انهيار النظام السوري.. العوامل المؤثرة ومواقف الدول العربية الفاعلة
المحتويات
مقدمة
أولا: مسار الأسد نحو السقوط
- تحرك ميداني خاطف
- لماذا لم يحارب جيش النظام؟
- أسباب إحجام روسيا وإيران عن الانخراط في المعركة
- الدور التركي في إسقاط الأسد
ثانيا: مواقف الدول العربية الفاعلة
- (أ) الدول الرافضة للتطورات في سوريا
- أدوات الدول الرافضة
- (ب) الدول المرحبة بالتطورات في سوريا
خاتمة
مقدمة
شهدت سوريا سقوطا مفاجئا لنظام بشار الأسد، في تطور قلب الموازين بشكل دراماتيكي، مما أثار تساؤلات حول كيفية حدوث ذلك في 12 يوما فقط، بعد نحو 13 عاما من اندلاع الثورة.
ورغم وجود جيش النظام السوري وسيطرته على المدن الكبرى، إضافة إلى الدعم الروسي والإيراني له، فإن هذا التحول السريع يطرح العديد من علامات الاستفهام التي تستدعي محاولة الإجابة عنها لفهم أبعاده المحلية والإقليمية.
وبعد سقوط الأسد، تلعب الدول العربية دورا بارزا في التأثير على مسار الأحداث، حيث تتفاوت مواقفها من حالة الانتقال السياسي في سوريا. إذ تنظر دول مثل مصر والإمارات والأردن بعين سلبية لما يحدث. ورغم التواصل الجاري مع الإدارة الجديدة في دمشق، إلا أنه -على الأرجح- يهدف لكسب الوقت، إلى حين تحديد آليات قد تؤدي إلى تغيير النظام السوري الناشئ أو فرض طوق حوله. وفي المقابل، تتبنى دول أخرى مثل السعودية وقطر مواقف أكثر انفتاحا على الإدارة الجديدة حتى الآن.
من هنا، يأتي تحليل مواقف هذه الدول ضرورة لفهم الدوافع السياسية والاستراتيجية التي تؤثر في قراراتها تجاه الأزمة، والتوجهات المستقبلية التي قد تتبناها بناء على تطورات الوضع في سوريا.
وفي محاولة لفهم التطورات في الساحة السورية، تحاول هذه الورقة الإجابة على سؤالين: كيف سقط الأسد؟ وما مواقف الدول العربية الفاعلة من هذا التغيير ومستقبل سوريا ككل؟
أولا: مسار الأسد نحو السقوط
- تحرك ميداني خاطف
يجدر بنا أولا وصف الحالة الميدانية التي كان عليها القتال خلال عملية “ردع العدوان”، التي أطلقتها “هيئة تحرير الشام”، من محافظة إدلب الحدودية مع تركيا، حتى نفهم دلالات التحرك العسكري للمعارضة.
البداية كانت يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما استهدفت الهيئة مناطق خاضعة لسيطرة النظام، وأسفرت المعارك، التي استمرت بوتيرة عنيفة، عن سقوط عشرات القتلى في يوم واحد، 141 شخصا وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مما عكس جدية التحركات واستعداد المعارضة لتحقيق اختراق كبير على الأرض.[1]
استمر تقدم الفصائل المعارضة بوتيرة متسارعة، وشهد يوم 29 نوفمبر تحولا مفصليا مع إعلان سيطرة المعارضة على “قلعة حلب” والكلية العسكرية وكلية المدفعية في حي الزهراء، وهو ما مهد الطريق لبسط نفوذها الكامل على مدينة حلب وريفها الغربي بحلول اليوم التالي.[2]
وقد مثلت حلب نقطة تحول رئيسية في مسار الأحداث، حيث إن سقوط المدينة، التي تعد ثاني أكبر المدن السورية، عكس انهيار خطوط الدفاع الرئيسية للنظام شمال البلاد. ورغم الغارات التي شنتها الطائرات الروسية والسورية، والتي بلغت 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، إلا أن المعارضة نجحت في تحقيق تقدم ملموس كشف عن الضعف المتزايد لقوات النظام.[3]
ومع بداية ديسمبر/كانون الأول، اتجهت الأنظار إلى وسط البلاد، حيث تمكنت المعارضة في 5 من هذا الشهر من السيطرة على مدينة حماة، التي تعد عقدة استراتيجية تربط الشمال بالجنوب.[4] ولم يقتصر الأمر على السيطرة الجغرافية، بل تخلل ذلك اقتحام سجن حماة المركزي وإطلاق مئات السجناء، ما أضاف بعدا رمزيا وإنسانيا للهجوم. وأعلن جيش النظام السوري في بيان رسمي إعادة انتشار قواته خارج المدينة، في إقرار ضمني بخسارتها لصالح المعارضة.[5]
التطور الأكثر إثارة حدث يوم 6 ديسمبر، عندما سيطرت المعارضة على محافظة درعا، مهد الثورة السورية. هذا السقوط السريع لدرعا أظهر مدى الانهيار في قدرات النظام على الدفاع عن معاقله، خاصة مع انتقال المعارك إلى الجنوب، بعد أن كان التركيز منصبا على وسط البلاد وشمالها. هذا التحول المفاجئ في مجريات الأحداث أكد أن النظام فقد السيطرة على الأوضاع في مختلف الجبهات، مما عزز توقعات اقتراب النهاية.[6]
وفي 8 ديسمبر، جاءت اللحظة المفصلية عندما أعلنت المعارضة سيطرتها على العاصمة دمشق، بما في ذلك المؤسسات الحيوية مثل وزارة الداخلية ومبنى التلفزيون الرسمي. ومن هناك، بثت المعارضة بيانها الأول معلنة انتصارها وسقوط النظام، بينما تداولت الأنباء عن هروب بشار الأسد إلى وجهة مجهولة.[7] وكانت هذه النهاية بمثابة مفاجأة للعديد من الأطراف، حيث إنه رغم سنوات من الحرب، لم تكن هناك توقعات بأن ينهار النظام بهذه السرعة وفي فترة زمنية قصيرة نسبيا.
- لماذا لم يحارب جيش النظام؟
التقدم السريع الذي أحرزته قوات المعارضة أثار العديد من التساؤلات حول الوضع الفعلي لجيش النظام السوري. إذ تشير المعلومات إلى أن النظام لم يُبد مقاومة تذكر في العديد المناطق. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد شهدت العديد من المواقع العسكرية انسحابات متكررة من الجنود دون مقاومة كبيرة.[8] حتى إن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أشار لذلك في مقابلة له بعد سقوط بشار، حيث نقل أن الأسد، في الاجتماع الأخير الذي جمعهما، عبر له عن دهشته من الانهيار السريع لجيشه.[9]
ويمكننا أن نعزو عدم انخراط جيش النظام بقوة في المعارك إلى عدة أسباب:
1- اعتماد جيش النظام، سواء على المستوى العملياتي أو المستوى النفسي، على الأطراف الداعمة (إيران وروسيا) التي كانت سببا رئيسيا في استرداد العديد من المدن من يد المعارضة قبل سنوات. غير أن هذه الاعتمادية أثبتت فشلها هذه المرة بعد إحجام داعمي “الأسد” عن المشاركة الواسعة في المعارك.[10] وهذا يقودنا للحديث عن الأسباب التي منعت داعمي الأسد الرئيسيين من التدخل.
2- الضعف البنيوي في جيش النظام، فمنذ بداية الحرب في 2011، فقد حوالي نصف قوته التي كانت تقدر بنحو 300 ألف عنصر.[11] كما ساهمت الظروف الاقتصادية المتدهورة في تقويض قدرة الجنود على البقاء في الخدمة. وخلال السنوات الماضية، أشارت عدة تقارير إلى أن الجنود كانوا ينهبون الموارد الأساسية للبقاء على قيد الحياة، في ظل تدني الرواتب إلى مستويات تجعلها عديمة القيمة في ظل التضخم الحاد وانهيار الاقتصاد السوري.[12] وربما هذا العامل هو ما دفع “الأسد” لاتخاذ خطوة يائسة في خضم المعارك بإعلان رفع رواتب الجنود بنسبة 50 بالمئة.[13]
3-عنصر المفاجأة الذي لعب دورا في انهيار دفاعات النظام، خاصة وأن هجوم المعارضة جاء منظما، واستهدف مواقع متعددة في وقت متزامن.[14]
- أسباب إحجام روسيا وإيران عن الانخراط في المعركة
إذن نحن أمام هجوم خاطف وتقدم سريع من جانب المعارضة وانهيار غير متوقع من جانب جيش النظام، لكن من ناحية أخرى فإن الوجود في سوريا مصلحة حيوية لكل من روسيا وإيران، ما يفرض على كلا الطرفين التدخل؛ حماية لمصالحهما.
فروسيا تمتلك عدة قواعد عسكرية تمنحها موطئ قدم استراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، أبرزها قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية. ومن غير المرجح أن تتنازل قوة كبرى عن مصالحها في منطقة بهذه الأهمية، خاصة في ظل صراعها المستمر مع الغرب في أوكرانيا. كما أن تدخلها في الساحة السورية منذ عام 2015 يعكس عمق التزامها الاستراتيجي بذلك، مما يجعل وجودها هناك راسخا وغير قابل للتراجع عنه بسهولة.
غير أن روسيا لم تنخرط في المعركة، واكتفت ببضعة غارات كان كثير منها في إدلب. وما يُقال عن أن الانشغال الروسي بأوكرانيا منع موسكو من المشاركة في معركة سوريا ربما يكون صحيحا من جانب،[15] لكنه لا يرقى -في نظرنا- لأن تحجم روسيا عن خوض المعركة بجانب جيش النظام السوري. والسبب في ذلك يرجع إلى طبيعة الدعم الروسي نفسه الذي يعتمد على سلاح الجو في الأساس، فمن المستبعد أن تعجز موسكو عن إرسال بعض المقاتلات لإعاقة تقدم المعارضة، وعمل أحزمة نارية حول بعض المدن لحمايتها، كما فعلت سابقا.
أما إيران، فسوريا تمثل لها ركيزة أساسية في مشروعها الإقليمي، حيث تمنحها منفذا استراتيجيا إلى البحر الأبيض المتوسط، وتشكل معبرا حيويا لدعم “حزب الله” في لبنان، الذي يعد أحد أهم أدوات النفوذ الإيراني في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تتيح سوريا لإيران فرصة لتعزيز وجودها بالقرب من حدود دولة الاحتلال الإسرائيلي، مما يمنحها قدرة على الضغط والردع في أي مواجهة. وبالتالي، فإن خسارة النظام السوري لا تعني بالنسبة لإيران خسارة سوريا فقط، بل أيضا نفوذها في لبنان وبالتبعية قدرتها على ردع “إسرائيل”.[16]
وما يجعل موقف إيران معقدا هو أن الدعم المطلوب منها ومن أذرعها عماده الدعم البري، وهو أصعب من حيث التحشيد ونقل المقاتلين والتخطيط الميداني، في ظل سرعة تقدم المعارضة. هذا من جانب، ومن جانب آخر فالمعركة جاءت في خضم ما يمكن أن نطلق عليه “حرب استنزاف” إسرائيلية ضد إيران منذ اندلاع “طوفان الأقصى”.[17]
وبالأخذ في الاعتبار هذه العوامل التي تحد من قدرة الإيرانيين على التحرك، يمكن إجمال الأسباب التي دفعت إيران للإحجام عن الانخراط الواسع في الحرب، في التالي:
1- التراجع الملحوظ في قدرات حزب الله، الذي يعتبر رأس الحربة في عمليات إيران خارج حدودها. فقد استُنزف الحزب بشكل كبير في جولته الأخيرة ضد “إسرائيل”، سواء بفعل الخسائر في هيكله القيادي أو بفعل الإرهاق الميداني المستمر.[18]
2- الانهيار السريع لجيش النظام السوري، الذي كان من المفترض أن يكون شريكا أساسيا على الأرض، جعل إيران تواجه واقعا صعبا يتمثل في غياب قوة محلية يمكن الاعتماد عليها لتثبيت مكاسبها العسكرية المتوقعة. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن إيران حمّلت الأسد مسؤولية عدم الاستعداد الكافي للهجوم.[19]
3- خشية إيران من التورط في حرب برية طويلة الأمد، قد تضعفها عسكريا وتفتح الباب أمام استنزاف مواردها لصالح خصومها، لا سيما “إسرائيل”. فالوجود الإيراني المكثف على الأرض من شأنه أن يعزز احتمالات الاستهداف الإسرائيلي المباشر، سواء من خلال الغارات الجوية أو العمليات الاستخباراتية. وقد أشارت تقارير إلى أن طائرة إيرانية كانت متجهة إلى سوريا في خضم المعركة لكنها عادت بعد تلقيها تهديدا بشن غارات إسرائيلية.[20]
4- نجاح تركيا في إقناع روسيا بعدم الانخراط في المعركة، مقابل الحفاظ على مصالحها الحيوية في سوريا بعد سقوط النظام.[21] هذا بدوره دفع إيران لأن تتردد في التدخل في غياب الدعم الجوي الروسي الذي اعتمدت عليه سابقا في تحييد الثوار.
5- تصاعد التوترات بين إيران والنظام السوري بعد عملية “طوفان الأقصى”، إذ اتخذ النظام السوري مواقف ضد الميليشيات الموالية لإيران، حيث منعها من العمل ضد “إسرائيل” انطلاقا من الأراضي السورية. كما تجاهل الأسد الهجمات الإسرائيلية المستمرة ضد أهداف إيرانية في سوريا، مما أثار المزيد من الاستياء في طهران.[22]
وعلى هذا، يمكن التأكيد على نقطتين:
النقطة الأولى أن الحسابات الروسية كانت أسهل نسبيا من الحسابات الإيرانية، لأن الإيرانيين مطالبين بتدخل بري لا تتوفر لهم مقوماته في ظل ضعف قوتهم الضاربة، حزب الله اللبناني، وحتى لو كانت هذه المقومات متوفرة عبر الميليشيات العراقية، فإن طهران تخاطر بحرب استنزاف ضدها على الساحة السورية، عبر القصف الجوي لمقدرات طهران وأذرعها.[23]
النقطة الثانية أن تقدم قوات المعارضة السورية، وكما كان عسكريا في ظاهره، فإن جزء كبير منه -وربما الأكثر حسما- اعتمد على الترتيبات السياسية التي قادتها تركيا.[24]
- الدور التركي في إسقاط الأسد
كان الدور التركي وما زال أحد المفاتيح المحورية في هذا الواقع الجديد الذي يتشكل في سوريا حاليا، ويمكن ملاحظة ذلك في كثير من الإشارات، آخرها زيارة مدير المخابرات التركية، إبراهيم قالن، لدمشق ولقائه بزعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) لترتيب المرحلة المقبلة،[25] هذا علاوة على أن الحكومة السورية الجديدة معظمها جاء من ذات “حكومة الإنقاذ” في إدلب، والتي كانت على تواصل وتنسيق مستمر ووثيق مع الأجهزة التركية.
أما خلال عملية “ردع العدوان” ذاتها، فيمكن القول إن الدور التركي فيها كان حاسما ومتعدد الأبعاد، حيث تركز أول جانب منه في الدعم الاستخباري واللوجستي المكثف.
ونقلت صحيفة “حريت” التركية أن جهاز الاستخبارات الوطنية عمل بشكل مكثف على مراقبة وتقييم الوضع الميداني في سوريا لأكثر من ثلاثة أشهر. ومع تحرك هيئة تحرير الشام، اندفع الجهاز التركي إلى الميدان بكامل قوته. كذلك، من الملاحظ أن هناك إمدادا لوجستيا من أنقرة إلى مجموعات المعارضة السورية، ظهر على سبيل المثال في أجهزة اللاسلكي تركية الصنع التي استُخدمت أثناء عملية “ردع العدوان”.[26]
لكن الجانب الأكثر حسما من الدور التركي كان تحييد روسيا وإيران، لترك الأسد وحيدا في وجه هجوم المعارضة. وهذا ما تبدّى في التواصل على عدة مستويات ومع الجهات الفاعلة في الساحة السورية، روسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية. وكان من اللافت في هذا السياق الاجتماع الذي توسطه وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، وشارك فيه نظيراه الروسي والإيراني، في الدوحة، وهو اللقاء الذي انهار بعده نظام الأسد بساعات معدودة.[27]
– فمن جانب روسيا، من الواضح أنه في ظل سهولة التدخل الجوي الروسي في سوريا كما أسلفنا، فإن موسكو حصلت على ضمانات من أنقرة بأن مصالحها الحيوية في سوريا، المتمثلة في بقاء قواعدها العسكرية، ستستمر كما هي بعد سقوط الأسد. وبهذا نجحت أنقرة في تهدئة مخاوف موسكو من أي تغيير مفاجئ في الوضع الميداني بعد انهيار نظام الأسد، وطمأنتها بأن قواعدها العسكرية على الأراضي السورية ستظل كما هي، مما يضمن استمرار وجودها الاستراتيجي في المنطقة.
وما يؤكد هذا هو ما نقلته وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية عن مصدرين من أن روسيا تقترب من التوصل إلى اتفاق مع القيادة السورية الجديدة للاحتفاظ بقاعدتين في البلاد، وذلك بعد 4 أيام فقط على سقوط الأسد.[28] وبالتأكيد، فإن اتفاقا كهذا لم يكن ليتم إلا بجهود قوة إقليمية، مثل تركيا، تتعهد بحفظ المصالح الحيوية لروسيا، وفي المقابل تثق روسيا في قدرة هذه القوة الإقليمية على الوفاء بتعهداتها، وضبط الوضع بعد سقوط النظام.
– أما إيران، فكانت حساباتها أكثر تعقيدا، كما ذكرنا سابقا، حيث كانت تخشى من استمرار استنزاف مواردها وأذرعها الإقليمية.
وقد رصدنا بعض التوتر في العلاقات بين الإدارة السورية الجديدة وتركيا من جهة، وإيران من جهة أخرى، من ذلك تصريح المرشد الإيراني علي خامنئي بأن “دولة مجاورة لعبت دورا في الإطاحة بالأسد”، في إشارة إلى تركيا.[29] كما قال “الشرع” في لقائه مع قناة “سي إن إن”، وفي مناسبة أخرى بعد سقوط الأسد: “لا ننوي خوض الحروب، الخطر كان إيران وحزب الله والنظام”.
لكن هذا لا يمنع من أن تركيا أعطت بعض التطمينات أو الوعود لإيران بخصوص مصالحها في سوريا، وعلاقاتها مع الإدارة الجديدة، ومسألة ممر نقل السلاح لحزب الله. وربما لم تكن هذه التطمينات -بفرض وجودها- كافية بالنسبة لطهران، لكن الوضع المتأزم حصرها في الزاوية وجعل خياراتها محدودة؛ إذ أن دخولها حربا في سوريا مرة أخرى يعني انكشافا أكبر لها أمام “إسرائيل”، في ظل تراجع قوة حزب الله، وعدم صلابة جيش النظام، وفقدان الدعم الجوي الروسي اللازم للتحرك على الأرض، واحتمالية أن يستكمل الإسرائيلي والأمريكي استنزافها اقتصاديا وعسكريا في الساحة السورية.
وبالرجوع لفرضية وجود ضمانات لإيران كما هو الحال مع روسيا، فإن على الرغم من هذه الضمانات المحتملة، سيكون من الصعب تحقيقها مقارنة بما تم مع روسيا، وذلك يعود إلى عدة عوامل. أبرز هذه العوامل ضعف أوراق إيران -التي أُنهكت بشكل كبير خلال العام الماضي- في الساحة السورية. إضافة إلى ذلك، فإن الفيتو الأمريكي-الإسرائيلي على أي نقل للسلاح إلى “حزب الله” قد يعيق الإدارة السورية الجديدة في هذا الملف، مما يجعل أي محاولة لتمرير الأسلحة للحزب اللبناني مخاطرة سياسية لحكومة لم تثبت أركانها بعد.
علاوة على ذلك، فإن التحركات العسكرية الإسرائيلية في جنوب سوريا تُعد من العوامل المؤثرة التي ستعوق عمليا إمكانية نقل الأسلحة إلى “حزب الله”، حتى في حال قررت القيادة السورية الجديدة اتباع هذا المسار، في تحدٍ للتحذيرات الأمريكية والإسرائيلية.
– وبجانب روسيا وإيران، فقد كان الدور التركي أيضا حاضرا مع الولايات المتحدة بشكل كبير، حيث تريد واشنطن ضمان مصالحها أيضا في سوريا بعد سقوط الأسد، خاصة وأن الإدارة الجديدة تتشكل من “جهاديين” تجمعهم بالولايات المتحدة عداوات سابقة، بل وما زالوا مصنفين على قوائم الإرهاب الأمريكية.
وبالطبع فإن الولايات المتحدة تمتلك بعض أوراق التأثير على الإدارة السورية الجديدة، مثل وجود قوات لها في شرق سوريا، وعلاقاتها مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، غير أنها أيضا لا تزال تحتاج إلى قوة قريبة من “هيئة تحرير الشام” لتمرير بعض التوافقات، ولا توجد دولة تستطيع لعب هذا الدور حاليا كتركيا. ولذلك بدأ التواصل معها مبكرا، وما زال مستمرا، كان آخر مظاهره زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ولقائه بأركان الدولة التركية، وعلى رأسهم الرئيس، رجب طيب أردوغان.[30] وأثناء عملية “ردع العدوان”، جرى تواصل بين وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بيل بيرنز، ووزير الخارجية بلينكن، مع نظرائهم الأتراك.
وقد أشار مسؤول أمريكي رفيع المستوى لوكالة الأناضول التركية أن بلاده كانت على تواصل تام مع تركيا فيما يتعلق بالتطورات في سوريا، وكان لهذا التواصل “آثار بناءة”، وفق تعبيره.[31] ويمكن القول إن انفتاح واشنطن على رفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب يجري في الأساس برعاية تركية.
وعند النظر إلى ما تريده واشنطن من هذا الوضع، يمكن القول إن رغبتها في إضعاف المحور الإيراني جاء في مصلحة الثورة السورية، وقد عملت تركيا على توظيف هذه الحاجة الأمريكية. غير أن الواقع الجديد لم يتشكل بعد، ما يدفع الولايات المتحدة للعمل على الحفاظ على مصالحها في ظل الإدارة الجديدة. وعلى هذا، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الولايات المتحدة ستعمل مع الشركاء والأطراف المعنية في سوريا للمساعدة في اغتنام الفرصة وإدارة المخاطر.
وللولايات المتحدة مصالح متعددة في سوريا ترتبط بأبعاد أمنية واستراتيجية، منها مواجهة تنظيم “داعش”، وحماية قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومحاولة إيجاد موضع قدم لها في مستقبل سوريا. وفي الوقت نفسه، تعمل واشنطن على تعزيز نفوذها في المنطقة لحماية مصالحها ومصالح حلفائها، لا سيما إسرائيل، عبر تقليص نفوذ إيران وحزب الله في سوريا.
ويمكن أن نضيف إلى ذلك ما قاله “بلينكن” من أن الولايات المتحدة “ستعترف وتدعم بشكل كامل” الحكومة السورية الجديدة التي يختارها الشعب السوري، والتي تلتزم بأربعة مبادئ رئيسية، وهي: احترام حقوق الأقليات بشكل كامل، وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى كل المحتاجين، ومنع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب أو تهديد جيرانها، وتأمين وتدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية.[32]
ولتحقيق هذه الأهداف، تعول الولايات المتحدة على تركيا في العمل على ترشيد الحالة السورية بعد سقوط الأسد، وضبط الوضع الداخلي بالتنسيق معها. وتركيا في المقابل، تستغل هذه الحاجة الأمريكية في تعميق دورها في مستقبل سوريا والعمل بأريحية أكبر.
وإجمالا، يمكن القول إن الدور التركي كان حاسما في إسقاط الأسد، حيث تمكنت أنقرة من حشد عناصر الاستخبارات والتكتيك الدبلوماسي بشكل نشط. فعلى المستوى الاستخباري، عملت تركيا على مراقبة الوضع في سوريا وتنسيق الهجوم ضد نظام الأسد، حيث وفرت دعما معلوماتيا حاسما للفصائل المعارضة. أما في المجال الدبلوماسي، فقد نجحت تركيا في تحييد روسيا وإيران، فطمأنت موسكو بالحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في سوريا، مما سهل اتفاقات حول القواعد العسكرية الروسية، ولا نستبعد أنها فعلت الأمر نفسه مع إيران. وهي في خلال ذلك على تواصل مع الجانب الأمريكي بشأن ترتيبات مستقبل سوريا. هذه التحركات مهدت الطريق لترك الأسد في موقف ضعيف، ساهم بشكل كبير في انهيار نظامه.
ثانيا: مواقف الدول العربية الفاعلة
(أ) الدول الرافضة للتطورات في سوريا
- الأردن
في بدايات شن عملية “رد العدوان” التي أفضت إلى هروب بشار الأسد، عبر الأردن عن موقفه بكونه داعما لـ”استقرار سوريا ووحدة أراضيها”، وفق تعبير الملك عبد الله الثاني. كما أجرى الملك الأردني اتصالات كان من بينها اتصال برئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، أعلن فيه “وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء في سوريا ووحدة أراضيها وسيادتها واستقرارها”.[33] وهو ما قرأه خبراء على أنه “موقف رسمي متقارب مع النظام السوري”.[34]
لكن مع تقدم المعارضة السورية نحو دمشق، تغيرت اللهجة بشكل أو بآخر، حيث عقد مجلس الأمن القومي الأردني اجتماعا برئاسة الملك، الذي أكد أن “الأردن يقف إلى جانب السوريين ويحترم إرادتهم وخياراتهم”.[35] وفي الوقت نفسه، ومع سقوط نظام بشار الأسد، تجمع العشرات من اللاجئين السوريين في عمّان بالقرب من مقر السفارة السورية للاحتفال بإسقاط النظام، حيث عبّروا عن فرحتهم بالتطورات الجارية في سوريا، بينما قامت السفارة السورية بإنزال العلم بعد إعلان سقوط النظام.
ويمكن القول إن للأردن موقفا معقدا مما يحدث في سوريا، حيث إن سقوط نظام الأسد قد يسهم في حل بعض مشكلاته، إلا أن المستقبل يحمل تحديات ليست يسيرة بالنسبة للنظام الأردني، يأتي على رأسها صعود الإسلاميين.
وبالنظر إلى المصالح، يمكن القول إنها تتمثل في:
– احتمالية حل مشكلة تهريب المخدرات: فقد تحولت سوريا إلى ما وصفه كثيرون بـ”دولة مخدرات”، حيث تورط نظام الأسد بشكل كبير في إنتاج وتوزيع مخدر “الكبتاغون”، ما جعل الأردن يشهد تدفقا كبيرا للمخدرات عبر حدوده إلى السعودية ودول الخليج. ومع انهيار النظام، يأمل الأردن أن تنتهي هذه التجارة تماما، وهو ما سيكون له تأثير مباشر على الأمن الحدودي للبلاد.
– احتمالية حل مشكلة اللاجئين: يستضيف الأردن حاليا نحو 1.4 مليون لاجئ سوري، مما يشكل عبئا اقتصاديا على المملكة. وإذا استقر الوضع في سوريا، كما يأمل الأردن، فقد يسمح ذلك بعودة اللاجئين إلى بلادهم.
ولذلك، بعد سقوط الأسد بيوم واحد، صرح وزير الداخلية الأردني، بأن “الظروف أصبحت مهيأة إلى حد كبير” لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.[36] كما أعلنت السفارة السورية في عمّان عن تقديم تسهيلات لعودة المواطنين السوريين إلى بلادهم. وجاء في منشور السفارة على صفحتها الرسمية في موقع فيسبوك، أنها تقدم خدمة “إصدار تذكرة المرور للعودة إلى سوريا مجانا”.[37]
أما بالنظر إلى التحديات، فتتمثل في:
– مخاوف ترتبط بالتوجه الإسلامي لسوريا الجديدة، في ظل الدور البارز الذي تلعبه “هيئة تحرير الشام”، التي تقود المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد. ولهذا السبب حاول الأردن منع سيطرة هيئة تحرير الشام على العاصمة، حيث حثّ الجماعات المتحالفة معه من الجنوب، مثل قوات أحمد العودة، على الإسراع في الوصول إلى دمشق قبل وصول الهيئة.
وعلى الرغم من محاولات الشرع إعادة تقديم نفسه بصورة أكثر اعتدالا، لا تزال عمّان متوجسة من هيمنة الإسلاميين على سوريا الجديدة، لما قد ينطوي عليه ذلك من تهديدات للنظام هناك. ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن هناك تحركات أردنية وإماراتية لضمان عدم هيمنة الإسلاميين على السلطة في سوريا والتأثير على أمن المنطقة.[38]
إذ يخشى النظام الأردني من أن يؤدي صعود نظام إسلامي في سوريا -ولو على المدى البعيد- إلى تعزيز نفوذ التيارات الإسلامية داخل المملكة، سواء من خلال دعمها السياسي أو الإلهام الأيديولوجي. مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى تزايد الضغوط على الحكومة الأردنية من قبل التيارات الإسلامية المحلية.
ويفاقم هذا التخوف صغر حجم الأردن وضعف خياراته في مواجهة تداعيات صعود نظام إسلامي في دمشق. فالأردن، بموارده المحدودة وقدراته الاقتصادية الهشة، يفتقر إلى المرونة السياسية التي تمكنه من احتواء تأثيرات محتملة كهذه دون كلفة باهظة.
– المخاوف الأمنية المتعلقة بالحدود، التي تمتد على طول 375 كيلومترا، تظل على رأس الأولويات. فهناك خشية من وجود حالة من الفوضى عبر الحدود في أن النظام الجديد بمؤسساته لا يزال قيد التشكل. هذه الفوضى قد تكون بفعل ظهور ميليشيات جديدة أو عودة تنظيم “داعش”، كما قد تكون بسبب وجود مجموعات في المنطقة الجنوبية من سوريا على الحدود الأردنية ليست على وفاق مع “هيئة تحرير الشام”، ما يجعل هناك احتمالية لاندلاع مواجهات مسلحة، مما يعزز من المخاوف الأردنية من أن تعود الفوضى الأمنية والاشتباكات إلى المناطق القريبة من الحدود.[39]
ويبدو أن القيادة السورية الجديدة تدرك ذلك، حيث نقلت مصادر أن عمّان تلقت تطمينات من أحمد الشرع، عبر وسطاء، بحفظ أمن الحدود السورية مع الأردن وانتهاء عهد تهريب المخدرات.[40]
وإجمالا، يمكن القول إن الأردن -وإن رأى مصالح في سقوط نظام الأسد- إلا أنه ينظر بريبة إلى صعود الإسلاميين في دولة محورية كسوريا، ويغلب عليه هذا التخوف لضعف بنيوي في النظام نفسه. وستعتمد التحركات القادمة للأردن على عدة عوامل، أبرزها مدى قدرة “هيئة تحرير الشام” على السيطرة الداخلية، وتمكنها من اكتساب الشرعية الدولية. عندها، قد يقتنع صانع القرار الأردني بأن التعاون مع الإدارة السورية الجديدة أمر واقع بحكم الجغرافيا السياسية. وبتعبير أحد المحللين الأردنيين، فإنه “فيما يتعلق بالأردن الوضع الجديد في سوريا أصبح حقيقة واقعة على حدوده، ومضطر أيضا أن يجد لنفسه طريقة لضمان مصالحه الأمنية والسياسية والاقتصادية”.[41]
وربما نشهد حاليا بدايات ذلك مع زيارة وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إلى دمشق، ولقائه بأحمد الشرع، وتصريحه بأن بلاده “تدعم العملية الانتقالية في سوريا”،[42] وأن “الإدارة الجديدة في سوريا لابد أن تأخذ وقتها لوضع خططها”.[43] هذا في الوقت الذي أكد فيه أيضا على ضرورة أن تكون الحكومة السورية الجديدة ممثلة لكل أطياف الشعب.
ويمكن القول إن هذه الزيارة والتصريحات التي تخللتها تعكس رغبة الأردن في عدم معاداة الحكومة السورية الجديدة، لأن المنطق الجيوسياسي يفرض عليها ذلك، لكنها في الوقت نفسه قد تعمل، خلف الكواليس بشكل أساسي، على احتواء الحالة الإسلامية في الجوار السوري بمعاونة حلفاء.
- النظام المصري
على المستوى الرسمي، قالت وزارة خارجية النظام المصري، في أول بيان لها بعد سقوط الأسد، إنها تتابع باهتمام كبير التغير الذي شهدته سوريا وتؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري ودعمها لسيادة سوريا ووحدة وتكامل أراضيها. ودعت الخارجية المصرية “جميع الأطراف السورية بكافة توجهاتها إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، وذلك من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي (..)”.[44]
ويمكن القول إن هذا البيان أضعف من نظيره الأردني، ويعكس تخوفا من مستقبل سوريا بعد سقوط الأسد. ففي حين أكد البيان الأردني على الوقوف “إلى جانب السوريين ويحترم إرادتهم وخياراتهم”، أشار البيان المصري إلى وقوفه بجانب “الدولة والشعب السوري”، في لحظة سقوط الأسد.
ورغم أن النظام المصري قد يرى أن سقوط نظام الأسد قد يخفف وجود لاجئين في البلاد، إلا أن تخوفاته من تمكن الثورة السورية من إسقاطه يبدو أنها تسيطر على تفاعله مع الحدث. وهذا يمكن رؤيته بوضوح في تفاعل الإعلام المصري الموالي مع سقوط الأسد، وتأخر المؤسسات المصرية في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة.
من ذلك، عرض مقطع دعائي نشرته قناة تلفزيونية مصرية مرتبطة بجهاز المخابرات تحذيرات للسيسي من أن سقوط “الأسد” يشكل تهديدا محتملا لمصر. وتضمن الفيديو مقتطفات من خطب السيسي، قال فيه إن “سوريا قد دُمرت”، متهما أطرافا غير معلنة بالسعي لتكرار هذا السيناريو في مصر. وحذر قائلا: “مهمتهم في سوريا انتهت… وهدفهم الآن هو إسقاط الدولة المصرية”.[45]
وحتى وقت كتابة هذه الأسطر، لم يحدث أي تواصل رسمي بين النظام المصري والحكومة الجديدة في دمشق، على الرغم من أن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، أبدى في تغريدة له على منصة “إكس” تطلع بلاده “إلى بناء علاقات هامة واستراتيجية مع مصر تحت احترام سيادة البلدين وعدم التدخل في شؤونهما”.[46]
وهناك أنباء متضاربة عن زيارة محتملة لوزير خارجية النظام المصري، بدر عبد العاطي، إلى دمشق، حيث أفادت صحيفة “الوطن السورية” بأنه يستعد لزيارة العاصمة السورية دمشق للقاء “الشرع”.[47] وأكد موقع “العربي الجديد” هذه الأنباء،[48] إلا أن مصادر مصرية لقناة “العربية” السعودية أكدت أنها عارية عن الصحة.[49]
غير أنه بنهاية العام، وبالتحديد في 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، أجرى “عبد العاطي” اتصالا بـ”الشيباني”، أكد فيه الأول “على استمرار التواصل خلال الفترة القادمة”.[50]
ويمكن إرجاع تخوفات النظام إلى عدة عوامل مترابطة: نجاح الثورة، وصعود الإسلاميين، واحتمالية تكوين محور جديد يضعف النفوذ المصري في الإقليم.
– نجاح الثورة: يتخوف السيسي من تبعات انتصار الثورة السورية. فالثورة السورية التي اندلعت عام 2011 كانت جزءا من موجة ثورية شملت مصر نفسها، وبالتالي فإن نجاحها يحمل رسالة بأن إسقاط الأنظمة ليس مستحيلا، وهو أمر يثير قلق السيسي ونظامه. ولذلك، يخشى النظام المصري من أن يؤدي نجاح الثورة السورية إلى إحياء الروح الثورية في الشارع المصري، خاصة بين الشباب الذين يشعرون بالإحباط من الوضع السياسي والاقتصادي الراهن.[51]
– صعود الإسلاميين: يرتبط بذلك أن انتصار الثورة السورية حمل معه صعودا للإسلاميين، الخصوم الرئيسيين للسيسي، الذين يمثلون تهديدا مزدوجا لنظامه؛ سواء من حيث التحدي الأيديولوجي الذي يطرحونه لشرعية نظامه، أو من خلال احتمال تعزيز موقف الجماعات الإسلامية داخل مصر. فالسيسي ينظر إلى أي صعود للإسلاميين في المنطقة على أنه محفز محتمل لإعادة إحياء نشاط الجماعات الإسلامية في مصر، وهو ما يشكل خطرا على استقرار حكمه.[52]
في هذا السياق، قالت قناة “كان” العبرية إن هناك حالة من الخوف من تأثير الدومينو في الدول العربية بعد سقوط الأسد، ونقلت عن دبلوماسي عربي في إحدى دول المنطقة أن المسؤولين في مصر والأردن وفي جميع أنحاء المنطقة يتابعون بقلق وخوف من أن ما حدث في سوريا سيشجع التيارات الإسلامية في بلدانهم.[53]
– إضعاف النفوذ المصري: إضافة إلى ذلك، فإن التقارب المحتمل بين الإسلاميين في سوريا والقوى الإقليمية مثل تركيا وقطر، التي تصطدم مصالحها مع النظام المصري، يزيد من مخاوف القاهرة من تشكيل محور جديد يخصم مزيدا من النفوذ المصري في الإقليم.
فكلتا الدولتين، تركيا وقطر، دعمتا الثورة السورية بشكل مباشر، سواء عبر التمويل أو الدعم السياسي والإعلامي وحتى العسكري، كما دعمتا القوى الإسلامية التي برزت في المشهد السوري منذ بداية الثورة. وبالتالي، فإن انضمام دولة كبيرة مثل سوريا إلى هذا المحور يعمق قلق النظام المصري، حيث يرى فيه تعزيزا لتحالفات إقليمية قد تشكل تهديدا للتحالفات التقليدية التي يعتمد عليها في المنطقة.
- الإمارات
منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011، اتخذت الإمارات العربية المتحدة موقفا متغيرا من الأحداث في سوريا، والذي تطور مع مرور الوقت ليعكس التوازنات الإقليمية والتوجهات السياسية للدولة. في البداية، كانت الإمارات من بين الدول التي أيدت التغيير في سوريا ودعمت مطالب الشعب السوري ضد نظام الرئيس بشار الأسد. ولكن بعد عدة سنوات، تحول هذا الموقف ليصبح أكثر تأييدا لنظام الأسد.
وفي عام 2018، كانت الإمارات أول دولة عربية تكسر حالة العزلة المفروضة على النظام السوري، بعد أن طُرد من جامعة الدول العربية في 2012. حيث أعادت العلاقات مع نظام الأسد بشكل رسمي، وأعادت فتح سفارتها في دمشق، واستمرت اللقاءات والتواصل بين الطرفين حتى بعد انطلاق عملية “ردع العدوان”، التي قادت إلى إسقاط الأسد.
ففي 1 ديسمبر/كانون الأول 2024، أجرى الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، اتصالا هاتفيا مع “الأسد”، أكد خلاله “ابن زايد” على “تضامن دولة الإمارات مع سوريا ودعمها في محاربة الإرهاب والتطرف”،[54] ما يعني أن الموقف الإماراتي كان حتى النهاية داعما لاستمرار الأسد.
بل ونقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن دولة الاحتلال الإسرائيلي كانت تسعى للحفاظ على نظام بشار الأسد في السلطة تحت رعاية إماراتية، وذلك ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى تقسيم سوريا إلى ثلاث كتل. الهدف من هذه الخطة كان تقليص نفوذ إيران وحزب الله في المنطقة، بالإضافة إلى إقامة شراكات استراتيجية مع الأكراد في الشمال الشرقي والدروز في الجنوب، مع الحفاظ على الأسد في دمشق بدعم مالي إماراتي.[55]
كما ركزت الخطة على الحد من النفوذ التركي في سوريا، وتحديدا في منطقة إدلب والشمال الغربي. وقد لعب السفيران الإماراتي والأردني دورا كبيرا في محاولة منع سيطرة هيئة تحرير الشام على العاصمة، حيث حثّ الأردن الجماعات المتحالفة معه من الجنوب، مثل قوات أحمد العودة، على الإسراع في الوصول إلى دمشق قبل وصول الهيئة. وعندما فشلت إسرائيل في منع سيطرة الفصائل على دمشق، لجأت إلى استهداف الأصول العسكرية السورية.
ويمكن إجمال الأسباب التي دفعت الإمارات لاتخاذ هذا الموقف في التالي:
– القلق من الإسلاميين: تشعر الإمارات بقلق عميق من القوى الإسلامية التي قد تهيمن على سوريا بعد الأسد. ويُعدّ هذا الموقف جزءا من موقف أوسع ضد الحركات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين. ولم تُخف الإمارات هذا التوجه، فقد صرح أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، قائلا: “نسمع تصريحات معقولة وعقلانية حول الوحدة، وعدم فرض نظام على جميع السوريين، لكن من ناحية أخرى، أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية”، مشددا على أهمية “العمل على عدم تكرار أخطاء الماضي”.[56]
كما صرح السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، أن “ما نبحث عنه هو سوريا جديدة علمانية وديمقراطية، وعلمانية هنا هي الكلمة الفاعلة الرئيسية”، مضيفا: “ما نريد أن نتجنبه هو وجود جماعات إسلامية”.
وعلى هذا، تعمل الإمارات على ضمان عدم هيمنة الإسلاميين على الوضع في سوريا، بحسب ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
– الخوف من النفوذ التركي والقطري في سوريا: رغم التقارب الأخير إلا أن الإمارات لا تزال تعتبر أن النفوذ التركي والقطري في سوريا يشكل تهديدا لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وربما يرتبط هذا بالسبب الأول أيضا؛ إذ أن كل من قطر وتركيا لعبتا دورا في دعم ثورات الربيع العربي، ولما رؤى في هذا الشأن تختلف عن رؤى محور الثورات المضادة.
ومن الواضح أن المرحلة الجديدة في سوريا تحمل معها نفوذا كبيرا لكل من تركيا وقطر، باعتبارهما داعمين بارزين لقوى الثورة. ووصف العديد من الخبراء تركيا بأن أصبحت “صاحبة اليد العليا” في المشهد السوري،[57] ويمكن رؤية ذلك في زيارة رئيس الاستخبارات التركية، إبراهيم قالن، المبكرة إلى دمشق، ثم زيارة ربما تكون تاريخية وتأسيسية لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان. كذلك، عبّر الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، عن النفوذ التركي صراحة حين قال: “مفتاح سوريا أصبح في يد أردوغان”.[58]
هذا النفوذ يثير القلق الإماراتي، وبتعبير المحاضر في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج بلندن، أندرياس كريغ، فإن “المشكلة عند الإماراتيين الآن هي أنهم يشعرون أنهم يتنازلون عن مساحة رئيسية في العالم العربي لمنافسيهم الأيديولوجيين في الدوحة وأنقرة”.
في هذا السياق، نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، عن مصدر مقرب من الحكومة التركية أن الرئيس أردوغان “يعتقد الرئيس أن المخاوف التي أثارتها السعودية والإمارات على وجه الخصوص ينبغي الاستماع إليها، وأن نصيحتهما في سوريا موضع تقدير”.[59]
ومؤخرا، حاول “فيدان” طمأنة الإمارات وغيرها قائلا: “يجب أن تتحد السعودية والإمارات وقطر وتركيا وغيرها من دول المنطقة ضمن إطار يقوم على التعاون واحترام الحدود والحقوق السيادية لكل منها. لكن الاحترام وحده لا يكفي؛ علينا الالتزام بحماية بعضنا البعض، وإلا فإن القوى الخارجية ستتدخل، مستغلة الانقسامات الإقليمية لتشعل صراعات دموية ومكلفة تدوم طويلا”.
وعلى ذلك، تقدمت الإمارات خطوة تجاه سوريا الجديدة، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، بنظيره السوري، أسعد الشيباني. كما قررت أبو ظبي استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق.[60]
أدوات الدول الرافضة
على الرغم من الاتصالات الجارية مع الإدارة الجديدة في دمشق، فإن الهدف المحتمل من هذه التحركات هو كسب الوقت، لحين التوصل إلى استراتيجيات قد تؤدي إلى تغيير النظام أو محاصرته. وربما تستغل هذه الدول أوراق الضغط الآتية:
– ورقة الشرعية: يمكن للدول الرافضة للتطورات الأخيرة في سوريا استخدام ورقة الشرعية الدولية والإقليمية كوسيلة للضغط على الإدارة الجديدة التي تسعى للحصول على اعتراف دولي وإقليمي يرسخ مكانتها ويدعم قدرتها على قيادة البلاد. في ظل سيطرة المعارضة السورية على دمشق وسقوط نظام بشار الأسد، تبدو قضية الشرعية وسيلة محورية للدول المتحفظة على التحولات السياسية في سوريا، خصوصا تلك التي تعبر عن قلقها من الطابع الإسلامي للفصائل المسيطرة.
وتشير تحركات بعض الدول العربية، مثل مصر والإمارات، إلى رغبة واضحة في إحياء قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي ينص على عملية انتقالية سياسية برعاية أممية. فرغم أن القرار لم يُطبق منذ تبنيه، إلا أن إعادة طرحه في “بيان العقبة” قد يعكس توجها لوضع الثورة السورية تحت وصاية دولية، مما يمنح الدول الكبرى فرصة للتدخل في تشكيل النظام السياسي الجديد. هذا التحرك ربما يُفسر -وفق البعض- كخطوة تهدف إلى إجهاض المسار الثوري الذي أطاح بنظام الأسد، واستبداله بعملية سياسية تخضع لموازين القوى الإقليمية والدولية.[61]
– ورقة الأقليات: تشكل حقوق الأقليات في سوريا أحد الملفات الحساسة التي قد تُستخدم كورقة ضغط من قبل الدول الرافضة للتطورات الأخيرة، للتشكيك بشرعية الإدارة السورية الجديدة ومنعها من تحقيق الاعتراف الإقليمي والدولي. إذ يشكل التنوع العرقي والديني في سوريا تحديا سياسيا واجتماعيا يتطلب معالجة دقيقة لضمان الاستقرار في المرحلة الانتقالية.
ومن الممكن أن تركز هذه الدول على نقاط تتعلق بإقصاء أو تهميش بعض المكونات السورية، سواء في القرارات السياسية أو في تقاسم السلطة. وقد يُروج لهذا على المستويين الإقليمي والدولي كذريعة للتشكيك بقدرة الإدارة الجديدة على إدارة التنوع العرقي والديني في البلاد، وهو ما قد يؤدي إلى تأخير أو عرقلة الاعتراف الدولي بها. إلى جانب ذلك، قد تلجأ هذه الدول إلى المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية لإثارة قضايا تتعلق بحقوق الأقليات، مثل عدم تمثيلها في العملية السياسية أو انتهاكات تتعلق بأراضيها أو ممتلكاتها.
ويمكن للإدارة الجديدة في سوريا تجاوز هذه التحديات من خلال العمل بشكل متوازٍ على عدة مسارات. الأول محاولة منع نشوء تحالفات صلبة ضدها، وخاصة العمل على اجتذاب السعودية إلى جانبها. فالإدارة الجديدة وإن كانت تستند بقدر ما على الحضور التركي، فإن تركيا قد تكون على عتبة تغيير بعد عامين ونيف، باعتبار أن الانتخابات المقبلة قد تكون صعبة مثل سابقتها؛ بسبب الأزمات الاقتصادية بشكل رئيسي. وعلى هذا، فإن تحييد السعودية سيكون من الأهمية بمكان، بحيث لا تنفرد القوى الأخرى (الإمارات والأردن ومصر وإسرائيل)، بالإدارة السورية الجديدة.
أما المسار الثاني فيتمثل في صياغة عقد اجتماعي جديد يضمن الحد الأدنى من متطلبات جميع الأطراف في سوريا. وهذا يتطلب من الإدارة الجديدة أن تعمل على تطوير آلية شاملة تشارك فيها جميع المكونات السورية، بما فيها الأقليات، لضمان الحقوق الأساسية والتوازن السياسي والاجتماعي. هذا الاتفاق المجتمعي بدوره قد يسحب هذه الورقة من يد قوى الثورة المضادة.
وهناك مسار ثالث يتمثل في العمل على وضع أسس قوية لمؤسسات الدولة، خاصة الأمنية منها، باتفاق الفصائل التي شاركت في الثورة، وما يصاحب ذلك من نزع للسلاح وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والشرطية والاستخباراتية.
تكامل هذه المسارات معا قد يصعّب على قوى الثورات المضادة الانقلاب على المكتسبات التي حققتها الثورة السورية حتى الآن.
(ب) الدول المرحبة بالتطورات في سوريا
- السعودية
يبدو أن موقف السعودية -حتى الآن- على مسافة من مواقف الدول الأخرى التي ذكرناها آنفا، ويرجع هذا بشكل أساسي إلى أن سقوط بشار الأسد يضعف بشكل كبير من نفوذ خصمها الرئيسي، إيران.
ولهذا، كان الموقف السعودي داعما لتسليح الثورة السورية مبكرا، فحسبما كشف رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق، حمد بن جاسم آل ثاني، فقد كانت هناك غرف عمليات كانت تدير عملية تسليح الثوار. وقال إن “غرف العمليات كانت تضم مندوبين من السعودية وقطر وتركيا والأردن والأمريكان، وكل شيء كان يمر من خلال هذه اللجنة الأمنية”.[62]
وكان هذا حينها موقفا معلنا من الإدارة السعودية على لسان مسؤوليها، ومنهم وزير الخارجية آنذاك، سعود الفيصل، الذي أكد في غير مرة أن تسليح المعارضة السورية “واجب”،[63] وشقيقه تركي الفيصل، المدير الأسبق لجهاز الاستخبارات السعودي، الذي دعا لتزويد الثوار بأسلحة مضادة للدبابات وطائرات.[64] كما كانت الرياض تدفع رواتب جنود “الجيش السوري الحر”.[65]
ورغم أن موقف الرياض طرأ عليه تغيير في السنوات الأخيرة عبر الانفتاح على التعامل مع الأسد، إلا أنها في أول تعليق لها على تحرير دمشق، عبّرت المملكة عن “ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري”. وقالت الخارجية السعودية، في بيان لها: “تابعت المملكة العربية السعودية التطورات المتسارعة في سوريا الشقيقة، وتعرب المملكة عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها”.[66]
كما أشار مندوب السعودية الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير عبدالعزيز بن عبدالله المطر، إلى “تقدير التضحيات التي قدمها الشعب السوري من أجل وطنه، والتطلعات بأن ينعم الشعب السوري بحياة كريمة يستحقها”، مؤكدا أن هناك حرصا على أن تعود سوريا لموقعها الطبيعي في العالمين العربي والإسلامي.[67]
ومن الإشارات الدالة على التباين بين السعودية وكل من الإمارات ومصر في هذا الملف هو التفاعل الإيجابي الذي أبدته السعودية مع الإدارة الجديدة مبكرا، حيث نقلت قناة العربية أن وفدا سعوديا برئاسة مستشار في الديوان الملكي السعودي قد التقى أحمد الشرع.[68]
وجاء ذلك بعد إشارة إيجابية أبداها “الشرع” تجاه المملكة قال فيها إن السعودية وضعت خططا جريئة جدا، وتتمتع برؤية تنموية نتطلع إليها الآن في دمشق، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن سوريا والسعودية يتمتعان بنقاط تقاطعات كثيرة مع ما تصبو إليه الإدارة السورية الجديدة ويمكن أن نلتقي عندها، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك.[69]
علاوة على هذا، لوحظ أن تغطية الإعلام السعودي مرحبة بالتطورات في سوريا، ويمكن ملاحظة التباين بينها وبين تغطية الإعلام الإماراتي، على سبيل المثال. ففي حين تركز القنوات الإماراتية -ومنها قناة “سكاي نيوز عربية”- على تاريخ ارتباط الشرع بالقاعدة وعلى تخوفات الأقليات في سوريا، نجد أن القنوات السعودية داعمة لإسقاط الأسد ومسلطة الضوء على جرائم نظامه، فضلا عن تركيزها على العديد من الأخبار التي تُظهر “الشرع” بصورة إيجابية.
آخر ذلك كان اللقاء الخاص الذي أجرته قناة العربية مع “الشرع”، والذي صرح فيه بأن “المملكة تسعى لاستقرار سوريا وأن للسعودية فرصا استثمارية كبرى في سوريا”، حيث قال: “أفتخر بكل ما فعلته السعودية لأجل سوريا، ولها دور كبير في مستقبل البلاد”. وتطرق الشرع لطفولته في السعودية باعتبار أنه ولد في الرياض، حيث قال إنه “عاش حتى سن السابعة في العاصمة السعودية ويحن إلى زيارتها مجددا”.[70]
وفي مطلع العام الجديد 2025، أجرى وفد سوري برئاسة وزير الخارجية، أسعد الشيباني، زيارة إلى الرياض في أول زيارة رسمية للخارج. وضم الوفد أيضا وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب، بما في ذلك من دلالة باعتبارهم أهم أركان الإدارة السورية الجديدة بعد “الشرع”.[71]
وبالحديث عن الأسباب التي دفعت السعودية لاتخاذ هذا المنحى، فإن العامل الإيراني يأتي في مقدمتها. ذلك أن هناك رغبة سعودية في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، ودمشق، في عهد الأسد، كانت تمثل بالنسبة لإيران شريكا استراتيجيا وحليفا قويا مكّنها من بسط نفوذها على منطقة الشام وربطها جغرافيا بمحور المقاومة الذي يشمل العراق ولبنان، وصولا إلى البحر المتوسط.
وبالنسبة للسعودية، كان استمرار هذا النفوذ الإيراني في سوريا يشكل تهديدا استراتيجيا مزدوجا. أولا، يتيح لإيران تعزيز وجودها على الحدود الشمالية للسعودية، مما يضيف بعدا جديدا للمخاطر الأمنية التي تواجهها المملكة. ثانيا، يسمح لإيران بزيادة تأثيرها في المنطقة العربية، وهو ما تعتبره السعودية تحديا مباشرا لدورها القيادي في العالم العربي والإسلامي.
وبالتالي، مع سقوط نظام الأسد، رأت السعودية فرصة حقيقية لتقليص النفوذ الإيراني في سوريا بشكل كبير. ويبدو أن الرياض أدركت أن دعمها للثورة السورية سيساهم في الحد من قدرة طهران على التأثير في دمشق مستقبلا، خاصة إذا تمكنت من المساهمة في تشكيل حكومة جديدة تتبنى سياسات مستقلة بعيدة عن المحور الإيراني.
إضافة إلى ذلك، فإن تقليص النفوذ الإيراني في سوريا ليس هدفا استراتيجيا فحسب، بل يمثل ضرورة حيوية لتعزيز الاستقرار الإقليمي من وجهة النظر السعودية. حيث ترى المملكة أن النفوذ الإيراني غالبا ما يرتبط بدعم حركات مسلحة ما دون الدولة، مما يؤدي إلى زعزعة الأمن واستمرار حالة الفوضى. وبالتالي، فإن دعمها للثورة السورية يعكس رؤية أوسع تهدف إلى احتواء إيران ومنعها من استخدام سوريا كنقطة انطلاق جديدة لتوسيع هيمنتها في المنطقة.
وهناك هدف آخر ربما يكون في ذهن صانع القرار السعودي في تعامله مع انتصار الثورة السورية، وهو رغبة المملكة في استعادة دورها القيادي في العالم العربي. فلسنوات، تعرضت المملكة لانتقادات داخلية وخارجية بسبب مواقفها السابقة التي اتسمت بالتردد تجاه النظام السوري، خاصة عندما بدأت بعض الدول العربية بإعادة تطبيع علاقاتها مع الأسد، والآن يعطيها سقوط “الأسد” فرصة لإعطاء صورة مخالفة لذلك. ويمكن القول إن المملكة في حاجة لمثل ذلك، خاصة مع احتمالية أن تبرم اتفاق تطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبالطبع، فإن هذا لا ينفي أن قلق السعودية من صعود الإسلاميين في سوريا، لكن يبدو أنها تتبنى استراتيجية تعمل على استيعابهم وبناء جسور معهم حتى الآن.
- قطر
ربما يكون الموقف القطري هو الأكثر اتساقا واستمرارية في مواقف الدول التي استعرضناها في هذا الملف. فقد كانت قطر من أوائل الدول التي أعلنت انحيازها الصريح للثورة السورية عند اندلاعها في عام 2011، معتبرةً إياها تعبيرا عن مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة.
هذا الدعم تجسد في تخصيص موارد مالية ضخمة لدعم المعارضة، وتوفير ملاذ آمن لقادتها، ومساعدة اللاجئين السوريين. إضافة إلى ذلك، أنشأت قطر ممرات إنسانية لتقديم الإغاثة للنازحين واللاجئين، خاصة في ظل القصف المكثف على المناطق الخاضعة للمعارضة. هذا فضلا عن أنه في أوائل عام 2012، دعا أمير قطر آنذاك إلى تدخل الجيوش العربية بشكل مباشر لإسقاط النظام السوري.[72]
وعلى الصعيد الإعلامي، حرصت قطر على استخدام منصاتها الإعلامية، وخاصة قناة الجزيرة، كمنبر لتسليط الضوء على معاناة الشعب السوري وفضح الانتهاكات التي ارتكبها النظام. هذا الدعم الإعلامي ساهم في حشد الرأي العام الدولي ضد نظام الأسد. وفي وقت اختارت فيه بعض الدول العربية إعادة فتح قنوات اتصال مع نظام الأسد قبل سقوطه، تمسكت قطر بموقفها الرافض لأي تطبيع مع النظام، مؤكدةً أن ذلك يعدّ شرعنة لانتهاكاته ضد الشعب السوري.
وفور سقوط النظام، أصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانا رسميا يرحب بالتغيير السياسي في سوريا، ويؤكد دعم قطر الكامل للشعب السوري. شدد البيان على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا، وحماية مؤسساتها من الانهيار، مع التأكيد على ضرورة تجنب الفراغ السياسي الذي قد يؤدي إلى حالة من الفوضى. كما سارعت إلى اتخاذ خطوة رمزية تمثلت في إعادة فتحها سفارتها في دمشق.
هذا فضلا عن زيارة وفد قطري رفيع المستوى لدمشق، على رأسه وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد الخليفي، في حدث هو الأول من نوعه بعد قطيعة مع النظام السابق استمرت 13 عاما.[73] وخلال الزيارة، عرضت قطر أن تساعد الحكومة السورية الجديدة في تأهيل المطارات وتسهيل تشغيل الرحلات الدولية، وأن يبحث وفد الخطوط الجوية القطرية سبل تطوير أجهزة الملاحة الأرضية في مطار دمشق وأبراج المراقبة الجوية وتدريب الكوادر الفنية.
ومع سقوط الأسد، فإن قطر تكتسب نفوذا أكبر في المنطقة، وبالتأكيد سوف تسعى إلى اغتنام الفرص لتأكيد نفوذها في “سوريا الجديدة”، وإن كان ذلك بطرق تعكس سعي الدوحة إلى تجنب النظر إليها باعتبارها تتجاهل مصالح الحكومات العربية الأخرى وتصوراتها للتهديد.
ففي حين أثارت سياساتها تجاه العقد الماضي حفيظة العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة أبو ظبي، فإن قطر سوف ترغب في التعاون مع دول الخليج العربية الأخرى فيما يتصل بسوريا ما بعد الأسد، في محاولة لتجنب الإخلال بعلاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
كذلك، فإن وجود الرئيس الأمريكي القادم، دونالد ترامب، في البيت الأبيض، سوف يجعل الدعم القطري للإدارة السورية الجديدة حذرا، آخذا في الاعتبار الموقف الأمريكي من “هيئة تحرير الشام”. كما إن الدوحة قد تجد نفسها بمثابة جسر حيوي بين “هيئة تحرير الشام” وإدارة ترامب، فإذا لم تحذف واشنطن “هيئة تحرير الشام” من قائمة الإرهاب في المستقبل القريب، فقد يجد البيت الأبيض أن موقف الدوحة مفيد للمصالح الأمريكية.
خاتمة
جاء إسقاط بشار الأسد نتيجة جهد ميداني من فصائل المعارضة مدعوم بالاستخبارات التركية، إلا أن هذا لم يكن كافيا لتحييد القوى الفاعلة مثل إيران وروسيا عن المعركة. لذا، نشطت أنقرة دبلوماسيا لضمان عدم تدخل أي من الطرفين، ما يشير إلى أن إسقاط الأسد كان نتيجة توافق سياسي بين القوى الفاعلة، بجانب ما كان من معارك عسكرية محدودة.
وفيما يتعلق بمواقف الدول العربية، تتباين التوجهات وفقا للمصالح الاستراتيجية، حيث تميل دول مثل مصر والأردن والإمارات إلى عدم الترحيب بالتطورات في سوريا. ورغم فتح قنوات تواصل مع السلطة الجديدة في دمشق، إلا أن الغرض الأساسي منه -فيما يبدو- هو كسب الوقت، حتى يتم إيجاد آليات قد تؤدي إلى تغيير النظام السوري أو فرض حصار عليه.
وفي المقابل، تتخذ قطر والسعودية مواقف أكثر انفتاحا على الإدارة الجديدة. وتعتبر الرياض أن التغيير السياسي في سوريا فرصة لإضعاف النفوذ الإيراني، بينما تتوقع قطر زيادة نفوذها في سوريا بسبب علاقاتها الطويلة مع الثوار.
ومع سقوط الأسد، يبقى المشهد السوري مفتوحا على مزيد من التطورات، حيث تسعى المؤسسات السورية الجديدة إلى بناء هياكل سياسية وأمنية قادرة على إدارة البلاد. ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات تحديات تتعلق بعدم الاعتراف الدولي، في ظل هيمنة “هيئة تحرير الشام” على الحكومة الجديدة. فعلى الصعيد العسكري، تكمن التحديات في بسط السيطرة على الأراضي السورية وإعادة هيكلة القوات المسلحة، أما على الصعيد السياسي، فيكمن التحدي في إمكانية الوصول إلى صيغة تفاهم داخلية ترضي متطلبات الحد الأدنى لجميع الأطراف لوضع الأساس اللازم لاستقرار الدولة.
المصادر
[1] ارتفاع حصيلة القتلى والشهداء من المدنيين والعسكريين إلى 446 خلال 5 أيام من المعارك والقصف ضمن عملية “ردع العدوان”، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 2 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[2] Sarah El Deeb, After entering Aleppo, Syrian insurgents advance to a nearby province. Assad says he’ll defeat them, Associated Press, December 1, 2024 – Link
[3] الطيران الروسي والسوري ينفذان غارات جوية على إدلب وريفها، سكاي نيوز عربية، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. رابط
[4] SOC Congratulates Syrian People on Liberation of Hama, National Coalition of Syrian Revolution and Opposition Forces, December 5, 2024 – Link
[5] ضياء عودة، لأول مرة.. حماة خارج سيطرة نظام الأسد، موقع قناة الحرة، 5 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[6] حمزة حبحوب، فصائل المعارضة تواصل تقدمها جنوب سوريا وتعلن سيطرتها على مدينة درعا، موقع فرانس 24، 7 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[7] “تحديث مباشر.. فصائل المعارضة السورية تعلن أن دمشق ‘حرة’ ويزعمون أن بشار الأسد هرب من العاصمة”، موقع سي إن إن بالعربية، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[8] المرصد السوري للعربية: القوات السورية انسحبت من أحياء عدة في حلب من دون قتال، الحساب الرسمي لقناة العربية على منصة “إكس”، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. رابط
[9] إيران تكشف ردة فعل بشار الأسد تجاه أداء الجيش السوري ضد هجوم المعارضة، موقع CNN العربية، 9 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[10] سمية نصر، ما الذي تسبب في انهيار الجيش السوري بهذه السرعة؟، بي بي سي عربي، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[11] سمية نصر، ما الذي تسبب في انهيار الجيش السوري بهذه السرعة؟، بي بي سي عربي، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[12] وحدة الدراسات السياسية، عملية ردع العدوان وانهيار قوات النظام السوري، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 3 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[13] الأسد يقرر زيادة رواتب العسكريين بنسبة 50 بالمئة بعد هجوم المعارضة، عربي 21، 4 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[14] “ردع العدوان”: بصورة مباغتة المعارضة السورية تطلق حملة عسكرية شمال سوريا ومقتل 150 شخصا، موقع قناة i24News الإسرائيلية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. رابط
[15] Anna Borshchevskaya, Did Assad’s Fall in Syria Really Weaken Russia?, Washington Institute, December 17, 2024 – Link
[16] Mireille Rebeiz, Assad’s fall in Syria will further weaken Hezbollah and curtails Tehran’s ‘Iranization’ of region, The Conversation, December 11, 2024 – Link
[17] Keren Setton, Middle East Shifts: Israel Cripples Iran’s Proxies, but Nuclear Threat Remains To Be Dealt With, The Media Line, December 24, 2024 – Link
[18] Matthew Levitt, After Hezbollah’s Miscalculations, It Has Lost Much of Its Power, Washington Institute, October 1, 2024 – Link
[19] Jared Malsin, Summer Said, and Isabel Coles, The 11-Day Blitz by Syrian Rebels That Ended 50 Years of Assad Rule, Wall Street Journal, December 8, 2024 – Link
[20] Israel prevented Iranian plane from landing in Damascus, Israel National News, November 24, 2024 – Link
[21] Turkey convinced Iran and Russia to abandon Assad, foreign minister says, Middle East Eye, December 13, 2024 – Link
[22] Sanam Vakil, The fall of Assad has exposed the extent of the damage to Iran’s axis of resistance, Chatham House, December 13, 2024 – Link
[23] Nicole Grajewski, Why Did Iran Allow Bashar al-Assad’s Downfall?, Carnegie Endowment for International Peace, December 9, 2024 – Link
[24] YetkinReport, Turkish FM: “A phone call from Moscow and Tehran ended Assad regime,” December 13, 2024 – Link
[25] Patrick Sykes, Turkish Spy Chief Visits Syria in Rush for Influence After Assad, Bloomberg, December 12, 2024 – Link
[26] ثوار سوريا يحصلون على أقوى أجهزة الاتصال وأكثرها أمانا من أسيلسان التركية، مسك للإعلام، 9 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[27] حمدي عامر، جلسة بمنتدى الدوحة.. مصير نظام الأسد في يد روسيا وإيران وتركيا، الجزيرة نت، 7 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[28] Donato Paolo Mancini, Russia Nears Deal With New Syria Leaders to Keep Army Bases, December 12, 2024 – Link
[29] خامنئي: دولة مجاورة لسوريا لعبت دورا في الإطاحة بالأسد وحذرناه، صحيفة العرب، 11 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[30] Office of the SpokespersonSecretary Blinken’s Meeting with Turkish President Erdoğan, U.S. Department of State, December 12, 2024 – Link
[31] محمد كليتش، شريفة تشتين، مايكل جابرييل هيرنانديز، الولايات المتحدة: كنا على تواصل تام مع تركيا بشأن التطورات في سوريا، وكالة الأناضول، 9 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[32] بلينكن يعلن شروط الولايات المتحدة للاعتراف بحكومة جديدة في سوريا، سي إن إن بالعربية، 10 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[33] عما يحدث في سوريا.. بيان للعاهل الأردني، قناة الحرة، 1 ديسمبر/كانون الأول 2024. الرابط
[34] ليث الجنيدي، جبهة درعا السورية مهددة بالاشتعال.. ما خيارات الأردن للمواجهة؟ (تحليل)، وكالة الأناضول، 4 ديسمبر/كانون الأول 2024 – الرابط
[35] الملك خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي: الأردن يقف إلى جانب السوريين ويحترم إرادتهم وخياراتهم، الديوان الملكي الهاشمي، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[36] الأردن: نحو 18 ألف سوري عادوا إلى بلادهم منذ سقوط الأسد، موقع قناة العربية، 26 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[37] السفارة السورية بعمّان توفر خدمة إصدار تذكرة مرور مجانية للعودة لسوريا، 21 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[38] وول ستريت جورنال: دول عربية لا تريد هيمنة الإسلاميين على سوريا، موقع تلفزيون سوريا، 15 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[39] ليث الجنيدي، جبهة درعا السورية مهددة بالاشتعال.. ما خيارات الأردن للمواجهة؟ (تحليل)، وكالة الأناضول، 4 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[40] طارق ديلواني، الحدود والمقاتلون معضلة الأردن مع سوريا الجديدة، إندبندنت عربية، 17 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[41] ليث الجنيدي، بعد استئنافهما التجارة.. ما مستقبل علاقات الأردن وسوريا؟ (تقرير)، وكالة الأناضول، 24 ديسمبر/كانون الأول 2024 – الرابط
[42] الصفدي يؤكد للشرع دعم الأردن للعملية الانتقالية في سوريا، الجزيرة، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[43] وزير الخارجية الأردني: لا بد أن تأخذ الإدارة الجديدة في سوريا وقتها لوضع خططها، قناة الجزيرة، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[44] مصر تؤكد دعمها لسيادة سوريا ووحدتها وتدعو جميع الأطراف السورية بكل توجهاتها إلى صون مقدرات الدولة، الهيئة العامة للاستعلامات، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[45] Clash Report, A propaganda video by an Egyptian intelligence-linked TV channel, December 24, 2024 – Link
[46] وزير الخارجية السوري الجديد يغرّد عن مصر، قناة الحرة، 28 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[47] خالد الفقي، بعد وساطة تركية مع مصر.. عبد العاطي يعتزم زيارة دمشق ولقاء الشرع, RT عربي، 27 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[48] بدر عبد العاطي يزور دمشق قريبا، العربي الجديد، 27 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[49] مصدر مصري: لا زيارة قريبة لوزير الخارجية إلى سوريا، قناة العربية، 28 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[50] يوسف علي أوغلو، وزير خارجية سوريا يبدي سعادته باتصال تلقاه من نظيره المصري، وكالة الأناضول، 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، رابط.
[51] لماذا غابت مصر عن المشهد السوري وأخذت موقفا عدائيا رغم الحضور العربي؟، عربي 21، 24 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[52] Mahmoud Hassan, What does Assad’s downfall mean for Sisi’s regime?, Middle East Monitor, 17 December 2024, Link
[53] كان العبرية: حالة من الخوف من تأثير الدومينو في الدول العربية بعد سقوط الأسد، شبكة الهدهد، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[54] رئيس الدولة يؤكد للأسد تضامن الإمارات مع سوريا ودعمها في محاربة الإرهاب، صحيفة البيان الإماراتية، 1 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[55] David Hearst, Revealed: How Israel’s plan to carve up Syria was thwarted by Assad’s downfall, Middle East Eye, 20 December 2024, Link
[56] الإمارات حذرة من قادة دمشق الجدد خوفا على النفوذ (محللون)، مونت كارلو الدولية، 17 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[57] أديب السيد: تركيا هي من باتت تملك اليد العليا في الملف السوري، قناة الغد، 17 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[58] ترامب: تركيا تتحكم بفصائل سوريا.. وبيدها مفتاح الأحداث، سكاي نيوز عربية، 16 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[59] Ragip Soylu, Turkey seeks Saudi Arabia and UAE support for new Syria, Middle East Eye, December 17, 2024 – Link
[60] إبراهيم شاكر، بعد أول اتصال رسمي.. ما آفاق العلاقة بين الإمارات وسوريا الجديدة؟، الخليج أونلاين، 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 – الرابط
[61] وحدة الدراسات السياسية، عن بيان قمة العقبة وعملية الانتقال في سورية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 17 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[62] غرف عمليات إسقاط نظام بشار الأسد، قناة الإعلامي عمار تقي، 7 مايو/أيار 2022. رابط
[63] سعود الفيصل: تسليح المعارضة السورية “واجب”، بي بي سي عربي، 31 مارس/آذار 2012. رابط
[64] أمير سعودي يطالب بتسليح ثوار سوريا، الجزيرة نت، 26 يناير/كانون الثاني 2013. رابط
[65] الغارديان: السعودية تدفع رواتب عناصر الجيش السوري الحر، بي بي سي عربي، 22 يونيو/حزيران 2012. رابط
[66] وزارة الخارجية: المملكة تتابع التطورات المتسارعة في سوريا الشقيقة، وتعرب عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق، الموقع الرسمي لوزارة الخارجية السعودية، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[67] محمد مخلوف، مسؤول سعودي عن سوريا: موقفنا ثابت من الأمن القومي العربي، موقع قناة العربية، 10 ديسمبر/كانون الأول 2024، رابط
[68] وفد سعودي يلتقي أحمد الشرع في قصر الشعب، موقع قناة العربية، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[69] أحمد الشرع: السعودية وضعت خططاً جريئة ولديها رؤية تنموية نتطلع إليها، موقع قناة العربية، 20 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[70] أول لقاء مع فضائية عربية.. الشرع يكشف ملامح سوريا الجديدة، قناة العربية، 29 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط
[71] أول زيارة رسمية لسلطات سوريا الجديدة.. وفد رفيع يصل السعودية، سكاي نيوز عربية، 1 يناير/كانون الثاني 2025. رابط
[72] أمير قطر يقترح إرسال قوات عربية “لإيقاف المذبحة في سوريا”، بي بي سي عربي، 14 يناير/كانون الثاني 2012. رابط
[73] وفد قطري في دمشق بعد قطيعة استمرت 13 عاما، قناة المملكة، 23 ديسمبر/كانون الأول 2024. رابط