دفاتر مصريَّة – أكتوبر/تشرين الأوَّل 2021
المحتويات
مقدمة
الدفتر السياسي
- سَد النهضة واستعدادات الملء الثالث
- اجتماعات حماس بالقاهرة والوساطة المصريَّة
- إلغاء تمديد حالة الطوارئ
الدفتر الاقتصادي
- ميزان المدفوعات يكشف حقيقة أداء الاقتصاد المصري
- دلالات إيداع السعودية 3 مليارات دولار بالبنك المركزي المصري
- ارتفاع الأسعار، وانتظار موجة جديدة من التضخم
الدفتر التشريعي
- مشروعات القوانين التي أقرها مجلس النوَّاب
- القرارات الجمهورية والاتفاقات الدولية التي وافق عليها مجلس النوَّاب
الدفتر الفكري والثقافي
- نصر أكتوبر وأدب الحرب
- الجونة وتعرية الوطنيَّة الكاذبة
الدفتر الإعلامي
- التزييف الإعلامي في قضية “المحلل الشرعي”
- الإخراج الإعلامي لافتتاح مجمع السجون الجديد
- هجوم الإعلام المصري على فيلم “ريش”
مقدمة
. في أكتوبر/تشرين الأول 2021، طفت قضيَّة سَدّ النهضة إلى السطح مرَّة أخرى، تزامنًا مع الحديث عن استعداد إثيوبيا للملء الثالث، وهو ما يُنذِر بتكرار تجربة الملء الثانية. وفي ظِل الفشل في إدارة ملف سَدِّ النهضة، استمرت القاهرة في تقديم نفسِها كوسيطٍ مهم ولاعب رئيس في المنطقة من خلال استضافة اجتماع المكتب السياسي لحركة “حماس”، والتوسط بين الحركة والكيان الصهيوني في قضايا التهدئة وتبادل الأسرى. واسترضاءً للغرب، وأمريكا على وجه الخصوص، أعلن السيسي عن إلغاء مد حالة الطوارئ، وهي الخطوة التي لن يكون لها أيّ فائدة بسبب ترسانة القوانين المقيدة للحريَّات.
واقتصاديًّا، سلط التقرير الضوء على حقيقة الأداء الاقتصادي المصري من خلال المؤشرات التي يقدمها ميزان المدفوعات، كما رصد أيضًا دلالات إيداع السعودية 3 مليارات دولار بالبنك المركزي المصري، وما سوف يترتب على رفع الأسعار من ظهور موجة جديدة من التضخم.
وعلى المستوى التشريعي، رصد التقرير مشروعات القوانين التي أقرها مجلس النوَّاب، ومنها مشروع بشأن تعديل قانوني يمكن الجيش من البقاء في الشارع بهدف حماية المنشآت العامَّة والحيويَّة، ويُوسِّع صلاحيَّات القضاء العسكري. كما رصد التقرير أهم الاتفاقيَّات الدوليَّة والقرارات الجمهوريَّة التي وافق عليها المجلس.
أمَّا الدفتر الفكري والثقافي فقد تناول موضوعيْن: أولهما عن نصر أكتوبر، وتخلف الأدب المصري عن مواكبة هذا الحدث العظيم. وثانيهما عن الوطنيَّة الكاذبة التي عَرَّتها مواقف بعض الفنانين المؤيدين للنظام الانقلابي، والذين أزعجهم فيلم سينمائي يُظهِر عورة من عورات النظام، وهي إهمال الفقراء، فتناسوا ما يتشدقون به من حريَّة الإبداع وهاجموا صُنَّاع الفيلم.
وتناول الدفتر الإعلامي موضوع التزييف في الإعلام المصري، من خلال قضيَّة استضافة إعلامي مُقرَّب من النظام لرجل ادَّعى احتراف مهنة “المحلل الشرعي”، ثم خرج بعد ذلك ليعترف بأن مُعدِّي البرنامج هم الذين اتفقوا معه على ذلك في مقابل مادي. كما تناول التقرير الإخراج الإعلامي لاحتفال النظام المصري بافتتاح مجمع السجون، وحملة الأكاذيب التي صاحبت الافتتاح، والحملة التي تعرَّض لها فيلم “ريش” من جانب الإعلام المصري.
شهدت مصر العديد من الأحداث على المستوييْن الداخلي والخارجي في شهر أكتوبر/تشرين الأوَّل، كان أبرزها الحديث عن الملء الثالث لسَدّ النهضة، وهو ما تزامن مع سَيْل من التصريحات حول الأزمة مع إثيوبيا. كما استضافت القاهرة اجتماع المكتب السياسي لحركة حماس، والذي ناقش قضايا الداخل الفلسطيني والعلاقات مع الجانب المصري والوساطة المصريَّة بين الحركة والكيان الصهيوني. وداخليًّا، أعلن السيسي عن وقف مَدّ حالة الطوارئ، وهو ما لم تصحبه خطوات عمليَّة توحي بتغيير حقيقي يمكن أن يحدث في مجال حقوق الإنسان.
- سد النهضة واستعدادات الملء الثالث
عادت قضيَّة سَدِّ النهضة إلى السطح مرَّة أخرى في أكتوبر/تشرين الأوَّل، بعد تواتر الحديث عن استعدادات إثيوبيَّة للقيام بالملء الثالث لبحيرة السد، وتصريحات مسؤولين من النظام المصري حول تطوُّرات الأزمة، وتأكيدات إثيوبيَّة عن الاستمرار قدمًا في استكمال بناء السد وتشغيله وفق المصالح الوطنيَّة.
وكان مصدر في وزارة الخارجيَّة السودانيَّة، قد قال إن “إثيوبيا بدأت تعلية الممر الأوسط لسد النهضة، ووضع جدران خرسانيَّة، استعدادًا للملء الثالث للسد”[1].
من جهته، أكَّد رئيس الوزراء الأثيوبي، “آبي أحمد”، في كلمةٍ له عقب أداء حكومته اليمين الدستوريَّة أمام البرلمان، على التزام حكومته بإكمال بناء وتشغيل سد النهضة واستخدامه للأغراض المحددة له”[2].
ويُصِر الجانب الإثيوبي – الذي تراجع عن اتفاق إعلان المبادئ الذي وقعه مع مصر والسودان في 2015، والذي يلزم الدول الثلاث بالوصول إلى اتفاق بشأن المبادئ التوجيهيَّة لملء السَّد وتشغيله – على عدم التوقيع على أيّ اتفاق ملزم بشأن الملء والتشغيل، وهو ما أفشل جولات المفاوضات التي جرت في السنوات الماضية. كما أبلغت آديسأبابا مجلس الأمن أنه “ليس لديها الالتزام القانوني بالسعي للحصول على موافقة مصر لملء السد”.
ومن جانبه، وَصَف وزير الخارجيَّة المصري، “سامح شكري”، تصريحات المسؤولين الإثيوبيّين برفض التوقيع على أيّ اتفاق ملزم بخصوص سَد النهضة، بأنه “حديث للاستهلاك المحلي ومواجهة الأوضاع الداخليَّة وتحد للمجتمع الدولي، ويبرهن على وجود المرونة لدى مصر كدولةٍ ذات مسؤوليَّة، وتلقي الظلال على تصرفات الحكومة الإثيوبيَّة”. وبَيّن شكري أن مصر لن تمانع الانخراط في أي مبادرة للتفاوض حول أزمة السد شرط أن تسفر عن اتفاق ملزم، وأن يجري التفاوض ضمن إطار معزز من المراقبين للرئاسة الإفريقية لإزالة مواضع الخلافات[3].
وعلى الرغم من تعنت الجانب الإثيوبي، واستمراره في انتهاج سياسة استهلاك الوقت وفرض الأمر الواقع، مازالت القاهرة تتمسَّك بخيار المفاوضات المتعثرة منذ ما يقرب من خمسة أشهر، وكانت مطالبة السيسي لإثيوبيا بالوصول إلى اتفاقيَّة متوازنة وملزمة بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، وتستند إلى قواعد القانون الدولي ومخرجات مجلس الأمن في هذا الشأن هي المادة الأساسيَّة في لقاءاته وتصريحاته خلال أكتوبر/تشرين الأوَّل.
وفيما يشبه الاستجداء، وسَعيًا لاستدرار شفقة الآخرين، وبلغةٍ لا تليق بدولةٍ مثل مصر، وتثبت فشل النظام الحاكم في إدراة ملف سد النهضة وعجز القاهرة عن التأثير على آديسآبابا، أشار السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس المجري، “يانوش أدير”، على هامش قمة “تجمع فيشغراد”، في 11 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن مصر تقترب بالفعل من مرحلة الفقر المائي. وأوضح أن نهر النيل هو مصدر المياه الوحيد لمصر، وتابع: “نحن نعتبر من الدول التي لديها ندرة شديدة في المياه، وحضارة مصر لم تقم على مدى عشرات السنين إلَّا على نهر النيل، و95 بالمئة من الأراضي المصريَّة صحراويَّة جافة”، وطالب “الآشقاء” الإثيوبيّين بتحويل حديثهم عن وصول المياه إلى مصر إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء السَّد وتشغيله. وشدد على أن “بلاده تريد فقط الحصول على حصتها من المياه”[4].
في سياق متصل، أكَّد وزير الموارد المائية والري المصري، “محمد عبدالعاطي”، على خطورة انهيار سَدّ النهضة، وقال إن “انهيار سَد النهضة هيبقى مشكلة كبيرة نتمنى ألَّا تحدث”. وبسؤال الوزير حول الموقف المصري في حال استمر “العند الإثيوبي في هذا الملف”، أجاب: “سؤال إجابته مش عندي”[5]. وفي مناسبة أخرى، أجاب الوزير على سؤال حول تمويل دول عربيَّة لسَدّ النهضة قائلًا: “الإجابة مش عندي، اسألهم”[6]. وهو ما يشير إلى عدم وجود رؤية واضحة وشاملة حول أبعاد الأزمة وسُبُل الحَل لدى الوزارة المعنيَّة بالموارد المائيَّة في مصر.
يُذكّر أن مجلس الأمن الدولي كان قد أصدر بيانًا رئاسيًّا بالإجماع (15 دولة)، منتصف سبتمبر/أيلول 2021، “يشجع مصر وإثيوبيا والسودان على استئناف المفاوضات بدعوة من رئيس الاتحاد الإفريقي للانتهاء على وجه السرعة من نصِّ اتفاق ملزم ومقبول للطرفيْن بشأن ملء وتشغيل السد خلال فترة زمنية معقولة”. وعقب صدور البيان، حبت مصر والسودان به، داعية إثيوبيا إلى التفاوض بجديَّة من أجل التوصل إلى اتفاق يحل الأزمة. فيما أبدت إثيوبيا استعدادها للعودة إلى المفاوضات مع القاهرة والخرطوم تحت قيادة الاتحاد الإفريقي، لكنها أكدت أنها “لن تعترف بأيّ مطالبات قد تثار على أساس البيان الرئاسي” لمجلس الأمن.
- اجتماعات حماس بالقاهرة والوساطة المصريَّة
استضافت القاهرة في 3 أكتوبر/تشرين الأوَّل، اجتماع المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلاميَّة (حماس)، برئاسة “إسماعيل هنيَّة”، وهو الاجتماع الأوَّل للمكتب السياسي الجديد للحركة، ويَضم الأقاليم الثلاثة: غزة والضفة الغربيَّة والخارج. وكانت وفود من قيادة الحركة قد وَصَلت إلى القاهرة، قادمة من قطاع غزة وقطر وتركيا، لحضور الاجتماع. وعشيَّة الاجتماع، أعلنت الحركة في بيان لها أن وفدًا برئاسة “هنيَّة” قد توجَّه إلى القاهرة، بدعوةٍ من السلطات المصريَّة؛ للتباحث حول العديد من الملفات الوطنيَّة الهامَّة[7].
وذكرت حماس أن وفد الحركة أجرى مباحثات حول قضايا عديدة مع رئيس المخابرات العامَّة المصريَّة، “عباس كامل”. ووفق بيان للحركة، بحث الجانبان “العديد من القضايا على مستوى التطوُّرات السياسيَّة والميدانيَّة، والعلاقات الثنائيَّة، وسُبُل تحقيق وحدة الشعب الفلسطيني، وترتيب البيت الفلسطيني”. وناقش الطرفان “تطوُّرات الملفات الساخنة وسلوك الاحتلال فيها، وخاصَّة قضيَّة القدس بشكل عام، وحَيّ الشيخ جراح بالقدس وما يجري في المسجد الأقصى من ممارسات ومخططات الاحتلال بشكل خاص، وسُبُل التعامل لكبح سلوك الاحتلال وإجراءاته في القدس والأقصى”، كما تناول اللقاء “قضيَّة الأسرى في سجون الاحتلال، والمعاناة التي يمرون بها، وسُبُل استعادة الوحدة الوطنيَّة وترتيب البيت الفلسطيني”[8].
وحول نتيجة المباحثات بين قيادة الحركة والمخابرات المصرية، كشف مصدر بحركة حماس أن تقدمًا جرى في مباحثات قيادة الحركة مع قيادة المخابرات المصرية، على صعيد تفاهمات تثبيت التهدئة في غزة، وتسريع وتيرة إعادة الإعمار، وجهود تخفيف الحصار. وذكر المصدر أن الجانبين اتفقا على ضرورة تثبيت التهدئة الحاليَّة، بين الفصائل الفلسطينيَّة والكيان الصهيوني.
وبخصوص ملف إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي الأخير في مايو/أيار 2021، أفاد المصدر أن مصر أكدت لقيادة حماس، جديتها في هذا الملف، وأن المرحلة القادمة ستشمل خطوات في هذا المجال. كما أوضح المصدر أن مصر وعدت باتخاذ خطوات، في تحسين الأوضاع الاقتصاديَّة في غزة، ومنها السماح بإدخال العديد من البضائع عبر معبر رفح.
أمَّا ملف تبادل الأسرى بين حماس والكيان الصهيوني، فقد أشار المصدر إلى أنه جرت مناقشة عدد من الأفكار والمقترحات التي طرحتها بعض الأطراف الفاعلة في هذا لشن، إلَّا أنه لم يحدث أي تقدم ملموس على هذا الصعيد.
كما أوضح المصدر أن لقاء “هنيَّة” و”كامل” تناول “قضايا وطنيَّة”، وعلى رأسها ملف مدينة القدس وما تتعرض له من “انتهاكات إسرائيلية وتهويد”، إلى جانب “الوضع الداخلي الفلسطيني”. وبخصوص ملف الانقسام والمصالحة الفلسطينية، لفت المصدر إلى أن قيادة الحركة أكدت لرئيس المخابرات المصرية تمسكها بضرورة وضع “رؤية شاملة تتضمن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس وطنية سليمة، أساسها الشراكة والاصطفاف في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة”[9].
وفي تحليله لأهمية عقد الاجتماع في القاهرة، يقول المحلل السياسي الفلسطيني” “مصباح أبوكرش”، إن فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، تحرص على الحفاظ على دور مصر المركزي والرئيس عندما يتعلق الأمر بالصفقات الخاصَّة بالأسرى، كما حدث في صفقة وفاء الأحراء عام 2011، وجاء اختيار القاهرة كمكان لعقد هذا الاجتماع من باب تأكيد الخصوصية التي تتمتع بها الشقيقة الكبيرة مصر عندما يرتبط الأمر باجتماع أحد أكبر الفصائل الفلسطينية التي تدافع عن الحَقِّ الفلسطيني المسلوب. وبدورها، اعتبرت الدكتورة “حكمت المصري”، الباحثة الفلسطينية، أنه رغم حالة التكتم والسرية التى خيمت على اجتماعات القاهرة التى لم تتوقف منذ انتهاء العدوان الأخير على غزة فيما يتعلق بملف الأسري والملفات الأخرى إلا أن هذه الاجتماعات تؤكد بأن جمهورية مصر العربية تسعى من خلال وساطتها إلى تسجيل نجاح في ملف تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس رغم المعيقات والعتراث التي تواجه هذا الملف الصعب منذ سنوات[10].
- إلغاء تمديد حالة الطوارئ
بعد أربع سنوات ونصف من فرض قانون الطوارئ وتمديد العمل به في مصر، وقبيل تمديده لفترة جديدة، قرَّر رئيس النظام الانقلابي المصري، “عبدالفتاح السيسي”، إلغاء مد حالة الطوائ، وقال في تدوينة نشرها في 25 أكتوبر/تشرين الأوَّل، على صفحته الرسميَّة بفيسبوك: “يسعدني أن نتشارك معًا تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة؛ ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد. هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء. وإنني إذ أعلن هذا القرار، أتذكر بكل إجلال وتقدير شهداءنا الأبطال الذين لولاهم ما كنا نصل إلى الأمن والاستقرار، ومعًا نمضي بثبات نحو بناء الجمهوريَّة الجديدة مستعينين بعون الله ودعمه”[11].
ونظريًّا، يَضمن إيقاف العمل بقانون الطوارئ، إلغاء جميع الإجراءات الاستثنائيَّة أمام محاكم أمن دولة طوارئ، وإلغاء المحاكمات الاستثنائيَّة، وإلغاء نيابة أمن الدولة العليا للطوارئ، وعودة المحاكمات إلى طبيعتها، ورفع القيود عن حريَّة الأشخاص في الاجتماع والانتقال، ورفع القيود عن حريَّة الإقامة والمرور فى أوقات وأماكن معيَّنة، وإلغاء مراقبة الرسائل أيَّا كان نوعها، وإلغاء الرقابة على الصحف والنشرات والمطبوعات، وإلغاء الرقابة على الرسوم وكلّ وسائل التعبير والدعاية والإعلان أو مصادرتها.
لقي قرار السيسي ترجيبًا واسعًا بين أنصاره ومؤيديه، الذين وَصَفوا القرار بأنه تاريخي وعظيم، ويؤسِّس لمرحلةٍ جديدةٍ فى حياة الجمهوريَّة الجديدة، التى تقوم على البناء والتنمية الشاملة، ويبشر بفجر جديد لوطن، عنوانه الأوضح الأمن والاستقرار، بالتوازى مع التنمية والبناء.
وعلى الجانب الآخر، شكَّك كثيرون في جدوى هذه الخطوة، وقالوا إن هناك كارثة لا تقل خطورة عن قانون الطوارئ، وهي وجود منظومة قوانين تحد من الحقوق والحريَّات، أقرها النظام خلال السنوات السابقة، مثل قانون مكافحة الإرهاب الذي يُعطِي صلاحيَّات واسعة للسلطات الأمنيَّة والقضائيَّة للقبض على المصريّين ومحاكمتهم، وكذلك قانون الكيانات الإرهابيَّة، الذي يمنح الدولة حق التحفظ على أموال المواطنين ويمنعهم من التصرُّف فيها.
وحول استفادة المعتقلين من إلغاء حالة الطوارئ، يؤكّد رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، “محمد أبوزارع”، أن عددًا كبيرًا من المحبوسين لن يستفيدوا من إلغاء حالة الطوارئ، لأن النظام فرض قانون الإجراءات الجنائيَّة، والذي من خلاله تستطيع السلطات التحفظ على المطلوبين والتحقيق معهم لسنوات طويلة ومفتوحة في العقوبات التي تصل للإعدام، بنحو 3 سنوات حبسًا احتياطيًّا[12].
أمَّا فيما يَخصُّ إشارة السيسي إلى أن قراره يشمل “جميع أنحاء البلاد”، وهو ما يَعنِي شموله شبه جزيرة سيناء، فإن هذا يتعارض مع القرار الذي اتخذه مطلع الشهر بفرض حظر التجوال بشمال سيناء، وإخلاء بعض الأماكن من السكان، وحظر الإقامة أو الاقتراب أو التردد على أماكن معينة بها، وحظر سير الدراجات ومركبات الدفع الرباعي[13].
يمكن تفسير هذه الخطوة من جانب السيسي في ضوء محاولات النظام الحاكم لتحسين صورته أمام الغرب، خاصَّة في ظل الضغوط الأمريكية على القاهرة بعد وصول جو بايدن للسلطة، ورغبة السيسي في لقاء الرئيس الأمريكي على هامش قمة المناخ في أسكتلندا في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وهو اللقاء الذي توليه القيادة المصريَّة أهميَّة قصوى، ولم يتم حتى الآن بسبب الضغوط التي تمارس على الإدراة الأمريكيَّة من بعض مراكز صنع القرار نتيجة ضغوطٍ مماثلةٍ تفرضها المنظمات الحقوقيَّة الدوليَّة بشأن الوضع الحقوقي في مصر[14].
كان قانون الطوارئ في مصر قد صدر عام 1958، وطبق أثناء حرب 1967. وجَرى إنهاء حالة الطوارئ في عام 1980، ثم أعيد العمل بقانون الطوارئ بعد اغتيال الرئيس “أنور السادات” في أكتوبر 1981. وظل هذا القانون ساري المفعول طيلة فترة حكم الرئيس “حسني مبارك”. وبعد فرض قانون الطوارئ وتمديده في البلاد على مدى 31 عامًا، عقب حادثة اغتيال السادات، أصدر المجلس العسكري في 2012 قرارًا بإيقاف العمل بقانون الطوارئ، ثم أعيد العمل به في 2013، بعد الانقلاب العسكري، وذلك بعد فض اعتصام رابعة والنهضة. وخلال ولاية السيسي، تم تمديد العمل بقانون الطوارئ 17 مرَّة.
وسط الحديث عن استمرار أداء الناتج المحلي الإجمالي في مصر بشكل جيّد أثناء أزمة جائحة كورونا، أعلنت وزارة المالية السعودية عن تقديمها لدعم اقتصادي لمصر، من خلال إيداع 3 مليارات دولار بالبنك المركزي المصري، من أجل مواجهة تداعيات أزمة كورونا. وفي سياق آخر، تمَّ الحديث عن ارتفاع العديد من السلع والخدمات في مصر خلال الأيام الماضية، في إطار ما يَعتري الأسواق العالمية من موجة ارتفاع أسعار في الطاقة والغذاء.
كما أن البنك المركزي المصري، نشر عبر موقعه نتائج مكونات ميزان المدفوعات، وما يَعتريه من أداء يَعكس استمرار الأداء الاقتصادي بمصر، كاقتصاد ريعي، وكذلك مظاهر الضعف في العديد من المحاور المهمة للاقتصاد المصري، مثل الاستثمار الأجنبي المباشر، أو غير المباشر، وكذلك الاستمرار في الاستدانة من الخارج.
- ميزان المدفوعات يكشف حقيقة أداء الاقتصاد المصري
يُعَد ميزان المدفوعات في أيّ دولة، صورة كاشفة لتعامل الدولة مع العالم الخارجي، حيث أنه يضم التعاملات التجارية من صادرات وواردات سلعية، وكذلك يضم التعاملات الخارجية لصادرات وواردات الخدمات، وكذلك التعاملات المالية والرأسمالية للدولة مع العالم الخارجي.
وتُعَد البيانات الاقتصادية للعام المالي 2020/2021 مكملة لصورة أداء الاقتصاد المصري أثناء تفاقم أزمة جائحة كورونا، ومن هنا يمكن الوقوف بصورة أوضح على أداء الاقتصاد المصري في تلك الأزمة مع العالم الخارجي.
وتتصدر بيانات ميزان المدفوعات حسب ترتيبه المعهود، التعاملات الخاصَّة بالميزان التجاري السلعي، والذي تعاني فيه مصر عجزًا مزمنًا، منذ عقود، حيث أظهرت بيانات العام المالي 2020/2021، استمرار العجز التجاري وبلوغه ما يزيد بقليل عن 42 مليار دولار، مقارنة بـ 36.4 مليار دولار في عام 2019/2020. وهو ما يعني أن صادرات مصر السلعية، ما زالت أقل بكثير من وارداتها السلعية، ففي الوقت الذي بلغت فيه الواردات السلعية 70.7 مليار دولار، بلغت الصادرات السلعية 28.6 مليار دولار، أي أن الصادرات السلعية أقل من نصف الواردات السلعية[15].
وقد يكون من المفيد الإشارة إلى هيكل كلٍّ من الواردات والصادرات السلعية، ليتبيَّن لنا ضعف أداء الاقتصاد المصري، فالواردات السلعية البترولية منها 8.6 مليار دولار، وبما يعادل نسبة 12.1 بالمئة، بينما الصادرات السلعية بلغت فيها الصادرات البترولية 8.5 مليار دولار، وبنسبة بلغت 29.7 بالمئة. وبشكل عام تعتبر المواد الخام التي منها الصادرات البترولية، وكذلك الصناعات التقليدية، تعتبر الهيكل الرئيس للصادرات السلعية المصرية، بينما الواردات السلعية المصرية ليست كذلك، إذ تتضمَّن استيراد العدد والآلات، ومستلزمات الإنتاج، والسلع الصناعية، والسلع الغذائية التي تمثل نحو 20 بالمئة من إجمالي الواردات السلعية المصرية.
أمَّا ميزان الخدمات، وإن كان قد حقق فائضًا بنحو 5.1 مليار دولار، إلَّا أن خسارة قطاع السياحة خلال العام ألقت بظلالها السلبية على الأداء الكلي لميزان الخدمات، حيث انخفضت الإيرادات السياحية إلى نحو 4.8 مليار دولار مقابل 9.8 مليار دولار في عام 2019/2020. كما أن قناة السويس حققت زيادة طفيفة في إيراداتها السنوية، إذ بلغت 5.9 مليار دولار مقابل 5.8 مليار دولار في العام الماضي.
وثمَّة أمران مهمان فيما يتعلق بميزان الخدمات، الأول يتعلق بتحويلات المصريّين العاملين بالخارج، حيث تزايدات هذه التحويلات لتصل إلى 31.4 مليار دولار، وتُعَد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر، وهي تتفوق على الصادرات السلعية بأكملها، بما فيها صادرات البترول والغاز الطبيعي. وفي الوقت الذي يمثل فيه هذا البند أحد الأمور الإيجابية، إلَّا أنه يُعَد من المصادر المضطربة، والتي تتأثر بعوامل خارجية حسب بيئة العمل في الدول التي يتواجد فيها المصريون، وبخاصة أن 70 بالمئة من المصريين بالخارج يتواجدون في دول الخليج، وهي دول مَرَّت بظروف اقتصادية سلبية منذ منتصف عام 2014، وبداية انهيار أسعار النفط في السوق الدولية. فضلًا عن شكوى العديد من المصريين العاملين بالخارج من تدني رعاية الحكومة لهم، وتضرر جزء منهم من بيئة العمل في الخارج.
أمَّا الأمر الثاني، في إطار ميزان الخدمات فهو شديد السلبية، وذلك نتيجة التدفقات من النقد الأجنبي للخارج، كعوائد استثمارات الأجانب، سواء في مجال الاستثمار المباشر أو غير المباشر، حيث بلغت هذه التدفقات للخارج، في نهاية العام المالي 2020/2021، نحو 12.9 مليار دولار، مقابل 12.2 مليار دولار في العام الماضي. وقد يكون خروج عوائد عن الاستثمارات المباشر مقبول، في إطار أنه يوفر فرص عمل، ويقدم سلع وخدمات بغض النظر عن مردودها على الاقتصاد المصري، ولكن المزعج هو خروج العوائد على استثمارات الأجانب، الخاصَّة بالاستثمارات غير المباشرة، والتي تُعَد تشجيعًا للأموال الساخنة في مصر.
أمَّا الميزان الرأسمالي والمالي فيَكشِف عن نقاط ضعف مهمة في أداء الاقتصاد المصري، من حيث الاعتماد على الأموال الساخنة، سواء تلك المتواجدة في المضاربات في البورصة المصرية، أو المتواجدة فيما يُسمَّى استثمارات الأجانب في الدين الحكومي.
فنجد أن الميزان المالي والرأسمالي قد حقق فائضًا بنحو 23.3 مليار دولار، ولكن الرقم الأكبر من هذا الفائض يأتي من خلال الأموال الساخنة في السندات ومحافظ الأوراق المالية، بنحو 18.7 مليار دولار، وهذه الأموال من أكبر مصادر الخطر على الوضع المالي في مصر، إذ أنها مع وجود أيّ هامش زيادة في سعر الفائدة في سوق أخر، سوف تسرع للخروج من مصر والتوجُّه لهذا السوق، وقد مرَّت مصر بتجارب خلال عام 2018 و2019، بخروج نحو 10 مليارات دولار، بحثًا عن أسواق تتميَّز بسعر فائدة أكبر.
وثمَّة تقديرات تشير إلى انتظار مصر لموجة جديدة لخروج هذه الأموال الساخنة، مع توقع رفع المجلس الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة. وتمثل هذه الأموال ضغطًا على الحكومة المصرية، من خلال استمرار ارتفاع سعر الفائدة على أذون وسندات الخزانة.
وتظهر أرقام الميزان الرأسمالي والمالي تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة هذا العام لتصل إلى 5.2 مليار دولار، بينما كانت في العام المالي 2019/2020 نحو 7.4 مليار دولار، أي أن هناك تراجعًا بنحو 2.2 مليار دولار، وقد أظهر بيان البنك المركزي أن تراجع تلك الاستثمارات، أتي في إطار تراجعات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم، تأثرًا بجائحة فيروس كورونا.
وبشكل عام، تُعَد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ضعيفة المردود في مصر، نظرًا لكون النسبة الكبيرة منها تأتي في قطاع البترول، والخصخصة، والنشاط العقاري والسياحي، بينما مصر تحتاج إلى نهضة في المجال الصناعي، وتحتاج لأن يكون لهذه الاستثمارات دور في نقل التكنولوجيا، وزيادة الصادرات.
والبند الأخير في ذلك الباب، هو صافي الاقتراض الخارجي، والذي بلغ 7.9 مليار دولار، مقابل 4.5 مليار دولار في عام 2019/2020، ويُظهر الرقم السياسة المالية التوسعية للحكومة المصرية في مجال الاستدانة، كما يُوضح أن الأوضاع المالية في مصر تأثرت بشكل كبير في ظل أزمة كورونا.
النتائج النهائية لميزان المدفوعات، تُبيّن وجود فائض بنحو 1.8 مليار دولار، مقابل عجز العام المالي بنحو 8.5 مليار دولار، ولكن لابد من الإشارة إلى أن مصدر هذا الفائض أتى من خلال الأموال الساخنة في البورصة وتعاملات الأجانب على الدين الحكومي، وهو ما يُعَد فائضًا شكليًا، بالمعيار الاقتصادي.
- دلالات إيداع السعودية 3 مليارات دولار بالبنك المركزي المصري
بعد انقلاب يوليو 2013، اتجهت الدول الخليجية الداعمة للانقلاب العسكري في مصر، إلى تقديم الدعم الاقتصادي بصور مختلفة، وكان أبرزها إيداع نحو 18 مليار دولار على دفعات مختلفة في البنك المركزي المصري، وهذه الدول هي (السعودية، والإمارات، والكويت). كانت الدفعة الأكبر منها خلال مؤتمر مستقبل الاقتصاد المصري، والذي عقد في شرم الشيخ في مارس 2015، وقدرت هذه الدفعة بنحو 12 مليار دولار، كان نصيب كل دولة 4 مليارات دولار.
ولكن في أكتوبر 2021، عادت السعودية لتقدم 3 مليارات جديدة كوديعة بالبنك المركزي المصري، فضلًا عن تمديد أجل وديعة قديمة بنحو 2.5 مليار دولار[16]، وهو ما يعكس استمرار الدعم الاقتصادي للدول الخليجية الداعمة للانقلاب العسكري بمصر.
والسبب المعلن لتقديم الوديعة السعودية، كان هو مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، ولكن لا السعودية ولا مصر أعلنت عن موعد إيداع هذه الأموال على وجه الدقة، والجدير بالذكر أن مصر قد حصلت على قروض بنحو 15 مليار دولار خلال عام 2020 منها نحو 8.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، والباقي عبر سوق السندات الدولية، وجهات إقليمية ودولية أخرى.
وإذا كانت الحكومة المصرية تعلن عن أن الاقتصاد المصري من الاقتصادات القليلة التي حققت معدل نمو إيجابي خلال أزمة كورونا، فلماذا تمَّ التوسع في الاستدانة الخارجية بهذه الصورة، فضلًا عن التوسع في الاستدانة الداخلية كذلك.
لقد أعلن البنك المركزي مؤخرًا عن رصيد احتياطي النقد الأجنبي بنهاية أكتوبر 2021، ليصل إلى 40.849 مليار دولار، أي بزيادة قدرها نحو 42 مليون دولار فقط لا غير عما كان عليه في نهاية سبتمبر 2021[17]، وهو ما يعني أن هناك التزامات على مصر بالدولار، استلزمت التصرُّف في جزء كبير من الوديعة السعودية، وذلك غير مستغرب، حيث تورطت حكومة السيسي في ديون قصيرة الأجل، تجعلها دائمًا في حاجة دورية لموارد من النقد الأجنبي.
هذا فضلًا عن الفجوة الكبيرة في الموازنة العامة للدولة والتي تقدر بنحو 28 مليار دولار سنويًّا، تحتاج الحكومة إلى تدبير نحو من 10 – 12 مليار دولار منها عن طريق السوق الخارجية. وفي ضوء تعرض الاقتصاد العالمي لكثير من التقلبات، التي تؤثر على إيرادات مصر الريعية الخارجية، فإنها لا تجد بُدًّا من اللجوء للاقتراض من الأسواق الخارجية. وثمَّة ملحوظة مهمة فيما يتعلق باقتراض مصر من الخارج، وهي أن نسبة الفائدة التي يحصل عليها مقرضو مصر، من أعلى نسب الفائدة في الأسواق الدولية، عند 6.5 بالمئة و7.5 بالمئة.
والسبب المهم وراء اهتمام مصر بالمحافظة على رصيد من الاحتياطي النقدي الأجنبي لأعلى من 40 مليار دولار، هو حماية سعر الصرف، الذي تعتبره الحكومة أكبر منجزاتها، على الرغم من أنها تدفع فاتورة كبيرة للحفاظ على هذا الاحتياطي، أو الحفاظ على استقرار سعر الصرف، فالاحتياطي معظم مكوناته من الديون الخارجية والودائع، والمفترض أن يكون من مكونات ذاتية، وكذلك سعر الصرف من الواجب أن يخضع لمتطلبات العرض والطلب، ولن الحكومة المصرية، تحرص على جلب نحو 28 مليار دولار لما يسمى استثمارات الأجانب في الدين المحلي، وتدفع سعر فائدة عال، فإلى متى تظل الحكومة حريصة على تصدير منجزات وهميَّة؟
ويمكن القول بأن الحكومة المصرية، لن تتوقف عن الاستدانة الخارجية، والتي تُعَد ودائع الدول الأجنبية بالبنك المركزي المصري، أحد مصادرها، ما لم يتحول الاقتصاد المصري إلى اقتصاد إنتاج، ويَتِم التركيز على القيمة المضافة العالية في المنتجات المصرية، حتى يمكنها المنافسة في السوقيْن المحلي والمصري، ولكن هذا يتطلب عناية خاصَّة بالتعليم، لتحسين مخرجات المؤسسة التعليمية، بما يسمح بتطوير مراكز البحوث والتطوير، بحيث تكون في خدمة الصناعة المحلية.
- ارتفاع الأسعار، وانتظار موجة جديدة من التضخم
مطلع أكتوبر 2021، اتخذت الحكومة المصرية قرارًا برفع أسعار البنزين بكافة أنواعه، وكذلك الغاز الطبيعي للسيارات، بقدر 25 قرشًا، في ضوء السياسة المتبعة، بإعادة النظر في أسعار الوقود كل ثلاثة أشهر[18]. والجدير بالذكر أنه منذ يوليو 2014، لم تشهد أسعار الوقود أي تخفيضات، إلَّا مرة واحدة بنحو 25 قرشًا.
وفي ضوء ما تشهدة أسعار النفط في السوق الدولية، يتوقع أن تزيد أسعار الوقود في مصر خلال الفترة القادمة، نظرًا لاعتماد الحكومة تقديم الوقود بالأسعار العالمية، وهو ما سيقود لمزيدٍ من التضخم في مصر، وثمَّة تساؤلات تطرح نفسَها، ويطرحها المواطنون أيضًا، حول عدم استفادة المجتمع من ارتفاع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، وبخاصَّة من الحقول الجديدة في “ظهر” وغيره، منذ مطلع عام 2018، فمتى يستفيد المجتمع من موارده الطبيعية، لتخفف من أعباء المعيشة على المواطنين.
في أواخر أكتوبر، تحدث “علي المصيلحي” وزير التموين، عن ارتفاع تكلفة رغيف الخبز، وأنه يتكلف 60 قرشًا، بينما الدولة تبيعه بخمسة قروش، وأن رفع سعر رغيف الخبز وارد، وأن ذلك في مصلحة المواطن[19]، ولم يكن رغيف الخبز وحده، الذي تنتظره زيادة محتملة خلال الفترة القادمة، بل زادت أسعار العديد من السلع، مما أدَّى لارتفاع معدل التضخم في مصر بنهاية سبتمبر 2021، لتصل إلى 8 بالمئة، بعد أن كان 6.4 بالمئة بنهاية أغسطس 2021م[20].
وفي ختام أكتوبر 2021، اتخذت الحكومة المصرية قرارًا بزيادة أسعار الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة استخدام الطاقة (الحديد، الأسمنت، الأسمدة، السيراميك) بنسبة 28 بالمئة[21]، وطبيعي أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الخاصَّة بهذه الصناعات في السوق المصرية، وبما يمثل أسباب التضخم من جانب العرض، المتمثل في زيادة تكلفة الإنتاج.
وقد لوحظ أيضًا ارتفاع العديد من السلع في السوق المصرية خلال أكتوبر 2021، وهو ما يجعلنا ننتظر نسب أعلى لمعدل التضخم، أعلى مما كانت عليه في سبتمبر 2021، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الغذاء في السوق الدولية، خلال الشهور الماضية. والمعلوم أن مصر مستورد صاف للغذاء، وتعاني نقصًا حادًّا في إنتاج الحبوب، وبخاصَّة القمح، مما يجعلها تأتي على رأس قائمة الدول المستوردة للقمح في العالم، وبما يزيد عن 10 ملايين طن سنويًّا.
ويلاحظ أن الحكومة لم يتوفر لديها إستراتيجية لمواجهة تقلبات السوق الدولية، وبخاصَّة تجاه أزمات مثل الطاقة والغذاء. وقد مَرَّت على مصر، مثل هذه الأزمات مجتمعة أو متفرقة غير مرة، ولكن لم يؤد ذلك إلى تبني إستراتيجية لتحصين الاقتصاد المصري منها.
وفي حالة استمرار ارتفاع معدلات التضخم الفترة القادمة، فقد يؤدي ذلك إلى اضطرار البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة، وبذلك سيكون للتضخم عدة مصادر لرفع التكلفة، منها سعر الفائدة، والتضخم المستورد نتيجة ارتفاع أسعار السلع في السوق الدولية، وكذلك ارتفاع أسعار الطاقة.
وَاصَل مجلس النوَّاب عقد جلساته العامة لمناقشة القضايا والقوانين التي تهم المواطنين، ووافق خلالها “نهائيًا” على مشروع قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتشديد عقوبة التنمُّر ضدهم “انتصارًا لأصحاب الهمم”، ومشروع قـانون بشأن مد المدة المقررة لتوجيه الدعوة لانعقاد الجمعيات العمومية للهيئات الرياضية، ومشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن الإذن لوزير المالية بضمان الشركة القابضة لمصر للطيران لحماية ومساندة هذا المرفق الحيوي وتحمُّل آثار فترة كورونا التي أدَّت إلى خسارته خلال الفترة الماضية في ظل مطالبات من نوَّاب بضرورة تحديد مدة زمنية لأوجه الصرف وجدول للإنفاق وسداد الديون، كما وافق مجلس النوَّاب نهائيًّا على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، ومشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية يمكن للجيش من البقاء في الشارع بهدف حماية المنشآت، ويوسع صلاحيَّات القضاء العسكري، كما نذكر أهم الاتفاقيَّات الدولية والقرارات الجمهورية التي وافق عليها مجلس النوَّاب خلال جلسات انعقاده في شهر أكتوبر 2021.
مشروعات القوانين التي أقرها مجلس النواب
- وافق مجلس النوَّاب نهائيًّا على مشروع قانون بشأن مد المدة المقررة لتوجيه الدعوة لانعقاد الجمعيَّات العمومية للهيئات الرياضية لدعم وتعظيم دورها[22].
وقال رئيس اللجنة إن سبب تقديمه لمشروع القانون، الذي وافق عليه مجلس النوَّاب الأسبوع الماضي وصَدَّق عليه رئيس الجمهورية، جاء بسبب تأجيل بعض الهيئات الرياضية انتخاباتها بسبب تداعيات فيروس كورونا.
وأوضح رئيس لجنة الشباب أن إصدار القانون سوف يكفل حسن سير وانتظام منظومة الرياضة المصرية، خاصَّة أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا حفاظًا على صحة المواطنين.
ومعلوم أن قطاع الرياضة في مصر، قد تأثر سلبًا طوال العقد الماضي، بما شهدته الدولة المصرية من أحداث سياسية متلاحقة أدَّت إلى فرض حالة الطوارئ بشكل دائم، وهو ما انعكس على قطاع الرياضة وحضور الجمهور للمباريات وغير ذلك من الأنشطة.
كما أن انعقاد انتخابات الهيئات الرياضية المرتقب، يواجه مشكلات بسبب توغل يد الدولة في قوائم الانتخاب، وهو الأمر الذي نفاه وزير الرياضة مؤكدًا أن الدولة تقف على الحياد من انتخابات الهيئات الرياضية.
وقد شهد هذا الشهر (أكتوبر/تشرين الأول 2021) إصدار حكم قضائي يُخالِف قرار وزير الشباب والرياضة بعزل “مرتضى منصور” من رئاسة نادي الزمالك، ويقضي بعودته، وهو ما يشير إلى أن حيثيَّات الحكم لم تكن قانونية بقدر ما كانت “سياسية” وفقًا لبعض التقديرات، وهو سلوك يشير إلى خطورة في تعامل الدولة مع إدارة القطاع الرياضي في مصر.
- وافق وافق المجلس نهائيًّا بأغلبية ثلثى الأعضاء على مشروع قانون مُقدَّم من الحكومة بشأن الإذن لوزير المالية بضمان الشركة القابضة لمصر للطيران[23].
تنصُّ المادة الأولى، على الإذن لوزير المالية نيابةً عن حكومة جمهورية مصر العربية، بضمان الشركة القابضة لمصر للطيران فى التمويل طويل الأجل الذي ستحصل عليه الشركة من البنك الأهلي المصري وبنك مصر بمبلغ 5 مليارات جنيه، والمادة الثانية وهي مادة النشر في الجريدة الرسمية.
تقدمت الحكومة بهذا القانون إلى مجلس النوَّاب، لأن ضمان الحكومة لشركة مصر للطيران فيما تحصل عليه من تمويلات يجب أن يصدر به قانون، والغرض من ذلك سد العجز الذي شهدته الشركة خلال الفترة السابقة وخاصَّة أثناء الجائحة، حتى تستطيع الشركة سداد كل التزاماتها بحصولها على هذا القرض الذي تضمنه الحكومة.
ونظرًا للظروف الحالية التي تمر بها الشركة القابضة لمصر للطيران والشركات التابعة لها جرَّاء أزمة كورونا من انخفاض التشغيل لأدنى مستوياته وبالتالي عدم وجود تدفقات نقدية داخلية للشركة تمكنها من سداد التزاماتها الحتمية، فإن الشركة معرضة للوضع في حالة “تقصير” من جانب البنوك الأجنبية وهيئات التمويل الدولية.
الأمر الذي يجب التوقف عنده في مثل هذا القانون، هو مدى مصداقية الحكومة في أوجه الإنفاق التي تنتج عن هذا القرض، حيث يستلزم أن تحدد الشركة القابضة للطيران جدول زمني واضح لأوجه الإنفاق، وجدول زمني بسداد الديون[24]، حتى يمارس المجلس دوره الكامل في المراقبة لأداء الحكومة، وخاصَّة أن الشركة في الأساس يُفترض أن تعوض خسائرها من عائدها المادي وليس استنادًا على ضمان حكومي.
- وافق مجلس النوَّاب نهائيًّا على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة[25]، الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2010.
ترجع فلسفة المشروع وفقًا للنائب “ياسر عمر”، وكيل لجنة الخطة والموازنة[26]، إلى ما كشفت عنه التجربة العملية، لتطبيق نظام مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، منذ صدور القانون رقم 67 لسنة 2010، من معوقات فى التطبيق يرجع بعضها إلى عدم إلمام الجهات الإدارية بفلسفة نظام مشاركة القطاع الخاص فى مثل تلك المشروعات، والبعض الآخر يعود إلى تعقد الإجراءات التى تمر بها مشروعات المشاركة منذ إعداد دراسات الجدوى وحتى إسناد المشروع إلى المستثمر الفائز.
وتهدف الحكومة من خلال هذا القانون إلى إحكام معايير الحوكمة من خلال تنفيذ المشروعات، وذلك حتى يتدخل القطاع الخاص بالقدر الذي تراه الحكومة مناسبًا من خلال تقسيم المشروعات إلى مشروعات قابلة للتنفيذ بالمشاركة مع القطاع الخاص، وأخرى غير قابلة، ويُحدَّد ذلك من خلال تشكيل لجنة مشتركة من المختصين بوزارتَىْ المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية والوحدة المركزية للمشاركة. إضافة إلى الرقابة السابقة على اختيار المشروعات القابلة للتنفيذ بنظام المشاركة مع القطاع الخاص.
- كما وافق مجلس النوَّاب نهائيًّا على مشروع قانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة بتشديد عقوبة التنمُّر ضدهم “انتصارًا لأصحاب الهمم”.
- وافق مجلس النوَّاب نهائيًّا، خلال الجلسة العامة بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية[27].
يتضمن هذا القانون تعديل مادتيْن من القانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، وتفيد المادة الأولى استمرار تواجد القوات المسلحة إلى جانب الشرطة المدنية لحماية المنشآت العامة والحيوية، بما في ذلك محطات الغاز والكهرباء وخطوط الغاز والبترول، إلى غير ذلك من المباني والمنشآت في وسط العاصمة، وذلك بصورة دائمة دون التقيُّد بفترة زمنية محددة.
ووفق مشروع القانون، فإن تأمين المنشآت الحيوية يتم طبقًا لخطة إستراتيجية محكمة تمكن القوات المسلحة من التحرك السريع والفعال في حالة حدوث أيّ تَعَدٍّ على تلك المنشآت والمرافق والممتلكات العامة[28].
كما شملت المادة الثانية “تخضع الجرائم التى تقع على المنشآت والمرافق والممتلكات العامة والحيوية المشار إليها فى المادة الأولى من هذا القانون لاختصاص القضاء العسكرى”.
يأتي استصدار هذا القانون، الذي يسمح بتواجد القوات المسلحة وسط ساحات المجتمع المدني وبشكل دائم من خلال استحداث هذه الوظيفة “حماية المنشآت”، بالتزامن مع إجراء اتخذته الدولة مؤخرًا يقضي بإلغاء حالة الطوارئ في البلاد، في حين أن إلغاء الطوارئ بعد سنوات عدة من استمراره لا يقتضي – وفق الظرف السياسي – استصدار قانون لتدخل الجيش في عمل جهاز الشرطة وتوسيع صلاحيَّات القضاء العسكري بأن تُعرَض عليه أي قضايا اعتداء على المنشآت والمرافق العامة والحيوية.
ما يعني أن الدولة قررت إلغاء حالة الطوارئ شكلًا، ولكنها زادت في حجم التدابير المتخذة التي تمكن للقوات المسلحة التدخل في الشؤون المدنية، من خلال مشروع القانون الذي يسمح لها بحماية المنشآت المدنية وتوسيع صلاحية القضاء العسكري، ومشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون مكافحة الإرهاب الذي يمكن للسلطة التنفيذية اتخاذ كامل الإجراءات في حالة مرونة كاملة ودون إعاقة “قانونية” في هذا الشأن.
- وافق مجلس النوَّاب نهائيًّا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2005م[29].
ويهدف القانون إلى تعديل المادة 36 بحظر تصوير أو تسجيل أو بث أو عرض أية وقائع من جلسات المحاكمة فى الجرائم الإرهابية إلَّا بإذن من رئيس المحكمة المختصَّة، ويعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه كلّ مَن خالف هذا الخطر ويحكم بمصادرة المضبوطات.
كما تضمَّن مشروع القانون تعديل المادة (53) من القانون بإضافة النصّ على السلطة المختصَّة بإصدار القرارات المنفذة للتدابير إلى القرار الجمهورى الذى يصدر بفرض تدابير لمواجهة الإرهاب فى بعض المناطق التى يحددها القرار المشار إليه بالمادة (53)، وذلك كله يهدف لتحقيق المرونة اللازمة فى إصدار القرارات المنفذة لهذه التدابير.
ذكرت اللجنة التشريعية بالنوَّاب، تمهيدًا لفرض هذه التعديلات باعتبارها دستورية، أن الدستور فى مادته (237) ألزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين، غير أنه يتوجب على السلطة التشريعية رعاية النصوص الدستورية كذلك التي تنص على حماية حريَّات المواطنين وضمان حقهم في التعبير عن آرائهم بشكل سلمي دون تعرض للمنشآت أو المرافق العامة، وليس الموافقة المطلقة على قرارات السلطة التنفيذية في آليَّة تحديد الإرهاب وسُبُل مواجهته والتي تسببت في انتهاك الكثير من الحقوق خلال السنوات السابقة.
- وافق مجلس النوَّاب خلال جلسته العامة، بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، فى المجموع على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون العقوبات. ويتضمن استبدال نصّ المادة 80 (أ) من قانون العقوبات[30].
يتضمَّن مشروع القانون تشديد عقوبة إفشاء أسرار الدفاع عن الدولة، لتصبح عقوبة الغرامة من 5 آلاف حتى 50 آلفًا بدلًا من الغرامة الحالية من 100 جنيه حتى 500 جنيه، هذا بالإضافة لعقوبة الحبس المقررة والتي لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على 5 سنوات، مع النصّ صراحة على المعاقبة على الشروع في ارتكاب أيّ من الجرائم الواردة بالمادة بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة، وذلك كله لتحقيق مزيد من الردع العام قبل هذه الجريمة.
وجاء نصُّ مشروع القانون بعد موافقة المجلس كما يلى:
يستبدل نص المادة 80 (أ) من قانون العقوبات، بالنص الآتي: مع عدم الإخلال بأيّ عقوبة أشد ينصُّ عليها أيّ قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه:
- كل مَن حصل بأية وسيلة غير مشروعة على سر من أسرار الدفاع عن البلاد ولم يقصد تسليمه أو إفشاءه.
- كل من أذاع بأية طريقة سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد.
- كل من نظم أو استعمل أية وسيلة من وسائل التراسل بقصد الحصول على سِر من أسرار الدفاع من البلاد أو تسليمه أو إذاعته.
- كل من قام بجمع الاستبيانات أو الإحصائيَّات أو إجراء الدراسات لأيّ معلومات أو بيانات تتعلق بالقوَّات المسلحة أو مهامها أو أفرادها الحاليّين أو السابقين بسبب وظيفتهم دون تصريح كتابي من وزارة الدفاع.
- القرارات الجمهورية والاتفاقات الدولية التي وافق عليها مجلس النوَّاب
وافق مجلس النوَّاب على (10) اتفاقيات دولية وقرارات جمهورية بشأن عدد من الاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر مع دول ومؤسسات دولية لتمويل المشروعات التنموية والخدمية فى مصر، وهى[31]:
- قرار جمهوري رقم 364 لسنة 2021، بشأن الموافقة على الاتفاق بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة الجمهورية الفرنسية للمساهمة في تحقيق المشاريع ذات الأولوية في جمهورية مصر العربية.
- قرار جمهوري رقم 262 لسنة 2021 بالموافقة على قرار مجلس إدارة بنك التنمية الإفريقي رقم 21/2020 الصادر بتاريخ 21/10/2020 بشأن تخصيص أسهم رأس مال البنك في إطار قواعد تحويل ملكية الأسهم المتاحة للاكتتاب خلال الفترة المنتهية في 31 مايو/— 2020، وأداة اكتتاب جمهورية مصر العربية في إطار الزيادة العامة السادسة لرأس مال البنك.
- قرار جمهوري رقم 263 لسنة 2021 بشأن الموافقة على الاتفاق الفرعي بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة كندا بشأن تنفيذ مشروع فرص المرأة في مجال الأعمال التجارية الزراعية في مصر.
- قرار جمهوري رقم 311 لسنة 2021 بشأن الموافقة على الاتفاق بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية بشأن التعاون الفني لعام 2019.
- قرار جمهوري رقم 312 لسنة 2021 بشأن الموافقة على الاتفاق بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية بشأن التعاون المالي لعام 2019.
- قرار جمهوري رقم (264) لسنة 2021 بشأن الموافقة على الاتفاق الفرعي بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة كندا بشأن تنفيذ مشروع دعم المرأة في مجال ريادة الأعمال.
- قرار جمهوري رقم (334) لسنة 2021 بشأن الموافقة على اتفاقية المقر بين جمهورية مصر العربية ومنظمة تنمية المرأة في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي.
- قرار جمهوري رقم (363) لسنة 2021 بشأن الموافقة على الاتفاق المُبسّط بين حكومة جمهورية مصر العربية والوكالة الفرنسية للتنمية بشأن برنامج ثانى لدعم موازنة قطاع الحماية الاجتماعية.
- قرار جمهوري رقم (324) لسنة 2021 بشأن الموافقة على الخطابات المتبادلة بين الحكومة المصرية وحكومة اليابان بشأن تقديم وكالة اليابان للتعاون الدولي (جايكا) للحكومة المصرية قرض تنمية سياسات لتطوير قطاع الكهرباء قيمته 25 مليار ين ياباني بغرض تنفيذ برنامج الإصلاح بجمهورية مصر العربية.
- قرار جمهوري رقم (325) لسنة 2021 بشأن الموافقة على الاتفاق المُبسّط بين حكومة جمهورية مصر العربية والوكالة الفرنسية للتنمية بشأن إعادة تأسيس الجامعة الفرنسية بمصر.
مَرَّت ذكرى نصر أكتوبر كما تمر كلّ عام، بالأغاني والكلمات المُكرَّرة وتصدر المتطفلين على النصر ومدعي الوطنية للمشهد، ليطويها بعد ذلك النسيان، وهو ما دَعَانا للحديث عن دور الأدب في تخليد هذا الحدث العظيم. وفي الجونة، وبعد أن عُرِف مهرجانها السينمائي بأنه موسم للعري الجسدي، صَار هذا العام مناسبة للعري الفكري أيضًا، وذلك بعد أن داس مشاركوه من أهل الفن بأقدامهم على حريَّة التعبير والإبداع، وأقلقهم فيلمٌ يُصوِّر حياة الفقراء في العشوائيَّات، بحجَّة أن يسيء لمصر. وما بين نصر لم نستلهمه في صناعة نهضة حقيقيَّة وتقدُّم حضاري، ولم نكتب عنه أعمالًا أدبيَّة تمجده وتنقل روحه إلى الأجيال التي لم تعاصره، ووطنيَّة كاذبة، يَرَى أصحابها بعين السلطة التي لا تنحاز للفقراء، فآذتهم مناظر العشوائيَّات بدلًا من التعاطف مع سكَّانها، يأتي صوت شاعر النيل، “حافظ إبراهيم”، وكأنه يَصِف مصرَ السيسي بقوله:
وكم ذا بمصرَ من المضحكات | كما قال فيها أبو الطيِّبِ |
أمورٌ تمرُّ وعيشٌ يُمِرُّ | ونحن من اللَّهو في ملعبِ |
وشعب يَفرُّ من الصالحاتِ | فرارَ السَّليم من الأجربِ |
ويُهضَمُ فينا الإمام الحكيمُ | ويُكْرَم فينا الجهولُ الغَبِي |
- نصر أكتوبر وأدب الحرب
احتفل المصريُّون في السادس من أكتوبر/تشرين الأوَّل بالذكرى الثامنة والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة، التي أعادت إلى المصريّين والعرب بعضًا من كرامتهم التي أهدرتها هزيمة 1967.
ومع حلول ذكرى النصر في كلّ عام، يُطرَح السؤال عن الأدب ودوره في تخليد هذا الحدث العظيم في تاريخنا المعاصر، ولماذا لم يُقدِّم الأدباء المصريُّون عملًا أدبيًّا مميزًا يستلهم روح أكتوبر، مثل “الحرب والسلام” لتولستوي، و”وداعًا للسلاح” لهمنجواي، و”الدون ينساب هادئًا” لشولوخوف، و”الأمل” لمارلو، و”أفول القمر” لشتاينبك؟
وبداية، لابد من الإشارة إلى أن العلاقة بين الأدب والحرب تبادليَّة على مَرِّ التاريخ، فحياة البشر لا تخلو من الحروب، وميادين القتال هي الساحات التي يُظهِر فيها المقاتلون ضروبًا من الشجاعة والفداء، يذيع صيتها بين الناس، ويَرويها الآباء للأبناء، فيتوارثونها جيلًا بعد جيل، لتظل حيَّة في نفوسِهم، وشاهدًا على بطولاتهم في الدفاع عن أوطانهم. ويقوم الأدب بتسجيل أحداث الحروب، فيساعد فى تخليد الوقائع المهمَّة بما يرتبط بها من قِيَم سامية وبطولات مُبهِرة، وينقل لنا صورًا من التضحية والشجاعة والفداء لم نكن لنعلم عنها شيئًا لولا تسجيله إيَّاها. ولولا الحروب لحُرِم الأدب من تلك التجارب الإنسانيَّة الثريَّة التي يستلهم منها موضوعاته ومضامينه، ولما بقي لنا من التراث الأدبي تلك الروائع التى تفخر بها الشعوب، والتي رافق فيها القلمُ السلاحَ، تشجيعًا للمقاتلين وتكريمًا لهم وتخليدًا لبطولاتهم وتضحياتهم.
ولأدب الحرب أدوارٌ مُهمَّة، فهو يُشعِل الحماس فى نفوس الشعوب، ويُشجّع الجنود على جبهات القتال، ويُمجّد شجاعة المقاتلين على الجبهة، ويُقوّي صمود الشعب ومقاومته. كما أنه يُحافِظ على جوانب من الأحداث التى تعجز كتب التاريخ عن تدوينها وتسجيلها، كالحالات النفسيَّة والتعاملات الإنسانيَّة بين الجنود بعضهم البعض، وبين الجنود والمواطنين، وبين الجنود وذويهم أثناء الحرب. ويقوم بنقل مجموعة من القِيَم السامية كالشجاعة والتضحية والإيثار إلى الأجيال التى لم تعاصر الحرب ولم تجرب هذه القِيَم بشكل حقيقى، حتى تجد فيها القدوة والمثال. ويَصِل إلى شرائح كبيرة من المجتمع لإطلاعهم على الأحداث بشكل جذاب تفتقد إليه كتب التاريخ والتقارير الصحفيَّة.
ومن الأسباب الرئيسة التي تدفع بأدب الحرب إلى العالميَّة، التعبير الصادق عن المشاعر الإنسانيَّة التى لا تختلف باختلاف البلاد، وتمجيد قيمة المقاومة دفاعًا عن الحَقّ، وإعلاء قِيَم عظيمة كالإيثار والتضحية والشجاعة، ومهاجمة النزعات العدوانيَّة الداعية للقتل والخراب.
وقد يَرفض بعض الأدباء الكتابة عن الحرب ظنًا منهم أن في تناولها تمجيد لذلك الحدث الذى لا يجلب إلَّا الخراب والقتل والتشريد، وهو اتجاه يرفضه كثير من النقاد، لأن “تعبير الأدب عن الحرب يختلف من بيئة إلى أخرى، حيث تتباين الغايات والأهداف من وراء نشوب الحرب أوَّلًا، ورؤية الأديب لها أسبابًا ونتائج ثانيًا، ومن ثمّ يأتى الاختلاف الحقيقى فى المحتوى والشكل بين الآداب التى عالجت مضمون الحرب”[32]. ومن ثمَّ فإن الأدب الذى يُمجّد الاعتداء يَختلِف عن الأدب الذى يُمجّد المقاومة ويَدعو إلى استرداد الحقوق وتطهير الأرض من دنس المحتل.
وإذا كانت حرب أكتوبر واحدة من حروب التحرير الكبري، فلماذا لا يستلهم الأدباء المصريون من نصرها أعمالًا تمجّد المقاومة، وتدعو إلى الدفاع عن الذات واسترداد باقي الأراضي المحتلة، وتبرز بطولة المقاتل المصري الذى دافع عن أرضه وواجه الموت وضحى بروحه فى سبيل وطنه؟
لقد قدَّم الأدباء المصريون أعمالًا عن حرب أكتوبر، مثل “الرفاعي” لجمال الغيطاني، و”الحرب في بر مصر” ليوسف القعيد، و”نوبة رجوع” لمحمود الورداني، و”أنشودة الأيام الآتية” لمحمد عبدالله الهادي، و”السمان يهاجر شرقًا” للسيّد نجم، ولكن هذه الأعمال قليلة العدد، ضعيفة التأثير، بل مجهولة للقارئ، حتى إن القاص “سمير الفيل” يَصِف التناول الأدبي للحدث بأنه “إمَّا مخبوء تمامًا، وإمَّا مسكوت عنه”.
كما اختفى أدباء كبار من هذا المشهد بالكليَّة، مثل “نجيب محفوظ” و”يوسف إدريس” و”توفيق الحكيم”، وغيرهم مِمَّن لم يقدموا شيئًا عن تجربة الحرب في أكتوبر، حتى بعد سنواتٍ من انتهاء الحرب.
يقول الناقد “حسام عقل”: “لا مفر من الإقرار بأن المبدع العربي لم يستطع أن يصور روعة الملحمة، ولا فوران تحولاتها الكبرى، ولا تجليَّاتها وآثارها الحضاريَّة والسسيولوجيَّة على إنسان المنطقة العربية. وهذا ما عَبَّر عنه الراحل الشاعر الكبير «نزار قباني» حين عقب على التجارب الإبداعيَّة التي تحوم حول تجربة «أكتوبر» بأنه: “أدب ضحل لا يرقى إلى قامة الدم الذي أريق”[33].
ثمَّة أسباب أفسدت على الناس – ومنهم الأدباء – فرحتهم بنصر أكتوبر، وظهرت بوادرها قبل أن تضع الحرب أوزارها، فقد شعر الناس أنهم لم يَجنوا شيئًا من نصر أكتوبر بعد أن أدخله السادات في مساومات مع الأعداء ودماء الشهداء لم تكن قد جفت بعد على رمال سيناء، بحسب تعبير عبدالرحمن الأبنودي.
ثم جاء التطبيع فأهال التراب على نصر أكتوبر، حتى قال البعض إن “الحرب أجهضت وإن النصر منقوص”. يرى الأديب “إبراهيم أصلان” أن الظروف التى عاشتها المنطقة بعد أكتوبر كامب ديفيد والسلام والانفتاح، سلبت كثيرا من تأثير الحرب العظيمة، وحولتها لظرف عارض، لم يتحول لقيمة دائمة، وحدت من قدرة المبدعين على عبور مشاعر الخذلان العام التى حدثت بعد النكسة”.
وفي ظِلّ التطبيع، لا صوت يعلو فوق صوت السلام، حتى لو كان استسلامًا في حقيقة أمره، فالتطبيع مع الصهاينة يَهدِف إلى إعادة صياغة العقل العربي لإلغاء حالة العداء الكامنة في مفاهيم ومشاعر الشعوب العربيَّة للوجود اليهودي، كي لا يُعيدوا استئناف الحرب والمطالبة بأرض فلسطين، وتجريد المجتمع العربي من إرادة القتال وحوافزه بقدر الإبقاء على هذا المجتمع بعيدًا عن حالة اليقظة والاستعداد، وليكون في وضع الفريسة السهلة في اللحظة التي يُقرِّر فيها الصهاينة شن الحرب.
في هذا السياق، أوقفت الدولة سلسلة “أدب الحرب” التي كانت مُخصَّصة لنشر الأعمال الخاصَّة بحرب أكتوبر ونصرها العظيم. وهي السلسلة التي يقول عنها أحد الأدباء الذين شاركوا في الحرب، وهو “السيّد نجم”، إنها “ظلَّت مؤثرة لحوالى تسع سنوات، وأصدرت قرابة الستين كتابًا، ومع ذلك بعد اتفاقيَّة كامب ديفيد تمَّ النظر إليها باعتبارها تدعو للحرب! وهو غير صحيح، لأن اسرائيل تصدر سلاسل للشباب تدعو إلى الكراهية والعنف منذ عام 1951 حتى اليوم، ولم نعترض!”.
وعلى الجانب الآخر، حيث الكيان الصهيوني، الذي قام على الحرب والعنف والقتل واحتلال أرض الغير وتشريد أصحاب الحق والاعتداء على كل القيم الإنسانية، تعتبر الحرب من المواضيع الرئيسة في الأدب العبري الذي يلتزم بالفكر الصهيوني ويدعو لتحقيق أهداف الصهاينة. ولهذا فإن الروائيين والكُتَّاب الإسرائيليين عامَّة يكتبون أوَّل ما يكتبون بهدف ربط المحارب الإسرائيلى بالأرض المغتصبة وإعطائه الدوافع الروحيَّة والوجدانيَّة التى يحمل البندقية دفاعًا عنها[34]. وكان هذا الدور قد بدأ منذ الإعلان عن قيام الكيان الصهيونى، حين أخذ الأدب العبري فى تمجيد دور المقاتل اليهودى الذى ينتصر على العرب “الجبناء” ويستولى على أراضيهم ويقضى عليهم، ثم تحول الأدب الصهيونى إلى تصوير اليهودى فى صورة البطل صاحب الأرض الذى يدافع عنها وليس الإرهابى المغتصب لها. وهكذا تصدى الأدب الصهيونى لكل شؤون المعركة مع العرب، وكان له دور فى كل المعارك التى حارب فيها اليهود[35].
لم يترجم نصر أكتوبر إلى عمل أدبي كبير يتناسب مع عظمة الحدث، وصَار احتفاليَّة للأغاني التي يهبط مستواها عامًا بعد عام. ومِن المُضحِكات في هذا الشأن، ولكنه ضحك كالبكاء، أن يقف مطرب مصري ليُغنّي أمام الرئيس الانقلابي في احتفاليَّة نصر أكتوبر أغنية من إنتاج الشؤون المعنويَّة بالجيش، يقول فيها: “كَمِّل عبورك”، فالمطرب هاربٌ من التجنيد، وسَجين سابق بتهمة تزوير شهادة أداء الخدمة العسكريَّة، والانقلابي لم يُكتَب له شرف العبور.
- الجونة وتعرية الوطنيَّة الكاذبة
لم يَعُد الحديث عن العري الذي يحاول أصحاب مهرجان الجونة “السينمائي” وضيوفهم فرض صوره على المجتمع المصري أمرًا جديدًا، فقد صّار المهرجان مناسبة تزايد فيها “الفنانات” إحداهن على الأخرى في العري، لا في “الفن”. والغريب أن هذا المهرجان لم يرتبط منذ أن أقامه أصحابه بفن السينما بقدر ارتباطه بالعري و”التقاليع” الشاذة والغريبة على قِيَم مجتمعنا وعاداته، ما جَعَل كثيرين ينادون بعدم إقامته على الأراضي المصرية، بل وَصَل الأمر إلى شعور البعض بالسعادة لاحتراق قاعة المهرجان قبل افتتاحه، ظنًّا منهم أن الحريق سوف يلغي المهرجان.
لم تؤذ صور “الفنانات” العاريات التي أغرقت وسائل الإعلام المصريَّة ومنصَّات التواصل الاجتماعي أعين الإعلاميّين الموالين للنظام الانقلابي، وآذتهم صورة تلميذات مُحجَّبات، فخرج “محمد الباز” ليقول إن ما يحدث من تحجُّب تلميذات الأزهر هو حالة من اغتصاب الطفولة، ومشهد ضد الإنسانية، وزعم أن “البسمة ترتسم على وجوه طالبات التعليم العام، بينما يعلو الوجوم على طالبات الأزهر في المرحلة الابتدائيَّة واللاتي يرتدي غالبيتهن الحجاب”، وتساءل عن غياب دور المجلس القومي للأمومة والطفولة، وكيف يترك الفتيات الصغار يتربين بهذا الشكل، مطالبًا المسؤولين عن التعليم الأزهري بمراجعة اليونيفورم للطالبات[36].
زاد موضوع العري عن حَدِّه، وكأن أصحاب الجونة ومهرجانها يتحدون مشاعر الشعب المصري، ويصرون على تقديم صورة غير حقيقية للمرأة المصرية، أو صورة لما يريدون أن تكون عليه المرأة في مصر، وهو ما أكَّده أحدهم بقوله: “أنا غيَّاظ، وإحنا كل ما بنتقدم ونوري الحرية والثقافة بتاعتنا همَّ بيتململوا.. وهيموتوا بغيظهم”، وجاء الرد عليه من جانب الروائي “عبدالنبي فرج”، الذي قال: “الغرض من مهرجان الجونة ليس السينما”، مشيرًا إلى أن صناعة السينما في مصر في الحضيض، ولكن الهدف برأيه هو “استثمار المرأة في تقديم صورة زائفة عن الوضع في مصر”. وأضاف: “بدل هذا الاستعراض الرخيص من مستر ساويرس، لماذا لم يستمر في صناعة أفلام ودعم السينما النوعيَّة؟”[37].
وإذا تركنا العري جانبًا، حيث لا جديد في هذا الأمر سوى خروج صاحب الجونة ليَسُبّ عموم المصريّين الذين يرفضون هذه المظاهر الصادمة، بقوله: “القافلة تسير والكلاب تعوي… زهقنا، كل واحد هيعمل ولي علينا”[38]، وفي حادثٍ غريبٍ على مهرجان الجونة “السينمائي” الذي لا يَضع صناعة السينما في أولويَّاته، ولم نسمع عن قضيَّة سينمائيَّة ارتبطت به، أثار أحدُ الأفلام المعروضة هذا العام حالة من الجدل، وهو فيلم “ريش”.
يَعرض الفيلم تفاصيل منطقة معدومة الخدمات، من خلال أسرة فقيرة تضطر فيها الأم إلى خوض تجربة قاسية من خلال العمل لإعالة أسرتها، عبر مشاهد تقدم أوضاع اقتصادية ومعيشيَّة صعبة للغاية، وهو ما اعتبره فنانون وإعلاميُّون مصريُّون إساءة لمصر. وكانت وجهة نظرهم أن الفيلم غارق في القبح والكأبة، ويحوي مشاهد لا تظهر الصورة الحقيقيَّة لمصر، ويُقدِّم صورة لم تعد موجودة للفقر والعشوائيات، في زمن “الجمهوريَّة الجديدة”. واتهم البعض صناع الفيلم بالخيانة والعمالة وتلقي تمويل أجنبي.
وفي المقابل، تصدَّى بعض العاملين في صناعة السينما لهذه الموجة الكاذبة من الوطنيَّة، وفي مقدمتهم المخرجة “كاملة أبوذكري”، التي قالت: “أرجو من الإخوة اللي بيزايدوا بوطنيتهم يرحمونا من كلمة سمعة مصر.. هو حد قال لحضراتكم إن مصر دي واحده بايره بتدور على عريس.. كلمة سمعة مصر دي كلمة مستفزة وتقلل من قيمة مصر.. عيب عليكم بقى كفايه نفاق ومزايدة باسم إن حضرتك وطني والمسؤول عن حماية مصر”[39]. وقات الناقدة “ماجدة خير الله”: “خرجوا ليوزعوا اتهامات على فيلم (ريش)… معتقدين بذلك أنهم قاموا بعمل وطني مجيد، منتظرين مكافاة ما على رميهم تهم الخيانة على مَن أخرج الفيلم و…”[40].
وعلى المستوى الشعبي، علق رواد مواقع التواصل الاجتماعي على الحدث، رابطين بين عري المهرجان والوطنيَّة الكاذبة، فقالت إحداهن: “ماغاروش على شرف وعرض المرأة المصرية وشكلها أمام العالم بس زعلوا على شكل مصر فى فيلم”. وقالت اخرى: “هو بس الفيلم اللي مسيء لمصر، والعرايا اللي عايزين تفرضوهم فرض على أنهم اللي بيمثلوا المصريات مش مسيء”. وقال أحدهم: ” سبحان الله، مشفناش حد انسحب من المهرجان لما أساء للمرأة المصريه بالإطلالات الكذابه والملابس الخليعه التى تتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف”.
والحقيقة أن موقف الفنانين والإعلاميّين المعروفين بولائهم التام للسيسي من القضيَّة التي يناقشها الفيلم، ومزايداتهم على غيرهم في الوطنيَّة، جزء من سياسة النظام التي تستهدف “خلق معارك وهميَّة خياليَّة وتمثيليَّة يجذب حولها المشاعر والأحاسيس الوطنيَّة، ويستنفر كلّ حواس المواطنين ليستحوذ عليها، ويوجهها بعيدًا عن كلّ المشكلات الحقيقيَّة المحيطة بهم، والناجمة عن استغلال النظام الحاكم وعزوفة عن تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعيَّة، وانحيازه إلى الفئات المستظلة بمظلة الفساد والاستغلال والقمع”، و”هذه الحالة من النظام الديماجوجى، والذى يتخذ من الوطن والوطنيَّة راية يستتر بها أثناء تجريفه لخيرات الوطن، تستلزم التخلص من المثقفين والنخب الواعية لمؤامراته بتشوهيهم أو حصارهم”[41].
لقد عَرَى هؤلاء المدعين للوطنيَّة أنفسَهم، بعد أن انحازوا للنظام الذي أفقر الشعب المصري، واختاروا تجميل وجهه على حساب الفقراء الذين وَصَلت نسبتهم إلى ما يقرب من 30 بالمئة، وانقلبوا على حريَّة التعبير والإبداع التي كانوا يستخدمونها كفزاعة للتخويف من حكم الإسلاميّين، ولم يتسامحوا مع فيلم واحد يظهر جانبًا من مأساة المواطن المصري.
يتناول المحور الإعلامي خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، أبرز القضايا التي تفاعل معها الإعلام المصري، والأهداف التي يريد الإعلام أن يحققها من خلال تناوله لهذه القضايا.
وقد برز خلال شهر أكتوبر عدد من القضايا الهامة التي شغلت الرأي العام وتفاعل معها بشكل إيجابي، ومنها قضيَّة “المحلل الشرعي” الذي تمت استضافته في برنامج “يحدث في مصر”، مع الإعلامي “شريف عامر”، باعتباره حالة هامة وتزوج ثلاثة وثلاثين مرة، وهو ما نفاه الضيف نفسُه لاحقًا. وقد ظهر هذا النموذج بالتزامن مع مناقشة قضية الأسرة والزواج والطلاق في وقت يتجهز فيه بعض النوَّاب لعرض تعديلات في قانون الأحوال المدنية على مجلس النوَّاب.
كما تناول الإعلام المصري بقدر كبير من الحفاوة والاحتفال حدث افتتاح مجمع جديد للسجون بوادي النطرون، في ظل حفاوة مقصودة أدارتها أجهزة الدولة لتسليط الأضواء على دور النظام في التعامل مع المسجونين والحرص على توفير حياة آمنة وكريمة لهم في حفل افتتاح استضافت فيه مسؤولين وممثلي منظمات حقوقية، في حين أن العالم الدولي أدان عشرات المرات من خلال وثائق ظاهرة للعيان التعنت الذي يمارسه النظام بحق المعتقلين السياسيّين منذ الانقلاب العسكري، وهو ما أدَّى إلى وفاة المئات منهم في ظل غياب كامل للدور الإعلامي.
وأخيرًا نتحدث عن تناول الإعلام المصري لقضية فيلم “ريش” الذي أظهر معاناة المواطنين في القرى المصرية، وأثار جدلًا بسبب مزايدات المحسوبين على النظام.
- التزييف الإعلامي في قضية “المحلل الشرعي”
استضاف برنامج “يحدث في مصر” الذي يقدمه الإعلامي “شريف عامر” على شاشة “mbc مصر”، إحدى الحالات التي أثارت جدلًا خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، وهو المواطن “محمد الملاح” الذي تمَّ تقديمه على أنه (محلل شرعي)[42] وقام بالزواج من ثلاثة وثلاثين سيدة، وذلك في حضور الدكتور “مبروك عطية” الداعية الأزهري المعروف، وتمَّ خلال هذه الحلقة مناقشته في هذا الأمر المُستغرَب والتفاعل معه شرعًا وعلى المستوى الشخصي والاجتماعي.
اللقاء التليفزيوني أثار فور انتهائه حملة من الهجوم والسخرية ضد هذا الشاب على صفحات التواصل الاجتماعي بسبب طبيعة الموضوع وعدم سهولة أن يتقبل الرأي العام مثل هذا الأمر، كما تمت مهاجمة البرنامج الذي يقدمه شريف عامر بسبب تقديمه نموذج سلبي كهذا للمجتمع وإبرازه على هذا النحو.
ولكن الأمر الذي أثار هذه القضية بشكل مختلف كان ظهور الشاب نفسه الذي تمَّ تقديمه على أنه “محلل شرعي” على شاشات الإعلام وفي فيديو خاص معتذرًا وباكيًا ومدعيًا أنه تمَّ إغراؤه حتى يقوم بهذا الدور التمثيلي الذي يدعي فيه أنه محلل شرعي، سعيًا إلى الشهرة وإلى المال بسبب ضيق الحال، وأنه بالأساس يعمل “موديل إعلانات” كما ذكر في مداخلته مع الإعلامي “سيد علي”[43]. كما ذكر أن الإعلامي شريف عامر كان لديه علم منذ البداية بطبيعة هذا العرض الذي تمَّ عرضه عليه من فريق إعداد البرنامج ليقوم بأداء هذا الدور.
ذكر الملاح أنه تمَّ وعده بالحصول على مبلغ 150 ألف جنيه مقابل هذه الحلقة، كنوع من الإغراء للظهور على الشاشة، وأنه لم يتزوج ثلاثة وثلاثين مرة، كما ذكر أنه يتم الاتصال به لتهديده حتى يتراجع عن الإفصاح عن طبيعة هذا الأمر.
الإعلامي سيد علي، في مداخلته التي أجراها مع محمد الملاح، الذي بَدَا خائفًا، وذكر أنه ممتنع عن الحديث في أي أمر أو تفاصيل أخرى تخص القصة وأعمالها خشية المخالفة القانونية وبسبب التهديدات التي تعرض لها، أصر على تبرئة أجهزة الدولة تمامًا من هذا التلفيق الذي تعرَّض له محمد الملاح، مشيرًا إلى أن من قاموا بخداعه لا علاقة لهم بأجهزة الدولة.
وفي حقيقة الأمر، فإن برنامج “يحدث في مصر” الذي يقدمه شريف عامر، يحظى برعاية الدولة إلى أقصى حد، ومن المعلوم كم الإِشادات والمداخلات التي أجراها السيسي مع شريف عامر وتقديمه دائمًا على أنه نموذج يُحتذى به في الإعلام المصري.
ربما لم يفصل القضاء حتى هذه اللحظة في هذه القضية لبيان مدى التزييف والخداع الذي تعرَّض له محمد الملاح، ولكن الأمر لا يبدو أنه يسير في اتجاه كشف غموض هذه الواقعة، بل العكس فإن ظهور محمد الملاح بدأ يقل في مقابل تلميع الإعلامي شريف عامر أكثر وأكثر حتى بعد هذه الحادثة.
في الآونة الأخيرة تم توجيه الأضواء من عدة جوانب على مسألة الزواج والأسرة، ومسألة وقوع الطلاق الشفوي التي تبناها السيسي شخصيًّا وأثارت جدلًا دينيًّا ومجتمعيًّا، وكذلك تعديلات قانون الأحوال المدنية وزواج القاصرات التي يُترَقب عرضه على مجلس النوَّاب، وكلها إشارات تتعلق بإبراز مسألة “المحلل الشرعي” على أشهر برامج مصري حتى يتم توجيه رسالة غير مباشرة عن أحوال الأسر المصرية التي تأخذ في التفكك والانهيار يومًا بعد يوم بسبب الطلاق، ليكون البديل هو “المحلل الشرعي” أو تدخل الدولة لتقنين الطلاق وإقرار عدم وقوع الطلاق الشفوي، وذلك بعد أن تكون قد مهدت لذلك في حوارات إعلامية ومجتمعية لإقناع الشارع بأنه هو البديل الوحيد الذي يمنع تفكك الأسرة المصرية.
وليست هذه الحادثة هي الأولى التي يتم التمهيد فيها من أجل إقرار تعديلات على قانون الأحوال المدنية، بالمخالفة للشريعة الإسلامية ولرأي المؤسسة العلمية المعتبرة في مصر وهي الأزهر الشريف، والذي تحداه السيسي بشكل صريح ومباشر، حينما أشار إلى أنه لم يتخذ قرار التصادم مع المؤسسة التي عارضته في مسألة الطلاق الشفوي، وأنه يمتلك “من خلال القانون” فعل وتنفيذ هذا الأمر.
الدور الإعلامي الذي توغلت في أدائه السلطة التنفيذية أصبح يشكل عاملًا هامًّا في التمهيد من أجل إقناع الناس بسياسات الحكومة من خلال أساليب مباشرة وغير مباشرة، بدلًا من تبني حوار مجتمعي حقيقي لإبراز رأي الشارع المصري وكافة مؤسساته المدنية والسياسية.
- الإخراج الإعلامي لافتتاح مجمع السجون الجديد
احتفلت وزارة الداخلية المصرية بافتتاح أكبر مجمع سجون بمصر في منطقة وادي النطرون، وخلال الافتتاح تم عرض برومو “أغنية” لافتتاح السجن مترجمة إلى الإنجليزية تتضمن معاني الحياة الكريمة التي توفرها الدولة من أجل النزلاء “المسجونين”، وقد أثار هذا المشهد – الذي حظى بالكثير من الحفاوة من قبل وسائل الإعلام المصرية ـ سخرية الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نظرًا لما هو معلوم لدى كافة الشعب المصري من تردِّي حالة السجون المصرية المكتظة بالسجناء خلال السنوات الماضية، والتي شهدت زنازينها وفاة المئات جرَّاء التعذيب والإهمال الصحي، وهو ما سجلته منظمات حقوقية محلية ودولية مختلفة.
في بيان لها، ذكرت وزارة الخارجية بأن مجمع السجون الجديد مجهز بوسائل حديثة ومريحة تضمن الكرامة للنزلاء، مضيفةً بأن الهدف من تدشينه هو “تطوير منظومة التنفيذ العقابي وفقًا لثوابت الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقتها مؤسسة الرئاسة مؤخرًا”[44].
وقد حرصت الدولة من خلال أذرعها الإعلامية على تغطية الحدث بشكل محلي وعالمي، حتى يصل الصوت المغاير للصورة المعهودة عن تردي حالة حقوق الإنسان في مصر وخاصة في معاملة السجناء، فقد حضر الحفل عدد من البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وممثلي المجالس الحقوقية ولجان حقوق الإنسان بمجلسي النوَّاب والشيوخ وعدد من الإعلاميّين ومراسلي الوكالات الأجنبية.
الحالة الإعلامية التي شملت تغطية “افتتاح سجن” من كافة الجوانب، في تسليط الأضواء واستضافة محللين إلى غير ذلك من الوسائل الصحفية والإعلامية، غضت الطرف خلاف السنوات الماضية عن تغطية معاناة المسجونين الذين ماتوا بسبب سوء المعاملة، وعلى رأسهم الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، الذي لقى معاملة غير آدمية على مدار ست سنوات، ومنع عنه العلاج والطعام الصحي، ووضع في حبس انفرادي، بعيدًا عن أعين الإعلام المصري الذي انتبه مؤخرًا إلى حق السجناء في مصر.
وما يزال المعتقلون السياسيون يعانون من عدم الحصول على حقوقهم الأساسية، ومنهم الناشط السياسي “علاء عبدالفتاح”، الذي نقل محاموه تهديده بالانتحار بسبب سوء المعاملة داخل السجن، والمرشح الرئاسي السابق “عبدالمنعم أبو الفتوح”، الذي تشتكي أسرته من عزلته داخل السجن، وتقول إنه حرم من الخطاب الأسبوعي الذي كان يرسله لأسرته. فضلًا عن المحامية “هدى عبدالمنعم” والأستاذة “عائشة خيرت الشاطر” اللتين حُرمتا من رؤية ذويهما، ولم تر كل منهما أحدًا من أقربهما سوى مرة أو مرتين ولعدة دقائق.
وكانت منظمات حقوقية وصفت إعلان السيسي عن مجمع السجون الجديد بالتزامن مع إطلاق إستراتيجية حقوق الإنسان في مصر بأنه سلوك متناقض، مؤكدة أن مصر لا تحتاج لبناء مزيد من السجون؛ فوفق الأرقام المرصودة عن عدد السجون ومقرات الاحتجاز في مصر، فإن عهد السيسي شهد بناء نحو 36 سجنًا من أصل 75 في عموم البلاد، حسب ما ذكرته منظمة “كومتي فور جاستس”.
وأصدرت ستة من المنظمات الحقوقية بيانًا انتقدت فيه إعلان السيسي عن مجمع السجون الجديد، وأبدت استنكارها من تصريحات الرئيس المصري حول حالة حقوق الإنسان في مصر، وقالت إن الأرقام الصادرة عن عدة جهات حقوقية موثوق فيها تكشف زيفها، وتؤكد تدهور الحالة الحقوقية في مصر بشكل عام، وداخل مقرات الاحتجاز والسجون بشكل خاص.
وفي مداخلة مع الإعلامي “عمرو أديب” على شاشة (mbc مصر)، انتقد “ضياء رشوان” نقيب الصحفيين، ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات، وعضو مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حالة الغضب والسخرية التي طالت الحدث الهام من وجهة نظره، وهو افتتاح مجمع السجون الجديد، قائلًا إن مَن ينتقدون المجمع حاليًّا هم مَن كانوا ينتقدون أوضاع السجون سابقًا، ومضيفًا أن هناك تقارير خرجت حول أوضاع السجون في مصر، حمل جزء منها إدعاءات بوجود تعذيب وعدم رعاية صحية، والجزء الآخر تحدث عن الازدحام والتكدس الذي يصعب فيه حصول الناس على حقوقهم الأساسية[45].
وفي تعليق الصحفي الكبير ضياء رشوان، رغم إشارته إلى صحة وجود انتهاكات في السجون المصرية من وجود التعذيب وعدم الرعاية الصحية والتكدس داخل السجون، إلَّا أن تعبيره “ادعاءات” وكأنه يجمل من خلاله صورة النظام، وهو المسؤول الأول عن هذه الانتهاكات، وكأنها ادعاءات كيدية أو تحمل جزءًا بسيطًا من الصحة، وهو على غير الحقيقية، فهذه الإدعاءات التي أشار إليها لا تحمل سوى جزء يسير من الحقيقة المؤلمة التي يعيشها السجناء في مصر على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام ومن المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي يضم ضياء رشوان في عضويته، وبرعاية النظام المصري نفسه الذي يفتتح اليوم هذا المجمع الجديد.
إضافة إلى أن تعليق رشوان، والأزمات التي أشار إليها، ليس من الممكن القول بأن حلها قد وُجد بافتتاح هذا المجمع، حيث سخر ضياء رشوان من منتقدي المجمع بقوله “هل نترك السجون على حالها أم نحاول إصلاحها؟”، مشيرًا إلى أن النقد لا يتوقف رغم إنجازات النظام، وهذا على غير الحقيقة، فالانتقادات لم تتوقف، حيث لم تتوقف الاعتداءات، وهل تعذيب السجناء ومنع الأدوية عنهم والأطعمة كان سببه ضيق مساحة السجون المصرية من قبل؟ حتى يكون الحل في افتتاح سجن جديد ليشرف عليه نفس السجانين من جديد.
أكمل رشوان: “هذا المجمع بدأ تنفيذه في نوفمبر 2020، وانتهى بالسرعة التي رأيناها، وفي هذا التوقيت وقبله قليلًا، الدولة المصرية ممثلة في مجلس الوزراء اتخذت قرارا بإنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية، كما أن النائب العام أصدر قرارًا بإنشاء وحدة لحقوق الإنسان داخل النيابة العامة، وفى نفس التوقيت أصدرت الحكومة قرارًا بإنشاء وحدات لحقوق الإنسان في كل المصالح الحكومية، وفى خلال الأشهر السابقة الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وإلغاء حالة الطوارئ، ورأينا مجمع السجون الجديد”[46].
والأهم هو ما يستتبع ذلك من ضرورة اتخاذ إجراءات جادة لتحسين أوضاع آلاف المعتقلين السياسيين وليس محاولات تحسين صورة النظام وحسب.
- هجوم الإعلام المصري على فيلم “ريش”
على الرغم من الضجة التي رافقت العرض الأول لفيلم “ريش” للمخرج “عمر الزهيري” في مصر ضمن فعاليَّات مهرجان الجونة السينمائي، واتهامه بالإساءة إلى سمعة مصر، توجت لجنة التحكيم في ختام المهرجان الفيلم بجائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم عربي لتضاف إلى رصيد الجوائز التي حصدها الفيلم ويواصل حصدها في المهرجانات العالمية.
وقد شهدت قاعة العرض، أثناء عرض الفيلم في مهرجان الجونة، مغادرة عدد من الفنانين بعد مرور أقل من ساعة على عرضه، وهم شريف منير وأحمد رزق وأشرف عبدالباقى، إضافة إلى المخرج عمر عبدالعزيز، وتبيّن بعد ذلك أن سبب المغادرة هو اعتراضهم على موضوع الفيلم والطريقة التي يُظهر بها المجتمع، وازداد الجدل بعد ذلك حول قضية الفيلم.
ورد المخرج عمر الزهيرى على جملة الانتقادات التي تمَّ توجيهها حول الفيلم خلال المؤتمر الصحفي قائلًا: “كل إللي كان يهمني أني أقول وجهة نظري ببساطة وعملت السينما إللي مفروض أعملها ومقتنع بيها”. مضيفًا: “طبيعي أن يحصل صدام، وأنا مش أول مخرج يعمل صدام في وجهات النظر، وأنا لما بعمل فيلم مش بكون عارف هينجح أو لا، ولكن ببذل مجهودي في عمل الفيلم باللي مقتنع بيه واللي أغلب جيلي مقتنع بيه”[47].
استضاف عدد من القنوات الفضائية المصرية هؤلاء الفنانين الذين أبدو اعتراضهم على الفيلم، الذي هو في النهاية ليس سوى وجهة نظر يحتملها الفن ويعبر عنها المخرج وفريق عمله، ولكن متابعة الأعمال الفنية من وجهة نظرهم أصبحت مرهونة بتقديم صورة مزدهرة عن الحياة المصرية على غرار “افتتاح مجمع السجون الجديد”.
محاولة إرضاء للسلطة السياسية التي توغلت بصورة غير مسبوقة في الأعمال الفنية من خلال حالة شبه احتكار للإنتاج الفني عن طريق “الشركة المتحدة”، والتي ساهمت في إنتاج مسلسلات وأفلام لتجديد وتحسين الصورة الذهنية للسلطة والمؤسسات الأمنية، مما لم يعد معه مكان لآراء مختلفة تسعها مساحات العرض وقاعات السينما.
حينما يهاجم بعض الإعلاميّين وعدد من الفنانين عملًا بسيطًا مثل فيلم “ريش” لمجرد رأي عبر عنه صاحب العمل فنيًّا، فكيف يمكن الحديث عن الإبداع والحرية، وهما عمودان يقوم عليهما الفن بشكل رئيس؟
[1] الجزيرة، إرهاصات الملء الثالث لسد النهضة.. كيف تستعد مصر؟ وما خياراتها؟، 20 اكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2ZgpoKd
[2] Sputnikعربي، رئيس وزراء إثيوبيا يتحدث عن “سد النهضة” بعد تنصيبه لولاية ثانية، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2Zhq1mX
[3] الجزيرة، سد النهضة.. مصر تشيد ببيان مجلس الأمن وتنتقد تعنت إثيوبيا، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3jKrEk7
[4] Sputnik عربي، السيسي: مصر تقترب من مرحلة “خط الفقر المائي”، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2ZvqZvN
[5] صحيفة الشروق، وزير الري يحذر: انهيار سد النهضة مشكلة كبيرة نتمنى ألا تتحدث، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3jAL3nQ
[6] صحيفة الشروق، هل مولت دول عربية سد النهضة؟ وزير الري يعلق، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3pSRq9L
[7] وكالة الأناضول، وفد من “حماس” برئاسة هنية يصل القاهرة الأحد، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2Y2EGCb
[8] المصري اليوم، برعاية مصرية.. «حماس» تعلن التوصل لتفاهمات حول تثبيت الهدنة فى غزة، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3CyOtyH
[9] وكالة الأناضول، مصدر بـ”حماس”: اتفاق مع مصر على تثبيت “التهدئة” وإعادة الإعمار، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3CxIla2
[10] Sputnik عربي، اجتماعات القاهرة.. ما الذي يمكن أن تحققه في ملف تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس؟ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3Evve9L
[11] بوابة الأهرام، الرئيس السيسي: إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3CsNcJC
[12] عربي 21، قراءة في دوافع إلغاء السيسي العمل بقانون “الطوارئ”، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3BrOzHc
[13] بوابة الأهرام، “النواب” يوافق على قرار جمهوري باتخاذ تدابير للمحافظة على الأمن ومواجهة الإرهاب في سيناء، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3pOUnbm
[14] العربي الجديد، محاولات مصرية لعقد لقاء بين السيسي وبايدن في اسكتلندا، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2ZD0WmE
[15] تعد كافة الأرقام الواردة، فيما يخص ميزان المدفوعات بمصر للعام المالي 2020/2021، مستقاة من البيان الصحفي للبنك المركزي المصري، والمنشور على موقعه على شبكة الانترنت، https://bit.ly/3wpyMry
[16] المصري اليوم، السعودية تقدم وديعة بـ 3 مليارات دولار للبنك المركزي المصري، وتمدد ودائع بـ 2.3 مليار دولار، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3nX65hL
[17] العربي الجديد، زيادة طفيفة في احتياطي النقد الأجنبي المصري رغم الدعم السعودي، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، https://bit.ly/31znJAH
[18] مصراوي، الحكومة ترفع سعر البنزين 25 قرشًا بداية من صباح الجمعة، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3EMcmn5
[19] مصراوي، وزير التموين عن رفع سعر رغيف الخبز: إذا تم علينا أن نعلم أن ذلك لمصلحة المواطن، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2Yjnzfx
[20] مصراوي، بعد صعود التضخم.. ما قرار المركزي المنتظر بشأن الفائدة الاجتماع المقبل؟ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3wkMJag
[21] CNN العربية، مصر: رفع أسعار الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك.. وزيادة مرتقبة في الحديد والأأسمدة، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://cnn.it/3wpDohd
[22] صحيفة الأهرام، وافق على 3 قوانين و10 اتفاقيات.. تعرف على حصاد مجلس النواب، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[23] صحيفة الأهرام، «النواب» يوافق نهائيًا على الإذن لوزير المالية بضمان الشركة القابضة لمصر للطيران للحصول على قروض من البنوك، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[24] المدار، مطالبات برلمانية بالتعرف على أوجه إنفاق مصر للطيران، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[25] صحيفة الأهرام، النواب نهائياً على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[26] المصدر السابق،
[27] اليوم السابع، مجلس النواب يوافق نهائيا على قانون حماية المنشآت، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[28] المصدر السابق،
[29] اليوم السابع، مجلس النواب يوافق على تعديلات قانون مكافحة الإرهاب، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021،
[30] اليوم السابع، مجلس النواب يوافق على تعديل قانون العقوبات في المجموع، 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[31] الأسبوع، حصاد مجلس النواب خلال الجلسات العامة 17 – 19 أكتوبر 2021، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[32] عبدالمنعم أبوزيد، البناء الفنى لرواية الحرب فى مصر، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة القاهرة، 1999م، ص10.
[33] أصوات، أكتوبر والأدب.. هل قدم الأدباء إبداعًا يليق بملحمة العبور؟، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2019، https://bit.ly/3vw60Vw
[34] معين بسيسو، نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1970م، ص7.
[35] نبيل سليمان، الرواية والحرب، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999م، ص13.
[36] القاهرة 24، للوقيعة مع الأزهر.. الجزيرة تقتطع تصريحات محمد الباز عن الحجاب داخل التعليم الأزهري، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2Zc9PTE
[37] الخليج الجديد، انتقادات لملابس الفنانات العراية بمهرجان الجونة.. أين دار الإفتاء؟، 16 اكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3GaoBvc
[38] صحيفة الجمهورية، “الكلاب تعوي والقافلة تسير”.. سميح ساويرس يرد على منتدى الجونة، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3m2cBUy
[39] الموجز، “شوية منافقين”.. المخرجة كاملة أبو زكري تشن هجوماً حاداً على منتقدي فيلم «ريش»، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3vAF9rn
[40] دروب، ماجدة خير الله تنتقد المنسحبين من عرض ريش، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/31dToY2
[41] الجزيرة، محمد منير يكتب: الوطنية الكاذبة وحروب السيوف الخشبية، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، https://bit.ly/3GCZmCd
[42] Youtube، اللقاء الكامل لشريف عامر مع المحلل الشرعي الذي تزوج ثلاثة وثلاثين مرة ، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[43] Youtube، المحلل الشرعي يستغيث على الهواء ويكشف فبركة تصريحاته ، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[44] اليوم السابع، افتتاح مركز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون وغلق 12 سجنا قديما.. 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[45] الهيئة العامة للاستعلامات، رشوان: من ينتقدون المجمع حاليًّا هم من كانوا ينتقدون أوضاع السجون سابقًا، 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021،
[46] المصدر السابق،
[47] اليوم السابع، غضب الفنانين والجمهور من فيلم ريش..، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2021،