الفهرس
الدفتر السياسي:
- اتفاقيات الطاقة بين مصر والكيان الصهيوني
- مشكلة مثلث حلايب وشلاتين
الدفتر الاقتصادي:
- أعباء جديدة على الفلاحين
- دوامة الدين العام واستهلاك مقدرات الاقتصاد
- غياب قاعدة بيانات إعانات كورونا
الدفتر التشريعي:
- مشروعات القوانين التي أقرها مجلس النواب
- جدل حول قانون الأحوال الشخصية
- القرارات الجمهورية التي أقرها المجلس
الدفتر الفكري والثقافي:
- حذف الآيات القرآنيَّة من المناهج الدراسيَّة
- المستشار طارق البشري ومشروعه الفكري
الدفتر الإعلامي:
- غياب وجوه إعلامية مقربة من السلطة
- انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين
- تطبيق “كلوب هاوس” وضبط التواصل الرقمي
مقدمة
كانت الحركة في الساحة السياسية المصرية على المستوى الخارجي أكثر منها على المستوى الداخلي خلال شهر فبراير/ شباط الماضي. وربما كان الحدث الأبرز هو الزيارة التي قام بها طارق الملا، وزير البترول المصري، إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي. كما برزت قضية حلايب وشلاتين مرة أخرى على الساحة، في وقت تحاول فيه القاهرة كسب الخرطوم في صفها في أزمة سد النهضة الأثيوبي.
وفي الدفتر الاقتصادي، فثمة حالة من عدم اليقين تسود الأداء الاقتصادي في مصر، وبخاصة في ظل موجة التشريعات الجديدة، التي تستهدف تحميل المواطنين بالمزيد من الأعباء الضريبية والرسوم. وفي هذا السياق نناقش الأعباء الإضافية التي يحملها النظام على الفلاحين، كما نتعرض للدوامة المستمرة للدين العام، التي تستهلك مقدرات الاقتصاد، ونسلط الضوء على غياب قاعدة بيانات إعانات الدولة للمتضريين من فيروس كورونا.
وعلى الجانب التشريعي نتعرف على القرارات الجمهورية التي أقرها مجلس النواب، ومشروعات القوانين التي أقرها، وبالطبع فإن قانون الأحوال الشخصية حاز القدر الأكبر من الجدل في هذا السياق. أما في الحالة الثقافية فنناقش توجيهات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بحذف آيات قرآنيَّة من المناهج الدراسيَّة، كما نلقي الضوء على المشروع الفكري للمستشار طارق البشري، الذي وافقته المنية قبل أيام، بعد حياة حافلة بالعطاء.
وعلى الجانب الإعلامي، لوحظ غياب ثلاثة من الوجوه الأساسية للمنظومة الإعلامية المصرية لأسباب مختلفة. كما نتعرض لمستجدات انتخابات التجددي النصفي لنقابة الصحفيين، ونناقش رد فعل إعلام النظام على الانتشار الكبير لتطبيق “كلوب هاوس” في ظل دعوة السيسي لعمل حوكمة قانونية لوسائل التواصل الاجتماعي.
لقد تضمن شهر فبراير/ شباط الماضي العديد من التطورات الهامة فيما يتعلق ببعض قضايا السياسة الخارجية المصرية. أبرز تلك القضايا كانت الاتفاقية التي وقعتها مصر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بشأن ربط حقل ليفاثان الإسرائيلي للغاز الطبيعي بمحطات الإسالة المصرية-إدكو ودمياط-وذلك بهدف تصدير الغاز الإسرائيلي للخارج. ولكن أثارت الاتفاقية جدلًا كونها إحدى الخطوات البارزة التي أقدم عليها النظام المصري في الآونة الأخيرة في سبيل التطبيع غير الرسمي مع دولة الاحتلال. كما أنها من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية ستؤثر سلبًا على الأمن القومي، وستهدد أمن الطاقة المصري على المدى البعيد.
بالإضافة إلى ذلك، لقد أثارت مذكرة صدرت من مكتب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي توترًا، حيث كشفت عن اعتماد المفوضية منطقتي حلايب وشلاتين ضمن الخرائط الرسمية لجمهورية مصر العربية، ولكنها تراجعت عنه بعد احتجاج السودان على المذكرة ومناشدته للمفوضية بحذفها. حيث إن الأخير اعتبره تعدٍ على شؤونه السيادية، بينما امتنع النظام المصري على التعليق والتزم الصمت.
ويخشى أن تتسبب هذه الواقعة في إحداث توتر بين القاهرة والخرطوم مما قد يؤثر سلبًا على العلاقات الثنائية بشكل عام، وعلى التحالف المصري السوداني تجاه قضية سد النهضة الإثيوبي بشكل خاص، الأمر الذي قد يساهم في عرقلة المفاوضات الثلاثية، وبالتالي يمثل خطرًا على الأمن المائي لمصر. وفي هذا التقرير سنسرد لكم هذه الأحداث وآثارها السياسية بشكل مفصل.
اتفاقيات الطاقة بين مصر ودولة الاحتلال حول ربط حقل ليفاثان بمحطات الإسالة في إدكو ودمياط..
زار طارق الملا، وزير البترول المصري، القدس المحتلة خلال شهر فبراير/ شباط الماضي. وذلك لتفعيل مذكرة تفاهم تم توقيعها في وقت سابق حول ربط حقل الغاز الاسرائيلي “ليفاثان” بمنشآت الغاز الطبيعي المسال المصرية- وحدتي إسالة الغاز المصريتين بإدكو ودمياط- عبر خط أنابيب تحت الماء يمكن تصدير الغاز منه إلى الأسواق الأوروبية .
كما تناولت المباحثات أيضًا مشروع مد خط أنابيب يربط الكيان الصهيوني بشبه جزيرة سيناء في مصر، بالإضافة إلى تطوير حقول الغاز، علمًا بأن مشروع توسيع شبكة الأنابيب المقامة بين الجانبين المصري والإسرائيلي مملوك حاليًا لشركة أُسست خصيصًا لامتلاك شبكة الأنابيب بين شركتي “ديليك” الإسرائيلية و “نوبل إنيرجي” الأمريكية، بالإضافة إلى شركة “غاز الشرق” المملوكة من قبل الدولة المصرية.[1]
ومن المفترض أن يتم تصدير الغاز القادم من الكيان الصهيوني للأسواق الأوروبية والإفريقية في السنوات القادمة حتى تنتهي مصر من الفائض وتكتفي باستهلاك الغاز محليًا. حيث سيتم تصدير هذا الغاز عن طريق تسييله عبر منشآت الإسالة المصرية “إدكو” و”دمياط”، ثم يتم شحنه بناقلات الغاز المسال إلى الأسواق الأوروبية.
مما يعني أن المكاسب الاقتصادية هنا سيتم الحصول عليها من عائدات تصدير الغاز إلى جانب رسوم تشغيل محطات الإسالة المصرية. ولكن ستواجه مصر مشكلة ضخمة، ألا وهي التكلفة العالية للغاز المسال مقارنة بالغاز العادي. ويعود ذلك إلى التكلفة المضافة المتعلقة بنقل الغاز إلى محطات التسييل ثم تسييله وشحنه في ناقلات إلى الخارج ثم إعادته إلى الغاز مرة أخرى في البلد المستورد.
وهذا بالطبع تفوق تكلفته تكلفة الغاز الذي يتم نقله عبر الأنابيب كالغاز الذي تأخذه أوروبا من روسيا على سبيل المثال، مما قد يجعل أوروبا تمتنع عن شراءه بسبب غلاءه مقارنة بالغاز الروسي الوفير والرخيص[2]، وينقص احتمالية بيع الغاز في الأسواق الخارجية بسبب الأسعار التنافسية الموجودة. حتى وإن تمكنت مصر من بيع الغاز لعدة سنوات فإن المكسب الذي ستحصل عليه لا يضاهي شيئًا إذا ما قورن بالمبالغ الباهظة التي ستقوم بدفعها لإسرائيل طوال خمسة عشر أعوام متتالية.
إضافة إلى ذلك، يتوقع أن ينتهي الاكتفاء الذاتي لمصر من الغاز الطبيعي في غضون حوالي أربع أو خمس سنوات، وذلك بسبب تزايد استهلاك مصر من الغاز بشكل كبير للزيادة الكبيرة في أعداد السكان في مقابل أعداد الوفيات، ولعدم وجود مصادر بديلة ومتعددة. وعندها ستعتمد على ورادات الغاز القادمة من دولة الاحتلال لسد حاجة سوقها مما يشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن القومي لمصر.
حيث إنه نظرًا لطبيعة العلاقات بين الجانبين والغضب الشعبي الذي يظهر مع كل تواصل مصري مع الكيان الصهيوني على المستوى الرسمي، فلا يمكن للجانب المصري الثقة في دولة الاحتلال. ولكنه مع ذلك، سيكون من الصعب جدًا إلغاء الاتفاقية بسبب الشروط الجزائية الباهظة التي لا تتحمل مصر دفعها في حال الإلغاء.
وقد بدأت مصر في استيراد الغاز من دولة الاحتلال الإسرائيلي في مطلع عام 2020 وفقًا لاتفاقية عمرها 15 عامًا وقعها الجانبين في عام 2018. ويقدر سعر الاستيراد بنحو 5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية أي بنحو أربعة أضعاف سعر الغاز الذي كانت تبيعه مصر لها بين عامي 2005 و 2012. غير أنه يعادل أكثر من ضعفي أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية حاليًا.
مما يعني أم اتفاقيات الغاز مع الكيان الصهيوني مجدية من الناحية الاقتصادية والأمنية للجانب الإسرائيلي فقط، ولكنها من المؤكد أنها ستلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد وبالأمن القومي لمصر وباستقلالها في اتخاذ القرارات السياسية التي تصب في مصلحة المحتل الإسرائيلي، مما سيمنح الأخير نفوذًا حاسمًا في علاقته مع مصر.[3]
وعلى هامش زيارة الوزير المصري للقدس المحتلة، وقعت كل من مصر والسلطة الفلسطينية مذكرة تفاهم في أواخر شهر فبراير/ شباط الجاري حول تطوير وتأسيس البنية التحتية اللازمة بشأن حقل الغاز الطبيعي الواقع قبالة ساحل غزة مع إمكانية تصدير جزء من الغاز إلى مصر، علمًا بأن بعض المصادر كانت قد ذكرت وجود مساعي تركية للتوصل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية بينها وبين السلطة الفلسطينية بالإضافة إلى الحصول على حقوق امتياز تطوير حقل غاز “غزة مارين”.
علاوة على ذلك، ذكرت بعض المصادر أن الاحتلال يساعد النظام المصري لتسهيل توقيع تلك الاتفاقية مع السلطة الفلسطينية، وذلك في مقابل موافقة النظام المصري على إشراك الإمارات في مشروع مقترح متعلق بنقل الغاز عبر شبه جزيرة سيناء. وبذلك يسعى النظام المصري من التخلص من خصومه في شرق المتوسط بالتعاون مع دولة الاحتلال.[4]
وتعد أن زيارة الملا لإسرائيل هي الزيارة الأولى التي يقوم بها وزير مصري منذ زيارة سامح شكري وزير الخارجية المصري عام 2016 أي منذ خمسة أعوام. ويتصور أن هذه الزيارة لا تهدف فقط إلى تفعيل مذكرة التفاهم مع الكيان الصهيوني والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين. ولكنها تبعث العديد من الرسائل إلى خصومها الإقليميين وإلى الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث يود النظام المصري توجيه رسالة إلى تركيا خصمها شرق المتوسط التي وقفت مناهضة للانقلاب العسكري الذي حدث في مصر عام 2013. ففي السنوات الأخيرة قامت مصر بالتعاون مع دولة الاحتلال وقبرص واليونان خصوم تركيا في شرق المتوسط بتأسيس منتدى غاز “إيست ميد أو شرق المتوسط” في القاهرة كما أجرت معهم تدريبات عسكرية مشتركة. ودعم مصر لليونان وقبرص اللتان تتهمان أنقرة بالتنقيب غير القانوني في مناطقهما الاقتصادية أدى إلى زيادة في تدهور العلاقات بين القاهرة وأنقرة. كما جاءت زيارة الملا للقدس المحتلة بعد زيارتين متتاليتين لقبرص واليونان.
بالإضافة إلى ذلك، تأتي هذه الزيارة بعد الإعلان عن صفقة بشأن تزويد غزة بالغاز الطبيعي الإسرائيلي في انتظار المصادقة عليها قريبًا، والتي سبقها إعلان شركة إسرائيلية خطة إماراتية-إسرائيلية لضخ النفط من إيلات على ساحل البحر الأحمر إلى عسقلان على ساحل البحر المتوسط.
علاوة على ذلك، يهدف النظام المصري بزيارته لإسرائيل حليف أمريكا في الشرق الأوسط إلى توجيه رسالة الإدارة الأمريكية الجديدة. حيث تتوقع السلطات المصرية متزايدة بشأن ملف انتهاكات حقوق الإنسان من الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة المقبلة، خصوصًا أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حددت العام الجاري 2021 لعقد مؤتمر لدعم الديمقراطية عالميًا، والذي يخشى النظام المصري أن يلقى اتهامات وضغوطات إثر انتهاكات حقوق الإنسان خلاله.
هل تؤثر قضية حلايب وشلاتين على العلاقات بين السيسي والبرهان؟
كشف تعميم صادر من مكتب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي اعتماد منطقتي حلايب وشلاتين ضمن الخرائط الرسمية لجمهورية مصر العربية. وذلك إثر مذكرة تم إرسالها من قبل بعثة مصر لدي الاتحاد الأفريقي إلى المفوضية[5]. مما أثار غضب السودان التي تعد تلك المنطقة تابعة لأراضيها. وقدم السودان احتجاجًا رسميًا ضد مفوضية الاتحاد الأفريقي بسبب تلك الخريطة، ودعا الاتحاد إلى العودة لحدود مصر وخريطتها عندنا انضمت للاتحاد عام 1964.
وقد تحول خط العرض 22 شمالًا- الذي شكل قاعدة مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد- ليس فقط إلى حد سياسي دولي ولكن أيضًا إلى بؤرة نزاع على السيادة مع إعلان مصر اعترافها باستقلال السودان عام 1956. تعود قضية النزاع الحدودي بين مصر والسودان على حلايب وشلاتين إلى القرن التاسع عشر بعدما ضم محمد على السودان إلى مصر.
وتستند مصر إلى “اتفاقية السودان” التي عقدتها مع بريطانيا آنذاك لفرض حكم ثنائي على جميع الأراضي الواقعة جنوبي دائرة عرض 22 شمالًا والتي سميت بالسودان. بينما تستند السودان إلى قرار إداري أصدره ناظر الداخلية المصري عام 1902 بأحقية السودان بالمنطقة وبذلك ترفض اعتزام القاهرة التنقيب في سواحل المثلث. ولكن مصر كانت قد سيطرت على المثلث عسكريا عام 1995 ردا على محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا والتي اتهمت القاهرة فيها الخرطوم[6].
ومنذ ذلك الوقت لا زالت تجدد الخرطوم الشكوى سنويًا أمام مجلس الأمن حتى لا تسقط من الأجندة. مما يعني أن القضية لها جذور تاريخية عمرها أكثر من قرن ولكن وجود العديد من المصالح المشتركة منع الطرفين من إثارة القضية في السنوات الأخيرة. وبالفعل جدد السودان شكواه ضد مصر إثر هذه الحادثة.[7]
بيد أن مبعوث مفوضية الاتحاد الأفريقي محمد ولد لبات، قد تراجع عن اعتماد الاتحاد لأي خرائط تؤكد تبعية المثلث حلايب وشلاتين إلى مصر. وجاء ذلك ردًا على اعتراض السودان الشديد، مؤكدًا على أن تعديل حدود السودان كأي دولة لا يتم إلا بناء على حكم قضائي دولي لذا ليس من حق الاتحاد أن يقرر ذلك.
وقد أثار هذا الحدث الجدل حول ما إذا كان سيؤثر سلبًا على العلاقات المصرية السودانية وبشكل خاص على موقف السودان من قضية سد النهضة، والذي إذا تغير سيتسبب في عرقلة المفاوضات بشكل نهائي وبالتالي سيهدد الأمن المائي المصري المرتبط بالسد الإثيوبي. غير أن السلطات المصرية التزمت الصمت التام تجاه ما يصدر من السودان من مواقف وتصريحات.[8]
وقد أثار البعض الشكوك حول حيادية مفوضية الاتحاد الإفريقي حيث يرى بعض المحللين أن المفوضية تحاول إثارة الوقيعة بين القاهرة والخرطوم في هذا الوقت لعرقلة مدة مفاوضات سد النهضة مما سيصب في صالح أديس أبابا. ولكن اتضح أن كلًا من الدولتين لن يسمحا بتوتر العلاقات حاليًا فقد شهد شهر فبراير/شباط العديد من التطورات فيما يتعلق بقضية سد النهضة. حيث قامت السودان بتقديم اقتراح إلى الوسيط الكونغولي حول تطوير آلية مفاوضات سد النهضة من خلال تكوين رباعية دولية تشمل بجانب الاتحاد الأفريقي كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة للأمم المتحدة تحت رعاية وإشراف رئيس الكونغو فيليكس تسيسيكيلي.
وذلك بهدف دفع المسار التفاوضي قدمًا عن طريق معاونة الدول الثلاث في التوصل للاتفاق المنشود في أقرب وقت. وقد أعلنت مصر موافقتها على المقترح السوداني بعد زيارة الوفد الكونغولي لها.[9] وكما يشكل سد النهضة تهديدًا على الأمن المائي لمصر فإنه يشكل خطرًا كبيرًا على السدود السودانية في سنار والروصيص مما يهدد نظام الري الزراعي السوداني ويهدد حياة 20 مليون سوداني يعيشون أسفل سد الروصيص.[10] لذا يعتقد أن ارتباط المصالح السودانية بالمصالح المصرية فيما يتعلق بسد النهضة لن يسمح بتزايد التوترات بين الدولتين بسبب إثارة قضية حلايب وشلاتين في هذا الوقت.
ثمة حالة من عدم اليقين تسود الأداء الاقتصادي في مصر، وبخاصة في ظل موجة التشريعات الجديدة، التي تستهدف تحميل المواطنين بالمزيد من الأعباء الضريبية والرسوم، وكذلك توجه الحكومة للتوسع في الدين العام، وهو ما يدفعها لتكون حكومة جباية بالدرجة الأولى، ولا تنظر إلى اعتبارات التنمية، أو الأحوال المعيشية لأفراد المجتمع.
فلم يعد المواطن يستوعب التبعات السلبية لضريبة أو رسوم معينة، حتى تفاجئه الحكومة بعبء جديدة، يقلص من هامش امكانية تكيف المواطنين لأوضاعهم مع تصرفات حكومة السيسي.. وبطبيعة الحال تحول مجلس النواب إلى مجرد أداة للدفع بالتشريعات التي ترغب فيها الحكومة، وتثقل كاهل المواطنين، في حين أن الدور الطبيعي لمجلس النواب هو عكس ذلك تمامًا، فهو من يفترض أن يمارس دور رقابي على الحكومة، ويعمل على استيفاء المواطنين لحقوقهم، ويحاسب الحكومة على كل استحقاق من موارد عامة، وضرورة أن توظف في خدمة المواطنين.
وقد رصد الدفتر الاقتصادي هذا الشهر، عدة موضوعات، كان أبرزها قانون رسوم التسجيل في الشهر العقاري، وهي رسوم شغلت الشارع المصري بشكل كبير، ولكن الحكومة تقدمت للبرلمان لتأجيل العمل بالقانون لمدة عامين مقبلين، مما دعنا، لتأجيل تناوله.
وعلى على صعيد أخر، كان توجه الحكومة لفرض رسوم على ماكينات الري بالترع العامة، مثل نوع من غياب العدالة الاجتماعية، في ظل صدور تشريع أخر يقضي بإعفاء السندات الدولية من الضرائب، كما كان موضوع توسع الحكومة في الديون العامة مسار اهتمام التقرير هذا الشهر، لما يلقيه الأمر من قيود على متطلبات التنمية، واستهلاك مقدرات التنمية بمصر.
- أعباء جديدة على الفلاحين تعكس غياب العدالة الاجتماعية
قانون الري الجديد تضمن في المادة 38 منه، فرض رسوم على ماكينات الري المقامة على الترع العامة، بنحو 5 ألاف جنيه، وهذه الرسوم تخص فترة 5 سنوات[11]، وكما هو معلوم أن مصر تعاني من نقص بشكل عام في إنتاجها الزراعي والغذائي، وتعتمد بشكل كبير على استيراد الغذاء، وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم، باستيراد نحو 7 ملايين طن سنويًا. وفرض مثل هذه الرسوم على الفلاحين الذين يستخدمون الترع العامة، بلا شك يقلل من العائد على النشاط الزراعي للفلاحين في مصر.
وحسب بيانات التقرير السنوي للبنك المركزي عن عام 2018/2019، وجد أن الميزان التجاري للسلع الغذائية بدون الحبوب، يعاني من عجز بقيمة 2.9 مليار دولار، بينما الميزان التجاري للحبوب ومنتجات المطاحن، يعاني من عجز بقيمة 4.6 مليار دولار[12]، أي أن الميزان التجاري للغذاء لمصر في هذا العام يعاني من عجز بقيمة 7.5 مليار دولار. وهو ما يكفي لأن يكون دافعًا لأن تدعم الحكومة النشاط الزراعي، لتخفيف أعباء فاتورة الاستيراد من جهة، ومن جهة ثانية العمل على تأمين سلعة استراتيجية مثل الغذاء من تقلبات السوق الدولية، والعمل على رفع نسب الاكتفاء الذاتي منها، ولكن للأسف تأتي تصرفات حكومة السيسي في إطار جبائي، لا يأخذ في الاعتبار متطلبات التنمية.
ويعتبر قطاع الزراعة، من أكبر القطاعات المستوعبة للعمالة، حيث إنه يستوعب قرابة 25% من قوة العمل، ويضم الريف المصري، 52% من سكان مصر، ولا يتمتع الريف بكثير من الخدمات العامة، مثل الصرف الصحي، وكذلك باقي الخدمات في مجالات الصحة والتعليم، كما أن الاستثمارات في مجالات النشاط الاقتصادي الأخرى، عادة ما تكون خارج نطاق الريف.
وعلى الرغم من أن وزارة الري أوضحت أن الرسوم التي تضمنها قانون الري الجديد، لا تشمل ماكينات الري المنصوبة على المساقي الخاصة، وانما تشمل فقط ماكينات الري المنصوبة على الترع العامة، إلا أنها إجمالًا تعكس حالة من عدم العدالة الاجتماعية، وذلك من خلال معرفة بعض التصرفات والقوانين التي تعمل بها الحكومة المصرية.
فمؤخرًا تم إعفاء العوائد على السندات الدولية التي تصدرها مصر في الخارج[13]، والمعلوم أن مصر تشهد حالة نشطة على مدار السنوات السبع الماضية في إصدار السندات الدولية، وهو ما يعطي ميزة لحملة هذه السندات، بالإعفاء الضريبي، بينما من يعملون في نشاط إنتاجي، وهو الزراعة، والتي تحقق عوائد ربحية محدودة، تفرض عليهم مثل هذه الرسوم، فضلًا عن خضوع أرباحهم لكافة أنواع الضرائب والرسوم.
ومما يؤسف له كذلك أن ما يحصل عليه أعضاء مجلس النواب من مكافأت وجميع المتحصلات المالية نظير عضويتهم بالمجلس تعفى من الرسوم بناء على نص المادة 428 من اللائحة الداخلية للمجلس، والتي تنص على”تعفى أي مبالغ تدفع إلى الأعضاء من المجلس من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها. وفي جميع الأحوال، لا يجوز أن يزيد مجموع ما يتقاضاه رئيس المجلس، أو وكيلاه، أو أي من أعضائه، من موازنة المجلس، تحت أي مسمى، عن الحد الأقصى للأجور (42 ألف جنيه شهرياً)”[14].
وفي إطار النموذجين المطروحين مقارنة بقطاع الزراعة المصري، نجد أن المشرع المصري، وكذلك صانع السياسة الاقتصادية، لا يراعي قواعد العدالة الاجتماعية، وأن هناك ثمة تحيز لصالح أصحاب السندات الدولية، وهم في غالبيتهم من الأجانب، أي أن الدولة المصرية تعفي الأجانب من ضرائب مستحقة لنشاط لا يعتبر بأي حال من الأحوال إلا كونه نشاطًا ريعيًا. ولا يمكن تفسير هذا السلوك للحكومة المصرية بإعفاء هذه السندات من الضرائب، إلا وقوعها تحت ضغط ضرورة الاقتراض من الأسواق الخارجية لهذه السنوات، وأنها تعاني من موقف ائتماني ضعيف، وتحاول أن تقدم المزيد من المزايا للمقرضين، بجانب سعر الفائدة المرتفع على هذه السندات، لكي يقبلوا على الاكتتاب فيها.
وكذلك الحال بالنسبة لأعضاء مجلس النواب، فهم في غالبيتهم من ذوي الدخول العالية، وليسوا بحاجة لإعفاء ضريبي، بل كان الأولى بهم أن يترفعوا عن هذا الإعفاء، والغريب أن مجلس النواب ألغى هذا الأعفاء بخصوص أعضاء مجلس الشيوخ. فمتى تعيش مصر حالة من العدالة الاجتماعية تراعى فيها طبيعة الأنشطة الاقتصادية، وكذلك تراعى فيها كافة الشرائح المجتمعية.
- دوامة الدين العام تستهلك مقدرات الاقتصاد المصري
أصبح الدين العام أهم مقومات تمويل الاقتصاد الحكومي المصري، وتشير إحصاءات الدين العام الصادرة عن المؤسسة الرسمية المصريةإلى تصاعد قيمة كل من الديون العام المحلي وكذلك الدين العام الخارجي، وخلال الأسبوع الأخير من فبراير 2021، تناولت وسائل الإعلام ما تضمنته نشرة السندات الدولية، التي طرحتها مصر في بورصة لوكسمبورج، والتي تضمنت التزامات مصر من سداد ديون خارجية بنحو 21.4 مليار دولار خلال عام 2021، منها 10.2 مليار دولار مستحقة السداد في النصف الاول، و11.2 مليار دولار مستحقة في النصف الثاني. إلا أن أغلب هذه الأموال المستحقة لسداد الديون، وقدرها 17.2 مليار دولار واجبة السداد لدول الخليج، (السعودية 7.5 مليار دولار، الإمارات 5.7 ملياردولار، الكويت 4 مليارات دولار)[15].
وإذا ما نجحت مصر في سداد التزاماتها من ديون خارجية في 2021،فإنها مطالبة بسداد 14.5 مليار دولار في هذا الإطار في عام 2022، وهو ما يعني أن مصر أصبحت في دوامة من الديون تستنزف الكثير من مقدراتها الاقتصادية، وبخاصة في ظل اقتصادها الضعيف.. وكانت مصر قد طلبت غير مرة من دول الخليج تأجيل سداد مستحقتها من مديونية مصر الخارجية، وقد تلجأ مصر خلال عام 2021 إلى نفس المطلب، مما يعني ترحيل هذه الديون لفترة قادمة، وكانت معظم هذه الديون مجرد ودائع مستحقة لدول الخليج في البنك المركزي المصري، بسعر فائدة صفر، إلا أنه في عام 2018، عندما حان وقت سدادها، وطلبت مصر تأجيل السداد، أصبحت ديون مقابل سعر فائدة 3.5%[16].
وحسب بيانات البيان المالي لموازنة عام 2020/2021، فإن الفوائد المستحقة على الدين العام (المحلي + الخارجي) تصل إلى 566 مليار جنيه[17]، وبما يمثل 33% من إجمالي الإنفاق العام المقدر بنحو 1.7 تريليون جنيه. إلا أن الحكومة المصرية خلال النصف الثاني من عام 2020، أسرفت في الاقتراض الخارجي بمعدلات كبيرة، حيث حصلت على نحو 8.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي فقط، بسبب أزمة كورونا، فضلًا عن حصولها على قروض أخرى من سوق السندات الدولية، ولجوئها لإصدار سندات محلية بالدولار واليورو، وهو ما يعني أن فاتورة فوائد الديون العامة المصرية ستكون أكبر مما قدر في موازنة 2020/2021، والتي مقرر لها أن تنتهي في 30 يونيو 2021.
والمشكلة في ارتفاع فاتورة فوائد الديون، أنها أصبحت أكبر بند في مخصصات الإنفاق العامة بالموازنة العامة للدولة، وهو ما يعني أن الإنفاق على باقي بنود الإنفاق العام من تعليم وصحة وبنية أساسية سوف يتأثر سلبيًا، أو على أقل تقدير، فإن الفرصة البديلة هي أن هذه الأموال المسددة بفاتورة فوائد الديون كان أولى بها قطاعات التعليم والصحة والبنية الأساسية، من أجل تحسين مستويات المعيشة لأفراد المجتمع، وكذلك خفض معدلات الفقر، التي قدرت بنحو 8.5 مليون أسرة فقيرة خلال الفترة الماضية.
ولا يعرف الدين العام المصري حالة الاستقرار أو التراجع، منذ فترة طويلة، وبخاصة بعد الانقلاب العسكري في يوليو 2013، حيث تزايدت معدلات الدين العام بشكل كبير، فعلى صعيد الدين المحلي قفز الدين من 1.4 تريليون في يونيو 2013 إلى 4.3 تريليون في يونيو 2020، كما قفز الدين الخارجي خلال نفس الفترة من 43 مليار دولار إلى 123 مليار دولار[18].
وليس هذا فحسب، بل توسعت كذلك الحكومة المصرية في فتح الباب على مصراعيه، لاستثمارات الأجانب في الدين العام المحلي، ومؤخرًا صدرت بيانات عن وزارة المالية المصرية، تفيد أن قيمة هذه الاستثمارات بلغت الآن 28.5 مليار دولار..بما يكتنف مثل هذه الاستثمارات من مخاطر الدخول والخروج السريع، لأنها أموال ساخنة، تحركها أسعار الفائدة في أي مكان.. ولكن حكومة السيسي تلجأ لهذه الوسيلة لتأمين استقرار سعر صرف الجنيه، وإن كان المقابل هو تحمل المزيد من فاتورة فوائد الديون بالموازنة العامة للدولة.
ولا توجد آلية من قبل الحكومة لتعامل جذري مع أزمة الديون، ولكنها تلجأ فقط إلى استبدال الديون طويلة الأجل، بالديون قصيرة الأجل، ولا تقدم برنامج لتخفيض قيمة هذه الديون، أو سدادها، وهو ما يعني تحميل الأجيال القادمة بأعباء كبيرة.
والملاحظ على أزمة المديونية في مصر، أنها لا تنعكس على أداء الاقتصاد القومي، بشكل إيجابي، وكذلك حياة المواطنين، فعلى صعيد الاقتصاد القومي، لاتزال الحكومة توجه جزء كبير من هذه الديون، لسداد الديون القديمة، أو سد عجز الموازنة، أو دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي، أو التوجة لمشروعات لا تعد من أولويات احتياجات التنمية في الوقت الحالية، مثل الكباري والأنفاق والطرق، وغيرها من المشروعات.
كما أن تنفيذ هذه المشروعات في جزء كبير منها يتم من خلال مؤسسات الجيش، وهو ما يعني أن شريحة محدودة من المجتمع المصري هي من تستفيد بشكل كبير من الإنفاق على هذه المشروعات.. أما على مستوى المجتمع، فقد لوحظ أن الحكومة كثيرًا ما تتحدث عن ارتفاع قيمة الناتج المحلي الإجمالي وكذلك ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، ولكن في نفس الوقت تزداد معدلات الفقر بالمجتمع، حيث وصل عدد الأسر الفقيرة إلى 8.5 مليون أسرة فقيرة، في نفس الوقت الذي تقدم في الحكومة برامج هزيلة للدعم لنحو 3500 مليون أسرة فقيرة فقط، بنحو 450 جنيه في الشهر للأسرة المكونة من 4 أفراد.
وسوف يكون من الصعب أن تستغني الحكومة المصرية عن الديون، سواء من الداخل أو الخارج، لعدد أسباب، منها سواء الإدارة الاقتصادية، ووجود فجوة تمويلية بالموازنة العامة للدولة تقدر بنحو 28 مليار دولار سنويًا، وكذلك وجود عجز مزمن في ميزان تجارة السلع والخدمات. ولذلك تلجأ الحكومة سنويًا لاقتراض ما يعادل نحو 18 مليار دولار من السوق المحلي، ونحو 10 مليارات دولار من السوق الخارجي.
- في ظل غياب قاعدة بيانات صرف الدفعة الثالثة للعمالة غير المنتظمة
في إطار الحماية الاجتماعية التي تقدمها حكومة السيسي، للمضارين من أزمة كورونا، شرعت الحكومة في صرف الدفعة الثالثة وقيمتها 500 جنيه مصري، لكل مستفيد من العمالة غير الرسمية، بعد أن عانى المجتمع المصري من الآثار السلبية لجائحة كورونا. وتعد العمالة غير الرسمية، والتي تستفيد من هذه الإعانة، هي الشريحة التي تمثل الأكثرية بين قوة العمل المصرية، ولكن للأسف لا تتوفر لدى الحكومة قاعدة بيانات كافية عن هذه العمالة، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة عن مدى عدالة توزيع هذه الإعانة،
ومن جهة ثانية، على الرغم من أن الجائحة قد بدأت من ديسمبر 2019، واستغرقت عام 2020 بكامله، ولازالت آثارها قائمة، إلا أن الحكومة لم تقدم هذه الإعانة بشكل شهري مستمر، ولكنها قدمتها على ثلاث دفعات فقط، ولنفرض أن المستفيدين منها معروفين لدى الحكومة، ولا يتغيرون، فمعنى هذا أنهم حصلوا على الإعانة بقيمة 500 جنيه، كل حوالي 5 أشهر تقريبًا، وهو ما يعني أن الشخص المستفيد، حصل على قرابة 100 جنيه شهريًا في المتوسط، من يناير 2020 وحتى فبراير 2021.
ولا يحتاج الأمر إلى إيضاح عن حجم المأساة التي يعانيها الفقراء بمصر، وبخاصة من هذه الشريحة من العمالة، التي لا تتمتع بأي نوع من الحماية، من التأمين الصحي أو الاجتماعي، وانما هي عرضة لكثير من التقلبات الاقتصادية والاجتماعية، التي تفرضها طبيعة النشاط الاقتصادي، أو تفرضها الكوارث العامة، كما حدث في جائحة كورونا.
ولا تحظى هذه الفئة من العمالة بوجود نقابات عمالية تحمي حقوقهم، أو تطالب ببيئة عمل أفضل لهم في سوق العمل، أو تهيئ لهم وثائق تأمين تتناسب مع طبيعة عملهم، كما كشفت هذه الشريحة من العمالة المصرية، فشل مشروعات حكومة السيسي في أمر ادعائهم لتوسع قاعدة الاقتصاد المنظم.
المقدمة
وافق مجلس النواب خلال جلسات انعقاده في شهر فبراير الماضي على ست مشروعات قوانين مقدمة من الحكومة، تضمنت: قانون تعديل بعض أحكام قانون المرور، وقانون لائحة مجلس الشيوخ، وقانون بإعفاء عوائد السندات التي تُطرح للاكتتاب في الخارج من كافة الضرائب والرسوم، وقانون بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء وَضحايا القوات المسلحة، وقانون بإنشاء البوابة المصري للعمرة، ومشروع قانون بِإرجاء تطبيق قانون تطبيق الشهر العقاري لمدة عامين.
كما وافق المجلس على سبع قرارات جمهورية منها 6 اتفاقات دولية، وقعت عليها الدولة خلال عام 2020.
وأخيرًا أحال مجلس النواب مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى لجنة الشؤون الدستورية لدراسته وإعداد تقرير بشأنه، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا لما فيه من تعديلات لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية كما صرح بذلك عدد من علماء الأزهر، كما أثار استياء عدد كبير من المجتمع لما فيه من تفاصيل نتعرض لها خلال هذا التقرير.
مشروعات القوانين التي أقرها المجلس
- وافق مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973.[19]
وجاء في التعديلات: “يُفرض رسم تُحدد فئاته بجدول الرسوم والضرائب الملحق بقانون المرور عن كل عام، للترخيص بتسيير المركبات من قسم المرور المختص، وتحدد فئات هذا الرسم بالجدول المرفق بالقانون، على أن يزداد سنويًا بنسبة 6% من أصل قيمة الرسم المفروض بما لا يجاوز ثلاثة أضعاف الحد الأقصى للرسم”.
أثارت هذه النسبة (6%) جدلًا واعتراضًا من بعض النواب، كما نالت اعتراض شعبي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث تثقل كاهل المواطن، وتضيف عليه أعباء مالية ليس في حاجة إليها الآن، وخاصة بعد استحداث رسم سنوي جديد لا يقل عن 75 حنيه، ضمن شروط الترخيص، وهو تثبيت ملصق إلكتروني يصرف للمركبة بصورة دائمة.
وأوجبت التعديلات، سحب رخصة تسيير المركبة عند عدم وضع أو تثبيت الملصق المرورى الإلكترونى المنصرف للمركبة، أو إتلافه أو إخفائه، أو نقلة لمركبة أخرى أو العبث به بما يفقده صلاحيته، ووضعت عقوبات للمخالف.
ونص القانون على المعاقبة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف وخمسمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلًا مخالفًا لما ورد بالقانون.
أثارت كذلك عقوبة الحبس جدلًا، داخل وخارج البرلمان، حيث تُعتبر العقوبات السالبة للحريات غير ملائمة، وينبغي حذفها، وخاصة مع ازدحام الطرق وكثرة المخالفات التي قد ترد، فتسبب ضررًا بالغًا للكثير من الناس الذين قد يتسبب الحبس بقطع أرزاقهم.
- وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون لائحة مجلس الشيوخ.[20] ويُذكر أن اللائحة مكونة من 292 مادة، مقسمة إلى 12 بابًا، ورد الكثير من أحكامها مرددًا للأحكام الواردة باللائحة الداخلية لمجلس النواب.
وقد وافق المجلس على تعديل نص المادة 284 من مشروع قانون اللائحة، والتي تتعلق بإعفاء مكافآت أعضاء مجلس الشيوخ من الضرائب، بحذف الإعفاء من نص المادة، بعدما لاقت معارضات عديدة تفيد بأنه مناف للمساواة.
ومن المعلوم، أن مكافآت أعضاء مجلس النواب لا تخضع للضرائب، وبغض النظر عن وجود نية للتقدم بإجراء تعديل على لائحة المجلس الداخلية، وفق تصريحات رئيس كتلة حزب مستقبل وطن، فإن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر كلية. ففي حين يُثار نقاش حول ضرائب مثل هذه الفئات، فإن الحكومة ومن ورائها مجلس النواب لا يتهاون كل حين وآخر ففي فرض رسوم إضافية على كاهل المواطن، آخرها رسوم لصالح صندوق أسر الشهداء، كما سيأتي ذكره.
وفيما يخص المادة 234 من مشروع قانون اللائحة، والتي تتعلق بسفر العضو إلى الخارج، فقد أقرها المجلس، وفيها “ألا يُسمح للعضو السفر إلا بعد إخطار رئيس مجلس الشيوخ بالجهة التي يرغب بالسفر إليها، ولرئيس المجلس حق الاعتراض”، كما تحظر على العضو المشاركة في أي لقاءات مع جهة أجنبية إلا بإذن كتابي من رئيس المجلس.[21]
وقد شهدت المادة المذكورة أعلاه حالة واسعة من الجدل، إذ يحق لكل مواطن حسب الدستور، حرية التنقل والسفر، وقد جاءت الموافقة على المادة إحكامًا لقبضة بوليسية غير مبررة أو مقنعة، على عكس ما أشار إليه بعض النواب أنها تمنع مشاركة أعضاء في مؤتمرات معادية للدولة.
- وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإعفاء عوائد السندات التي تُطرح للاكتتاب في الخارج من كافة الضرائب والرسوم.[22]
وقد دارت مناقشات حول ما أكده رئيس لجنة الخطة والموازنة، أن وزارة المالية طرحت سندات دولارية في أسواق المال العالمية منذ 10 أيام تقريبًا، بقيمة 3.75 مليار دولار، أي قبل التصديق على مشروع القانون، وتم الاكتتاب فيها.
فتمت إضافة بند لاستثناء هذه المعاملات من القانون، ينص على “أن يتم التجاوز على الضرائب والرسوم المستحقة على عوائد السندات المشار إليها في المادة الأولى من هذا القانون التي تم إصدارها قبل تاريخ العمل بالقانون”.
لا شك أن هدف الحكومة من هذا القانون، تسهيل بيع السندات الحكومية، وجلب البنوك الأجنبية للاستكتاب، خاصة وأنها تعتمد بنسبة كبيرة على السندات مؤخرًا لسد عجز الموازنة العامة للدولة، وذلك بطرح سندات بعملات أجنبية في الخارج، وهو إن أسهم في سد العجز الحالي فإنه يثقل كاهل الدولة مستقبلًا بكثرة هذه الديون.
- وافق مجلس النواب بشكل نهائي على مشروع قانون مقدم من الحكومة، بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء صندوق تكريم شهداء وَضحايا ومفقودي ومصابى العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 2018.[23]
تتضمن هذه التعديلات تحصيل رسوم إضافية لصالح الصندوق كالتالي:
“تُفرض ضريبة قيمتها خمسة جنيهات على الخدمات أو المستندات التي تقدمها أو تصدرها الجهات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته، وشركات قطاع الأعمال العام، والشركات المملوكة بالكامل للدولة أو التي تساهم فيها بنسبة تزيد على 50% بناء على طلب. وتشمل اشتراكات النوادي، وتذاكر الرحلات الجوية، وعقود المقاولات والتوريدات، وطلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية”.
“كما تُفرض ذات الرسوم على حضور المباريات الرياضية والحفلات والمهرجانات وغيرها من ذات الأنشطة، إذا زاد سعر التذكرة عن خمسين جنيه فأكثر”.
“تخصم شهريًا نسبة خمسة من عشرة آلاف من رواتب العاملين بالجهات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته، وشركات قطاع الأعمال العام، وما يتبع هذه الشركات والهيئات من وحدات ذات طابع خاص والصناديق الخاصة، والعاملين لدى الأشخاص الاعتبارية الخاصة الذين تسري بشأنهم أحكام القانون الخاص بالعمل”.
“يهدف القانون إلى خدمة ورعاية كاملة لأسر هؤلاء الضحايا من العسكريين، من تعليم حكومي وخاص، وتوظيف للأبناء، وعلاج، ورحلات حج وعمرة، إلى غير ذلك من المزايا التي يتحملها المواطن من خلال إشراكه الإجباري في تحصيل عوائد هذا الصندوق”.
وفي ذات الوقت حُرمت أسر الضحايا من الفرق الطبية أو غيرها من القطاعات المدنية من تلك المزايا، وهو ما أثار غضب العديد من القطاعات الطبية على وجه التحديد.
- وافق مجلس النواب على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإنشاء البوابة المصري للعمرة وتنفيذ الشركات السياحية رحلات العمرة في مجموعه، وأحاله إلى مجلس الدولة للمراجعة.
جاء هذا القانون، لإحكام سلطة الدولة على هذا قطاع أعمال الحج والعمرة، ليكون التنظيم والترخيص من خلال الدولة حصرًا، بشروط وضعها القانون تخص تنظيم الرحلات، وأعداد المعتمرين والحجاج المسموح بها حسب ما تقره الوزارة المختصة، ووضع الدولة كطرف وسيط في العقد بين شركات السياحة والجانب السعودي.[24]
العقوبات التي تُطبق على المخالفين لهذا القانون، سواء شركات سياحية أو أفراد، تصل إلى غرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه، وسحب ترخيص الشركات المخالفة، وتؤول هذه الأموال إلى وزارة المالية وصندوق السياحة.
يتعلق هذا القانون بتحصيل هدفين من جانب الدولة، بالتدخل لإدارة وتنظيم قطاع مثل الحج والعمرة، لإضافة دخل ليس بالقليل للخزانة العامة للدولة بسبب رسوم التسجيل والمخالفات التي تجر عوائد ضخمة بلا شك، ثم تقليل أعداد الحجاج والمعتمرين، نظرًا لمنع كافة الشركات والأفراد من السفر إلا من خلال هذه البوابة، وحسب شروطها ولوائحها والتي تختلف قطعاً عن العمل المعهود من قبل.
- وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون بِإرجاء العمل بقانون رقم 186 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون رقم 114 لسنة لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري.[25] ووافق المجلس على إلغاء الفقرتين الرابعة والثامنة من المادة ٤٢ من القانون المتعلق بالضريبة على الدخل.
ويأتي ذلك على صدى حالة غضب كبيرة داخل الشارع المصري، بتطبيق تعديلات على قانون يفيد بفرض رسوم وضرائب جديدة على العقارات، يحصل مجموعها حوالي 10% من قيمة العقار، بعد فترة قصيرة من تحصيل رسوم التصالح.
وثد اعتادت الحكومة في عهد قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، على هذه السياسة التي أنهكت المواطنين تحت دعوى إصلاح أوضاع خاطئة، يتحمل وزرها الشعب وحده.
وقد أصدر السيسي قرارًا بتأجيل هذه الضرائب لمدة عامين، مع إضافة بعض التعديلات عليها، وجاء قرار مجلس النواب لاحقًا له، لامتصاص حالة الاحتقان لحين إشعار آخر.
جدل حول قانون الأحوال الشخصية …
تقدمت الحكومة المصرية بمشروع قانون لإصدار قانون الأحوال الشخصية، والذي يشمل جميع المصريين، عدا غير المسلمين، وأحيل القانون إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان. وتشمل مواد القانون أحكام الخِطبة وعقود الزواج، وقواعد الأهلية والولاية، وكذلك قواعد انتهاء الزواج بالطلاق أو الفسخ أو التفريق، وكذلك أحكام النسب، والنفقة، والحضانة، والولاية على المال، والوصاية، والحجر، والعقوبات لمخالفي الأحكام[26].
أثارت بعض المواد المتعلقة بالزواج، والمعاقبة على مخالفة القانون، جدلًا واسعًا، فوفقًا للقانون، يُعاقب بالحبس سنة وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، كل من امتنع عن تسليم بيان الدخل الحقيقي خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ استلامه قرار أو تصريح المحكمة أو إعلانه بذلك قانونًا.
كما يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة و بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين كل زوج يتزوج من أخرى بدون إعلام الأولى، ويُعاقب بذات العقوبة المأذون المختص إذا لم يقم بالإخطار بالزواج الجديد.
أضاف القانون أعباء جديدة على المرأة كذلك، إذ يعطي القانون الحق لولي المرأة أن يرفع دعوى فسخ عقد الزواج خلال عام إذا رأى عدم وجود تكافؤ في الزواج أو حصولها على مهر غير مناسب.
كما ينص القانون على عدم جواز سفر الأم الحاضنة بأطفالها دون موافقة كتابية من الطرف غير الحاضن، وهو الأب. وكذلك عدم قدرتها على استخراج أي أوراق رسمية للأطفال أو اتخاذ قرارات الولاية التعليمة دون إذن كتابي من الطرف غير الحاضن.[27]
وقد لاقى القانون حالة من الجدل الواسع، إذ يبدو معبرًا عن رؤية الحكومة بل السيسي إن صح التعبير، للحالة التي ينبغي أن يكون عليها الأسر المصرية، وليست المرة الأولى التي يتناول السيسي فيها هذا الأمر إذ شهد حديثه عن الزواج والطلاق وتحديد النسل حالة رفض قبل ذلك.
أثار القانون مسألة مهمة وهي دور الأزهر، وهو المنوط به الفصل في الشؤون الدينية بحسب الدستور المصري، والتي من أهمها لا شك الأحوال الشخصية التي تنص عليها نصوص متعددة في الشريعة الإسلامية، ما دفع البعض إلى القول أن مثل هذا القانون يجب أن يصدر عن مؤسسة الأزهر حصرًا، كما هاجم القانون عدد من علماء الأزهر وتوعدوا بالمقاضاة من أجل إبطاله.
أبرز القرارات الجمهورية والاتفاقات التي أقرها مجلس النواب
- وافق مجلس النواب نهائيًا على القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 2020 بتعديل بعض فئات التعريفة الجمركية.[28]
كما وافق المجلس على ستة اتفاقات دولية كالتالي:
- قرار جمهوري رقم 696 لسنة 2020، بشأن الموافقة على الخطابات المتبادلة بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة اليابان، بشأن تقديم الحكومة اليابانية للحكومة المصرية، منحة قدرها مليار ين يابانى، للمساهمة فى تنفيذ برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الموقعة بتاريخ 21/10/2020.
- قرار جمهوري رقم 730 لسنة 2020 بشأن الموافقة على الخطابات المتبادلة بين حكومة جمهورية مصر العربية والوكالة الإسبانية للتعاون الدولى من أجل التنمية بشأن تقديم الوكالة منحة للحكومة المصرية بمبلغ 200 ألف يورو، لتمويل مشروع “دعم تهيئة بيئة عمل آمنة تحقق المساواة للمرأة في قطاع السياحة في جمهورية مصر العربية”.
- قرار جمهوري رقم 697 لسنة 2020 بشأن الموافقة على التعديل الرابع لِاتفاقية منحة المساعدة بين مصر والولايات المتحدة، بشأن تحفيز التجارة والاستثمار في مصر.
- قرار جمهوري رقم 698 لسنة 2020 بشأن الموافقة على اتفاق منحة ( مساعدة فنية ) بين جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بشأن مشروع تحديث الخط الأول لمترو القاهرة – مرحلة التحديث الأولى بمبلغ 3 ملايين و5 آلاف يورو ، الموقع بتاريخ 2020/10/21 .
- قرار الجمهوري رقم 718 لسنة 2020، بشأن الموافقة على مذكرة التفاهم مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة للتعاون المشترك، من خلال منصة للتعاون وآلية للتنسيق بين بلدان الجنوب من أجل إفريقيا بمصر.
- قرار جمهوري رقم 723 لسنة 2020 بشأن الموافقة على خطاب الاتفاق بين جمهورية مصر العربية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية بشأن تقديم منحة بقيمة لا تتجاوز 750 ألف دولار أمريكي من خلال الصندوق الائتماني المتعدد المانحين لدعم إدارة مواجهة التلوث وصحة البيئة لتمويل مشروع “الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة”، الموقع بتاريخ 26/10/2020.[29]
شهد شهر فبراير 2021م عِدَّة أحداث فكريَّة وثقافيَّة، كان أبرزها هو ذلك الجدل الذي أثارته مناقشة برلمانيَّة حول حذف الآيات القرآنيَّة من المناهج الدراسيَّة، ثم وفاة المستشار طارق البشري، والذي كان رحيله عن عالمنا فرصه لتسليط الضوء على مشروعه الفكري.
حذف الآيات القرآنيَّة من المناهج الدراسيَّة
في منتصف فبراير، ذكر نائب وزير التربية والتعليم أمام البرلمان أنَّ السيسي قد وَجَّه الوزارة بحذف الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة الشريفة من مادتي اللغة العربيَّة والتاريخ، واقتصارها على مادة الدين فقط، بذريعة أنَّ وجودها ضمن المنهج يعمل على نشر “الأفكار المتطرّفة”. وأعلن موافقة الوزارة على اقتراح بشأن تدريس مادة جديدة تتضمَّن القِيَم المشتركة بين الدين الإسلامي والمسيحيَّة واليهوديَّة[30].
اللافت أنَّ هذا الموضوع – الذي تقدَّم به النائب القبطي «فريدي البياضي» – قد تمَّت مناقشته في لجنة الأمن القومي، وليس في لجنة التعليم المُختصَّة بمناقشة مثل هذه الموضوعات، كما حَمَل في طيَّاته تناقضًا لا يُمكِن تجاهل دلالاته، ففي الوقت الذي طالب فيه البياضي بتنحية الأثر الديني “الإسلامي” من المناهج الدراسيَّة، نراه يَنتقِد ما وَصَفه بوجود “حالة من التجاهل للحقبة القبطيَّة في مناهج التاريخ”[31].
وبغض النظر عن ما يمثله هذا الطرح من استهانةٍ بمعتقدات أغلبيَّة الشعب المصري، وربطٍ بين القرآن الكريم والتطرُّف والعنف، فإنَّ خطورة هذا الموضوع تنبع من كونه يَتعرَّض للمناهج الدراسيَّة التي تساهم في تشكيل عقليَّة المواطن المصري وصياغة هويَّته، وتؤثر في صناعة شخصيَّته وتحديد مَسَاراته السلوكيَّة والفكريَّة المستقبليَّة، ويُعدُّ حلقة في سلسلة المحاولات الرامية إلى طمس الهويَّة العربيَّة الإسلاميَّة لمصر.
ويُمكِن فهم دوافع رأس النظام لتبنّي هذا التوجُّه في ضوء رغبته المستميتة في الحفاظ على بقائه المرتبط بدعم القوى الكبرى، وعلى رأسها أمريكا، بالإضافة إلى حِرصِه على استرضاء الكنيسة المصريَّة التي تُعدُّ عنصرًا مهمًّا في تحديد طبيعة علاقته بأمريكا والغرب، وهو ما يَتسِق في الوقت نفسِه مع حربه الشرسة على الدين تحت راية “التجديد”، لِمَا يحويه الدين من تعاليم تحث المسلم على مواجهة الاستبداد والفساد، وتطالبه بمواجهة الظلم والعدوان، وتُطلِعه على حقوقه المشروعة في التمتُّع بحياة آدميَّة كريمة.
وإذا كانت مناهج التربيَّة الدينيَّة واللغة العربيَّة والتاريخ هي التي تُصَاغ من خلالها الشخصيَّة العربيَّة والإسلاميَّة، فإنَّ أمريكا كانت – وما تزال – تبحث عن طريقة للسيطرة على هذه الشخصيَّة، وذلك عبر تغيير هويَّتها، ولهذا فهي تضغط على الأنظمة العربيَّة من أجل إعادة صياغة المناهج الدراسيَّة وتغييرها إلى الشكل الذي يَضمَن تحقيق الهدف الأمريكي، وهو “استنساخ شخصيَّة جديدة لا تمثل تهديدًا أو تحديًّا للولايات المتحدة الأمريكيَّة”[32]. ومنذ عام 2001م وأمريكا تجاهر بأنَّ الإبقاء على تلك المناهج دون تغيير يُولِّد مزيدًا من العداء لأمريكا وإسرائيل.
أمَّا الكنيسة فقد دَعَت من قبل إلى حذف الآيات القرآنيَّة من المنهج الدراسي المصري، ودَشَّنت حملة توقيعات ضخمة بين الأقباط لمطالبة الحكومة المصريَّة بحذف النصوص القرآنيَّة من المناهج الدراسيَّة بالمدارس المصريَّة. وذكرت تقارير صحفيَّة أنَّ ذلك كان “استجابة لتوصيات مؤتمر الهيئة القبطيَّة الهولنديَّة ومنظمات أقباط المهجر التي طالبت بإبعاد النصوص الإسلاميَّة من القرآن والسُّنَّة والشعر والتاريخ من مناهج التعليم المصريَّة، خاصَّة مناهج اللغة العربيَّة والدراسات الاجتماعيَّة وكراسات الخط العربي”[33].
وثمَّة دراسة أمريكيَّة تؤكِّد التوافق الأمريكي-الكنسي على تغيير المناهج المصريَّة وحذف الأثر الديني منها، وهي الدراسة التي أعدَّتها مجموعة من الخبراء، ورُفِعت إلى جهاز الأمن القومي الأمريكي، وحَمَلت عنوان: “الجوانب النفسيَّة للإرهاب الإسلامي”. وترى الدراسة وجوب إيجاد صيغة ملزمة للتعاون بين أمريكا والدول العربيَّة فيما يَخصُّ تغيير المناهج الدراسيَّة، واعتبرت أنَّ الصورة السلبيَّة عن أمريكا وإسرائيل هي التي تشكِّل البذرة الأولى للأفعال “الإرهابيَّة”، ومن ثمَّ ينبغي تغيير المناهج التي تحض على “كراهية” اليهود والعالم الغربي، خاصَّة مفهوم “الجهاد” الذي ترى أنَّه يدعو إلى القيام بأعمال إرهابيَّة. ووَصَفت الدراسة تاريخ المسلمين بـ”الدموي” وأبطالهم وشهداءهم بـ”القتلة”[34].
وقد أوصت الدراسة صانع القرار الأمريكي بعِدَّة توصيات، أبرزها ما يلي:
- ضروة التدرُّج في مناهج التعليم الديني بمصر والعالم العربي بحيث يبدأ التدريج من المرحلة الابتدائيَّة، بحيث تتغيَّر مادة “التربيَّة الدينيَّة” لتكون مادة “الثقافة الدينيَّة” التي تركِّز على فضائل الديانات اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام، والتأكيد على دور كلِّ الأديان في بناء الحضارة الإنسانيَّة.
- تغيير موضوعات المطالعة والنصوص في مادة اللغة العربيَّة،بزعم أنَّ هذه الموضوعات تكرّس الكراهية للآخرين وتحض الأطفال على تذكُّر تاريخهم “الدموي” في الحروب ضد الآخرين، وهو ما يَدفع هؤلاء الأطفال إلى عدم التعاون مع مَن يسمونهم أعداء.
- ضروة تغيير مناهج التاريخ والتركيز على تاريخ العلم والثورات العلميَّة والعادات والتقاليد دون الحديث عن مراحل الاستعمار أو تقديم القتلة على أنَّهم أبطال وشهداء، بل يجب ترسيخ إيجابيَّات الحضارة الغربيَّة ودورها الرائد في التأثير على الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة.
- تدريب المدرسين والروَّاد والمسؤولين عن التعليم على هذه المفاهيم الجديدة حتى يُمكِن نقلها بشكل جيّد للطلاب، وذلك عن طريق استقدام هؤلاء المدرسين إلى أمريكا وتدريبهم على التأقلم مع هذه المفاهيم والأفكار الجديدة[35].
وقد رَصَد الخبير التريوي، د. حسّان عبدالله، مظاهر استجابة النظام الانقلابي للمطالب الأمريكيَّةالمتمثلة في تغيير المناهج الدراسيَّة وعلمنتها منذ استيلائه على السلطة، وحَدَّدها في النقاط التالية:
- انزواء الدين في المناهج والمقررات؛ حيث ندرة النصِّ الديني في مقررات اللغة العربيَّة، وخلو دروس النحو والصرف من الشواهد القرآنيَّة.
- الاعتماد على الصور كمنهج خفي، يريد واضعوه غرسه في الوجدان اللاشعوري للتلميذ، ليَنطلِق بعد ذلك في صورة سلوك، ومثال ذلك اختفاء صور المحجبات، وزيادة الصور التي تؤكِّد على العلاقات المختلطة.
- تقديم الظواهر الطبيعيَّة في مناهج العلوم على أنَّها تخضع لأسباب ماديَّة فقط، ولا ترتبط بأيّ بعد إيماني أو غيبي، وحذف الآيات التي تربط بين هذه الظواهر والخالق.
- تحيُّز العلوم النظريَّة للنموذج العالمي العلماني على حساب الديني الأصيل الإسلامي، كالإبقاء على حقوق الطفل في الإعلان العالمي للأمم المتحدة وحذف الجزء الخاص بحقوق الطفل في الإسلام.
- تمييع العداء الإسرائيلي-المصري لتحييد العدو في الوجدان المصري وتفريغه من العداء الاستراتيجي لعدوّه الأصلي، والغياب التام لأيّ درس عن القدس أو القضية الفلسطينيَّة.
- التحيُّز للنموذج العلماني والاستشراقي في عِدَّة مواضع، كان أبرزها تجنُّب ذكر لفظة “الإسلاميَّة” كوصف لازم للحضارة واستبدالها بـ”العربيَّة”.
- إلغاء فكرة الخلافة الإسلاميَّة ولفظها في مناهج التعليم واستبدالها بالدولة، ووَصْف فترة وجودها بالضعف، والزعم بأنَّها سبب في حالة التخلُّف والانهيار الذي تعاني منه مصر[36].
وهكذا يَتضِح لنا أنَّ حذف الأثر الإسلامي من المناهج الدراسيَّة جزء من خطة أمريكيَّة مُعلَنة، ولا يخلو من أثر طائفي، وأنَّ الهدف هو طمس الهويَّة الإسلاميَّة، وإلَّا فما الذي يُمكِن أن تمثله الآيات التي تتحدَّث عن حُسْن الخلق وطاعة الله ومعجزات الخالق من خطورة؟! وما هي مكامن الخطر في قوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آلعمران/133] حتى يُطالِب البعض بحذف الآية مخافة أن يُفسِّرها مدرس الفصل “غير المؤهل” تفسيرًا يُحوِّلها إلى منطلق للتطرُّف والكراهية والعنف والإرهاب؟!
نعم، قد تكون مراجعة المناهج الدراسيَّة بشكل دوري ضروريَّة لمسايرة التقدُّم العلمي، وقد نحتاج إلى مراجعة المناهج الدينيَّة أيضًا من أجل تجديد حقيقي للدين، ولكن يَنبغِي أن تنبع هذه المراجعة من مصلحةٍ وطنيَّةٍ خالصةٍ، وليس لمصلحة أطراف خارجيَّة أو داخليَّة ترغب في تغيير هويَّة الدولة والسيطرة على مواطنيها.
طارق البشري ومشروعه الفكري
في 26 فبراير، توفي المستشار طارق البشري عن 88 عامًا، وهو قاض وفقيه دستوري ومُفكِّر ومُؤرّخ وداعية إصلاح سياسي، ويُعدُّ واحدًا من أبرز المفكِّرين المعاصرين في مصر والعالم العربي.وكان قد تولَّى منصب النائب الأوَّل لرئيس مجلس الدولة، ورئاسة الجمعيَّة العموميَّة لقِسمَيْ الفتوى والتشريع بالمجلس، ورئاسة لجنة تعديل الدستور بعد ثورة يناير 2011م.
وُلِد البشري عام 1933م لأسرة تُعرَف بالعلم والأدب، فقد كان جَدُّه سليم البشري شيخًا للأزهر، وكان والده عبدالفتاح البشري رئيسًا لمحكمة الاستئناف، وكان عمُّه عبدالعزيز البشري أديبًا كبيرًا.
تخرَّج البشري في كليَّة الحقوق عام 1953م، وعُيّن بعدها في مجلس الدولة، واستمر في العمل بالقضاء إلى أن تقاعد عام 1998م، ليَتفرَّغ بعد ذلك للعطاء الفكري الذي خلَّفه لنا في مؤلفات عديدة، أبرزها: «الحركة السياسيَّة المصريَّة 1945-1952م»، «المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنيَّة»، «بين الإسلام والعروبة»، و«نحو تيَّار أساسي للأمَّة».
وقد سَاهمت عناصر عِدَّة في التكوين الفكري للبشري، أهمها المناخ الثقافي العام للمجتمع الساعي للاستقلال، ونظام التعليم الرسمي، والقراءة الحُرَّة، والتأثر ببعض أعلام عصره وكبار مفكريه. وأوصلته مصادر التكوين هذه بروافد التراث العربي الإسلامي من ناحيةٍ، وبروافد الفكر الغربي وتيَّاراته الفكريَّة والسياسيَّة من ناحيةٍ أخرى، وهو ما جَعَله يَفصِل بين الشأن العام الذي ينظر إليه نظرة علمانيَّة والشأن الخاص الذي ينظر إليه على أساس أخلاقي ديني. وتَعمَّق التوجُّه العلماني لديه مع تَعمُّقه في قراءة الفكر السياسي والفلسفي الغربي واطلاعه على تاريخ الحركات السياسيَّة الغربيَّة والثورات الاشتراكيَّة العالميَّة وما ارتبط بها من حركات تحرريَّة، وظهرت تجليَّات هذا الفكر في كتاباته الأولى ومقالاته التي نشرها في مجلات مثل «الطليعة» و«الكاتب» و«روزاليوسف»[37].
مَرَّ البشري في بداياته بطور المُؤرّخ ذي التوجهات اليساريَّة، فوَلَج عالم الفكر من باب التاريخ، فهو يتبنَّى في هذه المرحلة المنهج الاشتراكي العلمي مرجعيَّة لتحليلاته، ولا يَرى للهويَّة دوائر ثابتة تمثل منطلقًا لفعل، بل دوائر تاريخيَّة يطلبها التاريخ فتجيب، من هنا نجد عنده التجاور بين الأمميَّة الاشتراكيَّة وبين القوميَّة المصريَّة والعروبيَّة في آن واحد، بينما ظلَّت الإسلاميَّة حديث تاريخ واستئناسًا وليس أصلًا على مستوى المرجعيَّة[38]. وكانت قراءة البشري للتاريخ الوطني تقوم على التفسير الاقتصادي الطبقي القائم على مركزيَّة مقولة “الاستغلال الاقتصادي”، ولهذا كان يُوجِّه نقده إلى الأحزاب والجماعات الممثلة لمصالح كبار المُلَّاك ويَعتبرها إضاقة سلبيَّة إلى الحركة الوطنيَّة ومطالب الاستقلال.
كانت هزيمة 1967م نقطة فارقة في مسيرة البشري الفكريَّة، فقد دفعته إلى مراجعةٍ أعقبها تحوُّل من خندق النخبة المتغربة الداعية للتغريب إلى خندق النخبة الداعية إلى التجديد على أسس الإسلام ومقاصده، وانعكست هذه النقلة على منهجيَّته في البحث والنظر، وعلى معاييره في الحكم على الأمور وتقديرها، وكذلك على رؤيته لذاته وللعالم من حوله. وخلص البشري بعدها إلى أنَّ النموذج العلماني لا يَعِي للجانب العقيدي والحضاري حَقَّه، ووَجَد أنَّ العلمانيَّة تُفقِده الهويَّة، لأنَّها تنفي البُعْد الروحي والعقيدي معًا، ومن ثمَّ تُفقِد الشخصَ إرادة الاستقلال التام[39]. يقول البشري: “من هنا بدأت استعادتي لهويَّتي، وبَدَا لي الفكر العلماني في مأزق لأنَّه يُؤدِّي إلى تجريد الإنسان من هويَّته المرتبطة بعقيدته وحضارته”[40]. وقد ظهرت بوادر هذا التحوُّل في مقالةٍ له عن التجديد في التشريع الإسلامي في مصر، والتي أثبت فيها أنَّ الشريعة صالحة لمعالجة مشاكل الواقع، مستشهدًا بالمجالات التي لم تخضع للقوانين الوافدة، مثل الميراث والأحوال الشخصيَّة.
وثمَّة ركائز يقوم عليها المشروع الفكري لطارق البشري، وفي فلكها تدور أفكاره وآراؤه، وقد رَصَدها الباحث ممدوح الشيخ[41]، ويُمكِننا تلخيصها في النقاط التالية:
- الاستقلال الوطني: كانت وجهة البشري منذ البداية هي قضيَّة الاستقلال الوطني، وأساس هذا الاستقلال هو الشعور بالهويَّة المتميّزة، وأساس هذه الهويَّة هو الإسلام. ولهذا فإنَّ إرادة الاستقلال الوطني لا تعني امتلاك لقمة العيش فقط، وإنَّما تعني – قبل ذلك – شعور الجماعة بتميّزها وترابطها وإحساسها بالانتماء المشترك، وهو ما يأتي من الجانب العقدي، فالفكرة الإسلاميَّة مكوّن تأسيسي في أيّ عمليَّة بناء اجتماعي أو سياسي للجماعة الوطنيَّة.
- ثنائيَّة الموروث والوافد: يَرى البشري أنَّ آفة الافات التي تعاني منها مجتمعات الأمَّة الإسلاميَّة هو الازدواجيَّة بين “الموروث” و”الوافد”، ويَقصِد بالموروث “ذلك الفكر الذي عشنا به، وضم برحابته تاريخًا طويلًا بحضارته ونهضته حينًا وبانحداره وجموده حينًا”. أمَّا الوافد فقصد به الفكر الذي جاء في ركاب الاستعمار الذي دهمنا في فترة الركود. ويؤكِّد البشري على أنَّ الموروث ليس هو سبب ما عانيناه في القرون المتأخرة، وأنَّ جهود الإحياء المعاصرة لجوانب هذا الفكر تكشف عن أنَّ التسليم بذلك أبعد عن الحقيقة. ومثال ذلك هو التجديد في عمليَّة التشريع الإسلامي، حيث جَرَى هذا التجديد في مصر بما يتمشى مع العصر من خلال الفقه الإسلامي نفسِه، وأنَّ هذه الحركة كانت سَتُفضِي إلى إيجابيَّات كثيرة لو أنَّها وَاصَلت إلى مجال المعاملات، ولكن هذا المجال اقتطع من الشريعة منذ وفود القانون المدني الفرنسي وسَرَيانه في مصر.
- ثنائيَّة الثابت والمُتغيّر:رَسَم البشري حدود العلاقة بين “الثابت” و”المُتغيّر”لبَيَان ما يعنيه بالموروث، وذلك لمواجهة ما يَتبنَّاه بعض الإسلاميّين من تقديس للموروث وعدم التفريق بين “الثابت” فيه و”المُتغيّر” من ناحيةٍ، والقراءة المغرضة لعلمانيّين متشدِّدين اعتبروا مُجرَّد الحديث عن دور للموروث في الحاضر رِدَّة ورجعيَّة،فأكَّد على أنَّ الموروث يَنقسِم إلى ثوابت ومُتغيّرات، ممثلًا لذلك بالشريعة والفقه، فالشريعة هي الأحكام التي وضعها الله تعالى، وهي وضع إلهي لا يَتغيَّر، أمَّا الفقه فهو معرفة الأحكام الشرعيَّة المُتعلِّقة بأفعال العباد، ولابد أن يساير مقتضيات الحياة المُتغيّرة.
- بناء التوافقات ومَدِّ الجسور: يَرى البشري أنَّ من أخطر الانقسامات هو الانقسام بين التيَّار الوطني العلماني وبين تيَّار الإسلام السياسي، وهو ما جَعَل العلاقة بين التيَّارين تتجاوز حدود القطيعة وتَصِل إلى حَدِّ الغربة والوحشة. ولرأب الصدع، لابد من إيجاد صيغة للتلاقي لتكوين التيَّار السياسي الحضاري الغالب في أمَّتِنا، وهو ما يلزمه قيام درجة من التقبُّل الفكري العقيدي العام من كلِّ تيَّار تجاه الآخر، وهو ما يَتحقَّق بالجدل والحوار ونزع خواص التنافي بين الاتجاهات الفكريَّة الغالبة، وهي التيَّار الإسلامي والتيَّار القومي والتيَّار الليبرالي.
- مركزيَّة التحدِّي الغربي: يولي البشري اهتمامًا كبيرًا للتحديَّات الخارجيَّة المتمثلة في المواجهة التاريخيَّة بين الحضارتيْن العربيَّة الإسلاميَّة والغربيَّة، ويَرى أنَّه ما من مُعضِل في تاريخنا إلَّا ويبدو لهذا العنصر تأثير فيه. ويَرى أنَّ تفوُّق الغزاة فرض ضرورة التعلُّم عنهم لمواجهتهم، وهو ما وَلَّد مشكلة ضرورة الأخذ عنهم ومقاومتهم في الوقت نفسِه. ومثال ذلك استيراد نمط الدولة المركزيَّة وكأنَّه عمل إصلاحي، في حين أنَّ هذا النظام قضى على المؤسَّسَات والكيانات التي يُمكِن لدولة الاستقلال الاعتماد عليها في إنفاذ سياساتها.
- ضرورة تجسير العلاقة بين العروبة والإسلام: يَرى البشري أنَّ الانقسام بين التيَّار الوطني العلماني والتيَّار الإسلامي من أخطر الانقسامات التي تعاني منها الحركة الوطنيَّة في العالم العربي، وأن “الفارق الأساسي بين الإسلام السياسي والقوميَّة العربيَّة بمفهومها الغالب الآن هو العلمانيَّة”[42]، فالعلماني العربي يَرى أنَّ ابتعاد الدنيا عن الدين كبُعْد الأرض والسماء. ولإيجاد جسر للتواصل بين التيَّاريْن، فإنَّ البشري لا يُناقِش العلماني القومي في تفكيره، بل في نظرته إلى غيره، فيؤكِّد على أنَّ الدعوة العربيَّة تنوَّعت مواردها، وليس من الصواب اتخاذ النموذج الشامي الذي قامت فكرته على الانسلاح عن الجامعة الإسلاميَّة كنموذج وحيد للفكرة العربيَّة. كما أنَّ بناء مستقبل الوطن ليس حكرًا على تصوُّرات التيَّار العلماني السياسيَّة والاجتماعيَّة، خاصَّة إذا نظرنا إلى حداثة نشأته وانحسار شعبيَّته وتجاربه الفاشلة التي لم تستفد منها الأمَّة.
- حتميَّة التجديد الفقهي: يَرى البشري أنَّ الفقه ينطوي على مادة عظيمة الخصوبة، ودِقَّة في الصياغة الفنيَّة مدهشة، وقابليَّة للتجاوب مع ظروف الزمان والمكان، ولكن الأزمة تكمن في الجمود الراجع إلى تقديس الآراء وتغليب روح التعصُّب. ومع ذلك فإنَّ التجديد الفقهي لم يتوقف، ولكنه كان أبطأ من حركة المجتمع، وزاد من الأزمة أنَّ حركة التجديد هذه تزامنت مع الضربة التي وُجّهَت للشريعة الإسلاميَّة في نهايات القرن التاسع عشر.
- تقويم مَسَار الحركات الفكريَّة: يَرى البشري أنَّ “الظرف التاريخي وأوضاع التحدي التي تقوم أمام الجماعة وأمام الإسلام هي ما تُولِّد أسلوب المواجهة للدفاع عن الإسلام بوصفه كيانًا حيًّا، وهي التي تُحدِّد وسائل الدفاع وأدواته”، ومن هنا لابد من النظر في ثنائيَّة التحدِّي والاستجابة في ظِلِّ خصائص الظرف التاريخي، والغاية هنا هي اختبار مدى ملائمة الصيغ العصريَّة الوافدة للواقع وحركته في مجتماعتنا. ويَنطلِق البشري من هذا الطرح إلى تقسيم تيَّارات الإصلاح التي تصدَّت لمشكلات البيئة الإسلاميَّة إلى ما هو “ضال” و”فاسد” وما هو مستجيب للمشكلات الحقيقيَّة والتحديات الأساسيَّة للواقع، ممثلًا للأوَّل بمَن يتجاهل خصائص الدعوة الإسلاميَّة الإصلاحيَّة ويجعل من المعايير الغربية ميزانًا والإسلام موزونًا، وممثلًا للثاني بمَن يُجنِّب المجتمع التعارضوالصراع بتمسُّكِه بواحديَّة الدين وشؤون الدنيا، وواحديَّة الجماعة والفرد.
كانت هذه هي ركائز المشروع الفكري للمستشار طارق البشري– رحمه الله – بعد استعادته لهويَّته الإسلاميَّة، وهو المشروع الذي حاول من خلاله تشخيص أزمات الأمَّة ووَصْف ما تعانيه من انقسامات والإسهام في محاولات رأب الصدع، وهو ما ظهر في كتاباته التي كانت إضافة قيّمة إلى جهود التجديد الفكري في عالمنا العربي الإسلامي.
شهدت الساحة الإعلامية المصرية لهذا الشهر تغيبًا لبعض الوجوه الإعلامية المقربة من السلطة، والتي اعتاد النظام استخدامها في الترويج لسياساته، والدفاع عن مؤسساته. واختلفت الأسباب التي أدت إلى تغيب كل منهم. فقد استمر غياب وائل الإبراشي، المذيع بالتليفزيون الرسمي المصري، وذلك بسبب إصابته بفيروس كورونا وتدهور حالته الصحية.
وبعد أن انتشرت شائعات حول وفاته،[43] أعلنت على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك تعافيه من الفيروس وسلبية المسحة الخامسة،[44] وكان من المنتظر أن يعود الإبراشي للشاشة خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، كأحد أبرز الوجوه في المنظومة الإعلامية التي يعتمد عليها نظام قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، إلا أنه حتى الآن لم يعد للظهور. وبطبيعة الحال، فإن السبب هو مضاعفات إصابة رئتيه بعد هذه الفترة الطويلة من المرض.
لم يتوقف برنامج الإبراشي -الذي نُقِل إلى التلفزيون المصري أوائل العام الماضي، ضمن خطة من النظام لتطوير الإعلام الرسمي للدولة-[45] وحل محل الإبراشي، يوسف الحسيني، عضو مجلس النواب الحالي، والذي عاد إلى الشاشة بعد فترة غياب مؤقت.[46]
الإعلامي الثاني الذي غيبته الأقدار عن الشاشة معظم أيام الشهر الماضي، كان عمرو أديب، أحد أقرب الإعلاميين للنظام والذي عادة ما يستخدمه السيسي حينما يريد أن يطل على الشعب عبر مكالمة هاتفية.[47] تغيب أديب عن الشاشة بعد تعرضه لحادث سير بجوار مدينة الإنتاج الإعلامي،[48] ورغم خروجه من المستشفى بعد ساعات من الحادث؛ إلا أنه لم يتمكن من العودة للشاشة إلا في أواخر الشهر الماضي، حيث كان يعاني من مضاعفات الحادث. وبخلاف الإبراشي، فقد تعطل برنامج “الحكاية” الذي يقدمه أديب على فضائية ” MBC مصر” إلى حين رجوعه.[49]
الإعلامي الثالث كان تامر أمين، الذي لم يتغيب جراء ظروف قهرية كسابقيه، إنما صدرت عدة قرارات بحقه من مؤسسات تابعة للنظام، تقضي بوقفه عن العمل. ففي أحد حلقات برنامجه، وفي سياق حديثه عن أضرار الزيادة السكانية – الموضوع الذي ركز على إعلام النظام بشكل مكثف هذا الشهر- أساء الإعلامي المذكور إلى شرائح واسعة من الشعب المصري، حين وجه إهانات لأهل الصعيد وأهل الريف.
وجاء على لسان أمين أن “هناك نسبة كبيرة في مناطق الريف والصعيد ينجبون أولادًا وبناتًا، ليعول الابن أو الابنة الوالدين، فحين يبلغ الولد سن 6 أو 7، يتم إلقاؤه في ورشة لتعلم حرفة ما، وفي الصعيد يرسلون البنات إلى القاهرة ليعملن خدامات”.[50] تبع هذا التطاول الواضح على شريحتين تمثلان معظم أفراد شعب مصر، انتقادات شعبية واسعة، تمثلت في انتشار وسوم تهاجم المذيع وتصريحاته،[51] وحملة تلغرافات إلكترونية مرسلة إلى “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام”، لاتخاذ إجراءات رادعة ضد الإعلامي.[52]
كما أصدر بعض النواب في برلمان النظام بيانات شجب وإدانة، وقدموا طلبات إحاطة تخص الأمر، وطالبوا وزير الإعلام المصري بالتدخل لوضع حد لمثل هذه الحوادث.[53] وعلى هذا، صدر قرار من نقابة الإعلاميين المصرية بوقف تامر أمين عن العمل،[54] وأصدر نقيب الإعلاميين المصريين بيانًا أعلن فيه استدعاء أمين للتحقيق في الكلام الذي اعتبرته النقابة خروجًا عن ميثاق الشرف الإعلامي ومدونة السلوك المهني.
كذلك قرر “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام” وقف أمين واستدعاءه للتحقيق معه، مؤكدًا على ضرورة الالتزام بمدونات النشر التي تحض على تعظيم القيم السلوكية والأخلاقية.[55] ومن جانبها، قررت إدارة قنوات “النهار” –التي يعمل بها أمين، إحالته إلى التحقيق، وخصم شهر من راتبه وإيداع المبلغ مؤسسة خيرية،[56] كما أصدرت بيانًا تعتبر فيه تصريحات مذيعها “خطأ غير مقصود”، وأكدت فيه رفضها التام للمساس بأهل الصعيد والوجه البحري.[57]
وربما كان من الضروري فعلًا أن تتحرك المؤسسات التابعة للنظام – سواء بشكل رسمي أو غير رسمي – لاحتواء الغضب الشعبي؛ في وقت تزداد فيه المشاكل الداخلية والخارجية للنظام. ومن المتوقع، أن تحدث إعادة تدوير لهذا الإعلامي، حيث إنه من الوجوه الثابتة في إعلام النظام منذ سنوات.
وقد حدث ذلك له أكثر من مرة في أكثر من نافذة تلفزيونية، بعد أن حمل خطابه تطاولًا على الشعب، وعلى بعض الشخصيات العامة.[58] لكن الأكيد أن النظام إذا شعر باستمرار المعارضة الشعبية القوية لظهور هذا الإعلامي، فإنه لن يجازف بإعادة تدويره سريعًا.
انتخابات نقابة الصحفيين.. يستعد أعضاء نقابة الصحفيين المصرية هذه الأيام لانتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة، حيث من المفترض أن يختاروا نقيبًا ونصف أعضاء المجلس البالغ عددهم 12 عضوًا. وقبل أسابيع، أبدى صحفيون أملهم في أن يعلن النقيب السابق، يحيى قلاش، ترشحه لمنصب النقيب، حيث إنه محسوب على تيارات المعارضة واليسار، ولديه القدرة على منافسة النقيب الحالي ضياء رشوان.[59]
لكن قال مقربون منه أنه لا ينوي خوض المنافسة، لاقتناعه التام بأن النظام لن يقبل فوزه. وبالفعل، لم يقدم قلاش نفسه كمرشح لمنصب النقيب، لتشمل بذلك قائمة المرشحين على منصب نقيب الصحفيين كلًا من: ضياء رشوان من جريدة الأهرام، ورفعت رشاد من جريدة أخبار اليوم، وسيد الإسكندرانى من جريدة الجمهورية، وطلعت هاشم من جريدة مصر الفتاة، وكارم يحيى من جريدة المشهد، ومحمد مغربي من جريدة الشعب.[60]
وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات برئاسة الصحفي خالد ميري، موعد الاجتماع الأول للجمعية العمومية يوم 5 مارس، ويوم 6 مارس الإعادة على منصب النقيب؛ إلا أن ذلك لم يتم بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، لذلك تم تأجيل انتخابات النقابة إلى يوم الجمعة 19 مارس/ آذار الجاري.[61]
وبالتأكيد، فإن السلطة التي أتت عن طريق الانقلاب على الشرعية الدستورية، لن تجعل أي عملية انتخابية – ولو كانت محدودة – أن تمر دون تدخل منها. وربما يكون التدخل الأول في هذا السياق هو وجود العديد من الصحفيين خلف القضبان، بتهم تتعلق بممارستهم لمهنتهم.
فوفق آخر إحصاء صادر عن المرصد العربي لحرية الإعلام، فإن هناك 15 صحافيًا نقابيًا قابعين خلف القضبان، كما أن هناك عددًا آخر من الصحفيين والمصورين والإعلاميين الذين لم يسجلوا عضويتهم في النقابة بعد، ليصل بذلك العدد الإجمالي للإعلاميين المصرين المعتقلين إلى 76 صحفيًا نقابيًا وغير نقابي.[62]
وفي محاولة للتذكير بقضية هؤلاء المعتقلين، وللتأكيد على حقهم في الخروج من السجون، والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الجارية، أعد صحفيون مصريون تصويتًا موازيًا، وشكلوا قائمة انتخابات بأسماء زملائهم في السجون المختلفة.
التصويت الموازي ترشح فيه على منصب نقيب الصحفيين كل من الكتاب الصحفيين السجناء: مجدي أحمد حسين، ومصطفى صقر، وخالد داوود. ولعضوية المجلس فوق 15 عامًا، ترشح الصحفيون المسجونون: عامر عبد المنعم، وهشام فؤاد، وبدر محمد بدر، ومحسن راضي. ولعضوية تحت 15 عامًا، ترشح كل من الصحفيين السجناء: حسن القباني، وحسام مؤنس، ومصطفى الخطيب، وأحمد سبيع، وأحمد شاكر، وإسراء عبد الفتاح، وسيد شحتة، وهاني جريشة.[63]
كما أصدر المرصد العربي لحرية الإعلام بيانًا بهذا الشأن، جاء فيه: “من المؤسف أن تجرى انتخابات النقابة بينما يغيب عدد كبير من الصحفيين خلف جدران السجون، بينهم 15 صحافيًا من أعضاء نقابة الصحفيين، كما يغيب قسريًا عشرات غيرهم في المنافي بعدما تعذر بقاؤهم داخل مصر بسبب الملاحقات الأمنية عقابًا لهم على عملهم المهني أو ممارستهم لحقهم في التعبير عن الرأي بطرق سلمية”.[64]
وحيث إن نقابة الصحفيين نفسها، تحت إدارة ضياء رشوان، لم تدافع عن أيٍ من الصحفيين المعتقلين، فكان من الطبيعي أن ينتقد المرصد الدور السلبي الذي تلعبه النقابة ضد أبنائها. حيث قال البيان: “لقد عانى الصحفيون كثيرًا خلال السنوات القليلة الماضية، وافتقدوا دور نقابتهم في الدفاع عنهم، خلافًا لتراث نقابي تليد في الدفاع عن المهنة والزملاء مهما كانت توجهاتهم السياسية والفكرية”.
كما اتهم بيان المرصد نقابة الصحافيين -باستثناء بعض أعضاء المجلس- بالمشاركة خلال الفترة الماضية في شرعنة العديد من الانتهاكات بحق الصحافة والصحفيين. وفيما يبدو، فإن نقيب الصحفيين القادم لن يأتي من خارج عباءة النظام، حيث من الواضح أن السلطات الأمنية لن تسمح بذلك، وربما يتم التجديد للنقيب الحالي، باعتباره الاسم الأقوى في المرشحين الحائزين على الموافقة وربما الدعم من السلطة.
“كلوب هاوس” وضبط التواصل الرقمي..
لا يخفى انزعاج السلطة الانقلابية من أي نافذة تعلي من شأن حرية الرأي والتعبير، أو توفر فرصًا للمارسة هذه الحرية بعيدًا عن القبضة الأمنية لأجهزة النظام.
وخلال فبراير/ شباط الماضي، حدثت طفرة كبيرة في عدد مستخدمي تطبيق البث الصوتي “كلوب هاوس”، وذكرت شركات متخصصة أن التطبيق شهد زيادة في التنزيلات العالمية من 3.5 ملايين إلى 8.1 ملايين تنزيل، ما بين 1 و16 فبراير/ شباط. كما انضم إلى التطبيق العديد من المشاهير البارزين، على المستوى العالمي والمحلي.[65]
ومن الواضح أن هذا الانتشار الواسع للتطبيق – الذي سمح بالتواصل الصوتي على مستوى واسع بين فئات شعبية مختلفة وأطياف سياسية متنوعة- قد أزعج السلطات في مصر، وأشعرها بالخطر. لذلك استخدمت السلطات في مصر والخليج “الذباب الإلكتروني” للتحذير من التطبيق، وانتشرت على موقع “تويتر” حملات مصرية وخليجية، تصف التطبيق بالخطر على الأمن القومي، ونشر الأفكار الهدامة واستخدامه لهدم الأوطان.[66]
كما هاجم أحد أبرز إعلاميي النظام التطبيق قائلًا: “هذا التطبيق عبارة عن غرف سرية لاجتماعات مغلقة”. وأشار إلى أنه يستخدم في أغرض “إرهابية” حسب وصفه. وقد ادعى هذا الإعلامي – المقرب من السلطة- أنه تمكن من اختراق اجتماع لـ”مجموعة إخوانية” على تطبيق كلوب هاوس، وأنه يمتلك محادثات لهذه الأفراد، سوف ينشرها في الوقت المناسب.[67]
لكن ربما المثير للسخرية، هو أنه هاجم التطبيق دون معرفة طريقة عمله، حيث إن المحادثات فيه علنية ومفتوحة للجميع، ولا تحتاج إلى “اختراق” كي يتم الوصول إليها.
وجاء على نافذة إعلامية أخرى أن “التطبيق أخطر من مجرد تطبيق، لأن الحقيقة أن فيه أفكارًا متطرفة وتحريضية”. وأن المعارضين يستخدمونه لغسل الأدمغة، بعد عدم تمكنهم من فعل ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي التقليدية، حسبما ادعت الإعلامية.[68]
وبالتزامن مع هذا الصعود لتطبيق “كلوب هاوس” دعا السيسي إلى “حوكمة قانونية لوسائل التواصل الاجتماعي ومحتواها، الذي يؤثر بصورة كبيرة على الداخل والخارج”، واعتبر أن تنامي قدرة الأفراد على التواصل الرقمي مع انتشار جائحة كورونا “يمثل تهديدًا على الحكومات والأنظمة.
حديث السيسي جاء في اجتماع لرؤساء المحاكم الدستورية والمجالس الدستورية الأفريقية، حيث قال: “تجب الحوكمة القانونية لوسائل التواصل الاجتماعي، ووضع الأطر القانونية المنوط بها تنظيم عمل المنصات الإلكترونية، وكذلك التعامل مع قواعد البيانات الضخمة، والمعلومات الشخصية لمواطنينا”.
وخلال حديثه اعتبر السيسي أن “التوجه المتسارع وغير المسبوق نحو التحول الرقمي في مجتمعاتنا من أهم التحديات الناشئة عن جائحة كورونا”، وهو ما يتطلب –في رأيه- التعامل مع تلك المتغيرات من خلال “تنظيم التعاملات والتفاعل الرقمي للأفراد والكيانات، ووضع الإطار القانوني المنظم للتعامل معها”.[69]
وتؤكد تصريحات السيسي هذه على انزعاجه من وسائل التواصل الاجتماعي، واعتباره أنها مصدر لتهديد حكمه. كما إنها تشير إلى أنه ربما يتخذ برلمان النظام خطوات في هذا السياق خلال الفترة المقبلة، خصوصًا مع تأكيد السيسي على الدور التشريعي في مسألة ضبط وسائل التواصل الاجتماعي.
المصادر:
[1]المصري اليوم، “وزير خارجية إسرائيل يستضيف وزير البترول: “مصر شريك استيراتجي”،21 فبراير/شباط 2021.
الأناضول،”وزير البترول المصري يزور إسرائيل، 1 فبراير/شباط 2021.
[2]الجزيرة، “الغاز القادم من إسرائيل إلى مصر.. تساؤلات عن الجدوى والوجهة، 20 يناير/كانون الثاني 2020.
[3]الجزيرة: “تطوير اتفاقيات الغاز بين مصر وإسرائيل.. من يتضرر ومن المستفيد؟، 23 فبراير/شباط 2021.
[4]العربي الجديد، اتفاق “غازغزة”: مصر تقطع الطريق على تركيا، 25 فبراير/شباط 2021.
[5]شبكة نبض، السودان: اعتماد الاتحاد الإفريقي لحلايب ضمن خريطة مصر جريمة، 19 فبراير/شباط 2021.
[6]الأناضول،”حلايب.. 60 عاما من النزاع الحدودي بين مصر والسودان، 25 مارس/آذار 2019.
[7]الجزيرة: “بسبب حلايب وشلاتين، السودان يجدد شكواه الأممية ضد مصر، 24 فبراير 2021.
[8]العربي الجديد، “الاتحاد الأفريقي يتراج ععن اعتماد خريطة ضمّ حلايب وشلاتين إلى مصر، 20 فبراير/شباط 2021.
[9]اليوم السابع، “مصر تؤيد مقترح السودان لتطوير مفاوضات سد النهضة من خلال تكوين رباعية دولية، 24 فبراير 2021.
[10]اليوم السابع، “السودان: إصرار إثيوبيا على ملء سد النهضة يهدد حياة 20 مليون مواطن، 25 فبراير/شباط 2021.
اليوم السابع، “مدير سد الروصيرص : عدم الاتفاق على ملء سد النهضة يشكل خطورة على السودان، 27 فبراير/شباط 2021.
[11]مباشر، “الري” المصرية حقيقة استحداث رسوم 5 آلاف جنيه لاستخدام ماكينات رفع المياه، 27/2/2021.
[12]البنك المركزي المصري، التقرير السنوي 2018/2019، ص 75 و77.
[13]العربي الجديد، مصر: النواب يعفي نفسه من الضرائب ويفرضها على الشيوخ، 15/2/2021.
[14]المصدر السابق.
[15]جريدة البورصة، نشرة السندات: 21.4 مليار دولار التزامات خارجية على مصر في 2021 معظمها ودائع عربية، 23/2/2021.
[16]العربي الجديد، الإمارات تؤجل سداد وديعتين على مصر بـ 4 مليارات دولار مقابل رفع الفائدة، 30/7/2018.
[17]وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة العام المالي 2020/2021، ص 28.
[18]وزارة المالية المصرية، البيان المالي الشهري، عددي يناير 2017،ويناير 2021.ص 38 و39.
[19] بوابة الأهرام. مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات أحكام قانون المرور. 9 فبراير .
[20] بوابة الأهرام. مجلس النواب يوافق نهالئياً على لائحة الشيوخ. 16 فبراير
[21] اليوم السابع. النواب يوافق نهائياً على لائحة الشيوخ. 16 فبراير
[22] بوابة الأهرام. النواب يوافق على إعفاء عوائد السندات من الضرائب والرسوم. 16 فبراير
[23] جريدة الوطن. النواب يوافق على تكريم ضحايا العمليات الإرهابية. 16 فبراير.
[24] بوابة الأهرام. البرلمان يوافق نهائياً على قانون بوابة العمرة. 28 فبراير.
[25] مبتدأ. البرلمان يؤجل العمل بقانون الشهر العقاري. 3 مارس 2021
[26] بوابة الأهرام. كل ما تريد معرفته عن قانون الأحوال الشخصية الجديد. 25 فبراير
[27] bbc.مصر تعديلات قانون الأحوال الشخصية. 2 مارس 2021. https://bbc.in/3biXGjr
[28] بوابة الأهرام. البرلمان يوافق على تعديل التعريفة الجمركية. 9 فبراير 2021
[29] موقع مجلس النواب المصري. حصاد الأسبوع الأول شهر فبراير . 9 فبراير 2021
[30]شبكة رصد، السيسي يوجه بحذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من المواد التعليمية، 15 فبراير 2021م، https://rassd.com/494546.htm
[31]المصدر السابق.
[32]كمال حبيب، الخطط الأمريكية لتغيير مناهج التعليم في العالم الإسلامي، إسلام ويب، 16 ديسمبر 2002م، https://www.islamweb.net/ar/article/33928
[33]فدا مصر، الكنيسة تجمع حملة توقيعات لإلغاء النصوص القرآنية بالمدارس، 13 فبراير 2010م، http://fedamasr.blogspot.com/2010/02/blog-post_1016.html
[34]كمال حبيب، مصدر سابق.
[35]المصدر السابق.
[36]بوابة الحرية والعدالة، خبير تربوي يكشف الوجه العلماني للمناهج في ظل الانقلاب، 7 أكتوبر 2014م، https://fj-p.com/190532
[37]طارق البشري القاضي المفكر، تحرير: د. إبراهيم البيومي غانم، القاهرة، دار الشروق، 1999م، ص87-88.
[38]الشيخ، ممدوح. طارق البشري: القاضي.. المؤرخ.. المفكر.. وداعية الإصلاح، بيروت، مركز الحضارة، 2011م، ص100.
[39]طارق البشري القاضي المفكر، ص93.
[40]ليلى بيومي، حوار مع طارق البشري، مجلة المختار الإسلامي، القاهرة، العدد 182، 1418هـ/1998م، ص48.
[41]انظر: الشيخ، ممدوح. مصدر سابق، ص187-220.
[42]البشري، طارق. القومية العربية والإسلام: موقف النخبة وموقف الجماهير، مجلة المستقبل العربي، بيروت، العدد 36، 1981م، ص67.
[43] البيان الإلكترونية، حقيقة وفاة الإعلامي المصري وائل الإبراشي بكورونا، 3 يناير/ كانون الثاني 2021
[44] الصفحة الرسمية لوائل الإبراشي، بعد المسحة الخامسة.. تعافي الإعلامي وائل الإبراشي من كورونا، 28 يناير/ كانون الثاني 2021
[45] مصراوي، عودة الإبراشي.. تامر مرسي ينشر برومو تطوير التلفزيون المصري (فيديو)، 21 يناير/ كانون الثاني 2020
[46] الوطن، يوسف الحسيني يؤدي اليمين الدستورية بـ«النواب»، 12 يناير/ كانون الثاني 2021
[47] برنامج الحكاية، تحدث عن جميع الملفات الداخلية والخارجية لمصر.. المداخلة الكاملة للرئيس عبدالفتاح السيسي في (الحكاية)، 7 فبراير/ شباط 2021
[48] العين الإخبارية، بالصور: عمرو أديب يتعرض لحادث سير في مصر.. وغموض حول حالته الصحية، 17 فبراير/ شباط 2021
[49] الوطن، «MBC مصر» تعلن عودة عمرو أديب للشاشة غدا، 25 فبراير/ شباط 2021
[50] تلفزيون أورينت، غضب في مصر بعد إهانة الإعلامي تامر أمين أهالي الصعيد، 20 فبراير/ شباط 2021
[51] بوابة الوفد الإلكترونية، بسبب إهانتهم.. “الصعايدة خط أحمر” موجة غضب بين أهالي الصعيد ضد تامر أمين، 19 فبراير/ شباط 2021
[52] العربي الجديد، مصر: عقوبات بالجملة بحق تامر أمين، 20 فبراير/ شباط 2021
[53] المصري اليوم، هجوم على تامر أمين داخل «النواب» بسبب إهانة الصعيد.. و«جبالي» يرفض الحديث، 28 فبراير/ شباط 2021
[54] جريدة الشروق، نقيب الإعلاميين: إيقاف تامر أمين وإحالته للتحقيق، 19 فبراير/ شباط 2021
[55] موقع مصراوي، 3 قرارات جديدة.. الأعلى للإعلام يصدر بيانا بشأن أزمة تامر أمين، 21 فبراير/ شباط 2021
[56] جريدة المصري اليوم، قناة النهار: خصم راتب شهر لـ«تامر أمين» والتبرع به لمؤسسة خيرية، 19 فبراير/ شباط 2021
[57] جريدة الوطن، عاجل.. قناة النهار تفتح التحقيق مع تامر أمين وتعتذر لأهالي الصعيد، 19 فبراير/ شباط 2021
[58] موقع النهار، بسبب عارضة أزياء… حكم بحبس الإعلامي تامر أمين عامين، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
بوابة الوطن الإلكترونية، الأعلى للإعلام يحقق مع تامر أمين.. و”النهار” تكلف مذيعيها بتوفيق أوضاعهم، 8 يونيو/ حزيران 2020
[59] العربي الجديد، انتخابات الصحافيين المصريين: النظام يحدّ الخيارات، 20 فبراير/ شباط 2021
[60] جريدة الشروق، انتخابات الصحفيين.. بدء التسجيل في كشوف الجمعية العمومية، 5 مارس/ آذار 2021
[61] بوابة أخبار اليوم، تأجيل انتخابات الصحفيين إلى 19 مارس لعدم اكتمال النصاب القانوني، 5 مارس/ آذار 2021
[62] الموقع الرسمي للمرصد العربي لحرية الإعلام، المرصد يذكر بقضية الصحفيين السجناء بمناسبة انتخابات نقابة الصحفيين (بيان)، 22 فبراير/ شباط 2021
[63] القدس العربي، مع انطلاق انتخابات نقابة الصحافيين بمصر.. حملة موازية لترشيح موقوفين- (تغريدات)، 22 فبراير/ شباط 2021
[64] مصدر سابق
[65] العين الإخبارية، تنزيلات “كلوب هاوس” تتجاوز 8 ملايين حول العالم، 21 فبراير/ شباط 2021
[66] أخبارك، تطبيق Clubhouse يتصدر تريند تويتر.. ومغردون: «به غرف خاصة بالإخوان»، 24 فبراير/ شباط 2021
[67] قناة صدى البلد، على مسئوليتي – أحمد موسى: لدينا محادثات الجماعة الإرهابية على تطبيق كلوب هاوس، 21 فبراير/ شباط 2021
[68] قناة إكسترا نيوز، الحقيقة | كلوب هاوس.. تطبيق يجرك إلى خلايا الجماعة الإرهابية.. احذر منه، 21 فبراير/ شباط 2021
[69] بوابة الأهرام، فى كلمته خلال اجتماع رؤساء المحاكم الدستورية والمحاكم العليا والمجالس الدستورية الإفريقية السيسى: التوجه المتسارع نحو التحول الرقمى أهم التحديات الناشئة عن «كورونا»، 21 فبراير/ شباط 2021