لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت:
أزمات في انتظار الحل الخارجي؟
أمجد أحمد جبريل
باحث مختص في الشؤون العربية والإقليمية – إسطنبول
جاء انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، ليضيف مزيداً من التعقيد على مشكلات لبنان وأزماته، سواء تلك المُزمنة المتعلقة بالسياسات الطائفية وإخفاق الحكومات المتكررة في معالجة مشكلات الفساد والاقتصاد وأزمة القطاع المصرفي، أم الأزمات المستجدة بعد حراك الشارع اللبناني (منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019)، الذي كشف عجز الطبقة السياسية عن تنفيذ الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري، ناهيك عن الإصلاح السياسي المطلوب، أم أزمة تفشي وباء كورونا في لبنان، في ظل هشاشة منظومته الصحية واحتمال انهيارها، والجدل المتكرر الذي يمكن أن تتسبب به فكرة “إغلاق البلاد”، في ظل هذا الوضع المأزوم.
وعلى الرغم من الغضب الشعبي وصدمة اللبنانيين بسبب هذا الانفجار، و”التضامن الدولي” الآني أو المؤقت مع لبنان، الذي اتخذ شكل زيارات مسؤولين دوليين وإقليميين إلى لبنان، فإن السيناريوهات المستقبلية قد لا تحمل تغييراً سريعاً في أوضاع البلد، بل ربما تزجُ به في المجهول، في انتظار تبلور معادلات دولية وإقليمية جديدة، تتراوح بين إعادة إنتاج القديم في “صور” جديدة، وبين تصاعد تحكّم العوامل الخارجية، الدولية والإقليمية، في مصير لبنان، وفي العالم العربي إجمالاً، إلا في حال عاد الشارع اللبناني إلى الحراك والضغط والمطالبة بمحاسبة المسؤولين الفاسدين.
أولاً- التجاذبات الداخلية اللبنانية بعد الانفجار
على الرغم من هول كارثة انفجار مرفأ بيروت، التي أودت بحياة أكثر من 170 شخصاً، وأدت إلى إصابة آلاف الجرحى، وتشريد نحو 300 ألف آخرين، وخلّفت منطقة دمار واسعة في بيروت [1]، فإن التجاذبات الداخلية اللبنانية لم تتوقف، وإنما تمحورت حول موضوعات جديدة/قديمة، من قبيل: تحديد المسؤول/المسؤولين المباشرين عن هذا الانفجار/الكارثة، وآلية التحقيق فيما حدث، وهل يجب أن تكون تحقيقاً داخلياً أم دولياً؟ وماهية الحلول المطلوبة لإخراج البلد من هذه الأزمات المتلاحقة.
ويبدو أن أداء الأطراف السياسية اللبنانية ومناوراتها لم يتغيرا كثيراً بعد الانفجار، بل حاول كلٌ منها نفي المسؤولية وشبهة التقصير عن نفسه، وإلقاء المسؤولية على الآخرين، فجاءت ردود فعل أغلب هذه الأطراف، تنضح بالتسييس وتوظيف الغضب الشعبي، ضد الخصوم، حتى قبل أن يلملم أهل بيروت جراحهم.
وقد لجأ بعض المسؤولين والقوى السياسية إلى تبرئة ساحتهم مبكراً، بالإشارة إلى أن نترات الأمونيوم موجودة بالمرفأ منذ عام 2014، في حين ذكّر البعض بأنه حذّر من وجود هذه الشحنة في المرفأ، وتحدث آخرون عن “مؤامرات” خارجية مفترضة. بيد أن تصريحات رئيس “التيار الوطني الحر”، النائب جبران باسيل، ربما كانت الأبرز في هذا الإطار، حينما رسم خطاً فاصلاً بين نوعين من المسؤولين في قضية الانفجار، قائلاً إن “الكل تحت التحقيق والقانون. لكن هناك فرقاً بين من اكتشف ونبّه وراسل، وبين العارف الذي سكت وأهمل” [2].
ثانياً- استقالة حكومة حسان دياب: أزمة غياب البدائل؟
نتيجة الدمار والصدمة اللذيْن خلفهما الانفجار، وغضب الشعب اللبناني وتصاعد الدعوات لإسقاط كل التركيبة السياسية في البلاد، توالت الاستقالات في حكومة حسان دياب، فاستقال كلٌّ من: وزير البيئة دميانوس قطار، ووزيرة الإعلام منال عبد الصمد، وزيرة العدل ماري كلود نجم [3]. هذا بالإضافة إلى استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي في 3 أغسطس/آب 2020 (أي قبل الانفجار)، الذي قال في بيان إنه اضطر لاتخاذ القرار بعد “تعذر أداء مهامه”. واشتكى من “غياب رؤية لإدارة البلاد وغياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الشامل”، وحذّر من أن “لبنان ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة”، داعياً الحكومة والمسؤولين عن إدارة البلاد إلى “إعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات” [4].
ويبدو أن هذه الاستقالات، قد اضطرت رئيس الحكومة حسان دياب إلى تقديم استقالته أيضاً في 10 أغسطس/آب، مشيراً إلى أن “منظومة الفساد أكبر من الدولة، التي لا تستطيع مواجهتها أو التخلص منها، وانفجر أحد نماذج الفساد في مرفأ بيروت” [5].
وربما أراد حسان دياب استباق إسقاط حكومته في مجلس النواب، الذي عيّن رئيسه نبيه بري، موعداً لاستجوابها في البرلمان على خلفية الانفجار. ويبدو أن بري كان يردّ على دعوة دياب، إلى إجراء انتخابات مبكرة، ما أثار استهجان رئيسَي مجلس النواب والجمهورية، نظراً إلى أن أي انتخابات مبكرة ستعيد، على الأرجح، تشكيل المجلس بطريقة مغايرة لوضعه الحالي (تُعد كتلة رئيس الجمهورية الكتلة الأكبر في البرلمان الحالي)” [6].
وقد أثارت استقالة حكومة دياب انقساماً جديداً في الشارع اللبناني بين مؤيد ومعارض، وبين من من اعتبره بطلاً، وأن حكومته كانت “كبش فداء”، وبين من وصف الاستقالة بالمتأخرة، مع انتشار حالة من القلق على مستقبل لبنان في الأشهر المقبلة [7].
وبغض النظر عن التقييمات المختلفة لقرار استقالة حكومة دياب، فإن النتيجة الأهم لها تتعلق بصعوبة إيجاد بديل له؛ فقد اعتبرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن لبنان يحاول ملأ الفراغ في السلطة وسط أسوأ أزمة تمر عليه منذ عقود، وأن الرئيس ميشال عون، وجد نفسه أمام واقع الحفاظ على حكومة دياب نظراً لعدم وجود خيار آخر. وفي هذا الصدد أشارت مها يحيى، مديرة مركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت، إلى أن “أي حكومة جديدة، ستجد نفسها في مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية لم تمر على لبنان منذ عقود، ونظام مصرفي مفلس، ونسب بطالة عالية، ونقص حاد في العملة الأجنبية. كما أنه يتعين عليها التعامل مع المحتجين الذين يطالبون برحيل كامل النخبة السياسية التي يحملونها مسؤولية الفساد وسوء الحكم”، وإذا لم تُشكل الحكومة سريعاً وتبدأ في تقديم خطة طريق للخروج من الهاوية، فالطريق الوحيد هو السقوط” [8].
وعلى الرغم من تداول عدة أسماء لتشكيل الحكومة الجديدة، وأبرزها (سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، ونواف سلام، سفير لبنان الأسبق في الأمم المتحدة)، فإن الجهود والمشاورات التي قادها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، لم تفضِ إلى إزالة العقبات التي تحول دون تسمية الحريري، علماً أن الأخير كان قد وضع شروطاً للعودة إلى موقع رئيس الحكومة، ومنها تشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلّين، وهو مطلب تشدد عليه الدول الأجنبية المنخرطة في الشأن اللبناني، فضلاً عن ضرورة قيام حزب الله بتسليم سليم عياش، الذي أدانته المحكمة الدولية باغتيال والده، رفيق الحريري، وهو ما يرفضه الحزب الذي لا يعترف بالمحكمة ولا بقراراتها [9].
وبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على انفجار مرفأ بيروت، أصدر سعد الحريري بياناً يطلب فيه سحب اسمه من التداول على منصب رئيس الحكومة، وقال إن “الأهم في هذه المرحلة هو الحفاظ على فرصة لبنان واللبنانيين لإعادة بناء عاصمتهم وتحقيق الإصلاحات المعروفة، والتي تأخرت كثيراً، وفتح المجال أمام انخراط الأصدقاء في المجتمع الدولي في المساعدة على مواجهة الأزمة، ثم الاستثمار في عودة النمو. واعتبر أن “المدخل الوحيد هو احترام رئيس الجمهورية للدستور، ودعوته فوراً لاستشارات نيابية ملزمة، عملاً بالمادة 53، والإقلاع نهائياً عن بدعة التأليف قبل التكليف” [10].
كما ألمح الحريري في بيانه، إلى دور رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، من غير أن يسميه، في عرقلة تشكيل الحكومة، قائلاً: “إن بعض القوى السياسية ما زال في حال من الإنكار الشديد لواقع لبنان واللبنانيين، ويرى في ذلك مجرد فرصة جديدة للابتزاز لأن هدفه الوحيد هو التمسك بمكاسب سلطوية واهية، أو حتى تحقيق أحلام شخصية مفترضة في سلطة لاحقة، وهذا ابتزاز يتخطّى شركاءه السياسيين، ليصبح ابتزازاً للبلد ولمعيشة اللبنانيين وكرامتهم” [11].
وبحسب تحليلات علمية، فإن أزمة انفجار مرفأ بيروت، أوجدت تداعيات داخل القوى والأحزاب والائتلافات السياسية اللبنانية، خصوصاً بإظهار الانقسامات داخل الثنائي الحاكم من حزب الله والتيار الوطني الحر، ونقلها من السر إلى العلن؛ “إذ أسهمت الحرب في سورية في إيجاد استقطاب على مستويين في حزب الله؛ أحدهما جيلي حيث برز جيل جديد من القادة في سُلّم التنظيم، سيما في القطاعات العسكرية والأمنية، في وقت لم تتغير فيه الواجهة السياسية للحزب منذ ثلاثة عقود، بمن فيهم ممثلوه في مجلسَي النواب والوزراء. ومع تصاعد أسئلة عن دور الحزب في حماية الفاسدين، من التيار الوطني الحر، جرى إطاحة رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، ونائبه المعروف باسم “الحاج ساجد”، وهما عرَّابَا الساحة السياسية” [12].
أما المستوى الآخر فهو انقسام مؤسسي يتصل بتوزيع النفوذ بين القطاعات العسكرية والأمنية والسياسية في الحزب، ومن بينها المجلسان السياسي والتنفيذي، و”مجلس الشورى” الأكثر نفوذاً. وعلى الرغم من وجود بوادر لتغير موازين القوى داخل الحزب، فإنه ليس واضحاً كيف ستنعكس هذه التغييرات على اصطفافات الحزب وخياراته السياسية [13].
كما أن هذه الانقسامات الداخلية تنطبق أيضاً “على الوضع داخل التيار الوطني الحر، وبيت الرئيس ميشال عون، ذلك أن تأثّر البيئة المسيحية بالانفجار، ترك آثاره في الصراع القائم أصلاً بين صهرَي الرئيس، (جبران باسيل الأكثر نفوذاً والوارث المحتمل لحزبه، وشامل روكز النائب الذي انضم إلى المعارضة). وإلى جانب روكز، هناك ميراي عون المستشارة الخاصة للرئيس وآخرون محسوبون عليها في التيار الوطني الحر. ويُحاول هذا الفريق داخل العائلة قلب الموازين لمصلحته، واحتواء نفوذ باسيل الذي أصبح يشكل عبئاً على التيار؛ ما قد ينعكس على التوافقات المحتملة بين الفرقاء السياسيين، مع احتمال تنازل “التيار الوطني الحر” عن وزارات خدمية مهمة مثل وزارة الطاقة (قطاع الكهرباء)” [14].
وعلى حين يبرز بوضوح افتقاد رئيس الجمهورية، ميشيل عون، القدرة على لعب دور المحاوِر أو الوسيط بين القوى السياسية، بسبب انحيازه لصهره جبران باسيل ودعوته إلى “حكومة أقطاب” لإعادة تعويمه، تزداد صعوبة مهمة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في تقريب الأطراف من بعضها في ظل شروط وشروط مضادة تخص تسمية رئيس الوزراء المرتقب، فيما يبرز خلاف بين بكركي (المقرّ البطريركي) وحزب الله حول ملف “حياد لبنان” وسلاح حزب الله، خصوصاً بعد عظة البطريرك الماروني، بشارة الراعي، في 23 أغسطس/آب، التي دعا فيها السلطات اللبنانية إلى أن “تعتبر كارثة مرفأ بيروت بمثابة جرس إنذار، فتبادر إلى دهم كل مخابئ السلاح والمتفجرات ومخازنه المنتشرة من غير وجه شرعي بين الأحياء السكنية في المدن والبلدات والقرى؛ فوجود هذه المخابئ يشكل تهديداً جدياً وخطيراً لحياة المواطنين التي ليست ملكاً لأي شخص أو فئة أو حزب أو منظمة. وقد حان الوقت لسحب هذه الأسلحة والمتفجرات، لكي يشعر المواطنون أنهم بأمان، على الأقل، في بيوتهم” [15].
وقد أدّت دعوة الراعي، إلى قيام صحيفة “الأخبار” (القريبة من حزب الله) بانتقاد عودته إلى طرح موضوع “الحياد الناشط” للبنان، و”تماهيه مع الدعاية الإسرائيلية التي تتهم الحزب بتخزين السلاح في الأحياء السكنية” [16].
وبعيداً عن هذه التصريحات والمواقف السياسية من مختلف الأطراف اللبنانية، ربما يمكن تفسير التجاذبات والانقسامات والصراعات الداخلية بعوامل هيكلية تتعلق بسمات “الحالة اللبنانية” التي تتسم بالتوتر شبه الدائم، والتعقيد الناجم عن ضعف البنية الاجتماعية، بفعل الطائفية وانتشار “الذهنية الأبوية” لدى الساسة اللبنانيين، ما جعل بلوغ الديمقراطية أملاً بعيد المنال، خصوصاً بعد تراجع دور المجتمع الأهلي (أحزاب وجمعيات ونقابات) بعد الحرب الأهلية (1975- 1989)، وبروز قوى اجتماعية ميلشياوية في سياساتها، وريعية في نشاطها الاقتصادي، وسيطرتها على أغلب مفاصل الدولة؛ إذ عانى النظام السياسي اللبناني منذ تأسيسه، وحتى الآن، إشكاليتين؛ إشكالية “الهوية” وإشكالية “الطائفية” [17].
واستطراداً في التحليل، ثمة من يرى أن لبنان عانى دائماً من التأزم السياسي بدرجات متفاوتة منذ استقلاله عام 1943، بالنظر إلى ثلاثة عوامل: طبيعة تكوينه الداخلي، وتداخل ذلك مع البعد الإقليمي، والبعد الدولي للصراع على لبنان. وهذا ما يفسّر أن لبنان لم يتمتع باستقرار سياسي فعلي حتى إبان سيطرة “المارونية السياسية”؛ فلبنان يعيش في خضم صراع إقليمي ودولي حول هويته ومساره المستقبلي، كما كان حال سورية في خمسينيات وبدايات ستينيات القرن العشرين [18].
وقد تعمّقت الاستقطابات الداخلية اللبنانية أكثر، وتزايدت التدخلات الإقليمية والدولية في لبنان، بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، في فبراير/شباط 2005، والذي أدى إلى تشكيل تحالف 8 آذار بقيادة حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، في مواجهة تحالف 14 آذار بقيادة سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وهو تحالف يدافع عن إبعاد لبنان عن النفوذ السوري، وتشكيل محكمة دولية للتحقيق في اغتيال رفيق الحريري؛ إذ تعاون هذا التحالف مع واشنطن لتقوية وضعه الداخلي في لبنان، وبعد عدوان إسرائيل على لبنان صيف 2006، حاول رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، مدعوماً بمواقف أميركا والسعودية ومصر والأردن استخدام قرار مجلس الأمن 1701، لنزع سلاح حزب الله وإضعاف تأثيره، لكن الحزب رفض أية إشارة لترسانته الحربية في إطار وقف تلك الحرب [19].
كما أدّى الانسحاب السوري من لبنان في أبريل/نيسان 2005، إلى تعميق المواجهة بين هذين الفريقين (تحالف 8 آذار وتحالف 14 آذار)، وزيادة التداخل بين السياستين الداخلية والخارجية في لبنان، وتأجيج المشاعر الطائفية، وتعاظم انكشاف لبنان أمام التدخلات الخارجية، ما جعل البلاد تعيش على حافة الحرب الأهلية نتيجة صراع الخصوم الإقليميين (إيران والسعودية أساساً) عبر أدوات محلية لبنانية، ما أسفر في المحصلة النهائية عن انتهاك سيادة لبنان وتآكل أية استقلالية في سياسته الخارجية، نتيجة التجاذبات الداخلية [20].
وعلى الرغم من حدوث متغيرات جديدة أثّرت على تماسك ذينك الفريقين أو التحالفين، فإن الانقسام والصراع بين حزب الله وحلفائه من جهة، وبين تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، لا يزال صالحاً جزئياً لتفسير خلاف الأطراف السياسية اللبنانية حول إجراء تحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت، وحول قرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري، الصادر في أغسطس/آب 2020.
ثالثاً- الزيارات إلى لبنان: “تضامن”، أم صراع نفوذ؟
1-كان لافتاً قيام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بزيارة بيروت، في 6 أغسطس/آب، أي بعد يومين فقط من انفجار بيروت. وعلى الرغم من مغزى الزيارة “التضامني”، فقد تحوّلت بسبب تصريحاته، إلى موضوع استقطابٍ لبناني آخر.
فقد وصف ماكرون الانفجار بأنه “صورة لأزمة لبنان الحالية”، وقال إن هناك حاجة إلى نظام سياسي جديد، وربط بين وصول التمويل إلى لبنان مع تنفيذ الإصلاحات أولاً، حتى لا تصل المساعدات إلى الفاسدين، وقال إنه سيتم الإعلان عن مؤتمر لمساعدة لبنان في الأيام المقبلة، ودعا إلى إجراء تحقيق دولي في الانفجار، “للحيلولة دون إخفاء الأمور ولمنع التشكيك” [21].
وأثناء جول ماكرون الميدانية على موقع الانفجار في بيروت، استقبله بعض اللبنانيين استقبالاً حافلاً، وطالبوه بإنقاذهم من الوضع الذي ينحدر بسرعة بفعل الانفجار، حتى أن 50 ألفاً وقعوا “عريضة” تدعو إلى عودة الانتداب الفرنسي إلى لبنان، في رسالةٍ غضب واضحة من موقّعيها إلى الطبقة السياسية الحاكمة، بأنهم يعتبرون العيش تحت الاحتلال، أهون من معيشتهم في الوضع الراهن في لبنان “المستقل” [22].
وبعد لقاء ماكرون مع ميشال عون، في القصر الجمهوري في بعبدا، صدر بيانٌ للرئاسة اللبنانية أوضح أن عون طلب صور الأقمار الصناعية الفرنسية، لكي تساعد في التحقيق في ملابسات الانفجار [23].
وسعياً من الرئيس الفرنسي في تنشيط سياسته الخارجية، في عدة أماكن، ربما تعويضاً عن ضعف أدائه الداخلي [24]، وظّف ماكرون زيارته إلى بيروت سياسياً، إذ عقد “اجتماعاً في قصر الصنوبر، حيث السفارة الفرنسية، ضمّ رؤساء جميع الكتل النيابية، وطرح فيه مبادرةً تقضي بتشكيل “حكومة وحدة وطنية” ضمن مهلة زمنية تنتهي في 1 أيلول/ سبتمبر 2020. واتسم الاجتماع برمزية سلبية وطنيّا؛ إذ يقف لبنان على عتبة الذكرى المئة لقيام الانتداب الفرنسي على دولة لبنان الكبير، وقد جرى الإعلان عنه من قصر الصنوبر نفسه” [25].
وقد أثارت زيارة ماكرون، تساؤلاتٍ كثيرة عن أهدافها الحقيقية وسياقها الإقليمي والدولي. وعلى الرغم من أن تحرّكه السريع، ربما لم يحظَ بدعم أميركي أو عربي واضح، يبدو أن باريس كانت تراهن على أن تجنيب لبنان حدّة الصراع في المنطقة، يحمل مصلحة لواشنطن أيضاً، خصوصاً إذا نجحت فرنسا في إقناع إيران، بعدم استخدام لبنان ساحةً للصراع مع أميركا أو إسرائيل، في هذه المرحلة الحرجة، سيما بعد انفجار مرفأ بيروت [26].
ويبدو أن حزب الله ارتأى أن العودة إلى “حكومة وحدة وطنية” يمكن أن تمنع انهيار لبنان الكليّ في الأسابيع الفاصلة عن الانتخابات الأميركية، وتمنع تشكيل لجنة تحقيق دولية في الانفجار، لأنه يعتبرها من أدوات الضغط عليه، رغم مطالبة قوى المعارضة بذلك، وكان أكثرها وضوحاً صوت الزعيم الدرزي وليد جنبلاط [27].
وذلك في مقابل اعتراض كلّ من حزب الله والرئيس عون على “التحقيق الدولي”، باعتباره ينتقص من “سيادة لبنان”، ورغبة الطرفين في استثمار حالة “التعاطف الدولي”، وتدفق المساعدات الإنسانية إلى البلاد، التي تعني ضمنياً تخفيف العزلة المفروضه على لبنان نتيجة سياسة العقوبات الأميركية ضد إيران وحزب الله وجبران باسيل، وما تزامن معها من اتهامات للحزب بالهيمنة الكاملة على لبنان بعد تشكيل حكومة حسان دياب.
وثمة من يرى أن من دوافع التحرك السريع لماكرون، ضلوع فرنسا في النزاع المستفحل في شرق المتوسط على الغاز والموانئ البحرية، بين تركيا واليونان ومصر، ومن ورائها الإمارات، ولذلك فإن باريس معنية بإعادة ملء الفراغ اللبناني في هذا السياق الإقليمي، فضلاً عن أن “معظم أضرار الانفجار، قد أصابت أحياء مسيحية في بيروت، تحتل القلب من العلاقة الفرنسية-اللبنانية تاريخيّاً. يضاف إلى ذلك خشية ماكرون من هجرة مسيحيي لبنان، بعد أن هاجر كثير من الأقليات ومنها المسيحية من عموم المشرق، بسبب التوترات التي شهدتها المنطقة خلال العقد الأخير” [28].
2- ضمن السياق الدولي، جاءت زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل إلى لبنان في 13/8/2020.
ويبدو واضحاً أنها جاءت في إطار الضغوط الأميركية على لبنان وحزب الله، وتوظيف الأوضاع الصعبة بعد انفجار المرفأ، لتحقيق عدة أهداف لواشنطن؛ أولها إجبار لبنان على ترسيم حدوده البحرية مع إسرائيل، بما يضمن التسليم بأطماع دولة الاحتلال في حقول الغاز اللبناني في البحر المتوسط [29]. وثانيها إعلان مشاركة الولايات المتحدة في التحقيقات بشأن الانفجار، عبر مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (FBI). وثالثها تشديد واشنطن على الإصلاحات المطلوبة من ساسة لبنان للحصول على المساعدات الدولية، سواء عبر اجتماعه بهم أو حديثه عن إجراء انتخابات نيابية مبكرة تمنح الناخب حق تقرير مصيره من جديد، أو تصريحه أثناء جولته الميدانية في مكان الانفجار بأن اللبنانيين لم يفقدوا ثقتهم بالمسؤولين فحسب، بل يريدون فرض أشد العقوبات بحقهم إلى حد تعليق المشانق لهم وإعدامهم [30].
على صعيد آخر، حاولت واشنطن (بتأييد من بريطانيا)، الضغط على مجلس الأمن الدولي لتغيير مهام القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان “يونيفيل”، أو خفض عددها وميزانيتها أو فترة عملها، بيد أن فرنسا، مدعومة من دول أخرى في مجلس الأمن، رفضت بصورة قاطعة الاستجابة لمطالب واشنطن [31].
3- زيارة وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، إلى لبنان في 12/8/2020، وتصريحه بأن لبنان يعيش أزمة سياسية واقتصادية خطيرة، ويحتاج إلى دعم قوي، وإلى إصلاحات اقتصادية بعيدة المدى [32].
وأضاف أن بلاده ستقدم المساعدات مباشرة إلى المتضررين، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، لكن المطلوب أولاً إجراء إصلاحات أساسية لمكافحة سوء الإدارة والفساد، بجانب الإصلاحات الاقتصادية حتى يصبح لبنان مثيراً للاهتمام وآمناً قانونياً للحضور والاستثمار فيه. ولهذا السبب كان صواباً أن مؤتمر المانحين، ربط جميع المساعدات في المديين المتوسط والطويل بالإصلاحات، على خلاف المساعدات الطارئة للتعامل مع الانفجار الكارثي [33].
وكانت ألمانيا تعهدت، في مؤتمر المانحين، الذي نظّمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالشراكة مع الأمم المتحدة عبر تقنية الفيديو في 9 أغسطس/آب 2020، التبرع ب 10 ملايين دولار لإغاثة لبنان، كما أعلنت بريطانيا أنها ستقدم 20 مليون جنيه إسترليني (26 مليون دولار)، وأعلن الاتحاد الأوروبي دعماً إضافياً للبنان بقيمة 30 مليون يورو، ستقدم لمؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية [34].
وربما يمكن القول إن الدور الألماني يزداد حضوراً في العالم العربي، عبر توسيع هامش حركته الدبلوماسية وانخراط برلين بصورة أكبر في مهام الوساطة وحل النزاعات وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية؛ إذ يستفيد هذه الدور من عدة عوامل ذاتية وموضوعية، بدايةً من قيادة المستشارة أنجيلا ميركل، مروراً بـ”التراجعات الهيكلية” في السياسات الأوروبية تجاه الشرق الأوسط، وليس انتهاءً بتميز المقاربة الألمانية، في معالجة تداعيات جائحة كورونا، مقارنةً بدول أخرى.
4- زار نائب الرئيس التركي، فؤاد أُقطاي، برفقة وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو، على رأس وفد تركي لبنان في 8 أغسطس/آب، وقاموا بجولة تفقدية في مكان الانفجار بالعاصمة بيروت.
وصرح أُقطاي بأن زيارته إلى لبنان تعد بمثابة “شيك مفتوح” لتقديم شتى أنواع المساعدات لأبناء الشعب اللبناني الشقيق، فقد “أبلغنا المسؤولون اللبنانيون بوجود حاجة ماسة لمستلزمات البناء وخاصةً الزجاج، وأعربنا عن استعدادنا لتقديم الدعم اللازم في هذا الإطار، وأن تركيا ستكون بجانب لبنان “حتى عودة مرفأ بيروت إلى نشاطه الطبيعي” [35].
كما أبلغ أُقطاي الرئيسَ عون عقب اجتماعهما بأن “جميع مستشفيات تركيا وطائراتها الإسعافية ستكون في خدمة لبنان، لمعالجة المصابين في الانفجار، كما أن”أنقرة مستعدة لتزويد لبنان بكل مستلزمات البناء لإعادة إعمار المنازل المتضررة من الانفجار، وبشأن مستشفى الحروق والطوارئ الذي تقوم تركيا على إنشائه في مدينة صيدا، فإن أنقرة مستعدة للبدء في تشغيله، على الرغم من عدم اكتماله [36].
كما أعلن استعداد تركيا للمشاركة في إعادة إعمار مرفأ بيروت، واستعدادها (عبر ميناء مرسين التركي القريب من لبنان) لاستقبال الفعاليات التجارية اللبنانية إلى حين إعادة إعمار المرفأ المدمّر، ومن ثم نقل السلع والبضائع بواسطة بواخر صغيرة إلى الموانئ اللبنانية الأخرى [37].
وإضافة إلى ذلك، أطلق الهلال الأحمر التركي حملة إغاثية، اسمها “مُدَّ يدك لبيروت الجريحة”، لمساعدة المتضررين من الانفجار، كما وصلت فرق الهلال، بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني، أعمال البحث والإنقاذ في مكان الانفجار [38].
5- كما قام وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بزيارة بيروت في 11/8/2020. وصرح بأن هناك توجيهات بضرورة العمل الوثيق من خلال الأجهزة المصرية لتلبية احتياجات وأولويات لبنان، بالتنسيق مع الأجهزة اللبنانية [39].
وأضاف شكري، أن تراكمات أدت إلى الكثير من المعاناة في لبنان، مشدداً على أهمية تقدم لبنان واستقراره والحفاظ على سيادته، مع ضرورة العمل على الأولويات الخاصة بالشعب اللبناني، ومواجهة التحديات الإنسانية واحتياجات الإعمار، والخروج بإطار سياسى يستطيع أن يواجه هذه الأزمة بشكل يضمن الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته، ويعفيه من التجاذبات الإقليمية التي وقعت خلال الفترة الماضية [40].
وقد أبرزت إحدى الصحف أن برنامج زيارة شكري لم يتضمن لقاء جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر، وأنه اكتفى بلقاء الرئيس عون، وأبلغه استعداد القاهرة للمشاركة في التحقيق في انفجار المرفأ، وتحدث عن ضرورة اعتماد رؤية جديدة، والاستفادة من اليد المفتوحة عربياً ودولياً لمساعدة لبنان، وقال إن “المساعدات ستبقى في إطارها الإنساني؛ لأن توفير الدعم الاقتصادي والمالي في حاجة إلى إجراءات كبيرة، أولها الإصلاحات. وشدد على أن هناك ضرورة لاستعادة الحاضنة العربية للبنان، وهذا يتطلب الوقوف في وجه التدخلات غير العربية في الملف اللبناني؛ لأن هناك ضرورة لخروج لبنان من عزلته، ودعا إلى التزام لبنان سياسة النأي بالنفس، وعدم إلحاقه بسياسة المحاور أو التجاذبات الخارجية. ورأى أن هناك ضرورة لتقويم التجارب السابقة التي مرت فيها الحكومات، بغية استخلاص العبر؛ لأن لبنان لم يعد يحتمل استنساخ هذه التجارب التي كانت وراء الانهيار الاقتصادي والمالي [41].
أما على صعيد التحليل، فإن زيارة شكري قد لا تعني بالضرورة دوراً مصرياً إقليمياً فاعلاً، إذ يعاني دور القاهرة وجامعة الدول العربية، والأدوار العربية عموماً، تراجعا واضحا في أغلب دول المشرق العربي [42]، ناهيك عن غياب “المشروع العربي” وافتقاد الرؤية الاستراتيجية وقصور الأدوات العربية في مواجهة الأدوار الإسرائيلية والإيرانية والتركية، فضلاً عن أزمات مصر مع إثيوبيا حول سد النهضة، هذا رغم إصرار بعض التحليلات على أهمية زيارة أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وسامح شكري إلى لبنان للتعبير عن التضامن بعد نكبة بيروت [43].
6- بخلاف التعبير عن “التضامن الإنساني” أو الدبلوماسي مع لبنان في محنته، لوحظ غياب الدور السعودي المعتاد في لبنان، ربما بتأثير تخبط سياسة الرياض تجاه لبنان بعد واقعة إجبار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 [44]، على الرغم من قيام “مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية” بمساندة الطواقم الطبية اللبنانية في إسعاف المتضررين من الانفجار، عبر الجمعيات وفرق الإسعاف الطبية، التي يمولها مركز الملك سلمان في لبنان، خصوصاً “جمعية سبل السلام”، و”مركز الأمل الطبي” [45].
7- في المقابل، برزت دبلوماسية قطر في مساندة لبنان؛ إذ قام نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بزيارة بيروت في 25/8/2020، استهلها بلقاء الرئيس عون على رأس وفدٍ لتنسيق عمليات الإغاثة بعد الانفجار، ثم عقد لقاءات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ونظيره اللبناني شربل وهبة، ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري [46].
كما زار آل ثاني المستشفيين الميدانيين القطريين في مستشفيي الروم والجعيتاوي في بيروت، وتفقّد موقع الانفجار، وقال إن “قطر سوف تساعد لبنان على تجاوز المحنة، وتساهم في رفع الأضرار وتلبية الحاجات الملحّة للعائلات المتضررة، في ضوء خطتين إحداهما قصيرة المدى لمعالجة الأضرار الفورية، وأخرى طويلة الأمد لدعم لبنان وشعبه. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت قطر ستلعب دوراً في حلّ الأزمة السياسية في لبنان، قال وزير الخارجية “نحن نتمنّى أن تحل الأزمة السياسية بين الأطراف اللبنانية، وقطر ستدعم أي جهود تجاه الوحدة الوطنية، ونتمنى من أشقائنا في لبنان والأحزاب السياسية المختلفة أن يضعوا مصلحة الشعب اللبناني في صميم التفاهمات وأن تكون بعيدة من كافة الضغوطات الخارجية” [47].
ومن الناحية التحليلية، وعلى الرغم من وجود عقبات عربية حقيقية أمام قطر، خصوصا بعد حصارها منتصف عام 2017، فلربما لا تزال تملك بعضاً من أوراق النفوذ والتأثير في لبنان، خصوصاً مع استنكاف الدول العربية الكبيرة مثل مصر أو السعودية عن أداء أدوار نشطة، وأيضا استناداً إلى سياسة قطر الخارجية ودبلوماسيتها النشيطة في الوساطات وحل النزاعات وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، مثلما فعلت إبان حصولها على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي بداية يناير/كانون الثاني 2006؛ إذ حاول وزير الخارجية حمد بن جاسم آل ثاني وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان صيف 2006، كما نجحت الدوحة في التوسط بين الفرقاء اللبنانيين بعد أحداث 7 مايو/أيار 2008، للتوصل إلى اتفاق سياسي جاء بسعد الحريري رئيساً للوزراء [48].
8- في إطار الدور الإيراني، جاءت زيارة وزير الخارجية جواد ظريف إلى لبنان في 13/8/2020، بعد إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني استعداد بلاده للمشاركة في إعادة إعمار مرفأ بيروت [49].
وقد تكون أهم دلالات زيارة ظريف تتلخص في تصريحه أنه “لا ينبغي لأي طرف أجنبي استغلال الحالة المأساوية والحاجات الضرورية للبنان، وفرض إملاءات تنسجم مع مصالحه وتوجهاته؛ فإيران “تعتقد بأن لبنان، بحكومته وشعبه، مؤهل ليتخذ القرارات المصيرية بشأن مستقبله، والخيارات التي يريد أن ينتهجها في المرحلة المقبلة ومنها موضوع تشكيل الحكومة الجديدة”. وأكد ظريف، أن حكومة بلاده والشركات الإيرانية “لديها الاستعداد للانفتاح والتعاون مع لبنان في مجالات: الصحة، والدواء، والكهرباء، وإعادة البناء، والإعمار، وكافة المجالات الحيوية خلال هذه المرحلة”[50].
رابعاً- التوظيف الإسرائيلي لانفجار بيروت
لا يمكن إغفال أدوار الفاعل الإسرائيلي الخطرة في لبنان والعالم العربي إجمالاً، وسعي دولة الاحتلال الدؤوب لتوظيف واستغلال المواقف الدولية والعربية ضد حزب الله، في أعقاب الانفجار بمرفأ بيروت، فضلاً عن السياسة الإسرائيلية الثابتة بتوظيف مواطن ضعف العالم العربي وانخراط بعض دوله في التطبيع مع إسرائيل، وآخرها الإمارات العربية المتحدة، في خدمة المصالح الأمنية والاستراتيجية لدولة الاحتلال [51].
وفي هذا السياق، وأثناء مداولات مجلس الأمن الدولي بشأن قوة اليونيفيل، قام وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي (في 12/8/2020) ، بجولة على الحدود مع لبنان بمشاركة 12 سفيراً وممثلاً دبلوماسياً من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، وكثّف من دعايته السياسية وتحريضه ضد حزب الله، الذي” يستخدم مئات البيوت في جنوب لبنان كمخازن أسلحة، ومعلوم أنها تحتوي كميات هائلة من المتفجرات التي يمكن أن تنفجر وتحدث أضراراً خطيرة، وبعد انفجار بيروت، لا يجوز السماح بتكرار المأساة” [52].
وأضاف أشكنازي “لا يمكن لإسرائيل أن تبقى لا مبالية إزاء محاولات حزب الله استهداف سيادتها على أراضيها في الحدود الشمالية ومواطنيها. فهو يعمل في مناطق مأهولة بالسكان ويستخدم مواطني لبنان دروعاً بشرية، مثلما شاهدنا في الحدث المؤسف الذي قتل فيه مئات المواطنين الأبرياء في بيروت؛ فانعدام الاستقرار السياسي في لبنان يسمح للحزب بالسيطرة عملياً على الدولة كلها؛ سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. وهو يفعل ذلك في خدمة إيران، التي تأخذ دولة لبنان رهينة بواسطة الحزب الله. ولذلك فإن إسرائيل تدعم بالكامل المقترح الأميركي بتمديد حظر الأسلحة على إيران، وترى فيه ضرورة حيوية لمواجهة العدوانية الإيرانية في الشرق الأوسط، ودعمها الإرهاب وتقويض الاستقرار الإقليمي، وهذه ليست مصلحة إسرائيلية فحسب؛ بل مصلحة وواجب أخلاقي لجميع دول العالم” [53].
خلاصة
1-بسبب تداعيات انفجار مرفأ بيروت، والصراعات الداخلية قبله وبعده، تحولت الأراضي اللبنانية، إلى ملعب وساحة للصراعات بالوكالة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، خصوصاً من واشنطن في مواجهة إيران ونفوذها الإقليمي.
وهذا يؤكد أن الزيارات الدولية والإقليمية إلى لبنان بعد الانفجار، لم تكن بهدف التضامن، بل هي تعبير صريح عن صراع النفوذ الدولي والإقليمي على البلد. وهو ما يتجاوز في دلالته الحالة اللبنانية، ليشمل عدة دول أخرى، مثل ليبيا وسورية والعراق.
وقد يعني ذلك، أن أزمات لبنان تتزايد بلا حلول في المدى المنظور.
2- بعد الانفجار، يمكن رصد تصاعد البعد الدولي في الصراع على لبنان، بهدف التضييق على حزب الله والتيار الوطني الحر، في حين يتراجع، ولو مؤقتاً، الدور الإيراني، بعد أن أنهكت طهران نفسها في مواجهة الثورة السورية، وظهر ضعف قدرتها على مواجهة تداعيات جائحة كورونا في إيران، خصوصاً بعد اتباع واشنطن سياسة الضغط الأقصى، وتشديد العقوبات الأميركية سواء على إيران أو نظام بشار الأسد أو حزب الله، ويبدو أن سياسة دونالد ترامب قد بلغت ذروتها في هذا الصدد، باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني مطلع يناير/كانون الثاني 2020.
3- مع وجود استثناء جزئي يتعلق بقطر والكويت، ثمة تقاعس عربي رسمي عن مساعدة لبنان، حتى على الصعيدين الإغاثي والإنساني.
وهذا يؤكد تآكل البعد العربي في تقرير مصير العالم العربي، سيما دور مصر والسعودية، في ظل هيمنة سياسات ثلاثي القاهرة الرياض أبوظبي على الجامعة العربية، وسعي هذه الدول الثلاث إلى مزيد من الالتحاق بسياسات المحور الأميركي الإسرائيلي، في تخريب الثورات العربية وتفكيك دول العالم العربي عموماً، من العراق إلى سورية إلى اليمن إلى السودان إلى ليبيا.. إلخ.
والمسألة هنا لا تتعلق بتأخر المساعدات العربية الرسمية إلى لبنان، بقدر ما تتعلق بغياب “المشروع العربي” وافتقاد الرؤية الاستراتيجية وقصور الأدوات العربية في مواجهة الأدوار الإقليمية والدولية في البلدان العربية.
سيناريوهات مستقبلية
1-السيناريو المرجّح: استمرار حكومة حسان دياب في تصريف الأعمال، لوقت طويل، أي استمرار الوضع الراهن، واحتمال وقوع كوارث أخرى في لبنان، ربما تؤدي إلى حراك جديد للشارع اللبناني، لكن دون توقع نتيجة سريعة بشأن تغيير منطق المحاصصات والأساس الطائفي للنظام اللبناني.
2- سيناريو محتمل: تأجيل تشكيل الحكومة اللبنانية إلى ما بعد الانتخابات الأميركية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مع احتمال حدوث تغيير جزئي في سياسات واشنطن في الشرق الأوسط، خصوصاً إزاء إيران، إذا فاز الديمقراطيون بالرئاسة.
3- سيناريو متوسط الاحتمال: ترشيح شخصية مقبولة من حزب الله وتيار المستقبل لرئاسة الحكومة، لتقطيع هذه الأسابيع قبل الانتخابات الأميركية، ولضمان تدفق المساعدات الدولية إلى لبنان.
مع استبعاد أن يأتي سعد الحريري على رأس الحكومة، بسبب اعتراضات لبنانية داخلية، وفيتو سعودي على شخصه.
4- السيناريو الأسوأ: (وهو غير مستبعد) حدوث فوضى إقليمية تشمل عدة دول عربية، وعلى رأسها لبنان، ما يفتح الباب أمام التوظيفات الإسرائيلية وتمدد دورها الإقليمي، وربما تحسين وضعها في مواجهة إيران وحلفائها في الشرق الأوسط.
ويشير باحثون إلى ما تمرُّ به المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط من حالة عدم استقرار متصاعد وصراعات إقليمية بين محاور مختلفة؛ إذ تتزايد الأزمات في محور علاقات الدولة– المجتمع، وتتفاقم المخاطر والتهديدات بمختلف أنواعها ومستوياتها، وصولاً إلى اهتزاز بعض كيانات الدول العربية ودخولها مستويات متنوعة من الحروب الأهلية والصراعات الداخلية تحت شعارات “مكافحة الإرهاب”، فضلاً عن تنامي الضغوط والتدخلات الخارجية الدولية والإقليمية في العالم العربي في إطار توسيع نطاق “الحرب على الإرهاب”، ما فاقم في المحصلة الإجمالية من أوجه القصور الداخلي العربي، وأدى إلى انعكاسات خطيرة على كيانات هذه الدول واستقرارها الهش [54].
ولعل أحد أكبر مخاطر هذا السيناريو هو صعوبة التنبؤ بمآلاته وتداعياته على كيانات الدول العربية نفسها، في ظل نظام إقليمي يمرُّ بمرحلة انتقالية خطيرة.
[1]– Editorial, “Could the Beirut Explosion Be a Turning Point for Lebanon?”, The New York Times, Aug. 12, 2020. https://nyti.ms/3aSSC3H
[2] – مهند الحاج علي، “المرفأ فجّر نفسه”، المدن 17/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3aVmU5D
[3] – “لبنان: استقالة وزيرة العدل ماري كلود نجم من حكومة دياب”، مونت كارلو الدولية 10/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3aW3tKd
[4] -“استقالة ناصيف حتي من منصب وزير خارجية لبنان وتعيين شربل وهبة خلفاً له”، بي بي سي عربي 3/8/2020. على الرابط:
https://bbc.in/2Qramts
[5] – “استقالة الحكومة.. مشروع انقسام جديد في الشارع اللبناني”، الجزيرة نت 10/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3gAeYrD
[6] – وحدة الدراسات السياسية، “أين تتجه الأزمة السياسية في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت؟”، تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 17/8/2020. على الرابط:
[7] – “استقالة الحكومة.. مشروع انقسام جديد في الشارع اللبناني”، الجزيرة نت، مصدر سابق.
[8] – Jared Malsin and Nazih Osseiran, “Lebanon Seeks to Fill Power Vacuum Amid Worst Crisis in Decades”, The Wall Street Journal, Aug. 11, 2020. https://on.wsj.com/3kHm69e
[9] – ريتا الجمّال، “لبنان: بري يقود عجلة المشاورات لتعبيد طريق الحريري لرئاسة الحكومة”، العربي الجديد 21/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3l9vTF1
[10] – “الحريري: لا تتداولوا اسمي فلست مرشحاً لرئاسة الحكومة”، الشرق الأوسط 26/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2YADVwZ
[11] – المصدر نفسه.
[12] – وحدة الدراسات السياسية، “أين تتجه الأزمة السياسية في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت؟”، مصدر سابق.
[13] – المصدر نفسه.
[14] – المصدر نفسه.
[15] – “الراعي يدعو إلى مداهمة مخازن السلاح “غير الشرعي”، تنامي التباعد مع حزب الله، ولا اتصالات معلنة منذ طرحه ملف الحياد”، الشرق الأوسط 24/8/2020. على الرابط:
[16] – سعد الياس، “لبنان.. اتهام غير مسبوق لبطريرك الموارنة بالتماهي مع العدو الإسرائيلي ودعايته حول مخازن الأسلحة”، القدس العربي 25/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3hmQBz3
[17] – عدنان السيد حسين، “الحالة اللبنانية”، في: نيفين مسعد (محرر ومنسق)، كيف يصنع القرار في الأنظمة العربية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، يوليو/ تموز 2010، ص 407- 409.
[18] – انظر: مصطفى الحسيني، “جذور الأزمة اللبنانية وتعقيداتها”، شؤون عربية، العدد 133، ربيع 2008، ص140-149.
[19] –
Bassel F. Salloukh, “The Art of The Impossible” The Foreign Policy of Lebanon”, in: Bahgat Korany and Ali E. Hilal Dessouki (Edit), The Foreign Policies of Arab States: The Challenge of Globalization, Cairo: The American University in Cairo Press, 2008, p. 308- 309.
[20] – Ibid.
[21] – “إنفجار بيروت: إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي يدعو إلى “تغيير عميق” في لبنان”، بي بي سي عربي 6/8/2020. على الرابط:
https://bbc.in/3jinWvK
[22] – “انفجار بيروت: دلالات زيارة ماكرون و”مطلب عودة الانتداب الفرنسي للبنان”، بي بي سي عربي 7/8/2020. على الرابط:
https://bbc.in/3hx62EP
[23] – “عون يطالب ماكرون بصور المرفأ.. ومواقف مثيرة بزيارته”، عربي 21، 6/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3lgFPwu
[24] – سلام الكواكبي، “صيف ساخن للدبلوماسية الفرنسية”، العربي الجديد 23/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2CTks34
[25] – وحدة الدراسات السياسية، “أين تتجه الأزمة السياسية في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت؟”، مصدر سابق.
[26] – رلى موفّق، “انفجار العصر” أَغرق لبنان في “غموض بنّاء” وخلط الأوراق!”، القدس العربي 9/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2XK4H5Q
[27] – المصدر نفسه.
[28] – شفيق شقير، “لبنان ما بعد انفجار بيروت: تحديات النهوض وضرورات التوافق”، تقارير، مركز الجزيرة للدراسات 13/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/31SRtos
[29] – لمزيد من التفاصيل عن إسرائيل وغاز شرق المتوسط، راجع المصادر الآتية:
-وليد خدوري، “اكتشافات الغاز الإسرائيلية: التوقعات والعقبات”، الدراسات الفلسطينية، العدد 82، ربيع 2010، ص 64- 69.
-كمال ديب، لعنة قايين: حروب الغاز من روسيا وقطر إلى سورية ولبنان، بيروت: دار الفارابي، 2018، ص 203- 237.
-علي حسين باكير، “النزاع على الغاز في شرق المتوسط ومخاطر الاشتباك”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 22/4/2018. على الرابط:
https://bit.ly/2ZafhT8
-رامي الجندي، “إسرائيل وغاز شرق المتوسط: دبلوماسية الطاقة”، تقارير، المعهد المصري للدراسات 1/6/2018. على الرابط:
https://bit.ly/35Km9Jl
[30] – ريتا الجمّال، “زيارة هيل إلى لبنان: ترسيم الحدود البحرية طريق للصفقة”، العربي الجديد 14/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2EHKAhL
[31] – “خلافات فرنسية ـ أميركية في مجلس الأمن حول دور “اليونيفيل”، “الشرق الأوسط” تنشر تفاصيل موقف باريس من القوة الدولية في جنوب لبنان”، الشرق الأوسط 13/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3kIh5NF
[32] – شادي عاكوم، “وزير الخارجية الألماني في بيروت: لبنان بحاجة لإصلاحات والمساعدات ستصل إلى المتضررين مباشرة”، العربي الجديد 12/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2XTPv61
[33] – المصدر نفسه.
[34] – “مؤتمر المانحين يتعهد بتقديم 300 مليون دولار مساعدات عاجلة للشعب اللبناني عبر الأمم المتحدة”، الجزيرة نت 9/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3gpWt9t
[35] – “نائب الرئيس التركي: زيارة لبنان بمثابة “شيك مفتوح” لمساعدة أشقائنا”، TRTعربي 8/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3liyFrK
[36] – المصدر نفسه.
[37] – المصدر نفسه.
[38] – المصدر نفسه.
[39] – “سامح شكرى من بيروت: حريصون على تلبية احتياجات وأولويات لبنان، اليوم السابع 11/8/2020.
https://bit.ly/2YFsrIF
[40] – المصدر نفسه.
[41] – “عون اقترح “حكومة أقطاب” لـتعويم باسيل… وقوبل بالرفض، شكري يدعو إلى “وقف التدخلات غير العربية” في لبنان”، الشرق الأوسط 13/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2XS3RnF
[42] – راجع: أحمد يوسف أحمد، “تآكل الدور المصري في النظام العربي، الدراسات الفلسطينية، العدد 71، صيف 2007، ص 59- 69.
[43] – راجع المصدرين الآتيين:
-عماد الدين حسين، “شكرى وأبوالغيط فى بيروت”، الشروق (مصر) 16/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3iRIRWh
-عماد الدين حسين، “الجامعة العربية ولبنان.. وحجم التأثير”، الشروق (مصر) 24/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/31lOKF8
[44] – لمزيد من التفاصيل راجع: زياد ماجد، “العلاقات اللبنانية-السعودية وتأثيراتها على المشهد السياسي اللبناني”، تقارير، مركز الجزيرة للدراسات 7/2/2018. على الرابط:
https://bit.ly/2FW8WVL
[45] – “السعودية تساعد في إسعاف المتضررين من انفجار بيروت، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية”، الشرق الأوسط أونلاين 5/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2YE9c28
[46] – ريتا الجمّال، “وزير الخارجية القطري من بيروت: نأمل وضع مصلحة الشعب في صميم الإصلاحات”، العربي الجديد 25/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3jezgc3
[47] – المصدر نفسه.
[48] – لمزيد من التفاصيل راجع المصادر الآتية:
-خالد الحروب، “الطريق الثالث بين الاعتدال والممانعة في السياسة العربية”، شؤون عربية، العدد 134، صيف 2008، ص 14- 23.
-عزمي بشارة، سورية: درب الآلام نحو الحرية: محاولة في التاريخ الراهن، بيروت والدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013، ص 551- 553.
-جمال عبد الله، السياسة الخارجية لدولة قطر (1995- 2013): روافعها واستراتيجياتها، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، والدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، 2014، ص 188- 192.
[49] – “ظريف يصل إلى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين”، الميادين نت 13/8/2020.
https://bit.ly/3gyFTnG
[50] – “ظريف: لا ينبغي لأي طرف أجنبي فرض إملاءاته على لبنان”، وكالة الأناضول 14/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/2Em8qQH
[51] – للمزيد من التفاصيل، راجع المصادر الآتية:
-أحمد سعيد نوفل، دور إسرائيل في تفتيت الوطن العربي، بيروت: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2007.
-أمجد أحمد جبريل، “السياسة الإسرائيلية تجاه العالم الإسلامي عام 2008″، في: أمتي في العالم، القاهرة: مركز الحضارة للدراسات السياسية، 2009، ج2، ص 737-768.
-صالح النعامي، “العقل الاستراتيجي الإسرائيلي: قراءة في الثورات العربية واستشراف لمآلاتها”، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، وبيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، أوراق الجزيرة (30)، 2013.
-أمجد أحمد جبريل، “السياسة الإسرائيلية تجاه الثورات العربية: سورية نموذجًا”، شؤون عربية، العدد 154، صيف 2013، ص 123- 133.
-يوسف نصر الله، دومينو الصراعات.. تحولات البيئة الاستراتيجية في الشرق الأوسط، بيروت: مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية، 2019.
[52] – نذير رضا، “لبنان يترقب طرح هيل في خصوص ترسيم الحدود مع إسرائيل”، الشرق الأوسط 13/8/2020. على الرابط:
https://bit.ly/3amxouA
[53] – المصدر نفسه.
[54] – راجع على سبيل المثال المصادر الآتية:
-أمجد أحمد جبريل، “اتجاهات وإمكانات إعادة الاستقرار إلى العالم العربي”، دراسات شرق أوسطية، العدد 76، صيف 2016، ص 41 – 65.
– حسن نافعة، “التحولات السياسية في المشرق العربي في 2018″، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 8/2/2018. على الرابط:
https://goo.gl/EL6Uo1
-حامد عبد الماجد قويسي، “دور الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في موجة التغيير القادمة بالمنطقة العربية”، تقارير، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات 4/6/2018. على الرابط:
https://goo.gl/82f6xk