المحتويات
ـ مقدمة
ـ خلفيات التقارب
ـ دوافع الحزب الحاكم للتقارب
ـ دوافع “الشعب الجمهوري” للتقارب
ـ تحديات تعترض مسار التقارب
مقدمة
قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي عُقدت في مايو/أيار 2023، شهدت السياسة التركية تدوير زوايا في بعض ملفات السياسة الخارجية، حين ذهبت أنقرة نحو التقارب مع محيطها الإقليمي، والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.[1] ثم جاءت نتائج الانتخابات المحلية، التي عُقدت في 31 مارس/آذار 2024، لتذهب الحكومة التركية نحو التوافق وتهدئة الخطاب على الساحة الداخلية مع المعارضة، بعد أن ساد الاستقطاب لسنوات.
وخلال الشهرين الأخيرين، التقى الرئيس، رجب طيب أردوغان، مع زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، مرتين. علاوة على ذلك، وفي خطوة مرتبطة بالتقارب مع المعارضة، أصدر أردوغان عفوا رئاسيا، لأسباب صحية، عن 14 ضابطا ومتهما محكومين بتهمة انقلاب عام 1997، بعد بطلب من “أوزال”، باعتبار أن هذا الملف ملف إنساني، مع تقدم عمر الجنرالات.
وإزاء هذه التطورات، نحاول في هذا الملف رصد أسباب كل من الحزب الحاكم والمعارضة لأخذ منحى التقارب في الفترة الراهنة، وطبيعة هذا التقارب، والتحديات التي تعترضه.
خلفيات التقارب
تشهد الساحة السياسية التركية منذ سنوات استقطابا واسعا، ربما بلغ ذروته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي انعقدت في مايو/أيار 2023، حيث تنافس في الانتخابات تحالفان أساسيان، تختلف رؤاهم في جل الملفات تقريبا. وساد خلال الانتخابات خطاب استقطابي يتهم فيه كل تحالف الآخر بأن فوزه خطر على مستقبل تركيا.[2]
واستمر هذا الاستقطاب -ولو كان بدرجة أقل- بعد الانتخابات العامة، التي فاز فيها التحالف الحاكم -بصعوبة- بكل من الرئاسة وأغلبية مجلس الأمة. وفي الانتخابات الرئاسية، لم يتمكن أردوغان للمرة الأولى من حسم الانتخابات الرئاسية من المرحلة الأولى، ليحسمها من المرحلة الثانية ضد رئيس حزب الشعب الجمهوري آنذاك، كمال كليتشدار أوغلو، الذي رآه كثيرون أنه لم يكن السياسي الأمثل ليكون المرشح الموحد للمعارضة.[3]
وفي الانتخابات البرلمانية، ورغم فوز “تحالف الجمهور” الحاكم بأغلبية المجلس، إلا أن نسب تصويت الحزب الحاكم تراجعت بشكل لافت، من 42.6 بالمئة في انتخابات عام 2018، إلى 35.6 بالمئة في انتخابات عام 2023.[4]
ثم جاءت الانتخابات المحلية، في 31 مارس/آذار، لينتج عنها تراجع الحزب الحاكم للمركز الثاني لأول مرة في تاريخه، حيث حصل 35.5 بالمئة، بعد حزب الشعب الجمهوري الذي حاز 37.8 بالمئة، وتراجع عدد المصوتين للعدالة والتنمية بأكثر من 8 ملايين صوت مقارنة بانتخابات 2019.[5]
ومنذ الانتخابات الأخيرة، يؤكد الحزب الحاكم مرارا وتكرارا على أنه سيجري عملية محاسبة داخلية، وأنه فهم رسائل الناخبين وسيعمل خلال الفترة المقبلة وفق تلك الرسائل.[6] وفي هذا السياق، بدأ “العدالة والتنمية”، برئاسة أردوغان، في تبني خطاب أكثر تصالحية وانفتاحا تجاه الأحزاب الأخرى.
فقد أعرب الرئيس التركي عن أمله أن “تكون السنوات الأربع المقبلة مليئة بالتسامح وليس التوتر، وأن تكون المعارضة بناءة وليست هدامة، وأن تصبح هذه الأجواء هي السائدة في السياسة التركية”، معتبرا أن سياسات حزبه “ليست قائمة على الاستقطاب والعداوة، بل على احتواء واحتضان كل فئات الشعب”.[7] وذهب أردوغان إلى أن “الذين أفسدوا روح التعاون التي سادت بين الأحزاب السياسية بعد المحاولة الانقلابية (عام 2016) يتحركون الآن من جديد (لإفساد التقارب)”.
تغيير سياسة الحزب الحاكم تجاه المعارضة لم يقتصر على الخطاب، فقد اتخذ أردوغان عدة خطوات فعلية، تمثلت في لقاءين مع زعيم المعارضة، أوزغور أوزال. اللقاء الأول في 2 مايو/أيار، أي بعد شهر من نتائج الانتخابات المحلية، حين استقبل أردوغان أوزال في مقر “حزب العدالة والتنمية” في العاصمة التركية، أنقرة.
وبحسب “أوزال”، فإن اللقاء لم يكن بروتوكوليا، بل تطرق إلى “جميع الموضوعات الموجودة في الأجندة (التركية)”، موضحا أن أردوغان استمع إليه في جميع المواضيع وسجل ملاحظاته، وبدوره، استمع أوزال أيضا لتقييمات أردوغان. ووصف زعيم المعارضة اللقاء بأنه “شوط مهم في الديمقراطية التركية”، مؤكدا على أن “الفترات التي لا تشهد تصافحا بين السياسيين دائما ما أدت إلى كوارث”.[8]
أما أردوغان، فأعرب عن أمله “ألا تكون مرحلة التطبيع السياسي في البلاد عمرها عمر الفراشة”، في إشارة إلى أمله ألا تكون مرحلة التقارب قصيرة.[9] ولذلك، وعد بأن يرد الزيارة بالذهاب إلى مقر حزب الشعب الجمهوري، وهو ما تم بالفعل في 11 يونيو/حزيران، لتكون هذه هي الزيارة الأولى من نوعها منذ 18 عاما.
ومن المقرر أن يلتقي أردوغان وأوزال معا مرة ثالثة في 20 يوليو/تموز، في “جمهورية شمال قبرص التركية”، على هامش الاحتفال بذكرى “عملية السلام” في شمال الجزيرة، حيث وجه أردوغان دعوة لأوزال لحضور الاحتفال الذي يُقام سنويا، بحضور أركان الدولة التركية.[10]
وعلاوة على الخطاب واللقاءات المتبادلة، اتخذ أردوغان عدة خطوات فعلية في إطار هذا التقارب. ربما أبرزها، حتى الآن، هو القرار الذي اتخذه، في 17 مايو/أيار، بالعفو عن 14 ضابطا ومتهما محكومين بتهمة انقلاب عام 1997 على حكومة رئيس الوزراء الراحل، نجم الدين أربكان. وجاء هذا الإفراج بطلب من زعيم المعارضة، الذي يعتبر هذا الملف ملفا إنسانيا؛ بسبب تقدم الجنرالات المحبوسين في العمر.[11] ولذلك، أشاد أوزال بهذه الخطوة، واصفا إياها بأنها “خطوة متأخرة ولكنها صحيحة”.[12]
علاوة على ذلك، فقد نقل أوزال موافقة أردوغان على تناول مقترح يهدف لإقرار “نظام ضريبي عادل”، وبموجب ذلك، سيجتمع ثلاثة من كبار خبراء الاقتصاد في حزب الشعب الجمهوري مع وزير الخزينة والمالية، محمد شيمشك، خلال الفترة المقبلة، لطرح رؤية الحزب المعارض حول تحقيق العدالة الضريبية.[13]
وفي السياق نفسه، الذي يبدي فيه أردوغان انفتاحا على المعارضة في كيفية إدارة الاقتصاد، أعلن متحدث حزب العدالة والتنمية، عمر تشيليك، عن موافقة الرئيس التركي على تزويد زعيم المعارضة بالمعلومات المطلوبة في أي وقت يرغب فيه الأخير، على أن يتولى “شيمشك” ذلك.[14]
هذا الانفتاح الذي يبديه الرئيس التركي من جهة، وتتفاعل معه المعارضة التركية إيجابيا من جهة أخرى، يطرح تساؤلات حول دوافع كل طرف لانتهاج تلك السياسة والمصالح الذي يتحصل عليها منها، وإذا ما كان هذا التقارب يتعرض لتحديات تهدد استمراره.
دوافع الحزب الحاكم للتقارب
لا يمكننا فصل التوجه الجديد لدى الحزب الحاكم عن نتائج الجولات الانتخابية المختلفة التي مرت بها تركيا على مدار الأشهر الماضية، رئاسية وبرلمانية ومحلية. فهذه الانتخابات، في مجموعها، ورغم أنها لم تطح بالحزب الحاكم من السلطة ومنحته 5 سنوات أخرى من التمكن من أدوات الدولة التنفيذية والتشريعية، إلا أنها كشفت عن تراجع كبير في معدلات التصويت له، يهدد باستمراره في السلطة، وينذر بخسارة محتملة في انتخابات عام 2028، إذا لم يتدارك الحزب ذلك.
ولهذا، فإن التغيير الذي وعد به أردوغان بعد خسارة الانتخابات المحلية، برز في ملف التعاطي مع المعارضة أكثر من غيره من الملفات. فاللقاء الأول بين أردوغان وأوزال -وهو خطوة غير معتادة من سنوات طويلة- جاء بعد شهر واحد من الانتخابات المحلية.
ولهذا، فإن أردوغان يرى أن التقارب مع المعارضة في الوقت الراهن من شأنه أن يحقق له عدة أهداف ترتبط بامتصاص الخسارة الأخيرة والتجهيز للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، المقررة دستوريا بعد نحو 4 سنوات من الآن.
1- الهدف الأول الذي يسعى الحزب الحاكم لتحقيقه، عبر التقارب مع المعارضة، هو تهيئة الساحة الداخلية لخدمة البرنامج الاقتصادي.
فوفق تقييم الحزب الحاكم، فإن الاقتصاد هو أحد أبرز الأسباب -إن لم يكن السبب الأبرز- في تراجع مستويات التصويت له في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ثم هزيمته في الانتخابات المحلية. وأكد ذلك ما نقله الصحفي التركي، رجب صويلو، من أن هناك إجماعا داخل أروقة الحكم في أنقرة على أن “ناخبي حزب العدالة والتنمية أحجموا عن التصويت (في الانتخابات المحلية)؛ لمعاقبة الحكومة على أدائها الاقتصادي”.[15]
وفي السياق نفسه، قال المدير العام لشركة الاستشارات السياسية والأبحاث “داتيلور” (Datailor)، إن ما يقرب من 16 مليون متقاعد، الذين يصوتون إلى حد كبير لصالح أردوغان، قاطعوا الانتخابات المحلية الأخيرة.[16]
كما نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن العديد من المصادر داخل حزب العدالة والتنمية أن الحكومة كانت على دراية جيدة بالشكاوى التي أثارها المتقاعدون، لكنها لم تتمكن من التحرك لتلبية مطالبهم؛ لأن ذلك سيفتح ثغرة كبيرة في الميزانية التي تتعرض لضغوط هائلة بسبب التضخم.[17]
وحيث إن “التحدي الأكبر الذي يواجه أردوغان في استعادة ثقة الناخبين الأتراك يكمن في الاقتصاد”، بحسب وصف معهد لوي الأسترالي (Lowy Institute)،[18] فإن من الأهمية بمكان تخفيف حدة التوتر بين الحكومة والمعارضة، بعد أن وصل إلى مستويات غير مسبوقة.
ولهذا، وفي معرض تقييمه للخطوات التي يتخذها أردوغان تجاه المعارضة، اعتبر موقع “ميدل إيست آي” أن الاستقرار في السياسة الداخلية التركية “هو بالضبط ما تحتاجه البلاد لجذب المستثمرين الأجانب”.[19]
كما يعتقد الصحفي التركي، مصطفى كمال أرديمول، أن “المشكلات الكبرى مثل الركود في الأسواق وارتفاع معدلات التضخم” هي إحدى الأسباب التي دفعت أردوغان إلى تخفيف موقفه حيال أحزاب المعارضة.[20]
ومن اللافت هنا تماهي الحزب الحاكم مع بعض المطالب الاقتصادية التي طرحها زعيم المعارضة خلال اللقاءين اللذين عُقدا مع أردوغان. من ذلك، كما أشرنا آنفا، تزويد وزير المالية لأوزال بالمعلومات الاقتصادية التي يطلبها في أي وقت، وعقد لقاء بين خبراء اقتصاد معارضين وبين وزير المالية؛ لطرح رؤية حزب الشعب الجمهوري حول تحقيق العدالة الضريبية.
هذا المناخ الذي يعكس هدوءا داخل تركيا، وتوافقا -بقدر ما- على إدارة الملف الاقتصادي، من شأنه أن يساعد الرئيس أردوغان على حل الأزمة الاقتصادية، إحدى أكبر العقبات التي تواجهه.
2- الهدف الثاني يتمثل في أن هناك رفضا متزايدا من الشارع التركي للاستقطاب الذي يسيطر على الحياة السياسية منذ سنوات، وهو ما عكسته بشكل واضح الجولات الانتخابية المتتابعة. فالشارع التركي يرى أن الاستقطاب أثر بشكل مباشر على حياته اليومية، وأن الحل يكمن في اتباع سياسات أكثر انفتاحا بين الحكومة والمعارضة.
وهذا ما أكده مركز الأبحاث التركي “Areda Survey”، في استطلاع للرأي أجراه بين 29 أبريل/نيسان، و2 مايو/أيار 2024، بمشاركة 3,101 شخصا في جميع أنحاء تركيا. فقد وجد الاستطلاع أن 69.4 بالمئة من المشاركين ينظرون بإيجابية للغاية إلى اجتماع أردوغان وأوزال.[21]
وكانت إحدى التفاصيل “المثيرة للانتباه”، بحسب وصف المركز، هي أن النظر بإيجابية لتلك التطورات في الساحة السياسية التركية لم يقتصر على أنصار الحزب الحاكم فقط؛ ذلك أن الناخبين من مختلف الأحزاب استقبلوا الأمر بإيجابية.
ففي حين أن نسبة 78.6 بالمئة من ناخبي حزب العدالة والتنمية يؤيدون اجتماع أردوغان بأوزال، فإن هذه النسبة تبلغ 59.6 بالمئة بين ناخبي حزب الشعب الجمهوري. بالإضافة إلى ذلك، فإن 72.8 بالمئة من ناخبي “حزب الحركة القومية”، و65.4 بالمئة من ناخبي “حزب الجيد” و81.4 بالمئة من ناخبي “حزب اليسار الأخضر”، ينظرون إلى هذا الاجتماع بشكل إيجابي.[22]
وعلى هذا، فإن من مصلحة الحزب الحاكم أن يعمل على تخفيف حدة الاستقطاب، ليس فقط للمساعدة في تطبيق البرنامج الاقتصادي، بل أيضا لأن استمرار المناخ الاستقطابي لم يكن ليغير شيئا، وكان من شأنه أن يساهم -على الأرجح- في استمرار المنحنى الهابط لشعبية “العدالة والتنمية”.
3- الهدف الثالث هو محاولة أردوغان التوصل لتوافق حول صياغة دستور جديد لتركيا، الأمر الذي يحوز مساحة معتبرة في النقاش العام في تركيا هذه الفترة.
وفي 10 مايو/أيار 2024، وخلال كلمة له بمناسبة الذكرى 156 لتأسيس مجلس الدولة في تركيا، أعاد أردوغان دعوته إلى كتابة دستور جديد لتركيا، مؤكدا أن بلاده بحاجة إلى دستور مدني والتخلص مما وصفه بـ”دستور الانقلابيين”، باعتبار أن الدستور التركي الحالي وُضع عقب انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980، بعد أن حصل على نسبة 92 بالمئة في الاستفتاء الشعبي آنذاك.[23]
وعلى الرغم من الخلافات حول ما يجب أن تكون عليه بعض مواد الدستور، فإن هناك توافقا واسعا بين مختلف الأحزاب التركية على أن البلاد بحاجة إلى دستور جديد، ويكفي في هذا السياق أن نشير إلى أن الدستور الحالي خضع لنحو 23 تعديلا خلال الـ41 عاما الماضية، وهو رقم كبير يدلل على رفض واسع لاستمرار الدستور بصيغته الحالية.[24]
وطُرحت العديد من المقترحات والمشروعات المختلفة لصياغة دستور جديد، وخاصة خلال عامي 2011 و2013، ثم في عام 2026، شُكلت “لجنة توافق لصياغة الدستور”، لكنها حُلت قبل أن تتمكن من وضع مسودة دستور متكاملة.
ويرى الحزب الحاكم أن تعزيز الديمقراطية في تركيا يتطلب وضع دستور جديد حر ومدني وشامل، وقد أكد أردوغان على هذا مرارا على المستوى الخطابي خلال السنوات الأخيرة. لكن موازين القوى في البرلمان الحالي لن تمكّن “تحالف الجمهور” الحاكم من تمرير مشروع الدستور الجديد، حيث يتطلب التغيير المباشر موافقة الثلثين، أي 400 من أصل 600 عضو، فيما يمكن الذهاب للاستفتاء الشعبي على الدستور وتعديلاته بموافقة 360 عضوا من البرلمان.[25]
وحيث إن تحالف الجمهور لديه 324 مقعدا، فإنه يحتاج إلى المعارضة -أو جزء منها- كي يتمكن من الاستمرار في هذه العملية.
ولذا، بدأ رئيس مجلس الأمة التركي، نعمان كورتولموش، في أبريل/نيسان 2024، سلسلة اجتماعات مع مختلف الأحزاب التركية، لوضع دستور جديد. واجتمع “كورتولموش” بأوزال، في 30 أبريل/نيسان 2024، كما يعتزم الاستمرار في مشاوراته مع قادة الأحزاب الأخرى.[26]
ويؤكد أردوغان على “ضرورة استكمال المشاورات بخصوص الدستور الجديد واتخاذ خطوات ملموسة بشأنه دون استعجال، ولكن دون إطالة أكثر من اللازم”، كما يطمح إلى أن “يمنح الهدوء السياسي الذي بدأ مؤخرا فرصة لتخفيف حدة السياسة وتكثيف المشاورات مع جميع الأطراف بشأن كتابة الدستور الجديد”.[27]
وعلى هذا، فإن رغبة الحزب الحاكم في التوافق حول صياغة دستور جديد لتركيا هي أحد الأسباب الجوهرية التي تدفعه للتقارب مع المعارضة،[28] غير أن الأخيرة لا تبدي -حتى الآن- نفس الدرجة من الحماس حيال كتابة دستور جديد.[29] فرغم اتفاقها في المبدأ مع الحزب الحاكم على أهمية كتابة دستور جديد، إلا أنها ما زالت توجه انتقادات للحزب الحاكم وتطلب منه تطبيق الدستور الحالي أولا، بحسب وصفها. وسنناقش في محور قادم تفاعل حزب الشعب الجمهوري مع مقترح كتابة دستور جديد باعتباره أحد التحديات التي تواجه عملية تقاربه مع “العدالة والتنمية”.
4- الهدف الرابع هو ما يراه بعض المراقبين الأتراك من أن “تقارب أردوغان مع الرئيس الجديد للشعب الجمهوري، أوزال، هو خطة لتعزيز شخصية الأخير ضد الشخصية الأكثر لمعانا لدى المعارضة، وهي رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.[30] فبعد فوز إمام أوغلو للمرة الثانية برئاسة بلدية اسطنبول، فإن ذلك يعزز من فرصه لأن يكون مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية القادمة، كما أوضحنا في عدد سابق. وبالتالي، فإن أردوغان “يحاول جعل أوزغور أوزال يتألق من أجل منع إمام أوغلو وتأجيج حرب القيادة الحقيقية داخل الشعب الجمهوري والمعارضة”، وفق هؤلاء المراقبين.[31]
دوافع “الشعب الجمهوري” للتقارب
بطبيعة الحال، فكما لحزب العدالة والتنمية أسباب دفعته للتقارب مع حزب الشعب الجمهوري، فإن الأخير لديه أسبابه أيضا للتفاعل إيجابيا مع الحزب الحاكم.
1- السبب الأول هو سعي الرئيس الجديد لحزب الشعب الجمهوري لتعزيز زعامته للحزب وللمعارضة ككل. فرغم أنه أوزغور أوزال ليس جديدا على الساحة السياسية التركية -إذ كان يشغل منصب نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري منذ عام 2015- إلا أنه ترأسه للحزب لم يأت إلا مؤخرا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد أن هزم الرئيس السابق للحزب، كمال كليتشدار أوغلو.[32]
ويحاول “أوزال” أن يضع بصمته الخاصة في حزبه وفي الساحة السياسية بشكل عام. وقد تمكن من ذلك في الانتخابات المحلية الأخيرة، بقيادته لفوز تاريخي غير مسبوق لحزب الشعب الجمهوري على حزب العدالة والتنمية.
لكن يريد “أوزال” ألا يكتفي بهذا الفوز؛ خاصة وأن أطرافا تنظر إليه على أنه واجهة لقياديين آخرين يقودون فعليا حزب الشعب الجمهوري، وعلى رأسهم إمام أوغلو. ولذلك، يرى البعض أن “أوزغور يتطلع من خلال نهجه الجديد مع أردوغان إلى تحجيم تأثير إمام أوغلو في سياسة حزب الشعب الجمهوري وفي السياسة العامة”.[33]
ويمكن تلمس هذا التغيير الذي يحاول “أوزال” إبرازه في أن الرئيس السابق للحزب ما زال حتى الآن يدلي بتصريحات مناوئة للتوجه الجديد للشعب الجمهوري. فبعد أن عدد كليتشدار أوغلو بعض المشكلات في تركيا، علق قائلا إن “مَن صنع هذه المصائب هو نظام القصر، ولذلك نظام القصر لا يُحاوَر، بل يجب أن نحارب ضده”.[34]
هذا التباين بين “الشعب الجمهوري” في عهد كليتشدار أوغلو و”الشعب الجمهوري” في عهد أوزال، يخدم هدف أوزال في تعزيز زعامته الجديدة، وإبراز نفسه كقائد حقيقي للمعارضة، والتخلص من نهج سلفه.
2- السبب الثاني يتمثل في سعي حزب الشعب الجمهوري للوصول لكرسي الحكم في الانتخابات المقبلة، سواء إذا ما انعقدت عام 2028 كما هو مقرر، أو في انتخابات مبكرة، يلمح لها “أوزال” من حين لآخر، لكنه لا يطالب بها حتى الآن.[35]
وفي إطار سعيه لكرسي الحكم، يرى “الشعب الجمهوري” في الإدارات المحلية بوابته لنيل ثقة الشعب والوصول للرئاسة وحيازة أغلبية البرلمان، في مسار إلى السلطة شبيه بالمسار الذي اتبعه الرئيس أردوغان. وحيث إن نجاح رؤساء البلديات في عملهم يتطلب انفتاحا من الحكومة وأجهزتها على التعاون معهم، فإن التقارب الحالي بين الحكومة والمعارضة من شأنه أن يساعد على نجاح رؤساء بلديات المعارضة.
3- السبب الثالث يرجع إلى أن تقليل حدة الاستقطاب باتت مطلبا شعبيا في تركيا، كما أظهرت نتائج الانتخابات واستطلاعات الرأي التي تلتها. فكما أشار استطلاع مركز “Areda Survey”، فإن 59.6 بالمئة من ناخبي حزب الشعب الجمهوري يدعمون تقارب الحكومة والمعارضة. ووفقا للاستطلاع ذاته، يرى 65 بالمئة من الشعب التركي أن إدارة حزب الشعب الجمهوري يجب أن تكون على اتصال مع الرئيس أردوغان في المستقبل وأن العلاقات يجب أن تستمر في التواصل.[36]
وعلى هذا، فإن استمرار حزب الشعب الجمهوري في سياسات استقطابية ورفضه الحديث مع الحكومة -كما نهج كليتشدار أوغلو- كان من شأنه أن يجعله يخسر شرائح من الشعب التركي، في مقابل ذهاب تلك الشرائح للعدالة والتنمية الذي يدعو إلى التقارب وتخفيف الاستقطاب.
4- السبب الرابع يرتبط بسابقه وهو أن “الشعب الجمهوري” يريد أن يبني على نجاحه في انتخابات البلديات، وأن يطمئن فئات من الشعب، خصوصا الداعمين لحزب العدالة والتنمية، على أنه لن يقود انقلابا تاما على المكتسبات التي حصلتها تلك الفئات خلال عهد أردوغان، إذا ما تمكن الحزب من الوصول إلى السلطة.
ذلك إن أحد الأسباب التي ساعدت الرئيس أردوغان على الفوز في الانتخابات الرئاسية الماضية هي الخطاب والموقف الحاد الذي تبنته المعارضة حيال الحزب الحاكم، الأمر الذي عزز مخاوف البعض في أن وصول المعارضة للحكم سيعنى انقلابا على فترة حكم أردوغان بالكلية. وبالتالي ذهبت فئات مترددة، مدفوعة بهذا التخوف، إلى التصويت للرئيس أردوغان، رغم معارضتهم لبعض سياساته.
أما الآن، ومع محاولة تصدير خطاب متوازن، وانتهاج سياسات تصالحية، يعطي حزب الشعب الجمهوري انطباعا بأنه حزب مسؤول، وأن قيادته الحالية لديها قدرة على انتهاج سياسات متوازنة، وإدارة ملفات معقدة، ما يعني البناء على الفوز في المحليات وطمأنة فئات أوسع من الشعب.
وفي هذا السياق، شهدت الأشهر الماضية ارتفاعا في شعبية “أوزال”، الذي يقود مسار التقارب مع الحكومة. فوفق أبحاث مؤسسة “متروبول للدراسات واستطلاعات الرأي” التركية، فإن شعبية أوزال ارتفعت من 30.4 بالمئة في فبراير/شباط 2024، إلى 45.6 بالمئة في أبريل/نيسان، إلى 54.9 بالمئة في مايو/أيار.[37]
وفي استطلاع آخر للمؤسسة نفسها، في أبريل/نيسان، وجد الاستطلاع أن 5.5 بالمئة ممن صوتوا لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية سيصوتون لحزب الشعب الجمهوري إذا ما أجريت الانتخابات يوم الأحد القادم.[38]
ولا يمكننا اعتبار أن نسبة الزيادة هذه في شعبية “الشعب الجمهوري” ضئيلة بشكل أو بآخر، خاصة وأن نسبة مماثلة حسمت الفوز لصالح أردوغان في الانتخابات الأخيرة.
وحتى باعتبار أن هذه النسبة دون المتوقع عند البعض، فإنها تشير إلى أن شعبية “الشعب الجمهوري” -بشكل عام- في ارتفاع منذ انتخابات المحليات، الأمر الذي يؤكد أن سياسات الحزب الحالية، التي تشمل التعاطي إيجابيا مع الحكومة، لها مردود إيجابي على شعبيته وشعبية رئيسه.
وإجمالا، يمكن القول إن كلا من الحكومة والمعارضة التركية لديهما ما يكفي من الأسباب البراغماتية للتقارب وتهدئة الأجواء في الفترة الراهنة. فمن جهة تريد الحكومة التركيز على الاقتصاد، وتحقيق تقدم في صياغة دستور جديد للبلاد، والتماهي مع نتائج الانتخابات التي أثبتت رغبة الشعب في تقليل الاستقطاب السياسي والمجتمعي في البلاد.
ومن جهة أخرى، تريد المعارضة البناء على نتائج الانتخابات المحلية بحيث تتمكن من كسب تعاون الحكومة معها في إدارة البلديات، هذا بجانب التماهي مع الرغبة الشعبية، وطمأنة فئات من الشعب حول قدرة الحزب على إدارة البلاد إذا ما وصل للسلطة. وهناك سبب آخر شخصي يرتبط بسعي “أوزال” لترك بصمته الخاصة في قيادة “الشعب الجمهوري”.
تحديات تعترض مسار التقارب
بجانب الأسباب التي تدفع الحكومة والمعارضة لتبني أجندة إيجابية تجاه بعضهما بعضا، فإن هناك عدة تحديات تعترض هذا المسار التكتيكي.
1- التحدي الأول هو أن الاستحقاق الذي يرغب “العدالة والتنمية” في التعاون مع “الشعب الجمهوري” من أجله، وهو الدستور، ما زال لم يشهد تقدما ملموسا حتى الآن، خاصة مع إصدار “أوزال” عدة تصريحات سلبية في هذا الإطار.
من ذلك تصريحه بأنه “إذا لم يُلتزم بالدستور الحالي فلمَ نتحدث عن دستور جديد؟ ولن يكون في مصلحة المواطنين إذا خيمت المناقشات الدستورية على السياسة مثل الضباب، وأخفت القضايا الأخرى”.[39]
وفي مناسبة أخرى، صرح زعيم المعارضة أنه “بعيد كل البعد” عن بدء محادثات مع حزب العدالة والتنمية الحاكم حول كتابة دستور جديد لأن رئيس البلاد لم يلتزم بالدستور الحالي، معتبرا أن “مناقشة (كتابة) دستور جديد مضيعة للوقت في ظل انتهاكات كثيرة للدستور يقوم بها الحزب الحاكم”، وفق زعمه.[40]
ورغم اعتبار البعض أن تصريحات “أوزال” تأتي في إطار الضغط على أردوغان في المفاوضات الجارية بين الطرفين، إلا أن هناك دلائل توضح أن هناك مشكلات بنيوية قد تمنع المعارضة من التماهي مع خطط أردوغان لكتابة دستور جديد للبلاد. على رأس ذلك أن هناك خلافات حقيقية بين الحزب الحاكم والمعارضة حول بعض المواد الدستورية.[41]
ففي حين ترغب المعارضة في العودة إلى النظام البرلماني، يؤكد التحالف الحاكم، وخاصة حزب الحركة القومية، على ضرورة استمرار النظام الرئاسي للبلاد. كما أن هناك خلافات بين الحكومة والمعارضة بشأن إدراج الحجاب كحق دستوري لا يمكن المساس به، علاوة على رغبة الحزب الحاكم في وضع مواد تحفظ كيان الأسرة، بعيدا عن ما يُعرف بـ”حقوق الشواذ جنسيا”، التي تدافع عنها المعارضة.[42]
أما الدلالة الثانية فتتمثل في إدراك المعارضة أن إقرار دستور جديد مدني للبلاد سيكون إنجازا تاريخيا لحزب العدالة والتنمية وللرئيس أردوغان، الأمر الذي سيعطي الحزب الحاكم دفعة كبيرة في الانتخابات المقبلة.[43] ولهذا، فمن الصعب القول إن حزب الشعب الجمهوري قد يمهد لأردوغان تحقيق إنجاز كبير كهذا، خاصة وأن البلاد ستكون مقبلة على انتخابات مفصلية، ستمثل فرصة كبرى للمعارضة للصعود للحكم.
2- التحدي الثاني يكمن في قدرة كل من أردوغان وأوزال على إدارة علاقتهما الوليدة بنجاح. فلم يكد يمر شهران على تلك العلاقة حتى حملت الأيام القليلة الماضية توترا بين الطرفين.
إذ هاجم أوزال الأداء الاقتصادي للحكومة، وهدد بالنزول للشوارع وإبداء أقسى رد فعل إذا لم ترفع الحكومة الحد الأدنى للأجور. كما وصف أحزاب تحالف الجمهور الحاكم بأنهم “شركاء الجريمة”.[44]
ليرد الرئيس أردوغان قائلا إن حزب الشعب الجمهوري لم يتمكّن من استيعاب زيارتي له”. وأضاف: “لو كان صديقنا على رأس حزب الشعب الجمهوري يستطيع استيعاب زيارتنا هذه، لما شعر بالحاجة إلى الإدلاء بمثل هذه التصريحات”.[45]
كما رد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر تشيليك، أيضا على تصريحات أوزيل، معتبرا أن تصريحاته “تخلو من الكياسة وتشكل نوعا من العداء”.[46]
ولم تقتصر الردود على ذلك، حيث صرح رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، قائلا: “من الواضح تماما ماهية النوايا الخبيثة والأهداف المعيبة التي تركز عليها حملة الأكاذيب والقيل والقال والافتراء، التي تتخفى جيدا خلف التشبث برسائل التطبيع (بين الحكومة والمعارضة)”.[47]
ويُلاحظ هنا أن ردود “الحركة القومية” على أوزال جاءت أكثر حدة من ردود “العدالة والتنمية”، الذي اعتبر أن تصريحات أوزال “محاولة لإسكات الأصوات المعترضة داخل حزبه على التقارب مع الحكومة”.[48]
ورغم أن عملية التقارب ما زالت مستمرة رغم هذه التصريحات -فما زال من المقرر أن يلتقي أردوغان بأوزال في 20 يوليو/تموز القادم- إلا أن استمرار هذه اللهجة من شأنه أن يجعل أمد هذا التقارب قصيرا.
3- التحدي الثالث يتمثل في أن هناك جهات داخل التحالف الحاكم لا تدعم إحداث تغيير كبير في السياسات الحالية.
فقد نقل موقع “ميدل إيست آي” عن مصادره داخل الحزب الحاكم أن غالبية أعضاء الحزب حريصون على تبني أساليب الحمائم في محاولة لتخفيف الضغوط الداخلية. وترى هذه المجموعة أن حزب العدالة والتنمية فقد جاذبيته بين يمين الوسط وأصبح قوميا وصارما للغاية فيما يتعلق بالحريات، كما يقولون إن الحزب بحاجة إلى إعادة تسويق نفسه وجذب الأتراك في المناطق الحضرية.[49]
إلا أن هناك آخرين يرفضون ذلك، مثل محمد أوجوم، أحد مهندسي النظام الرئاسي، والذي يعمل حاليا مستشارا كبيرا للشؤون القانونية في الرئاسة التركية. لكن الأهم هو “بهتشلي”، الذي يحافظ أردوغان على تحالف معه منذ عام 2016.
وقد أخبر “بهتشلي” أردوغان مرارا وتكرارا أنه ينبغي ألا يعود إلى النظام البرلماني أو أن يغير الدستور للسماح لأي مرشح بأن يصبح رئيسا بأقل من 50 بالمئة من الأصوات. في حين أن هناك إشارات على أن بعض مسؤولي حزب العدالة والتنمية ربما يحاولون عقد صفقة مع حزب الشعب الجمهوري للعودة إلى النظام البرلماني، بحسب “ميدل إيست آي”.
ورغم رفض “الحركة القومية” لإحداث تغييرات كبيرة في السياسات الحالية، الأمر الذي يحجم قدرة أردوغان على التقارب مع المعارضة، إلا أن من المستبعد أن يذهب الرئيس التركي لفك تحالفه مع “الحركة القومية”؛ لأن ذلك قد يعني الذهاب لانتخابات مبكرة.
ولهذا يؤكد مراقبون على أن أردوغان “بات يستشعر ثقل وعبء التحالف عليه وعلى حزبه وحكومته، ولكنه يدرك أيضا أنه ما زال يحتاجه في ظل الخريطة السياسية والحزبية الحالية في البلاد. إذ ما زال العدالة والتنمية في حاجة للتحالفات ومن الصعوبة بمكان أن يجد حليفا آخر بسهولة ودون أثمان سياسية كبيرة”.[50]
وخلال الفترة الأخيرة، شدد مسؤولو “العدالة والتنمية” في غير مرة على متانة التحالف مع “الحركة القومية”، من ذلك تصريح أردوغان بأن “تحالف الجمهور سيستمر بنفس عزيمتنا ومواقفنا”، مشيرا إلى أن “تحالف الجمهور ليس مثل تحالف الطاولة السداسية”. وأضاف أردوغان أن “تصريحات السيد دولت بهتشلي بشأن استمرار التحالف كانت صائبة وتليق برجل دولة مثله، وأغلقت الباب على أي نقاشات أخرى في هذا الموضوع”.[51]
كما صرح تشيليك أن “تحالف الجمهور أُسس من أجل حماية بلادنا من الأخطار التي تواجهها ونقلها بقوة إلى مستقبل مشرق، وسيستمر تحالف الجمهور بكل عزم بهدف تحقيق هذه الأهداف”.[52]
ومن جانبه، أعلن أيضا بهتشلي تمسكه بالتحالف مع “العدالة والتنمية” قائلا: “ليعلم الجميع بأننا نقف إلى جانب الرئيس أردوغان دائما مهما كانت الظروف، ولن نتركه وحيدا أبدا”. وتابع: “التزامنا في تحالف الجمهور سيستمر، وسيستمر دعمنا لحزب العدالة والتنمية في التصويت على القوانين في مجلس الأمة”.[53]
وبطبيعة الحال، فإن الاحتمالات مفتوحة، والجدير بالذكر هنا أن “الحركة القومية” كان قبل 8 سنوات فقط في مقاعد المعارضين للعدالة والتنمية. لكن فك هذا الارتباط في الوقت الراهن لن يكون في صالح الطرفين على الأرجح.
ولذلك، سيحاول أردوغان الموازنة بين التقارب التكتيكي مع المعارضة من جهة، والحفاظ على تحالفه الحاكم من جهة أخرى، وهي سياسة قد يصعب الاستمرار فيها طويلا.
المصادر
[1] Alper Coşkun, Continuity and change in Turkish foreign policy, Atlantic Council, June 22, 2023 – Link
[2] تركيا: الانتخابات بين الاستقطاب والاتهامات، مونت كارلو الدولية، 9 مايو/أيار 2023 – الرابط
[3] ملفات تركية – ديسمبر/ كانون الأول 2022، مركز المسار للدراسات الإنسانية، 9 يناير/كانون الثاني 2023 – الرابط
[4] الانتخابات العامة – الانتخابات البرلمانية تركيا النتائج العامة، صحيفة يني شفق التركية، تاريخ الوصول 17 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[5] بشر شبيب، خسارة غير مسبوقة.. ما أسباب تراجع حزب أردوغان أمام المعارضة؟، عربي 21، 1 أبريل/نيسان 2024 – الرابط
[6] Erdoğan’dan yerel seçim muhasebesi: Gerekli değişimi yaparız, biz bitti demeden bitmez, Dünya Gazetesi, Nisan 17, 2024 – Link
[7] Başkan Erdoğan’dan TBMM’deki grup toplantısında önemli açıklamalar, Takvim, Mayıs 15, 2024 – Link
[8] جابر عمر، التطبيع بين الأحزاب التركية: حسابات عدة وانفراجات محدودة، العربي الجديد، 16 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[9] تصريح حول التطبيع السياسي بين الحكومة والمعارضة، الحساب الرسمي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على منصة “إكس”، 1 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[10] سعيد عبد الرازق، إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص، الشرق الأوسط، 18 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[11] CHP lideri Özgür Özel’den Cumhurbaşkanı Erdoğan’la görüşmesine ilişkin yeni açıklama, NTV Haber, Mayıs 4, 2024 – Link
[12] Ezgi Akin, What’s behind Erdogan’s pardoning of generals jailed over Turkey’s 1997 coup?, Al-Monitor, May 17, 2024 – Link
[13] Özgür Özel: “Partimizin üç ekonomi kurmayı önümüzdeki günlerde Mehmet Şimşek’le bir araya gelecek”, Medyascope, Haziran 12, 2024 – Link
[14] Ömer Çelik: “Cumhurbaşkanımız arzu edildiği takdirde CHP’ye Hazine ve Maliye Bakanımız Şimşek’in bilgi vereceğini ifade etti”, Anka Haber Ajansı, Haziran 11, 2024 – Link
[15] Ragip Soylu, Turkey local elections: Seven things we learnt from Erdogan’s defeat, Middle East Eye, April 1, 2024 – Link
[16] Ragip Soylu, ‘A tsunami’: Why Erdogan lost Turkey’s local elections, Middle East Eye, April 1, 2024 – Link
[17] المصدر نفسه
[18] Temmuz Yiğit Bezmez, Erdogan’s election blow will shape Türkiye’s foreign policy, Lowy Institute, April 12, 2024 – Link
[19] Ragip Soylu, Stable politics is good for the markets and is exactly what the country needs to attract foreign investors. , Turkey Unpacked, Middle East Eye, May 7, 2024 – Link
[20] ضياء عودة، إردوغان حين يناور.. ماذا تغير بين الرئيس التركي والمعارضة؟، الحرة، 11 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[21] Araştirma: Türk Halki’nin Yüzde 69,4’ü Erdoğan – Özel Görüşmesi̇ni̇ Destekli̇yor!, Areda Survey, Mayıs 10, 2024 – Link
[22] المصدر نفسه
[23] هوية الدولة: هل تحسم تركيا مسألة وضع دستور جديد؟، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 17 مايو/آيار 2024 – الرابط
[24] المصدر نفسه
[25] جابر عمر، البرلمان التركي يعود إلى العمل والدستور الجديد على رأس أجندته، 16 أبريل/نيسان 2024 – الرابط
[26] Kurtulmuş’un yeni anayasa mesaisi başladı, TRT Haber, 30 Nisan 2024 – Link
[27] “İşimize, hedeflerimize kilitlenecek, milletimizin yüklediği emanetin hakkını vereceğiz”, T.C. Cumhurbaşkanlığı, 15 Mayıs 2024 – Link
[28] أشار إليها أردوغان إثر خسارة “العدالة والتنمية”.. ما هي ملامح المرحلة الجديدة للحزب؟، قناة الحوار، 22 مايو/أيار 2024 – الرابط
[29] ضياء عودة، دستور تركيا الجديد.. أسباب إعادة تصدير “القضية المسيسة”، الحرة، 30 أبريل/نيسان 2024 – الرابط
[30] جابر عمر، التطبيع بين الأحزاب التركية: حسابات عدة وانفراجات محدودة، العربي الجديد، 16 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[31] المصدر نفسه
[32] أوزغور أوزيل.. الرئيس الثامن لحزب الشعب الجمهوري التركي، الجزيرة نت، 9 ديسمبر/كانون الأول 2023 – الرابط
[33] محمود علوش، ديناميكيات جديدة في السياسة الداخلية التركية، مركز تحليل السياسات، 22 مايو/أيار 2024 – الرابط
[34] Bu düzenin kurucusu sarayla müzakere edilmez, mücadele edilir..!, Kemal Kılıçdaroğlu’nun “X” platformundaki resmi hesabı, Nisan 24, 2024 – Link
[35] Özgecan Özgenç, Özgür Özel Medyascope’a konuştu: “31 Mart’ın sonucuna bakarak erken seçim talep etmeyeceğim”, Medyascope, Haziran 8, 2024 – Link
[36] Araştirma: Türk Halki’nin Yüzde 69,4’ü Erdoğan – Özel Görüşmesi̇ni̇ Destekli̇yor!, Areda Survey, Mayıs 10, 2024 – Link
[37] The change in Erdoğan and Özel’s Job Approval values in the last three months, Ozer Sencar, May 31, 2024 – Link
[38] April 2024 research, Ozer Sencar, May 14, 2024 – Link
[39] جابر عمر، كتابة دستور تركيا الجديد تبدأ بلقاء قطبي الحكومة والمعارضة، العربي الجديد، 30 أبريل/نيسان 2024 – الرابط
[40] حسين حياة سيفر وبيرسان التايلي، زعيم المعارضة في تركيا يستبعد أي محادثات حول دستور جديد مع أردوغان، سويس إنفو، 17 مايو/أيار 2024 – الرابط
[41] إسماعيل درويش، تغيير دستور تركيا.. توافق سياسي على المشروع وخلافات بشأن تفاصيل، الشرق نيوز، 5 مايو/أيار 2024 – الرابط
[42] ضياء عودة، دستور تركيا الجديد.. أسباب إعادة تصدير “القضية المسيسة”، الحرة، 30 أبريل/نيسان 2024 – الرابط
[43] ضياء عودة، إردوغان حين يناور.. ماذا تغير بين الرئيس التركي والمعارضة؟، الحرة، 11 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[44] تصريح للمتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر تشيليك، أنباء تركيا، 13 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[45] الرئيس أردوغان: للأسف خرجت تصريحات أحزنتنا من السيد أوزغور أوزال بعد يومين من لقائنا معه، أنباء تركيا، 15 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[46] تركيا.. رسائل العيد تعكس توترا بين الحكومة والمعارضة، ترك برس، 18 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[47] المصدر نفسه
[48] عمر تشيليك: نرى أن استخدام السيد أوزال هذه الكلمات بعد زيارة الرئيس أردوغان هي محاولة لإسكات الأصوات المعترضة داخل حزبه على التقارب مع الحكومة، أنباء تركيا، 13 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[49] Ragip Soylu, , Erdogan’s reform challenge, Turkey Unpacked, Middle East Eye, May 7, 2024 – Link
[50] سعيد الحاج، هل يتخلى أردوغان عن التحالف مع الحركة القومية؟، عربي 21، 18 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[51] الرئيس أردوغان: تحالف الجمهور سيستمر بنفس عزيمتنا ومواقفنا، أنباء تركيا، 15 يونيو/حزيران 2024 – الرابط
[52] Çelik: Cumhur İttifakı kararlılıkla yoluna devam etmektedir, TRT Haber, Haziran 12, 2024 – Link
[53] MHP lideri Bahçeli: Şartlar ne olursa olsun Erdoğan’ın yanındayız, Hürriyet, Haziran 12, 2024 – Link