المحتويات
- مقدمة
- المحور الأول: الخلفية التاريخية والوضع القانوني
1- محور صلاح الدين.. الموقع والوصف
2- السياق التاريخي والوضع القانوني والسياسي للمحور حتى “طوفان الأقصى”
- المحور الثاني: محور صلاح الدين من الطوفان حتى إعادة الاحتلال
- خاتمة
مقدمة
يشكّل “محور صلاح الدين”، أو “محور فيلادلفيا” إحدى النقاط التاريخية المحورية في سياق القضية الفلسطينية، وعلاقات دولة الاحتلال الإسرائيلي بمصر، حيث ارتبط بأبعاد أمنية واستراتيجية حساسة على مدى عقود.
وفي الآونة الأخيرة، عاد النقاش حول المحور إلى واجهة الأحداث، مع تشبث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبقاء فيه، زاعما أنه شريان حيوي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لتهريب الأسلحة، ومستخدما هذا المبرر لرفض الانسحاب رغم الضغوط الإقليمية والدولية.
وتأتي هذه الورقة البحثية كمحاولة لفهم الأبعاد المختلفة المرتبطة بمحور “صلاح الدين”، حيث تستعرض بشيء من التفصيل ماهية المحور منذ نشأة الحدود بين مصر وغزة حتى الوضع الحالي. كما تسلط الضوء على عدة فترات رئيسية شكلت نقاط تحول في وضع المحور.
وفي ضوء هذا السرد التاريخي للتطورات المرتبطة بالمحور نعرج أيضا للحديث عن الاتفاقيات القانونية التي تحكمه، خاصة في ظل احتلال إسرائيل له، وما يعنيه ذلك بالنسبة لاتفاقية “كامب ديفيد” وملحقاتها.
كما تكشف الورقة حقيقة الادعاءات الإسرائيلية بشأن عمليات تهريب السلاح أسفل المحور عبر الأنفاق، كذلك استهدفت توضيح الأهمية الاستراتيجية للممر الحدودي بالنسبة لغزة ومصر والاحتلال، على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، ودوافع نتنياهو للتمسك بالبقاء في المحور، رغم التحديات والحلول البديلة التي اُقترحت.
المحور الأول: الخلفية التاريخية والوضع القانوني
1- محور صلاح الدين.. الموقع والوصف
يمتد المحور على مسافة 14 كيلومترا من البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث يعد المعبر نقطة التقاء مشتركة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وغزة ومصر، فيما يبلغ عرضه نحو 100 متر.[1]
وتتمثل الأهمية الرئيسية ل “محور صلاح الدين” في كونه حلقة الوصل الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي بعيدا عن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، حيث يربط المحور غزة بمصر، عبر معبر رفح البري، وبوابة صلاح الدين.
وفي المقابل، ترتبط غزة بستة معابر أخرى مع الاحتلال، أربعة منهم مغلقة بشكل دائم، هم معبر العودة، ومعبر الشجاعية، ومعبر المنطار، ومعبر القرارة، ومعبرين تفتحهم السلطات الإسرائيلية بشكل متقطع وهما معبر بيت حانون، ومعبر كرم أبو سالم[2].
ويقع معبر رفح في جنوب قطاع غزة في أقصى جنوبي محافظة رفح، على الحدود المصرية الفلسطينية التي اعتُرف بها عام 1979، فيما تقع بوابة “صلاح الدين” على بعد 4 كيلومترات من بوابة معبر رفح.[3]
ويشير الفلسطينيون والمصريون إلى المنطقة باسم “محور صلاح الدين”، نسبة إلى مؤسس الدولة الأيوبية الذي هزم الصليبيين في القدس عام 1187.[4] بينما لم نقع على سبب محدد لتسمية الاحتلال الإسرائيلي له بـ”محور فيلادلفيا”، وهي التسمية الأشهر له إعلاميا.[5]
ويلاحظ من صور الأقمار الصناعية أن المحور لا يحتوي على الكثير من المباني السكنية، حيث يتواجد بشكل رئيسي كمنطقة عازلة وكمسار أمني، ومع ذلك، توجد بعض المناطق السكنية القريبة في مدينة رفح المصرية، لكن معظم المباني على المحور تتركز حول النقاط الحدودية والحواجز العسكرية.[6]
وقد دمرت إسرائيل العديد من المنازل الواقعة على طول الحدود بين غزة ومصر، قبل أن تنسحب منه، مثل حي البرازيل، وحي السلام، وبعض المساكن المؤقتة التي تُعرف باسم “منطقة د”.[7]
وعن طبيعة الأرض في المحور، فإنه يتميز بتضاريس صحراوية وجافة، مع وجود بعض المناطق الصخرية المتناثرة، لكن المشهد الغالب هو الأراضي الرملية.[8] وتعتبر الأرض في بعض الأجزاء ذات طبيعة هشة، مما يسهل عمليات حفر الأنفاق.[9]
2- السياق التاريخي والوضع القانوني والسياسي للمحور حتى “طوفان الأقصى”
يعود ترسيم خط الحدود بين مصر وفلسطين إلى عام 1906، خلال “تفاهم” بين الخلافة العثمانية وبريطانيا التي كانت تحكم مصر آنذاك.[10]
حيث تصاعد التوتر على الحدود المصرية الفلسطينية بين عامي 1905-1906، بسبب تحركات عسكرية عثمانية في منطقة طابا، ما دفع القوات البريطانية إلى التمركز في “أم الرشراش” وجزيرة فرعون في سيناء، ثم اعتبرت بريطانيا أن الدولة العثمانية قد تجاوزت الحدود بتواجدها في غرب رفح.[11]
واشتد التوتر حتى كاد يصل إلى مواجهة عسكرية، إذ رأت بريطانيا في التحركات العثمانية تهديدا لأمنها الملاحي في قناة السويس، خاصة بعد تكرار الحوادث، عقب ذلك تراجعت الدولة العثمانية بعد التدخل البريطاني، وشُكّلت لجنة لترسيم الحدود.
حيث تمخضت الاتفاقية عن رسم “خط فاصل إداري” بين حدود مصر والدولة العثمانية، وقسم هذا الخط مدينة رفح إلى شطرين، أحدهما فلسطيني والآخر مصري.[12]
وما بين عام 1906 و1917 استمرت الحركة بين غزة ومصر سلسلة بشكل كامل، فلم يحتج الفلسطيني أو الشامي أي تأشيرة للدخول، باعتبار أن مصر كانت ضمن الولاية العثمانية حتى 1914.[13]
وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت غزة جزءا من فلسطين الخاضعة للانتداب البريطاني عام 1920، وعندما أصدرت الأمم المتحدة خطة التقسيم عام 1947، أضافتها إلى الدولة الفلسطينية المقترحة[14].
ومع نكبة عام 1948 وإعلان قيام “إسرائيل”، لم تكن الحدود بين غزة ومصر موضع خلاف أيضا، إذ عُقد اتفاق تهدئة بين مصر ودولة الاحتلال في فبراير/ شباط 1949، أُسندت بموجبه إدارة قطاع غزة إلى مصر[15].
وقد أعطت مصر الإدارة المحلية للقطاع إلى حكومة عموم فلسطين بقيادة أمين الحسيني وأحمد حلمي عبد الباقي، وكانت الحركة بين البلدين سلسة نسبيا، إلا أنها كانت تمر عبر بوابة التصاريح الأمنية، حيث قررت السلطات المصرية في عام 1950 فرض قيود على الفلسطينيين القادمين من غزة.[16]
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 1956، شنت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل العدوان الثلاثي على مصر، واستولت القوات الإسرائيلية على غزة، لكن الضغط الدولي سرعان ما أجبر إسرائيل على الانسحاب.[17]
ورغم الانسحاب الإسرائيلي، أصبحت الحركة بين غزة ومصر تعتمد على تصاريح واجراءات أمنية مشددة، وكان هناك قطار يربط بين القاهرة وغزة، ينقل المسافرين من كلا الجانبين بضع مرات في العام. كما شهدت المنطقة حركة تبادل تجاري حيث دخلت البضائع الغزية إلى مصر نظرا لسياسات إحلال الواردات المصرية، وبالمقابل تم استيراد البضائع المصرية إلى غزة، وإصدار وثائق سفر مصرية للراغبين من سكان غزة، دون منحهم الجنسية المصرية.[18]
وبعد حرب 1967 واحتلال إسرائيل لسيناء وغزة، لم يكن هناك بطبيعة الحال خلافات تخص محور فيلادلفيا[19]، باعتبار أن سيناء وغزة كانتا محتلتين.
- تداعيات “كامب ديفيد” على المحور
وبعد حرب أكتوبر 1973، أصبح المحور منطقة عازلة، بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية “اتفاقية كامب ديفيد” عام 1979، التي انسحب الجيش الإسرائيلي بموجبها من سيناء بشكل كامل[20].
وقد اتفقت “إسرائيل” مع مصر على أن يكون خط الحدود كما نص عليه قرار سنة 1906، وأن يتم إنشاء محور بطول 14 كيلومترا يمتد من البحر الأبيض المتوسط حتى منفذ كرم أبو سالم[21].
وقد بدأ بناء الخط الحدودي سنة 1982، واستمر حتى أبريل/ نيسان 1983، إذ أُخلي ودُمر نحو 330 منزلا، وأنشئ شريط بعرض 40 مترا، ولحقه إنشاء سياج إلكتروني، بالإضافة إلى إنشاء معبر رفح[22]، الذي اُقتطع من الجغرافيا الخاصة بالأراضي الفلسطينية، لتأخذ الحدود شكلا واضحا بين غزة ومصر منذ عام 1982[23]. ومن الجدير بالذكر أن قطاع غزة ظل في حينها تحت الإدارة العسكرية الإسرائيلية حتى عام 1994، عندما بدأ النقل التدريجي للسلطة الحكومية إلى الفلسطينيين بموجب اتفاقية أوسلو.[24]
ووفقا لاتفاقية كامب ديفيد، فإن المنطقة الحدودية التي تقع على الأراضي الفلسطينية، والتي أطلق عليها (د) يسمح فيها بتواجد قوة إسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة ومنشآتها العسكرية وتحصينات ميدانية ومراقبي الأمم المتحدة، وتتضمن هذه الكتائب 4000 فرد و180 مركبة، لكنها لا تتضمن دبابات أو مدفعية أو صواريخ فيما عدا صواريخ فردية أرض / جو[25].
ومنعت الاتفاقية وجود أي قوات مسلحة مصرية على الأراضي المصرية المتاخمة للحدود الفلسطينية التي أطلق عليها (ج)، وسمحت فقط للشرطة المدنية المصرية بأداء مهام الشرطة الاعتيادية بأسلحة خفيفة.[26]
- معضلة الأنفاق
سرعان ما بدأت أنفاق التهريب بالظهور تحت هذه الحدود، الأمر الذي شكّل معضلة أمنية لدولة الاحتلال؛ إذ اكتُشف أول نفق تهريب في عام 1983، وكانت أكثر هذه الأنفاق للعائلات الموجودة قرب المحور. ثم مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1989 و1990 تطور استخدام هذه الأنفاق، ليجري من خلالها تهريب أسلحة خفيفة وبعض المقاتلين[27]، ولم يكن يتعدى قطر النفق حينها أكثر من 50 سم[28].
ومع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 توسعت شبكة الأنفاق بشكل كبير، وبدأت تأخذ طابعا أكثر تطورا[29]، وذلك بمشاركة مهندسين لتحديد أبعاد النفق والخدمات اللوجستية، بما في ذلك الناقلات الكهربائية لنقل البضائع وخطوط الاتصالات.[30]
كما أدت الانتفاضة كذلك إلى توسيع المنطقة العازلة بين القطاع ومصر إلى 200-300 مترا، بعد أن كانت 20-40 مترا، وقامت إسرائيل أيضا ببناء جدار عازل، معظمه من الصفائح المعدنية المموجة، مع امتدادات من الخرسانة تعلوها أسلاك شائكة[31]. أما قبل عام 2000، فقد كان السياج الفاصل بين مصر وقطاع غزة عبارة عن جدار خرساني فقط، بارتفاع 2.5 إلى 3 أمتار تعلوه أسلاك شائكة.
وظل المحور تحت سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة حتى العام 2005، وهي سيطرة كانت مدعومة من قبل مجتمع استيطاني صغير يسكن معظمه في تكتل مستوطنات قطيف القريبة من الحدود المصرية[32].
لكن لم تمنع هذه السيطرة الإسرائيلية على المحور من استهداف فصائل المقاومة الفلسطينية له،[33] ففي 11 مايو/ أيار 2004، وقعت الحادثة الشهيرة عندما فُجّرت مدرعة إسرائيلية، وفي اليوم التالي، انفجرت ناقلة جنود أخرى على المحور، مما أدى إلى مقتل ما مجموعه 13 جنديا إسرائيليا، وقد أثارت الحادثتان، وصور الجنود الإسرائيليين من المكان، ردود فعل واسعة النطاق في دولة الاحتلال.
وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام، فجر مقاومون نفقا تحت محور صلاح الدين، وأدى الانفجار إلى تدمير نقطة عسكرية إسرائيلية مما أدى إلى مقتل خمسة جنود إسرائيليين.
هذه الأحداث دفعت “إسرائيل” إلى تنفيذ “هجوم كبير” -كما وصفته “هيومن رايتس ووتش”- على منطقة رفح وفي منطقة “محور صلاح الدين”، بهدف مواجهات عمليات التهريب عبر الأنفاق، وعُرفت تلك العملية باسم “قوس قزح”.[34]
وبحسب تقرير للقناة الـ 12 الإسرائيلية، فإن الحل الذي توصلت إليه دولة الاحتلال حينها لمواجهة تهديد الأنفاق، كان يتمثل في بناء حاجز كبير تحت الأرض، لكن عمقه كان لا يتجاوز 4 أمتار بسبب قيود الميزانية، ولم يكن مجديا.[35]
حتى إنه بعد خطة فك الارتباط لعام 2005، التي انسحبت إسرائيل بموجبها من قطاع غزة، كان هناك نقاش يدور داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، أريئيل شارون، حول بقاء السيطرة الإسرائيلية على “محور صلاح الدين” على وجه الخصوص، لما يمثله من أهمية إستراتيجية للأمن الإسرائيلي.
لكن المستشارين القانونيين لشارون أخبروه بعدم جدوى وجود إسرائيل هناك، خاصة وأن هذا يتعارض مع ما تسوقه إسرائيل عن إنهائها احتلال القطاع، وأنه في المقابل يمكن لمصر أو السلطة الفلسطينية أن يقوما بإدارة وتأمين الحدود.[36]
كما كان من الواضح أن استمرار الوجود الإسرائيلي في المحور من شأنه أن يديم مصدرا رئيسيا للاحتكاك الإسرائيلي-الفلسطيني، ويزعزع استقرار الوضع بعد الانسحاب، ويعرض القوات الإسرائيلية المعزولة التي خلفتها إسرائيل للخطر.[37]
والجدير بالذكر أن بعض قادة الحكومة الإسرائيلية الحالية عارضوا، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، عارضوا خطة الانسحاب من غزة و”محور صلاح الدين” عام 2005، حيث اعتبر سموتريتش أن الخطة خيانة للمشروع الصهيوني، بينما وصفها بن غفير بأنها “استسلام للإرهاب” و”جريمة” بحق الشعب اليهودي، وشارك بن غفير في مظاهرات لدعم المستوطنين الذين عارضوا الانسحاب.
جيش الاحتلال، من جهته، كان متحفظا على فكرة الانسحاب من المحور، حيث ركز القادة العسكريون على المخاطر الأمنية المحتملة مثل تهريب الأسلحة وازدياد التهديدات. وحذر رئيس الأركان حينها، موشيه يعلون، من فراغ أمني كبير عقب الانسحاب.
كذلك، كان وزير الحرب، شاؤول موفاز، متخوفا أيضا من زيادة تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى غزة، لكن في النهاية لم تعتبر الحكومة أن هذه المخاطر سببا استراتيجيا يستدعي رفض الفكرة تماما.[38].
- خطة “فك الارتباط”
وفي محاولة لحسم هذا الجدل، نصت خطة “فك الارتباط” على احتفاظ إسرائيل بوجودها العسكري على محور “صلاح الدين” بين غزة ومصر في المرحلة الأولى لضمان الحماية الأمنية، حيث كان إخلاء المنطقة مشروطا بالواقع الأمني والتعاون المصري في التوصل إلى اتفاق موثوق، بناء على الشروط التي وضعها وزيرا الأمن الداخلي والحرب في حكومة شارون.
كما تضمنت خطة فك الارتباط[39]، فحص إمكانية إقامة ميناء بحري ومطار في قطاع غزة، بشكل يتفق مع الترتيبات التي سيتم تحديدها مع إسرائيل، وذلك إذا نشأت ظروف ملائمة لإخلاء هذه المنطقة.[40]
وقبيل انسحاب إسرائيل من المحور، فكر الجيش في حفر قناة عميقة في المنطقة لمواجهة عمليات التهريب في الأنفاق، لكن المستشار القضائي للحكومة، مناحيم مزوز، رفض المبادرة لأنها تتطلب هدم 3 آلاف منزل في مدينة رفح بقطاع غزة.[41]
هذا بدوره دفع كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، بقيادة أفيف كوخافي، لاقتراح بناء جدار يمتد على طول محور فيلادلفيا ليفصل الأراضي الفلسطينية عن المصرية، مما سيحول المنطقة إلى شريط أمني يتراوح عرضه بين 60 و100 متر تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.
وأوضح جيش الاحتلال حينها أن الجدار يبلغ ارتفاعه ما بين 7 و9 أمتار، ويمكن تفكيكه في المستقبل إذا تغيرت الظروف، ويعتمد على مزيج من الأنظمة الأمنية المتطورة، مثل أجهزة استشعار وأنظمة لمكافحة الأنفاق، مما يلغي الحاجة لإرسال قوات إلى المنازل السكنية في رفح، مما سيمكن الجيش من التعامل مع الأنفاق وتهديدات أخرى بفعالية دون تعريض الجنود للخطر.
كما خطط الجيش الإسرائيلي لترك فتحات في الجدار للسماح بالحركة عند الحاجة، مع بناء مواقع صغيرة لمراقبة المناطق الفلسطينية، وقد أشار تقرير صحيفة “يديعوت أحرنوت” إلى انخفاض كبير في محاولات تهريب الأسلحة على مستوى الأرض، عقب بناء أول جزء من الجدار.
- اتفاقية فيلادلفيا
ومع ذلك، استمر الجدل الداخلي لدى دولة الاحتلال، وفي ظل التباينات داخل أروقة الحكومة بشأن الانسحاب من المحور، وُقعت في نهاية الأمر اتفاقية جديدة بين إسرائيل ومصر عرفت باسم “اتفاقية فيلادلفيا” في سبتمبر/ أيلول 2005، وذلك بغرض ترتيب تواجد مصري لقوات حرس الحدود المصرية مع القطاع، وقد حددت الاتفاقية مسافة 14 كلم كشريط عازل على طول الحدود بين مصر وغزة.[42]
وسمحت الاتفاقية بنشر قوة حرس حدود بدلا من الشرطة المصرية على طول الشريط الحدودي بين مصر ورفح الفلسطينية، وكان الهدف استبدال قوات الشرطة بقوات أكثر تدريبا ولديها معدات مناسبة لمكافحة “الإرهاب والتهريب والتسلل”.[43]
ونصت الاتفاقية على نشر مصر قوة من حرس الحدود قوامها 750 فرد، مدعومين بأفراد من القوات البحرية والجوية، على أن تكون أسلحة القوة خفيفة، تشمل 500 بندقية هجومية، 67 رشاشا خفيفا، 27 قاذفة خفيفة مضادة للأفراد، 31 مركبة شرطية، و44 مركبة للأغراض اللوجستية والمساعدة، وما يصل لـ 6 مروحيات غير مسلحين، و4 سفن دورية ساحلية، كما يُسمح باستخدام بعض الرادارات الأرضية وأبراج المراقبة، فيما يُحظر استخدام معدات جمع المعلومات الاستخباراتية ذات الطراز العسكري.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن الاتفاق وفر نظاما جديدا للتنسيق العملياتي وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الجانب المصري والإسرائيلي. وأخيرا، فقد نصت الاتفاقية على أنها تخضع لأحكام معاهدة السلام، ولا تُشكل تعديلا عليها، وأن القوة الجديدة ستُستخدم لأعمال مكافحة الإرهاب والتهريب والتسلل فقط، دون أي غرض عسكري.[44]
وترافق ذلك الاتفاق مع توقيع اتفاقية أخرى في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 عُرفت باسم “اتفاقية المعابر”، لتنظيم حرکة المرور عبر معبر رفح، حيث نصت الاتفاقية على تشغيل المعبر من قبل السلطة الفلسطينية من جانب، ومصر من جانب آخر، مع استخدام المعبر لحاملي بطاقة الهوية الفلسطينية، مع إشعار السلطات الإسرائيلية بشكل مسبق وأخذ موافقات من السلطات الفلسطينية، على أن تعمل السلطة الفلسطينية على منع عبور السلاح أو المواد المتفجرة، ومواصلة خدمات التنسيق الأمني.[45]
ووافق مجلس الاتحاد الأوروبي، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، على أن يكون الطرف الوسيط والضامن في اتفاق إدارة المعبر، ولهذا الغرض أسس الاتحاد (مهمة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية) والمعروفة باسم EUBAM Rafah[46]، حيث تم بالفعل نشر 90 مراقبا أوروبيا للمساعدة في مراقبة الحدود.[47]
وبناء على هذه الاتفاقات، فإن السيطرة على معبر رفح ومحور “صلاح الدين” باتت شأنا فلسطينيا-مصريا في الأساس، بعيدا عن الوجود الإسرائيلي الذي كان يحتل هذه المنطقة منذ 1967.
- من 2006 إلى 2011
ومع فوز حماس بغالبية الأصوات في الانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني عام 2006، وتكليف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للقيادي في حركة حماس، إسماعيل هنية، بتولي رئاسة مجلس الوزراء، مر القطاع بفترة من الاضطرابات السياسية والأمنية، حيث رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحكومة الجديدة، وأوقفا على أثر ذلك المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية بسبب “رفض حماس الاعتراف بدولة إسرائيل”[48].
وهنا، تصاعد قلق دولة الاحتلال الإسرائيلي، لذلك قررت حصار غزة لتحقيق عدة أهداف، منها منع تهريب السلاح. أضف إلى أنها هدفت إلى التأثير على الحاضنة الشعبية لحركة حماس، وإلى الضغط على حركة حماس نفسها، لدفعها لتقديم تنازلات في أيدولوجيتها وسياستها تتماشى مع الرغبة الإسرائيلية، عبر إبقاء سكان القطاع تحت الحصار في أوضاع اقتصادية بالغة السوء. هذا فضلا عن إرادة الاحتلال قطع كافة الروابط العاطفية والتعاملات القائمة التي تربط أهل غزة بالمصريين، وأن تجعل الغزاويين يؤمنون بفكرة تخلي المصريين والعرب عنهم.
ولتحقيق هذه الأهداف، فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارا خانقا على قطاع غزة، شكّل “محور صلاح الدين” متنفسا لتخفيفه. فقد حرمت إسرائيل سكان القطاع من مقومات الحياة الأساسية، واقتصرت على إدخال كميات محدودة من المواد التي بالكاد تبقيهم على قيد الحياة. شملت الإجراءات تقليص إمدادات الكهرباء إلى حد يكفي فقط لتشغيل المرافق الحيوية كالمستشفيات، بالإضافة إلى تقليص الوقود الداخل للقطاع، مما أدى إلى أزمة خانقة. كما شددت القيود على إدخال الأموال وأغلقت المعابر التجارية معظم الوقت، مع السماح في أفضل الحالات بدخول عدد محدود من الشاحنات، وفق جدول زمني صارم وأنواع بضائع محددة.
بل إن “مكتب تنسيق أعمال الحكومة”، التابع لوزارة الحرب الإسرائيليّة، أجرى حسابا لعدد السعرات الحراريّة التي يحتاجها كل فرد في القطاع كي يجوع، لكن لا يموت. وقرّر، فيما عُرف بوثيقة “الخطوط الحمراء”، أن الفرد يحتاج إلى 2279 سعرة حراريّة في اليوم، وهي موجودة في 1836 غراما من المواد الغذائيّة. وفي مراحل أخرى، اشتد الحصار بحيث فرغت أرفف المحال التجاريّة في القطاع من البضائع، وانقطع الوقود من المحطات، وخلت الأسواق من المواد الخامّ اللازمة لاستمرار الحياة، ومنها تلك التي تلزم قطاع البناء.[49]
وعلى هذا، اضطر الفلسطينيون للتوجه إلى الأنفاق لسد رمق احتياجاتهم، وتهريب الأدوية والأغذية، والوقود. وفي البداية كانت الأنفاق تعمل في نقل بضائع خفيفة مثل الأطعمة المحفوظة، ثم تطور الأمر لنقل الدقيق، والسكر، وغيرها من المواد الغذائية الأساسية التي يفتقر لها أهل القطاع المحاصَر.[50]
وشيئا فشيئا بدأت الأنفاق تورد لقطاع غزة سلعا تموينية ومواد البناء، والماشية، وقطع الغيار للإلكترونيات، وأجهزة الاتصالات الحديثة، والمركبات والآليات، وهي المنتجات التي كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يعرقل -بل ويمنع أيضا- دخولها إلى القطاع.
وتشير التقديرات إلى أنه كان يوجد وقتها ما يقرب من 150 نفقا تجهز القطاع باحتياجاته الاساسية التي يفتقد إليها بسبب الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة.[51] وذلك بعد أن كان عدد الأنفاق ما يقرب من 3 آلاف نفق، دُمّر معظمهم جراء القصف الإسرائيلي المكثف على المحور[52]، أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة في عام 2008.
وذكر مسؤولون عن الأنفاق أن الجهاز الأمني التابع لحركة حماس حذر المهربين من تهريب أي أسلحة أو مخدرات[53]. ومن جهتها، استفادت حماس هي الأخرى من عمليات التهريب، وذلك من خلال تأمين عائدات ضريبية للحركة، تتحصل عليها من ريع البضائع[54]، ويدلل على أهمية الأنفاق الاقتصادية، التحقيق الذي نشرته وكالة رويترز حول الأزمة المالية التي واجهت الحركة بعد الحملة المصرية على الأنفاق إبان الانقلاب العسكري في 2013.[55]
ويقول اقتصاديون في قطاع غزة إن دخل الحركة من الأنفاق، كان يغطي 70 بالمئة من الميزانية الشهرية للحكومة، بينما قال مسؤولون في حماس إن النسبة 40 بالمئة.[56]
كما برزت أهمية أخرى أيضا للأنفاق التي كانت توجد -آنذاك- على عمق يتراوح بين سبعة و15 مترا تحت سطح الأرض، والتي قد يصل طولها إلى ألف متر.[57] حيث عملت حركة حماس على تدعيم ترسانتها العسكرية، من خلال الأسلحة المهربة عبر الأنفاق التي تربطها بسيناء[58].
وتقدر الاستخبارات الإسرائيلية أن نحو 250 طنا من المتفجرات، و80 طنا من الأسمدة، و4000 قذيفة صاروخية، و1800 صاروخ تم نقلها من مصر إلى غزة في الفترة من سبتمبر/ أيلول 2005 إلى ديسمبر/كانون الأول 2008.[59]
كذلك كانت سيطرة حركة حماس على “محور صلاح الدين” وقدرتها على تأمينه وإدارة معبر رفح، مظهرا من مظاهر القوة والسيطرة أمام سكان القطاع.[60]
في المقابل، وكما كانت للأنفاق أهمية استراتيجية لغزة، فإن مصر استفادت بدورها من الأنفاق المارة تحت محور صلاح الدين، على المستويين السياسي والاقتصادي.
فبالرغم من أن مصر فرضت إجراءات أمنية جديدة منذ يناير/ كانون الثاني 2009، بعد توقف العدوان الإسرائيلي على غزة، تهدف إلى الحد من عمليات التهريب في الأنفاق،[61] ورغم عمليات ملء بعض الأنفاق بالغاز، وتفجيرها من قبل قوات الأمن المصرية، وزيادة الرقابة على الحواجز العسكرية الموزعة في سيناء[62]، إلا أن عمليات التجارة والتهريب استمرت عبر الأنفاق، بل واستمر المهربون في حفر المزيد من الأنفاق[63]، حيث تقلصت عمليات التهريب بنسبة 20 بالمئة فحسب.[64]
وهو الأمر الذي دفع عدة تقديرات للتشكيك في جدية القاهرة للقضاء تماما على ظاهرة الأنفاق، وتحدث البعض عن تعمد مصر غض الطرف عن عمليات التجارة والتهريب أسفل محور صلاح الدين، وتركها قائمة جزئيا، بشكل أو بآخر.
وهو ما أشار إليه -على سبيل المثال- المحلل السياسي وخبير الجماعات الإسلامية في غزة، إبراهيم أبو سعادة من أن نظام مبارك كان يسمح بوجود أنفاق مع غزة.[65]
ووفقا لما ذكره “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” عام 2009، فإن “مصر لا تعترف بخطورة قضية الأنفاق، كما يُلاحظ أن النهج المصري في مواجهة شبكة حماس الواسعة من أنفاق التهريب يبدو مترددا، ويقتصر عموما على كشف فتحات الأنفاق والاستيلاء على ترسانات الأسلحة داخل شبه جزيرة سيناء. وفي أغلب الحالات، كانت القوات المصرية -بعد كشف نفق ما- إما تضع حارسا عند مدخل النفق، أو تسد مدخله، بدلا من اتخاذ خطوات لهدم النفق بالكامل”.[66]
وتابع المعهد: “وعلى هذا النحو، كان المهربون قادرين على استخدام هذه الأنفاق مرة أخرى بعد فترة قصيرة، وعندما يتم سد مدخل النفق، يقوم الحفارون عادة بقطع قناة وصول جديدة قريبة ويتصلون بالنفق القائم الأقرب إلى الحدود. فضلا عن ذلك، لا يوجد دليل على أن القوات المصرية تتخذ خطوات لاعتقال ومعاقبة المهربين، ونادرا ما يتم تفكيك هذه الحلقات، وفي غياب أحكام السجن الطويلة، فليس هناك رادع يذكر”.
علاوة على ذلك، في أكتوبر/ تشرين الأول 2007، صرح وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي حينها، آفي دختر، قائلا: “إن مصر يمكنها وقف تهريب الأسلحة إلى غزة في غضون يوم واحد إذا ما أرادت، لكنها لا تفعل”.[67]
كما نقل المعهد عن رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي حينها، يوفال ديسكين، قوله لمجلس الوزراء الإسرائيلي في 15 فبراير/ شباط 2008 بأن “الإجراءات المصرية تعمل بالفعل على مكافحة تهريب الأسلحة، لكن هذه الجهود (بطيئة) في أفضل تقدير”.
وإذا ما نظرنا إلى المصالح المصرية من هذا التوجه، سنجد أن على المستوى السياسي، استخدمت القاهرة كذلك الأنفاق أسفل ممر فيلادلفيا كورقة ضغط سياسية أو مساومة في إدارة علاقاتها مع إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في وقت كانت تمارس فيه واشنطن على القاهرة ضغوطا فيما يخص ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
هذا علاوة على أن تخفيف الأزمة الإنسانية في غزة يصب في صالح مصر، إذ أنه سيمنع نزوح الغزيين إلى مصر، كما حدث في 15 يوليو/ تموز 2006، حين دخل 500 فلسطيني مصر، عبر فتحة في الجدار الحدودي، حيث تقطعت بهم السبل لأكثر من أسبوعين على الجانب المصري، وتوفي أربعة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال خلال فترة الانتظار نتيجة الظروف الصعبة وحرارة الشمس الحارقة.[68]
علاوة على ذلك، فإن هناك قناعة لدى بعض الأطراف في المؤسسة العسكرية المصرية بأن المقاومة في غزة تلعب دورا لصالح الأمن القومي المصري، إذ أنها تعد جبهة إشغال فعالة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى المستوى الاقتصادي، فإن ضباطا مصريين كانوا يتربحون من وجود هذه الأنفاق، وفي هذا السياق يشير “معهد كارنيغي” إلى أن القادة العسكريين الكبار في سيناء لديهم مصلحة مادية في الإبقاء على هذا الاقتصاد السري، بغض النظر عن الأيديولوجية التي يعتنقونها.[69]
ولا يقتصر الأمر على الرتب العسكرية فحسب، فالبدو الذين يقطنون صحراء سيناء كانت لهم مصالح مادية في عمليات التجارة المهربة عبر الأنفاق، حيث يعيش البدو على الهامش في ظل فرص تعليمية ومهنية أقل، وهذا ما يدفعهم للنظر إلى نشاط التهريب الذي تقدر قيمته بنحو 200 مليون دولار في السنة.[70]
- من الثورة حتى الانقلاب
عقب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وفتح مصر معبر رفح بشكل دائم منذ مايو/ أيار في ذلك العام[71]، سعت القاهرة، بالتوازي في هدم بعض الأنفاق الممتدة أسفل الحدود مع القطاع، لا سيما بعد أن زعمت “إسرائيل” أن هناك مسلحين عبروا الأنفاق من غزة إلى مصر وهاجموا منتجعا سياحيا بمدينة إيلات وقتلوا ثمانية أفراد.[72]
ثم تنامى ما يوصف بـ “خطر الأنفاق” على مصر في عام 2012، حين قُتل 17 جنديا مصريا في هجوم عُرف إعلاميا بـ “مذبحة رفح الأولى”، نفذته مجموعة مسلحة في 8 أغسطس/ آب 2012، حاولت كذلك التسلل إلى داخل “إسرائيل”. إذ أعلنت السلطات الإسرائيلية حينها قتل 8 أفراد منهم عبروا الحدود المصرية-الإسرائيلية بمدرعة مصرية استولوا عليها.[73]
أشار الجيش المصري في بيانه عقب الحادث إلى علاقة الأنفاق أسفل محور صلاح الدين بالهجوم، فقال إن “هذا الهجوم تزامن مع قيام عناصر من قطاع غزة بالمعاونة من خلال أعمال قصف بنيران مدافع الهاون على منطقة معبر كرم أبو سالم”.[74]
حركة حماس -بدورها- أدانت الهجوم على حرس الحدود المصريين، وقالت إنها ستغلق الأنفاق من جانبها لمساعدة مصر في تحديد منفذي الهجوم.[75] كما اتخذت حماس تدابير مماثلة أيضا بعد خطف عناصر من القوى الأمنية المصرية، في مايو/ أيار 2013، من قبل جماعات متطرفة، فأعلنت المنطقة الحدودية بكاملها “منطقة عسكرية مغلقة”.[76]
وبشكل عام، فقد شكلت هذه الحادثة نقطة انطلاق لعمليات عديدة قام بها الجيش المصري في سيناء لمحاولة هدم الأنفاق على امتداد محور صلاح الدين، وبقيت هذه العمليات محدودة بشكل كبير حتى شهر فبراير/ شباط 2013، حين كثف الجيش المصري من عمليات هدم الأنفاق.[77]
واشتدت وتيرة هذه الحملة بعد منتصف مارس/ آذار 2013، بعد قرار القضاء المصري بإلزام الرئيس محمد مرسي وحكومته، بإغلاق وهدم الأنفاق التي اعتبرها “غير شرعية تستنزف الموارد المصرية وتهدد الأمن القومي، ويُهرب من خلالها السلاح والسولار والمواد الغذائية والسيارات”.
ورغم ذلك، لم تُغلق جميع الأنفاق، بل إن ما تبدى فيما بعد هو أن الأنفاق استُخدمت لتعزيز الترسانة العسكرية للمقاومة الفلسطينية، فقد نقلت “منظمة الدفاع عن الديمقراطيات” التابعة للوبي الإسرائيلي في واشنطن، أن الرئيس مرسي سمح لحماس وغيرها من فصائل المقاومة بنقل الصواريخ والأسلحة إلى غزة باستخدام الأنفاق.[78]
بل جاء هذا التأكيد على لسان قادة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسهم نتنياهو،[79] ووزير الحرب المُقال مؤخرا، يوآف غالانت، الذي صرح بأن معظم الأسلحة التي وصلت إلى قطاع غزة دخلت عبر معبر رفح أو عبر الأنفاق جاءت خلال فترة حكم الرئيس مرسي.[80]
ووفقا للمعلومات الإسرائيلية، فإن شبكة تهريب الأسلحة كانت تديرها -آنذاك- مكاتب حماس في دمشق، وتتلقى المساعدة من الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، الذي يوفر أغلب الأسلحة، وتنتقل الأسلحة برا إلى مصر، عبر مجموعة متنوعة من الطرق التي تعبر اليمن وإريتريا وإثيوبيا وجنوب أفريقيا، ثم تلتقي في نهاية المطاف في السودان، حيث تُنقل إلى صحراء سيناء في مصر. وبعد دخول المواد إلى سيناء، تُنقل إلى غزة عبر الأنفاق تحت محور صلاح الدين.
- من الانقلاب حتى “طوفان الأقصى”
بقيت الأمور على هذا النحو، حتى الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، على الرئيس مرسي، حيث شنت مصر بأعنف حملة في تاريخها للقضاء على الأنفاق بينها وبين غزة[81]، ويعود ذلك لاعتبارين.
أولا: تضييق الخناق بشكل كبير على حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة وترتبط بجماعة الإخوان المسلمين.[82]
وثانيا: كمحاولة من النظام لمواجهة “التهديدات” التي تنامت في سيناء، خاصة مع مبايعة جماعة أنصار بيت المقدس لتنظيم “داعش”، وتغيير اسمه إلى “ولاية سيناء”، وقيامه بعمليات عديدة في مصر.[83]
ولم تمض عدة شهور على الانقلاب العسكري، حتى ظهرت أبعاد حملة الجيش ضد الأنفاق، حيث أعلن الجيش في مارس/ آذار 2014 عن تدمير 1370 نفقا أسفل مدينة رفح الحدودية التي تربط سيناء بغزة.[84]
وفي أكتوبر من العام نفسه، شرع النظام المصري في إنشاء منطقة عازلة على حدودها مع غزة، بعمق 500 متر وبطول 14 كيلومترا.[85] حيث أصدر السيسي قرارا حمل رقم 144 لسنة 2014 خصّص فيه 5 كيلومترات عمقا من الأراضي داخل مدينة رفح المصرية، و14 كيلومترا طولا بداية من البحر المتوسط إلى معبر كرم أبو سالم كمنطقة حدودية محظورة.[86]
حملت هذه الإجراءات التي نفّذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تأثيرا شديد الوطأة على السكان في رفح المصرية، حيث هُجر ما يقرب من 100 ألف نسمة منهم، فضلا عن اعتقالات متتالية للمشتبه بهم تحت وطأة قانون الطوارئ حينها، فدُمرت رفح المصرية الحدودية بالكامل بمساحة تقدر بـ 79 كيلومترا مربعا، حتى سُويت المدينة أرضا، وأُخلي أهلها منها.
ووفقا لـ”مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”، فقد “استخدم السيسي إجراءات قاسية ترقى إلى منزلة جرائم الحرب لإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع غزة، فدمر 3255 مبنى و685 هكتارا من الأراضي الزراعية في رفح”.[87]
بهذه الطريقة صارت المنطقة مكشوفة بالكامل في ظل تواجد كثیف للجیش المصري، وأصبح كل جسم یتحرك على الأرض ھدفا مشروعا للجيش، وباتت “ممارسة أنشطة التھریب مع غزة حالیا ھو انتحار، حيث أصبحت تقتصر عمليات التهريب الآن على تجارة المخدرات المزروعة محليا مع إسرائيل فقط”، وفقا لأحد المهربين في لقاء مع مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.[88]
وفي صيف 2015، قال الجيش المصري إنه أكمل خطته لتدمير الأنفاق وذلك بتركيب أنبوب مائي عملاق قطره عشرون بوصة على طول الحدود مع غزة لإغراق الأنفاق، وبعد إقامة منطقة عازلة بعرض 14 كلم على طول حدود مصر مع قطاع غزة.
وهكذا سعى النظام المصري للقضاء نهائيا على الأنفاق الحدودية مع القطاع، ويدل على ذلك ما ذكره موقع قناة i24 الإسرائيلية، حيث قال: “لقد دمرت مصر أنفاقا في غزة فاقت ما دمرته إسرائيل في عقدين”، وذلك خلال أول عامين فقط من الانقلاب العسكري. كما قال موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن مصر دمرت بحلول عام 2015 ما يقرب من 95 بالمئة من الأنفاق أسفل محور صلاح الدين.
وجاءت الأرقام الرسمية لاحقا لتثبت ذلك، فحتى مارس/ آذار 2016، أعلنت مصر تدميرها أكثر من ثلاثة آلاف نفق يربط بينها وبين غزة.[89]
لكن حمل عام 2017 تطورا فيما يتعلق علاقات حماس بمصر، وكُللت المفاوضات بين المكتب السياسي للحركة مع المخابرات المصرية بنجاح، إذ تمخضت عن فتح معبر رفح والاتجاه نحو المصالحة الفلسطينية. وعلى إثر ذلك، تولت السلطة الفلسطينية ولأول مرة منذ عام 2007 إدارة معبر رفح[90].
وفي إطار التعاون بين النظام المصري وحركة حماس، عقد النظام اتفاقا مع حركة حماس، لإنشاء منطقة عازلة في الجانب الفلسطيني مع الحدود، مقابل تسهيل فتح معبر رفح للمواطنين[91]. ومن جانبها، التزمت حركة حماس بتأمين الحدود، ومراقبة مئات من جنودها للمنطقة.[92]
في الوقت نفسه، واجهت حركة حماس تحديا جديدا، فرغم أن علاقتها مع تنظيم داعش في سيناء كانت متوترة ومعقدة بالأساس[93]، إلا أن داعش قررت تصعيد الأمر مع الحركة، معاقبة حماس بإغلاق الأنفاق التجاریة في مناطق نفوذھم في سیناء، كرد فعل ضد الحركة عقب تقاربھا مع النظام المصري أواخر عام 2017، وذلك وفقا موقع “دیفینس” الأمني الإسرائیلي، الذي قال إن تنظیم داعش في سیناء قرر مواجھة حركة حماس في غزة من خلال استھداف تجار السلاح، وقطع طرق إمداداته لغزة.[94]
ومع نهاية 2017، بدأت السلطات الأمنية المصرية بإخلاء المرحلة الثالثة من سيناء وزادت وتيرة العمل بالمنطقة المحددة كلها، حتى وصلت إلى خمسة كيلومتر بعمق الأراضي المصرية في مدينة رفح.[95]
وفي مايو/ أيار 2018، وضعت القوات المسلحة سياجا شائكا داخل الأراضي المصرية في مدينة رفح على بعد 5 كيلومترات من الحدود الشرقية مع غزة، حيث آخر نقطة في المنطقة العازلة المقامة على الحدود المصرية الفلسطينية.
وفي فبراير/ شباط 2020، أعلن النظام المصري تشييد جدار خرساني على الحدود مع غزة، يبلغ ارتفاعه في معظم المناطق نحو ستة أمتار، وبقواعد خرسانية تصل إلى ثلاثة أمتار تحت الأرض تقريبا، لمواجهة الأنفاق.[96]
وعلى ذلك، يمكن القول إن عمليات التجارة وتهريب السلاح عبر الأنفاق تراجعت إلى حد كبير، وباتت -على الأقل- أكثر صعوبة وتعقيدا خلال السنوات الماضية.
المحور الثاني: محور صلاح الدين من الطوفان حتى إعادة الاحتلال
- التمهيد لاحتلال المحور
عقب أسابيع قليلة من بدء الحرب، تصاعد الحديث عن “محور صلاح الدين”، ففي 13 ديسمبر/ كانون الأول 2023، نفذ الجيش الإسرائيلي هجوما جويا على الحدود بين مصر وقطاع غزة “لتدمير الأنفاق”، وفي 23 من الشهر نفسه، حاول الجيش الإسرائيلي التقدم في المنطقة الحدودية في رفح، وهو ما أدى إلى تصاعد الاشتباكات مع المقاومة الفلسطينية وانسحاب الجيش الإسرائيلي فيما بعد.[97]
وبعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من بداية معركة طوفان الأقصى، بدأت إسرائيل تمهد لاحتلالها المحور، إذ صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 30 من ديسمبر/ كانون الأول أن على “إسرائيل” أن تسيطر بشكل كامل على محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة، لضمان “نزع السلاح” في المنطقة.[98]
وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحفي: “محور فيلادلفيا، أو بعبارة أدق نقطة التوقف الجنوبية (في غزة)، يجب أن يكون تحت سيطرتنا، يجب إغلاقه، من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه”.[99]
في تلك الآونة، تصاعد الخلاف بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ومصر، التي رفضت أي اجتياح للمحور، ففي أوائل يناير/ كانون الثاني 2024، نفى مصدر مصري لصحيفة “وول ستريت جورنال” وجود تنسيق بين مصر وإسرائيل، بشأن تدابير أمنية جديدة على محور فيلادلفيا، وذلك عقب تحدث مسؤولين إسرائيليين عن إبلاغهم القاهرة بإجراء عملية عسكرية للسيطرة على المحور الحدودي.[100]
من جهته، تحدث نتنياهو مجددا منتصف الشهر، عن محور فيلادلفيا، مشيرا إلى أنه “فتحة” يتدفق منها السلاح لحركة حماس و”يجب إغلاقها”.[101]
في المقابل، أكد رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان في بيان صدر في 22 من الشهر ذاته، إلى رفض مصر القاطع لأي خطط إسرائيلية بشأن محور فيلادلفيا، قائلا: “إن أي خطوة إسرائيلية في هذا الاتجاه ستؤدي إلى تهديد خطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية”.[102] كما أكد رشوان أن حدود مصر مع قطاع غزة “آمنة”، ووصف “مزاعم” إسرائيل بتهريب بضائع وأسلحة من مصر إلى قطاع غزة بـ “الأكاذيب”، واتهم الحكومة الإسرائيلية بأنها تريد صرف الانتباه عن “إخفاقاتها المتكررة” في الحرب ضد حماس.[103]
وفي 27 يناير/ كانون الثاني 2024، أكد نتنياهو مرة أخرى بشكل ضمني عزم إسرائيل السيطرة على المحور عبر تصريحه: “إن لكل بلد مصالحه وكل بلد يسعى لتحقيقها”.[104]
في هذه الأثناء، وعلى الأرض، استمر سكان قطاع غزة بالتدفق نحو مدينة رفح الحدودية ومحور صلاح الدين، حيث بات المحور المكان الآمن في القطاع، وانتشرت خيام النازحين على طول المحور[105]، مع تأكيد الفلسطينيين في الوقت ذاته، أنهم يرفضون مخطط التهجير إلى سيناء أو أي مكان آخر.[106]
بدورها، عززت مصر من انتشارها الأمني المكثف على طول المحور مع غزة، حيث أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرقي سيناء في نهاية شهر مايو/ أيار 2024، بالإضافة إلى ذلك دفعت مصر بأجهزة رؤية ليلية للجنود المتمركزين على طول الحدود، كما سبق وأن أقامت عقب اندلاع الحرب، جدارا حدوديا خرسانيا تمتد أسسه في الأرض ستة أمتار وتعلوه أسلاك شائكة[107].
وفُككت أبراج المراقبة المحاذية للمحور، وأُعيد بناؤها غربا داخل الأراضي المصرية، وقبل ذلك، وضعت قوات الجيش سواتر ترابية جديدة تبعد نحو 200 متر عن السياج الحدودي الفاصل بين مصر والقطاع.[108]
ويُشار إلى أن الدافع وراء اتخاذ مصر هذه الخطوات نابع من استشعارها الخطر من محاولة إسرائيل إجبار سكان القطاع على النزوح قسرا لسيناء تنفيذا لعملية تهجير قسري، تهدد الأمن القومي المصري، ويتم معها تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما رفضه النظام المصري مبكرا.[109]
- المحور تحت الاحتلال
لكن في صباح 7 مايو/ أيار 2024، توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، لأول مرة منذ عام 2005، في محور صلاح الدين. في المقابل أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا أدانت فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وما أسفرت عنه من سيطرة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر.
من جهتها، ردت المقاومة الفلسطينية على محاولة احتلال “إسرائيل” للمنطقة، حيث قصفت الفصائل الفلسطينية في 28 مايو/ أيار 2024، محيط معبر رفح البري من الجانب الفلسطيني، الذي تتواجد فيه مرابض المدفعية الخاصة بالكتيبة الإسرائيلية، التي تنشط في محور صلاح الدين ومعبر رفح.[110]
ودأبت المقاومة على استهداف المحور خلال الشهور الماضية عبر قصفه بالصواريخ تارة[111]، وخوض اشتباكات مسلحة ونصب كمائن للقوات العسكرية الإسرائيلية المتواجدة قربه تارة أخرى.[112]
وفي 29 من ذات الشهر، أعلن الجيش الإسرائيلي بسط “سيطرته العملياتية” على كامل المحور[113]، ثم في 7 يونيو/ حزيران 2024 أعلن الجيش الإسرائيلي، سيطرته بالكامل على المحور.[114] لتكون غزة محاصرة من جميع الجهات تماما بالاحتلال الإسرائيلي.
وزعم الجيش الإسرائيلي حينها عثوره على 20 نفقا يعبر إلى مصر، كما ادعى وجود 82 فتحة نفق على طول المحور.[115] كما أعلنت إذاعة جيش الاحتلال أن معبر رفح بين غزة ومصر دُمر بالكامل، ولم يعد صالحا للاستخدام في عمليات العبور.[116]
وبحسب موقع “i24” العبري، فإن العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على طول محور صلاح الدين تحدث عبر “آلية تنسيق مع الجيش المصري، تتيح مواصلة العملية الحساسة”.[117] فيما نقلت صحيفة “الغارديان” عن ضابط بالجيش المصري صدور أوامر بإخلاء مواقع تمركزهم على طول المحور، خشية حدوث المزيد من المواجهات المشابهة لتبادل إطلاق النار بين مصر وإسرائيل الذي وقع في أواخر مايو/ أيار، والذي راح ضحيته جندي مصر على الأقل.[118]
من جانبه، تمسك النظام المصري بموقفه الرافض لعبور المساعدات الإنسانية إلى القطاع عن طريق معبر رفح الحدودي مع القطاع في ظل سيطرة القوات الإسرائيلية عليه، حيث يصر النظام على تسليم إدارة المعبر لجهة فلسطينية، قبل أن استعادة جهود إدخال المساعدات عبره. فيما يتواصل دخول شاحنات المساعدات بشكل مؤقت عبر معبر كرم أبو سالم.[119]
وأكد النظام المصري موقفه في منتصف شهر يونيو/ حزيران 2024، حيث أعلن رفضه المشاركة ضمن قوة عربية تابعة للأمم المتحدة لإدارة معبر رفح، مشددا على موقفه الثابت، بشأن إدارة الفلسطينيين للمعبر.[120]
وفي فبراير/ شباط 2024، ذكرت القناة الـ 13 الإسرائيلية أن إسرائيل تدرس نقل معبر رفح إلى المثلث الحدودي في منطقة كرم أبو سالم.[121]
وبحسب القناة، فإن هذا المقترح “يهدف من ناحية إلى السماح بالتدخل المصري بالمعبر، وعدم الدخول مع القاهرة في مواجهة حول الموضوع، ومن جانب آخر الحرص على أن يكون المعبر على الحدود مع إسرائيل ويسمح بإجراء فحوصات أمنية إسرائيلية، وعمليا تسمح الخطوة لإسرائيل التأكد من عدم حصول تهريب في المحور”.
- تحركات إسرائيلية للبقاء في المحور
منذ احتلالها المحور، عملت “إسرائيل” على تغيير شكل وطبيعة المنطقة، فقد أقام الجيش الإسرائيلي منطقة عازلة على امتداد محور صلاح الدين، من معبر كرم أبو سالم شرقا وحتى ساحل البحر الأبيض المتوسط غربا، وأفادت مصادر قبلية وشهود عيان بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي نسف مربعات سكنية بكاملها على امتداد الحدود بين سيناء وقطاع غزة، شملت منازل سكنية شرق معبر رفح وأحياء كاملة غربه.[122]
وأشار الموقع إلى أنه ووفقا للمشاهد الظاهرة من الجانب المصري للحدود، فإن الاحتلال دمر أحياء السلام والبرازيل ويبنا والزعاربة والسعودي، وبينت أن عمق المنطقة العازلة داخل مدينة رفح يتراوح بين 700 و1500 متر في بعض المناطق، وبذلك باتت منطقة محور صلاح الدين تقع بين منطقتين عازلتين، الأولى أقامها الجيش المصري في رفح المصرية قبل سنوات بمسافة 5 كيلومترات، والثانية في الجانب الفلسطيني مسافة كيلو متر واحد تقريبا.
أيضا، قامت القوات الإسرائيلية ببناء طريق جديد بين معبري رفح وكرم أبو سالم، عُرف بإسم “ممر ديفيد”، ووسعت أجزاء من الطريق الممتد على طول محور صلاح الدين، لتسهيل الطريق أمام المركبات العسكرية.[123]
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية “كان”، فإن ممر ديفيد يعد شارعا أمنيا بالدرجة الأولى موازيا لمحور صلاح الدين، وأتى تشييده بهدف عزل جنوب غزة كاملا عن مصر، ويبعد 200 مترا عن المحور.[124]
وتفيد إذاعة الجيش الإسرائيلي، بأن المؤسسة الأمنية لديها خطط لتغيير مكان معبر رفح أو إلغاء المنفذ كليا وخلق ممر سفر جديد سيكون في شارع ديفيد، وأيضا ملاصقا للحدود الإسرائيلية وقريبا من معبر كرم أبو سالم، ليسهل التحكم به بصورة دائمة، حتى لو جرى الانسحاب من قطاع غزة.
وفي حديثه لصحيفة “الاندبندنت” البريطانية، بيّن الباحث السياسي، ثائر طه، أهمية “ممر ديفيد” قائلا: “إن الطريق الجديد يمنح الجيش الإسرائيلي حرية الحركة والتواجد العسكري بكثافة دون قيود اتفاقيات السلام، على عكس محور فيلادلفيا الذي يتطلب تعزيزا أمنيا وتكنولوجيا يستغرق وقتا طويلا”.
وفي مقطع فيديو نشره جندي إسرائيلي يقف بجوار البحر المتوسط، على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر برج مراقبة إسرائيلي مؤقت في ظل برج كان يستخدمه الجنود المصريون حتى وقت قريب، ومجموعة من الجرافات العسكرية ومعدات البناء.[125]
وتشير صحيفة “الغارديان” البريطانية، إلى أن هذه التحركات مصممة لدعم الوجود الطويل الأمد للقوات الإسرائيلية في غزة، مما يشير إلى نهاية ضئيلة للحرب التي استمرت بالفعل لأكثر عام كامل.
وفي أوائل شهر سبتمبر/ أيلول، رصد فريق تقصي الحقائق “بي بي سي”، قيام الجيش الإسرائيلي برصف طريق جديد على طول محور صلاح الدين خلال الأسبوعين الأخيرين في شهر أغسطس/ آب، وذلك وفق تحليل لصور الأقمار الصناعية.[126]
ووفقا للموقع، فقد بدأ رصف الطريق من الساحل في الزاوية الجنوبية الغربية لقطاع غزة، وتمتد الأجزاء المعبدة لمسافة 4.7 كم إلى داخل غزة.
وحول أهمية الطريق الجديد في محور صلاح الدين، قال أندرياس كريج، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن لبي بي سي: “إن الإسرائيليين يحاولون خلق أمر واقع”، مشيرا إلى أن “هذا يعني أن إسرائيل لن تنسحب بالكامل من قطاع غزة في أي وقت قريب”.
- تحديات البقاء
ومع رغبة نتنياهو في البقاء في “محور صلاح الدين”، فإن هناك تحديات تعترض ذلك، يمكن إجمالها في التالي:
تحديات عسكرية عبّرت عنها صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية بقولها إن “بقاء القوات العسكرية في الممر، يمكن أن يُثقل كاهل إسرائيل بحرب استنزاف، وهو أمر تجيده حماس، حيث تعرف كيف تختار الوقت والمكان المناسبين للهجوم على أهدافها”.[127]
كما إن هناك تحديات سياسية، إذ أن بقاء إسرائيل في المحور، يفرض عليها المزيد من العبء السياسي حول تحميلها مسؤولية التدهور الإنساني داخل القطاع، بصفتها تفرض حصارا بريا كاملا وبحريا وجويا على غزة، كما يعرضها لضغوطات مستمرة من قبل القاهرة والمجتمع الدولي، تطالبها بإنهاء احتلال المحور.
علاوة على ذلك، فإن هناك تحديات داخلية تعترض نتنياهو نفسه، باعتبار أنه يعرقل صفقة تبادل أسرى عبر تعنته في مسألة البقاء في المحور. وظهر ذلك بوضوح حين حمّل أهالي الأسرى نتنياهو المسؤولية عن مقتل 6 محتجزين في غزة، نتيجة إصراره على البقاء في محور فيلادلفيا.[128]
ويتصاعد هذا الضغط مع ما نقلته تقارير إسرائيلية من رفض الجيش البقاء في هذا المحور، حيث قالت صحيفة “هآرتس” إن الجيش لا يجد مؤشرات على محاولة حركة حماس تهريب الرهائن لديها إلى مصر عبر الأنفاق تحت محور فيلادلفيا، على عكس ما يقوله نتنياهو.[129]
ورغم تلك التحديات، ورغم استطلاعات الرأي التي تظهر تأييد 48 بالمئة من الإسرائيليين انسحاب الجيش من محور صلاح الدين[130]، ومع أن التقارير الدولية، والمعطيات على أرض الواقع، والتصريحات الرسمية الإسرائيلية، كما سبق ذكره، صدّق الكابينت السياسي والأمني للاحتلال في 30 أغسطس/ آب 2024، على بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، كجزء من المقترح الإسرائيلي لصفقة التبادل.[131]
- محاولات حلحة الموقف الإسرائيلي
كان “محور صلاح الدين” أحد الملفات الحاضرة على طاولة المفاوضات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، قبل أن تتوقف هذه المفاوضات حتى وقت كتابة هذه الأسطر.
وتخلل جولات التفاوض تلك محاولات عديدة على مدار الأشهر الماضية لحلحلة الموقف الإسرائيلي المتمسك بالبقاء في المحور، ومن بين تلك المقترحات البديلة، تلقى مصر مقترحا لنشر قوات عربية على طول المحور.
وبحسب الموقع، فإن الإمارات هي من تولت إجراء المباحثات مع عدة دول عربية، من بينها المغرب وموريتانيا وجيبوتي، لمعرفة موقفها من مشاركة قوة عربية تنتشر على طول المحور، وكذلك الانتشار في محور نتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه.[132]
ومن الجدير بالذكر أن حركة حماس سبق وأكدت من قبل، على رفضها أي تصريحات أو مواقف تدعم خططا لدخول قوات أجنبية إلى قطاع غزة تحت أي مسمى أو مبرر، كما شددت على أن إدارة قطاع غزة “بعد دحر العدوان الفاشي هي شأن فلسطيني خالص يتوافق عليه شعبنا الفلسطيني بكافة أطيافه”.[133]
كما سبق واستنكرت الفصائل الفلسطينية عبر بيان للجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، حديث قادة الاحتلال حول تشكيل قوة دولية أو عربية لقطاع غزة، واصفة تلك المخططات بأنها “وهم وسراب”، مشددة على أن “أي قوة تدخل لقطاع غزة مرفوضة وغير مقبولة، وهي قوة احتلالية، وسنتعامل معها وفق هذا التوصيف”.
بدوره، نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن مصر وافقت على سيطرة إسرائيل على حدود غزة مقابل إعادة فتح معبر رفح وتشغيله من قبل الفلسطينيين، وذلك بحسب حديث ثلاثة مصادر مصرية رفيعة المستوى؛ دبلوماسي ومسؤول في جهاز المخابرات العامة وآخر في المخابرات العسكرية.[134] لكن نتنياهو من جهته رفض هذا المقترح.[135]
ووفقا لصحيفة “واشنطن بوست” فقد كشف مسؤول أميركي كبير أن قوة فلسطينية تدربها الولايات المتحدة قد تشكل بديلا معقولا لتأمين الحدود مع غزة، لكن نتنياهو رفض الاقتراح.[136]
اقتراح آخر وافقت عليه القاهرة ورفضه نتنياهو، وهو إعلان الاتحاد الأوروبي أنه مستعد لمراقبة معبر رفح وفيلادلفيا بالتعاون مع السلطة الفلسطينية.
وفي المقابل، حاولت دولة الاحتلال الإسرائيلي إلغاء “اتفاقية فيلادلفيا” التي وقعتها مع مصر عام 2005، والتي بموجبها بات معبر رفح ومحور “صلاح الدين” شأنا مصريا-فلسطينيا في الأساس، بعد أن كانت تلك المنطقة محتلة إسرائيليا منذ عام 1967.
إذ أرادت “إسرائيل” -وفق المصادر- موافقةً من الجانب المصري على أن تكون هي الجهة المشرفة على الوضع الأمني في المنطقة الحدودية من الجانب الفلسطيني بما يمنح لها اليد العليا بالتصرف عند وجود ممارسات ترى أنها تمثل تهديدا لأمنها، وبما يضمن لها التدخل المباشر في أي وقت لمواجهة أية تحديات من دون الحصول على موافقة مسبقة من أي طرف.[137] لكن النظام المصري قابل هذه المطالب الإسرائيلية بالرفض.
وإجمالا، لا يبدو أن هناك استعدادا من حكومة نتنياهو للتخلي عن السيطرة العسكرية على “محور صلاح الدين” في الوقت الراهن، رغم بعض المطالبات الإسرائيلية الداخلية بالتخلي عنه لصالح عقد صفقة تبادل أسرى مع المقاومة.
خاتمة
يمثل محور صلاح الدين بين غزة ومصر أهمية تاريخية وأمنية كمنطقة عازلة أُنشئت بموجب اتفاقية كامب ديفيد 1979، وشهد تطورات متلاحقة، تمخضت عن انسحاب إسرائيل من المحور عام 2005، بموجب اتفاق نص على نشر قوات مصرية على طول الحدود بقدرات محدودة لمكافحة التهريب.
لاحقا، وبعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، فُرض حصار على القطاع، مما جعل المحور نقطة مركزية في التحركات السياسية والأمنية، خاصة مع استمرار استخدام الأنفاق لنقل البضائع والأسلحة.
ورغم اتخاذ نظام مبارك بعض الإجراءات ضد الأنفاق إلا أنه كان يتغاضى عن بعضها لعدة دوافع ذكرتها الورقة. وظل هذا الوضع قائما إلى أن اتخذ النظام الانقلابي إجراءات غير مسبوقة تهدف لهدف الأنفاق.
وبعد “طوفان الأقصى”، ادعت الحكومة الإسرائيلية أن المحور ما زال يستخدم في تهريب السلاح، وعلى هذا أعادت احتلاله، بالرغم من المعارضة الداخلية التي رأت أن المحور لا يمثل خطرا أمنيا بالدرجة التي يدعيها نتنياهو، وأن الأولى هو الذهاب لصفقة تبادل أسرى.
وفي ظل قوة وسيطرة اليمين المتطرف داخل إسرائيل، ودعايته المستمرة لاحتلال كامل قطاع غزة بما في ذلك المحور، بات أمر انسحاب جيش الاحتلال من المحور أمر تتحكم فيه الظروف الداخلية السياسية لنتنياهو وحلفائه بشكل رئيسي.
ويمكن القول إن الخطط المتعلقة بالبقاء في ممر صلاح الدين أو الانسحاب منه، هي جزء من ترتيبات ما يعرف بـ “اليوم التالي” للحرب، والتي ما زالت مبهمة حتى الآن، وسط تعدد الرؤى المطروحة على الساحة، والتطورات الميدانية.
المصادر
[1] ما هو محور فيلادلفيا؟ ولماذا يسعى نتنياهو السيطرة عليه؟، سكاي نيوز عربية، 31 ديسمبر/ كانون الأول الرابط
[2] “ما هي المعابر الأساسية لقطاع غزة مع مصر وإسرائيل وما أهميتها”، إمونت كارلو الدولية، 10 أبريل/نيسان 2024، الرابط
[3] معابر غزة.. شرايين إنسانية أغلقتها إسرائيل، الجزيرة، 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الرابط
[4] Rayhan Uddin, War on Gaza: Why is Israel insisting on controlling the Philadelphi and Netzarim corridors?, Middle East, Aug 23, 2024, link
[5] Factbox: The Gaza-Egypt border corridor,” Reuters, January 12, 2009, link
[6] Louis Keene “What’s the Philadelphi Corridor and Why Is It Such a Big Deal to Netanyahu?” Forward, September 4, 2024, link
[7] Andrew Rubin, We Are No Longer Able to, July 7, 2005, link
[8] Louis Keene “What’s the Philadelphi Corridor and Why Is It Such a Big Deal to Netanyahu?” Forward, September 4, 2024, link
[9]Rachel O’Donoghue, “The Philadelphi Corridor: How Hamas Smuggles Terror into Gaza,” Algemeiner, August 26, 2024, link.
[10] خاص | تاريخ محور “فيلادلفيا” وتداعيات السيطرة الإسرائيلية عليه، رؤية، 12 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[11] بعد كشف الاحتلال عن نيته تنفيذ عملية عسكرية: تعرف على تاريخ الحدود بين مصر وغزة، مزيد نيوز، 16 يناير/كانون الثاني 2024، الرابط.
[12] كيف تحولت “رفح المصريّة” إلى منطقة عازلة في عهد السيسي ؟، درج، 6 أبريل/ نيسان 2024، الرابط
[13] بعد كشف الاحتلال عن نيته تنفيذ عملية عسكرية فيها.. تعرف على تاريخ الحدود بين مصر وغزة، مزيد نيوز، 6 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[14] ديما عودة، كيف أصبحت غزة واحدة من أكثر المناطق ازدحامًا في العالم، بي بي سي عربي، 10 أكتوبر/ تشرين الأول، الرابط
[15] شبكة راية الإعلامية، “قراءة في تاريخ محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وتداعيات السيطرة الإسرائيلية عليه، يوتيوب، 12 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[16] بعد كشف الاحتلال عن نيته تنفيذ عملية عسكرية: تعرف على تاريخ الحدود بين مصر وغزة، مزيد نيوز، 16 يناير/كانون الثاني 2024، الرابط
[17] ديما عودة، كيف أصبحت غزة واحدة من أكثر المناطق ازدحاما في العالم، بي بي سي عربي، 10 أكتوبر/ تشرين الأول، الرابط
[18] بعد كشف الاحتلال عن نيته تنفيذ عملية عسكرية فيها.. تعرف على تاريخ الحدود بين مصر وغزة، مزيد نيوز، 6 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[19] محور صلاح الدين (فيلادلفيا): تاريخه وأصل تسميته وحقيقة قيمته العسكرية، القدس العربي، 10 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[20] آلاء رجائي، ما هو محور فيلادلفيا الذي يشكل نقطة خلاف في مفاوضات إسرائيل وحماس، بي بي سي، 21 أغسطس/ آب 2024، الرابط
[21] كيف تحولت “رفح المصريّة” إلى منطقة عازلة في عهد السيسي ؟، درج، 6 أبريل/ نيسان 2024، الرابط
[22] ياسر مناع، محور فيلادلفيا مِلك استراتيجي ونقطة صراع، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 23 يوليو/ تموز 2024، الرابط
[23] بعد كشف الاحتلال عن نيته تنفيذ عملية عسكرية فيها.. تعرف على تاريخ الحدود بين مصر وغزة، مزيد نيوز، 6 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[24] ديما عودة، كيف أصبحت غزة واحدة من أكثر المناطق ازدحاما في العالم، بي بي سي عربي، 10 أكتوبر/ تشرين الأول، الرابط
[25] معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل، 26 مارس/ آذار 1979، الرابط
[26] المصدر نفسه
[27] شبكة راية الإعلامية، “قراءة في تاريخ محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وتداعيات السيطرة الإسرائيلية عليه، يوتيوب، 12 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[28] طه العاني، الأنفاق في غزة.. قصة سلاح استراتيجي للمقاومة أوجع الاحتلال، الخليج أون لاين، 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، الرابط
[29] خاص | تاريخ محور “فيلادلفيا” وتداعيات السيطرة الإسرائيلية عليه، رؤية، 12 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[30] “محور صلاح الدين (فيلادلفيا): تاريخه وأصل تسميته وحقيقة قيمته العسكرية”، القدس العربي، 10 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[31] Andrew Rubin, We Are No Longer Able to, July 7, 2005, link
[32] محور صلاح الدين (فيلادلفيا): تاريخه وأصل تسميته وحقيقة قيمته العسكرية، القدس العربي، 10 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[33] وليد حباس، إسرائيل تسيطر من جديد عليه: في تاريخ محور صلاح الدين وتداعيات السيطرة الإسرائيلية، مدار، 2 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[34] “تدمير رفح: هدم المنازل على نطاق واسع في قطاع غزة”، هيومان رايتس ووتش، مايو/أيار 2004 – الرابط
[35] بناء أنفاق غزة بدأ قبل 25 عاماً.. قناة إسرائيلية: هكذا شُيّدت أكبر مدينة تحت الأرض بالعالم، ولهذا فاجأتنا، شبكة البصرة، 26 فبراير/ شباط 2024، الرابط
[36] شبكة راية الإعلامية، “قراءة في تاريخ محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وتداعيات السيطرة الإسرائيلية عليه، يوتيوب، 12 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[37] Michael Herzog, A New Reality on the Egypt-Gaza Border (Part II):Analysis of the New Israel-Egypt Agreement, The Washington Institute for Near East Policy, Sep 21, 2005, link
[38] لفهم إصرار نتنياهو على احتلال محور فيلادلفيا.. يجب العودة إلى 2005، المصدر اون لاين، 31 أغسطس/ آب 2024، الرابط
[39] خطة فك الارتباط هي خطة أعلنت إسرائيل بموجبها تفكيك المستوطنات الإسرائيلية والقواعد العسكرية في غزة وشمال الضفة الغربية، مع إشراف الاحتلال على الحدود الخارجية لغزة من اليابسة، والسيطرة بشكل مطلق على المجال الجوي للقطاع، ومواصلة القيام بعمليات عسكرية في المجال المائي لقطاع غزة، الذي نصت الخطة أن يكون منطقة منزوعة من الأسلحة التي لا تتفق مع الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.
[40] النص الكامل لخطة شارون فك الارتباط، الجزيرة، 18 أبريل/ نيسان 2004، الرابط
[41] Hanan Greenberg, Army building new Gaza barrier, ynetnews, 14 Abril 2005, link
[42] A New Reality on the Egypt-Gaza Border (Part I): Contents of the New Israel-Egypt Agreement, The Washington Institute for Near East Policy, Sep 19, 2005, link
[43] ما نعرفه عن “محور فيلادلفيا” واتفاقيات تأمينه، متصدقش، 24 ديسمبر/ كانون الأول 2024، الرابط
[44] A New Reality on the Egypt-Gaza Border (Part I):
Contents of the New Israel-Egypt Agreement, The Washington Institute for Near East Policy, Sep 19, 2005, link
[45] ما هو محور “فيلادلفيا” الذي تسعى إسرائيل للسيطرة عليه؟، ميدل ايست نيوز، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023، الرابط
[46] مصادر: جهود لإحياء اتفاق 2005 لإدارة معبر رفح بإشراف أوروبي بعد الحرب، الشرق، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، الرابط
[47] ما هو محور “فيلادلفيا” الذي تسعى إسرائيل للسيطرة عليه؟، ميدل ايست نيوز، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023، الرابط
[48] قطاع غزة: محطات رئيسية من 2007 إلى 2017، بي بي سي عربي، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، الرابط
[49] سعد الوحيدي، المسموح والممنوع.. معابر تُحاصر غزّة، متراس، 10 يوليو/تموز 2020 – الرابط
[50] علا عطا الله، مسؤولون ومحللون فلسطينيون: مياه البحر المصرية لتدمير الأنفاق تخنق غزة، الأناضول، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2015 – الرابط
[51] تظاهرات في غزة ضد الجدار المصري، بي بي سي عربي، 26 ديسمبر/ كانون الأول 2009، الرابط
[52] غزة: حفارو الانفاق يقولون انهم اخترقوا الجدار المصري، بي بي سي عربي، 6 مايو/ أيار 2010، الرابط
[53] مصر تضغط على مهربي أنفاق غزة، رويترز، 29 أبريل/ نيسان 2009، الرابط
[54] بينيديتا برتي وزاك غولد، حماس والعلاقة الصعبة مع الدولة الإسلامية في غزة وسيناء، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 12 يناير/كانون الثاني 2016، الرابط
[55] تحقيق-حركة حماس تواجه أزمة مالية بعد الحملة المصرية على الأنفاق، رويترز، 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2010، الرابط
[56] المصدر نفسه
[57] مصر تضغط على مهربي أنفاق غزة، رويترز، 29 أبريل/ نيسان 2009، الرابط
[58] بينيديتا برتي وزاك غولد، حماس والعلاقة الصعبة مع الدولة الإسلامية في غزة وسيناء، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 12 يناير/كانون الثاني 2016، الرابط
[59] Yoram Cohen, Matthew Levitt, Hamas Arms Smuggling: Egypt’s Challenge, The Washington Institute for Near East Policy, Mar 2. 2009, link
[60] إعلام إسرائيلي: فيلادلفيا أم “الرهائن”؟ في الحالتين إسرائيل هي الخاسرة، الجزيرة، 4 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[61] المهربون مستمرون في حفر الأنفاق بين مصر وغزة، بي بي سي عربي، 1 يوليو/ تموز 2009، الرابط
[62] مصدر مصري لـ هآرتس: مصر تبني جدارا فولاذيا على طول الحدود مع قطاع غزة، موقع عرب 48، 9 ديسمبر/ كانون الأول 2009، الرابط
[63] المهربون مستمرون في حفر الأنفاق بين مصر وغزة، بي بي سي عربي، 1 يوليو/ تموز 2009، الرابط
[64] مصر تضغط على مهربي أنفاق غزة، رويترز، 29 أبريل/ نيسان 2009، الرابط
[65] عباس الخشالي، من أين لغزة المحاصرة بالصواريخ التي تطلق على إسرائيل؟، دويتشه فيله، 9 يوليو/ تموز 2014، الرابط
[66] Yoram Cohen, Matthew Levitt, Hamas Arms Smuggling:Egypt’s Challenge, The Washington Institute for Near East Policy, Mar 2. 2009, link
[67] Chris Harnisch,Egypt’s Role in Gaza Arms Smuggling, American Enterprise Institute, August 02, 2009, link
[68] فلسطينيون يقتحمون معبر رفح والعدوان يتواصل على غزة، الجزيرة، 15 يوليو/ تموز 2006، الرابط
[69] بينيديتا برتي وزاك غولد، حماس والعلاقة الصعبة مع الدولة الإسلامية في غزة وسيناء، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 12 يناير/كانون الثاني 2016، الرابط
[70] Chris Harnisch,Egypt’s Role in Gaza Arms Smuggling, American Enterprise Institute, August 02, 2009, link
[71] Egypt eases blockade at Gaza’s Rafah border, BBC, May 28, 2011, link
[72] Michael Birnbaum and Ingy Hassieb, Egyptian military begins closing smuggling tunnels near Gaza,The Washington Post, September 4, 2011, link
[73] مقتل ثمانية من منفذي هجوم رفح، سكاي نيوز عربية، 5 أغسطس/ آب 2012، الرابط
[74] مصر تعلن الحداد ثلاثة أيام وتؤكد أن عناصر من غزة ساندت هجوم سيناء، فرانس 24، 7 أغسطس/ آب 2012، الرابط
[75] مصر تشيِّع ضحايا الهجوم على حرس الحدود وتشرع بإغلاق أنفاق غزة، بي بي سي عربي، 7 أغسطس/ آب 2012، الرابط
[76] زاك غولد، مصر وقضية الأنفاق، مؤسسة كارنيغي للدراسات والأبحاث، 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، الرابط
[77] شوقي الفرا، حملة مصرية لتدمير الأنفاق تُلهب أسعار سلع في غزة، دويتشه فيله، 6 مارس/ آذار 2013، الرابط
[78] Egypt Claims It Destroyed Hamas Tunnels, But Smuggling Continues, Foundation for Defense of Democracies, January 23, 2024 – Link
[79] محمود القيعي، “لن ننسحب من محور فيلادلفيا لا بعد 42 يوما ولا بعد 42 عاما”.. ماذا وراء تصريحات نتنياهو المستفزة لمصر؟ وهل انطوى خطابه على اتهام لها؟ وإلى متى سيظل الرد عليها بـ”الكلام” عبر مصدر رفيع؟، رأي اليوم، 3 سبتمبر/أيلول 2024 – الرابط
[80] وزير الدفاع الإسرائيلي يثني على السيسي ويهاجم محمد مرسي.. ما الأسباب؟، مزيد الإخبارية، 12 أغسطس/آب 2024 – الرابط
[81] زاك غولد، مصر وقضية الأنفاق، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، الرابط
[82] الحكومة المصرية تصنف الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”، فرانس 24، 26 ديسمبر/ كانون الأول 2013، الرابط
[83] جماعة أنصار بيت المقدس في مصر تبايع “داعش”، دويتشه فيله، 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، الرابط
[84] ماجد مندور، تحول سياسات مصر تجاه حماس، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 26 يوليو/ تموز 2021 الرابط
[85] أشرف عبد الحميد، مصر تبدأ في إقامة منطقة عازلة مع غزة، العربية، 26 أكتوبر/ 2010، الرابط
[86] كيف تحولت “رفح المصريّة” إلى منطقة عازلة في عهد السيسي ؟، درج، 6 أبريل/ نيسان 2024، الرابط
[87] ماجد مندور، تحول سياسات مصر تجاه حماس، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 26 يوليو/ تموز 2021 الرابط
[88] محور فیلادلفیا.. ضرورة أمنية إسرائيلية أم ذريعة؟، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، 26 مارس/ آذار 2024، الرابط
[89] أشرف عبد الحميد، مصر.. دمرنا 3 آلاف نفق مع قطاع غزة، العربية، 4 مايو/أيار 2020، الرابط
[90] حماس تسلم معابر غزة إلى السلطة الفلسطينية بإشراف أمني مصري، بي بي سي عربي، 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، الرابط
[91] كيف تحولت “رفح المصريّة” إلى منطقة عازلة في عهد السيسي ؟، درج، 6 أبريل/ نيسان 2024، الرابط
[92] مصر تشيد جدارا خرسانيا على الحدود مع قطاع غزة، بي بي سي عربي، 18 فبراير/ شباط 2020، الرابط
[93] بينيديتا برتي وزاك غولد، حماس والعلاقة الصعبة مع الدولة الإسلامية في غزة وسيناء، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 12 يناير/كانون الثاني 2016، الرابط
[94] محور فیلادلفیا.. ضرورة أمنية إسرائيلية أم ذريعة؟، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، 26 مارس/ آذار 2024، الرابط
[95] السلطات المصرية تبدأ بفصل المنطقة العازلة عن مدينة رفح بـ«سياج شائك»، مدى مصر، 18 مايو/ أيار 2018، الرابط
[96] مصر تشيد جدارا خرسانيا على الحدود مع قطاع غزة، بي بي سي عربي، 18 فبراير/ شباط 2020، الرابط
[97] ياسر مناع، محور فيلادلفيا مِلك استراتيجي ونقطة صراع، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 23 يوليو/ تموز 2024، الرابط
[98] ما هو محور “فيلادلفيا” الذي تسعى إسرائيل للسيطرة عليه؟، الحرة، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023، الرابط
[99] “محور فيلادلفيا”.. خطة نتانياهو لعزل غزة عن مصر تصطدم باتفاق السلام، الحرة، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023، الرابط
[100] تعليق مصري على خطة إسرائيل في “محور فيلادلفيا”، سكاي نيوز عربية، 13 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[101] نتنياهو يتحدث مجددا عن محور فيلادلفيا: يجب إغلاقه، سكاي نيوز عربية، 13 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[102] ببيان رسمي.. مصر تحذر إسرائيل من “تهديد خطير للعلاقات”، الحرة، 23 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[103] كيرستن كنيب، سر الرفض المصري لسعي إسرائيل للسيطرة على “محور فيلادلفيا”، دويتشه فيله، 1 فبراير/ شباط 2024، الرابط
[104] تفاصيل جديدة عن أزمة فيلادلفيا.. كيف أثارت إسرائيل غضب مصر؟، سكاي نيوز، 27 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[105] جولة للجزيرة مباشر لرصد ظروف النازحين في محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر (فيديو)، الجزيرة مباشر، 17 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[106] حسني نديم، فلسطينيون بمحور فيلادلفيا: نعيش أكثر من “نكبة” ولن نهاجر لسيناء (تقرير)، وكالة الأناضول للأنباء، 20 يناير/ كانون الثاني 2024، الرابط
[107] مصر تضاعف من الدوريات الأمنية على الحدود مع غزة، العربية، 10 فبراير/ شباط 2024، الرابط
[108] المصدر نفسه
[109] عبد الفتاح السيسي يدعو سكان غزة إلى البقاء صامدين في أرضهم، فرانس 24، 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الرابط
[110] فيديو حصري يظهر قيام القوات الإسرائيلية بقصف تجمعات النازحين.. والفصائل الفلسطينية ترد بقصف محيط معبر رفح، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، 28 مايو/ أيار 2024، الرابط
[111] المقاومة تقصف مواقع إسرائيلية في غلاف غزة ومحوري فيلادلفيا ونتساريم، الجزيرة 16 أغسطس/ آب 2024، الرابط
[112] المقاومة تنصب كمينًا لقوات الاحتلال قرب محور فيلادلفيا، مصراوي، 23 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[113] الجيش الإسرائيلي يعلن سيطرته على محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، دويتشه فيله، 29 مايو/ أيار 2024، الرابط
[114] إسرائيل تعلن السيطرة على محور فيلادلفيا “بالكامل”، سكاي نيوز عربية، 7 يونيو/ حزيران 2024، الرابط
[115] الجيش الإسرائيلي يعلن سيطرته على محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، دويتشه فيله، 29 مايو/ أيار 2024، الرابط
[116] في ظل صمت مصري مطبق.. “طريق دافيد” بديل “فيلادلفيا” وحرق معبر رفح تمهيدا لنقله، بوابة الحرية والعدالة، 21 يونيو/ حزيران 2024، الرابط
[117] عملية رفح: الجيش الإسرائيلي يسيطر على نصف محور فيلادلفيا، i24 نيوز، 20 مايو/ أيار 2024، الرابط
[118] Ruth Michaelson, Slowly but surely, Israel tightens its grip on Gaza’s lifeline to Egypt,The Guardian, Jul 20, 2024, link
[119] لماذا ترفض مصر إدخال المساعدات عبر معبر رفح حاليا؟، سكاي نيوز عربية، 26 مايو/ أيار 2024، الرابط
[120] محمد مخلوف، لماذا ترفض مصر المشاركة في قوة عربية لإدارة معابر غزة؟، العربية، 20 يونيو/ حزيران 2024، الرابط
[121] إسرائيل تدرس نقل معبر رفح إلى المثلث الحدودي في منطقة كرم أبي سالم، i24 نيوز، 4 فبراير/ شباط 2024، الرابط
[122] الاحتلال الإسرائيلي يقيم منطقة عازلة في الجانب الفلسطيني من محور فيلادلفيا، 15 يوليو/ تموز 2024، الرابط
[123] Ruth Michaelson, Slowly but surely, Israel tightens its grip on Gaza’s lifeline to Egypt,The Guardian, Jul 20, 2024, link
[124] عز الدين أبو عيشة، ممر “ديفيد” بديل “فيلادلفيا” والمعبر الجديد عوضاً عن رفح، اندبندنت عربية، 23 يونيو/ حزيران 2024، الرابط
[125] Ruth Michaelson, Slowly but surely, Israel tightens its grip on Gaza’s lifeline to Egypt,The Guardian, Jul 20, 2024, link
[126] لميس الطالبي وبينديكت غارمان، حرب غزة: إسرائيل ترصف طريقاً بالأسفلت في محور فيلادلفيا على حدود مصر، بي بي سي عربي، 5 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[127] إعلام إسرائيلي: فيلادلفيا أم “الرهائن”؟ في الحالتين إسرائيل هي الخاسرة، الجزيرة، 4 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[128] حملوا توابيت فارغة.. ذوو الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب، التلفزيون العربي، 5 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[129] “تهريب الرهائن” إلى مصر.. ماذا تقول تقديرات الجيش الإسرائيلي؟، الحرة، 10 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[130] معاريف: 48% من الإسرائيليين يؤيدون الانسحاب من محور فيلادلفيا، اليوم السابع، 6 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[131] “الكابينت” يقر بقاء “الجيش” الإسرائيلي في “محور فيلادلفيا”.. وواشنطن تتبنى، الميادين، 30 أغسطس/ آب 2024، الرابط
[132] البدء بالتخطيط “لليوم التالي”: تقرير عن العرض المفاجئ الذي تلقته مصر، i24 نيوز، 12 سبتمبر/ أيلول 2024، الرابط
[133] حماس ترفض أي خطط لإدخال قوات أجنبية إلى غزة، الجزيرة، 5 يوليو/ تموز 2024، الرابط
[134] Ahmed Abdeen, Egypt agrees to Israeli control of Gaza border in return for Rafah reopening, Middle East, Aug 19, 2024, link
[135] كل البدائل لممر فيلادلفيا رفضت.. هكذا أثار نتنياهو غضب مصر، العربية، 4 سبتمبر 2024، الرابط
[136] المصدر نفسه
[137] تقرير: إسرائيل طلبت من مصر هذا الطلب للسيطرة على محور فيلادلفيا، i24 نيوز، 20 أغسطس/ آب 2024، الرابط