الفهرس
مقدمة
المحور الأول: تركيا وسوريا
- الجولة السابعة عشرة من مسار أستانا
- التواجد العسكري التركي في الشمال السوري
المحور الثاني: تركيا وليبيا
- الانفتاح التركي على شرق ليبيا
- تمسّك تركيا باتفاقيّاتها مع الحكومة الليبية
المحور الثالث: تركيا ومصر
- ترتيبات الجولة الثالثة من المباحثات الاستكشافية
- التفاهم حول ترسيم الحدود البحرية
المحور الرابع: تركيا ودول الخليج
- اتفاق مبدئي بين تركيا وقطر لتشغيل مطار كابل
- الإعلان عن زيارة أردوغان للسعودية
المحور الخامس: تركيا وفلسطين والكيان الصهيوني
- إدانة تركية لمخططات الاستيطان في القدس
- العلاقات التركية الإسرائيلية واستقرار المنطقة
المحور السادس: تركيا وأوروبا
- سحب الدعم الأمريكي لمشروع الغاز بشرق المتوسط
- مطالب تركيا من الاتحاد الأوروبي في 2022
المحور السابع: تركيا والولايات المتحدة الأمريكية
- الرد التركي على التقرير الأمريكي بشأن الإرهاب
- السفير الأمريكي الجديد ومستقبل العلاقات الثنائية
المحور الثامن: تركيا والعالم التركي
- أحداث كازاخستان ومستقبل منظمة الدول التركية
- قبرص التركية والحصول على الاعتراف الرسمي
المحور التاسع: الداخل التركي
- حسم الجدل حول الانتخابات المبكرة
- التحقيق في انتماء موظفين ببلدية إسطنبول لتنظيمات إرهابية
- الآلية المالية الجديدة ومواجهة تقلبات أسعار الصرف
مقدمة
مع الإصدار الأول من التقرير في عام 2022، وبعد تغيير اسمه إلى «دفاتر تركية»، نتناول في الفترة من 15 ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى 15 يناير/كانون الثاني 2022، أهم الأحداث التي شهدتها تركيا على المستويين الخارجي والداخلي.
فعلى المستوى الخارجي، واصلت تركيا تعاطيها مع الشأن العربي من خلال عدة مسارات، منها مسار التقارب مع دول الخليج ومصر، من خلال الإعلان عن زيارة مرتقبة من الرئيس التركي للسعودية، ووجود تكهنات بتوافق مصري تركي حول مواطن الخلاف بين البلدين. ومنها أيضًا مسار مواصلة العمليات العسكرية في مناطق الصراع، في شمال سوريا والعراق، واستمرار التعاون الثنائي مع الحكومة الشرعية في ليبيا، مع الانفتاح على الشرق الليبي. ومسار التعاون مع الدول الصديقة، وعلى رأسها قطر، التي توصلت معها تركيا إلى اتفاق مبدئي لتشغيل مطار كابل، وعدة مطارات أفغانية أخرى.
أما الكيان الصهيوني، فقد أدانت تركيا إقدامه على إقامة مستوطنات جديدة في القدس المحتلة، رغم المساعي الثنائية لتحسين العلاقات بين أنقرة وتلأبيب.
وفيما يخص الدول الأوروبية وأمريكا، فقد حققت تركيا – التي تأمل في تغيير سياسة الاتحاد الأوروبي تجاهها – نجاحًا كبيرًا في صراعها مع اليونان بشرق المتوسط، وذلك بعد أن سحبت أمريكا دعمها لمشروع «إيست ميد»، وهو ما يعتبر هزيمة كبيرة لليونان. ولكن هذا لا يُنهي التوتر بين أنقرة وواشنطن، خاصة وأن الأخيرة تتبنى مواقف مخالفة لأنقرة في العديد من الملفات، ومنها مكافحة الإرهاب والتعامل مع المنتمين للمنظمات الإرهابية.
وقد استبدلنا محور “تركيا ودول العالم التركي” بمحور “تركيا والعراق” في تقرير هذا الشهر، لعدم وجود أحداث بارزة في العلاقات التركية العراقية، حيث تواصل التعاون الثنائي في ظل العمليات العسكرية المعتادة في شمال العراق، والتي أسفرت عن سقوط عدد من عناصر المنظمات التي تتهمها تركيا بالإرهاب.
هذا في حين شهدت منظمة الدول التركية التي تضم دول العالم التركي أزمة كبيرة مطلع يناير 2022، تمثلت في الاضطرابات التي واجهتها كازاخستان، ما أدى إلى الحديث عن ضرورة مراجعة التعاون الأمني والعسكري بين دول المنظمة.
وإذا انتقلنا إلى الداخل التركي، فسنجد أن المناوشات بين السلطة والمعارضة لا تتوقف مع كل مناسبة يجد فيها أحد الطرفين فرصة سانحة لتقوية معسكره وإضعاف معسكر الآخر، وآخرها التراشق حول تعيين منتمين إلى منظمات إرهابية في البلديات التي تديرها المعارضة، والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة بسبب الظروف الاقتصادية، وهو ما رفضه أردوغان الذي أطلق آلية مالية جديدة أعادت الاستقرار إلى أسعار صرف العملة.
كانت اجتماع مسار أستانا من أبرز الأحداث التي شهدتها القضية السورية في الشهر الماضي، وهو المسار الذي تستند تركيا إلى مخرجاته في تثبيت الوضع القائم في الشمال السوري، والذي يسمح لها بمواجهة الجماعات “الإرهابية”. وعلى الرغم من الخلافات التي توجد بين القوى الثلاث الضامنة لهذا المسار فإنها تتمسّك به، لأن البديل هو تعريض تسوية النزاع في سوريا للخطر، وحدوث كارثة إنسانية.
ورغم اتفاقيات التهدئة، فإن القوات التركية الموجودة في الشمال السوري مستمرة في عملياتها العسكرية التي تستهدف تحييد “الإرهابيين” الذين يخرقون هذه الاتفاقيات.
- الجولة السابعة عشرة من مسار أستانا
استضافت العاصمة الكازاخية «نور سلطان»، في 21-22 ديسمبر/كانون الأول، الجولة السابعة عشرة من مسار أستانا حول القضية السورية، والتي شاركت فيها وفود الدول الضامنة الثلاث، وهي تركيا وروسيا وإيران، بالإضافة إلى وفد النظام الحاكم، وممثلي المعارضة السورية، ووفد أممي خاص، ومراقبين من لبنان والأردن والعراق.
ناقش الاجتماع آخر مستجدات العملية السياسية والوضع في إدلب، والمساعدات الإنسانية وقضايا مكافحة الإرهاب. وأعلنت وزارة الخارجية الكازاخية أن المحادثات المذكورة تناقش بشكل رئيس أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف([1]).
وقد علقت الخارجية التركية على مخرجات الاجتماع، فأكدت على أن كافة الأطراف قد جددت التزامها القوي بوحدة سوريا السياسية وسلامة أراضيها، وشددت على أهمية الحفاظ على الهدوء في منطقة خفض التصعيد بإدلب، واتفقت على بذل المزيد من الجهود لتحسين الوضع الإنساني على أرض الواقع.
وأشار بيان الخارجية إلى أن المجتمعين قد أكدوا أن المحاولات غير المشروعة للحكم الذاتي بذريعة مكافحة الإرهاب، هي أمر مرفوض. وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء تزايد الهجمات والقمع ضد المدنيين من قبل العناصر الانفصالية في شرق الفرات. وأن تركيا قد أكدت عزمها على المكافحة ضد منظمة “بي كا كا/ي ب ك” الإرهابية.
وحول العملية السياسية في سوريا، ذكر بيان الخارجية التركية أن المشاركين قد جددوا التزامهم بالمضي قدمًا في العملية السياسية، وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وطالبوا بعقد الجولة السابعة للجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن وبنهج بنّاء من قبل الأطراف السورية.
كما ناقش الاجتماع عودة اللاجئين السوريين، وأكدت الأطراف أهمية وأولوية تيسير عودة اللاجئين والمشردين داخليًّا إلى أماكن إقامتهم الأصلية بطريقة كريمة وآمنة وطوعية([2]).
وعلى هامش الاجتماعات، التقى المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، «ألكسندر لافرينتيف»، الوفد التركي. وأكد لافرينتيف على أن جميع الأطراف معنية باستقرار الوضع في سوريا، ولذلك تتحدث الدول الضامنة لعملية أستانا عن التزامها بسيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وأضاف لافرنتييف في لقائه مع الوفد التركي برئاسة رئيس قسم سوريا في الخارجية التركية، «سلجوق أونال»: “لكن كما نرى هناك صعوبات (في هذا المسار) ويجب حلها”.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده على هامش الاجتماعات، قال لافرنتييف إن روسيا تتعاون بشكل مكثف مع تركيا بشأن الوضع في شمال سوريا، وذكر أن أنقرة لم تقم بتنفيذ كل الالتزامات، “لكننا نرى لديهم رغبة حثيثة في تسهيل هذه العملية”([3]).
يمكن القول إن مخرجات الاجتماع الأخير تتسق بشكل عام مع أهداف أنقرة التي تمكنت في إطار هذا المسار من نشر قواتها في الشمال السوري، وحررت مساحة من الأراضي شمال سوريا من قبضة حزب الاتحاد الديمقراطي؛ الأمر الذي مكَّنها من إعادة عدد من اللاجئين، وقطع الطريق أمام مشروع الحزب المتمثل بإقامة كيان له في الشمال السوري، ووضع موطئ قدم عسكري لها يخولها تعزيز موقعها التفاوضي في الملف السوري مستقبلًا من أجل تحقيق أولوياتها المتمثلة في إبعاد “الميليشيات الكردية” عن حدودها وإعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم، والتوصل إلى حل سياسي يضمن الأمن والاستقرار لسوريا([4]).
- التواجد العسكري التركي في الشمال السوري
شهد الشمال السوري استمرار المواجهات العسكرية بين القوات التركية والمنظمات الكردية التي تتهمها أنقرة بشن هجمات إرهابية على قواتها.
وكانت مصادر أمنية قد ذكرت أن الاستخبارات التركية نفذت بالتعاون مع الجيش التركي عدة عمليات ناجحة في الشمال السوري، أسفرت عن تحييد عدد من العناصر “الإرهابية” من PKK/PYD أثناء محاولاتها التسلل إلى منطقة عملية «نبع السلام» لزعزعة أجواء الأمن والاستقرار فيها. وأن موظفًا مدنيًّا تركيًّا في المديرية العامة لشؤون المياه الحكومية قد لقي مصرعه إثر هجوم شنه تنظيمPKK ، في منطقة عملية نبع السلام.
ورصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، قصفًا صاروخيًّا متبادلًا بين «قسد» من جهةٍ والقوات التركية من جهةٍ أخرى، بريف الحسكة الشمالي الغربي، على محاور أبو رأسين، زركان، لتقوم قوات سوريا الديمقراطية باستهداف مواقع القوات التركية والفصائل في منطقة نبع السلام «شرق رأس العين/سري كانيه» دون ورود معلومات عن سقوط قتلى من الجانبين.
وأشار المرصد إلى استهداف القواعد التركية بالمدفعية الثقيلة، في بلدة أبو راسين (زركان) شمال غرب الحسكة. وأفاد نشطاء المرصد بأن القوات التركية المتمركزة في قاعدتي باب الخير وداؤودية، قصفت بلدة أبو راسين «زركان» الواقعة شمال غرب الحسكة بالمدفعية الثقيلة، دون ورود معلومات عن وقوع خسائر بشرية، فيما نزح بعض الأهالي من البلدة نحو الريف وأطراف المدينة الشرقية([5]).
وفي سياق متصل بالتواجد العسكري التركي في شمال سوريا، كشف مصدر عسكري سوري لوكالة «سبوتنيك» الروسية، في 16 ديسمبر/كانون الأول، أن هناك مفاوضات قد جرت في الأردن مع الجانب التركي بخصوص منطقة شرق الفرات. وقال اللواء المفاوض، «حيدرة جواد»، إن “أهم نقاط التفاوض هي منطقة شرق الفرات، والوجود العسكري التركي، ومناطق سيطرة كل من قسد والتحالف الدولي، إضافة إلى تنشيط اتفاقية «أضنة» بين سوريا وتركيا التي تنص على دخول الجيش التركي بعمق 35 كم داخل الأراضي السورية في حال حدوث أي تهديد للأمن القومي التركي”([6]).
وكانت وسائل إعلام قد ذكرت في أواخر ديسمبر/كانون الأول، أن الاجتماع المذكور قد عقد بين مسؤولين أمنيين سوريين وأتراك في العاصمة الأردنية عمان، وزعمت أنه خلال الاجتماع تمَّ بحث إطلاق عملية مشتركة ضد المسلحين الأكراد في الشمال السوري وإعادة إعمار حلب والمنطقة الصناعية وإعادة اللاجئين.
ولكن الناطق باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، «هيثم أبو الفول»، أكد عدم صحة عقد اجتماع أمني سوري تركي في الأردن، وذلك في رده على ما تناقلته وسائل إعلام. وقال إن “هذا الادعاء عار عن الصحة، ولم يُعقد أي اجتماع في الأردن بهذا الخصوص”([7]).
شهدت الفترة الماضية تطورًا ملحوظًا في العلاقات بين تركيا وشرق ليبيا، وهو ما تُوّج بزيارة وفد برلماني ليبي من المنطقة الشرقية إلى أنقرة والتقائه بالرئيس التركي أردوغان وكبار المسؤولين الأتراك، وهي الزيارة التي اهتم فيها الأتراك بإطلاع الوفد الليبي على أهمية الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة الشرعية في طرابلس بالنسبة لليبيا.
وتعتمد تركيا في الوقت الحالي سياسة الباب المفتوح مع جميع الأطراف الليبية، في ظل التطورات الأقليمية والدولية التي فرضت على الفاعلين المهمين في الشأن الليبي اللجوء إلى التهدئة، خاصة وأن هذه السياسة تضمن استمرار التواصل مع النظام الجديد الذي سيتولى الحكم بعد الانتخابات المنتظرة.
- الانفتاح التركي على شرق ليبيا
استضافت تركيا وفدًا من مجلس النواب الليبي برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس، «فوزي النويري». وتعد زيارة النويري – التي بدأت في 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، والتقى خلالها الرئيس التركي أردوغان([8]) ومسؤولين من الحكومة والبرلمان – الأولى من نوعها لممثلين عن الشرق الليبي عُرفوا بعدائهم الشديد لتركيا ومقاومتهم للتواجد التركي على الأراضي الليبية، بل واتهام أنقرة بأنها مصدر “الإرهاب”.
وذكر الناطق باسم مجلس النواب، «عبدالله بليحق»، أن الوفد بحث مع الرئيس التركي الأزمة الليبية وسُبل وقف التدخلات الخارجية في الشأن الليبي. وأن اللقاء تناول سبل تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وإمكانيات تعزيز التعاون المشترك على كافة الأصعدة، بما يخدم مصلحة الشعبين الليبي والتركي([9]).
وكان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، قد أعلن أن هذه الزيارة تأتي في إطار انفتاح تركيا على جميع الأطراف الليبية، وهو ما يتسق مع السياسة التركية الساعية إلى تطبيع علاقاتها مع الدول المناوئة لها في المنطقة.
وتأتي الانتخابات الليبية التي تمَّ تأجيلها على رأس الأسباب التي تدفع تركيا إلى التواصل مع شرق ليبيا، وهو ما أشارت إليه مصادر تركية مطلعة، أكدت أن زيارة النويري إلى تركيا “تأتي في إطار إظهار تركيا انفتاحها على جميع الأطراف الليبية وتقريب وجهات النظر مع قوى الشرق الليبي، تحضيرًا للمرحلة المقبلة وللانتخابات التي يتوقع إجراؤها في المستقبل، من أجل توحيد المواقف الليبية من العلاقات مع تركيا، وصولًا إلى الحفاظ على أهم الاتفاقيات، وهي تقاسم النفوذ البحري في البحر المتوسط”([10]).
وأضافت هذه المصادر أن “هذه اللقاءات تأتي أيضًا في إطار الحوارات التي بدأتها تركيا مع مصر من خلال تأسيس القاهرة علاقات مع الغرب الليبي، وهو ما يتطلب خطوات تركية أيضًا ببناء علاقات مع الشرق الليبي، تمهيدًا لإجراء مصالحة في البلاد تتكلل بالانتخابات، ويرافق ذلك تفاهمات تركية مصرية، حيث يشكل الملف الليبي عقدة في العلاقات الثنائية”([11]).
وعلى الجانب الآخر، يرى نائب الحاكم العسكري السابق في الشرق الليبي، العقيد «سعيد الفارسي»، أن “الخطوة جاءت تنفيذا لتعليمات داعمي الشرق الإقليميين وتقاربهم مع تركيا، وهم مصر والسعودية والإمارات، فبعد هذا التقارب اعتبر الانفتاح على تركيا من قبل الشرق الليبي أمرًا طبيعيًّا”.
وأضاف الفارسي: “أما بخصوص عقيلة صالح وخليفة حفتر فهم الآن لا حول لهم ولا قوة، وتحركاتهم كلها فقط لتنفيذ التعليمات، لأنهم مجرد أدوات في أيدي داعميهم، وسنرى الآن تركيا “كعبة” لساسة وعسكريي الشرق، وستنتهي إسطوانة الإخوان والإرهاب التي ظل يرددها هؤلاء لسنوات ليخدعوا مؤيديهم”([12]).
وفي سياق متصل، دعا نائب رئيس الحكومة الليبية، «حسين القطراني»، السفير التركي لدى طرابلس، «كنعان يلماز»، إلى زيارة المنطقة الشرقية من البلاد، فيما شدد الأخير على ضرورة إعادة تفعيل التمثيل القنصلي في مدينة بنغازي في الشرق.
كما أكد السفير التركي على “حرص بلاده على دعم جهود المسار السياسي من خلال الاستماع إلى كل وجهات النظر من كافة الأطراف السياسية”، وشدد على ضرورة العمل لإعادة الحركة التجارية بين موانئ ومطارات الشرق الليبي والدولة التركية([13]).
وكانت تركيا قد أغلقت قنصليتها في بنغازي بسبب توترات أمنية شهدتها إثر إطلاق ميليشيات اللواء المتقاعد، «خليفة حفتر»، عملية عسكرية للسيطرة على البلاد.
- تمسّك تركيا باتفاقيّاتها مع الحكومة الليبية
تعد اتفاقية التعاون الأمني والعسكري واتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية من أهم منجزات التعاون الثنائي بين أنقرة والحكومة الشرعية في طرابلس.
وكان الحديث عن مستقبل هذه الاتفاقيات قد برز بعد البدء في إجراءات الانتخابات الليبية التي يمكن أن تأتي بحكومة تتعارض سياساتها مع مصالح بعض الفاعلين المهمين في ليبيا، وعلى رأسهم تركيا.
فبغض النظر عن أي شكل ستتخذه العلاقات بين تركيا وليبيا في المستقبل، فإن أنقرة لن تتنازل عن وجودها في شرق البحر المتوسط وحقوقها هناك، حيث يعتمد شكل هذا الوجود بدرجة كبيرة على الاتفاقية البحرية الموقعة بين أنقرة وطرابلس.
وقد أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، «إبراهيم قالن»، أن الاتفاقيتين العسكرية والبحرية الموقعتين مع ليبيا ما زالتا ساريتي المفعول. وأوضح قالن أنه بالرغم من اعتراضات بعض الأطراف داخل ليبيا أو بعض دول المنطقة على الاتفاقيتين، فإن لليبيّين موقفًا واضحًا للاستمرار في العمل بالاتفاقيتين، وهذا أمر مُرض بالنسبة لتركيا([14]).
وفي سياق متصل، استمرت مظاهر التعاون التركي الليبي في إطار الاتفاقية الأمنية والعسكرية، فقد قامت قوات البحرية التركية بتدريب القوات الليبية في إطار مساعيها لتشكيل جيش ليبي نظامي محترف وفق المعايير الدولية، وذلك بتطوير مهاراته في الدفاع عن القواعد البحرية والتعامل مع الألغام البحرية واستخدام المعدات([15]).
كما التقي وفد البرلمان الليبي الذي زار أنقرة في ديسمبر/كانون الأول رئيس أركان القوات البحرية، الأدميرال «جهاد ياجي»، المعروف بـ”مهندس الوطن الأزرق”، وهو صاحب فكرة اتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا وليبيا. وتلقى الوفد الذي يمثل شرق طبرق معلومات مفصلة حول الاتفاقية التي يرفضها اللواء المتقاعد خليفة حفتر وفصيله. وأكدت مصادر تركية أن الوفد الليبي فهم أن الاتفاقية في مصلحة كل من البلدين([16]).
شهد عام 2021 اتجاهًا إلى تحسين العلاقات بين تركيا ومصر. ومع حلول 2022، تزداد التكهنات بتطور المباحثات الاستكشافية بين البلدين إلى زيارات يقوم بها وزراء من الجانبين، وصولًا إلى التطبيع الكامل.
ومع نهاية العام المنصرم، قال وزير الخارجية التركي، «مولود جاووش أوغلو»، إن البلدين “بصدد فتح صفحة جديدة، وإن كانت الأمور لا تسير بالسرعة نفسها التي ننشدها”. وشدد الوزير على أن مصر ستخرج بكثير من المكاسب بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي سيتم توقيعها بين أنقرة والقاهرة([17]).
ومؤخرًا، وفي ظل تكهنات بقرب انعقاد الجلسة الثالثة من المباحثات الاستكشافية بين القاهرة وأنقرة، وردت تقارير تفيد بوجود تقدم في التفاهمات الثنائية حول بعض القضايا الشائكة التي تسببت في إحداث حالة من التوتر بين البلدين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تطبيع العلاقات بين الجانبين.
- ترتيبات الجولة الثالثة من المباحثات الاستكشافية
ذكرت مصادر مصرية أن ترتيبات مكثفة تجرى في الوقت الراهن، لعقد جولة مباحثات استكشافية ثالثة مع تركيا، في يناير/كانون الثاني 2022.
وبحسب تلك المصار فإن المباحثات سوف تجرى على مستوى نائبيْ وزيريْ خارجية البلدين، ويمكن أن “تستتبع الجولة المقبلة، بخطوات إيجابية على الأرض، في ظل إبداء الجانب التركي استعداده للتعامل بشكل أكثر تفاعلًا مع بعض المخاوف المصرية، علاوة على تفهُّم مصر لبعض التصورات التركية في التعامل مع ملفات المنطقة خلال الفترة الماضية”([18]).
وفيما يخص الملفات الرئيسة على طاولة المباحثات بين الجانبين، تظل الملفات الثلاثة الخاصة بالشأن الليبي وترسيم الحدود البحرية وتواجد المعارضة المصرية على الأراضي التركية هي الأهم في إنجاح الجولة القادمة من المباحثات وتحديد مسار العلاقة بين البلدين.
وقد نقلت تقارير صحفية عن مصادر مطلعة أن الملفات المذكورة قد شهدت تفاهمات يمكن أن تقرب من مواقف البلدين وتسهم في تحسين العلاقات الثنائية.
ففي الشأن الليبي، تخللت الاتصالات على المستوى الاستخباري بين البلدين في الفترة التي سبقت تأجيل العملية الانتخابية في ليبيا مواقف متقاربة، وتوصلت المستويات الأمنية إلى صيغة متقاربة بشأن الوجود العسكري التركي في غرب ليبيا.
وتابعت أن ما يهم الأتراك هو تحقيق مصالحهم الأوسع في المنطقة، مشدّدة على أن الجانب التركي قدّم ما أقنع المسؤولين في مصر بشأن عدم إقامة تركيا قواعد دائمة في ليبيا.
وكشفت أن هناك توافقًا بين البلدين حول المترشح الرئاسي «فتحي باشاغا»، لاسيما أن الأخير زار القاهرة مؤخرًا في زيارة غير معلنة التقى خلالها رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء «عبّاس كامل»، المشرف على الملف الليبي من الجانب المصري، وتبعها بزيارة إلى تركيا، تطرقت إلى شكل المرحلة المقبلة في ليبيا.
وأكدت تلك المصادر أن لجنة فنية مشتركة من البلدين انتهت من وضع الخطوط العريضة لاتفاق تركي مصري يتعلق بترسيم المياه الاقتصادية بين البلدين شرقي البحر المتوسط.
أما فيما يتعلق بتواجد قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، فقد أكدت المصادر أن الأتراك قدموا أيضًا تصورًا مناسبًا للقاهرة في هذا الصدد”. وشددت المصادر على أن تركيا “رفضت كل المطالبات الخاصة بتسليم أي من العناصر الإخوانية الصادر بحقها أحكام في مصر أو المتواجدة على قوائم الإرهاب المصرية”. وأشارت إلى أن “هذا الملف كل ما يهم مصر فيه هو عدم استغلال الأراضي التركية لممارسة أي أنشطة عدائية ضدها، وهذا ما تضمَّنه بشكل واضح التصور التركي”([19]).
جدير بالذكر أن الشغل الشاغل لتركيا الآن هو المحافظة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، والتي وقعتها مع حكومة الوفاق، وتخشى من إمكانية إلغائها حال تولي حكومة موالية لمصر الحكم. ولكن في حال توقيع اتفاقية ترسيم للحدود بين تركيا ومصر فإن موقف أنقرة من التواجد على الأراضي الليبية قد يتغير، وهو ما سوف يخفف من حدة القلق المصري من هذا التواجد.
- التفاهم حول ترسيم الحدود البحرية
ذكرت مصادر مصرية مطلعة أن القاهرة وانقرة في سبيلهما للوصول إلى تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط. وأكدت تلك المصادر أن لجنة فنية مشتركة من البلدين انتهت من وضع الخطوط العريضة لاتفاق تركي مصري يتعلق بترسيم المياه الاقتصادية بين البلدين.
يُذكر أن تسريبات نشرتها وسائل إعلام في سبتمبر/أيلول 2021 ذكرت أن ترسيم المنطقة الاقتصادية للبلدين سيتم في المسافة بين خطي الطول 28 (الحد الشرقي للحدود المصرية اليونانية) و30.05 (الحد الغربي للحدود المصرية القبرصية)، ما يعني تلافي الدخول إلى المناطق التي تمَّ تحديدها سلفًا، وكذلك عدم الزج مستقبلًا بمصر في الأزمة بين تركيا واليونان حول صلاحية جزيرة كريت لاعتبارها كجرف قاري، يبدأ منه احتساب الحدود بين اليونان وليبيا، وبالتالي استمرار الوضع الفعلي للاتفاق التركي الليبي هشًّا، رغم قبول الأمم المتحدة إيداعه لديها، في انتظار حسم نهائي لمنازعة أثينا للبلدين عليه. ويتماشى هذا الأمر مع الاتفاق المصري اليوناني، الذي ينص في الفقرة (هـ) من المادة الأولى، على أن “تخطر كل دولة الأخرى، وتتشاور معها حال دخولها في مفاوضات لتحديد منطقتها الاقتصادية مع دولة ثالثة تشترك مع الطرفين في مناطق بحرية”، الأمر الذي ينطبق على تركيا وليبيا فقط.
الجدير بالذكر أن الاتفاق المصري اليوناني كان قد تحاشى ضم بعض الجزر الصغيرة التابعة لرودس (الأقرب إلى تركيا من اليونان)، بما فيها جزيرة كاستيلوريزو (ميستي) التي تبعد ميلاً واحداً عن مدينة كاش الساحلية التركية بمحافظة أنطاليا. وبشأن الاتفاق مع اليونان، فإن مصر وتركيا متوافقتان على أن يكون الاتفاق بينهما “جزئيًّا”، على أن يتم استكمال تعيين الحدود البحرية التامة بين البلدين لاحقًا، في وقت يراه البلدان مناسبًا، وفي ظل أحكام القانون الدولي.
وذكرت المصادر حينها أن هذه التفاهمات قد جاءت بعد إبلاغ مصر لليونان بتأخير مسألة الترسيم مع تركيا، عندما وقع الخلاف بينهما على الخريطة التي أُعلنت للمناقصة المصرية للبحث عن مكامن المواد الهيدروكربونية في منطقتها الاقتصادية الخالصة المشكّلة بموجب اتفاق ترسيم الحدود مع اليونان، حيث تضررت أثينا منها، ثم عُدلت بناء على اتصالات ومفاوضات سياسية وفنية بين البلدين. لكنها في الوقت ذاته لم تمثل سببًا للتحرش بتركيا أو إهدار مكتسباتها، الأمر الذي عكس رغبة الأطراف كافة في التوصل إلى حلول تبعد شبح الصراع عن المنطقة.
ومن المرجح حاليًّا حصول مصر على مساحة إضافية للمنطقة الاقتصادية الخاصة بها، ببدء احتساب حدود تركيا بعد عدة أميال من جرفها القاري، كبرهان على تأكيد حسن النوايا، ولتيسير المناقصات المصرية المزمعة في هذه المنطقة، بالتوازي مع مناقصاتها السابقة المعلنة في المنطقتين المرسّمتين مع قبرص واليونان([20]).
سارت العلاقات التركية الخليجية في مسار التطبيع بخطوات واسعة مع نهاية 2021، ومع بداية عام 2022، ثمّة مؤشرات تشير إلى مزيدٍ من التقدم في هذا المسار، من خلال زيادة التعاون التجاري والاقتصادي بين تركيا ودول الخليج. ولعل الحدث الأبرز في الشهر الماضي هو إعلان الرئيس أردوغان عن زيارة قريبة للسعودية، وهو ما يمكن أن يزيل التوتر بين أنقرة والرياض وينقل العلاقات الثنائية إلى مرحلة متقدمة من التطبيع.
أما على مستوى العلاقات التركية القطرية، فالدولتان يثبتان دائمًا أنهما حليفان وثيقان على المستوى الثنائي، وعلى مستوى التنسيق الإقليمي والدولي، وهو ما كانت آخر مظاهره في الاتفاق المبدئي بين البلدين على تشغيل مطار كابل الدولي وعدة مطارات أفغانية اخرى.
- اتفاق مبدئي بين تركيا وقطر لتشغيل مطار كابل
أفادت مصادر دبلوماسية مطلعة، في 22 ديسمبر/كانون الأول، بأن أنقرة والدوحة اتفقتا مبدئيًّا على المشاركة في تشغيل مطار كابل الدولي، وأن المفاوضات بهذا الخصوص سوف يتم استكمالها مع الحكومة الأفغانية.
ووفقًا لما أفادت به هذه المصادر، فإن الجانبين التركي والقطري قد وقعا مذكرة تفاهم بين شركتين من البلدين لهذا الغرض بعد مفاوضات تمّت بينهما في الفترة الماضية، وأن وفدًا مشتركًا سوف يتوجه إلى أفغانستان لمناقشة الاتفاق الرسمي لتشغيل المطار مع الحكومة الانتقالية.
جاء التوقيع الرسمي على هامش مشاركة وزير الخارجية التركي، «مولود تشاووش أوغلو»، في الاجتماع السابع للجنة الإستراتيجية العليا المشتركة بين تركيا وقطر، في 7 ديسمبر/كانون الأول.
ويُنتظر أن تقوم شركة (Rainbow Sky) التركية ذات الخبرة الكبيرة في مجال تشغيل المطارات الدولية، والشركة القطرية لإدارة وتشغيل المطارات (مطار)، بتنفيذ هذا الاتتفاق([21]).
وكان وزير الخارجية التركي، تشاووش أوغلو قد صرح بأن تركيا قد تشغل 5 مطارات في أفغانستان بشكل مشترك مع قطر.
وكشفت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها عن أن “الوفد التركي- القطري الذي وصل أفغانستان، الخميس، 23 ديسمبر/كانون الأول، قد توصل إلى اتفاق مبدئي مع الجانب الأفغاني حول تشغيل مطار كابل و4 مطارات أخرى”. وأضافت أنه “تمَّ إجراء محادثات مثمرة وفعالة حول تشغيل المطارات”. وذكرت أنه “سيتم تشكيل فرق فنية مشتركة لتحديد تفاصيل عمليات التشغيل”. وأوضحت أنه “تمَّ الاتفاق على مواصلة المفاوضات من خلال اللجان الفنية في الأيام المقبلة”، وأنه “سيكون هناك اجتماعات فنية بين الوفد التركي القطري من جهة والحكومة الأفغانية من جهة أخرى حول تفاصيل التشغيل([22]).
وكان وزير الخارجية القطري، الشيخ «محمد بن عبدالرحمن آل ثاني»، قال خلال مشاركته في منتدى «روما ميد»، إن بلاده تعمل مع تركيا بشأن إعادة تأهيل مطار العاصمة الأفغانية كابل([23]).
ومن جانبه، ذكر الناطق باسم وزارة النقل في حكومة طالبان، «إمام الدين أحمدي»، أن الأمور ماتزال قيد الدراسة، وأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد([24]).
ويأتي تأخر طالبان في الموافقة على إسناد إدارة المطارات الأفغانية إلى جهات أجنبية لحساسية هذه المنافذ، خاصة مطار كابل الدولي الذي يؤمن طريقًا للمدنيين الراغبين في مغادرة أفغانستان أو الوصول إليها، إلى جانب كونه بوابة وصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد.
جدير بالذكر أن القوات التركية تولت مسؤولية توفير الأمن في مطار “حامد كرزاي” الدولي في العاصمة الأفغانية كابل منذ نهاية 2014، وهو المطار الذي كان يُعرف في السابق بمطار كابل الدولي. وقامت هذه القوات بمهمتها ضمن مشاركتها في قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن بأفغانستان (إيساف).
- الإعلان عن زيارة أردوغان للسعودية
أكد الرئيس التركي أردوغان، عزمه زيارة المملكة العربية السعودية في فبراير/شباط 2022. وجاء تصريح أردوغان على هامش مشاركته في مؤتمر المصدرين بإسطنبول، في 3 يناير/كانون الثاني، للإعلان عن أرقام الصادرات خلال العام 2021.
وقال أردوغان في معرض رده على استفسار أحد المصدرين عن وضع العلاقات التجارية بين تركيا والسعودية، إنه سيبحث مع العاهل السعودي العراقيل التي تشوب العلاقات التجارية بين البلدين. وأضاف قائلًا: “لقد تلقيت دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لزيارة الرياض، وسنناقش أمورًا كثيرة تخص علاقات البلدين”([25]).
ثم عاد أردوغان إلى الحديث عن الزيارة مرة أخرى، حينما قال في تسجيل بُث على مواقع التواصل الاجتماعي دون أن يذكر فيه اسم الشخص المقصود: “إنه ينتظرني في فبراير. لقد تعهد، وأنا سأقوم بزيارة للسعودية في فبراير”([26]).
ويرى مراقبون أن أردوغان يولي أهمية كبيرة للتقارب بين أنقرة والرياض في هذه المرحلة لما يمكن أن تجنيه بلاده من مكاسب، فهذا التقارب سوف يوفر مكاسب سياسية للدولة التركية أبرزها المساهمة في رفع مستوى علاقاتها مع دول عربية أخرى، مثل مصر.
وكذلك تحقيق أهداف اقتصادية تتعلق بالصادرات التركية إلى المملكة واستئناف عمل الشركات التركية فيها، كأحد الحلول المهمة للتغلب على الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد التركي. حيث من المتوقع أن ينتهي “الحظر غير الرسمي” المفروض على البضائع التركية في السعودية عقب الزيارة المرتقبة للرئيس أردوغان، ومن ثم ستواصل الشركات التركية أعمالها في السعودية من حيث توقفت([27]).
جدير بالذكر أن الصادرات التركية للسعودية انخفضت في السنوات الأخيرة بسبب توتر العلاقات بين البلدين، بعد أن فرضت السعودية مقاطعة غير رسمية على الواردات التركية في عام 2020 بعد أن امتدت التوترات السياسية بسبب مقتل الصحفي «جمال خاشقجي» المنتقد لولي العهد لتشمل التجارة بين البلدين.
كانت الآونة الأخيرة قد شهدت انفراجة كبيرة في العلاقات بين تركيا والسعودية بعد سنوات من التوتر بسبب تباين مواقف الدولتين من ثورات الربيع العربي. وزاد التوتر بعد مقتل الصحفي خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
تنتهج الدولة التركية في عهد الرئيس أردوغان نهجًا مساندًا للقضية الفلسطينية وداعمًا لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يؤثر سلبًا على العلاقات التي ورثها النظام الحالي بين أنقرة وتلأبيب، والتي شهدت توترًا كبيرًا في العقدين الماضيين بسبب ممارسات الكيان الصهيوني العدائية ضد الفلسطينيين.
وفي الشهر الماضي، واصلت تركيا إدانتها لأي إجراء يمكن أن يغير الوضع على الأرض، أو يحول دون تنفيذ حل الدولتين، كبناء المستوطنات، التي كان آخرها الموافقة على مستوطنات جديدة في القدس المحتلة.
ومع ذلك، فقد شهدت الفترة الماضية مساع لتحسين العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني، في ظل مصالح ثنائية وأوضاع إقليمية ودولية تدفع الطرفين إلى البحث عن تهدئة التوتر بينهما، مع تأكيد من الجانب التركي على أن التطبيع مع الكيان الصهيوني مشروط بوقف الاعتداء على الفلسطينيين والحفاظ على حقوقهم.
- إدانة تركية لمخططات الاستيطان في القدس
أدانت وزارة الخارجية التركية موافقة اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية القدس على 5 مخططات استيطانية تتضمن بناء 3.557 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة.
وقال البيان الصادر عن الوزارة في 6 يناير/كانون الثاني، إن المستوطنات التي بنتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة تعتبر انتهاكًا للقانون الدولي، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وحذرت الوزراة من أن الأنشطة الاستيطانية الجديدة الرامية لجعل قيام دولة فلسطينية ذات أرض متكاملة جغرافيًّا أمرًا مستحيلًا ماديًّا، تلحق ضررًا كبيرًا برؤية حل الدولتين والسلام الدائم([28]).
وفقا لـ«سلام الآن»، وهي منظمة إسرائيلية مناهضة للاحتلال والاستيطان، فإن الأحياء الاستيطانية الجديدة، والتي ستقع بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية القائمة، من أكثر المخططات إشكالية من الناحية السياسية”، لأنها تهدف إلى قطع التواصل الجغرافي بين الأحياء الفلسطينية في القدس ومنطقة بيت لحم.
وتابعت «سلام الآن» في تقرير لها أن العناصر اليمينية في الحكومة (الإسرائيلية) تستغل عدم وجود توافق داخل الائتلاف الحاكم حول عملية السلام مع الفلسطينيين لدفع خطط بعيدة المدى وتغيير الوقائع على الأرض التي تقوض إمكانية التوصل إلى السلام([29]).
ودعمًا للقدس، كانت جمعية التراث العثماني في بيت المقدس قد رصدت في تقرير لها بعنوان «القدس 2021» الضغوط التي مارستها سلطات الاحتلال ضد المقدسيين وما أقدمت عليه من عنف تجاههم. وجاء في التقرير أن مؤسسات حكومة الاحتلال ومجموعات المستوطنين قد ضاعفت من العمل الفعلي لتهويد القدس، وأن “إدارة الاحتلال استعانت بمحاكمها وقواتها الأمنية والمنظمات الاستيطانية لجعلها أداة لفرض المزيد من الضغوطات على أهل القدس”.
وحصر تقرير الجمعية أعداد المعتقلين والشهداء، والمداهمات وأحكام الإقامة الجبرية، وقرارات إخلاء المنازل في الأحياء المختلفة، وعلى رأسها حي الشيخ جراح، وأعداد المنازل التي هدمت، وعمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية.
وذكر التقرير أوجه المساعدة التي قدمتها الجمعية للمقدسيين، واشتملت على الأدوية والمستلزمات الطبية والأغذية والسلال الغذائية والملابس والمساعدات النقدية([30]).
وفي سياق متصل بمساعدة الفلسطينيين، قدمت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) مساعدات طبية لوزارة الصحة الفلسطينية ومستشفيات ومراكز طبية في قطاع غزة بقيمة 55 ألف يورو، وذلك للمساهمة في التخفيف عن القطاع المحاصر إسرائيليًّا([31]).
وتأتي إدانة الخارجية التركية للاستيطان وتقديم المساعدات للفلسطينيّين في سياق الموقف المبدئي لأنقرة من القضية الفلسطينية في عهد أردوغان.
- العلاقات التركية الإسرائيلية واستقرار المنطقة
تحوّلت العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني في العقدين الأخيرين – اللذين تولى فيهما الحكم حزب «العدالة والتنمية» بقيادة الرئيس التركي أردوغان – من علاقة إستراتيجية وثيقة إلى عداوة سافرة، بسبب سلوك الإسرائيليّين تجاه الفلسطينيّين، وريبة الجانب الإسرائيلي من علاقات تركيا الوثيقة مع حركة «حماس»، الأمر الذي جعل تلأبيب تضع أنقرة في قائمة الأخطار التي تهدد الدولة العبرية.
وفي الشهور الأخيرة من 2021، شهدت العلاقات بين أنقرة وتلأبيب مساع لتطبيع العلاقات بين الجانبين رغم الهجوم التركي المتواصل على الكيان الصهيوني بسبب ممارساته العدائية ضد الفلسطينيّين.
وتضع تركيا شروطًا لتحسين العلاقات مع الكيان الصهيوني، حددها وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في “وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، والتراجع عن الخطوات التي تستنزف حلّ الدولتين، والعودة إلى مباحثات السلام مجددًا، ووقف بناء المستوطنات غير الشرعية وسلب الأراضي الفلسطينية، والكف عن الإجراءات التي تهدف إلى تغيير الوضع القائم في القدس”، معتبرًا أن “تراجع إسرائيل عن سياساتها الخاطئة سيساهم في تحسين علاقاتها مع دول كثيرة، وليس تركيا فحسب”.
كانت أولى إشارات التطبيع في 9 يوليو/تموز 2021، حينما عيّنت أنقرة ملحقًا ثقافيًّا في سفارتها بتلأبيب، بعد 11 عامًا من حادث السفينة «مرمرة». وبعدها بأيام، اتصل الرئيس التركي بنظيره “الإسرائيلي” «إسحاق هرتسوغ» مهنئًا إيَّاه بتولي منصب الرئاسة، وتناولا في الاتصال القضايا الثنائية والإقليمية، وأكدا فيه على أن لبلديهما “إمكانات تعاون كبيرة في شتى المجالات”، حسبما جاء في تغريدة لأردوغان الذي أكد في تغريدة ثانية على أن “استمرار التواصل والحوار مع إسرائيل – رغم كل اختلافات الرأي – له أهمية كبيرة”.
من جهته، قال هرتسوغ إنه أكد – مع أردوغان – على أن العلاقات بين الجانبين “ذات أهمية قصوى لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط”، وأنهما اتفقا على “استمرار الحوار من أجل تحسين العلاقات” بين البلدين([32]).
وقالت وسائل الإعلام التركية إن “أردوغان شدد خلال الاتصال الهاتفي على أهمية العلاقات التركية ـ الإسرائيلية من أجل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وأكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة إعادة ترسيخ ثقافة السلام والتسامح والتعايش في المنطقة”، وشدد أردوغان على أن تعزيز العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية واستئناف عملية السلام، يُعد من الأولويات، وأشار إلى “إمكانية تقليل اختلافات وجهات الرأي، في حال تمَّ التوصل إلى تفاهم متبادل حول القضايا الثنائية والإقليمية”([33]).
كانت أحدث رسائل التهدئة من جانب تركيا في 23 ديسمبر/كانون الأول، حينما صرح الرئيس أردوغان في لقائه بأعضاء الجالية اليهودية التركية وأعضاء «تحالف الحاخامات في الدول الإسلامية» أنه “يولي اهتمامًا” للحوار الذي تمَّ إحياؤه مجددًا مع الكيان الصهيوني.
وأشار أردوغان إلى “الأهمية الحيوية للعلاقات التركية الإسرائيلية في أمن واستقرار المنطقة”، وأن “العلاقات بين البلدين تتقدم في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية ضمن مسارها، رغم اختلاف الرأي حول القضية الفلسطينية”.
وأكد الرئيس التركي على ضرورة بذل كافة الأطراف جهودًا لتعزيز أجواء السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وأضاف: “لا نرغب برؤية توتر أو صراع أو اضطراب في هذه المنطقة الجغرافية القديمة التي تحتضن الأماكن المقدسة لكل الديانات التوحيدية الثلاث”. وتابع: “تحذيراتنا للحكومة الإسرائيلية هي ضمان التعامل مع الأمور من منظور السلام والاستقرار على المدى الطويل في الشرق الأوسط”. وأوضح أن أي خطوات سيتم اتخاذها فيما يخص القضية الفلسطينية، لا سيما القدس، لن تسهم في أمن واستقرار الفلسطينيين فقط بل ستشمل إسرائيل أيضًا([34]).
أما عن توقيت السعي إلى التطبيع، فيرى بعض المراقبين أن “التهدئة الإقليمية الراهنة تُساعد في دفع مسار إعادة العلاقات بين إسرائيل وتركيا”، وأن “تركيا بحاجة لإصلاح العلاقات مع إسرائيل، لأنّ من شأن ذلك أن يُساعدها في عملية تفكيك التحالف الذي تشكّل ضدّها في شرق المتوسط في الفترة الماضية”([35]).
وفي المقابل، يحتاج الكيان الصهيوني إلى تحسين العلاقات مع تركيا، وذلك لأنه معني بحلحلة الأمور وحل الأزمة المستمرة منذ سنوات، ولا يريد تدهورًا في الأوضاع، ويفضل دائمًا العلاقات الإيجابية مع الدول الكبرى في صراعه مع إيران.
يمكن القول إن الانطباع العام عن العلاقات التركية الأوروبية في 2021 سلبي بسبب عدم إحراز تقدم ملحوظ في القضايا المهمة بين الطرفين، مثل تحديث الاتحاد الجمركي، والسفر بدون تأشيرة للمواطنين الأتراك إلى دول أوروبا، وسلبية التقرير الدوري حول انضمام تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي. هذا بالإضافة إلى التصعيد الأوروبي بين الحين والآخر، والذي وصل ذروته في قضية السفراء العشر التي انتهت بتراجع أوروبي في مقابل الحزم التركي.
وعلى الرغم من ذلك فإن تركيا تبرهن دائمًا على أهميتها بالنسبة للاتحاد الأوروبي من خلال دورها المحوري في قضايا مهمة، مثل مكافحة الإرهاب، والهجرة، والأزمات التي تنفجر في مناطق النزاع المختلفة، وآخرها أزمة أوكرانيا التي يمكن أن تلعب فيها تركيا دورًا مهمًّا بسياستها الفاعلة والمتوازنة.
ولعل سحب أمريكا دعمها لمشروع غاز شرق المتوسط دليل على تفهم واشنطن لما يمكن أن يحدث من توتر في أوروبا بسبب تجاهل الحقوق التركية، وبداية لكبح جماح بعض الأطراف الأوربية التي تقف وراء تصعيد التوتر مع تركيا التي تأمل في تطوير علاقاتها بدول الاتحاد في 2022.
- سحب الدعم الأمريكي لمشروع الغاز بشرق المتوسط
سحبت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لمشروع خط أنابيب الغاز «إيست ميد»، والذي تسعى من خلاله اليونان والكيان الصهيوني وقبرص اليونانية إلى نقل الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا.
جاء ذلك في رد أحد متحدثي وزارة الخارجية الأمريكية، على مراسل وكالة الأناضول، حيث أشار بطريقة غير مباشرة إلى أن واشنطن تراجعت عن دعم المشروع، وأنها بدأت تعطي الأولوية للمشاريع القائمة على الطاقة المتجددة والكهرباء شرق المتوسط. وأوضح المتحدث أن الولايات المتحدة أخذت تنتقد المشاريع الجديدة التي تعتمد على البنية التحتية القائمة على الوقود الأحفوري بما يتماشى مع أولوياتها المناخية. وأضاف أن واشنطن بدأت تعطي الأولوية لمشاريع أرخص وتنتهي بشكل أسرع من مشروع «إيست ميد»، مثل محطة «ألكسندروبولي» للغاز الطبيعي، ومشروع خط الأنابيب بين بلغاريا وشمال مقدونيا([36]).
وقد أكدت مجلة “ميليتاير” العسكرية اليونانية، أن الولايات المتحدة أبلغت اليونان وتركيا و”إسرائيل” بأنها لن تدعم مشروع «إيست ميد» سياسيًّا وماليًّا.
وفي سياق متصل، قالت تلك المجلة إن “ما يثير الدهشة ليس فشل المشروع الذي واجه مشاكل في الاستدامة المالية منذ البداية، بل أن الولايات المتحدة تشير إلى أنه بخلاف العوامل الاقتصادية والتجارية، فإن مشروع خط الأنابيب مصدر توتر في شرق المتوسط، متبنية الموقف التركي، وبذلك تبنت الحجّة التركية وسحقت الموقف اليوناني”. وأضافت المجلة اليونانية في تقرير لها تحت عنوان “إيست ميد.. انتهى”، أن الولايات المتحدة تغير البيانات في شرق المتوسط وتضع حدًّا لمشروع خط الأنابيب”، مشيرة إلى أن “السياسة التركية انتصرت وننتظر عواقب ذلك”([37]).
وكانت اليونان وقبرص اليونانية قد وقعتا في 3 يناير/كانون الثاني 2020 على اتفاقية مع الكيان الصهيوني لمد خط أنابيب شرق المتوسط «إيست ميد» لمد أوروبا بالغاز، ويهدف الاتفاق إلى أن تصبح الدول الثلاث حلقة وصل مهمة في سلسلة إمدادات الطاقة لأوروبا، عبر ثلاثة آلاف متر تحت البحر المتوسط، بهدف نقل 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًّا([38]).
ويرى مراقبون أن الهدف الرئيس من المشروع الذي جمع بين الكيان الصهيوني واليونان وقبرص اليونانية هو بناء تحالف مناوئ لتركيا، وهو ما يتوافق مع مصالح ومواقف مصر وفرنسا المنزعجتين رفقة الإمارات العربية المتحدة من الدور التركي في العديد من قضايا المنطقة.
يُعد قرار واشنطن بسحب دعمها للمشروع انتصارًا كبيرًا لأنقرة، وضربة مؤلمة لأثينا التي تجاهلت حقوق تركيا في المنطقة، وحاولت تهميشها عن طريق الاتفاق مع الكيان الصهيوني، لأن المسار الذي من المقرر أن تمر به خطوط إيست ميد، يقع داخل الجرف القاري التركي، وعليه فإنه مشروع ينتهك حقوق قبرص التركية والولاية البحرية للدولة التركية.
ولهذا تمسّكت تركيا بحقها في امتلاك جزء مهم من المساحات البحرية بشرق المتوسط، وعززت موقفها من خلال اتفاق بحري مع ليبيا، وقامت باستكشاف الغاز وإجراء المناورات العسكرية البحرية في المنطقة، وهي خطوات زادت من التوتر مع الجار اليوناني الذي أعلن عن قلقه من الاتفاق الليبي التركي حول ترسيم الحدود البحرية، الذي يتقاطع مع الطريق المخطط أن يمر فيه مشروع إيست ميد.
- مطالب تركيا من الاتحاد الأوروبي في 2022
تولي تركيا أهمية كبيرة لعلاقاتها مع الدول الأوروبية، ويُعَد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي خيارًا استراتيجيًّا بالنسبة لأنقرة التي تسعى جاهدة لتحقيق هذا الهدف الذي تحول دون الوصول إليه عراقيل كثيرة، قد تكون بعيدة عن السياسة وضوابط الانضمام التي يتجاوزها الاتحاد في حالات أخرى غير تركيا، وترتبط بإسلامية تركيا، وعدم رغبة الغرب في ضم دولة إسلامية كبرى إليه.
ولعل ما صرح به الرئيس الفرنسي، «إيمانويل ماكرون»، في 8 يناير/كانون الثاني، خير دليل على ذلك، فقد كشف أن سبب معارضته لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يعود لـ”سياسات الرئيس التركي أردوغان التي تساهم في نشر الإسلام”. وأفصح ماكرون في تصريح للصحفيين أنه يرى أن “سياسات الرئيس أردوغان تساهم بانتشار الإسلام على نطاق واسع في العديد من البقع الجغرافية”. وزعم ماكرون أن “المشروع السياسي للرئيس أردوغان يتعارض مع القيم الأوروبية([39]).
وحول ما تأمل فيه تركيا على مستوى العلاقات التركية الأوروبية في 2022، أعرب الرئيس التركي أردوغان عن أمله في أن يطور الاتحاد الأوروبي علاقاته مع أنقرة خلال العام الجديد، مشددًا على أن بلاده دولة محورية في التغلب على التهديدات التي يواجهها الاتحاد.
وأكد أردوغان في كلمةٍ له خلال لقاء مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي بالعاصمة أنقرة ، في 13 يناير/كانون الثاني، على ضرورة الحيلولة دون تخريب العلاقات التركية الأوروبية بالاختباء وراء ذريعة التضامن داخل الاتحاد، في إشارة منه إلى اتخاذ دول أوروبية مواقف ضد تركيا للتضامن مع اليونان وقبرص الرومية. وقال: “نأمل أن يتخلص الاتحاد الأوروبي من قصر النظر الإستراتيجي في العام 2022، وأن يتصرف بجرأة أكبر في تطوير العلاقات مع تركيا”([40]).
واتهم أردوغان الاتحاد الأوروبي باختلاق العراقيل أمام تركيا ومعاملتها بمعايير مزدوجة، وأنه يستخدم “تكتيكات إلهاء” ضد تركيا من أجل تعطيل تنفيذ أجندة إيجابية في سبيل ضم بلاده إلى دول الاتحاد([41]).
ولكن ثمّة متغير يمكن أن يؤخر تحقيق الامال التركية، وقد يكون له تأثير سلبي على العلاقات التركية الأوروبية مع بداية العام الجديد، وهو غياب المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» عن الساحة السياسية، لأن ميركل كانت بالفعل زعيمة قوية، وتمكنت من منع وحل المشاكل بين أنقرة وبرلين وبين أنقرة وبروكسل. وما من شك في أن تقاعد ميركل من السياسة النشطة، سيخلق فجوة في علاقات تركيا مع كل من ألمانيا والاتحاد الأوروبي. فعلى مدى العقد الماضي، لعبت ميركل بتحركاتها الدبلوماسية ومهارتها في إدارة الأزمات دورًا هامًّا في حل التعقيدات، وعملت كوسيطٍ بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وهو ما جعلها تحظى بالاحترام والتقدير في أنقرة. وليس من الواضح إلى الآن مَن الذي سيملأ فراغ القيادة في أوروبا.
ولهذا يري مراقبون أنه لن يكون هناك تعاطيًا كبيرًا مع أنقرة على المدى القصير، الأمر الذي لن يولد أي إثارة في تركيا بشأن الاتحاد الأوروبي([42]).
تعلن أنقرة دائمًا عن رغبتها في الحفاظ على علاقات متكافئة وعادلة وشفافة مع واشنطن، وتطالب بأن تقوم هذه العلاقات على أساس المصلحة والاحترام المتبادلين. ولكن الإدارة الأمريكية – بحسب المسؤولين الأتراك – تسير أغلب الوقت عكس هذا الاتجاه، وهو ما يمكن رؤيته بوضوح في ملف مكافحة الإرهاب الذي يُعد أحد أسباب توتر العلاقات بين البلدين، حيث تتنظر تركيا من الولايات المتحدة موقفًا ثابتًا وحازمًا، غير أن أمريكا تصر على التعاون مع المنظمات التي تقوم بأنشطة “إرهابية” ضد الدولة التركية، وانتقاد الإجراءات التركية في التعامل مع المتهمين بالتعاون معها، متجاهلة قانونية الإجراءات التركية وحق تركيا في الدفاع عن أمنها. وفي هذا السياق، جاء رد تركيا على ما تضمّنه تقرير الخارجية الأمريكية بشأن الإرهاب، والذي يتبنى موقفًا يخالف الموقف التركي.
واستمرارًا لحالة الضبابية حول إمكانية إزالة التوتر بين البلدين، جاء تعيين السفير الأمريكي الجديد لدى أنقرة، والذي تباينت الآراء حول دوره المستقبلي، وانقسمت ما بين متفائل بتحسن العلاقات الثنائية في وجوده ومتشائم بسبب بعض مواقفه السلبية من تركيا.
- الرد التركي على التقرير الأمريكي بشأن الإرهاب
أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي بشأن الإرهاب في 16 ديسمبر/كانون الأول 2021، واحتوى التقرير على تقييم لجهود تركيا في مجال مكافحة الإرهاب وموقفها من بعض المنظمات الإرهابية.
اتهم التقرير الأمريكي السلطات التركية باعتقال وملاحقة مواطنين أتراك، متهمة إيَّاهم بـ«الإرهاب»، ودون أدلة صريحة تبيّن تورطهم بأعمال إرهابية. وقال التقرير إن جماعة «غولن» التي تصنفها الحكومة التركية كمنظمة إرهابية، ليست جماعة إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية([43]).
ومن جانبها، ردت وزارة الخارجية التركية على التقرير الأمريكي، في بيان لها بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول، معتبرة إيَّاه غير منصف في تقييمه لكفاح تركيا ضد التنظيمات الإرهابية، مثل «بي كا كا» و«داعش»، وحزب التحرر الشعبي التركي، وإسهاماتها في الجهود الدولية في هذا المجال، كما يعكس نهجًا غير كامل ومتحيزًا في هذا الصدد.
ونوّه البيان إلى أن تركيا تقوم بمكافحة الإرهاب على أساس القانون، دون تمييز بين المنظمات الإرهابية، مع ضمان التوازن بين الحقوق والحريَّات الأمنية. ولذلك، فإن الادعاءات الواردة في التقرير والتي تشير إلى تقييد الحقوق والحريات بشكل غير متناسب وبطريقة غير مبررة هي ادعاءات لا أساس لها وغير مقبولة.
وفيما يخص القسم الخاص بسوريا في التقرير الأمريكي، ذكر البيان أن إشارة التقرير إلى أن تركيا معنية بالدرجة الأولى بمكافحة الإرهاب في سوريا ضد الجماعات التابعة لـ”بي كا كا”، هي اعتراف بأن “قسد/ ب ي د/ ي ب ك” هي مثل “بي كا كا”، حتى لو لم يتم ذكر هذه الجماعات بالاسم. وأن الأمريكيين يدركون جيدًا أن ما يُسمَّى بـ “قسد” التي تتلقى دعمًا أمريكيًّا تحت ستار محاربة داعش، تخضع لسيطرة «بي كا كا». ولهذا السبب، من غير المقبول ألا يضمّن التقرير الهجمات الإرهابية التي شنتها الجماعات التابعة لـ “بي كا كا” ضد المدنيين والمرافق المدنية بما فيها المشافي في سوريا، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 120 من الأبرياء في غضون العام الأخير.
ووَصف بيان الخارجية التركية التقييم الأمريكي لمكافحة تركيا العادلة والمشروعة ضد منظمة «غولن» “الإرهابية الخائنة” بالتحيّز، وأنه لم يأخذ في الاعتبار محاولة الانقلاب الدموية وأنشطة الجريمة المنظمة لهذه المنظمة “الغادرة”. وجدد البيان دعوة تركيا للولايات المتحدة إلى “إنهاء أنشطة ووجود تنظيم غولن الإرهابي على أراضيها دون مزيد من التأخير، وعدم توفير ملاذ لأعضاء التنظيم، بمن فيهم زعيمه، والتعاون بشكل ملموس مع تركيا في هذا الملف([44]).
- السفير الأمريكي الجديد ومستقبل العلاقات الثنائية
وصل إلى أنقرة، في 7 يناير/كانون الثاني 2022، السفير الأمريكي الجديد، «جيف فليك»([45])، خلفًا للسفير «ديفيد ساترفيلد»، الذي تسبب في أزمة دبلوماسية بين البلدين بسبب مشاركته في بيان السفراء الذين طالبوا فيه بالإفراج عن رجل الأعمال التركي المتهم بالضلوع في انقلاب 2016، «عثمان كافالا»، ما دفع الرئيس التركي إلى التهديد بطرده من تركيا، ولكنه تراجع عن البيان بعد ذلك لإنهاء الأزمة.
وفي مشهدٍ لا يخلو من دلالة، لم يكن أحدٌ من الجانب التركي في استقبال السفير الأمريكي الذي اختاره الرئيس بايدن من السياسيّين بدلًا من الدبلوماسيّين المحترفين في وزارة الخارجية، وهو ما رأى البعض أنه كان ردًّا على إرسال الحكومة التركية، سياسيًّا آخر إلى واشنطن، وهو «مراد ميركان».
يُعرف فيلك بمواقفه المعارضة للسياسة التركية، ففي 3 أكتوبر/تشرين الأول 2021، نشرت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية تقريرًا ذكرت فيه أن الرئيس أردوغان طالب عقب ترشيح بايدن لـ«فليك»، بأن “تترك واشنطن سوريا عاجلًا أم آجلًا، وأن تتركها في أيدي الشعب السوري”. وربطت الصحيفة تصريحات أردوغان حينها بتنصيب فليك الذي أيَّد الاعتراف بمزاعم أحداث عام 1915 على أنها “إبادة جماعية للأرمن”.
ويأتي تأييد فيلك هذا مخالفًا لمواقفه المعلنة سابقًا، ففي أعوام 2005 و2007 و2010 و2014 صوّت كممثل لولاية أريزونا في مجلس الشيوخ ضد قوانين الاعتراف بالإبادة الجماعية.
وفي جلسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وصف فيلك دور تركيا في الصراع الأرميني الأذربيجاني بأنه “مزعزع للاستقرار”، مضيفًا: “في حالة الموافقة على ترشيحي سأحث أنقرة على دعم جهود إيجاد تسوية شاملة ودائمة للصراع بين أرمينيا وأذربيجان”.
كما وعد فليك بالدفاع عن “القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان”، مضيفًا: “سأستمر في قول الحقيقة بصراحة، مثل السفير (ساترفليد) ووزارة الخارجية والرئيس”. وقال أمام جلسة استماع في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: “سأخبر الأتراك أن أي مشتريات أخرى لمنظومة إس- 400 ستؤدي إلى عقوبات”([46]).
وعلى الرغم مواقفه تلك، يرى بعض المراقبين أن تعيين فيلك رسالة تهدئة للأجواء بين البلدين، وذلك لأن السفير الجديد يمكنه المساعدة في تجاوز الخلافات وخفض مستوى التوتر، خاصة أنه يتميز بالتوازن إلى حد كبير مثل سلفه ديفيد ساترفيلد، وذلك مقارنة بسلفهما «جون باس»، الذي أطلقت عليه الصحافة التركية “سفير التدخلات الأمريكية في شؤون تركيا الداخلية”، بسبب تدخلاته في القضاء التركي وعدم تعليقه على محاولة الانقلاب في 2016 إلا بعد 3 أيام على حدوثها.
ويمكن رؤية مظاهر هذا التوازن عند فليك في عدم تصويته ضد بيع طائرات F-35 الأمريكية لتركيا، بالإضافة إلى رفضه الحظر الذي أعلنه ترامب على السفر إلى أمريكا من بعض الدول الإسلامية.
أما عن اختيار فليك “الجمهوري” من جانب الرئيس “الديمقراطي” بايدن، فإنه وإن كان يُعَد مكافأة له على مواقفه المعارضة لترامب، فإن ذلك قد يمثل أيضًا انسجامًا مع المزاج التركي، نظرًا لأن العلاقة مع السفراء الديمقراطيين لم تكن جيّدة([47]).
ترتبط تركيا مع دول العالم التركي التي يربط بينها تقارب لغوي وثقافي كبير، ويَعتنق معظم سكانها الإسلام، بعلاقات وثيقة ضمن «منظمة الدول التركية»، التي تأسست بزعامة تركيا في 2009، وتهدف إلى جعل العالم التركي أحد أهم المناطق الاقتصادية والثقافية والإنسانية. وقد سُلِطت الأضواء بشدة على المنظمة في مطلع العام 2022، بعد أن واجهت كازاخستان، وهي إحدى دول المنظمة، اضطرابات شديدة وأعمال عنف واسعة، ما شكل تحديًا كبيرًا واختبارًا صعبًا لهذه المنظمة التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، خاصّة وأن الرئيس الكازاخي لجأ إلى روسيا طلبًا للمساعدة ولم يلجأ إلى دول المنظمة.
ومن ناحيةٍ أخرى، تسعى جمهورية قبرص التركية إلى استغلال نجاح السياسة التركية مع دول العالم التركي في الحصول على الاعتراف الرسمي.
- أحداث كازاخستان ومستقبل منظمة الدول التركية
شهدت كازاخستان في مطلع يناير/كانون الثاني 2022 موجة من الاحتجاجات بسبب ارتفاع أسعار المحروفات، وأسفرت مظاهرات المحتجين عن مقتل عدد كبير من المتظاهرين ورجال الأمن، واعتقال الآلاف، واستدعت طلب التدخل العسكري الخارجي من روسيا و«منظمة معاهدة الأمن الجماعي» لإنقاذ النظام الذي اتهم المتظاهرين بتنفيذ مخطط إرهابي خارجي يستهدف أمن البلاد واستقرارها.
وقعت الاضطرابات في كازاخستان في الوقت الذي يتحقق فيه تقدم ملحوظ في العلاقات الثنائية مع تركيا، الأمر الذي دفع البعض إلى الربط بين الأحداث الأخيرة والتطور الذي شهدته هذه العلاقات في إطار «منظمة الدول التركية».
نظرت تركيا بعين القلق لما حدث في كازاخستان، لما بين البلدين من روابط كثيرة بأبعاد مختلفة، فأي فوضى في فضاء الدول الناطقة بالتركية لها تأثير سياسي واقتصادي على تركيا التي تعمل منذ سنوات على تقوية الدول التركية تحت قيادتها. ولهذا فقد أدانت أنقرة على لسان الرئيس أردوغان وكبار المسؤولين أعمال العنف، وأكدت على تقديم كل أنواع الدعم لكازاخستان.
كما أعلنت منظمة الدول التركية وقوفها إلى جانب السلطات الكازاخية واستعداداها لتقديم الدعم المطلق للقيادة الشرعية، وتفهمها للقرارات “المؤلمة” و”المفهومة” التي اتخذها الرئيس الكازاخي ضد “مَن تجاوزوا الخط الأحمر للنظام والقانون”، ولوقف الأعمال “التخريبية” التي تستهدف استقلال البلاد وسيادتها([48]).
وفي تناولها للأحداث في كازاخستان، قدمت صحيفة «لوموند» الفرنسية قراءة تربط بين الاضطرابات واستهداف منظمة الدول التركية، حيث أوضحت الصحيفة أن الأحداث الأخيرة في كازاخستان مفتعلة، مشيرةً إلى أنها جاءت في وقت كانت إدارة كازاخستان تحقق تقدمًا في العلاقات الثنائية مع تركيا. وترى الصحيفة أن سبب الاضطراب في كازاخستان ما هو إلا محاولات خارجية لإيقاف تقدم تركيا ومنعها من تطوير منظمة الدول التركية. ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى وجود تقارب إستراتيجي بين تركيا وكازاخستان، مستدلةً بذلك على قيام الأخيرة بشراء طائرات بدون طيّار وأسلحة من تركيا في بدايات عام 2021م([49]).
وعلى الرغم من الموقف التركي المساند للحكومة الكازاخية، على المستوى الثنائي والجماعي، فإن بعض المراقبين يرون أن “ردة فعل منظمة الدول التركية على أحداث أوائل يناير في كازاخستان جاءت متأخرة بعض الشيء (فكما لو أنهم انتظروا في أي اتجاه سيتطور الوضع)، ولم يظهر البيان الصحفي الأول إلا في السادس من يناير، عندما كان “الميدان” الكازاخي في أوج غليانه. وأما الاجتماع الاستثنائي لمنظمة الدول التركية (التي تضم كازاخستان) فقد عُقِد في 11 يناير 2022، بعد أن كان رئيس الدولة، «قاسم جومارت توكاييف»، قد دعا منظمة معاهدة الأمن الجماعي للمساعدة، بل وأعلن عن انتهاء مهمتها في البلاد وانسحاب قواتها التدريجي. هذا بالإضافة إلى أن اجتماع منظمة الدول التركية قد عُقد على مستوى وزراء الخارجية وليس رؤساء الدول الأعضاء([50]).
وثمَّة اعتقاد بأن أحداث كازاخستان قد أظهرت أن منظمة الدول التركية ما زالت في بداية الطريق، وأن أمامها مسافة طويلة لتكون لاعبًا مؤثرًا في آسيا الوسطى ومنافسًا قويًّا لروسيا والصين.
ويرى محللون أتراك أنه من الضروري أن تشكل دول المنظمة قوة عسكرية مشتركة لحماية أعضائها، كيلا تحتاج تلك الدول إلى استدعاء القوات الروسية أو غيرها من خارج المنظمة، إلا أن هذه الفكرة تثير نقاشًا آخر حول مشروعية التدخل في الدول الأعضاء لقمع الاحتجاجات الشعبية وحماية الأنظمة الفاسدة([51]).
وعن مراجعة المنظمة لدورها في ظل التجربة الكازاخية، يعتقد مراقبون أن الشيء الأكثر أهمية هو ما قاله وزير الخارجية التركي، «مولود تشاووش أوغلو»، عندما صرح بأنه من الضروري عدم الاكتفاء بتعزيز التعاون بين الوحدات الأمنية والاستخباراتية في الدول الأعضاء في المنظمة.
وتابع: “الحديث يدور عن جعل التعاون “أكثر تنظيمًا وقوننة في إطار منظمة الدول التركية”؛ وعن ضرورة “إضفاء الطابع المؤسسي” على التعاون بين الهياكل الأمنية والاستخبارية، أي إنشاء هيكل وآليات للتفاعل بين الدول الأعضاء.
وهكذا، فقد تسببت مشاركة منظمة معاهدة الأمن الجماعي في الصراع الكازاخي في ردة فعل مؤلمة، إلى حد ما، بالنسبة لتركيا، وسوف تغذي رغبة أنقرة في إعطاء منظمة الدول التركية بُعدًا عسكريًّا وسياسيا، وربما يكون لهذا الأمر أولوية كبيرة خلال رئاسة تركيا للمنظمة في عام 2022.
- قبرص التركية والحصول على الاعتراف الرسمي
تسعى قبرص التركية إلى استغلال نجاح تركيا في توطيد علاقاتها الخارجية مع دول العالم وتعزيز مكانتها الدولية في الحصول على الاعتراف الرسمي الدولي الذي تفتقد إليه منذ إعلان قيام جمهوريتها في منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث لا تعترف بها حتى الآن سوى تركيا.
وكانت آخر هذه المساعي بعد نجاح أذربيجان في استعادة أراضيها المحتلة في إقليم «قاراباغ» بمساعدة تركيا، بعد حرب كان للتدخل التركي الدور الأكبر فيها، من خلال ما قدمته من دعم سياسي وعسكري ولوجستي قلب التطورات الميدانية لصالح أذربيجان.
ففي 13 يناير/كانون الثاني، صرح رئيس وزراء جمهورية شمال قبرص التركية، «فايز صوجو أوغلو»، بأن اعتراف أذربيجان ببلاده سيكون خطوة مهمة، وذلك غداة اجتماعه مع الرئيس التركي أردوغان.
وأعرب صوجو أوغلو عن أمله في زيادة الاتصالات بين بلاده وأذربيجان خلال الفترة المقبلة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وأضاف: “نتطلع من أذربيجان، التي نتشارك معها الجذور واللغة والدين نفسه، أن تعترف بجمهورية شمال قبرص التركية”. واستطرد: “سيكون هذا الاعتراف خطوة مهمة، ونحن أصلًا حسمنا أمرنا، فالوضع في الجزيرة سيكون على أساس دولتين متساويتين وذات سيادة، وليس اتحادًا”([52]).
وفي سياق متصل، كان وزير خارجية قبرص التركية، «تحسين أرطغرل أوغلو»، قد صرح بأن باكستان تعاملت مع بلاده كدولة معترف بها.
وقال أرطغرل أوغلو في مؤتمر صحفي عقده في مقر ممثلية جمهورية شمال قبرص التركية بالعاصمة الباكستانية إسلامآباد، في 20 ديسمبر/كانون الأول، إن “مسألة الاعتراف الرسمي بجمهوريتنا ستأتي بعد حل الدولتين وتحقيق المساواة في الحقوق والسيادة بين شطري الجزيرة”([53]).
وتتسق محاولات قبرص التركية مع الموقف الرسمي لأنقرة، والذي عبّر عنه الرئيس التركي أردوغان، حينما صرح بأن بلاده تسعى لضمان اعتراف دولي واسع النطاق بجمهورية قبرص التركية، وأن المطلب الوحيد للقبارصة الأتراك على طاولة المفاوضات الدولية الآن هو الاعتراف بوضعهم كدولة ذات سيادة. وأن جميع المقترحات الأخرى قد فقدت صلاحيتها([54])، في إشارة إلى رفض أي مبادرة لحل مشكلة الجزيرة خارج إطار حل الدولتين المستقلتين.
ومن جانبها، ترى حكومة قبرص اليونانية، والتي تحكم في الوقت الحالي أقل من ثلثي الجزيرة، أن أي محاولة للحصول على مزيدٍ من الاعتراف الرسمي بقبرص التركية سيؤدِّي لتدمير محاولات التسوية بقوة.
تزداد شراسة المنافسة بين النظام الحاكم في تركيا وأحزاب المعارضة مع كل يوم يقربهم من الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة. وقد حاولت المعارضة التركية استغلال تقلبات سعر صرف العملة في الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهو ما رفضه الرئيس التركي، الذي أطلق آلية مالية جديدة أعادت إلى الليرة جزءًا كبيرًا مما فقدته، بعد أن كان الرهان على استمرار انهيارها.
وبالتزامن مع هذا التنافس، قامت وزارة الداخلية التركية بفتح تحقيق موسع في توظيف بلدية إسطنبول التي تديرها المعارضة أعدادًا كبيرة من المنتمين والداعمين لمنظمات إرهابية.
- حسم الجدل حول الانتخابات المبكرة
تحرص أحزاب المعارضة في تركيا على إثارة قضية الانتخابات المبكرة بين الحين والآخر، منتهزة أي فرصة تشعر فيها بتراجع شعبية الحزب الحاكم أو وجود أزمة داخلية قد تجذب إليها الناخب التركي حال التوجه إلى صناديق الاقتراع.
ومؤخرًا، استغلت المعارضة أزمة الليرة التركية، وانخفاض سعرها أمام الدولار، وارتفاع الأسعار، وعادت إلى المطالبة بانتخابات مبكرة.
ولكن الرئيس التركي أردوغان حسم الجدل في هذا الشأن، حينما صرح بأن تركيا لن تشهد أي انتخابات مبكرة، وأن الانتخابات سوف تجري في موعدها الطبيعي، وهو يونيو/حزيران 2023.
وقال أردوغان خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب «العدالة والتنمية» في مقر البرلمان التركي بأنقرة، في 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، إنه “لن تكون هناك انتخابات مبكرة في تركيا.. وهنا أنا لا أضع فاصلة، أنا أضع نقطة على السطر”. وتابع الرئيس: “ستسير الأمور في إطارها الطبيعي وفقا للقانون لتعقد الانتخابات بموعدها المقرر في يونيو/حزيران 2023″([55]).
وكان نائب رئيس حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، «فائق أوزتراك»، قد اعتبر أن “الانتخابات المبكرة هي الحل للخروج من الأزمات التي تمر بها تركيا”. وقال إن “البلدان ذات الاقتصادات المشابهة لتركيا قد زادت أو تستعد لزيادة أسعار الفائدة”، موضحًا أنه “في الوقت الحالي، أهم شيء بالنسبة للاقتصاد التركي هو إنهاء الإفراط في تقلب سعر الصرف وعدم الاستقرار في الاقتصاد”.
كما دعا زعيم حزب «الديمقراطية والتقدم» المعارض، «علي باباجان»، لإجراء انتخابات مبكرة على الفور للخروج من الأزمتة المالية([56]).
ويرى مراقبون أن المعارضة تصر على طلب تبكير الانتخابات رغم أنها ليست جاهزة لها بعد؛ فتحالف الشعب المعارض لم يستطع أن يضم لصفوفه أحزابًا جديدة، بل يبدو أن حزب «السعادة» الذي انضم له في الانتخابات البلدية السابقة لم يحسم أمره بعد، بينما الحزب الديمقراطي ذو تأثير ضعيف جدًّا، ما يجعل التحالف مقتصرًا على حزبيْ الشعب الجمهوري والجيّد. ومن جهة ثانية، لا يبدو أن تحالف المعارضة قد توافق داخليًّا على مرشح توافقي ليخوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة أردوغان، مرشح «تحالف الجمهور»، بل لا يبدو أن التحالف قد يوافق على المعايير الرئيسة التي ينبغي أن تتوفر في هذا المرشح المفترض.
وعليه فإن المعارضة التركية تشدد على مطلب الانتخابات المبكرة لصناعة صورة وانطباع عن نفسها بأن شعبيتها في تقدم، وأن البلاد في أزمة، وأنها الحل الأكيد لها، مستفيدة من نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة ومتسلحة بتدهور قيمة الليرة مؤخرًا([57]).
- التحقيق في انتماء موظفين ببلدية إسطنبول لتنظيمات إرهابية
تجري وزارة الداخلية التركية تحقيقًا واسعًا حول توظيف بلدية إسطنبول التي يرأسها «أكرم إمام أوغلو»، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، عناصر محسوبة على منظمات إرهابية.
وفي هذا الإطار، قامت السلطات التركية بعملية تفتيش خاصة شملت هياكل بلدية إسطنبول الكبرى، بعد بلاغ بأن بعض الموظفين الذين تمَّ تعيينهم بالبلدية والشركات التابعة لها، منهم 455 ينتمون إلى اتحاد المجتمع الكردستاني/ منظمة العمال الكردستاني، و80 إلى منظمة جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري، و20 من الحزب الشيوعي التركي، واثنان من الحزب الشيوعي الماوي، بجانب آخرين من منظمة غولن ومنظمات إرهابية أخرى.
وأشارت السلطات إلى أن لائحة الاتهام التي أعدها الادعاء العام في إسطنبول، تتضمَّن مزاعم بأن هناك أشخاصًا تمَّ تعيينهم يرتبطون بمنظمة العمال الكردستاني، من خلال جمعية «دييدر» (جمعية التضامن مع علماء الدين والتي تمَّ تأسيسها في ديار بكر)([58]).
وتعليقًا على هذه العملية، أدلى وزير الداخلية التركي، «سليمان صويلو»، بتصريحات قال فيها إن عملية التفتيش قد بدأت على أساس الإخطارات التي تفيد بأن بعض الموظفين العاملين في بلدية إسطنبول مرتبطون أو ينتمون إلى منظمات إرهابية”. وأضاف الوزير: “نحن ملزمون بالتحقيق في هذه التقارير والإخطارات، ونحن نفعل ذلك لمنع الكارثة التي قد تحدث لنا”. وشدد الوزير على أن “التحقيقات لا تستهدف مجلس المدينة نفسه”، وقال: “عملنا ليس مع البلدية، ولكن لمكافحة الإرهاب، ويجب أن تكون تركيا دائمًا في حالة من التأهب والاستعداد”([59]).
ومن جانبه، استنكر رئيس بلدية إسطنبول في بيان له قرار التفتيش الصادر عن وزارة الداخلية، وقال: “أعتقد أنه يجب فتح تحقيق مع وزارة العدل ووزارة الداخلية أيضًا”.
يذكر ان الرئيس التركي أردوغان كان قد اتهم أمام أوغلو بفصل موظفين من بلدية إسطنبول وتعيين آخرين “إرهابيين” بدلًا منهم بعد أن وصل إلى رئاسة البلدية. وأضاف أن المعارضة حشدت 45 ألف موظف معظمهم مجهولون وبعضهم ينتمي للمنظمات الإرهابية داخل بلدياتها. وتابع: “لقد حولوا العمل الذي قمنا به من خلال جعله ملكًا لهم بالكثير من الأكاذيب والتلميعات”.
- الآلية المالية الجديدة ومواجهة تقلبات أسعار الصرف
استمر تدهور الليرة التركية في الفترة الماضية مع تراجع قيمتها أمام الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تراجع سعرها الى أكثر من 17 ليرة مقابل الدولار يوم 17 ديسمبر/كانون الأول.
وفي 20 ديسمبر/كانون الأول، أعلن الرئيس التركي أن حكومته ستطلق آلية مالية جديدة تتيح تحقيق نفس مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية عبر إبقاء الأصول بالليرة.
وقال أردوغان: “سنوفر بديلًا ماليًّا جديدًا لمواطنينا الراغبين بتبديد مخاوفهم الناجمة عن ارتفاع أسعار الصرف”، وتابع: “من الآن فصاعدًا لن تبقى هناك حاجة لتحويل مواطنينا مدخراتهم من الليرة إلى العملات الأجنبية، خشية ارتفاع أسعار الصرف”([60]).
والآلية الجديدة المسماة «وديعة الليرة التركية المحمية من تقلبات أسعار الصرف»، تضمن للمودع بالليرة عدم الوقوع ضحية لتقلبات أسعار الصرف، والحصول على الفائدة المعلنة، يضاف إليها الفرق في سعر الدولار بين وقت الإيداع والسحب.
أحدث إعلان الرئيس التركي عن الآلية الجديدة إنقلابًا في سوق الصرف الأجنبي، حيث ارتفع سعر صرف العملة التركية فجأة من 18 ليرة مقابل الدولار الأمريكي لتتأرجح بين 13.5 و12.25 ليرة مقابل الدولار في اليوم التالي، في خطوة كبرى أذهلت المضاربين في تركيا وخارجها الذين كانوا يراهنون على تواصل انهيار سعر صرف الليرة الذي أصبح الصداع الأكبر للاقتصاد التركي خلال العام الماضي.
وكشفت وزارة الخزانة والمالية التركية، عن طبيعة الأداة المالية التي أعلن عنها أردوغان، والتي تتيح للمودعين تحقيق نفس مستوى الأرباح المحتملة للمدخرات بالعملات الأجنبية عبر إبقاء الأصول بالليرة التركية. وأوضحت في بيان لها، أنه في نهاية تاريخ سحب الوديعة إذا كانت أرباح المودعين في المصارف بالليرة أكبر من زيادة سعر الصرف فإنهم سيحافظون على أرباحهم، أما في حال كانت أرباح سعر الصرف أكبر فعندئذ سيتم دفع الفرق للمواطن، مع إعفائه من الضرائب. وذكرت أنه يمكن فتح حسابات الوديعة بآجال 3 و6 و9 و12 شهرًا، وتطبيق الحد الأدنى لمعدل الفائدة المعلن من قبل البنك المركزي التركي([61]).
وفي دلالة على تجاوب الشعب التركي مع الآلية الجديدة، أعلن وزير الخزانة والمالية التركي، «نور الدين نباتي»، أن إيداعات العملة المحلية وفق الآلية المالية الجديدة، تجاوزت الـ131 مليار ليرة بحلول النصف من يناير/كانون الثاني، وأعرب عن أمله في أن قيمة الصادرات التركية ستتجاوز الـ250 مليار دولار خلال العام الجاري، بعد أن حققت 225 مليار دولار في العام الماضي([62]).
([1]) وكالة الأناضول، أبرز ملفات أستانة 17.. التهدئة والانفصاليون ولجنة الدستور، 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3nDY1mP
([2]) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، بيان صحفي حول الاجتماع الرفيع المستوى بشأن سوريا المنعقد في مدينة نور سلطان، 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3AergSj
([3]) RTعربي، لافرنتييف: روسيا تتعاون مع تركيا بشأن الوضع في شمال سوريا، 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3nGcK0l
([4]) مركز الجزيرة للدراسات، مسار أستانة: الدول الضامنة ومسارات التسوية السورية، 1 أغسطس/آب 2019، https://bit.ly/3Ae2VMd
([5]) تركيا الآن، قصف متبادل بين «قسد» والقوات التركية في ريف الحسكة الشمالي الغربي، 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3GHmj6I
([6]) Sputnik عربي، مصدر مصدر عسكري سوري لـ”سبوتنيك”: نجري مفاوضات مع تركيا حول شرق الفرات، 16 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3IjjN7e
([7]) المملكة، وزارة الخارجية لـ”المملكة”: لا صحة لعقد اجتماع أمني سوري تركي في الأردن، 30 ديسمبر/كانون الول 2021، https://bit.ly/3IlNggz
([8]) وكالة الأناضول، الرئيس أردوغان يلتقي النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي، 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3zSNpp1
([9]) ليبيا الأحرار، النويري يبحث مع أردوغان الأزمة في ليبيا ووقف التدخلات الخارجية، 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/33vlpvz
([10]) العربي الجديد، زيارة النويري إلى تركيا: انفتاح أنقرة على جميع الأطراف الليبية، 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3Kg6AOr
([12]) عربي 21، ماذا وراء انفتاح تركيا على الشرق الليبي؟، 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/339zY80
([13]) ترك برس، ليبيا.. نائب الدبيبة يدعو السفير التركي لزيارة المنطقة الشرقية، 11 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3r9L314
([14]) ليبيا الأحرار، قالن: الاتفاقيات الموقعة مع ليبيا ما زالت سارية المفعول، 30 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/34Gt1vz
([15]) Daily Sabahالعربية، القوات الخاصة بالبحرية التركية تدرب الجنود الليبيين على إزالة الألغام، 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3qpLZyU
([16]) تركيا الآن، لقاء ليبي تركي يناقش ترسيم الحدود بين الدولتين، 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3ql6zkc
([17]) ترك برس، بعد المباحثات التمهيدية للتطبيع.. ماذا يحمل عام 2022 للتقارب بين تركيا ومصر؟ 4 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3KsLQCT
([18]) العربي الجديد، جولة استكشافية جديدة بين مصر وتركيا تتصدرها ليبيا، 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/33U6k6E
([19]) ترك برس، صحيفة: تفاهمات تركية-مصرية لترسيم المياه الاقتصادية شرقي المتوسط، 3 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3tJBmt8
([20]) العربي الجديد، مصر وتركيا: تفاهمات اقتصادية تعطلها خلافات حول ليبيا، 11 سبتمبر/أيلول 2021 https://bit.ly/3GMtNpa
([21]) Yeni Şafak، مصادر دبلوماسية: اتفاق تركي قطري لتشغيل مطار كابل، 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3I1sL8Z
([22]) وكالة الأناضول، مصادر دبلوماسية: اتفاق تركي قطري مبدئي مع طالبان لتشغيل مطار كابل، 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3K1RY53
([23]) الخليج الجديد، قطر وتركيا تعملان لإعادة تأهيل مطار كابل، 8 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/31ZRH1m
([24]) تركيا الآن، غموض موقف طالبان من العرض التركي القطري!، 29 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/33P3wrD
([25]) ترك برس، أردوغان يعلن عزمه زيارة السعودية في فبراير المقبل، 3 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3FEwtnm
([26]) Euro News، بعد سنوات من التوتر بين الرياض وأنقرة.. إردوغان يقول إنه سيزور السعودية في فبراير ، 3 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3tF0T6F
([27]) وكالة الأناضول، العلاقات التركية – السعودية إلى أين؟ (تحليل)، 14 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3qIzeje
([28]) الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، بيان صحفي حول أنشطة الاستيطان الإسرائيلية غير القانونية، 6 يناير/كانون الثاني 2021، https://bit.ly/3FC9Q31
([29]) عرب 48، بلدية الاحتلال تصادق على مخططات لبناء 3,557 وحدة استيطانية في القدس، 5 يناير/ كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3nxIGE4
([30]) ترك برس، جمعية تركية: إسرائيل زادت الضغط على المقدسيين خلال العام 2021، 29 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3FAp3S6
([31]) ترك برس، الإغاثة التركية” تقدم مساعدات طبية لقطاع غزة، 28 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3ttKrpM
([32]) الجزيرة، تركيا نحو تحسين العلاقات مع “إسرائيل”، 26 يوليو/حزيران 2021، https://bit.ly/3Ihx9R8
([33]) وكالة الأناضول، أردوغان ونظيره الإسرائيلي يبحثان العلاقات وقضايا إقليمية، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3rHaffF
([34]) وكالة الأنضول، أردوغان: على الجميع بذل الجهود لتعزيز السلام بالشرق الأوسط، 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/35kBi97
([35]) الحرة، “إعلان نوايا” وجو جديد.. هل تعود العلاقات بين تركيا وإسرائيل؟، 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://arbne.ws/3GFYjkm
([36]) وكالة الأناضول، واشنطن: لم نعد نعطي الأولوية لمشروع أنابيب “إيست ميد”، 15 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/33tfRBT
([37]) Sky Turkyana، أمريكا تتبنى موقف تركيا وتسحب دعمها لمشروع إيست ميد، 11 يناير/كانون الثاني 2022، ، https://bit.ly/3FuZNwp
([38]) France 24، أثينا: توقيع مشروع “إيست ميد” بين قبرص واليونان وإسرائيل لمد أوروبا بالغاز، 3 يناير/كانون الثاني 2020، https://bit.ly/3A5LDkk
([39]) وكالة أنباء تركيا، ماكرون ينتقد سياسات أردوغان: تساهم بانتشار الإسلام، 8 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/324szX4
([40]) وكالة الأناضول، أردوغان: نأمل من الاتحاد الأوروبي تطوير علاقته بتركيا في 2022، 13 يناير/كانون الثاني 2021، https://bit.ly/3IfH2Ph
([41]) وكالة الأناضول، أردوغان: نأمل من الاتحاد الأوروبي تطوير علاقته بتركيا في 2022، 13 يناير/كانون الثاني 2021، https://bit.ly/3IfH2Ph
([42]) Daily Sabahالعربية، كيف بدت العلاقات التركية الأوروبية خلال 2021؟، 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3fwU5zJ
([43]) U.S. Department of State, Country Reports on Terrorism 2020: Turkey, 16-12-2021, https://bit.ly/3A3S7jX
([44]) الجمهورية التركية، وزارة الخارجية، رد على تقرير وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الإرهاب لعام 2020، 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3GlOzM6
([45]) وكالة الأناضول، السفير الأمريكي الجديد يصل تركيا، 7 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3JXLfJn
([46]) صحيفة الاستقلال، جيف فليك.. جمهوري داعم للديمقراطيين يعادي تركيا ويقود سفارة أميركا في أنقرة، 11 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/33cNA2v
([47]) السياسة، ما دلالات تعيين السفير الأمريكي الجديد بأنقرة؟، 10 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3HWVxrb
([48]) وكالة الأناضول، منظمة الدول التركية: استقرار كازاخستان جزء من رفاهية العالم التركي، 11 يناي/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3Iozha6
([49]) Le Monde, Le Kazakhstan opère un rapprochement stratégique avec la Turquie, 05-01-2022, https://bit.ly/351otQM
([50]) RTعربي، ما رأي أنقرة ومنظمة الدول التركية في أحداث كازاخستان، 18 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/350xNUS
([51]) تركيا الآن، اختبار كازاخستان لمنظمة الدول التركية، 14 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3KvctY1
([52]) وكالة الأناضول، قبرص التركية: اعتراف أذربيجان سيكون خطوة مهمة، 13 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/33ntPWb
([53]) Yeni Şafakالعربية، وزير خارجية قبرص التركية: باكستان عاملتنا كـ”دولة معترف بها”، 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3IpHn25
([54]) TRTعربي، أردوغان: سنسعى لضمان اعتراف واسع بقبرص التركية، 21 يوليو/حزيران 2021، https://bit.ly/3Ig4M66
([55]) وكالة أنباء تركيا أردوغان: لا انتخابات مبكرة في تركيا.. ونقطة على السطر، 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3rluZcF
([56]) RTعربي، أردوغان: لن تكون هناك انتخابات مبكرة في تركيا، 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3tuTmY5
([57]) تركيا برس، حسابات الانتخابات المبكرة في تركيا، 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3Ae9bDS
([58]) تركيا اليوم، رئيس بلدية إسطنبول يواجه تحقيقات بتوظيف متهمين.. وتراشق مع صويلو، 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/324BYhm
([59]) Milli Gazete, Soylu’dan İBB’ye teftiş açıklaması, 27-12-2021, https://bit.ly/3GEzaXw
([60]) Yeni Şafak العربية، أردوغان: سنطلق أداة مالية جديدة تشجع الإبقاء على العملة المحلية، 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3tuPOoJ
([61]) العربي الجديد، أردوغان يتخذ إجراءات لحماية الودائع ووقف إنهيار الليرة التركية، 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3rmbVei
([62]) وكالة الأناضول، تركيا.. إيداعات الليرة بالآلية الجديدة تتجاوز 131 مليار، 15 يناير/كانون الثاني 2021، https://bit.ly/3A500p3