دفاتر مصرية – يناير/كانون الثاني 2022

د. أحمد حسين بكر - محمد عبدالعاطي

دفاتر مصرية – يناير/كانون الثاني 2022

المحتويات

مقدمة

الدفتر السياسي

الدفتر الاقتصادي

الدفتر التشريعي

الدفتر الفكري والثقافي

الدفتر الإعلامي


مقدمة

يحتوي تقرير «دفاتر مصرية»، عن شهر يناير/كانون الثاني 2022، على أهم الأحداث التي شهدتها مصر في مختلف المجالات.

فعلى الصعيد السياسي، كان الحدث الأبرز هو منتدى شباب العالم، الذي يحرص النظام على إقامته والإنفاق عليه ببذخ شديد لتلميع صورته أمام الغرب، ويستغله رأس النظام في إرسال رسائل إلى جهات إقليمية ودولية يتوجس منها بسبب سياساته وملفه الحقوقي المكدس بالانتهاكات. هذا بالإضافة إلى زيارة السيسي للإمارات التي لم تفلح في إخقاء ما بين البلدين من فتور في الفترة الماضية، وصفقة الأسلحة الأمريكية لمصر، التي تتعارض مع تعهدات الرئيس جو بايدن حول العلاقات مع المستبدين ومواجهة انتهاكاتهم لحقوق الإنسان.

واقتصاديًّا، يتناول التقرير بالتحليل بيانات ميزان المدفوعات لمصر خلال الربع الأول من عام 2021/2022، وتراجع صافي أصول البنوك من النقد الأجنبي، ويرصد توجّه الحكومة في الإسراع بعمليات الخصخصة في ظل غياب إستراتيجية واضحة للبديل.

وفيما يخص الجانب التشريعي، يرصد التقرير أهم القوانين التي وافق عليه مجلس النواب خلال الشهر الماضي، والتي تتناول العديد من المجالات، منها الطاقة والسياسة المالية وتنظيم بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية.

أما الدقتر الفكري والثقافي فقد احتوى على موضوعين: أولهما عن أخبار تمَّ تداولها عن سحب كتب لنجيب محفوظ من مكتبات تابعة لوزارة الثقافة المصرية، وهو ما يتزامن مع معرض الكتاب، ويُذكّر بسياسة النظام المعادية لحرية التعبير. وثانيهما عن محاولات تطبيع الرذيلة والانحلال الأخلاقي في المجتمع المصري من خلال الأعمال السينمائية.

وأخيرًا، استعرض الدفتر الإعلامي ما أثير في الإعلام المصري حول وفاة شخصيّات مقربة من النظام، ورد فعل المتابعين على وفاتهم، خاصة وأنهم ممن أيّدوا القتل والتنكيل بالشعب المصري. بالإضافة إلى التناول الإعلامي لذكرى ثورة يناير التي اجتهد النظام وأتباعه في تشوييها.

شهدت مصر في يناير/كانون الثاني 2022 العديد من الأحداث السياسية المهمة، والتي وجّه النظام الحاكم من خلالها العديد من الرسائل إلى الداخل والخارج، وترتبط كلها بملف حقوق الإنسان الذي صار يؤرق النظام الانقلابي في مصر، وطلب المساعدات من الآخرين، وذلك من خلال إعادة تذكير القوى الإقليمية والدولية بأهمية بقاء النظام الحالي وضرورة المحافظة عليه ودعمه بشتى الطرق، والتغاضي عن انتهاكاته، حتى لا يؤدى سقوطه إلى الإضرار بمصالحها.

أقيمت فعاليات منتدى شباب العالم في شرم الشيخ، في الفترة من 10 إلى 13 يناير 2022، وهي النسخة الرابعة من المنتدى الذي يستضيف 5 آلاف شاب وفتاة من حوالي 200 دولة، ممن لهم صلة بالترويج لنظام الحكم المصري في الخارج، أو ترشحهم أنظمتهم بالتبادل مع مصر ليشاركوا في المناقشات ويثنوا على نظام السيسي الذي يسخر كل أجهزة الدولة لتنظيم المنتدى، ويتحمل نفقات سفرهم وإقامتهم ومصاريفهم وضيافتهم في أفخم الفنادق المصرية، في وقتٍ يدعي فيه رأس النظام أن مصر دولة فقيرة ولا تجد ما تنفقه على فقرائها.

يستغل قائد الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، المنتدى للدعاية لنظامه، على حساب الأموال العامّة التي ينفق منها ببذخ شديد لتلميع صورته أمام العالم، متجاهلًا احتياجات المصريين الذين يعانون من تخفيض الدعم وزيادة الضرائب وارتفاع رسوم الخدمات وركود الأجور وارتفاع الأسعار وزيادة نسبة البطالة.

وكما هي عادته في كل تجمّع، استغل السيسي المنتدى في إرسال رسائل عديدة إلى الداخل والخارج، كان أبرزها حديثه عن استعداده للرحيل، ورؤيته لحقوق الإنسان، والتدخلات الخارجية، وضرورة وقوف الدول الكبرى مع نظامه.

فخلال لقائه مع الصحفيين الأجانب على هامش فعاليات المنتدى، قال السيسي إنه على استعداد لإجراء انتخابات رئاسية بشكل سنوي بشرط ألا يتحمل النظام تكاليف إجرائها. وأضاف: “مش اختيار الناس وإرادتها هي المعيار؟ إرادة الناس في مصر هي المعيار، ولو الناس مش عايزاني.. أمشي علطول وييجي حد تاني، غير كده تبقى محاولات للإساءة وتشويه شكل الدولة، بندير سياساتنا بمنتهى التوازن والاعتدال في الدنيا”[1].

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها السيسي عن الرحيل في حالة وجود رغبة شعبية، فقد سبق وأن اقسم بالله ثلاثًا على أنه “لو المصريين مش عاوزيني، ما هقعد ثانية في المكان ده”، ثم قام باعتقال كل مَن يفكر في تقديم نفسه كبديل له أو يتقدم للانتخابات الرئاسية الهزلية التي أجريت.

وكعادة المصريين بعد كل حديث للسيسي عن الرحيل، أطلق النشطاء ومستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية تحت عنوان «إرحل يا سيسي»، وسرعان ما أصبح الهاشتاغ على قائمة الوسوم الأعلى تداولًا لأكثر من يوم، كما تصدر الوسم «#هنولع_فيك_ياسيسي» أيضًا قائمة الوسوم الأعلى تداولًا في مصر بعد أن استخدمه المغردون والمدونون في التعبير عن الغضب من سياسات قائد الانقلاب والمطالبة برحيله عن الحُكم[2].

ولعل السيسي يتحسّب بحديثه عن الرحيل لموجة جديدة من الحِراك الشعبي قد تندلع بسبب الاختناق السياسي والتدهور المعيشي، وهو ما قد يدفع المؤسسة العسكرية وداعميها من الخارج إلى تبني صيغة لتغيير النظام من داخله، تقوم على رحيل السيسي وعدد من أركان حكمه، لتهدئة الشارع المصري والمحافظة على سيطرة العسكر على الدولة، خاصّة وأن الفترة الماضية قد شهدت تزايد الحديث عن وجود صراع أجنحة داخل النظام، وأن السيسي يتوجس مما يمكن أن يحدث في الفترة القادمة.

وفي مداخلة له بجلسةٍ نفذت نموذجًا يُحاكي مجلس حقوق الإنسان الدولي بالأمم المتحدة، رد السيسي بغضب على انتقادات حقوقية للنظام المصري، وجهتها ممثلة تحالف البحر المتوسط، التي أعربت عن قلقها من حالات الاعتقال التعسفي والإختفاء القسري وقمع المجتمع المدني والانتهاكات التي يتعرض لها السجناء، نافيًا أن يكون هذا هو الواقع في مصر، واعتبر هذه الانتقادات شكلًا من أشكال الإساءة للدولة المصرية، سواء كانت بقصد أو بدون قصد[3].

كانت مداخلة الفتاة صادمة للسيسي ومنظمي المنتدى الذي يقام لتلميع صورة النظام أمام الخارج الذي تزايدت انتقاداته للملف الحقوقي في مصر، ولهذا فقد وصف كلامها بأنه “قاس جدًّا”، وأعاد التذكير بمفهومه لحقوق الإنسان، والذي يتجاوز حرية التعبير والممارسة السياسية، ويُقحِم الحقوق الأصيلة التي ينبغي على الدولة توفيرها للمواطن في هذه الحقوق، مثل توفير العمل والسكن والخدمات الصحية والتعليم.

وكرر السيسي ضمن فعاليات المنتدى الحديث عن “التدخلات الخارجية في شؤون الدول، بقصد تخريبها”، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة موجهة إلى الغرب، لاعتقاد النظام المصري أن حديث الدول الغربية في ملف حقوق الإنسان تدخل في شؤون مصر، ويضر الأمن القومي، ويهدد بتخريب البلد. وهو ما يُعبّر عن هوس وارتباك في قراءة العلاقات المستقبلية بين القاهرة وبعض العواصم الغربية.

وقد يكون تحذير السيسي من التدخلات الخارجية موجهًا إلى قوى إقليمية أيضًا، يَرى أنها تحاول التأثير على نظامه في الوقت الراهن، وهي الدول الخليجية التي ساندته، ومن الطبيعي أن يشعر بالقلق من تحركاتها التي قد تتعارض مع مصالحه، لعمله أنه عندما حدث تدخل قبل ذلك في مصر، فقد أسقط نظامًا سياسيًّا حاكمًا في أقل من عام، بالتعاون معه هو نفسه. لذلك فهو يعرف جيّدا أساليب اللعب، كما يعرفها شركاؤه في الخليج، وبالتالي فهو في حالة حساسية دائمة من هذه الناحية. ومن الطبيعي أيضًا أن ترتبط حساسية السيسي من التدخل الخارجي بالمؤسسة العسكرية والأمنية في مصر، والتي كانت فيما سبق الذراع الفاعلة للقوى الخارجية الإقليمية لإسقاط نظام الرئيس المنتخب محمد مرسي[4].

وفي تهديد مبطن للغرب بضرورة المحافظة على نظامه حتى لا يسقط ويؤدي سقوطه إلى تصدير المشاكل إلى الضفة الأخرى من المتوسط، أكد السيسي على ضرورة تقديم المساعدات لمصر، سواء بالمنح أو بالقروض، أو بأي وسيلة أخرى، حتى تستطيع التغلب على مشكلاتها، ولا تصدرها للغرب كما حدث في دول أخرى. وأشار إلى وجود ملايين اللاجئين على الأراضي المصرية، وأن مصر “لم تصدر مهاجرين إلى الغرب، بل تستضيف لاجئين من دول أخرى، وتعاملهم معاملة حسنة، ولا تقيم معسكرات للاجئين كما يحدث في دول أخرى”، وأن “الدولة المصرية لا تسمح باستخدام أراضيها لتكون معبرًا للاجئين إلى أوروبا من دول مختلفة”[5].

ويمكن القول إن رسائل السيسي من خلال المنتدى قد جاءت في سياق مساومة الغرب وابتزازه بورقة الاستقرار والهجرة في مقابل التغاضي عن الانتهاكات الحقوقية.

قام قائد الانقلاب في مصر، عبدالفتاح السيسي، بزيارة دولة الإمارات في 26 يناير/كانون الثاني، وبحسب تصريح المتحدث باسم الرئاسة، فإن الزيارة شهدت مباحثات حول العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى  التشاور والتنسيق حول التطورات الإقليمية الأخيرة. وخلال الزيارة، شارك السيسي في جلسة مباحثات رباعية مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ، وملك البحرين حمد بن عيسى، ونائب رئيس دولة الإمارات أمير إمارة دبي محمد بن راشد.

جاءت الزيارة بعد أيام من استهداف الحوثيين للعاصمة الإماراتية أبوظبي بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، في هجوم طال مناطق إستراتيجية حساسة، وفي ظل فتور في العلاقات بين النظامين المصري والإماراتي بسبب تضارب المصالح والخلافات حول تعاطي كلا الجانبين مع تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.

أتاح هجوم الحوثيين على الإمارات الفرصة لكي يُعيد السيسي تقديم نفسه كحليف للإمارات ودول الخليج، وذلك من خلال اتصال هاتفي مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في 18 يناير/كانون الثاني، أكد فيه على ارتباط أمن واستقرار دولة الإمارات بالأمن القومي المصري. وعبّر عن إدانة مصر حكومة وشعبًا لهذا العمل “الإرهابي” من قبل ميليشيات الحوثى الذي استهدف أراضي دولة الإمارات، مؤكدًا دعم وتضامن مصر مع دولة الإمارات وما تتخذه من خطوات وإجراءات من أجل الدفاع عن أراضيها وسلامة مواطنيها. وشدد على “ارتباط أمن واستقرار دولة الإمارات بالأمن القومي المصري”[6].

وقد سلط الإعلام المصري المؤيد لقائد الانقلاب الضوء بشدة على الزيارة، وأبرز حفاوة الاستقبال التي حظي بها السيسي في أبوظبي، واعتبر ذلك رسالة موجهة لكل من يروج لوجود فتور في العلاقات بين البلدين.

ولكن الإمارات لم تطلب من السيسي المساعدة، وإنما لجأت إلى حليفها الجديد في المنطقة، وهو الكيان الصهيوني، الذي بادر رئيس وزرائه، “نفتالي بينيت”، بعرض تقديم مساعدات أمنية واستخباراتية للإماراتيين.

وفيما بعد، ذكر تقرير لموقع “واللا” العبري أن وزارتيْ الدفاع والخارجية والجهات المعنية الأخرى في “إسرائيل” ستجري مناقشات حول طلب المساعدة من قبل الإمارات، وأن وفدًا أمنيًّا إسرائيليًّا زار أبو ظبي، حيث أجرى محادثات مع مسؤولين إماراتيين عن تزويد بلادهم بمنظومات صواريخ للدفاع الجوي إثر الضربات الأخيرة للحوثيين[7]، وهو ما يدل على وجود أزمة بين الحليفين المصري والإماراتي، وأن اعتماد الإمارات المستقبلي سوف يكون على الكيان الصهيوني، خاصّة وأن التعاون بينهما في مجالي الأمن والاستخبارات قد انتقل من المرحلة السرية التي استمرت عشرين عامًا إلى المرحلة العلنية بعد اتفاقيات السلام في 2020. وبهذا تظل تصريحات السيسي مجرد عبارات يتم ترديدها في المناسبات المختلفة، بدون أن يكون لها أثر على الأرض في المرحلة الحالية على أقل تقدير.

جدير بالذكر أن العلاقات بين القاهرة وابوظبي تمر بحالة من الفتور بسبب العديد من الملفات الثنائية والإقليمية الساخنة، والتي تلعب فيها الإمارات دورًا فاعلًا، يتجاهل مصالح النظام المصري ومطالبه، كما في المصالحة مع تركيا، ومساعدة الحكومة الأثيوبية في الحرب الأهلية، وعدم استغلال العلاقات الإمارتية الأثيوبية في دعم الموقف المصري الضعيف في أزمة سد النهضة، والتطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني بعيدًا عن أي تنسيق مع مصر، الأمر الذي يهدد مكانة مصر كعنصر فاعل في القضية الفلسطينية.

وتسعى الإمارات لحصد أكبر قدر من المكاسب من علاقتها بمصر في مقابل الأموال التي تلقاها نظام السيسي، والتي جعلت القرار السياسي للقاهرة رهينًا برضا أبوظبي التي تغيّرت سياساتها تجاه النظام المصري بسبب ربط الأموال الإماراتية بتنفيذ التوجهات الإماراتية في المنطقة، حتى لو كان ذلك على حساب المصالح المصرية[8].

في هذا السياق، فسّر البعض قيام السيسي مؤخرًا بملاحقة بعض رجال الإمارات في مصر، من الإعلاميين ورجال الأعمال وغيرهم من الذين يرتبطون بمسؤولين في أجهزة إماراتية، بهدف إبعادهم عن مراكز صنع القرار والمؤسسات الموجهة للرأي العام، خاصة وأن السيسي يعلم حقيقة الدور الذي قام به أنصار الإمارات في مساعدته لأسقاط نظام الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي، ولا يمكنه في الوقت نفسه اتخاذ إجراءات تتعارض مع المصالح الإماراتية بشكل مباشر بسبب الضغوط الاقتصادية وتحكم الإمارات في قطاعات استثمارية واقتصادية مصرية مهمة.

تمر العلاقات الأمريكية المصرية بمرحلة من الفتور بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة، ومنذ ذلك الوقت والانتقادات الأمريكية لملف حقوق الإنسان في مصر تتوالى.

وفي يناير/كانون الثاني، صدرت عدة إشارات من جانب واشنطن تؤكد وجود أزمة في العلاقات بين البلدين، رغم النفي المصري الذي كان آخره على لسان رئيس الوزراء المصري، “مصطفي مدبولي”، الذي صرح بأن العلاقات المصرية – الأمريكية جيّدة للغاية في الوقت الحالي، والدليل توقيع الحوار الإستراتيجي بين البلدين مع الإدارة الحالية، الأمر الذي يرد على ادعاءات أن التقارب بينهما كان أكبر مع الإدارة الأمريكية السابقة[9].

كانت الإشارة الأولى في 6 يناير/كانون الثاني، عندما أعلنت وزارة العدل الأمريكية القبض على رجل اتهمته السلطات بالعمل كـ”عميل أجنبي” لصالح الحكومة المصرية من أجل التجسس على معارضيْ السيسي في الولايات المتحدة[10].

ثم جاءت الإشارة الثانية من خلال الانتقادات المستمرة من جانب أعضاء الكونجرس الأمريكي الذين يراقبون الملف الحقوقي في مصر، ويرفضون ممارسات النظام المصري ضد معارضيه، ويطالبون بربط المعونات الأمريكية لمصر بإحراز تقدم في هذا الملف.

وقبيل الكشف عن تفاصيل صفقة السلاح بوقت قصير، دعت مجموعة من ستة أعضاء ديمقراطيين في مجلس النواب، من ضمنهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس “جريجوري ميكس”، والسيناتور البارز “كريس مورفي”، إدارة بايدن إلى الإصرار على أن تفي مصر بمعايير حقوق الإنسان قبل إتمام الصفقات العسكرية معها.

وقال النواب الديمقراطيون، في بيان لهم إن “شروط حقوق الإنسان التي أرفقها الرئيس بايدن بمساعدتنا لمصر لم تكن قائمة، بإمكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الاختيار من بينها، بل كان من المفترض أن يتم تلبيتها بالكامل[11].

وعلى عكس السياق السابق، وفي خطوة لا تتنفق مع الانتقادات الأمريكية لملف حقوق الإنسان في مصر، وافقت الإدارة الأمريكية على صفقة كبيرة للسلاح للجيش المصري، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في 25 يناير/كانون الثاني، أن وزارة الخارجية وافقت على صفقة محتملة لبيع 12 طائرة من طراز C-130J Super Hercules والمعدات ذات الصلة مقابل 2.2 مليار دولار، وثلاثة رادارات أرضية من طراز SPS-48 ومعدات ذات صلةٍ مقابل 355 مليون دولار.

وقالت الخارجية الأمريكية إنَّ بيع طائرات C-130J سيساعد مصر في نقل الإمدادات والمعدات والأفراد جوًّا؛ لدعم قواتها بشكل أفضل في مهام مثل أمن الحدود ومكافحة الإرهاب، والاستجابة لتهديدات الأمن الداخلي، وتقديم المساعدات الإنسانية.

وفي مواجهة الانتقادات لإبرام صفقة السلاح الأمريكية مع مصر، رغم سجل القاهرة السيء في حقوق الإنسان، قالت الخارجية الأمريكية إن المبيعات المقترحة “ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن دولة حليفة رئيسة من خارج الناتو ما تزال شريكًا إستراتيجيًّا مُهًّما في الشرق الأوسط”[12].

ويرى مراقبون أن الموافقة على هذه الصفقة، التي سبقتها صفقة أخرى كبيرة في العام الماضي، تأتي من منطلق إيمان واشنطن بأهمية القاهرة كشريك في مكافحة الإرهاب ووسيط مهم في القضايا الإقليمية، وهو ما يمكن أن يدفع الإدارة الأمريكية إلى عدم التشدد مع النظام الحاكم في موضوع الانتهاكات الحقوقية. كما أن حظر توريد السلاح للقاهرة قد يدفعها إلى البحث عن مصادر أخرى، مثل الصين وروسيا.

لم يعد الحديث عن الأداء الإيجابي للاقتصاد المصري قاصرًا على الحكومة المصرية، ولكن ثمَّة إصدارات لمؤسسات إقليمية أخرى تتحدث عن أداء إيجابي للاقتصاد المصري، ولكن وفق أي مؤشرات؟ فمؤشر معامل القيمة الشرائية، يتناول مقارنات بين قيمة إنتاج نفس السلع بين سوقيْن، وعلى هذا الأساس تأتي النتائج في صالح الاقتصاد المصري، ولكن واقع المجتمع المعيش مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يعج بالشكاوى في مختلف مجالات المعيشة.

ومؤخرًا رفعت الحكومة أسعار الوقود وفقًا للألية الجديدة، التي يتم فيها مراجعة أسعار الوقود حسب أداء السوق العالمية، وحسب ما هو معلوم فإن أسعار النفط في السوق الدولية شهدت ارتفاعات ملحوظة، حيث كانت أسعار النفط يوم الجمعة الموافق 4 فبراير/شباط 2022 عن 93 دولارًا للبرميل من خام برنت، ولذلك عللت الحكومة زيادة أسعار الوقت بزيادة أسعار النفط في السوق الدولية، ويبقى المطلب العادل للمجتمع المصري، من الحكومة، أن تكون المرتبات والأجور وفق المتوسطات العالمية، كما تحاسبهم الحكومة على الأسعار العالمية للسلع والخدمات.

وتبقى قضية الشفافية من القضايا المهمة المطلوب توفرها في مصر، حيث تسكت الحكومة ولا تقدم إجابات على ما يصدر بشأن القضايا السلبية التي تترتب على أدائها الاقتصادي، مثل اتهامها بالفساد من قبل منظمة الشفافية الدولية، فيما يتعلق بالقروض التي حصلت عليها من صندوق النقد الدولي، أو بخصوص القلق الذي أبدته وكالة التصنيف الائتمانية “فيتش” فيما يتعلق بتراجع صافي الأصول الأجنبية لدي البنوك، ليتحول رصيدها إلى سالب.

كما لم يفصح البنك المركزي، عن قراره بقدرته واستعداده لتقديم السيولة الطارئة للبنوك إذا ما طلبت ذلك، وهو ما جعل الخبراء يعللون ذلك بعدة أمور، منها أن ثمَّة حالات تعثر حدثت للشركات بسبب التداعيات السلبية لأزمة جائحة كورونا، فعحزت عن تقديم التزاماتها للبنوك بالنقد الأجنبي، أو أن الحكومة قامت بالحصول على قروض بالنقد الأجنبي من الجهاز المصرفي، أدت إلى  تحويل رصيد البنوك من الأصول الأجنبية إلى السالب. ويتطلب الأمر أن تتخلى الحكومة المصرية عن سلوكها الخاص بالغموض وعدم الافصاح في أمور هي من بديهيات الحياة الاقتصادية السليمة.

وخلال هذا الشهر، رصد الدفتر الاقتصادي عدة موضوعات رأى أنها مهمة، ليعرضها على القارئ، منها تحليل بيانات ميزان المدفوعات لمصر خلال الربع الأول من عام 2021/2022، وكذلك تراجع صافي أصول البنوك من النقد الأجنبي، وأيضًا رصد توجّه الحكومة في الإسراع بعمليات خصخصة شركات قطاع الأعمال العام، في ظل غياب إستراتيجية واضحة للبديل، وفي ظل ناتج محلي هش يعتمد على المصادر الريعية والاستهلاك، ويقل فيه الادخار والاستثمار.

يمثل التعامل مع العالم الخارجي في الإطار التجاري والاقتصادي أحد المكونات المهمة في الناتج المحلي الإجمالي، ويلاحظ أن مصر طوال السنوات الماضية، لديها خلل كبير في علاقاتها الخارجية الاقتصادية، فقد قفز عجز ميزان السلع والخدمات من 207 مليار جنيه مصري في عام 2014/2015 إلى 582 مليار جنيه في عام 2020/2021[13]، وهو ما يعني زيادة التبعية الاقتصادية للخارج.

وفي ضوء البيانات المنشورة مؤخرًا على موقع البنك المركزي المصري، لميزان المدفوعات للربع الأول من عام 2021/2022، يمكننا الوقوف على أداء الاقتصاد المصري مع الخارج، وهو أداء تتسم ملامحه بمشكلات مصر الاقتصادية المزمنة، من ضعف الإنتاج، والقدرة المحدودة على التصدير، وكذلك استمرار اعتماد مصر على القروض الأجنبية، وكذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.

وفيما يلي نشير إلى أهم ملامح أداء ميزان المدفوعات المصري خلال هذه الفترة.

كما أن الصناعة المصرية ما تزال تعاني من ضعف التنافسية على الصعيدين المحلي والأجنبي، وأيضًا فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، لا تستهدف التصدير، وإنما تستهدف السوق المحلي. ومن الملفت للنظر في البيانات الخاصة بالميزان التجاري لقطاع النفط، أن صادرات مصر النفطية تبلغ خلال الربع الأول من عام 2021/2022 حوالي 2.9 مليار دولار تقريبًا، بينما الواردات النفطية لمصر تصل إلى ما يزيد عن 3 مليارات دولار بقليل، وهو ما يعني أن الميزان التجاري للنفط في مصر، يعاني من عجز بنحو 100 مليون دولار.

ويأتي هذا العجز في ظل حديث الحكومة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وأنها بدأت في الاتجاه للتصدير، ووجود العجز يعني أن تصريحات الحكومة لا تنطبق مع الواقع.

ومن خلال هذه النتائج المهمة التي أشار إليها ميزان المدفوعات عن الربع الأول لعام 2021/2022، نجد أن حديث الحكومة عن تحسن قيمة الناتج المحلي ومعدل نموه، بلا مردود إيجابي على أداء ميزان المدفوعات، بل العكس، فالفجوة لاعتماد مصر على الخارج تزيد، بينما صادرات مصر السلعية تتضاءل.

في فبراير/شباط 2021، كان صافي الأصول الأجنبية للبنوك في مصر يقدر بنحو 6.8 مليار دولار، ولكنه مع مارس/آذار بدأ في التراجع، حتى تحول الرصيد الإيجابي إلى سلبي في يوليو/تموز 2021، ليكون صافي الأصول الأجنبية بالبنوك المصرية سالب 7.1 مليار دولار[15]، وهو ما دعا مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني إلى التحذير من هذا الوضع، وأن استمراره يؤدي إلى مزيد من الضغوط على سعر صرف الجنيه في المستقبل، بسبب زيادة الطلب على الدولار.

وتراجع صافي الأصول الأجنبية بالبنوك، يعني أن الالتزامات الواجب على البنوك سدادها بالعملة الاجنبية، أكبر مما هو متوفر لديها من العملات الأجنبية، مما يجعلها تلجأ للاقتراض من البنك المركزي، أو اللجوء للاقتراض من الخارج. والوضع في مصر أدى إلى إصدار البنك المركزي كتابًا خاصًّا بهذا الأمر إلى البنوك، يخبرها بإمكانية إقراضها تحت بند السيولة الطارئة عن الضرورة، وبضوابط معينة.

وإن كانت الحكومة المصرية، وكذلك البنك المركزي، أو إدارات البنوك لم تقدم تفسيرًا لهذا الأمر، وتركت الأمور لتفسيرات الخبراء والكتاب المتخصصين في الشأن الاقتصادي، بأن هذا التراجع أتى بسبب ما مرت به مصر من التداعيات السلبية لجائحة أزمة كورونا، حيث تراجعت إيرادات قطاع السياحة، وزادت وتيرة استيراد السلع من الخارج، كما أن الحكومة لديها التزامات لسداد أعباء الديون من فوائد وأفساط، وقد تكون قامت بالاقتراض من البنوك بمبالغ أثرت بشكل سلبي على الأصول الأجنبية للبنوك.

ويلاحظ أن الحكومة المصرية، وبالذت خلال عامي 2020 و2021، قد اتجهت للاقتراض بشكل كبير، عبر آليَّات متعددة مثل السندات الخضراء والصكوك الإسلامية، وسندات الساموراي اليابانية، بالإضافة إلى إصدار سندات في السوق المحلي بالدولار واليورو، وكذلك استمرار تفعيل آليَّة استثمار الأجانب في الدين المحلي. وفي نهاية يناير/كانون الثاني 2022، حصلت مصر على قرض من صندوق النقد العربي بنحو 368 مليون دولار[16]، وحسب بيان صادر عن صندوق النقد العربي، فإن الهدف من هذا القرض هو “توفير الموارد المالية بما يدعم الوضع المالي للدولة ويلبي الاحتياجات الطارئة”، ويؤكد ما جاء في بيان صندوق النقد العربي، أن ثمَّة أزمة سيولة تمر بها البنوك في مصر.

وقد يكون تراجع صافي الأصول الأجنبية للبنوك، مجرد تذبذب عارض، يمكن تغطيته، بعد المرور من الأزمة التي تمر بها البنوك والدولة المصرية من الطلب على النقد الأجنبي، ولكن ما يثير القلق في مصر، هو متى تتوقف مصر عن الاقتراض، وبخاصة أن الاقتراض أصبح أسهل الحلول لحكومة مصر للتصرف أمام مشكلاتها الاقتصادية والمالية.

منذ بداية عام 1991/1992 ومصر تمضى قدمًا في خصخصة شركات ومؤسسات قطاع الأعمال العام، وقد تعطلت مسيرة الخصخصة، خلال الفترة من اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وحتى الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، وكان الرئيس المدني الأوحد في مصر، والذي أتى عبر انتخابات نزيهة بعد ثورة 25 يناير، الرئيس الراحل د. محمد مرسي، قد أعلن إستراتيجيته بوقف عمليات الخصخصة، وعزم إجراء اصلاحات حقيقية بقطاع الأعمال بمصر، ليكون بجوار القطاع الخاص لتحقيق التنمية الذاتية.

ولكن بعد الانقلاب العسكري في يوليو 2013، والدخول في برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي في نهاية عام 2016، تعهدت مصر بخصخصة نحو 23 مؤسسة، وحتى 2018 لم تكن الأمور أتخذت خطوات كبيرة في هذا المجال، إلا أن الحكومة قامت بتصفية شركتين كبيرتين، وهما الحديد والصلب، والشركة القومية للأسمنت، وأحالت الأراضي الخاصة بهما لصندوق مصر السيادي.

إلا أن وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية، د. هالة السعيد، صرحت مؤخرًا عن عزم الحكومة على خصخصة شركة كل شهر أو شهرين[17]، وقد قامت الحكومة بالفعل بطرح حصص ببعض الشركات في البورصة، وذلك لأمرين: الأول الوفاء باتفاقها مع صندوق النقد الدولي، والثاني الحصول على تمويل للمساهمة في أزمتها المالية.

وكان آخر الشركات التي تمَّ طرح حصة من أصولها في البورصة المصرية، شركة “إي فينانس”، وفي حالة إقدام الحكومة على تنفيذ برنامجها للخصخصة، بنفس الوتيرة التي صرحت بها الوزيرة، فسيكون هناك حالة غير مسبوقة، من التفريط في الأصول الرأسمالية للدولة. وقد تعاملت الدولة مع العديد من الأصول الرأسمالية من منطق التاجر عبر صندوق مصر السيادي، والتي كان آخرها التصرف في مبنى مجمع التحرير.

وتمتلك مصر تجربة سلبية في برنامج الخصخصة، منذ عهد مبارك، حيث تمَّ بيع كلي أو جزئي لنحو 365 شركة، وكانت الحصيلة أزيد بقليل عن مبلغ 50 مليار جنيه، تمَّ التصرف فيها عبر ثلاث مسارات، هي سداد جزء لديون هذه الشركات، والجزء الأخر سداد جزء من عجز الموازنة، والجزء الثالث لبرامج إعادة تأهيل شركات قطاع الأعمال العام.

وبذلك فقدت مصر أصولها الرأسمالية دون أن تعوضها باستثمارات جديدة، عبر إنشاء شركات أو مؤسسات إنتاجية وخدمية، يمكنها أن تساهم في الناتج المحلي للبلاد، ولم يكن ذلك هو العيب الوحيد الذي اعترى عملية الخصخصة في مصر، ولكن شاب عمليات الخصخصة العديد من عمليات الفساد، والتي أدت إلى اللجوء للقضاء، وإصدار أحكام بطلان عقود بيع شركات الخصحصة، وإدخال مصر في مشكلات ضخمة مع مشتري هذه الشركات، الذين وجدوا في التحكيم الدولي ملاذًا لهم.

وهو ما ألجأ الحكومة المصرية إلى إعادة التفاوض مع المشترين، والوصول لحلول ترضيهم، ولذلك اتخذ السيسي في قانون الصندوق السيادي، من الإجراءات الاحترازية، التي تحمي ما يقوم به الصندوق من عمليات خصخصة من اللجوء للقضاء أو دخول الأفراد من المواطنين برفع دعاوى أمام القضاء بشأنها. وهو الأمر الذي قد يكون ظاهره حماية عمليات الخصخصة، إلا أنه يفتح بابًا واسعًا للفساد، وعدم إعمال آليَّات الرقابة، التي هي حق للمجتمع على تصرفات السلطة التنفيذية.

ومن عجب أن كافة الشركات والمؤسسات التي تمَّ بيعها بشكل كامل، أو طرحت حصص منها في البورصة المصرية للقطاع الخاص، هي شركات ومؤسسات رابحة، مما أضاع على الموازنة العامة للدولة فرصة استمرار تدفق أرباحها، بينما حصيلة البيع عارضة، ولا يستفاد منها كما قلنا في عمليات إحلال لمشروعات إنتاجية، بينما يتم التصرف فيها في نفقات جارية، وهو ما يضر بمستقبل الأجيال القادمة. ويلاحظ أن عمليات الخصخصة أو التصفية التي قامت بها الحكومة بعد انقلاب يوليو/تموز 2013، تركز على استحواذ الحكومة على أراضي هذه المؤسسات والشركات، والتصرف فيها في المجال العقاري.

يتناول الدفتر التشريعي لشهر يناير/كانون الثاني 2022، مشروعات القوانين التي وافق عليها مجلس النواب خلال الشهر، وقد وافق المجلس على مجموعة من مشروعات القوانين، هي: مشروع قانون التخطيط العام للدولة، وقانون استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة غير المصرفية، ومشروع القانون بتعديل بعض أحكام القانونين رقمي 102 لسنة 1986 بإنشاء هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، و203 لسنة 2014 بشأن تحفيز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وإلغاء هيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء، ومشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم (49) لسنة 1972، إضافة إلى تعديل بعض أحكام قانون تنظيم أكاديمية الفنون الصادر بالقانون رقم 158 لسنة 1981.

كما وافق مجلس النواب على قرار رئيس الوزراء بمشروع قانون مقدم من الحكومة بدمج صندوق تحسين الأقطان المصرية فى “معهد بحوث القطن” التابع لمركز البحوث الزراعية، ومشروع قانون مُقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون المنشآت الفندقية والسياحية، ومشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون إنشاء صندوق السياحة والآثار. وأخيرًا، وافق مجلس النواب على مشروع قانون المالية الموحد.

وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون التخطيط العام للدولة. ووفقًا لتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الخطة والموازنة ومكتبىْ لجنتىْ الإدارة المحلية والإسكان فإن الهدف من هذا القانون هو التمكن من تطبيق إستراتيجية التنمية المستدامة من خلال مجموعة من المبادئ التخطيطية الحديثة التي تعكس الاستحقاقات الدستورية المقررة، والحرص على النهج التشاركي في عملية التخطيط بإشراف جميع الأطراف، وهي (الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني)، بما يحقق المستهدف من منظومة التخطيط من حيث الاستدامة والتنوع واللامركزية والتنمية المتوازنة العادلة[19].

بموجب مشروع القانون، سوف ينشأ مجلس أعلى للتخطيط والتنمية المستدامة برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية جميع الجهات المعنية بهدف رسم سياسات وأهداف التنمية المستدامة على المستوى القومي والإقليمي والمحلي والقطاعي.

ووفقًا لمشروع القانون فإنه يستهدف تحديد الوثائق التخطيطية على المستوى القومى والإقليمى والمحلى، وتوضيح العلاقة التكاملية بين المخططات العمرانية وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإحكام التناسق بين التنمية القطاعية والتنمية المكانية.

وقالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن القانون الجديد يضع مجموعة من المبادئ التخطيطية التي تعكس بشكل أساسي الاستحقاقات الدستورية التي جاء بها دستور 2014 والتطورات التي شهدها علم التخطيط والممارسات الناجحة، ومنها فكر الاستدامة[20].

وأضافت خلال مشاركتها في مناقشات اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن مشروع القانون يحدد مجموعة من الوثائق التخطيطية على المستوى القومي والإقليمي والمحلي وتوضيح العلاقة التكاملية بين التخطيط المركزى والتخطيط العمراني وعوامل التأكيد على أهمية التنمية المكانية، والتي تمثل قضية محورية.

وقالت إن القانون كذلك يعمل على تعزيز فكرة اللامركزية، اللامركزية المالية، حيث يعطى القانون قدر من اللامركزية والمرونة اللازمة لتنفيذ الخطط.

كما أشارت إلى أن مشروع القانون حدد المنهجية التخطيطية المفصلة لإعداد الخطط على المستوى القومي والإقليمي والمحلي مع تحديد الأدوار التي تقوم بها كافة الأطراف ذات العلاقة بشكل واضح، متابعه أن القانون منح كذلك المرونة اللازمة للوزارات والهيئات ووحدات الإدارة المحلية للمناقلة المالية بين المشروعات الاستثمارية، وذلك لسرعة الانتهاء منها وزيادة كفاءة الإنفاق العام، وذلك وفقًا للضوابط التي أحال المشروع فيها إلى اللائحة التنفيذية.

ويتضح من ذلك أن القانون يستهدف مركزية في التخطيط، والتنفيذ كذلك، بحيث لا يخرج أي عمل عن إطار التخطيط المركزي للعمران والتنمية، كما سيلعب القطاع الخاص الدور الذي سوف يُحدد له بموجب القانون، ولن يكون له حرية في الحركة كما كان في السابق.

وافق مجلس النواب على قانون استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة غير المصرفية، ويستهدف مشروع القانون استخدام الهيئة العامة للرقابة المالية باعتبارها الجهة الرقابية على الجهات التي تزاول الأنشطة المالية غير المصرفية للتكنولوجيا الحديثة والمبتكرة بهدف تيسير قيامها بدورها الرقابي على الجهات الخاضعة لها فيما يتعلق بالالتزام بمعايير الشفافية والحوكمة، وحماية المتعاملين في الأسواق المالية غير المصرفية واعتماد أدوات تكنولوجية حديثة ومبتكرة لتيسير التعامل مع القطاع المالي غير المصرفي في مجال إستخدام التكنولوجيا المالية.

وينصُّ على أن الهيئة العامة للرقابة المالية هي الجهة الإدارية المختصة دون غيرها بتطبيق أحكام هذا القانون واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتنمية استخدام نظم التكنولوجيا المالية الحديثة والمبتكرة (FINTECH) في مجالات الأنشطة المالية غير المصرفية وتقديم الاستشارات المالية المرتبطة بها، واتخاذ إجراءات تأسيس الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون ومنح التراخيص والموافقات اللازمة لمزاولة الأنشطة المنصوص عليها بهذا القانون.

وافق مجلس النواب نهائيًّا على تخصيص نسبة من أرصدة الصناديق الخاصة للخزانة العامة للدولة، ويهدف مشروع القانون إلى دعم وتعظيم موارد الخزانة العامة للدولة من خلال ما يؤول إليها من النسب المتدرجة من أرصدة الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص وفوائض الهيئات العامة فى 30/6/2021.

وخاصة أن الصناديق والحسابات الخاصة هى حسابات أنشئت بغرض تأدية عدة خدمات تنموية أو اقتصادية أو غيرها من الخدمات والمشروعات بمرونة وسرعة فى اتخاذ القرار، وتمويل المشروعات الإنتاجية والخدمات المحلية واستكمال المشروعات الواردة فى الخطة العامة، والتى لا تكفى الاعتمادات المدرجة لها فى الموازنة العامة لإتمامها، فضلًا عن القيام ببعض المشروعات بالجهود الذاتية والصرف علي الخدمات العامة الحيوية العاجلة والقدرة على الحركة السريعة لحل بعض المشكلات الملحة للمواطنين والمساهمة فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعى.

يأتي هذا القانون كنوع من المعالجة السريعة لسد عجز في الموازنة العامة للدولة عن طريق نسبة تؤول إليه من الصناديق والحسابات الخاصة، دون أن يحدد القانون مدى هذه النسبة وماهية الصناديق التي سوف يتم السحب منها، وهذا يتعلق بمدى الشفافية حول حصص هذه الصناديق ومدى إحاطة البرلمان بها، حيث لا تخضع أغلبها لإشراف البرلمان.

وافق مجلس النواب على مشروع القانون بتعديل بعض أحكام القانونين رقمي 102 لسنة 1986 بإنشاء هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، و203 لسنة 2014 بشأن تحفيز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وإلغاء هيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء[24].

ويهدف القانون لإلغاء هيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية لتوليد الكهرباء، وأيلولة أصولها إلى هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة المنشأة بالقانون رقم 102 لسنة 1986 تأسيسًا على عدم وجود مشروعات كهرومائية كبيرة وجديدة ذات جدوى اقتصادية يمكن تنفيذها فى جمهورية مصر العربية؛ نظرًا لأنه تمَّ بالفعل استغلال جميع المساقط المائية الكبيرة على نهر النيل وفروعه، ولم يتبق سوى قدرات مائية صغيرة أو مشروعات الضخ والتخزين، بالإضافة إلى تحقيق الهيئة خسائر كبيرة، وبناءً على ذلك أصبح من الملائم دمج نشاط هيئة تنفيذ مشروعات المحطات المائية ضمن أنشطة الطاقة المتجددة التى تقوم بتنفيذها وتعمل على تنميتها هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة.

وافق مجلس النواب على مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم (49) لسنة 1972.

ويهدف مشروع القانون إلى منح عضو هيئة التدريس المتفرغ سواء كان أستاذًا أو مدرسًا أو أستاذًا مساعدًا مكافأة تعادل كامل الأجر لنظيره العامل، لأن له ما لأعضاء هيئة التدريس من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات فيما عدا تولى المناصب الإدارية، مؤكدًا موافقتها على مشروع القانون.

وتأتى فلسفة القانون من إجازة المشرع لعضو هيئة التدريس الاستمرار فى الخدمة بعد بلوغه سن الستين كأستاذ متفرغ بموجب نص المادة (123) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، وعين له مكافأة مالية فى مقابل هذا العمل تساوى الفرق بين المرتب مضافًا إليه الرواتب والبدلات الأخرى وبين المعاش مع الجمع بين المكافأة والمعاش، وأكدت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على المساواة بين الأستاذ المتفرغ وعضو هيئة التدريس فى الخدمة وباقى الأعضاء فى الحقوق والواجبات، فيما عدا المناصب الإدارية التي لا يجوز للأستاذ المتفرغ تقلدها.

مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم أكاديمية الفنون الصادر بالقانون رقم 158 لسنة 1981، وهو بمثابة قانون مكمل لقانون تنظيم الجامعات، حيث يأتي مشروع القانون فى إطار الحرص على أعضاء هيئة التدريس بأكاديمية الفنون – ممن يبلغون سن انتهاء الخدمة – باعتبارهم خبرات نادرة فى مجال عملهم، حيث قرر مشروع القانون تعيينهم ومنحهم مكافأة مالية تعادل كامل الأجر لنظيره العامل، وأعطى لهم الحق فى الجمع بين المكافأة والمعاش، وأن يكون لهم ذات الحقوق المقررة لأعضاء هيئة التدريس وعليهم ذات الواجبات فيما عدا تقلد المناصب الإدارية داخل الأكاديمية أو الجامعات الخاضعة لأحكام تنظيم الجامعات.

كما وافق مجلس النواب على قرار رئيس الوزراء بمشروع قانون مقدم من الحكومة بدمج صندوق تحسين الأقطان المصرية فى “معهد بحوث القطن” التابع لمركز البحوث الزراعية. ويهدف مشروع القانون لتطوير وهيكلة ودمج بعض الهيئات التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى للحد من التضارب في الاختصاصات والآراء الفنية وازدواجية العمل، بما ينعكس على تحسين إنتاجية ومرتبة القطن المصرى، وتوحيد الجهود البحثية بين كل من صندوق تحسين الأقطان ومعهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية التابعين لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، بالإضافة لتوحيد جهات المراقبة على إنتاج وتطوير القطن المصرى، وذلك من خلال تنفيذ آليّات برامج الإصلاح الإدارى بجميع أجهزة الدولة للارتقاء بمستوى الأداء الحكومى والخدمات المقدمة للمواطنين وإحداث التكامل بين جميع القطاعات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون إنشاء صندوق السياحة والآثار. وجاءت الموافقة خلال الجلسة العامة، على مشروع القانون الذي ينشئ الصندوق الذي يهدف إلى دعم وتمويل الأنشطة التي تعمل على تنمية وتنشيط السياحة والترويج لها عالميًّا، وتطوير الخدمات والمناطق السياحية، وتحفيز السياحة الوافدة، ودعم مشروعات المجلس الأعلي للآثار المتعلقة بترميم وحفظ وصيانة الآثار وتطوير المواقع الأثرية، والنهوض بالإرث الحضارى وفقًا لمفهوم التنمية السياحية المستدامة.

ويدمج مشروع القانون الصناديق الثلاثة (صندوق تمويل مشروع إنقاذ آثار النوبة، صندوق تمويل مشروعات الآثار والمتاحف، صندوق السياحة) فى صندوق واحد تحت مسمى “صندوق السياحة والآثار”.

كما حدد مشروع القانون أهداف الصندوق المتمثلة في دعم وتمويل الأنشطة التي تعمل على تنمية وتنشيط السياحة، وتطوير الخدمات والمناطق السياحية، ودعم مشروعات المجلس الأعلى للآثار المتعلقة بترميم وحفظ وصيانة الآثار وتطوير المواقع والمناطق الأثرية، وبناء وتطوير المتاحف المصرية للنهوض بالإرث الحضاري المصري.

وافق مجلس النواب على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون المنشآت الفندقية والسياحية، ويهدف إلى تنظيم وتيسير إجراءات استخراج تراخيص المنشآت الفندقية والسياحية لتشجيع الاستثمار السياحى، وذلك عن طريق وزارة السياحة بآلية جديدة، وهي “الشباك الواحد”، بما لا يمس حق كل جهة في تحصيل الرسوم التي تنص عليها القوانين والقرارات الخاصة بها، وبما يهدف إلى تيسير الإجراءات، علاوة على مواكبته كافة المستجدات التي طرأت على صناعة السياحة خلال العقود الماضية.

ومن أهم الأحكام التي تضمنها مشروع القانون زيادة الموارد العامة للدولة من قطاع السياحة بقواعد قانونية حاكمة ومنظمة، وفض التشابك وتداخل الاختصاصات وتعدد جهات الولاية ما بين الجهات التي يندرج تحت مظلتها قطاع السياحة بين الوزارات والمحليات وأي جهات أخرى في الدولة.

وافق مجلس النواب على مشروع قانون المالية الموحد، المقدم من الحكومة خلال الجلسة العامة بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني.

ورفض المجلس نص المادة 59 التي تنص على أن يكون لمفتشى الوزارة ضبط المخالفات التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بشئون وظائفهم، على أن يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بناء على طلب وزير المالية منحهم صفة الضبطية القضائية”، وتمسك النواب برفض المادة معتبرين أنها غير دستورية.

ويهدف المشروع إلى دمج قانون الموازنة العامة للدولة وقانون المحاسبة الحكومية في قانون موحد يعكس فلسفة الأداء المالي في النظام الاقتصادي المصري بمراعاة نظم الميكنة الحديثة.

ووفقًا للقانون فإنه يهدف إلى “صياغة تعاريف واضحة ومحددة للتبسيط والتسهيل وتطبيق موازنة البرامج والأداء باعتبار ذلك أحد الوسائل التي تضبط الإنفاق العام وترشده وتؤصل مفاهيم المحاسبة والمساءلة لضبط الأداء المالي من خلال استخدام الأساليب العلمية والتقنيات الفنية لرفع كفاءة الأداء المالي سواء بوزارة المالية أو الجهات الإدارية المختلفة”.

وتنص المادة 22 من مشروع القانون على “تعد الوزارة جداول الخزانة العامة المرافقة لقانون ربط الموازنة العامة للدولة ويعرض بها الفائض/العجز النقدي، والفائض/العجز الكلي، والفائض/العجز الأولي، ويوضح بها مصادر التمويل.

وتوجب المادة 30 من مشروع أخذ رأى وزارة المالية فى مشروعات القوانين والقرارات التى ترتب أعباء مالية إضافية على الموازنة العامة للدولة قبل إصدارها من السلطة المختصة وفى حالة عدم الموافقة يعرض الأمر على مجلس الوزراء لتقرير ما يراه.

كما أوجبت المادة 31 من مشروع القانون عدم قيام الجهات الإدارية بعقد قروض أو الحصول على تمويل أو الارتباط ببرامج غير واردة في الموازنة العامة للدولة أو موازنات الهيئات الاقتصادية إلا بعد موافقة مجلس النواب.

غير أن مجلس النواب على مدار ثمانية سنوات يوافق على قروض تقدر بعشرات المليارات من الدولارات اقترضها النظام المصري دون مساءلة من المجلس، كما أن سلوك النظام بإنشاء الصناديق الخاصة وعمل قوانين خاصة لها يتنافى مع مبدأ الشفافية.

ثمَّة تناقض عجيب يطغى على الحالة الفكرية والثقافية في مصر، حيث تفسر حرية التعبير على هوى النظام الحاكم والطبقة المحيطة به من القائمين على الشأن الإبداعي، والتي تثور لكل ما يمكن أن يمس النظام، وتدهس حرية التعبير بأقدامها إرضاءً له.

وفي يناير/كانون الثاني، ثار جدل حول ما قيل عن قرار داخلي بالهيئة العامة لقصور الثقافة بسحب كتب نجيب محفوظ أو دراسات مكتوبة عنه من مكتبات الهيئة، بسبب ما تحتوي عليه من أفكار قد لا تتوافق مع رؤى النظام الحاكم. هذا بالإضافة إلى الانتقادات الشديدة التي طالت فيلمًا سينمائيًّا يتعارض مع القيم والأخلاق ويروج لأفكار وسلوكيات منحرفة.

لم يعترض أحد في الحالة الأولى، بينما ملأوا الدنيا صراخًا وعويلًا على حرية التعبير التي يرون أنها في خطر بسبب انتقاد المصريين لمحاولات الخروج على القيم والأخلاق.

افتتح في القاهرة، في 26 يناير/كانون الثاني، معرض القاهرة الدولي للكتاب، في نسخته الثالثة والخمسين. وهو مناسبة سنوية مهمة على أجندة الثقافة المصرية والعربية.

ولكن هل تعبّر هذه المعارض السنوية عن إيمان النظم الحاكمة بالقراءة وتثقيف الشعوب، وهل تنظم لرغبة رسمية حقيقية في انتشال المواطن العربي من مستنقع الجهل؟

ثمّة ما يشير إلى أن هذه المعارض لا تعدو أن تكون شكلًا من أشكال الوجاهة بالنسبة للحكّام الذين يحرصون على الظهور أمام الكاميرات يوم الافتتاح، حيث يتصنعون الاهتمام أثناء الاستماع لبعض الناشرين وهم يعرضون عليهم الكتب، بينما تقوم أجهزتهم الأمنية والرقابية بمصادرة الأعمال التي تحتوي على أفكار يمكن أن تكشف استبدادهم وترشد إلى ضرورة مواجهتهم وانتزاع الحقوق منهم.

والقراءة هي بوابة الثقافة، و”الثقافة هي التي تحدّد وعي الإنسان بذاته وبالمسائل الحياتية، وهي الإطار الأوسع التي جعلت الإنسان يُحدّد طبيعة الأشياء المُحيطة به ويطوّرها وفقًا لاحتياجاته، كما أنها تحدّد مسار حياة الأفراد والشعوب، وترسم المُنعرجات التاريخية والحضارية، باعتبار أن الإنسان هو الذي يبني تاريخه ويُحدّد النقاط المفصلية ونقاط التحول الرئيسية في مساره، وبالتالي فإن الإنسان تتطوّر حياته بقدر ما تتسع ثقافته ومنظوره للثقافة من منظور العادات والتقاليد والرموز والقيم التي يكتسبها منذ نشأته وطيلة حياته”[31].

ويدرك المستبد أن معركته مع الشعب هي معركة الوعي، ولهذا يعمل جاهدًا على تغييب وعيه، عن طريق ربط المواطن في ساقية الاحتياجات المادية، وتسطيحه فكريًّا، بإبعاده عن مصادر الثقافة أو إبعادها عنه، عن طريق المصادرة والمنع.

ولذلك يُعادي المستبد الكتاب، بوصفه وسيلة من أهم وسائل التثقيف وإيقاظ الوعي وتغيير القناعات وتحديد المسار، وهو ما عبرت عنه رواية “فهرنهايت 541″، للروائي الأمريكي “راي برادبري”، التي تدور أحداثها حول نظام شمولي يقوم بغزو العالم في المستقبل، ويجعل التلفزيون دعاية سياسية له، ويقوم بحرق الكتب على درجة 451 فهرنهايت. وبطل الرواية هو رجل الإطفاء “مونتياج” الذي يتولى مسؤولية حرق الكتب المحظورة التي لا يرضى عنها النظام، ويلتقي صدفة بجارته المثقفة، التي قامت بجذبه وإقناعة بقراءة رواية جميلة، وسرعان ما وقع مونتياج في حب التراث الإنساني العريق الذي لم يكن يعلم عنه شيئًا لولاها. وبالتدريج تمرد هو أيضًا على السلطة.

وفي مصر، وعلى مشارف افتتاح معرض الكتاب، كشف الصحفي المصري، “محمد فخري”، عن قيام الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهي إحدى هيئات وزارة الثقافة المصرية، بسحب أعمال الأديب المصري “نجيب محفوظ”، صاحب جائزة نوبل، لأنها تشكل خطرًا على توجّه الدولة.

وذكر فخري أن العاملين بمكتبات الهيئة وصلتهم تعليمات لم يُفصِح عن مصدرها، تقضي بسحب الكتب التي تتناول أدب محفوظ من 500 مكتبة بأنحاء مصر. ونقل عن مصادره من داخل الهيئة تأكيدها بأن تلك التعليمات تأتي في إطار حملة تنظيف المكتبات من أي كتب تشكل خطورة على التوجّه العام للدولة. وأكد أنه تمَّ بالفعل جمع الكتب وإرسالها للمديريات، تمهيدًا لتسليمها لمقر الهيئة العامّة، ثم تشوينها في مخازن الهيئة أو التخلص منها[32].

وعلى الرغم من نفي الهيئة العامة لقصور الثقافة، فإن الرئيس الأسبق للهيئة، الأديب “سعد عبدالرحمن”، لا يستبعد مثل هذه الممارسات، ويقول إن “استبعاد بعض كتب محفوظ، يدخل ضمن رغبة البعض للتقرب للحاكم بقرارات يظن أن تنفيذها لصالحه”.

ويعتقد عبدالرحمن أن “الأخطر من ذلك أن المثقفين غير مهتمين ولم تحرك أية جهة تمثل المثقفين أو الأدباء بصفة خاصة ساكنًا تجاه ما يحدث حتى ولو بالشجب والتنديد والاستنكار، وهو أقل ما يجب، وكأن الأمر لا يعنيهم”. ويفسر موقف المثقفين والأدباء بقوله: “أظن أن الجبن سبب موقفهم السلبي المخزي، ومَن لم يهتم من المثقفين والأدباء بما يحدث ويتخذ منه موقفًا رافضًا، لن يجد مَن يهتم به حين يتعرض ما يكتبه لما تتعرض له كتب محفوظ وغيرها”[33].

وللنظام المصري بعد انقلاب 2013 تاريخ حافل في منع الكتب ومصادرتها، وكانت البداية مع كتب الإسلاميين الذين قامت السلطات بسحب كتبهم من مكتبات المدراس والمكتبات العامة، كما قامت وزارة الأوقاف بفحص الكتب الموجودة بمكتبات المساجد، ومصادرة الكتب التي تعود إلى مؤلفين محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وفي مقدمتهم مؤسسها حسن البنا، وسيد قطب، ويوسف القرضاوي[34].

ولكن سرعان ما طال المنع والمصادرة جميع التيارات الفكرية والسياسية في مصر، بل والأعمال الأدبية العالمية التي صار اقتناؤها جريمة تستوجب الاعتقال، مثل رواية “1984”، للكاتب البريطاني “جورج أورويل”، التي تسببت اعتقال طالب مصري من على أبواب الجامعة، وتنبأ صاحبها بمصير العالم بعد أربعة عقود، وقال إنه سيُحكم من قبل قوى كبيرة تتقاسم مساحته وسكانه ولا تحقق لهم طموحاتهم وأحلامهم، بل تحولهم إلى مجرد أرقام في جمهوريات الأخ الأكبر الذي يراقب كل شيء ويعرف كل شيء، حيث يمثل الحكم الشمولي. وتشبه بعض فصول الرواية الوضع في مصر بعد انقلاب 2013 إلى حد كبير. ويهتم القراء والنشطاء بترديد بعض المقاطع والعبارات الواردة بها، مثل: “من المستحيل أن تؤسس حضارة على الخوف والكراهية”، و”الشعوب يمكن أن تكون متواطئة وليست ضحية”، و”الحكام ليسوا قدرًا على الشعوب”[35].

ولم يقتصر المنع والمصادرة على الكتب الدينية والسياسية والأدبية، وإنما امتد إلى الكتب الاقتصادية أيضًا، وهو ما حدث مع كتاب “هل مصر بلد فقير حقًا”، والذي قامت مباحث أمن الدولة في 2018 بمصادرته، بعد إلقاء القبض على صاحب المطبعة، وبرغم حصول صاحب الكتاب على تصريح رسمي من الجهات المختصة، وبرغم أن الكتاب ﻻ يشتم أحدًا، وإنما يناقش الموضوع بالأرقام والحقائق، بحسب تصريح مؤلفه، الدكتور “عبدالخالق فاروق”.

ولكن موضوع الكتاب يكشف عن دوافع النظام إلى مصادرته ومنعه من الوصول إلى القراء، لأنه يهدم الرواية الرسمية التي يتبناها رأس النظام عن كون مصر دولة فقيرة، ويقدم من المعلومات ما يدين النظام ويفضح فساده.

يتناول الكتاب الوضع الاقتصادي لمصر في ظل سيطرة رأسمالية المحاسيب، ويطرح نماذج من شركاتهم، ويشير لأزمة المساكن الفارغة والموارد المهدرة، من وحي نتائج الإحصاءات الرسمية، كما يتناول سياسات الإهدار الحكومي، ومنها السيارات الحكومية كنموذج، ويحتوي على فصول عن الموارد البشرية والكثافة السكانية، وتمويل العاصمة الإدارية الجديدة، وكيفية إدارة ثرواتنا البترولية والغازية، والخسائر التي تكبدتها مصر من تعاقدات الغاز مع إسرائيل والأردن وشركات الغاز الغربية كنموذج لحالة الفساد غير المسبوق التي تشهدها البلاد[36].

ولكن هل تجدي سياسة المنع والمصادرة نفعًا في محاصرة الكتب التي تحتوي على أفكار تقلق المستبدين؟ لعل أفضل إجابة على هذا السؤال هي ذلك الإقبال الكبير من جانب المصريين على اقتناء رواية 1986 وقراءتها لمعرفة الأسباب التي دفعت الأمن لاعتقال طالب بتهمة حيازتها، فقد سارع نحو 300 ألف مصر  للبحث عن الرواية، وسط موجة من التهكم والسخرية اللاذغة، منها قول إحدى المصريات على لسان مؤلف الرواية: “مِن جورج أورويل إلى السلطات المصرية: نشكركم على حسن تعاونكم معنا وجعل روايتنا الأكثر قراءة في مصر”[37].

المقصود بالتطبيع في معاجم اللغة العربية هو “جعل الأمور طبيعية”، ويطبع الشيء أي يجعله طبيعيًّا، عاديًّا، وذلك من خلال تكييفه مع الشروط الطبيعية. ويمكن القول بعبارة أخرى إن التطبيع هو عملية تبديل حالة ما هو شاذ، غير مألوف، أو غير طبيعي، حتى يصبح طبيعيًّا ومألوفًا وعاديًّا.

ولا يختلف هذا المعنى كثيرًا عن مفردة “العادي”، نسبة إلى “العادة”. فكثيرًا ما تستخدم العادة بمعنى “الطبيعة”، وتُعرّف على أنها: “كلّ ما اعتيد حتى صار يفعل من غير جهد”.

وفي كلا المعنيين، فإن الدلالة الأبرز، للطبيعة والعادة، هي غياب التوتّر، والغرابة، والكُلفة، ولربما الشعور بالذنب، ووخز الضمير، وكذلك الجهد، والإرهاق، عند فعل شيءٍ باعتباره فعلًا طبيعيًّا لا يستدعي انفعالات تعبّر عن عدم الاتزان. وهذا هو هدف التطبيع.

وأخطر أنواع التطبيع هو التطبيع مع الرذيلة والانحلال الأخلاقي، من خلال فرض مظاهرهما على المجتمع المصري ومجتمعاتنا العربية والإسلامية بشتى الطرق الممكنة.

وتُعد السينما إحدى الوسائل المهمة في تنفيذ التطبيع بالمعنى المذكور، لما تملكه من إمكانيات مبهرة وجذابة تجعلها من أخطر الأدوات الثقافية والتربوية تأثيرًا، لأنها تمثل أفكارًا حيَّة تعيش أمام أعين المشاهد، ولذلك فإن تأثيرها لا يقتصر على الأفكار النظرية كما هو تأثير الكتب والمؤلفات، وإنما ينطبع بصورة أشد على سلوكيات المتلقي ومظاهره.

وأخطر ما في الأمر أن السينما لم تعد قاصرة على روادها، بل أصبحت تدخل البيوت عن طريق التلفزيون، وحملت أفلامها كثيرًا من السموم إلى المشاهدين على اختلاف أعمارهم، وحشت أفكارهم بصور الحضارة الغربية، ونقلت إليهم كل أمراضها، حتى أصبحت الخيانة الزوجية والشذوذ الجنسي والانحلال في أفلام السينما مادة يومية متكررة لا تمل من الإلحاح عليها، وكأنها أمور طبيعية لا ينبغي الاعتراض عليها. ولا ريب أن هذا التكرار لتلك المفاهيم المسمومة يؤثر في حس المشاهد، فتصبح شيئًا عاديًّا، لأن عدوى الإغضاء عنها قد أصابته في أخلاقه، فغيّرت مفهوم “العرف” الأصيل بأعراف زائفة[38].

ولخطور هذا النوع من التطبيع الذي يستهدف إحلال أخلاق وسلوكيات غريبة أو منحرفة تتعارض مع ديننا ولا تنتمي إلى مجتمعنا، ثارت موجه من الجدل والانتقادات الحادة في الشهر الماضي بعد أن عرضت منصة «نتفليكس» فيلمًا من بطولة ممثلة مصرية، وهو «أصحاب ولا أعز»، والذي يحتوي على مشاهد خارجة وألفاظًا نابية، ويتناول مجموعة من الرذائل، مثل الخيانة الزوجية والشذوذ الجنسي.

وتعرف نتفليكس بإقحام مشاهد الخيانة الزوجية والمثلية الجنسية والعلاقات المحرمة في أفلامها ومسلسلاتها، وهو ما يدل على إصرار على الترويج لهذه السلوكيات المنحرفة.

والفيلم المذكور هو النسخة رقم 19 من الفيلم الإيطالي “Perfect strangers”، ويتعرض لحكاية سبعة أصدقاء، قرروا ترك هواتفهم النقاله مفتوحة على الطاولة خلال حفل عشاء، ما كشف أسرارًا مثيرة، حول حياتهم الشخصية الغارقة في الخيانة الزوجية والانحلال والمثلية الجنسية التي لا يعتبرها الفيلم جريمة أو شذوذًا.

تعددت الانتقادات الموجهة للفيلم من جانب شخصيات وكيانات مختلفة رأت فيه محاولة لاستنساخ سلبيات الحضارة الغربية، وكان رد الأزهر أبرزها، لصدوره عن المؤسسة المعنية بحماية الإسلام والتعبير عنه في مصر والعالم، حتى وإن لم يذكر الفيلم بالاسم.

أصدر مركز الفتوى العالمي للأزهر بيانًا أكد فيها أن الضمائر اليقظة تدفع أصحابها نحو الإبداع المستنير الواعي الذي يبني الأمم، ويُحسِّن الأخلاق، ويُحقق أمن واستقرار المجتمعات.

وأضاف أن التمرد على الفضيلة، والتنكر لقيم المجتمع السوية بمخططات وحملات مُمنهجة ليست حرّية، أو تحرّرًا، أو إبداعًا، بل هو إفسادٌ وإضعاف للمجتمعات، وغَمْسٌ لها في أوحال الرذيلة، مشيرًا إلى أن المشاركة في إشاعة الفواحش وتهوينها في عيون الناس خطيئة تنشر الموبقات والجرائم، وتهدِّد قِيم المجتمع وأمنه واستقراره.

وتابع الأزهر أن تشويه المفاهيم الدينية، والقِيم الأخلاقية، بهدف إثارة الجدل، وزيادة الشهرة والمشاهدات أنانية ونفعية بغيضة، تعود آثارها السلبية على استقامة المجتمع وانضباطه وسلامه، مؤكدًا أن النماذج السيئة في المجتمعات لا يُحتفَى بها، ولا يُتعاطَف مع خطئها، بل تُبغَّض أفعالها، ويُحذَّر الناس منها.

وأكد مركز الفتوى بالأزهر أن صناعة القدوات الصالحة المُلهِمة، وتسليط الضوء على النماذج الإيجابية المُشرِّفة من أهم أدوار الإعلام الرفيعة في بناء وعي الأمم، وتحسين أخلاق الشباب، وانحسار الجرائم، وتشويه معنى القدوة ينشر الانحلال الخُلقي، ويُزيّف الوعي، ويُفسِد الفطرة، مضيفًا أن البذاءة اللفظية لا جرأة فيها أو شجاعة، بل هي صفة دنيئة، مُخالِفة للفطرة، ومُنافية للآداب الشرعية والذوق العام.

وتابع مركز الفتوى أن الخيانة الزوجية – بكل صورها – جريمة لا مبرر لها مطلقًا، بل تبريرها جريمة كذلك، مشيرًا إلى أن العلاقة غير الشرعية بين الرجل والمرأة زنا مُحرّم من كبائر الذنوب، ومحاولة تحسينها وتطبيعها إهدار للحقوق، وهدم للمجتمعات، ومخالفة صارخة لتعاليم الإسلام.

وقال مركز الفتوى إن الشذوذ الجنسي فاحشة منكرة، وانحلال أخلاقي بغيض، ومخالفة لتعاليم الأديان، وانتكاس للفطرة الإنسانية السوية، وجريمة تطبيعه والترويج له مَسْخ لهويَّتنا، وعبث بأمن مجتمعاتنا، وهدم للمنظومة القيمية والاجتماعية ومؤسسة الأسرة[39].

وقانونيًّا، أكد المستشار “محمد خفاجى” نائب رئيس مجلس الدولة، أن القانون يحظر على الفنون الإثارة الجنسية البحتة أو تحبيذ الانحراف أو الشذوذ الجنسي أو تمجيد أصحاب الشهرة فى عالم الجريمة على حساب قيم الحق والأمانة والنزاهة والرحمة والوفاء، ويحظر على الفنون إثارة الغرائز الدنيا خاصة للنشء الفئة العريضة لجمهور الفنانين أو تزين لهم السلوكيات المخالفة للقيم السامية والمبادئ العليا أو تشجيعهم علي الانحراف، وأن الدستور المصري يصون هذه المعاني ويحميها[40].

وفي المقابل، اشتدت نبرة التبجح من جانب المشاركين في هذا الفيلم والدائرة المحيطة بهم مِمَّن ينسبون أنفسهم إلى “الإبداع” و”الفن”، فقد وقفوا في وجه منتقدي محاولاتهم لتطبيع الانحلال الأخلاقي، متهمين إيّاهم بتهم عديدة، كالجهل ومعاداة حرية التعبير والتطرّف وكراهية النجاح، ما جعل الأمر يبدو وكأنه هجمة “مضادة” منهم على المتمسّكين بالفضائل والأخلاق القويمة، مصداقًا لقوله تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).

كانت البداية من الممثلة المصرية التي قامت بالدور الأول في الفيلم، وتعد أكثر المشاركين شهرة، وصاحبة أكثر المشاهد ابتذالًا، حيث اتهمت منتقدي فيلمها بأنهم “غير أصحّاء”، وذلك من خلال منشور لها عن “الأصحاء” الذين يتبنون التغيير ويرحبون بالتحديات ولا يهدرون طاقتهم على أشياء لا يمكنهم السيطرة عليها، وهم لطفاء، ويقولون ما يريدون، ويأخذون مخاطر محسوبة، ويحتفلون بنجاح الآخرين، ولا يستاؤون من هذا النجاح. وخرج زوجها لاتهام من يرفض الفيلم بأنه “جاهل” و”داعشي”، معتبرًا ما قدمته زوجته بأنه نوع من “الفن الراقي”.

كما خرج أحد العاملين في مجال السينما ليسخر من أولئك الذين وصفوا الفيلم بالانحلال، قائلًا: “أنا من موقعي هذا، كشخص شديد الانحلال، أهنئ كل المنحلين اللي قدّام وورا الكاميرا على مجهودهم في انحلالهم”. بل ووقف الصحفي والإعلامي “إبراهيم عيسى” احترامًا وتقديرًا للممثلة، وهو الذي آذاه مشهد صيدلي يمسك بالمصحف ليقرأ القرآن وقت فراغه في صيدليته.

أما نقابة “المهن التمثيلية” التي أزعجها فيلم “ريش” الذي صور الفقر والعشوائيات ومعاناة المواطن المصري، واعتبرت ذلك نوعًا من التشهير بمصر في عهد السيسي، فقد كشرت عن أنيابها، وأعلنت أن “النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي اعتداء لفظي أو محاولة ترهيب معنويه لأي فنان مصري أو النيل منه، نتيجة عمل فني ساهم فيه مع مؤلفه ومخرجه”، وأن “الحفاظ علي حرية الإبداع في دولة مدنية تؤمن بالحرية جزء أساسي من وجدان الفنانين المصريين، تحميه النقابة وتدافع عنه”[41].

يعرض الدفتر الإعلامي لشهر يناير/كانون الثاني 2022، عددًا من القضايا التي تناولها الإعلام المصري باهتمام على مدار الشهر وأثارت حالة من الخلاف بين المنصات الإعلامية التابعة للنظام والمنصات الحرة، مثل منصات التواصل الاجتماعي.

وقد كان أبرز هذه القضايا هو التناول الإعلامي لقضية وفاة الإعلامي المقرب من النظام “وائل الابراشي”، والذي ثارت ضده حملة كبيرة على منصات التواصل، في حين اتخذ الإعلام المصري دور المدافع عن تاريخ الرجل. كما تناول الإعلام ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير والاحتفال بعيد الشرطة بصورة تعكس جدلًا كبيرًا.

شهد شهر يناير/كانون الثاني وفاة عدد من الرموز المقربة من النظام المصري، مثل الاعلامي “وائل الإبراشي”، والكاتب الصحفي “ياسر رزق”، والمستشارة “تهاني الجبالي”. وقد شهدت منصات التواصل الاجتماعي حملات واسعة ضد هؤلاء الرموز الإعلامية والسياسية فور رحيلهم مستذكرين حربهم على معارضي النظام طوال سبع سنوات.

فيما قامت وسائل الإعلام والصحف التابعة للإعلام الرسمي أو الممول من الدول العربية مثل الإمارات والسعودية بدور المدافع عن هؤلاء الرموز التي يعدونها وطنية قامت بدور في خدمة النظام، وفي ذات الوقت شنت وسائل الإعلام وأقلام الكتاب حملة ضد جماعة الإخوان المسلمين، متهمة الجماعة بأنها خلف حملات التشويه عن طريق استخدام “كتائب إلكترونية”.

تناولت الصحف المصرية وفاة المستشارة تهاني الجبالي، من خلال الحديث عن شخصيتها كقاضية بارزة في المحكمة الدستورية العليا وأول امرأة تُعيّن في سلك القضاء، كما تمَّ الحديث عن أبرز مواقفها “الصلبة” أثناء فترة حكم الرئيس محمد مرسي كشخصية ظهرت معارضة له بقوة، واستدعاء مواقف لها من الدستور الذي تمَّ إقراره في عهد الرئيس محمد مرسي، إضافة إلى موقفها من المحكمة الدستورية العليا، وظهورها على شاشات الفضائيات للتحريض على الإخوان في ذلك الوقت.

كما توفي في نفس الليلة الإعلامي المعروف وائل الإبراشي[42]، ونعاه أبرز مذيعي الإعلام في مصر، كما نشرت الصحف المصرية عن مسيرته ودوره في الإعلام، واستذكرت دوره في محاربة فكر جماعة الإخوان المسلمين.

على النقيض ثارت حملة في وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الإعلامي المقرب من النظام بعد وفاته، مذكرة بدوره في مساعدة النظام وتحريضه على انتهاك حقوق معارضيه، وأبرزهم ضحايا مجازر فض اعتصام رابعة والنهضة، التي رأى الإبراشي أنها استعادة لدور الدولة، ودعا للاحتفال بهذا اليوم[43]. كما تمَّ ذكر موقفه مع الشيخ “محمود شعبان” في تلك الحلقة الشهيرة التي تمَّ بعدها اعتقال الشيخ.

نعى الإعلامي أحمد موسى وائل الابراشي، قائلًا “أخ وصديق عزيز وكان رجلًا بمعنى الكلمة وصحفي شاطر ومحب للناس والوطن وإعلامي متميز”. وأضاف: “الإخوان يقولون إن الدور القادم عليَّ بعد وائل الإبراشي، وأنا أقول لهم لا أحد باقٍ وكلنا سنموت”، لافتًا إلى أن “هناك فئة ضالة مجرمة وشامتة وهم جماعة الإخوان الإرهابية أعداء الوطن”[44].

استغلت وسائل الإعلام المصري كذلك حالة وفاة الإبراشي في حربها على جماعة الإخوان عن طريق إظهارها جماعة “شامتة لا تعرف أخلاق الدين”، وتمَّ الترويج لهذا المعنى من خلال الصحف والقنوات والمقالات التي تناولت الإعلامي وائل الإبراشي.

كما استغلت دار الإفتاء الحدث كذلك في حربها على جماعة الإخوان المسلمين، لوصم الإخوان بالخروج عن تعاليم الدين الإسلامي، حيث علقت على وفاة الابراشي قائلة: “الموت ليس مناسبةً للشماتة ولا لتصفية الحسابات”[45]. في حين أن جماعة الإخوان لم يرد عنها أي تعليق رسمي على وفاة الإبراشي.

كما تحدث الشيخ خالد الجندي، في حلقته عقب وفاة الإبراشي، عن أفكار جماعة الإخوان المسلمين، في سياق تقديم العزاء، قائلًا إنهم “فرقة ضالة تستخدم الدين والدعاء في مهاجمة مخالفيهم مثل قولهم “ربنا يحشرك معاه”، و”عند الله تجتمع الخصوم”.

وفي السياق نفسه، قال الإعلامي عمرو أديب، وهو ينعي وائل الإبراشي، إنه مستاء جدًّا من حالة الشماتة التي يبديها الإخوان في وفاة وائل الإبراشي، قائلًا: “لم أشمت في وفاة مرسي أو عصام العريان”.

كما دان الهجوم على الإبراشي والفرحة بموته حسبما قال، وخاطب جمهوره قائلًا: “لما أموت إوعوا تسيبوا الكلاب تنهش في لحمي، اقفوا جنبي، الناس جرى لها إيه؟ فيه حد يفرح ولا يشمت في موت حد؟”[46].

السياق الذي تناولت من خلاله وسائل الإعلام وفاة رمز إعلامي مقرب من النظام مثل وائل الابراشي، استعمل الخطاب العاطفي والخطاب الديني في حربه الأساسية مع جماعة الإخوان المسلمين، وهم أبرز ضحايا هذا النظام طوال هذه السنوات، وبرزت دار الإفتاء كأداة في هذه المعركة، وخرجت عن وقارها الديني الذي يجب أن تتسم به.

واستمر الإعلام يؤدي دوره في تجميل صورة النظام ورجاله، وفي ذات الوقت شن الحرب على أعدائه، حتى من خلال استغلال حدث كالموت، متعدين الحدث إلى استمرار حالة التشاحن السائدة بين النظام ومعارضيه.

الأمر نفسه حدث في تناول الإعلام لموت الكاتب الصحفي المعروف ياسر رزق[47]، وهو أحد أبرز الصحفيين في عهد السيسي، حيث تميز بكونه من المقربين من الجيش ومن السيسي بشكل شخصي، وظهر مؤخرًا كشاهد على أحداث الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2011 إلى يوليو/تموز 2013، والتي كتب عنها آخر إصداراته قبل الوفاة: “سنوات الخماسين بين يناير الغضب ويونيو الخلاص”، والذي لقى زخمًا كبيرًا قبل وفاته بأيام.

كما استعرض عدد من المواقع الإلكترونية، منها موقع “صدى البلد”، الحديث الأخير الذي دار بين ياسر رزق والإعلامي أحمد موسى على قناة صدى البلد قبل وفاته بأيام، حول كتابه الجديد “سنوات الخماسين بين يناير الغضب ويوينو الخلاص”.

وأشار الإعلامي أحمد موسى إلى أن قلم ياسر رزق طالما كشف “زيف الإخوان” وكان كتابه الأخير فاضحًا لهم لما كشفه عن أسرار العام الذي تولوا فيه الحكم.

فيما وصفت بعض الصحف ياسر رزق في بيان نعيه بأنه “قاهر الإخوان”، لأنه هو الذي استطاع كشف كواليس وأسرار “خيانة الإخوان”، مقابل وطنية الجيش المصري الذي أمهلهم عامًا كاملًا، وكشف ملابسات ودور الفريق السيسي في هذه المرحلة، والتي انتهت بحركة 3 يوليو”[48].

يُذكر أنه صدر للكاتب  ياسر رزق مؤخرًا كتاب “سنوات الخماسين”، حيث أقيمت بدار الأوبرا المصرية ندوة لمناقشة هذا الكتاب، أدارها الدكتور سامي عبدالعزيز، وهو من فلول نظام مبارك، ومسؤول عن حملات إعلامية للحزب الوطني المنحل، وشارك في المناقشة والحضور من السياسيين والمفكرين كل من الوزير الأسبق منير فخرى عبدالنور، ووزير النقل الأسبق جلال السعيد، ورئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب، والكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة السابق.

بعد مرور أحد عشر عامًا على ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ما زال الإعلام المصري الذي يخدم النظام الحالي، نظام 3 يوليو/تموز، يجد حيرة في تناوله لهذه الثورة، التي لا يعتز بها النظام كثيرًا، حيث يرى أنها السبب فيما عمَّ البلاد من فوضى وخراب، وبين كونها ذكرى تهم المصريين جميعًا مهما أُثير حولها من غبار الشبهات.

تناول الإعلام المصري ذكرى الثورة من خلال الإعلام المرئي والصحف والمقالات والحوارات، وبرزت عدة مشاهد يتبين فيها تباين الكتّاب بين مَن يرى أنه لا تعارض بين الاحتفال بعيد الشرطة وبين الاحتفال بعيد الثورة، وبين مَن يرى أن الثورة كانت سببًا في الخراب، ولا يجب الاحتفال إلا بعيد الشرطة ونسيان هذه الثورة.

كما كان التناول الرسمي لا يخلو من مداعبة عواطف الجماهير من خلال ذكر كلمات عن شباب الثورة وحسن نواياهم وأنهم سُرقت منهم أحلامهم التي أعادها السيسي إليهم في 30 يونيو/حزيران، في محاولة لاستغلال حدث الثورة الحقيقية التي قام بها المصريون لتجميل وجه انقلاب 30 يونيو.

حيث تناول عدد من القنوات، مثل “mbc مصر، ten، صدى البلد، الحياة”، هذه الذكرى من خلال استضافة عدد من السياسيين والمفكرين، مثل علي عيسى وياسر رزق ويوسف القعيد،  كما شملت التغطية كلمة السيسي في احتفالية عيد الشرطة السبعين[49].

وتمَّ التركيز على إبراز “مجهودات الشرطة” في ذلك اليوم خلال الاحتفالية الرسمية بعيد الشرطة لإعادة تحسين صورة الشرطة المستمرة التي يعمل عليها الإعلام.

حيث نشر عدد من المواقع، مثل “سكاي نيوز عربية، صدى البلد، مصراوي، الأهرام، العين الإخبارية، اليوم السابع، جسور، الحدث الآن”، عن مجهودات الشرطة المصرية ودورها في منع عودة الإرهاب، ودورها في الحفاظ على أمن مصر والحديث عن مدى أهمية الأمن والاستقرار في المجتمعات[50].

ولم يفوّت الكتّاب الذين تناولوا ذكرى هذه الثورة فرصة الحديث عن “جماعة الإخوان المسلمين”، حيث تمَّ الترويج لما يُثار من شائعات حول “خطف الإخوان للثورة” تمهيدًا للوصول إلى التخلص من حكمهم كأحد إنجازات الثورة التي أراد الإعلام ترويجها.

حيث نشر عدد من المواقع الإخبارية، منها “المال، وشبكة رؤية الإخبارية، ونيوز يمن، ودار الهلال”، عن مؤتمر “مواجهة جرائم الإخوان” تحت شعار “انتصار الهوية” الذي ينطلق ضمن فعاليات “معرض الكتاب” في دورته الحالية في  ذكرى ثورة يناير يوم 28 يناير/كانون الثاني[51].

يستهدف هذا المؤتمر البحثي المكثف “توثيق مختلف عناصر الخطاب الفكري والمعرفي للجماعة المبثوث في كتابتها المباشرة، أو المندس في كتابات غير مباشرة تلجأ إليها الجماعة في فترات الكمون والتربص، بحسب التقرير المنشور في صحيفة المال[52]. كما يستهدف “مناقشة وحصر وتوثيق ما كُتب عنها تحليلًا ودراسة لخطابها، والوقوف على ميكانيزمات عملها في مختلف الجبهات والمحاور الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والتعليمية والدينية”.

كما نشرت الأهرام يوم 25 يناير/كانون الثاني، مقالة صادرة عن “رأي الأهرام” في الذكرى الحادية عشر لثورة 25 يناير، وتذكر أنها أيام حلم فيها شباب الوطن بالحرية وخرجوا بكل سلمية لولا أن أطراف خارجية بمساعدة الإخوان في الداخل استغلوا الأحداث لصناعة الفوضى.

واختتمت: “أيًّا كان التقييم أو الوصف الذى يطلق على ثورة 25 يناير 2011، فإنها تبقى نقطة مضيئة فى مسيرة الشعب المصري، لم تكن لتضيء وتتوهج لولا ثورة يونيو التى فتحت الباب للعبور الثانى لمصر وهو عبور التنمية وتأسيس الجمهورية الجديدة”[53].

كما أشار الدكتور مصطفى الفقي إلى ذات النقطة حيث تحدث كذلك عن فكرة طهارة الثورة في بدايتها إلا أنها لم يكن لها برنامج محدد، وأنها مجرد غضبة صادقة لا قيادة لها وليس لها منهج واضح، ثم ما لبثت أن آلت الأمور إلى فصيل ليس له الحق في الحكم وكانت ستؤول البلاد إلى الخراب لولا تدخل القوات المسلحة في 3 يوليو 2013 استجابة لرغبة الغالبية العظمى من الشعب، وهو ما عبر عنه الفقي بأنه “الديمقراطية المباشرة” في كثرة الجماهير التي خرجت في 30 يونيو[54].

كما كتب كرم جبر، الصحفي المقرب من نظام السيسي مقالة تحت عنوان “تحية للشرطة فى عيدها[55]، وتناول فيها كذلك بطولة الشرطة أمام “خيانة الإخوان”، من أجل الترويج للنظام.

وأضاف جبر: “اتسمت احتفالات عيد الشرطة هذا العام بالبساطة والروعة والإتقان الشديد، وفى أقل من ساعة ونصف الساعة، تجولنا في حديقة بطولات الشرطة، التى يتجاوز عمرها سبعين عامًا”.

وتابع: “إلا هذه الجماعة الإرهابية التى قفزت على السلطة، وحاولت إدخال البلاد فى حظيرة الفوضى، والحكم خارج إطار القانون، وكان ضروريًّا أن تسقط ليظل الوطن واقفًا على قدميه”.

وختامًا، فإن وسائل الإعلام المصرية التي تمَّ استهلاكها في حرب السيسي على جماعة الإخوان قد فقدت جانبًا كبيرًا من مصداقيتها، ويُرصَد ذلك بسهولة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تُعتبر نبضًا حقيقيًّا للشعوب وإعلام الحقيقية، إذ لم تعد الأذرع الإعلامية وكتّاب النظام سوى أدوات فقدت دورها المستقل.


[1] اليوم السابع، الرئيس السيسي: “لو الناس مش عاوزانا تقول لأ واحنا نمشى وييجى حد تانى”، 13 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3L3Jdrx

[2] الشرق الأوسط، مصريون يردّون على تصريحات الرئيس بحملة «إرحل يا سيسي» على شبكات التواصل، 22 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3L9Jmtt

[3] الجزيرة، الواقع ليس كذلك.. السيسي يرد على انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان بمصر، 12 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3ru0eDL

[4] العربي الجديد، رسائل السيسي للإقليم والغرب: مساومة بورقة حقوق الإنسان، 18 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3ukjq8w

[5] اليوم السابع، الرئيس السيسي: معسكرات اللاجئين فيها ملايين البشر بقالهم 10 سنين، 11 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3J7odhL

[6] CNN بالعربية، السيسي يؤكد ارتباط أمن الإمارات بالأمن القومي المصري، 19 يناير/كانون الثاني 2022، https://cnn.it/3IIl7AQ

[7] RT عربي، تقرير: زيارة وفد أمني إسرائيلي إلى الإمارات بعد هجمات الحوثيين، 3 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3L2VBYZ

[8] العربي الجديد، مصر والإمارات: من الدعم المطلق إلى الدفع مقابل المواقف، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020، https://bit.ly/3ou2OY9

[9] بوابة الأهرام، مصطفى مدبولي: العلاقات المصرية ـ الأمريكية إستراتيجية وهناك تقارب بين البلدين، 16 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3LeOVa7

[10] CNN عربية، وزارة العدل الأمريكية: القبض على “عميل” للحكومة المصرية في نيويورك، 7 يناير/كانون الثاني 2022، https://cnn.it/3sigHdm

[11] السياسية، تفاصيل صفقة الأسلحة الأمريكية لمصر، ولماذا مررتها إدارة بايدن رغم اعتراضات المشرعين الديمقراطيين؟، 27 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3rsbGzv

[12] المصدر السابق.

[13] وزارة المالية المصرية، التقرير المالي الشهري، يناير/كانون الثاني 2022، ص11.

[14] البنك المركزي المصري، بيانات ميزان المدفوعات عن الربع الأول لعام 2021/2022، https://shortest.link/2ODn

[15] مدى مصر، ماذا يعني تراجع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك.. وهل نقلق؟ 20 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3otwKDW

[16] العربي الجديد، مصر تقترض 368 مليون دولار من صندوق النقد العربي، 30 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3GvVphn

[17] العربي الجديد، وزيرة التخطيط: مصر تعتزم خصخصة شركة كل شهر أو شهرين، 25 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3J7uhXx

[18] موقع مجلس النواب، حصاد الأسبوع، 4 إلى 6 يناير/كانون الثاني 2022،

[19] اليوم السابع، النواب وافق على قانون التخطيط العام للدولة، 4 يناير/كانون الثاني 2022 

[20] اليوم السابع، وزيرة التخطيط تقول إن مشروع القانون يحقق استحقاق دستوري، 4 يناير/كانون الثاني 2022،

[21] الشروق، النواب يوافق على قانون استخدام التكنولوجيا المالية، 4 يناير/كانون الثاني 2022،

[22] اليوم السابع، مجلس النواب يوافق نهائيا على تخصيص نسبة من أرصدة الصناديق الخاصة للخزانة العامة للدولة، 5 يناير/كانون الثاني 2022،

[23] حصاد النواب، 4 إلى 6 يناير/كانون الثاني 2022،

[24] حصاد النواب، 4 إلى 6 يناير/كانون الثاني 2022،

[25] المصدر السابق.

[26] المصدر نفسه.

[27] اليوم السابع، النواب يوافق على سبعة مشروعات قوانين..، 5 يناير/كانون الثاني 2022،

[28] الشروق، النواب يوافق على مشروع قانون إنشاء صندوق دعم السياحة، 25 يناير/كانون الثاني 2022 ،

[29] اليوم السابع ، النواب يوافق على قانون المنشآت السياحية، 35 يناير/كانون الثاني 2022،

[30] الشروق، النواب يوافق على قانون المالية الموحد، 25 يناير/كانون الثاني 2022،

[31] صحيفة الراية القطرية، دور القراءة والكتابة في تشكيل الوعي، 11 أغسطس/آب 2020، https://bit.ly/3H58pM2

[32] The World News، ما حقيقة سحب كتب “نجيب محفوظ” من مكتبات مصرية؟ 14 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3H7Jc3u

[33] عربي 21، ما حقيقة سحب كتب “نجيب محفوظ” من مكتبات مصرية؟، 14 يناير 2022، https://bit.ly/3u0aGnW

[34] الجزيرة، أوقاف مصر تستبعد كتب الإخوان والسلفيين من المساجد، 23 يونيو/حزيران 2015، https://bit.ly/3J7p2Hl

[35] الجزيرة، إقبال مفاجئ على رواية “1984” لأورويل بمصر، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، https://bit.ly/3B2Lm2a

[36] العربي الجديد، مصر: مصادرة كتاب “هل مصر بلد فقير حقاً” من المطبعة…الاقتصاد يلحق بالأديان، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018، https://bit.ly/3KWPpSn

[37] الجزيرة، “الأخ الكبير” في مصر يعتقل حاملي “1984”، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، https://bit.ly/3J5uWZF

[38] صحيفة الجمهورية، السينما.. سلاح ذو حدين، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، https://bit.ly/3IRvEK0

[39] المصري اليوم، الأزهر: الشُّذوذ الجِنسي فاحشةٌ مُنكرَة وانحلالٌ أخلاقي بغيض، 27 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3g95aaj

[40] الدستور، الأفلام الهابطة ذات المشاهد الفاضحة خروج على التقاليد والقيم، 31 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/35GGaFt

[41] نقابة المهن التمثيلية – الصفحة الرسمية، بيان النقابة، 24 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3AMFWs7

[42] CBB، وفاة وائل الابراشي، 10 يناير/كانون الثاني 2022، https://bbc.in/3HCnWmH

[43] القدس العربي، وفاة وائل الابراشي، بين الشماتة والعزاء ، 10 يناير/كانون الثاني 2022،

[44] صدى البلد، على مسؤليتي، 11 يناير/كانون الثاني 2022، https://youtu.be/zGGmqiVmBvo

[45] أخبار اليوم، شاهد آخر انفعالات الإبراشي أنا أفهم الإسلام أكثر من الإخوان، 9 يناير/كانون الثاني 2022،

[46] الديار، كيف خرج أديب من مصر رغم إصابته بكورنا، 15 يناير/كانون الثاني 2022،

[47] روسيا اليوم، وفاة ياسر رزق، 26 يناير/كانون الثاني 2022،

[48] صدى البلد، ياسر رزق قاهر الإخوان، 26 يناير/كانون الثاني 2022،

[49] قناة تين، ياسر رزق يفتح النار على الإخوان في ذكرى الثورة، 23 يناير/كانون الثاني 2022،

[50] الأهرام، الداخلية ودورها في القضاء على الإرهاب، 23 يناير/كانون الثاني 2022، https://gate.ahram.org.eg/News/3286624.aspx

[51] المال، مؤتمر مواجهة جرائم الإخوان، 28 يناير/كانون الثاني 2022،

[52] المصدر السابق.

[53] الأهرام، رأي الأهرام “الافتتاحية”، 25 يناير/كانون الثاني 2022، https://gate.ahram.org.eg/daily/NewsQ/840862.aspx

[54] الأهرام، مصطفى الفقي يناير من الغضب إلى الإصلاح، 25 يناير/كانون الثاني 2022،

[55] الأخبار، تحية للشرطة في عيدها كرم جبر، 25 يناير/كانون الثاني 2022،

Exit mobile version