الفهرس
مقدمة
المحور الأوَّل: سوريا
- الاستعدادات التركيَّة للعمليَّة العسكريَّة المحتملة
- المساعدات الإنسانيَّة التركيَّة للسوريّين
المحور الثاني: ليبيا
- المشاركة التركيَّة في مؤتمر دعم الاستقرار
- مؤتمر باريس والخلاف التركي الفرنسي
المحور الثالث: مصر
- قمَّة آليَّة التعاون الثلاثي والهجوم على تركيا
- التعاون العسكري المصري اليوناني
المحور الرابع: العراق
- استمرار العمليَّات العسكريَّة في شمال العراق
- التعاون الثنائي بين تركيا والعراق
المحور الخامس: دول الخليج
- إسهام إماراتي في تأهيل مناطق الكوارث بتركيا
- التعاون الإستراتيجي بين تركيا وقطر
- البحرين والارتقاء بالتعاون التجاري مع تركيا
المحور السادس: فلسطين والكيان الصهيوني
- ضبط شبكة تجسُّس تابعة للموساد في تركيا
- إدانة تركيَّة للاستيطان الإسرائيلي بالضفة
- ملاحقة قضائيَّة تركيَّة لمجرمي حرب إسرائيليّين
المحور السابع: أوروبا
- أزمة “كافالا” والتهديد بطرد سفراء 10 دول
- تقرير المفوضيَّة الأوروبيَّة حول انضمام تركيا للاتحاد
- المخاوف الروسيَّة من المُسيَّرات التركيَّة في أوكرانيا
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكيَّة
- لقاء أردوغان و جو بايدن في روما
- الخلافات التركيَّة الأمريكيَّة حول التسليح
المحور التاسع: الداخل التركي
- لقاء أردوغان ورئيس حزب “السعادة”
- تركيا وامتلاك الطاقة النوويَّة
- الاقتصاد التركي بين مؤشرات التعافي وأزمة التضخم
مقدمة
شهدت الساحة التركيَّة، في الفترة من 15 أكتوبر/تشرين الأوَّل إلى 15 نوفمبر/تشرين الثاني، العديد من الأحداث على المستوييْن الخارجي والداخلي، فعلى الساحة السوريَّة، مازال الجيش التركي يَحشِد في الشمال السوري ضمن الاستعدادت لعمليَّة عسكريَّة محتملة، وهو ما تزامن مع تقديم المساعدات الإنسانيَّة للسوريّين المُضارين من الحرب.
وفيما يَخصُّ الشأن الليبي، جددت تركيا موقفها الداعم لحكومة الوحدة الوطنيَّة، وأكَّدت من خلال مشاركتها في مؤتمريْ طرابلس وباريس على تأييدها لإجراء الانتخابات الليبيَّة على أساس قانون توافقي، وتمسَّكت بوجودها الشرعي على الأراضي الليبية.
أمَّا مصر فقد أثار هجومها على السياسات والمواقف التركيَّة في المنطقة من خلال تحالفها مع اليونان وقبرص اليونانيَّة غضب أنقرة، خاصَّة وأن القاهرة مازالت تواصل استفزازاتها من خلال توطيد علاقاتها العسكريَّة مع اليونان من خلال التدريبات المشتركة بين الدولتيْن.
وفي العراق، تواصلت العمليَّات العسكريَّة التركيَّة في شمال البلاد، وأسفرت عن تحييد عدد كبير من العناصر الإرهابيَّة، كما استمر التعاون التركي العراقي على المستوييْن السياسي والاقتصادي، في ظِل توافق ثنائي على توطيد التعاون الشامل.
وخليجيًّا، توالت مظاهر التقارب بين تركيا والإمارات، حيث ساهمت أبوظبي في تأهيل المناطق التي التهمتها النيران بتركيا.وعملت البحرين على زيادة التعاون التجاري مع تركيا. أمَّا قطر فقد اتسعت مجالات التعاون بينها وبين تركيا في إطار التعاون الإستراتيجي الشامل.
وعلى صعيد القضيَّة الفلسطينيَّة، أدانت تركيا عمليَّات الاستيطان في الضفة الغربيَّة. وضبطت السلطات التركيَّة شبكة إسرائيليَّة للتجسُّس على الطلاب العرب. وقانونيًّا، شهدت المحاكم التركيَّة رفع دعوى ضد مسؤولين إسرائيليّين لارتكابهم جرائم ضد الإنسانيَّة.
وإذا انتقلنا إلى أوروبا والولايات المتحدة، فسنجد أن الاتحاد الأوروبي مازال يوصد أبوابه في وجه تركيا، في ظِل توترات مستمرة، كان آخرها قضيَّة السفراء الذين طلبت منهم أنقرة المغادرة لتدخلهم في الشأن الداخلي. هذا في حين تحاول تركيا وأمريكا تجاوز الخلافات بعد لقاء رئيسيْهما وخروجهما بتصريحات إيجابيَّة حول ضرورة الحوار والعمل على حَلّ الخلافات.
وأخيرًا، وفي الداخل التركي، تلقي الانتخابات التركيَّة المقبلة بظلالها على التحركات السياسيَّة الداخليَّة. وفي هذا السياق، جاء لقاء الرئيس أردوغان مع رئيس حزب السعادة المعارض. واقتصاديًّا، مازالت التوقعات الإيجابيَّة عن الاقتصاد التركي تتوالى رغم أزمة التضخم.
تشير التحركات العسكريَّة على الحدود التركيَّة السوريَّة إلى وجود استعدادت لعمليَّة عسكريَّة محتملة ضد التنظيمات “الإرهابيَّة” التي تقوم بخرق اتفاقيَّات التهدئة في الشمال السوري. وبالتزامن مع العلميَّات العسكريَّة المستمرة في المنطقة، تقوم تركيا بدور إنساني في المنطقة من خلال تقديم المساعدات للسوريّين المضارين من الحرب.
- الاستعدادات التركيَّة للعمليَّة العسكريَّة المحتملة
نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول أمني أن الجيش التركي يواصل تجهيزاته للقيام بعمليَّة عسكريَّة جديدة ضد “وحدات حماية الشعب” التابعة لقوَّات سوريا الديمقراطيَّة (قسد)، والتي تصنفها أنقرة في قائمة الإرهاب. ونقلت الوكالة عن مصادر في المعارضة السوريَّة قولها إن تركيا أرسلت إمدادات عسكريَّة لحلفائها في سوريا في إطار التحضيرات لعمليَّة محتملة، وأعيد نشر مقاتلين من المعارضة باتجاه المناطق التي يتوقع أن تستهدف في أيّ هجوم جديد[1].
وذكرت وسائل إعلام روسيَّة أن الجيش التركي أدخل رتلًا جديدًا مؤلفًا من عربات عسكريَّة وشاحنات نقل ثقيلة تحمل كميَّات كبيرة من الأسلحة والعتاد اللوجستي إلى عِدَّة مناطق لتعزيز قواعده في منطقة “رأس العين” بريف الحسكة. وأضافت مصادر محليَّة من المنطقة أن “الرتل ضم أسلحة نوعيَّة من بينها مدفعيَّة ثقيلة ومضادات دروع وكميَّات كبيرة من الذخائر المتنوعة، إضافة إلى ناقلات الجند المتطورة التي تدخل في تسليح حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تمَّ توزيعها وتفريغها في عدة مناطق في مدينة رأس العين وريفها الشمالي” حيث تنتشر القواعد التركيَّة[2].
وتمهيدًا للعمليَّة المحتملة، أكَّد الرئيس التركي، “رجب طيّب أردوغان”، أن بلاده تواصل القيام بما يلزم والرَّد بالأسلحة الثقيلة على الاعتداءات في إدلب السورية، مشيرًا إلى أنه لا يمكنهم ترك الأمور تسير دون تدخل. وشدد أردوغان، على أنهم لن يقدموا أيَّ تنازلات في سوريا، وأنهم سيواصلون اتخاذ كلّ ما يلزم وخاصَّة في إدلب. وأضاف أنه في الوقت الحالي تستمر عمليَّات القوَّات التركيَّة في بعض النقاط الحساسة بالمنطقة، وأن بلاده ستقوم بكل ما هو مطلوب بغض النظر عن الموقف الذي سيتخذه النظام السوري[3].
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر عسكريَّة سوريَّة أن هناك حشودًا كبيرة وغير مسبوقة على الحدود السوريَّة الشماليَّة من جانب الجيش التركي وفصائل المعارضة السوريَّة. وقالت إن أعداد الحشود أكثر من 30 ألف عنصر، وتوجد بالقرب من مناطق تل رفعت ومنبج عين عيسى شمال سوريا.
وفيما يَخصُّ التنسيق بين الجيش التركي والمعارضة السوريَّة، وضعت فصائل الجيش السوري الحُر المدعومة من تركيا نفسَها في حالة تأهب، وعقدت اجتماعات بين الجيش السوري الحُر وقادة الجيش التركي لتنسيق العمليَّة العسكريَّة المحتملة ضد القوَّات الكرديَّة.
وذكر أحد قادة الجيش السوري الحُر أن اجتماعات مكثفة تعقد بين الجيش الحُر والمسؤولين الأتراك للإعداد للمعركة ضد قوَّات سوريا الديمقراطيَّة (قسد) التي تقودها وحدات حماية الشعب. وقال إن فصائل الجيش السوري الحُر رفعت جاهزيَّة كتائبها العسكريَّة، وأرسلت المزيد من التعزيزات العسكريَّة لخطوط التماس مع قوَّات سوريا الديمقراطيَّة في شمال محافظة الرقة والمحاور قرب بلدة “تل تمر” بريف الحسكة. كما دخلت إلى المنطقة قوافل عسكريَّة تابعة للجيش التركي تضم دبابات وراجمات صواريخ وأسلحة مختلفة[4].
وكان التوتر قد تصاعد في شمال سوريا قبل ما يقرب من شهر، بعد مقتل اثنين من رجال الشرطة التركيَّة في هجوم صاروخي بشمال سوريا، أعلنت بعده تركيا أن مسلحي التنظيم المذكور نفذوا هجومًا بصاروخ موجَّه انطلاقًا من منطقة “تل رفعت” التي يسيطر عليها مسلحو التنظيم في محافظة حلب السورية، واستهدف مدرعة تركيَّة في منطقة عمليَّة “درع الفرات” بين مدينتي “مارع” و”إعزاز”. ونقلت وسائل إعلام تركيَّة عن الرئيس أردوغان قوله بعد لقائه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن: “عندما يحين وقت تنفيذ عمليَّة، بالطبع ستنفذ العمليَّة، لا تراجع عن ذلك”[5].
- المساعدات الإنسانيَّة التركيَّة للسوريّين
بالتزامن مع العمليَّات العسكريَّة التي تقوم بها تركيا في المنطقة الشماليَّة في سوريا، تحاول أنقرة التخفيف من آثار الحرب على السوريّين من خلال تقديم المساعدات الإنسانيَّة لهم. وفي هذا الإطار، ذكرت وزارة الدفاع التركيَّة أن القوَّات المسلحة تواصل سد الاحتياجات الأساسيَّة والإنسانيَّة لأهالي منطقة عمليَّة “درع الفرات”، لا سيما الأطفال والنساء والمُسِنين، بدءًا من الطعام والشراب والكساء وصولًا إلى الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، لتستمر في بث الأمل بالسلام والاستقرار. وأشارت الوازرة إلى أن القوَّات المسلحة التركيَّة بالتنسيق مع المؤسَّسات الحكوميَّة الأخرى تواصل دون توقف أنشطة دعم البنية التحتيَّة وتقديم المساعدات الإنسانيَّة لقرى المنطقة بهدف إعادة الحياة إلى طبيعتها[6].
وقامت هيئة الإغاثة الإنسانيَّة التركيَّة (IHH) بتقديم مساعدات إغاثيَّة للمحتاجين، حيث وزعت ملابس شتويَّة على 8 آلاف و500 طفل يتيم في مناطق متفرقة من سوريا. وذلك ضمن الأنشطة الإغاثيَّة المستمرة تجاه الأطفال الذي تيتموا بسبب الحرب[7].
كما أنشأت الهيئة أفرانًا في “كليس”، و”الريحانيَّة”، إلى جانب بعض المناطق السوريَّة الأخرى من أجل إنتاج الخبز للمحتاجين. وتنتج هذه الأفران 300 ألف رغيف خبز يوميًّا، ويَجري توزيعها على الفقراء في إدلب، وعفرين، وإعزاز، والباب، وجرابلس، وتل أبيض، ورأس العين[8].
أمَّا “وقف الفتح” للمساعدات الإنسانيَّة فقد قام بإرسال مساعدات على متن 100 شاحنة، إلى الأسر السوريَّة المحتاجة في موسم الشتاء. ووزّع الوقف سلال غذائيَّة على 500 أسرة محتاجة في منطقة جبل الزاوية بمحافظة إدلب، شمال غربي سوريا. وأشار الوقف في بيان له إلى أن الأسر المتضررة من الحرب، تعاني من مصاعب في الوصول إلى الغذاء والاحتياجات الأساسيَّة[9].
تعددت مظاهر التواصُل السياسي والتعاون الاقتصادي بين تركيا وليبيا، حيث استقبل الرئيس أردوغان وكبار المسؤولين الأتراك في الأسابيع الماضية رئيس المجلس الأعلى للدولة “خالد المشري”، ورئيس حكومة الوحدة الوطنيَّة “عبدالحميد الدبيبة”، وأظهرت المباحثات بين الجانبيْن توافقًا حول القضايا المهمة على الساحة الليبيَّة. واقتصاديًّا، شهد شهر أكتوبر/تشرين الأوَّل زيادة كبيرة في حجم الصادرات التركيَّة إلى السوق الليبي.
وفي ظِل توافق الرؤى بين أنقرة وطرابلس، أكَّدت تركيا وقوفها إلى جانب الشعب الليبي لضمان الاستقرار في ليبيا، ودَعَت إلى ضرورة أن تجرى الانتخابات على أسس قانونيَّة ودستوريَّة صلبة ومتينة ومتفق عليها، ورفضت اعتبار قوَّاتها في ليبيا قوَّاتًا أجنبيَّة لأنها تتواجد لدعم الاستقرار في البلاد. وقد عبَّرت تركيا عن موقفها من الشأن الليبي من خلال مشاركتها في مؤتمريْ طرابلس وباريس.
- المشاركة التركيَّة في مؤتمر دعم الاستقرار
عقد في 21 أكتوبر/تشرين الأوَّل، مؤتمر “دعم الاستقرار في ليبيا”، والذي استضافته العاصمة الليبيَّة طرابلس، بمشاركة حوالي 30 دولة، بهدف التوصُّل إلى “موقف دولي وإقليمي موحّد داعم ومتناسق” يساهم في “وضع آليَّات ضروريَّة لضمان استقرار ليبيا، خصوصًا مع قرب موعد إجراء الانتخابات”[10].
مثل تركيا في المؤتمر السفير “سادات أونال”، نائب وزير الخارجيَّة التركي، الذي أكَّد وقوف بلاده إلى جانب الحكومة الليبيَّة من أجل ضمان الاستقرار في ليبيا.
وعشيَّة المؤتمر، التقى أونال بنائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، “عبدالله اللافي”، الذي أشار إلى دور تركيا في “دعم العمليَّة السياسيَّة لحَل الأزمة الليبيَّة بالطرق السلميَّة، إضافة إلى مساهمتها في إنجاح ملتقى الحوار السياسي الليبي”. وحضر اللقاء رئيس الحكومة الليبيَّة، “عبدالحميد الدبيبة”، الذي أكَّد على أهميَّة المشاركة التركيَّة في مؤتمر استقرار ليبيا.
وقد جدد مساعد وزير الخارجيَّة التركي، دعم بلاده “تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في موعدها، تعكس إرادة الليبيّين، وفق أطر قانونيَّة ودستوريَّة تتوافق عليها جميع الأطراف”. ولفت أونال، إلى “استعداد الجمهوريَّة التركيَّة لدعم العمليَّة الانتخابيَّة في ليبيا، والمساهمة في إنجاحها وعبور هذه المرحلة”[11].
وفي كلمته أمام المؤتمر، أكَّد أونال على أن العمليَّة السياسيَّة يجب أن تضم كافة الليبيّين، وأوضح أن الوقت الآن هو وقت اتخاذ خطوات في سبيل الوحدة الوطنيَّة والتوافق، مشددًا على أن حكومة الوحدة الوطنيَّة ما زالت بحاجة للدعم من أجل بسط سيطرتها على عموم البلاد، وتقديم الخدمات العامَّة، وتوحيد المؤسَّسات الحكوميَّة. وأشار إلى أهميَّة الاستقرار في ليبيا من أجل التقدم والتطور، موضحًا أن وقف إطلاق النار ما زال هشًّا[12].
وعن المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، قال أونال إن موقف تركيا واضح، في إشارة إلى رفض أنقرة وّصْف التواجد التركي على الأراضي الليبيَّة بالتواجد الأجنبي، وتمسُّكها بأن تواجدها في ليبيا جاء وفق اتفاقيَّة رسميَّة بين تركيا والحكومة الليبيَّة الشرعيَّة والمُعترَف بها من جانب المجتمع الدولي.
- مؤتمر باريس والخلاف التركي الفرنسي
استضافت باريس في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، مؤتمرًا دوليًّا حول ليبيا، ويهدف المؤتمر إلى دعم إجراء الانتخابات العامَّة المقررة في نهاية 2021، وإخراج القوَّات الأجنبيَّة والمرتزقة. وشارك فيه نحو 30 بلدًا ومنظمة، منها دول مجاورة وإقليميَّة منقسمة حيال الصراع الليبي[13].
اقتصر التمثيل التركي على نائب وزير الخارجيَّة، السفير “سادات أونال”. ولم يشارك الرئيس التركي أردوغان في المؤتمر. وكانت وسائل إعلام قد نقلت عنه عقب عودته من قمة العشرين أنه لن يشارك في هذا المؤتمر، وأنه أبلغ الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” أن “هناك دعوات لدول مثل اليونان وإسرائيل وإدارة قبرص الروميَّة، فنحن لا نشارك في مؤتمر تشارك فيه تلك الأطراف”[14].
وفي ختام المؤتمر، طالب ماكرون، تركيا وروسيا بسحب “المرتزقة” من ليبيا “بدون تأخير”، لأن وجودهم “يُهدِّد الاستقرار والأمن في البلاد والمنطقة برمتها”.
تصريحات ماكرون تتصادم مع موقف أنقرة التي رفضت مرارًا تصنيف القوَّات التركيَّة كمرتزقة أو مقاتلين أجانب، مثل مجموعة “فاغنر” الروسيَّة، مؤكدة أن الجنود الأتراك في ليبيا موجودون بناء على دعوة رسميَّة من الحكومة الليبيَّة.
أمَّا نقطة الخلاف الثانية بين أنقرة وباريس فهي الانتخابات الليبيَّة، ففي الوقت الذي تؤيد فيه تركيا موقف حكومة الوحدة الوطنيَّة الرافض للقوانين الانتخابيَّة التي فرضها البرلمان برئاسة “عقيلة صالح” الموالي للواء المتمرد “خليفة حفتر”، يَرَى مراقبون أن المؤتمر ما هو إلَّا محاولة من جانب ماكرون لحشد أكبر تحالف دولي ممكن لدعم الانتخابات في ليبيا، حتى لو أجريت بدون قاعدة دستوريَّة ولا قوانين انتخابات توافقيَّة، أو على خلاف نصوص الإعلان الدستوري والنظام الداخلي للبرلمان والاتفاق السياسي. وأن المؤتمر يهدف لعزل المعترضين على إجراء الانتخابات في ظِل هذه القوانين، وتحصين نتائج الانتخابات من أيّ طعن لدى الدائرة الدستوريَّة في المحكمة العليا[15].
ووفق هذا المنطق، فإن الهدف الذي يريد ماكرون الوصول إليه هو تمهيد الطريق لحفتر لاستلام السلطة تحت غطاء دولي، عبر تأييد قواعد اللعبة الانتخابيَّة التي وضعها عقيلة صالح على مقاسه. وبهذا يَصِل خليفة حفتر – الذي يرفض الخضوع لأيّ سلطة مدنيَّة – إلى كرسي الرئاسة عبر المناورة السياسيَّة بعد فشله في الحصول عليه عبر القوَّة العسكريَّة.
وفي رَدِّه على تصريحات ماكرون، وَصَف المتحدث باسم الرئاسة التركيَّة، “إبراهيم قالين”، التركيز على سحب القوات الأجنبيَّة بالخاطئ، وشدد على أن ليبيا تحتاج إلى الدعم فيما يَخصُّ العمليَّات السياسيَّة والانتخابات المقرر تنظيمها والقضايا الاقتصاديَّة، مشيرًا إلى أن التواجد العسكري التركي في هذا البلد يَخدِم دعم الاستقرار السياسي والأمن هناك. وقال قالين إن “الهدف من تواجدنا العسكري هناك يكمن في تدريب الجيش الليبي، ونتواجد هناك كقوَّة استقرار تساعد الشعب الليبي، وأولويتنا فيما يَخصُّ الأمن تعود إلى مساعدة الليبيّين في إنشاء جيش وطني ليبي موحد”[16].
على عكس المسار التقاربي الذي سارت فيه العلاقات التركيَّة المصريَّة في الشهور الماضية، جاءت القمة الثلاثيَّة لمصر واليونان وقبرص اليونانيَّة لتثير غضب تركيا بسبب البيان الصادر عنها، والذي اعتبرته أنقرة مظهرًا من مظاهر العداوة ضدها، بسبب ما اعتبرته انتهاكًا لحقوقها وحقوق قبرص التركيَّة في شرق المتوسط. وجاءت تصريحات السيسي في ختام القمة لتؤكِّد أن القاهرة ماضية في سياستها المناوئة لتركيا، وهو ما يؤكِّده موقفها من القضيَّة القبرصيَّة وتعاونها المتنامي مع اليونان، خاصَّة في المجال العسكري، وهو ما تعتبره تركيا استفزازًا موجهُا لها.
- قمَّة آليَّة التعاون الثلاثي والهجوم على تركيا
شهدت العاصمة اليونانيَّة أثينا، في 19 أكتوبر/تشرين الأوَّل، قمَّة آليَّة التعاون الثلاثي، بين رئيس النظام الانقلابي المصري، “عبدالفتاح السيسي”، ورئيس الوزراء اليوناني “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، ورئيس جمهوريَّة قبرص “نيكوس أناستاسياديس”.
ووفقًا لما ذكره المتحدث باسم رئاسة الجمهوريَّة، “بسام راضي”، فإن القمَّة تناولت أوجه التعاون بين الدول الثلاث في إطار آليَّة التعاون الثلاثي. وتمَّ التباحث حول عددٍ من القضايا الإقليميَّة والدوليَّة ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلب تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة دول المنطقة وعدم التدخل في شؤونها الداخليَّة، فضلًا عن مراعاة مقتضيات الأمن البحري لكلِّ دولةٍ كونه جزءًا من الأمن الإقليمي[17].
هاجمت القمَّة مواقف تركيا وسياساتها في المنطقة، ووَجَّهت إليها رسائل مباشرة من خلال البيانات الرسميَّة وتصريحات المشاركين فيها.
وفي كلمته خلال المؤتمر الصحفي للقمة، اتخذ السيسي موقفًا معارضًا لمجمل السياسات التركيَّة، حيث جَدَّد دعمه لمساعي جمهوريَّة قبرص اليونانيَّة، وكافة الأطراف الدوليَّة المعنيَّة من أجل إيجاد حَلّ شامل وعادل للقضيَّة القبرصيَّة استنادًا لقرارات الشرعيَّة الدوليَّة ومجلس الأمن ذات الصلة. كما تطرق أيضًا إلى الوضع في ليبيا، مؤكّدًا على توافق الدول الثلاث على ضرورة عقد الانتخابات، وكذا على حتميَّة خروج كافة القوَّات الأجنبيَّة والمرتزقة من ليبيا. كما ناقش السيسي مع القيادتيْن القبرصيَّة واليونانيَّة ملف الأزمة السوريَّة، وأشار إلى اتساق مواقف الدول الثلاث، من حيث التمسُّك بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السوريَّة وسلامتها الإقليميَّة، ورفض محاولات بعض الأطراف الإقليميَّة لفرض الأمر الواقع عبر انتهاك السيادة السوريَّة، ومحاولة إجراء تغييرات ديموغرافيَّة قسريَّة في بعض مناطق البلاد[18].
جاء الرَّد الرسمي التركي على البيان الصادر عن القمَّة عبر بيان لوزارة الخارجيَّة التركيَّة التي اعتبرت البيان الصادر عن القمة الثلاثيَّة، حول عدم انتهاك المياه الدوليَّة لقبرص واليونان في شرق المتوسط، أحد “مظاهر العداوة” ضد أنقرة. وقالت الخارجيَّة التركيَّة إن “البيان الصادر عن القمة الثلاثيَّة بين مصر واليونان وقبرص هو مظهر جديد من مظاهر العداوة لليونان وقبرص ضد تركيا”.
وانتقادًا لتحالف مصر مع اليونان وقبرص، أضافت الخارجيَّة أن “توقيع مصر على البيان يُظهِر عدم إدراك الإدارة المصريَّة للجهة الحقيقيَّة التي يجب أن تتعاون معها شرقي المتوسط”. وتابعت أن “تركيا تدعم مشاريع الطاقة التي تزيد التعاون بين دول المنطقة، ويجب أن تراعي مشاريع الطاقة شرقي المتوسط حقوق ومصالح تركيا وقبرص الشماليَّة”[19].
ومن جانبها، وَصَفت زارة الخارجيَّة في جمهوريَّة شمال قبرص التركيَّة، البيان الصادر عن القمة الثلاثيَّة، بأنه “في حكم العدم” بالنسبة لقبرص التركيَّة، وأفادت الوزارة أن البيان لا يعكس الواقع السياسي والقانوني لجزيرة قبرص. وأضافت “هناك دولتان منفصلتان في جزيرة قبرص، والتصريحات والقرارات الصادرة عن هاتيْن الدولتيْن ملزمة لهما فقط”. وتابعت: “البيان المشترك يهدف إلى تشويه الحقائق، وأن التوتر في شرق المتوسط هو نتيجة للأنشطة الأحاديَّة الجانب من الجانب الرومي”. وأدانت قبرص التركيَّة دعم مصر لسياسة الجانب القبرصي الرومي التي تنتهك حقوق الشعب القبرصي التركي، مؤكدة عدم التزامها الصمت حيال محاولات اليونان والإدارة الروميَّة وأطراف أخرى انتهاك حقوق قبرص التركيَّة[20].
- التعاون العسكري المصري اليوناني
بعد نحو أسبوع من القمة الثلاثيَّة التي جمعت السيسي بالرئيس القبرصي “نيكوس أناستاسيادس”، ورئيس وزراء اليونان “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، والتي وَصَفت تركيا البيان الصادر عنها بأنه مظهر من مظاهر العداوة تجاهها، نفذت القوَّات الجويَّة المصريَّة واليونانيَّة في 24 أكتوبر/تشرين الأول، تدريبًا جويًّا بمشاركة تشكيلات من الطائرات المقاتلة متعددة المهام لكلا الجانبيْن بإحدى القواعد الجويَّة اليونانيَّة.
وذكر بيان صادر عن وزارة الدفاع المصريَّة أن التدريب يأتي في إطار دعم وتعزيز علاقات التعاون العسكري مع الدول الصديقة والشقيقة، واشتمل التدريب على تنفيذ عدد من الطلعات الجويَّة المشتركة، والتدريب على مهام العمليَّات الجويَّة بعيدة المدى، وذلك لصقل المهارات وتوحيد المفاهيم العملياتيَّة وتبادل الخبرات بين العناصر المشاركة، والتدريب على إدارة العمليَّات الجويَّة تحت مختلف الظروف بكفاءة عالية[21].
وكان المتحدث باسم القوَّات المسلحة قد أعلن في 19 أكتوبر/تشرين الأوَّل، أن القوَّات البحريَّة المصريَّة نفذت تدريبًا بحريًّا عابرًا مع القوَّات البحريَّة اليونانيَّة، وذلك في نطاق الأسطول الشمالى بالبحر المتوسط[22].
تزامن هذان التدريبان العسكريَّان مع حالةٍ من التوتر تشهدها العلاقات بين مصر واليونان وقبرص من ناحيةٍ وتركيا من ناحيةٍ أخرى، بسبب أنشطة التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها في شرق المتوسط، والتي تعتبرها اليونان وقبرص جزءًا من المنطقة الخالصة لجمهوريَّة قبرص اليونانيَّة، فيما تعتبرها تركيا حَقَّا من حقوقها المائيَّة وامتدادًا لحدود جمهوريَّة قبرص التركيَّة التي تعترف بها أنقرة.
وتنظر أنقرة إلى مثل هذه المناورات التي تجريها اليونان مع مصر، ومع الإمارات والسعوديَّة أيضًا، في البحر المتوسط، على أنها أعمال استفزازيَّة تزيد من حالة التوتر، وأنها تستهدف تركيا بشكل أساسي.
تسير العلاقات التركيَّة العراقيَّة في مساريْن: الأوَّل عسكري، حيث استمرت العمليَّات العسكريَّة التي ينفذها الجيش التركي في شمال العراق للقضاء على التنظيمات الإرهابيَّة، وأسفرت عن تحييد عدد كبير مِمَّن تصفهم أنقرة بالإرهابيّين، والثاني تعاوني، وقد تمثل في المساندة السياسيَّة للاستقرار في العراق، عبر إدانة العمليَّات الإرهابيَّة ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، والسعي للتوسع في المجالات الاقتصاديَّة والتعاون الثنائي مع العراق بمختلف أقاليمه.
- استمرار العمليَّات العسكريَّة في شمال العراق
استمرت العمليَّات العسكريَّة التركيَّة التي يقوم بها الجيش التركي في شمال العراق في إطار ما يُعلِنه من مواصلة الكفاح ضد الإرهاب، والتي أسفرت في الفترة الماضية عن تحييد عددٍ كبير من العناصر “الإرهابيَّة”.
ففي 19 أكتوبر/تشرين الأوَّل، أعلنت وزارة الدفاع التركيَّة أنه “تمَّ تحييد 2 من عناصر تنظيم (PKK) الإرهابي شمالي العراق بمنطقة عمليَّة “مخلب النمر”. وبعدها بيوميْن، أعلنت الوزارة عن تحييد 2 من عناصر التنظيم، وذلك بغارات جويَّة على مواقعه في منطقة “زاب” شمالي العراق.
وبنهاية أكتوبر/تشرين الأوَّل، نفذت القوَّات التركيَّة إنزالًا جويًّا على قمة جبل من “جبال قنديل” بشمال العراق، والتي يتخذها تنظيم (PKK) معقلًا له، وسيطرت على كهفٍ يقع على قمة الجبل، يستخدمه الإرهابيُّون كمستودع أسلحة، وضبطت 4 منهم بداخله. وأكَّدت مصادر أن القوَّات الخاصَّة ضبطت كميَّات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والمستلزمات الأخرى في الكهف[23].
وأسفرت العمليَّات العسكريَّة في شمال العراق عن مقتل جندي تركي لقي مصرعه إثر انفجار عبوة ناسفه زرعها إرهابيَّون[24].
وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني، ذكر مصدر أمني أن الاستخبارات التركيَّة نفذت عملية نوعيَّة جديدة ضد تنظيم (PKK) الإرهابي شمالي العراق، وذلك بالتعاون مع الجيش التركي، وأسفرت عن تحييد قياديَّة كبيرة في التنظيم، وذلك بضربة جويَّة في منطقة “غارا” شمالي العراق. ولفت المصدر إلى أن “القياديَّة الإرهابيَّة المُحيَّدة مطلوبة بالنشرة الحمراء، وهي المدعوة نازلي طاش بينار، عضو ما يُسمَّى اللجنة المركزيَّة في التنظيم الإرهابي”[25].
وكان البرلمان التركي قد صادق في 26 أكتوبر/تشرين الأول، على مذكرة رئاسيَّة تقضي بتمديد مدة مهام القوَّات التركيَّة العاملة في العراق لعاميْن إضافيّيْن، اعتبارا من 30 أكتوبر/تشرين الأوَّل 2021، وذلك من أجل القضاء على الهجمات الإرهابيَّة المحتملة ضد تركيا، التي تقوم بها التنظيمات الإرهابيَّة المتواجدة في شمال العراق[26].
- التعاون الثنائي بين تركيا والعراق
واصلت تركيا تعاطيها مع الشأن الداخلي العراق، وتعاونها الثنائي مع مختلف مكونات المشهد العراقي، على المستوييْن السياسي والاقتصادي.
فعلى المستوى السياسي، أدانت تركيا الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم “داعش” الإرهابي على قرية “الرشاد” التابعة لقضاء “المقداديَّة” في محافظة ديالى، في 26 أكتوبر/تشرين الأوَّل. وأدانت كذلك محاولة الاغتيال التي تعرَّض لها رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي”، في 7 نوفمبر/تشرين الثاني. وأكَّد وزير الخارجيَّة التركي، “مولود تشاووش أوغلو”، في اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الوزراء العراقي إدانة تركيا الشديدة لمحاولة الاغتيال.
وفيما يَخصُّ العلاقة مع محافظات العراق وأقاليمه، أكَّد السفير التركي لدى بغداد، “علي رضا غوناي”، في 24 أكتوبر/تشرين الأوَّل، أن بلاده تهدف لاستعادة الموصل استقرارها وازدهارها ورخاءها بشكل كلي، وقال بعد زيارته لمدينة الموصل العراقيَّة، إن تركيا تتمتع بعلاقات إنسانية وتاريخية واقتصادية عميقة الجذور مع الموصل (مركز محافظة نينوى)، كما هو الحال مع العراق بأسره، وأشار إلى أن تنظيم (PKK) الإرهابي يسعى لإيذاء الناس في الموصل كما ظلم “داعش” كافة أهالي المدينة في الماضي. وأوضح غوناي أن الموصل بحاجة للمستثمرين، وتركيا تمتلك المستثمرين. بدوره، أعرب محافظ نينوي، “نجم الجبوري” عن سعادته بزيارة غوناي للموصل، وذكر أن الشركات التركيَّة ساعدت كثيرًا في إعادة إعمار الموصل، وما تزال هذه الشركات تواصل عملها في بناء المستشفيات وقنوات الصرف الصحي والطرق والجسور في جميع أنحاء الموصل[27].
وفي 27 أكتوبر/تشرين الأوَّل، بحث السفير التركي مع رئيس حكومة إقليم كردستان، “مسرور بارزاني”، تعزيز العلاقات بين العراق والإقليم مع تركيا. وقالت حكومة الإقليم في بيان لها إنه “جَرَى التباحث حول سبل تعزيز علاقات العراق وإقليم كردستان مع تركيا”. وأكَّد الجانبان، وفق البيان، على “أهميَّة توطيد التعاون الشامل، ولا سيما في المجاليْن الاقتصادي والتجاري”[28].
واقتصاديًّا، بحث العراق وتركيا، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، إمكانيَّة تعزيز فرص التعاون في القطاع المصرفي، بما في ذلك افتتاح مصارف عراقيَّة في تركيا. ووفقًا لبيان صادر عن البنك المركزي العراقي، جاء ذلك خلال اجتماع في العاصمة العراقيَّة بغداد بين محافظ البنك المركزي، “مصطفى مخيف”، ووفدٍ من المصارف التركيَّة، بحضور السفير التركي في العراق. وقال مخيف إن “البنك المركزي العراقي حريص على تقديم أفضل التسهيلات للمصارف التركيَّة العاملة في العراق”، وأكَّد على الرغبة في فتح فروع للمصارف العراقيَّة في تركيا، وأهمية المعاملة بالمثل في تقديم تلك الخدمات والتسهيلات. وأوضح أن “التعاون المثمر بين البلديْن له انعكاسات اقتصاديَّة إيجابيَّة؛ بسبب حجم التبادل التجاري الكبير بينهما، مع ضرورة الالتزام بقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”[29].
خطت العلاقات التركيَّة الإمارتيَّة خطوة جديدة على طريق التقارب، ولكنها من باب التضامن ومد يد العون في الكوارث، وذلك بعد أن أسهمت أبوظبي في تأهيل مناطق الحرائق بتركيا. وفيما يَخصُّ البحرين، يسعى رجال الأعمال البحرينيّين لزيادة حجم التبادل التجاري مع تركيا، في ظِل أنباء عن انتهاء أزمة التأشيرات التي كانت تواجه رجال الأعمال الأتراك، وهو ما يشير إلى تحسن العلاقات بين أنقرة والمنامة. هذا في الوقت الذي واصلت فيه الدوحة تمتين علاقاتها مع أنقرة، على جميع المستويات.
- إسهام إماراتي في تأهيل مناطق الكوارث بتركيا
في إطار التقارب التركي الإماراتي، أعلنت الإمارات عن مساهمتها في تأهيل المناطق التي التهمتها نيران الحرائق في تركيا، الصيف الماضي، وذلك عبر تقديم دعم بقيمة 10 ملايين دولار. جاء الإعلان عن هذه المساهمة من خلال تغريدة نشرتها وكالة الأنباء الإماراتيَّة الرسميَّة على حسابها على تويتر، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، قالت فيها إن الإمارات تقدم 36.7 مليون درهم (نحو 10 ملايين دولار) إلى تركيا، بتوجيهاتٍ من ولي عهد أبو ظبي، “محمد بن زايد”.
وأكَّدت الوكالة في خبرها عن تضامن الإمارات مع الشعب التركي في “هذه الظروف الاستثنائيَّة. وأشارت إلى أن “الإمارات تسعى دائمًا إلى مد يد العون للدول الشقيقة والصديقة في مثل هذه الظروف التي تتطلب التضامن والتعاون على كافة المستويات”[30].
وتعد هذه الخطوة مؤشرًا على تحسُّن العلاقات بين أبو ظبي وأنقرة، حيث شهدت الشهور الأخيرة لقاءات واتصالات هاتفيَّة بين المسؤولين من الجانبيْن، كان أبرزها لقاء الرئيس التركي “رجب طيّب أردوغان” مع مستشار الأمن القومي الإماراتي، “طحنون بن زايد آل نهيان”.
وفي سياق المؤشرات التي تدل على التقارب بين الإمارات وتركيا، قام حاكم إمارة دبي، “محمد بن راشد آل مكتوم”، بزيارة جناح تركيا في معرض “إكسبو دبي 2020”. وأعلن بن راشد عن الزيارة من خلال صور نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، علق عليها بقوله: “أثناء جولتي اليوم في إكسبو دبي 2020، وزيارة لجناح تركيا بتاريخها ومنتجاتها وعراقتها الحاضرة معنا في أكبر حدث ثقافي عالمي”[31].
وكان وزير الخارجيَّة التركي، “مولود تشاووش أوغلو”، قد أجرى اتصالًا هاتفيًّا مع نظيره الإماراتي، “عبدالله بن زايد آل نهيان”، وتناول الوزيران العلاقات الثنائيَّة بين البلديْن.
- التعاون الإستراتيجي بين تركيا وقطر
تشهد العلاقات التركيَّة القطريَّة تعاونًا إستراتيجيًّا شاملًا في مختلف المجالات السياسيَّة والأمنيَّة والاقتصاديَّة والتجاريَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة. وفي هذا السياق، زار وزير السياحة والثقافة التركي، “محمد نوري أرصوي”، الدوحة، في 23 أكتوبر/تشرين الأوَّل. وخلال لقائه مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ “خالد بن خليفة آل ثاني”، بحث الوزير التركي العلاقات التركيَّة القطريَّة في المجاليْن الثقافي والسياحي. كما جرى استعراض علاقات التعاون بين البلديْن والسبل الكفيلة بدعمها[32].
كما نظمت السفارة التركيَّة بالدوحة ملتقى لرجال المال والأعمال من كلا البلديْن في 26 أكتوبر/تشرين الأوَّل. وحضر الملتقى مسؤولون من المؤسسات الاقتصاديَّة والماليَّة في قطر، إضافة إلى رجال أعمال من كلا البلديْن. وشارك في الحفل نائب مدير البنك المركزي التركي، “مصطفى دومان”، ورئيس صندوق الثروة السيادي التركي، “أردا أرموت”، ورئيس مكتب الاستثمار التركي، “أحمد براق دالي أوغلو”، ورئيس مكتب التمويل التركي، “كوكصال آشان”.
وذكر السفير التركي بالدوحة، “مصطفى كوكصو”، أن علاقات بلاده وقطر شهدت تقدمًا في السنوات الأخيرة بكافة المجالات، “وهو ما انعكس في اجتماعات اللجنة الإستراتيجيَّة العليا”، والتي عقدت دورتها السادسة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020”[33]. وأثمرت الاجتماعات الستة، عن توقيع 68 اتفاقيَّة في كافة المجالات.
وصرح كوكصو، في مؤتمر صحفي، أن أنقرة والدوحة سيوقعان اتفاقيَّات جديدة خلال الاجتماع المقبل لـ”اللجنة الإستراتيجيَّة العليا المشتركة” بالعاصمة القطريَّة قبل نهاية 2021. وأشار إلى أن السياسات الخارجيَّة لتركيا وقطر تتشارك المبادئ نفسها من حيث تفعيل جهود الوساطة والدبلوماسيَّة والحوار أساسًا لحَلّ النزاعات الدوليَّة، وأن البلديْن يصطفان مع الحق والعدل الذي يحقق مصالح الشعوب.
وفيما يَخصُّ العلاقات الاقتصاديَّة، ذكر السفير أن العلاقات الاستثنائيَّة قد انعكست في المجالات الاقتصاديَّة والتجاريَّة، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري الثنائي في السنوات العشر الأخيرة من 340 مليون دولار إلى 2.24 مليار دولار، وأن هناك 619 شركة تركيَّة تعمل في قطر بمختلف القطاعات، خاصَّة البناء، فيما تعمل 182 شركة قطريَّة في مجموعة واسعة من القطاعات بتركيا. وسَجَّلت استثمارات قطر المباشرة ارتفاعًا في تركيا، وبلغ إجمالي رصيد الاستثمار القطري في تركيا 33.2 مليار دولار حتى نهاية 2020، بينما بلغت مستويات استثمارات تركيا المباشرة في قطر 118 مليون دولار. وأوضح السفير أن هذه الاستثمارات تنتشر في قطاعات عديدة، بينها الأنشطة التجاريَّة والسياحيَّة والزراعيَّة والعقار والصناعات الغذائيَّة[34].
- البحرين والارتقاء بالتعاون التجاري مع تركيا
بحثًا عن الفرص المتاحة للارتقاء بالعلاقات التجاريَّة بين البحرين وتركيا، التقى رجال أعمال بحرينيُّون مع نظرائهم الأتراك في 15 أكتوبر/تشرين الأوَّل، في اللقاء الذي نظمه مجلس الأعمال التركي- البحريني في إسطنبول، وحضره رئيس جمعيَّة رجال الأعمال البحرينيَّة “أحمد بن هندي” والوفد المرافق.
وقد ذكرت رئيسة مجلس الأعمال التركي البحريني، التابع لمجلس العلاقات الاقتصاديَّة الخارجيَّة في تركيا، “بيلغون غوركان”، أن رجال الأعمال البحرينيّين يرغبون في القيام بأعمال في قطاعات مختلفة، وأبدوا اهتمامًا بلقاء ممثلي الشركات العاملة في قطاعات البرمجة، والسيارات، والأغذية والتكنولوجيا وغيرها. كما أشارت إلى أن رجال الأعمال البحرينيّين وَاصَلوا محادثاتهم مع الشركات التركيَّة في قطاعات الأثاث والمنسوجات.
وكخطوةٍ تدل على تحسُّن في العلاقات التركيَّة البحرينيَّة، ويمكن أن تسهل من عمل رجال الأعمال الأتراك في البحرين، أخبر رجال الأعمال البحرينيُّون نظراءهم بحَلّ مشكلة التأشيرات المتواصلة منذ عاميْن، والتي تعهد ملك البحرين بحلها خلال لقائه بالسفيرة التركيَّة لدى المنامة، “أسين تشاقل”.
وبدوره، ذكر بن هندي أن الهدف الرئيس من الفعاليَّة هو التواصل مع الشركات التركيَّة لمناقشة فرص التعاون المتاحة. وأوضح أن بلاده تستورد الكثير من الأغذية، وأن تركيا تُعَد من البلدان المهمة للغاية في هذا القطاع.
وأعرب بن هندي عن رغبة رجال الأعمال البحرينيّين في توسيع دائرة السلع المستوردة من تركيا، والتي لا تتعدى الـ 4-5 مجالات. وأوضح أن البحرين أيضًا تصدر إلى تركيا سلعًا محدودة كالنفط والألمنيوم، وأنهم يرغبون في توسيع مجالات الصادرات أيضًا[35].
جدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلديْن بلغ 379 مليون دولار عام 2020، وهو الرقم الذي يسعى الجانبان لزيادته.
شهدت العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني – التي تتسم بالتوتر في ظِل حكم الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم – حدثًا جديدًا في سلسلة المواجهات بين الجانبيْن، حيث لجأ محامون أتراك إلى القضاء التركي لمحاسبة مسؤولين إسرائليّين متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانيَّة. وتأتي هذه الخطوة بعد ضبط المخابرات التركيَّة لشبكة إسرائيليَّة للتجسُّس على الأراضي التركيَّة، وإدانة تركيَّة واسعة لعمليَّات الاستيطان في الضفة الغربيَّة.
- ضبط شبكة تجسُّس تابعة للموساد في تركيا
أعلنت وسائل الإعلام التركيَّة، في 21 أكتوبر/تشرين الأوَّل، عن نجاح جهاز الاستخبارات الوطني التركي في إسقاط شبكة للتجسُّس تعمل لصالح إسرائيل، واعتقال 15 شخصًا من أفرادها في 4 ولايات مختلفة، بعد عام كامل من المراقبة والتعقب. وتتكون الشبكة من 5 خلايا، تضمُّ كل منها 3 أفراد من أصول عربيَّة.
ووفقًا للمعلومات التي نشرها الإعلام التركي، فإن أفراد الشبكة كانوا يعملون على نقل معلومات للموساد مقابل المال حول الدعم الذي تقدمه تركيا للفلسطينيّين على أراضيها ومعلومات عن الطلاب الواعدين من الأتراك والأجانب الذين يمكن أن يعملوا في المستقبل في قطاع الصناعات الدفاعيَّة. واعترف أحد المعتقلين بتلقي مبالغ مالية كبيرة في مقابل تقديم معلومات حول كيفيَّة دخول الطلاب الفلسطينيّين إلى الجامعات التركيَّة ونوع الدعم الذي يتلقونه من السلطات التركيَّة، ومعلومات عن منظمة فلسطينيَّة غير حكوميَّة تعمل في تركيا[36].
تمَّ استجواب الموقوفين في 19 أكتوبر/تشرين الأوَّل، ووُجّهت لهم تهم بـ”التجسُّس الدولي”، وأحيلوا إلى محكمة الصلح والجزاء في إسطنبول، التي أمرت بحبسهم على ذمَّة التحقيق.
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانيَّة ذكرت أن المقاومة الفلسطينيَّة قد تعاونت مع الاستخبارات التركيَّة في اكتشاف شبكة التجسُّس التابعة للموساد واعتقال عدد من أعضائها، وأن أجهزة أمن المقاومة تتعاون مع أنقرة منذ سنوات لإحباط محاولات قادها كيان الاحتلال ومعه استخبارات السلطة الفلسطينيَّة والإمارات و«تيَّار دحلان» في حركة «فتح»، لجمع معلومات حول نشاط الفلسطينيّين المتواجدين على الأراضي التركية، وخصوصًا المقرّبين من المقاومة. وبحسب الصحيفة، فإن مصادر أمنيَّة فلسطينيَّة كشفت عن أن فصائل المقاومة الفلسطينيَّة كانت قد قدمت معلومات أمنيَّة للسلطات التركيَّة حول أنشطة استخباريَّة تقوم بها جهات معادية للجانبيْن، وهو ما أدَّى إلى إحباط المُخطَّط واعتقال عدد من المتهمين بالتجسُّس[37].
من جانبه، نفى رئيس الشؤون الخارجيَّة والدفاع في الكنيست، “رام بني باراك”، التقارير الواردة في وسائل الإعلام التركيَّة، واتهم الحكومة التركيَّة بأنها حريصة على إظهار “إنجازاتها” الاستخباريَّة، مما يؤدِّى إلى نشر معلومات كاذبة بين الحين والآخر[38].
- إدانة تركيَّة للاستيطان الإسرائيلي بالضفة
أدانت وزارة الخارجيَّة التركيَّة، في بيان لها بتاريخ 23 أكتوبر/تشرين الأوَّل، خطة المجلس الأعلى للتخطيط الإسرائيلي بشأن الموافقة على بناء 3100 وحدة سكنية جديدة في مختلف المستوطنات الإسرائيليَّة في الضفة الغربيَّة. وشددت الخارجيَّة على وجوب إنهاء السياسات الأحاديَّة الجانب وغير القانونيَّة، بما في ذلك توسيع المستوطنات غير الشرعيَّة، والتي من شأنها القضاء على رؤية حل الدولتيْن التي تُعَد الخيار الوحيد لتسوية عادلة ودائمة وشاملة للصراع الفلسطيني. ودعت المجتمع الدولي إلى التحرُّك لضمان حماية الأراضي الفلسطينيَّة وحقوق الشعب الفلسطيني من أجل إرساء السلام والاستقرار على المدى الطويل في المنطقة.
وفي سياق متصل، أشار البيان إلى أن المحاولة الإسرائيليَّة لمنع أنشطة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من خلال إدراج 6 منظمات فلسطينيَّة لحقوق الإنسان على لائحة “المنظمات الإرهابيَّة” تتعارض أيضًا مع حقوق الإنسان والقانون الدولي[39].
وكانت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيليَّة قد ذكرت أن المجلس الأعلى للتخطيط التابع للإدارة المدنيَّة الإسرائيليَّة سيجتمع للتصديق على بناء هذه الوحدات الاستيطانيَّة[40]. والإدارة المدنيَّة هي الذراع التنفيذي لوزارة الدفاع الإسرائيليَّة في الأراضي الفلسطينيَّة.
وفي حال التصديق فستكون هذه هي المرة الأولى التي توافق فيها إسرائيل على توسيع المستوطنات بالضفة منذ وصول الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للحكم.
وذكرت منظمة “السلام الآن” الإسرائيليَّة المناهضة للاستيطان أن الغالبيَّة العظمى من المنازل الجديدة التي صودق عليها ستُبنى في مستوطنات في عمق الضفة الغربيَّة، وأن عدة مستوطنات معزولة ستخضع لـ “توسع هائل”، وقالت الحركة إن “إسرائيل لا تحتاج إلى بناء ولو وحدة سكنيَّة واحدة خارج الخط الأخضر”[41]، أي بالضفة الغربيَّة.
- ملاحقة قضائيَّة تركيَّة لمجرمي حرب إسرائيليّين
قام فريق من المحامين الأتراك في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، برفع دعوى قضائيَّة أمام المحاكم التركيَّة ضد بعض المسؤولين الإسرائيليّين على خلفيَّة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيّين في القدس والضفة الغربيَّة وقطاع غزة في مايو/أيار، والذي أسفر عن استشهاد مئات الفلسطينيّين وجرح الآلاف، من بينهم أطفال ونساء[42].
ويُعَد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، “بنيامين نتنياهو”، ووزير الدفاع “بيني غانتس”، ورئيس الأركان “أفيف كوخافي”، من أبرز الشخصيَّات التي تضمنتهم دعوى المحاكمة التي رُفِعت بأسماء 7 من الضحايا المدنيّين، وسُجّلت بشكل رسمي في المحكمة الجنائيَّة بمكتب المدعي العام في إسطنبول.
طالب المشتكون “بإصدار مذكرة توقيف بحق المشتبه بهم في حال دخولهم حدود الجمهوريَّة التركيَّة، إلى حين الانتهاء من التحقيق مع المشتبه بهم، ووجوب القبض على المشتبه بهم واعتقالهم من خلال الاستفادة من القواعد القانونيَّة المتعلقة بالقبض على المجرمين خارج حدود تركيا وتسليمهم”.
وحَسَب البيان الصادر عن فريق المحاماة، فإن “الدعوى تطالب بإجراء محاكمة للتحقيق في مقتل 253 ضحيَّة وآلاف الجرحى، إضافة إلى ضحايا في عِدَّة جرائم أخرى”.
وقانونيًّا، تعتمد الدعوى على أنه “خلال الهجمات المذكورة، ارتكبت الجرائم ضد الإنسانيَّة والمحددة في القانون الدولي، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيَّة الدوليَّة، لا سيما الجرائم المذكورة في المادة الخامسة، واتفاقيَّات القانون الإنساني، لا سيما المواد 50، 52، 53، 55، 56، 147 من اتفاقيَّة جنيف الرابعة للعام 1949، واتفاقيَّات الأمم المتحدة”. هذا بالإضافة إلى “قانون العقوبات التركي رقم 5237، وفي الشكوى الجنائيَّة المرفوعة في إطار الولاية القضائيَّة العالميَّة في التشريع التركي (المادة 13 من قانون مكافحة الإرهاب)، والجرائم ضد الإنسانيَّة (المادة 77 من قانون مكافحة الإرهاب)، جرائم القتل العمد، والإيذاء المتعمد، والاحتجاز التعسفي والتعذيب، وتدمير الممتلكات والأعيان المدنيَّة، والحرمان من الحريَّة الشخصيَّة والجرائم الأخرى التي يمكن الكشف عنها أثناء مرحلة التحقيق”[43].
من جانبها قالت المحاميَّة التركيَّة “غولدن سونماز”، إن مكتب المدعي العام سيطلب من وزارة العدل الموافقة على التحقيقات ضمن مادة عنوانها “الجرائم ضد الإنسانيَّة”، لأن الضحايا مدنيُّون أجانب ووقعت الجرائم في دولة أجنبيَّة. وأضافت سونماز: “بناء على جواب وزارة العدل ستستكمل التحقيقات، وإعداد مذكرة ترسل إلى المحكمة للبدء بمحاكمة المتهمين”[44].
وفي كلمةٍ لأهالي الضخايا، أعربوا عن أملهم في رؤية قادة الاحتلال وقد نالوا جزاءهم العادل، ودعوا منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والمنظمات الدوليَّة لدعم هذا التوجُّه وتزويد المدعي العام التركي بكلِّ ما يلزم من وثائق وتقارير عن الجرائم المرتكبة في فلسطين.
استمرت مظاهر التوتر بين تركيا والدول الأوروبيَّة، حيث شهدت الفترة الماضية أزمة كادت أن تعصف بعلاقات أنقرة مع عواصم 7 دول أوروبيَّة، بالإضافة إلى أمريكا وكندا ونيوزيلندا، على إثر تدخل سفراء هذه الدول في شؤون تركيا الداخليَّة، وهو ما واجهته أنقرة بحزم أدَّى إلى تراجع الدول المذكورة. وفي إطار التوترات، أعربت روسيا عن مخاوفها من استخدام أوكرانيا للمُسيَّرات التركيَّة الصنع في تغيير الوضع في شرق أوكرانيا، ما دفع تركيا إلى نفي مسؤوليتها عن السلاح بعد بيعه. وفي ظِل هذا التوترات أيضًا، مازالت المفوضيَّة الأوروبيَّة تضع العراقيل أمام انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بتقاريرها السلبيَّة التي كان آخرها في أكتوبر/تشرين الأوَّل.
- أزمة “كافالا” والتهديد بطرد سفراء 10 دول
قام سفراء 10 دول، هي الولايات المتحدة وألمانيا والدانمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنرويج ونيوزيلندا، بنشر بيان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أكتوبر/تشرين الأول، قالوا فيه إن قضيَّة رجل الأعمال التركي، “عثمان كافالا”، تلقي بظلالها على الديمقراطيَّة وسيادة القانون في تركيا، ودعوا من خلاله من خلاله إلى الإفراج عنه[45].
ويَمثل رجل الأعمال التركي، كافالا، أمام القضاء التركي بتهمة التورط في محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
جاء رد الفعل التركي على البيان قويًّا وحازمًا، وربما كان غير متوقع بالنسبة للسفراء الذين أصدروه، فقد أصدر الرئيس التركي “رجب طيّب أردوغان” تعليمات إلى وزير الخارجيَّة التركي، “تشاووش أوغلو”، بإعلان سفراء الدول العشر في أنقرة “أشخاصًا غير مرغوب بهم بأسرع وقت”، وقال: “يجب على هؤلاء السفراء معرفة تركيا وفهمها وإلَّا فعليهم مغادرة بلادنا”[46].
ومن جانبها، رفضت وزارة الخارجيَّة التركيَّة “أيَّ محاولة هدفها الضغط على القضاء التركي وتسييس الدعاوى القضائيَّة”، وأكَّدت أن “البيان منافٍ لما يدعيه السفراء والقائمين بأعمال هذه الدول، من الدفاع عن سيادة القانون والديمقراطيَّة واستقلال القضاء”، وذكّرت أن “الدستور التركي يَنصُّ على أن تركيا دولة قانون وحقوق وديمقراطيَّة تحترم حقوق الإنسان”، وأن “القضاء التركي لن يتأثر بتصريحات من هنا أو هناك”[47].
تراجعت الدول العشر عن بيانها بشأن كافالا بعد الموقف الحازم من جانب تركيا، وقاموا بحذفه من حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت البداية مع سفارة الولايات المتحدة بأنقرة، والتي أعلنت التزامها بالمادة 41 من اتفاقيَّة فيينا، والتي تنصُّ على عدم التدخل في الشؤون الداخليَّة للدول. ثم قامت سفارات الدول الأخرى بإعادة نشر البيان الأمريكي، في إشارة واضخة إلى قبولها بما ورد فيه وتراجعها عن البيان المذكور.
وقد رأى بعض المراقبون أن تحرُّك السفراء من أجل الإفراج عن كافالا قد جاء في إطار دعم المعارضة التركيَّة وتقويتها في مواجهة الرئيس أردوغان، وأن هذه الخطوة قد تمَّت وفق رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن لدعم المعارضة التي أعلن عنها في حملته الانتخابيَّة.
- تقرير المفوضيَّة الأوروبيَّة حول انضمام تركيا للاتحاد
أصدرت المفوضيَّة الأوروبيَّة، في 19 أكتوبر/تشرين الأوَّل، تقريرها السنوي حول الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتضمَّن التقرير انتقادات مُكرَّرة لتركيا في مواضيع مثل الديمقراطيَّة، والحقوق الأساسيَّة، والقضاء، وهي الانتقادات التي سبق وأن احتوت عليها تقارير الأعوام السابقة، غير أن التقرير احتوى على عبارات إيجابيَّة بشأن مواضيع مثل سياسات الهجرة والاقتصاد والمناخ[48].
انتقدت تركيا تقرير المفوضيَّة من خلال بيان صادر عن الخارجيَّة التركيَّة، وقالت إن التقرير ينطوي على ازدواجيَّة في المعايير، ويتجاهل مسؤوليَّات الاتحاد، في وقتٍ تحرص فيه تركيا على تشكيل أجندة سياسيَّة إيجابيَّة مع الجانب الأوروبي وإحياء الحوار رفيع المستوى بين الطرفيْن.
وأعربت الوزارة عن رفضها لما تضمنه التقرير من آراء مجحفة بشأن مكافحة تركيا للإرهاب، ولفتت إلى عدم مراعاة التقرير التحديات التي تواجهها تركيا، والتهديدات التي تشكلها التنظيمات الإرهابيَّة. وقالت إن هذه المقاربة لا تخدم سوى الجهات المتطرفة المناهضة للاتحاد الأوروبي وتركيا، في أوروبا. وأكَّدت أنه لا يمكن القبول برغبة الاتحاد في تطوير علاقات قائمة على مصالح آنيَّة مع تركيا في مجالات معينة، تخدم مصالح الجانب الأوروبي فقط. وشددت على مواصلة تركيا التمسُّك بخيارها الإستراتيجي الرامي للعضويَّة في الاتحاد الأوروبي. واستشهدت باستراتيجيَّة الإصلاح القضائي، وخطة عمل حقوق الانسان، وخطة العمل الوطنيَّة من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي، والمصادقة على اتفاق باريس للمناخ، كأمثلة ملموسة على رغبة تركيا في المضي قدمًا على طريق عضويَّة الاتحاد.
ودَعَت الوزارة الاتحاد الأوروبي إلى عدم النظر إلى تركيا من منظور المصلحة الآنية، ومراعاة المصالح المشتركة العامَّة بين الجانبيْن، باعتبارها دولة مرشحة مفاوضة للانضمام إلى الاتحاد، والإيفاء بتعهداته، مؤكدة أن ذلك سيكون لمصلحة الجميع[49].
- المخاوف الروسيَّة من المُسيَّرات التركية في أوكرانيا
نشرت وزارة الدفاع الأوكرانيَّة، في 26 أكتوبر/تشرين الأوَّل، لقطات مُصوَّرة لطائرة مُسيَّرة تابعة للجيش الأوكراني من طراز “بيرقدار تي بي 2” التركيَّة الصنع أثتاء استهدافها لمدفع تابع لقوَّات دفاع جمهوريَّة “دونيتسك” الانفصاليَّة. وكان الرئيس الأوكراني قد صرح بأن بلاده تستخدم الطائرات المُسيَّرة الهجوميَّة تركيَّة الصنع في الصراع بمنطقة “دونباس” بشرق أوكرانيا دفاعًا عن النفس وأنها لا تنتهك أيَّ اتفاقات[50].
وكانت روسيا قد اتهمت أوكرانيا بزعزعة الوضع باستخدامها للمُسيَّرات التركيَّة في ضرب موقع يسيطر عليه الانفصاليُّون الموالون لموسكو، ودعت تركيا إلى عدم تصدير هذه الطائرات إلى أوكرانيا، لأن استخدامها سوف يؤثر سلبًا على الوضع في الإقليم الخاضع لسيطرة الموالين لها، والذي يشهد نزاعًا مسلحًا منذ عام 2014.
وقد رَدَّ وزير الخارجيَّة التركي، “مولود تشاووش أوغلو”، في 30 أكتوبر/تشرين الأوَّل، على المخاوف الروسيَّة من استخدام مُسيَّراتها في أوكرانيا بقوله “إن الطائرات المُسيَّرة تركيَّة الصنع المستخدمة في منطقة دونباس عائدة لأوكرانيا”. وأشار الوزير التركي إلى أن “أيَّ سلاح تشتريه دولة ما من تركيا أو غيرها لا يمكن الحديث عنه على أنه سلاح تركي أو روسي أو أوكراني، وإنما يصبح ملكًا للبلد الذي اشتراه”، وأوضح أن تركيا صادفتها أسلحة مختلفة من دول عدة، بما في ذلك روسيا، خلال حربها ضد الإرهاب في أراضي دول أخرى، ولكنها لم تتهم روسيا على الإطلاق، وطالب أوكرانيا بالتوقف عن استخدام اسم تركيا [51].
يُذكر أن القوَّات المسلحة الأوكرانيَّة كانت قد اشترت 6 طائرات بدون طيَّار من طراز “بيرقدار تي بي 2″، و3 محطات تحكم أرضيَّة في عام 2019، ثم وقعت اتفاقيَّة مع الشركة التركيَّة المنتجة، وهي “بايكار”، لبناء مركز مشترك للصيانة والتدريب.
بعد لقاءٍ طال انتظاره بين الرئيسيْن التركي والأمريكي، خرج الجانبان بتصريحات إيجابيَّة حول المباحثات الثنائيَّة بينهما، ولكن لم يُخف أيٌّ من الطرفيْن وجود خلافات عميقة وكبيرة تحتاج إلى حوار للوصول إلى توافق بينهما. ولكن هل تصمد هذه التصريحات الإيجابيَّة وتتحقق في شكل قررات ومواقف تزيل التوتر بين البلديْن؟ هذا ما سَيظهر بعد أوَّل أزمة يمكن أن تواجه العلاقات بينهما. ولعل عمليَّة تركيَّة محتملة في الشمال السوري تكشف مدى صدق توجهات الإدراة الأمريكيَّة نحو مع تركيا.
- لقاء أردوغان و جو بايدن في روما
شهدت العاصمة الإيطاليَّة روما، في 31 أكتوبر/تشرين الأوَّل، اللقاء الثاني بين الرئيس التركي “رجب طيّب أردوغان” والرئيس الأمريكي “جو بايدن”، والذي عقد على هامش قمة مجموعة العشرين.
سبقت هذا اللقاء مؤشرات تدل على توتر العلاقات بين الجانبيْن منذ وصول بايدن إلى الرئاسة بعد حملةٍ انتخابيَّةٍ تضمَّنت تصريحات سلبيَّة تجاه تركيا وأردوغان. فقد افتتح بايدن رئاسته بتوقيع عقوبات على تركيا، وانتقاد العمليَّات العسكريَّة التركيَّة في شمال سوريا، وهو ما قوبل بتصريحات شديدة اللهجة من جانب تركيا، حتى إن أردوغان صرح بأن مسار العلاقات مع واشنطن في عهد بايدن “لا يبشر بخير”.
وبعد عقد اللقاء، وفي بيان صادر عن الرئاسة التركيَّة، أكَّد الجانب التركي على أن اللقاء جَرَى في أجواء إيجابيَّة، وتناول العلاقات الثنائيَّة وقضايا إقليميَّة. وأوضح أن الزعيميْن أعربا عن إرادتهما المشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائيَّة بين البلديْن بشكل أكبر، واتفقا على تشكيل آليَّة مشتركة بهذا الخصوص. وأضاف أن الجانبيْن بحثا الخطوات التي سَيتم اتخاذها في إطار المنظور المشترك لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلديْن. وأشار البيان إلى أن أردوغان وبايدن أكَّدا أهميَّة علاقة التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي، وأرضيَّة الشراكة الإستراتيجيَّة، كما رَحَّبا بالخطوات المتبادلة في ملف تغيُّر المناخ[52].
ومن جانبه، أشار البيت الأبيض إلى الجوانب الإيجابيَّة في اللقاء، ولكنه أكَّد في الوقت نفسه على بعض النقاط الخلافيَّة، مثل مخاوف الولايات المتحدة بشأن امتلاك تركيا لمنظومة صواريخ إس -400 الروسيَّة، وأهميَّة المؤسسات الديمقراطيَّة القويَّة، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون.
كان الدعم الأمريكي لتنظيم (PKK)، الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابيَّة، إحدى أهم النقاط الخلافيَّة التي طرحها الرئيس التركي على نظيره الأمريكي، حيث نقل له أسف بلاده حيال الدعم الذي يتلقاه التنظيم من الولايات المتحدة. وأعرب أردوغان عن توقعه بأن المسار القادم المتعلق بتزويد واشنطن التنظيمات الإرهابيَّة بسوريا بالسلاح، لن يستمر على هذا النحو، ووَصَف دعم واشنطن للإرهابيّين بأنه خطوة تزعزع العلاقات التركيَّة الأمريكيَّة[53].
وفي تعليقهم على اللقاء، رأى مراقبون أن الحديث عن الآليَّة المشتركة للحوار وحَلِّ الخلافات ليس جديدًا، ولم تصل مثل هذه الآليَّة لنتائج ملموسة بخصوص الملفات العالقة بينهما من قبل، ولكن مراقبين آخرين يَرَون أن الاتفاق على ذلك يَعني أن قنوات التواصل ستكون مفتوحة بين الجانبيْن، مِمَّا يقلل من احتمالات التأزم والتوتر في المدى المنظور، لا سيما مع تراجع حدة التصريحات التركيَّة بخصوص الولايات المتحدة[54].
- الخلافات التركيَّة الأمريكيَّة حول التسليح
مازالت العودة إلى برنامج تصنيع مقاتلات من طراز (F-35) الأمريكيَّة هي الخيار الأوَّل لتركيا رغم استمرار المفاوضات حول شراء مقاتلات من طراز (F-16) بدلًا منها، وهو ما كشفت عنه وزارة الدفاع التركيَّة في الأوَّل من نوفمبر/تشرين الثاني، حيث أعلنت عن التخطيط لإجراء جولة ثانية من المحادثات مع واشنطن بشأن ملف مقاتلات (F-35) خلال الأشهر القليلة القادمة. وأكدت الوزارة من خلال مستشاريَّة الإعلام والعلاقات العامَّة أن “وزارتيْ الدفاع التركيَّة والأمريكيَّة تعملان على إنهاء الخلافات الحاصلة حول ملف مقاتلات (F-35)”، وأن موقف تركيا واضح، وهو “العودة إلى المشروع واستلام المقاتلات المخصَّصة لتركيا” أو استعادة الأموال التي أنفقت أثناء الانخراط في المشروع[55].
وكانت تركيا قد دفعت لأمريكا مليارًا و400 مليون دولار ضمن صفقة لتصنيع مقاتلات من طراز (F-35)، ولكن أمريكا استبعدتها من برنامج تصنيع المقاتلة وفق قانون مكافحة خصوم أمريكا عن طريق العقوبات، المعروف اختصارًا بـ”كاتسا”، على خلفيَّة شرائها منظومة صواريخ (S-400) الروسيَّة للدفاع الجوي، ولهذا تحاول أنقرة استغلال الأموال التي دفعتها في شراء مقاتلات من طراز (F-16)، مع تأكيدها الدائم على أن خيارها الأوَّل هو أن تكون ضمن برنامج تصنيع المقاتلة (F-35)، وأن قرار استبعادها من البرنامج غير عادل وغير قانوني .
وقد طرح موضوع المقاتلات على طاولة المفاوضات بين أردوغان وبايدن في لقائهما على هامش قمة العشرين، حيث ذكر الرئيس التركي أنه “لمس موقفًا إيجابيًّا من نظيره الأمريكي جو بايدن، حيال ملف مقاتلات F-16”[56].
وفي سياق متصل بالتسليح، مازالت أزمة منظومة الدفاع الصاروخي الروسيَّة (إس-400) مثار خلاف بين أنقرة وواشنطن، حيث نفى مسؤولون عسكريُّون أتراك، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، صحة تقرير لشبكة “سكاي نيوز عربيَّة” عن نقل المنظومة الصاروخيَّة إلى قاعدة “إنجرليك” الجويَّة في جنوب تركيا، والتي تستخدمها الولايات المتحدة وقوَّات “الناتو”[57]. وعلق المتحدث باسم الرئاسة التركيَّة، “إبراهيم قالن”، على هذه المزاعم، حيث أكَّد أنه “ليس هناك شيء من هذا القبيل، ومسألة إس-400 مستمرة وفق مسارها، ولها أبعاد تقنيَّة وأمنيَّة، وتدار هذه الأمور من قبل وزارة الدفاع، ولا جديد بهذا الصدد”. وأضاف قالن أن “ادعاءات نقل المنظومة إلى إنجرليك غير صحيحة، فبين الحين والآخر تظهر هذه الشائعات والأخبار الكاذبة بغية إشغال تركيا في أجندات مصطنعة”[58].
تموج الساحة الداخليَّة التركيَّة بالأحداث في ظِل الاستعداد للانتخابات المرتقبة. وفي هذا السياق، تكثف الأحزاب السياسيَّة من مساعيها لتكوين تحالفات انتخابيَّة قويَّة، وهو ما يُفسِّر لقاء الرئيس التركي برئيس حزب السعادة المعارض. واقتصاديًّا، مازال الاقتصاد التركي يُعاني من أزمة التضخم وانخفاض قيمة الليرة في مقابل الدولار، على الرغم من مؤشرات التعافي بعد أزمة كورونا وتوالي التوقعات الإيجابيَّة حول نموه في الفترة المقبلة. وفيما يَخصُّ الطاقة، صارت تركيا قاب قوسين أو أدنى من امتلاك مصادر للطاقة النوويَّة بعد اقتراب افتتاح أولى محططاتها التي يُنتظر أن توفر 10 في المئة من احتياجاتها من الطاقة.
- لقاء أردوغان ورئيس حزب “السعادة”
مع اقتراب الانتحابات المقرر إجراؤها في 2023، تكثف الأحزاب التركيَّة من مساعيها للوصول إلى تفاهمات فيما بينها وعقد تحالفات انتخابيَّة تمكنها من حصد أكبر عدد من أصوات الناخبين. وفي هذا السياق، التقى الرئيس “رجب طيّب أردوغان” في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، برئيس حزب “السعادة” المعارض، “تمل قره ملا أوغلو”. وذكر ملا أوغلو أنه تبادل مع أردوغان وجهات النظر في العديد من القضايا المحليَّة من السياسة الداخليَّة إلى الاقتصاد والسياسة الخارجيَّة ومكافحة الإرهاب، فضلًا عن التطورات الإقليميَّة والدوليَّة. وقال عقب اللقاء إنه “لم تبقَ مسألة تتعلق بتركيا أو العالم إلَّا وبحثها مع أردوغان”[59]، مشيرًا إلى اتفاقه مع الرئيس في بعض النقاط واختلافه معه في البعض الآخر.
ويَرى مراقبون أن هذا اللقاء قد يفتح الباب أمام حدوث تقلبات جديدة في السياسة الداخليَّة، وظهور مشهد جديد في خارطة التحالفات الحزبيَّة في الفترة المقبلة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حالة من التقارب بين حزب السعادة وتحالف “الجمهور” الذي يضم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، والحركة القوميَّة بقيادة “دولت بهتشلي”، أو التخفيف من حدة اللهجة العدائيَّة للحزب الحاكم[60].
كانت هناك محاولات سابقة من جانب تحالف “الجمهور” لكسب حزب “السعادة” والتفاهم معه، إلَّا أنها باءت بالفشل على خلفيَّة التزام الأخير وإصراره على البقاء ضمن صفوف “تحالف الأمَّة”، الذي يتصدره حزب “الشعب الجمهوري” المعارض. ولكن ثمَّة تكهنات بحدوث انشقاق داخلي في الحزب حول التحالف مع الحزب الحاكم لوجود شريحة كبيرة من أعضاء “حزب السعادة” ترغب في الالتحاق بتحالف الجمهور.
لم يكن هذا هو اللقاء الأوَّل بين الرئيس أردوغان وقيادات من حزب السعادة، فقد سبق له أن التقى مع شخصيَّات بارزة من الحزب، وفي مقدمتهم عضو مجلسه الاستشاري الأعلى، “أوغوزهان أصللترك”، الذي ينتقد إدارة الحزب ورئيسه ملا أوغلو بسبب تحالفه مع المعارضة، ويَرى أن سبب التأييد المنخفض للحزب في آخر استطلاعات للرأي يَعود إلى امتناع الأخير عن “الدفاع عن المعتقدات، مكتفيًا كغيره من الأحزاب بالرد بأنه ينتقد الحكومة”.
- تركيا وامتلاك الطاقة النوويَّة
يزداد احتياج تركيا للطاقة عامًا بعد عام بسبب التوسع التنموي، وكانت نسبة الزيادة هذا العام 8 بالمئة مقارنة بالعام الماضي. وتعمل الدولة على سد الاحتياجات من الطاقة الكهربائيَّة التي من المنتظر زيادتها بمعدل 3.5 بالمئة سنويًّا.
ولسَد الفجوة، تهدف تركيا لتوليد 10 آلاف ميغاوات من الرياح ومثلها من الشمس، وإضافة الطاقة النوويَّة لسلة الطاقة التركيَّة من أجل تنويعها حتى عام 2027.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن الرئيس التركي أردوغان، أن بلاده ستشرع على وجه السرعة في الاستعداد لبناء محطة نوويَّة ثانية وثالثة، بعد تشغيل محطة “آق قويو”، وهي أوَّل محطة نوويَّة في تركيا[61].
وهاجم أردوغان، في كلمته بحفل افتتاح مبنى مؤسَّسَة تنظيم أسواق الطاقة، في العاصمة أنقرة، وافتتاح عددٍ من محطات الطاقة بالبلاد، المعارضين لامتلاك الطاقة النوويَّة في تركيا، قائلًا: “لا يمكن أن يَعترض أحد على الطاقة النوويَّة التركيَّة وفي قلبه ذرة رغبة باستقلال اقتصاد البلاد ورفاهية شعبها”. وأردف: “علينا أن نتساءل، لماذا لم تُقدِم تركيا على امتلاك طاقة نوويَّة قبل 20 أو 30 عامًا، إن استخدام العالم لهذه الطاقة منذ أكثر من 60 عامًا وتأخرنا بالوصول إليها أمر مخجل لبلادنا”. واتهم من يقول لا ينبغي لتركيا امتلاك الطاقة النوويَّة بأنه جاهل أو خائن[62].
ويُعَد مشروع محطة “آق قويو” أكبر استثمار لتركيا، بتكلفة 20 مليار دورلار، وهي أوَّل محطة نوويَّة تركيَّة، وتقام في إقليم “مرسين” بجنوب تركيا، وتتكون من 4 مفاعلات طاقة، يوفر كل واحد منها 1200 ميغاوات، ومن المقرر أن تبدأ المحطة في العمل عام 2023. وهي جزء من خطة أردوغان “رؤية 2023” التي تتزامن مع مرور 100 عام على إقامة الدولة التركيَّة. وتتكفل بإقامة المشروع شركة “روساتوم” الروسيَّة للطاقة النوويَّة.
وتهدف محطة أق قويو إلى تلبية احتياجات مدينة إسطنبول من الطاقة، و10بالمئة من احتياجات تركيا عمومًا، وذلك بعد الانتهاء من إنشائها. ويعمل على إنشاء المحطة 10 آلاف شخص، علاوة على توفير فرص عمل لأكثر من 3500 شخص[63].
- الاقتصاد التركي بين مؤشرات التعافي وأزمة التضخم
مازالت التوقعات الإيجابيَّة بنمو الاقتصاد التركي تتوالى من المؤسَّسات الاقتصاديَّة الدوليَّة، وكان آخرها في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، حيث توقع البنك الأوروبي للتنمية والإعمار، تحقيق الاقتصاد التركي نموًّا بنسبة 9 بالمئة خلال عام 2021. وقال الخبير الاقتصادي في البنك، “روغر كيلي”، إن تركيا تعد من الدول القليلة التي حققت نموًّا إيجابيًّا في 2020، بمقدار 1.8 بالمئة في ظِل تفشي فيروس كورونا. وأشار إلى أن تركيا لديها القدرة على أن تصبح مركز إنتاج على المستوييْن الإقليمي والدولي بعد الوباء. واعتبر أن بيئة السياسة الأكثر قابليَّة للتنبؤ هي المفتاح لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا. ولفت إلى أن انتعاش قطاع السياحة مجددًّا في تركيا يُعَد عاملًا أساسيًّا ومؤشرًا بارزًا لتحسن الأداء الاقتصادي خلال الفترة المقبلة[64].
وثمَّة مؤشرات عديدة تشير إلى تعافي الاقتصاد التركي بعد كورونا، لعل أهمها هو اقتراب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلاد من مستويات ما قبل جائحة كورونا. فبحسب رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركيَّة، “أحمد بوراك داغلي أوغلو”، فإن الاستثمارات الأجنبيَّة المباشرة المتراكمة في الأشهر الـ12 الماضية بلغت 12.1 مليار دولار. وذكر داغي أوغلو أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في تركيا خلال 9 أشهر ماضية بلغ 9 مليارات و828 مليون دولار، مؤكِّدًا أنه زاد بنسبة 89 بالمئة على أساس سنوي. وأشار إلى أن تركيا هي محور اهتمام الشركات العالميَّة العاملة في العديد من القطاعات المختلفة مثل تقنيَّة المعلومات والسيارات والطاقة والكيمياء والآلات والخدمات الماليَّة[65].
كما بلغت نسبة الصادرات إلى الواردات أعلى مستوى لها في تاريخ تركيا خلال أكتوبر/تشرين الأوَّل، بـ93.4 بالمئة، وحقق قطاع الصادرات عائدات بقيمة 20.8 مليار دولار.
غير أن مشكلة التضخم مازالت تؤرق الاقتصاد التركي، فقد رفع البنك المركزي التركي توقعاته لمعدل التضخم في البلاد لنهاية 2021، من 14.1 إلى 18.4 بالمئة. وأوضح “قاوجي أوغلو”، محافظ البنك المركزي، أنهم يتوقعون أن يصل التضخم في البلاد بنهاية العام الجاري إلى 18.4 بالمئة، و11.8 بالمئة في 2022، و7 بالمئة عام 2023. وأضاف أنه تماشيا مع التوقعات قصيرة المدى، وفي ظِل استمرار السياسة النقديَّة الصارمة، فإن التضخم يتوقع بلوغه تدريجيًّا للمستويات المستهدفة.[66]
ولكن معدلات التضخم زادت لتقترب من 20 بالمئة مع نهاية النصف الأوَّل من نوفمبر/تشرين الثاني، وكان انخفاض قيمة الليرة سببًا من أهم أسباب هذه الزيادة، وهو ما يُضاعِف من الأعباء المعيشيَّة على المواطنين، حيث يجدون أثر ذلك في أسعار السلع والخدمات وإيجار المنازل، كما عادت ظاهرة الدولرة إلى الانتشار في المجتمع التركي.
ومع ذلك فإن لانخفاض سعر الليرة بعض الآثار الإيجابيَّة على الاقتصاد التركي، رغم ما يسببه من تضخم، وعلى رأسها زيادة الصادرات السلعيَّة، وهو ما يحرص عليه الرئيس أردوغان الذي يرى أن بلاده نجحت في تجربتها الاقتصاديَّة من خلال الاقتصاد الحقيقي، وأن وصولها لأكبر 20 اقتصاد في العالم كان نتيجة التحسن في ناتجها المحلي الإجمالي، من خلال إنتاج السلع والخدمات، وبالتالي لابد من المحافظة على هذه الميزة، وأن ارتفاع سعر الفائدة معوق للإنتاج والاستثمار، ويدفع الأفراد والمؤسَّسات إلى وضع أموالهم في البنوك، وإغلاق الشركات والمؤسَّسات، مكتفين بما يأتيهم من فوائد على أموالهم، وهو ما يحول الاقتصاد التركي إلى اقتصاد ريعي، ويفقده أهم مقوماته كاقتصاد إنتاجي[67].
وفي ظل هذه المعادلة الصعبة، لابد للحكومة التركيَّة من أن تتخذ من الإجراءات ما يُحقق حالة من التوازن في مصالح جميع الأطراف المعنيَّة بالقرارات الاقتصاديَّة، وفي مقدمتها الشعب التركي الذي يجب أن يشعر بآثار التعافي الاقتصادي على معيشته.
[1] Reuters, Syrian rebels mobilise for possible Turkish attack on Kurdish fighters, , 04-11-2021, https://reut.rs/30j2cLT
[2] RTعربي، “سانا”: تعزيزات عسكرية تركية كبيرة بريف الحسكة، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/30MlObm
[3] Daily Sabahعربي، أردوغان: نواصل القيام بما يلزم في إدلب بغض النظر عن موقف النظام السوري، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3czauCj
[4] Al-MONITOR, Turkish army coordinates with Syrian proxy forces ahead of possible military action, 01-11-2021, https://bit.ly/3HniDYu
[5] RTعربي، معارضون سوريون يحتشدون للانضمام لهجوم تركي محتمل على مقاتلين أكراد، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3DkyogD
[6] وكالة الأناضول، الجيش التركي يواصل مد يد العون للمحتاجين شمالي سوريا، 17 أكتوبر/تسرين الأول 2021، https://bit.ly/3wRVwR4
[7] وكالة الأناضول، “الإغاثة التركية” توزّع ملابس شتوية على آلاف الأيتام بسوريا، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3FrJrW2
[8] وكالة الأناضول، “الإغاثة” التركية توزع 300 ألف رغيف خبز يوميا في سوريا، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3kK84oP
[9] وكالة الأناضول، وقف تركي يوزع مساعدات على 500 أسرة محتاجة بإدلب السورية-، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3ckxogI
[10] الحرة، مؤتمر دعم استقرار ليبيا يشدد على تأمين البيئة المناسبة للانتخابات، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://arbne.ws/3qA38Xr
[11] Daily Sabahالعربية، الدبيبة يؤكد على أهمية المشاركة التركية في مؤتمر استقرار ليبيا، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3wMtciV
[12] وكالة الأناضول، أنقرة: ندعم حكومة طرابلس من أجل ضمان استقرار ليبيا، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3qE6JU8
[13] France 24، فرنسا تستضيف مؤتمرا دوليا حول ليبيا لدعم المسار الانتخابي وإخراج القوات الأجنبية، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3CgWbg2
[14] وكالة الأناضول، مؤتمر باريس يسعى لتوفير غطاء دولي لانتخابات على مقاس حفتر، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3DhxYY5
[15] TRTعربي، بحضور إسرائيل.. مؤتمر باريس يسعى لتوفير غطاء دولي لانتخابات على مقاس حفتر، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3kCicjA
[16] RTعربي، تركيا ردا على ماكرون: من الخاطئ التركيز على سحب القوات الأجنبية من ليبيا، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3kGkluk
[17] بوابة الأهرام، بسام راضى: قمة «أثينا» تستهدف دعم التشاور السياسى بين القادة الثلاثة، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3npPIde
[18] الهيئة العامة للاستعلامات، كلمة الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي لقمة آلية التعاون الثلاثي، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3wVn2gx
[19] وزارة الخارجية التركية، بيان صحفي حول البيان الصادر عقب القمة الثلاثية بين اليونان ومصر وإدارة جنوب قبرص الرومية، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3qLeSq3
[20] Daily Sabahالعربية، قبرص التركية: بيان القمة الثلاثية لمصر واليونان والإدارة الرومية في حكم العدم، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3nmbsaZ
[21] القوات المسلحة المصرية، القوات الجوية المصرية واليونانية تنفذان تدريبًا جويًا بإحدى القواعد الجوية اليونانية، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3wRuRUB
[22] القوات المسلحة المصرية، القوات البحرية المصرية تنفذ عددًا من التدريبات البحرية العابرة مع القوات البحرية اليونانية، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3Dsf8xD
[23] ترك برس، العراق.. إنزال جوي تركي يسفر عن السيطرة على كهف لـ “بي كا كا” واعتقال من بداخله، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3x2ZR48
[24] وكالة الأناضول، استشهاد عسكري تركي شمالي العراق، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3oARnxa
[25] تركيا الآن، تحييد قيادية بتنظيم “بي كا كا” شمالي العراق، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3FjeyCS
[26] وكالة أنباء تركيا، لمدة عامين.. تركيا تمدد مهام قواتها العسكرية في سوريا والعراق، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3Cqw9Hk
[27] وكالة الأناضول، سفير تركيا ببغداد: هدفنا أن تستعيد الموصل استقرارها، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/30Pbjod
[28] Yeni Safakعربية، السفير التركي يبحث في أربيل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3x9U6l4
[29] وكالة الأناضول، مباحثات عراقية تركية لتعزيز التعاون المصرفي، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3xj8Zl9
[30] تركيا بالعربي، بتوجيهات من محمد بن زايد.. الإمارات تساهم بـ 10 ملايين دولار في تأهيل مناطق الحرائق بتركيا، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/30RI8kc
[31] ترك برس، حاكم دبي يزور جناح تركيا في “إكسبو دبي 2020″، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3x8qDb6
[32] وكالة الأناضول، وزير خارجية قطر ووزير السياحة التركي يبحثان التعاون الثنائي، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3oQgQ5V
[33] صحيفة الراية القطرية، قطر وتركيا توقعان اتفاقيات جديدة قبل نهاية العام، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3FSyLzZ
[34] المصدر السابق.
[35] Yeni Safakالعربية، رجال أعمال بحرينيون يلتقون نظرائهم الأتراك في إسطنبول، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3HrefI6
[36] Daily Sabah العربية، الاستخبارات التركية تسقط شبكة تجسس تعمل لصالح الموساد، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/30kaQdp
[37] صحيفة الأخبار اللبنانية، المقاومة عاونت أنقرة بكشف “شبكة التجـسُّس”، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3wAM2JL
[38] Time Of Israel, Turkish media publishes photos of 15 men arrested as alleged Mossad spies, 25-10-2021, https://bit.ly/3wCWHDP
[39] وزارة الخارجية التركية، بيان صحفي حول الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3HbLNtO
[40] The Jerusalem Post, US concerned about Israeli plans for 3,000 settler homes, 23-10-2021, https://bit.ly/3qtfkZO
[41] TRTعربي، لأول مرة منذ وصول بايدن.. إسرائيل بصدد بناء 3100 وحدة استيطان بالضفة، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3oBxJkT
[42] وكالة الأناضول، دعوى قضائية بتركيا ضد “مجرمي حرب إسرائيليين”، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3DlSeIt
[43] المصدر السابق.
[44] المصدر نفسه.
[45] وكالة الأناضول، الخارجية التركية تستدعي سفراء 10 دول، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3Cag5cH
[46] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يطلب إعلان 10 سفراء “غير مرغوب بهم” في تركيا.. ما القصة؟، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3C8FeV1
[47] وزارة الخارجية التركية، بيان صحفي حول استدعاء سفراء 10 دول إلى وزارة الخارجية إثر إصدارهم بيانا مشتركا حول قضية قانونية جارية، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3D8IfWM
[48] European Commission, Key findings of the 2021 Report on Turkey, 19-10-2021, https://bit.ly/3oqlcAi
[49] وزارة الخارجية التركية، بيان صحفي حول تقرير المفوضية الأوروبية لعام 2021 بشأن تركيا، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/31VuoW1
[50] أوكرانيا برس، زيلينسكي: أوكرانيا تستخدم طائرات “بيرقدار” دفاعًا عن النفس، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3olEI0T
[51] RTعربي، تركيا تدعو أوكرانيا للتوقف عن استخدام اسمها في سياق الحديث عن المسيرات التركية الصنع، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3qqOLoe
[52] رئاسة الجمهورية التركية، الرئيس أردوغان يلتقي نظيره الأمريكي بايدن، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3FhCxCz
[53] وكالة الأناضول، أردوغان: لمست موقفًا إيجابيًا من بايدن حيال ملف “إف-16″، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3x9YIYs
[54] الجزيرة، لقاء أردوغان بايدن.. تفاؤل حذر جدا، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3HqQNL7
[55] وكالة الأناضول، أنقرة: جولة محادثات ثانية مع واشنطن بشأن “إف35” خلال أشهر، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3FFxVWP
[56] RTعربي، أردوغان: بايدن أبدى نهجا إيجابيا في قضية مقاتلات F-16، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3qYbSGN
[57] Daily Sabahالعربية، تركيا تنفي نقل منظومة إس -400 إلى قاعدة إنجرليك، 3 نوفمبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3HEJQWS
[58] ترك برس، هل حقًا نقلت تركيا صواريخ “إس-400” إلى قاعدة تضم القوات الأمريكية؟، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3FDG3qS
[59] وكالة أنباء تركيا، رئيس حزب السعادة التركي المعارض يكشف ما دار بينه وبين أردوغان، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3qPBaH0
[60] Yeni Safak بالعربية، هل غيّر حزب السعادة وجهته نحو “تحالف الجمهور”؟، 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/2YQUqZn
[61] وكالة الأناضول، أردوغان: نستعد لبناء محطتين نوويتين بعد الانتهاء من “آق قويو”، 9 نوفمبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3nm3wqy
[62] ترك برس، أردوغان: من يعارض امتلاكنا الطاقة النووية “جاهل” أو “خائن”، 9 نوفمبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3CkOKV8
[63] الجزيرة، أردوغان وبوتين دشنا مرحلتها الثالثة.. هل تحول محطة أكويو تركيا لدولة نووية؟، 10 مارس/آذار 2021، https://bit.ly/3Cn9V8S
[64] Yeni Safak العربية، “الأوروبي للتنمية” يتوقع نمو الاقتصاد التركي 9 بالمئة في 2021، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/3wPKuvH
[65] وكالة الأناضول، تركيا: تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر قارب مستويات ما قبل كورونا، 11 نوفمبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/30H0Cns
[66] تركيا اليوم، المركزي التركي يكشف عن تعديلات في توقعات التضخم، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/31WK7UE
[67] الجزيرة، أزمة الليرة التركية.. لماذا يخوض أردوغان حربا على سعر الفائدة؟، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/30PhWa5