المحتويات
مقدمة
أبعاد صفقة الغاز ودوافعها
- الصفقة الأضخم
- لماذا يستورد النظام الغاز؟
- خلفية صفقات الغاز بين مصر وإسرائيل
أ. فترة مبارك
ب. فترة الثورة وحكم الرئيس مرسي
ج. فترة حكم السيسي
- لماذا الاستيراد من إسرائيل خصيصا؟
توتر موازٍ للقرار الإسرائيلي
- دوافع القرار الإسرائيلي
مصير صفقة الغاز
- من منظور إسرائيل
- من منظور مصر
بدائل الغاز الإسرائيلي
الخلاصات
مقدمة
شهدت العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ توقيع اتفاقية السلام عام 1979 تذبذبات متكررة بين فترات هدوء نسبي وأخرى مشوبة بالتوتر، لكن التعاون الاقتصادي ظل يمثل ركيزة للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار بين الطرفين.
وقد بدأت مصر تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل في عهد مبارك، وإن كان مسار التطبيع والتعاون مع الاحتلال قد لاقى رفضا شعبيا وسياسيا واسعا حينها، إلا أن المخاطر البارزة على الأمن القومي المصري تزايدت مع بدء استيراد مصر للغاز من إسرائيل في ظل نظام السيسي باتفاق عام 2018.
وقبل أشهر، برزت اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي من حقل “ليفياثان” التابع لدولة الاحتلال إلى مصر كأحد مظاهر الترابط الاقتصادي، حيث بلغت قيمتها 35 مليار دولار وتمتد حتى عام 2040. لكن هذه الصفقة وضعت مصر في موقف اعتماد مستمر على مصدر طاقة خارجي حساس، وهو ما يعكس قصور السياسات المصرية في تطوير بدائل محلية أو تنويع مصادر الغاز على مدى السنوات الماضية.
وفي سبتمبر/أيلول 2025، تصاعدت التوترات عندما أعلن الجانب الإسرائيلي سعيه لتجميد الاتفاقية، متهما مصر بانتهاك بنود اتفاقية كامب ديفيد، عبر تعزيز وجودها العسكري في سيناء. في المقابل، شدد النظام المصري على التزامه بالاتفاقية، مؤكدا أن إجراءاته الأمنية ذات طابع دفاعي هدفها حماية الحدود ومواجهة التهديدات المسلحة.
ويأتي هذا الخلاف في سياق أوسع من توترات متصاعدة بين الطرفين تشمل قضايا حساسة مثل رغبة الإسرائيليين في تهجير أهل غزة إلى سيناء، وتزايد انخراط مصر في تنويع شراكاتها العسكرية بعيدا عن الولايات المتحدة، وهو ما تعتبره إسرائيل تحديا لمعادلة التوازن التقليدي في المنطقة.
وانطلاقا من هذه الخلفية، تهدف هذه الورقة إلى تحليل الأبعاد السياسية للأزمة حول اتفاقية الغاز بين مصر وإسرائيل، وتقييم انعكاساتها على العلاقات الثنائية، مع الإشارة إلى المخاطر المترتبة على استمرار الاعتماد على الغاز الإسرائيل.
أبعاد صفقة الغاز ودوافعها
- الصفقة الأضخم
في 7 أغسطس/آب 2025، وقع النظام المصري اتفاقا وُصف بأنه “شراكة تاريخية” مع إسرائيل لاستيراد الغاز الطبيعي، بلغت قيمته 35 مليار دولار، ليصبح أضخم اتفاق تصدير في تاريخ دولة الاحتلال وأكبر صفقة طاقة تستوردها مصر. وينص الاتفاق على توريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز من حقل “ليفياثان” البحري حتى عام 2040، بزيادة تقارب ثلاثة أضعاف الكميات التي كانت مصر تستوردها بموجب اتفاق 2018.[1]
ويشارك في ملكية الحقل كل من شركة “NewMed” الإسرائيلية (45.34 بالمئة)، وشركة “Ratio” المحلية، إضافة إلى شركة شيفرون الأمريكية. واعتبر المدير التنفيذي لشركة “NewMed”، يوسي أبو، أن الاتفاق يمثل “صفقة رابحة للطرفين”، موضحا أن مصر ستوفر “مبالغ ضخمة” مقارنة باستيراد الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية. وتقدر بيانات “مبادرة بيانات المنظمات المشتركة” (JODI)، فإن إسرائيل توفر حاليا ما بين 15 و20 بالمئة من استهلاك مصر من الغاز. وتعمل مصر على إنشاء خط أنابيب جديد بتكلفة تُقدر بنحو 400 مليون دولار، لنقل الكميات الإضافية من الغاز الإسرائيلي.[2]
وباعتبار أن الصفقة جاءت في سياق من التوتر الإقليمي بسبب سياسات إسرائيل العدائية تجاه الشعب الفلسطيني ودول المنطقة، ليس آخرها استهداف قطر، فقد حرص النظام المصري على تصوير الاتفاقية باعتبارها ليست جديدة، بل كامتداد لاتفاق قائم بالفعل.[3] كما حرص رئيس وزراء النظام، مصطفى مدبولي، على التأكيد على أن الاتفاق “لن يؤثر على موقف مصر من القضية الفلسطينية”.[4]
لكن هذه الصفقة قيد المراجعة الآن من الجانب الإسرائيلي بعد أقل من شهر فقط على توقيعها، لأسباب سنوضحها فيما بعد. لكن بداية يجدر الحديث عن سبب استيراد النظام المصري للغاز، ومن إسرائيل تحديدا.
- لماذا يستورد النظام الغاز؟
رغم اكتشافات الغاز المتتالية في البحر المتوسط، تعاني مصر من ضغوط متصاعدة في قطاع الطاقة، ترجع إلى مجموعة من العوامل المتداخلة.[5]
أولا، شهد إنتاج الحقول المصرية تراجعا لافتا، إذ انخفض إنتاج حقل “ظُهر” البحري بأكثر من 40 بالمئة عام 2024 مقارنة بذروة إنتاجه في 2021. وتزداد خطورة هذا التراجع بالنظر إلى أن الغاز الطبيعي يمثل 51 بالمئة من إجمالي إنتاج الطاقة في مصر، ويغطي ما نسبته 76.8 بالمئة من الكهرباء المولدة محليا.
ثانيا، تراكمت ديون النظام المصري لصالح شركات الطاقة الأجنبية، ما أدى إلى تراجع الاستثمارات في تطوير حقول الغاز، وبالتالي ضعف القدرة على زيادة الإنتاج المحلي. ثالثا، تعاني شبكة الكهرباء من نسب مرتفعة من الفاقد بسبب السرقات، التي تصل في بعض المناطق إلى 45 بالمئة. وفي خلال 6 أشهر فقط، حصّلت وزارة الكهرباء حوالي 4 مليارات جنيه من أصل 6 مليار جنيه إجمالي قيمة محاضر سرقة التيار الكهربائي، التي يبلغ عددها 1.6 مليون محضر.[6]
رابعا، تضاعف الاستهلاك المحلي خلال العقدين الأخيرين مع تزايد عدد السكان الذي يتجاوز 110 ملايين نسمة، وتبلغ الأزمة ذروتها في أشهر الصيف، عندما ترتفع درجات الحرارة للتجاوز 50 درجة مئوية في بعض المحافظات. خامسا، تتأثر الواردات من الطاقة بظروف موسمية، فيتراجع معدل استيراد الغاز رغم الحاجة إليه، فمثلا تهبط نسبة استيراد الغاز “الإسرائيلي” إلى مصر بمعدل يقارب 8 بالمئة خلال فصل الصيف، بسبب زيادة الاستهلاك المحلي في دولة الاحتلال نفسها.
وتشير بيانات وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية و”مبادرة بيانات المنظمات المشتركة” إلى أن مصر تواجه عجزا يوميا بمليارات الأقدام المكعبة من الغاز، مع توقع أن تصل فاتورة استيراد الطاقة إلى نحو 3 مليارات دولار شهريا.[7]
ولهذا، يظل النظام المصري مضطرا إلى استيراد الغاز لتلبية الطلب المحلي المتزايد، لا سيما أن مسألة الكهرباء تمثل قضية حساسة للغاية ومصدر سخط شعبي مباشر. إذ أثبتت موجات الحر الشديدة في الصيف الأعوام الأخيرة أن أي انقطاع للكهرباء يضر بالأنشطة الاقتصادية ويثير استياء عاما، وهو ما يمثل تهديدا لاستقرار النظام السياسي.[8]
ويتضح ذلك من الأهمية التي يوليها النظام لهذا الملف، كما بدا من اعتذار “مدبولي” للمصريين خلال العام الماضي 2024 بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء.[9] وعندما قلّ انقطاع التيار الكهربائي في المحافظات النائية أبرز النظام المصري هذا، معتبرا أنه من منجزاته.[10]
- خلفية صفقات الغاز بين مصر وإسرائيل
قبل ذكر أسباب استيراد نظام السيسي الغاز من إسرائيل، يجدر بنا أن نعطي لمحة سريعة عن صفقات الغاز بين الجانبين، التي بدأت بتوريد الغاز المصري لإسرائيل في عهد مبارك، ثم تفاقم الأمر مع جنوح نظام السيسي إلى استيراد الغاز الإسرائيلي وبكميات كبيرة.
أ.فترة مبارك
كانت الصفقة الأولى في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، عندما وقعت الشركة القابضة للغاز، ممثلةً للحكومة المصرية، في عام 2005 اتفاقا مع شركة “إي إم جي” لتصدير نحو 1.7 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى إسرائيل لمدة عشرين عاما. مثّلت هذه الصفقة نقطة تحول في مسار التعاون الاقتصادي بين الطرفين، لكنها في الوقت نفسه فجّرت جدلا واسعا داخل مصر، نظرا لطبيعة الطرف الآخر في الاتفاق، والظروف الاقتصادية والسياسية التي أحاطت بها.[11]
حيث أثارت الاتفاقية موجة غضب شعبي تمثلت في تأسيس حملة “لا لنكسة الغاز”، التي خاضت مواجهة قانونية مع الحكومة في محاولة لوقف التصدير. وكان أبرز رموز هذه الحملة السفير إبراهيم يسري، الذي أقام دعواه الشهيرة لإلغاء تصدير الغاز لإسرائيل. وقد صدر حينها حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان التصدير، قبل أن يُوقف لاحقا، ثم تعدله المحكمة الإدارية العليا بإلزام الحكومة بمراجعة أسعار التصدير وفق الأسعار العالمية، وضمان تأمين احتياجات السوق المحلي أولا.[12]
وكان أحد أكثر الجوانب إثارة للجدل هو سعر بيع الغاز المنخفض، إذ حُدد السعر بين سبعين سنتا و1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، في وقت بلغت تكلفة الإنتاج نحو 2.65 دولار، ما عُدّ تفريطا في الثروة الوطنية وبيعا للغاز بأقل من تكلفته الفعلية. ومع بدء تنفيذ الاتفاقية في مايو/أيار 2008، عبر خط العريش–عسقلان، قدّرت التقارير أن مصر كانت تمد إسرائيل بما يقارب 40 بالمئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي.
ووصف يسري في مقابلة عام 2008 ما يجري بأنه “بلطجة قانونية”، مؤكدا أن الحكومة تنتهك الدستور عبر تجاهل نصوصه المتعلقة بحماية الموارد الوطنية ومصالح الشعب. وأشار إلى أن عدم عرض الاتفاقية على مجلس الشعب يبطلها قانونيا، لأن أي اتفاق يترتب عليه التزامات مالية يجب أن يُعرض على المجلس لإقراره.[13]
ب. فترة الثورة وحكم الرئيس مرسي
بعد ثورة يناير 2011، تعرض خط الغاز عسقلان-العريش لهجمات متكررة من مجموعة مجهولة الهوية أُطلق عليها اسم “الملثم”، حيث جرى تفجيره أكثر من 15 مرة خلال نحو عام ونصف. وفي أبريل/نيسان 2011، وجه رئيس الوزراء آنذاك، عصام شرف، بمراجعة جميع عقود تصدير الغاز، بما في ذلك تلك الموقعة مع إسرائيل والأردن، وفي أبريل/نيسان 2012 أعلنت الشركة المصرية القابضة للغاز إلغاء اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل.
وفي يونيو/حزيران 2012، صدر حكم قضائي ضد وزير البترول السابق سامح فهمي ورجل الأعمال حسين سالم بالسجن 15 عاما، لتورطهما في تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة، ما كبد الدولة نحو 715 مليون دولار. لكن بعد نحو ثلاث سنوات، ومع استئناف المحاكمة والنقض، تم تبرئة المتهمين في فبراير/شباط 2015.
أما الرئيس محمد مرسي، فقد رفض تعزيز التعاون بين الطرفين في مجال الغاز،[14] بل وذكر مراقبون أن أحد الأسباب التي ربما حفزت الانقلاب هي أن مرسي رفض استيراد الغاز الإسرائيلي، رغم الحاجة إلى استيراد الغاز، ورفض السماح لإسرائيل باستخدام منشآت الغاز المسال المصرية وقناة السويس لتصدير غازها إلى الأسواق العالمية. إذ كانت إسرائيل، بعد اكتشافها كميات ضخمة من الغاز في حقلي “ليفياثان” و”تمار”، تبحث عن منفذ لتصدير إنتاجها، ووجدت في منشآت مصر وخطوطها البحرية وقناة السويس الخيار الأنسب لذلك.
لكن مرسي عارض هذا التوجه تماما، سواء فيما يتعلق باستيراد الغاز من إسرائيل أو بتحويل مصر إلى محطة عبور لتصدير الغاز الإسرائيلي، وهو ما اعتُبر عائقا أمام صفقة كبرى كانت تلبي مصالح إسرائيل وشركات غربية، وربما شكّل -إلى جانب عوامل أخرى- حافزا اقتصاديا لدعم الإطاحة به.[15]
وذكرت تقارير أن قطر عرضت خلال حكم الرئيس مرسي تزويد مصر بالغاز المسال مجانا في المرحلة الأولى، في إطار اتفاق أوسع لتجاوز أزمة الطاقة دون اللجوء إلى الغاز الإسرائيلي. وكان من المقرر أن تعتمد هذه الخطة على إنشاء محطة تغويز عائمة في ميناء العين السخنة، لتحويل الغاز المسال المستورد إلى حالته الغازية وضخه في الشبكة القومية، بما يمنح مصر استقلالا ومرونة في استيراد الغاز من أي مصدر.
غير أن هذا المشروع أُوقف بعد الانقلاب على الرئيس مرسي، كما أُلغيت الصفقة القطرية، وهو ما اعتبره مراقبون قرارا ذا خلفية سياسية أكثر منه اقتصادية، إذ مهّد عمليا الطريق أمام إدخال الغاز الإسرائيلي إلى السوق المصرية في السنوات التالية.[16]
ج. فترة حكم السيسي
وبالفعل، بعد الانقلاب تزايد التعاون المصري-الإسرائيلي في مجال الغاز، كما استمر الجدل بشأنه، ففي عام 2017، بعد صدور قانون تنظيم أنشطة سوق الغاز، عاد يسري ليؤكد ويستشرف أن الهدف الحقيقي من القانون هو “تقنين استيراد الغاز من إسرائيل”، مضيفا أن القانون يمثل غطاء لتبرير شراء الغاز الذي تستخرجه إسرائيل من حقول كانت في الأصل مصرية، مثل سامسون وليفياثان.[17]
وهو ما حدث، ففي فبراير/شباط 2018، أعلنت شركة “ديليك دريلينغ” الإسرائيلية عن توقيع عقد لمدة عشر سنوات، بقيمة 15 مليار دولار، لتصدير الغاز الطبيعي لمصر. وكانت هذه الصفقة هي الأولى من نوعها، حيث باتت مصر مستوردة للغاز من دولة الاحتلال، إلى أن وصلنا للصفقة محل الحديث.
- لماذا الاستيراد من إسرائيل خصيصا؟
يمكن القول إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية، اقتصادية وسياسية، دفعت النظام لاستيراد الغاز من إسرائيل تحديدا، رغم المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها هذا الاعتماد على أمن الطاقة المصري:
أولا، يرى النظام المصري أن التعامل مع إسرائيل يحمل مصلحة اقتصادية مباشرة، إذ يمثل الغاز الإسرائيلي عبر خطوط الأنابيب أحد الحلول الأسرع والأكثر موثوقية لمعالجة الفجوة المتزايدة في إمدادات الطاقة. وقد دافع قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، عن هذه الخطوة في خطاب شهير عام 2018، قائلا: “إحنا جبنا جول يا مصريين”، معتبرا أن الاتفاقية تمثل إنجازا استراتيجيا للبلاد.[18]
فحينها، رأى السيسي أن الصفقة مع إسرائيل تعزز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط، بفضل امتلاكها منشآت ومعامل لتسييل ومعالجة الغاز لا تتوافر لدى غالبية دول المنطقة. كما أوضح أن الهدف ليس الاستيراد من إسرائيل فقط، بل يشمل أيضا استقطاب الغاز المكتشف في قبرص ولبنان ودول أخرى، ومعالجته في مصر قبل إعادة تصديره أو استخدامه محليا.[19]
وبلغة الأرقام، ففي ظل ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعي المسال، يبقى الغاز “الإسرائيلي” عبر الأنابيب الخيار الأرخص لتغطية العجز. وقد حاول النظام سد العجز عبر تعزيز واردات الغاز المسال، التي ارتفعت تكلفتها من 12 مليار دولار عام 2024 إلى نحو 19 مليار دولار عام 2025، إلا أن الاعتماد على الغاز “الإسرائيلي” بدا خيارا أقل كلفة نسبيا،[20] رغم مخاطره الجيوسياسية التي تحدق بمصر.
وقد كشفت تقارير أن الاتفاق الجديد يفرض سعرا أعلى من الاتفاق السابق، حيث ستدفع مصر نحو 35 مليون دولار إضافية لكل مليار متر مكعب من الغاز، أي بزيادة قدرها 14.8 بالمئة.[21] ورغم ذلك، يظل الغاز “الإسرائيلي” هو الأرخص، مقارنة بالبدائل الأخرى، سواء كان تحويل الغاز المسال إلى أنابيب أو الاعتماد على مصادر أخرى، التي ترفع التكلفة بحوالي 2.5 مليار دولار إضافية سنويا، وفق بعض التقديرات.[22]
ثانيا، يبدو أن السيسي يرغب في استخدام ملف الغاز كأداة لتخفيف التوترات التي تصاعدت مع دولة الاحتلال خلال الفترة الماضية. فالحرب في غزة ومواقف مصر الرافضة لمحاولات تهجير السكان الفلسطينيين إلى سيناء، وتزايد تسليح الجيش المصري وتنويع مصادر التسليح وغيرها من القضايا، كل ذلك خلق حالة من الاحتكاك والتوتر مع إسرائيل.
في هذا السياق، ربما يعتقد السيسي أن التعاون في مجال الطاقة فرصة لإظهار الانفتاح على التعاون العملي، والحفاظ على العلاقات الثنائية. وقد التقطت أطراف إسرائيلية هذه الرسالة، فقد نشر “معهد دراسات الأمن القومي” الإسرائيلي، في ديسمبر/كانون الأول 2024، ملفا شاركت فيه أميرة أورون، التي شغلت منصب سفيرة إسرائيل لدى القاهرة (2020-2024)، حمل عنوان: “نور وسط العتمة: كيف يمكن تعزيز العلاقات في مجال الطاقة بين إسرائيل ومصر؟”[23]
وجاء في هذا الملف أن حاجة مصر للغاز “تتيح فرصة لتعزيز العلاقات المصرية-الإسرائيلية”، وعلى هذا، أورد عدة توصيات للحكومة الإسرائيلية، أبرزها تسريع تطوير بنية تحتية لنقل الغاز من إسرائيل إلى مصر، ودعم مصر في مشاريع الطاقة المشتركة بما في ذلك حقول الغاز البحرية في غزة، وتحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منصة أوسع للحوار الإقليمي، بالإضافة إلى تشجيع برامج مشتركة في الطاقات المتجددة لتقليل الاعتماد المتبادل على الغاز الطبيعي.
ثالثا، فإن الولايات المتحدة تشجع منذ سنوات طويلة فكرة الاندماج الإقليمي، بجوانبه المختلفة خاصة في الجانب الاقتصادي، وهي تهدف في هذا السياق إلى إعادة صياغة العلاقات بين دول المنطقة من خلال مشاريع اقتصادية ضخمة مثل الغاز والبنية التحتية المشتركة. وقد ظهر ذلك في دعمها للمنتديات متعددة الأطراف مثل منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم مصر وإسرائيل إلى جانب دول أخرى، فضلا عن تشجيعها لشبكات ثنائية وإقليمية مثل محور إسرائيل–الأردن–مصر أو اليونان–قبرص–إسرائيل. فهي ترى أن هناك دولا في الإقليم غنية بموارد تسعى إلى تصديرها، وأخرى بحاجة إلى الاستيراد، بما يخلق شبكات اعتماد متبادل تعزز من استقرار التحالفات التقليدية للولايات المتحدة.[24]
وللهدف نفسه، على سبيل المثال، رعت واشنطن عام 2004 اتفاقية “المناطق الصناعية المؤهلة” (الكويز) بين مصر وإسرائيل، الذي أتاح لمصر تصدير منتجاتها إلى السوق الأمريكية من دون جمارك شرط تضمين مكوّن إسرائيلي.[25] ويأتي التوجه لاستيراد الغاز من إسرائيل في جزء منها تماهيا مع هذا التوجه الأمريكي.
توتر موازٍ للقرار الإسرائيلي
رغم الدوافع التي ذكرها المحور السابق، فإن صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تحولت من واجهة للتعاون الاقتصادي إلى مصدر للتوتر السياسي، بفعل توجه الحكومة الإسرائيلية إلى محاولة استخدام الصفقة كورقة للضغط على النظام المصري.
ففي 2 سبتمبر/أيلول 2025، أي بعد أقل من شهر من توقيع الاتفاقية، نشرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أصدر توجيهات بعدم المضي في تنفيذ صفقة الغاز الضخمة مع مصر دون موافقته الشخصية، على أن يبحث مع وزير الطاقة إيلي كوهين كيفية المضي قدما في الصفقة؛ هذا على الرغم من أن المخول بإقرار الاتفاقية من الجانب الإسرائيلي لتوضع موضع التنفيذ هو وزير الطاقة.[26]
وذكرت الصحيفة أن القرار جاء بناء على تقارير تفيد بانتهاك مصر للملحق الأمني لاتفاقية السلام 1979، ما جعل الحكومة الإسرائيلية تعيد النظر في الصفقة على أعلى المستويات. وأكدت الصحيفة أن إسرائيل تستخدم لأول مرة ورقة اقتصادية فعّالة في مجال الطاقة، عبر ربط استمرار تزويد مصر بالغاز الضروري بشدة باستيفاء التزاماتها بموجب المعاهدة.
ومن اللافت أن الصحيفة نفسها -وهي مملوكة لمريام أدلسون أرملة الملياردير الأمريكي الشهير شيلدون أديلسون- كانت قد نشرت في أواخر أغسطس/آب 2025، سلسلة مقالات تُصوّر مصر كقوة معادية لإسرائيل، وأنها قد انتهكت اتفاقيات كامب ديفيد بنقلها دبابات وقوات إلى سيناء. وعندما ذكرت الصحيفة توجيه نتنياهو بإعادة النظر في الصفقة، ربطت بين ذلك التوجه وبين زيادة التواجد العسكري المصري في سيناء.[27]
وقد ذكر موقع “ميدل إيست آي”، في 19 أغسطس/آب، أن مصر نشرت نحو 40 ألف جندي في شمال سيناء، أي تقريبا ضعف الحد المسموح به وفق اتفاقية السلام. وأشار مصدر عسكري رفيع إلى أن الجيش المصري على أعلى حالة تأهب شهدها منذ سنوات، مؤكدا أن الانتشار يأتي دفاعا عن الحدود، وأن أي اعتداء إسرائيلي على الأراضي المصرية سيقابل برد حاسم.[28]
ومن وجهة نظر صحيفة “يسرائيل هيوم”، فإن النظام المصري لم يستجب لتحذيرات سابقة ولا حتى لضغوط أمريكية مورست عليه في هذا الملف. فبالرغم من أن واشنطن سعت إلى إعادة تفعيل آليات المراقبة الدولية على الانتشار العسكري المصري في سيناء، فإن هذه الجهود لم تحقق نتائج ملموسة. وهو ما جعل إسرائيل ترى أن الوقت قد حان لاستخدام أدوات ضغط جديدة، فجاءت صفقة الغاز لتتحول من ملف اقتصادي إلى ورقة ضغط سياسي.
وفي المقابل، جاء رد الفعل المصري على هذه التسريبات سريعا، في 3 سبتمبر/أيلول 2025، أي في اليوم التالي مباشرة، عبر لقاء تلفزيوني ظهر فيه ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات.[29] ووصف “رشوان” قرار نتنياهو حول اتفاق الغاز بأنه “استفزازي” ويحمل أهدافا سياسية، مؤكدا في لقاء تلفزيوني أن مصر قادرة على مواجهة أي تداعيات اقتصادية أو سياسية محتملة جراء تجميد أو إلغاء الاتفاقية.
وأشار رشوان إلى أن مصر لا تعتمد على مصدر واحد للطاقة، ولديها خطط بديلة للتعامل مع أي تحديات ناجمة عن توقف الغاز الإسرائيلي، مضيفا أن الجانب الإسرائيلي سيكون “الخاسر الأكبر” في حال تنفيذ أي تهديد. وربما يقصد هنا أن حاجة إسرائيل للأموال المصرية تتجاوز حاجة مصر للغاز “الإسرائيلي”، باعتبار أن لدى القاهرة بدائل؛ غير أن هذه البدائل -كما أسلفنا- أكثر تكلفة بالنسبة لمصر.
لكن تصاعد التوترات بين الطرفين لم ينحصر في قضية الغاز فقط، بل شمل ملفات أخرى. فقد أثارت تصريحات نتنياهو حول مسؤولية مصر عن حبس الفلسطينيين في غزة ورفض تهجيرهم غضبا في القاهرة،[30] التي ردت ببيانات رسمية أكدت أن مصر لن تكون بوابة لأي مخطط تهجير، واعتبرت الأمر خطا أحمر.[31] وتفاقم السجال حين اتهم مكتب نتنياهو مصر بأنها “تسجن سكان غزة”.[32] وبدأ بعض الإعلاميين والمسؤولين المصريين يتناولون احتمالية وجود صدام عسكري، خاصة بعد استهداف إسرائيل لدولة قطر، والذي اعتبرته القاهرة تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي.[33]
كما حذرت مصر من أي عمليات إسرائيلية على أراضيها، بعدما كشفت تقارير عن محاولات سابقة لاستهداف قيادات فلسطينية داخل القاهرة.[34] وأكدت مصادر أمنية أن أي تحرك من هذا النوع سيُعد “إعلانا للحرب”.[35] وزاد التوتر مؤخرا مع تقديم نتنياهو شكاوى لواشنطن بشأن ما وصفه “تحشيدات عسكرية” مصرية في سيناء، تضمنت –بحسبه– مدارج للطائرات ومواقع لتخزين الصواريخ، وهو ما اعتبرته تل أبيب تهديدا خطيرا.[36]
وهكذا، يتضح من مجمل هذه التطورات ارتفاع منسوب التوتر بين مصر ودولة الاحتلال، وخروج الخلافات للعلن. فقد جاءت التصريحات الإسرائيلية بإعادة النظر في صفقة الغاز في ظل اتهامات لمصر بانتهاك التزاماتها، بينما جاء الرد المصري السريع ليوضح رفضه التورط في تهجير الفلسطينيين.
ومن مجريات الأحداث يتضح أن الجانب الإسرائيلي هو الذي أشعل فتيل هذا التوتر، خاصة مع قراره بإعادة النظر في صفقة الغاز، التي كان النظام المصري يأمل أن تتحسن العلاقات من خلالها. وهو ما يقودنا إلى الحديث عن طبيعة الأسباب التي دفعت الكيان الإسرائيلي لاتخاذ هذا المنحى.
- دوافع القرار الإسرائيلي
على الرغم من أن قرار نتنياهو بإعادة النظر في صفقة الغاز مع مصر هي خطوة في شأن اقتصادي، إلا أن الدوافع خلفه سياسية بالدرجة الأولى. وهذا ما يمكن رصده بوضوح في تفاعل الجانبين مع القرار والتطورات التي توازت معه.
فسردية كل طرف، كما أسلفنا، تؤكد أن للأمر أبعادا أخرى تتجاوز صفقة الغاز ذاتها، غير أن ما يعزز الرواية المصرية على وجه الخصوص، والقائلة بأن الهدف الحقيقي لإعادة النظر في صفقة الغاز هو الضغط على مصر لقبول التهجير، يتمثل في تكرار الهجوم الإسرائيلي على مصر بسبب موقفها الرافض للتهجير.
وبالتالي، فإن تكرار هذه الضغوط والاتهامات يوضح أن إعادة النظر في الاتفاقية هو بمثابة ورقة إضافية في محاولة ابتزاز مصر. وهو ما يتسق مع ما جاء في ورقة سابقة لـ “مركز المسار”، بعنوان: “التخوف الإسرائيلي من تطور القدرات العسكرية المصرية.. الأسباب والشواهد والمآلات”، فقد ذكرت أن إسرائيل سوف تزيد ضغوطها على مصر لدفعها لتنازلات في القضايا الخلافية، وأن هذه الضغوط ستتخذ أشكالا اقتصادية وسياسية.
مصير صفقة الغاز
رغم هذا الجدل الذي يرتبط بالاتفاقية حاليا، فإن صفقة الغاز تظل مهمة عند كلٍّ من النظام المصري ودولة الاحتلال الإسرائيلي، فلدى كل طرف ما يجعله متمسكا بها في نهاية المطاف. لكن من جهة أخرى، يسعى النظام المصري -وإن بدا ذلك متأخرا- إلى توفير بدائل، تحسبا لتوقف التعاون مع إسرائيل.
- من منظور إسرائيل
1- تنظر إسرائيل إلى صفقة الغاز مع مصر كأداة لتوليد دخل اقتصادي ونفوذ سياسي إضافي، يتيح لها التأثير على مسار العلاقات الإقليمية والتحكم في تدفقات الطاقة الحيوية. وكما يلاحظ إيلاي ريتيج، الأستاذ المساعد في جامعة بار إيلان والباحث الكبير في “مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية”، فإن إلغاء الاتفاق إن حدث سيكون أمرا خارجا عما هو مألوف عن شخصية نتنياهو. فلطالما كان نتنياهو داعما قويا لما يُعرف بـ “دبلوماسية خطوط الأنابيب”، أي استخدام صادرات الغاز الطبيعي لبناء علاقات إقليمية. حتى إنه وصف يوم اتفاق الغاز بين مصر وإسرائيل في عام 2018 بأنه “يوم عيد”.[37] ولذلك، فإن إلغاء الصفقة سيكون خارجا تماما عن طبعه.[38]
2- إلغاء الاتفاق قد يقوض طموحات إسرائيل في التوسع الإقليمي لتصدير الغاز، إذ تُعد الثقة حجر الأساس في هذه العملية. لكن استخدام الغاز كورقة ضغط سياسي يضعف هذه الثقة ويهدد العقود طويلة الأجل، ويُعرقل خطط تصدير الغاز ليس فقط إلى مصر، بل أيضا إلى لبنان وسوريا وحتى تركيا. لذلك، أي سياسات تستهدف استغلال الغاز للضغط قد تُبعد العملاء المحتملين وتضعف جهود إسرائيل ضمن إطار اتفاقيات التطبيع والمشاريع الكبرى الأخرى.
- من منظور مصر
من منظور النظام المصري، تبدو صفقة الغاز مع إسرائيل -رغم ما تمنحه من نفوذ للطرف الآخر ورغم المناخ الإقليمي المتوتر بعد السابع من أكتوبر- خيارا عمليا ما زال مجديا حتى الآن. فالصفقة الموقعة في أغسطس/آب 2025 -وهي الأكبر بينهما- جاءت بعد عامين من الحرب وفي ظل تصاعد التوتر حول ملف التهجير وغيره، ما يعكس ميل الموقف المصري الرسمي إلى البراغماتية في ذلك الملف والتمسك بالصفقة.
ويتأكد هذا الفهم للموقف المصري عند النظر في تصريحات ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات. فقد عبّر عن هذا المنطق حين أكد أن إسرائيل ستكون الخاسر الأكبر في حال إلغاء الاتفاق، ما قد يدلل على أن مصر لا تنوي الانسحاب منه إذا لم تنسحب إسرائيل، وإذا لم تبرز ظروف جديدة تجبرها على التخلي عن الصفقة.
هذه المقاربة تعكس عاملين أساسيين: الأول اقتصادي، حيث إن أي بدائل أخرى للغاز ستكلف مصر نحو 2.5 مليار دولار إضافية سنويا، وفق بعض التقديرات. والثاني يتعلق بمسألة الاستقرار النسبي في الإمدادات، إذ رغم بعض التعطيلات -التي يراها النظام المصري مؤقتة ولا تستدعي القلق- ظل تدفق الغاز الإسرائيلي إلى حد كبير مستمرا حتى في ذروة التوتر.
فعلى سبيل المثال، خلال الأسابيع الخمسة الأولى من الحرب تعطلت الإمدادات بنسبة تجاوزت 50 بالمئة نتيجة وقف استخراج الغاز من حقل “تمار” القريب من غزة، إضافة إلى تعليق تشغيل خط أنابيب غاز شرق المتوسط خشية تعرضه لهجمات.[39] ومع ذلك، استمر تدفق الغاز عبر الأردن دون انقطاع. كما شهد مايو/أيار 2025 توقفا للصيانة في حقل “ليفياثان” أدى إلى خفض الإمدادات، لكنه ظل محدودا زمنيا.[40]
وبالمقارنة مع حدة التوتر الإقليمي المستمرة منذ عامين، يعتبر النظام المصري أن هذه الأعطال لا تمثل تهديدا جوهريا للصفقة. من هنا، يجد في استمرار الاتفاق مع إسرائيل خيارا مقبولا، وأمرا يمكن المضي فيه، انطلاقا من حسابات التكلفة والجدوى.
ورغم أن النظام المصري لا يزال يرى جدوى الاتفاقية، إلا أنه غير مطمئن تماما لعدم استخدام إسرائيل لهذه الورقة لأغراض سياسية وبشكل أكثر ابتزازا، خاصة في ظل تحذيرات كثيرين بأن ربط قطاع الطاقة المصري بدولة الاحتلال يحمل مخاطر جمة على الأمن القومي المصري.
ولهذا، اجتمع السيسي في 7 سبتمبر/أيلول 2025 مع مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وكريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية.[41] فبحسب البيان الرسمي، تناول الاجتماع محاور أساسية تشمل وضع الاكتشافات والاتفاقيات والموقف التنفيذي للمشروعات الجارية، والسبل المطروحة لتعزيز الإنتاج المحلي من الثروات البترولية والغازية، وتطورات البنية التحتية لضمان توافر الكميات اللازمة لتلبية احتياجات السوق المحلي. كما وجّه السيسي بمواصلة تطوير الآبار الجديدة المكتشفة، وإدراجها ضمن خريطة الإنتاج، مع تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف.
هذا الاجتماع الذي جاء في خضم الجدل حول الصفقة مع إسرائيل يشير إلى أن النظام المصري بدأ يسعى إلى تجهيز بدائل تضمن استمرار أمن الطاقة في حال تعطل التعاون مع إسرائيل.[42]
بدائل الغاز الإسرائيلي
يمكن القول إن أزمة الغاز في مصر تعكس مدى هشاشة سياسات الطاقة الوطنية واعتمادها المفرط على مصدر خارجي واحد، وهو الغاز الإسرائيلي. فقد أظهرت السنوات الأخيرة أن تدفقات الغاز الإسرائيلي، التي كان من المفترض أن تُستخدم لتسييل الغاز وتصديره إلى أوروبا، تحوّلت تدريجيا لتغطية جزء أساسي من الاستهلاك المحلي، بما يعكس إخفاق النظام المصري في وضع سياسات تحمي أمن الطاقة الوطني.
فواردات الغاز الإسرائيلي باتت تمثل ما بين 20 إلى 25 بالمئة من استهلاك مصر اليومي، حتى قبل الصفقة، وهو ما يجعل الأمن القومي المصري رهينا لإرادة طرف خارجي قد يستخدم الغاز كورقة ضغط سياسية، كما حصل خلال الحرب الجارية على غزة حين توقفت الإمدادات بحجة الصيانة أو ظروف الحرب.[43]
ومنذ سنوات، يحذر متخصصون من هذه السياسة، باعتبار أن التعامل مع الغاز الإسرائيلي كسلعة اقتصادية فقط، دون اعتبار للبعد الاستراتيجي، خطأ فادح. فالاعتماد على الغاز الإسرائيلي يضع مصر في موقف ضعف أمام الأزمات الجيوسياسية التي تشهدها إسرائيل، ويجعل الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل الحديد والأسمدة والبتروكيماويات، معرضة للتوقف الكامل عند أي انقطاع للإمدادات.[44]
ولا يقف الأمر عند الاستيراد من إسرائيل، بل في مشكلات في إدارة ملف الغاز بالعموم. فإدارة الإنتاج المحلي من حقل ظهر لم تكن متوازنة، حيث أدى التسارع في الإنتاج دون مراعاة الجوانب الفنية للآبار إلى تراجع ملحوظ في الإنتاج الكلي، ما زاد من فجوة الإمدادات.
كما كشفت الأزمة الأخيرة عن محدودية الخيارات المصرية في مواجهة أي انقطاع مفاجئ للغاز، نظرا لغياب البنية التحتية الكافية لاستيراد الغاز المسال، واعتمادها على العقود الفورية القصيرة الأجل التي تجعل تأمين شحنات الغاز في الأوقات الحرجة معقدا ومكلفا. وحتى مع استحداث وحدات إعادة التغويز وتأجير سفن لاستقبال الغاز المسال في موانئ السخنة ودمياط، يؤكد متخصصون أن مصر تظل بحاجة إلى استراتيجيات أكثر صرامة لتقليل اعتمادها على الغاز الإسرائيلي، وتطوير شبكة واسعة من الشراكات الدولية طويلة الأجل.[45]
ومع تصاعد التوترات، بدأت الحكومة خطوات أولية نحو تنويع مصادر الغاز، غير أن هذه الخطوات لا تعوض السنوات الطويلة من الاعتماد على الغاز الإسرائيلي، وهو ما يعكس تباطؤ النظام المصري في اتخاذ قرارات جذرية لتعزيز أمن الطاقة الوطني.
وفيما يلي بعض الخطوات التي بدأ النظام مؤخرا في اتخاذها:
1. الاعتماد على الإنتاج المحلي
بداية، يسعى النظام المصري إلى تعظيم الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي عبر تطوير الحقول الحالية وحفر آبار جديدة في البحرين المتوسط والأحمر وخليج السويس والصحراء الغربية وشمال سيناء، وذلك من خلال اتفاقيات مع شركات دولية واستثمارات تجاوزت 121 مليون دولار.[46] وتشمل هذه الجهود حفر عشرات الآبار الاستكشافية وتنفيذ خطة لحفر 71 بئرا، بهدف زيادة الإنتاج المحلي إلى 7 مليارات قدم مكعبة يوميا، أو على الأقل تثبيت التراجع الحاد في الإنتاج خلال خمس إلى سبع سنوات.[47]
لكن بالرغم من هذه الخطوات، يظل الإنتاج المحلي غير كافٍ لتغطية الاستهلاك الحالي، خاصة في ذروة الصيف التي تصل فيها الحاجة إلى نحو 7 مليارات قدم مكعبة يوميا، بينما الإنتاج المحلي لا يتجاوز 5.3–5.5 مليارات قدم مكعبة.[48] ومع ذلك، فإن الاستثمار في تطوير الحقول الناضبة وتحفيز القطاع الخاص المحلي يمثل خيارا طويل الأمد لتعزيز الاستقلال في مسار الطاقة.
2. استيراد الغاز المسال
لجأ النظام المصري إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال من الأسواق العالمية لتغطية العجز، وذلك عبر وحدات تخزين وتغويز عائمة. وذكرت وزارة البترول المصرية أن قدرات التغييز خلال ذروة الاستهلاك للعام 2025 وصلت إلى 2700 مليون قدم مكعب في اليوم، عبر 4 وحدات عائمة، وذلك بتواجد الوحدة “هوج جاليون” بالعين السخنة منذ العام 2024، وإضافة الوحدتين “إنيرجيوس إسكيمو” و”إنيرجيوس باور”، القادمة من ألمانيا،[49] وربطهما برصيفى مينائى سوميد وسونكر بالعين السخنة، وإضافة الوحدة “وينتر” وربطها برصيف الشركة المتحدة لمشتقات الغاز بدمياط، ليصل إجمالى عدد وحدات التغييز المتاحة خلال ذروة فصل الصيف إلى 4 سفن تغييز عائمة.[50]
هذا فضلا عن التعاون مع الأردن، عبر استقدام وحدة تغييز أخرى “إينيرجيوس فورس” والتى وصلت لميناء العقبة بالأردن أواخر يوليو/تموز 2025، لربطها بخط الغاز العربى مما يوفر إضافة جديدة للبلدين بتوفير مدخل جديد للشبكات القومية، بقدرة تغييز تصل إلى 750 مليون قدم مكعب في اليوم.[51] وقد أجرت مصر محادثات لشراء ما بين 40 إلى 60 شحنة من الغاز المسال هذا العام، مع احتمال ارتفاع الطلب إلى 150 شحنة على المدى الطويل.[52]
لكن تُعد هذه الاستراتيجية حلا قصير إلى متوسط المدى، يمكّن مصر من ضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، رغم ارتفاع التكاليف مقارنة بالغاز الإسرائيلي، حيث قد تصل تكلفة شراء الغاز المسال إلى نحو 3 مليارات دولار سنويا.[53] ومن المتوقع أن توفر هذه الواردات الاحتياجات الطارئة حتى انتهاء الصيف أو حتى بدء تشغيل مشروعات إنتاج محلي جديدة أو ربط الغاز القبرصي بمصر.
3. الربط بشركاء إقليميين ودوليين
يعمل النظام على تنويع مصادر الغاز عبر اتفاقيات مع قطر لاستيراد الغاز الطبيعي طويل الأجل، وكذلك عبر خطوط غاز مستقبلية مع قبرص، حيث تمتلك الأخيرة احتياطيات كبيرة في حقل “أفروديت”، يمكن معالجتها في منشآت الإسالة المصرية في إدكو ودمياط. وفي هذا السياق، توافقت مصر وقبرص، في 9 سبتمبر/أيلول، على تسريع آلية ربط حقول الغاز الطبيعي القبرصي، وفي مقدمتها حقلي “كرونوس” و”أفروديت”، بالبنية التحتية للطاقة في مصر، على أن يتحقق ذلك بحلول عام 2027.[54]
كما تبحث مصر عن اتفاقيات محتملة مع دول أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة وتركيا لتعزيز خياراتها الاستراتيجية في حال توقف الإمدادات الإسرائيلية.[55]
4. زيادة الاعتماد على المازوت والسولار والطاقة المتجددة
مع ارتفاع الطلب على الكهرباء وتراجع الإمدادات، بدأت مصر بتقليل الاعتماد على الغاز في تشغيل محطات الكهرباء الحرارية، واستبداله بالمازوت والسولار، مع تعزيز مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة (الرياح والشمس) في مزيج الطاقة، حيث تستهدف زيادة مساهمتها من 14 بالمئة حاليا إلى 42 بالمئة بحلول 2030.[56]
ومنذ استضافة مصر لمؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ (COP 27) في عام 2022، أبرمت عددا من مذكرات التفاهم في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مع تطلع لتصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة وإلى أوروبا عبر كابل بحري يصل إلى اليونان.[57]
الخلاصات
تمثل سياسة الاستيراد المستمر للغاز من إسرائيل، التي بدأها نظام السيسي، نقطة ضعف استراتيجية للأمن القومي المصري. فتوريد الغاز المصري لإسرائيل في عهد مبارك، وإن كان تطبيعا استهجنه الشعب وكثير من القوى السياسية في حينه، إلا أن الأخطر كان استيراد الغاز “الإسرائيلي” والاعتماد عليه، وهي السياسة التي بدأها السيسي في 2018، ثم عززها بالاتفاق محل الحديث في هذه الورقة.
وبينما يُنظر إلى الغاز الإسرائيلي من منظور اقتصادي كخيار أسرع وأرخص نسبيا لتغطية الطلب المحلي المتزايد، إلا أن هذه الفائدة القصيرة المدى تخفي مخاطر جسيمة على المدى الطويل.
فالاعتماد على مصدر واحد، خصوصا من طرف تجمعه بمصر علاقة عداء تاريخية، يجعل الإمدادات عرضة للابتزاز السياسي واستخدامها كورقة ضغط، كما ظهر خلال الحرب على غزة حين توقف جزء من الإمدادات بشكل مؤقت نتيجة التوترات الإقليمية، وإن اعتبر النظام المصري هذا التوقف فني وفي نطاق مقبول.
والأزمة هنا تتجاوز الجانب السياسي إلى التأثير المباشر على البنية التحتية والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الحديد والأسمدة والبتروكيماويات، حيث يمكن لأي انقطاع للغاز أن يؤدي إلى توقف الإنتاج بالكامل، وهو ما يضع الاقتصاد المصري أمام تهديدات فعلية تتجاوز مجرد تكاليف مالية إضافية تقدر بحوالي 2.5 مليار دولار سنويا إذا اعتُمد على بدائل أخرى.
وعلى الرغم من أن الحكومة حاولت تعزيز قدراتها من خلال استيراد الغاز المسال وتأجير وحدات إعادة التغويز في موانئ السخنة ودمياط، فإن هذه الإجراءات لا تمثل حلا استراتيجيا نهائيا، إذ لا تزال هناك فجوة كبيرة في أمن الطاقة، وغياب تنويع طويل الأمد يجعل البلاد رهينة للضغوط الإقليمية وأزمات السوق العالمية.
ويؤكد هذا الوضع الحاجة الملحة إلى تبني سياسات أكثر صرامة لتقليل الاعتماد على الغاز الإسرائيلي، عبر تطوير الحقول المحلية بشكل مستدام، وتأمين عقود طويلة الأجل مع مصادر موثوقة، وتوسيع الشراكات الدولية التي تضمن بدائل قابلة للتنفيذ سريعا عند أي اضطراب في الإمدادات.
المصادر
[1] MEE staff, “Egypt signs record $35bn gas deal with Israel, paying 14 percent more for imports,” Middle East Eye, August 8, 2025 – Link
[2] مصر تنشئ خط أنابيب جديداً لنقل الغاز الإسرائيلي بـ400 مليون دولار، اقتصاد الشرق مع بلومبرغ، 31 أغسطس/آب 2025 – الرابط
[3] Sherine Samir, “MoMPR spokesperson: The Gas deal with Israel is Not New,” Egypt Oil & Gas Group, August 9, 2025 – Link
[4] مصر تؤكد أن استيراد الغاز الإسرائيلي لن يؤثر على موقفها من فلسطين، الشرق الأوسط، 13 أغسطس/آب 2025 – الرابط
[5] Ofir Winter, “Light in the Darkness: How Can Israel-Egypt Energy Relations Be Strengthened?,” The Institute for National Security Studies (INSS), December 2024 – Link
[6] في 6 أشهر.. مصر تحصل 4 مليارات جنيه من سرقة التيار الكهربائي، صحيفة الخليج، 20 مارس/آذار 2025 – الرابط
[7] Salma El Wardany, “Egypt Seeks Fuel Supplies as Mideast Crisis Cuts Israel Gas Flow,” Bloomberg, June 16, 2025 – Link
[8] إدامة أزمة الكهرباء لتوفير مليار دولار تغذي الغضب الشعبي في مصر، صحيفة العرب، 12 مايو/أيار 2024 – الرابط
[9] Thaer Mansour, “Egypt’s PM Mostafa Madbouly vows to end blackouts, apologises to Egyptians,” The New Arab, June 25, 2024 – Link
[10] Jacob Wirtschafter and Mina Nader, “Gas and Gaza: Energy Pact Tests Israel–Egypt Relations,” The Media Line, September 9, 2025 – Link
[11] قصة اتفاقيات الغاز بين القاهرة وتل أبيب من الألف إلى الياء، المنار، 2 سبتمبر/أيلول 2022 – الرابط
[12] محمد الجوادي، السفير إبراهيم يسري ومكانته الفدائية في تاريخ أمته، الجزيرة نت، 11 يونيو/حزيران 2019 – الرابط
[13] محمود سعد الدين، إبراهيم يسرى:اتفاقية بيع الغاز لإسرائيل باطلة، اليوم السابع، 31 أغسطس/آب 2008 – الرابط
[14] عبد الحافظ الصاوي، الأبعاد الاقتصادية والإقليمية لصفقة الغاز المصرية الإسرائيلية، الجزيرة نت، 1 مارس/آذار 2018 – الرابط
[15] David Hearst, “Israel has Egypt over a barrel,” Middle East Monitor, June 9, 2014 – Link
[16] المصدر نفسه
[17] إبراهيم الطاهر، هكذا سرقت إسرائيل غاز مصر وتبيعه لها عبر الأردن، عربي 21، 10 أغسطس/آب 2017 – الرابط
[18] الآن| الرئيس السيسي يحسم الجدل المسار حول قضية استيراد الغاز: “احنا جبنا جون”، إكسترا نيوز، 21 فبراير/شباط 2018 – الرابط
[19] السيسي: جبنا “غون” بصفقة الغاز مع إسرائيل، الجزيرة نت، 21 فبراير/شباط 2018 – الرابط
[20] MEE staff, “Egypt signs record $35bn gas deal with Israel, paying 14 percent more for imports,” Middle East Eye, August 8, 2025 – Link
[21] Emma Scolding and Sara Seif Eddin, “Egypt doubles down on Israeli natural gas imports in US$35 bn deal with 14% price increase,” Mada Masr, August 7, 2025 – Link
[22] Jacob Wirtschafter and Mina Nader, “Gas and Gaza: Energy Pact Tests Israel–Egypt Relations,” The Media Line, September 9, 2025 – Link
[23] Ofir Winter, “Light in the Darkness: How Can Israel-Egypt Energy Relations Be Strengthened?,” The Institute for National Security Studies (INSS), December 2024 – Link
[24] Nikos Tsafos, “The United States in the East Med: A Case Study in Energy Diplomacy,” Center for Strategic and International Studies (CSIS), November 4, 2019 – Link
[25] Sania Faisal El-Husseini, “From cold peace to open tensions: Egypt-Israel relations tested,” Middle East Monitor, September 18, 2025 – Link
[26] زين خليل، يسرائيل هيوم: نتنياهو يرهن تنفيذ اتفاقية الغاز مع مصر بموافقته، وكالة الأناضول، 3 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[27] Israel Hayom, “בעקבות הפרות הסכם השלום: ההחלטה שקיבל נתניהו בנוגע להסכם הגז עם מצרים,” September 2, 2025 – Link
[28] MEE correspondent in Cairo, “Exclusive: Egypt discovers Israeli attempts to kill Hamas leaders on its soil,” Middle East Eye, September 12, 2025 – Link
[29] ردا على استفزاز نتانياهو لمصر.. رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: أنت الخاسر وتحمل النتائج إن استطعت!، المشهد، 3 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[30] Lazar Berman, Netanyahu accuses Egypt of imprisoning Gazans ‘against their will’ in growing war of words, The Times of Israel, 5 September 2025 – Link.
[31] كلمة وزير الخارجية والهجرة خلال مؤتمر صحفي مع المفوض العام لوكالة الأونروا، إكسترا نيوز، 6 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[32] سيد أموري، ردا على رفضها تهجيرهم.. نتنياهو يزعم تفضيل مصر “سجن سكان غزة”، وكالة الأناضول، 5 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[33] وزير خارجية مصر: استهداف الدوحة مساس بالأمن القومي العربي، يني شفق، 11 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[34] بعد ضربة قطر.. مسؤول مصري لـCNN: عواقب وخيمة إذا حاولت إسرائيل العمل على أرض مصر، سي إن إن عربي، 11 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[35] MEE correspondent in Cairo, “Exclusive: Egypt discovers Israeli attempts to kill Hamas leaders on its soil,” Middle East Eye, September 12, 2025 – Link
[36] نتنياهو يطلب من واشنطن الضغط على مصر بشأن “تعزيزاتها العسكرية” في سيناء، بي بي سي عربي، 20 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[37] غادة غالب، «نتنياهو» عن تصدير غاز إسرائيلي إلى مصر: «هذا يوم عيد» (فيديو)، المصري اليوم، 19 فبراير/شباط 2018 – الرابط
[38] Jacob Wirtschafter and Mina Nader, “Gas and Gaza: Energy Pact Tests Israel–Egypt Relations,” The Media Line, September 9, 2025 – Link
[39] Ari Rabinovitch and Ron Bousso, “Chevron halts gas exports via EMG pipeline from Israel to Egypt,” Reuters, October 10, 2023 – Link
[40] سارة سيف الدين وشمس الدين عصام، صيانة «ليفياثان» المحددة منذ أشهر تقطع الغاز عن الصناعة بعد «تقاعس الحكومة»، مدى مصر، 24 مايو/أيار 2025 – الرابط
[41] الرئيس عبد الفتاح السيسي يجتمع مع رئيس مجلس الوزراء ووزير البترول والثروة المعدنية، الموقع الرسمي للرئاسة المصرية، 7 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[42] مصر تسعى إلى خلق بدائل للغاز الإسرائيلي بعد تهديدات نتنياهو، صحيفة العرب، 8 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[43] خالد فؤاد، ما هو أبعد من أزمة الكهرباء في مصر!!، المعهد المصري للدراسات، 1 يوليو/تموز 2024 – الرابط
[44] أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل.. حل لأزمة الطاقة في مصر أم فخ استراتيجي طويل الأمد؟، عربي بوست، 8 أغسطس/آب 2025 – الرابط
[45] توجه مصري لاستيراد الغاز من قطر.. هل يجرد “إسرائيل” من ورقة ضغط على القاهرة؟، عربي 21، 14 مايو/أيار 2025 – الرابط
[46] كيف تستغني مصر عن الغاز الإسرائيلي وما أهم البدائل المتاحة؟، نافذة مصر، 23 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[47] عادل صبري، سيناريوهات مصرية لمواجهة قطع الغاز الإسرائيلي، العربي الجديد، 26 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[48] المصدر نفسه
[49] وحدة تخزين وتغييز ألمانية تصل مصر بسعة 174 ألف متر مكعب غاز، العين الإخبارية، 26 مايو/أيار 2025 – الرابط
[50] البترول : 4 وحدات تغييز عائمة و 750 مليون قدم إضافية بالتعاون مع الأردن لتأمين احتياجات الطاقة صيفا، الموقع الرسمي لوزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، 5 يوليو/تموز 2025 – الرابط
[51] المصدر نفسه
[52] محمد عز ومروة رشاد، مصادر: مصر تجري محادثات لشراء 40 إلى 60 شحنة غاز مسال هذا العام، رويترز، 22 مايو/أيار 2025 – الرابط
[53] مصر تسعى لشراء 60 شحنة غاز بعد تراجع الإمدادات الإسرائيلية، الجزيرة نت، 25 مايو/أيار 2025 – الرابط
[54] توافق مصري قبرصي على تسريع ربط حقول الغاز والتصدير إلى أوروبا، صحيفة الخليج، 10 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[55] محمد فرحان، مصر تبحث عن خيارات بديلة للغاز الإسرائيلي .. شبح أزمة طاقة؟، دويتشه فيله، 26 مايو/أيار 2025 – الرابط
[56] وفاء نور الدين، استراتيجية مصر للطاقة حتى 2040 .. وزير الكهرباء: متابعة دقيقة لضمان الاستدامة، صدى البلد، 3 سبتمبر/أيلول 2025 – الرابط
[57] محمد فرحان، مصر تبحث عن خيارات بديلة للغاز الإسرائيلي .. شبح أزمة طاقة؟، دويتشه فيله، 26 مايو/أيار 2025 – الرابط