الجدل حول موعد الانتخابات الرئاسية.. أهداف السيسي والسيناريو الراجح
المحتويات |
---|
مقدمة |
الانتخابات الرئاسية والنصوص الدستورية |
شواهد توجه تبكير الانتخابات |
السيناريو الراجح |
مـــــــــــقدمــــــــــة
بات موضوع الانتخابات الرئاسية يفرض نفسه شيئًا فشيئًا على الساحة السياسية في مصر، في وقت يؤكد فيه مراقبون أن قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، بما يحوزه من سيطرة على أجهزة الدولة، ولافتقاد الانتخابات لمعايير النزاهة، سيظل في الحكم لفترة ثالثة.
لكن من الأهمية بمكان مراقبة سير العملية الانتخابية، لمعرفة تحركات مختلف الأحزاب والقوى السياسية، وكيفية إخراج السيسي للمشهد الانتخابي.
ويُعد موعد عقد أي انتخابات في العالم من الأسئلة الرئيسية والمعلومات الأولية التي لها ما بعدها؛ وذلك لأهمية وجود فترة كافية تتداول فيها الأحزاب مسألة تقديم مرشح من عدمها، وتحديد اسم المرشح وما يصاحب ذلك من مداولات، ثم يلي ذلك رسم ملامح الحملة الانتخابية وتنفيذها، استعدادًا ليوم الاقتراع.
لكن الأمر يتسم بالضبابية في مصر حتى الآن، حيث يدور الجدل حول احتمالية تقديم موعد الانتخابات، بحيث تنتهي برمّتها خلال هذا العام 2023، وهذا خلافًا لما كان مُتوقعًا من أن تُجرى عام 2024.
ومؤخرًا، صرحت الهيئة الوطنية للانتخابات من أنها ستُعلن عن موعد الانتخابات في 25 سبتمبر/أيلول 2023. لكن صاحب هذا الإعلان جدل واسع، بعد نشر إحدى النوافذ الإعلامية للنظام جدول الانتخابات ثم حذفه.
وإزاء ذلك، فإننا نستعرض في هذا التقرير الجدل الدائر حول موعد الانتخابات، محاولين إبراز شواهد ارتباك النظام، وسبب إحجامه لفترة طويلة عن تحديد موعد الانتخابات. علاوة على ذلك، فإننا نشير إلى السيناريو الأرجح لموعد الانتخابات، معتمدين في ذلك على بعض الخطوات التي اتخذها النظام خلال الفترة الأخيرة.
الانتخابات الرئاسية والنصوص الدستورية
بالنظر إلى تعديلات دستور 2014، التي أُدخِلت تحت حكم السلطة الانقلابية، عام 2019،[1] نجد أن المادة 140 تنص على أن رئيس الجمهورية يُنتخب “لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين”.
وتضيف المادة أن إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية تبدأ “قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يومًا على الأقل”.
كما تنص المادة 241 (مكرر) على أن “تنتهي مدة رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيسًا للجمهورية في 2018، ويجوز إعادة انتخابه لمرة تالية”.
وبالتالي، فإن الدستور لا يُلزم بإجراء الانتخابات في يوم بعينه، غير أنه حدد مدى زمنيًا تستطيع الهيئة الوطنية للانتخابات اختيار يوم خلاله لإجراء الانتخابات فيه.
ولفهم تفسير السلطات الانقلابية لهاتين المادتين الدستوريتين، يمكننا هنا استعراض تفسير المنسق العام للحوار الوطني، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، لهما، علمًا بأن “رشوان” كان أحد أعضاء لجنة الخمسين التي وضعت دستور ما بعد انقلاب 2013.
ففي يونيو/حزيران 2023، أجرى “رشوان” مداخلة هاتفية مطولة مع برنامج “الحكاية”، الذي يقدمه المذيع عمرو أديب، وأدلى بتفسير جازم للمواد الواردة أعلاه، بشكل يؤكد أن عقد الانتخابات في 2023 “غير ممكن دستوريًا”، حسب وصفه.[2]
ووفق رشوان، فإن المادة 241 (مكرر) حددت انتهاء الفترة الرئاسية للسيسي بانقضاء 6 سنوات، من تاريخ إعلانه رئيسًا، وليس من تاريخ حلف اليمين الدستورية. وحيث إن إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2018 كان يوم 2 أبريل/نيسان، فإن فترة السيسي الحالية تنتهي يوم 2 أبريل/نيسان 2024. وعلى ذلك، فإنه في يوم 3 أبريل/نيسان 2024، يجب أن يتسلم الرئيس المنتخب مهام منصبه.
وبالنظر للمادة 140، التي تنص على أن إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية تبدأ قبل انتهاء مدة الرئاسة بـ 120 يومًا على الأقل، فإن ذلك يعني أن الهيئة العليا للانتخابات يجب أن تبدأ إجراءاتها المتعلقة بالانتخابات في 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، بحد أقصى.
أي أن على الهيئة أن تبدأ إجراءاتها -من فتح الباب الترشح وخلافه- في يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، أو قبل ذلك؛ لأن تجاوز هذا التاريخ سيعني أن مدة الـ 120 لن تتوفر، باعتبار أن الرئيس المنتخب سيتولى مهامه في 3 أبريل/ نيسان 2024.
ثم إن هناك قيدًا دستوريًا آخر أشار إليه “رشوان”، وهو أن إعلان نتيجة الانتخابات يجب أن تكون قبل 30 يومًا على الأقل من انتهاء مدة الرئيس الحالي. أي أن إعلان نتيجة الانتخابات يجب أن يكون في 1 مارس/آذار 2023، بحد أقصى.
وعلى هذا، خلص “رشوان” إلى أن إجراء الانتخابات هذا العام “غير ممكن دستوريًا”، مضيفًا أنه “في أي نظام رئاسي، لا يمكن للرئيس الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة”، وتوقع أن تُجرى الانتخابات في فبراير/شباط 2024.
لكن المُلاحظ أن النتيجة التي خلص إليها “رشوان” لا توافق ما جاء في المادتين الدستوريتين، لأنه يبدو لنا أن دستور الانقلاب وضع الحد الأقصى لبدء إجراءات الانتخابات، والحد الأقصى لإعلان الفائز بالرئاسة، غير أنه لم يضع حدًا أدنى لهما.
بمعنى أنه إذا عُقدت الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأُعلنت نتيجتها في الشهر نفسه، فالمواد التي استعرضناها لا تمنع ذلك. وهذا ما أكده “رشوان” نفسه في المداخلة ذاتها، من أن “على الهيئة الوطنية للانتخابات أن تفتح باب الانتخابات في موعد مناسب، بما لا يتجاوز 2 ديسمبر، ثم تقرر إجراء الانتخابات بما لا يتجاوز إعلان نتيجتها في 1 مارس”.
وبالتالي، فإن وصف “رشوان” لاحتمالية إنهاء الانتخابات خلال هذا العام 2023 بأنه “غير ممكن دستوريًا”، وصف فيه نظر.
وبالتزامن مع تصريحات رشوان، أكد المذيع أحمد موسى، المعروف بقربه من النظام، على عدم وجود انتخابات مبكرة، مستشهدًا بالمادتين الدستوريتين ذاتهما.[3]
شواهد توجه تبكير الانتخابات
لكن في المقابل، نجد أن عدة مواقع عالمية ذكرت أن السيسي يرغب في إجراء الانتخابات مبكرًا. من ذلك، موقع “أفريكا انتلجنس” الفرنسي، الذي قال في، 5 يونيو/حزيران 2023، إن السيسي يرغب في تقديم موعد انتخابات الرئاسة لتُجرى في شهر يناير/كانون الثاني 2024.[4]
وأشار الموقع إلى أنه “من المفترض في الأصل أن تنعقد الانتخابات في نهاية مارس/آذار وبداية أبريل/نيسان 2024”. لكن يبدو أن ذلك ليس دقيقًا، بالنظر إلى أن نتيجة الانتخابات يجب أن تُعلن قبل شهر على الأقل من تسلم الرئيس المنتخب لمنصبه، أي في أول مارس/آذار 2024.
غير أن فكرة عقد الانتخابات في يناير/كانون الثاني 2024، التي أشار إليها الموقع، محتملة، لأن الدستور لا يمنع ذلك كما أشرنا.
وبحسب الموقع الاستخباراتي، فإن “الغاية من هذا التعجيل أن يُعاد انتخاب السيسي قبل اتخاذه قرارات اقتصادية مكروهة شعبيًا، إذ يطالب صندوق النقد الدولي بالتحرك نحو مرونة أسعار الصرف، ما سيؤدي إلى تخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية مرة أخرى”.
وقد تجدد مؤخرًا الجدل حول تبكير الانتخابات، بعد أن نقلت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية عن أشخاص مطلعين، في 14 سبتمبر/أيلول 2023، من أن النظام المصري يدرس إجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجاري 2023.[5]
وبحسب الأشخاص المطلعين، فإنه بموجب الخطط المطروحة، سيبدأ تسجيل المرشحين في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع إجراء التصويت في أوائل ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه. وأشارت الوكالة إلى أن هذا الجدول الزمني يعكس التفكير الحالي، لكنه قد يتغير.
السيناريو الأرجح
بالنظر إلى المشهد الحالي، نجد تأكيد إعلام النظام بأن الانتخابات من المرجح لها أن تُعقد في فبراير/شباط 2024، وعلى عدم وجود “انتخابات مبكرة”، وتكمن أهمية ما يصدر عن هذه النوافذ في أن النظام يستخدمها عادة في توصيل رسائله للشعب، وتهيئة الوضع لسياساته. لكن في المقابل، فإن المصادر التي أوردت نية السيسي تبكير الانتخابات تُعرف بأنها وازنة ومهنية، ما يضفي على ما يصدر عنها شيئًا من المصداقية.
علاوة على ذلك، فإن السبب الذي ورد كدافع لقرار تبكير الانتخابات يبدو واقعيًا، حيث إن الأزمة الاقتصادية تزداد تفاقمًا، وهناك شروط لصندوق النقد الدولي، تتضمن رفع الدعم الحكومي عن العديد من السلع، ما يُثقل كاهل المواطن، الذي يعيش في الأصل أزمة اقتصادية ضخمة. وبالتالي، فإن نزوع السيسي إلى تبكير الانتخابات أمر وارد.
ومن نافلة القول هنا إن رغبة السيسي في تمرير الانتخابات سريعًا -إن صح ما نقلته “بلومبيرج” و”أفريكا انتلجنس”- ليست نابعة من خشيته على النسبة التي سيتحصل عليها في الانتخابات، فالانتخابات محسومة لصالحه لافتقارها إلى أدنى معايير النزاهة ولسيطرته على مؤسسات الدولة، وفق الكثير من المراقبين. بل يُمكن إرجاع الأمر إلى رغبة السيسي في عدم اتخاذ قرارات قبل الانتخابات من شأنها أن تشوه “إخراج المشهد الانتخابي” بالشكل الذي يرغب فيه السيسي.
وإزاء هذا المشهد الملتبس، فإن هناك عدة أسباب تجعلنا نميل إلى أن الانتخابات ستُبكّر عن فبراير/شباط 2024.
السبب الأول هو حالة الضبابية التي تسيطر على المشهد، والتي بإمكان النظام أن يحسمها إذا ما أراد، عبر إعلان اللجنة الوطنية للانتخابات يومًا محددًا للاقتراع. فالإعلام المصري، ورغم تأكيده على أنه لا توجد “انتخابات مبكرة”، إلا أنه لم يعلن عن موعد آخر محدد. ويمكن تفسير ما قاله “رشوان” من أن الانتخابات ستُجرى في فبراير/شباط 2024 على الأرجح، بأن هذا تقديره الشخصي، الذي بناه بالقياس على انتخابات عام 2018.
لكن يبدو أن النظام يتعمد استمرار حالة الضبابية هذه، لكي يُعطي لنفسه أكبر قدر من المرونة، وربما يدلل على ذلك التعليق الذي أوردته وكالة “بلومبيرغ”، نقلًا عن مصادر مصرية، من أن “الجدول الزمني (الوارد أعلاه) يعكس التفكير الحالي، لكنه قد يتغير”.
كما يدلل على ذلك الجدل الذي حدث في 20 سبتمبر/أيلول 2023، حين عقدت اللجنة العليا للانتخابات مؤتمرًا صرحت فيه أنها حددت يوم 25 من الشهر الجارى، للإعلان عن الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة.
فبالتزامن مع ذلك، نشر موقع “اليوم السابع” مواعيد انتخابات الرئاسة، ثم حذفها.[6] الأمر الذي يدلل على أن النظام المصري يعيش حالة من الارتباك حول كيفية إدارة المشهد الانتخابي حتى الآن.
لكن ربما الإشارة الأبرز في هذا السياق هي مضمون ما نشره “اليوم السابع”، حيث جاء الجدول كالتالي: “تلقي طلبات الترشح في 5 أكتوبر وحتى 14 أكتوبر/تشرين الأول، بينما تُعقد انتخابات الرئاسة بالخارج أيام 1،2،3 ديسمبر/كانون الأول، وانتخابات الرئاسة بالداخل أيام 10،11،12 ديسمبر”.
وهذا الجدول الصادر عن إحدى النوافذ الإعلامية وثيقة الصلة بالنظام المصري، يؤكد ما ذهبنا إليه، من ترجيح تبكير الانتخابات.
أما السبب الثاني فيتمثل في أن تعليقات كل من ضياء رشوان وأحمد موسى، كانت في شهر يونيو/حزيران 2023، ولم تتجدد هذه التعليقات بعد تقرير “بلومبيرغ” الصادر في 14 سبتمبر/أيلول 2023، الأمر الذي يشير إلى احتمالية أن يكون النظام قد قرر التبكير بالانتخابات، وهذا ما تعضده أسباب أخرى سنأتي لذكرها.
ويجدر بالذكر هنا أن الإعلام المصري يحاول التلاعب بالألفاظ، ففي حين يُقصد بـ”الانتخابات المبكرة” أنها تلك التي تُعقد قبل موعدها المحدد، فإن إعلام النظام يركز على النصوص الدستورية، التي لا تضع حدًا أدنى لموعد الانتخابات، ولا تُلزم اللجنة الوطنية بالدعوة للانتخابات في يوم أو شهر محدد، كما أوضحنا آنفًا.
وعلى هذا، فإن إعلام النظام لن يسمي الانتخابات “مبكرة”، حتى لو عُقدت في ديسمبر/كانون الأول 2023، أو يناير/كانون الثاني 2024؛ لأن باستطاعته تأويل هذا التاريخ على أنه دستوري، وأن الهيئة الوطنية للانتخابات مخولة دستوريًا بالدعوة للانتخابات في أي وقت قبل 120 يومًا من تنصيب الرئيس المنتخب.
ويبدو أن الإعلام المصري يحاول الابتعاد عن مصطلح “انتخابات مبكرة” لما له من ظلال سلبية، إذ غالبًا ما يرتبط بأن هناك أزمة ما دفعت النظام للتعجيل بالانتخابات.
والسبب الثالث الذي يجعلنا نرجح التبكير بالانتخابات هو أن السيسي بدأ فيما يمكن أن نُطلق عليه “حملة انتخابية غير رسمية”. فمؤخرًا، وجه السيسي الحكومة بزيادة الحد الأدنى للدخل، من 3500 جنيه إلى 4 آلاف جنيه (129.4 دولار) لكافة العاملين بالجهاز الإداري بالدولة، ومضاعفة علاوة غلاء المعيشة.[7]
هذا فضلًا عن إجراءات أخرى تضمنت إعفاء المتعثرين من سداد فوائد وغرامات تأخير سداد الأقساط المستحقة، للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بحد أقصى نهاية 2024، ومضاعفة المنحة الاستثنائية، لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها، ورفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 25 بالمئة.
كما إنه بالتزامن مع هذه القرارات، ذهب السيسي إلى محافظة بني سويف، في زيارة أشبه ما تكون بمؤتمر انتخابي. حيث زار أسرة في إحدى قرى المحافظة، وركزت كاميرات الإعلام المصري على هذه الزيارة، وعلى المواطنين الذين خرجوا للشوراع لاستقبال السيسي.[8]
وسبق هذه الزيارة، زيارة أخرى لمحافظة “مرسى مطروح”، التقى خلالها السيسي ببعض الأهالي، وصرح خلالها قائلًا: “متقولّيش كمل، قولي هنكمل”[9]، ولا يخفى ما في هذا التصريح من دلالات.
علاوة على ذلك، أعلن “تحالف الأحزاب المصرية”، الذى يضم 40 حزبًا سياسيًا، تأييد ترشح السيسي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي هذا السياق، أورد موقع “أفريكا إنتلجنس”، في 7 سبتمبر/أيلول 2023، أن الأجهزة الأمنية المصرية تحشد جهودها لضمان سير حملة إعادة انتخاب السيسي لولاية ثالثة.[10]
وقال الموقع الاستخباري الفرنسي إن جهاز المخابرات العامة المصرية، الذي يرأسه عباس كامل ونائبه محمود، نجل السيسي، ساهم في إنشاء ائتلاف يضم 40 حزبًا سياسيًا، معظمهم أحزاب مغمورة، باستثناء حزب مستقبل وطن؛ وذلك لدعم انتخاب السيسي لولاية ثالثة.
وبالتالي، فإن الشروع فيما يمكن أن يُوصف بـ”اقتصاد الانتخابات”، الذي يعتمد على تقليل الضرائب وزيادة المنح، فضلًا عن جولة السيسي في “بني سويف” و”مرسى مطروح”، وإعلان هذه الأحزاب الكرتونية دعمه.
كل ذلك يشير إلى أن السيسي بدأ حملته الرئاسية بالفعل، وإن بشكل غير رسمي. وبالنظر إلى تقدير ضياء رشوان بأن الانتخابات ستُجرى في فبراير/شباط 2023، نجد أنه من الصعب أن تستمر الحملة الانتخابية طيلة خمسة أو ستة أشهر، فهذه فترة طويلة نسبيًا بالنسبة لأي حملة انتخابية.
ولذلك نرى أن شروع السيسي في حملته الانتخابية حاليًا سبب آخر لترجيح تبكير الانتخابات.
أما السبب الرابع فيتمثل في تصريح رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، وليد حمزة، في 22 أغسطس/آب 2023، من أن موعد الانتخابات الرئاسية سيُعلن عنه “قريبًا جدًا”، وأن الهيئة تنتظر فقط توافر بعض الاستخدامات التي تحتاجها، ثم ستعلن عن موعد الانتخابات وعن كل التفاصيل الخاصة بها.[11]
ولذلك، فإن “قرب الإعلان عن الموعد” يصعّب من أن تُجرى الانتخابات في فبراير/شباط 2024، فما زال قرابة الخمسة أشهر، وهذه فترة انتخابية طويلة نسبيًا، خصوصًا بالنسبة لسلطة غير ديمقراطية.
هذا فضلًا عن أن الهيئة الوطنية للانتخابات نشرت، في 11 سبتمبر/أيلول 2023، قرارًا برقم 1 لسنة 2023، ذكرت فيه منظمات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية والدولية، والمجالس القومية التي ستراقب الانتخابات، وأعلنت القيد بقاعدة بيانات متابعة الانتخابات والاستفتاءات. ثم صرحت مؤخرًا، أنها ستُعلن جدول الانتخابات في 25 سبتمبر/أيلول، وهذا يعني أن اللجنة شرعت في عملها بالفعل.
وإجمالًا، وللأسباب الواردة أعلاه، نرجح تقديم موعد الانتخابات، بحيث يكون في ديسمبر/كانون الأول 2024 كما أوردت وكالة “بلومبيرغ”، أو في يناير/كانون الثاني 2024 كما أورد موقع “أفريكا إنتلجنس”.
هذا مع تأكيدنا أن الأمر ما زال يشوبه غموض، يعززه النص الدستوري نفسه، وترجيحنا أن السلطة تعيش حالة من الإرباك حيال كيفية هندسة المشهد الانتخابي.
المصادر
[1] Constitute Project، دستور مصر 2014 (المعدل 2019)، تاريخ الوصول: 13 سبتمبر/أيلول 2023
[2] برنامج الحكاية، موعد الانتخابات الرئاسية وفقا للدستور وحقيقة تقديم موعدها.. ضياء رشوان عضو لجنة الخمسين، 11 يونيو/حزيران 2023
[3] قناة صدى البلد، أحمد موسى: لا يوجد انتخابات رئاسية مبكرة طبقا للدستور، 11 يونيو/حزيران 2023
[4] Africa Intelligence, Sisi to bring Egypt’s 2024 presidential election forward, June 5, 2023
[5] Bloomberg, Egypt Considers Holding Presidential Vote as Soon as This Year, September 14, 2023
[6] رصد، شاهد: اليوم السابع ينشر مواعيد انتخابات الرئاسة ثم يحذفها، 20 سبتمبر/أيلول 2023
[7] العربية، السيسي يوجه الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور.. و7 إجراءات أخرى، 16 سبتمبر/أيلول 2023
[8] المصري اليوم، السيسي يزور أسرة في منزلها ببني سويف.. والأب: «هتتغدى معانا لقمة بسيطة»، 16 سبتمبر/أيلول 2023
[9] جريدة الوطن، الرئيس السيسي لأحد أهالي السلوم : ”متقوليش كمل قول لـي هنكمل”، 16 أغسطس/آب 2023
[10] Africa Intelligence, Egypt security apparatus mobilises for Sisi re-election, September 7, 2023
[11] موقع صدى البلد، المستشار وليد حمزة: إعلان موعد الانتخابات الرئاسية قريبا، 22 أغسطس/آب 2023