• من نحن
  • اتصل بنا
  • ضوابط الكتابة
Friday, 19 September 2025
[wp_hijri_date custom_format="_j _F _Y"]
Al Masar Studies
Advertisement
  • الرئيسية
  • إصدارات دورية
    • دفاتر مصرية
    • ملفات تركية
    • إضاءات تحليلية
  • بحوث
    • سياسة
    • اقتصاد
    • اجتماع
  • تقدير موقف
    • سياسة
    • اقتصاد
  • عروض كتب
    • عربية
    • أجنبية
  • ترجمات
    • مصر في الدراسات الغربية
    • منوعات
  • ميديا المسار
    • انفوجراف
    • فيديو
لا نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
  • الرئيسية
  • إصدارات دورية
    • دفاتر مصرية
    • ملفات تركية
    • إضاءات تحليلية
  • بحوث
    • سياسة
    • اقتصاد
    • اجتماع
  • تقدير موقف
    • سياسة
    • اقتصاد
  • عروض كتب
    • عربية
    • أجنبية
  • ترجمات
    • مصر في الدراسات الغربية
    • منوعات
  • ميديا المسار
    • انفوجراف
    • فيديو
لا نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
Al Masar Studies
لا نتيجة
مشاهدة جميع النتائج

التخوف الإسرائيلي من تطور القدرات العسكرية المصرية.. الأسباب والشواهد والمآلات

Fri _23 _May _2025AH 23-5-2025AD
A A
0
التخوف الإسرائيلي من تطور القدرات العسكرية المصرية.. الأسباب والشواهد والمآلات
أنشرها على الفيسبوكغرد المقال

المحتويات

  • مقدمة
  • أولا: الإطار النظري – الواقعية ومعضلة الأمن
  • ثانيا: مؤشرات القلق الإسرائيلي
  • ثالثا: أسباب القلق الإسرائيلي
  • خاتمة

مقدمة

على الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، لا تزال تل أبيب تنظر بعين القلق إلى التطورات التي يشهدها الجيش المصري، خصوصا فيما يتعلق بتحديث قدراته، وتنويع مصادر تسليحه، وتعزيز الحضور العسكري في سيناء. هذا التحول في السياسة التسليحية لمصر لم يمر مرور الكرام في الأوساط الإسرائيلية، حيث بدأت تبرز إشارات واضحة -في تصريحات الساسة ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإسرائيلية الهامة- إلى تنامي المخاوف من هذه المتغيرات.

تحاول هذه الورقة أن ترصد شواهد وتفسّر هذا القلق المتزايد، من خلال العودة إلى الإطار النظري الذي تتيحه المدرسة الواقعية البنيوية في العلاقات الدولية، وتحديدا الرؤية التي يقدمها أحد أبرز رواد المدرسة الواقعية البنيوية في العلاقات الدولية، جون ميرشايمر، حول مركزية القوة في فهم سلوك الدول. فبحسب هذا التصور، لا يمكن للدول أن تراهن على نوايا الآخرين، لأنها ببساطة لا تملك وسيلة دقيقة لقراءتها، ولأن هذه النوايا قد تتغير. ولذلك، تميل الدول، خاصة تلك التي تشعر بتهديد محتمل، إلى التركيز على القدرات العسكرية الملموسة، وليس على التصريحات أو النوايا المعلنة.

تنقسم الورقة إلى ثلاثة أقسام: الأول يتناول الإطار والمدخل النظري لتفسير سلوك الدول القلقة على أمنها في بيئة دولية مضطربة. الثاني يسرد أبرز المؤشرات والتصريحات والتحليلات التي تعكس القلق الإسرائيلي الحالي من تنامي القدرات المصرية. أما القسم الثالث، فيناقش الأسباب التي تجعل إسرائيل ترى في هذا التنامي خطرا عليها.

في النهاية، تناقش الورقة كيف يمكن أن يستمر هذا القلق الإسرائيلي، وما إذا كانت إسرائيل قد تتجه إلى خطوات عملية لكبح التقدم المصري، أو على الأقل مراقبته عن كثب، رغم انشغالها حاليا بملفات أكثر إلحاحا كقطاع غزة وإيران وما تبقى من محور المقاومة.

أولا: الإطار النظري – الواقعية ومعضلة الأمن

في سبيل تفسير المخاوف الإسرائيلية المتزايدة من تطور قدرات الجيش المصري، نتعرض هنا للمنظور الواقعي البنيوي في العلاقات الدولية، وتحديدا طرح المنظّر الأمريكي، جون ميرشايمر، الذي يرى أن بقاء الدولة هو الهدف الأساسي الذي يحكم سلوكها في البيئة الدولية، ويجدر بنا بدايةً الحديث عن الافتراضات العامة التي بُنيت عليها “الواقعية البنيوية”، قبل التركيز على ما يهمنا هنا من مفاهيم، تتعلق بالخوف من تنامي قدرات الطرف الآخر ومعضلة الأمن.

تفترض الواقعية البنيوية أن النظام الدولي يقوم على مبدأ الفوضى، أي غياب سلطة عليا فوق الدول قادرة على ضبط سلوكها أو حماية إحداها من الأخرى.[1] وهذا لا يعني بالضرورة أن النظام الدولي تسوده الفوضى بمفهومها الفعلي، بل يشير إلى أن الدول تعيش في بيئة دولية لا تحكمها حكومة مركزية، ما يجعلها وحدات مستقلة متساوية في سيادتها، لكنها معرضة دوما للتهديد، ولا يمكنها الاتكال على أحد لضمان أمنها سوى نفسها، أو بتعبير ميرشايمر: “في مجال السياسة الدولية، يساعد الله مَن يساعدون أنفسهم فقط”.[2]

الافتراض الثاني يتمثل في أن جميع الدول، وبخاصة القوى الكبرى، تمتلك قدرات عسكرية هجومية، أو على الأقل قابلة للتطوير، ما يجعلها قادرة على إلحاق الأذى بغيرها. هذه الإمكانية الكامنة للعدوان تعني أن كل دولة تشكل تهديدا محتملا لجيرانها، حتى لو لم تُبدِ نوايا عدائية بشكل صريح. فالمشكلة لا تكمن فقط في القوة، بل في قدرتها على أن تتحول إلى خطر فعلي في أي لحظة.

أما الافتراض الثالث، فيستند إلى استحالة التيقن من نوايا الدول الأخرى، إذ لا تمتلك أي دولة القدرة على الاطلاع الكامل على ما يُضمره الطرف الآخر. ويعود ذلك إلى سببين رئيسيين: الأول أن النوايا بطبيعتها غير ملموسة، ويصعب قياسها أو التحقق منها بدقة، حتى عندما تبدو ودّية أو غير عدائية؛ والثاني أن النوايا ليست ثابتة، بل قد تتبدل مع تغير الظروف، أو نتيجة لتغير القيادة السياسية ذاتها، إذ قد يخلف القادة الحاليين مسؤولون جدد يحملون توجّهات مغايرة بالكامل. وهذا الغموض المتأصل في النوايا، وتقلّبها المحتمل، يثير شعورا دائما بالقلق، ويدفع الدول إلى اعتماد أسوأ السيناريوهات كأساس لسلوكها الخارجي.

الافتراض الرابع يؤكد أن بقاء الدولة هو هدفها الأسمى، ما يجعل تأمين حدودها، واستقلال نظامها السياسي، في مقدمة أولوياتها. فالقدرة على تحقيق أي أهداف اقتصادية أو أيديولوجية أو ثقافية، مشروطة أولا بوجود الدولة واستمراريتها. وهذا ما يجعلها تولي أهمية قصوى للجانب الأمني.

وأخيرا، ترى الواقعية البنيوية أن الدول كيانات عقلانية، تتصرف بناءً على حسابات دقيقة للمخاطر والمكاسب. فهي لا تتحرك عشوائيا، بل تسعى لتحقيق أهدافها، من خلال قراءة البيئة الدولية والتفاعل معها بطريقة استراتيجية تأخذ في الحسبان سلوك الآخرين واحتمالات تحركهم.

وبالجمع بين هذه الافتراضات الخمسة، يتشكل منطق يدفع الدول إلى أن تنظر إلى علاقاتها الخارجية بعين الريبة، وأن تميل إلى تعزيز قدراتها، والتصرف بشكل هجومي إن لزم الأمر. وتزداد حدة هذا السلوك عندما تلاحظ دولةٌ ما أن دولة

أخرى تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية أو التكنولوجية، إذ يُنظر إلى ذلك بوصفه تهديدا محتملا، بغض النظر عن النوايا المُعلنة، لأن تنامي القوة لدى طرف ما يخلّ بتوازن القوى القائم، ويثير مخاوف الطرف الآخر من اختلال ميزان الردع أو تراجع موقعه النسبي في البيئة الدولية.

  • خوف متبادل:

وما يهمنا هنا هو شعور الخوف، بوصفه أحد أبرز الانفعالات التي تولدها البيئة الدولية الفوضوية في نظر الواقعيين البنيويين. هذا الخوف ينشأ من جملة من العوامل الموضوعية، في مقدمتها امتلاك الدول قدرات عسكرية هجومية، يمكن أن تُستخدم في أي لحظة ضد خصومها، ومن استحالة التيقن الكامل من نوايا الآخرين، مهما بدت وديّة أو مطمئنة في ظاهرها.[3]

لكن الفوضى وصعوبة التنبؤ بالنوايا، رغم كونهما من مصادر الخوف، لا تفسران وحدهما تغير مستويات القلق بين الفاعلين الدوليين، لأنهما عاملان ثابتان. أما العامل الذي يُحدث هذا التبدل في مشاعر الخوف، فهو القدرات العسكرية القائمة فعليا، والتي تحدد –بصورة أكثر دقة– حجم التهديد الممكن. فكلما ازدادت قدرات الدولة، ازداد معها الخوف منها، بصرف النظر عن نواياها المعلنة.

وفي هذا السياق، يُميز ميرشايمر بين نوعين من القوة: “القوة الكامنة” التي تستند إلى عدد السكان وحجم الثروة، وتعد أساسا لبناء القوة العسكرية لاحقا، و”القوة الفعلية” المتجسدة في الجيوش والأسلحة والجاهزية القتالية. وتبقى القوة البرية -وفقا له- هي العنصر الأكثر حسما في موازين القوة، حتى في عصر الردع النووي، لأنها الأداة الرئيسية للغزو والسيطرة.

ومن ثم، فإن القوى الدولية تراقب الجيوش القائمة، ومدى تطورها، هذا فضلا عن النمو الاقتصادي والديمغرافي للدول المنافسة.

  • معضلة الأمن:

تُعد “معضلة الأمن” من المفاهيم المركزية في دراسة العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، وأول من صاغها كان جون هيرتز عام 1950، ثم عمقها لاحقا باحثون مثل روبرت جيرفيس وتشارلز جلاسر وغيرهم. وتصف هذه المعضلة كيف أن الإجراءات التي تتخذها دولة ما لتعزيز أمنها -مثل تصنيع السلاح أو رفع جاهزية القوات، أو تشكيل تحالفات جديدة- تجعل الدول الأخرى تشعر بتهديد متزايد، ما يدفعها إلى الرد بخطوات مماثلة. وتكون النتيجة دوامة متصاعدة من التوتر والعداء، لا تترك أي طرف في وضع أفضل من ذي قبل.[4]

ويشرح هيرتز مفهوم “معضلة الأمن”، قائلا إن “الجماعات والأفراد الذين يعيشون جنبا إلى جنب دون أن يكونوا منظمين تحت وحدة عليا (تحكم فيما بينهم وتفرض النظام العام)، لا بد أن يشعروا بالقلق على أمنهم من أن يتعرضوا لهجوم أو

خضوع أو هيمنة أو إبادة من قِبل جماعات وأفراد آخرين. وفي سعيهم لحماية أنفسهم من هذه التهديدات، يُضطرون إلى اكتساب مزيد من القوة لتجنب التأثير السلبي المتوقع لزيادة قوة الآخرين. وهذا بدوره يجعل الآخرين أكثر شعورا بعدم الأمان ويدفعهم للاستعداد للأسوأ”.[5]

وأضاف في إطار إسقاطه السلوك الإنساني على الدول: “سواء كان الإنسان بطبعه مسالما وتعاونيا أم عدوانيا ومحبا للهيمنة، فهذه ليست القضية. القضية تكمن في عدم يقينه وقلقه حيال نوايا جيرانه، وهو ما يضعه في هذه المعضلة الأمنية الأساسية”. ومن المآسي الكامنة في معضلة الأمن -وفق هيرتز- أن الخوف المتبادل من تهديد غير موجود أصلا، قد يكون كفيلا بإنتاج الخطر ذاته الذي كان يُراد تجنبه.

بدوره، عرّف روبرت جيرفس معضلة الأمن على أنها: “النتائج غير المقصودة وغير المرغوبة لإجراءات تهدف إلى الدفاع”، حيث يشير إلى أن “العديد من الوسائل التي تعتمدها الدولة لتعزيز أمنها تؤدي إلى تقليص أمن الآخرين”، و”ما تكسبه دولة في أمنها قد يُنظر إليه دون قصد كتهديد من قبل دول أخرى”.[6]

وركز جيرفس على جوانب مختلفة من المعضلة، إذ قال إن “جوهر الحجة التي تعتمد عليها معضلة الأمن هو أن تعزيز أمن دولة ما يمكن أن يقلل من أمن الآخرين، ليس نتيجة سوء الفهم أو العداء المتخيَّل، بل بفعل الطابع الفوضوي للعلاقات الدولية”، وأضاف: “حتى وإن كانت الدول متأكدة من حسن نوايا بعضها في الوقت الراهن، فإنها لا تستطيع استبعاد احتمال تغير هذه النوايا في المستقبل، ولا يمكنها ضمان بقاء نواياها حميدة”.

وعلى هذا، فإن معضلة الأمن تُجسد إحدى الإشكاليات البنيوية الأعمق في النظام الدولي، حيث يتداخل الخوف مع انعدام الثقة في بيئة تفتقر إلى سلطة مركزية ضابطة. ومن خلال فهم هذه المعضلة، يمكن تفسير الكثير من أنماط التسلح والتحالفات والتوترات بين الدول، حتى في غياب نوايا عدائية معلنة.

ونكتفي بهذا القدر من الإطار النظري، حيث نعتبر أنه كاف لتوضيح التخوف الإسرائيلي المتزايد من القدرات العسكرية المصرية، رغم أن التنسيق الأمني قد تصاعد بين الطرفين بعد 2013.

ثانيا: شواهد القلق الإسرائيلي

تظهر في الأشهر الأخيرة إشارات متكررة على وجود قلق إسرائيلي من التصاعد المستمر في قدرات الجيش المصري. وتتنوع هذه الإشارات ما بين تصريحات صادرة عن مسؤولين عسكريين وأمنيين إسرائيليين، وتحليلات لعدد من الباحثين في مراكز دراسات بارزة، إلى جانب تغطيات إعلامية في الصحافة العبرية.

ويشترك هؤلاء الفاعلون في الإشارة إلى أن وتيرة التحديث العسكري المصري، ونمط تسليحه وتدريبه، ومصادر شرائه السلاح، وتحشيده للجيش في سيناء، قد يعكس توجها نحو بناء قوة قادرة على تنفيذ عمليات واسعة النطاق، خارج سياق مجرد مكافحة الإرهاب أو حماية الحدود. واللافت أن بعض هذه الشواهد برز قبل اندلاع عملية “طوفان الأقصى”، في 7 أكتوبر 2023، وإن كانت قد تزايدت كما ونوعا بعده. وفيما يلي، نرصد أبرز هذه الإشارات.

  • تصريحات مسؤولين إسرائيليين:

1- في 28 يناير 2025، أدلى السفير الإسرائيلي الجديد لدى الولايات المتحدة، يحيئيل ليدر، بتصريحات خلال إفادة عبر منصة “زوم” مع مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى. وقال ليدر إن “مصر تنتهك بشكل خطير اتفاقية السلام في سيناء”، وأضاف: “هذا أمر سيطفو على السطح قريبا لأنه غير مقبول”. وأضاف أن “هناك قواعد تُبنى لا يمكن استخدامها إلا لشن عمليات هجومية، وهي مخصصة لأسلحة هجومية، وهذا انتهاك واضح”، مشيرا إلى أن الأمر جرى تجاهله لفترة طويلة، لكن ذلك لن يستمر، وسيوضع على الطاولة قريبا وبقوة. وقد أُزيل التسجيل لاحقا من على موقع المؤتمر بعد نشره، خشية أن يتسبب في أزمة دبلوماسية شاملة.[7]

2- بعد ذلك بيومين، أي في 30 يناير، أعرب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، عن قلقه حيال ما وصفه بـ “التحشيد العسكري المصري”. وقال في تصريحات لإذاعة “KolBarama” الإسرائيلية: “ينفقون -يقصد المصريين- مئات الملايين من الدولارات سنويا على معدات عسكرية حديثة، مع أنهم لا يواجهون تهديدات على حدودهم”، متسائلا: “لماذا يحتاجون إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟ بعد السابع من أكتوبر، يجب أن يُدق ناقوس الخطر. لقد تعلمنا الدرس. يجب أن نراقب مصر عن كثب ونستعد لكل سيناريو”.[8] ووفق تقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فقد سافر رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رون لاودر، على وجه السرعة إلى القاهرة للقاء السيسي في محاولة لتهدئة التوترات التي سببتها تصريحات ليدر.

3- في فبراير 2025، أعرب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، عن قلقه من تنامي القدرات العسكرية المصرية، محذّرا من أن “التهديد الأمني المصري قد يتغير في لحظة”، وفقا لما أوردته القناة 14 الإسرائيلية.

وقال هاليفي، في كلمة أمام خريجي دورة ضباط بمدينة حولون: “مصر لديها جيش كبير مزود بوسائل قتالية متطورة مع طائرات وغواصات وصواريخ متطورة، بالإضافة إلى عدد كبير للغاية من الدبابات وسلاح المشاة”، مضيفا: “نحن قلقون

جدا بشأن هذا الأمر. هذا ليس من أولوياتنا حاليا، ولكن يجب أن نقول ذلك”.[9] ولفت إلى أن إسرائيل منزعجة مما وصفه بـ “التهديد الأمني من مصر”، لكنه اعتبر في الوقت ذاته أنه “ليس تهديدا في الوقت الحالي، لكنه قد يتغير في لحظة، ففي عام 2011، مرسي استلم الحكم مع الإخوان المسلمين، وفجأة هذا الجيش كله، أصبح له قيادة أخرى، كان بإمكانها أن تنقلب ضدك فجأة”.[10]

4- في مارس 2025، قال وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن “مصر هي أكبر وأقوى دولة عربية، ولا تزال كذلك”. وذكر أن معاهدة السلام “أخرجت مصر من دائرة الحرب، في قرار قيادي غيّر وجه التاريخ ووضع دولة إسرائيل – ولا تزال كذلك حتى اليوم”. واستدرك كاتس: “لكننا لن نسمح لهم (المصريين) بانتهاك معاهدة السلام، ولن نسمح لهم بانتهاكات بنيوية. نحن نتعامل مع الأمر، لكن الاتفاق قائم”.[11]

5- في 1 أبريل 2025، نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن مسؤول أمني إسرائيلي لم يُكشف اسمه، ادعاءه أن مصر “تنتهك” اتفاقية السلام مع إسرائيل، من خلال تعزيز قدراتها العسكرية في شبه جزيرة سيناء. ووفقا للصحيفة، فقد طالبت إسرائيل كلا من مصر والولايات المتحدة بـ “تفكيك البنية العسكرية المصرية في سيناء” باعتبارها تشكل “انتهاكا واضحا لاتفاقية السلام مع تل أبيب”.[12]

وأشار المسؤول إلى أن “ملف تفكيك البنية التحتية العسكرية المصرية في سيناء يشكل أولوية قصوى لوزير الدفاع يسرائيل كاتس”، زاعما أن “ما تقوم به مصر من تدشين بنية تحتية عسكرية في سيناء يشكل انتهاكا كبيرا للملحق الأمني بين البلدين”. وأضاف أن “إسرائيل مهتمة بالحفاظ على اتفاقية السلام مع مصر، ولا تنوي تغيير انتشارها العسكري على طول الحدود، لكن إسرائيل لن تقبل بهذا الوضع”، وفق تعبيره.

  • مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الإسرائيلية:

كما أسلفنا، فإن القلق الإسرائيلي من تصاعد قدرات الجيش المصري لم يبدأ بعد السابع من أكتوبر، بل يمكن رصد إشارات تعود إلى سنوات سابقة. وفيما يلي، تُعرض أبرز هذه الإشارات مرتبة زمنيا من الأقدم إلى الأحدث.

1- في 7 يناير 2018، نشر “معهد القدس للاستراتيجية والأمن”، ملفا كتبه الدكتور ياجيل هانكين، المؤرخ العسكري المتخصص في القتال غير النظامي،[13] تناول فيه تصاعد وتيرة التسليح المصري.[14]

وفي هذا الملف، قال “هانكين” إنه بالرغم من عدم وضوح الهدف النهائي من عملية التعاظم العسكري المصري، فإن مصر اتبعت سياسة تستدعي اهتماما متزايدا من الدول المجاورة. وأوضح أن التعزيز العسكري الشامل، الذي شمل اقتناء المعدات، وتحسين البنى التحتية، وتطوير التدريبات، خلق واقعا جديدا ألزم الدول المحيطة بأخذ هذه القدرات بعين الاعتبار، معتمدا في تحليله على الأفعال والقدرات وليس فقط على نوايا القيادة.

وأشار إلى أن أجزاء كبيرة من المجتمع المصري لم تتقبل السلام أو شعرت بخيبة أمل منه، مما جعل السلام بين الطرفين هشا ومحدودا بالمستوى الرسمي أكثر منه الشعبي. كما لفت الانتباه إلى أن حالة “الإخوان المسلمين” في مصر لو استمرت ونجحت في فرض سيطرتها على الجيش، كانت ستجعل إسرائيل في موقف قلق أكبر بكثير.

وحذر من أن التعزيز العسكري المصري وتطوير قدرات الانتشار العسكري، لا سيما في سيناء، كل ذلك يستوجب يقظة وحذرا إسرائيليا باستمرار. ورأى أن على إسرائيل أن تظل على وعي بتعزيز قدرات الجيش المصري، والمخاطر المحتملة، خصوصا في حال سقوط النظام أو صعود قيادة أكثر تشددا.

وشدد هانكين على أن تجربة إيران، التي كانت صديقة لإسرائيل ثم تحولت إلى عدو صلب دون وجود حدود مباشرة معها، شكلت تحذيرا معاصرا للتغيرات السريعة التي قد تحدث في المنطقة. ورأى أن التحدي الأكبر لإسرائيل تمثل في الحفاظ على علاقات قوية مع مصر، مع الاستعداد بحذر لأي سيناريوهات سلبية، دون التسبب في مسارات تصعيد غير مرغوب فيها.

2- في 1 سبتمبر 2020 نشرت منصة “اللعبة الكبرى” (המשחק הגדול)، وهي منصة إسرائيلية ناطقة بالعبرية مختصة في الجغرافيا السياسية والصراعات الدولية، تقريرا حول تسليح الجيش المصري.[15]

وجاء فيه أن “المشكلة الجوهرية في اتفاقيتي السلام اللتين أبرمتهما إسرائيل مع مصر والأردن هي أنهما هشّتان للغاية، وأنهما لم تُبنيا على أساس تطبيع العلاقات بين شعبي الدولتين، وإنما على اتفاقات سلام موقعة بين حكومتي الأردن ومصر من جهة، والحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى، حيث فُرض السلام من الأعلى على الشعوب”.

ويشير التقرير إلى أن إسرائيل ترتكب خطأ بالاعتماد فقط على اتفاق السلام مع مصر كضمانة للاستقرار، محذرا من احتمال خرق القاهرة للاتفاق أو تحريك قوات إلى سيناء. ويؤكد التقرير أنه على الرغم من عدم وجود دلائل على استعداد مصري لخوض حرب، إلا أن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة لذلك.

وطرح التقرير سؤالا حول سبل الاستعداد، ويقترح عنصرين رئيسيين: الأول، إعداد خطة عملياتية لهزيمة الجيش المصري وإبعاده غرب القناة، مع رفض إعادة سيناء للقاهرة، وطرح خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال لسكانها. ويهدف هذا الطرح إلى منع مصر من التوسع شرقا، وإن عجزت القاهرة عن ضبط طموحاتها -وفق زعمه- فعلى إسرائيل أن تعتبر قناة السويس حدودها.

أما العنصر الثاني، فيتعلق بالجاهزية العسكرية، حيث يشير التقرير إلى أن القدرات الحالية للجيش الإسرائيلي غير كافية لمواجهة دولة معادية، ولذلك حث على تدريب القوات البرية والجوية والبحرية على مستوى القيادة الإقليمية، مع بناء المناورات على خطة العمل في سيناء بهدف كشف الثغرات وتعزيز التنسيق بين الأذرع المختلفة.

3- في 20 فبراير 2024، نشر موقع “Nziv” الإخباري الإسرائيلي، المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والاستخباراتية، مقابلة مع المقدم احتياط، إيلي ديكال، تناولت احتمال تنفيذ مصر لهجوم مفاجئ ضد إسرائيل. وأشار الموقع إلى أن المقابلة جاءت في ظل “التعزيز غير المبرر للجيش المصري في العامين الماضيين للقوات والأسلحة الثقيلة في شبه جزيرة سيناء”.

وخلال المقابلة، قال ديكال، وهو باحث في أنظمة البنية التحتية للدول العربية، إن الجيش المصري “أضاف نحو 720 دبابة إلى قواته النظامية في سيناء”، مضيفا أن “خطط الجيش الإسرائيلي لزيادة قواته تزيد من المخاوف من هجوم مصري مفاجئ”. وختم ديكال حديثه بالتأكيد على أن “الجيش المصري عزز قواته بشكل غير مسبوق عن السنوات الماضية، وخاصة في شبه جزيرة سيناء، رغم أن معاهدة السلام تلزم مصر بعدم وضع قوات نظامية وأسلحة ثقيلة على حدود إسرائيل”.[16] وقد كرر “ديكال” تحذيراته في مقابلة أخرى، في 14 مايو 2025، معتبرا أن “مصر تستعد لحرب مع إسرائيل”.[17]

4- في ديسمبر 2024، وعندما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أن وزارة الخارجية وافقت على بيع محتمل لأسلحة إلى مصر بقيمة تقارب خمسة مليارات دولار، تشمل تجديد دبابات أبرامز وشراء صواريخ هيلفاير، أثارت الصفقة -التي وُصفت حينها بـ”الأضخم من نوعها”- انتقادات في وسائل إعلام إسرائيلية. وذكرت “القناة العاشرة” الإسرائيلية أن صفقة الدبابات والصواريخ للقاهرة تعزز من قدرات الجيش المصري.

وأشارت القناة العبرية إلى أنه رغم اتفاق السلام القائم بين مصر وإسرائيل، إلا أن هناك قلقا دائما كامنا تحت السطح من احتمال أن يُوجَّه هذا الحشد العسكري غير المسبوق، ذات يوم، نحو إسرائيل. وأضافت القناة أن مصر، خلال السنوات الأخيرة، واصلت شراء الغواصات والسفن الحربية وعدد كبير من الطائرات والأسلحة من مصادر متعددة حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا ودول أخرى، ما يمنحها هامش مناورة واسعا في حال فُرض عليها حظر من أي جهة.[18]

5- في ديسمبر 2024، أفاد تقرير للقناة 14 الإخبارية الإسرائيلية، أعدته الباحثة، نعومي رحاليس، بأن القلق الإسرائيلي من مصر يعود إلى حقيقة أن جارتها الجنوبية تمتلك أكبر قوة بشرية عسكرية في القارة الإفريقية.[19] وبحسب التقرير، تتصدر مصر قائمة القوى العسكرية في إفريقيا بجيش يزيد عدده عن مليون جندي، ما يعكس امتلاكها لقوة بشرية ضخمة، خاصة مع العدد الكبير لقوات الاحتياط.

وتساءلت الباحثة الإسرائيلية: “هل لدى إسرائيل ما يدعو للخوف في ظل تجربة هجوم حماس المفاجئ في السابع من أكتوبر 2023؟ فماذا لو جاء هجوم مماثل من جيش بحجم وتعداد الجيش المصري؟” وأشارت إلى أن مصر تمتلك أكبر منظومة دفاعية في إفريقيا، وهي الدولة الحدودية الجنوبية لإسرائيل، حيث يبلغ إجمالي عدد أفراد جيشها أكثر من 1.3 مليون جندي، منهم 438.500 في الخدمة النظامية، ونحو 479 ألفا في الاحتياط، بالإضافة إلى نحو 397 ألف عنصر من القوات شبه العسكرية، التي لا ترتدي الزي الرسمي وتعمل تحت غطاء الدولة. كما أوضحت الباحثة الإسرائيلية أن اتفاقية السلام القائمة بين مصر وإسرائيل لم تمنع استمرار التحديات الأمنية على الحدود، من بينها تهريب الأسلحة إلى داخل إسرائيل، فضلا عن اكتشاف أنفاق تربط سيناء بقطاع غزة خلال العملية البرية الإسرائيلية، والتي أثارت مخاوف من استخدامها في نقل الذخيرة ضد إسرائيل.

6- في 31 يناير 2025، وعندما أعرب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، عن مخاوفه بشأن التوسع العسكري المصري، اعتبرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن تصريحاته تعكس تصاعدا في فقدان الثقة بين مصر وإسرائيل. وقالت: “رغم توقيع إسرائيل ومصر على معاهدة سلام عام 1979، فإنّ تل أبيب ظلت تراقب صفقات التسلح التي تجريها القاهرة عن كثب، ولا سيما علاقاتها العسكرية مع الولايات المتحدة وشراؤها أنظمة تسليح أوروبية متقدمة”.[20]

لكن اعتبرت الصحيفة أن هذا التوتر يمكن حله بالوسائل الدبلوماسية، حيث قالت: “مع انخراط إسرائيل في اتفاق وقف إطلاق نار هش في لبنان، فإن حرصها على ضمان التزام مصر الحرفي ببنود كامب ديفيد، لا سيما تلك المتعلقة بنزع السلاح من سيناء، يبدو مبررا. لكن هناك آلية قائمة بالفعل تحت إشراف الولايات المتحدة لمعالجة هذه القضايا -كما حدث في السابق- دون حاجة للتصعيد العلني. ومع ارتفاع منسوب التوتر بين القاهرة وتل أبيب، فإن الوقت الآن مناسب للدبلوماسية الهادئة لحل مثل هذه الملفات، وليس لدبلوماسية الميكروفونات، التي لن تؤدي إلا إلى تأزيم الوضع”.

7- في 23 فبراير/شباط 2025، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” مقالا لـ “ميخا أفني” (Micah Avni)، وهو رجل أعمال ومفكر إسرائيلي، حمل عنوان: “لا مزيد من الأوهام: على إسرائيل أن تواجه الهجوم المصري الصامت في سيناء”.[21]

وقال فيه: “الأوهام في هذه المنطقة تقتل الناس. تجاهل الانتهاكات المصرية في سيناء لا يقل تهورا عن تجاهل صواريخ حزب الله أو أنفاق حماس. لطالما تمسكت إسرائيل بوهم أن اتفاقية كامب ديفيد لعام 1979 أمّنت بشكل دائم جبهتنا الجنوبية. وأقنعنا أنفسنا بأنه طالما أن هناك معاهدة قائمة، فإن الوجود العسكري المصري القوي في سيناء إما أنه غير ضار أو لا يستدعي القلق. لكن الحقائق على الأرض لا يمكن إنكارها: لقد حولت القاهرة سيناء إلى ساحة عمليات أمامية تعج بالدبابات والطائرات والبنية التحتية الجديدة، بما يتجاوز بكثير أي احتياجات منطقية لمكافحة التمرد”.

واعتبر الكاتب الإسرائيلي أنه في “كل مرة اعتمدنا على أنصاف الحلول وسياسات الاحتواء، كنا ندفع لاحقا ثمن أوهامنا”، ولذلك، دعا إلى عدم غض الطرف عن التحركات المصرية، حتى لا تتكرر المشكلة التي سببها التغاضي عن “حزب الله” وحماس”.

ويرى أن “الخطاب الرسمي المصري –”نحن نحارب الإرهابيين”– لم يعد يفسر نشر عدة فرق عسكرية، أو إنشاء طرق استراتيجية، أو معدات عبور، أو تحصينات قوية”.

وحذر من أن “المنطقة العازلة المنزوعة السلاح قد تحولت إلى منصة انطلاق، وإذا استمرت إسرائيل في موقفها السلبي، فقد تتمكن المدرعات المصرية من عبور النقب خلال ساعات، مهددة بئر السبع أو حتى تل أبيب”.

ووصف الكاتب التقدير القائل بأن مصر تعزز حضور جيشها في سيناء بدافع الحذر الاستراتيجي بأنه “تقدير ساذج”؛ فهذا التعزيز بدأ قبل ما يقرب من عقد، وتقدم بخطى منهجية تحت غطاء “انتشارات مؤقتة”. ومع أن التمرد في سيناء قد تراجع، إلا أن مصر لم تقلص قواتها، بل زادتها. واليوم، تسعى القاهرة علانية لعقد شراكات مع الصين وروسيا لتجاوز القيود المفروضة على المساعدات الأمريكية، والحصول على معدات متقدمة.

وقال: “في الشرق الأوسط، لا تدوم المعاهدات إلا ما دامت الأطراف الموقعة عليها تخشى من سيناريوهات أخرى”، مشيرا إلى أن المعونات الأمريكية لمصر كانت عاملا للالتزام القاهرة باتفاقية السلام، واليوم، مع تراجع الدعم الأمريكي، تختبر مصر مجددا مدى صلابة الموقف الإسرائيلي، محذرا: “كلما تهربنا من المواجهة، كلما زاد تماديهم”. وأوضح أن “هذه ليست دعوة للحرب. يجب أن تظل إسرائيل منفتحة على التعاون مع مصر في عمليات مكافحة الإرهاب الحقيقية. لكن التعاون لا يعني الاستسلام لخرق واضح للمعاهدة. وإذا رفضت القاهرة تقليص قواتها أو تفكيك البنية التحتية الهجومية الجديدة، فعلينا فرض الالتزام – دبلوماسيا إن أمكن، وعسكريا إن لزم”.

8- في 26 مارس 2025، نشر معهد الأبحاث الأبرز في دولة الاحتلال الإسرائيلي “معهد دراسات الأمن القومي” (INSS)، مقالا بعنوان: “التمدد العسكري المصري في سيناء وتداعياته على إسرائيل”،[22] للسفيرة الإسرائيلية السابقة لدى القاهرة (2020–2024)، أميرة أورون، التي شغلت أيضا منصب القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في أنقرة (2015–2017)،

وقادت قسم مصر في وزارة الخارجية الإسرائيلية خلال سنوات الثورة المصرية (2008–2014)، وكانت قبل ذلك المتحدثة باسم الوزارة والحكومة الإسرائيلية لوسائل الإعلام الناطقة بالعربية (2003–2014). كما أدارت دائرة الشؤون الاقتصادية في الشرق الأوسط (2017–2020)، وعملت على تعزيز الأنشطة الاقتصادية مع كل من السلطة الفلسطينية ومصر والأردن.[23]

وفي مقالها، استعرضت “أورون” تنويع مصر لمصادر أسلحتها، وزيادة الحضور العسكري في سيناء، معتبرة أن التهديدات الداخلية والخارجية والإقليم المتوتر الذي تعيش فيه مصر كان الدافع وراء شراء السلاح وتنويع مصادره. وأكدت أن “مصر ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وفقا للقرار الإستراتيجي الذي اتخذه السادات”، وأنه “لا يمكن أن يحدث تصعيد مع إسرائيل إلا إذا خلصت مصر إلى أن هناك تهديدا مباشرا وحقيقيا لأمنها القومي”. واعتبرت أن تهجير الفلسطينيين لسيناء من الأسباب المحتملة للتصعيد.

وشددت على أهمية الدبلوماسية، قائلة: “من الضروري التأكيد على أهمية الحفاظ على التزام إسرائيل ومصر بمعاهدة السلام وتعزيزه، ويتطلب ذلك استمرار الحوار المباشر على أعلى المستويات بين البلدين، إلى جانب تعزيز التواصل بين الشعبين”. وأضافت “كما يجب أن تستمر قنوات الاتصال العسكرية والأمنية في العمل بفعالية واحترافية، بقيادة اللجنة العسكرية المشتركة والجهات المختصة في كلا الجانبين، إضافة إلى دور القوة متعددة الجنسيات في مراقبة التطورات في سيناء والتحقيق فيها”. وختمت أورون بالإشارة إلى أن “إحدى الركائز الأساسية في هذه العلاقة هو دور الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، اللذين يعدان السلام بين مصر وإسرائيل حجر أساس للاستقرار في المنطقة”.

9- في أبريل 2025، قالت هيئة البث العبرية الرسمية إن التوتر يتصاعد بين القاهرة وتل أبيب مع خشية إسرائيل من تزايد نشر قوات مصرية في شبه جزيرة سيناء شمال شرق مصر. وأضافت أن “التقارير تتزايد حول نشر الجيش المصري قوات كبيرة في سيناء، بشكل اعتبرته جهات إسرائيلية خرقا لاتفاقية السلام بين الجانبين”. وأشارت الهيئة إلى “خشية إسرائيلية من الحشد العسكري في سيناء”.[24]

ونوهت إلى التعاون المصري-الصيني المتزايد، خاصة المناورات الجوية المشتركة، قائلة إن “هذه الخطوة تأتي في وقت تنفذ فيه القاهرة عملية تحديث وتسليح شاملة لجيشها خلال السنوات الأخيرة، شملت اقتناء أسلحة متطورة، وتحديث البنية التحتية العسكرية، وتوسيع برامج التدريب للقوات”. وعلّقت الهيئة على ذلك بالقول: “رغم الصمت المصري حيال هذه المناورة إلا أن توقيتها الحساس وسط التوتر الإقليمي والحشود بسيناء يثير قلقا متزايدا في إسرائيل حيال مستقبل التنسيق الأمني بين الجانبين”.

10- في 5 مايو 2025، وتعليقا على المناورات الجوية بين الجيشين المصري والصيني، نشر “معهد القدس للاستراتيجية والأمن” (JISS) مقالا للباحث الإسرائيلي في الشؤون العسكرية، يعقوب لابين، اعتبر فيه أن المناورات “تعكس استياء القاهرة من واشنطن من جهة، وتنامي نفوذ بكين في الشرق الأوسط”.[25]

وعند الحديث عما يهم إسرائيل من هذا الحدث، قال: “على الرغم من حديث مصر عن التزامها بسلام بارد مع إسرائيل، فإن جهودها الطموحة والمكلفة في بناء قوتها، بما في ذلك بناء البنية التحتية العسكرية في شبه جزيرة سيناء، تثير تساؤلات حول الخصم المحتمل الذي تستعد لمواجهته، ويبدو أن الرسالة المصرية الأساسية هي أن أي حركة واسعة النطاق لسكان غزة إلى سيناء ستُعرّض معاهدة السلام مع إسرائيل لخطر جسيم، وربما تُلغيها”.

وتابع: “في موازاة ذلك، يظل احتمال اندلاع ثورة إسلامية في مصر -التي شهدت بالفعل انتخاب رئيس من جماعة الإخوان المسلمين- (في إشارة إلى الرئيس الراحل محمد مرسي) تهديدا مستمرا يجب أخذه في الحسبان عند دراسة القدرات”. وعلى هذا شدد الباحث الإسرائيلي على أن “الأولوية القصوى لإسرائيل هي الحفاظ على تحالفها الحيوي مع الولايات المتحدة، حيث تُعدّ هذه العلاقة أساسية لقدرات تل أبيب العسكرية ومكانتها الجيوسياسية في مواجهة مصر”.

11- في 27 مايو 2025، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية مقالا بعنوان: “إسرائيل تواجه تحولا خطيرا في علاقاتها مع مصر”. وقد كتب المقال اللواء الاحتياطي يتسحاق بريك، الذي تولى مناصب رفيعة في الجيش الإسرائيلي، من بينها قائد في سلاح المدرعات، ورئيس كليات القيادة العسكرية، بالإضافة إلى شغله منصب مفوض شكاوى الجنود في وزارة الدفاع الإسرائيلية لمدة قاربت العقد.

وحذر بريك في مقاله من أن مصر باتت تبتعد فعليا عن اتفاقية كامب ديفيد، رغم عدم إعلانها الرسمي الانسحاب منها. ويرى أن القاهرة تمضي في تعزيز علاقاتها مع أطراف معادية لإسرائيل، في وقت تتراجع فيه الجاهزية العسكرية للجيش الإسرائيلي.[26]

ويضيف أن التوسع المصري الميداني في سيناء يقابله تراجع كبير في قدرات الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أن الجيش حلّ 6 فرق قتالية، وسحب آلاف الدبابات، ونصف وحداته المدفعية، وعددا كبيرا من وحدات المشاة والهندسة، بالإضافة إلى وحدات جمع المعلومات وعدد كبير من الجنود النظاميين.

كما لفت إلى أن تقليص مدة الخدمة الإلزامية للذكور أدى إلى انخفاض ملحوظ في أعداد القوات القتالية العاملة، ما جعل الجيش، حسب رأيه، غير قادر على نشر قوات كافية على الحدود مع مصر، سواء في الأوضاع الروتينية أو الطارئة.

ويوضح أن انتشار القوات المصرية يتجاوز بكثير الحد المسموح به في المعاهدة، الذي ينص على وجود القوات على بعد لا يقل عن 60 كيلومترا من قناة السويس. ويقول إن هناك وحدات مصرية منتشرة في عمق سيناء، من بينها قوات في العريش ومحيط رفح.

وأشار الضابط الإسرائيلي إلى أن صورا ملتقطة بالأقمار الصناعية ومقاطع دعائية مصرية قد توحي بأن القاهرة ربما تُعدّ لاستخدام أسلحة كيميائية وبيولوجية ضد إسرائيل، وهو ما وصفه بتطور بالغ الخطورة.

ويحذر من ضعف التغطية الاستخبارية الإسرائيلية لما يجري داخل مصر وسيناء، مؤكدا أن معظم ضباط الاستخبارات الإسرائيليين يركزون على جبهات أخرى، فيما تبقى التحركات المصرية خارج الرصد اليومي. ويدعو إلى تعيين ضابط استخبارات خاص يعمل مباشرة مع رئيس الأركان، مهمته متابعة التطورات في مصر بشكل دائم وتقديم تقارير ميدانية فورية.

وأورد -وفقا لتقديرات مصادر دفاعية- أن الجيش المصري شهد نموا بنسبة تقارب 30 بالمئة، ما يضيف بُعدا جديدا على معادلة القوة في المنطقة. ويرى بريك أن عدم التعامل الجاد مع هذا التحول قد يعرض إسرائيل لمخاطر كبيرة، خصوصا في ظل افتقار الجيش الإسرائيلي إلى الجاهزية لمواجهة سيناريو صدام محتمل مع القاهرة.

وختم بالتحذير من أن الإخفاق في قراءة مسار التصعيد المصري والتأخر في التعامل معه قد يعرض أمن إسرائيل للخطر، معتبرا أن إسرائيل بحاجة إلى إعادة صياغة إستراتيجيتها الدفاعية لتأمين جميع جبهاتها، من حدود سوريا ولبنان شمالا، إلى قطاع غزة ومصر جنوبا، مرورا بالضفة الغربية وحدود الأردن.

ثالثا: أسباب القلق الإسرائيلي

تُعدّ خشية الدول من قدرات جيرانها العسكرية جزءا أصيلا من منطق التفاعل الدولي وفق المدرسة الواقعية كما أسلفنا توضيحه، حيث يُفسَّر تعزيز طرف ما لقدراته الدفاعية أو الهجومية على أنه تهديد من قِبل الطرف الآخر، فيسارع إلى اتخاذ خطوات مضادة، فتدخل العلاقة في دوامة من التصعيد وانعدام الثقة.

وإذا كان هذا المنطق يُطبّق على العلاقات بين الدول عامة، فإن تطبيقه على الحالة المصرية-الإسرائيلية يبدو أكثر إلحاحا، ليس فقط بفعل السياق الإقليمي المتقلب، وإنما أيضا بسبب تاريخ الصراع الطويل بين الطرفين، الذي شهد أربع حروب قبل توقيع اتفاقية كامب ديفيد. ولهذا، فإن أي تطور في البنية العسكرية المصرية، خصوصا في سيناء، لا يُقرأ في إسرائيل بوصفه استجابة لحاجات أمنية داخلية فحسب، بل يُنظر إليه من زاوية القدرة الكامنة على تغيير موازين القوة، بصرف النظر عن نوايا القاهرة المعلنة.

وبعد استعراض الإشارات على القلق الإسرائيلي المتصاعد، يمكن تحديد ثلاثة عوامل رئيسية ساهمت في تعميقه: أولها، تعزيز الترسانة العسكرية كما ونوعا بما يفوق الاحتياجات الدفاعية التقليدية بحسب الزعم الإسرائيلي؛ وثانيها، تنويع مصادر التسليح والابتعاد التدريجي عن الارتهان الكامل للسلاح الأمريكي؛ وثالثها، التوسع اللافت في الحضور العسكري داخل شبه جزيرة سيناء، بما يتجاوز القيود التي نصّت عليها اتفاقية كامب ديفيد، بحسب التصورات الإسرائيلية.

1- تعزيز الترسانة العسكرية المصرية

شهدت الترسانة العسكرية المصرية تطورا خلال السنوات الأخيرة.[27] وقد نشرت “الهيئة العامة للاستعلامات”، في 3 سبتمبر 2024، وبالتزامن مع تصاعد التوتر بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، تقريرا مطولا حول تطور الأسلحة المختلفة للجيش المصري.[28]

ونحاول في الفقرات المقبلة رصد أهم التطورات المعلنة في تسليح الجيش، وفق ما هو متاح من معلومات في المصادر العلنية، مع التنبيه إلى أن العديد من تفاصيل صفقات التسليح تظل طي الكتمان، إما لدواعٍ تتعلق بالأمن القومي، أو لأسباب ترتبط بطبيعة الأطراف المتورطة في بعض الصفقات. وتُعد الحادثة التي كُشف عنها عام 2019 مثالا واضحا على هذا النمط من السرية.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا كشفت فيه عن محاولة مسؤولين مصريين التستر على صفقة سلاح مع كوريا الشمالية، رغم العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ. وبحسب التقرير، فإن الوثائق الداخلية المصرية التي حصلت عليها أظهرت حالة من الارتباك داخل دوائر صنع القرار في القاهرة، عقب اكتشاف أجهزة الاستخبارات الأمريكية لمحاولة تهريب شحنة أسلحة كورية شمالية إلى مصر. ووفقا للتقرير، فقد شملت الصفقة

نحو 30 ألف قنبلة صاروخية، جرى إخفاؤها على متن سفينة شحن كورية شمالية كانت في طريقها إلى أحد الموانئ المصرية عبر قناة السويس في عام 2016.[29]

وتشير هذه الواقعة إلى مدى السرية التي قد تحيط ببعض صفقات التسليح، لا سيما تلك التي تنطوي على خرق للعقوبات، وتؤكد أن ترسانة السلاح المصرية قد تشمل أنظمة أو ذخائر لا يُعلن عنها رسميا. لذلك، ما سنسرده في الفقرات القادمة يتعلق بصفقات السلاح المعلن عنها فحسب.

أولا: تطور القوات البحرية

  1. الفرقاطات الإيطالية طراز “فريم بيرجاميني” (FREMM Bergamini)
    جرى تعزيز أسطول الفرقاطات المصرية بفرقاطتين من هذا الطراز، وهما “برنيس” و”الجلالة”، حيث تتميزان بقدرات عالية في تنفيذ المهام القتالية والدفاعية، ومدى إبحار يصل إلى 6000 ميل بحري، إضافة إلى تجهيزات تقنية حديثة تتيح لهما تأمين السواحل والممرات البحرية.
  2. حاملات المروحيات الفرنسية طراز “ميسترال”
     انضمت الحاملتان “جمال عبد الناصر” و”أنور السادات” إلى الأسطول المصري، وتوفران قدرات متقدمة في الإبرار البحري والقيادة والسيطرة والدعم الطبي.
  3. “جمال عبد الناصر” تضم مستشفى ميداني، وتستوعب عددا كبيرا من المركبات المدرعة والمروحيات، وتتمتع بمدى إبحار يصل إلى 10 آلاف ميل.
  4. “أنور السادات” تتميز بقدرتها على نقل ما يصل إلى 70 مركبة قتالية و4 مركبات إنزال برمائي، وتضم مركز قيادة متقدم ومستشفى بحري على مساحة 900 م².
  5. الفرقاطات الشبحية “جوويند” الفرنسية
     تعاقدت القاهرة على بناء أربع فرقاطات، إحداها في فرنسا والثلاث الباقية بترسانة الإسكندرية مع نقل التكنولوجيا.
  6. “الفاتح”: أولى هذه القطع، وتتمتع بقدرات شبحية ومنظومات متكاملة لمكافحة الغواصات والطائرات والسفن، إضافة إلى رادارات بعيدة المدى، وقدرة على تتبع 500 هدف في آنٍ واحد، ومنظومات دعم إلكتروني وحرب إلكترونية متقدمة.
  7. فرقاطة “الأقصر” (طراز جوويند): سرعة قصوى 47 كم/ساعة، مدى إبحار 6850 كم، طاقم حوالي 80 فردا. مزودة بمدفع متعدد الأغراض، صواريخ دفاع جوي، طوربيدات، مروحيات وزوارق سريعة.
  • فرقاطة “المعز” (طراز جوويند): سرعة 47 كم/ساعة، مدى 6850 كم، طاقم مشابه. مسلحة بمدفع 76 مم، صواريخ دفاع جوي “ميكا”، صواريخ سطح-سطح “Exocet Block III“، طوربيدات “MU90″.
  • أول فرقاطة مصرية: (Meko-A200): طول 121 متر، سرعة 27.5 عقدة، مدى 7200 ميل. مسلحة بمدفع ليوناردو 127 مم، صواريخ دفاع جوي “ميكا”، طوربيدات، ومدفع خفيف 20 مم، وتحمل مروحيتين.
  • تزويد أسطول الغواصات بالأحدث
  • الغواصتان (41) و(42) من طراز 1400/209:
     غواصات هجومية تعمل بالديزل والكهرباء، مزودة بأنظمة تحكم إلكترونية متطورة في إطلاق الطوربيدات. طولها 62 متر، وأقصى غاطس 500 متر، بها 8 أنابيب طوربيد عيار 533 مم، مخزن لـ 14 طوربيد، وقادرة على إطلاق صواريخ “الهاربون” البحرية وزرع الألغام. مدى إبحار يصل إلى 11 ألف ميل بحري.
  • الغواصة S-43 من طراز (209/1400):
     تتميز بمدى إبحار 20 ألف كيلومتر وسرعة عالية، مجهزة بأنظمة قتالية وملاحية واتصالات وحرب إلكترونية حديثة. قادرة على إطلاق طوربيدات وصواريخ تحت الماء، ومهمة في تأمين المياه الإقليمية والاقتصادية.
  • الغواصة S-44 من طراز (209/1400).
  • قواعد بحرية جديدة

أُنشئت قواعد جديدة مثل “3 يوليو” و”شرق بورسعيد”، وتطوير قاعدة “برنيس” على البحر الأحمر. القواعد مزودة بأنظمة قيادة وسيطرة وتعاون مع القوات العسكرية والأجهزة المدنية في البحرين الأبيض والأحمر.

            •          قاعدة 3 يوليو البحرية (جرجوب):

من أكبر وأحدث القواعد على مساحة 10 ملايين متر مربع غرب مرسى مطروح. تضم وحدات قتالية، مركز عمليات، مهبط طائرات، رصيف حربي بطول 1000 متر وأرصفة تجارية بطول 2200 متر. تحتوي على 47 قطعة بحرية بينها فرقاطتان، غواصة طراز 209، ولنشات مرور ساحلي.

            •          قاعدة شرق بورسعيد:

مساحتها حوالي 1800 متر، بها أرصفة على البحر المتوسط ورصيف داخل قناة السويس.

            •          تطوير قاعدة برنيس الجو – بحرية:

افتتحت عام 2020 على مساحة 150 ألف فدان جنوب مصر على البحر الأحمر. تضم قاعدة بحرية وجوية ومستشفى عسكري، وتؤمن السواحل الجنوبية وتحمي الاستثمارات والثروات الطبيعية، بالإضافة إلى تأمين الملاحة الدولية.

تحتوي على رصيف حربي بطول 1000 متر يناسب حاملات مروحيات وفرقاطات وغواصات، وميناء تجاري بأرصفة بطول 1200 متر. تتمركز بها وحدات ميكانيكية ومدرعة وحرب إلكترونية ودفاع جوي، إضافة إلى فرقاطات وغواصات وحاملات مروحيات. كما تضم مستشفى عسكريا ومحطة لتحلية مياه.

ثانيا: تطور القوات الجوية

أمدت القيادة العامة للقوات المسلحة القوات الجوية بطائرات متعددة المهام، وطائرات موجهة مسلحة، وطائرات نقل، وطائرات إنذار مبكر واستطلاع، إضافة إلى طائرات هليكوبتر هجومية ومسلحة من مصادر متعددة لتكوين منظومة متكاملة وحديثة.

وجرى التعاقد على طائرات فرنسية من طراز رافال، وطائرات روسية “ميج 29 أم 2″، بالإضافة إلى مروحيات هجومية من طراز كاموف 52 ومروحيات “مي 24” متعددة المهام، وطائرات نقل كاسا C-295، وطائرات أمريكية إف-16 بلوك 52، مع أنظمة طائرات بدون طيار وصواريخ متنوعة. والحديث الآن حول نية مصر شراء مقاتلات J-10C وJ-31 الصينية.[30]

وفي عام 2023، جرى التوصل إلى اتفاق بين مصر وشركة “بايكار” التركية، لتوريد طائرات مسيّرة من طراز “بيرقدار TB2″ إلى القوات المسلحة المصرية. وشمل الاتفاق بنودا لنقل التكنولوجيا، والتأسيس لمشروع تصنيع مشترك داخل مصر، ما يعزز من القدرات المحلية في هذا المجال.[31]

وفي مايو 2024، زار رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية منشآت الشركة في تركيا، واطّلع على خطوط الإنتاج والتقنيات التشغيلية للطائرة، في خطوة عكست جدية التعاون العسكري بين الجانبين وتوسيع مجالاته نحو التصنيع المشترك وتبادل الخبرات التقنية.[32]

ثالثا: قوات الدفاع الجوي

شمل تطوير منظومة الدفاع الجوي المصري تزويدها بعدد كبير من الرادارات متنوعة الطرازات لتأمين التغطية الشاملة للأجواء المصرية، إضافة إلى:

  • كتائب صواريخ من طراز بوك / تور إم.
  • أعداد كبيرة من صواريخ محمولة على الكتف من طراز إيجلا إس.
  • منظومات كهروبصرية حديثة لتعزيز قدرة الاكتشاف وسرعة التعامل مع الأهداف الجوية.
  • تطوير منظومات التأمين الفني للصواريخ والرادارات والمعدات.
  • تحديث مراكز القيادة والسيطرة لرفع الكفاءة التشغيلية بالتكامل مع القوات الجوية وعناصر الحرب الإلكترونية.


2 – تنويع مصادر السلاح

تعكس صفقات التسليح التي أبرمتها مصر مع عدد متنوع من الدول، من بينها فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، توجها واضحا نحو تنويع مصادر التسليح كخيار استراتيجي.[33] ويؤكد هذا التوجه ما أعلنه المتحدث العسكري للقوات المسلحة، حين أشار إلى حرص القيادة العامة على “مواكبة التطور المتسارع في نظم وأساليب القتال وتنوع مصادر التسليح”،[34] وهو ما يظهر بوضوح في تنوع الدول الموردة للسلاح إلى مصر، في تحول استراتيجي عن الاعتماد شبه الكامل سابقا على الولايات المتحدة.

وتعتبر السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى مصر، أميرة أورون، أن تصرف إدارة باراك أوباما حيال الانقلاب العسكري في مصر عام 2013 عزز هذا التوجه، الذي بدأ بعد غزو العراق.

وقالت: “في أغسطس/آب 2013، ردّت إدارة أوباما على هذه التطورات بتعليق المساعدات العسكرية لمصر مؤقتا، إذ ينص القانون الأمريكي على وقف معظم أنواع المساعدات لأي دولة يُطاح بحكومتها عبر انقلاب عسكري، ونتيجة لذلك، توقفت إمدادات أساسية للجيش المصري، شملت طائرات “إف-16″ وصواريخ وطائرات أباتشي وقطع غيارها، رغم الحاجة الماسة إليها في مكافحة الخلايا الإرهابية في سيناء”.

في هذا السياق، ترسخ إدراك بأن الجيش المصري يجب أن يكون قويا، وضخما، وعصريا، ومجهزا بأحدث المعدات، وأن تكون هذه صورته أمام العالم، وفق “أورون”. وفي الوعي المصري، تعزز هذا الإدراك بفعل التجربة العراقية بعد الغزو الأمريكي عام 2003، حيث أدى تفكيك الجيش إلى تغيير جذري في بنية الدولة. كما تبنى السيسي -بحسب المسؤولة الإسرائيلية السابقة- قناعة بأن مصر لا يمكنها الاعتماد حصريا على الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للتسلح، بل يجب أن تنوّع شركاءها في التزود العسكري، وترسخت هذه القناعة أكثر مع انهيار نظام بشار الأسد والتفكك السريع لجيش النظام السوري.[35]

وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تراجعت نسبة واردات السلاح الأمريكي إلى مصر خلال الفترة ما بين 2010 و2019 إلى نحو 23 في المئة من إجمالي واردات السلاح، مقارنة بـ 75 في المئة خلال العقد الأول من القرن الحادي

والعشرين (2000-2009)، حين كانت الولايات المتحدة المورد الرئيس للسلاح المصري، اعتمادا على المساعدات العسكرية السنوية المقدمة من واشنطن.[36]

وفي الفترة من 2000 إلى 2009، أبرمت مصر نحو 23 صفقة سلاح ومكونات عسكرية مع ثمانية مورّدين مختلفين، نُفذت معظمها بحلول عام 2010، إلا أن العقد التالي شهد تحوّلا ملحوظا؛ إذ وافقت القاهرة على 75 صفقة تسليحية مع 15 مورّدا مختلفا خلال الفترة بين 2010 و2019، نُفذت منها 67 صفقة خلال هذه السنوات، وأُنجزت بالكامل 54 صفقة، أي ضعف ما تحقق خلال العقد السابق.

وشهدت فترة السيسي (بدءا من عام 2014) تصاعدا ملحوظا في وتيرة التسلح، حيث تقدمت مصر خلال الفترة بين 2014 و2019 بطلبات لشراء ما لا يقل عن 54 منظومة سلاح رئيسة. وقد توسعت علاقاتها الدفاعية مع عدة دول، منها ألمانيا وروسيا، وطوّرت تعاونها العسكري مع الصين وفرنسا وإيطاليا. ويبرز من بين هذه الدول فرنسا، التي لم تسجل سوى صفقة واحدة مع مصر في الفترة 2000-2009 لشراء 16 صاروخا من طراز “سوبر-530 دي”، لكنها تحولت في النصف الثاني من العقد الثاني إلى أحد أبرز موردي السلاح للقاهرة إلى جانب موسكو.

وتضمنت واردات مصر خلال الفترة 2014-2019 عددا من المنظومات التسليحية المتقدمة، من بينها 24 طائرة “رافال” فرنسية مزودة بـ 500 صاروخ جو-أرض، وفرقاطة من طراز “فريم” مصحوبة بـ 15 صاروخا مضادا للسفن. ومن روسيا، حصلت مصر على ثلاث منظومات دفاع جوي من طراز “إس-300 في إم” مزودة بـ 190 صاروخ أرض-جو، إضافة إلى 50 طائرة مقاتلة من طراز “ميغ-29″، مرفقة بـ 225 صاروخ جو-جو.

وتواصلت هذه السياسة التسليحية بعد عام 2019، حيث وقّعت مصر صفقات جديدة شملت أسلحة رئيسة، منها صفقة لشراء مقاتلات “سو-35” الروسية، التي تراجعت عنها القاهرة لاحقا تحت ضغوط أمريكية مقابل وعود بالحصول على مقاتلات “إف-15 إيغل” المتقدمة.[37] غير أن الولايات المتحدة لم تلتزم بتلك الوعود، واكتفت بعرض تطوير طائرات “إف-16” الموجودة مسبقا في الخدمة لدى القوات الجوية المصرية.

وفي الفترة نفسها، وقّعت مصر اتفاقيات لتوريد فرقاطات من طراز “ميكو أي 200” (MEKO-A200) من ألمانيا، إلى جانب فرقاطات “فريم” (FREMM) من إيطاليا، وطائرات هليكوبتر من طرازي AW-149 وAW-189. كما تضمن التعاون مع إيطاليا خططا لصفقات تسليحية كبرى أخرى. وقدرت قيمة هذه الاتفاقيات مجتمعة بنحو 16 مليار دولار، بحسب معهد ستوكهولم.

في المقابل، أدت الأزمة الاقتصادية التي شهدتها مصر بين عامي 2022 و2024 إلى تراجع نسبي في الإنفاق العسكري، إذ انخفضت واردات الأسلحة المصرية بنسبة 26 بالمئة مقارنة بالفترة 2014-2018. كما هبطت القاهرة من المرتبة الثالثة إلى السابعة عالميا في قائمة مستوردي السلاح.[38] وخلال الفترة بين 2022 و2024، تبدّل ترتيب كبار موردي السلاح إلى الجيش المصري، فحلّت ألمانيا في المرتبة الأولى بنسبة 27 بالمئة من إجمالي الواردات، تلتها إيطاليا بنسبة 22 بالمئة، ثم روسيا بنسبة 20 بالمئة، بينما تراجعت فرنسا إلى المركز الرابع بنسبة 17 بالمئة.[39]

وأيضا في إطار توجه مصر نحو تنويع مصادر التسليح، برز التعاون مع كوريا الجنوبية كأحد المسارات الصاعدة في هذا المجال خلال الأعوام الأخيرة. وقد تسارع هذا التعاون في أوائل عام 2022 بإبرام صفقة كبرى بين وزارة الدفاع المصرية وشركة “هانهوا” الكورية الجنوبية، نصّت على تزويد مصر بمدافع هاوتزر ذاتية الدفع من طراز K9، في صفقة قُدّرت قيمتها بأكثر من 1.6 مليار دولار أمريكي، وشكّلت أول دخول لهذه المنظومة إلى السوق الأفريقية.[40]

وتواصل التعاون بين البلدين بوتيرة متصاعدة، حيث أعلنت “هانهوا” في أواخر عام 2024 عن توقيع عقد جديد لتصدير أنظمة التحكم في الأسلحة الخاصة بالمدرعة K11 بالإضافة إلى مدافع هاوتزر مطورة إلى مصر، على أن يتم الانتهاء من توريدها بحلول نهاية عام 2028، ما اعتبره مراقبون تأكيدا على الثقة المتبادلة بين الطرفين، وتعزيزا للبعد التقني في العلاقة الدفاعية بين القاهرة وسيئول.

وفي مقابلة أجراها السفير المصري لدى كوريا الجنوبية، خالد عبد الرحمن، مع وكالة “يونهاب” في مارس 2025، أشار إلى أن البلدين بصدد بحث صفقة دفاعية جديدة تشمل تصدير 100 طائرة هجومية خفيفة من طراز FA-50، بالإضافة إلى صواريخ مضادة للدبابات. وقال السفير: “كوريا بلد متقدم جدا في تصنيع مثل هذه الأنظمة. وآمل بشدة أن تفضي المناقشات الفنية والتفصيلية بين المؤسسات والشركات الكورية إلى نتيجة إيجابية”.

وشدد في تصريحاته على أهمية توطين الصناعة الدفاعية في مصر، معتبرا أن هذا التوجه يمثل “كلمة السر” في الشراكة مع كوريا الجنوبية، حيث قال: “إن التعاون مهم للصناعات الدفاعية لتبادل الخبرات والتطورات التي توصلوا إليها… لتصدير هذه المنتجات إلى دول أخرى، سواء في القارة الأفريقية، أو في العالم العربي”.

كما أكد السفير أن القاهرة تنظر إلى كوريا الجنوبية كشريك استراتيجي في قطاعات متنوعة، على رأسها الدفاع، والطاقة، والبنية التحتية، والتحول الرقمي.

وفي سياق موازٍ، أفادت مصادر عسكرية مصرية بأن القوات الجوية المصرية حصلت على منظومة الدفاع الجوي الصينية بعيدة المدى “HQ-9B“، والتي تُعد من أبرز أنظمة الدفاع الجوي الصينية الحديثة. وتُشكّل هذه المنظومة، وفق التقديرات العسكرية، دعامة رئيسية في تطوير شبكة الدفاع الجوي المصري، ما قد يُفضي إلى تحول نوعي في ميزان القوى الجوية بين مصر وخصومها المحتملين.[41]

اللافت أن المنظومة تتوافق مع البنية التحتية المصرية الحالية، كما أنها منسجمة مع منظومات التسليح الأخرى مثل مقاتلات “MiG-29M” الروسية، ويُنتظر أن تكون على درجة عالية من التوافق مع مقاتلات “J-10C” الصينية التي تحدثت تقارير متعددة عن سعي مصر للحصول عليها.

وقد أكد اللواء سمير فرج، المدير الأسبق لإدارة الشؤون المعنوية، أن منظومة “HQ-9B” أصبحت ضمن ترسانة الدفاع الجوي المصري، في أول تصريح شبه رسمي يكشف عن تشغيلها.[42] وهو ما أثار قلقا في الأوساط الإسرائيلية.[43]

وعلى هذا، تؤكد الإحصائيات والمعلومات الواردة أعلاه على توجه مصر نحو تنويع مصادر التسليح، بما يقلّص من الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة. ويُعد هذا المسار من بين أبرز دوافع القلق الإسرائيلي المتصاعد، إذ إن قدرة مصر على بناء علاقات تسليحية متعددة تُضعف أدوات الضغط الأمريكية التقليدية، وتمنحها مرونة أكبر في إدارة توازنات الإقليم.

3- الحضور العسكري المصري في سيناء

تشير تقديرات رسمية وتحليلات عسكرية إلى أن الوجود العسكري المصري في سيناء وصل بداية عام 2018 إلى ما يقارب 88 كتيبة تضم ما يقارب 42 ألف جندي، إلى جانب ثلاث فرق عسكرية مكتملة، وأكثر من 1500 دبابة ومدرعة. كما يشمل الانتشار تطوير مدارج المطارات العسكرية، وتعزيز منظومات الدفاع الجوي، وتوسيع الأرصفة البحرية.[44] مع العلم بأن اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1978 لا تُجيز سوى نشر 50 كتيبة مصرية بحد أقصى، تضم نحو 22 ألف جندي فقط.

والحقيقة أن جزءا من هذا الوجود العسكري المصري في ذلك الحين أتى بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي منذ 2015، حيث أتاحت تل أبيب للقاهرة تعزيز وجودها العسكري في سيناء بما يتجاوز القيود المنصوص عليها في اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين. وذلك ضمن تفاهمات مشتركة لمواجهة الجماعات المسلحة في المنطقة، وضمن جهود مصرية مكثفة لتدمير الأنفاق التي تربط قطاع غزة بالأراضي المصرية.

غير أنه منذ تصاعد التوتر بين مصر وإسرائيل عقب 7 أكتوبر 2023، ووسط تحذيرات مصرية من خطر تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، بدأت تتعالى أصوات داخل إسرائيل تنتقد الانتشار العسكري المكثف، متسائلة عن مبرراته وأهدافه.

ووفق تقدير نشره اللواء الاحتياطي في الجيش الإسرائيلي، يتسحاق بريك، في 27 مايو 2025، فقد وصل عدد الكتائب المصرية المنتشرة في سيناء إلى نحو 180 كتيبة، أي ما يقارب أربعة أضعاف الحد المسموح به بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل.[45]

ويرى محللون، فإن وراء هذه الحملة الإسرائيلية التي تبرز وتهاجم التحركات المصرية في سيناء -بل والقدرات العسكرية المصرية بشكل عام- وتصورها على أنها تهديد مباشر، أهدافا تتجاوز مجرد القلق الأمني، وتخدم مصالح سياسية وأمنية متعددة لحكومة الاحتلال.[46] منها، ممارسة ضغوط على مصر، لدفعها نحو تعديل موقفها الرافض لسيناريو التهجير، وإرباك دورها كوسيط رئيسي لإنهاء الحرب.[47]

وبالفعل، قد يكون الخلاف حول ملف التهجير ومحور صلاح الدين (فيلادلفيا) واجتياح رفح الفلسطينية من العوامل التي أسهمت في تصاعد النقد الإسرائيلي لمصر، غير أن التخوف في جوهره لا يبدو مفتعلا بغرض الضغط السياسي، إذ إن من تبنوا هذا النقد ينطلقون من قراءات أمنية واستراتيجية تستند إلى معطيات واقعية، ويعزز السياق الميداني من وجاهة هذه القراءات. كما أن هذه الأطروحات لم تقتصر على محللين أو إعلاميين، بل صدرت أيضا عن مسؤولين حاليين وسابقين ذوي ثقل داخل المؤسسة السياسية والأمنية في إسرائيل. علاوة على ذلك، فإن مؤشرات القلق الإسرائيلي متواجدة من قبل 7 أكتوبر 2023، كما رصدنا أعلاه.

وفي هذا الإطار، يمكن قراءة قرار مصر تأجيل تعيين سفير جديد لها في إسرائيل، ورفضها اعتماد أوري روتمان سفيرا جديدا لتل أبيب في القاهرة، خلفا للسفيرة أميرة أورون التي انتهت ولايتها في شتاء 2024، كأحد المؤشرات على تدهور المزاج السياسي بين الجانبين.[48]

وبعد ذلك بأيام، طالبت القاهرة تل أبيب بتوضيح رسمي بشأن تعرض سفيرها في رام الله، إيهاب سليمان، لإطلاق نار خلال زيارة دبلوماسية رفيعة إلى مدينة جنين، حيث أفادت تقارير فلسطينية بأن قوات من الجيش الإسرائيلي استهدفت الوفد، الذي ضم سفراء من عدة دول، خلال جولة هدفت إلى الاطلاع على الأوضاع الميدانية في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية.[49]

ومؤخرا، أصدر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تحذيرا رسميا للإسرائيليين من السفر إلى سيناء، محذرا مما وصفه بـ “تهديد خطير”. وقال المجلس، في بيان، إن التهديدات الأمنية التي يواجهها الإسرائيليون الراغبون في السفر إلى سيناء كانت مرتفعة منذ فترة، و”زادت حدّتها في الآونة الأخيرة”.[50]

خاتمة

تُبرز تصريحات المسؤولين والباحثين والإعلاميين الإسرائيليين حالة من القلق المتزايد إزاء تنامي القدرات العسكرية المصرية، سواء من حيث اتساع حجم الترسانة، أو تنوع مصادر التسليح، إلى جانب تعزيز الوجود العسكري في سيناء. وتؤكد البيانات والإحصائيات المتاحة وجود توجه واضح لدى الجيش المصري في هذا الاتجاه.

هذا يأتي في ظل تصاعد التوترات بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة عقب الاجتياح الإسرائيلي لمحور صلاح الدين (فيلادلفيا) ومدينة رفح الفلسطينية في مايو 2024، في خرق مباشر للاتفاقات الرسمية بين الطرفين، كما أوضح “مركز المسار” في ورقة سابقة بعنوان “النظام المصري وحرب غزة.. تطورات المواقف وأبعاد التعاطي مع التصعيد الإسرائيلي”، نشرت بتاريخ 22 مايو 2024. ورغم اعتراض القاهرة العلني، إلا أن تل أبيب فرضت أمرا واقعا في تلك المنطقة الجوهرية بالنسبة للأمن القومي المصري.

ومع استمرار التواصل الأمني بين القاهرة وتل أبيب، واستبعاد احتمالات المواجهة المباشرة في الوقت الراهن، فإن إسرائيل تنظر بقلق متزايد إلى تنامي القدرات العسكرية المصرية، باعتباره تحولا هيكليا في موازين القوى، لا يغيّر طبيعته وجود قنوات اتصال وتنسيق قائمة.

وبالاستناد إلى النظرية الواقعية في العلاقات الدولية، يمكن تفسير هذا القلق من خلال مفهوم “معضلة الأمن”، حيث يؤدي تعزيز أحد الأطراف لقوته، ولو لأسباب دفاعية، إلى شعور الطرف الآخر بالتهديد، ما يفتح الباب أمام تآكل الثقة وتزايد الشكوك، وربما اتخاذ إجراءات لمواجهة هذا التهديد.

وفي هذا السياق، من المرجح أن تتحرك إسرائيل في مسارين متوازيين: الأول، يتمثل في إعادة هيكلة قدراتها العسكرية الذاتية، من خلال تطوير التسلح واستعادة بعض التشكيلات الهجومية التي تقلّصت في السنوات الأخيرة، وتطوير الاهتمام الأمني والاستخباراتي بالجبهة المصرية؛ والثاني، هو الضغط على القاهرة عبر واشنطن، بهدف تقييد مسار تنويع التسليح والتقارب مع قوى مثل روسيا أو الصين. وقد تتخذ هذه الضغوط أشكالا اقتصادية أو سياسية، على غرار ما أعلنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن مجانية عبور السفن الأمريكية لقناة السويس.

ولا تنبع هذه التحركات فقط من ضرورات آنية، بل تعكس توجها راسخا في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، التي ترفض مبدأ التوازن العسكري مع أي طرف إقليمي. ومن ثم، فإن استمرار التوتر -بدرجات متفاوتة– يبدو مرجحا، خاصة في ظل تصاعد نفوذ اليمين الإسرائيلي، الذي قد يدفع نحو خيارات أكثر تصعيدا.


المصادر

[1] John J. Mearsheimer, The Tragedy of Great Power Politics, updated ed. (New York: W. W. Norton & Company, 2014), 30–32.

[2] Ibid., 33.

[3] Ibid., 42–46.

[4] Stephen M. Walt, Does Anyone Still Understand the ‘Security Dilemma’?, Foreign Policy, July 26, 2022 – Link

[5] John H. Herz, “Idealist Internationalism and the Security Dilemma,” World Politics 2, no. 2 (January 1950): 157–180 – Link

[6] Shiping Tang, “The Security Dilemma: A Conceptual Analysis,” The Washington Quarterly 33, no. 1 (2009): 587–623 – Link

[7] ג’ייקוב מגיד, המזרח התיכון על פי שגריר ישראל בארצות הברית, אתר זמן ישראל, 15 בפברואר 2025 – הקישור

Herb Keinon, Is Egypt violating the Camp David Accords? Israel raises concerns – analysis, The Jerusalem Post, February 19, 2025 – Link

[8] אברהם לנדסברג, ההתחמשות המצרית צריכה להדאיג את ישראל, שגריר ישראל באו”ם, 31 בינואר 2025 – הקישור

المصدر بالعربية: “قلق من جيش مصر”.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن ازدياد القوة العسكرية المصرية وتناميها، سي إن إن عربي، 1 فبراير/شباط 2025 – الرابط

[9] הרצי הלוי, מודאגים מצבא מצרים, חדשות כיפה, 26 בפברואר 2025 – הקישור

المصدر بالعربية: رئيس الأركان الإسرائيلي: قدرات مصر العسكرية كبيرة وقلقون من “التهديد الأمني”، الشرق للأخبار، 27 فبراير/شباط 2025 – الرابط

[10] “نحن قلقون، مصر تمتلك جيشًا كبيرًا”.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يتحدث عن إمكانيات مصر العسكرية وإمكانية انقلاب الوضع في المنطقة، ماذا قال؟، التلفزيون العربي، 27 فبراير/شباط 2025 – الرابط

[11] יעל צ’כנובר, התוכנית המצרית לעזה – ואזהרת ישראל כ”ץ: “לא נאפשר לה להפר את הסכם השלום”, ynet, 3 במרץ 2025 – הקישור

زين خليل، كاتس يقول إن إسرائيل لن تسمح لمصر بـ”انتهاك معاهدة السلام”، الأناضول، 3 مارس/آذار 2025 – الرابط

[12] تخوفات إسرائيلية من حشد عسكري مصري في سيناء وقلق من انهيار الحدود مع غزة، وكالة الأنباء الفلسطينية “سما”، 22 أبريل/نيسان 2025 – الرابط

[13] ד״ר יגיל הנקין, עמוד מחבר, המכון הירושלמי לאסטרטגיה ולביטחון – הקישור

[14] ד״ר יגיל הנקין, ההתעצמות של צבא מצרים, המכון הירושלמי לאסטרטגיה ולביטחון, 7 בינואר 2018 – הקישור

[15] ד”ר יגיל הנקין, הפלג 29: ההתחמשות המצרית, המשחק הגדול – המכון הירושלמי לאסטרטגיה ולביטחון, 1 בספטמבר 2020 – הקישור

[16] StrategicAnalysisOfEgypt, האם מצרים מתכננת מתקפת פתע על ישראל?, 20 בפברואר 2024 – הקישור – הקישור

المصدر بالعربية” سيناريو إسرائيلي لهجوم مصري مفاجئ على تل أبيب، آر تي عربي، 20 فبراير/شباط 2024 – الرابط

[17] אלי דקל, “מצרים נערכת למלחמה מול ישראל”: האזהרה המטלטלת של סא”ל במיל’ אלי דקל, הידברות, 14 במאי 2025 – הקישור

[18] الإعلام العبري: بايدن قدم “هدية الفراق” لمصر، آر تي عربي، 23 ديسمبر/كانون الأول 2023 – الرابط

[19] ما الذي تخشاه إسرائيل في زيادة قوة الجيش المصري وتعداده؟.. باحثة إسرائيلية تجيب، آر تي عربي، 26 ديسمبر/كانون الأول 2024 – الرابط

[20] Jerusalem Post Staff, Israeli UN envoy warns of Egypt’s military buildup: ‘Why all the submarines and tanks?’, The Jerusalem Post, January 31, 2025 – Link

[21] Micah Avni, No more illusions: Israel must confront Egypt’s quiet offensive in Sinai – opinion, The Jerusalem Post, February 23, 2025 – Link

[22] אמירה אורון, התעצמות הצבא המצרי ועיבוי נוכחותו בסיני – משמעויות לישראל, המכון למחקרי ביטחון לאומי (INSS), מבט על, גיליון 1968, 26 במארס 2025 – הקישור

Amira Oron, Egyptian Military Buildup and its Expanded Presence in Sinai – Implications for Israel, Institute for National Strategic Studies (INSS), March 26, 2025 – Link

[23] Amira Oron, Senior Researcher, Institute for National Strategic Studies (INSS) – Accessed: May 17, 2025 – Link

[24] تخوفات إسرائيلية من حشد عسكري مصري في سيناء وقلق من انهيار الحدود مع غزة، وكالة الأنباء الفلسطينية “سما”، 22 أبريل/نيسان 2025 – الرابط

[25] Yaakov Lappin, Egypt-China Air Drill Signals Deepening Strategic Alignment, The Jerusalem Institute for Strategy and Security (JISS), May 5, 2025 – Link

[26] Brigadier General Yitzhak Brik, Israel facing dangerous shift in relations with Egypt – opinion, The Jerusalem Post, May 27, 2025 – Link

[27] عبد الكريم أحمد الرفاعي محمد، تطور تسليح الجيش المصري ودوره في الحروب وتأثيره على الأمن القومي، المركز الديمقراطي العربي، 14 مارس/آذار 2025 – الرابط

[28] تسليح الجيش المصري في عهد السيسي، الهيئة العامة للاستعلامات، 3 سبتمبر/أيلول 2024 – الرابط

[29] Officials in Cairo tried to cover up arms deal with North Korea, The Washington Post, October 26, 2019 – Link

[30] نور الدين، مصر تتجه نحو الطائرات الصينية بعد تراجع روسيا في توفير المقاتلات العسكرية منخفضة التكلفة، موقع الدفاع العربي، 11 مارس/آذار 2025 – الرابط

[31] Turkey to Supply Combat Drones and Technology to Egypt, Politics Today, February 6, 2024 – Link

[32] أحمد سمير يوسف، ما هي الطائرات التي لفتت نظر رئيس الأركان المصري في تركيا؟، الشرق الأوسط، 2 مايو/أيار 2024 – الرابط

[33] إنجي مجدي، تسليح الجيش المصري… التنويع للهرب من المأزق الأميركي، اندبندنت عربية، 19 فبراير/شباط 2025 – الرابط

[34] الجيش المصري يؤكد حرصه على تنويع مصادر سلاحه.. وقدرته على “مجابهة أي تحديات”، سي إن إن عربي، 27 أبريل/نيسان 2025 – الرابط

[35] Amira Oron, Egyptian Military Buildup and its Expanded Presence in Sinai – Implications for Israel, Institute for National Strategic Studies (INSS), March 26, 2025 – Link

[36] Alexandra Kuimova, Understanding Egyptian Military Expenditure, Stockholm International Peace Research Institute, October 2020 – Link

[37] Military Watch Magazine Editorial Staff, Algerian Air Force Receives First Su-35 Fighters: Why Did it Place Orders?, Military Watch Magazine, March13, 2025 – Link

[38] Alexandra Kuimova, Understanding Egyptian Military Expenditure, Stockholm International Peace Research Institute, October 2020 – Link

[39] بعد حفاوة استقبال السيسي لماكرون كيف أزاحت فرنسا الولايات المتحدة من أعلى قائمة موردي الأسلحة للجيش المصري؟، صحيح مصر، 7 أبريل/نيسان 2025 – الرابط

[40] هالة عباس، (لقاء يونهاب) السفير المصري: توطين الصناعة الكورية في مصر أمر أساسي لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، وكالة “يونهاب” للأنباء، 25 مارس 2025 – الرابط

[41] نور الدين، أنظمة الدفاع الجوي الصينية بعيدة المدى HQ-9B تحرس الأجواء المصرية، موقع الدفاع العربي، 22 أبريل 2025 – الرابط

[42] اللواء سمير فرج: الحرب بين مصر وإسرائيل ممكن تكون بكرة.. والاحتلال انتهك كامب ديفيد | الحوار كامل، صدى البلد، 6 أبريل 2025 – الرابط

[43] محمد مخلوف، بسبب منظومة دفاعية صينية.. قلق إسرائيلي جديد من مصر، العربية نت، 19 أبريل 2025 – الرابط

[44] الإعلام العبري: “42 ألف جندي مصري مستعدون في سيناء”.. مخاوف من جيش مصر و”العرجاني” في اسرائيل، آر تي عربي، 11 مايو/أيار 2024 – الرابط

[45] Brigadier General Yitzhak Brik, Israel facing dangerous shift in relations with Egypt – opinion, The Jerusalem Post, May 27, 2025 – Link

[46] إسلام رجب، قلق إسرائيل من قوة الجيش المصري تخوف استراتيجي أم مناورة سياسية؟، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية والتدريب، 17 مارس/آذار 2025 – الرابط

[47] عماد عنان، التحرك العسكري المصري في سيناء.. ما حقيقته؟ ولماذا يضخم الاحتلال من مخاطره؟، نون بوست، 19 فبراير/شباط 2025 – الرابط

[48] الإعلام العبري: القاهرة ترفض تعيين سفير إسرائيلي جديد، آر تي عربي، 11 مايو/أيار 2025 – الرابط

[49] مصر تطالب إسرائيل بتوضيح حول إطلاق نار على سفيرها في رام الله، العربية نت، 21 مايو/أيار 2025 – الرابط

[50] המטה לביטחון לאומי (המל”ל), בחידוד לציבור הישראלי – תזכורת לגבי הסיכון לישראלים בחצי האי סיני, 29 במאי 2025 – הקישור

العلامات: إسرائيلالجيش المصريسيناءغزةمركز المسارمصرمعاهدة السلام

متعلق بالمشاركات

انهيار النظام السوري.. العوامل المؤثرة ومواقف الدول العربية الفاعلة
بحوث

انهيار النظام السوري.. العوامل المؤثرة ومواقف الدول العربية الفاعلة

Tue _31 _December _2024AH 31-12-2024AD
إصدار قانون اللجوء في مصر.. السياقات ودوافع النظام
إصدارات دورية

إصدار قانون اللجوء في مصر.. السياقات ودوافع النظام

Sat _30 _November _2024AH 30-11-2024AD
محور صلاح الدين (فيلادلفيا).. الجغرافيا والتحولات التاريخية والأهمية الاستراتيجية
بحوث

محور صلاح الدين (فيلادلفيا).. الجغرافيا والتحولات التاريخية والأهمية الاستراتيجية

Fri _29 _November _2024AH 29-11-2024AD
وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية.. التاريخ والأدوار وصياغة السياسات في ضوء طوفان الأقصى
بحوث

وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية.. التاريخ والأدوار وصياغة السياسات في ضوء طوفان الأقصى

Wed _13 _November _2024AH 13-11-2024AD
الفاعلية السياسية للطرق الصوفية في مصر.. التطورات التاريخية ومساحات التوظيف
بحوث

الفاعلية السياسية للطرق الصوفية في مصر.. التطورات التاريخية ومساحات التوظيف

Wed _30 _October _2024AH 30-10-2024AD
الحوثيون والأمن القومي المصري.. جوانب التأثير وتداعيات المتغيرات الإقليمية
بحوث

الحوثيون والأمن القومي المصري.. جوانب التأثير وتداعيات المتغيرات الإقليمية

Mon _14 _October _2024AH 14-10-2024AD
  • الزلزال والانتخابات التركية.. الآثار والتداعيات

    الزلزال والانتخابات التركية.. الآثار والتداعيات

    10146 تشارك
    يشارك 4058 Tweet 2537
  • مستجدات التقارب التركي مع نظام الأسد

    9483 تشارك
    يشارك 3793 Tweet 2371
  • السيسي ونهج تدوير قيادات الجيش.. سياقات الاستثناء والعلاقة بالأزمة الاقتصادية

    7181 تشارك
    يشارك 2872 Tweet 1795
  • العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية

    6376 تشارك
    يشارك 2550 Tweet 1594
  • الأنظمة السلطوية بعد الربيع العربي.. التهديدات وفشل جهود احتواء الأزمات

    5953 تشارك
    يشارك 2381 Tweet 1488

الاشتراك في البريد الاكتروني.

اشترك في رسائلنا الدورية

Loading

مواقع التواصل

خريطة الموقع

  • إصدارات دورية (70)
    • إضاءات تحليلية (1)
    • دفاتر مصرية (35)
    • ملفات تركية (36)
  • بحوث (65)
    • اجتماع (4)
    • اقتصاد (5)
    • سياسة (56)
  • ترجمات (18)
    • مصر في الدراسات الغربية (4)
    • منوعات (14)
  • تقدير موقف (28)
    • اقتصاد (1)
    • سياسة (27)
  • عروض كتب (12)
    • أجنبية (8)
    • عربية (4)
  • غير مصنف (2)
  • ميديا المسار (91)
    • انفوجراف (26)
    • فيديو (65)
Al Masar Studies

مركز المسار للدراسات الإنسانية، مؤسسة بحثية لا تهدف إلى الربح، تأسست عام 2019.

  • الرئيسية
  • إصدارات دورية
  • بحوث
  • تقدير موقف
  • عروض كتب
  • ترجمات
  • ميديا المسار

© 2019 المسار للدراسات الإنسانية

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In
لا نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
  • الرئيسية
  • إصدارات دورية
    • دفاتر مصرية
    • ملفات تركية
    • إضاءات تحليلية
  • بحوث
    • سياسة
    • اقتصاد
    • اجتماع
  • تقدير موقف
    • سياسة
    • اقتصاد
  • عروض كتب
    • عربية
    • أجنبية
  • ترجمات
    • مصر في الدراسات الغربية
    • منوعات
  • ميديا المسار
    • انفوجراف
    • فيديو

© 2019 المسار للدراسات الإنسانية

This website uses cookies. By continuing to use this website you are giving consent to cookies being used. Visit our Privacy and Cookie Policy.
Go to mobile version