الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
مسار جديد لحل الأزمة
إشارات متبادلة مع واشنطن حول سوريا
المحور الثاني: ليبيا
إشارات إيجابية من الحكومة الجديدة تجاه أنقرة
خطر حفتر على المسار السياسي
المحور الثالث: مصر
حديث حول تقارب تركي-مصري وشيك
الرؤية التركية لمستقبل العلاقات مع مصر
المحور الرابع: العراق
ارتدادات عملية مخلب النسر 2
أزمة عابرة بين طهران وأنقرة حول العراق
المحور الخامس: الخليج
“دبلوماسية الفضاء” بين تركيا والإمارات
جدل حول دور تركي في حرب اليمن
المحور السادس: الكيان الصهيوني
انعكاسات التقارب المصري-التركي المحتمل على الكيان الصهيوني
قلق إسرائيلي من مناهج التعليم التركية
المحور السابع: أوروبا
دبلوماسية تركية نشطة لحل الخلافات
محادثات مع اليونان في جو متوتر
انعكاسات التقارب المحتمل مع القاهرة على أثينا
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
إشارات متضاربة من أمريكا
التعامل التركي مع الموقف
المحور التاسع: أذربيجان
أسباب رفض أنقرة للانقلاب في أرمينيا
مستقبل اتفاق إنهاء الحرب
المحور العاشر: الداخل التركي
خطة عمل حقوق الإنسان
تغييرات داخل الحزب الحاكم
المقدمة
نحاول في ملف أحوال تركية لهذا الشهر أن نستعرض أهم الأحداث في الساحة التركية على المستوى الداخلي والخارجي. ففي سوريا، اشتركت تركيا في مسار ثالث يجمعها مع قطر وروسيا، وذلك بموازاة المسارين الآخرين، مسار جنيف ومسار أستانة. ومن المتوقع أن ينجح المسار في تحقيق شيء من التقدم في بعض القضايا، إلا أنه من الصعب أن يُنتظر منه الكثير. كما إن الولايات المتحدة ما زالت تقدم دعمها للتنظيمات الانفصالية الإرهابية، رغم تصريحات مسؤوليها حول التعاون مع تركيا في سوريا.
وعلى الساحة الليبية، صدرت إشارات إيجابية أخرى من رئيس الوزراء الجديد، عبد الحميد الدبيبة، تجاه تركيا، كما تحدثت أطراف من معسكر الانقلابي خليفة حفتر، بشكل أقل حدة عن الاتفاقات التركية الموقعة مع حكومة الوفاق. أما في محور مصر، فنحاول أن نفهم الرؤية التركية لمستقبل علاقات أنقرة بالقاهرة، في ظل حالة عامة تشي بأن هناك مرحلة جديدة على وشك البدء بين الطرفين.
وفي العراق، ما زالت هناك ارتدادات لجريمة قتل 13 من المواطنين الأتراك في الشمال العراقي على يد تنظيم “بي كا كا” الإرهابي. كما حدثت أزمة دبلوماسية عابرة بين إيران وتركيا بسبب تصريحات إيرانية تهاجم الدور التركي في العراق، واعتُبرت الأزمة مظهرًا للخلافات العميقة بين البلدين في السياسات الإقليمية.
أما على الساحة الخليجية، فقد صدرت تصريحات متبادلة بين مسؤولين أتراك وإماراتيين، أسمتها أحد الصحف الإماراتية بـ”دبلوماسية الفضاء”، كما نحاول استعراض حقيقة الأنباء التي تحدثت مؤخرًا عن دور تركي في الحرب اليمنية. وفيما يخص دولة الاحتلال، فقد بدرت منها إشارات إيجابية تجاه تركيا بالتزامن مع أنباء التقارب المصري-التركي، ولذلك دلالته بالتأكيد. كما أبدت أطراف في الكيان الصهيوني قلقها من تنامي الصورة السلبية عن الكيان في مناهج التعليم التركية.
وفي أوروبا، نشطت الدبلوماسية التركية بشكل كبير قبيل عقد الاتحاد الأوروبي قمته أواخر الشهر الجاري، لكن كان من اللافت اتصال أردوغان بنظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد توتر علني طيلة الأشهر الماضية. كما أن المحادثات مع اليونان ما زالت مستمرة لكن يشوبها توتر، وهناك خوف يوناني واضح من العزلة بعد السياسة التركية تجاه مصر وباقي دول الاتحاد الأوروبي.
وكما أن هناك تغيرًا في السياسات الخارجية، فإن هناك تغيرًا داخليًا بموازاة ذلك. كان من ذلك إعلان الرئيس أردوغان عن خطة عمل حقوق الإنسان، التي تمهد لكتابة دستور مدني جديد. كما طالت التغييرات الحزب الحاكم كذلك، في محاولة لترتيب الأوراق للانتخابات العامة القادمة في 2023.
وفيما يخص الولايات المتحدة، فما زالت تصدر منها إشارات متضاربة، في ظل طرح أنقرة حلولًا لمشكلة صواريخ “إس-400” وتأكيدها على الحوار. أما في محور أذربيجان، فنتحدث عن أسباب الرفض التركي الواسع للانقلاب في أرمينيا على رئيس الوزارء، نيكول باشينيان، ونحاول استشراف مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ.
في وقت استقرت فيه الأوضاع الميدانية في سوريا إلى حد بعيد رغم المناوشات التي تتم هنا وهناك بشكل متكرر، وبالتزامن مع الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية، عادت الدبلوماسية التركية تنشط مرة أخرى في محاولة لإيجاد حل سياسي للأزمة التي تؤرق الشعب السوري، والمنطقة بأكملها. فخلال شهر مارس/آذار الجاري، عقد وزراء خارجية تركيا وروسيا وقطر، سلسلة اجتماعات ثلاثية في العاصمة القطرية الدوحة، جرى خلالها تناول الملف السوري وتطوراته الأخيرة.[1]
ونفيًا لما قد يعتقده البعض من أن المسار الجديدة (تركيا – قطر – روسيا) هو مسار بديل للمسارات الأخرى الهادفة إلى حل القضية السورية، وخصوصًا في ظل تعطل المسارات الأخرى وعجزها عن وضع حلول للوضع الكارثي في سوريا على كافة المستويات، صرح وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، عقب الاجتماع الثلاثي أن “هذه الآلية الثلاثية ليست بديلًا عن مسار جنيف أو مسار أستانة الذي تنخرط فيه إيران أيضًا (إلى جانب تركيا وروسيا) أو أي مسارات أو اجتماعات بصيغ أخرى، حول الشأن السوري، بل متممة لها”.[2]
وحسب الوزير التركي، فإن “الاجتماعات على مستوى كبار الموظفين بين الدول الثلاث ستتواصل”، منوهًا أن “الاجتماع الوزاري الثلاثي المقبل سيعقد في تركيا”.[3] إذن فنحن أمام مسار جديد دائم سيسير بموازاة المسارين الآخرين، وتركيا عامل مشترك في كل هذه المسارات. وفي محاولة لفهم دلالة التوقيت الذي عُقدت فيه قمة الدوحة، يقول مراقبون إن روسيا هي من سعت إلى دفع هذا المسار، في ظل تأزم الوضع الاقتصادي في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
حيث تحركت في هذا السياق طلبًا للمساعدة لوقف انهيار النظام الاقتصادي، والمساعدة في تخفيف العقوبات عنه، وعودة النظام إلى جامعة الدول العربية.[4] وربما تشترك تركيا وقطر مع روسيا في هدف تخفيف الوضع الاقتصادي الحرج للشعب السوري، ومده بالمساعدات الإنسانية التي تقلل من معاناته، لكن ترفض الدولتان الحليفتان – بطبيعة الحال- عودة النظام إلى الجامعة العربية؛ حيث مازالا على موقفهما في رفض وجود بشار الأسد على رأس السلطة السورية.
ومن الواضح أن أنقرة والدوحة قد وافقتا على الطلب الروسي في توجيه الدعم الإنساني إلى ملايين السوريين. ففي تصريح آخر لتشاووش أوغلو قال فيه إنه خلال الفترة القادمة “سيتم الإقدام على خطوات فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية والتعليم”.[5] لكن يبقى السؤال حول مطالب تركيا من روسيا في المقابل.
وربما أوضح تشاووش أوغلو ذلك في ثنايا حديثه في المؤتمر الصحفي الذي تلى قمة الدوحة، حين قال إنه “من الضروري أن يُبدي النظام السوري موقفًا بناءً أكثر، كي تكون الاجتماعات القادمة مثمرة بشأن اللجنة الدستورية”.[6] وعلى ذلك، يمكن القول إن قبول تركيا بالتعاون للتخفيف من الأزمة الإنسانية عن سوريا، وبالتبعية المناطق التي يسيطر عليها النظام، أتى بعد تفاهم مع روسيا بأن تتنازل في العملية السياسية الجارية، وبالأخص تسهيل عملية التوافق حول المبادئ الدستورية، في الجولة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية المرتقبة.
ومن الصعب القول إن المسار الثلاثي الجديد سوف يحمل تغيرًا نوعيًا في مسار الأزمة السورية. ربما يترتب على المسار نتائج جزئية كالتخفيف من الأزمة الإنسانية في سوريا، والتقدم الطفيف في المسار السياسي التفاوضي، لكن يبدو أنه لن يصل إلى ما هو أبعد من ذلك، في ظل تمسك طهران بوجود بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا، وعدم إبداء روسيا استعدادًا جديًا للتخلي عنه حتى الآن.
وفي شأن آخر، صدرت رسائل متبادلة من أنقرة وواشنطن خلال الشهر الجاري فيما يخص التعاون المشترك بينهما على الساحة السورية. فمن الجانب الأمريكي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس: “لدينا مصالح مشتركة مع تركيا، وسنواصل العمل معها بشكل بنّاء من أجل تحقيق تلك المصالح، لا سيما تلك المتعلقة بالسياق السوري”.[7]
كما استذكرت الخارجية الأمريكية الشهداء الأتراك الذين ارتقوا في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، قبل عام، قائلة: “قبل عام فقد 33 جندي تركي حياتهم، أثناء حمايتهم للأبرياء المدنيين السوريين في إدلب من وحشية هجمات نظام الأسد وداعميه روسيا وإيران. وإذ نحيي ذكراهم نعرب عن وقوفنا إلى جانب حليفتنا في الناتو، تركيا”.[8]
كذلك كتب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مقالًا في موقع بلومبيرغ بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة السورية، دعا فيه إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للعمل مع تركيا من أجل تحقيق الوعود التي أطلقها في الحملة الانتخابية بشأن إنهاء التراجيديا الإنسانية في سوريا.[9]
وربما يكون وجود بايدن على رأس السلطة في الولايات المتحدة عاملًا إيجابيًا لتركيا في يخص حماية إدلب من أي اجتياح لها، حيث ترفض إدارة بايدن أي خطوة يقوم بها النظام السوري وداعموه في هذا السياق. لكن في المقابل، يمثل الدعم الأمريكي المستمر لتنظيم “بي كا كا” الإرهابي الانفصالي خطرًا على الأمن القومي التركي، وخصوصًا أنه ليس من المتوقع أن تتراجع إدارة بايدن عن هذا الدعم، بل ربما تزيد منه.
من ذلك، أن الولايات المتحدة بدأت إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في منطقة “عين ديوار” بمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا، والمقابلة لمنطقة “جيزري” في ولاية شرناق التركية. وحسب صحيفة “Aydinlik” التركية، فإن القاعدة الجديدة تأتي في سياق حماية واشنطن للتنظيمات الانفصالية من أي عملية عسكرية تركية ضدها.[10]
وعلى هذا، قد تكون إدلب على وجه الخصوص مساحة للتعاون التركي-الأمريكي في سوريا، إلا أن هذا لا ينطبق على أجزاء أخرى من الشمال السوري يشكل فيها “بي كا كا” خطرًا استراتيجيًا على أمن تركيا. كما أن التصريحات الأمريكية الداعية للتعاون على الساحة السورية، لم تُترجم إلى أفعال بعد.
ما زال المسار السياسي في تقدم على الساحة الليبية، حيث نالت الحكومة الليبية ثقة مجلس النواب الليبي،[11] واستلمت مهامها بالفعل من حكومة الوفاق الوطني.[12] ومن جانبها، أصدرت الحكومة التركية أكثر من بيان ترحب فيه بالتطورات الجارية.
حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، إن جلسة التصويت على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية “خطوة ديمقراطية توفر فرصة مهمة للسلام الدائم في البلاد”.[13] وحين صوَّت البرلمان الليبي ومَنَحَ ثقته للحكومة الجديدة، أصدرت الخارجية التركية بيانًا ترحب فيه بنيل حكومة الوحدة الوطنية ثقة مجلس النواب، وتهنئ أفراد الحكومة وتتمنى لهم النجاح.[14]
وكما أوضحنا في العدد السابق لملف أحوال تركية، فإن التطورات الجارية على الساحة الليبية تصب في صالح أنقرة، حيث كان منع الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، من اقتحام طرابلس، وإجباره على الجلوس إلى طاولة المفاوضات أحد أهداف تركيا من تعاونها مع حكومة الوفاق. ومما زاد من المصلحة التركية، هو أن الأشخاص الذين أفرزتهم الانتخابات الأخيرة ليسوا معارضين للدور الذي تلعبه تركيا على الساحة الليبية، بل صدرت إشارات تدلل على أنهم مشجعون له.[15]
وخلال الأسابيع الماضية صدرت أكثر من إشارة أخرى في السياق ذاته، حيث صرح رئيس الحكومة الجديدة، عبد الحميد الدبيبة، أن العلاقة مع تركيا ستكون مميزة في إطار حسن التعاون، مبينًا أن الاتفاقية البحرية مع تركيا مهمة وسيستمر العمل بها.[16] وخلال جلسة للبرلمان الليبي، كرر الدبيبة ذات المضمون.
حيث قال إن “بلاده حازت على حصة لا بأس بها من حقها في غاز شرق المتوسط بفضل الاتفاقية البحرية الموقعة مع تركيا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2019” مضيفًا: “الاتفاقية الليبية التركية التي في شرق المتوسط من صالح دولة ليبيا”. وكان ذلك في معرض رده على سؤال لأحد النواب حول الاتفاقية.[17]
وبالطبع، فإن هذه التصريحات تؤكد أن مسألة تجميد أي من الاتفاقيات التركية-الليبية ليست موجودة حاليًا على أجندة الحكومة الجديدة. وربما من الجدير بالذكر هنا تضمين تصريح لعقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق، والذي يُعَد الوجه السياسي لحفتر، حيث قال “صالح” في معرض رده على سؤال إعلامي حول مستقبل الاتفاقيات التي وقعتها حكومة الوفاق مع الحكومة التركية: “إن معالجة اتفاق تركيا يحتاج وقتًا”، كما أضاف أن “هذا الأمر من المفترض أن يُعالج عندما تكون هناك سلطة دائمة في البلاد”.[18]
وربما يكون عقيلة صالح هنا متحدثًا عن وجهة نظره الخاصة، ويحاول عدم التصادم مع تركيا، في الوقت الذي يحاول أن يجد لنفسه مكانًا في مستقبل الحكم في ليبيا. وربما يكون متحدثًا عن معسكر حفتر بأكمله، لكن على كل حال فإن ذلك يدل – على الأقل– أن أطرافًا في معسكر الشرق الليبي تتفق مع توجه الحكومة الجديدة في عدم المساس بالاتفاقيات الموقعة مع أنقرة حاليًا.
لكن من الضروري الإشارة هنا إلى أنه رغم التقدم الذي يشهده المسار السياسي، فإن تقدمًا مثيلًا ليس موجودًا في المسار العسكري، وبالأخص مسألة توحيد السلطات الأمنية في البلاد. وربما تجلى ذلك، في أن منصب وزير الدفاع لم يذهب إلى أي من الأقاليم الليبية، بل احتفظ به رئيس الحكومة لنفسه بسبب ما وصفه من أن الأطراف بسبب ما وصفه من أن ” كل المتصارعين يريدون وزارة الدفاع”.[19]
كما أن قوات حفتر ما زالت تتخذ الوجود التركي ذريعة للتصلب في موقفها في هذا الأمر، حيث صرح مدير إدارة التوجيه المعنوي في قوات حفتر، خالد المحجوب، أنهم “لن يسلموا قيادتهم إلا لرئيس منتخب ديمقراطيًا من قبل الشعب الليبي، طالما لا تزال هناك قوات أجنبية في ليبيا ومرتزقة تجلبهم تركيا” حسب زعمه.[20]
ولذلك، من الواضح أن هناك بعض الأسئلة المسكوت عنها، أو بالأحرى لا توجد لها إجابات عملية حاليًا، كمصير قوات حفتر، وكيفية إخراج مرتزقة فاجنر ومليشيا الجنجويد. ولذا فإن المسار السياسي سيظل مهددًا بالانهيار، كما حدث ذلك عدة مرات من قبل على يد حفتر وداعميه. وبالتبعية، فإن الوجود التركي في الساحة الليبية يصب في صالح حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، حيث يشكل ثقلًا مهمًا يمنع من الانقلاب على المسار السياسي، ويردع حفتر عن التفكير في تكرار التجارب السابقة.
كانت العلاقات التركية-المصرية أحد أبرز الموضوعات التي تطرح في الداخل المصري والتركي خلال الأيام الأخيرة، وبالفعل، فإن الحديث ما زال جاريًا عن الأمر، في ترقب للتطورات التي قد تتمخص عنها الأيام المقبلة. وعاد موضوع التقارب المصري-التركي إلى الساحة بشدة هذا الشهر، بعد أن قل الحديث عنه خلال الشهر الماضي بشكل ملحوظ.
حيث صدرت تصريحات متعددة من الجانب التركي تهدف إلى وضع حد لتدهور العلاقات، وتدعو إلى التعاون في بعض قضايا المنطقة لا سيما مسألة رسم الحدود البحرية بين الطرفين شرقي البحر الأبيض المتوسط. التصريحات التركية كانت متعددة ومن أعلى مستوى في الدولة، بدءًا من الرئيس رجب طيب أردوغان،[21] مرورًا بوزير الدفاع خلوصي أكار،[22] إلى وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو،[23] والمتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر جليك.[24]
حتى إنه صدرت تصريحات أخرى من مستويات أقل في الحكومة التركية، كالمبعوث الشخصي للرئيس التركي إلى العراق، فيصل إيروغلو، الذي أعلن أن بإمكان بلاده الوساطة في أزمة ملف سد النهضة، بين مصر وإثيوبيا، شريطة عدم تدخل الدول الغربية،[25] والسفير التركي لدى الدوحة، محمد مصطفى كوكصو، الذي قال “إنه متفائل بتحسن العلاقات مع مصر”، مشيرًا إلى “استمرار العلاقات التجارية والاستثمارات بين البلدين رغم المشاكل على الصعيد السياسي.[26]
لكن ربما كان التصريح الأوضح في هذا السياق هو تصريح، إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، حيث حمل تصريحه عبارة “يمكن فتح فصل جديد، ويمكن فتح صفحة جديدة في علاقاتنا مع مصر ودول الخليج الأخرى للمساعدة في السلام والاستقرار الإقليميين”، مشيرًا إلى أن تركيا مهتمة “بالتحدث مع مصر حول القضايا البحرية في شرق المتوسط، بالإضافة إلى قضايا أخرى في ليبيا وعملية السلام والقضية الفلسطينية”.[27]
في المقابل، ربما يبدو لأول وهلة أن القاهرة صامتة تجاه التصريحات التركية، إلا أن هناك بعض التصريحات – على قلتها – هذا بالإضافة إلى أن واقع الحال يشي بعكس ذلك. فقد نقلت وكالة رويترز عن مصدرين في المخابرات المصرية أن مسؤولًا أمنيًا مصريًا تلقى اتصالًا هاتفيًا من مسؤول في المخابرات التركية يبدي الرغبة في عقد اجتماع بالقاهرة، لبحث سبل التعاون على الأصعدة الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية. وأضاف المصدران أن المسؤول المصري رحب بالدعوة ووعد بالرد في أسرع وقت ممكن.[28]
كما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية قول مسؤول رسمي مصري إن “الارتقاء بمستوى العلاقة بين مصر وتركيا يتطلب مراعاة الأطر القانونية والدبلوماسية التي تحكم العلاقات بين الدول”.[29] ومؤخرًا تحدث وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بشكل صريح عن العلاقات مع تركيا، خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب حيث قال إنه “لا توجد علاقات خارج القنوات الدبلوماسية الطبيعية”.
مضيفًا: “لو وجدنا أن هناك تغيرًا في السياسة والمنهج والأهداف التركية لتتوافق مع السياسات المصرية ومع ما يعيد العلاقات الطبيعية لمصلحة المنطقة، من الممكن أن تكون هذه أرضية لاستعادة الأوضاع الطبيعية”.[30]
وبعيدًا عن التصريحات، فإن الإشارات الإيجابية حاضرة من القاهرة في أكثر موقف، خاصة في شرق المتوسط. فقد راعت مصر المصالح التركية في اتفاقها لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، حيث لم يتضمن الترسيم جزيرة ميس (باليونانية: كاستيلوريزو)، القريبة من الحدود التركية، وهذه الرؤية هي أقرب لتركيا منها إلى اليونان. كما أن القاهرة في 18 فبراير/ شباط الماضي، وخلال طرحها لأول مزايدة عالمية للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي واستغلالهما لعام 2021، راعت فيها الخلاف بشأن الحقوق التركية في شرق المتوسط.[31]
إذن فإن القاهرة ليست صامتة، لكن ربما يكون لـ”عدم الاندفاع” أو “التأني” المصري أسبابًا أخرى يهم النظام المصري مراعاتها. وكما ذكرنا في أعداد سابقة من ملف “أحوال تركية” فإن نظام قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، يحاول أن يراعي التحالف الإقليمي الذي يتواجد فيه منذ حوالي 8 سنوات، في تحركاته الخارجية.[32]
ولذلك، فإنه من الصعب أن يتخذ السيسي خطوات سريعة في سياق التقارب مع تركيا، في الوقت الذي ما زالت علاقات الأخيرة متوترة مع اليونان، ولم تُحل بعد مشكلة الحدود البحرية بينهما، وفي الوقت الذي لا تزال فيه العلاقات التركية مع السعودية والإمارات تغلب عليها الخلافات. كذلك من الممكن أن يكون التأني المصري ناتج عن أن المفاوضات لا زالت في بدايتها، وأن القاهرة تريد التأكد من الجدية التركية في هذا السياق.
وفي محاولة لفهم التصور التركي عن طبيعة العلاقات بين أنقرة والقاهرة حاليًا، ففيما يبدو، فإن تركيا تريد أن تقيم علاقات مع مصر على أساس المصلحة المشتركة مع اقتناعها أن هناك قضايا من الصعب حلها، خصوصًا في الفترة الحالية. وقد أكد هذا مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية، ياسين أقطاي، حين قال إن “النقطة التي وصلنا إليها تخلق حالة جيدة من أجل مصر ومن أجل تركيا أيضًا” مضيفًا أن “هناك خلافات بين تركيا ومصر ستظل باقية”.[33]
كما يُلاحظ أن التصريحات التركية، وبالأخص التصريحات الصادرة عن الرئيس أردوغان، تركز على مفهوم “الشعب المصري”[34] دون الإشارة إلى شخص عبد الفتاح السيسي، وربما في هذا إشارة إلى أن تركيا تريد أن تكون العلاقات البينية مع مصر هي علاقة مؤسسات بشكل أساسي. وقد ألمح أردوغان إلى أن مستوى المحادثات قد يرتفع إذا ما حصلت نتائج إيجابية خلال المباحثات الحالية.[35]
وقد نشهد اجتماعًا بين وزيري خارجية البلدين بالفعل، إذا ما أسفرت المحادثات الحالية عن نتائج إيجابية، والواضح أن تركيا لا تمانع في ذلك حاليًا، بل إن وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو صرح أواخر العام الماضي أنه التقى نظيره المصري سامح شكري من قبل، على هامش اللقاءات الدولية التي تجمعهما.[36]
لكن من المستبعد بشكل كبير أن يلتقي الرئيس أردوغان بالسيسي، نظرًا لأن الملفات المشتركة قد يتم حلها في مستوى أدنى من مستوى الرئاسة حسب الرؤية التركية، كما إن الأمر يحمل بُعدًا مبادئيًا لدى أردوغان، من الصعب عليه أن يتجاوزه، وخصوصًا في ظل الصورة التي بناها حزب العدالة والتنمية التركي طيلة السنوات الماضية، من رفضه للانقلابيين، وفتح أبواب تركيا للمضطهدين حول العالم.[37]
استمرت أصداء عملية “مخلب النسر 2” التي شنها الجيش التركي في شمال العراق ضد تنظيم “بي كا كا” الإرهابي الانفصالي حاضرة، خلال الأسابيع الماضية، سواء على مستوى السياسة الداخلية في تركيا، أم على المستوى الميداني على الحدود التركية-العراقية.
فعلى المستوى الداخلي، توجه وزير الدفاع خلوصي أكار، ووزير الداخلية سليمان صويلو، إلى مبنى البرلمان التركي، وذلك لتوضيح عملية “غارا” التي ارتكب فيها التنظيم الانفصالي جريمة إعدام 13 مدنيًا تركيًا بالتزامن مع العملية العسكرية التركية. حيث قال أكار إنه “قُبيل العملية التي جرت بالتنسيق مع أصدقائنا وحلفائنا، اختيرت الأهداف بعناية، ورُوعيَ خلالها الاهتمام اللازم بحماية حياة وممتلكات المدنيين والبيئة”.[38]
كما نشرت وزارة الدفاع التركية، مقطعًا مصورًا لاعترافات الإرهابيين، اللذين ألقي القبض عليهما خلال عملية “مخلب النسر 2″، وأوضح المتهمان أن المسؤول الذي يحمل الاسم الحركي “سوريج” أبلغهم بأن القائد الميداني في منطقة غارا، جمعة بيليكي، أصدر تعليمات بقتل جميع الرهائن في حال اقتراب القوات التركية من مكان احتجازهم.[39]
وعلى المستوى الميداني، ورغم انتهاء عملية “مخلب النسر 2″، إلا أن العملية التي تحمل اسم “مخلب النمر” التي أطلقتها في السابع عشر من يونيو/ حزيران الماضي ما زالت مستمرة، وبشكل دوري تصدر الدفاع التركية بيانات تفيد بتحييد مقاتلين تابعين لتنظيم “بي كا كا” الإرهابي. من ذلك، إعلان أكار أن قوات الجيش حيدت 25 إرهابيًا من “حزب العمال الكردستاني”، بينهم قيادي، في غارة جوية شمالي العراق في التاسع من شهر مارس/ آذار الجاري.[40]
وفيما يخص شن عملية عسكرية واسعة، خصوصًا في منطقة سنجار، فإن ذلك لم يحدث حتى الآن، وربما أن أنقرة في هذا السياق ما زالت تعول على إسناد من الحكومة العراقية معها، على مستوى القوات البرية، حتى لا تضطر القوات التركية الدخول إلى العمق العراقي، وما سيصاحب ذلك من مصاعب على المستوى العسكري، وتصيد من بعض الدول على المستوى السياسي للتنديد بالإجراءات التركية.
بينما يرى آخرون أن الظروف المناخية تلعب دورًا بارزًا في تأخر قرار أنقرة بالتدخل عسكريًا في سنجار، حيث يرون أن تركيا عازمة على شن العملية العسكرية ضد “بي كا كا” مع قدوم فصل الربيع وذوبان الثلوج، للتسهيل من مهمة الجنود الأتراك. وعلى أي حال، فإن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، إلى العاصمة التركية أنقرة، سهلت من المهمة السياسية والدبلوماسية لتركيا فيما يخص محاربتها للتنظيم الإرهابي على الأرض العراقية،[41] لكن تبقى التفاصيل العسكرية تفرض نفسها على الميدان.
أزمة عابرة بين طهران وأنقرة..
شهدت الأيام الأخيرة في شهر فبراير/ شباط الماضي والأيام الأولى من الشهر الحالي أزمة سياسية عابرة بين تركيا وإيران، وذلك بسبب العمليات العسكرية التركية في شمال العراق ضد “بي كا كا” الإرهابي الانفصالي. بدأت الأزمة مع تصريح لسفير إيران في العراق، إيرج مسجدي، دعا فيه تركيا إلى “مغادرة العراق واحترام أراضيه”، قائلًا: “نرفض التدخل العسكري في العراق، وينبغي على القوات التركية ألا تشكل تهديدًا أو أن تنتهك الأراضي العراقية”.
وجاء الرد التركي سريعًا على لسان، فاتح يلدز، السفير التركي لدى العراق، حيث كتب في حسابه على تويتر: “إن مسجدي هو آخر شخص يمكن أن يلقن أنقرة درسًا في احترام حدود العراق”.[42] كما استدعت وزارة الخارجية التركية، السفير الإيراني في أنقرة محمد فرازمند، على خلفية تصريحات مسجدي. وذكرت مصادر دبلوماسية تركية، أن الخارجية أبلغت السفير الإيراني رفض أنقرة الشديد لهذه الاتهامات، وأنها “تنتظر من إيران دعم تركيا في مكافحة الإرهاب وليس الوقوف ضدها”.[43]
في المقابل، ردت الخارجية الإيرانية باستدعاء سفير أنقرة لدى طهران على خلفية تصريحات لوزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، حول انتشار تنظيم “بي كا كا” في الأراضي الإيرانية، حيث أبلغت الخارجية السفير رفضها لتصريحات الوزير التركي، كما اعتبرت رد السفير التركي في العراق على تصريحات نظيره الإيراني بأنها “غير مبررة”.[44]
وفي خطوة لإنهاء الأزمة قبل تفاقمها، صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن تصريحات السفير الإيراني لدى العراق بحق أنقرة “قد أسيء فهمها، وجرى تصحيح الأمر من خلال المباحثات بين تركيا وإيران”.[45]
لا يخفى – بطبيعة الحال- أن المشروعين التركي والإيراني تسودهما حالة من التنافس في الإقليم، حتى وإن كانت الدولتان تحاولان تجنب الصدام المباشر على كافة الجبهات. وخلال الشهور الماضية، تنامت العمليات العسكرية في الشمال العراقي ضد تنظيم “بي كا كا”، كذلك زاد التعاون التجاري بين بغداد وأنقرة.
ففي عام 2019، صدرت تركيا ما قيمته 10.2 مليارات دولار من البضائع إلى العراق، متجاوزة بشكل طفيف صادرات إيران البالغة 9.6 مليارات خلال نفس الفترة. كما استثمرت الشركات التركية حوالي 25 مليار دولار في 900 مشروع إنشائي وبنية تحتية -بما في ذلك الطاقة والمياه والصناعات البتروكيميائية- في مدن عراقية مختلفة.[46]
وبالطبع، فإن هذا التعاون التركي مع العراق يزعج إيران، لأنه يفوت عليها فرصًا هناك. لذلك فإنه وإن تجاوز البلدان هذه المشكلة، إلا أن حالة التنافس المستدامة بينهما قد تتسبب في تجدد مثل هذه الأزمات.
امتدادًا للسياسة التركية الرامية إلى التهدئة مع عدة دول في المنطقة، واستمرارًا من تركيا في إبداء رغبتها في حلحلة القضايا العالقة مع دول الخليج، صدرت أكثر من إشارة تركية ترمي للتقارب مع السعودية، كما شملت التصريحاتُ الإمارات، للمرة الأولى بشكل شبه إيجابي.
حيث قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إنه لا يوجد “أي سبب لدى أنقرة يمنع تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية”، مضيفًا: “في حال أقدمت السعودية على خطوات إيجابية، فسنقابلها بالمثل والأمر ذاته ينطبق على الإمارات”.[47] كذلك حدث الشهر الماضي ما سمته أحد الصحف الإماراتية “دبلوماسية الفضاء”.
وذلك أن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى ورانك، هنأ الإمارات بنجاح “مسبار الأمل” الإماراتي في الوصول إلى مداره حول المريخ، وكتب في حسابه على تويتر: “نجاح الإمارات العربية المتحدة في بعثة الأمل، التي استثمرت فيها منذ أمد طويل، يستحق الثناء”.[48] في المقابل، ردت وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، سارة الأميري، على تهنئة الوزير التركي، بتمني النجاح لتركيا في سعيها لاستكشاف الفضاء.
حيث كتبت تغريدة بالإنجليزية والتركية شكرت فيها ورناك، وقالت: “نحن كذلك نعتقد أن استكشاف الفضاء كان دائمًا وسيلة لبناء الجسور وتطوير فهمنا البشري الجماعي”. وأضافت: “أتمنى لتركيا رحلة اكتشاف ناجحة إلى القمر عام 2023، في ما سيزيد إسهام المنطقة في استكشاف الفضاء”.[49]
ربما لا تعني هذه التصريحات الكثير في المسار المتأزم للعلاقات التركية-الإماراتية، خصوصًا وأنها لا تخص المسار السياسي بشكل مباشر، إلا أن لها دلالتها بطبيعة الحال، وبالأخص إذا ما اقترنت بتصريحات وزير الخارجية التركي السابق ذكرها. لكن إلى الآن لم تصدر أي إشارات إيجابية أخرى من الطرفين، وربما في هذا دلالة على أن مسار التهدئة بينهما سيكون بطيئًا نوعًا ما. وهذا مُتفهم في ظل أن النظام الإماراتي أحد أكثر الأطراف التي تكِن خصومة للقيادة التركية، بالإضافة إلى أن الدولة التركية تعتبر أن الإمارات هي رأس الحربة في معسكرها المنافح لتركيا.
وفيما يخص السعودية، ففضلًا عن تصريح تشاووش أوغلو، فقد كشف الرئيس رجب طيب أردوغان، أن بلاده تلقت طلبًا من السعودية بخصوص الطائرات المسيرة المسلحة.[50] تصريح الرئيس التركي، أتى بعد انتشار الكثير من التقارير والتحليلات حول حصول السعودية على دعم عسكري تركي في حرب اليمن.[51]
حيث كان الحديث عن أن الدعم التركي يتمثل في الإسناد الجوي لقوات التحالف العربي المنخرطة في حرب اليمن، وبالأخص مشاركة طائرات مسيرة من طراز بيرقدار التركية في المعارك التي تصاعدت حدتها على الساحة اليمنية مؤخرًا. وقد أذكى هذه الأقاويل ما نشره المتحدث باسم قوات الحوثيين، العميد يحيى سريع، عبر تويتر الدفاعات الجوية التابعة للجماعة تمكنت من إسقاط طائرة تجسسية مقاتلة من نوع كاريال تركية الصنع تابعة لسلاح الجو السعودي.[52]
لكن الأكيد هو أن أي مشاركة عسكرية للقوات التركية خارج البلاد، تمر بمسار دستوري حتمي، وذلك من خلال استصدار طلب من وزارة الدفاع إلى الرئاسة للقيام بعمليات عسكرية في منطقة ما خارج البلاد، ثم تقوم الرئاسة بدورها بتقديم طلب رسمي للبرلمان بخصوص الأمر مع توضيح مسببات الطلب، ثم تمضي عملية تصويتية على الطلب الرئاسي في البرلمان.[53] وحيث إن ذلك لم يحدث، فبالقطع إن ما تم تداوله عن تدخل تركي خشن ومباشر في حرب اليمن إشاعات.
وفيما يخص تصريح “سريع”، فإن المسيرة التي أسقطتها جماعة الحوثي باليمن هي من طراز “كاريال” صنعتها شركة “فيستال” للصناعات الدفاعية التركية، وتمتلك السعودية النسخة القديمة من الطائرة المخصصة لأغراض الاستطلاع فقط، أي النسخة غير الهجومية. وبالتالي، فإن إعلان الحوثيين عن إسقاط طائرة مسيرة سعودية من صناعة تركية لا يحمل أي جديد حول دعم أنقرة للرياض، كون أن امتلاك السعودية لهذا النوع من الطائرات معلن منذ سنوات.[54]
وعودًا لتصريح الرئيس أردوغان السابق ذكره، يمكن فهم أن الأمر ليس تدخلًا تركيًا مباشرًا في الحرب، إنما هو طلب من المملكة لشراء المسيرات التركية، التي ذاع صيتها بعد أن كانت عاملًا رئيسيًا في الانتصارات العسكرية التي حققتها تركيا وحلفاؤها في سوريا والعراق وليبيا وأذربيجان.
لكن أردوغان في المقابل، ألمح إلى أن طلب المملكة غير مفهوم، حيث إنه أتى بالتزامن مع مشاركة المملكة مع اليونان –الخصم الأول لتركيا شرقي المتوسط- في مناورات عسكرية في جزيرة معزولة السلاح قرب تركيا. وقال الرئيس التركي في هذا الإطار: “كما تعلمون السعودية هنا، ويجري الحديث عن إجرائها مناورات مشتركة مع اليونان. في المقابل، طلبت الرياض طائرات مسيرة مسلحة من تركيا، أي أن الوضع باختصار كما يقول المثل غير معروف يد مَن في جيب مَن (غير مفهوم)”.[55]
وعلى هذا، ربما تكون الطائرات التركية المسيرة مدخلًا عمليًا لترطيب العلاقات بين السعودية وتركيا، إلا أن ذلك يتطلب من المملكة أن تراعي أولويات السياسة التركية في حماية مصالحها وأمنها القومي، وأن تبتعد بعض الشيء عن سياسة المحور المعادي لتركيا في الإقليم.
يبدو أن هناك قلقًا لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، جراء التحركات التركية الأخيرة التي تهدف إلى إيجاد صيغة تعاون مع مصر فيما يخص شرقي المتوسط. ورغم أن أي تعاون مصري-تركي في العموم يزعج الكيان الصهيوني، إلا أن مسألة شرق المتوسط وحقول الغاز الطبيعي هناك، من القضايا المحورية التي تهم الاحتلال، حيث يرغب أن يكون هو المنصة الإقليمية التي تصدر الغاز إلى أوروبا.
وبما أن المصلحة المصرية في شرق المتوسط تكمن في التعاون مع تركيا، في ظل أن مصر لديها نفس الهدف في أن تصبح منصة تصدير الغاز لأوروبا، فإن تعاونها مع تركيا سوف يقطع الطريق على خط غاز East Med الذي تسعى دولة الاحتلال إلى الشروع في إنشائه بجدية، إذ يبدأ الخط من دولة الاحتلال ويصل إلى أوروبا مرورًا بقبرص واليونان وإيطاليا.[56]
حيث إن الخط يمر في الحدود البحرية لتركيا التي تضمنتها اتفاقيتها لترسيم الحدود مع ليبيا، وبالتالي فإن مرور خط East Med لاستكمال طريقه إلى أوروبا لا يكون إلا بموافقة الجانب التركي.[57] وفي الغالب، فإن أي تقارب بين القاهرة وأنقرة سيجعل من رفض الأخيرة لمرور الخط في حدودها البحرية أقوى.
لذلك يبدو أن خوف الكيان الصهيوني من التقارب المحتمل بين تركيا ومصر، ومن نجاح السياسة التركية الساعية لفتح آفاق أرحب لها شرقي المتوسطـ، جعله يصدر تصريحات يسعى من خلالها لترك الباب مفتوحًا للتعاون مع أنقرة شرقي المتوسط. حيث قال رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، منذ أيام إن حكومته تتحدث مع عدد من الدول، بشأن الغاز، بما فيها تركيا. وتعد هذه هي المرة الأولى، التي يتحدث فيها نتنياهو علنًا، عن اتصالات بين دولة الاحتلال مع تركيا، بشأن الغاز.[58]
وقبل تصريح نتنياهو بيومين، قال وزير الطاقة في حكومته، يوفال شتاينتز، في حديثه لصحيفة قبرصية يونانية حول تقييمه لمشروع خط أنابيب شرق المتوسط “إيست ميد” لمد الغاز إلى أوروبا: “نحن مستعدون للتعاون مع تركيا. ونأمل بأن تكون أنقرة جزءًا من منتدى الغاز في شرق المتوسط”.[59]
ومن الواضح حتى الآن أن تركيا تفضل التعاون مع مصر في هذا السياق؛ إلا أن هذا لا يعني أن بابها مغلق تمامًا حول تعاونها مع أي طرف من الأطراف المطلة على شرق البحر المتوسط في المستقبل.
قلق إسرائيلي من مناهج التعليم التركية..
أبدت أطراف في الكيان الصهيوني قلقها من بعض المبادئ التي يحملها نظام التعليم التركي تجاه الكيان والقضية الفلسطينية. حيث أوردت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية أن التدهور في علاقات تركيا بدولة الاحتلال في ظل وجود حزب العدالة والتنمية على رأس السلطة قد امتد ليشمل المناهج التعليمية أيضًا.
وسلطت الصحيفة العبرية الضوء على دراسة إسرائيلية جديدة بعنوان: “ثورة أردوغان في المناهج التركية”، قام على إعدادها الباحث في دولة الاحتلال، حاي إيتان كوهن ينروجيك، والبريطاني هنري جاكسون، ضمن عمل معهد أبحاث «IMPACT-SE»، حول مدى خطورة وضع نظام التعليم التركي – بالنسبة للكيان- في عهد الرئيس أردوغان.[60]
ومما جاء في الدراسة أن “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يستمر في احتلال مكانة مركزية في نظام التعليم التركي، وأصبحت الكتب مؤيدة للفلسطينيين بشكل واضح، وعلاوة على ذلك، يتم تقديم إسرائيل على أنها عقبة في طريق السلام”. كما تحرص تركيا – بحسب الدراسة – على أن توضح لطلابها، أنها تعارض بشدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتقدم الجهاد لأول مرة، كجزء لا يتجزأ من مادة الدراسة التركية.[61]
ونوهت الدراسة إلى أن المناهج التركية “وبنفس القدر من الخطورة، تصور الصهيونية كمشكلة، وهي الملهمة لرؤية “إسرائيل الكبرى”؛ من النيل إلى الفرات”. وأشارت إلى أن “المناهج تقلل من نجاحات إسرائيل في ساحة المعركة، ويتعلم الطلاب أن إسرائيل لم تكن لتكسب الحروب بدون المساعدة الأمريكية والأوروبية”.
ونقلت الصحيفة عن معد الدراسة حاي ينروجيك قوله: “مواد التعليم في تركيا تثير القلق بأنه بعد 20 أو 30 عامًا سيكون هناك صنّاع قرار قد نشؤوا على هذه المناهج التي لا تذكر إسرائيل بأي شكل إيجابي، إنما تظهرها بمظهر سلبي مطلق”. كما عقبت الصحيفة نفسها على الدراسة، قائلة: “إن العلاقات بين إسرائيل وتركيا في تدهور مستمر في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، كذلك أيضاً شهدت مناهج التعليم في تركيا حالة من التدهور على صعيد الصورة التي تعطيها للطلاب عن إسرائيل”.[62]
وحيث إن مجال الدراسة هو المناهج التعليمية، وكما هو معلوم فإن النظام التعليمي في أي دولة مهمته هي بناء العقول، والتربية على المبادئ. لذا فإن الدراسة الإسرائيلية تؤكد أن السياسات التركية المعارضة لجرائم دولة الاحتلال لها بُعد مبادئي واضح، حتى وإن اقترن بالمصلحة في بعض الحالات.
منذ بداية العام الجاري، تسعى تركيا في سياستها الخارجية إلى التهدئة مع معظم الأطراف، وبالطبع فإن دول الاتحاد الأوروبي من الأهمية بمكان لأن تتبوأ موقعًا متقدمًا في هذه السياسية. وخلال الأسابيع الماضية، استمر التواصل بين تركيا ودول الاتحاد في محاولة لوضع النقاط على الحروف، وتحديد السياسات التفصيلية لملفات التعاون بينهما.
كان من ذلك الاتصال المرئي الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الخامس من شهر مارس/ آذار الجاري. ويعتبر هذا هو الاتصال الثاني بين الزعيمين خلال شهر، حيث عقدا اجتماعًا مماثلًا في 8 فبراير/ شباط الماضي. وحسب بيان للمتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفان سيبرت، فإن الموضوعات التي نوقشت خلال الاجتماع كانت مكافحة وباء كورونا، والوضع شرقي البحر المتوسط، والتطورات في ليبيا، والقضية القبرصية.[63]
لكن ربما كان اللافت، هو الاتصال المرئي الذي جمع بين أردوغان، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك قبل أيام من اتصال ميركل. وبالطبع، فإن وجود الاتصال في حد ذاته يعتبر إيجابيًا، بعد أشهر من التوتر بين الجانبين، والانتقادات العلنية اللاذعة التي وجهها الرئيس أردوغان لماكرون.
إلا أن محتوى اللقاء والتصريحات التي تبعته زادت من هذه الأجواء الإيجابية، حيث قال أردوغان خلال اللقاء: “يمكننا تقديم مساهمات مهمة لجهود الأمن والاستقرار والسلام في منطقة جغرافية واسعة بدءًا من أوروبا وحتى القوقاز، ومن الشرق الأوسط حتى إفريقيا، بصفتنا حليفين قويين في الناتو”. كما أضاف أن هناك خطوات يمكن أن يتخذها الطرفان بشكل مشترك في مكافحة المنظمات الإرهابية التي تهدد البلدين.[64]
وتبع هذا اللقاء تصريح من وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، قال فيه: “إن تركيا توقفت عن إهانة فرنسا والاتحاد الأوروبي وقدمت بعض التطمينات”، لكنه أكد أن العلاقات ستظل هشة حتى تقوم أنقرة بعمل ملموس.[65]
ومن الملاحظ أن تركيا ركزت على ألمانيا بالأخص لبدء حوار مع الاتحاد الأوروبي، حيث تعددت اللقاءات بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم الألمان بعد قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والتي فشلت اليونان وفرنسا فيها في إقناع دول الاتحاد بفرض عقوبات كبيرة على تركيا.
وقد يكون من البديهي أن تركز أنقرة على علاقاتها مع برلين بصفتها الدولة الأقوى داخل الاتحاد، إلا أن تجاهل فرنسا – التي تُعَد القوة الثانية بعد ألمانيا في الاتحاد – كان سيعطل بشكل أو بآخر تبني الاتحاد الأوروبي لأجندة إيجابية تجاه تركيا. لذا كان من المهم عقد مثل هذا اللقاء بين أردوغان وماكرون، حتى تتمكن تركيا من تحييد الأثر السلبي لفرنسا على دول الاتحاد، أو على الأقل تخفيف وطأته.
واستمرارًا للزخم الإيجابي، عقد متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، لقاءًا مع كبار مستشاري زعماء الاتحاد الأوروبي، في الحادي عشر من الشهر الجاري، وذلك لمناقشة جدول أعمال قمة مزمع عقدها قريبًا بين أردوغان وزعماء الاتحاد الأوروبي.[66] كما تحدث وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، وبحثا قضايا دولية منها الاتحاد الأوروبي وقبرص وشرقي المتوسط وليبيا.[67]
كذلك استقبل وزير العدل التركي عبد الحميد غُل، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى أنقرة، السفير نيكولاوس ماير-لاندروت، وبحثا قضايا متعددة كضمان الأجندة الإيجابية للعلاقات بين تركيا والاتحاد، والتعاون الوثيق في مكافحة الإرهاب ورفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك واللاجئين السوريين.[68]
وتأتي هذه الدبلوماسية التركية النشطة تجاه الاتحاد الأوروبي بالتزامن مع القمة الأوروبية المزمع عقدها في 25 و26 مارس/ آذار الجاري. لذلك فمن المتوقع أن تأتي القمة إيجابية بالنسبة لأنقرة.
اليونان..
ما زالت المحادثات بين تركيا واليونان مستمرة، في محاولة لإيجاد صيغة تفاهم حول القضايا الخلافية المتعددة، وأبرزها قضية شرقي المتوسط، والقضية القبرصية. حيث استضافت العاصمة أثينا الجولة 61 من المحادثات الاستكشافية بينهما، في السادس عشر من الشهر الجاري.[69] لكن المحادثات جاءت في ظل جو من التوتر بين الطرفين، حتى أن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار قد قال في وقت سابق: إن “مباحثاتنا مع اليونان مستمرة، ورغم نهجنا البناء إلا أننا نواجه بعض التصريحات السلبية والاستفزازات”.[70]
فخلال الأسابيع الماضية، تحرشت 4 مقاتلات يونانية بسفينة تركية تجري أبحاث تقنية وعلمية في المياه الدولية شمالي بحر إيجة، لكن الدفاع التركية أعلنت أنها ردت على المقاتلات اليونانية، دون الكشف عن طبيعة الرد.[71] كذلك صرحت مصادر أمنية تركية لموقع TRT التركي الرسمي أن اليونان أصبحت ممرًا استرتيجيًا لتنظيم “بي كا كا” الإرهابي الذي يناصب أنقرة العداء.[72] وبالفعل تكرر هذا الشهر إلقاء القوات التركية القبض على إرهابيين أثناء عبورهم إلى اليونان.[73]
كما أعلنت الدفاع التركية، أن اليونان تواصل انتهاك المعاهدات بنشر سفن حربية في جزر البحر المتوسط، التي من المفترض أن تكون منزوعة السلاح، كان آخرها إرسال زوارق حربية إلى جزيرة ميس.[74] كذلك اعترضت اليونان على إرسال تركيا سفينة أبحاث إلى بحر إيجه، ووصفت ذلك بأنه تحرك “غير ضروري”.[75]
كما عادت اليونان لتفتح ملف مسجد آيا صوفيا مرة أخرى، مُطالبةً بإعادة تحويله إلى متحف مجددًا.[76] ومؤخرًا، اشتكت اليونان تركيا لدى الولايات المتحدة الأمريكية بشأن مشاريع الطاقة النووية السلمية، مُدعية أن محطة “أق قويو” للطاقة النووية، التي تقوم تركيا بإنشائها حاليًا، ستكون “تشيرنوبل” جديدة في شرق البحر المتوسط.[77]
كل هذه الإشارات السلبية من الممكن أن تعرقل مجريات الحوار بطبيعة الحال، وكما ذكرنا في العدد السابق من هذا الملف، فإنه من الواضح أن السردية اليونانية الضعيفة فيما يخص حدودها البحرية هي السبب الأكبر لافتعال أثينا للمشكلات. لكن التحركات التركية الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي أجبرت اليونان – بشكل أو بآخر- على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وفيما يبدو، فإن هناك خوفًا يونانيًا من احتمالية توقيع تركيا ومصر اتفاقًا للحدود البحرية شرقي المتوسط، حيث إن ذلك سيضعف من الموقف اليوناني. لذلك، بدأت أثينا بالتحرك تجاه كل من مصر وتركيا على حد سواء، حيث بحث رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، مع قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، قضايا منطقة شرق البحر المتوسط والملف الليبي، في اتصال هاتفي بينهما قبل ساعات من كتابة هذه الأسطر.[78]
كما طلب وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، عقد لقاء مع نظيره التركي، واصفًا إياه بـ”الصديق”. ورد الأخير بقبول الطلب واصفًا إياه بذات الوصف، ومن المقرر أن يزور تركيا في 14 أبريل/ نيسان.[79]
ويمكن القول، إن التطورات الأخيرة المترتبة على التحركات التركية تجاه مصر والاتحاد الأوروبي، تصب في صالح تركيا بطبيعة الحال، لكن من المبكر جدًا التعويل على أنها ستجبر اليونان على إقرار حل دائم في المتوسط.
ما زالت العلاقات التركية-الأمريكية يشوبها شيء من الضبابية منذ صعود جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، حيث تختلط الإشارات الإيجابية بأخرى سلبية، لكن من الملاحظ أن الأخيرة أكثر من سابقتها. وربما الرسالة السلبية الأكبر حتى الآن هي عدم وجود اتصال بين بايدن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغم مرور ما يقرب من الشهرين على دخول بايدن البيت الأبيض.
فمن الإشارات السلبية الأمريكية، وبالإضافة إلى عدم وجود اتصال حتى الآن مع رئيس ثاني أكبر قوة في حلف الناتو، صرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، أن مشاركة تركيا في برنامج طائرات F-35 لاتزال معلقة، وأكد على أن “سياسة الإدارة الأميركية تجاه هذه المسألة لم تتغير”. ودعا المسؤول الأمريكي تركيا إلى التخلي عن نظام “إس-400″ الروسي الصاروخي للدفاع الجوي قائلًا إنه” لا يتوافق مع F-35″.[80]
كذلك، فإن الكونجرس الأمريكي ليس بعيدًا عن هذه الرسائل السلبية، حيث وقع 170 عضوًا بمجلس النواب الأميركي، خطابًا أُرسل إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يطالبون فيه إدارة بايدن بالتصدي لقضايا حقوق الإنسان في تركيا.[81]
لكن في الوقت ذاته، أتت إشارات إيجابية ذكرناها في المحور السوري، من ذلك قول المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس: “لدينا مصالح مشتركة مع تركيا، وسنواصل العمل معها بشكل بنّاء من أجل تحقيق تلك المصالح، لا سيما تلك المتعلقة بالسياق السوري”.[82] والتأكيد على الوقوف إلى جانب “حليف الناتو تركيا” في ذكرى استشهاد 33 جندي تركي أثناء حمايتهم للأبرياء المدنيين السوريين في إدلب.[83]
بالإضافة إلى ذلك، فإن “بلينكن” ذكر في رسالة له أرسلها إلى الرئيس الأفغاني، أشرف غني، أن الولايات المتحدة ستطلب من تركيا استضافة محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية.[84] وتُعد هذه رسالة إيجابية عملية من واشنطن تجاه أنقرة واعترافًا بدورها المحوري، حيث إن لتركيا موقعًا كبيرًا في أفغانستان، مع دور نشط عسكريًا في قوة المساعدة الأمنية الدولية (ISAF) ومهمة دعم الاستقرار (RS)، علاوة على تمتعها بدبلوماسية عالية تمكنها من التواصل مع مختلف الأطراف بفعالية وإيصالها إلى قاعدة مشتركة، حسب مراقبين.[85]
ربما تعكس هذه الرسائل المختلطة ترددًا من إدارة بايدن حول كيفية التعامل مع تركيا، وقد يكون تأخر اتصال بايدن بالرئيس التركي وسيلة أمريكية للضغط على أنقرة قبل بدء المحادثات، لكن الأكيد أن البلدين بحاجة إلى إجراء مقابلات وحوارات حتى تزول هذه الضبابية المسيطرة على العلاقات حاليًا، وربما هذا ما جعل وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، يصرح أنه “لا يمكن أن تحل الأزمات بين تركيا وأمريكا عبر الهاتف” داعيًا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.[86]
في السياق ذاته، تحاول أنقرة أن تحافظ على حقها القانوني في برنامج مقاتلات “إف-35″، حيث أبرمت شركة تكنولوجيا الصناعات الدفاعية (SSTEK) التابعة لمؤسسة الصناعات الدفاعية التركية، اتفاقية مع شركة “أرنولد أند بورتر”(Arnold&Porter) الدولية للمحاماة، للحصول على خدمات استشارية قانونية واستراتيجية، لضمان حقوقها في المقاتلات.[87]
ورغم أن في هذا إشارة إلى أن تركيا تعتقد أن واشنطن غير جادة في الحوار حول مقاتلات “إف-35” وحول قضية “إس-400” بشكل عام – في ظل طرح أنقرة حلول لها كتشكيل لجنة مشتركة من الجانبين لفحص تأثير المنظومة الروسية على أنظمة الناتو-[88] إلا أن تركيا ما زالت تقدم إشارات متزنة تميل إلى الإيجابية.
من ذلك، تصريح أردوغان أن أنقرة ترغب في تعزيز التعاون أكثر مع الإدارة الأمريكية الجديدة على أساس رابح-رابح، وبمنظور طويل الأمد، مضيفًا أن بلاده تعتقد أن “مصالحها المشتركة مع الولايات المتحدة أكثر من الاختلاف في وجهات النظر”.[89] وفي مناسبة أخرى، دعا الرئيس أردوغان بايدن إلى التعاون في المسـألة السورية، مذكرًا إياه بالوعود التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية.[90] كذلك قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن بإمكان أنقرة وواشنطن حل أزمة “إس-400” عن طريق التفاوض.
وفي الوقت ذاته، أكد قالن أن أنقرة لا تقبل عن منظومات الدفاع “إس-400” الروسية مقابل توقف الولايات المتحدة عن دعم “وحدات حماية الشعب الكردية” الإرهابية في سوريا.[91] كما صرح وزير الدفاع، خلوصي أكار، أن منظومة “إس-400” مسألة وطنية وتركيا استخدمت حق السيادة.[92]
إذن، فإن تركيا تحاول إرسال إشارات إيجابية، تدعو فيها للحوار والتفاوض، مع طرح حلول لمشكلة صواريخ “إس-400″، التي تشغل الحيز الأكبر في المشكلة بين الطرفين، من وجهة نظر واشنطن. وفي الوقت ذاته، تؤكد تركيا أنها لن تتخلى عن المنظومة. وإلى أن يجلس الطرفان إلى طاولة المفاوضات، فإنه من الواضح أن حالة عدم الاستقرار في العلاقات ستظل متسيدة للمشهد.
شهدت أرمينيا محاولة انقلابية أواخر شهر فبراير/ شباط الماضي، بعد أن فتح رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، النار على نفسه بتصريحه أن صواريخ إسكندر الروسية كانت السبب في الهزيمة أمام أذربيجان، إذ لم ينفجر منها سوى 10% خلال الحرب.[93] الأمر الذي دعا هيئة الأركان العامة في الجيش الأرميني أن تنشر بيانًا وقع عليه نحو 40 مسؤولًا عسكريًا بارزًا يطلب استقالة حكومة باشينيان.
لكن رئيس الوزراء دعا ضباط الجيش إلى الانضباط، وأقال رئيس هيئة الأركان، أونيك غاسباريان، وألقى خطابًا أمام نحو 20 ألفًا من مؤيديه في العاصمة. لكن المعارضة حشدت أنصارها، وخرج آلاف المحتجين إلى الشوارع للمطالبة باستقالة باشينيان، وأكدوا رفضهم أسلوب إدارته الحرب مع أذربيجان.[94]
وبالطبع، فإن اختزال سبب الانقلاب على باشينيان في التصريح السابق، هو اختزال مخل، حيث إن الجيش كان متربصًا به في الأساس، وكانت هناك حالة من الاحتقان الداخلي في أرمينيا على المستوى الشعبي وعلى مستوى المؤسسات، وذلك بسبب الهزيمة المهينة التي تلقتها يريفان في إقليم قره باغ الأذربيجاني.
ومنذ اللحظة الأولي، جاء الرد التركي على مستوى واسع برفض الانقلاب والتنديد به، حيث جاءت التصريحات على لسان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن،[95] ووزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو،[96] والناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر جليك.[97] ثم تحدث الرئيس أردوغان بعد ذلك، ليؤكد رفض بلاده لجميع أنواع الانقلابات، قائلًا: ” لا يمكن القبول بتدخل العسكر في الحياة السياسية بأرمينيا، إن كان هناك حاجة لتغيير الإدارة في أرمينيا فيجب ترك الأمر لإرادة الشعب”.[98]
وحول أسباب رفض تركيا للانقلاب، فبإلإضافة إلى المبدأ التركي في رفض الانقلابات، فإن هناك دوافعًا أخرى تجعل من مصلحة تركيا عدم تغيير النظام في أرمينيا بالانقلاب. حيث إن الانقلاب قد يتبعه اضطرابات أمنية وهو ما يدفع أنقرة للخشية من تحول أرمينيا إلى دولة مضطربة على حدودها.[99]
وهو ما تعاني منه منذ سنوات من الحدود السورية والعراقية، وما يحمله ذلك من مخاطر الفلتان الأمني على الحدود بين البلدين. علاوة على خطر حصول موجات هجرة ولجوء وما يتبع ذلك من أعباء أمنية واجتماعية واقتصادية على تركيا، في وقت لا تتحمل فيه استقبال دفعات أخرى من اللاجئين على مستوى واسع.[100]
وقد ثارت تساؤلات حول إذا ما كان سيتبع نجاح الانقلاب نقض لاتفاق وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ، وتجديد للحرب التي انتصرت فيها أذربيجان بدعم تركي. إلا أن ذلك ليس مرجحًا لأكثر من سبب، حيث إن الانقلاب لم يتمكن حتى الآن. وقد عقد الرئيس الأرمني، آرمين ساركيسيان، اجتماعًا مع باشينيان مؤخرًا تطرقا فيه إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية.[101]
هذا بالإضافة إلى أن هناك تفوق أذري واضح على المستوى العسكري، في مقابل تدهور أرميني، لذلك فإن تجديد الحرب ليس في مصلحة أرمينيا، فضلًا عن وجود قوات روسية في الإقليم، ومركز مراقبة تركي-روسي على الأرض يعمل على تأمين وقف إطلاق النار.
بالتوازي مع تهدئة أنقرة لسياساتها الخارجية على عدة محاور، فإن هناك حملة إصلاح وتجديد شنها الرئيس رجب طيب أردوغان في الداخل، على مستوى السياسة والاقتصاد والحقوق.
فقد كشف أردوغان، أوائل الشهر الجاري، عن مبادئ “خطة عمل حقوق الإنسان” التي أعدتها وزارة العدل، والتي من المفترض أن هدفها النهائي –حسب أردوغان- هو إعداد دستور مدني جديد للبلاد. وتتضمن هذه الخطة، من 11 مبدأً أساسيًا و9 أهداف ترمي جميعها إلى رفع معايير حقوق الإنسان في تركيا.
من ذلك، أنه لا يجوز حرمان أحد من حريته بسبب نقده أو إبدائه الرأي في إطار احترام حرية الآخرين، وأن يكون تقديم الخدمة العامة للجميع على قدم المساواة وبشكل حيادي وأمين، هو السمة الرئيسية لجميع الفعاليات الإدارية. هذا بالإضافة إلى أن يرتكز العمل القضائي والإداري على نهج يحمي ويراعي ويعزز مبادئ افتراض البراءة، والحق في عدم التشويه والمسؤولية الجنائية الشخصية.[102]
وحسب تصريحات أردوغان، فإن “الخطة تستند إلى احتياجات ومطالب الشعب، وأنها أُعدّت بعد استشارات مستفيضة. كما أن الحكومة ستعمل على تسهيل الأنشطة المهنية للصحفيين من أجل رفع المعايير الخاصة بحرية التعبير والرأي”، علاوة على إعلانه أن حكومته قد بدأت العمل بشكل شامل على إجراء تغييرات في قانون الأحزاب السياسية والتشريعات الانتخابية من أجل تعزيز المشاركة الديمقراطية.[103]
وقد أثنت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، على الخطة قائلة: إن “خطة العمل تمثل تعهدًا متجددًا من الحكومة لتطوير وضع حقوق الإنسان في تركيا”، ومبدية استعداد مؤسستها لدعم حماية تركيا للمعايير الدولية، بما في ذلك تنفيذ هذه الخطة والإصلاحات القضائية الأخرى بشكل فاعل”.[104]
تغييرات داخل الحزب الحاكم..
التغيرات في الداخل التركي شملت أيضًا تغييرات في داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم نفسه، حيث انتُخب، عثمان نوري كاباكتيبي، مؤخرًا كرئيس لفرع الحزب في مدينة إسطنبول، أهم المدن التركية في الميزان الانتخابي. وكان “كاباكتيبي” من الشخصيات البارزة في حزب الرفاه، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، ومن بعد في حزب السعادة الذي ينحدر من الأصول نفسها.[105]
وخلال تقديمه “كاباكتيبي” كرئيس جديد لفرع “العدالة والتنمية” في إسطنبول، قال أردوغان: “إننا نقدم لكم صديقا لنا، كرئيس لفرع الحزب في إسطنبول، والذي سنحقق معه أهدافنا لعام 2023 بروح عام 1994”. هذه الخطوة أعطت إشارة على أن الحركة التجديدية في حزب العدالة والتنمية تعتمد على الرجوع بالحزب إلى جذوره، من خلال استحضار شخصيات مقربة من أربكان وحركة “ميللي غوروش” التي أسسها.[106]
وربما يؤكد هذا، أن انتخاب كاباكتيبي – بأصوات كل مندوبي الحزب – أتى بعد نحو شهرين من لقاء أردوغان برئيس اللجنة الاستشارية العليا في حزب السعادة، أوغوزهان أصيل تورك، الأمر الذي اعتبره البعض حينذاك سعيًا من “العدالة والتنمية” لمغازلة القاعدة الشعبية لحزب “السعادة”، واستمالته للانضمام للتحالف الجمهوري الحاكم.[107]
ويقول مراقبون أن “العدالة والتنمية” سيستمر في إجراء تغييرات داخلية خلال الفترة القادمة. وقد أيد ذلك تصريحات لنائب الرئيس أردوغان في الحزب، نعمان قورطولموش، قال فيها إن “70% من كوادر الحزب جرى تجديدها، وتم توسيع الحصة النسائية في القيادات، كما تم جمع القيادات السابقة مع الحالية من أجل توفير جو من المصالحة داخل الحزب، وهو ما يعطي طاقة إيجابية ومزاجًا عامًا جيدًا”.[108]
مضيفًا أنه “يهم العدالة والتنمية في الفترة المقبلة أن يكون حزبًا وطنيًا، وأن يعمل على التصالح مع كافة أطياف المجتمع، وإجراء الإصلاحات التي تقود تركيا للمستقبل، وتعزيز الديمقراطية”. ومن المفترض أن يعقد الحزب الحاكم مؤتمره العام في مارس/ آذار الحالي، بعد استكمال عقد المؤتمرات الفرعية في كافة الولايات التركية.[109]
وربما في إصرار الحزب على عقد المؤتمر العام، دليل على أن القيادة تنظر إلى الإصلاحات الحزبية الداخلية على أنها أولوية، وتعتقد أنها خطوات جوهرية في طريق الاستعداد للانتخابات العامة في 2023، والتي بدأت كل الأحزاب في تركيا تقريبًا بالتحضير لها مبكرًا.
وقد يكون من المهم هنا الإشارة إلى أن الرئيس أردوغان يحاول أن يؤمِّن تحالفه مع حزب الحركة القومية، في الوقت الذي يسعى فيه لتنفيذ الإصلاحات الداخلية، واستمالة أحزاب أخرى للانضمام للتحالف. حيث زار أردوغان، رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهتشلي، في منزله بأنقرة، أوائل الشهر الجاري، في خطوة تكررت خلال الأشهر الماضية.[110]
كما صرح باهتشلي مؤخرًا – خلال مشاركته في المؤتمر العام الـ 13 لحزب الحركة القومية بالعاصمة أنقرة، حيث تم ترشيحه مجددًا لرئاسة الحزب – أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها المحدد عام 2023، مؤكدًا أن مرشح التحالف سيكون الرئيس أردوغان.[111] وفي الحقيقة، فإن باهتشلي أكد على هذه النقطة مرارًا خلال الفترة الفائتة، وذلك بسبب انتشار أقاويل بثتها المعارضة، تتحدث عن خلافات داخل التحالف الحاكم.
المصادر
[1] الجزيرة، بيان من قطر وروسيا وتركيا بشأن الوضع في سوريا، 11 مارس/ آذار 2021
[2] RT عربي، تشاووش أوغلو: اجتماعاتنا مع روسيا وقطر متممة لمسارات الحل في سوريا، 12 مارس/ آذار 2021
[3] وكالة أنباء تركيا، تركيا وروسيا وقطر مسار جديد لسوريا؟.. تشاويش أوغلو يوضح، 12 مارس/ آذار 2021
[4] الخليج الجديد، الاجتماع القطري التركي الروسي حول سوريا.. هل تضحي موسكو بطهران لإنقاذ الأسد؟، 12 مارس/ آذار 2021
[5] صحيفة الجسر الإلكترونية، “جاويش أوغلو” يتحدث عن سبب إطلاق “الآلية الثلاثية” بشأن سوريا في الدوحة، 13 مارس/ آذار 2021
[6] القدس العربي، إطلاق منصة جديدة روسية – قطرية – تركية من الدوحة: هل نشهد بداية الحل في سوريا؟، 11 مارس/ آذار 2021
[7] شبكة شام الإخبارية، برايس: واشنطن تريد العمال بشكل بناء مع تركيا لتحقيق المصالح المشتركة في سوريا، 3 مارس/ آذار 2021
[8] تلفزيون سوريا، الخارجية الأميركية تحيي ذكرى جنود أتراك قضوا في إدلب، 2 مارس/ آذار 2021
[9] Bloomberg، The West Should Help Turkey End Syria’s Civil War، 15 مارس/ آذار 2021
[10] Aydinlik، Sınıra üs Türkiye’ye tehdit، 20 فبراير/ شباط 2021
[11] فرانس 24، ليبيا: حكومة عبد الحميد دبيبة تنال ثقة البرلمان لقيادة المرحلة الانتقالية، 10 مارس/ آذار 2021
[12] العربية نت، السلطة الليبية الجديدة تتسلم مهامها من حكومة الوفاق، 16 مارس/ آذار 2021
[13] جي بي سي نيوز، أنقرة: جلسة منح الثقة للحكومة الليبية فرصة مهمة للسلام، 6 مارس/ آذار 2021
[14] ديلي صباح عربي، تركيا تهنئ رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية بنيل حكومته ثقة مجلس النواب، 11 مارس/ آذار 2021
[15] مركز المسار للدراسات الإنسانية، أحوال تركية يناير/فبراير 2021، 25 فبراير/ شباط 2021
[16] DW عربي، ليبيا- رئيس الحكومة يقترح حكومة وحدة ويؤكد استمرار العمل مع تركيا، 25 فبراير/ شباط 2021
[17] الخليج الجديد، دبيبة: الاتفاق البحري مع تركيا في صالح ليبيا وأعطانا حصة جيدة بغاز المتوسط، 9 مارس/ آذار 2021
[18] قناة فبراير، عقيلة: معالجة اتفاق تركيا يحتاج وقتا، 21 فبراير/ شباط 2021
[19] الجزيرة، ليبيا بلا وزير دفاع.. حكومة الدبيبة تنتظر منحها الثقة وأول رحلة جوية بين بنغازي ومصراتة منذ 7 سنوات، 9 مارس/ آذار 2021
[20] بوابة الفجر، الجيش الوطني الليبي: لن نسلم قيادة الجيش إلا لرئيس منتخب ديمقراطيا، 26 فبراير/ شباط 2021
[21] الخليج الجديد، التطورات مستمرة.. أردوغان يعلن عزمه تقوية الاتصالات مع مصر، 12 مارس/ آذار 2021
RT عربي، أردوغان: الشعب المصري لا يعارضنا ولن نقدم تنازلات في شرق المتوسط، 16 مارس/ آذار 2021
[22] الأناضول، “أكار” يثمن احترام مصر الجرف القاري التركي في المتوسط، 6 مارس/ آذار 2021
يني شفق، أكار: احترام مصر الجرف القاري التركي في المتوسط خطوة مهمة، 12 مارس/ آذار 2021
مصراوي، وزير الدفاع التركي: نرغب في علاقات جيدة مع مصر واليونان ودول الجوار، 15 مارس/ آذار 2021
[23] RT عربي، تشاووش أوغلو: بناء على سير العلاقات يمكننا التفاوض مع مصر بشأن مناطق الصلاحية البحرية وتوقيع اتفاق، 3 مارس/ آذار 2021
سكاي نيوز عربية، وزير الخارجية التركي يعلن أول خطوة تجاه مصر، 12 مارس/ آذار 2021
[24] CNN عربي، مُتحدث الحزب الحاكم بتركيا: لم نتخل عن موقفنا السياسي من إرساء الديمقراطية في مصر.. وحوارنا “ضرورة”، 10 مارس/ آذار 2021
[25] TRTعربي، تركيا تعلن إمكانية التوسط لحل أزمة “سد النهضة”، 12 مارس/ آذار 2021
[26] البوابة نيوز، تركيا تغازل مصر والسعودية.. ومحللون: أنقرة ترغب في تغيير سياستها بالشرق الأوسط، 23 فبراير/ شباط 2021
[27] الأناضول، قالن: يمكن فتح صفحة جديدة مع مصر وعدد من دول الخليج، 8 مارس/ آذار 2021
[28] رويترز، تركيا تقول إنها استأنفت الاتصالات الدبلوماسية مع مصر، 12 مارس/ آذار 2021
[29] وكالة أنباء الشرق الأوسط، مصدر رسمي مصري: الارتقاء بمستوى العلاقة بين مصر وتركيا يتطلب مراعاة الأطر القانونية، 12 مارس/ آذار 2021
[30] DW عربي، مصر تؤكد وجود اتصالات مع تركيا وتضع شروطا لعلاقات طبيعية، 14 مارس/ آذار 2021
[31] الحرة، رسائل أنقرة وصمت القاهرة.. الملفات العالقة تعطل المصالحة المصرية التركية، 9 مارس/ آذار 2021
[32] مركزالمسار للدراسات الإنسانية، أحوال تركية ـ نوفمبر/ديسمبر 2020، 25 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[33] تركيا الآن، مستشار أردوغان: الخلافات بين تركيا ومصر باقية ولا احتمالات لإنهائها، 3 مارس/ آذار 2021
[34] الخليج الجديد، الشعب لا يختلف معنا ولا يعارضنا.. أردوغان يجدد نيته تعزيز التواصل مع مصر، 16 مارس/ آذار 2021
[35] RT عربي، أردوغان عن الاتصالات مع مصر: إذا وصلت هذه الاتصالات إلى نتائج إيجابية سنقوم بتعزيزها ورفع مستواها، 12 مارس/ آذار 2021
[36] وكالة أنباء تركيا، تشاويش أوغلو يكشف طبيعة العلاقة الحالية بين تركيا ومصر: الحوار قائم، 30 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[37] قناة الحوار، لماذا تلتزم القاهرة الصمت إزاء انفتاح أنقرة على إعادة العلاقات الدبلوماسية؟، 16 مارس/ آذار 2021
[38] TRT عربي، وزيرا الدفاع والداخلية التركيان يوضحان تفاصيل عملية “غارا” أمام البرلمان، 16 فبراير/ شباط 2021
[39] الأناضول، إرهابيان من “بي كا كا” يعترفان بصدور أوامر بقتل الرهائن الـ13، 24 فبراير/ شباط 2021
[40] RT عربي، وزير الدفاع التركي: تحييد 25 عنصرا من “العمال الكردستاني” بينهم قيادي في غارة جوية شمالي العراق، 9 مارس/ آذار 2021
[41] القدس العربي، اردوغان استقبل الكاظمي: اتفاق على مواجهة «الكردستاني» وتبادل تجاري بـ 20 مليار دولار سنويا، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[42] حساب تويتر الخاص بسفير أنقرة في بغداد، تغريدة للسفير فاتح يلدز، 27 فبراير/ شباط 2021
[43] موقع التلفزيون العربي، تركيا تستدعي السفير الإيراني.. وطهران “تردّ بالمثل”، 28 فبراير/ شباط 2021
[44] القدس العربي، اتهامات متبادلة واستدعاء سفراء.. هل تفجّر الخلافات العلاقات التركية الإيرانية؟، 1 مارس/ آذار 2021
[45] شبكة رووداو الإعلامية، وزارة الخارجية الإيرانية: لدنيا رؤية مشتركة مع تركيا بشأن سيادة العراق، 1 مارس/ آذار 2021
[46] The National Interest، Are Iran and Turkey on a Collision Course in Iraq?، 13 مارس/ آذار 2021
[47] الإمارات 71، تركيا تتحدث عن “تطورات إيجابية” في العلاقات مع الإمارات والسعودية، 12 مارس/ آذار 2021
[48] صحيفة الاتحاد، في تغريده وجهها لسارة الأميري.. وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي يهنئ الإمارات على نجاح «مسبار الأمل»، 19 فبراير/ شباط 2021
[49] عربي بوست، وزيرة التكنولوجيا الإماراتية تغرد بالتركية! ردت على تهنئة وزير تركي بإطلاق “مسبار الأمل”، 19 فبراير/ شباط 2021
[50] يني شفق، أردوغان: تلقينا طلبًا من السعودية بخصوص “المسيرات” المسلحة، 16 مارس/ آذار 2021
[51] قناة العالم، هل طلبت السعودية مساعدة تركيا في حربها على اليمن؟!، 9 مارس/ آذار 2021
[52] حساب تويتر الخاص بالعميد يحيى سريع، تغريدة حول إسقاط طائرة تجسسية، 7 مارس/ آذار 2021
[53] القدس العربي، ما حقيقة حصول السعودية على دعم عسكري تركي باليمن؟، 11 مارس/ آذار 2021
[54] المصدر نفسه
[55] يني شفق، أردوغان: تلقينا طلبًا من السعودية بخصوص “المسيرات” المسلحة، 16 مارس/ آذار 2021
[56] TRT عربي، ماذا خسرت مصر بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع اليونان؟، 8 أغسطس/ آب 2020
[57] المصدر نفسه
[58] عربي 21، نتنياهو يكشف عن مباحثات مع تركيا بشأن “الغاز”، 11 مارس/ آذار 2021
[59] العربي الجديد، إسرائيل تأمل بانضمام تركيا لمنتدى غاز شرق المتوسط، 9 مارس/ آذار 2021
[60] TRT عربي، قلق في تل أبيب.. كيف تبدو صورة إسرائيل في مناهج التعليم التركية؟، 9 مارس/ آذار 2021
[61] رصد، صحيفة عبرية: المناهج التركية تقف مع القضية الفلسطينية وتصور «إسرائيل» عقبة في طريق السلام، 8 مارس/ آذار 2021
[62] مصدر سابق
[63] الأناضول، ميركل تؤكد أهمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، 6 مارس/ آذار 2021
[64] يورو نيوز، إردوغان يؤكد لماكرون رغبة تركيا بالتعاون مع فرنسا لمكافحة “الإرهاب”، 3 مارس/ آذار 2021
[65] الخليج الجديد، فرنسا: تركيا توقفت عن إهانتنا وننتظر من أنقرة عمل ملموس، 3 مارس/ آذار 2021
[66] TRT عربي، تمهيداً لقمة مرتقبة.. مباحثات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، 11 مارس/ آذار 2021
[67] ترك برس، تشاووش أوغلو يبحث مع نظيره الإيطالي قضايا دولية، 2 مارس/ آذار 2021
[68] TimeTurk، وزير العدل التركي يبحث مع وفد أوروبي العلاقات والتعاون، 25 فبراير/ شباط 2021
[69] النشرة الدولية، انعقاد الجولة 62 من المحادثات الاستشارية بين تركيا واليونان في أثينا، 17 مارس/ آذار 2021
[70] ترك ميديا، أكار: تركيا تواصل المباحثات مع اليونان رغم الاستفزازات، 12 مارس/ آذار 2021
[71] تلفزيون سوريا، أكار يعلن رد بلاده على تحرش مقاتلات يونانية بسفينة أبحاث تركية، 23 فبراير/ شباط 2021
[72] TRT عربي، مصادر أمنية: اليونان نقطة عبور جديدة لتنظيم PKK الإرهابي، 3 مارس/ آذار 2021
[73] الأناضول، الدفاع التركية: القبض على 3 إرهابيين من “بي كا كا”، 27 فبراير/ شباط 2021
[74] تركيا الآن، تركيا: اليونان تواصل انتهاكاتها بجزر المتوسط، 8 مارس/ آذار 2021
[75] رويترز، اليونان تحتج على إرسال تركيا سفينة أبحاث للمياه الدولية في بحر إيجه، 18 فبراير/ شباط 2021
[76] RT عربي، اليونان تدعو إلى إعادة آيا صوفيا في اسطنبول إلى متحف، 24 فبراير/ شباط 2021
[77] الحرة، اليونان تدق ناقوس الخطر من “تشيرنوبل” جديد في تركيا، 13 مارس/ آذار 2021
[78] سكاي نيوز عربية، السيسي يبحث مع رئيس وزراء اليونان قضايا شرق المتوسط، 17 مارس/ آذار 2021
[79] موقع التلفزيون العربي، “جو إيجابي” في المحادثات.. وزير الخارجية اليوناني إلى تركيا الشهر المقبل، 17 مارس/ آذار 2021
[80] الحرة، واشنطن: مشاركة تركيا في برنامج F-35 لا تزال معلقة، 23 فبراير/ شباط 2021
[81] العربية، مطالبات لبايدن بالضغط على تركيا في ملف حقوق الإنسان، 2 مارس/ آذار 2021
[82] شبكة شام الإخبارية، برايس: واشنطن تريد العمال بشكل بناء مع تركيا لتحقيق المصالح المشتركة في سوريا، 3 مارس/ آذار 2021
[83] تلفزيون سوريا، الخارجية الأميركية تحيي ذكرى جنود أتراك قضوا في إدلب، 2 مارس/ آذار 2021
[84] ديلي صباح عربي، الولايات المتحدة تطلب من تركيا استضافة محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية، 9 مارس/ آذار 2021
[85] عربي 21، ماذا وراء دعوة واشنطن لأنقرة للعب دور في الأزمة الأفغانية؟، 10 مارس/ آذار 2021
[86] تركيا الآن، تركيا تعاتب أمريكا: خلافاتنا لا تحل بالمكالمات التليفونية، 12 مارس/ آذار 2021
[87] جريدة الشرق الأوسط، تركيا تتحرك لـ {تأمين حقوقها} في برنامج تصنيع طائرات «إف 35»، 20 فبراير/ شباط 2021
[88] عربي 21، من واشنطن لأنقرة: إشارات سلبية بطعم الضغوط، 2 مارس/ آذار 2021
[89] الجزيرة نت، أكد أن تحالفهما إستراتيجي.. أردوغان: مصالحنا المشتركة مع أميركا تفوق الخلافات، 21 فبراير/ شباط 2021
[90] Bloomberg، The West Should Help Turkey End Syria’s Civil War، 15 مارس/ آذار 2021
[91] الخليج الجديد، تركيا ترفض التخلي عن إس-400 مقابل وقف الدعم الأمريكي للأكراد، 2 مارس/ آذار 2021
[92] الجزيرة نت، وزير الدفاع التركي: منظومة إس-400 لا تشكل خطرا والقيود الأميركية تخالف روح الناتو، 26 فبراير/ شباط 2021
[93] العربي الجديد، كيف أشعلت صواريخ “إسكندر” الروسية أزمة سياسية في أرمينيا؟، 26 فبراير/ شباط 2021
[94] RT عربي، الجيش والشارع وباشينيان.. ماذا يحدث في أرمينيا الآن؟، 25 فبراير/ شباط 2021
[95] ترك برس، الرئاسة التركية تعلق على محاولة الانقلاب في أرمينيا، 25 فبراير/ شباط 2021
[96] بوابة الوسط، تركيا تدين «محاولة الانقلاب» في أرمينيا، 25 فبراير/ شباط 2021
[97] وكالة أنباء تركيا، “العدالة والتنمية” التركي يعارض محاولة الانقلاب في أرمينيا، 25 فبراير/ شباط 2021
[98] جريدة الراية، أردوغان: نقف ضد جميع أشكال الانقلابات بالعالم، 27 فبراير/ شباط 2021
[99] القدس العربي، أسباب جوهرية تدفع تركيا للقلق من نجاح محاولة الانقلاب العسكري في أرمينيا، 27 فبراير/ شباط 2021
[100] المصدر نفسه
[101] RT عربي، أرمينيا.. الرئيس ورئيس الوزراء يبحثان إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، 13 مارس/ آذار 2021
[102] الأناضول، أردوغان يكشف عن مبادئ خطة عمل حقوق الإنسان في تركيا (إطار)، 2 مارس/ آذار 2021
[103] عربي 21، أردوغان يكشف ملامح خطة عمل حقوق الإنسان في تركيا، 2 مارس/ آذار 2021
[104] وكالة أنباء تركيا، الأمم المتحدة تشيد بخطة أردوغان الخاصة بحقوق الإنسان، 12 مارس/ آذار 2021
[105] العربي الجديد، “العدالة والتنمية” يجدد قيادته بإسطنبول ويغازل حزب “السعادة”، 25 فبراير/ شباط 2021
[106] الخليج الجديد، خبراء: الانتخابات وراء اختيار شخصية أربكانية لرئاسة العدالة والتنمية بإسطنبول، 28 فبراير/ شباط 2021
[107] عربي 21، أردوغان يقود حراكا بإسطنبول.. ما علاقة “استراتيجية أربكان”؟، 27 فبراير/ شباط 2021
[108] العربي الجديد، تركيا: حزب “العدالة والتنمية” يعقد مؤتمره العام الشهر الحالي، 1 مارس/ آذار 2021
[109] المصدر نفسه
[110] الأناضول، أردوغان يعقد اجتماعا مع شريكه في “تحالف الشعب”، 4 مارس/ آذار 2021
[111] تلفزيون سوريا، زعيم الحركة القومية: الانتخابات الرئاسية بموعدها وأردوغان مرشحنا، 18 مارس/ آذار 2021