المحتويات
أولًا: اختيار أسماء مقرري اللجان في “الحوار الوطني”
- هل يحاور النظام نفسه؟
- رغم مزاعم الحوار.. الاعتقالات مستمرة
ثانيًا: زيارة السيسي لقطر.. دوافع اقتصادية وموازنات سياسية
- أزمة اقتصادية خانقة
- استثمارات قطرية متنوعة
- موازنة النفوذ الإماراتي
ثالثًا: نظام السيسي والملف الليبي
- اعتراف استثنائي بحكومة باشاغا
- قطيعة مع حكومة الوحدة
- دوافع دعم نظام السيسي لحفتر
- لماذا تغير موقف النظام المصري؟
رابعًا: السيسي يُحَضر لمؤتمر المناخ
- انتقادات حقوقية تؤرق النظام قبيل مؤتمر المناخ
- غياب ملك بريطانيا
مقدمة
تناول تقرير ”دفاتر مصرية“ لشهر سبتمبر/ أيلول 2022، عددًا من القضايا ذات التأثير في المشهد السياسي المصري.
حيث استعرضت ”الدفاتر“مستجدات الحوار الوطني الذي دعا إليه قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، خلال شهر سبتمبر/ أيلول 2022، حيث انعقدت أربعة اجتماعات لمجلس أمناء الحوار، وتم خلالها اختيار المقررين العامين لمحاور الحوار الثلاثة؛ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك مقرري اللجان الفرعية المنبثقة عن هذه المحاور. وبدراسة أبرز الأسماء المختارة، يخلص التقرير إلى أن غالبهم من رموز نظامي مبارك والسيسي. كما يرصد التقرير استمرار الاعتقالات، ومقاومة الضغوط بشأن ملف حقوق الإنسان والمعتقلين في مصر. وهو ما يعزز البراهين المتواترة الدالة على شكلية هذا الحوار وعدم جدية النظام في إحداث تغيير إيجابي حقيقي في المشهد السياسي المصري.
كما تناول التقرير زيارة عبد الفتاح السيسي إلى قطر، واستعرض أهداف تلك الزيارة ودوافعها، معرجًا على الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الدولة المصرية جراء السياسات الحكومية غير الرشيدة، وكذلك بسبب إخفاقها في التعاطي الإيجابي مع الأزمات العالمية المتتالية. واختتم هذا الملف ببيان أن أحد المكاسب المحتملة للعلاقة المصرية مع قطر هو مقاومة أو موازنة النفوذ الإماراتي، الذي يسبب سخطًا وقلقًا لدى بعض الجهات داخل دولاب الدولة.
كذلك تناول التقرير بالتحليل تغير السياسة المصرية تجاه المشهد الليبي، عارضًا مظاهر هذا التغير، ومحاولًا البحث عن دوافعه.
وأخيرًا، استُعرضت تحضيرات نظام السيسي لقمة المناخ، الذي تبدأ فعالياته في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، كما رُصدت الانتقادات الحقوقية الدولية المكثفة التي تؤرق النظام إبان تحضيراته للقمة، وأشار التقرير إلى إمكانية تأثير هذه الانتقادات على حضور بعض قادة العالم للقمة المقرر عقدها في مصر.

أولًا: اختيار أسماء مقرري اللجان في الحوار الوطني
خلال سبتمبر/ أيلول 2022، انعقدت أربعة اجتماعات لمجلس أمناء الحوار الوطني، ليتم بذلك المجلسُ ثمانية اجتماعات منذ تشكيله في يونيو/ حزيران 2022. وكان أبرز ما تمخضت عنه هذه الاجتماعات هو اختيار المقررين العامين والمساعدين للمحاور الثلاثة التي يناقشها الحوار، وهي المحور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك اختيار المقررين العامين والمساعدين للجان الفرعية المنبثقة عن المحاور الثلاثة الرئيسة. وانتهاء بتوافق مجلس أمناء على لائحة سير إجراءات جلسات اللجان الفرعية.
هل يحاور النظام نفسه؟
ففي المحور السياسي، اختير علي الدين هلال مقررًا، ومصطفى كامل السيد مساعدًا له. وفي الاقتصادي، تم التوافق على أحمد محمود جلال مقررًا، ويساعده عبد الفتاح الجبالي. وأخيرًا المحور الاجتماعي، تم اختيار خالد عبد العزيز مقررًا، وهانية الشلقامي مساعدة له.[1]
كذلك انتهى المجلس إلى اختيار مرشحين للعمل كمقررين عامين ومساعدين للجان المحور السياسي الخمس؛ حيث اختيرت نيفين مسعد وأحمد راغب، كمقرر ومقرر مساعد للجنة حقوق الإنسان والحريات العامة، على الترتيب. كما اختير محمد عبد الغني ومحمد شوقي عبد العال، كمقرريْن، عام ومساعد، للجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي، على الترتيب. إضافة إلى سمير عبد الوهاب وعلاء عصام، كمقرريْن، عام ومساعد، للجنة المحليات، على الترتيب.[2] وكذلك وقع الاختيار على إيهاب الطماوي وخالد داوود، كمقررين، عام ومساعد، للجنة الأحزاب السياسية، على الترتيب. وأخيرًا، أحمد البرعي ومجدي البدوي، في لجنة النقابات والمجتمع الأهلي. وكذلك اختير مقرري لجان المحورين الاقتصادي والاجتماعي.
ولتقييم هذه الاختيارات ومحاولة التنبؤ بما يمكن أن تقدمه هذه الأسماء، تحاول السطور التالية بحث أسماء وتواريخ بعض من تولوا مناصب في هذا الحوار، لا سيما مقرري المحاور الرئيسة.
مقرر المحور السياسي، علي الدين هلال، شغل منصب وزير الشباب أكثر من 5 سنوات خلال عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، كما كان أمين التدريب والتثقيف السياسي بالحزب الوطني الديمقراطي المنحل، وكذلك أمين الإعلام بالحزب، وعضو هيئة مكتب أمانه الحزب من عام 2000 حتى 2006. أما مساعده أحمد كامل البحيري، فهو باحث متخصص في شؤون الإرهاب في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، التابع للحكومة.
أما المحور الاقتصادي، فقد شغل مقرره، أحمد جلال، منصب وزير المالية في أول حكومة بعد الانقلاب العسكري، كما كان عضوًا بمجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، الذي أسسه جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع، عام 1992. أما مساعده عبد الفتاح الجبالي، فهو رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لـ ”الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي“، كما شغل منصب رئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام الحكومية، ونائبًا في البرلمان عن الحزب الوطني المنحل، ومستشارًا للجنة الخطة والموازنة فيه، بين 2005 و2010. وفي المحور الاجتماعي، شغل مقرره، خالد عبد العزيز، منصب وزير الشباب والرياضة في أول حكومة بعد الانقلاب العسكري.
وكما يتضح من أسماء المقررين العامين والمساعدين للمحاور الثلاثة ومناصبهم وتاريخهم السياسي والمهني، فإن جميعهم تقريبًا شغلوا مناصب قيادية سابقة أو حالية في نظاميْ حسني مبارك وعبد الفتاح السيسي، فهم من طبقة السلطة وبطانتها بشكل أو آخر، وهو ما يعطي براهين إضافية تدلل على أن هذا الحوارَ شكليٌّ تحاور فيه السلطة نفسها، ولا تريد منه سوى القول إن هناك حوارًا تم، لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية تخدم النظام وأهدافه، لكن حقيقة الأمر تنبئ أنه لا شيء سيتحسن في المشهد السياسي المصري جراء هذا الحوار.
رغم مزاعم الحوار.. استمرار الاعتقالات
وإذا ما غُض الطرف عن أسماء المشاركين في الحوار وخلفياتهم المهنية والسياسية، فإن الوضع السياسي والأمني الذي تشهده مصر مذ أطلق السيسي دعوته للحوار المزعوم في إبريل/ نيسان الماضي، تدل بشكل واضح على استمرار السلطة الانقلابية لنفس السياسات والمنهجيات في تعاملها مع معارضيها.
فرغم الحديث عن تفعيل وتنشيط للجنة العفو الرئاسي عن معتقلي الرأي في مصر، الذين كانت تنفي السلطة الانقلابية وجودهم بالأساس، لم يخرج حتى الآن من سجون السيسي سوى بضع مئات، لم يتجاوزوا الـ 700 على أقصى التقديرات المتاحة حتى أغسطس/ آب الماضي[3]، أي بعد 4 أشهر من دعوة السيسي للحوار.
وحتى بعض أولئك الذين أُخرجوا من السجون، أعيدوا إليها مرة أخرى، فقد أعادت سلطة الانقلاب اعتقال الناشط السياسي والقيادي في حركة 6 إبريل، شريف الروبي، منتصف سبتمبر/ أيلول 2022، بعد الإفراج عنه بثلاثة أشهر فقط، وهو ما أدانته منظمات حقوقية متعددة، معتبرة أن مثل هذه الممارسات تكذّب الادعاءات التي يتبناها البعض بشأن انفراجة حقوقية في مصر، معتبرين أنها تدحض مزاعم الحوار الوطني.[4]
ورغم تعهد وزيرة الخارجية البريطانية السابقة ورئيسة الوزراء الحالية، ليز تروس، في يونيو/ حزيران 2022، بالسعي للإفراج عن الناشط المصري علاء عبد الفتاح[5]، وكذلك المطالبة الرسمية من بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، خلال مكالمة أجراها مع السيسي في أغسطس/ آب 2022، بضرورة حل قضية علاء عبد الفتاح. إلا أن السيسي لم يستجب لهذه الضغوط حتى الآن، رغم مرور أكثر من 3 أشهر على هذه الضغوط الرسمية، بل إن بيان الرئاسة المصرية بشأن الاتصال الهاتفي بين جونسون والسيسي تجاهل أي حديث عن قضية عبد الفتاح.
فرغم هذا الضغط السياسي عالي المستوى الذي تمارسه الحكومة البريطانية على حكومة السيسي لإطلاق سراح عبد الفتاح، إلا أن السلطة تستمر في احتجازه حتى الآن، دون أن تبدي أي تزحزح عن موقفها، ما يعطي صورة عن الكيفية التي يتعامل بها السيسي مع الضغوط الخارجية بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر. وكذلك يعطي دلالة غير خفية عن نظرة السلطة وتعاملها مع ملف معتقلي الرأي وحقوق الإنسان في ظل دعواتها لإجراء حوار وطني، بالرغم من أن أي حوار سياسي لا يمكن أن يكون جادًا إلا إذا كان على رأس أولوياته حل السلطة لأزمة المعتقلين السياسيين.
وعليه، يستمر نظام السيسي في ممارساته القمعية لمعارضيه في الداخل المصري، كما يواصل تجاهله ومقاومته للضغوط الخارجية التي يواجهها بشأن ملف حقوق الإنسان وأوضاع المعتقلين السياسيين. وفي ذات الوقت، تتواصل مجريات حوار وطني دعا إليه السيسي، وتثبت مجرياته يومًا بعد يوم شكلية هذا الحوار، وهزلية نتائجه المرتقبة، وعدم جدية الداعين إليه في الوصول إلى نتائج إيجابية حقيقة.

ثانيًا: زيارة السيسي لقطر.. دوافع اقتصادية وموازنات سياسية
منتصف سبتمبر/ أيلول 2022، أجرى قائد الانقلاب المصري، عبد الفتاح السيسي، زيارة إلى دولة قطر، استغرقت يومين، التقى خلالها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وهذه المرة الأولى التي يزور فيها السيسي قطر منذ انقلابه على السلطة المنتخبة عام 2013.[6]
كما يعد هذا اللقاء هو الثاني المباشر بين السيسي وآل ثاني منذ الانقلاب العسكري، حيث كان الأول في يونيو/ حزيران 2022، حين زار أمير قطر القاهرة، بعد قطيعة استمرت سنوات، كان أحد أسبابها الرئيسة مشاركة مصر مع كل من السعودية والإمارات والبحرين في فرض حصار رباعي على دولة قطر، وذلك لخلافات بين هذه البلدان وبين قطر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والمحلية؛ ويأتي من أهمها الزعم من قبل مصر وحلفائها بأن قطر تدعم وتمول جماعة الإخوان المسلمين، والتي تناصبها حكومات الدول الأربع العداء.
وتأتي هذه الزيارة بهدف “تعزيز أطر التعاون الثنائي المشترك” وبحث “أهم محاور العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين الشقيقين، فضلًا عن التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خلال المرحلة الراهنة”، حسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي.[7]
ويبدو أن الطابع الاقتصادي والاستثماري كان الأكثر أولوية وأهمية لدى عبد الفتاح السيسي، حيث التقى في يوم زيارته الأول عددًا من ممثلي رابطة رجال الأعمال القطريين، بمشاركة وزير التجارة والصناعة القطري، محمد بن قاسم آل ثاني، ورئيس مجلس إدارة الرابطة، فيصل بن قاسم آل ثاني. وأكد السيسي خلال اللقاء حرصه على “تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مجتمع رجال الأعمال والشركات القطرية، وتنمية الاستثمارات المشتركة“[8]. ثم توج لقاء السيسي مع أمير قطر بتوقيع مذكرة تفاهم بين جهاز قطر للاستثمار وصندوق مصر السيادي للاستثمارات والتنمية، وأخرى بشأن التعاون في مجال الموانئ.[9]
وقبيل مغادرة السيسي الأراضي القطرية، صدر قرار من نيابة أمن الدولة العليا المصرية بإخلاء سبيل صحفي الجزيرة مباشر، أحمد النجدي، المعتقل منذ أغسطس/ آب 2020[10]. وأعقبه تصريح من المحامي طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، يؤكد فيه أن قرارات بالإفراج ستصدر قريبًا عن عدد من المعتقلين، مرجحًا أن تلك القرارات ستشمل كل صحفيي الجزيرة[11]. وبغض النظر عما تسببه تلك الإجراءات من تشكيك في استقلالية الأجهزة القضائية المصرية، وضرب لسردية النظام التي دأب على ترديدها خلال السنوات الماضية، وهي أن معتقلي الرأي في مصر محتجزون وفقًا لإجراءات قانونية ومحاكمات قضائية عادلة. لكن هذا الإجراء يدل على مدى رغبة النظام الانقلابي في تحسين وتطوير علاقته مع الدولة القطرية.
ولا شك أن التقارب المصري القطري يأتي في إطار التوجه الإقليمي الجديد، الساعي لتسوية الخلافات وتبريد الأزمات التي عصفت بالمنطقة خلال العقد الفارط. وقد أثمر هذا الإطار عن مباحثات مصرية قطرية، ومصرية تركية، سعيًا للتقارب وتسوية الخلافات. لكن ما يلفت النظر هو أن القاهرة تبدي رغبة وإقبالًا على التقارب مع الدوحة، مع أنها في ذات الوقت تبدي ممانعة أو مماطلة نسبية حتى الآن فيما يتعلق بالتقارب مع أنقرة. وهنا يبرز تساؤل حول الأسباب الحقيقية وراء تسارع التقارب المصري القطري.
أزمة اقتصادية خانقة
يبدو أن العامل الحفاز الأكثر تأثيرًا فيما يتعلق بالعلاقات المصرية القطرية هو العامل الاقتصادي. حيث تشهد مصر أزمة اقتصادية غير مسبوقة، سببتها سياسات مالية وقرارات اقتصادية غير مدروسة على مدار السنوات التسع الماضية، وكذلك إثر أزمات دولية متتالية أخفق النظام في التعامل مع تداعياتها، بدءًا من انتشار جائحة كورونا، وانتهاء بالأزمة التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تبعها من أزمة في أسعار الطاقة العالمية، ورفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي، وهو ما سبب ضغطًا على اقتصاديات العالم بأكمله، لا سيما الاقتصادات الناشئة منها.
وبالعودة إلى الوراء قليلًا، يتضح أنه على مدار السنوات السابقة، استمر الدين الخارجي المصري في التصاعد بشكل متسارع للغاية، وأصرت الحكومة على إنفاق هذه الديون على مشاريع خدمية أو إنشائية غير ربحية، وهو ما سبب أزمة حين حلت آجال استحقاق السداد. وحينها اضطرت الحكومة للضغط على البنوك لاستخدام أرصدتها لسداد مستحقات الأموال الساخنة، وتوفير الدولار للمستوردين، ما أدى في النهاية إلى تحول الأصول النقدية الدولارية إلى قيم سالبة. وقد صاحب ذلك تواصل السحب من الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي فقد نحو 20 بالمئة من قيمته خلال 6 أشهر فقط (الربعين الأولين من العام الجاري)[12].
وعلى الجانب الآخر، حاولت الحكومة تثبيت أسعار الدولار رغم شح موارده، وهي السياسة التي تسببت في تعقيد الأزمة بالنسبة للدولة ومواطنيها، ولم يفد في النهاية سوى مستثمري الأموال الساخنة، الذين تمكنوا من الهروب بأموالهم بسعر صرف متدن.
ومن السياسات الحكومية التي تسببت في تعقيد المشهد، هي سياسة إعادة تدوير القروض، فبسبب عدم قدرة الدولة على سداد التزاماتها الدولارية، اتجهت الدولة للاقتراض مجددًا لسداد القديم. ولكن هذا المنهج لم يعد مجديًا وفعالًا حين حدث نوع مما يمكن تسميته بـ ”الانسداد الجزئي“ لمصادر القروض الجديدة.
وبسبب الإخفاق الحكومي في التعاطي مع الأزمات العالمية المتتالية المشار إليها أعلاه، وكذلك بسبب السياسات الحكومية غير المدروسة وغير الرشيدة، هربت الأموال الساخنة من سوق السندات في مصر، وقد أشار وزير المالية المصري، محمد معيط، إلى خروج نحو 35 مليار دولار استثمارات أجنبية من السوق المصرية منذ أزمة كورونا[13]، وهو ما أدى -مع عوامل أخرى- إلى ضغط كبير على الوضع المالي لمصر. أضف إلى ذلك الالتزامات الضاغطة التي تواجه الحكومة خلال الربعين الأخيرين من العام الجاري، حيث تشير التقديرات إلى أن الفجوة الدولارية الواجب تدبيرها بشكل فوري (من بداية يوليو/ تموز حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2022)، يتراوح تقديرها بين 32 و37 مليار دولار أمريكي[14].
ولبيان حجم الضغط الذي يشهده الاقتصاد المصري، خلصت دراسة موسعة حول أزمة النقد الأجنبي في مصر، إلى استنتاج يفيد أن الدولة المصرية، لكي تواجه تلك الالتزامات العاجلة، ينبغي أن تحصل على قرض من صندوق النقد، بقيمة لا تقل عن 15 مليار دولار، مع إعادة جدولة مستحقات الصندوق للعام الجاري، والقبول بشروطه، والاعتماد الكامل على بيع الأصول بأقل من سعرها العادل، وتعتبر الدراسة أن هذه جميعًا تمثل مصادر أساسية لسد الفجوة الحالية، وأن غياب أي من هذه المصادر يعني إعلان الإفلاس الوشيك، وغياب كل أو جزء من هذه المصادر يعني إعلان الإفلاس. وحتى في حال تلبية الاحتياجات الحالية، فإن ذلك لا يعدو كونه تأجيلًا لإعلان الإفلاس مرحليًا وبشكل مؤقت.[15]
ولمواجهة تلك الالتزامات، طرق النظام المصري عددًا من الأبواب، منها الدخول في مفاوضات ممتدة مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض تسهيل الصندوق الممدد[16]. وحسب تقديرات “غولدمان ساكس” و”بنك أوف أميركا“، فمصر تحتاج إلى تأمين نحو 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي[17]. لكن مفاوضات الصندوق لا تزال لم تحسم بعد، حيث كشف وزير المالية المصري عن تأخر نتائج المفاوضات النهائية مع صندوق النقد[18].
ومع الضغط والمماطلة النسبية التي تلاقيها مصر فيما يتعلق بالحصول على قروض جديدة، وفي ظل تصاعد الأزمة المالية في مصر، والضغوط على الجنيه المصري، وكذلك زيادة الطلب على العملات الأجنبية، توجهت الحكومة المصرية إلى الخليج، أملًا في أن يقدم الدعم اللازم لمصر كما كان يفعل منذ انقلاب يوليو/ تموز 2013، حيث شكلت ودائع كل من السعودية والإمارات والكويت أغلبية حجم الاحتياطي الأجنبي النقدي في البنك المركزي المصري آنذاك.
وفي هذا السياق، جاء تصريح مسؤول حكومي أوائل يوليو/ تموز 2022، والذي وضح فيه نهج الحكومة المصرية في الفترة القادمة، فقال: ”أصبح من الواضح الآن أن صفقة صندوق النقد الدولي لا تتقدم بالسرعة المرجوة، لذا سيتوجه تركيزنا نحو جذب الاستثمارات من الخليج“.[19] كذلك دعا قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، الدول الخليجية إلى تحويل ودائعها لدى البنك المركزي إلى استثمارات مباشرة[20].
إذن، وبشكل واضح، وبسبب الضغوط الاقتصادية، وتأخر القروض التي يطلبها النظام من صندوق النقد وغيره من المؤسسات والجهات، يتجه السيسي ونظامه إلى استجلاب الدعم عن طريق الدول الخليجية، لكن هذه المرة لن يكون عن طريق ودائع أو منح أو غيرها من أشكال الدعم التي كان يتلقاها النظام سابقًا. فذلك لم يعد متاحًا في الوقت الآني بذات الحجم الذي كان متاحًا به في السابق.
وبسبب ذلك، لجأت حكومة السيسي إلى الإسراع في إعلان بيع أصولها، بهدف توفير السيولة الدولارية اللازمة لسداد التزاماتها العاجلة، حتى لا تضطر في النهاية إلى إعلان تعثرها عن السداد.[21] وللمضي قدمًا في هذه السياسة -أي سياسة بيع الأصول وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلالها، أعلنت الحكومة برنامجًا يحوي تفاصيل خطة واسعة لبيع أصول مملوكة للدولة[22].
وبناء على هذا البرنامج، وقعت الحكومة المصرية العديد من الاتفاقيات مع أبرز الدول الخليجية وأكثرها تأثيرًا في المنطقة؛ السعودية والإمارات وقطر، لإنشاء صناديق استثمارية وشراكات بمليارات الدولارات، وتتنافس الصناديق السيادية للدول الثلاث على شراء حصص في الشركات والأصول التي طرحتها الحكومة المصرية للبيع. ومن هذه النقطة على وجه التحديد، تأتي أهمية التعجيل في تحسين وتطوير العلاقة مع قطر بالنسبة للنظام المصري، باعتبارها واحدة من الدول الثرية القادرة على دعم الاقتصاد المصري، جنبًا إلى جنب مع الإمارات والسعودية.
استثمارات قطرية متنوعة
ففي نهاية مارس/ آذار الماضي، تم الاتفاق بين الجانبين المصري والقطري على مجموعة من الاستثمارات والشراكات داخل مصر، بقيمة تبلغ 5 مليارات دولار في الفترة القادمة، حسب بيان رئاسة مجلس الوزراء المصري[23]. ورغم أن بيان الحكومة لم يرد فيه ما يفيد بماهية المجالات التي سيتم ضخ الاستثمارات القطرية بها، أو حتى مواعيد إبرام تلك الصفقات، إلا أن هالة السعيد، وزيرة التخطيط المصرية، صرحت بأن صندوق الثروة السيادي القطري سيستحوذ على أصول مملوكة للدولة المصرية[24].
كما يتنافس صندوقا الاستثمار الإماراتي والقطري على شراء حصص في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، التي تطرحها وزارة النقل البحري على القطاع الخاص، في إطار توسعها بإسناد خدمات الموانئ البحرية والجافة للقطاع الخاص. كذلك يسعى الصندوق السيادي القطري للاستحواذ على ربع أصول شركة فودافون لخدمات الهواتف النقالة، والتي تمتلك شركة ”المصرية للاتصالات“ الحكومية 45% من أسهمها[25]. وتشير مصادر إلى أن ”فوادافون“ باتت هدفًا كذلك لكل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي السعودي) وشركة أيه دي كيو القابضة الإماراتية (صندوق أبو ظبي السيادي)[26].
كذلك تواردت الأنباء عن استهداف قطر الاستحواذ على 25 بالمئة من حصص الشركة الشرقية للدخان، التي تُعَدّ المنتج المهيمن على صناعة السجائر والتبغ والدخان المحلية، لسنوات، وتحقق عوائد بلغت 74 مليار جنيه[27].
كما تم الإعلان عن استحواذ شركة قطر للطاقة على الاستحواذ على 40 بالمئة من منطقة استكشاف تملكها شركة إكسون موبيل في البحر المتوسط[28]. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعلنت قطر استحواذها على 17 بالمئة من منطقتين للتنقيب عن النفط والغاز تديرهما شركة شل في البحر الأحمر[29]. كذلك تستثمر الإمارات في ذات المنطقة الاستراتيجية، حيث استولت ”مجموعة موانئ أبو ظبي“ على إدارة ميناء العين السخنة، كما استحوذت الشركة على 70 بالمئة من شركة IACC المصرية القابضة، والتي تملك حصص أغلبية في شركتي شحن تعملان في البحر الأحمر[30].
علاوة على ذلك، تتنافس كل من قطر والإمارات والسعودية للاستحواذ على بعض الشركات التابعة لقناة السويس أهم الأصول المصرية، بحسب المصادر المطلعة، ومن بينها شركات: التمساح لبناء السفن، والقناة للموانئ والمشروعات الكبرى، والقناة لرباط وأنوار السفن، والقناة للإنشاءات البحرية، والقناة للحبال ومنتجات الألياف الطبيعية والصناعية، وترسانة السويس البحرية، والأعمال الهندسية البورسعيدية، والقناة للترسانة النيلية.[31]
موازنة النفوذ الإماراتي
ومن زاوية التنافس هذه، نستطيع الانتقال بسلاسة من الاقتصاد إلى السياسة. فقد فتح برنامجُ الحكومة المصرية لبيع الأصول شهيةَ الدول الخليجية الثلاث، الطامح كل منها إلى زيادة نفوذه وتأثيره في المنطقة. وليس أهم من مصر في المنطقة العربية حتى تتنافس عليها أي دولة ترنو إلى التأثير في المنطقة. ومن المعلوم أن أحد أبرز أدوات التأثير، لا سيما على الدول التي تشهد أزمات اقتصادية مثل مصر، هي أداة الاستثمار والاقتصاد، وهي الأداة التي تمتلك منها الدول الخليجية الشيء الوفير.
وقبيل الانقلاب العسكري، لعب المال الخليجي دورًا ذا أهمية في المشهد السياسي المصري، حيث دعمت كل من السعودية والإمارات الثورة المضادة في مصر، وعززوا من إمكانات الساعين للانقلاب على اختيارات الشعب المصري. وبعد الانقلاب، كانت الدولتان الخليجيتان الداعميْن الأكثر نفوذًا وتأثيرًا للنظام الانقلابي، والذي ترجم من خلال الإنفاق السخي الذي بذل لدعم الانقلاب وتثبيت أركانه وتسويقه داخليًا وخارجيًا. وعلى النقيض من ذلك، تموضعت قطر في الصف المناهض لتحركات الدولتين الجارتين. وبناء على هذه المعطيات، باتت السعودية والإمارات حلفاء النظام المصري في المنطقة، بينما اعتبرت القاهرةُ الدوحةَ الداعم الرئيس لمن يسميهم السيسي وأذرعه الإعلامية ”أهل الشر“، وهو ما تغير مؤخرًا بطبيعة الحال.
لكن من الممكن القول إن السنوات الأخيرة شهدت توترًا وخلافًا مكتومًا بين مصر وحلفائها الخليجيين بشكل أو آخر. حيث إن كلًا من هذه الدول يتعامل مع القضايا المختلفة من منطق مصلحته الضيقة، وقد يتخذ مواقف أحادية بغض النظر عن موقف ومصلحة البلدان الأخرى. وهناك عدد من الشواهد التي من الممكن الاستدلال بها على هذه النتيجة.
ولعل من أبرز هذه الشواهد هو الموقف السعودي والإماراتي من قضية سد النهضة الإثيوبي، الذي تعتبره القاهرة ملف أمن قومي بالنسبة لها، حيث تستثمر الدولتان في المشاريع المرتبطة بالسد، رغم ضرره البالغ بالأمن القومي المائي للشعب المصري. كذلك دعمت أبو ظبي رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في حربه ضد خصومه المحليين، رغم أن ذلك ليس من مصلحة مصر أيضًا. وهو الموقف الذي أزعج النظام المصري بلا شك. وبالإضافة إلى ذلك، حاولت الإمارات خلال السنوات الأخيرة تصدير رسالة مفادها أن مركز ثقل القرار العربي متركز في أبو ظبي، وليس في الرياض أو القاهرة كما كان سابقًا، وهو بالتأكيد ما لا يروق لمراكز القوة واتخاذ القرار داخل مصر والسعودية.
كذلك فإن المسارعة الإماراتية للتطبيع مع الكيان الصهيوني أفقد مصر جزءًا ليس قليلًا من أهميتها الإقليمية والدولية التي كانت تتمتع بها سابقًا، حيث استمرت مصر على مدار عقود كوسيط شبه وحيد بين العرب والكيان الصهيوني، لكن المسارعة الإماراتية للتطبيع جعلت مصر تشعر بالخطر على مكانتها، وهو ما حدا بها إلى محاولة التحرك بفاعلية أكبر في الملف الفلسطيني مؤخرًا، في سعي مصري لإرسال رسالة مفادها أن الوجود المصري لا يزال مهمًا للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني واستقراره، وأنه لا ينبغي تخطي الدور المصري أو تجاهله بأي حال من الأحوال.
ومؤخرًا، تتحدث مصادر رسمية بين الفينة والأخرى عن استياء أو قلق متنام داخل دولاب الدولة من الأنشطة الإماراتية داخل مصر، بسبب الحجم الضخم لاستحواذاتها في الآونة الأخيرة، لا سيما فيما يخص الأراضي القريبة من قناة السويس، إضافة إلى سخط دفين يعزى إلى رفض الإمارات توفير دعم غير مشروط كما كان الوضع سابقًا، ومحاولة استغلال الوضع الراهن في شراء أصول رابحة من الدولة المصرية، فضلًا عن الأنباء التي تشير إلى رفض الإمارات لأن تلعب دور الضامن أمام صندوق النقد الدولي، كما حدث في قروض عامي 2016 و2020.[32]
كل هذه السلوكيات الإماراتية، التي يمكن وصفها بأنها ”عدائية“ تجاه مصر، كانت نتاجًا لكونها الداعم الخارجي شبه الوحيد أو الأكثر أهمية بالنسبة للنظام الانقلابي المصري، خصوصًا فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي. وبالتالي، قد يكون أحد دوافع التقارب مع قطر هو تعزيز القدرة على مقاومة النفوذ الإماراتي، وخلق نوع من التوازن في العلاقات مع الجانب الإماراتي.
وخلاصة الأمر، فإن العامل الاقتصادي هو العامل الحفاز الأكثر فعالية لدفع العلاقات المصرية القطرية قدمًا، نظرًا لما يمكن أن تقدمه الدوحة للقاهرة من دعم مادي، على هيئة استحواذ على أصول أو استثمارات مباشرة، يمكنها من تخطي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها نظام السيسي حاليًا. لكن البعد السياسي حاضر هو الآخر، حيث إن تعزيز العلاقات مع قطر يمكن النظام من موازنة ومقاومة النفوذ الإماراتي داخل مصر، لا سيما وأن هناك أطرافًا داخل دولاب الدولة المصرية تبدي استياءً وقلقًا من الأنشطة الإماراتية داخل مصر.

ثالثًا: نظام السيسي والملف الليبي
شهدت سياسة نظام السيسي تجاه الملف الليبي خلال عام 2021، بعض التغير؛ إثر انتخاب عبد الحميد الدبيبة، كرئيس للحكومة، من جانب المشاركين في الحوار بين الفرقاء الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، في فبراير/ شباط 2022.[33] لكن مع فشل حكومة الوحدة الوطنية في عقد انتخابات عامة في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021، بدا النظام المصري وكأنه يعود تدريجيا إلى سياسته التقليدية تجاه الملف الليبي، والتي سبقت وصول الدبيبة إلى السلطة.[34]
وخلال شهر سبتمبر/ أيلول 2022، صدر عن النظام المصري عدة إشارات تصب في النهاية إلى تعميقه للقطيعة مع حكومة الدبيبة –القائمة حتى اليوم والمعترف بها دوليا- في مقابل استمرار دعم الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، المسيطر على الشرق الليبي، في عودة للنظام المصري لما كان عليه أثناء فترة حكومة الوفاق الوطني الليبية، برئاسة فايز السراج.
اعتراف استثنائي بحكومة باشاغا
يمكن القول إن التغيير الرسمي في موقف مصر تجاه حكومة الوحدة جاء بعد انتخاب مجلس النواب -المنعقد في مدينة طبرق التي يسيطر عليها حفتر- وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، كرئيس جديد لمجلس الوزراء. فوفق مخرجات ملتقى الحوار السياسي، فإن المدة القانونية للسلطة التنفيذية الانتقالية هي 18 شهرا، تنتهي في 22 يونيو/ حزيران 2022.
لكن في المقابل، تؤكد حكومة الوحدة –التي تعمل من العاصمة طرابلس حتى الآن- أن ملتقى الحوار السياسي “أكد على أن انتهاء المرحلة الانتقالية يكون بإجراء الانتخابات، كما أنه جعل المواعيد تنظيمية وليست ملزمة”، وعليه فإن شرعية حكومة الوحدة مستمرة حتى تسليم البلاد لسلطة منتخبة مباشرة من الشعب الليبي.[35]
الموقف المصري في هذا الخلاف جاء مصطفا مرة أخرى مع معسكر حفتر. فبعد اختيار مجلس النواب الليبي لباشاغا، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا تثمن فيه اختيار مجلس النواب. وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد حافظ، إن مصر “تثمن دور المؤسسات الليبية واضطلاعها بمسئولياتها بما في ذلك ما اتخذه مجلس النواب من إجراءات اليوم بالتشاور مع مجلس الدولة وفقا لاتفاق الصخيرات”.[36]
واعتبر بيان الخارجية المصرية أن “مجلس النواب الليبي هو الجهة التشريعية المنتخبة، والمعبرة عن الشعب الليبي الشقيق، والمنوط به سن القوانين، ومنح الشرعية للسلطة التنفيذية، وممارسة دوره الرقابي عليها”. وبذلك تكون مصر هي الدولة الأولى –وربما الوحيدة- التي اعترفت رسميا بحكومة باشاغا، ولم يتغير الموقف المصري للانفتاح مرة أخرى على حكومة الدبيبة، رغم ما أظهرته الأحداث من تثبيت لحكومة الوحدة الوطنية سواء على المستوى السياسي أو العسكري.
فعلى المستوى السياسي، اتضح أن المجتمع الدولي ما زال يعتبر الدبيبة رئيسا شرعيا للحكومة الليبية، وهذا ما اتضح من الزيارات الرسمية التي قام بها الدبيبة لدول عدة، منها الجزائر ومالطا وتركيا ودول أفريقية، هذا فضلا عن تصريح واضح من الأمم المتحدة أكد استمرار الاعتراف بالدبيبة.[37] ففي رده على أسئلة الصحفيين بشأن ما إذا كانت الأمم المتحدة تعتقد أن الدبيبة لا يزال في منصبه رئيسا للحكومة، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: “موقفنا واضح ولم يتغير، وإجابتي المباشرة على سؤالكم هي بالإيجاب: نعم”.
وعلى المستوى العسكري، تمكن الدبيبة من دحر قوات باشاغا مرتين حين حاولت اقتحام العاصمة، وقد أتاح له ذلك تحجيم المجموعات المسلحة الموالية للأخير داخل العاصمة. من ذلك، تكليف الدبيبة لوزارة الدفاع بوضع خطة شاملة لإخراج المعسكرات من وسط مدينة طرابلس، وإعطائه تعليمات مباشرة لإزالة المقرات الأمنية من مصيف طرابلس وتحويلها إلى شاطئ عمومي، وإعادة مبنى الإذاعة بشارع النصر إلى قطاع الإعلام.[38]
ورغم هذه التطورات التي صبت في صالح تمكين حكومة الدبيبة، لم تغير مصر من موقفها. بل على العكس من ذلك، بدت سياسة القاهرة مخالفة لما أعلنته بنفسها في البيان المذكور. فقد ذكر بيان الخارجية المصرية بعد دعمه لانتخاب باشاغا، أن “مصر مستمرة في تواصلها مع جميع الأطراف الليبية بهدف تقريب وجهات النظر بينهم، وضمان حفظ أمن واستقرار البلاد، وتلبية تطلعات الشعب الليبي، ودعم جهود المصالحة الوطنية الشاملة بين الأشقاء الليبيين، وتوحيد المؤسسات الليبية”.[39]
قطيعة مع حكومة الوحدة
ففي 6 سبتمبر/ أيلول 2022، غادر وزير خارجية النظام المصري، سامح شكري، مقر انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب بمقر الأمانة العامة بالقاهرة، عقب تولي نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية رئاسة الاجتماع. وأعلن المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، أن “سبب مغادرة شكري والوفد المرافق له الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الخارجية العرب هو تولي المنقوش الممثلة لحكومة منتهية ولايتها رئاسة أعمال مجلس وزراء الخارجية العرب”، وفق تصريح لوكالة الأنباء المصرية الرسمية.[40]
الأمر الذي اعتبرته المنقوش أنه “مخالف لميثاق جامعة الدول العربية”، قائلة إن “انسحاب وزير خارجية مصر نحترمه ولا نتوافق معه لأنه مخالف لميثاق الجامعة العربية ومخالف لقرارات مجلس الأمن”. وأكدت أن “حكومة الوحدة الوطنية مدعومة دوليا بمواثيق دولية، وهي الحكومة الوطنية الانتقالية الأخيرة وصولا للانتخابات”.[41]
موقف “شكري” من رئاسة المنقوش، والضجة الإعلامية التي صاحبته، وتصريح الخارجية المصرية الذي برره، كل ذلك أعطى انطباعا أن مصر تعود بسياستها باتجاه إلى ما قبل انتخاب الدبيبة، والتي كانت تتمثل في قطيعة مع حكومة طرابلس الشرعية، ودعم لحفتر على مستويات عدة، ليس أقلها المستوى السياسي.
أما الموقف الثاني الذي أكد رجوع نظام السيسي لسياسته التقليدية تجاه ملف ليبيا هو ما صدر عن القاهرة بعد توقيع حكومة الوحدة مع الحكومة التركية، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، مذكّرة تفاهم في مجال الموارد الهيدروكربونيّة (النفط والغاز الطبيعي). فبموجب الاتفاق الجديد، سوف تتعاون الشركات التركية مع الجانب الليبي في التنقيب بالمناطق الاقتصادية التابعة لليبيا بموجب اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين. هذا فضلا عن المجالات الأخرى التي اشتملت عليها مذكرة التفاهم وهي: البروتوكول والاتصالات والإعلام والتدريب الأمني.[42]
رد الفعل المصري جاء واضحا برفض هذه الاتفاقيات بوصفها صدرت عن حكومة “غير شرعية”. وقالت وزارة الخارجية المصرية إن “شكري” تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره اليوناني، نيكوس ديندياس، تناول آخر تطورات العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية، وفي مقدمتها مستجدات الملف الليبي. وذكر البيان أن الجانبين أكدا على أن “حكومة الوحدة” المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم.[43]
وأكد “شكري” على الموقف ذاته، وتحدث عنه بإسهاب في مؤتمر صحفي عقب زيارة لـ”ديندياس” إلى مصر، كان الهدف منها هو مناقشة اتفاق طرابلس-أنقرة. فقد طلب الوزير المصري من الأمم المتحدة اتخاذ موقف واضح إزاء شرعية أو عدم شرعية حكومة الوحدة، قائلا: إن “هذه الحكومة أتت وفقا لاتفاق وتفاهم تمت صياغته واعتماده من قبل الأمم المتحدة”.[44]
وأضاف: “وبالتالي لا يجب أن تكون الأمم المتحدة صامتة فيما يتعلق بالتنفيذ الكامل والأمين لما اعتمدته وصاغته من اتفاق واضح ضمن منتدى الحوار الليبي عندما كلف هذه الحكومة بالاضطلاع بمدة ولايتها وبمهمة محددة، وهي الوصول إلى نهاية المرحلة الانتقالية بعقد الانتخابات في 24 من ديسمبر الماضي، وهي المسؤولية التي لم تضطلع بها”.
وأردف أن “الاتفاق كان واضحا وله فترة زمنية محددة انتهت في 22 يونيو، وبالتالي لا يجب التعامل مع هذا الوضع غير المرتكز على أي قدر من الشرعية”، مؤكدا ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب وقت ودعم جهود مجلس النواب الليبي ذات الصلة.
الموقف المصري-اليوناني المشترك من الاتفاقية الليبية – التركية أعاد إلى الأذهان الاصطفافات التي كانت موجودة عام 2019 بعد دخول تركيا على خط الأزمة الليبية، حيث إن اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته تركيا مع حكومة الوفاق حينها، ردت عليه اليونان حينها باتفاق مماثل مع مصر، التي تدعم الطرف المعادي لحكومة الوفاق، خليفة حفتر.[45]
وما يؤكد عودة المنطقة لهذا الاصطفاف مرة أخرى، هو رد كل من أنقرة وطرابلس على انتقادات أثينا والقاهرة. فمن الجانب التركي، قال وزير الخارجية، مولود تشاووش أوغلو، إنه “لا يحق لدول أخرى التدخل في الاتفاقية الموقعة بين بلدين ذوي سيادة”.[46] أما الجانب الليبي، فقد صرح الدبيبة أن “مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا مبنية على اتفاقيات سابقة حتى قبل عام 2011 وتمت مناقشتها لمدة عام كامل ولا تهمنا مواقف الدول التي عارضتها”.[47]
والعودة لما كانت عليه الحال قبل عام 2022، ستستوجب بالتبعية تعميق نظام السيسي دعمه لمعسكر حفتر، سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي، أو حتى العسكري. وهذا ما أشارت إليه حكومة باشاغا في ردها على مذكرة التفاهم الموقعة مؤخرا، حيث قالت إنها ستبدأ “التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين، للرد بشكل مناسب على هذه التجاوزات التي تهدد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا والمنطقة”.[48]
كما نقلت بعض المصادر الإعلامية أن هناك اتجاها لدعوة باشاغا، ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، إلى القاهرة، لعقد لقاءات رسمية مع مسؤولين مصريين، بهدف التأكيد على موقف القاهرة الرافض للاعتراف بحكومة الدبيبة والمؤيد لشرعية باشاغا في الخلاف القائم في ليبيا.[49]
دوافع دعم نظام السيسي لحفتر
وكما أسلفنا، فإن موقف نظام السيسي تغير مرتين على أقل تقدير حتى الآن من مجريات الأحداث في ليبيا. التغير الأول، جاء بعد دحر قوات حفتر من كامل الغرب الليبي بدعم تركي، وانتخاب الدبيبة كرئيس جديد للحكومة. أما التغير الثاني، فهو الموقف الجاري المتمثل في العودة مرة أخرى للقطيعة مع طرابلس، والتنسيق مع أحد طرفي الأزمة في ليبيا، وهو معسكر حفتر.
ولفهم هذا التغير في الموقف المصري، فإننا بحاجة لفهم دوافع الدعم المصري لمشروع حفتر، وتفضيله على معسكر طرابلس، المتمثل في حكومة الوفاق في السابق أو حكومة الوحدة في الوقت الراهن.
يمكن القول إن الدافع الأول لنظام السيسي في دعم حفتر هو الخطر الذي يستشعره من تبني دولة عربية للديمقراطية على حدوده، إذ أن ذلك سيؤثر –ولو على المدى البعيد- على استقرار النظام العسكري في مصر. وكما هو معلوم، فإن السيسي وصل إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في 2013 على محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب.
وحيث إن السيسي وصل لحكم مصر عبر انقلاب عسكري، واستمر خلال سنوات حكمه حتى الآن في استخدام سياسة باطشة وفرض قبضة أمنية على المواطنين، فإن هذا يتناقض تناقضا واضحا مع النظام الديمقراطي الذي تدعو قوى الثورة في ليبيا إلى تطبيقه، كواحدة من بلدان الربيع العربي.
ومما يزيد خوف السيسي من قيام ديمقراطية في ليبيا هو الموارد الطبيعية التي تتمتع بها الدولة، والتي تُمَكنها من تحقيق نهضة اقتصادية إذا تحقق لها استقرار سياسي.[50] وبطبيعة الحال، فإن تحقق هذا النموذج في دولة مجاورة لمصر –التي يتسم نظامها بالدكتاتورية على المستوى السياسي، وبالفشل على المستوى الاقتصادي- من شأنه أن يجعل المصريين يتطلعون إلى هذا تطبيق هذا النموذج المجاور، وهو ما يمثل خطرا على النظام.
هذا فضلا عن أن النظام المصري هو طرف في محور إقليمي معادي للثورات العربية، يتضمن أيضا الإمارات والسعودية والبحرين وإسرائيل. ما يعني أن دعم حفتر يأتي في إطار تنسيق مع قوى إقليمية هي ذاتها داعمة للسيسي، وضمانة له في استمرار حكمه. وهذا ما ظهر -على سبيل المثال- في افتتاح “قاعدة محمد نجيب” بنطاق المنطقة الغربية العسكرية.
فقد توجه السيسي بالدعوة لعدة مسؤولين عرب في افتتاح القاعدة العسكرية القريبة من الحدود الليبية، منهم: ولي عهد أبو ظبي حينها محمد بن زايد، وولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة، ومستشار العاهل السعودي خالد بن فيصل آل سعود، هذا فضلا عن حفتر نفسه. وتحدثت تقارير حينها عن دور إماراتي في بناء القاعدة، وأن الهدف منها هو دعم وإسناد قوات حفتر.[51]
أما الدافع الثاني فيتثمل في سيطرة قوات حفتر على منطقة الهلال النفطي الممتدة على أكثر من مئتي كيلومتر، والتي يُشحن منها أكثر من ثلثي النفط الليبي إلى الخارج.[52] وهو ما يؤمن حصول مصر على المنتجات البترولية المتواجدة داخل ليبيا بشكل مستمر وأسعار تفضيلية، كما أنها تضمن جزءا من احتياجات مصر البترولية عند حدوث نقص أو أزمات مفاجئة.
وهذا ما حدث بالفعل عندما توقفت شركة “أرامكو” الحكومية السعودية للطاقة عن إمداد مصر بالمواد النفطية في مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2016، إذ أعلنت ليبيا إنها مستعدة لتوفير كل احتياجات مصر من النفط. حتى إن عضو مجلس النواب الليبي، زياد الدغيم، طالب حينها حكومة بلاده بتقديم شحنات البترول اللازمة لدعم مصر دون مقابل.[53]
أضف إلى ذلك أسبابا أخرى دفعت السيسي للتمسك بدعم حفتر، كوجود حركات سياسية ليبية مؤيدة لمبادئ الثورة ولها منطلق إسلامي. وكما هو مشاهد في مصر، فإن التضييق على القوى الثورية عموما، وعلى تلك التي لها منطلق إسلامي خصوصا هو أحد محددات سياسته الداخلية في مصر.
هذه الأسباب المذكورة جعلت من دعم معسكر الجنرال العسكري حفتر خيارا استراتيجيا بالنسبة لنظام السيسي، وما غير ذلك فهو استثنائي طارئ على النهج المصري في التعامل مع الشأن الليبي. وقد يكون من ذلك إعلان النظام المصري اعترافه بحكومة الدبيبة حين انتُخبت.
لماذا تغير موقف نظام السيسي؟
عند انتخاب ملتقى الحوار السياسي الليبي للدبيبة كرئيس للوزراء، أعلنت مصر اعترافها بمخرجات الحوار. كما أعلن السيسي في مارس/ آذار 2021 “دعم مصر الكامل للحكومة الليبية برئاسة الدبيبة، والاستعداد لتقديم خبراتها في المجالات التي من شأنها تحقيق الاستقرار السياسي، فضلا عن المشاركة في تنفيذ المشروعات التنموية في ليبيا والتي تمثل أولوية بالنسبة للشعب الليبي الشقيق”.[54]
وفي الأشهر اللاحقة، زارت وفود من مصر طرابلس، وزار الدبيبة القاهرة والتقى بالسيسي.[55] كما اتُخذت خطوات لإعادة فتح السفارة المصرية بطرابلس،[56] هذا علاوة عن توقيع 13 اتفاقية بين الطرفين في سبتمبر/ أيلول 2021، في مجالات البنية التحتية، والشباب والرياضة، والتأمينات الاجتماعية، والمواصلات، والكهرباء، والبترول، خلال زيارة قام بها رئيس وزراء النظام المصري، مصطفى مدبولي، إلى طرابلس.[57]
هذا الانفتاح المصري على حكومة الدبيبة جاء في سياق دولي وإقليمي ربما كان هو السبب الأبرز في دفع السيسي لاستيعاب وجود حكومة الوحدة الوطنية الليبية. فقد تسبب تدخل تركيا ودعمها لحكومة الوفاق في توازن القوة العسكرية بين الشرق والغرب، بعد أن كان ميزان القوى يميل إلى معسكر حفتر المدعوم من الإمارات ومصر والسعودية وفرنسا وروسيا.[58]
وبدعم أنقرة، تمكنت حكومة الوفاق من دحر قوات حفتر من كامل الغرب الليبي. لكن تكافؤ القوة العسكرية في الطرفين أقنع الأطراف بصعوبة الحسم العسكري للخلاف، لذا اضطرت قوات حكومة الوفاق للتوقف على حدود مدينة سرت، وكذلك توقف حفتر عن عدوانه عن العاصمة. وذهب الطرفان إلى عملية سياسة أنتجت حكومة الوحدة الوطنية، التي قبل الجميع بها في البداية، وإن كان يعارضها.
وهنا يجدر القول أن النظام المصري لم يكن داعما للدبيبة بحال في انتخابات ملتقى الحوار السياسي، بل ربما فوجئ بفوزه. وذكرت تقارير في تلك الفترة أن القاهرة كانت تفضل فوز تحالف عقيلة صالح وباشاغا برئاسة المجلس الرئاسي ومجلس الوزراء. وهذا ما يصدقه الواقع حاليا، إذ أن السلطة في مصر تعترف بباشاغا، الذي اختير عبر البرلمان الذي يترأسه صالح.[59]
لكن الخيارات في يد صانع القرار في القاهرة لم تكن عديدة في هذا الوقت؛ ذلك أن الجميع اعترف بالدبيبة كرئيس للحكومة، سواء على المستوى الليبي الداخلي أو على المستوى الدولي. وبالتالي، يمكن القول إن نظام السيسي أذعن لاختيار الدبيبة على مضض، وانتظر الفرصة التي تمكنه من التشكيك في شرعية الأخير، وهذا ما حدث بالاعتراف الاستثنائي الذي تقدمه مصر لباشاغا، على حساب الدبيبة.
إذن، فإن الخيار الاستراتيجي لمصر في الساحة الليبية هو دعم حفتر بمشروعه الاستبدادي الذي يسعى لوأد الثورة، وتعطيل التجربة الديمقراطية. لكن في 2021 طرأ تغير على موقف النظام؛ نظرا للهزائم التي مُني بها مشروع حفتر وفشله في اقتحام العاصمة، بالإضافة إلى العملية السياسية التي رعاها المجتمع الدولي وأقرت بمشروعيتها جميع الأطراف. وبعد انتهاء مدة العام، ورغم استمرار الاعتراف العالمي بحكومة الوحدة، انقلب الموقف المصري ليعود لوضعه التقليدي الذي كان قبل انتخاب الدبيبة.
عودة نظام السيسي إلى القطيعة مع طرابلس يفوت على مصر بعض المصالح وبعض الأدوار الإيجابية التي قد تكون هي الدولة الأمثل للعبها على الساحة الليبية. فموقع مصر، وتاريخها الممتد مع ليبيا، بالإضافة إلى المصالح المصرية في ليبيا من عمالة بمئات الآلاف على أقل تقدير، وقدرة على إعادة الإعمار، كل ذلك يمكن مصر من لعب دور إيجابي يصب في صالح الدور المصري الإقليمي، بالإضافة إلى إثراء خزينة الدولة المصرية.
وبدلا من ذلك، اتجه نظام السيسي مرة أخرى لدعم طرف في ليبيا، ومهاجمة الطرف الآخر، تاركا لعب دور الوساطة أو تقريب وجهات النظر، الذي كان على مصر أن تضطلع به كدولة تمتلك المقومات التي ذكرناها آنفا. ورغم ما قد ينطوي عليه موقف النظام الحالي من مكتسبات، فإن هذه المكتسبات هي للنظام نفسه، بينما تتأثر مصر كدولة لها مصالح وأدوار تفرضها الجغرافيا السياسية.

رابعًا: التحضير لقمة المناخ
من المقرر أن تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية، قمة الأمم المتحدة للمناخ، بداية من 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حتى الـ 18 من الشهر نفسه. وعادة يشارك في هذه القمة قادة من حوالي 197 دولة، ومسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، كما يحضرها آلاف النشطاء المعنيين بالبيئة من كافة دول العالم. ويعد المؤتمر جزءا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وهي معاهدة دولية وقعتها معظم دول العالم بهدف الحد من تأثير النشاط البشري على المناخ.[60]
عملية اختيار الدولة المستضيفة للمؤتمر تتم وفقا لنظام التناوب بين القارات المختلفة. وقد اختيرت مصر لاستضافة المؤتمر في دورته الـ27، بعد أن قدمت طلبا في عام 2021 بهذا الخصوص، وحيث إنها كانت الدولة الإفريقية الوحيدة التي أبدت رغبتها في استضافته، فقد وقع الاختيار عليها. ويجدر الإشارة إلى أن الإمارات قد اختيرت لتحتضن الدورة القادمة لقمة المناخ خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.[61]
انتقادات حقوقية تؤرق النظام قبيل قمة المناخ
وكمؤتمر عالمي، يحضره كبار الشخصيات في العالم، من رؤساء وملوك ومؤثرين، فإنه يُعد فرصة للدولة المستضيفة لتحقيق بعض المكاسب، التي قد يكون منها الترويج للسياحة والاستثمار، هذا فضلا عن زيادة الدولة المستضيفة لقوتها الناعمة باستغلال مثل هذه المؤتمرات. لكن الحال ليس هكذا بالنسبة لنظام السيسي، الذي باتت تلاحقه الانتقادات الحقوقية الصادرة عن جهات عالمية؛ بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان، سواء الواقعة على الشعب المصري، أو التي طالت النشطاء المعنيين بالبيئة الذين يفدون من معظم دول العالم.
ففي يوليو/ تموز 2022، أصدرت 36 منظمة حقوقية –من بينهم منظمة هيومان رايتس ووتش- بيانا مشتركا انتقدوا فيه الوضع الحقوقي في مصر، وأكدوا أنه يجب على نظام السيسي تخفيف قبضته على الحيّز المدني، واحترام الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، لإنجاح قمة المناخ. وأضاف البيان أنه “ينبغي على السلطات المصرية أيضا أن تضع حدا للاعتداء القاسي على المدافعين عن حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المستقلة”.[62]
وأضافت المؤسسات الحقوقية أن هذه الانتهاكات التي تجري على يد النظام تشمل:” التحقيقات الجنائية التي لا أساس لها، والاحتجاز التعسفي، والاستدعاء للاستجواب القسري، والتهديد بإغلاق المنظمات المستقلة، وحظر السفر، وغير ذلك من الإجراءات التقييدية التي تهدد بتقويض استمرار المشاركة اللازمة للمجتمع المدني لتحقيق نتيجة إيجابية في مؤتمر المناخ”.[63]
ويبدو أن نظام السيسي اقتنع بأن سجله الحقوقي السيء سيكون عائقا لتحقيقه المكاسب المرجوة من مؤتمر المناخ، لذلك صرح وزير خارجية النظام، سامح شكري، أن مصر ستسمح بتنظيم احتجاجات سلمية على أراضيها خلال مدة إقامة قمة المناخ. وأكد شكري، في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، أن الاحتجاجات “سيسمح بها خلال المؤتمر”، وأضاف: “نعمل على تطوير مرفق مجاور لمركز المؤتمرات سيوفر الفرصة الكاملة لهم (النشطاء) للمشاركة والتظاهر والتعبير عن آرائهم”.[64]
لكن هذا التصريح نفسه كان سببا إضافيا في زيادة الانتقادات الموجهة للنظام من المنظمات العالمية. فقد أضافت المنظمات الـ 36 في بيانها أن تصريحات شكري أثارت قلقها “حيال تداعياتها المحتملة على النشاط السلمي في مؤتمر المناخ. بالنظر إلى القيود الحالية على الاحتجاج والتجمع في مصر، والتي ترقى إلى تجريمهما الفعلي”، وأكدت المنظمات أن هذه التصريحات “تشير ضمنا إلى أن السلطات المصرية لن تتسامح مع الاحتجاج خارج هذا المكان “المحدّد من الحكومة”.
وأضاف البيان: “لقد بعثت حملة القمع رسالة ترويع في جميع أنحاء مصر، فزرعت الخوف في قلوب الناس، وردعتهم عن ممارسة حقهم في التجمع السلمي. وجرت مواجهة الاحتجاجات النادرة التي اندلعت في السنوات الأخيرة مرة أخرى بالاستخدام غير القانوني للقوة والاعتقالات الجماعية، بما في ذلك الاحتجاجات المناهضة للحكومة في سبتمبر/أيلول 2019 و2020. فألقت قوات الأمن القبض على آلاف المتظاهرين والنشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين والمارة، ومن بينهم أطفال، وتعرض بعضهم للاختفاء القسري”.
وتجددت هذه الانتقادات الدولية حديثا مع إصدار مجموعة خبراء تابعين للأمم المتحدة بيانا انتقدوا فيه النظام المصري، لفرضه موجة قيود تُعرض النشطاء والمنظمات الحقوقية للخطر، قبيل استضافته لقمة المناخ، وركز البيان الأممي هذه المرة على القيود المفروضة على النشطاء المشاركين في القمة أنفسهم. فقال البيان إن الموجه الجديدة “تأتي بعد سنوات من القمع المتواصل والمستمر ضد المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان باستخدام الأمن كذريعة لتقويض الحقوق المشروعة للمجتمع المدني في المشاركة في الشؤون العامة في مصر”.[65]
وقال الخبراء في بيانهم: “إن عمليات التوقيف والاحتجاز، وتجميد أصول المنظمات غير الحكومية وحلها، وقيود السفر المفروضة على المدافعين عن حقوق الإنسان، خلقت مناخا من الخوف لمنظمات المجتمع المدني المصرية للمشاركة بشكل واضح في قمة المناخ”، محذرين من أن المنظمات غير الحكومية المصرية تعرضت في السابق للمضايقة والترهيب والانتقام لتعاونها مع الأمم المتحدة.
وبحسب البيان، عبر نشطاء المجتمع المدني عن “مخاوف رئيسية تتضمن الافتقار إلى المعلومات ومعايير الاعتماد الشفافة للمنظمات غير الحكومية المصرية، والزيادة المنسقة في أسعار الغرف الفندقية، والقيود غير المبررة على حرية التجمع السلمي خارج مكان انعقاد القمة، والتأخيرات غير المبررة في تقديم التأشيرات للمسافرين من الخارج”.
البيانات المتعاقبة دفعت نظام السيسي للرد عليها، والدفاع عن موقفه، إذ ادعى المتحدث باسم خارجية النظام، أحمد أبو زيد، إن تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش “تضمن كمّا كبيرا من المغالطات والمعلومات غير الدقيقة، والتي استند فيها إلى شهادات مصادر مجهولة، ومجموعات غير محددة تدعي وجود عوائق محتملة تواجه مشاركتها في المؤتمر”.[66] وهكذا، تحول المؤتمر من فرصة لتحقيق إنجازات اقتصادية وسياسية إلى مثار سخط عالمي على الإجراءات التعسفية التي يفرضها السيسي على الشعب المصري، وعلى الناشطين الراغبين بالمشاركة في مؤتمر المناخ.
غياب ملك بريطانيا
علاوة على كون المؤتمر –حتى الآن- جاء بمثابة تذكير للدول الغربية بانتهاكات السيسي لحقوق الإنسان، فإن هناك تطورات أخرى من شأنها أن تقلل من زخم المؤتمر. فقد قال مصدر في القصر الملكي البريطاني لوكالة رويترز، إن العاهل البريطاني، الملك تشارلز، لن يحضر قمة المناخ في مصر. وأوضح المصدر أن قصر باكنغهام طلب مشورة الحكومة بشأن قمة الأمم المتحدة للمناخ. وتم الاتفاق بالإجماع على أنه لن يكون من الصواب أن يحضر تشارلز شخصيا القمة فيما ستكون أول رحلة خارجية له بصفته ملكا.[67]
هذه الأنباء أكدها تقرير صادر عن صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية كشف أن رئيسة الوزراء الجديدة، ليز تراس، طلبت من تشارلز عدم الذهاب إلى مصر.[68] وكان الملك تشارلز قد صرح خلال شهر سبتمبر/ أيلول 2022، بعد توليه العرش أنه لم يعد من الممكن “إعطاء الكثير من وقته وطاقاته للجمعيات الخيرية والقضايا التي يهتم بها بشدة”.[69]
وبالطبع، فإن غياب الملك تشارلز سيقلل من زخم المؤتمر، خصوصا أنها كانت من المفترض أن تكون الرحلة الأولى له خارجيا. ورغم عدم صدور أي تعليق من جانب النظام، إلا أن مصادر في القاهرة صرحت لصحيفة “العرب” أن “هناك هواجس من أن يؤثر عدم حضور الملك تشارلز على المؤتمر، فهو من المهتمين أصلا بالمناخ والبيئة وكان له إسهام ملموس في مؤتمر غلاسكو العام الماضي عندما كان وليا للعهد، وكان ينوي حضور مؤتمر شرم الشيخ”.[70]
المصادر
[1] الصفحة الرسمية للحوار الوطني على موقع فيس بوك، بيان إعلامي حول خامس جلسات مجلس أمناء الحوار الوطني، 5 سبتمبر/ أيلول 2022.
[2] المصدر السابق.
[3] وكالة الأناضول، بعد الإفراجات.. الحوار الوطني بمصر يتقدم نحو التشريعات (تقرير)، 18 أغسطس/ آب 2022.
[4] العربي الجديد، منظمات مصرية: اعتقال شريف الروبي يدحض ادعاءات الحوار الوطني، 20 سبتمبر/ أيلول 2022.
[5] BBC عربي، علاء عبد الفتاح: وزيرة الخارجية البريطانية تتعهد بالسعي للإفراج عن الناشط المصري البريطاني، 21 يونيو/ حزيران 2022.
https://www.bbc.com/arabic/world-61890011
[6] صفحة المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية على موقع فيسبوك، بيان، 13 سبتمبر/ أيلول 2022.
[7] المصدر السابق.
[8] المصدر السابق، بيان، 13 سبتمبر/ أيلول 2022.
[9] المصدر السابق، بيان، 14 سبتمبر/ أيلول 2022.
[10] الجزيرة نت، محامي الزميل أحمد النجدي: السلطات المصرية تخلي سبيل صحفي الجزيرة مباشر، 14 سبتمبر/ أيلول 2022.
[11] الجزيرة مباشر، طارق العوضي: الإفراج عن صحفيي الجزيرة في مصر قريبا وإنهاء ملف المعتقلين خلال 6 أشهر (فيديو)، 15 سبتمبر/ أيلول 2022.
[12] الشرق، احتياطي مصر من النقد الأجنبي يفقد 18.45% من قيمته في 6 أشهر، 7 يوليو/ تموز 2022.
[13] صحيفة عكاظ، وزير المالية المصري: 35 مليار دولار استثمارات أجنبية خرجت من مصر منذ الجائحة، 3 سبتمبر/ أيلول 2022.
[14] عربي 21، دراسة: مصر فقدت بدائل سد الفجوة الدولارية.. هل تُفلس؟، 1 سبتمبر/ أيلول 2022.
[15]عربي 21، دراسة: مصر فقدت بدائل سد الفجوة الدولارية.. هل تُفلس؟، 1 سبتمبر/ أيلول 2022.
[16] هو برنامج التمويل الذي يقدمه صندوق النقد الدولي للبلدان التي تواجه مشاكل قوية في ميزان المدفوعات.
[17] الشرق، مصر تدرس الاقتراض من الصين واليابان، 22 سبتمبر/ أيلول 2022.
[18] العربي الجديد، حكومة مصر تلجأ لبيع مزيد من الأصول مع تأخر قرض صندوق النقد، 28 سبتمبر/ أيلول 2022.
[19] موقع مدى مصر، عدو نعرفه: لماذا تلجأ مصر إلى قطر لتخطي الأزمة؟، 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
[20] الجزيرة نت، ماذا تعني دعوة السيسي لتحويل ودائع الخليج إلى استثمارات؟، 16 يونيو/ حزيران 2022.
[21]العربي الجديد، حكومة مصر تلجأ لبيع مزيد من الأصول مع تأخر قرض صندوق النقد، 28 سبتمبر/ أيلول 2022.
[22] عربي 21، مصر تكشف عن تفاصيل خطة واسعة لبيع أصول مملوكة للدولة، 16 مايو/ آيار 2022.
[23] صفحة رئاسة مجلس الوزراء المصري على موقع فيس بوك، بيان، 29 مارس/ آذار 2022.
[24] Entrprise، قطر تستثمر 5 مليارات دولار في مصر.. واستثمارات من سيمكس المكسيكية وهارموني جولد الجنوب أفريقية، 30 مارس/ آذار 2022.
[25] RT عربي، تقارير تتحدث عن شراء قطر حصة في أكبر شركة اتصالات في مصر، 5 سبتمبر/ أيلول 2022.
[26] Entrprise، صناديق سيادية خليجية تتنافس لاقتناص حصة المصرية للاتصالات في فودافون، 6 سبتمبر/ أيلول 2022.
[27] صحيفة المال، «السيادى القطرى» مهتم بالاستحواذ على حصة تصل إلى 25% من الشرقية للدخان، 11 سبتمبر/ أيلول 2022.
[28] وكالة الأناضول، قطر تستحوذ على حصة 40 بالمئة بمنطقة استكشاف غاز في مصر، 29 مارس/ آذار 2022.
[29] الجزيرة نت، بالشراكة مع شل.. قطر للطاقة تنقب عن النفط في البحر الأحمر، 13 ديسمبر/ كانون الأول 2022.
[30] العربية نت، “مواني أبوظبي” تستحوذ على 70% من IACC مقابل 514 مليون درهم، 1 يوليو/ تموز 2022.
[31] موقع مدى مصر، عدو نعرفه: لماذا تلجأ مصر إلى قطر لتخطي الأزمة؟، 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
[32] المصدر السابق
[33] اندبندنت عربية، انتخاب دبيبة رئيسا للحكومة الانتقالية في ليبيا، 5 فبراير/ شباط 2021
[34] DW عربية، نظرا لـ″استحالة″ إجرائها حاليا.. إعلان تأجيل الانتخابات الليبية، 22 ديسمبر/ كانون الأول 2021
[35] الأناضول، حكومة الوحدة الليبية: اتفاق جنيف ينتهي بالانتخابات، 23 يونيو/ حزيران 2022
[36] اليوم السابع، الخارجية: نثق فى قدرة حكومة ليبيا الجديدة وحفاظها على وحدة البلاد، 10 فبراير/ شباط 2022
[37] الموقع الرسمي للأمم المتحدة، الأمم المتحدة تسعى للحصول على صورة أوضح بشأن ما يحدث من تطورات في ليبيا، 10 فبراير/ شباط 2022
[38] صحيفة الاستقلال، تقرير الحالة العربية: أغسطس/آب 2022، 4 سبتمبر/ أيلول 2022
[39] اليوم السابع، الخارجية: نثق فى قدرة حكومة ليبيا الجديدة وحفاظها على وحدة البلاد، 10 فبراير/ شباط 2022
[40] مصراوي، شكري يغادر اجتماع وزراء الخارجية العرب بسبب وزيرة خارجية الدبيبة، 6 سبتمبر/ أيلول 2022
[41] شبكة رصد، خارجية «الوحدة الوطنية» بليبيا: انسحاب مصر مخالف لميثاق الجامعة العرب، 6 سبتمبر/ أيلول 2022
[42] العربي الجديد، اتفاق نفطي وأمني بين حكومة الوحدة الوطنية الليبية وتركيا.. ومجلس النواب يعترض، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[43] وكالة الأنباء الليبية، وزير خارجية مصر ونظيره اليوناني يبحثان هاتفيا مستجدات الملف الليبي، 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[44] سكاي نيوز عربية، مصر تدعو الأمم المتحدة إلى تحديد موقفها من حكومة طرابلس، 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[45] العرب، اليونان تسعى لتشكيل تحالف يتصدى لمشروع أردوغان في ليبيا، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019
[46] TRT عربي، جاوش أوغلو يعلن توقيع تركيا وليبيا مذكرة تفاهم بمجال الموارد الهيدروكربونية، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[47] عربي 21، أنقرة وطرابلس عن موقف أوروبا من الاتفاقيات بينهما: لا يهمنا، 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[48] الغد، حكومة باشاغا: سنرد بشكل مناسب على تجاوزات حكومة الدبيبة، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[49] العربي الجديد، توجه مصري لدعوة باشاغا وعقيلة إلى القاهرة بعد تفاهمات حكومة الدبيبة وأنقرة، 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[50] الأناضول، حديد ويورانيوم وذهب.. ثروات ليبية ضائعة (إطار)، 8 يوليو/ تموز 2020
[51] إضاءات، قاعدة محمد نجيب العسكرية: ذراع مصري-إماراتي جديد في ليبيا، 27 يوليو/ تموز 2017
[52] مركز الجزيرة للدراسات، السيطرة على النفط: مكاسب حفتر وعواقبها، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2016
[53] ليبيا المستقبل، الدغيم: سنرسل شحنات بترولية لمصر لدعمها بدون مقابل او شروط، 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2016
[54] الهيئة العامة للاستعلامات، مصر والملف الليبي، 16 يونيو/ حزيران 2022
[55] فرانس 24، السيسي يؤكد خلال لقائه مع الدبيبة بالقاهرة على أهمية إجراء الانتخابات الليبية في موعدها، 17 سبتمبر/ أيلول 2021
[56] الجزيرة مباشر، تمهيدا لإعادة فتح السفارة.. وفد مصري يزور العاصمة الليبية طرابلس، 15 فبراير/ شباط 2021
[57] بوابة الوسط، الدبيبة ومدبولي يشهدان توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم بين مصر وليبيا، 16 سبتمبر/ أيلول 2021
[58] رويترز، تحليل-الدعم التركي لطرابلس قد يعيد “توازن القوى” في ليبيا، 8 يناير/ كانون الثاني 2020
[59] العربي الجديد، مصر تدعم صالح للمجلس الرئاسي ومعيتيق للحكومة في ليبيا، 5 فبراير/ شباط 2021
[60] BBC عربي، مؤتمر المناخ 2022: ماذا ينبغي أن تعرف عن قمة شرم الشيخ للمناخ؟، 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[61] CNN عربي، اختيار مصر والإمارات لاستضافة القمة العالمية للمناخ في 2022 و2023، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021
[62] هيومان رايتس ووتش، مصر: تصريحات بشأن مؤتمر المناخ تؤشر إلى تقييد النشطاء، 12 يوليو/ تموز 2022
[63] المصدر نفسه
[64] Associated Press, UN experts: Egypt hinders civil society role in COP27, 7 October 2022
[65] الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة، مصر: خبراء حقوقيون يعربون عن قلقهم بشأن القيود المفروضة على المجتمع المدني قبيل انعقاد قمة المناخ الشهر المقبل، 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2022
[66] العربي الجديد، مصر تهاجم “هيومن رايتس ووتش” بسبب تقريرها عن قمة المناخ، 13 سبتمبر/ أيلول 2022
[67] Reuters, King Charles, stepping back from campaigning, will not go to Egypt climate summit, 2 October 2022
[68] The Sunday Times, Liz Truss advised King Charles to stay away from Cop27 climate summit, 1 October 2022
[69] The Washington Post, What will King Charles III be like as Britain’s monarch?, 9 September 2022
[70] صحيفة العرب، قمة المناخ.. اختبار سياسي داخلي وخارجي للنظام المصري، 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022