المحتويات
- مقدمة المحرر
- مقدمة الدراسة
- القسم الأول: العشائر في غزة ما قبل حماس
- القسم الثاني: العشائر وحكم حماس (المرحلة الأولى)
- القسم الثالث: العشائر وحكم حماس (المرحلة الثانية)
- القسم الرابع: من الأسلمة إلى إعادة العشائرية
- خلاصات الدراسة وتعليقات حولها
مقدمة المحرر
في 10 مارس/آذار 2024، ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أصدر تجمع القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية، بيانا، قال فيه إن القبائل ليست “بديلا عن أي نظام سياسي فلسطيني” بل مكون من المكونات الوطنية و”داعم للمقاومة ولحماية الجبهة الداخلية” بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
هذا البيان جاء في سياق الجدل حول هدف الاحتلال الإسرائيلي المتمثل في استعادة السيطرة على قطاع غزة، إما بشكل مباشر، أو عن طريق متعاونين محليين من العشائر المنتشرة في غزة.
فقد كشفت قناة “كان” الإسرائيلية، في يناير/كانون الثاني 2024، عن خطة لجيش الاحتلال الإسرائيلي تتضمن تقسيم غزة إلى مناطق تحكمها العشائر، وتتولى مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية فيها. ووفق الخطة، فإن “العشائر المعروفة لدى الجيش وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) ستدير الحياة المدنية في غزة لفترة مؤقتة (من دون تحديد المدة)”.
رفض العشائر في غزة للتعاون مع الاحتلال وإعلان دعمها لسلطات القطاع، المنتمية إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عاد بنا إلى تعامل الحركة مع العشائر المنتشرة في القطاع، منذ توليها الحكم عام 2007، وطبيعة العلاقات التي جمعت بين حماس والحاضنة الشعبية في غزة. ذلك أن سياسات الحركة تجاه العشائر والحاضنة الاجتماعية لها بشكل عام خلال العقدين الماضيين، من شأنها أن تفسر موقف تلك العشائر من المحاولات الإسرائيلية لاستقطابها.
في هذا السياق، آثرنا عرض وتلخيص دراسة، نشرتها “مجلة العالم الثالث الفصلية”، بعنوان: “حماس والعشائر.. من أسلمة العشيرة إلى عشائرية الإسلام”، للأكاديمي النرويجي، تاج توستاد (Dag Tuastad).
وتناولت الدراسة الأبعاد المختلفة لعلاقات حماس مع العشائر في غزة، وتحولاتها منذ وصول الحركة للسلطة عام 2007، إلى تاريخ نشر الدراسة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أي قبل عام فقط من انطلاق عملية “طوفان الأقصى”.
ومع عرض وتلخيص أبرز ما جاء في تلك الدراسة، سنطرح بعض التعقيبات التي قد تثري النقاش حول ما جاء فيها.
مقدمة الدراسة
تنطلق الدراسة من اعتبار حكم حماس لقطاع غزة بمثابة “قصة نجاح”، خاصة مع قدرة الحركة على البقاء في حكم القطاع في ظل التحديات التي تعترضها. وفسر بعض الأكاديميين هذه الاستمرارية بالقوة العسكرية لدى حماس، وتمكنها من كبح المعارضة الداخلية.
لكن يعتبر الباحث النرويجي، تاج توستاد، أن “منظور الدولة البوليسية غير كافٍ لتفسير استمرار حماس في حكم قطاع غزة”، مشيرا إلى أن هناك عناصر أخرى قد تفسر ذلك، منها علاقة الحركة بالعشائر المنتشرة في كل مكان في قطاع غزة. وفي حين يؤكد الباحث أن “حماس تمكنت من احتكار استخدام العنف، وكبح جماح المعارضة من جانب الفصائل السياسية أو العشائر، إلا أن نهجها لم يكن أحادي المسار”، بل إن سياستها تجاه العشائر وفرت لها استقرارا، ومكّنتها من الاستمرار في الحكم دون معارضة كبيرة.
ويوضح توستاد أن “حجة الدولة البوليسية التي تتحكم في كل شيء عبر استخدام القوة ليست كافية لتفسير بقاء حماس في السلطة في غزة لما يقرب من عقدين”، مشيرا إلى العلاقات الناجحة التي نسجتها الحركة مع العشائر.
ويعتقد أن مقاربة حماس تجاه العشائر في غزة تطورت بمرور الوقت، فبعد وصولها إلى السلطة في غزة عام 2007، عملت على كبح العشائر القوية وإعادة هيكلة المؤسسات العشائرية المهمة.
ومع ذلك، فإن بمرور السنوات، تأثرت حماس نفسها بالعشائر، خاصة في قطاع القانون العرفي، الذي أقرته الحركة فيما بعد في تسيير شؤون القطاع.
فقد أصبح استخدام العرف وآليات حل النزاعات سمة مميزة للبعد “الناعم” لحكم حماس في قطاع غزة، وحظيت هذه السياسة بتقدير العشائر، كما ضيقت مساحة الاختلاف الثقافي بين الجانبين، بحسب الدراسة.
ويقول الباحث إن “تضييق مساحة الاختلاف الثقافي بين حماس والعشائر، هو المفتاح لفهم حكم حماس الناجح نسبيا، من حيث الاستقرار وتجنب المعارضة المحلية الكبيرة لحكمهما”. ولهذا يؤكد على أنه في سبيل فهم نجاح ما وصفها بـ”الحكومات الثائرة” (insurgent governments) في كسب قلوب وعقول المواطنين دون الاضطرار إلى إهدار مواردها على قمعهم، يجب تحليل كيفية تكيفها مع الثقافة المحلية.
ولهذا السبب، ينتقد “توستاد” غياب موضوع العلاقات الإنسانية وعلاقة السلطة بالعشائر عن الدراسات المتعلقة بقطاع غزة بعد قيام حكم حماس، معتبرا أن “ندرة البحث العلمي في هذا الموضوع أمر مثير للدهشة؛ بالنظر إلى الإجماع العلمي حول كون “الأبوية الجديدة” سمة ميزت حكم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، من عام 1994 إلى عام 2006″.
وبنفس الطريقة التي غابت بها الروابط الاجتماعية عن الدراسات المتعلقة بغزة في ظل حكم حماس، انتقدت الدراسة أيضا غيابها عن الدراسات التي تستعرض “الحكومات الثائرة” بشكل عام، أي دراسة كيفية تفاعل الجماعات الثائرة مع المدنيين وحكمهم. ووفق رصد الباحث، فلم تُنشر أية دراسة محكّمة حول ارتباط “الحكومات الثائرة” بالقانون التقليدي (العرف) في الشرق الأوسط.
ومن الناحية المنهجية، تعتمد الدراسة بشكل أساسي على مقابلات أجريت في عام 2019 ومسح كمي في عام 2020. واختار الباحث الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلة إما بناءً على مناصبهم كقادة أو ممثلين للعشائر في غزة، أو باعتبارهم جزءا من حركة حماس. وكان من بين مَن أجريت معهم المقابلات من حماس ممثلون عن السلطة القضائية الرسمية، واللجان الإسلامية لحل النزاعات، والقادة المحليين لمخيمات اللاجئين.
وتضم الدراسة أربعة أقسام. في القسم الأول، وصف الباحث أهمية الروابط الاجتماعية والعشائرية للتنظيم الاجتماعي في غزة عبر التاريخ الحديث. وفي القسم الثاني، تناول ما وصفها بـ”المرحلة الأولى” بعد سيطرة حماس على غزة، والتي اتسمت بكبح العشائرية. بينما تناول في القسم الثالث العملية المعاكسة، أي إعادة العمل بالعشائرية ودمج القانون غير الرسمي (العرف) في النظام القضائي. وفي القسم الأخير يعود الكاتب لمناقشة سياسة حماس المشار إليها سابقا وارتباطها بأهمية تحليل الجانب الثقافي لفهم استمرارية وجود “الحكومات الثائرة” في السلطة.
- هل حماس “حكومة ثائرة”؟
وطرحت الدراسة في مقدمتها سؤالا: هل تعتبر حكومة حماس حالة من “الحكومات الثائرة”؟
وفي هذا، أجاب الباحث النرويجي بأن الحكومات الثائرة بينها اختلافات كبيرة في السلوك والأهداف، كما أن هناك عددا كبيرا منها “متمرد بلا سبب”، وفق وصف أستاذ الدراسات الدولية الأمريكي جيسون ستيرنز (Jason Stearns)، الذي ذكر أن من خصائص هذه الفئة أنها غير مؤدلجة وتهتم بالمكاسب الاقتصادية، وتنتشر في الدول الضعيفة أو الفاشلة.
أما حماس، فتنتمي إلى فئة مختلفة جذريا، بحسب الدراسة؛ ذلك أن لديها أيديولوجية واضحة المعالم وميثاق وبرنامج سياسي، كما أنها ملتزمة بمواصلة المقاومة بينما تدير القطاع في الوقت نفسه. والأهم من ذلك -وفق الباحث- أن حماس شاركت عام 2006 في انتخابات ديمقراطية وفازت بها، وهي الانتخابات التي أشاد بها المجتمع الدولي لأنها أجريت بشكل نزيه، لكن دون أن يعترف بنتائجها.
القسم الأول: العشائر في غزة ما قبل حماس
- دور العشائر في مجتمع اللاجئين
يقول الباحث إن معظم مساحة الأراضي في قطاع غزة رملية؛ ولهذا السبب، كانت قرى الفلاحين التقليدية قليلة نسبيا في المنطقة، وكانت تاريخيا الأكثر فقرا في فلسطين. وقبل عام 1948، كانت غالبية السكان -البالغ عددهم 60 ألف نسمة- يعيشون في مدينة خان يونس في الجنوب ومدينة غزة في الوسط، ويعيش بينهما عدد كبير من البدو.
وخلال حرب عام 1948، تدفق 160 ألف لاجئ إلى الأراضي التي تبلغ مساحتها 365 كيلومترا مربعا، وهو ما يفوق عدد السكان الأصليين للقطاع بما يقرب من ثلاثة إلى واحد.
تدفق اللاجئين أدى إلى تغيير المشهد الاجتماعي في غزة بشكل كبير، بسبب الانقسامات التاريخية الرئيسية بين القبائل (البدو الرحل أو شبه الرحل)، وسكان القرى (الفلاحين) وسكان المدن. فكل مجموعة تتمتع بهوية ثقافية مميزة، بينما تنظر إلى المجموعات الأخرى بريبة. ومع ذلك، فقد اشتركوا جميعا في بعض المبادئ الأساسية، سواء كانت أيديولوجية، أو تنظيمية كالعشائرية.
وتفيد الدراسة بأن بعد العام 1948، أضيف إلى هذه الانقسامات فئة جديدة سوف تتغلغل في المجتمع الغزي في السنوات التالية، وهي ما يمكن أن يُطلق عليهم “اللاجئين” الذين نزحوا من أراضي 1948، مقابل “المواطنين” الذين يعيشون في غزة من قبل هذا التاريخ.
في هذه البيئة، تعززت العصبية العشائرية؛ بسبب التهديدات الخارجية، مع زيادة المطالب بالامتثال الداخلي ووضع حدود اجتماعية أقوى ضد التواصل خارج تلك العشائر. وفي عام 1967 وما تلاها، أدى احتلال غزة والضفة الغربية إلى تعزيز تنظيمات العشائر الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، وتزايد استخدام العرف في التقاضي.
ويرجع ذلك -بحسب الدراسة- إلى عدم ثقة الفلسطينيين بالنظام القضائي العسكري الإسرائيلي، بل إن اللجوء إلى قاض بدوي، بدلا من محاكم المحتل، أصبح يُنظر إليه حينها كتعبير عن الوطنية الفلسطينية.
ومن عام عام 1987 إلى عام 1993، تعزز استخدام العرف وروابط القرابة في حل النزاعات خلال الانتفاضة الأولى، وقاطعت “القيادة الوطنية الموحدة” جميع مؤسسات الاحتلال. وكانت الانتفاضة في الواقع “العصر الذهبي” للقانون العشائري وحل النزاعات، وفقا لقضاة العشائر أنفسهم.
وبحسب الدراسة، ففي عام 1994، عندما عادت منظمة التحرير الفلسطينية إلى فلسطين، كانت الحدود الاجتماعية بين اللاجئين والمواطنين في غزة لا تزال قائمة. ومع ذلك، كان القانون العرفي لحل النزاعات راسخا بعمق لدى كل من اللاجئين وسكان غزة الأصليين.
- السلطة الفلسطينية والعشائر في غزة
عندما عادت منظمة التحرير الفلسطينية من المنفى، في أعقاب اتفاق أوسلو عام 1993، لتأسيس حكومتها الخاصة في أجزاء من غزة والضفة الغربية، كان أمامها بديلان أساسيان فيما يتعلق بكيفية التعامل مع العشائر ومجموعات القرابة في غزة، بحسب الدراسة.
الأول كان تجاوز الروابط الجماعية والقبلية وترسيخ قوة السلطة الفلسطينية في مجتمع اللاجئين مع تطوير نظام سياسي قائم على القانون. أما الخيار الثاني فهو إضفاء الطابع التقليدي على النظام السياسي واستخدام القطاع غير الرسمي للتحالف مع العشائر القوية من المواطنين الغزيين.
ويرى الباحث أن السلطة الفلسطينية قدمت الخيار الأخير كما تشهد على ذلك سمتان من سمات حكمهم. الأولى، تنظيم الخدمات العامة المختلفة من خلال ممثلي العشائر المحليين، والثانية، تجنيد العشائر القوية في نظام السلطة.
فقد أسست السلطة “إدارة شؤون العشائر” التي ضمت 200 مكتب في جميع أنحاء غزة. وأصبح من الضروري أن يكون لكل شخص في غزة مختار، كممثل معتمد من قبل السلطة. ولكي يكون لعائلة ما مختار، يجب أن تكون ذات حجم معين، ما يعني أن العائلات الصغيرة كان عليها أن تصطف مع العائلات الأكبر التي لديها مختار. وبخصوص الخدمات المدنية الأساسية، مثل الحصول على بطاقات الهوية وما إلى ذلك، كان يتعين على الناس المرور عبر مخاتيرهم، وبالتالي تمكنت السلطة من فرض هذا النظام.
وفيما يتعلق بتجنيد العشائر القوية، فقد انعكس ذلك في اختيار مسؤولين من العشائر في عدد من الوزارات الرئيسية للسلطة الفلسطينية. فعلى سبيل المثال، كان قطاع الأمن في غزة منظما جزئيا على أساس الانتماء العشائري، وفضّل قادة السلطة الفلسطينية تجنيد أفراد من عشيرة واحدة ليحصلوا على ولائهم، بدلا من تعيين أفراد من عشائر مختلفة، وبالتالي احتمالية وجود انقسامات داخل صفوف السلطة نفسها.
ومن الأمثلة على ذلك، عشيرة “حلس” الكبيرة، إذ اختارت السلطة الفلسطينية، سليمان حلس، قائدا لقوات الأمن الوطني، بينما رُشح ابن عمه، عادل حلس، لرتبة لواء مسؤول في إدارة المباحث الجنائية. وبحسب مجموعة الأزمات الدولية، كان القسم يديره بالكامل أفراد من عشيرته، ونتيجة ذلك كانت هناك شخصنة للسلطة وإدامة للمحسوبية.
ووفق السياسي الفلسطيني البارز، حيدر عبد الشافي، الذي ترأس وفد فلسطين المفاوض في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، فإن رئيس السلطة الفلسطينية السابق، ياسر عرفات، “شجع الثقافة العشائرية؛ لأن من مصلحته تفضيل المجموعة على الفرد”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2000، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وعندما تحالفت السلطة الفلسطينية مع العشائر القوية، كان ذلك بسبب اعتقادها أن هذا من شأنه أن يزيد الاستقرار في غزة. ومع ذلك، خلال الانتفاضة، كانت العشائر هي المحرك للكثير من الفوضى والتشرذم الذي ميز الانتفاضة، حسب وصف الباحث النرويجي.
وخلال تلك الانتفاضة -التي امتدت من عام 2000 إلى عام 2005- هاجمت إسرائيل أعضاء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية؛ ردا على الهجمات التي تنفذها بشكل رئيسي حركة حماس. وشملت الإجراءات الانتقامية الإسرائيلية عمليات توغل ومهاجمة وتدمير مراكز الشرطة. ونتيجة لذلك، أُمرت الشرطة الفلسطينية وأفراد الأمن بحماية أسلحتهم، وذلك بإعادتها إلى منازلهم.
وبما أن جزءا كبيرا من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة جُنّد على أساس عشائري، فقد أصبحت أسلحتهم بعد ذلك أصولا لديهم، وبذلك تحولت بعض العشائر إلى ميليشيات، بحسب الدراسة، وأصبحت أحيائهم محاطة بالجدران وبحواجز الطرق التي تمنع الغرباء من دخول أراضيهم.
وفي تقرير لها نشرته عام 2007، قالت مجموعة الأزمات الدولية إن بعض العشائر قامت بأنشطة غير مشروعة في تلك الآونة بقصد التربح، مثل التهريب وسرقة السيارات وفرض الإتاوات والاختطاف.
ووصف الباحث غزة في ذلك الوقت بأنها “غرقت في الفتنة وفوضى السلاح والعشائر”. ففي عام 2006، سُجلت أكثر من 8500 حالة صراع بين العائلات في غزة، بما في ذلك 50 حالة قتل. وأصبحت ثقافة السلاح وسام شرف لبعض العشائر. بل أفاد المعلمون أنهم لم يتمكنوا من منع طلابهم من جلب السلاح إلى الفصول الدراسية.
وفي ظل فوضى السلاح هذه، صعدت حماس إلى السلطة بعد فوزها في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، وما تبع ذلك من “حسم عسكري” في يونيو/حزيران 2007.
القسم الثاني: العشائر وحكم حماس (المرحلة الأولى)
وصف “توستاد” المرحلة الأولى من حكم حركة حماس لقطاع غزة بـ”زعزعة العشائرية السياسية”. فبعد وصول حماس للحكم، ظل التحدي المتمثل في العشائر قائما، وأعلنت الحركة على الفور سياسة نزع السلاح، وسيطرت على منطقة بعد منطقة، وشارع بعد شارع. ويصف الباحث إرساء القانون والنظام بعد ما يقرب من عقد من الزمان من انعدام الأمن والعنف والفوضى بـ”أعظم نجاح حققته حماس”.
ورغم انتقاد أحد محامي حقوق الإنسان، في حديث لمؤسسة “هيومن رايتس ووتش” عام 2008، لأداء الشرطة في ذلك الوقت من حيث احترام الإجراءات القانونية، إلا أنه أكد أن “المواطنين كانوا سعداء عندما يُلقى القبض على لص”. لكن يقول الباحث النرويجي إن المشكلة هي أن الأمر لم يقتصر على القبض على اللص فحسب، فقد كان لا بد من محاكمته.
وفي هذا السياق، أفاد بأنه منذ وصول حماس لحكم غزة، أصيب القضاء الرسمي بالشلل، إذ أضرب جميع موظفيه في غزة الذين يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية في رام الله، وأولئك الذين لم يضربوا هُددوا بفقدان رواتبهم.
وفي حين استُبدل 95 بالمئة من قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة بسرعة بقوات أمنية تابعة لحماس، إلا أنه لم يكن من الممكن إجراء نفس الانتقال السلس داخل السلطة القضائية. ولهذا، اعتمدت حماس على القطاع غير الرسمي في البداية كحل طارئ، للتخفيف من حدة الأزمة في السلك القضائي الرسمي. ومع ذلك، عندما أُنشئ نظام المحاكم رسميا، لم يتوقف العمل بالقطاع غير الرسمي، بل دُمجت لجان العرف التقليدية في النظام القضائي الذي أقامته حماس في غزة.
القسم الثالث: العشائر وحكم حماس (المرحلة الثانية)
أما المرحلة الثانية، فقد شهدت انفتاحا من حماس على العشائر، ففي عام 2008، أنشأت الحركة “الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح”، وعملت على إعادة الهيكلة الأساسية لنظام المخاتير، ومجالس العائلات، ولجان العرف التقليدية.
وكما ذكرنا آنفا، فقد كان لجميع العشائر والقبائل الفرعية الكبرى في غزة -منذ إنشاء السلطة الفلسطينية لـ”إدارة شؤون العشائر” في عام 1994- مختار يعمل كوسيط بين السلطة وأفراد العشيرة.
واللافت هنا أن من بين 683 مختارا سجلتهم وزارة الشؤون المحلية في السلطة الفلسطينية التابعة لحركة فتح، استبدلت حماس 75 فقط، بينما بقي 608 في مناصبهم واعترفت بهم الحكومة في غزة.
وتشير الدراسة إلى أنه بالرغم من تقليص دور المخاتير في ظل حكم حماس، إلا أن العشائر لم تكن تنظر لذلك بالضرورة بشكل سلبي، إذ كان ذلك يعني التعزيز النسبي لمجالس العائلات.
وحتى قبل أن تفرض حماس في عام 2011 على جميع العشائر أن يكون لها مجلس عائلي، كانت معظم العشائر لديها مجلسا بالفعل، إلا أن حماس طالبت بأن يُشكَّل وفق معايير معينة، بما في ذلك تمثيل مختلف فروع العشيرة. ولذلك اعتبر أبو أكرم، مختار عشيرة حلس، أن هذه المعايير ساهمت في تعزيز الديمقراطية، قائلا: “أنا أحب وأؤيد الديمقراطية”.
بينما قال أبو خالد، مختار عشيرة أبو زكري: “لدينا مجلس عائلة لتمثيل عشيرتنا في الأماكن العامة وفي المناسبات الخاصة، هذا المجلس يناقش كل الأمور التي تهمنا، وتُتخذ فيه القرارات بشكل جماعي”.
ويقول الباحث النرويجي: “حتى لو وُسّعت مجالس العائلة لتشمل أعضاء حماس، فإن التواصل والتفاعل ذهب في الاتجاهين”، بما يعني أن هذا النظام وإن سمح لحماس بالتأثير في العشائر، إلا أن في ظله أيضا تأثرت حماس نفسها بالنظام العشائري.
وفي هذا السياق، يقول أبو أكرم، مختار عشيرة حلس: “أحصل على دعم أفراد العشيرة المنتمين إلى حماس”. كما قال أحد أعضاء عشيرة حلس من المنتمين أيضا إلى الجناح العسكري لحركة حماس (كتائب الشهيد عز الدين القسام): “لا أستطيع أن أتخلى عن الحركة، ولا أستطيع أن أتخلى عن العائلة”.
ويبدو أن إعادة هيكلة مجالس العائلات كانت لها عواقب أبعد مما كان مقصودا، وفق الدراسة. فقد تقلصت السلطة الأبوية للمخاتير لحساب مجالس العائلات. كما أدى “إضفاء الطابع الديمقراطي” المتزايد على تلك المجالس إلى زيادة مشاركة أفراد العشيرة العاديين، وبالتالي تعزيز الروابط العشائرية كمؤسسات اجتماعية.
وأخيرا، بالإضافة إلى المخاتير ومجالس العائلات، أعادت حماس هيكلة المؤسسة الاجتماعية والسياسية الأكثر أهمية في النظام العشائري، وهي النظام القانوني غير الرسمي. ولهذا الغرض، قُسمت غزة كلها إلى أحياء، ولكل منها لجنتها الخاصة (لجنة الإصلاح). وبحلول عام 2011، كانت هناك 41 لجنة من هذه اللجان تعمل في جميع أنحاء غزة وتضم 700 عضوا، لكل لجنة منها مكتبها الخاص ونقطة اتصال مخصصة في أقرب مركز للشرطة، ويرأسها عالم إسلامي من رابطة علماء فلسطين.
وبالتوازي مع لجان المصالحة الإسلامية، واصلت لجان العرف التقليدية القائمة على العشائرية عملها، مع وجود لجنة من “رابطة علماء فلسطين”، للإشراف عليها وللتأكد من أن القضاة في القطاع غير الرسمي لا يتصرفون بما يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
وبحسب الدراسة، فإن هذا الموقف المنفتح الذي أبدته حماس تجاه القضاء غير الرسمي سبقه معارضة أيديولوجية داخل الحركة، باعتبار أنه قد يكون مخالفا للشريعة الإسلامية. واعتمادا على المقابلات التي أجراها مع مسؤولي حماس، يرى الباحث أن المواقف داخل الحركة تجاه قطاع القانون غير الرسمي تطورت.
وهكذا، قال محمد العبد، المدعي العام السابق لحركة حماس في غزة، إنه يقدر الآن القانون العشائري العرفي، على الرغم من الشكوك السابقة تجاهه. وأضاف أن “العرف أسرع، ولا يكلف مالا، وفي معظم الحالات، تحل لجنة التحكيم المشكلة”، مؤكدا أنه “مسار جيد، كبديل أو موازٍ للقضاء الرسمي، ويخفف العبء والمسؤولية الثقيلة عن القضاء الرسمي”.
ووفق أبو السعيد ثابت، من عشيرة الثوابتة، والذي ألف عدة كتب عن العُرف، فإن سكان غزة “يشعرون بالرضا عن العرف أكثر من النظام الرسمي؛ وهذا ليس فقط بسبب صرامته وسرعته، بل أيضا لأن القضاء الرسمي يستطيع رد الحقوق وتنفيذ القرارات وسجن الجاني، لكن ليس بإمكانه نزع الكراهية بين الأطراف المتخاصمة، ولا إعادة العلاقات الاجتماعية إلى حالتها الطبيعية”.
ويؤكد الباحث النرويجي أن “إحدى نقاط قوة حماس هي أنها حركة شعبية، لها فروع في كل ركن من أركان غزة، من القرى الريفية إلى المخيمات والمدن”. لذلك، من خلال إعادة هيكلة النظام العشائري، تمت تعبئة هذه القاعدة الشعبية، مما يعني أن القيم والأفكار المحلية سوف تَخترق -عن غير قصد- النخب السياسية لحماس، بالقدر ذاته الذي ستؤثر به حماس في العشائر.
ويشير الباحث إلى عامل سهّل من هذه العملية، وهو أن المجتمع الغزي محافظ دينيا إلى حد كبير، وبالتالي فإن هذه الروح، بجانب سياسات حماس التي عملت على تضييق الفجوة الثقافية بين “الإسلام والعشائرية”، ساهمت في تعزيز القوة الأيديولوجية للحركة في قطاع غزة.
القسم الرابع: من الأسلمة إلى إعادة العشائرية
في هذا القسم، يستعرض الباحث الفكرة الأساسية للدراسة، وهي أنه عندما تصعد “حكومة ثائرة” للسلطة، فإنها قد تسعى إلى ثورة اجتماعية، وليس مجرد ثورة سياسية. ومع ذلك، فإن التأثير قد يسير في كلا الاتجاهين. فمن ناحية، قد تساهم الحكومات الثائرة في عمليات التحول داخل العشائر؛ ومن ناحية أخرى، قد تؤثر العشائر أيضا على الثائرين وتفكيرهم الأيديولوجي.
ومن السمات اللافتة للنظر في هذا الصدد -بحسب الدراسة- هو كيف أثرت تجربة الحكم في حماس، بعد ما يقرب من عقدين من الزمن على وجودها في السلطة في غزة، على أيديولوجية الحركة السياسية.
ففي البداية، اقتربت حماس من المنظومة العشائرية بهدف كبحها، وخاصة فيما يتعلق بنظام القضاء العشائري غير الرسمي، بمعنى أنها سعت لأسلمته. ومع ذلك، فإن العديد من سكان غزة لم يروا أي حاجة لما وصفه الباحث بـ”التطهير الديني” للمؤسسات العشائرية الخاصة بهم. فسواء كانوا متدينين أم لا، فإن ثقتهم في تلك المؤسسات كانت عميقة الجذور. ومن أجل تجنب المعارضة المحلية لحكمها، فإن الوصفة الأفضل لحماس كانت التكيف مع القيم الاجتماعية والثقافية المحلية، بدلا من فرض التغيير من أعلى، بحسب الدراسة.
وللتدليل على مدى أهمية دور العشائر في مجتمع غزة، بما في ذلك بين غالبية السكان الذين لجأوا إلى القطاع من الأراضي الفلسطينية المحتلة عامي 1948 و1967، أورد الباحث أن ثلاثة من كل أربعة من سكان غزة يقولون بأن العشيرة تظل ذات أهمية اجتماعية في حياتهم، بينما يقول 85 بالمئة بأن العشيرة مهمة لأمنهم الشخصي.
وبالمثل، فإن ثقة سكان غزة في النظام القانوني العشائري أقوى بكثير مما كانت عليه في نظام المحاكم الرسمي، حيث توقع 84 بالمئة من المستطلعين أن ينالوا محاكمة عادلة من خلال نظام العرف مقارنة بـ 56 بالمئة يتوقعون نفس الشيء بشأن نظام المحاكم الرسمي. علاوة على ذلك، فمن الملاحظ أن المشاركين يقولون إن اعتمادهم على النظام العشائري في المقام الأول يأتي بسبب تقاليدهم وثقافتهم.
وبالعودة إلى التغييرات في توجهات القرابة في ظل حكم حماس، ففي عامي 2007 و2008، عندما نزعت حماس سلاح العشائر ووضعت الخطوط العريضة لسياسة إعادة هيكلة المؤسسات العشائرية، كانت وجهة النظر السائدة داخل الحركة هي أن أسلمة العشيرة كانت مهمة بالنسبة للمقاومة. وكانت الفكرة تتلخص في أن العشائرية سوف تذوي مع سيطرة حماس.
ومع ذلك، على مر السنين، لم يغب عن حماس الدور المهم الذي تلعبه العشائر في الحياة اليومية، والمستوى العالي من الثقة التي يوليها سكان غزة لقطاع العدالة غير الرسمي. وقد انعكس تغير موقف حماس من هذه القضية -بحسب الدراسة- في ممارسة سياسية أقل اهتماما بالأسلمة، وأكثر اهتماما بالحفاظ على النظام الاجتماعي بما يتماشى مع القيم الإسلامية والعشائرية على حد سواء.
وبحسب تعبير الباحث، بيورن برينر (Bjorn Brenner)، فإن “ما بدأ كأسلمة ومراقبة وإعادة هيكلة للعشائر تحول تدريجيا إلى شكل من أشكال الحكم، حيث أصبح الخط الفاصل بين المجال الرسمي وغير الرسمي غير واضح”، بمعنى أنه “بقدر ما تعرض النظام العشائري للأسلمة، فإن الشكل الإسلامي للحكم كان عشائريا أيضا”.
ويرفض الباحث اعتبار النهج الواقعي الذي اتبعته حماس تجاه العشائر خيارا مؤقتا جاء “لاعتبارات تكتيكية”، بل يقول إن فهما جديدا قد ظهر داخل حماس، بدءا من اعتبار قطاع العشائر متعارضا مع الحكم الإسلامي، إلى اعتباره مكملا له.
ويعتقد الباحث أن “تلاشي التهديد المتصور من العشائر ساهم في تطور الوعي داخل حماس حول عدد القيم المشتركة التي بنيت عليها الروابط العشائرية والإسلام”. ووفق تعبير محمد عيسى، رئيس بلدية مخيم البريج للاجئين، فإن أساسيات العرف والعدالة في الدين الإسلامي هي ذاتها.
علاوة على ذلك، وكما أشار الباحث يزيد صايغ، فإن داخل قطاع الأمن في حماس، أصبح يُنظر إلى اللجان الإسلامية ولجان العرف باعتبارها تمثل الطريقة المثالية لضبط المجتمع، حيث الهدف الأساسي هو إقامة نظام عام يعتمد على القيم الاجتماعية الإسلامية والمحافظة.
خلاصات الدراسة وتعليقات حولها
على الرغم من كبح النفوذ السياسي للعشائر القوية، إلا أن قطاع العشائر لا يزال قويا في غزة. وهذا يشمل الدور الحاسم للعشائر في أمن الناس وحياتهم الاجتماعية.
هناك تفسيران لهذا الوضع، وفق الدراسة. أولا، عندما واجهت حماس أقوى العشائر المسلحة، لم يكن ذلك يعتبر بالضرورة أمرا سيئا في نظر المجموعات العشائرية الأصغر حجما، التي كان من الممكن أن تكون هي نفسها ضحايا لعشائر أقوى خارجة عن السيطرة. وفي الواقع، كان نزع سلاح العشائر القوية وإضعافها سياسة نالت شعبية واسعة النطاق في غزة، بما في ذلك بين العشائر الصغيرة في مخيمات اللاجئين، بحسب الباحث.
ثانيا، لم تدخل حماس أبدا حربا ثقافية. ففي الواقع، على المستوى الثقافي، يُنظر إلى القيم العشائرية المتمثلة في المسؤولية الجماعية ونمط الحياة المحافظ والنظام الأبوي على أنها قيم مشتركة إلى حد كبير، سواء داخل حماس أو داخل العشائر. ويمكن القول إن التوليف بين قيم العشيرة والإسلام يمثل صيغة هيمنة جديدة، تشكل جوهر القوة الأيديولوجية المعاصرة لحماس، وفق الدراسة.
لكن من الأسئلة التي قد تُثار حول هذه الدراسة هو مدى صحة تقسيمها لسياسة حماس تجاه العشائر لمرحلتين متقابلتين، في حين أننا يمكن أن نعتبرها سياسة واحدة لها أكثر من جانب. فقد اعتبر الباحث أن المرحلة الأولى تمثلت في كبح العشائر وبسط الأمن، بينما المرحلة الثانية تمثلت في انفتاح حماس سياسيا واجتماعيا على العشائرية والعُرف.
لكننا من جهة أخرى، قد نعتبر أن حماس تعاملت مع الجانب الأمني بسياسات حازمة، لأن هذا كان في بواكير حكمها وتحتاج إلى تثبيت أركان حكومتها. بينما اتخذت في الجانب السياسي والاجتماعي سياسات أكثر انفتاحا؛ لطبيعة هذا الجانب نفسه، ولوجود العشائر كقوة اجتماعية راسخة داخل القطاع.
فقد يتفهم سكان القطاع -بمن فيهم كثير من العشائر- سعي حماس لتوطيد أركان حكمها أمنيا، باعتبارها حكومة للقطاع فازت في الانتخابات التي عُقدت عام 2006، وباعتبار الفوضى الأمنية التي كانت تعصف بالقطاع حينها. ولهذا نقل الباحث رضا كثير من سكان غزة عن السياسات الأمنية لحماس في بداية حكمها للقطاع، باعتبار أنها بسطت الأمن بعد عِقد من الفوضى، كما نقل الباحث رضا العديد من العشائر الصغيرة عن تلك السياسات؛ لأن تلك العشائر كان بعضها يقع في الماضي ضحية لبعض العشائر الكبيرة.
لكن إن كانت الحركة استمرت في اتباع نفس النهج من السياسات الصارمة في بقية الجوانب، السياسية والاجتماعية، فسيكون من الصعب تفهم موقفها، كما أن استقرار حكمها للقطاع كان ليكون محل شك؛ لأنها لم تستوعب القاعدة الشعبية.
ويعزز هذا المنحى التفسيري أن حماس أنشأت “الإدارة العامة لشؤون العشائر والإصلاح” المعنية بالتعاون مع العشائر، وتعزيز دور مجالس العائلات، ولجان العرف التقليدية، عام 2008، أي بعد عام واحد فقط من وصولها لحكم قطاع غزة. وبهذا تكون حماس قد بدأت في الشق الاجتماعي من سياستها مباشرة، بعد الاطمئنان للشق الأمني منها خلال عامها الأول في الحكم.
وبخصوص ما ذكرته الدراسة حول وجود آراء داخل الحركة في بدايات حكمها للقطاع حول أن القضاء غير الرسمي قد يكون مخالفا للشريعة الإسلامية، فإن احتمال وجود نقاش داخلي حول هذه القضية قائم. لكن وفق مضمون الدراسة، فلم تتبنَّ حماس هذا المنظور، حيث لم يذكر الباحث سياسات اتخذتها حماس انطلاقا من هذه الرؤية، فلم تلغِ حكومة حماس القضاء العرفي لفترة على سبيل المثال، ولم تتخذ خطوات تقوضه.
ولهذه الأسباب، قد نفهم سياسة حماس تجاه العشائر بطريقة مختلفة عن التي أوردها الباحث النرويجي، فبدلا من اعتبارها مرت بمرحلتين متقابلتين، يمكن اعتبارها سياسة واحدة لها شقين متكاملين، أمني واجتماعي. هذه السياسة ساهمت في استقرار حكم الحركة للقطاع طيلة عقدين تقريبا، بدون أن تلقى معارضة داخلية كبيرة لحكمها، وفق تقييم الدراسة.