشيخ خالد الجندي على مقاطعة المنتجات الفرنسية، 25 أكتوبر / تشرين الأول 2020
المصري اليوم، إيَّاكُم وَجُبْنة الفرنجة «بريزيدون»!، 25 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[73] CNN، ماكرون رئيس فرنسا يتصدر تويتر السعودية بعد ما قاله عن “الرسوم الساخرة”، 23 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[74] MBC مصر، عمرو أديب: لن نرد على الإساءة لرسولنا بالإساءة لأي نبي، 25 أكتوبر / تشرين الأول 2020
[75] MBC مصر، عمرو أديب: حوالينا ناس معندهمش تقدير للي بيحصل تلاقيهم بيروحوا سياحة في تركيا ويشتروا قد كده، 16 أكتوبر / تشرين الأول 2020
النهار، أخر النهار | تامر أمين : المقاطعة للبضائع التركية بتئثر وتحدث ضربات موجعة فى افتصاد تركيا، 21 أكتوبر / تشرين الأول 2020
النهار، آخر النهار| الباز: تحية من القاهرة لشعب السعودية بسبب ترند “قاطعوا المنتجات التركية”، 16 أكتوبر / تشرين الأول 2020