دفاتر مصرية – يناير 2021


فريق التحرير

د أحمد حسين، أحمد عاطف، جهاد عبدالمجيد، رحمة عبدالمجيد، عبدالرحمن محمد، محمد عبدالعاطي


الفهرس

الدفتر السياسي

استمرار تأزم قضية سد النهضة

المصالحة الخليجية

اهتمام مصري بالتطورات الفلسطينية

الدفتر الاقتصادي

أداء ميزان المدفوعات في ظل جائحة كورونا

ارتفاع حصيلة الضرائب بمصر..الأسباب والتبعات

ملاحظات على الهيكل الضريبي

تصفية شركة قطاع الأعمال العام

الدفتر التشريعي

مناقشة برنامج الحكومة في مجلس النواب

أبرز التشريعات التي أقرها المجلس الجديد

القرارات الجمهورية خلال شهر يناير

الدفتر الثقافي والفكري

السينما المصريَّة وتشكيل الوَعْي السياسي

زواج التجربة.. بين حَلِّ الأزمة وهَدْم الأسرة

الدفتر الإعلامي

التعاطي الإعلامي مع المصالحة الخليجية

استعراض واسع لقرار إغلاق مصنع الحديد والصلب

تعليمات بإبراز انتقاد الوزراء



مقدمة

كالعادة، فإن الساحة المصرية مزدحمة بالأحداث سواء على الصعيد الداخلي أو في السياسة الخارجية. فعلى الساحة السياسية، ما زالت مصر غير قادرة على إحداث اختراق في مفاوضات سد النهضة في ظل تعنت إثيوبي واضح يعرقل العملية التفاوضية. كذلك فإن مصر وقعت على بيان العلا الذي أنهى قطيعة الرباعي العربي مع دولة قطر، لكن متابعة الإعلاميين المقربين من النظام تشي بأن المصالحة أتت على غير رغبة من نظام السيسي. كما لوحظ تنامٍ للاهتمام المصري بالتطورات على الساحة الفلسطينية، خصوصًا مع التحضير للانتخابات العامة الفلسطينية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ما زال الاقتصاد المصري يمر بمرحلة تتسم بالضبابية فيما يتعلق بتمويل المشروعات. فكما يتبين من ميزان المدفوعات فإن القروض الخارجية واستثمارات الأجانب في الدين المحلي يمثلا أساسًا للتمويل، الأمر الذي يقود إلى وجود تجربة مشوهة للتنمية في مصر. كذلك ما زالت الحكومة مستمرة في تصفيتها لبعض شركات القطاع العام، وكان الدور هذه المرة على شركة الحديد والصلب.

وفي الدفتر التشريعي، نستعرض أهم التشريعات التي أقرها مجلس النواب الجديد، بالإضافة إلى القرارات الجمهورية التي أُصدرت خلال شهر يناير. ويتعرض الدفتر كذلك للدور النيابي حيال تردي حقوق الأوضاع في مصر، حيث أدان الكونجرس الأمريكي خلال هذا الشهر الوضع الحقوقي في مصر، وهو ما أثار سجالًا من التصريحات المتبادلة بين مجلس النواب في مصر والكونجرس.

وعلى الساحة الثقافية والفكرية، شهد هذا الشهر حدثيْن مُهمَّيْن، أوَّلهما رحيل الكاتب والسيناريست “وحيد حامد”، والذي أثارت وفاته قضايا كثيرة، منها العلاقة بين السينما وتشكيل الوَعْي السياسي. وثانيهما ما سُمِّي إعلاميًّا بزواج التجربة، والذي أثار جدلًا دينيًّا ومجتمعيًّا حول صِحَّته وتأثيره على الأسرة المصريَّة.

أما في الدفتر الإعلامي، فـبجانب رصد رد فعل الإعلام المصري على المصالحة كان هناك استعراض واسع من الإعلام لقرار إغلاق مصنع الحديد والصلب، وبالطبع روج الإعلام للرواية الحكومية في هذا السياق. علاوة على ذلك، أفادت مصادر لبعض المواقع الإخبارية أن الإعلام المصري قد تلقى توجيهات بتسليط الضوء على انتقاد البرلمانيين للوزراء، الأمر الذي بدأ الإعلام في تنفيذه بالفعل.

 

تضمن شهر يناير/كانون الثاني العديد من التطورات والأحداث على مستوى العلاقات الخارجية المصرية مع دول الإقليم فيما يخص العديد من القضايا المحورية التي تمس الأمن القومي للدولة المصرية. حيث شهد هذا الشهر عودة المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، ولكن بسبب تعنت الأطراف وانعدام الثقة بينهم ورغبة إثيوبيا لتحقيق مصالحها القومية بغض النظر عن باقي الأطراف، فشلت المفاوضات وزادت حدة التوترات بين الأطراف.

وفيما يتعلق بالأزمة الخليجية فقد قامت كل من مصر والإمارات والبحرين والسعودية بتوقيت بيان العلا الذي يقر المصالحة الخليجية وانهاء الأزمة القائمة مع الدولة القطرية. كذلك تضمن الشهر العديد من اللقاءات التي جمعت بين السيسي ووزير خارجيته من جهة، ونظائرهم الفرنسي والألماني والأردني من جهة أخرى، بشأن آخر المستجدات في القضية الفلسطينية والمساهمة للوصول إلى حالة من السلام الدائم والمشترك في منطقة الشرق الأوسط. سنسرد لكم تلك الأحداث وآثارها على العلاقات الخارجية والشأن المصري بشكل أكثر تفصيلًا في هذا التقرير.

أولاً: أزمة سد النهضة

تعد أزمة سد النهضة من أكثر الأزمات اشتعالًا في الساحة الإقليمية وذلك لما يرتبط بها من مصالح للأمن القومي والأمن المائي خاصة بالدولة المصرية، وكذلك العديد من الدول الإفريقية الأخرى المطلة على نهر النيل خصوصًا السودان وإثيوبيا، اللذان يعتبران من الأطراف الأساسية في الخلاف الذي يتمحور بين كل من مصر واثيوبيا حول فترة ملئ وكيفية تشغيل سد النهضة الذي بنته إثيوبيا على إحدى روافد نهر النيل. ولكن إثيوبيا تقوم بخطوات أحادية تهدف لبناء السد وتشغيله دون الوصول إلى اتفاق مع كل من مصر والسودان والدول الأخرى.

وقد تضمن شهر يناير/كانون الثاني جلسة تفاوض بين وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة، ولكن انتهت المفاوضات دون التوصل إلى أي اتفاق بشأن قضايا الخلاف. وقد اتضح أن السودان قد انسحبت من جلسة المفاوضات تلك بعد اتفاق بين القاهرة وأديس أبابا على عدد من القضايا. وقد جاء انسحابها إثر اعتراض كل من القاهرة وأديس أبابا على مطالبة الخرطوم بمنح دور أكبر للخبراء الأفارقة.

وقد تحفظت مصر وإثيوبيا على هذا الطلب وذلك لاعتراضها على الطرح السوداني المنفرد وتأكيدهم على أهمية الصياغة المشتركة لنصوص وأحكام الاتفاق الواجب عمله. كما أن مصر أعربت عن رفضها لتدخل خبراء الاتحاد الأوربي، ويعود السبب إلى كونهم غير مختصين في المجالات الفنية والهندسية المتعلقة بإدارة الموارد المائية والسدود.[1]

كذلك شكلت المشكلات الحدودية بين السودان وإثيوبيا عائقًا حال دون الوصول إلى اتفاق. ولكن الجدير بالذكر أن مفاوضات شهر يناير/كانون الثاني ليست متعلقة بشأن تشغيل سد النهضة ولكنها فشلت بسبب عدم التوصل إلى صيغة مقبولة لاستمرار التفاوض بين الأطراف المذكورة سابقًا.[2] يعتبر موقف السودان الأخير من المفاوضات موقفًا مغايرًا لا يتوافق مع الموقف المصري، بقدر تأكيده على الحقوق والمصالح الخاصة بالسودان. وقد تعثرت المفاوضات بين الدول الثلاث على مدى 9 سنوات إثر اتهامات متبادلة بين مصر وإثيوبيا بالتعنت والسعي خلف المصالح الشخصية.

وقد اعترضت كل من مصر والسودان على خطاب أرسلته إثيوبيا إلى الاتحاد الافريقي في الثامن من يناير/كانون الثاني أكدت فيه الأخيرة الاستمرار في عملية ملء السد في يوليو/تموز القادم بنحو 13.5 مليار متر مكعب، بغض النظر عن توصل الأطراف الثلاثة إلى اتفاق من عدمه. جدير بالذكر أن سعة استيعاب سد النهضة تصل إلى 74 مليار متر مكعب من المياه والذي يعادل حصة مصر من مياه نهر النيل لمدة عام ونصف.[3] لذا فإم من الواجب على مصر أن تتوصل إلى اتفاق ملزم في غاية السرعة حتى تتمكن من الحفاظ على حقوقها التاريخية، وتحول دون تفاقم الأزمة والمعاناة في القطاع المائي.

وزادت حدة التوترات بعد تصريح من المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، أشار فيه إلى أن القاهرة والخرطوم يستخدمان الخلافات بشأن سد النهضة ذريعة للتغطية على المشاكل الداخلية في الدولتين. وقد أعقب هذا إدانات من وزارتي الخارجية المصرية والسودانية.  كما اتهم عضو الوفد الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة يلما سيليشي السودان بتعطيل المفاوضات الجارية بسبب تعاونها السياسي المؤقت مع مصر.[4]

إن تفاقم التوترات القائمة بين دول حوض النيل وغياب بعض الأطراف عن المفاوضات قد يتيح الفرصة لإثيوبيا بالاستمرار في تنفيذ سياستها الساعية إلى فرض الأمر الواقع منذ البداية. وإذا لم تتمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق ملزم خلال الخمسة أشهر المقبلة، ستتمكن إثيوبيا من إتمام الملء الثاني، وعندها لن تكون هناك حاجة لاستمرار التفاوض إذ أن موقف  إثيوبيا سيصبح أقوى، وبالتالي ستصبح مصر عاجزة عن التحرك أمام إثيوبيا.

وحال وصول إثيوبيا في ملء السد إلى الحد الأقصى فإن ذلك سيساهم في تناقص حصة مصر من نهر النيل، إذ أنها تعتمد على مياه نهر النيل بنسبة 97% لتلبية احتياجاتها من الشرب والري، وتعادل تلك النسبة 55.5  مليار متر مكعب وهي حصة مصر السنوية من مياه النهر.

ثانياً: المصالحة الخليجية

شهد شهر يناير/كانون الثاني توقيع بيان العلا، وهو عبارة عن اتفاق مبدئي لحل الأزمة الخليجية بين قطر من جهة، وكل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين من جهة أخرى، والذي يعد من أبرز التفاعلات الإقليمية مؤخرًا[5]. يجدر بالذكر أن السيسي امتنع عن حضور توقيع بيان العلا الذي أقيم في السعودية، وأرسل وزير الخارجية المصري سامح شكري نائبًا عنه. ولكنه أعرب عن تقديره لكل الجهود المبذولة من أجل تحقيق المصالحة الخليجية.[6] وقد اندلعت الأزمة الخليجية في يونيو/ حزيران 2017 إثر إعلان كل من السعودية والإمارات وتبعتهما مصر والبحرين الحصار البري والبحري والجوي على دولة قطر، وذلك لزعمهم دعم الدولة القطرية للإرهاب. وكانت قطر قد نفت تلك المزاعم معربة أنها محاولة للنيل من سيادتها والتعدي على استقلالها.

ومن أهم القرارات التي تضمنها بيان العلا فتح الأجواء والمعابر البرية والبحرية، وكذلك التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والأمن عبر الحدود الوطنية مع السعودية والبحرين ومصر والإمارات. كما أشار وزير الخارجية السعودي إلى ثلاث نقاط رئيسية لم يرد ذكرها في بيان العلا وأهمها؛ تأكيد الدول الأطراف “تضامنها في عدم المساس بسيادتها أو تهديد أمنها، أو استهداف اللحمة الوطنية لشعوبها ونسيجها الاجتماعي بأي شكل من الأشكال”.

بالإضافة إلى “وقوف الدول التام في مواجهة ما يخل بالأمن الوطني والإقليمي لأي منها، وتكاتفها في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في الشؤون الداخلية لأي منها، وتعزيز التعاون لمكافحة الكيانات والتيارات والتنظيمات الإرهابية، التي تمس أمنها وتستهدف استقرارها”. علاوة على ذلك، لم يتطرق الإعلان إلى نقاط الخلاف الـ 13 التي ذكرتها الدول الأربع المحاصرة لقطر. ومن أبرز تلك النقاط غلق قنوات الجزيرة، وحظر جماعات سياسية بعينها، وإتباع سياسيات خاصة تجاهها، وهو مارفضته قطر مسبقًا.[7]

وقد أثار إعلان المصالحة الخليجية العديد من التساؤلات حول ما إذا كان قرار الصلح مع قطر في صالح نظام السيسي أم لا. بداية ستساهم المصالحة في إعادة ضخ العملة الصعبة للقاهرة وذلك عن طريق إعلان مصر عودة الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة والدوحة، التي قد أدى توقفها لخسائر كبيرة لقطاع الطيران المصري. عودة الرحلات المباشرة سيساهم في تنشيط التعاون فيما يخص بعض المجالات الاقتصادية بالإضافة إلى جذب العديد من  الاستثمارات.

لقد شاركت مصر في حصار قطر منذ البداية لزعمها دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس. تصنف القاهرة الجماعة على أنها حركة إرهابية ولكنها مصنفة من قبل قطر على كونها حركة من حركات الإسلام السياسي. ذلك بالإضافة إلى الموقف السلبي لنظام السيسي من قناة الجزيرة القطرية. وقد شكلت هاتان القضيتان منذ البداية بؤرة الخلاف بين مصر وقطر، وكذلك بين الدول الأخرى وقطر. ولا زالت تلك العوائق موجودة إلا أنها ليست بالحدة التي كانت عليها في عام 2017.

والسؤال هنا لماذا وقع السيسي البيان رغم استمرارية وجود تلك العوائق؟ سنسرد لكم بعض السيناريوهات المحتملة وراء مشاركة مصر في المصالحة الخليجية. أولا: ربما لجأ السيسي إلى توقيع بيان العلا لإعادة بناء صورتها أمام الإدارة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية والتي أدانت بشدة انتهاك النظام المصري لحقوق وحريات الإنسان. ثانيًا: مخاوف مصر من امتداد النفوذ الإماراتي في المنطقة خصوصًا بعد اعلان الإمارات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

وكذلك انضمام الإمارات لمنتدى شرق المتوسط والإعلان عن وجود نوايا مشتركة بينها وبين الكيان الصهيوني بشأن إنشاء خط أنابيب نفط بين أسدود وإيلات. ويعد ذلك الخط المقترح تشييده تهديدًا كبيرًا لمصالح مصر، إذ أنه سيلحق ضرارًا بإحدى أبرز مصادر الدخل المصرية؛ قناة السويس.

وهناك سبب آخر ربما يكون أقرب للواقع، وهو أن النظام المصري قرر مسايرة القرار السعودي الذي بدا متحمسًا للمصالحة أكثر من نظيريه الإماراتي والمصري، وذلك حتى لا يتصدع التحالف الرباعي. وما يجعل هذا التحليل أقرب للحقيقة هو التعاطي الإعلامي المصري مع أخبار المصالحة، كما سيرد في الدفتر الإعلامي من هذا الملف.

ثالثاً: القضية الفلسطينية

استضافت القاهرة في أواخر شهر يناير/كانون الثاني اجتماع لوزراء خارجية كل من مصر وفرنسا وألمانيا والأردن وذلك بهدف التنسيق والتشاور فيما يخص سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، وذلك وفقًا للبيان الصادر عن وزارة الخارجية المصرية. وقد عبر البيان أيضًا عن الأهمية القصوى للدور المصري والأردني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ومن أهم ما أكد عليه أطراف القمة الرباعية في القاهرة هو التشديد على أهمية تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، القائم على ضمان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على أساس خطوط الرابع من يونيو 1967 وقرارات مجلس الأمن الدولي، مؤكدين على أنه مطلب أساسي لتحقيق المجاورة الآمنة لإسرائيل، والوصول إلى سلام شامل في المنطقة.

وقد أثار هذا التفاعل المصري العديد من التساؤلات وذلك بسبب اهتمام النظام المصري المفاجئ بلعب دور بارز في مفاوضات عملية السلام بعد سنوات من الجمود، بالتزامن مع تطبيع الكثير من الدول العربية العلاقات مع دولة الاحتلال. يذكر أن مفاوضات السلام في الشرق الأوسط قد تجمدت بعد فشل جهود جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الأسبق طوال عامي 2013-2014.[8] وعودة اهتمام نظام السيسي بهذا الملف، يشير إلى أن النظام المصري يحاول استعادة تراجع دوره الإقليمي خاصة بعد تمدد النفوذ التركي والإماراتي في المنطقة.

وكان السيسي قد التقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، واللواء ماجد فرج رئيس المخابرات العامة والسفير الفلسطيني بالقاهرة خلال هذا الشهر وذلك بحضور وزير الخارجية المصري وعباس كامل رئيس المخابرات العامة في يوم 30 من نوفمبر/  الماضي. وقد تناول اللقاء أبرز المستجدات بشأن القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط. وأكد السيسي في اللقاء دعم مصر للمواقف والاختيارات الفلسطينية بشأن التسوية السياسية، كما وضح استعداد مصر لإتمام عملية المصالحة وتحقيق توافق سياسي في إطار التوصل إلى رؤية موحدة تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية.[9]

ولكن على الصعيد الآخر قد ذكرت مصادر أردنية أن الهدف الرئيسي للقمة المصرية الأردنية التي عقدت في القاهرة هو مناقشة قضية الواقع السياسي لفلسطين، بالإضافة إلى الدفع لتجديد السلطة الفلسطينية عن طريق لعب دور في انتخابات فلسطين القادمة التي ستعقد على ثلاث مراحل في أشهر مايو/أيار، يوليو/تموز، وأغسطس/آب على التوالي وذلك في أيام 31 من الأشهر المذكورة سابقًا. وحسب المصادر فإن اللقاء تمحور حول كيفية دفع السلطات الجديدة للدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.

وكان السيسي قد زار الملك عبدالله الأردني بدعوة رسمية من الأخير وذلك عقب لقاء الملك عبدالله، بولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد. الأمر الذي قد يشير إلى وجود تعاون مصري-إماراتي-أردني لمنع حركة حماس من الصعود للسلطة في الانتخابات القادمة. كما ذكرت المصادر الأردنية لجريدة عربي بوست مطالبة الأردن لمصر بالضغط على حماس لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة مع حركة فتح لضمان سيطرة الفصيلين معًا على الانتخابات، وعدم تفرد أي منهم بالنتيجة، وذلك خلال جولة المفاوضات القادمة التي ستستضيفها  القاهرة في شهر فبراير/شباط القادم.

وفي حال رفض حركة حماس، يكون الخيار البديل الضغط على فتح لتوحيد صفوفها لصمات تحقيق نسبة أعلى من حماس في الانتخابات. وكذلك أشارت المصادر إلى إمكانية الضغط على دولة الاحتلال للإفراج عن القائد مروان البرغوثي الذي ينتمي إلى حركة فتح، وذلك لضمان فوزها على حركة حماس.[10]

 

يمر الاقتصاد المصري بمرحلة تتسم بكثير من الضبابية، فيما يتعلق بتمويل وإدارة النشاط الاقتصادي، ففي الوقت الذي تعلن فيه قيادات نظام السيسي ومسئوليه، عن تميز الاقتصاد المصري في إدارة جائحة أزمة كورونا[11]، وتفردها في مواجهة الأزمة، نجد أن بيانات ميزان المدفوعات تبين غير ذلك، حيث أدى الاعتماد على الاستثمارات غير المباشرة، المتمثلة في استثمارات الأجانب في الدين المحلي وكذلك القروض الخارجية، آلية مهمة للتمويل، إلى وجود تجربة مشوهة للتنمية في مصر.

ومن غرائب الإدارة الاقتصادية المصرية تفاخرها بارتفاع حصيلة الضرائب خلال الفترة من 2014 – 2020، وهو أمر يستحق الفخر لو أنه كان نتيجة إصلاحات جذرية في كل من النشاط الاقتصادي، والنظام الضريبي ومواجهة الفساد المستشري فيه، ولكن هذه الزيادة أتت نتيجة فرض ضرائب جديدة، والاعتماد بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة، وهي ضريبة تتسم بعدم العدالة الاجتماعية، حيث إنها تساوي بين الغني والفقير في حالة حصولهم على السلع والخدمات التي تفرض عليها ضرائب غير مباشرة.

ومما يثير الكثير من التساؤلات حول أداء الإدارة الاقتصادية بمصر، ما يتم داخل إدارة الأصول الرأسمالية لمصر، فثمة خطوة شديدة الخطورة، في هذا الملف، حيث تتجه الحكومة لتصفية شركات قطاع الأعمال العام وتسريح العمال، بينما كان السائد قبل ذلك هو بيع الشركات، وهو ما كان يحافظ على أصولها واستمرار أدائها في الاقتصاد القومي، وإن مورست عمليات فساد في برنامج الخصخصة بشكل كبير، أدت إلى عمليات إثراء غير قانوني لبعض رجال الإعمال، أو رجال المخابرات والجيش السابقين.

والدفتر الاقتصادي، اختار من بين القضايا الاقتصادية المثارة في المجتمع المصري خلال هذا الشهر، القضايا التالية، ليسلط عليها الضوء، من خلال السطور التالية.

أولًا: أداء ميزان المدفوعات في ظل جائحة كورونا

يظهر ميزان المدفوعات كافة المعاملات الخارجية لمصر، وعادة ما تؤول هذه المعاملات إلى وجود عجز في مكونات ميزان المدفوعات المختلفة، ماعدا الميزان الخدمي، حيث تتركز عوائد مصر من النقد الأجنبي في الميزان الخدمي، مثل رسوم المرور بقناة السويس، وعوائد السياحة، وعادة ما يأتي العجز في الميزان التجاري، حيث إن حصيلة الصادرات السلعية المصرية ضعيفة، وعادة ما تكون أقل من 50% من قيمة الواردات السلعية. وقد نشر البنك المركزي المصري على موقعه بشبكة الانترنت، البيانات الخاصة بميزان المدفوعات عن الربع الأول من العام المالي 2020/2021، أي عن الشهور (يوليو، وأغسطس، وسبتمبر) من عام 2020.

أظهرت النتيجة النهائية لميزان المدفوعات عن تلك الفترة وجود عجر بقيمة 69.2 مليون دولار، مقارنة بعجز بلغ 3.5 مليار دولار عن الربع الأخير من العام المالي 2019/2020[12]. إلا أن باقي تفاصيل ميزان المدفوعات خلال الربع الأول للعام المالي 2020/2021، تظهر ما يلي:

والملاحظة الثانية المهمة في هذا الصدد، أن الصادرات النفطية، تمثل مكونًا مهمًا في الصادرات السلعية المصرية، فنسبتها خلال الفترة المذكورة بلغت 25.8% من إجمالي الصادرات السلعية البالغة 6.2 مليار دولار، وهو ما يعني أن القيمة المضافة للصادرات السلعية المصرية ضعيفة. وفي نفس الوقت نجد أن الواردات النفطية تمثل فقط حوالي 10% تقريبًا من الواردات السلعية المصرية، وهو ما يعني أن الاعتماد على الخارج في الواردات السلعية يعكس درجة عالية من التبعية الاقتصادية للخارج.

وتظهر البيانات أن عوائد قطاع السياحة خلال الفترة لم يحقق سوى 801 مليون دولار، كما أن رسوم المرور بقناة السويس بلغت نحو 1.3 مليار دولار، وبلا شك أن أزمة جائحة كورونا كان لها الأثر الواضح على تراجع إيرادات قطاع السياحة وقناة السويس.

ثانيًا: ارتفاع حصيلة الضرائب بمصر..الأسباب والتبعات

الضرائب ضروة من ضرورات إدارة الدولة، حيث إنها تمثل أحد الموارد المهمة، لتمويل الخطة العامة للدولة، ومن خلالها يشعر المواطن بأن ما يدفعه من ضرائب يجد له أثر في حياته، لذلك نجد كثير من الاعتراضات بل والمظاهرات التي تخرج في الدول الغربية، تطالب بوقف تمويل بعض البرامج الخارجية أو الداخلية، لأنه يتم تمويلها على حساب دافعي الضرائب.

وثمة مجموعة من الأهداف من تحصيل الضراب، منها أنها تقوم بدور مالي لتمويل الموازنة، وسد العجز الناتج من الفرق بين النفقات والإيرادات العامة، وكذلك تستخدم الضرائب لمعالجات اقتصادية أخرى، مثل تشجيع الاستثمارات بشكل عام، أو استثمارات بعينة لرغبة الدولة في زياتها، لذلك تلجأ الدولة في هذه الحالة إلى تخفيض الضرائب على هذا النوع من الاستثمار، وكذلك تلجأ الدولة إلى الضرائب لتشجيع الصناعة أو أنشطة اقتصادية أخرى، ترجو أن تزدهر وتقدر على المنافسة المحلية والخارجية، فتقوم الحكومات بفرض ضرائب عالية على الواردات من السلع أو الخدمات المشابهة للمنتجات المحلية من أجل حمايتها لفترة معينة.

إلا أن الضرائب في الدول النامية بشكل عام، ومن بينها مصر، تأتي في المقام الأول للاعتبار المالي لتمويل الموازنة وسد عجزها، وبخاضة في ظل غياب الرقابة الحقيقية على الخطة العامة والموازنة في مصر، وأيضًا غياب مشاركة كل من مجتمع الأعمال والمجتمع المدني في إعداد أو مراقبة الموازنة العامة للدولة.

وكانت تصريحات وزير المالية محمد معيط مؤخرًا، تبين القفزة التي شهدتها الحصيلة الضريبة خلال تولي السيسي للسلطة، فأشار إلى أن الإيرادات الضريبية قفزت من 253 مليار جنيه في عام 2014/2015 إلى 862 مليار جنيه في العام المالي 2019/2020. وبذلك تكون الضرائب قد شهدت زيادة خلال الفترة تقدر بنسبة 340%[13].

وقد تبدو الأرقام في الوهلة الأولى، وكأنها انجاز، ولكن التدقيق في الأمر يبين أنها عبء بشكل كبير على المجتمع المصري، فمن ناحية كانت معظم الحكومات على مستوى العالم، في ظل جائحة كورونا إما أن تخف الضرائب على الممولين، أو تؤجل تحصيلها، كما أن الزيادة التي أعلنت عنها حكومة السيسي في الحصيلة الضريبية، صاحبها زيادة كبيرة في الديون المحلية والخارجية، وكذلك صاحبها تخفض كبير في مخصصات الدعم كما ذكر وزير المالية، وضرب مثال بدعم الوقت الذي انخفض من 120 مليار جنيه، إلى 24 مليار جنيه.

وفي نفس الوقت الذي تزيد فيه الضرائب والديون ويقل الدعم الحكومي للسلع والخدمات، يزيد العجز بالموازنة العامة للدولة خلال الفترة التي تحدث عنها الوزير، ففي عام 2013/2014 كان عجز الموازنة يقدر بنحو 255 مليار جنيه، وقفز إلى 455 مليار جنيه في عام 2019/2020[14].

وقد صاحب أيضًا توجه حكومة السيسي في تحميل الشعب مالا يطيقه من أعباء ضريبية أن ارتفعت معدلات الفقر في مصر، وذلك حسب تصريحات نيفين القباج وزيرة الشئون الاجتماعية، حيث وصل عدد الأسر الفقيرة إلى نحو 8.5 مليون أسرة (تضم 31 مليون فقير)، ويحصل نحو 3.8 مليون أسرة منهم على الدعم الحكومي النقدي، بينما باقي الأسر تواجه أعباء المعيشة دون أي دعم أو رعاية اجتماعية. والجدير بالذكر أن الدعم النقدي الذي تقدمه الحكومة للأسر الفقيرة من خلال برامج تكافل وكرامة، أو الضمان الاجتماعي لايزيد في أحسن الأحوال عن 420 جنيه للأسرة في الشهر.

فإذا كانت الضرائب قد ارتفعت بهذه النسبة الكبيرة فلماذا لم يجد الفقراء لها أثرًا في تحسين أوضاعهم المعيشية، وكذلك لم تؤد الزيادة المعلنة من الضرائب إلى تخفيف الأعباء بالموازنة العامة للدولة فيما يخص الفوائد على القروض والتي وصلت إلى 569 مليار جنيه، وبما يقترب من نسبة 40% من قيمة المصروفات السنوية بالموازنة العامة للدولة.

ملاحظات على الهيكل الضريبي

ثالثًا: تصفية شركة قطاع الأعمال العام

في أكتوبر 2018 تم الإعلان عن تصفية الشركة القومية للاسمنت وتسريح 2500 عامل، وفي يناير 2021، تم الإعلان عن تصفية شركة الحديد والصلب[16]، وينتظر عند التطبيق الكامل لتصفية الشركة، أن يتم تسريح نحو 7500 عامل.

ولكن تبقى القضية في أنه يتم التخلص من الأصول الرأسمالية بشكل كبير، في حين أن ما يُقام من مصانع أو منشأت إنتاجية، تعد ضئيلة الحجم بجوار الأصول التي يتم التخلص منها، ولكن على ما يبدو أن الحكومة في سبيل حصولها على الأراضي المملوكة لهذه الشركات، والتي سيتم توظيفها في مشروعات عقارية، تنظر للعوائد المالية المنتظرة من بيع هذه الأراضي، ولم تأخذ في الاعتبار ما تساهم به هذه الشركات من إنتاج، في حالة التخلص منه سوف يتم تعويضه بالاستيراد من الخارج، وهو ما يعرض الاقتصاد القومي المصري، لكثير من اضطرابات الأسواق الدولية، ومخاطر التجارة الدولية.

تعلن الحكومة أن إقدامها على تصفة هذه الشركات، يأتي من كونها شركات خاسرة، وأن خسائرها التراكمية، متمثلة في مديونيات للبنوك، وأنه لم يعد في الإمكانية تحمل المزيد من الخسائر..وكأن الحلول محصورة فقط في التصفية، أو تحمل المزيد من الخسائر، فلماذ تستبعد خطط الإصلاح، وتغيير الإدارات الفساد، ومحاسبتها على ما وقع من خسائر؟

لماذا تستبعد فكرة زيادة رأسمال هذه الشركات، من خلال مساهمة الدائنين من البنوك في هذه الشركات، ولكن قبل ذلك لابد من معايير اقتصادية صحيحة لعملها، وتخلي الحكومة عنها من حيث الإدارة، وتكون الإدارة من خلال محترفين، يتم تعينهم من خلال مسابقات، ومحاسبتهم في حالة فشلهم.

لقد خاضت مصر تجربة الخصخصة منذ مطلع التسعينيات من القرن العشرين، وكانت النتيجة أن فرطت مصر في ما يزيد عن 365 شركة، كان معظمها شركات ومؤسسات ناجحة، وحصلت مصر من بيع هذه الثروة الرأسمالية على ما يزيد بقليل عن 50 مليار جنيه مصري، صرفت في سد عجز الموازنة، ومشاريع المعاش المبكر وهيكلة الشركات، وسداد مديونية هذه الشركات..وكانت النتيجة أنه لم يتم إحلال من قبل القطاع الخاص يوازي ما تم بيعه من أصول رأسمالية.

ومما يثير الاستغراب من تصرفات حكومة السيسي تجاه تصفية شركات قطاع الأعمال العام، أنه في الوقت الذي تم فيه تصفية الشركة القومية للاسمنت، أنشأ الجيش مصنعًا جديدًا في محافظة بني سويف بتكلفة 1.1 مليار دولار، وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بتصفية شركة الحديد والصلب، سبق للجيش أن استحوذ على 3 شركات للقطاع الخاص تعمل في مجال الحديد، كانت شركتان منهم تعانيان من مشكلات تمويلية.. فلما يتدخل الجيش لينقذ شركات القطاع الخاص، بينما يقوم بتصفية شركات قطاع الأعمال العام؟  وهنا يطرح سؤال مهم حول الأوضاع المالية للجيش وشركاته، فهل لدى الجيش فائض سيولة يشتري وينشأ شركات، بينما الدولة تقوم بتصفية شركاتها بحجة نقص السيولة أو عدم توفر قروض جديدة؟

وفيما يبدو أن الحكومة تخلت بشكل كامل عن سياسة الخصخصة، وتتجه نحو تصفية شركات قطاع الأعمال العام، حيث يتم التصريح مؤخرًا عن تصفية مجموعة من الشركات العامة في مجال الغزل والنسيج، بنفس الحجج عدم وجود السيولة لاستكمال إعادة الهيكلة.. وبلا شك أن هذه السياسة ليست في صالح الاقتصاد القومي، لأنها تعتمد على تصفية الشركات الإنتاجية، لصالح مشروعات عقارية.

 

انعقدت أولى جلسات مجلس النواب الجديد في 12 يناير الماضي، والذي تتشكل أغلبيته من حزب مستقبل وطن، حيث حصد 315 مقعد من إجمالي 560، غير ما حصل عليه المعينين من قبل السيسي وباقي تحالف القائمة الوطنية. ما يعني أن الأحزاب الباقية الداخلة في تشكيل المجلس البالغ عددها 13 حزبًا لم يحصلوا سوى على فتات المقاعد، ما يمثل ملامح فترة قادمة لن تختلف كثيرًا وفق هذه المعطيات عن الدور السلبي الذي خلفه مجلس النواب السابق الذي تغيرت أكثر وجوهه خلال هذه الدورة.

استهل مجلس النواب عمله خلال شهر يناير بدعوة رئيس الوزراء والحكومة لعرض برامج عمل كل وزارة ومنجزاتها خلال الفترة السابقة، ونتناول أبرز القضايا التي دار الحديث حولها خلال هذه الجلسات.

نتعرض كذلك للدور النيابي حيال تردي حقوق الأوضاع في مصر، حيث أدان الكونجرس الأمريكي خلال هذا الشهر الوضع الحقوقي في مصر، وهو ما أثار سجالًا من التصريحات المتبادلة بين مجلس النواب في مصر والكونجرس.

كما وافق المجلس بشكل نهائي على قانون إنشاء صندوق لتكريم ضحايا العمليات الإرهابية من الجيش والشرطة. كما وافق على القرار الجمهوري بتمديد حالة الطوارئ مجددًا، حيث تعتبر هذه المرة السادسة عشر منذ 2017. كذلك وافق المجلس على اتفاقيتين دوليتين، وأحال 6 اتفاقات أخرى للجان النوعية لدراستها وإعداد تقارير بشأنها.

ثم نعرض في النهاية أهم القرارات الجمهورية خلال شهر يناير 2021.

عرض برنامج الحكومة.. مع بداية الفصل التشريعي الجديد لمجلس النواب، تم استدعاء الحكومة، بدءًا برئيس الوزراء ثم الوزراء تباعًا، لعرض موقف كل وزارة من تنفيذ البرنامج الحكومي خلال العامين الماضيين.[17]

شهدت كلمة وزير الخارجية أمام النواب، عدة تصريحات بشأن سد النهضة، وعلاقة مصر مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، ودول الاتحاد الأوروبي، وحديثه أيضًا عن محاربة الإرهاب والحفاظ على أمن مصر القومي[18]. وهذه القضايا تحتاج في الحقيقة إلى تفنيد، فما ذكره من امتلاك مصر إرادتها وعدم خضوعها لأي إرادات خارجية، يأتي في ظل توقيع مصر اتفاق العلا للمصالحة مع قطر في حين لم تكن هناك أي بوادر إلى هذا الأمر سوى إرادة أمريكية، كما أن مجهودات مصر الأخيرة بشأن القضية الفلسطينية تأتي وفقًا للأجندة الأمريكية، والتي أعلن السيسي في وقت سابق دعمه لها بالكامل.

حدثت كذلك، مناقشات حادة مع وزير الإعلام، أسامة هيكل، وصلت إلى بعض المطالبات باستقالته وإلغاء الوزارة، فقد وُجهت إليه اتهامات بالجمع بين منصبي وزير الإعلام ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي، وذلك بالمخالفة للقانون، والتحصل على أموال غير مشروعة من مدينة الإنتاج الإعلامي. كما أثار البعض قضية الديون المثقل بها اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والتي تقارب الـ 40 مليار جنيه، ومسؤوليته عنهم.

كما هوجم هيكل كذلك، على خلفية أن الإعلام الرسمي لا يؤدي الدور المناسب في مجابهة قنوات الخارج، خاصة وأن هيكل قد انتقد من قبل الأداء الإعلامي في مصر مشيرًا أن قنوات الخارج أكثر رواجًا بين الناس، ما أثار النخبة المصرية ضده وطالبوا بإقالته، الأمر الذي دل علة عدم وجود مجال لنقد الإعلام في مصر لدى النخبة أو النواب.

جاء كذلك حديث وزير قطاع الأعمال، حول إغلاق مصنع الحديد والصلب، وهو أحد أعرق المصانع المصرية، والذي اتُخذ قرار إغلاقه الشهر الماضي 12 يناير 2021، بسبب تراكم الديون عليه خلال الأعوام الماضية، وخسائره الناتجة عن تقادم التكنولوجيا المستخدمة، وفق تصريحات الحكومة. إلا أن تصريحات الوزير جاءت بأن مناقشات النواب لم تغير في الأمر شيئًا، حيث صرح أنه لم يسمع كلمة علمية اقتصادية أو مالية واحدة من أعضاء المجلس، وأنه لن يتراجع عن سياساته.[19]

تتردى كذلك أوضاع حقوق الإنسان في مصر بشكل غير مسبوق، تحت زعم محاربة الإرهاب، وقد شهد الشهر الماضي مناقشات في الاتحاد الأوروبي بشأن الوضع الحقوقي في مصر، بعد دعوة عدة منظمات دولية له باتخاذ موقف حاسم بهذا الصدد.[20]

كما أعلن النائبان عن الحزب الديمقراطي بالكونجرس، توم مالينوسكي ودون بيير، عن إنشاء كتلة برلمانية داخل الكونجرس لمتابعة حقوق الإنسان في مصر[21]. ويأتي ذلك على خلفية فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.

المتابعة الدولية لسوء الوضع الحقوقي في مصر، قوبلت بالإدانة والرفض من مجلس النواب المصري، فقد صرح محمد أبو العينين، وهو من أبرز رجال نظام مبارك، ووكيل المجلس الحالي، عن رفضه تصريحات الكونجرس قائلًا إن ملف حقوق الإنسان يجب ألا يكون ذريعة للتدخل في شأن مصر الداخلي. وهو ما يشير إلى بادرة أن المجلس لن يختلف كثير عن سابقه في دعم الرئيس والحكومة، كما أشار ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل.[22] لكن من الواضح أن هذا المجلس سيكون –بأمر من السيسي- أنشط من سابقه في الرد على البيانات التي تنتقد الوضع الحقوقي في مصر.

– أخيرًا تأتي هذه الجلسات مع بداية عمل البرلمان كإجراء طبيعي في سياقه، على عكس ما أشارت إليه أغلب وسائل الإعلام في مصر من أهمية الخطوة كممارسة لدور رقابي حقيقي على عمل الحكومة، محاولين نسخ الصورة التي رسمها البرلمان السابق الذي أهمل دوره الرقابي، والتي ربما أرادت الدولة أن تمحوها بتغيير أغلب الوجوه ورئيس البرلمان خلال هذه الدورة. لكن لم تظهر بعد ملامح لممارسة الدور الرقابي المنوط بالبرلمان كما ينبغي وبشكل جديّ.

– يتمثل دور البرلمان الرقابي في مناقشة الخطة العامة للحكومة قبل إقرارها، والموازنة العامة للدولة، ثم متابعة التنفيذ، والمسائلة الجادة عن برامج العمل لكل وزارة على حدةٍ، وذلك وفقًا للدستور المصري الذي حدد عمل البرلمان[23]، حيث نصت المادة 101 على “يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور”.

ولا تخلو الساحة المصرية من تحديات على المستويين الداخلي والخارجي، كحماية الأمن القومي وقضية سد النهضة التي تمس الأمن المائي لمصر، كما أن هناك العديد من الأزمات على المستوى الداخلي تتعلق بتحسين حياة المواطن وحقوقه السياسية، وعلى ذلك ينبغي التوقف عند هذه القضايا، ممارسة الدور الرقابي على الحكومة فيها. لكن ذلك –كما هو واضح- أبعد كثيرًا عن حال مجلس النواب الحالي.

أبرز التشريعات التي أقرها المجلس..

– شهد المجلس كذلك خلال أيام انعقاده الأولى، الموافقة النهائية على قانون إنشاء صندوق لتكريم ضحايا العمليات الإرهابية من الجيش والشرطة، وتمت إحالته لمجلس الدولة للمراجعة، كما وافق على اتفاقيتين دوليتين، وأحال 6 اتفاقات أخرى للجان النوعية لدراستها وإعداد تقارير بشأنها، كما وافق على تمديد حالة الطوارئ مجددًا.

وافق مجلس النواب على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 2018، وتم إحالته لمجلس الدولة[24].

وجاء التعديل متضمنًا استبدال نص المادتين 7،8، بالقانون الصادر عام 2018 كالآتي:

تُفرض ضريبة قيمتها خمسة جنيهات على الخدمات أو المستندات التي تقدمها أو تصدرها الجهات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته، وشركات قطاع الأعمال العام، والشركات المملوكة بالكامل للدولة أو التي تساهم فيها بنسبة تزيد على 50%، وتشمل اشتراكات النوادي، وتذاكر الرحلات الجوية، وعقود المقاولات والتوريدات، وطلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية.

كما نص التعديل في المادة 8 على الفقرة التالية:

تخصم شهريًا نسبة خمسة من عشرة آلاف من رواتب العاملين بالجهات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته، وشركات قطاع الأعمال العام، وما يتبع هذه الشركات والهيئات من وحدات ذات طابع خاص والصناديق الخاصة، والعاملين لدى الأشخاص الاعتبارية الخاصة الذين تسري بشأنهم أحكام القانون الخاص بالعمل.

وقد بات سمة في السلوك الاقتصادي لدى النظام، جمع أموال للعديد من الصناديق والمشاريع التي يطلقونها تحت مسميات عدة دون رقابة. وهو تكرار لما فعله البرلمان السابق من تجاهل للإنفاق الخاص بهذه الصناديق وآليات تشغيلها، كما أثار القانون غضب العديد من القطاعات الطبية، حيث لم يتم ضم ضحايا الأطباء لهذا القانون، الذي ظهر وكأنه تحصيل من المدنيين لخدمة ضحايا العسكريين فقط.

وحول مهام الصندوق فإنها تشمل الالتزامات الآتية تجاه الأسر المعنية بالقانون: توفير فرص إتمام الدراسة بكافة مراحل التعليم ومنح بالمدراس والجامعات، وكفالة استمرار إتمام الدراسة بالتعليم الخاص للملتحقين به، وتوفير فرص عمل للمخاطبين بأحكام القانون، وتقديم الخدمات الصحية المناسبة لهم، وتمكينهم من ممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية. وتوفير فرص الحج والعمرة لوالدي وزوجات المصابين، وصرف منح تعويضية للمصابين ومنحهم وسامات.[25]

– كما وافق المجلس في جلسته المنعقدة بتاريخ 21 يناير، على تمديد حالة الطوارئ، لمدة ثلاثة أشهر جديدة، للمرة السادسة عشر تواليًا، بالمخالفة لأحكام الدستور. وقد جاء ذلك بالتزامن مع الذكرى العاشرة لثورة الخامس والعشرين من يناير. وفي نص القانون، تتولى قوات الجيش والشرطة ما يلزم من إجراءات لضبط الأمن، ويهدف ذلك إلى زيادة تمكين قوات الأمن من البطش بالمعارضة، على ما هو متبع منذ أكثر من سبع سنوات.

ويشترط الدستور المصري في حال إعلان حالة الطوارئ، ألا تكون أكثر من ستة أشهر وتقسيم على مرحلتين، ولا يجوز تمديدها أكثر من ذلك، إلا أن الطوارئ مفروضة في مصر منذ عام 2017 ولا تكاد تنتهي مدة حتى يصدر السيسي الأمر من جديد بعد يوم واحد فقط، وذلك بالتحايل على أحكام الدستور.

قرارات جمهورية..

– قرار بشأن الموافقة على خطاب تفاهم بين الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وبرنامج الأغذية العالمي بشأن الخطة الاستراتيجية القطرية، والموقع في القاهرة بتاريخ 14 / 5/ 2020.[26]

– قرار رقم 473 لسنة 2020 بشأن الموافقة على التعديل الثالث لاتفاقية منحة المساعدة بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن تحسين النتائج الصحية للمجموعات المستهدفة، والموقع في القاهرة بتاريخ 29 يونيو 2020.[27]

– كما نشرت الجريدة الرسمية قرار رئيس الجمهورية رقم 474 لسنة 2020 بشأن الموافقة على التعديل الرابع لاتفاقية منحة المساعدة بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية بشأن التعليم الأساسي المرحلة الثانية، الموقع في القاهرة بتاريخ 29 يونيو 2020.[28]

ويشمل التعديل المادة 3 بند 3ـ1 (أ)، بحذف “واحد وعشرين مليون وستة وثمانية ألف دولار أمريكي” ليحل محلها ” واحد وثلاثون مليون وستة وثمانين ألف دولار أمريكي”.

– قرار رقم 708 لسنة 2020، بشأن تخصيص أرض مملوكة للدولة بمحافظة أسيوط، لاستخدامها في توسعات محطة الوليدية للكهرباء بأسيوط.

– قرار بشأن الموافقة على الخطابات المتبادلة بين حكومة جمهورية مصر العربية والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية بشأن تقديم الوكالة منحة بمبلغ 200 ألف يورو لتمويل مشروع (المساهمة في خلق فرص عمل للمرأة في صعيد مصر من خلال تحسين قُدراتهن وتنمية المجموعات المنتجة)، والموقعة في القاهرة بِتاريخي 11/6/2020 و 15/6/2020 [29].

– القرار الجمهورى رقم 447 لسنة 2020 بالموافقة على الخطابات المتبادلة بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة مملكة أسبانيا بشأن منحة بمبلغ 150 ألف يورو لتمويل مشروع ” خلق فرص عمل للشباب من خلال التدريب من أجل التوظيف وإنشاء الشركات لصالح وزارة الشباب والرياضة الموقعة فى القاهرة بِتاريخى 22-6-2020 و 23 ـ 6 ـ 2020.

– قرار رقم 477 لسنة 2020، بشأن الموافقة على التعديل الخامس لاتفاقية منحة المساعدة بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية، بشأن الأعمال الزراعية للتنمية الريفية وزيادة الدخول، والموقع في القاهرة بتاريخ 29 يونيو 2020.[30]

ويعتبر هذا التعديل الخامس على هذه الاتفاقية، الموقعة في مصر بتاريخ 30 سبتمبر 2014، بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية والممثلة في “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”. ويشمل التعديل مبلغ المنحة المقدمة لتكون اثنان وسبعون مليون وخمسمائة وثمانية وتسعون ألف دولار أمريكي، بدلًا من ثمانية وستين مليون ومائة واثنان وسبعون ألف دولار.

– قرار جمهوري رقم 398 لسنة 2020، بشأن الموافقة على مذكرة تفاهم بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي وبرنامج الأغذية العالمي في مصر، بشأن إنشاء مركز الأقصر التنسيقي من أجل تعزيز المرونة والابتكار ونشر المعرفة في صعيد مصر، والموقعة في القاهرة بتاريخ 14 مايو 2020[31].

وبناءًا على توقيع مذكرة التفاهم الحالية، يتفق الطرفان على وضع خطة عمل مشتركة تشمل بياناً تفصيليًا للأنشطة، والنتائج المتوقعة، والإطار الزمني للمنجزات، والموازنة والترتيبات المالية الخاصة، بما يتوافق مع اللوائح التي يطبقها كلا الطرفين. وبناءًا على هذه الاتفاقية تلتزم وزارة الزراعة بالآتي :

  1. التنسيق مع الهيئات الوطنية من أجل إنشاء المركز وتشغيله.
  2. تشكيل اللجنة التنسيقية.
  3. العمل المشترك مع الحكومة لتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ أعمال المركز والقيام بواجباته.
  4. التنسيق مع محافظة الأقصر من أجل إيجاد مساحة إدارية في أحد مبانيها.
  5. يتحمل برنامج الأغذية العالمي مسؤولية إعداد المركز وتجهيزه، ويشمل ذلك إعادة التأهيل المادي للمساحة الإدارية، وتقديم الدعم للميزانية التشغيلية للمركز.

– قرار رقم 404 لسنة 2020 بشأن الموافقة على اتفاق الشراكة الثلاثي الأطراف بين حكومة مصر وشركة “سيماريس” والوكالة الفرنسية للتنمية، لتنفيذ برنامج ( المساعدة الفنية من أجل تطوير تجارة الجملة بأسواق المواد الغذائية في مصر ) والموقع في مدينة القاهرة بتاريخ 30/3/2020.[32]

وبحسب بيان الحكومة، يهدف الاتفاق إلى تزويد الحكومة المصرية بالتوصيات المتعلقة بتحسين طرق الإمداد الغذائي، والتأكد من جودته، وإجراء دراسات تشكل توجيهات استراتيجية في مجال تطوير تجارة الجملة، إضافة إلى ما يتعلق بالخدمات اللوجستية ومنظومة سلسلة التبريد، والإطار التشريعي والحكومي، وكذا الشراكات مع القطاع الخاص، وكذلك ما يتعلق بالبعثات الدراسية. [33]

– قرار رئيس الجمهورية رقم 170 لسنة 2020، بشأن الموافقة على بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ، المعتمد في سول بتاريخ 12/11/2012[34].

ويعتبر هذا البروتوكول هو الأول لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية، بشأن مكافحة التبغ، كما أنه معاهدة دولية في حد ذاته، وقد اعتُمد عام 2012، بتوافق الآراء، وتم وضعه بناءًا على المادة 15 من اتفاقية المنظمة الإطارية، ويعتبر مكملًا لها.

 

 

شهد شهر يناير 2021م حدثيْن مُهمَّيْن، أوَّلهما رحيل الكاتب والسيناريست “وحيد حامد”، والذي أثارت وفاته قضايا كثيرة، منها العلاقة بين السينما وتشكيل الوَعْي السياسي. وثانيهما ما سُمِّي إعلاميًّا بزواج التجربة، والذي أثار جدلًا دينيًّا ومجتمعيًّا حول صِحَّته وتأثيره على الأسرة المصريَّة.

السينما المصريَّة وتشكيل الوَعْي السياسي

توفي مطلع الشهر الكاتب والسيناريست المصري “وحيد حامد”، وهو واحد من أبرز المؤلفين وكُتَّاب السيناريو في العقود الأربعة الماضية، وله من الأعمال ما يُعدُّ علامة بارزة في تاريخ السينما المصريَّة. وسواءً اتفقنا مع أفكاره أم اختلفنا معها، فإنَّ الرجل واحد من الذين ساهموا بنصيب في تشكيل الوَعْي لدى شريحة من المواطنين المصريّين الذين تأثروا بأعماله.

وقد أثارت وفاة وحيد حامد جدلًا كبيرًا ونقاشًا واسعًا خلال الشهر المنقضي حول دور السينما –لكونه أحد أبرز صنَّاعها – في تشكيل الوَعْي السياسي، سلبيًّا كان أم إيجابيًّا.

والوَعْي السياسي هو “إدراك الفرد لواقع مجتمعه ومحيطه الإقليمي والدولي، ومعرفة طبيعة الظروف السياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة التي تحيط به، ومعرفة مشكلات العصر المختلفة، وكذلك معرفة القوى الفاعلة والمؤثرة في صناعة القرار وطنيًّا وعالميًّا”. وتكمن أهميَّة هذا الوَعْي في كونه “طريق الفرد لمعرفة حقوقه وواجباته في كل الأنظمة الديمقراطيَّة أو الشموليَّة”[35].

وهذا الوَعْي تتجاذبه قوَّتان متناقضتان: أولاهما سلطويَّة، تعمل على تزييفه، وغالبًا ما تمثلها الأنظمة المُستبدَّة،مستعينة بطائفة من المُبدِعين الذين يدورون في فلكها وينطقون بما يُحقِّق أهدافها ويَضمَن مصالحها. وثانيهما تنويريَّة، تعمل على إيقاظه، وتمثلها طليعة مثقفة من المُبدِعين الذين يحملون على عاتقهم مسؤوليَّة إبطال مخططات هذه الأنظمة وكشف جرائمها وأخطائها وتقديم رؤية للخروج من مآزق الواقع ومشاكله، ويتحمَّلون في سبيل ذلك كلَّ أشكال الاضطهاد والتهميش والإيذاء.

ولكَسْب هذه المعركة، يسعى كلُّ طرفٍ إلى الاستفادة من الوسائل المؤثرة في تشكيل وَعْي الجماهير وتوجيه الرأي العام، وعلى رأسها السينما، بما تمتلكه من إمكانات سمعيَّة وبصريَّة وقدرة على استلهام الآداب والتعبير عن الأفكار، وهو ما يجعلها “أكثر الوسائل الإعلاميَّة فعاليَّة وتأثيرًا على الجماهير، حيث تتعامل مع كافة طبقات الشعب، وتُستخدَم في الدعاية الداخليَّة والخارجيَّة، وتعمل على تكوين الرأي العام المحلي والعالمي على حَدٍّ سواء، تجاه مختلف القضايا التي تهم الجماهير، وذلك بتناولها للقضايا بأسلوب غير مباشر عن طريق قصة محبوكة فنيًّا. وبذلك تؤثر في الجماهير دون أن تتناول القضايا بالطريق المباشر الذي قد يفقدها ثقتهم”.[36]

فالسينما بالنسبة للمُستبدِين وسيلة لتزييف الوَعْي، لأنَّ السلطة المستبدة “لا تستطيع الاستمرار فترات طويلةإلَّا إذا قامت بعمليَّات تزييف الوَعْى الجماهيري، فهي تريد أن تُشكِّل هذا الوَعْي كي يقبل منظومة السلطة وتوجهاتها ومصالحها من دون الحاجة إلى الإفراط في استخدام القمع الأمني. لذلك هي في هذا السياق تُشكِّل أجهزة الدعاية والإعلام والإعلان، فيكون هذا مع الأمن قدميْن للنظام”[37].

ويمكن القول إنَّ السينما المصريَّة كانت – بشكل عام – بوقًا للنظام الحاكم، فهي في خدمته، تروج له، وتُحَسِّن صورته، وتشيطن أعداءه، إلى أن يسقط أو يَتغيَّر، فتتحوَّل إلى مهاجمته وكشف عوراته للتمكين للنظام الجديد.

لقد كانت السينما في العهد الملكي تقدِّم المجتمع المصري في صورة المُتصالِح مع تكوينه الطبقي، وتنسب الشرور إلى المطامع الفرديَّة، مع بعض المثاليَّة التي تجعل الخير ينتصر في النهاية[38].

وبعد 1952م، تحوَّلت السينما إلى آلة دعائيَّة ترعاها الدولة التي أمَّمَت تلك الصناعة، وأنتجت أفلامًا كثيرةتنتقم فيها من الماضي والعهد “البائد”، وتروج ضد النظام الملكي، وتتهمه بالفساد والخيانة، وتمجد التحوُّل الثوري في حياة المصريّين وما حققه من حريَّة وعدالة اجتماعيَّة بفضل الجيش وضبّاطه الأحرار، كما في فيلم “رد قلبي” (1957م). ثم رأينا الأفلام التي تؤسِّس لزعامة الفرد المُخَلِّص الذي يمثل أمل الأمَّة ومنقذها الوحيد، ومثال ذلك فيلم “الناصر صلاح الدين” (1963م) الذي احتوى على أخطاء تاريخيَّة فادحة في سبيل التسويق للقوميَّة العربيَّة، عن طريق تحويل صلاح الدين من بطل إسلامي إلى بطل قومي عربي، وتصوير الصراع على القدس (أورشليم كما تُسمَّى في الفيلم) في صورة قضيَّة احتلال لا علاقة له بالعقيدة، وترسيخ المقاربة بين زعامة “الناصر” صلاح الدين لـ”العرب” وبطولته في تحرير “الأرض العربيَّة” من الصليبيّين (كما يزعم الفيلم) و”عبدالناصر” كزعيم للقوميَّة العربيَّة وحامل لواء الاستقلال الوطني. يقول بطل الفيلم: “شعرت بأنَّ الفيلم يُسقِط نفسيًّا على شخص جمال عبدالناصر، وأنَّه مطبوخ، وأنا مُجرَّد أداة في يَدِالمخرج”[39].

وبانتهاء الحقبة الناصريَّة ومجيء السادات، هاجمت السينماالنظام السابق، الذي كان السادات نفسُه أحد أركانه، وذلك من خلال إبراز الجوانب السيئة والتركيز عليها دون غيرها. فقد عمدت السينما في عهده إلى التركيز على كشف خفايا الاستبداد السياسي والقمع الأمني في عهد عبدالناصر في مقابل الحريَّات المتاحة في عهد السادات. ولعل أبرز مثاليْن هما فيلم “الكرنك” (1975م)، وفيلم “إحنا بتوع الأتوبيس” (1979م) وأمثالهما من الأفلام التي هاجمت مراكز القوى وعصر الاستبداد والقمع وانعدام الحريَّات وإهانة آدميَّة المواطن في المعتقلات والسجون.

وفي عهد مبارك، كان للسينما دور كبير في تشويه صورة الإسلاميّين، بوصفهم أكبر فصيل معارض للنظام الذي التقت مصلحته في تشويههم مع التوجهات الأيديولوجيَّة لكثير من صُنَّاع السينما، وكان من نتائج تلك الحملة الشرسة أن رُسِمَت في عقول الكثيرين صورة نمطيَّة للإسلامي، فهو إنسان متطرف أو إرهابي، ينضم إلى الجماعات الإسلاميَّة لظروفه الاجتماعيَّة القاسية أو من باب الانتهازيَّة، لا من باب الفهم والاقتناع، ولا يظهر إلَّا عابس الوجه، ويرتدي الجلباب القصير، ويتقعر في نطق العربيَّة، ويعيش في أماكن تصيب بالكآبة وتوحي بالشر، ويطيع أميره طاعة عمياء. وقد لعبت أفلام مثل “الإرهابي” (1994م) و”طيور الظلام” (1995م) دورًا كبيرًا في رسم هذه الصورة.

وإذا تجاوزنا مرحلة الرئيس محمد مرسي لقصرها وانعدام الدعم السينمائي له، وانتقلنا إلى مرحلة الانقلاب العسكري، فسنجد أنَّ سينما الانقلاب كانت الأكثر فجاجة في التوظيف السياسي، فقد تمَّ الإعلان عن تصوير فيلم “سري للغاية”، وهو من تأليف وحيد حامد، ويُجسِّد الفيلم شخصيَّة السيسي، ويَروي الأحداث التي وقعت بين الفترة ما بين 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013م، وهو ما أعاد إلى الأذهان سيرة فيلم “رد قلبي” الذي ساهم على مدار 60 عامًا في تشكيل الوَعْي السياسي لعِدَّة أجيال، من خلال شيطنة العهد الملكي وتحويل الضبَّاط الأحرار إلى ملائكة أنقذت مصر من فساد وخيانة الملك وأتباعه. وهناك أيضًا فيلم “المشخصاتي 2” الذي سَخِر من فترة حكم الرئيس مرسي بطريقة فجَّة، أثارت استياء أنصار السيسي أنفسهم. كما قام فيلم “الجزيرة 2” بتشويه ثورة يناير بشكل مباشر وعنيف، وقدَّم المتظاهرين على أنَّهم بلطجيَّة مُسلَّحين، واتهم جماعات خارجيَّة باقتحام السجون، بالإضافة إلى اتهام قطاع غزة باستغلال الأنفاق بغرض المتاجرة بالسلاح لا المقاومة، علاوة على تجميل صورة الداخليَّة على حساب الثورة[40].

وعلى الجانب الآخر، غرَّد البعض خارج السرب، واختار البقاء على مسافة من السلطة، وسَخَّر فنه لقضايا الحريَّات بشقيها العام والخاص، وقدَّم أفلامًا تتناول العلاقة بين المواطن والسلطة.

يُعدُّ فيلم “لاشين” أقدم هذه الأفلام، فقد أنتج في عام 1938م، وتدور أحداثه حول “لاشين”، وهو قائد جيش في بلد يدير شئون الحكم فيه رئيس الوزراء الذي يتاجر بقوت الرعيَّة، في حين ينشغل الحاكم الضعيف الشخصية بعلاقاته النسائيَّة.ويحاول لاشين تنبيه الحاكم إلى ألاعيب رئيس الوزراء، ولكن يُلقَى القبض عليه، ويودع في السجن. ويثور الشعب الذي كان قد ضاق ذرعًا بأفعال رئيس الوزراء الظالم الذي استغل المجاعة للاستيلاء على السلطة، ويَتِم الإفراج عن لاشين بأيدى الشعب، وتعم العدالة في البلاد.

ثم توالت في العصور التالية الأفلام التي تحتوي على أفكار معارضة أو تنتقد النظام الحاكم من خلال تناولها لوضع المواطن وما يعانيه من أزمات، ومنها فيلم “شيء من الخوف” (1969م)، الذي تعامل برمزيَّة مع حكم عبدالناصر، فجَعَل من بطل الفيلم “عتريس” رمزًا للديكتاتور، في حين يرمز أهل القرية للشعب الذي يُعانِي من ظلم الطاغية، وترمز “فؤادة” لمصر التي لا يستطيع الديكتاتور إخضاعها. وفيلم “البريء” (1986م)، الذي أثار جملة من القضايا، مثل حريَّة التعبير عن الأفكار السياسيَّة، وحريَّة المواطن الخاصَّة، وحقه في محاكمة العادلة، وحريَّة الجموع فيالتعبير عن القضايا العامَّة، والاعتقال، وإكراه المعتقل على الاعتراف وحقوق السجناء، ومفهوم الطاعة العسكريَّة المطلقة، وإمكانيَّة ثورة الجلاد على السلطة التي صنعته. وفيلم “الهتك” (2019م) الذي يُعدُّ أول عمل سينمائييروي قصة المعارضين عقب الإطاحة بأوَّل رئيس مدني منتخب، ويَحكِي معاناة الإنسان المصري في ظل الثورة المضادةوما تبعها من أحداث مأساويَّة[41].

ولإدراك الأنظمة الحاكمة لخطورة السينما كأداة يمكنها تشكيل الوَعْي السياسي لدى الجماهير، وغرس بذور الثورة على الحُكَّام المُستبدِّين والتطلُّع إلى انتزاع الحقوق، لجأت إلى المنع ثم تقنين المنع من خلال قوانين الرقابة التي صَدرت للحيلولة دون وصول مثل هذه الأفلام إلى الجماهير.

كانت البداية مع فيلم “لاشين”، حيث أدرك النظام حينها أنَّ الفيلم يُبشِّر بالثورة، ولهذا مُنِع من العرضبحُجَّة مَسَاسِه بالذات الملكيَّة، حتى بعد لجوء صُنَّاع الفيلم إلى تغيير نهايته كي يَنتصِر فيها الحاكم العادل ويَنعَم الشعب بحُبِّه، بدلًا من نهاية النسخة الأصليَّة التي يَخلَع فيها الثوَّار الملك، خوفًا من أن يَتسرَّب إلى ذهن المشاهد أنَّ الحَلَّ قد يكون بيَدِ الشعب.

واستمرت الرقابة على مثل هذه الأفلام في العصور التالية، بل صَارت أشد ضراوة. ويَكفِي أنَّ نعرف أنَّ فيلم “البريء” قد شُكِّلت لجنة مكوَّنة من وزراء الدفاع والداخليَّة والثقافة لتقرر مصيره[42]. ومُنِع الفيلم من العرض اعتراضًا على مضمونه الذي يَتعرَّض لتجاوزات الجيش والداخليَّة، وخوفًا من نهايته التي يَتمرَّد فيها الجندي على الأوامر العسكريَّة بعد أن أدرك أنَّ المعارض ليس عدوًّا للوطن.

زواج التجربة.. بين حَلِّ الأزمة وهَدْم الأسرة

انشغل المجتمع المصري في شهر يناير بموضوع “زواج التجربة”، وذلك بعد أن نشر أحد المحامين عقودًا توثِّق هذا النوع من الزواج الذي يقوم على تحديد فترة للزواج تقدر بثلاث سنوات على سبيل التجربة، يستمر أو يفترق بعدها الزوجان على حَسَب تقييمهما لتلك الفترة. وتؤدِّي شروط العقد إلى تقييد الحَقِّ في الطلاق بشكل قانوني وبإرادة الطرفيْن، مع تحميل المُخالِف كل الآثار المترتبة على الإخلال بالشروط.

وذكر ذلك المحامي أنَّ الهدف هو الحَدُّ من انتشار الطلاق في المجتمع العربي، واستبعاد الطلاق كحَلٍّ لأيّ من المشكلات التي تواجه الزوجيْن في السنوات الأولى من الزواج.

أثار هذا الموضوع الجدل حول مشروعيَّته التي حسمتها المؤسَّسَة الدينيَّة، ممثلة في الأزهر الذي أكَّد بطلان مثل هذه العقود وحُرْمَة هذا الزواج، ودار الإفتاء التي أفتت بأنَّ ما يُعرَف بـ”زواج التجربة” مصطلح يَحمِل معاني سلبيَّة دخيلة على قِيَم المجتمع المصري المُتديّن الذي يَأبى ما يُخالِف الشرع أو القِيَم الاجتماعيَّة، وتمَّ استخدامه لتحقيق شهرة زائفة ودعاية رخيصة[43].

تنبع خطورة هذا الأمر من كونه يَمَس حجر الزاوية في أيّ مجتمع، وهو الأسرة، منشأ الأفراد والمَحْضَن الذي تتكوَّن فيه شخصيَّتهم، والتي يَعتبرها الإسلام “وحدة أساسيَّة من وحدات الإعمار الكوني، وبناءً من أبنية المجتمع المسلم”، وتتمتع بطبيعة خاصَّة في النموذج الإسلامي بالقياس إلى الثقافات الأخرى التي تغيَّرت فيها طبيعة الأسرة ومنظومة القِيَم التي تؤسَّس على ضوئها، فهي بالنسبة لنا “مؤسَّسَة طبيعيَّة تراحميَّة تحكمها قِيَم الفضل والعفو والتقوى، وليست مؤسَّسَة اصطناعيَّة ذات طبيعة صراعيَّة تنافسيَّة تخضع لعلاقات توازن القوى”[44].

والعَبَث بمؤسَّسَةالأسرة مُقدِّمة لتقويض أركان المجتمع، فعلى الرغم مِمَّا تعانيه مؤسَّسَات الأمَّة الإسلاميَّة ونظمها من تفكُّك وضعف، فإنَّ “الأسرة ما تزال الحصن الأخير من حصون الأمَّة الذي يمكن أن يحمي مقوماتها وهويَّتها… فحال الأسرة من القوَّة أو الضعف هو الذي يُقرِّر إلى حَدٍّ كبير حال الأجيال الجديدة من أبناء الأمَّة، لاسيما في المراحل الأولى من حياتهم، بما ينبغي أن توفره الأسرة لهم من أساليب الحماية والتنشئة والتوجيه”[45]. وإذا كانت مجتمعاتنا الإسلاميَّة مُستهدَفة بالتغيير، فكرًا وسلوكًا ونمط حياة، لكي تنسلخ عن أصولها وثوابتها، وتدور في فلك المفاهيم الثقافيَّة الغربيَّة، ويسهل ترويضها والسيطرة عليها، فإنَّ الأسرة المسلمة – بوصفها اللبنة الأولى للمجتمع – هي بوابة هذا التغيير، ومن ثم الانسلاخ والترويض.

لا شك أنَّ الطلاق في السنوات الأولى من الزواج صَار ظاهرة تُهدِّد الأسرة بأرقامها الكارثيَّة في العالم العربي،ولكن هذا لا يُبرّر اللجوء إلى حلول مستورَدة من بيئات وثقافات مغايرة، سواء كان ذلك عن عمدٍ، كما تفعل بعض المنظمات التي تتبنَّى – في كثير من الأحوال – أفكار الجهات الخارجيَّة الممولة، أو من باب التغريب والاختراق الثقافي والرغبة في استلهام النموذج الغربي الذي يَختلِف عن النموذج الإسلامي للأسرة في مقاصدها وأسسها وطريقة التعامل مع مشاكلها.

وعلى أيَّة حال، نحن أمام محاولة للحَلِّ أقرب إلى المفهوم الغربي للعلاقة الزوجيَّةوالأسرة منها للمفهوم الإسلامي، إذ لم تعد الأسرة في الغرب تعني ذلك الكيان الذي يَتحمَّلكلُّ فردٍ من أفراده المسؤوليَّة تجاه الآخرين، وتقطعت كلُّ الأواصر التي تجمع بين أفراد الأسرة الواحدة، وطغت النزعة الفرديَّة ومنطق الربح والخسارة على كلِّ الروابط الأسريَّة، والسبب هو شعور أحد الزوجيْن بأنَّ رباط الزوجيَّة أصبح يمثل قيدًا على فرديَّته وحريَّته الشخصيَّة[46].

وباللجوء إلى الثقافة الغربيَّة في معالجة قضيَّة الطلاق والعلاقة بين الزوجيْن، فإنَّ أصحاب هذا الطرح يستدعون النموذج الغربي الذي يبحث فيه كلُّ طرفٍ من طرفي العلاقة الزوجيَّة عن مصلحته، ويتجاهلون بعض مقاصد الشريعة وغاياتها في تكوين الأسرة، والتي “تتمثل في حفظ النوع في إطار إنساني يحفظ كرامة الإنسان ويُحقِّق حاجاته الغريزيَّة والنفسيَّة، في ظِلِّ المسؤوليَّة المشتركة التي تُشكِّل وسيلة نهوض ورافعة حضاريَّة”[47]، ويأتون بما يتعارض مع أهم أساس تقوم عليه الأسرة المسلمة، وهو: (… فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ…) [البقرة/229].

فالتأقيت في الزواج يَقضِي على إمكانيَّة تكوين الأسرة الذي يحتاج إلى استقرار، ولا يَستبعِد الطلاق، بل يؤجله، ويزيد من فرص وقوعه، ويُسهِّل أمره على الطرفيْن بعد أن استعدَّا له نفسيًّا منذ اليوم الأوَّل. كما أنَّ إجبار الزوجيْن على البقاء تحت مِظلَّة الأسرة رغمًا عنهما يتنافى مع الإحسان إمساكًا وتسريحًا، وقد يُحوّل ما ينبغي أن يكون بينهما من سكينة وأنس وسكن ومودة ورحمة إلى قلق واضطراب ونفور وبغض وقسوة. أمَّا تعطيل الطلاق الذي أقرَّه الشرع مراعاة للواقع ودفعًا للحرج، فقد يكون سببًا في انتقام أحد الطرفيْن من الآخر حال شعورة باستحالة معاشرته بدلًا من أن يكون مخرجًا كريمًا للطرفيْن وفرصة لبداية حياة جديدة لكلٍّ منهما مع طرفٍ آخر يتناسب معه. تقول استشاريَّة العلاقات العائليَّة، الدكتورة “فاطمة حسن”، إنَّ شرط الثلاث سنوات قد يَتحوَّلإلى أداة للانتقام، لأنَّ هناك أزواجًا تستحيل معاشرتهم هذه المُدَّة، فماذا يجبر فتاة على أن تعيش مع زوج وهو يَعتدِي عليها لمجرَّد أنَّها محكومة بعقد يُحدِّد موعد الطلاق؟[48]

إنَّ حَلِّ هذه الأزمة لا يمكن أن يكون بإجبار الطرفيْن على البقاء معًا، لأنَّ الخلاف طبيعة إنسانيَّة، وتَجَنُّب الخلافات الزوجيَّة لا يكون مَسْلكُه وضع الشروط الخاصَّة والحرص على كتابتها تفصيلًا في وثيقة الزواج الرسميَّة، أو إنشاء عقدٍ آخرٍ منفصلٍ موازٍ لوثيقة الزواج الرسميَّة، بل سبيله مزيد من الوَعْي بمشاورة المختصين، والتنشئة الزوجيَّة السليمة، والتأهيل للزوجيْن بكافة مراحله، وذلك عن طريق دورات متخصِّصَة لتوعية المُقْبِلين على الزواج، وطُرُق حل المشكلات الأسريَّة[49].

 

في الرابع من يناير/ كانون الأول الجاري وقعت دول الخليج بالإضافة إلى مصر على “بيان قمة العلا” الذي أنهى الحصار المفروض على قطر من الرباعي (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر).[50]

ومبكرًا جدًا وربما قبل أن ترد الأنباء أواخر العام الماضي حول توصل أطراف الأزمة الخليجية إلى اتفاق مبدئي برعاية كويتية أمريكية يرمي إلى تصفية الخلافات، بدأ أشهر إعلاميي النظام المصري في الهجوم على دولة قطر، وعلى مبدأ المصالحة معها. وبدا من توجه غالب الإعلاميين المصريين حينها أن الموقف المصري أقرب إلى نظيره الإماراتي فيما يتعلق بالمصالحة، بينما بدا الإعلام السعودي مرحبًا إلى حد كبير.[51]

ويمكن القول إن لهجة الإعلام المصري لم تتغير كثيرًا بعد توقيع “بيان العلا”، حيث إن مواقف الإعلاميين تنوعت بشكل طفيف بين الهجوم على قطر، وبين التحفظ والترقب لما قد تُسفر عنه المصالحة.[52] التباين البسيط في لهجة إعلاميي النظام المصري لم ينعكس على الرسائل التي أرادوا إيصالها للمشاهد، حيث كانت متطابقة في معظمها.

ركزت النوافذ الإعلامية المصرية في البداية على أن السعودية تتحدث بلسان باقي دول الحصار في مفاوضاتها مع قطر، واستمر معظم الإعلاميين في ترديد هذه الرسالة إلى أن تم توقيع البيان.[53] لكن يبدو أن ترديد الإعلام لهذا الأمر لم يكن نابعًا من تأكدهم من هذه المعلومة بقدر ما كان نابعًا من رغبتهم في نفي أن النظام المصري مهمش في العملية التفاوضية الجارية، وإثبات أن للنظام دورًا رئيسيًا فيما يُتخذ من قرارات.

ففي لافتة ربما تكون ذات دلالة على أن مذيعي النظام لم يكونوا واثقين في وحدة دول الحصار فيما يتعلق بالمصالحة، استقبل أحد أقرب الإعلاميين من النظام المصري على الهواء مباشرة خبرَ فتح الحدود البرية بين السعودية وقطر بشيئ من الاستغراب. حيث علق بأن هذا الخبر يعني عودة العلاقات بين الجارتين الخليجيتين بشكل طبيعي، لكنه أضاف أنه لا يعرف إن كان النظام المصري داخل في هذا الاتفاق أم لا، خصوصًا وأن الإعلام القطري ما زال يهاجم مصر، حسب تعبير هذا الإعلامي.[54]

حاول الإعلام أيضًا إثبات أن مصر طرف فاعل في الأحداث عبر ترديده أن “بيان العلا” ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج لـ”عام كامل” من الحراك الدبلوماسي بين الدول المنخرطة في الأزمة الخليجية.[55] حيث ظهر إعلاميو النظام المصري وكأنهم يريديون إثبات أن التطورات الأخيرة فيما يتعلق بالمصالحة ليست قرارًا سعوديًا أُخذ على عجَل واضطرت باقي الدول لأخذ نفس المسار السعودي حتى لا يتصدع تحالفهم. بل إن المصالحة –كما أراد الإعلاميون أن يُثبتوا- هي ثمرة مفاوضات ومباحثات بين النظام المصري وباقي دول الحصار.[56]

ولدى توقيع اتفاق العلا، بدت النوافذ الإعلامية المصرية بعيدة عن الترحيب بالاتفاق. فرغم ترديد معظم الإعلاميين عبارات من قبيل أن مصر تسعى لجمع كلمة العرب دائمًا، وأنها لن تكون يومًا ضد الصلح بين الدول العربية المتنازعة، إلا أن هذه العبارات كانت تأتي في سياق حديثهم عن أنه لا مشكلة لمصر مع المصالحة كمبدأ عام، لكن دولة قطر – كما قالوا- لم تنفذ الـ 13 شرطًا التي وضعتها دول الحصار مجتمعة في أول الأزمة[57]

جاءت لهجة جميع الإعلاميين المصريين “فوقية” إلى حد بعيد بعد توقيع بيان العلا، على اختلاف بينهم في درجة هذه الفوقية. حيث ذكر أكثر من إعلامي مصري أن الدوحة تضررت كثيرًا من الحصار، وأنها هي التي طلبت مرارًا من واشنطن والكويت التوسط لحل هذه الأزمة، في حين لم تتضرر دول الحصار من الخطوة التي اتخذتها قبل 3 أعوام.[58]

وذهب بعض الإعلاميين المصريين إلى أن المطالب الـ 13 موجودة بنَصها في بيان العلا، وأن قطر ملزَمة بتطبيق هذه الشروط خلال الفترة المقبلة، واتفقوا على أن القاهرة “ستراقب” سلوكيات الدوحة في الفترة المقبلة لمعرفة إذا ما كانت ستنفذ هذه الشروط أم لا.[59] لكن واقع الحال يقول خلاف ذلك، فما أُعلن من بنود في اتفاق العلا لم يتضمن أي مطالب محددة من دول الحصار أو من قطر، بل كانت البنود كلها تتحدث عن محددات عامة ومبادئ رئيسية لضبط العلاقات بين جميع الأطراف.[60]

كذلك فإن ما قاله إعلاميو النظام المصري حول الشروط الـ 13 يعارض تصريحات رسمية أدلى بها وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، الذي قال أن هذه المطالب كانت الحد الأعلى الذي أراده الرباعي العربي في بداية الأزمة، وأن الفكرة الأساسية للمطالب كانت محاولة وضع قواعد عدم التدخل في الشؤون الداخلية.[61]

بناء على ما سبق من رصد يتأكد أن النظام المصري قَبِل باتفاق العلا على مضض، وربما كان دافعه إلى ذلك هو التوجه السعودي القوي نحو الاتفاق، وخوفه من التهميش وتصدع علاقته مع الرياض إذا لم يأخذ ذات المنحى. وربما انعكس هذا التباين بين موقف مصر والإمارات والبحرين من جهة، والسعودية وقطر من جهة أخرى على مستوى التمثيل في قمة العلا.

حيث حضر من السعودية ولى العهد محمد بن سلمان، ومن قطر أمير الدولة تميم بن حمد، بينما لم يحضر قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، ولا محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات، كما لم يحضر الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة. الأمر الذي يعطي دلالات على مدى ترحيب كل دولة باتفاق المصالحة.

ورغم عودة العلاقات رسميًا بين مصر وقطر، إلا أن أشهر إعلاميي مصر قربًا من السلطة الحاكمة، ما زالوا يهاجمون القيادة القطرية،[62] بل يمكن القول أن بعضهم يتصيد أي حدث يمكن أن ينال فيه من الدوحة ليستعرضه ويعطي له مساحة في برنامجه.[63] ولذلك، فإن ما تم من اتفاق ليس له انعكاس حقيقي واضح على تحسن العلاقات بين البلدين حتى الآن، خصوصًا على الساحة الإعلامية.

إغلاق مصنع الحديد والصلب.. منتصف الشهر الماضي، أصدرت الحكومة المصرية قرارًا رسميًا بإغلاق مصنع الشركة العملاق في حلوان، بعد 67 عامًا من تأسيس الشركة التي تعد قلعة الحديد والصلب في مصر والشرق الأوسط. ويعد مصنع «الحديد والصلب» واحدٌ من أعرق المصانع المصرية.[64]

نال القرار الحكومي قدرًا كبيرًا في إعلام النظام المصري، ربما يرجع ذلك لأهمية القرار بالنسبة لشرائح واسعة من الشعب المصري، أهمها شريحة العمال، هذا بالإضافة إلى الرمزية التي يحوزها المصنع كرمز للصناعات المصرية. على ذلك، أفرد الإعلام مساحة واسعة لوزير قطاع الأعمال هشام توفيق، ما بين لقاءات واتصالات هاتفية معه.[65]

وتركز الخطاب الإعلامي وخطاب الوزير – بطبيعة الحال- على أن مصنع الحديد والصلب يتعرض لخسائر مالية متتالية من الصعب تداركها، لذلك كان من الأفضل تصفية المصنع.[66] علاوة على ذلك ركز الإعلام على أن عمال المصنع المتضرريين البالغ عددهم 7500 فردًا – حسب الاتحاد العام لنقابات عمال مصر- سوف يتم تعويضهم ماديًا.[67]

وبعيدًا عن البُعد الاقتصادي وعن صحة قرار تصفية المصنع من عدمها، فإنه من الملاحَظ أن النوافذ الإعلامية المصرية لم تُشِر بأي شكل إلى شخص قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، حين استعراضها لمسألة إغلاق المصنع.

وهذا سلوك متكرر في قنوات النظام، حيث يتجاهل الإعلام ذكر السيسي عندما يكون الحديث حول قضية من الممكن أن تستقبلها شرائح من الشعب بشكل سلبي. بينما في المقابل يبرز الإعلام بشكل واضح أي قرار قد يُستَقبَل بإيجابية، ويذكر فيه دورًا للسيسي حتى إذا كان القرار وزاريًا، كما كان في قرار تعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات بسبب فيروس كورونا.

وبالتأكيد، فإن هذا السلوك الإعلامي مفهوم في سياق حرص النظام على الصورة “الأسطورية” التي يراد أن يظهر السيسي من خلالها، في الوقت الذي يتحمل فيه أفراد إدارته ردات الفعل الشعبية على السياسيات التي يئن الشعب تحت وطأتها.

انتقاد الوزراء.. منذ أن أعلن عن فوز الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية أواخر العام الماضي، بدأ النظام المصري في الاستعداد لحقبة مختلفة في العلاقات الأمريكية المصرية التي لها تفاعلات تخص الداخل المصري بشكل أو بآخر، وبالطبع فإن الإعلام أحد أدوات النظام المصري في هذا السياق.

ذكرنا هنا في الدفتر الإعلامي خلال الشهرين الماضيين أن إعلام النظام يحاول أن يُشَغِّب على أي انتقاد لممارسات السلطات المجحفة بحق المعارضين باستثارة العاطفة الدينية للشعب عبر اختزال الملف الحقوقي في الشذوذ وما شابهه من ممارسات مستنكرة شعبيًا، وكذلك بتحويل الانتقادات الدولية لتردي الملف الحقوقي في مصر إلى معركة قومية تستثير فيها الحس القومي الشعبي، وتحويل الأمر إلى قضية استقلال وطني.[68]

لكن يبدو أن هناك بُعدًا سيحاول الإعلام استعراضه، وهو إبراز بعض الانتقادات البرلمانية لعدد من وزراء النظام، بحيث تتحسن صورة النظام الحاكم في مصر فيما يخص ملف الديمقراطية والحريات. في هذا السياق، ذكرت مصادر إعلامية مطلعة في مصر لموقع “العربي الجديد” أن رؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة ومقدمي البرامج الحوارية في القنوات الفضائية المصرية، تلقوا تعليمات من العقيد أحمد شعبان، مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة، ومسؤول الملف الإعلامي في الدائرة المقربة من السيسي، بضرورة تسليط الضوء على أعمال مجلس النواب، وجلساته المنعقدة حاليًا للاستماع إلى بيانات الوزراء بشأن برنامج الحكومة.

وأضافت المصادر نفسها أن تعليمات شعبان لوسائل الإعلام الموالية للنظام طالبت بالتركيز على انتقادات نواب البرلمان لأداء الوزراء، وتصديرها إلى الرأي العام، في محاولة لاحتواء غضب المواطنين من أداء الحكومة، لا سيما في ملفات مثل المحليات والتموين والتعليم والزراعة والري.

وتابعت المصادر أن تعليمات شعبان أتت بالتزامن مع إلغاء تصاريح أكثر من 80 محررًا برلمانيًا من تغطية فعاليات مجلس النواب، بما يمثل أكثر من 70 في المائة من عدد الصحافيين المعتمدين لدى البرلمان. وذلك بهدف منع نشر أي أخبار سلبية عن أداء النواب، وتعميم المواد المنشورة في الصحف والمواقع الإلكترونية عن كلمات النواب والوزراء في الجلسات العامة.[69]

ويبدو أن الإعلام المصري بدأ في تنفيذ هذا التوجه حيث بدأ في إبراز انتقادات مجلس النواب لبعض الوزراء،[70] وأصبح هناك فقرات يبثها الإعلام تحت عناوين من قبيل ” أعضاء مجلس النواب يهاجمون وزير الدولة للإعلام وينتقدون سياسات الوزارة”،[71] و ” وزير التموين في موقف صعب وماتعرض له في مجلس النواب كان أشبه بالمحاكمة”.[72]

ويبقى نجاح مثل هذه السياسية محل شك، في ظل المركزية الشديدة التي يشتهر بها النظام الحالي، وما هو معروف عنه من أن أي قرار تتخذه أي مؤسسة في الدولة لا يمكن له أن يعارض السياسات التي يخطها رأس النظام.



المصادر

[1]فرانس 24, “الخرطوم تعل فشل جولة جديدة من المفاوضات حول سدالنهضة, 10 يناير/كانون الأول 2021

اليوم السابع، “الخارجية: اخفاق اجتماع سد النهضة بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات، 10 يناير/كانون الثاني 2021

[2]اليوم السابع، “الخارجية: اخفاق اجتماع سد النهضة بسبب خلافات حول كيفية استئناف المفاوضات، 10 يناير/كانون الثاني 2021

[3] Sputnik arabic, “السودان يحتج بشدة لدى الاتحاد الأفريقي على إعلان إثيوبيا الاستمرار في ملء سد النهضة، 11 يناير/كانون الثاني 2021

الأناضول، “الاتحاد الإفريقي: ينبغي استمرار التنسيق لـ”حلحة” أزمة سد النهضة، 31 يناير/كانون الثاني 2021

 

[4] الجزيرة، “وصفت تصريحاته بالتدخل السافر في الشأن المصري.. القاهرة تستدعي القائم بأعمال السفير الإثيوبي، 1 يناير/كانون الأول 2021

[5] الأناضول، قادة الخليج يوقعون البيان الختامي للقمة و”بيان العلا”، 5 يناير/كانون الثاني 2021

[6] اليوم السابع، سامح شكري يوقع على «اتفاق العلا»: نثمّن كل جهد مخلص لتحقيق المصالحة، 05 يناير/كانون الثاني 2021

 

[7]الأناضول، “إعلان العُلا” للمصالحة الخليجية.. 9 بنود بارزة و3 أهداف غائبة (إطار)، 06 يناير/كانون الأول 2021

 

[8] الدبلوماسية الفرنسية، اجتماع القاهرة الوزاري حول عملية السلام في الشرق الأوسط – البيان المشترك الصادر عن وزراء الخارجية لكل من مصر وفرنسا وألمانيا والأردن، 11 يناير/كانون الثاني 2021

اليوم السابع، وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا وألمانيا يبحثون فى القاهرة استئناف عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل، 10 يناير/كانون الثاني 2021

[9] أخبار اليوم، السيسي يستقبل الرئيس الفلسطيني في قصر الاتحادية، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020

 

[10]  Sputnik عربي، بيان مصري أردني عن تفاصيل لقاء السيسي والملك عبد الله، 18 يناير/كانون الثاني 2021

عربي بوست، زيارة السيسي للأردن تكشف عن خطة مصرية إماراتية أردنية لمنع فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية، 20 يناير/كانون الثاني 2021

[11]روسيا اليوم، السيسي يشيد بأداء حكومته في ظل أزمة كورونا، 21/11/2020

[12]البنك المركزي المصري، بيان صحفي عن ميزان المدفوعات للربع الأول من العام المالي 2020/2021،

[13]العربي الجديد، وزير مصري: زيادة حصيلة االضرائب 340%..و92 مليار جنيه خفضًا لدعم الوقود، 1/2/2021

[14]وزارة المالية، البيان المالي الشهري، لعددي يناير 2018 ونوفمبر 2020، ص 26 في العددين.

[15]وزارة المالية، التقرير المالي الشهري، عددي يناير 2018 ونوفمبر 2020، ص 28 في العددين.

[16]الشرق الأوسط، تصفية شركة الحديد والصلب المصرية، 13/1/2021.

[17] البوابة. البرلمان يوافق على قرار اللجنة العامة باستدعاء رئيس الوزراء. 17 يناير/كانون الثاني 2021

[18] اليوم السابع. الخارجية تنشر كلمة سامح شكري أمام النواب. 26 يناير/كانون الثاني 2021

[19] twitter. وزير قطاع الأعمال . لم أسمع كلمة علمية من مجلس النواب ولن أتراجع.

[20] هيومن رايتس ووتش. رسالة مفتوحة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه. 21 يناير/كانون الثاني 2021.

[21] مصر العربية، بين الكونجرس الأمريكي والبرلمان المصري حول حقوق الإنسان. 26 يناير/كانون الثاني 2021

[22] الجزيرة. مجلس نواب جديد بمصر تغير القيادة والتكوين. فهل تختلف النتائج. 17 يناير/كانون الثاني 2021

[23] منشورات قانونية, الدستور المصري

[24] بوابة الأهرام. إحالة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء صندوق تكريم الشهداء لمجلس الدولة. 17 يناير/كانون الثاني 2021

 

[25] اليوم السابع. مهام صندوق تكريم الشهداء كما في القانون. 19 يناير/كانون الثاني 2021

[26] الجريدة الرسمية. عدد 9 يناير 2021

[27] المرجع السابق

[28] الهيئة العامة للاستعلامات. قراران جمهوريان بالموافقة على التعديلين الثالث والرابع لاتفاقية منحة المساعدة بين مصر والولايات المتحدة.9 يناير/كانون الثاني 2021.

[29] الجريدة الرسمية. العدد 2، 14 يناير/كانون الثاني 2021.

[30] المرجع السابق

[31] اليوم السابع. قرار جمهورى بشأن إنشاء مركز الأقصر التنسيقى لنشر المعرفة بصعيد مصر. 21 يناير/كانون الثاني 2020

 

[32] الجريدة الرسمية. عدد 3 . 21 يناير/كانون الثاني 2021

[33] مصراوي “الوزراء” يقر اتفاق شراكة لتنفيذ “المساعدة الفنية من أجل تطوير تجارة الجملة بأسواق المواد الغذائية”، 3 يونيو/ حزيران 2020،

[34] الجريدة الرسمية.. عدد 4.. 30 يناير/كانون الثاني 2021

[35]عثمان الزياني، تجديد الثقافة السياسية كمدخل للبناء الديمقراطي في دول الربيع العربي، مركز الجزيرة للدراسات، 21 أبريل 2015م، https://studies.aljazeera.net/ar/issues/2015/04/201542182130404427.html#a11

[36] ندى ياسر، توظيف السينما في المجال السياسي وأثره علي الوعي السياسي في المجتمع المصري في الفترة 2012 إلي 2018م، المركز الديمقراطي العربي، 3 أغسطس 2019م، https://democraticac.de/?p=61940

[37]سيف الدين عبدالفتاح، الاستبداد بين الأمن المستباح وتزييف الوعي، العربي الجديد، 7 يوتيو2019م، https://www.alaraby.co.uk/

[38]الشيماء عبدالخالق، السينما المصرية المُعارضة: أفلام انتقدت السلطة، ساسه بوست، 30 سبتمبر 2015م، https://www.sasapost.com/cinema-and-the-power/

[39]عربي بوست، فيلم «الناصر صلاح الدين».. أخطاءٌ تاريخيّة، تمجيدٌ للعرب، ودعايةٌ سياسية لجمال عبدالناصر، 16 أكتوبر 2018م، https://arabicpost.net/

[40]أحمد تايلور، فيلم “سري للغاية”.. حنيما تكون السينما في خدمة السيسي، نون بوست، 17 يناير 2018م، https://www.noonpost.com/content/21656

[41] وكالة الأناضول، “الهتك”.. أول فيلم مصري معارض يتناول المعاناة في ظل الثورة المضادة (تقرير)، 13 يوليو 2019م، https://www.aa.com.tr/ar/1530476

[42]محمود البدوي، وحيد حامد في حوار مسجل: مثقف «مخبر» سبب حذف مشاهد من فيلم “البريء”، جريدة الوطن، 2 يناير 2021م، https://www.elwatannews.com/news/details/5194971

[43]يوسف أحمد، بدعة “زواج التجربة” تثير بلبلة في مصر.. والأزهر: باطل ومحرَّم، مجلة المجتمع، 19 يناير 2021م، https://www.mugtama.com/reports/item/117401-2021-01-19-09-47-54.html

[44]الأسرة المسلمة في ظل التغيرات المعاصر، تحرير: رائد جميل عكاشة، عمان، دار الفتح للدراسات والنشر، 2015م، ص26.

[45]المصدر السابق، ص18.

[46]محمد إبراهيم خاطر، الأسرة في الغرب، موقع تعارفوا، 10 مارس/آذار 2015م،  http://t3arfo.com/play.php?catsmktba=21

[47]الأسرة المسلمة في ظل التغيرات المعاصر، ص215.

[48]أميرة فكري، هل يمنح “زواج التجربة” الديمومة للحياة الأسرية في مصر، العرب، 26 أكتوبر 2020م، https://alarab.co.uk/

[49]يوسف احمد، بدعة “زواج التجربة” تثير بلبلة في مصر.. والأزهر: باطل ومحرَّم، منتدى العلماء، 19 يناير 2021م، https://www.msf-online.com/

[50]  BBC، القمة الخليجية 2021: قادة الوفود يوقعون البيان الختامي لقمة العلا في السعودية بحضور أمير قطر الشيخ تميم، 5 يناير/ كانون الثاني 2021

http://bbc.in/2M6wKcu

[51] على مسئوليتي، على مسئوليتي مع أحمد موسى – الحلقة الكاملة  ]الدقيقة 52[، 2 ديسمبر/كانون الأول 2020

[52] قناة النهار، الكشف عن موقف مصر من المصالحة العربية الخليجية | آخر النهار مع تامر أمين، 5 يناير/كانون الثاني 2021

[53]  برنامج الحكاية، الكاتب الصحفي السعودي جاسرالجاسر يتحدث عن المصالحة مع قطر ويؤكد السعودية تمثل مصر والإمارات والبحرين، 4 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3azhZrc

[54]  Nashaat Eldeehy، الديهي يكشف تفاصيل إعلان الكويت فتح الحدود الجوية والبحرية والبرية بين السعودية وقطر، 4 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3cEA5ee

[55]  برنامج الحكاية، الإعلامي عماد الدين أديب يحلل ما حدث بين السعودية وقطر وأسبابه ويتساءل هل ستختفي أسباب المقاطعة؟، 4 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3roh97L

قناة النهار، الكشف عن موقف مصر من المصالحة العربية الخليجية | آخر النهار مع تامر أمين، 5 يناير/كانون الثاني 2021

[56]  برنامج على مسئوليتي، حلقة بتاريخ 5/1/2021، الدقيقة 4، 5 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3pK6QdO

[57]  Nashaat Eldeeh، ردًا على رسالة أمير الكويت.. نشأت الديهي يكشف مطالب مصر للموافقة على الصلح مع قطر أو أي دولة اخرى، 2 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3riWC4u

[58]  قناة النهار، الباز يكشف بالتفصيل قرارات ” قمة العلا ” للمصالحة مع قطر وينشر البند الخاص بمصر، 8 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3jg25pR

[59]  المصدر السابق

صدى البلد، “إن عدتم عدنا”.. أحمد موسى: لابد من تنفيذ قطر لكل ما جاء في المصالحة وستتم مراقبتها، 5 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3toox4H

[60]  جريدة الشرق الأوسط، نص بيان العلا، 6 يناير/كانون الثاني 2021

http://bit.ly/2MzlOES

[61]  الجزيرة مباشر، أنور قرقاش يكشف مصير المطالب الـ13 للمصالحة مع قطر، 6 يناير/كانون الثاني 2021

http://bit.ly/3oGx3bT

[62]  صدى البلد، رشاوى وفساد.. أحمد موسى يشن هجوما شرسا على قطر، 30 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3atxxgd

صدى البلد لايف، أحمد موسى: دويلة قطر مستمرة في العمل ضد مصر، 30 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3rnR88D

Nashaat Eldeeh، الديهي: قطر بتدي الفلوس لاسرائيل وإسرائيل بتديها لحماس وسلملي على النضال ومبنطبعش مع إسرائيل، 1 فبراير/شباط 2021

https://bit.ly/2O5xLmj

Nashaat Eldeeh، تدس السم في العسل.. الديهي: الجزيرة الوحيدة التي طرحت فكرة الطرف الثالث بين إثيوبيا والسودان، 30 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/39OPZ45

[63]  صدى البلد، أحمد موسى: قطر 13 نفر والإنترنت كان فاصل عندهم إمبارح، 31 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3pHhhP8

[64]  رصد، عملاق الصناعة المصرية.. إغلاق مصنع «الحديد والصلب» نهائيًا بقرار رسمي، 11 يناير/كانون الثاني 2021

http://bit.ly/3oFEQGM

[65]  القاهرة والناس، د.هشام توفيق: قرار تصفية مصنع الحديد والصلب من أصعب القرارات التي اتخذتها في حياتي المهنية ولكن ..!، 26 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3aySRAT

قناة المحور، 90 دقيقة | وزير قطاع الأعمال يروي لأسامة كمال تفاصيل إغلاق شركة الحديد والصلب، 11 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3cCRhkg

[66]  على مسئوليتي، وزير قطاع الأعمال يكشف تفاصيل قرار تصفية شركة مصنع الحديد والصلب، 16 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/2YIXtza

[67]  الحكاية، تعويضات عمال الحديد والصلب وطريقة البيع.. المداخلة الكاملة لوزير قطاع الأعمال د. هشام توفيق، 24 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/2LjM9GA

نشأت الديهي، الديهي يكشف التفاصيل الكاملة لغلق مصنع الحديد والصلب..ووزير قطاع الأعمال يوضح الأسباب ومصير العمال، 16 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3tnK8u4

[68]  مركز المسار للدراسات الإنسانية، دفاتر مصرية ـ ديسمبر 2020، 9 يناير/كانون الثاني 2021

http://bit.ly/3pN6C5D

[69]  العربي الجديد، مصر: تعليمات للإعلام بإبراز انتقادات النواب للوزراء، 27 يناير/كانون الثاني 2021

http://bit.ly/3jcdKpG

[70]  صدى البلد، أحمد موسى: مجلس النواب يعبر عن الشارع وهو ما يفعله الآن، 17 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3jh4JM3

[71]  اكسترا نيوز، أعضاء مجلس النواب يهاجمون وزير الدولة للإعلام وينتقدون سياسات الوزارة، 19 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/3oUdGfD

[72]  صدى البلد، أحمد موسى: وزير التموين في موقف صعب ..وماتعرض له اليوم في مجلس النواب كان اشبه بالمحاكمة، 18 يناير/كانون الثاني 2021

https://bit.ly/2O041XT



Exit mobile version