الفهرس
مقدمة
الدفتر الأول: تركيا وسوريا
- المساعدات التركية للنازحين السوريين
- عملية «نسر الشتاء» في الشمال السوري
الدفتر الثاني: تركيا وليبيا
- تعزيز الانفتاح التركي على شرق ليبيا
- تواصل التعاون العسكري التركي الليبي
الدفتر الثالث: تركيا ومصر
- توتر المباحثات الاستخباراتية بين تركيا ومصر
- العلاقات الاقتصادية والتطبيع التركي المصري
الدفتر الرابع: تركيا والعراق
- التعاون التركي العراقي في مجال الطاقة
- الرد العراقي على عملية «نسر الشتاء» التركية
الدفتر الخامس: تركيا ودول الخليج
- زيارة الرئيس أردوغان للإمارات
- اتساع رقعة التعاون بين تركيا والبحرين
- تواصل مؤشرات التقارب التركي السعودي
الدفتر السادس: تركيا وفلسطين والكيان الصهيوني
- المزاعم الإسرائيلية حول علاقة تركيا بحماس
- زيارة رئيس الكيان الصهيوني المرتقبة لأنقرة
الدفتر السابع: تركيا وأوروبا
- تركيا والأزمة الروسية الأوكرانية
- الانتهاكات اليونانية في جزر بحر إيجه
- انتقادات تركية لتعامل اليونان مع المهاجرين
الدفتر الثامن: تركيا والولايات المتحدة الأمريكيَّة
- رفض تركي لتعاون واشنطن مع تنظيم «قسد» الإرهابي
- رسائل أمريكية إيجابية تجاه أنقرة
الدفتر التاسع: العالم التركي
- التصديق على «إعلان شوشة» التركي الآذري
- استنكار قبرص التركية لتمثيل (ب ي د) في الشطر الجنوبي
الدفتر العاشر: الداخل التركي
- المعارضة والنظام البرلماني “المعزز”
- لقاءات أمامأوغلو بالسفراء الأجانب وخطة بايدن
- آلية الاستفادة من المدخرات الذهبية
مقدمة
يتناول تقرير «دفاتر تركية» أبرز الأحداث التي شهدتها تركيا على الصعيدين الخارجي والداخلي، خلال الفترة من 15 يناير/كانون الثاني إلى 15 فبراير/شباط 2022.
فخارجيًّا، وعلى صعيد العلاقات التركية العربية، واصلت تركيا عملياتها العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، وكان أبرزها عملية «نسر الشتاء»، وذلك بالتزامن مع عمليات الإغاثة في سوريا، والتعاون الثنائي مع الحكومة العراقية. كما واصلت تركيا مساعيها لتوطيد العلاقات مع دول الخليج، والانفتاح على الشرق الليبي، من خلال الزيارات المتبادلة، وزيادة التعاون الاقتصادي. ولم يطرأ جديد على ملف العلاقات مع مصر، رغم تنامي العلاقات الاقتصادية.
أما الكيان الصهيوني فقد شهدت العلاقة معه تطورًا يتمثل في الإعلان عن زيارة مرتقبة سوف يقوم بها رئيسه لأنقرة، وهو ما صاحبته حملة مزاعم إسرائيلية حول تضرر علاقة تركيا بحركة حماس، الأمر الذي نفاه مسؤولو الحركة.
وفيما يخص الدول الأوروبية وأمريكا، مازالت تركيا تقدم نفسها كلاعب مهم في الأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما يظهر صداه في الرسائل الإيجابية من جانب مسؤولين في أوروبا وأمريكا وحلف الناتو. ولكن التوتر التركي اليوناني مايزال مستمرًا بسبب استفزازات أثينا التي قامت بتسليح جزر بحر إيجه، وهو ما يُعرّض أمن تركيا للخطر.
وعلى مستوى العالم التركي، تعمل تركيا على تقوية علاقاتها بدوله المحتلفة، وكان آخر مظاهر ذلك هو التصديق على «إعلان شوشة» الذي يرفع مستوى العلاقات التركية الآذرية إلى حد التحالف. بالإضافة إلى التنسيق الكبير بين تركيا وقبرص التركية في المحافظة على أمن ومصالح البلدين، وهو ما ظهر بعد الإعلان عن فتح مكتب لتمثيل تنظيم إرهابي كردي في الشطر الجنوبي من الجزيرة.
وإذا انتقلنا إلى الداخل التركي، فسنجد أن أحزاب المعارضة تكثف من جهودها لتكوين تحالف موسع قبل الانتخابات، ولكن يبدو أن المشاكل والخلافات بين هذه الأحزاب قد تفشل هذه الجهود، بسبب الخلافات السياسية والأيديولوجية بينها، وهو ما ظهر في عجزها عن التوافق على مرشح رئاسي حتى الآن، رغم تحركات أكرم إمامأوغلو الذي يقدم نفسه كمرشح محتمل، ويواصل لقاءاته بسفراء غربيّين، ما دفع البعض إلى التذكير بتصريحات بايدن حول الدعم الأمريكي لمرشح معارض للتخلص من حكم أردوغان.
يعيش الأهالي والنازحون في مخيمات شمالي سوريا مأساة إنسانية مؤلمة في فصل الشتاء، بسبب برودة الأجواء وتساقط الثلوج، ما ضاعف آلام ساكني الخيام. ولمساعدة هؤلاء الضحايا، واصلت تركيا تقديم المساعدات والمعونات لهم عبر مؤسساتها ومنظماتها الإغاثية. وإلى جانب هذا العمل الإنساني، استمرت عمليات استهداف مواقع التنظيمات الإرهابية وتحييد عناصرها من جانب الجيش التركي، والتي كان أبرزها عملية «نسر الشتاء» التي استهدفت قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
- المساعدات التركية للنازحين السوريين
يوجد في مناطق إدلب وإعزاز وعفرين شمالي غربي سوريا ما يقرب من 3 ملايين نازح، ويعتمد هؤلاء النازحون على المساعدات لتلبية احتياجاتهم.
وتقوم تركيا بأعمال إغاثية كثيرة بهدف مساعدة النازحين السوريين الذين أجبرتهم الحرب على العيش في ظروف لا إنسانية، سواء كان ذلك بشكل رسمي أو عن طريق الجمعيات الخيرية المختلفة.
في هذا الصدد، افتتح مركز صحي في مدينة إدلب السورية، بتمويل من وقفيْ «الفتح» و«أوزغور-در» التركيّين، بهدف توفير الخدمات الصحية المجانية لأكثر من 20 ألف نازح في المخيمات الموزعة في المنطقة[1].
كما أطلقت جمعية «حجر الصدقة» التركية مشروعًا إغاثيًّا عاجلًا لتأمين احتياجات الشتاء للمدنيين اللاجئين في مناطق الشمال السوري، خاصمة منطقة إدلب. وأوضحت الجمعية في بيان أن الحملة هذه تأتي بالشراكة مع «وقف الشباب التركي»، وتسعى لتأمين مواد التدفئة وملابس الشتاء للمدنيين في الشمال السوري[2].
وقام وقف الديانة التركي بتوزيع مساعدات إغاثية شتوية على أكثر من 1000 طفل من اللاجئين في مخيمات منطقتي إعزاز وعفرين شماليّ سوريا. وقال الوقف في بيان له إنه قدّم مساعدات شتوية مثل المدافئ والوقود والأحذية والمعاطف. وأوضح منسق الوقف أنهم قاموا بتسليم 1000 موقد و100 طن من الفحم، بالإضافة إلى الأحذية والمعاطف، إلى ما يقرب من ألف طفل[3].
هذا بالإضافة إلى المساعدات التي أرسلها المواطنون الأتراك من ولايات عديدة لإخوانهم السوريين، حيث أرسلت دار الإفتاء في ولاية هاتاي التركية، 8 شاحنات محمّلة بالمساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في محافظة إدلب شمالي سوريا. وأوضح بيان صادر عن الدار أنه “تمَّ جمع المساعدات في إطار حملة نظمتها رئاسة الشؤون الدينية التركية بالتعاون مع وقف الديانة التركي”. وشكر مفتي الولاية كافة المتبرّعين المشاركين بالحملة، قائلًا إن “الشاحنات تضم لوازم إنسانية مختلفة، بينها ملابس وأحذية وفحم”[4].
وأرسل سكان ولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا، شاحنة مساعدات للمدنيين في إدلب السورية، وأشرفت على جمع هذه المساعدات جمعية غونيوزو للتعليم والثقافة والتعاون التي أوضحت في بيان أن المساعدات تشمل ملابس ومدافئ وألعابًا للأطفال ومواد غذائية، وشكرت المتبرعين لـ”وقوفهم إلى جانب إخوانهم”[5].
وقامت ولاية كوتاهية التي تقع في غرب تركيا، بإرسال شاحنات محملة بمساعدات إنسانية إلى سوريا، وذلك ضمن حملة “الشتاء على الباب لا تتركهم وحيدين” التي نظمها فرع هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) في الولاية[6].
وأرسلت دار إفتاء ولاية أكسراي وسط تركيا 8 شاحنات محملة بمساعدات إنسانية إلى المدنيين في إدلب، وذلك في إطار حملة أطلقتها دار الإفتاء في الولاية وفرع وقف الديانة التركي. ولفت مفتي الولاية أن المساعدات تمَّ جمعها بدعم من المتبرعين، في إطار حملة “فليكن الإحسان طريقك”، وهي تتضمّن مواد غذائية، ومواد للتدفئة، ومنظفات، وأسِرَّة وبطانيات[7].
- عملية «نسر الشتاء» في الشمال السوري
أعلنت وزارة الدفاع التركية، في 2 فبراير/شباط، عن تنفيذ عملية جوية باسم «نسر الشتاء»، استهدفت بها الإرهابيين من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشرق سوريا، وحزب العمال الكردستاني (بي كا كا) في شمال غربي العراق.
وقالت الوزارة في بيان لها إن العملية التي شارك فيها ما يقرب من 60 مقاتلة ومُسيّرة انطلقت من 6 قواعد عسكرية قد أسفرت عن تدمير حوالي 80 موقعًا، وأن الطائرات استهدفت بنجاح وبالتزامن مواقع الإرهابيين في ديريك على عمق 9 كلم من الحدود السورية، وفي قراجق على عمق 165 كلم، وفي سنجار على عمق 85 كلم من الحدود العراقية.
وأفادت الوزارة أن العملية تهدف إلى تحييد إرهابيي (بي كا كا) و(ك ج ك) و(ي ب ك) وغيرهم، والقضاء على الهجمات الإرهابية من شمال العراق وسوريا التي تستهدف المواطنين وقوات الأمن، وضمان أمن الحدود.
وأضافت: “تماشيًا مع حق الدفاع عن النفس المنبثق عن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، تمَّ تنفيذ عملية نسر الشتاء الجوية ضد أوكار الإرهابيين في مناطق المالكية – ديريك، وسنجار وقراجق، التي يستخدمونها قواعد لهم شمالي العراق وسوريا”.
وأشارت إلى استهداف المخابئ والكهوف والأنفاق ومستودعات الذخيرة وما يُسمّى مقرات القيادة ومعسكرات التدريب التابعة للإرهابيين، خلال العملية.
ولفتت إلى إبداء مراعاة قصوى أثناء التخطيط للعملية وتنفيذها لسلامة أرواح المدنيين وممتلكاتهم إضافة لحماية البيئة. وأكدت عودة الطائرات التي شاركت في العملية بأمان إلى قواعدها، مشددة على مواصلة العمليات حتى تحييد آخر إرهابي[8].
وتعليقًا على العملية، قال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، في تغريدة، إن إستراتيجية بلاده المتمثلة في تجفيف منابع الإرهاب تسهم بشكل كبير في أمن حدود البلاد ووحدة أراضيها ووحدتها الوطنية. وأوضح أن هذه الإستراتيجية تخدم السلم العالمي أيضًا، مؤكدًا ضرورة دعم المجتمع الدولي لها بشكل أكبر[9].
في المقابل، اتهمت «قسد» قوات التحالف الدولي بفتح الأجواء أمام الجيش التركي، وهددت بأنها “لن تقف مكتوفة الأيدي”. وذكر المركز الإعلامي لـ”قسد” أن هجمات الجيش التركي لم تكن لتتم دون علم التحالف الدولي، الذي أضفى بصمته “الشرعية” على تلك الهجمات. وأضاف المركز الإعلامي لقسد أن القصف طال محطة كهرباء في منطقة المالكية، ما أدى إلى تدمير المحطة وفقدان أربعة عناصر من “قسد” لحياتهم، وإصابة خمسة من العاملين المدنيين[10].
بدورها، اتهمت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا تركيا بمحاولة ضرب الاستقرار في مناطقها بعد الاستهداف الجوي، واعتبرت التصعيد التركي “توجهًا نحو الحرب”، وقالت: “نذكر بالتحديد كلًّا من روسيا وأمريكا بالتفاهم الذي تمّ بين الطرفين كل على حدة، مع تركيا بخصوص عملية وقف إطلاق النار”. في إشارة إلى التفاهمين اللذين أوقفا عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
تشهد ليبيا انقسامًا حادًّا بعد أن ألغيت الانتخابات، وزاد الانقسام بعد أن قرر مجلس النواب تكليف فتحي باشاغا بتشكيل وزارة جديدة تخلف وزارة عبدالحميد الدبيبة. وفي ظل هذا الانقسام، تواصل تركيا مساعيها لتعزيز انفتاحها على الشرق الليبي، وذلك من خلال تبادل الزيارات. وبالتزامن مع هذا الانفتاح، تواصل أنقرة تعاونها الوثيق مع طرابلس، وهو ما تجلى أخيرًا في التعاون العسكري بين الجانبين.
- تعزيز الانفتاح التركي على شرق ليبيا
عززت تركيا في الفترة الماضية من انفتاحها على الشرق الليبي عبر تبادل الزيارات على مستويات مختلفة. وفي هذا الصدد، جاءت زيارة السفير التركي لدى طرابلس، كنعان يلماظ، لمدينة القبة، في 19 يناير/كانون الثاني، وهي الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول تركي، حيث التقى رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، وبحث الطرفان مستجدات الوضع السياسي، والعلاقات الثنائية بين البلدين بما يخدم الشعبين الليبي والتركي[11].
وفي 29 من الشهر نفسه، وصل السفير التركي إلى مدينة بنغازي على رأس وفد يضم دبلوماسيين ومجموعة من رجال الأعمال الأتراك، والتقى عددًا من المسؤولين في بالمجلس البلدي والبرلمان. وناقش السفير خلال الزيارة سُبل فتح القنصلية التركية في بنغازي، وفتح رحلات جوية وبحرية بين تركيا والمنطقة الشرقية في ليبيا.
وخلال الزيارة، أكد السفير التركي على أن الوجود العسكري التركي يأتي انطلاقًا من مذكرة التفاهم العسكري الموقعة مع حكومة الوفاق عام 2019، وأن القوات التركية تقدم الاستشارات والتدريب للعناصر الليبية، وأن عدم اعتماد مجلس النواب لهذه المذكرة يُعد شأنًا تشريعيًّا داخليًّا في ليبيا.
وعن استئناف الرحلات الجوية إلى مطار بنغازي الدولي، قال يلماظ إن فريقًا فنيًّا من شركة الخطوط الجوية التركية سيزور المطار قريبًا، وسيعدّ تقريرًا بخصوص جاهزيته لاستئناف الرحلات، مشددًا على عزم بلاده على إعادة الرحلات الجوية متى كان المطار جاهزًا.
وأشار يلماظ إلى أنهم بحثوا مع الجانب التركي فرص التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم والثقافة والصحة والنقل والتوأمة بين المدن.
وقال السفير التركي إن بلاده تنظر إلى ليبيا كبلد موحَّد، ولا تفرِّق بين منطقة وأخرى، وتولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع مختلف شرائح الشعب الليبي، لافتًا إلى أنه ناقش مع ممثلي غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بنغازي، ورجال الأعمال الليبيين الخطوات التي يجب اتخاذها لتحسين العلاقات في مجالي الاقتصاد والتجارة[12].
ويرى مراقبون أن زيارة السفير التركي للشرق واحدة من نتائج التقارب الإقليمي الحاصل بين أنقرة وعواصم إقليمية، في مقدمتها أبوظبي، التي تمتاك نفوذًا كبيرًا في أوساط قادة شرق ليبيا.
وحول الفوائد الاقتصادية المنتظرة من الانفتاح التركي على الشرق الليبي، قال رئيس مجلس الأعمال التركي – الليبي، مرتضى قرنفل، إن “توطيد أنقرة علاقاتها مع الشرق الليبي يعبر عن تطورات واعدة في المجال الاقتصادي”، لافتًا إلى أن “تركيا تحتل المرتبة الثالثة على قائمة أكبر الدول المصدرة للشرق الليبي”، وأنها يمكن أن تحل محل الصين لسهولة وصول البضائع والمنتجات من تركيا وقِلة تكاليف استيرادها.
وحول تفهم حكومة الوحدة الوطنية للانفتاح التركي على الشرق، قال قرنفل: “إنهم يعرفون جيدًا أن تركيا تقف إلى جانبهم في أصعب الأوقات، ويدركون أهمية النيّة الحسنة لدى الأتراك، لذلك هم مهتمون بهذا الانفتاح”[13].
- تواصل التعاون العسكري التركي الليبي
تعددت أشكال التعاون العسكري بين تركيا وليبيا في الفترة الماضية، وتجلت مظاهر هذا التعاون – الذي يأتي في إطار مذكرة التفاهم في مجال التعاون العسكري – في الزيارات المتبادلة بين كبار العسكريين من كلا الجانبين وتوقيع بروتكولات التعاون، وتدريب القوات الليبية على الأراضي التركية والليبية، والمساعدة الميدانية لليبيّين.
في هذا الإطار، وقع قائدا القوات الجوية التركية والليبية برتوكول تعاون في مجال التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات، وذلك خلال زيارة قام بها رئيس أركان القوات الجوية، اللواء محمد السيفاو والوفد المرافق له إلى أنقرة، في 27 يناير/كانون الثاني، بدعوة من قائد القوات الجوية التركية، الجنرال حسن أكيوز.
وأجرى السيفاو خلال الزيارة عددًا من اللقاءات والزيارات إلى المنشآت العسكرية، والمصانع الحربية ومقر قيادة السلاح الجوي التركي. والتقى رئيس الأركان العامة للجيش التركي، الفريق أول يشار غولر، وتمَّ خلال اللقاء التطرق إلى العديد من الموضوعات الخاصة بالتعاون العسكري بين الجانبين التركي والليبي.
وعلى هامش الزيارة، قام السيفاو والوفد المرافق، بجولات شملت شركات للصناعات الجوية والإلكترونية، وتشغيل المصانع العسكرية والترسانات التركية، وكذا الشركة التركية لصناعات الفضاء[14].
كما استقبل وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، الثلاثاء، قائد القوات البحرية الليبي، نور الدين البوني، الذي زار أنقرة بدعوة رسمية من نظيره التركي عدنان أوزبال[15].
وفيما يخص التدريب والإعداد، قالت وزارة الدفاع التركية، في 10 فبراير/شباط، إن عدد الذين قام الجيش التركي بتدريبهم من القوات المسلحة الليبية قد وصل إلى ثمانية آلاف و500 عنصرًا.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته الرائد بنار قارا، من المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع التركية، والتي أضافت أن 1500 عنصر من القوات المسلحة الليبية ما زالوا يتلقون التدريبات[16].
وميدانيًّا، ذكرت بنار قارا أن خبراء المتفجرات الأتراك قد قاموا بإبطال مفعول 5 آلاف و300 لغم غير منفجر، وذلك في إطار المساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا. هذا بالإضافة إلى تلقي أكثر من 20 ألف ليبي خدمات صحية على يد الكوادر الطبية التركية في المستشفى الذي يقدم خدماته بالعاصمة طرابلس[17].
وكان مدير إدارة التدريب بمركز عمر المختار التابع للجيش الليبي، نوري الشنوك، قد أشاد بدور تركيا في تدريب عناصر الجيش، وذلك في حفل تخريج دفعة من الكتيبة 166، في 8 فبراير/شباط، حيث نسب المستوى الجيد من التدريب إلى تنفيذ الخطة التدريبية المعتمدة والمنفذة بشكل مشترك مع بعثة الدعم التركية للتدريب بليبيا، والتي أدت الدور الأكبر في التدريب[18].
ما زالت مساعي التقارب بين تركيا ومصر تراوح مكانها بسبب العراقيل التي تحول دون حدوث تقدم ملحوظ في هذا المسار. وفي الوقت الذي كانت كل المؤشرات تشير إلى إمكانية حدوث انفراجة في العلاقات التركية المصرية بعد جولتين من المباحثات الاستكشافية، وبعد التقدم على المسار التركي الخليجي، ثمّة تقارير تؤكد أن الطرفين لم يصلا بعد إلى توافق كامل حول القضايا المهمّة، مثل تواجد المعارضة المصرية على الأراضي التركية، والتواجد التركي في ليبيا. ورغم ذلك فإن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين تسير بمعزل عن الخلافات السياسية، وتشهد تناميًا كبيرًا.
- توتر المباحثات الاستخباراتية بين تركيا ومصر
ذكر تقرير نشره موقع «إنتليجنس أونلاين» (Intelligence Online) الفرنسي، وهو موقع متخصّص في الشؤون الاستخباراتية، أن المصالحة التركية المصرية مهددة بسبب ما وصفته بتصاعد التوتر بين رئيس جهاز المخابرات المصرية، عبّاس كامل، ورئيس المخابرات التركية، فيدان هاكان.
وجاء في التقرير الذي صدر في 15 فبراير/شباط، أن سبب التوتر بين الجانبين هو رفض السلطات التركية تسليم أعضاء من الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا للسلطات المصرية.
وذكر التقرير أن المفاوضات السرية بين القاهرة وأنقرة، يقودها كامل وهاكان، وأنهما يكافحان من أجل إيجاد أرضية مشتركة لأكثر الأمور إستراتيجية، وهي القضايا التي ترتبط بالإخوان المسلمين، والوضع في ليبيا. وأنه قد تمَّ تأجيل لقاء مخطط له إلى أجل غير مسمّى.
وقال التقرير إن النقطة الشائكة الكبرى التي ما تزال قائمة هي تسليم أعضاء من جماعة الإخوان الذين يعيشون في تركيا ، تماشيًا مع رغبات عبدالفتاح السيسي، إلا أن هاكان أبلغ كامل أنه لم يكن هناك الكثير الذي يمكنه القيام به، وقد حصل معظمهم مؤخرًا على الجنسية التركية وعضوية حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس أردوغان.
هذا بالإضافة إلى قضية تدخل تركيا في شرق ليبيا، وتنظيم جهاز المخابرات التركي سلسلة زيارات لرجال الأعمال الأتراك المهتمين بقطاع البناء والأعمال الكبرى الأخرى في بنغازي. وهو ما لا يهدد بسحب العقود المربحة من الشركات المصرية فحسب، وإنما يثير قلق القاهرة من إمكانية حدوث تقارب بين أنقرة والمعسكر الذي يقوده اللواء المتمرد خليفة حفتر[19].
يأتي الرفض التركي لتسليم قيادات الإخوان المسلمين المتواجدين على أراضيها في إطار موقف أنقرة المبدئي، والذي يؤكد على أنها لن تسلمهم لمصر، ولكنها لن تسمح في الوقت نفسه بأي عمل أو نشاط إعلامي يستهدف مصر من على أراضيها.
وكانت صحيفة «حرييت» التركية قد قالت في تقرير يُعزز ما جاء في التقرير الفرنسي إن العلاقات مع مصر منتظمة، ولكن مفاوضات التطبيع تسير ببطء. ونقلت الصحيفة عن مصدر تركي مسؤول أن شخصية تركية رفيعة المستوى تحدثت مع عبدالفتاح السيسي، وأن النظام في مصر غير مرتاح لوجود المعارضين في تركيا، وأن أردوغان والسيسي لم يعودا يستهدفان بعضهما البعض رغم أنه لم يحدث بينهما أي اتصال مباشر[20].
أما فيما يخص الوضع في ليبيا، فقد أزعج الانفتاح التركي على الشرق الليبي القاهرة، وذكرت مصادر مصرية مطلعة أن أجواء التوتر بين مصر وتركيا عادت على مستوى قنوات الاتصال غير المعلنة، وذلك لغضب القاهرة من إصرار تركيا على التمدد سياسيًّا واقتصاديًّا في شرق ليبيا، الذي يعد منطقة نفوذ مصري، خاصّة في ظل تجاوب كبير من جانب مكونات الشرق مع أنقرة[21].
ويمكن تفسير ما ذكرته مصادر مصرية عن توجيه اللجنة المعنيّة بالشأن الليبي، والتي يرأسها عبّاس كامل، الدعوة لجميع الأطراف الليبية الفاعلة والمؤثرة في الشرق الليبي لزيارة القاهرة والاجتماع بهم، في إطار محاولة مصر تأكيد نفوذها في هذه المنطقة، وسعيها لتعطيل التمدد التركي فيها.
- العلاقات الاقتصادية والتطبيع التركي المصري
على الرغم من توتر العلاقات بين تركيا ومصر بعد الانقلاب العسكري في عام 2013، وعدم حدوث تطور حقيقي في مسار التطبيع بين البلدين حتى الآن، فإن العلاقات التجارية والاقتصادية لم تتأثر بهذا التوتر، ولم يرتبط تقدمها بالتقدم في المسار السياسي. وهو ما تعبّر عنه التقارير الصادرة عن وزارة التجارة ومعهد الإحصاء التركيّين، اللذين يذكران أن حجم التبادل التجاري بين القاهرة وأنقرة قد اتسم بنشاط كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، حتى إن مصر تعد ثاني أكبر دولة عربية تصدر منتجاتها إلى تركيا، وثالث أكبر دولة عربية تستورد منها، وأكبر شريك تجاري لها من أفريقيا.
وفي هذا السياق، شهدت العاصمة التركية أنقرة، في 21 يناير/كانون الثاني، اجتماع رئيس اتحاد الغرف التجارية والبورصات في تركيا، رفعت هصارجيكلي أوغلو، مع وفد رفيع من رجال الأعمال المصريين برئاسة رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، إبراهيم العربي.
وقبيل اللقاء، ذكر هصارجيكلي أن حجم التبادل التجاري بين تركيا ومصر في تطور مستمر وفق مبدأ اتفاقية التجارة الحرة. وبحسب بيانات اتحاد الغرف والبورصات في تركيا، فإن حجم التبادل التجاري بين أنقرة والقاهرة، بلغ 5.8 مليارات دولار خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام الفائت، محققًا نموًّا بنسبة 35 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من 2020م[22].
وتبلغ قيمة الصادرات التركية إلى مصر خلال العام 2021، 4.5 مليارات دولار، بزيادة 44.2 بالمئة مقارنة بعام 2020، في حين بلغت قيمة وارداتها من مصر 2.2 مليار دولار بزيادة 28.4 بالمئة.
وعلى هامش الزيارة، قال هصارجيكلي إن الحوار الذي بدأ بين تركيا ومصر قد أسعد عالم الأعمال، وأن رجال الأعمال الأتراك مستعدون لبذل قصارى جهدهم للمساهمة في هذه المرحلة.
وتابع: “نحاول دائمًا الفصل بين السياسة والاقتصاد، نحن كمستثمرين أتراك، لم نوقف استثماراتنا في مصر إطلاقًا، والشركات التركية لديها استثمارات تزيد عن 2 مليار دولار في مصر”.
وأضاف: “خلال العام 2021 فقط، استثمرت الشركات التركية 250 مليون دولار إضافي في مصر، وهناك 200 شركة تركية، 40 منها كبيرة، تنتج في مصر، وتوفر فرص عمل إضافية، وتقوم بالتصدير، والشركات التركية توفر فرص عمل لنحو 75 ألف مواطن مصري”[23].
وبدوره، دعا العربي إلى تفعيل الاستثمار المتبادل، وحَثَّ الشركات المصرية على إقامة استثمارات في تركيا، مؤكدًا أن “التعاون المتبادل سيؤدي إلى فتح فرص استثمارية ومجالات جديدة، وهو ما سيمكن هذه الشركات من الانفتاح على أفريقيا والوطن العربي وأمريكا وأوروبا”. وأشار العربي إلى أن جهودًا تبذل من أجل حل المشاكل التي تواجه الشركات التركية في مصر[24].
كان اللقاء الثاني للوفد المصري مع نائبيْ وزير التجارة التركي، مصطفى توزجوز ورضا تونا توراغاي، حيث أكد الجانب التركي على أهمية مرحلة المشاورات السياسية الجارية بين تركيا ومصر، وأعربا عن ثقتهما بأن هذه المرحلة ستكسب العلاقات التجارية والاقتصادية زخمًا[25].
يذكر أن زيارة مماثلة قد قام بها هصارجيكلي للقاهرة في 28 سبتمبر/أيلول 2021، بدعوة من نظيره المصري. ويأتي تبادل مثل هذه الزيارات كثمرة من ثمرات المساعي المبذولة لتطبيع العلاقات بين تركيا ومصر، والتي أسفرت عن اتخاذ خطوات لتخفيف مستوى التوتر بين الجانبين، وذلك بعد جولتين استكشافيتين بين مسؤولين في خارجية البلدين.
تسير العلاقات التركية العراقية في مسارات يغلب عليها التوافق، وهو ما يمكن رؤيته في اتساع رقعة التعاون بين أنقرة وبغداد وتعدد مجالاته. ومنها التعاون في مجال الطاقة، وتلبية احتياجات تركيا المتزايدة من الغاز. ولعل موقف الحكومة التركية، وحكومة إقليم شمال العراق، من عملية «نسر الشتاء» وتفهمهما لموقف الجانب التركي ورفضهما لتواجد حزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية دليل على التفاهم والتنسيق بين الجانبين.
- التعاون التركي العراقي في مجال الطاقة
بالتزامن مع العمليات الاستخباراتية والعسكرية التركية المتواصلة في شمال غربي العراق، والتي تسفر عن تحييد أعداد كبيرة من العناصر التي تتهمها أنقرة بالقيام بأعمال إرهابية، تواصل التعاون التركي العراقي في مجالات مختلفة، منها قطاع الإمداد بالغاز.
فقد قال الرئيس التركي أردوغان أن العراق قد يزود بلاده بالغاز الطبيعي، مؤكدًا أن تركيا لا تواجه نقصًا في مخزون الغاز بالوقت الراهن. وأشار أردوغان في تصريح له خلال عودته من أوكرانيا في 3 فبراير/شباط أن ثمّة أصوات داخلية في تركيا تتدعي نقص مخزون الغاز الطبيعي بالبلاد، رافضًا تلك الادعاءات بشدة.
وفيما إذا كان الغاز العراقي سيأتي إلى تركيا من الحكومة المركزية أم من إقليم شمالي العراق، أوضح أردوغان أنه ناقش مع رئيس الإقليم الكردي، نيجيرفان بارزاني، إمكانية تزويد تركيا بالغاز الطبيعي. ولفت إلى أن بارزاني قال بأنه سيفعل ما بوسعه، وسيبحث الموضوع مع الحكومة المركزية[26].
وكان الرئيس التركي قد استقبل في 2 فبراير/شباط 2022، رئيس إقليم شمالي العراق، نجيرفان بارزاني، وجرى اللقاء بين أردوغان وبارزاني في المجمع الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة[27].
وبعد أيام من تصريحات الرئيس التركي، أكد رئيس لجنة الطاقة في برلمان كردستان، علي حمه صالح، في 9 فبراير/شباط، شروع الإقليم بتصدير الغاز إلى تركيا في العام 2025، فيما لفت إلى إمتلاك الإقليم 3 بالمئة من الاحتياطي العالمي لمادة الغاز، وعَدّ ذلك “عاملًا قويًّا” في تحقيق الرفاهية للسكان.
وأضاف صالح أن “هناك خطة لإمداد تركيا بغاز الإقليم عن طريق الأنابيب الناقلة، وقد بدأت المرحلتان الأولى والثانية من المشرع، في حين ما يزال إقليم كردستان بحاجة إلى الغاز لتوفير الكهرباء والغاز المنزلي والتدفئة، لذلك لا يمكن بيع الغاز إلى تركيا في ظل عدم سد النقص الحاصل محليًّا”.
وتابع صالح: “بحلول العام 2025 فإنه من المقرر أن تبدأ عملية إمداد تركيا بالغاز، وعندها سيكون عدد السكان في العراق 50 مليون نسمة، وستزيد الحاجة أكثر إلى الغاز، لذلك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع بغداد، فإن الحكومة الاتحادية ستخلق عقبات أمام إقليم كردستان”[28]
وفي سياق متصل، كانت شركة شركة «بوتاش» التركية لأنابيب النفط والغاز الطبيعي قد أعلنت استئناف ضخ الغاز في خط الأنابيب بين تركيا والعراق عقب توقفه لمدة يوم. وذكرت الشركة في 18 يناير/كانون الثاني أن انفجارًا مجهولًا قد وقع عند الكيلومتر 511 من خط أنابيب بولاية قهرمان مرعش التركية، وأدى إلى إيقاف تدفق الغاز بسبب اندلاع حريق[29].
- الرد العراقي على عملية «نسر الشتاء» التركية
استهدفت الطائرات التركية مواقع في قراجق (جبال قره جوخ) على عمق 165 كم، وفي سنجار على عمق 85 كم شمالي العراق، وذلك ضمن عملية نسر الشتاء التي أطلقتها القوات المسلحة التركية في مطلع فبراير/شباط.
وكان جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق قد أفاد بأن سلاح الجو التركي “قصف ستّة مواقع لحزب العمال الكردستاني في جبل قرجوغ، كما قصف موقعين آخرين لهؤلاء المسلحين في حدود سحيلا وداخل الأراضي السورية (ملادريج) وموقعين آخرين في جبل شنكال/سنجار والمنطقة المحاذية في سوريا”. وأضاف أنّ “القصف تسبّب بوقوع خسائر بشرية ومادية” لم يحدّد حجمها[30].
وفي ردها على أعمال القصف، أدانت خليّة الإعلام الأمني بالحكومة العراقية القصف التركي الذي طال مناظق في شمال البلاد، وقالت في بيان لها: “ندين ما قامت به الطائرات التركية المسيرة من خرق للأجواء العراقية في شمالي البلاد، تحديدًا في سنجار ومخمور ونفذت ضربات جوية في هاتين المنطقتين”.
ولكن البيان حمّل التنظيمات الإرهابية جانبًا من المسؤولية عن مثل هذه العمليات، وذلك من خلال تأكيده على رفض القوات الأمنية “أي خرق كان ومن قبل أي جهة كانت”.
ودعا البيان الجانب التركي إلى “الالتزام بحسن الجوار وفق الاتفاقيات الدولية، وإيقاف هذه الانتهاكات احترامًا والتزامًا بالمصالح المشتركة بين البلدين”، مؤكدًا على أن “العراق على أتم الاستعداد للتعاون بين البلدين وضبط الأوضاع الأمنية على الحدود المشتركة”[31].
وُصِف بيان الحكومة العراقية من جانب متابعين بأنه “خجول”، واعتبره البعض “مجاملة” للسلطات التركية التي ترتبط بعلاقات جيدة مع الجانب العراقي، ويوجد تنسيق استخباراتي وعسكري كبير بينهما فيما يخص مواجهة التنظيمات الإرهابية في شمال العراق.
وعلى النقيض من الموقف الحكومي، أعلنت حكومة إقليم شمال العراق على لسان المتحدث باسمها، جوتيار عادل، أن عمليات تركيا في المنطقة ترجع إلى الوجود غير القانوني لتنظيم (بي كا كا) الإرهابي. وقال عادل في تصريح صحفي عقب اجتماع مجلس وزراء الإقليم إن “تنظيم بي كا كا لا يقبل بمنطقة كردستان ولا بحكومتها ولا بقيادتها”، متسائلًا: “بي كا كا ماذا يفعل في منطقتي سنجار وقنديل؟”.
وأكد عادل أن تنظيم (بي كا كا) وضع شعب كردستان في موقف صعب للغاية، مشيرًا إلى أنه تمَّ إخلاء مئات القرى من سكانها، وأصبح الناس بلا مأوى، وصارت منطقة كردستان هي المتضررة، لأن هدف التنظيم هو إضعاف الإقليم[32].
وكان مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، قد صرح في 7 فبراير/شباط، أن وجود تنظيم (بي كا كا) الإرهابي على الأراضي العراقية غير قانوني وليس مشروعًا. وأكد في تصريح للتلفزيون العراقي الرسمي أن الحكومة العراقية مصممة على إنهاء وجود هذا التنظيم على أراضيها[33].
وفي سياق متصل، قام قائد الفرقة “20” بالجيش العراقي، اللواء أثير الربيعي، بإزالة صورة زعيم تنظيم (بي كا كا)، عبدالله أوجلان، من وسط قضاء سنجار. وقال الربيعي: “لن نسمح برفع صور الإرهابيين في القضاء”، وتوعد عناصر التنظيم بـ”العقاب الشديد”[34].
يُذكر أن تنظيم (بي كا كا) يتخذ من جبال قنديل شمالي العراق، معقلًا له، وينشط في العديد من المدن والمناطق والأودية، ويشن منها هجمات على الداخل التركي. وكانت الحكومة العراقية قد وقعت اتفاقًا مع حكومة أربيل في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020، يقضي بحفظ الأمن في سنجار من قبل قوات الأمن الاتحادية، بالتنسيق مع قوات إقليم كردستان، وإخراج كل الجماعات المسلحة غير القانونية إلى خارج القضاء. كما ينص أيضًا على إنهاء وجود تنظيم (بي كا كا)، وإلغاء أي دور للكيانات المرتبطة به في المنطقة، إلا أن عناصره ما يزالون يتواجدون في سنجار، خلافاً لبنود الاتفاق.
اكتسبت العلاقات التركية الخليجية زخمًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، وهو ما أكد عليه الرئيس التركي أردوغان، في 26 يناير/كانون الثاني، حيث أوضح أن الديناميكيات الجديدة التي ظهرت في المنطقة كان لها دور مهم في هذا الإطار. ولفت أردوغان إلى بدء حقبة جديدة تعطي الأولوية للحوار والمصالحة، وأن موقف تركيا المبدئي والقائم على حسن النيّة تجاه منطقة الخليج وسط هذه البيئة الجديدة، أصبح مفهومًا بشكل أفضل. كما أكد على أن علاقات تركيا مع الدول الخليجية تسير على أساس الربح المتبادل والمصالح المشتركة في مختلف المجالات، وستتواصل على هذا النحو في المرحلة القادمة[35]. وفي هذا السياق، جاءت زيارة أردوغان لدولة الإمارات، والتي تزامنت مع مؤشرات تدل على تواصل الجهود لتطبيع العلاقات بين أنقرة وجميع العواصم الخليجية.
- زيارة الرئيس أردوغان للإمارات
زار الرئيس التركي أردوغان دولة الإمارات في 14 فبراير/شباط، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ 2013. وتعد الزيارة خطوة مهمة على طريق تعزيز العلاقات الإستراتيجية المتنامية بين دولة الإمارات وتركيا، ونقلها إلى مستوى أكثر تقدمًا، بعد أن قطع الجانبان شوطًا كبيرًا في سبيل التطبيع وتصفير المشاكل بينهما. وقد بدا واضحًا احتفاء الإمارات بالزيارة على المستويين الرسمي والشعب.
وعشية الزيارة، نشرت صحيفة «خليج تايمز» مقالة للرئيس أردوغان، بعنوان “حان الوقت لمبادرات السلام والتعاون الإقليمي”، استعرض فيها التطور الأخير في العلاقات التركية الإماراتية وأهميته بالنسبة للبلدين والمنطقة بأسرها، ومجالات التعاون الثنائي المختلفة. وأعرب فيها عن ثقته في انعكاس هذا التعاون بشكل إيجابي على المنطقة كلها. وأعاد التذكير بالمبادئ الأساسية لتركيا، وهي السعي وراء توحيد المصالح، وتوسيع مجالات التعاون عبر أساس الربح المتبادل، والكفاح المشترك ضد التهديدات[36].
شهدت الزيارة توقيع البلدين 13 اتفاقية تشمل مجالات الاستثمار، والدفاع، والنقل، والصحة، والزراعة، والثقافة. ويشكل الجانب الاقتصادي أحد أبرز ركائز التعاون المتنامي بين البلدين، حيث تتطلع الأوساط الاقتصادية إلى انعكاسات الزيارة على صعيد زيادة حجم التجارة الثنائية وفرص استثمارية واعدة.
وكانت الإمارات قد أعلنت مؤخرًا عن تأسيس صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي في تركيا، يركز على الاستثمارات الإستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية، ومنها الطاقة والصحة والغذاء.
وتأتي تركيا في المرتبة الـ 11 بين أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، فيما تمثل الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالميًّا والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.
ويوجد ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي، ويُعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في تركيا إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف، وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي.
وبلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى تركيا نحو 18.4 مليار درهم في نهاية عام 2020، فيما بلغ رصيد الاستثمارات التركية في دولة الإمارات حتى بداية عام 2020 أكثر من 1.3 مليار درهم، وتركز الاستثمارات التركية على قطاعات البناء والتشييد، والعقارات، والقطاع المالي والتأمين، والصناعة، وتكنولوجيا المعلومات[37].
وبعد عودته إلى أنقرة، نشر الرئيس أردوغان عدة تغريدات حول زيارته لأبوظبي، حيث رحب بالإرادة المتبادلة فيما يتعلق بالمحافظة على الزخم الذي تحقق في علاقات التعاون بين البلدين، ووصف الزيارة بالناجحة، وأكد دعم بلاده لأمن واستقرار دولة الإمارات العربية المتحدة، وأمن منطقة الخليج بشكل عام، وأعرب عن ثقته في أن الاتفاقيات الموقعة ستعزز أرضية التعاون بين البلدين[38].
- اتساع رقعة التعاون بين تركيا والبحرين
شهدت العلاقات التركية البحرينية مزيدًا من المساعي لتوسيع رقعة التعاون الثنائي في ظل االمرحلة الجديدة التي تشهد تغليبًا للحوار والدبلوماسية والتعاون على التوتر والخلافات.
وفي هذا الإطار، جاءت زيارة وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، للبحرين في 30 يناير/كانون الثاني، والتي استبقها بتصريحات رحب فيها “ببزوغ فجر عهد جديد من الحوار والدبلوماسية والتعاون بين الدول الخليجية”، وأكد من خلالها على اتفاق البلدين على تنشيط العلاقات المشتركة، وأن هناك رؤية مشتركة للمنطقة وخارجها، بما في ذلك منطقة خليجية موحدة ومستقرة وآمنة، لافتًا الى أن الحقبة الجديدة من الحوار والتعاون في المنطقة ستوفر فرصة سانحة لتحقيق السلام الدائم والاستقرار[39].
وبدوره، أكد ولي العهد البحريني، سلمان بن حمد بن عيسى آلخليفة، خلال لقائه الوزير التركي، أن علاقات بلاده مع تركيا آخذة بالنمو، وشدد على “أهمية مواصلة تطوير التعاون الثنائي على كافة الأصعدة وبالأخص الاقتصادي منها بما يفتح آفاقًا أرحب في مسار العلاقات المشتركة ويعود بالخير والنماء على البلدين والشعبين الصديقين”[40].
وفي مؤتمر صحفي مشترك، أوضح وزير الخارجية البحريني، عبداللطيف الزياني، أنه تمَّ البحث في سبل تعزيز التعاون الثنائي وتطويره في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية، والعمل على الاستفادة من الفرص المتاحة لتنمية التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والسياحي بين البلدين، منوهًا إلى أنه تمَّ التأكيد على ضرورة المضي في تفعيل مذكرات التفاهم المشترك الموقعة بين البلدين في العديد من المجالات الحيوية التي من شأنها تعزيز وتطوير التعاون المشترك[41].
وعلى هامش الزيارة التي بحث فيها الطرفان الخطوات المزمع اتخاذها لتعزيز العلاقات الثنائية، وقع الجانبان التركي والبحريني أكثر من أربعين اتفاقية وبروتوكولًا ومذكرة تفاهم لتوسيع وتعميق التعاون بينهما، وتطوير العلاقات باستمرار في العديد من المجالات، مثل الدفاع والتجارة والصحة والتعليم والثقافة والسياحة.
كما أفادت مصادر دبلوماسية تركية أنه تقرر انعقاد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين تركيا والبحرين في مارس/آذار المقبل[42].
- تواصل مؤشرات التقارب التركي السعودي
توالت في الفترة الماضية مؤشرات التقارب بين تركيا والسعودية، والتي جاء أبرزها على لسان الرئيس التركي أردوغان، الذي صرح أثناء عودته من أوكرانيا، في 15 فبراير/شباط، بأن تركيا والسعودية تواصلان الحوار الثنائي، وقال: “حوارنا مع السعودية مستمر.. وننتظر تقدمًا من خلال الخطوات الملموسة في المرحلة المقبلة”[43].
وفي 20 يناير/كانون الثاني، رفعت تركيا الحظر عن عدد من وسائل الإعلام السعودية، وفي مقدمتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، إلى جانب مواقع صحف الرياض، وعكاظ، وسبق، وغيرها.
وتأتي هذه الخطوة من قبل أنقرة، بعد أن فرضت الحظر على المواقع الإخبارية المذكورة، في أبريل/نيسان 2020، ردًّا على قيام الرياض بحجب مواقع تركية[44].
ثم جاء هجوم الحوثيين على الإمارات والسعودية في نهاية يناير/كانون الثاني كفرصة لإبراز هذا التقارب، وذلك من خلال الإدانة التركية الشديدة لهذه الهجمات، وإعلان التضامن مع الدولتين.
سارعت تركيا إلى التنديد بالهجمات الحوثية في بيان صدر عن وزارة الخارجية التركية، جاء فيه: “ندين الأعمال الإرهابية التي نُفّذت يوم 24 يناير/كانون الثاني بالصواريخ البالستية والطائرات المُسيّرة ضد مواقع أهداف مدنية في الإمارات والسعودية”. وطالبت الخارجية بوقف فوري لتلك الهجمات التي تشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي[45].
ثم أعاد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووشأوغلو، التأكيد على موقف بلاده من استهداف السعودية في مؤتمر صحفي جمعه بنظيره البحريني، عبداللطيف الزياني، في المنامة، حيث شدد الوزير على أن “تركيا تقف ضد أي تنظيم أو نشاط إرهابي أينما كان”، وقال: “طبعًا نحن ضد أي تنظيم إرهابي، وضد أي تصرفات إرهابية أو أنشطة إرهابية، ونحن نتضامن مع الإمارات، وأيضًا مع السعودية”[46].
تنتظر تركيا زيارة من رئيس الكيان الصهيوني يتسحاق هرتسوغ في مارس/آذار المقبل، وهي الزيارة التي تأتي في سياق التقارب بين أنقرة وتلأبيب. وقد فتح هذا التقارب أبواب التكهنات حول مستقبل العلاقة بيت أنقرة وحركة حماس، والموقف التركي من القضية الفلسطينية، خاصّة وأن وسائل الإعلام العبرية قد روجت لقيام تركيا بتحجيم نشاط الحركة على أراضيها، وطرد عناصر منها، وهو ما نفته الحركة، ثم أعقب ذلك تأكيد الأتراك على أن التقارب مع الإسرائليين لن يكون على حساب الفلسطينيين.
- المزاعم الإسرائيلية حول علاقة تركيا بحماس
بالتزامن مع مساعي التقارب بين تركيا والكيان الصهيوني، نشرت وسائل إعلام عبرية وتركية أنباءً تفيد قيام تركيا بتقليص نشاط حركة المقاومة الإسلامية حماس على أراضيها، وطرد عدد من قادتها ومسؤوليها.
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد ذكرت على لسان مسؤول إسرائيلي لم تفصح عن هويته أن الرئيس أردوغان يُظهر إشارات إيجابية للغاية في أفعاله تجاه حماس في تركيا. في إشارة إلى ما تزعم الصحيف أنه أخبار عن طرد الرئيس التركي لمسؤولين من حماس من بلاده. وأضاف المسؤول أن “هذا مهم للغاية، لأن هذه واحدة من القضايا الرئيسة التي تمنعنا من رفع مستوى العلاقات مع تركيا”[47].
وفي 15 فبراير/شباط، ذكرت صحيفة «حريّت» التركية المحسوبة على التيّار العلماني الليبرالي، أن أنقرة أبلغت حماس بأن أصحاب المناصب العسكرية في الحركة لن يمكثوا في تركيا، وأنها لن توفر مساعدات عسكرية للحركة التي يمكنها الاستمرار في ممارسة نشاطها السياسي على الأراضي التركية[48]. ولكن لم يعلق على هذا الخبر أي من الجانبين التركي أو الإسرائيلي.
من جانبها، علقت حركة حماس على لسان مصدر ينتمي إليها، في 26 يناير/كانون الثاني، على الأنباء التي نشرتها وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي حول قيام تركيا بطرد عدد من قادة ومسؤولي الحركة.
وشدد المصدر في تصريح خاص لـ”وكالة أنباء تركيا” أن “حركة حماس تؤكد على احترامها الكامل لسياسة تركيا ومساعيها لحماية أمنها القومي في ظل الظروف التي تحيط بها في الأوقات الراهن”.
وتابع المصدر أن “الحركة تتمتع بعلاقة متينة وقوية مع تركيا التي ما عهدنا منها إلا الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلى”.
وأكد أن “الأنباء المتداولة التي نشرتها بعض وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي وتناقلها البعض، والقائلة أن تركيا طردت عددًا من قادة ومسؤولي حماس من أراضيها، هي أنباء عارية عن الصحة تمامًا”.
ولفت المصدر إلى أن “الاحتلال الإسرائيلي طالما اتبع سياسة نشر الأنباء والأخبار الكاذبة خدمة لمشاريعه وأهدافه السوداء.. لذلك يهمنا أن ننفي هذه الأنباء نفيًا قاطعًا، مؤكدين على علاقاتنا المتينة مع الجانب التركي واحترامنا الكامل لسيادة تركيا”. وأشاد المصدر بـ”مواقف تركيا الثابتة والقوية الداعمة لفلسطين وشعبها”[49].
جدير بالذكر أن العلاقة بين السلطات التركية وحركة حماس من أكبر العوائق التي يمكن أن تعيق التقارب بين أنقرة وتلأبيب، خاصّة وأن حكومة الاحتلال الإسرائيلي كانت تشترط على تركيا في عهد بنيامين نتنياهو إغلاق مكتب حركة حماس بإسطنبول، ووقف أنشطة الأسرى المحررين المرتبطين بـ”كتائب القسام” لإعادة العلاقات كاملة بين البلدين.
ولكن موقع «والا» الإسرائيلي نفى – بحسب ما نقله عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع – أن تكون إسرائيل قد فرضت شروطًا على تركيا مقابل زيارة هرتسوغ[50].
- زيارة رئيس الكيان الصهيوني المرتقبة لأنقرة
ذكر الرئيس التركي، رجب طيّب أردوغان، في 3 فبراير/شباط، أن الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ سوف يزور تركيا في منتصف شهر مارس/آذار. وقال أردوغان إن العلاقات التي يعمل على ترسيخها مع “إسرائيل” مبنية على أساس الربح المتبادل.
وفي تعليقه على سؤال حول احتمالية التعاون بين تركيا و”إسرائيل” في قضايا إقليمية، قال أردوغان إن “الهدف هو إحراز تقدم عبر مقاربات إيجابية”، وأكد أن أنقرة ستبذل ما بوسعها إذا كان هذا الأمر قائمًا على أساس الربح المتبادل.
وحول إمكانية إبرام صفقة بين “إسرائيل” وتركيا تتعلق بمجال الطاقة، قال أردوغان إنه “قبل كل شيء نحن سياسيون، وكسياسيين فإننا مع السلام وليس الصراع، وإذا كان النفط وسيلة للسلام فإننا سنستخدمه، وإذا لم يكن أداة سلام، فإن القرار يعود بالطبع لكل بلد”[51].
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، قد ذكر أن الزيارة المرتقبة لهرتسوغ سوف تكون لها نتائج إيجابية بالنسبة للفلسطينيين. وقال قالن في حديثه عن التغيرات التي أدت إلى بدء مرحلة تطبيع العلاقات بين أنقرة وتلأبيب، إن ما تغير هو أن عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قد انتهى. وأن “الحكومة الإسرائيلية الجديدة تضم عناصر مختلفة، ولأول مرة هناك مجموعات فلسطينية داخل الحكومة الحالية”. وأكد قالن على وجود بعدين أساسيين في العلاقات التركية الإسرائيلية، وهما البعد الاقتصادي المتمثل في التجارة والسياحة والطاقة، والبعد المتعلق بالقضية الفلسطينية. وشدد على أن بلاده أبلغت الإسرائيليين أن القضية الفلسطينية هي قضية عدالة بالنسبة لها[52].
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في 8 فبراير/شباط، أن “أي خطوة سنتخذها في إطار تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، كما فعلت بعض الدول لدى تطبيع علاقاتها مع تلأبيب، فموقفنا من القضية ثابت”. ولفت الوزير إلى أن تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية، قد يساهم في تعزيز دور تركيا في التوصل لحل الدولتين، مشددًا على تمسّك بلاده ببعض الثوابت والمبادئ، بما في ذلك حل الدولتين[53].
ومن جانبه، قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، إن “إسرائيل ستتقدم بحذر شديد مع تركيا… على الأقل هي ليست صديقًا كبيرًا لإيران”[54].
ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصدر أمني إسرائيلي وصفه للرئيس التركي أردوغان بأنه “مزاجي ومتقلّب”، مما يستدعي، بحسب المصدر، “اتخاذ جانب الحذر في مواجهة موجة الغزل التركي، التي تهدف لمنح أردوغان عبر الورقة الإسرائيلية، ورقة مؤثرة تجاه إدارة بايدن”، مضيفًا: “يجب احترامه والتشكيك به بنفس الوقت”.
وقال التقرير إنه “مقابل الحماس الزائد في المستوى السياسي تجاه الرئيس أردوغان، فإن المنظومة الأمنية في إسرائيل تحذر من تطبيع غير مراقب وغير منضبط في العلاقات مع تركيا”، مضيفًا أن “هذه المنظومة تحاول تخفيف الحماس والتفاؤل المصاحب للحديث عن لقاء القمة المرتقب بين الرئيس التركي ونظيره الإسرائيلي”.
وبحسب الصحيفة، فإنّ “القلق يتعدى العلاقة بين تركيا وحماس، ويطاول مخاوف من أن يؤثر تطبيع العلاقات معها على العلاقات الإستراتيجية لإسرائيل مع كل من قبرص واليونان ومصر”[55].
تسعى السياسة الخارجية التركية إلى تأكيد مكانة تركيا الدولية من خلال الدور الذي تلعبه في مناطق النزاع، وهو ما يحقق لها مكاسب جيوساسية عديدة، ويتيح لها تأمين مصالحها الحيوية. وكان أبرز الأحداث التي أكدت مكانة تركيا على المستوى الأوروبي هو موقفها من الأزمة الروسية الأوكرانية التي تلعب فيها أنقرة دورًا بارزًا من خلال الوساطة لتخفيف حدة التوتر ومنع حدوث حرب بين البلدين.
ولكن هذا الموقف المهم لا يعني نهاية التوتر بين أنقرة والعديد من العواصم الأوروبية، وعلى رأسها أثينا، بسبب الاستفزازات اليونانية المستمرة، والتي كان آخرها التوسع في تسليح جزر بحر إيجة التي تنصّ المعاهدات الدولية على أنها منزوعة السلاح، وهو ما يمثل تهديدًا لأمن تركيا. بالإضافة إلى تعاملها غير الإنساني مع المهاجرين الذين مات عدد منهم بسبب حرس الحدود اليوناني.
- تركيا والأزمة الروسية الأوكرانية
تراقب تركيا باهتمام تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية التي تتصاعد يومًا بعد يوم على امتداد حدودها مع الدول الواقعة على سواحل البحر الأسود، وتخطو أنقرة في هذه الأزمة خطوات حذرة بسبب علاقاتها بكلا الطرفين، ولرغبتها في المحافظة على علاقاتها الجيدة بموسكو، والتي شهدت تطورًا كبيرًا في الفترة الماضة، ما انعكس على التعاون المشترك في مجال التسليح، والتنسيق الثنائي في مناطق الصراع، كما في سوريا وليبيا. وكذلك المحافظة على العلاقة الوثيقة مع كييف، التي شهدت تطورًا ملحوظًا في جميع المجالات في الفترة الماضية، خاصة في مجال الطائرات العسكرية المُسيّرة.
ولهذا ليس من مصلحة تركيا قيام الحرب التي سوف تؤثر على علاقاتها مع روسيا بحكم تواجد أنقرة ضمن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والذي سوف يقف بكل قوة خلف أوكرانيا حال نشوب الحرب، وهو ما سيضع تركيا في مأزق كبير، بسبب رغبتها في المحافظة على علاقاتها بروسيا، وخوفها من تعرض التوازنات القائمة مع روسيا في مناطق الصراع بسوريا وليبيا وأذربيجان للخطر من ناحيةٍ، وخوفها من تفويت الفرصة التي يمكن استغلالها في التأكيد على أهمية الدور التركي في التحالف الغربي من ناحية أخرى، تلك الفرصة التي يمكن أن تغير سياسة أمريكا والغرب في مجال تسليح الجيش التركي الذي يواجه مشاكل بسبب وقف صفقة الطائرات الأمريكية ورفض تزويده بمنظومات الدفاع الجوي المتطورة، ما جعل الحكومة التركية تتوجه إلى روسيا للحصول على منظومة بديلة.
من ناحية أخرى، تخشى تركيا على مصالحها في أوكرانيا، بعد أن وصلت تلك العلاقات إلى حد التعاون في إنتاج الطائرات المُسيّرة في أوكرانيا، مقابل حصولها على محركات من مختلف الأحجام والاستخدامات في ما يتعلق بالصناعات الدفاعية، وهي علاقة إستراتيجية مهمة في ظل حظر عدد كبير من الدول تصدير قطع تستخدم في تركيا بالصناعات الدفاعية، وأي احتلال لأوكرانيا يعني تعرض إستراتيجية تركيا لأضرار[56].
ولخفض التوتر، سعت تركيا للوساطة بين روسيا وأوكرانيا، ودعت إلى الحوار بين الطرفين، وذلك في ظل الموقف المعلن على لسان الرئيس التركي أردوغان وكبار مسؤوليه، والذين يؤكدون على ضرورة الحوار، واستبعاد خيار الحرب.
وعن موقف تركيا حال قيام روسيا بشن هجوم على أوكرانيا، قال الرئيس التركي أردوغان: “أتمنى ألّا تقدم موسكو على عمل عسكري ضد أوكرانيا، فمثل هذه الخطوة لا يمكن أن تكون عقلانية بالنسبة لروسيا والمنطقة”، وأكد أن بلاده دعمت منذ البداية سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. وبيّن أردوغان أن تركيا اتخذت موقفًا واضحًا ضد الخطوات الروسية التي تنال من وحدة الأراضي الأوكرانية، لا سيما ضمها شبه جزيرة القرم، مؤكدًا التزام بلاده بهذا الموقف[57].
- الانتهاكات اليونانية في جزر بحر إيجه
التوتر هو السمة الغالبة على العلاقات التركية اليونانية، وذلك لتعدد أسبابه وعوامله، ومنها وضع الجزر في بحر إيجه، والتي تنتهك اليونان الاتفاقيات الدولية التي تنصّ على عدم تسليحها.
طفت أزمة جزر بحر إيجة إلى السطح مرة أخرى بعد أن حذر وزير الخارجية، مولود تشاووشأوغلو، في 10 فبراير/شباط، من أن بلاده ستبحث مسألة السيادة على هذه الجزر ما لم تتخلّ اليونان عن تسليحها، مؤكدًا أن سيادة الجزر ستكون موضع شك ما لم توقف اليونان تحركاتها. وقال تشاووشأوغلو إن أنقرة أرسلت رسالتين إلى الأمم المتحدة بشأن انتهاك اليونان وضع الجزر منزوعة السلاح في بحر إيجة[58].
ومن جانبها، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن اليونان انتهكت الوضع غير العسكري لجزر بحر إيجة 229 مرة منذ مطلع عام 2022، وذلك عبر المركبات البحرية والجوية العسكرية. وأشارت الوزارة إلى أن اليونان تواصل خطابها العدواني وممارساتها الاستفزازية رغم مواقف تركيا الصادقة. وأوضحت أن الأنشطة العسكرية اليونانية في الجزر ذات الوضع غير العسكري تعد انتهاكًا جوهريًّا للاتفاقيات المذكورة. وشدّدت على أن تركيا ترد بالشكل اللازم عبر القنوات الدبلوماسية على موقف المسؤولين اليونانيين المخالف للقانون والاستفزازي والعدواني[59].
وكان السفير الإيطالي السابق لدى أنقرة، كارلو مارسيلي، قد اتهم اليونان في سبتمبر/أيلول 2020 بانتهاك اتفاقية مع إيطاليا عبر تسليح جزر بحر إيجه، وقال إنه “لا يمكن للحكومة التركية الحالية أو غيرها من الحكومات السابقة أن تقبل طلب اليونان أن تنطلق حدودها البحرية من الجزر في بحر إيجه، وهو ما يعرقل تركيا عن القيام بأي نشاط في المنطقة”، وأضاف الدبلوماسي الإيطالي: “لقد قامت اليونان بتسليح جزرها منتهكة بذلك اتفاقية باريس للسلام مع إيطاليا في عام 1947”[60].
كانت هذه الجزر قد مُنِحت لليونان بموجب اتفاقيتيْ لوزان وباريس للسلام بشرط نزع سلاحها، ولكن على الرغم من الاتفاقيات الدولية التي تنصّ على عدم تسليح الجزر القريبة من تركيا، عمدت اليونان إلى تحويل جزر بحر إيجة إلى مخازن أسلحة من خلال تسليح العديد منها، ولا سيما جزيرة ليمنوس- ساموثريس، منذ عام 1960، بحجة معاهدة مونترو لعام 1936 كأساس يعطيها الحق في ذلك.
ووفقًا للمعاهدات الدولية، يحق لأثينا أن يكون لديها شرطة ودرك في جزر ليمني وخيوس وساموس وكوس، وأن استخدام تلك القوات يكون لأغراض الحفاظ على الأمن الداخلي فقط. ولكن اليونان تجاهلت هذه الاتفاقيات، ووضعت عشرات الآلاف من الجنود في رودس وليسبوس، ولم تكتفِ بحشد قوات على تلك الجزر فحسب، بل عمدت إلى بناء مطارات حربية أيضًا عليها، وحولتها إلى قواعد عسكرية[61].
وردًّا على هذه الانتهاكات، تؤكد تركيا أن تسليح اليونان لجزر بحر إيجة يشكل تهديدًا للأمن القومي التركي، وهو الملف الذي يُعد من أبرز ملفات الخلاف بين أنقرة وأثينا، والذي من شأنه أن يتسبب في نشوب أزمات دبلوماسية حقيقية بين البلدين قد تتطور إلى حد المواجهة العسكرية المباشرة كما حدث في 1995، إبان أزمة جزيرة قارداق.
- انتقادات تركية لتعامل اليونان مع المهاجرين
أثار تعامل اليونان الوحشي مع المهاجرين غضب المسؤولين الأتراك الذين علقوا على ممارسات حرس الحدود اليوناني التي تسببت في وفاة أعداد منهم.
كانت البداية مع وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، الذي انتقد الطريقة التي تتعامل بها قوات حرس الحدود اليونانية مع المهاجرين، وقال في تغريدة له على تويتر وأرفقها بصور لجثث مهاجرين فارقوا الحياة من شدة البرد في ولاية أدرنة التركية، بعدما أجبرتهم القوات اليونانية على العودة إلى الأراضي التركية، إن حرس الحدود اليوناني قاتل للضحايا، ومشفق على أنصار تنظيم “غولن” الإرهابي ممن يحاولون الفرار إلى أوروبا عبر أراضيها.
وأشار صويلو إلى مصرع 12 مهاجرًا من بين 22 أجبرتهم اليونان على العودة إلى الأراضي التركية بعد خلع أحذيتهم وملابسهم. وأضاف: “الاتحاد الأوروبي عاجز وضعيف وغير إنساني”، وأردف: “حرس الحدود اليوناني قاتل للضحايا ورحيم على (أتباع) غولن”[62].
كما انتقد رئيس رئاسة دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، ومتحدث “حزب العدالة والتنمية”، عمر جليك، الطريقة التي تتعامل بها قوات حرس الحدود اليونانية مع المهاجرين.
قال ألطون في تغريدة له، إن العالم الغربي لا يقول كفى لممارسات اليونان، بل يشجعها على انتهاك حقوق المهاجرين. وأضاف أن هذه الممارسات غير الإنسانية تحدث أمام أنظار العالم، وأن اليونان لا ترتكب هذه الجريمة وحدها، وتابع قائلًا: “قد تكون الأجساد هي التي تجمدت لكن إنسانية الغرب هي التي ماتت”.
أما جليك فقال في تغريدته، إن السلطات اليونانية ترعى هذه الفظائع وتشجعها، وأوضح أن “اليونان تدفع إلى الموت أولئك المظلومين الفارين من الظلم”. وتابع جليك: “المهاجرون يُقتلون بممارسات فاشية أمام أنظار أوروبا، والرئيس أردوغان أطلع نظرائه الأوروبيين مرارًا على وثائق تثبت هذه الجرائم”.
بدوره دعا نائب وزير الخارجية، ياووز سليم قيران، السلطات اليونانية إلى الكف الفوري عن هذه الممارسات، مبينًا أن أنقرة حذرت المجتمع الدولي مرارًا بشأن ممارسات أثينا غير الإنسانية بحق المهاجرين. وأشار قيران إلى أن السلطات اليونانية عندما تجبر المهاجرين على العودة إلى الأراضي التركية وخاصة في فصل الشتاء، فإن ذلك ينجم عنه نتائج مأساوية[63].
واصلت واشنطن إرسال رسائلها التي تبدو متناقضة إلى أنقرة، فمن ناحيةٍ يتمسّك الأمريكيون بعلاقتهم بالمنظمات الكردية التي يتهمها الأتراك بارتكاب أعمال إرهابية ضدهم، وهي رسالة موجهة إلى “النظام الحاكم” الذي يحاول العمل بنوع من الاستقلالية في اتخاذ القرارات التي تحافظ على المصالح الوطنية التركية، حتى وإن تعارضت مع الدولة الأقوى في العالم، وهي الولايات المتحدة. ومن ناحيةٍ أخرى، لا يتوانى المسؤولون في أمريكا عن التعبير عن أهمية “الدولة التركية” كحليف مهم للغرب وعضو فاعل في حلف الناتو.
- رفض تركي لتعاون واشنطن مع تنظيم «قسد» الإرهابي
يُعد ملف التعاون الأمريكي مع الكيانات الكردية التي تعتبرها أنقرة إرهابية من أكثر الملفات الشائكة التي تخلق حالة من التوتر في العلاقات التركية الأمريكية بين الحين والآخر.
ومؤخرًا، أكدت تركيا في 3 فبراير/شباط، رفضها لمبدأ “التعاون مع تنظيم إرهابي من أجل القضاء على تنظيم إرهابي آخر”.
جاء ذلك في معرض تعليق الخارجية التركية على عملية قتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي، أبوإبراهيم الهاشمي القرشي، على يد قوات أمريكية في شمال سوريا. حيث شدد المتحدث باسم الخارجية، طانجو بلغيتش، على أن “كفاح تركيا ضد تنظيم (داعش) الإرهابي ودعمها للجهود الدولية المبذولة في هذا الخصوص، أمر واضح للجميع”.
وأشار بلغيتش إلى الدور الفعّال الذي تقوم به تركيا كعضو نشط في التحالف الدولي ضد داعش في مكافحة هذا التنظيم والعقلية المنحرفة التي يمثلها، مؤكدّا في الوقت نفسه على أن بلاده تكافح كافة التنظيمات الإرهابية دون أي تمييز بينها، بما في ذلك داعش، و”بي كا كا/ ب ي د/ي ب ك”، ومنظمة “غولن” الإرهابية[64].
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، قد قال إن “الجيش الأمريكي هو المسؤول بشكل كامل عن العملية”، مشيرًا إلى أنه تلقى مساعدة من ما يُسمَّى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تتلقى دعمًا من الولايات المتحدة. كما أكد الرئيس بايدن في خطابه عن العملية أن أمريكا سوف تعمل مع شركائها من قوات سوريا الديمقراطية والبيشمركة لضمان حمايتها[65].
جاء الإعلان عن مقتل القرشي في منطقة بشمال غربي سوريا بعد أيام من إعلان “قسد” السيطرة على تمرد سجن «الصناعة» في محافظة الحسكة السورية، والذي تقبع فيه عناصر من تنظيم داعش، وذلك بدعم من قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة، ما دفع بعض المتابعين إلى القول بأن الأمر لم يكن أكثر من مسرحية لتلميع صورة قسد ودورها، وإبقاء مشروعها في شرق الفرات على قيد الحياة، وقطع الطريق على أي تنسيق يسمح بمواجهة قسد ومخططاتها من جانب تركيا والنظام السوري، تحت ذريعة التصدي لداعش[66].
وقد وجهت الإدارة الأمريكية رسائل عديدة إلى أنقرة من خلال شكرها لقسد، أهمها صعوبة وحدة مواقف تركيا وأمريكا ومصالحهما في خطط الحرب على التنظيمات الإرهابية الناشطة في سوريا والعراق، وتمسّك واشنطن بحليفها الكردي، لأن الأهداف الأمريكية أبعد من القضاء على عناصر داعش. وهو ما يعني تواصل الدعم الذي تقدمه لحليفها الكردي في شرق الفرات تحت غطاء التنسيق العسكري والأمني لمحاربة هذه المجموعات، وزيادة حجمه في المرحلة المقبلة[67].
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، لنظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن “تركيا ستواصل بحزم مكافحة (ب ي د/بي كا كا) الإرهابي”، وبحث الوزير التركي في اتصال هاتفي مع الوزير الأمريكي التطورات شمالي سوريا، مشيرًا إلى أنشطة التنظيم الإرهابي، وهجماته ضد المدنيين[68].
- رسائل أمريكية إيجابية تجاه أنقرة
رغم الفتور الذي يغلب على العلاقات التركية الأمريكية منذ أن وصل الرئيس جو بايدن إلى سدة الحكم فإن واشنطن ترسل بين الحين والآخر رسائل إيجابية تشير من خلالها إلى أهمية دور تركيا التي أصبحت لاعبًا أكبر وأقوى في الساحة الدولية، وحليفًا لا غنى عنه للولايات المتحدة، وهو ما أكد عليه السفير الأمريكي لدى أنقرة، جيفري فليك.
أوضح السفير الأمريكي أن تركيا بلد مهم في المنطقة، وتلعب دورًا كبيرًا في الساحة الدولية، وحليف مهم للولايات المتحدة. ولفت إلى أن العلاقات التركية الأمريكية ليست مقتصرة على الجانب الأمني فقط، وأن الاقتصاد يمثل جانبًا مهمًا ومتطورًا في علاقاتهما، وأن “هناك علاقات تجارية شاملة بينهما، إذ يعد كل بلد سوقًا مهمة للآخر”.
وحول التعاون الاقتصادي، أوضح فليك أن حجم التجارة بين البلدين بلغ العام الماضي حوالي 28 مليار دولار، بزيادة 28 في المئة عن العام السابق، مبينًا أن هناك استثمارات أمريكية في تركيا بقيمة 50 مليار دولار توفر حوالي 100 ألف فرصة عمل. وأضاف أن الصادرات التركية إلى الولايات المتحدة ارتفعت العام الماضي 45 بالمئة مقارنة بالعام السابق بالرغم من التأثيرات السلبية لوباء كورونا. ولفت إلى أن البلدين يهدفان للوصول بحجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار، وأن رجال الأعمال من البلدين يرغبون في تحقيق هذا الهدف.
وفيما يخص صفقة الطائرات F-16 التي تريد تركيا الحصول عليها بدلًا من صفقة طائرات F-35 التي رفضت واشنطن إتمامها، قال السفير إن اللقاءات بين وفود البلدين مستمرة في هذا الشأن، وتسير على نحو جيد، إلا أن الموضوع قد يستغرق بعض الوقت لكثرة التفاصيل الفنية به. ولفت إلى أن إدارة بايدن عازمة على دعم تركيا خلال هذه المرحلة، وترى طلبها للمقاتلات تطورًا إيجابيًّا يظهر مدى التزامها بمسؤولياتها تجاه حلف الناتو[69].
وكانت قناة «سي إن إن ترك» قد نقلت عن مصادر أمريكية أن مسؤولين أمريكيين وأتراك عقدوا لقاءات في أنقرة وواشنطن، وهناك معلومات تفيد بأن أمريكا قد توافق على طلب تركيا لاقتناء مقاتلات إف-16 في إطار دعم حلفاء الناتو ضد التهديد المتزايد في البحر الأسود[70].
وكان بايدن قد وعد الرئيس أردوغان في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بأنه سيبذل كل الجهود لإقناع الكونغرس الأمريكي بالموافقة على الصفقة. ولكن صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية ذكرت أن قوى داخل الكونغرس ترى أن هذه الصفقة تعارض مصالح الولايات المتحدة، نظرًا لتنامي العلاقات بين تركيا وروسيا. إلا أن منع الصفقة بحسب الجريدة قد يعني دفع تركيا للتقرب أكثر من روسيا، وهو ما يشكل خطرًا على واشنطن، لا سيما أنها تشترك مع أنقرة في الناتو[71].
وحول الآليّة المشتركة التي اقترحت تركيا تأسيسها لتناول المسائل الخلافية في العلاقات، قال فليك إن أنقرة بعثت رسالة إلى واشنطن تتعلق بكيفية هيكلة هذه الآليّة والقضايا التي سيتم تناولها وكيف سيتم التعامل معها، بناءً على اتفاق بين الرئيس التركي أردوغان ونظيره الأمريكي جو بايدن خلال لقائهما في روما في 31 أكتوبر/تشرين ثاني 2021.
وأكد السفير الأمريكي أن أهمية العلاقات التركية الأمريكية تبرز أكثر في ظل التهديدات التي تواجه المنطقة حاليًّا، مثل الأزمة الأوكرانية الروسية، والتي أوضحت مدى أهمية مساهمات تركيا في مهام حلف الناتو أكثر من أي وقت مضى. هذا بالإضافة إلى المساهمات التركية الهامة في أفغانستان، والتي تجلت في مساعدة الأمريكيين الذين رغبوا في مغادرتها.
وعَبّر السفير عن أمله في أن تلعب تركيا دورًا في مستقبل أفغانستان، وأن تساهم في ضمان أمن مطار كابل الدولي الذي يربط البلاد بالعالم، لأن ذلك سيكون مفيدًا لأمريكا وللشعب الأفغاني[72].
شهدت أنقرة اجتماع هيئة الحكماء في «منظمة الدول التركية» خلال النصف الأول من فبراير/شباط، والتي ناقشت العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والسياحية، فضلًا عن التنسيق بين دول المنظمة التي تضم البلدان الناطقة بالتركية. وفي إطار التنسيق والتعاون بين تركيا ودول العالم التركي، تمَّ التصديق على إعلان «شوشة» الذي ينقل العلاقة بين أنقرة وباكو إلى مرحلة التحالف. كما اتخذت قبرص التركية موقفًا مساندًا لتركيا في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وذلك من خلال رفضها لتواجد حزب «الاتحاد الديمقراطي» في الشطر الجنوبي من الجزيرة، لما يمثله من تهديد لأمن تركيا القومي.
- التصديق على إعلان «شوشة» التركي الآذري
أقرت لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان التركي، في 3 فبراير/شباط، مقترح قانون للتصديق على «إعلان شوشة» الذي يهدف لرفع العلاقات بين تركيا وأذربيجان إلى مستوى التحالف.
وقال مساعد وزير الخارجية التركي، ياووز سليم قيران، خلال مشاركته في اجتماع اللجنة، إن أنقرة حريصة على إبقاء علاقاتها مع باكو عند أعلى مستوى، وأن تركيا تنظر إلى علاقاتها مع أذربيجان على أنها مسؤولية تاريخية وقانونية[73].
وعلى الجانب الآخر، صدّق الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، على قانون الموافقة المعروف بإعلان شوشة، في 12 فبراير/شباط، وذلك بعد أن اعتمده المجلس الملي الأذربيجاني في 1 فبرير/شباط[74].
وكان الرئيسان التركي رجب طيّب أردوغان والآذري إلهام علييف قد وقعا على الإعلان في 15 يونيو/حزيران 2021، خلال زيارتهما مدينة شوشة في إقليم قره باغ المحرر من الاحتلال الأرميني، وذلك لتحديد خارطة للعلاقات بين البلدين، في عدة مجالات، منها تقنيات الصناعات الدفاعية، والطاقة، والنقل، والاقتصاد.
ويتكون الإعلان من 9 بنود، وهي التالية:
- تركيا وأذربيجان تبذلان جهدًا مشتركًا لحل قضايا الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
- أذربيجان تثمّن دعم تركيا في إنهاء الاحتلال الأرميني الذي استمر طوال 30 عامًا.
- مزاعم أرمينيا التي لا أساس لها من الصحة ضد تركيا ومحاولاتها لتشويه التاريخ تضر بالسلام والاستقرار في المنطقة.
- في حالة تعرض استقلال أو وحدة أراضي أي من البلدين لتهديد أو اعتداء من دولة ثالثة، فإن الطرفين سيقدمان المساعدة اللازمة كل منهما للآخر.
- افتتاح ممر «زنغزور» الذي يربط بين تركيا وأذربيجان وخط سكة حديد «ناختشفان – قارص» سيساهمان في تكثيف العلاقات.
- التعاون العسكري السياسي بين البلدين بما يتماشى مع مصالحهما ليس ضد دول أخرى.
- يتفق البلدان على التعاون من أجل الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.
- ستوسع تركيا وأذربيجان جهودهما وتعاونهما المشترك، لا سيما في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والهجرة غير النظامية.
- اجتماع مجلس الأمن القومي للطرفين وتناولهما ملفات أمنية قومية بشكل دوري[75].
أما أبرز مجالات التعاون، فهي في قطاع تكنولوجيا الصناعات الدفاعية، حيث أعلن الرئيس أردوغان تأسيس مصنع في أذربيجان من أجل الإنتاج المشترك، ونقل التكنولوجيا، ما يعني أن أذربيجان ستتحول مع هذا المشروع من دولة مستوردة للتكنولوجيا العسكرية إلى دولة منتجة.
كذلك قرّر الطرفان في الإعلان العمل المشترك، والسعي لإعادة هيكلة القوات المسلحة وتحديثها وفقًا لمتطلبات العصر. ومن المجالات الأخرى المهمة ممر النقل، وقد أدى خط سكة حديد «باكو – تفليس – قارص» إلى ظهور فرص جديدة للتعاون في المنطقة. وتضمّن إعلان شوشة أيضًا إنشاء الممر الأوسط بين وسط آسيا وتركيا وأذربيجان والمدعوم من المجلس التركي”[76].
- استنكار قبرص التركية لتمثيل (ب ي د) في الشطر الجنوبي
استنكر وزير خارجية شمال قبرص التركية، تحسين أرطغرل أوغلو، سماح إدارة جنوب قبرص بفتح مكتب تمثيلي لتنظيم (ب ي د) الإرهابي، في الجزء الرومي من الجزيرة.
وقال الوزير القبرصي في بيان أصدره في 19 يناير/كانون الثاني: “لم نتفاجأ من تضامن القتلة والمتعطشين للدماء مع بعضهم”. وأضاف أن الإدارة الرومية التي قتلت الأتراك في الجزيرة وسفكت الدماء تواصل محاولاتها الاستفزازية في دعم الإرهاب. وأوضح أن هذه المحاولة الاستفزازية من جانب الإدارة القبرصية الرومية، العضو في الاتحاد الأوروبي، لن تخدم السلام في منطقتنا وفي شرق البحر الأبيض المتوسط. وتابع أرطغرل أوغلو: “نريد أن نرى الموقف الذي سيتخذه الاتحاد الأوروبي في مواجهة رعاية تنظيم إرهابي من قبل أحد أعضائه”[77].
كما أكد رئيس جمهورية قبرص التركية، أرسين تتار، أن بلاده ستضطلع بما يلزم لمواجهة سماح الشطر الرومي من الجزيرة بفتح مكتب لتنظيم (بي كا كا/ ب ي د) الإرهابي. وأدان تتار بشدة تعاظم أنشطة “بي كا كا/ ب ي د” الإرهابي في الشطر الرومي من الجزيرة، وتعهد بالقيام بكل ما يلزم لمواجهة مثل هذه الخطوة.
وكانت وسائل الإعلام في قبرص اليونانية قد أعلنت أن وزارة الداخلية في الشطر الجنوبي من الجزيرة قد وافقت على فتح مكتب تمثيلي لـ(ب ي د)، الذراع السوري لتنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، وذلك إثر طلب قدمه في 12 يناير/ كانون الثاني 2022.
والـ(ب ي د) هو الاختصار الذي يُعرف به حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، وهو منظمة تتهمها أنقرة بالقيام بعمليات إرهابية ضد تركيا.
وحول علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بقبرص اليونانية واليونان، ودور الأخيرة في دفع قبرص اليونانية إلى فتح مكتب تمثيلي له في الشطر الجنوبي من جزيرة قبرص، ذكرت صحيفة «خبر تورك» أن قبرص معروفة بقربها من حزب “العمال الكردستاني”، ولكنها تقدمت خطوة إلى الأمام في التعبير عن العلاقة معه عبر السماح لـ”الاتحاد الديمقراطي الكردي” بفتح الممثلية وبسرعة، حيث اعتبرت الصحيفة أن الخطوة “لا تخدم السلام وتصعد في المنطقة”، متسائلة عن السبب الذي دفع قبرص لذلك.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية يونانية أنها “تفاجأت بتسرّب الخبر، إذ أن الموضوع يسير بسرية كبيرة”، مبينة أنه في العام 1998 ارتبط “العمال الكردستاني” بعلاقات وطيدة مع 4 شخصيّات من الاستخبارات اليونانية، وأن هذه الشخصيات دفعت بعملية فتح الاتحاد الديمقراطي الكردي ممثلية له في قبرص من خلال تقديم طلب رسمي، في 12 من يناير/كانون الثاني، إلى وزارة الداخلية التي بدورها أصدرت وبشكل سريع خلال 24 ساعة الموافقة اللازمة لافتتاح المكتب.
ومن جانبها، توعدت تركيا على لسان وزير خارجيتها، مولود تشاووشأوغلو، إدارة قبرص الرومية بـ”دفع ثمن باهظ” إذا صدر أي تهديد ضد بلاده أو قبرص التركية من مكتب تنظيم “بي كا كا/ ب ي د” الذي سمحت بافتتاحه لديها.
وحذر تشاووشأوغلو من أن مسألة دعم الإرهاب أصبحت خطيرة للغاية، مضيفًا: “مع الأسف، بدأنا نرى كثيرًا مفهوم ‘عدو عدوي هو صديقي‘ في قضية الإرهاب”.
وبخصوص سماح قبرص الرومية بفتح مكتب لـ”بي كا كا/ ب ي د” لديها، قال: “سنجعلهم يدفعون ثمن ذلك إذا صدر أي تهديد ضد تركيا وقبرص التركية أو هجوم ضد أشقائنا القبارصة الأتراك، وسيكون هذا الثمن باهظًا، وعليهم ألا يلعبوا بالنار”.
ولفت إلى وجود دول تستغل التنظيمات الإرهابية وتستخدمها في حروب الوكالة، وآخرها كان دعم تلك التنظيمات في سوريا تحت غطاء مكافحة تنظيم داعش، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
ودعا تشاووش أوغلو قبرص الرومية إلى عدم التعاون مع التنظيمات الإرهابية، قائلًا: “قد تكون هناك مسائل لم نتفق بخصوصها، ولكن قضية الإرهاب مختلفة تمامًا، لأنها مسألة أمن بشكل مباشر”.
وبيّن أن تركيا تضامنت في مواجهة الإرهاب حتى مع البلدان التي علاقاتها معها سيئة، ولم تدعم أي تنظيم إرهابي. وشدد على وجود معسكرات لتنظيمي (بي كا كا) و(د هـ ك ب – ج) في اليونان، مؤكدًا أن الهجمات الإرهابية في تركيا التي نفذتها عناصر “د هـ ك ب – ج” التي تدربت في اليونان موثقة[78].
شهدت تركيا في الفترة الماضية حالة كبيرة من الشد والجذب بين الحكومة والمعارضة، حيث يسلط كل طرف منهما الضوء على أزمات الطرف الآخر ومشاكله، استعدادًا منهما للانتخابات القادمة، التي تسعى المعارضة إلى تحقيق نتيجة جيدة فيها، رغم خلافاتها السياسية والأيديولوجية التي تثير الشك في إمكانية تحقيقيها لهذا الهدف. هذا في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة اتخاذ اجراءات متتالية لمعالجة جوانب القصور في الحالة الاقتصادية، من خلال طرح آليّات جديدة.
- المعارضة والنظام البرلماني “المعزز”
يُعَد تغيير النظام الرئاسي والعودة إلى النظام البرلماني في تركيا بندًا رئيسًا على أجندة المعارضة التركية، والتي اجتمع ستة من قادتها في 12 فبراير/شباط، بدعوة من زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، في لقاء سداسي، حضره وزير الخارجية السابق أحمد داوود أوغلو، لمناقشة ماهيّة عمل النظام البرلماني الذي يطالبون به.
وجاء في بيان للأحزاب الستة أنها “اتفقت على نص للنظام البرلماني المعزز بهدف تقوية السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتأسيس دولة الحقوق والديمقراطية، بعد جهود مكثفة، بعيدًا عن القطبيّة، واعتمادًا على التشاور والتوافق”[79].
ولعل أخطر ما يواجه رغبة المعارضة في العودة إلى النظام البرلماني هو ما ترسخ في ذاكرة الأتراك من ممارسات عطلت الحياة السياسية في تركيا بسبب النظام المذكور، إذ لا يخلو تاريخ تركيا من أزمات سياسية بسبب الخلافات الحزبية ومناورات تشكيل الحكومات الائتلافية التي كانت تعطل إرادة الشعب وتعيق تحقيق المصالح الوطنية.
ولهذا يرى الصحفي التركي حسين ليكوغلو، في مقالة له بصحيفة «يني شفق»، أن المعارضة قد اخترعت مصطلح “معزز” حتى تتمكن من العودة نحو الوراء، وأنها استخدمت كلمة “تعزيز” لأنها تعلم جيدًا أن تركيا قد تكبّدت الكثير من الخسائر بسبب النظام البرلماني في السابق والحكومات الائتلافية، وكي تبعث برسالة طمأنة لمَن يشعر بالخوف من عودة تلك الأيام، وكأنها تريد أن تقول إن النظام الذي تريده هو نظام برلماني لكن بنكهة أخرى[80].
وحول حظوظ المعارضة في تحقيق انتصار على حزب «العدالة والتنمية» والوصول إلى الحكم وتغيير النظام الرئاسي الحالي، ذكرت صحيفة «حريّت» أن المعارضة التركية تتحدث عن التخلص من أردوغان وانتخاب رئيس جديد، وتعديل الدستور وإعادة البلاد إلى النظام البرلماني مرة أخرى، وأنها ستحل كافة المشاكل، ولكن “هناك معضلات كثيرة تواجه “التحالف الموسع”، أشار الصحفي التركي جيم كوتشوك إلى بعضها، فالمعارضة ليس لديها مرشح مشترك، وهناك تساؤل: “هل سيتعاون الشخص الذي سيتم انتخابه جنبًا إلى جنب مع أحزاب المعارضة للانتقال إلى النظام البرلماني؟”.. مؤكدًا أن إمامأوغلو لن يقبل بالعودة إلى النظام البرلماني حال وصوله للرئاسة كمرشح مشترك للمعارضة.
وفي نفس السياق، ذكرت الصحفية كوبرا بار أن هناك العديد من التساؤلات، أبرزها: “إذا فاز مرشح المعارضة في انتخابات الرئاسة، فما هي سلطاته التي سيستخدمها وأيها التي سيتنازل عنها؟.. متى سيتم طرق أبواب الشعب التركي من أجل تغيير النظام؟.. ماذا سيفعلون إذا لم يتمكنوا من العثور على 360 برلمانيًّا للتحول إلى النظام البرلماني؟[81].
لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة بمعزل عن طبيعة تحالف المعارضة الذي يضم خليطًا متناقضًا من الاتجاهات السياسية والأيديولوجية التي يوجد بينها حالة خصام تاريخية، حتى إن رؤساء الأحزاب أجلوا هذا الاجتماع قبل ذلك، لاختلافهم حول طريقة الجلوس البروتوكولية وأسلوب إدارة الاجتماع، ثم اجتمعوا بعد أن توافقوا على الجلوس حول “طاولة مستديرة” لا تقديم فيها لأي حزب أو رئيس على آخر.
وإذا كان هذا هو حال المعارضة في إجراء بروتوكولي حول طريقة الجلوس، فكيف سيكون الأمر عند اختيار مرشح رئاسي مشترك يمثلهم في الانتخابات القادمة؟
- لقاءات أمامأوغلو بالسفراء الأجانب وخطة بايدن
فجرت اللقاءات العديدة بين رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمامأوغلو، المرشح الرئاسي المحتمل، والمنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، وهو أكبر أحزاب المعارضة، وسفراء دول غربية كبرى، موجة من الجدل حول المغزى من هذه اللقاءات.
فبعد أسبوع من لقائه السفير البريطاني لدى أنقرة، دومينيك شيلكو، وفي 31 يناير/كانون الثاني، استقبل إمامأوغلو السفير الأمريكي جيف فيلك، في مقر رئاسة البلدية بإسطنبول.
جاء اللقاء بعد أيام قليلة من تقديم السفير الأمريكي أوراق اعتماده للرئيس التركي أردوغان، ولم تنشر حسابات البلدية أو حساب إمامأوغلو الشخصي أي بيان حول اللقاء، وذلك بالمخالفة لما كان يحدث في اللقاءات الأخرى التي كان يصدر بعدها بيان عبر منصات البلدية في مواقع التواصل الاجتماعي[82].
أعادت هذه اللقاءات إلى الأذهان تصريحات قديمة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، أثناء حملته الانتخابية كمرشح للحزب الديمقراطي، حول نيته حال فوزه بالانتخابات دعم المعارضة التركية ضد الرئيس أردوغان. وتداول الأتراك مقطع فيديو لبايدن يحوي تصريحات أبدى فيها قلقه البالغ إزاء نهج أردوغان تجاه الأكراد في تركيا، وتعاونه العسكري مع روسيا، وبقاء القواعد الجوية الأمريكية في تركيا. ودعا بايدن في هذه التصريحات إلى تغيير سياسات الولايات المتحدة تجاه أردوغان وإبداء دعمها علنًا للمعارضة التركية لتمكينها من الفوز في الانتخابات، متوعدًا الرئيس التركي الذي وصفه بـ”المستبد” بـ”دفع الثمن”. وأكد أنه سيدعم المعارضة التركية ويشجعها في حال أصبح رئيسًا لأمريكا. وقال بايدن: “يمكننا دعم تلك العناصر التي ما تزال موجودة في تركيا، وتشجيعها على مواجهة أردوغان وهزيمته، ليس عن طريق الانقلاب، ولكن من خلال العملية الانتخابية[83].
كما ربط متابعون بين هذه اللقاءات وتصريحات لرئيس بلدية هاتاي، لطفي ساواش، وهو من حزب الشعب الجمهوري أيضًا، حول آليّة تحديد المرشح الرئاسي لدى المعارضة، والتي قال فيها إن تحديد المرشح الرئاسي لا يقتصر على كونه ناجحًا وصاحب تجربة فحسب، بل يلعب الفاعلون المحليون والدوليون دورًا في تحديد هذا المرشح. وهي التصريحات التي أثارت ضجة في تركيا حينها، ليضطر ساواش للاعتذار عنها، ويصف ما قاله بأنه مجرد دعابة[84].
أثرت تصريحات ساواش حينها مناخ النقاش حول تحديد آليّة المرشح الرئاسي للمعارضة والفاعلين الدوليين المتداخلين في هذه الآليّة، وذلك رغم اعتذار ساواش ووصفه لتصريحه بأنه دعابة.
لقد عبر ساواش حينها عن التوجهات المستقبلية للرئيس الأمريكي، وهي التدخل في الشأن التركي عبر الانتخابات، وذلك من خلال تأييد مرشح رئاسي معارض لمنافسة الرئيس أردوغان.
في هذا الإطار، تساءل البعض عن إمكانية فهم دوافع اهتمام كل من السفيرين الأمريكي والبريطاني اللذين من المفترض أن يكون مقر إقامتهما في العاصمة أنقرة لا إسطنبول، برئيس بلدية إسطنبول أكرم إمامأوغلو، وهل الأمر يقتصر على تعاملهما مع الأخير كمجرد رئيس للبلدية أم هناك ما وراء ذلك؟
وردًّا على هذا السؤال، قال متابعون إن اللقاءات تعطي انطباعًا بأن ما يجري هو “استعراض” مقصود من جانب “الفاعلين الدوليين”، وأن التفسير المناسب لهذه اللقاءات هو أنها لتحضير إمامأوغلو ليكون المرشح المشترك لأحزاب المعارضة خلال الانتخابات الرئاسية القادمة[85].
- آليّة الاستفادة من المدخرات الذهبية
عانى الاقتصاد التركي في نهايات العام الماضي حالة من الارتباك بسبب نسبة الفائدة وتراجع قيمة الليرة في مقابل الدولار وزيادة معدلات التضخم والأسعار.
ولمواجهة هذه المشاكل الاقتصادية في إطار النموذج الاقتصادي التركي الذي يقوم على 4 ركائز، هي الاستثمار والتوظيف والإنتاج والتصدير، واصلت الحكومة التركية جهودها الرامية لوقف تقلبات سعر الصرف، وتقليص معدلات التضخم، والسيطرة على ارتفاع الأسعار.
وفي هذا السياق، أعلن وزير المالية والخزانة التركي، نور الدين نباتي، في 12 فبراير/شباط، عن آليّة جديدة للاستفادة من مدخرات الذهب لدى المواطنين، والمعروف باسم “”ذهب تحت الوسائد”.
وأوضح الوزير أن الحكومة ستبدأ اعتبارًا من 1 مارس/آذار القادم في التعاون مع 1500 صائغ ذهب، بحيث يكون هناك مركز واحد على الأقل في كل ولاية. وسوف يتمكن المواطنون من خلال الآليّة الجديدة من إدخال مدخراتهم الذهبية بشكل سهل وآمن في النظام الاقتصادي من خلال الصائغين والبنوك المتعاقدة المعنية، واستعادتها في الوقت الذي يريدونه. وسوف تتيح هذه الآليّة للمواطنين حماية قيمة مدخراتهم الذهبية من خلال فتح حساب إيداع لتحويل الذهب وحساب تشاركي بالليرة التركية.
وأكد الوزير على أن فتح هذه الحسابات سيتيح للمواطنين في الوقت ذاته تحقيق الأرباح دون مخاطرة، ولفت إلى أن المصارف التشاركية والحكومية التركية ستكون من أوائل البنوك المتعاقدة في الآلية الجديدة[86].
يتعامل السواد الأعظم من الأتراك مع الذهب كأداة توفير وادخار، لا كأداة استثمار، وإذا تقرر استخدامه كأداة استثمار فلن يبقى تحت الوسائد في المنازل، ولهذا خرجت الحكومة التركية بهذه الآليّة التي تحول ذهب “تحت الوسائد” إلى أداة استثمارية مُربِحة للمواطنين، وفي نفس الوقت تضمن استخدامة في مكافحة التضخم الذي تشهده البلاد مؤخرًا.
وبهذه الآليّة، سيتمكن المواطنون من نقل ذهبهم المادي إلى النظام وسحبها من النظام من خلال الصائغين، وسيُنشأ نظام تأكيد ثلاثي بين الصائغ والمصفاة والبنك. فعندما يسلم المواطن ذهبه المادي للصائغ سيسلمه الصائغ بدورة للمصفاة التي ستعالجة، وتسلمه للبنك، حيث سيُحتفظ به فعليًّا إلى حين رغبة المواطن في سحبه مجددًا[87].
وتهدف الحكومة التركية من وراء هذه الآليّة إلى الاستفادة من المدخرات المحلية للذهب فيما يلي:
- دعم البنك المركزي التركي في تلبية احتياجاته من النقد الأجنبي عن طريق توجيه المدخرات المحلية من الذهب المقدرة بنحو 5 آلاف طن وبقيمة تعادل ما بين 250-350 مليار دولار.
- تحقيق موارد مالية محلية واستخدامها في استثمارات فعّالة ومنتجة داخل النظام المالي.
- فتح باب جديد لتحقيق ربح للمواطنين يخلو من المخاطر ويدعم نمو البلاد من خلال إدخال مدخرات الذهب في النظام المالي[88].
وعن أهمية إدخال الذهب المخبأ “تحت الوسائد” إلى النظام المالي، قال مدير عام بنك «خلق» التركي، عثمان أرسلان، إن النموذج الاقتصادي الجديد يتمثل أحد ديناميكياته في التركيز على الموارد المحلية. وأضاف أنه توجد كميّة كبيرة من الذهب في تركيا لم يتم دمجها في النظام الاقتصادي حتى اليوم، مشددًا على ضرورة أن يكون الذهب المحلي أحد ديناميكيات النمو في الاقتصاد التركي. وأوضح أرسلان، أن المدخرات الأجنبية تدخل الاقتصاد في فترات خاصة للاستفادة من الفائدة وسياسة التسعير النقدي المنخفض، محققة بعض الفوائد قصيرة الأجل، لكنها تتسبب في آثار سلبية عند خروجها[89].
جدير بالذكر أن الآليّات المختلفة التي تعتمدها الحكومة التركية في إطار النموذج الاقتصادي الجديد قد جددت ثقة المواطنين في اقتصادهم، وهو ما يمكن رؤية أثره في زيادة الودائع بالليرة التركية.
[1] وكالة أنباء تركيا، إدلب السورية.. افتتاح مركز صحي بتمويل من وقفين تركيين، 22 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3BBvJyN
[2] وكالة أنباء تركيا، جمعية “حجر الصدقة” التركية تطلق حملتين عاجلتين لإغاثة اليمن وإدلب، 24 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3BwPqb8
[3] وكالة أنباء تركيا، “وقف الديانة التركي” يقدم مساعدات شتوية لأكثر من ألف طفل في أعزاز وعفرين، 24 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3JJqErj
[4] وكالة الأناضول، هطاي التركية ترسل 8 شاحنات مساعدات إلى إدلب السورية، 26 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3JEDzux
[5] ترك برس، شانلي أورفة التركية ترسل مساعدات إنسانية لإدلب، 31 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3H1H8t6
[6] Yeni Şafakالعربية، كوتاهية التركية ترسل 6 شاحنات مساعدات إلى سوريا، 31 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3H7oOP8
[7] ترك برس، تركيا.. شاحنات مساعدات تنطلق من أقصراي إلى إدلب السورية، 10 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3sWHcW5
[8] وكالة الأناضول، الدفاع التركية: تدمير 80 موقعا شمالي العراق وسوريا، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JG146A
[9] تركيا بالعربي، “نسر الشتاء”.. عملية جوية تركية تضرب أوكار الإرهاب بالعراق وسوريا، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3BzWzr8
[10] باز نيوز، أهداف عملية “نسر الشتاء” التركية في سوريا والعراق، 3 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3p56JLk
[11] ترك برس، الكشف عن أول زيارة لمسؤول تركي إلى شرق ليبيا.. ما الدلالات؟، 20 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/34N9daz
[12] الشرق الأوسط، تركيا تنفتح دبلوماسياً على الشرق الليبي، 31 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3LKjXXA
[13] وكالة الأناضول، انفتاح تركيا على شرق ليبيا.. تنمية اقتصادية وتعزيز للسلام، 5 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3h0lhaI
[14] أخبار ليبيا، القوات الجوية التركية والليبية توقعان برتوكول تعاون في التدريب، 28 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3rZZTsl
[15] ترك برس، وزير الدفاع التركي يستقبل قائد القوات البحرية الليبية، 15 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3I6PXD2
[16] وكالة الأناضول، الدفاع التركية: دربنا 8500 عنصرا من القوات المسلحة الليبية، 10 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3Ijitlj
[17] ترك برس، الجيش التركي يبطل مفعول 5 آلاف و300 لغم غير منفجر في ليبيا، 10 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3rZCcAG
[18] ترك برس، الجيش الليبي يشيد بدور تركيا في تدريب عناصره، 8 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/36fD4Zm
[19] Intelligence Online, Abbas Kamel et Hakan Fidan s’écharpent sur la Libye et les Frères musulmans, 15-02-2022, https://bit.ly/3JB5VWB
[20] Hurriyet, MISIR YAVAŞ İLERLİYOR, 15-02-2022, https://bit.ly/36bOfSR
[21] العربي الجديد، استياء مصري من الانفتاح التركي على معسكر شرق ليبيا، 1 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3GUhsyz
[22] ترك برس، وفد رفيع لرجال أعمال مصريين يزور تركيا.. هل يتسارع التطبيع بين أنقرة والقاهرة؟، 20 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3BnJsJD
[23] وكالة أنباء تركيا، دعوات تركية مصرية لتطوير الاستثمارات المتبادلة، 21 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3gU7OB6
[24] المصدر السابق.
[25] عربي 21، استمرار المباحثات التجارية بين مصر وتركيا.. وأنقرة تعلق، 22 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3I1es4Q
[26] TRT عربي، أردوغان: قد نتزود بالغاز الطبيعي من العراق وليس لدينا نقص بالمخزون خاليًا، 4 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3rWXkYk
[27] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يستقبل بارزاني في العاصمة التركية أنقرة، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3rU01d5
[28] صوت العراق، برلماني: إقليم كوردستان سيشرع بتصدير الغاز إلى تركيا في العام 2025، 9 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3GUPXVp
[29] ترك برس، استئناف ضخ الغاز في خط الأنابيب بين تركيا والعراق، 19 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3rScPk5
[30] i24news، تركيا تقصف مواقع لحزب العمال الكردستاني في العراق وتوقع خسائر بشرية، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3BqlNIo
[31] RT عربي، بغداد تصدر بيان إدانة للقصف التركي الذي طال أراضي عراقية، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3rTXu2l
[32] Yeni Şafak العربية، أربيل: عمليات تركيا بالمنطقة نتيجة التواجد غير القانوني لـ”بي كا كا”، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3Jw0LLq
[33] وكالة الأناضول، مسؤول عراقي: وجود “بي كا كا” على أرضينا “غير قانوني”، 7 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3oXEHS9
[34] وكالة الأناضول، العراق.. قائد عسكري يزيل صورة زعيم “بي كا كا” من وسط سنجار، 12 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3sNnFqR
[35] T.C. Cumhurbaşkanlığı, Cumhurbaşkanı Erdoğan, NTV-Star TV özel yayınına katıldı, 26-01-2022, https://bit.ly/3sW7vf4
[36] Khaleej Times, Now is the time for regional peace and cooperation initiatives, 14-02-2022, https://bit.ly/34QrUKm
[37] وكالة أنباء الإمارات (وام)، الإمارات و تركيا.. علاقات استراتيجية متنامية، 13 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/34QAFnF
[38] وكالة الأناضول، أردوغان: ندعم استقرار الامارات ولا فرق بين أمننا وأمن الخليج، 15 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/36oBUuM
[39] TRTعربي، قبيل زيارته للبحرين.. وزيير الخارجية التركي يثمن تعاون بلاده مع دول الخليج، 30 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3JBzIOJ
[40] وكالة أنباء البحرين (بنا)، سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء: علاقات الصداقة والتعاون بين مملكة البحرين والجمهورية التركية تشهد تطوراً ونماءً في مختلف المجالات، 31 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3oTQXmn
[41] وكالة أنباء البحرين (بنا)، وزير الخارجية ووزير خارجية الجمهورية التركية يعقدان مؤتمرًا صحفيًا، 31 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3gWSyDG
[42] ترك برس، زيارة تشاووش أوغلو إلى البحرين.. توقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، 1 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/34Qj9Qu
[43] وكالة أنباء تركيا، أردوغان: حوارنا مع السعودية مستمر وننتظر تقدما ملموسا، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3LLFeQH
[44] تركيا بالعربي، تركيا تفاجئ السعودية بإجراء اليوم الخميس، 20 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3gRPBo5
[45] الجمهورية التركية، وزارة الخارجية، بيان صحفي حول هجمات تستهدف الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، 24 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3pjHIMT
[46] وكالة أنباء تركيا، تشاويش أوغلو: نتضامن مع الإمارات والسعودية ضد أي تنظيم أو نشاط إرهابي، 31 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3JG9LOd
[47] Haaretz, Turkey Looks to Rehabilitate Ties, but Israel Remains Suspicious, 21-01-2022, https://bit.ly/3GT4MrB
[48] Hürriyet, Kuşatma yarıldı, 15-02-2022, https://bit.ly/3JzEYCm
[49] وكالة أنباء تركيا، “حماس” تنفي ادعاءات للاحتلال الإسرائيلي بشأن علاقتها مع تركيا، 26 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3gMqeE9
[50] RT عربي، تقرير: تركيا تسعى لطرد قادة “حماس” العسكريين من أراضيها، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/34YbzTy
[51] Sputnik عربي، أردوغان يعلن موعد زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا، 3 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3rKoPEk
[52] ترك برس، تركيا: هناك بعدان أساسيان في علاقاتنا مع إسرائيل، 8 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3rSSzPf
[53] وكالة الأناضول، تشاووش أوغلو: تطبيع علاقاتنا مع إسرائيل ليس على حساب فلسطين، 8 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JkLJIe
[54] TR عربي، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي: سنتقدم بحذر شديد مع تركيا، 7 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3uIrX5w
[55] عربي 21، تقديرات إسرائيلية متباينة إزاء تطبيع العلاقات مع تركيا، 29 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3BjLL0g
[56] ترك برس، حظوظ الوساطة التركية المحتملة في التوتر الروسي-الأوكراني، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JICXny
[57] تركيا بالعربي، هل ستتدخل عسكريا؟ ماذا ستفعل تركيا في حال اندلاع حـ.ـرب روسية – أوكرانية؟، 28 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3JKq2Bt
[58] وكالة الأناضول، تركيا: سنبحث السيادة على جزر “إيجة” ما لم تتخل اليونان عن تسليحها، 10 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/36mqdod
[59] وكالة الأناضول، الدفاع التركية: اليونان انتهكت وضع جزر إيجة 229 مرة، 10 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JzZHpM
[60] Sputnikعربي، دبلوماسي إيطالي: اليونان انتهكت اتفاقية مع إيطاليا بتسليح جزر إيجه، 30 سبتمبر/أيلول 2022، https://bit.ly/3v3IGAn
[61] وكالة الأناضول، لتهديد تركيا.. اليونان تسلح جزر بحر إيجة (خبيران)، 26 يوليو/تموز 2020، https://bit.ly/33COCFg
[62] وكالة الأناضول، تركيا تنتقد معاملة حرس الحدود اليوناني مع المهاجرين، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3s147QB
[63] ترك برس، مسؤولون أتراك ينتقدون معاملة حرس الحدود اليوناني مع المهاجرين، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3sYdeRc
[64] الجمهورية التركية، وزارة الخارجيية، رد المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير تانجو بيلغيتش، على سؤال يتعلق بمقتل زعيم منظمة داعش الإرهابية أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، ، 3 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/34RqS0H
[65] RTعربي، بايدن: سنعمل مع القوات العراقية و”قسد” و”البيشمركة” لضمان حماية بلادنا، 3 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/353wmVQ
[66] العربي الجديد، أنقرة – واشنطن بعد إزاحة القرشي؟، 8 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3LGLLw1
[67] المصدر السابق.
[68] وكالة أنباء تركيا، تركيا تبلغ أمريكا مجددا: سنواصل مكافحة PKK/PYD الإرهابي شمالي سوريا، 8 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3GZsmTG
[69] وكالة الأناضول، سفير واشنطن في أنقرة: تركيا حليف لا غنى عنه للولايات المتحدة (مقابلة)، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/357KLAi
[70] Sputnikعربي، إعلام: واشنطن قد توافق على طلب تركيا لشراء مقاتلات “إف-16″، 20 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/36pIBNa
[71] عربي 21، WSJ: الكونغرس قد يعرقل صفقة بيع مقاتلات F16 لتركيا، 23 يناير/مانون الثاني 2022، https://bit.ly/3s1MU9y
[72] وكالة الأناضول، سفير واشنطن في أنقرة: تركيا حليف لا غنى عنه للولايات المتحدة (مقابلة)، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/357KLAi
[73] وكالة الأناضول، لجنة برلمانية تركية تصدق على “إعلان شوشة”، 3 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JIaYog
[74] Sputnikعربي، علييف يصدق على “إعلان شوشة”، 12 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3IaIEuc
[75] وكالة أنباء تركيا، 9 بنود.. تعرف على تفاصيل “إعلان شوشة” الموقع بين تركيا وأذربيجان، 15 يونيو/حزيران 2021، https://bit.ly/3I24y2G
[76] العربي الجدد، برلمان أذربيجان يصادق على “إعلان شوشة” مع تركيا، 1 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3LZBLOT
[77] وكالة الأناضول، قبرص التركية تستنكر فتح جارتها الجنوبية مكتبا تمثيليا لـ”ب ي د”، 20 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3LQ2D3G
[78] TRTعربي، تركيا تحذر قبرص من تبعات افتتاح مكتب لـ”PKK” الإرهابي، 20 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/33EiRvw
[79] العربي الجديد، ستة أحزاب في المعارضة التركية تتفق على نظام الحكم البرلماني، 13 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3v3jAS8
[80] Yeni Şafakالعربية، سيعزّزون قوة البرلمان ضد من؟، 14 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3h26MTU
[81] عربي 21، إشكالات أمام تحالف المعارضة التركية.. وتساؤلات تقلق الناخبين، 19 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3gZ4Zz1
[82] ترك برس، بعد أسبوع من لقائه السفير البريطاني.. “إمام أوغلو” يلتقي سفير واشنطن، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3LKda01
[83] الشرق الأوسط، تصريحات قديمة لبايدن تفجر جدلاً واسعاً في تركيا، 17 أغسطس/آب 2020، https://bit.ly/3oYjnvR
[84] Yeni Şafakالعربية، هل اختارت الولايات المتحدة وبريطانيا إمام أوغلو؟، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JEl8Ga
[85] المصدر السابق.
[86] وكالة الأناضول، وزير المالية التركي يعلن آلية جديدة للاستفادة من مدخرات الذهب، 12 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3I1K4an
[87] TRTعربي، “تحت الوسائد”.. كيف تسعى تركيا لإدخال أطنان من الذهب إلى نظامها المالي؟، 14 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3Hfn3jb
[88] ترك برس، لماذا تسعى تركيا لإدخال ذهب “تحت الوسائد” في النظام المالي؟، 13 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3H0Hv7e
[89] المصدر السابق.