العلاقات المصرية-الأمريكية بعد طوفان الأقصى.. شواهد التوتر وحدود الخلاف

المحتويات

مقدمة
العلاقات مع بايدن
العلاقات في الولاية الثانية لترامب
خاتمة

مقدمة

تحظى العلاقات المصرية-الأمريكية بمكانة محورية في خريطة العلاقات في الإقليم، لما تنطوي عليه من أبعاد استراتيجية ومصالح متشابكة. وقد مرّت هذه العلاقة بمحطات متعددة من التعاون والتوتر، تأثرت خلالها بتقلبات المشهدين الإقليمي والدولي، باختلاف توجهات الإدارات الحاكمة في كلا البلدين.

وتأتي هذه الورقة في لحظة دقيقة تشهد فيها العلاقات نوعا من الحذر، بعد مرور نحو ستة أشهر على تولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ولايته الثانية في يناير 2025، وفي ظل استمرار تداعيات هجوم 7 أكتوبر 2023 والحرب التي أعقبته في قطاع غزة، والتي أعادت خلط الأوراق ودفعت نحو تحركات إقليمية ودولية واسعة لإعادة ترتيب المشهد.

وتتناول الورقة مسار العلاقات المصرية-الأمريكية في أواخر عهد إدارة جو بايدن، قبل الانتقال إلى قراءة أولية للتحولات التي حملتها عودة دونالد ترامب إلى السلطة، مع التركيز على أبرز نقاط التوتر التي برزت خلال الحرب على غزة، وفي مقدمتها ملف التهجير القسري، وما تفرع عنه من ضغوط شملت التلويح بوقف المساعدات وطرح مطالب أمريكية غير مسبوقة اعتبرتها مصر أنها تمس بسيادتها.

العلاقات في عهد بايدن

مع فوز جو بايدن في الانتخابات الأمريكية نهاية عام 2020، سادت أوساط النظام المصري حالة من القلق والتوجس، بعد أربع سنوات من علاقة مريحة نسبيا مع إدارة دونالد ترامب. وقد ازدادت هذه المخاوف إثر تصريحات بايدن خلال حملته الانتخابية، التي انتقد فيها بشكل مباشر سجل قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، في حقوق الإنسان، وقال تصريحه الشهير: “لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضّل”.

ومما زاد التأكيد على هذا التوجس، أن النظام المصري رغم صدور تهنئة رسمية باسم الرئاسة، التزم قدرا من الحذر في التعامل مع فوز بايدن، حيث عبّرت حينها وسائل الإعلام المقربة من السلطة عن تخوفات من عودة المقاربة الديمقراطية التي سادت في عهد باراك أوباما.[1]

لكن بعد تولي بايدن منصبه رسميا، بدا أن المخاوف المصرية بدأت تتحول إلى محاولات لإعادة ضبط العلاقة على أسس براغماتية. ورغم الفتور الذي طبع الأشهر الأولى، جاءت الحرب على غزة في مايو 2021 (عملية سيف القدس)، لتعيد القاهرة إلى دائرة الضوء الأمريكية. فقد اضطرت إدارة بايدن إلى تفعيل قنوات الاتصال مع النظام المصري، الذي لعب دورا محوريا في التهدئة، ما دفع بايدن لإجراء اتصالين بالسيسي خلال أيام قليلة، في تحول كان لافتا منذ وصول بايدن للبيت الأبيض.[2]

هذا التفاعل الدبلوماسي، الذي تبعته زيارة وزير الخارجية الأمريكي للقاهرة، شكّل لحظة أثبت فيها النظام المصري أهميته كطرف فاعل في واحدة من أهم قضايا الإقليم. وتزامن ذلك مع تصاعد أزمة سد النهضة، ولذلك سعى النظام إلى توسيع هذا الزخم، بربط دوره في الملف الفلسطيني بمطالبه، وعلى رأسها ملف سد النهضة، الذي طُرح بوضوح خلال الاتصالات مع واشنطن.

وعلى مدى الشهور التالية، كشفت إدارة بايدن عن توجه أكثر براغماتية في التعامل مع النظام المصري، حيث بدت أولوية الاستقرار الإقليمي ومصالح الأمن القومي الأمريكي أكثر حضورا من الاعتبارات الحقوقية التي طغت على خطاب ما قبل الوصول إلى البيت الأبيض.[3] فبينما استمرت الانتقادات العلنية أحيانا لسجل الحريات، إلا أن ذلك لم يترجم إلى ضغط كبير على النظام، وحافظت واشنطن على مستوى مرتفع من التعاون الأمني والعسكري، وأقرت صفقات تسليح جديدة.

وبحلول مطلع عام 2023، كان المزاج العام في الأوساط التحليلية يشير إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر مرشحة للاستمرار على “النهج المعتاد”، دون تغييرات جوهرية في السياسات أو المواقف. وقد تعزز هذا التقدير بعد سلسلة لقاءات بين بايدن والسيسي خلال عدة أشهر في عام 2022، وزيادة التعاون في ملفات إقليمية حساسة، مثل التهدئة بين حركات المقاومة ودولة الاحتلال، وتأمين الملاحة في قناة السويس.[4]

لكن هذا الهدوء النسبي لم يدم طويلا، إذ جاءت عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023 لتُعيد خلط الأوراق، ولتبرز بعض نقاط الاحتكاك بين الطرفين.

شكّل التصعيد المفاجئ، المتمثل في عملية “طوفان الأقصى” وما تبعها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، اختبارا جديدا للعلاقات المصرية الأمريكية.

وبرغم أن التوتر الذي ظهر في تلك المرحلة لم يكن نتيجة خلافات ثنائية مباشرة بين القاهرة وواشنطن، فإن تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة أفرزت قضايا حساسة أثّرت على طبيعة التنسيق بين الجانبين. وتمثلت أبرز مصادر التوتر في مقترحات تهجير سكان القطاع إلى سيناء، والاجتياح الإسرائيلي لرفح الفلسطينية والسيطرة على محور فيلادلفيا، إضافة إلى تباينات حول معبر رفح وملف المساعدات، وحول مسار المفاوضات ودور الوسيط المصري فيها.

بدءا بقضية التهجير، فقد جاء رد فعل الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر تصعيديا إلى حد بعيد، حيث طُرحت منذ الأيام الأولى أفكار تتعلق بتشديد الحصار على قطاع غزة، ومنع إدخال الغذاء والماء، وصولا إلى طرح سيناريو تهجير السكان إلى مناطق داخل الأراضي المصرية. وقد رصد “مركز المسار”، مؤشرات توجه الاحتلال لسيناريو التهجير في ورقة سابقة، نشرت في 22 مايو 2024، تحت عنوان: “النظام المصري وحرب غزة.. تطورات المواقف وأبعاد التعاطي مع التصعيد الإسرائيلي”.

وفي الأسابيع القليلة التي تلت العملية، بدا أن الإشارات الصادرة عن الإدارة الأمريكية كانت متماهية مع فكرة التهجير، حيث أبدت استعدادا مبدئيا للانخراط في حوارات مع الأطراف المعنية بشأنها، بل وظهرت مؤشرات إلى إمكانية تمويل مثل هذا الخيار ضمن ترتيبات أوسع لإدارة المشهد في غزة.[5]

وقد ظهرت شواهد واضحة على هذا التماهي في تصريحات ومواقف صدرت عن مسؤولين أمريكيين خلال الأسابيع الأولى بعد 7 أكتوبر. ففي 11 أكتوبر، صرّح وزير الخارجية الأمريكي حينها، أنتوني بلينكن، أن بلاده تعمل مع مصر وإسرائيل على إنشاء “ممر إنساني” في سيناء للفلسطينيين الفارين من غزة، وهي صيغة فسّرها كثيرون على أنها تمهيد عملي لفكرة التهجير.[6]

ثم في 20 أكتوبر، أرسل البيت الأبيض طلبا رسميا إلى الكونغرس لتوفير تمويل “لتلبية الاحتياجات المحتملة لسكان غزة الفارين إلى البلدان المجاورة”،[7] في إشارة اعتُبرت بمثابة ضوء أخضر لخطة نقل السكان.

وذكرت تقارير حينها أن الولايات المتحدة أجرت مشاورات مع كل من إسرائيل ومصر بشأن إمكانية توفير ممر آمن للمدنيين في قطاع غزة. وفي مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، صرّح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، قائلا: “نولي هذه المسألة اهتماما كبيرا، وهناك بالفعل مشاورات جارية”، مضيفا أن “تفاصيل الموضوع لا تزال قيد النقاش داخل الوكالات التنفيذية، ولا أرغب في الكشف عن الكثير منها علنا في الوقت الراهن”.[8]

ورغم أن “بايدن” عاد لاحقا، في 30 أكتوبر، ليؤكد رفض التهجير القسري،[9] فإن المؤشرات التي سبقت هذا التصريح عززت الانطباع بأن الإدارة الأمريكية كانت في طور دراسة هذا الخيار كأحد السيناريوهات المطروحة للتعامل مع تداعيات الحرب.[10]

إلا أن الرفض المصري لخطة التهجير لعب دورا محوريا في دفع إدارة بايدن إلى التراجع عن هذا المسار.[11] فقد عبّر السيسي، في أكثر من مناسبة، عن رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مشددا على أن هذا الخيار غير مطروح بالنسبة لمصر.[12]

وقد أوضحنا في الورقة التي أشرنا إليها آنفا أن لهذا الرفض خلفيات أمنية وسياسية، في مقدمتها التخوّف من تحوّل سيناء إلى ساحة جديدة للصراع مع الاحتلال، ومن تداعيات داخلية محتملة على المشهد المصري. وكما عبّر مقال نشرته صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية، فـ “لو كانت هناك قضية واحدة تحظى بإجماع ساحق بين الشعب والحكومة في مصر، فهي رفض دعوة ترامب لتهجير فلسطينيي غزة إلى البلاد”.[13]

وعلى هذا، رغم ما تردد عن عروض أمريكية تتضمن حوافز اقتصادية لتشجيع القاهرة على القبول، فإن الموقف المصري ظل ثابتا، ما دفع الإدارة الأمريكية الديمقراطية حينها إلى تعديل موقفها، وبالتالي، فإن التوتر المرتبط بهذا الملف ظل محدودا ومؤقتا في ظل إدارة بايدن، قبل أن يعود ترامب ويطرحه ثانية، مشفوعا ببعض الضغوط.

وبخصوص المصدر الثاني للتوتر، فكان التهديد الإسرائيلي باجتياح مدينة رفح، الذي اعتبرته القاهرة خطا أحمر لا يمكن تجاوزه.[14] وقد أبدت الإدارة الأمريكية بدورها تحفظات واضحة على العملية الإسرائيلية، ليس فقط انطلاقا من حساباتها الخاصة، بل أيضا بفعل ضغوط مصرية مكثفة حذرت من تداعيات خطيرة لأي تحرك عسكري في رفح.

وكما أوضحنا في ورقة بعنوان “وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية.. التاريخ والأدوار وصياغة السياسات في ضوء طوفان الأقصى”، فإن واشنطن مارست بالفعل ضغوطا على حكومة الاحتلال لثنيها عن الاجتياح، إلا أن ذلك لم يمنع القيادة الإسرائيلية، من المضي قدما في الخطة، وسط خلافات بين الطرفين،[15] ومواقف حادة وقعت بين وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، والمسؤولين الأمريكيين، عكست حجم التوتر داخل القنوات الدبلوماسية.

ورغم أن الخلاف في مسألتي اجتياح رفح والسيطرة على محور فيلادلفيا لم يكن بين القاهرة وواشنطن بشكل مباشر، إلا أن مصر كانت ترى أن بإمكان الإدارة الأمريكية بذل جهود أكبر لردع إسرائيل ومنعها من تنفيذ هذه الخطط. ومن ثم، فإن جزءا من التوتر في هذا الملف لم ينبع من تضارب المواقف، بل من شعور مصري بأن الولايات المتحدة لم تنتقل إلى إجراءات أكثر تأثيرا على القرار الإسرائيلي.

ورغم أن مصر، على المستوى الرسمي، تجنبت توجيه انتقادات حادة للإدارة الأمريكية، إلا أن الغضب من الموقف الأمريكي كان ملموسا في الخطاب الإعلامي داخل مصر.[16] وقد عبّرت بعض المنصات الإعلامية المحسوبة على النظام عن هذا الاستياء، متهمةً الولايات المتحدة والدول الغربية بانتهاج سياسات منحازة وازدواجية في المعايير، ومؤكدةً أن هذا الدعم يشجع إسرائيل على مواصلة انتهاكاتها بحق الفلسطينيين، ويقوّض فرص التهدئة.[17]

وكذلك، يمكن تلمّس هذا الغضب في لهجة الانتقادات التي وجهتها الدبلوماسية المصرية للمجتمع الدولي ومجلس الأمن، كما في تصريحات وزير خارجية النظام حينها، سامح شكري، في مارس 2024، حين قال: “لم يعد مقبولا استمرار عجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يطالب بوقف إطلاق النار، بعد مرور أكثر من خمسة أشهر من هذه الحرب الضروس، وما نتج عنها من أعداد غير مسبوقة من الضحايا المدنيين والأطفال والنساء”.[18]

وبخصوص الملف الثالث، فقد تمثل في التوتر الذي برز حول معبر رفح وملف المساعدات الإنسانية، حيث صرح بايدن أن السيسي كان يرفض فتح معبر رفح لإدخال المساعدات وأنه هو مَن أقنعه بضرورة فتح المعبر.[19] هذه التصريحات أثارت انزعاجا واضحا داخل النظام المصري، الذي رأى في هذا الطرح محاولة للضغط السياسي، وتنصلا أمريكيا من المسؤولية الحقيقية عن تعطيل المساعدات، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر.[20]

ولذلك، حرص النظام المصري على الرد سريعا عبر بيان رسمي نفى فيه ما ورد على لسان بايدن، مؤكدا أن المعبر كان مفتوحا منذ اللحظة الأولى من جانب النظام المصري، وأنه جرى تجهيز قوافل إغاثة كبرى، والضغط على مختلف الأطراف لتسهيل عبورها، وأنه بمجرد توقف القصف، أُعيد تأهيل المعبر فنيا لضمان دخول أكبر قدر ممكن من المساعدات.[21]

ويمكن أن يلحق بذلك أيضا القلق الذي أبداه النظام المصري من المشروع الأمريكي-الإسرائيلي لإنشاء ميناء بحري على سواحل غزة، والذي رصدناه في ورقة “الميناء الأمريكي في غزة.. الأهداف والجدوى والمخاطر”، التي نُشرت في مارس 2024. حيث نُظر إليه كمبادرة قد تهمّش الدور المصري في ملف المساعدات، وتخصم من الأهمية الاستراتيجية لمعبر رفح. فالمعبر كان دوما أحد أبرز أدوات التأثير المصري في الملف الفلسطيني، وعنصرا محوريا في علاقاتها مع واشنطن، باعتباره المنفذ العربي الوحيد لغزة.

لكن مشروع الميناء المؤقت، الذي أدير تحت إشراف أمريكي-إسرائيلي مباشر، فتح باب التخوفات في مصر حينها، ليس فقط من تقليص نفوذها، بل من احتمال إعادة إغلاق معبر رفح بشكل كامل، وفرض واقع جديد تُدار فيه المساعدات بعيدا عن أي دور مصري فعلي. هذا التخوف عبّر عنه مسؤولون مصريون، فقد قال التلفزيون الإسرائيلي حينها إن “المصريين يخشون من توقف معبر رفح الذي يعد المعبر الرئيسي لمرور المساعدات الدولية”.[22]

وقد ساهم هذا المشروع في تعميق الشعور لدى القاهرة بأن واشنطن تتبنى ترتيبات ميدانية دون التنسيق معها، ما يُعد تجاوزا لدورها التقليدي في الملف الفلسطيني، وإضعافا له.

وبخصوص الملف الرابع، المتعلق بمسار المفاوضات ودور الوسيط المصري، فقد وقعت فيه بعض التوترات مع الإدارة الأمريكية خلال تلك المرحلة. حيث أثار تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” جدلا واسعا بعدما اتهم المخابرات المصرية بتحريف وثيقة وقف إطلاق النار التي كانت محل نقاش بين الأطراف المختلفة.

ووفق ما نقلته الشبكة عن مصادر وصفتها بالمطلعة، فإن الضابط المصري المسؤول عن الملف قدّم نسختين مختلفتين من الوثيقة؛ واحدة لحركة حماس تضمّنت تعديلات لصالحها، وأخرى لحكومة الاحتلال كانت أقرب إلى الصيغة الأمريكية الأصلية، ما دفع مسؤولا أمريكيا للقول إن الجميع “خُدعوا”. وقد أشار التقرير إلى أن مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية حينها، بيل بيرنز، عبّر عن غضبه وحرجه من هذه التطورات، خاصة أنه لم يكن على علم بتلك التغييرات.[23]

هذه الاتهامات الأمريكية سبّبت حالة من الغضب في النظام المصري، الذي ردّ عبر تصريحات لمصادر رفيعة المستوى في الإعلام الرسمي، معتبرا أن هناك جهات تحاول التشويش على الدور المصري في الوساطة، رغم كونه جاء بطلب وإلحاح من الشركاء الدوليين. كما رفض النظام المصري ما وصفه بمحاولات التشكيك المتكررة في نوايا الوسطاء، محذرا من محاولات تحميلهم مسؤولية تعثّر المسار التفاوضي للتهرب من اتخاذ قرارات حاسمة.

ووجّه عدد من المسؤولين والبرلمانيين المصريين انتقادات صريحة إلى الولايات المتحدة، معتبرين أن المزاعم التي روّجت لها شبكة “سي إن إن” تمثل غطاءً إعلاميا لتخفيف الضغط عن إدارة بايدن، التي كانت تتعرض حينها لاتهامات متزايدة بالعجز عن اتخاذ موقف حاسم تجاه إسرائيل ووقف عدوانها على غزة.[24]

وتعددت التصريحات المصرية التي تنتقد هذه المزاعم، ما عكس حجم استياء النظام، منها ما قاله البرلماني، وأحد أقرب الإعلاميين من النظام، محمود مسلم، إن هذه الادعاءات تأتي في وقت تواجه فيه إدارة بايدن تململا داخليا واسعا، حيث تتسع الاحتجاجات داخل الجامعات ضد الحرب، فيما تعجز الإدارة عن تقديم مواقف متماسكة أو متسقة.

واعتبر مسلم -الذي شغل منصب رئيس تحرير صحيفة الوطن، ورئيس شبكة قنوات DMC– إن الحكومة الأمريكية تعاني من ارتباك واضح، فتتبنى نهارا مواقف حذرة تراعي الرأي العام، ثم تعود مساءً لتطلق تصريحات مغايرة، الأمر الذي أفقدها مصداقيتها الدولية، وفضح ازدواجية خطابها فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان.

وقد تطور الموقف المصري إلى التلويح بالانسحاب الكامل من الوساطة، في ظل ما وصفه رئيس هيئة الاستعلامات، ضياء رشوان، بأنها حملة متعمدة لتشويه دور مصر، تعتمد على “ادعاءات بلا مصادر أو معلومات موثوقة”، وتهدف إلى تحميل الوسيط مسؤولية الفشل، رغم التضحيات والجهود التي بذلها منذ بداية الحرب.[25]

لكن إجمالا، ورغم تصاعد التوترات في بعض المحطات بين القاهرة وواشنطن منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، إلا أن الطرفين حرصا على إبقاء الخلاف تحت السيطرة، لتجنب تحويل التباينات إلى أزمة سياسية مفتوحة بينهما، في وقت تحرص فيه الدولتان على استمرار التنسيق في الأزمة الإقليمية الجارية.

العلاقات في الولاية الثانية لترامب

في أعقاب إعلان فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية مطلع عام 2025، سارع النظام المصري إلى تهنئته، مؤكدا في برقية رسمية تطلعه إلى توثيق التعاون المشترك وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وقد عبّر السيسي عن أمله في أن تُسهم الولاية الجديدة في دعم جهود الاستقرار الإقليمي وتعزيز مسارات السلام.

ووفق العديد من المتخصصين، فإن النظام المصري رأى في عودة ترامب فرصة لإعادة ضبط إيقاع العلاقات الثنائية، خاصة بعد التوترات التي شابت بعض الملفات خلال إدارة بايدن، ومنها ملف حقوق الإنسان، رغم أن الضغوط الأمريكية في هذا الشأن لم تبلغ مستويات حرجة أو تؤدي إلى توتر كبير في العلاقة. كما عوِّل النظام على استئناف نسق التنسيق الوثيق في قضايا الأمن، واحتواء تداعيات الحرب في غزة.[26]

لكن على الرغم من هذا التصور الإيجابي، كشفت الشهور الأولى من ولاية ترامب الثانية سريعا عن تباينات عميقة في عدد من الملفات الحيوية. ويبدو أن رهان النظام المصري على استعادة نمط التنسيق الوثيق الذي طبع العلاقة خلال الولاية الأولى لترامب قد اصطدم بسياقات مختلفة في الداخلين المصري والأمريكي، وبطبيعة الملفات المطروحة إقليميا، خصوصا بعد تصاعد الحرب في غزة. وفي حين أظهرت إدارة ترامب ميلا أكبر للتلويح بأدوات الضغط المباشر، برزت مؤشرات توتر حقيقية ألقت بظلالها على العلاقة، رغم حرص الطرفين على احتواء الخلاف وعدم دفعه نحو أزمة فعلية.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن الملف التقليدي الذي طالما كان محور الضغوط الأمريكية على الأنظمة المصرية المتعاقبة، والمتمثل في قضايا الحريات وحقوق الإنسان، قد شهد تحوّلا لافتا في عهد إدارة ترامب الثانية. إذ لم تعد الضغوط تُمارس عبر الانتقادات الحقوقية العلنية أو التلويح بوقف المساعدات لأسباب مرتبطة بالحريات، بل تغيّرت طبيعتها لتأخذ طابعا أكثر براغماتية وارتباطا بمصالح مباشرة، مثل ملف التهجير أو قناة السويس.

وفي هذا الإطار، أجرت إدارة ترامب تعديلات جوهرية على تقارير وزارة الخارجية الخاصة بحقوق الإنسان، شملت حذف فقرات تتعلق بظروف السجون القاسية، وقيود المشاركة السياسية، والممارسات الأمنية القمعية. كما جرى إخضاع تقارير بعض الدول، من بينها مصر، لمراجعة سياسية خاصة قبل نشرها، ما اعتُبر بمثابة رسالة ضمنية بأن ملف الحقوق لم يعد أولوية في العلاقة، مقابل التركيز على ملفات أخرى أكثر حساسية من وجهة نظر النظام المصري.[27]

وفي سياق هذه الضغوط الجديدة، يستعرض هذا المحور أبرز الملفات التي مثّلت مصادر توتر بين النظام المصري وإدارة ترامب خلال الأشهر الأولى من ولايته الثانية. وتشمل هذه الملفات مقترح التهجير من غزة وما أثاره من ردود فعل غاضبة في القاهرة، والتهديد بحجب المساعدات، إضافة إلى الضغط بشأن حقوق المرور في قناة السويس.

وفي المحاور القادمة، سنرصد أهم ملفات التوتر، هذا بعد الإشارة إلى بعض شواهده التي برزت في التعامل الدبلوماسي بين الجانبين.

وربما كانت الإشارة الأكثر دلالة على وجود توتر في مسار علاقات النظام بإدارة ترامب هي تأجيل زيارة السيسي للبيت الأبيض، فرغم الترتيبات الأولية التي كانت تشير إلى زيارة محتملة للسيسي إلى واشنطن، في فبراير 2025، جاءت خطوة تأجيل الزيارة إلى أجل غير مسمى لتعكس تحفظ النظام على الضغوط الأمريكية في ملف التهجير.

فبحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، استشعرت القاهرة أن هناك إصرارا من الجانب الأمريكي على تمرير خطة التهجير بالقوة، مصحوبا بتهديدات غير مسبوقة بسحب المساعدات المالية والعسكرية، وهو ما اعتُبر تجاوزا لمفهوم الشراكة الاستراتيجية القائمة بين الطرفين.

لكن اللافت أيضا أن النظام حرص على ألا تفهم هذه الخطوة كتصعيد للموقف، لذلك بادر بإرسال وزير خارجيته، بدر عبد العاطي، إلى واشنطن لتوضيح الموقف المصري بشكل رسمي، والعمل على تفادي نشوب أزمة دبلوماسية قد تؤثر على العلاقات الثنائية.[28]

لكن تبع ذلك إشارة أخرى هي عدم دعوة السيسي للمشاركة في القمة الخليجية-الأمريكية بالرياض، في مايو 2025، في سابقة لافتة بعد سنوات من حضوره المتكرر في قمم مماثلة سابقة. حيث ربط عدد من المحللين هذا الغياب بالتوتر المتصاعد بين القاهرة وواشنطن.[29]

منذ الأيام الأولى لولايته الثانية، أعاد ترامب طرح فكرة تهجير سكان غزة إلى الدول المجاورة، وتحديدا مصر والأردن، باعتبارها حلا عمليا لما بعد الحرب. واللافت أن ترامب لم يطرح هذه الفكرة بصيغة تفاوضية، بل قدّمها باعتبارها خطة ينبغي على هذه الدول القبول بها، قائلا بوضوح: “لقد قدمنا لهما الكثير… وسوف يفعلان ذلك”.[30]

وقد جاءت هذه التصريحات بشكل متكرر، سواء في مؤتمرات صحفية أو ردود مباشرة على أسئلة صحفيين في البيت الأبيض، ما عكس ضغطا متزايدا من ترامب على الدول المعنية. كما عمد ترامب إلى إحراج ملك الأردن، عبد الله الثاني، إبان زيارته إلى البيت الأبيض، عبر الضغط عليه أمام كاميرات الصحفيين للقول بقبول التهجير.[31]

والحقيقة أن طرح مسألة التهجير لم يكن مفاجئا تماما، بل جاء تتويجا لتطور واضح في مقاربة دوائر محيطة بترامب تجاه قطاع غزة. وعلى خلاف إدارة بايدن التي عبّرت رسميا عن رفضها لفكرة التهجير القسري خلال الحرب بعد رفض الدول العربية لها، بدأت مؤشرات تحول هذا الموقف في الظهور منذ أن كان ترامب مرشحا للانتخابات، بل وقبلها من خلال تصريحات بارزة أدلى بها صهره وكبير مستشاريه السابق، جاريد كوشنر، في فبراير 2024.

ففي حوار أُجري معه بجامعة هارفارد، عبّر كوشنر عن رؤيته لقطاع غزة باعتباره “فرصة عقارية”، مشيرا إلى إمكانية تحويل الواجهة البحرية للقطاع إلى مساحة قيّمة من الناحية الاستثمارية.[32] ولم يُخفِ كوشنر ميله إلى طرح سيناريوهات الترحيل، متسائلا عن جدوى بقاء السكان في غزة، زاعما أن القطاع لم يكن مأهولا أصلا، وأن وجوده هو “نتيجة لحرب وقبائل تفرّقت ثم تجمّعت في تلك البقعة”. وخلال حملته الانتخابية في خريف 2024، وصف ترامب غزة بأنها “قد تكون أفضل من موناكو”.[33]

في المقابل، عبّر النظام عن رفضه لطرح ترامب في أكثر من مستوى، مع الحرص في الوقت نفسه على تفادي المواجهة المباشرة مع واشنطن. فقد جاءت البيانات ناقدة ورافضة للتهجير، لكن دون الإشارة إلى الولايات المتحدة، ولا إلى الرئيس ترامب. ما يدلل على أن النظام المصري يسعى إلى الحفاظ على توازنه الدقيق بين رفض طرح ترامب من جهة، وتجنّب استعداء الرئيس الأمريكي من جهة أخرى. فالخطاب الرسمي للنظام بدا حذرا ومحسوبا، يعارض الفكرة دون أن يصطدم صراحة مع الطرف الذي أطلقها، في محاولة للحفاظ على العلاقات الاستراتيجية القائمة، وعدم تعريضها لمزيد من التوتر أو الضغوط.[34]

وجاء أول رد رسمي من وزارة الخارجية المصرية ليؤكد على ثوابت السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، مشددا على أن الحل العادل للقضية يقوم على إنهاء الاحتلال وعودة الحقوق، لا عبر تهجير الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان ذلك بشكل مؤقت أو دائم. ولم يشر البيان مباشرة إلى تصريحات ترامب، لكنه أعاد تأكيد الموقف المصري الرافض لأي مساس بالحقوق غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها رفض الاستيطان والضم والتهجير.[35]

الرسالة ذاتها أعاد السيسي التأكيد عليها في أكثر من مناسبة، معتبرا أن فكرة ترحيل الفلسطينيين تمثل “ظلما لا يمكن أن نشارك فيه”، وأن مصر لن تتخلى عن موقفها التاريخي الداعم لحل الدولتين. وذهب السيسي إلى القول إن “الشعب المصري سينزل إلى الشوارع” إذا فُرضت عليه المشاركة في هذا السيناريو، للتأكيد على حساسية المسألة وارتباطها المباشر بالأمن القومي.[36]

وحرصت السفارة المصرية في واشنطن على إعادة نشر مقال سابق لسفيرها، معتز زهران، في موقع “ذا هيل”، يؤكد فيه أن مصر “لن تكون جزءا من أي حل يتضمن نقل الفلسطينيين إلى سيناء”، محذرا من أن ذلك سيكون بمثابة “نكبة ثانية” لا يمكن القبول بها.[37]

كذلك، حرص النظام المصري على إبراز أن موقفه الرافض لتهجير الفلسطينيين يحظى بدعم شعبي واسع، فسعى إلى تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني والأطراف الاجتماعية في التعبير عن هذا الموقف. إذ دُفع مجلس القبائل والعائلات المصرية إلى إصدار تصريحات رسمية ترفض دعوات ترامب، مؤكدة أن إنهاء الوجود الفلسطيني في غزة لن يُقبل شعبيا أو قياديا في مصر.[38]

كما شهدت مناطق متفرقة، وعلى رأسها معبر رفح الحدودي، مظاهرات ضد مقترحات التهجير. ورغم الإخراج الأمني الرديء لهذه التظاهرات من حيث التنظيم،[39] إلا أنها تؤكد أن النظام يستشعر حجم الخطر الذي يمثله طرح ترامب، خاصةً بسبب شخصيته غير المتوقعة وتقلب مواقفه، ما دفعه إلى تحريك الشارع -وفق حسابات مقيدة- لإظهار رفض شعبي لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين.

وعلى الصعيد العربي، تحرك النظام لتثبيت موقف عربي جماعي مناهض للتهجير، منعا لتحويل المقترح الأمريكي إلى واقع عبر تمرير صامت أو تفاهمات جزئية. وأعلن وزير خارجية النظام، بدر عبد العاطي، أنه أجرى اتصالات بنظرائه في 11 دولة عربية،[40] فيما استضافت القاهرة اجتماعا وزاريا جمع الأردن والسعودية والإمارات وقطر وفلسطين، وانتهى بإعلان مشترك يرفض صراحة أي مساعٍ لنقل الفلسطينيين خارج أرضهم “تحت أي ظروف أو مبررات”.[41]

وعلى المستوى الدولي، حرصت القاهرة على توصيل موقفها الرافض للتهجير بشكل عملي، من خلال زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى مدينة العريش. وجاءت هذه الزيارة في توقيت حساس، وسط تصاعد الضغوط الأمريكية، في محاولة من النظام للتأكيد على أنه ليس معزولا، وأنه قادر على كسب أطراف فاعلة في المجتمع الدولي في هذه القضية الحساسة.[42]

وفي خطوة غير معتادة، فتح النظام قنوات دبلوماسية مع إيران، حيث استقبل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي زار القاهرة بدعوة رسمية من الجانب المصري. ورغم التوترات التاريخية بين البلدين، جاء هذا التواصل في توقيت مهم يعكس رغبة مصر في إظهار قدرتها على تنويع علاقاتها الدولية، خصوصا في ظل شعورها بأنها تتعرض لضغوط من حلفائها التقليديين.[43]

علاوة على ذلك، وفي محاولة لسحب البساط من طرح الإدارة الأمريكية، قدمت القاهرة مقترحا بديلا يعكس رؤية لحل أزمة قطاع غزة، وقد تبنته جامعة الدول العربية، رغم رفض الجانب الإسرائيلي.[44] ويرتكز المقترح المصري على عدة نقاط أساسية، منها إطلاق سراح جميع الأسرى ووقف العمليات العسكرية في المرحلة الأولى.

ويقترح تشكيل إدارة فلسطينية تكنوقراطية تتولى إدارة شؤون القطاع بدلا من حماس، التي وافقت على التخلي عن السيطرة المدنية، على أن تعمل هذه الإدارة تحت إشراف السلطة الفلسطينية وبمساندة عربية ودولية. كما يتضمن نشر قوات أمن فلسطينية وعربية في المنطقة لضمان الاستقرار، بالإضافة إلى إطلاق خطة لإعادة إعمار القطاع بتمويل عربي ودولي، تهدف إلى إعادة بناء غزة وتحسين ظروف سكانها دون اللجوء إلى التهجير أو الحلول العسكرية.[45]

ويمكن القول إن هناك عدة عوامل ساعدت النظام على التمسك بموقفه في ملف التهجير، أهمها أن المقترح الذي روّج له ترامب يبدو أنه مفتقر إلى التماسك المؤسسي داخل الإدارة الأمريكية، وأنه اتسم بطابع ارتجالي منذ لحظة الإعلان عنه،[46] بل ذهب البعض إلى حد وصفه بأنها “تلاعب استراتيجي”، يهدف فقط للضغط التفاوضي.[47]

فعلى الرغم من أن ترامب قرأ بيانا مكتوبا خلال المؤتمر الصحفي مع نتنياهو، ما أوحى بأنه إعلان رسمي، فإن مؤسسات القرار الأمريكية -فيما يبدو- فوجئت بالمقترح، ولم تكن طرفا في صياغته أو بلورته.

فلم يُعرض على وزارتي الخارجية أو الدفاع، ولم تُشكل فرق عمل لمناقشة جدواه أو متطلباته الأمنية واللوجستية، وصرح مسؤولون في البيت الأبيض أن هذا المقترح لم يناقش في دوائر الإدارة المعنية بشؤون الشرق الأوسط.[48] كما أن غياب أي تقديرات جدية لحجم القوات اللازمة للسيطرة الأمريكية على غزة أو السيناريوهات المحتملة، يعكس أنه أقرب إلى فكرة شخصية صادرة عن دائرة ضيقة مقربة من ترامب، أكثر منه تصورا أمريكيا متكاملا.

وقد أدى هذا الارتباك إلى تباينات واضحة داخل الإدارة نفسها. ففي حين تحدث ترامب علنا عن خطة لتهجير سكان غزة والسيطرة على القطاع، شددت المتحدثة باسم البيت الأبيض على أن أي خروج للفلسطينيين سيكون مؤقتا، بينما سعى وزير الخارجية، ماركو روبيو، لتخفيف حدة التصريحات واصفا المقترح بأنه “خطة سخية”،[49] محاولا تقديمه كاستجابة للواقع الإنساني في غزة، في حين أكد وزير الدفاع أن الإدارة “بعيدة جدا” عن أي تدخل عسكري مباشر في القطاع.[50]

هذا التباين لم يتوقف عند حدود الإدارة، بل شمل تصريحات ترامب نفسه، الذي عاد ليطرح أفكارا متناقضة، فتارة يدعو لإشراف أمريكي على القطاع بعد انتهاء القتال ونقل السكان إلى “مناطق أجمل وأكثر أمنا”،[51] وتارة يعتبر أن غزة لا تمثل أولوية حقيقية، وأنه يمكن التعامل معها في وقت لاحق بوصفها “صفقة عقارية”.[52]

كذلك، أثار المشروع انتقادات من داخل الحزب الجمهوري، حيث وُجهت له اتهامات لترامب بالتخلي عن مبدأ “أمريكا أولا”، والتورط في مشاريع مكلفة لا تختلف كثيرا عن مغامرات إدارتي جورج بوش وباراك أوباما في الشرق الأوسط.

وإزاء هذا التباين، عزز النظام المصري موقفه، مستفيدا من ضعف التأييد الداخلي الأمريكي لمقترح التهجير، ومن افتقار الخطة إلى المشروعية القانونية أو التوافق المؤسساتي داخل واشنطن. وربما من الملحوظ تراجع الحديث بشكل أو بآخر حول التهجير في الوقت الراهن، بسبب موقف الدول العربية الرافض له، وكان من أواخر ما صدر من إدارة ترامب حيال هذا المقترح، تصريح مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي حينها، مايك والتز، الذي قال فيه: “لا أحد لديه حل واقعي [لقطاع غزة]، وإن الرئيس يطرح بعض الأفكار الجديدة الجريئة جدا على الطاولة […] أعتقد أن هذا سيجعل المنطقة بأكملها تأتي بحلولها الخاصة إذا لم تعجبها حلول السيد ترامب”.[53]

وعليه، شكّل ملف التهجير أحد أبرز مصادر التوتر في العلاقات المصرية-الأمريكية خلال الأشهر الأولى من ولاية ترامب الثانية. ورغم حرص القاهرة على احتواء التصعيد والحفاظ على قنوات التواصل مع واشنطن، فإن موقفها الرافض للمقترح ظل ثابتا، مدفوعا باعتبارات الأمن القومي، وبقناعة متزايدة بأن المقترح يفتقر إلى التماسك المؤسسي داخليا، ولا يحظى بإجماع داخل الإدارة الأمريكية نفسها.

في خضم الخلاف حول ملف التهجير، وفي تصريح لافت، هدد الرئيس ترامب بوقف المساعدات المالية السنوية لكل من مصر والأردن، في حال رفضتا استقبال لاجئين من قطاع غزة. وردا على سؤال مباشر خلال لقائه مع صحفيين في البيت الأبيض عمّا إذا كانت واشنطن مستعدة لحرمان البلدين من مليارات الدولارات من المساعدات، أجاب ترامب قائلا: “نعم، ربما، (أمر) سهل، لما لا؟ إذا لم يوافقا، يمكنني ألا أقدم المساعدة”.[54]

والحقيقة أنه على الرغم من أن مسألة التهديد بحجب المساعدات الأمريكية ليست جديدة على العلاقات بين الطرفين، حيث سبق أن عرقلت واشنطن صفقات تسليح أو جمدت بعض أوجه التعاون العسكري بسبب قضايا حقوق الإنسان. لكن هذا التهديد الأخير يبدو مختلفا من حيث السياق والحساسية. فهذه المرة، ترتبط المسألة مباشرة بخطة تهجير الفلسطينيين، وهي قضية تمس الأمن القومي المصري في عمقه، الأمر الذي يجعل أي ضغوط أمريكية لتنفيذ هذه الخطة تتجاوز الخلافات التقليدية وتشكل تصعيدا خطيرا في العلاقات.

ذلك أن أحد مصادر القلق لدى القاهرة أن الشريك الدولي الأهم لها يبدو وكأنه لا يأخذ تحذيراتها الأمنية على محمل الجد، بل يمضي في التلويح بالعقوبات إن لم تساير خطته. وهذا تحول نوعي، إذ بات الخلاف يمس جوهر التصورات المصرية حول أمنها وحدودها ودورها الإقليمي.

العامل الثاني الذي يضاعف القلق المصري هو طريقة إدارة الملف. فبينما جرت العادة أن تأتي الضغوط الأمريكية من مؤسسات مثل الكونغرس، وغالبا عبر أدوات دبلوماسية معتادة، فإن أسلوب ترامب جاء فظّا ومباشرا، يحمل طابعا شخصيا لا يخلو من التهديد الصريح.

هذا الموقف أثار مخاوف حقيقية من أن تتحول أداة المساعدات الأمريكية، التي طالما ارتبطت بضمانات أمنية وتفاهمات سياسية، إلى وسيلة ابتزاز صريح تمسّ قضايا الأمن القومي المصري. وقد تبدت هذه المخاوف في حملة من إعلاميين مصريين محسوبين بشكل مباشر على النظام، استهدفت شخص الرئيس ترامب بشكل متزامن، حيث قال أحدهم، مخاطبا ترامب: “طظ في مساعدات فخامتك، وطظ في تهديدات فخامتك. يا هذا، اعلم أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها”.[55] بينما قال آخر: “ترامب يتصرف كأن العالم عزبة خاصة به”، وأشار إلى أن “موقف مصر راسخ كالجبال وثابت دفاعا عن السيادة الوطنية المصرية والدفاع عن الأمن القومي المصري وصون للحق الفلسطيني والشعب الفلسطيني”.[56] كذلك، قالت وسائل إعلام مصرية إن ترامب “يتحدث فقط أمام مرآته، ولا يملك عقلية متكاملة لإدارة دولة”، واصفة تصريحاته بـ “الهزلية”.[57]

هذا التهديد الأمريكي، الذي أتى في ظل توتر بين البلدين، قد يفتح الباب أمام إعادة تقييم القاهرة لطبيعة هذه العلاقة، ومدى اعتمادها على واشنطن. وهو توجه يسير فيه النظام بالفعل من نحو عقد،[58] وقد رصدناه من قبل في ورقة بعنوان: “التخوف الإسرائيلي من تطور القدرات العسكرية المصرية.. الأسباب والشواهد والمآلات”؛ إلا أن المستجدات الأخيرة قد تعززه.

في خضم التوتر مع مصر بسبب ملف التهجير، طالب ترامب علنا بعبور السفن الأمريكية، العسكرية والتجارية، لقناة السويس وقناة بنما دون دفع أي رسوم عبور، معتبرا أن القناتين لم تكن لتوجدا لولا الولايات المتحدة. وطالب ترامب وزير خارجيته، ماركو روبيو، بأن يتولى “الأمر على الفور”.[59] كما أشار مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، إلى أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تدفع عبور قناة تدافع عنها.[60]

ويمكن قراءة الضغط الأمريكي على مصر فيما يتعلق بقناة السويس ضمن سياق أوسع يشمل الدعوات الأمريكية المتكررة لمصر للانخراط في الحملة العسكرية ضد الحوثيين.

وهذا ما أكده الإعلام المصري أيضا، حيث قال بعض الإعلاميين إن “الضربات الأمريكية ضد الحوثيين لمصالح أمريكية إسرائيلية، ولم يأمر بها ترامب من أجل الملاحة في القناة، ولم تطلبها مصر فتدفع ثمنها”.[61]

وقد فصّلنا أسباب الرفض المصري للانخراط في هذه الحملة، في ورقة نشرت في 14 أكتوبر 2024، تحت عنوان: “الحوثيون والأمن القومي المصري.. جوانب التأثير وتداعيات المتغيرات الإقليمية”.

إذ يرتبط رفض مصر للمشاركة في التحالف العسكري ضد الحوثيين بعدة اعتبارات استراتيجية وسياسية، من بينها حرصها على الحفاظ على دورها كوسيط فاعل في الأزمة اليمنية،[62] وتجنب الانخراط في صراعات قد تضر بمصالحها الوطنية، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها. كما أن انخراط مصر في هذه الحملة العسكرية قد يزيد من تعقيد وضعها الإقليمي ويثير سخطا شعبيا داخليا، نظرا للرؤية السائدة بأن المواجهة مع الحوثيين مرتبطة “بنصرتهم لغزة”.[63]

لكن ترامب، وكما جدد الضغط على في مسألة التهجير، فقد جدده أيضا في مسألة مشاركة مصر في الحرب ضد الحوثيين، مستخدما في ذلك ورقة قناة السويس؛ ما جعل بعض الباحثين يصف العلاقات المصرية-الأمريكية بأنها “في أدنى مستوياتها منذ عقود”، وأن “صبر مصر ينفد” بسبب خطوات ترامب.[64]

وبجانب أسلوب ترامب غير الدبلوماسي، فإن مطالبه المتعلقة بقناة السويس تحمل أبعادا اقتصادية وسياسية تمس مصر في أكثر من ناحية. فمن الناحية الاقتصادية، يمثل قرار ترامب بالسماح للسفن الأمريكية العسكرية والتجارية بالعبور مجانا ضربة جديدة لعائدات القناة التي تكاد تعاني أصلا من تراجع بسبب الهجمات الحوثية على الملاحة في البحر الأحمر. هذا التنازل عن رسوم العبور يفاقم من الأزمة المالية للهيئة العامة لقناة السويس، ويزيد الضغوط على الاقتصاد المصري الذي يعاني من نقص في العملات الأجنبية.

وعلى المستوى السياسي، تعكس هذه المطالب -كما في مطلب التهجير- تحولا في طبيعة العلاقة بين واشنطن والقاهرة، حيث باتت الولايات المتحدة تفرض شروطا على حليفها التقليدي بدلا من تقديم الدعم المعتاد. كما أن تصريحات ترامب التي تقلل من أهمية جهود مصر في إنشاء القناة وتاريخها أثارت ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والأكاديمية المصرية، معتبرة ذلك تهديدا لسيادة مصر على ممرها الملاحي الحيوي.

وبخصوص رد الفعل المصري، فقد ركزت التصريحات الرسمية القليلة التي صدرت على رفض مطالب ترامب، لكن مع تجنب التصعيد في الخطاب. فقد أوضح الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقناة، وعلى رأسها اتفاقية القسطنطينية، تمنع التمييز بين السفن العابرة، مشددا على أن جميع السفن، بما فيها المصرية، تخضع لدفع الرسوم المقررة مقابل الخدمات التي تقدمها القناة.[65]

وأضاف ربيع أن القناة لم تتلق أي طلب رسمي بشأن إعفاء السفن الأمريكية من الرسوم، مؤكدا على أن إيرادات القناة تُستخدم في تطوير المجرى الملاحي وتقديم خدمات ملاحية مستمرة، وأن تطبيق الرسوم العادلة يضمن استدامة هذا الدور الحيوي.

وتبع ذلك تصريح من نائب وزير خارجية النظام المصري، أبو بكر حفني محمود، خلال مشاركته في اجتماع أمني دولي، أوضح فيه أن ملف إعفاء السفن الأمريكية من رسوم العبور أغلق نهائيا، موضحا أن مصر ناقشت الأمر مع الجانب الأمريكي وأكدت موقفها الرافض بشكل قاطع، قائلا إن هذه القضية “انتهت قبل أن تبدأ”.[66]

وعلى الرغم من أن ترامب لم يعاود طرح مطلب عبور السفن الأمريكية لقناة السويس دون رسوم، فإن السيسي أعلن -بعد عدة أيام من البروباغندا الإعلامية- خلال استقباله وفد رجال الأعمال الأمريكي المشاركين في المنتدى الاقتصادي المصري-الأمريكي، تطلعه لإنشاء منطقة صناعية أميركية بـ “قناة السويس”، وأن مصر راغبة في أن تصبح مركزا صناعيا رئيسيا للصناعات الأمريكي.[67]

ويمكن قراءة هذه الخطوة في إطار استراتيجي مزدوج الهدف. من جهة، تمثل هذه المبادرة محاولة لمواجهة الضغوط الأمريكية المتكررة بشأن رسوم عبور السفن، من خلال تقديم فرصا اقتصادية قد تُرضي الجانب الأمريكي وتفتح باب التعاون الاستثماري المكثف، مما يقلل من احتمالية تجدد المطالب أو الضغوط السياسية في هذا الملف. ومن جهة أخرى، تخدم هذه الخطوة مصالح مصر الاقتصادية، حيث تسعى القاهرة إلى جذب استثمارات أمريكية ضخمة تدعم التنمية الصناعية.

خاتمة

شابَ العلاقات المصرية-الأمريكية بعد “طوفان الأقصى” عدد من ملفات التوتر التي برزت بوضوح، وتتعلق أساسا بقضايا التهجير القسري لسكان غزة، واجتياح الجيش الإسرائيلي لمحاور استراتيجية مثل رفح وفيلادلفيا، إلى جانب التوترات التي ظهرت في محطات مختلفة حول المساعدات الإنسانية لغزة، وإدارة مسار التفاوض لإنهاء الحرب. في هذا الإطار، اتسمت إدارة بايدن بالتعامل الدبلوماسي الحذر، خوفا من تدهور العلاقة مع القاهرة، وهو ما انعكس في محاولة الحفاظ على التوازن والتواصل المستمر وعدم الذهاب بعيدا في الملفات التي تقلق مصر.

غير أن مجيء إدارة ترامب أعاد ملف التهجير إلى الواجهة بشكل أكثر حدة ووضوحا، مصحوبا بضغوط مباشرة تتعلق بوقف المساعدات، وطلبات غير مسبوقة، منها عبور السفن الأمريكية لقناة السويس مجانا. واللافت أن هذا مثّل تحولا في أدوات الضغط الأمريكية، حيث لم تعد الحقوق والحريات محور الخطاب الأمريكي كما كان معتادا، بل حلت محلها ملفات ذات طابع مختلف، وهو ما عكسته التعديلات التي أجرتها إدارة ترامب على تقارير وزارة الخارجية بشأن حقوق الإنسان، والتي شملت حذف أو تقليص الفقرات المتعلقة بالسجون والمشاركة السياسية.

هذا الأسلوب الجديد دفع النظام المصري إلى محاولة إدارة هذه الملفات بحذر بالغ، لتفادي تصادم مباشر مع واشنطن، لا سيما في ظل طبيعة الرئيس الأمريكي غير المتوقعة والتي تعتمد على أساليب ضغط وتصعيد مختلفة.

ويرى النظام المصري أن تحركات ترامب تفتقر إلى الإجماع داخل المؤسسات الأمريكية، وهو ما يشجعه على رفض الضغوط، مستندا إلى حقيقة أن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة تُعتبر “استراتيجية لا يمكن لأي رئيس أمريكي التضحية بها”، كما عبر عن ذلك أحد الإعلاميين المقربين من النظام.[68] بناءً على ذلك، تراهن القاهرة على أن هذه المرحلة المؤقتة ستنتهي، وأن المؤسسات الأمريكية التقليدية ستعمل على ضبط مسار السياسة الأمريكية تجاه مصر، وإعادة التوازن الذي يحفظ المصالح المشتركة.

وبموازاة هذا المسار، يسعى النظام لتعزيز علاقاته مع دول أخرى شرقا وغربا، وعلى رأسها فرنسا وروسيا والصين، في محاولة لتعميق التنويع في شبكة تحالفاتها الدولية، وتقليل الاعتماد الأحادي على واشنطن، وتحقيق أكبر قدر من المرونة السياسية والاقتصادية في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المتغيرة.


المصادر

[1] Haisam Hassanein, Cairo’s Concerns About a Biden Presidency, The Washington Institute, November 18, 2020 – Link

[2] محمود سامي، بايدن والسيسي.. هل تذيب المصالح المشتركة وأزمات المنطقة فتور العلاقات؟، الجزيرة نت، 28 مايو 2021 – الرابط

[3] Jon Hoffman, Ten Years After Coup, the U.S. Still Supports Tyranny in Egypt, Cato Institute, July 3, 2023 – Link

[4] Khalil Al-Anani, Yara M. Asi, Amal Ghazal, Imad K. Harb, Khalil E. Jahshan, and Kristian Coates Ulrichsen, The Biden Administration and the Middle East in 2023, Arab Center Washington DC, January 4, 2023 – Link

[5] Jonathan Adler, South into the Sinai: Will Israel Force Palestinians Out of Gaza?, Carnegie Endowment for International Peace, October 31, 2023 – Link

[6] Nada Bashir, Celine Alkhaldi, and Nadeen Ebrahim, Fears of Another Palestinian Exodus Reverberate Across the Middle East, CNN, October 25, 2023 – Link

[7] Executive Office of the President, Office of Management and Budget, Letter to Speaker Pro Tempore Patrick McHenry Regarding Critical National Security Funding Needs for FY 2024, October 20, 2023 – Link

[8] الولايات المتحدة تناقش مع إسرائيل ومصر إيجاد ممر آمن لسكان غزة، العرب، 11 أكتوبر 2023 – الرابط

[9] President Biden Archived (@POTUS46Archive), Statement on Call with President Abdel Fattah Al-Sisi Regarding Gaza and Humanitarian Assistance, X (formerly Twitter), October 30, 2023 – Link

[10] Lara Friedman (@LaraFriedmanDC), ICYMI: Biden Supplemental Asks for Funding to Support Palestinians Displaced from Gaza, Suggesting Green Light to Outcome Amounting to Direct Ethnic Cleansing, X (formerly Twitter), October 24, 2023 – Link

[11] Sharif Abdel Kouddous, Is Israel’s Endgame to Clear Out Gaza? Egypt Says No to Palestinian Refugees, Fearing New Nakba, Democracy Now!, October 24, 2023 – Link

[12] Nayera Abdallah, Nadine Awadalla, and Mohamed Wali, Egypt’s Sisi Rejects Transfer of Gazans, Discusses Aid with Biden, Reuters, October 19, 2023 – Link

[13] Sara Khorshid, What Trump’s Gaza Plan Means for the World – Why Egypt Is United in Opposing Trump’s Gaza Plan, Foreign Policy, February 6, 2025 – Link

[14] مسؤول مصري، يحذر مجلس الحرب الإسرائيلي: “هذه المنطقة خط أحمر” ومصر تملك ما تملك للدفاع عن أمنها، RT Arabic، 22 فبراير 2024 – الرابط

[15] Courtney Kube and Carol E. Lee, Top Israeli Official Ron Dermer Began Yelling During a Meeting with U.S. Officials About Gaza, Officials Say, NBC News, April 4, 2024 – Link

[16] محمود عاشور مؤمن، ردود فعل الإعلام العربي في الأسبوع الثالث من بداية طوفان الأقصى، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 1 نوفمبر 2023 – الرابط

[17] ياسمين القصاص، دعم أعمى.. لماذا تدافع الدول الغربية بقوة عن سياسات إسرائيل تجاه غزة؟، صدى البلد، 25 أكتوبر 2023 – الرابط

[18] إبراهيم خازن، مصر تجدد تحذيرها من اجتياح رفح وتنتقد “عجز” مجلس الأمن، وكالة الأناضول، 25 مارس 2024 – الرابط

[19] Brett Samuels, Biden Mistakenly Calls Egyptian Leader ‘President of Mexico’, The Hill, February 8, 2024 – Link

[20] أحمد موسى، على مسؤوليتي مع أحمد موسى: في أمريكا مش بياخدوا بكلامه.. أحمد موسى يعلق على تصريحات بايدن عن الرئيس السيسي ومصر، صدى البلد، 10 فبراير 2024 – الرابط

[21] ما وراء اتهامات بايدن للسيسي بإغلاق معبر رفح؟، العربي الجديد، 12 فبراير 2024 – الرابط

[22]  الإعلام العبري: مصر تطالب إسرائيل بفتح موانئها لإدخال المساعدات لغزة، RT عربي، 14 مارس/آذار 2024 – الرابط

[23] تامر هنداوي، تقرير لـ«سي إن إن» يتّهم القاهرة بالتلاعب بمفاوضات هدنة غزة، القدس العربي، 22 مايو 2024 – الرابط

[24] المصدر نفسه

[25] أشرف عبد الحميد، بعد ادعاءات كاذبة.. مصر تهدد بانسحابها من الوساطة بين إسرائيل وحماس، العربية نت، 22 مايو 2024 – الرابط

[26] Merissa Khurma, Alexander Farley, Faria Nasruddin, and Yusuf Can, Reactions in MENA to US Presidential Elections, Wilson Center, November 8, 2024 – Link

[27] Graham Smith, The State Department is changing its mind about what it calls human rights, NPR, April 18, 2025 – Link.

[28] لماذا تأجل اجتماع السيسي وترامب في واشنطن؟، أحمد عبد الحكيم، اندبندنت عربية، الخميس 13 فبراير 2025 – الرابط

[29] كيف يمكن قراءة غياب السيسي عن قمة ترامب الخليجية؟، عربي21، 16 مايو 2025 – الرابط

[30] ToI Staff and Reuters, ‘They Will Do It, Okay?’: Trump Insists on Jordan, Egypt Taking in Gazans, The Times of Israel, January 31, 2025 – Link

[31] The White House, President Trump Hosts a Bilateral Meeting with the King of Jordan and the Crown Prince of Jordan, YouTube, February 12, 2025 – Link

[32] Patrick Wintour, Jared Kushner Says Gaza’s ‘Waterfront Property Could Be Very Valuable’, The Guardian, March 19, 2024 – Link

[33] Rebecca Falconer and Sareen Habeshian, Trump Says Gaza “Could Be Better Than Monaco” Once It’s Rebuilt, Axios, October 8, 2024 – Link

[34] رشا إفرينسل، التهجير مجددا.. ترامب: على مصر والأردن قبول فلسطينيي غزة، وكالة الأناضول، 31 يناير 2025 – الرابط

[35] أول رد رسمي مصري على تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين، RT عربي، 26 يناير 2025 – الرابط

[36] الرئيس المصري رداً على ترامب: تهجير سكان قطاع غزة “ظلم لا يمكن أن نشارك فيه”، فرانس 24، 29 يناير 2025 – الرابط

[37] Motaz Zahran, Egypt Cannot Be Part of Any Solution Involving the Transfer of Palestinians into Sinai, The Hill, October 20, 2023 – Link

[38] مجلس القبائل المصرية: نرفض دعوات ترامب لتهجير الفلسطينيين، RT عربي، 27 يناير 2025 – الرابط

[39] “ناس بترقص وناس بتموت”.. ما حقيقة فيديو مظاهرات المصريين في رفح رفضاً لتهجير الفلسطينيين؟، RT عربي، 9 أبريل 2025 – الرابط

[40] مصر تُجري اتصالات مع 11 دولة عربية وتؤكد على رفض التهجير، سكاي نيوز عربية، 7 فبراير 2025 – الرابط

[41] مصر والسعودية والأردن والإمارات وقطر ترفض “اقتلاع” الفلسطينيين من أرضهم وتتمسّك بحل الدولتين (بيان)، SWI swissinfo،  1 فبراير 2025 – الرابط

[42] محمد مخلوف، خبراء: دلالات زيارة ماكرون لسيناء.. تكتل ضد التهجير ودعم للفلسطينيين، العربية نت، 9 أبريل 2025 – الرابط

[43] رؤيا للبحوث والدراسات، التقارب المصري الإيراني: لماذا الآن؟!، 12 يونيو 2025 – الرابط

[44] Associated Press, Arab leaders endorse counterproposal to Trump’s Gaza plan, with ceasefire uncertain, CNN, March 4, 2025 – Link

[45] Ofer Guterman and Udi Dekel, The Debate That Isn’t Happening: “Gideon’s Chariots” vs. the Egyptian Plan, INSS Insight No. 1980, May 14, 2025 – Link

[46] وحدة الدراسات السياسية، خطة ترامب لتهجير سكان قطاع غزة: أصل الفكرة، آفاقها، وتداعياتها، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 10 فبراير 2025 – الرابط

[47] محمد عبد الرازق، مستشار مركز الأهرام للدراسات: مشروع ترامب للاستيلاء على غزة تكتيك استراتيجي وخطة مصر أدت لتراجعه، اليوم السابع، 17 مارس 2025 – الرابط

[48] Inside Trump’s Hastily Written Proposal to ‘Own’ Gaza, The New York Times, February 5, 2025 – Link

[49] Ewan Palmer, Donald Trump Is Already in Reverse, Newsweek, February 7, 2025 – Link

[50] Alex Gangitano, Trump Says Gaza Will Be Given to US by Israel, The Hill, February 7, 2025 – Link

[51] Francesca Chambers and Zac Anderson, Donald Trump Revives ‘Tough’ Approach to Iran, Warns Against Nuclear Weapon, USA Today, February 4, 2025 – Link

[52] Barak Ravid, Trump Calls Gaza Takeover a “Real Estate” Deal but Says There Is “No Rush”, Axios, February 7, 2025 – Link

[53] Kaia Hubbard, Trump Adviser Defends Gaza Plan, Says It Will “Bring the Entire Region” to Reach Its Own Solution, CBS News, February 5, 2025 – Link

[54] Nadine El-Bawab, Trump’s Threats to Pull Aid if Egypt, Jordan Don’t Accept Palestinians Could Lead to New Alliances, Experts Say, ABC News, February 14, 2025 – Link

[55] محمد أبو بكر، “طظ في مساعداتك”.. نشأت الديهي يرد على ترامب، مصراوي، 11 فبراير 2025 – الرابط

[56] مصر جاهزة لكل السيناريوهات.. إبراهيم عيسى: ترامب سيضغط اقتصاديا علينا، مصراوي، 11 فبراير 2025 – الرابط

[57] ترامب يلعب بالنار ويظن أن ورقة المساعدات الأمريكية وسيلة ضغط على مصر.. نواب وسياسيون: تصريحات الرئيس الأمريكي تؤكد عدم درايته بالحقيقة.. ومصر لن تتنازل عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية والحفاظ على أمنها القومي، اليوم السابع، 11 فبراير 2025 – الرابط

[58] Amira Oron, Egyptian Military Buildup and its Expanded Presence in Sinai – Implications for Israel, Institute for National Strategic Studies (INSS), March 26, 2025 – Link

[59] Mathieu Pollet, Trump wants free pass for US ships in Panama, Suez canals, Politico, April 27, 2025 – Link

[60] Mike Waltz, @MikeWaltz47, “America shouldn’t have to pay for a canal that we defend!”, X (formerly Twitter), April 27, 2025 – Link

[61] “كنتم في الحضانة وإحنا بنحفرها”.. ردود مصرية قوية على ترامب بشأن قناة السويس، RT عربي، 27 أبريل 2025 – الرابط

[62] IntelBrief: Egypt Strives to Contain Conflicts Raging Throughout the Region, The Soufan Center, January 30, 2024 – Link

[63] لماذا ترفض مصر التورط في ضرب الحوثيين؟، دويتشه فيله الألمانية، 26 يناير/كانون الثاني 2024 – الرابط

[64] Shahira Amin, Choppy waters: Egypt’s waning patience with President Trump, Atlantic Council, May 14, 2025 – Link

[65] أول رد من قناة السويس على طلب ترامب بعبور السفن الأمريكية مجانا: “لا نعفي حتى السفن المصرية”، RT عربي، 13 مايو 2025 – الرابط

[66] الخارجية المصرية: مسألة مرور السفن الأمريكية دون رسوم عبر قناة السويس مغلقة ومستنفدة، RT عربي، 27 مايو 2025 – الرابط

[67] السيسي: نتطلع لإنشاء منطقة صناعية أميركية بـ”اقتصادية قناة السويس”، العربية نت، 26 مايو 2025 – الرابط

[68] إبراهيم خازن، بقناة السويس.. ترامب يحاول ابتزاز مصر لرفضها تهجير الفلسطينيين (تقرير إخباري)، الأناضول، 28 أبريل 2025 – الرابط

Exit mobile version