الفهرس
مقدمة
الدفتر الأول: تركيا وسوريا
- إشادة روسية بالتنسيق العسكري في سوريا
- الرد التركي على إدانة الجامعة العربية
الدفتر الثاني: تركيا وليبيا
- الموقف التركي من تكليف باشاغا برئاسة الوزراء
- الوساطة التركية بين الدبيبة وباشاغا
الدفتر الثالث: تركيا والعراق
- توافق تركي عراقي حول مكافحة الإرهاب
- تزويد العراق بالكهرباء التركية
الدفتر الرابع: تركيا ودول الخليج
- العلاقات العسكرية التركية القطرية
- المطالبة باستلام زعيم المافيا من الإمارات
- تباطؤ التطبيع التركي السعودي
الدفتر الخامس: تركيا وفلسطين والكيان الصهيوني
- الالتزام التركي بدعم الفلسطينيين وحَلّ الدولتين
- زيارة رئيس الكيان الصهيوني لأنقرة
الدفتر السادس: تركيا وإفريقيا
- جولة أردوغان في إفريقيا
- دعوات إفريقية للتعاون مع تركيا
الدفتر السابع: تركيا وأوروبا
- موقف تركيا من الحرب الروسية الأوكرانية
- اجتماع “الأجندة الإيجابية” في أثينا
- عضوية الاتحاد الأوروبي والكيل بمكيالين
الدفتر الثامن: تركيا والولايات المتحدة الأميركية
- المطالبة برفع العقوبات التركية عن تركيا
- التشاور والتنسيق حول الحرب في أوكرانيا
الدفتر التاسع: تركيا والعالم التركي
- التعاون الثنائي بين تركيا وكازاخستان
- المساعدات العسكرية التركية لقرغيزيا
الدفتر العاشر: الداخل التركي
- كليتشدار أوغلو وإقناع المعارضة بترشيحه للرئاسة
- تبعات الحرب الأوكرانية على الاقتصاد التركي
مقدمة
يتناول تقرير «دفاتر تركية» أبرز الأحداث التي شهدتها تركيا على الصعيدين الخارجي والداخلي، خلال الفترة من 15 فبراير/شباط إلى 15 مارس/آذار 2022.
فعلى الصعيد الخارجي، أشادت روسيا بالتنسيق العسكري مع تركيا في شمال سوريا، في الوقت الذي هاجمت فيه الجامعة العربية التواجد التركي بمناطق النزاع في العالم العربي، وهو ما رفضته تركيا التي ترى أنها تدافع عن أمنها القومي وتساعد الدول العربية على التخلص من الإرهاب.
وفي ظِل هذا التواجد التركي، أفادت تقارير بسعي تركيا للوساطة في ليبيا بين باشاغا والدبيبة لمنع تدهور الوضع، وتوافقت تركيا مع العراق على مكافحة الإرهاب والتعاون في مجال الطاقة.
كما واصلت تركيا تعاونها مع دول الخليج، رغم تباطؤ مسار التقارب مع السعودية، وأبدت تمسّكها بنصرة القضية الفلسطينية العادلة لتبديد أي مخاوف من التقارب مع الكيان الصهيوني.
هذا وقد استبدلنا دفتر تركيا وإفريقيا بالدفتر الخاص بمصر، لعدم وجود تطور ملحوظ في العلاقات التركية المصرية، ولوجود نشاط تركي كبير على الساحة الإفريقية في الفترة الماضية.
وإذا انتقلنا إلى علاقة تركيا بأميركا والغرب، فسنجد أن الحرب الأوكرانية كانت محور هذه العلاقات، بسبب الحرب التي أبرزت أهمية الدور التركي بالنسبة لحلف الناتو والتحالف الغربي.
وداخليًّا، مازالت المعارضة التركية لم تحسم أمرها بشأن مرشحها لانتخابات الرئاسة، حيث يسعى رئيس حزب الشعب الجمهوري، كليتشدار أوغلو، لنيل موافقة الأحزاب التي يتحالف معها، ولكن هذه الأحزاب تتشكك في قدرته على منافسة الرئيس أردوغان.
أما عن الاقتصاد التركي، فقد كانت تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا هي الموضوع الأبرز بسبب تشعب علاقات تركيا الاقتصادية مع كلا البلدين، واعتمادها عليهما في مجالات حيوية مثل الطاقة والسياحة، ما ينذر بتعرض الاقتصاد التركي لآثار سلبية عديدة حال استمرار الحرب.
الدفتر الأول: تركيا وسوريا
يُعد التنسيق العسكري بين تركيا وروسيا، المستند إلى اتفاقيات الهدنة في الشمال السوري، من أهم نتائج العلاقات القوية بين أنقرة وموسكو. وقد سُلطت الأضواء على هذا التنسيق بعد الحرب الروسية الأوكرانية، لتكهن البعض بإمكانية تأثره بموقف تركيا من الحرب في أوكرانيا. ولهذا يمكن اعتبار الإشادة الروسية بهذا التنسيق، والتي صدرت مؤخرًا، رسالة إلى الأتراك، لتذكيرهم بأن التنسيق بينهما مرتبط بموقف تركيا من الأزمة بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من الغرب.
وفي إطار متصل بالتواجد العسكري السوري في الشمال السوري، رفضت تركيا بيان جامعة الدول العربية الذي يُدين هذا التواجد، ويُطالب بإنهائه، ووصفت ما ورد فيه بأنه ادعاءات لا أساس لها، وأنها تصطدم بحقيقة دفاع تركيا عن أمنها، ودليل على سيطرة دول بعينها على الجامعة.
- إشادة روسية بالتنسيق العسكري في سوريا
وصف نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوخدانوف، العلاقات بين العسكريّين الروس والأتراك في سوريا بالجيّدة.
وأشار المسؤول الروسي في كلمةٍ له خلال مشاركته في ندوة دولية حول الشرق الأوسط، بالعاصمة موسكو، في 21 فبراير/شباط، إلى نمو العلاقات بين أنقرة وموسكو بشكل فعّال. وأردف بهذا الخصوص: “الحوار والعمل المشترك بيننا يتواصل بشكل فعّال”. وتابع: “هذا الأمر لا يقتصر على العلاقات السياسية فحسب، بل يشمل الصعيد العسكري أيضًا”.
وأكد بوخدانوف على وجود اتصالات فعّالة ومتطورة بين المسؤولين العسكريّين الروس في قاعدة “حميميم” بمحافظة اللاذقية السورية، وبين نظرائهم الأتراك في سوريا[1].
جاءت الإشادة الروسية في قبيل الحرب الروسية الأوكرانية التي يمكن أن تلقي بظلالها على التنسيق التركي الروسي في شمال سوريا، حال اتخاذ تركيا أي موقف يمكن تفسيره من الجانب الروسي على أنه عمل عدائي، خاصّة وأن تركيا عضو في حلف الناتو، ويمكن أن تواجه ضغوطًا غربية لاتخاذ مواقف أكثر حزمًا ضد روسيا، مثل تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا أو الالتزام بالعقوبات المفروضة على الروس.
وقد يُنظر إلى هذه الإشادة على أنها رسالة تحذير وتشجيع لأنقرة في آن واحد، من أجل أن تستمر في سياسة الحياد الإيجابي التي تنتهجها منذ أن هاجمت روسيا أوكرانيا، لأن البديل هو إخلال روسيا بتعهداتها في الشمال السوري، الأمر الذي يمكن أن يُعرّض مصالح تركيا للخطر.
وفي إطار التوافقات الروسية التركية للتهدئة في الشمال السوري، واصلت تركيا عملياتها العسكرية التي تستهدف بها حماية المدنيين ومواجهة التنظيمات الإرهابية في المنطقة، حيث أعلنت الاستخبارات التركية في 17 فبراير/شباط، عن تنفيذ عملية نوعية استهدفت خلالها “سليمان أورهان”، أحد قادة تنظيم (PKK/PYD) الإرهابي مع حارسه الشخصي، وذلك أثناء تخطيطه لعمل إرهابي جديد ضد تركيا. وأوضح مصدر أمني أن “العملية تمّت في منطقة عامودا شمال شرقي سوريا”[2].
كما أعلنت وزراة الدفاع التركية عن تحييد 9 إرهابيين من التنظيم المذكور، وأوضحت أنهم كانوا يتجهزون لتنفيذ هجوم في منطقة عملية “درع الفرات”، قبل أن تتمكن قوات الكوماندوز التركية من تحييدهم[3].
وتوالى تحييد العناصر الإرهابية في مارس/آذار، حيث أعلنت وزارة الدفاع عن القضاء على 5 منهم في السادس من الشهر، في منطقتيْ عمليتيْ “نبع السلام” و”درع الفرات”، في الشمال السوري. ثم أعلنت الوزارة بعد يومين القضاءَ على 12 منهم، وذكرت أن الإرهابيّين فتحوا النار بشكل استفزازي، وحاولوا تنفيذ هجوم في منطقة عملية “درع الفرات” قبل أن تتمكن القوات الخاصة التركية من تحييدهم[4].
- الرد التركي على إدانة الجامعة العربية
رفضت الحكومة التركية ما ورد في بيان اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة التدخلات التركية في الشؤون الداخلية العربية، والذي صدر في 9 مارس/آذار، ليُدِين استمرار كافة أشكال التدخل التركي في شؤون الدول العربية، خاصّة في سوريا وليبيا والعراق، معتبرًا ذلك انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومشددًا على تحرك عربي ودولي لمواجهة أنشطة أنقرة بكافة الوسائل.
وأعربت اللجنة عن قلقها من استمرار الوجود العسكري التركي على أراضي عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها سوريا، ووصفت هذا التواجد بأنه غير شرعي، وشددت على ضرورة سحب تركيا لقواتها بشكل فوري وبدون قيد أو شرط[5].
جدير بالذكر أن اللجنة تتكون من مصر والإمارات والبحرين والسعودية، وهي الدول التي تقود محور الثورة المضادة في المنطقة العربية، وتحارب أيّ نشاط تركي يستهدف مساعدة الحركات الثورية والمعارضة.
وفي سياق متصل، كان وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قد طالب في 22 فبراير/شباط، الحكومة التركية بسحب قواتها من الأراضي السورية، والكف عن دعم الإرهابيّين، والتوقف عن حرمان السكان السوريين من الموارد المائية.
وقال المقداد خلال المؤتمر الشرق أوسطي لمنتدى “فالداي” للحوار في موسكو، إنه يمكن بناء علاقات مع تركيا على أساس الاحترام المتبادل إذا التزمت أنقرة بهذه النقاط[6].
وفي ردها على جامعة الدول العربية، أكدت وزارة الخارجية التركية رفضها قرارات وبيانات الجامعة التي تستهدف تركيا و”تتضمن ادعاءات لا أساس لها”.
وقالت الوزارة في بيان أصدرته في 10 مارس/آذار: “نرفض رفضًا تامًّا الادعاءات التي لا أساس لها ضد بلدنا، الواردة في بعض القرارات والبيانات الصادرة عن اجتماع مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية يوم 9 مارس/آذار 2022”.
ولفت بيان الخارجية التركية أنه “من الواضح أن المقاربات البالية والخبيثة التي لا تتناسب مع واقع وديناميكيات المنطقة لا تساهم في حل مشاكل منطقة العالم العربي”.
وأضاف أن تركيا تخوض كفاحًا ضد التهديدات لأمنها القومي ومصالحها في إطار مبادئ وقواعد القانون الدولي. وبَيَّن أن الجهود التي تبذلها تركيا تهدف في الوقت ذاته إلى حماية سيادة الدول العربية وسلامتها الإقليمية ووحدتها السياسية.
وجاء في البيان: “مكانة تركيا في قلوب الشعوب العربية الشقيقة والصديقة واضحة اليوم. نتطلع من جامعة الدول العربية أن تعكس إرادة الشعوب التي تمثلها، بدلًا من أن تكون أداة لأجندات فردية لبعض أعضائها”.
وشدد البيان على أن الدول الأعضاء التي تواصل معارضة القرارات الصادرة والتعليق عليها، تدرك مساهمات تركيا وأهمية التعاون معها. وأكد أن تركيا مستعدة للتعاون مع جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، بهدف إرساء الاستقرار والازدهار الدائمين في المنطق[7].
جدير بالذكر أن الحكومة التركية تؤكد دائمًا على شرعية تواجدها العسكري في مناطق النزاع العربية، خاصّة سوريا، وأن عملياتها في الشمال السوري تتوافق مع الاتفاقيات الدولية والثنائية، ومنها اتفاقية أضنة (1998)، في ملحقها الرابع، الذي يَنصّ على أن الجانب السوري يفهم أن إخفاقه في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية، المنصوص عليها في الاتفاق، يُعطي تركيا الحق في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق 5 كم.
الدفتر الثاني: تركيا وليبيا
ألقى قرار برلمان طبرق بتكليف فتحي باشاغا بتشكيل وزارة جديدة تخلف حكومة الوحدة الوطنية بظلاله على العلاقات التركية الليبية، وذلك لدور ليبيا المحوري في المشهد الليبي، ورغبتها في عدم تردي الأوضاع ووصول الخلاف بين الطرفين إلى حد الاشتباكات المسلحة، خاصّة بعد أن انتهجت أنقرة نهج الانفتاح على الشرق الليبي، وهو ما جعلها حريصة على إنهاء الخلاف عبر التوسط بين الطرفين، وفقًا لما أوردته تقارير صحفية عديدة.
- الموقف التركي من تكليف باشاغا برئاسة الوزراء
تصاعد التوتر مرة أخرى في ليبيا بعد إلغاء الانتخابات، وثمّة مخاوف من انزلاق البلاد مرة أخرى إلى حرب أهلية، بسبب الانقسام الشديد الحادث بعد أن نصب مجلس النواب في طبرق فتحي باشاغا رئيسًا لحكومة جديدة تخلف حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، الذي رفض قرار المجلس، وامتنع عن تسليم السلطة لباشاغا، وأعلن عن خطة لإجراء انتخابات برلمانية، مستندًا في ذلك إلى أن ملتقى الحوار السياسي الذي حدد مدة عمل السلطة التنفيذية بـ18 شهرًا تمتد إلى 24 يونيو/حزيران 2022.
وفي ظل هذا الانقسام، أعلنت تركيا التي تعترف بحكومة الوحدة الوطنية، وتدعمها على الصعيدين السياسي والعسكري، وفق اتفاقيات رسمية بين الطرفين، أنها تؤيد ما يختاره الشعب الليبي، وأن المهم “هو مَن يختاره الليبيّون في الانتخابات في نهاية المطاف”، وهو ما صرح به الرئيس التركي، رجب طيّب أردوغان، في معرض تعليقه على تسمية البرلمان الليبي فتحي باشاغا رئيس وزراء جديدًا، خلفًا للدبيبة، حيث قال في 17 فبراير/شباط: “باشاغا أعلن ترشحه.. وعلاقاتنا معه جيدة.. ومن ناحية أخرى فالعلاقات طيبة أيضًا مع الدبيبة.. الأمر المهم هو مَن سيختاره الشعب الليبي، وكيف”[8].
وعبّر أردوغان عن رغبة بلاده في “إجراء الانتخابات في ليبيا، بحيث يختار الليبيّون شكل الحكومة التي يريدونها ويرغبون بها”، واصفًا اللجوء إلى تشكيل حكومة مؤقتة بأنه نهج غير مناسب لليبيا[9].
وبحسب تقرير لصحيفة المونيتور الأميركية، فإن تركيا تواجه خيارات صعبة في ليبيا ما لم يتم حل الصراع على السلطة بين حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة والحكومة الموازية برئاسة فتحي باشاغا، بما في ذلك التدخل العسكري إذا حاول الأخير دخول طرابلس بالقوة.
وأفادت الصحيفة في تقرير لها، بأن المواجهة بين باشاغا والدبيبة، تدفع تركيا للعب بشكل أكثر انفتاحًا وحزمًا في البلاد، مبينة أن أنقرة انزعجت من تحالف باشاغا مع خليفة حفتر، وعقيلة صالح رئيسة مجلس النواب، للإطاحة بحكومة الدبيبة المؤقتة.
وأوضح التقرير أن أنقرة عملت بشكل وثيق مع باشاغا خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية في حكومة الوفاق المنتهية ولايتها، لكن بالنسبة للرئيس التركي أردوغان، فإن حكومة باشاغا تحت تأثير حفتر وصالح، اللذين عارضا بشدة الوجود العسكري التركي في ليبيا، قد تعني خسارة الضمانات التي يقدمها الدبيبة.
وأضاف التقرير أن أردوغان يُبقي الباب مفتوحًا أمام باشاغا مع الحفاظ على دعم حكومة الدبيبة، مبينًا أن الوجود العسكري والاستخباراتي والدبلوماسي لتركيا في طرابلس، يؤثر على التوازن ويجعل الملعب أكثر أمانًا للدبيبة[10].
ورأت الصحيفة الأميركية أن دعم باشاغا سيوفر لتركيا فرصة لتحقيق السلام مع شرق ليبيا، لكن أنقرة بحاجة إلى أن تخطو بحذر لأن قوات طرابلس ومصراتة التي دربتها وسلحتها ما تزال معادية بشدة لحفتر، علاوة على ذلك، يشترك حفتر وصالح المدعومان من مصر وروسيا، في هدف إخراج تركيا من ليبيا على الرغم من التنافس بين الاثنين[11].
- الوساطة التركية بين الدبيبة وباشاغا
كشفت تقارير صحفية عن قيام تركيا بالوساطة بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبدالحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا، المكلف من قِبل برلمان طبرق (في الشرق) بتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة الدبيبة الذي يرفض التخلي عن السلطة.
ووفقًا لمصادر ليبية، فإن أنقرة تسعى للوساطة بين الخصمين، تجنبًا لتصعيد عسكري بين الطرفين قد يُفضِي إلى حرب أهلية. وبحسب تقرير نشرته صحيفة تركية، فإن الدبيبة رفض عرضًا تركيًّا للوساطة بينه وبين فتحي باشاغا، مضيفة أن الأول يشعر بالقلق من انهيار حكومته. وقالت مصادر مقربة من الدبيبة، إن الأتراك لم يكشفوا عن مضمون محاولتهم للوساطة، لأنهم سعوا أولًا للحصول على موافقة الطرفين، لكن الدبيبة رفض عرضهم، مُبديًا استعداده لاستخدام القوة العسكرية في مواجهته مع باشاغا الذي قبل عرض الوساطة التركي. وأضافت التقارير أن تدخل أنقرة أثار قلق الدبيبة، حيث شكل اعترافًا ضمنيًّا بحكومة باشاغا، مما يعني نهاية ولاية الدبيبة، وبناءً عليه، رفض عرض الوساطة التركي[12].
وذكر تقرير لصحيفة المونيتور الأميركية، أن تركيا حاولت ترتيب لقاء بين الدبيبة وباشاغا، خلال منتدى دبلوماسي دولي في مدينة أنطاليا، انطلق في 11 مارس/آذار، ولكن في النهاية لم يحضر سوى الدبيبة فقط، وكانت هناك تكهنات بأن الدبيبة يمكن أن يتنازل عن السلطة لباشاغا بشرط أن يترشح للرئاسة في الانتخابات المرتقبة، وحين لم يحضر باشاغا سارع الدبيبة بمغادرة تركيا[13].
وكان منتدى أنطاليا قد شهد نشاطًا كبيرًا في الملف الليبي من جانب المسؤولين الأتراك، حيث التقى وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، حيث أكد الوزير التركي أن بلاده تدعم المسار الديمقراطي في ليبيا، وتقف إلى جانب شعبها، وقال إن “تركيا وبكل إمكانياتها تقف إلى جانب الشعب الليبي، وتدعم حكومة الوحدة الوطنية، وجهود وزيرة الخارجية من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا”[14].
وثمّة مؤشرات تدل على أن المحاولات التركية للوساطة تحظى بقبول أميركي، حيث يبعث تأييد سفير الولايات المتحدة ومبعوثها في ليبيا، ريتشارد نورلاند، لعقد محادثات بين فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، برسالة مفادها أن واشنطن تدعم الوساطة التركية لنزع فتيل الأزمة بين الطرفين.
وكان نورلاند قد صرح بأنه على علم بوجود فكرة لعقد تلك المحادثات، لكن لم يتم تحديد مقرها حتى الآن. وأضاف نورلاند أن فتحي باشاغا دُعِي إلى محادثات في تركيا، وأن الولايات المتحدة تؤيد تلك المحادثات ، لكنها ليست مبادرة أميركية وفق قوله، مشيرًا إلى أن مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، عبّرت عن عزمها لعب دور مسهّل في تلك المرحلة[15].
ولكن هذه الوساطة لا تحظى بقبول مصر التي ذكرت مصادر مطلعة أنها سعت لعرقلة تحركات تركيا من أجل الوساطة. وقالت المصادر المقربة من اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي إن “تركيا قدمت مبادرة للوساطة بين الدبيبة وباشاغا”، وأنها “وجهت الدعوة لكل منهما لزيارة أراضيها، وعقد لقاء بينهما للتوصل إلى حل لأزمة الانقسام الراهنة، ومنع الاحتراب مجددًا في ليبيا”، وأن “باشاغا أبلغ الأمر للمسؤولين في مصر، التي يتحالف معها وتدعم تحركاته الأخيرة بشراكة فرنسية، وجرت اتصالات بينه وبين مسؤولين رفيعي المستوى في مصر، قبل أن ينتهي الأمر بطلب مصري له بعدم تلبية الدعوة التركية، وتأكيده أن أي حل لا بد أن يكون من داخل ليبيا”[16].
ولعل التدخل المصري هو الذي دفع باشاغا إلى عدم الذهاب إلى منتدى أنطاليا في تركيا، لتفشل إمكانية عقد اللقاء بينه وبين الدبيبة.
الدفتر الثالث: تركيا والعراق
تحرص تركيا على تطوير علاقاتها مع الحكومة العراقية في بغداد، بالإضافة إلى التواصل والتنسيق المستمر مع حكومة إقليم كردستان في أربيل، وهو ما يمكن مشاهدته في اللقاءات العديدة التي تعقد بين مسؤولي البلدين، وينعكس أثرها على التعاون الثنائي في العديد من الملفات، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب الذي يتوافق البلدان على ضرورة القضاء عليه، والطاقة التي يعتمد كل منهما على الآخر في توفير احتياجاته منها، سواء بتصدير تركيا للكهرباء إلى العراق أو استيرادها الغاز منه.
- توافق تركي عراقي حول مكافحة الإرهاب
أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أنه بحث مع المسؤولين العراقيّين مكافحة تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كا كا). وذكر الوزير في تصريحات أدلى بها للصحفيين في أعقاب مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا، والذي عقد بين 18 و20 فبراير/شباط، أن ثمّة توافقًا بين البلدين بشأن ضرورة التخلص من الإرهاب بأسرع وقت.
وشرح أكار خلال اللقاءات الثنائية، جهود بلاده في مواجهة تتظيمات “بي كا كا/ ي ب ك”، و”داعش”، و”غولن” الإرهابية. وعبّر عن تطلعات أنقرة من الدول الصديقة والحليفة بخصوص التعاون في مكافحة الإرهاب.
وأشار الوزير التركي إلى أن عناصر حزب العمال الكردستاني تتمركز شمالي العراق وسوريا، وأن الحزب حاول إقامة “ممر إرهابي” شمالي سوريا خلال الأعوام الماضية، إلا أن بلاده مزقت ذلك الممر[17].
وكان أكار قد التقى وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، ورئيس إقليم كردستان شمالي العراق، نيجيرفان بارزاني، ورئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني.
وتطرق الوزير التركي إلى لقاءاته مع المسؤولين العراقيين على هامش المؤتمر، حيث شدد على أن “تركيا تحترم حدود واستقلال وسيادة كافة جيرانها، كما أنها في الوقت ذاته تحرص على حماية أمنها، وستواصل كفاحها حتى القضاء على آخر إرهابي”.
وأكد على أن قيام بلاده بعمليات ضد الإرهاب في منطقة شمال العراق لا يَعني عدم احترام جيرانها، بل مساعدتهم على التخلص من العناصر الإرهابية المتمركزة هناك، مشيرًا إلى أن “هناك توافقًا خلال مباحثاته مع المسؤولين العراقيين بشأن ضرورة تطهير المنطقة من العناصر الإرهابية بأسرع وقت، وأنه أكد للجانب العراقي على أن تركيا تكافح الإرهاب منذ 40 عامًا، و يتعين التخلص من آفة الإرهاب بأسرع وقت، وأنها ستواصل استهداف الإرهابيّين أينما كانوا، في سبيل ذلك”[18].
وفي هذا السياق، دعا زعيم ائتلاف الوطنية العراقية، ورئيس الوزراء الأسبق، إياد علاوي، بلاده إلى عدم السماح لتنظيم (بي كا كا) الإرهابي بخرق الأراضي التركية، مشيرًا أنه من “غير المقبول” الاحتجاج على رد تركيا على اعتداءات التنظيم.
وقال علاوي إنه “لا يجب أن تبقى الأمور معلقة مع إيران وتركيا، بل يجب أن يكون هناك حوارًا مباشرًا لوضع النقاط على الحروف”، وأوضح أن “الحوار يجب أن يخلص إلى تفكيك المشاكل مع إيران وتركيا، فلا يجب أن يسمح العراق لعناصر بي كا كا بخرق الأراضي التركية، ونحتج عندما تتدخل تركيا للرد على الاعتداءات، وهذا غير مقبول، ولابد من وضع معالجات جدية مع دول الجوار”[19].
وعلى الأرض، قامت القوات التركية بتحييد عدد كبير من العناصر الإرهابية في شمال العراق، حيث أعلنت وزارة الدفاع في 19 فبراير/شباط، عن تحييد 13 إرهابيًّا في قصف استهدف منطقة “أفشين ـ باسيان”، وفي عملية “مخلب النمر” المستمرة بمنطقة “حفتانين” شمالي العراق. ثم أعلنت الوزارة عن تحييد عنصرين في اليوم التالي، في غارات جوية لسلاح الجو التركي على مواقع الإرهابيّين في منطقة متينا شمالي العراق[20]. وشهدت نهاية الشهر مصرع جندي تركي برتبة رقيب، في حادث إطلاق نار، بعملية مخلب يلدرم شمال العراق[21].
- تزويد العراق بالكهرباء التركية
يُعد قطاع الطاقة من أهم القطاعات التي تشهد تعاونًا مشتركًا من الجانبين التركي والعراقي، لما له من أهمية في العراق الذي يُعاني أزمة نقص الطاقة الكهربائية منذ عقود، وفي تركيا التي يزداد احتياجها للنفط والغاز الخارجيّين من أجل تلبية احتياجاتها المتنامية بسبب التطور الاقتصادي.
ففي 7 مارس/آذار، أعلنت وزارة الكهرباء العراقية أن 500 ميغاوات من الطاقة الكهربائية ستصل البلاد من تركيا، بدءًا من الأسبوع المقبل. وذكر المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، أنه تمّ إكمال الربط الفني مع تركيا، وأن العراق ينتظر تزويده بـ 500 ميغاوات من الطاقة الكهربائية[22].
وكان العراق – الذي ينتج بين 19 و21 ألف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، بينما الاحتياج الفعلي يتجاوز 30 ألفًا، ما يؤدي إلى انقطاع متكرر للتيّار وسط احتجاج من السكان – قد بدأ عام 2020 بتنفيذ خطة الربط الكهربائي مع تركيا، عبر إقليم كردستان شمالي البلاد.
ويُعد مشروع الربط مع تركيا جزءًا من مشروع العراق للحصول على 3500 ميغاوات، استعدادًا للصيف المقبل، ويشمل استيراد الكهرباء من تركيا ودول الخليج والأردن. وذلك لتفادي نقمة السكان على الحكومة بشبب تكرار الانقطاعات في الشبكة الوطنية للكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وهو موسم الذروة، حيث تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية في بعض الأيام.
وعلى الجانب الآخر، تسعى تركيا للحصول على الغاز العراقي من إقليم كردستان، وهو ما كشفت عنه مصادر في حكومة الإقليم، ذكرت أن هناك حراكًا لإعادة إحياء مشروع تصدير الغاز إلى تركيا من حقلي خورمو الغازي في أربيل، وجمجمال في السليمانية. وأوضحت أن الأتراك مهتمون جدًّا بالملف منذ فترة، رغم وجود عوائق فنية وقانونية داخل العراق لإتمام الاتفاق[23].
وتعود المباحثات بين تركيا وأربيل حول استيراد الغاز العراقي إلى عام 2013، ولكن هذه المباحثات توقفت لظهور تنظيم داعش في محافظة نينوى واشتعال المعارك مع التنظيم.
ومطلع فبراير/شباط، تمّ الكشف عن توقيع حكومة إقليم كردستان اتفاقًا مع شركة “كار غروب”، لتمديد خط أنابيبها الغازية إلى محافظة دهوك الحدودية مع تركيا، ومن المتوقع أن يتم تنفيذ المشروع بالكامل خلال 16 شهرًا. وذكرت محطة تلفزيون “رووداو”، المقربة من حكومة أربيل، أن المشروع في حال اكتماله يعني أن خط الأنابيب الغازية لإقليم كردستان بات على بعد 35 كيلومترًا من الحدود التركية، حيث سيغذي محطات للكهرباء هناك[24].
ولكن ملف توريد الغاز العراقي لتركيا ليس ملفًا اقتصاديًّا أو تجاريًّا فقط، وإنما له جانب سياسي، وذلك بسبب الخلاف بين الحكومة المركزية في العراق وحكومة إقليم كردستان على استغلال ثروات الإقليم، ولهذا تحرص تركيا على التواصل مع الطرفين، لاستيراد الغاز برضا بغداد وأربيل معًا.
الدفتر الرابع: تركيا ودول الخليج
تواصلت مسيرة التعاون التركي القطري خلال الأسابيع الماضية، وكان التعاون العسكري هو الأبرز، حيث عُقِدت اللجنة العسكرية المشتركة العليا، وسَلمت أنقرة سفينة تدريب حربية متطورة للقوات المسلحة القطرية.
وفيما يخص العلاقات التركية الإماراتية، تحاول أنقرة استغلال التحسّن الذي طرأ على العلاقات مع أبوظبي في استلام زعيم المافيا التركية الهارب إلى الإمارات، والذي جرى استخدامه في الإساءة إلى أركان النظام الحاكم.
أما العلاقات التركية السعودية فمازالت تعاني من تباطؤ مسار التطبيع، رغم الإشارات الإيجابية التي تصدر عن الطرفين بين الحين والآخر.
- العلاقات العسكرية التركية القطرية
تشهد العلاقات بين تركيا وقطر تطورًا متناميًا على جميع المستويات، خاصّة العسكرية، التي يتواصل التعاون فيها منذ توقيع اتفاقية التعاون العسكري التي صدق عليها البرلمان التركي في 2017، ونصّت على تشكيل آلية من أجل تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري، والصناعات الدفاعية، والمناورات المشتركة، وتمركز القوات المتبادل بين الجانبين.
وبموجب الاتفاقيات العسكرية الموقعة بين البلدين، توجد لتركيا قاعدة عسكرية في قطر، وهي قاعدة الريان، التي أقيمت في عام 2014، ثم افتتح المقر الجديد لقيادة القوات المشتركة التركية القطرية نهاية عام 2019، وأُطلق عليها قاعدة خالد بن الوليد.
في هذا السياق، عقدت اللجنة العسكرية التركية القطرية العليا اجتماعها الرابع في العاصمة التركية أنقرة، في 2 مارس/آذار، وتناول الاجتماع ملفات متعلقة بتعزيز التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات العسكرية.
ترأس الاجتماع من الجانب التركي رئيس هيئة أركان القوات المسلحة التركية، الفريق الركن الأول يشار غولر، فيما ترأسه من الجانب القطري، رئيس أركان القوات المسلحة القطرية، الفريق الركن سالم بن محمد النابت[25].
وتعد اللجنة العسكرية العليا القطرية، أحد أوجه التعاون بين أنقرة والدوحة في مختلف المجالات، ولا سيما العسكرية والسياسية. وفي إطار هذا التعاون، وقع الطرفان في آذار/مارس من 2021، اتفاقيات للتعاون العسكري بينهما.
وفي إطار التعاون العسكري المشترك، كانت تركيا قد سّلمت قطر سفينة “الشمال” المسلحة لأغراض تدريبية، بحضور وزيريْ الدفاع التركي خلوصي أكار والقطري خالد بن محمد العطية.
وقد دشن الوزيران السفينة المذكورة في حوض بناء السفن (الأناضول) في مدينة إسطنبول، في 25 فبراير/شباط، وهي من طراز (QTS-92)، وتعد من أكبر سفن التدريب في العالم، كما تشكل رافدًا مهمًا للقوات البحرية الأميرية القطرية في مجال التدريب من خلال القدرات التدريبية العالية المزوَّدة بها[26].
في الكلمة التي ألقاها قائد الأكاديمية البحرية القطرية، العميد الركن خالد ناصر الهاجري، أعرب عن شكره للقوات المسلحة التركية لمساهمتها في بناء السفينة، وأشار إلى أنّ الدولتين تركيا وقطر بقيادة الرئيس رجب طيّب أردوغان والأمير تميم بن حمد آل ثاني، نفذتا سوية مشاريع مهمة، وأعرب عن سعادته لامتلاك البحرية القطرية سفينة الشمال المزودة بأحدث التقنيات التكنولوجية[27].
- المطالبة باستلام زعيم المافيا من الإمارات
جددت تركيا مطالبها لدولة الإمارات بتسليمها زعيم المافيا التركية الهارب إليها، سادات بيكر، وذكرت وكالة رويترز أن وزارة العدل التركية أرسلت طلبًا إلى أبوظبي لاحتجاز بيكر وترحيله إلى أنقرة[28]، وذلك بعد أن أصدرت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول)، نشرة حمراء لملاحقته.
وقالت وزارة العدل في بيان إن خطابها شمل معلومات تخص بيكر، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من الإنتربول، لارتكابه جرائم منظمة، للمطالبة باعتقاله.
صدرت بحق سادات بيكر مذكرة توقيف دولية في 194 دولة بعد قرار اعتقال صدر عن محكمتين جنائيتين تركيتين لاتهامه في جرائم قتل وابتزاز وسرقة وتزوير وتكوين منظمة إجرامية.
وكانت الأجهزة الأمنية التركية قد كثفت في السنوات الأخيرة حملاتها على التنظيمات المحظورة وعصابات المافيا والمخدرات، وسُجّل لوزير الداخلية، سليمان صويلو، نجاحه في هذه المهمة، وهو ما دفع بعض الأطراف للتنبؤ بأن يكون خليفة أردوغان في حزب “العدالة والتنمية”.
وقد أثار بيكر ضجة كبيرة في المجتمع التركي بسبب مقاطع فيديو قام بنشرها على صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي، هاجم فيها شخصيات حكومية وحزبية كبيرة، على رأسها الوزير صويلو.
وفي تعليقه على استهدافه شخصيًّا من جانب بيكر، قال صويلو: “منذ عام 2016، تلقت التنظيمات المحظورة في تركيا أقسى أنواع الضربات الأمنية والعسكرية، سواء حزب “العمال الكردستاني”، أو “غولن”، أو تنظيم “داعش”، ووصلت إلى وضع صعب بشكل غير مسبوق، وهذا النجاح النادر للحكومة يقابله رفض من هذه الأطراف والجهات الداعمة، وبما أنه- أي صويلو- كان على رأس وزارة الداخلية، فإنه استهدف بهذه النجاحات”[29].
وذكرت موقع “إنتلجنس أونلاين” المتخصص في الشؤون الاستخباراتية أن القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، المقيم في الإمارات، ومستشار ولي العهد الإماراتي، استغل بيكر في مهاجمة الرئيس أردوغان وكبار المسؤولين في حكومته وحزبه الحاكم، بعد أن سهل له جزءًا من رحلة هروبه من تركيا إلى الإمارات[30].
تأتي المطالب التركية بتسليم بيكر الهارب إلى الإمارات بعد زيارة قام بها الرئيس التركي أردوغان إلى الإمارات، بعد التحسّن الملحوظ في العلاقات بين أنقرة وأبوظبي إثر طي خلافات الماضي حول قضايا المنطقة، والتطور الكبير والمتسارع للعلاقات بين البلدين منذ زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد إلى العاصمة التركية أنقرة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
- تباطؤ التطبيع التركي السعودي
مازالت عملية التطبيع بين أنقرة والرياض تراوح مكانها، رغم الرسائل الإيجابية التي تصدر عن الجانبين، خاصّة الجانب التركي، والتي كان آخرها تصريح الرئيس أردوغان، في حواره مع الصحفيين أثناء توجهه إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، في 22 فبراير/شباط، حيث أعرب عن رغبة بلاده في تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
ولفت أردوغان إلى الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، العام الماضي، وإلى زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو للرياض أيضًا، ولقائه نظيره السعودي فيصل بن فرحان. وأضاف: “نريد تعزيز علاقاتنا مع السعودية، ونرغب في دفع حوارنا الإيجابي معها قدمًا بخطوات ملموسة في الفترة المقبلة”[31].
ولكن ثمّة ما يشير إلى أن النظام السعودي، ممثلًا في ولي العهد، محمد بن سلمان، مايزال مترددًا في تطبيع العلاقات بين البلدين، والتي شهدت توترًا كبيرًا بعد ثورات الربيع العربي، وزادت توترًا بعد أزمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، واتهامه بالوقوف وراء هذه الجريمة التي أساءت لسمعة النظام السعودي، وتطارد بن سلمان حتى الآن.
فبعد أن صرح الرئيس أردوغان في تسجيل بُث على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يذكر اسم الشخص: “إنه ينتظرني في فبراير. لقد تعهد، وأنا سأقوم بزيارة للسعودية في فبراير”، مر فبراير/شباط، ولم يزر أردوغان السعودية، دون تفسير من الطرفين.
وقبلها، ترددت تكهنات حول اجتماع منتظر بين أردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته لقطر في ديسمبر/كانون الأول 2021، ولم يُعقد الاجتماع في ذلك الوقت.
هذا في الوقت الذي استقبلت فيه الرياض الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسياديس، في 1 مارس/آذار، في ثاني زيارة يقوم بها للمملكة خلال عامين، وهو ما يدل على اهتمام النظام السعودي بقبرص اليونانية التي تشكل قضيتها بؤرة من بؤر التوتر بالنسبة لتركيا في محيطها الأوروبي، وتعد عنصرًا ثابتًا في أيّ تحالف معاد للسياسة التركية.
ومع ذلك فإن صحيفة “حريّت” التركية نشرت تقريرًا للصحفي عبدالقادر سيلفي، قال فيه إن أردوغان قد يزور السعودية في رمضان المقبل، وأضاف أن تركيا أظهرت موقفها تجاه مقتل الصحفي جمال خاشقجي، لكن هناك اتجاه بعدم السماح للقضية بتسميم العلاقات بين البلدين.
وكانت الصحيفة قد نقلت في تقرير سابق، عن مصدر تركي، أن مباحثات دبلوماسية تجرى مع المملكة، وكان هناك خلاف بشأن قضيتين (لم يوضحهما المصدر)، مشيرًا إلى أنه تمّ التوصل إلى حل بشأنهما، وقريبًا ستنتقل العلاقات التركية السعودية إلى بعد جديد[32].
الدفتر الخامس: تركيا وفلسطين والكيان الصهيوني
جددت تركيا تمسّكها بدعم القضية الفلسطينة العادلة والسعي لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط على أساس حَلّ الدولتين، وهو ما استبقت به أنقرة زيارة رئيس الكيان الصهيوني لها، حيث زار وفد تركي رفيع المستوى الأراضي الفلسطينية والتقى مسؤولين فلسطينيّين، حيث أكد لهم الموقف التركي الثابت من دعم الشعب الفلسطيني، وذلك في إطار إزالة المخاوف من أي تغيّر قد يطرأ على العلاقات التركية الفلسطينية بسبب التقارب مع دولة الاحتلال.
- الالتزام التركي بدعم الفلسطينيين وحَلّ الدولتين
زار وفد تركي كبير الكيان الصهيوني في 16 فبراير/شباط، في إطار الاعداد لزيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لأنقرة. وكان على رأس الوفد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، وضمّ نائب وزير الخارجية التركي، السفير سادات أونال.
وفي بيان للخارجية الإسرائيلية، ذكرت أن الوفد ناقش الاستعدادات لزيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا، وكذلك العلاقات الثنائية بين البلدين ومختلف القضايا الإقليمية. واتفق الجانبان على أن إعادة العلاقات الثنائية يمكن أن تسهم في الاستقرار الإقليمي، حيث أن تركيا وإسرائيل لديهما نفوذ كبير في المنطقة[33].
وخلال زيارته للقنصلية التركية في القدس المحتلة، صرح إبراهيم قالن بأن بلاده ستواصل الدعم والمساعدة لتحقيق حَلّ الدولتين وتحسين ظروف الشعب الفلسطيني. وأوضح أنه سيبحث مع نظيريه الفلسطيني والإسرائيلي الخطوات الواجب اتخاذها لحَلّ القضية الفلسطينية. وأضاف: “سنواصل المساعدة والدعم لتحقيق حَلّ الدولتين وتحسين ظروف الشعب الفلسطيني، كما تعلمون تركيا وقفت دائمًا إلى جانب الشعب الفلسطيني”. وأكد أن هدف تركيا في سياق القضية الفلسطينية بشكل عام هو بناء نظام إقليمي يضمن السلام والاستقرار ويعطي الأولوية للأمن والحرية والازدهار للجميع، ولهذا السبب، ستواصل زيادة الجهود والعمل في هذا الاتجاه تحت قيادة الرئيس أردوغان[34].
كانت المحطة الثانية للوفد التركي هي رام الله، حيث التقى برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عبّاس، ونقل له تحيات الرئيس أردوغان وتمنياته الطيبة، وأكد له على “الموقف التركي الثابت تجاه دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”. كما شدد الوفد على “حرص الرئيس أردوغان والقيادة التركية على تعزيز العلاقات الثنائية المميزة مع فلسطين، وتوطيدها بما يخدم المصالح المشتركة للجانبين الفلسطيني والتركي”[35].
وبدوره، ثمّن عبّاس مواقف تركيا السياسية تجاه القضية الفلسطينية وشعبها في المحافل الدولية كافة، والتي تعبّر عن وقوف تركيا حكومة وشعبًا إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال. وأطلع مبعوث الرئيس التركي على آخر مستجدات القضية الفلسطينية، والجهود التي تقوم بها القيادة الفلسطينية لمواجهة ممارسات الاحتلال ومستوطنيه العنصرية والقمعية، وخاصّة في مدينة القدس، مشددًا على رفض الأعمال الاستيطانية وإرهاب المستوطنين والرفض القاطع للاعتداءات على الأقصى، وطرد الفلسطينيّين من أحياء القدس وهدم البيوت وغير ذلك من الأعمال الأحادية التي تدمر جهود صنع السلام[36].
وفي سياق متصل، قال الرئيس أردوغان، خلال مؤتمره الصحفي مع رئيس الكيان الصهيوني، في 9 مارس/آذار، إنه أعرب لهرتسوغ عن حساسية القضية الفلسطينية لتركيا وأكد له على حَلّ الدولتين. وأشار أردوغان إلى أنه شدد في حديثه مع نظيره الإسرائيلي على ما تُولِيه تركيا من أهمية للمكانة التاريخية للقدس والحفاظ على الهُوية الدينية للمسجد الأقصى وقدسيته[37].
كما أكد الرئيس التركي على أهمية تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين، وأن بلاده تنتظر دعم السلطات الإسرائيلية من أجل استمرار أنشطة المنظمات التركية التي تنفذ مشاريع إنسانية للشعب الفلسطيني مثل “تيكا” والهلال الأحمر التركي.
- زيارة رئيس الكيان الصهيوني لأنقرة
أجرى رئيس الكيان الصهيوني، يتسحاق هرتسوغ، زيارة رسمية للعاصمة التركية أنقرة، في 9 مارس/آذار، التقى خلالها الرئيس التركي أردوغان، وهي الزيارة الأولى لرئيس إسرائيلي إلى تركيا منذ 2008.
وعقب المباحثات بين الطرفين، قال الرئيس أردوغان في مؤتمر صحفي إن تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية مهم جدًّا لنشر الاستقرار والسلام في المنطقة، مضيفًا أنه يعتقد أن “الزيارة التاريخية” للرئيس الإسرائيلي ستكون نقطة تحول جديدة في العلاقات بين الجانبين.
وأضاف أنه أبلغ هرتسوغ بأن لدى الجانبين القدرة والمعرفة للتعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والدفاع، مشيرًا إلى زيارة “تحمل أهمية كبيرة” سيقوم بها وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي إلى إسرائيل.
وفي الجانب الاقتصادي، ذكر الرئيس التركي أن حجم التبادل التجاري بين بلاده وإسرائيل سجل العام الماضي زيادة بنسبة 36 بالمئة، ليبلغ 8.5 مليار دولار، معربًا عن ثقته في زيادة قيمته إلى 10 مليارات[38].
بدوره، ذكر هرتسوغ أنه يعتقد أن العلاقات مع تركيا ستقوم على “الاحترام المتبادل” من الآن فصاعدًا، وقال: “علينا التوافق مسبقًا على أنه لا يمكننا الاتفاق على كل شيء، وهذا أمر طبيعي في علاقة مثل علاقتنا ذات التاريخ الغني، وسنحاول حل الخلافات من خلال التطلع إلى المستقبل”.
وشعبيًّا، شهدت تركيا مظاهرات ووقفات احتجاجية رافضة لزيارة الرئيس الإسرائيلي، حيث أحرق ناشطون أتراك أعلامًا إسرائيلية معلقة في طريق المطار الذي هبطت فيه طائرة هرتسوغ بأنقرة، ورفعوا بدلًا منها أعلام فلسطين. كما نظمت مؤسسات مجتمع مدني إسلامية مظاهرات في أنقرة وإسطنبول ومحافظات تركية أخرى احتجاجًا على الزيارة.
وفي وقفة تمّت أمام السفارة الإسرائيلية في أنقرة، ردد المتظاهرون هتافات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، حاملين صور الشهداء الأتراك الذين فقدوا حياتهم برصاص الجنود الإسرائيليّين على متن سفينة “مافي مرمرة”، ثم أحرقوا العلم الإسرائيلي[39].
وقد نقلت وسائل إعلام عبرية بعض التقديرات الإسرائيلية التي تشير إلى أن تركيا ليست جدية بتوجهاتها نحو إسرائيل، وإنما هي تكتيكية لأغراض انتخابية، وتحسين الوضع الاقتصادي، وتقريب المسافات مع واشنطن. وقالت صحيفة معاريف إن بعض الأصوات الرافضة لاستعادة العلاقات مع تركيا تستند إلى تاريخ طويل من العداء معها، بدءًا من تصويتها ضد مشروع التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947. ولفتوا إلى أنه كلما اندلعت حرب إسرائيلية مع الفلسطينيّين والعرب، كان الأتراك يدعمون “أعداء” إسرائيل، وصوتوا لصالح قانون “الصهيونية مساوية للعنصرية”، ويتبنون مواقف حماس ضد “إسرائيل”. ونقلت الصحيفة عن عضو الكنيست، آرييه إلداد، أنه “منذ أن جاء أردوغان -الذي يكره إسرائيل- إلى الحكم، دخلت العلاقات أطوارًا مختلفة من التوترات المتلاحقة، فطرد السفير مرارًا من أنقرة، بجانب رحلة سفينة مرمرة لرفع حصار غزة، ولم يتردد الأتراك في وصفنا بأننا نازيّون”[40].
وكان يتسحاق هرتسوغ قد استبق زيارته لتركيا بزيارة إلى اليونان وقبرص اليونانية. وأكد خلال الزيارة على أهمية التحالف الإستراتيجي مع كل من البلدين. وقال إن زيارته ستعزز هذا التحالف، إضافة إلى تقوية العلاقات الثنائية الإستراتيجية.
وجاءت زيارة هيرتسوغ لليونان وقبرص، لتسبق بشكل متعمّد زيارته المقررة إلى تركيا، وبغرض طمأنة البلدين بأن تحسن العلاقات بين تلأبيب وأنقرة، لن يكون على حساب العلاقات مع أثينا ونيقوسيا[41].
الدفتر السادس: تركيا وإفريقيا
تحظى إفريقيا بأهمية كبيرة في العلاقات التركية الخارجية، وذلك منذ أن أطلق الرئيس التركي أردوغان، سياسة “إفريقيا الإستراتيجية”، في عام 2003. واكتسبت العلاقات التركية الإفريقية مزيدًا من الزخم بعد أن صارت تركيا عضوًا مراقبًا في الاتحاد الإفريقي عام 2005، ثم شريكًا إستراتيجيًّا في 2008.
وتنطلق تركيا في علاقتها مع القارة الإفريقية من منطلق عدم الاستغلال، على عكس الدول الأوروبية، حيث يبني الأتراك شراكتهم مع أي بلد أفريقي على أساس المصالح المتبادلة، مستفيدين في ذلك من تاريخهم الذي يخلو من أي ماض استعماري بغيض للدول الإفريقية، وهو ما عبر عنه أردوغان بقوله إن “تركيا سعت إلى تعزيز تعاونها على أساس الشراكة المتساوية والربح المشترك، ورفضت دومًا النظر إلى القارة بنظرة تفوح منها رائحة العلو والاستفراد بالنبل والاستشراق”[42].
وفي هذا الإطار، تأتي جولات الرئيس التركي لدول إفريقيا، التي تحرص على مد جسور التعاون مع أنقرة في جميع المجالات.
- جولة أردوغان في إفريقيا
قام الرئيس التركي، رجب طيّب أردوغان، بجولة إفريقية بين 20 و23 فبراير/شباط، زار خلالها الكونغو الديمقراطية والسنغال، وكان من المقرر أن يستكملها بزيارة غينيا بيساو، إلا أنه قطع جولته، وعاد إلى أنقرة بعد أن شنت روسيا الحرب على أوكرانيا.
كانت المحطة الأولى لأردوغان هي الكونغو الديمقراطية، والتي شهدت توقيع البلدين 7 اتفاقيات في مجالات مختلفة، شملت المجالات العسكرية، والمالية، والصناعات الدفاعية، والبناء، والنقل[43].
وعلى هامش الزيارة، صرح أردوغان بأن تركيا تعمل على المساهمة في تنمية إفريقيا بتفاهم مريح للجانبين، وتحقيق إنجازات من خلال زيادة حجم التجارة المتبادلة. وتساءل عن سبب عدم تحقيق الكونغو لقفزة حتى الآن رغم امتلاكها لثروات خطيرة، من النحاس إلى الماس، مضيفًا: “لسوء الحظ، هذا هو المصير السيء لإفريقيا، لطالما سمعنا كيف كان الغرب يسرق إفريقيا، ولكن حين تراه مباشرةً تصاب بالذهول، أحوال الناس هنا توضح ذلك، ألا يستطيع الغرب فعل أي شيء إيجابي بشأن هذا المكان حتى الآن؟”[44].
وفي المحطة الثانية، وهي السنغال، وقع البلدان 5 اتفاقيات تعاون في مجالات البروتوكولات الدبلوماسية والإعلام والأمن والدفاع والملاحة البحرية والشباب والرياضة[45]. وعلى هامش الزيارة، شارك الرئيس أردوغان في افتتاح ملعب داكار الأوليمبي الذي تولت شركة تركية أعمال إنشائه.
وقد أكد أردوغان على مكانة السنغال الخاصّة لدى تركيا، وأن داكار تعد جسر وصل بين أنقرة والشعوب الإفريقية. وبدوره، أشاد الرئيس السنغالي، ماكي سال، بعمل الشركات التركية المشرفة على إنجاز العديد من المشاريع في بلاده، داعيًا إلى المزيد من الاستثمارات التركية في السنغال[46].
جدير بالذكر أن مدينة إسطنبول التركية، استضافت في الفترة من 16 إلى 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، أعمال القمة الثالثة للشراكة التركية الإفريقية، والتي عقدت بمشاركة 38 دولة، تحت شعار: “تعزيز الشراكة من أجل التنمية والازدهار المشترك”.
- دعوات إفريقية للتعاون مع تركيا
يرى الخبراء أن العلاقات التركية الإفريقية في تطور مستمر بفضل الحضور القوي في إفريقيا من خلال الفعاليات التي تقوم بها المؤسسات الرسمية، كوكالة التعاون والتنسيق التركية، ووقف المعارف، ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، ومعهد يونس أمره الثقافي، ووقف الديانة، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الأعمال الذين يلعبون دورًا مهمًّا في تطوير سياسات تركيا تجاه إفريقيا وتنمية العلاقات معها.
ويظهر أثر ذلك في تزايد عدد السفارات التي تفتتحها أنقرة في إفريقيا، والزيادة السريعة في حجم التبادل التجاري مع دولها، خاصّة وأن المنتجات التركية تتميز بجودة عالية مقارنة بالمنتجات الآسيوية وأسعار تنافسية مقارنة بمنتجات دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقد توالت في الفترة الماضية الدعوات من جانب دول إفريقية عديدة للتعاون مع تركيا، فقد دعت نيجيريا تركيا إلى الاستثمار في أصول البترول والغاز الطبيعي. جاء ذلك على لسان وزير الدولة النيجيري للموارد النفطية، تيميبرا سيلفا، الذي أكد أن بلاده منفتحة لاستقبال المزيد من المستثمرين الأتراك في قطاع الهيدروكربون. وأوضح أنه مع انسحاب شركة “IOC” الدولية للنفط من نيجيريا، ظهرت فرص تعاون جديدة بين أنقرة وأبوجا في هذا المجال[47].
وفي 15 مارس/آذار، أعربت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية والتكامل الإفريقي والجاليات في كوت ديفوار، كانديا كامارا، عن رغبة بلادها في زيادة التعاون وتطوير العلاقات مع تركيا.
وقالت الوزيرة الإفوارية في مؤتمر صحفي جمعها بوزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو: “نرغب في زيادة التعاون مع تركيا، ونحتاج إلى دعمها. ندعوكم لبلدنا لدعم رغبة كوت ديفوار في التنمية”. وأضافت أن كوت ديفوار تثق بتركيا وإمكانية تحقيقها لمشاريع كبيرة في بلدها الذي يحتاج إلى بناء جسور وسدود ومستشفيات ومدارس وجامعات لتحسين الظروف المعيشية. وأعربت عن تطلع بلادها في رفع حجم التبادل التجاري إلى مليار دولار[48].
وكانت وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى، سيلفي بايبو تيمون، قد لفتت إلى أن الشراكة والتعاون بين إفريقيا وتركيا، يُعتبران أحد الأهداف الإستراتيجية بالنسبة لبلادها التي تتمتع بموارد وإمكانيات غنية، وموقع إستراتيجي مهم في القارة الإفريقية. ودعت المستثمرين الأتراك لتقييم الفرص المتاحة، ورؤية الإمكانيات على أرض الواقع[49].
يُذكر أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإفريقيا تجاوز 25.3 مليار دولار في 2020، وترغب أنقرة في الارتقاء به إلى 50 مليار دولار أولًا، ثم إلى 75 مليار دولار. وتتولى الشركات التركية أكثر من 1150 مشروعًا في القارة الأفريقية، بقيمة 70 مليار دولار تقريبًا، على أساس الشراكة المتساوية والربح المتبادل. وتوفر هذه الشركات فرص عمل لعشرات الآلاف من أبناء القارة[50].
الدفتر السابع: تركيا وأوروبا
تعد الحرب الروسية الأوكرانية الحدث الأبرز في علاقة تركيا بأوروبا في الفترة الماضية، حيث شهدت تحركات دبلوماسية تركية متتالية من أجل إنهائها، عبر سياسة الحياد الإيجابي الذي يتيح لأنقرة التواصل مع جميع أطراف الأزمة لتقريب وجهات النظر.
ورغم العلاقات الوثيقة بين تركيا وأوكرانيا، إلا أن طلب الأخيرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وترحيب الاتحاد بذلك، أثار غضب أنقرة، التي تتهم دول الاتحاد بالكيل بمكيالين في التعامل مع الطلب التركي للانضمام.
أما فيما يخص العلاقات التركية اليونانية، التي يغلب عليها التوتر، فقد شهدت بعض التقارب، من خلال زيارة رئيس الوزراء اليوناني لأنقرة، وعقد الاجتماع الثالث، ضمن آلية “الأجندة الإيجابية”.
- موقف تركيا من الحرب الروسية الأوكرانية
وضعت الحرب تركيا في موقف حرج، فهي بين خيارين أحلاهما مر: أولهما الاصطفاف الكامل مع أميركا والغرب، انتهازًا للفرصة التي سنحت لها من أجل إثبات أهمية دورها كعضو فاعل في حلف الناتو وشريك لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للغرب، تلك الفرصة التي يمكن أن تخفف من حدة التوتر بين أنقرة والعواصم الغربية، وتغير سياسة واشنطن بشأن تسليح الجيش التركي. وثانيهما التمسُّك بالعلاقات القوية مع روسيا، لضمان المحافظة على التوزانات القائمة في مناطق الصراع في سوريا وليبيا وأذربيجان من ناحيةٍ، والإبقاء على الورقة الروسية التي تلجأ إليها أنقرة في تخفيف الضغوط الغربية من ناحيةٍ أخرى. وهو ما يمكن أن يُعرضها لضغوط شديدة من جانب أميركا والغرب، في وقتٍ تسعى فيه الحكومة لتركية إلى تصفير مشاكلها الداخلية والخارجية قبل الاستحقاق الانتخابي القادم.
هذا بالإضافة إلى خشية تركيا على مصالحها في أوكرانيا، بعد أن وصلت العلاقات بينهما إلى حد الشراكة الإستراتيجية، خاصة في المجال العسكري، حيث تزود أنقرة كييف بالطائرات المُسيّرة في مقابل حصولها على محركات تحتاجها في الصناعات الدفاعية، وهي علاقة إستراتيجية مهمة في ظل حظر عدد كبير من الدول تصدير هذه المحركات وغيرها إلى تركيا، وأي احتلال لأوكرانيا أو قيام نظام حكم موال لموسكو يعني تعرض إستراتيجية تركيا لأضرار[51].
ولهذا تخطو تركيا في تعاملها مع الأزمة الأوكرانية بحذر، تحسبًا لما يمكن أن تسفر عنه الحرب، ففي حال تعثر الغزو الروسي بطريقةٍ ما وتمكنت أوكرانيا من الحفاظ على استقلالها، ستحتفظ تركيا بمكانتها في الناتو وستواصل الانخراط في التعاون الاقتصادي مع كل من أوكرانيا وروسيا.
وإذا نجحت روسيا وبَدَا حلف الناتو بلا أنياب، فإن النخبة التركية ستراه دليلًا جديدًا على ضعف الغرب وستجري حسابات إقليمية طويلة المدي وفقًا لذلك[52].
ولكن في حالة انتصار الروس في هذه الحرب، وفشل العقوبات الغربية في ردع النظام الروسي، فإن ذلك سوف يعزز الوجود الروسي على شريط أوسع في البحر الأسود، ويقوّض من توازن القوى في تلك المنطقة الحيوية، ويُميل الكفّة إلى موسكو بما يشكّل تهديدًا حقيقياً لتركيا. وسوف تتجاوز تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا شرق أوروبا، لتصل إلى الدول الصغيرة على حدود تركيا والقريبة جغرافيا من روسيا، لأنها سوف تصبح في وضع أضعف، وستخشى اتباع سياسات لا تتماشى مع الأجندة الروسية، وهذا قد يُضعِف من موقف أنقرة في القوقاز وآسيا الوسطى أيضًا بعد الإنجازات التي كانت قد حققتها في السنوات القليلة الماضية في تلك المناطق.
هذا بالإضافة إلى المتاعب التي يمكن أن تواجه تركيا من جانب حلفاء روسيا في مناطق النزاع ، في سوريا وليبيا، حيث من المتوقع في حالة فشل الإجراءات الرامية لمعاقبة موسكو، أن ينتشي هؤلاء الحلفاء بغزوها لأوكرانيا، وأن يكتسبوا المزيد من الثقة في مواقفها الخارجية، لاسيما في سوريا[53].
لجأت أنقرة – حتى الآن – إلى التوازن في رد فعلها على الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث أدانت التدخل العسكري، وأكدت على وحدة الأراضي الأوكرانية، ولكنها لم تصطف بشكل حاد إلى جانب أي طرف رغم رفضها الحرب بشكل قاطع، ورفضت المشاركة في العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، ومازالت على تواصل مستمر مع روسيا وأوكرانيا، من خلال الاستمرار في جهود الوساطة بينهما، لوقف الحرب والدخول في هدنة تمهد لحوار[54].
وكان عقد اللقاء الثلاثي بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وأوكرانيا على الأراضي التركية، هو أعلى مستوى من التواصل المباشر بين موسكو وكييف منذ بداية الأزمة واشتعال الحرب.
- اجتماع “الأجندة الإيجابية” في أثينا
على الرغم من أجواء التوتر التي تخيم على العلاقات التركية اليونانية بسبب عديد الملفات التي تختلف عليها الدولتين، استضافت العاصمة اليونانية أثينا، في 21 فبراير/شباط، اجتماع العمل الثالث في إطار حوار “الأجندة الإيجابية”، حول القضايا الاقتصادية والتجارية بين تركيا واليونان. وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان أن الاجتماع عقد برئاسة نائب وزير الخارجية التركي، السفير سادات أونال، ونائب وزير الخارجية اليوناني، كوستاس فراغويانيس.
وأفادت مصادر دبلوماسية تركية أن الاجتماع جرى في أجواء ودية، مشيرة إلى أن الطرفين رحّبا بالتقدم المحرز حتى الآن في مواد محددة بالـ”الأجندة الإيجابية”. وأشارت إلى أنه يأتي على رأس المواد المذكورة بدء المفاوضات لتوقيع مذكرة تفاهم بين مكتب الاستثمار في الرئاسة التركية و”إنتربرايس اليونان”، والاعتراف بشكل متبادل بوثائق لقاحات كورونا، وإحياء أنشطة اللجنة السياحة المشتركة، واجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة. ولفتت إلى أن الاجتماع تناول مسألة تعزيز التعاون في التجارة وعلاقات العمل بين البلدين والنقل والاتصالات والمشاكل البيئية[55].
وفي سياق مرتبط بالتواصل التركي اليوناني، زار رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكس، أنقرة، في 13 مارس/آذار، وتناول اللقاء الذي جمعه بالرئيس التركي أردوغان العلاقات الثنائية وآخر التطورات الجيوسياسية بالمنطقة إلى جانب تطورات الحرب الروسية الأوكرانية[56].
وتعليقًا على الزيارة، قال رئيس الوزراء اليوناني إنه تمّ إرساء الأسس لتحسين العلاقات الثنائية مع الرئيس التركي أردوغان.
وبحسب بيان صادر عن رئاسة الوزراء في اليونان، ذكر ميتسوتاكيس أن البلدين يواجهان خلال هذه الفترة العديد من المشاكل، وأنهما اتفقا على أنه من الأهمية بمكان التركيز على المشاكل التي توحدهما عوضًا عن تلك التي تفرقهما.
وتابع: “أعتقد أنه يمكننا إحراز تقدم كبير في الأشهر المقبلة، وإذا سارت الأمور على ما يرام، يمكننا في الخريف عقد مجلس التعاون رفيع المستوى في اليونان”. ولفت أن ثمّة خلافات في وجهات النظر بين تركيا واليونان لا يمكن التوافق عليها خلال وقت قصير. وأردف: “أعتقد أننا وضعنا الأسس لتحسين العلاقات الثنائية والتعاون لا سيما فيما يتعلق بالمشكلات الكبرى التي نواجهها حاليًّا”[57].
لقيت الزيارة ترحيبًا واسعًا من عالم الأعمال في تركيا، خاصّة في هذه الفترة الحساسة التي يشهد فيها العالم حربًا روسية أوكرانية. وأشار رئيس مجلس الأعمال التركي اليوناني، لفنت صادق أحمد، أن تقوية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ستزيد من شجاعة عالم الأعمال، وستكون عامل تحفيز مهم لرجال الأعمال من البلدين، الذين يرغبون في رفع التبادل التجاري إلى 7 مليارات دولار[58].
جدير بالذكر أن العلاقات التجارية بين البلدين لا تعبر عن مدى التوتر المستمر بينهما، فحجم التبادل التجاري بين البلدين يتجاوز 5 مليارات دولار، وبلغت قيمة الصادرات التركية لليونان في 2021، 3,1 مليار دولار، بينما بلغت الواردات منها 2,2 مليار دولار.
وخلال الفترة بين 2002-2021 بلغت قيمة الاستثمارات اليونانية المباشرة في تركيا 7 مليارات دولار، ويشكل هذا الرقم حوالي 3,9 بالمئة من إجمالي الاستثمارات الدولية المباشرة التي نُفِذت في تركيا خلال الفترة المذكورة.
- عضوية الاتحاد الأوروبي والكيل بمكيالين
انتقد الرئيس التركي أردوغان بشدة موقف الاتحاد الأوروبي من عضوية بلاده في الوقت الذي قرر البت في طلب أوكرانيا بشأن الانضمام إلى الكتلة.
وقال أردوغان، خلال مؤتمر صحفي: “نقدّر خطوة الاتحاد الأوروبي بشأن بحث انضمام أوكرانيا إليه، ونحن لن نملي على الاتحاد الأوروبي ما إذا كان سيقبل انضمامها أم لا”.
ومع ذلك، أضاف “لكن، لماذا يقلق الاتحاد الأوروبي حيال عضوية تركيا؟ لقد طلبت تركيا منذ زمن العضوية في الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تصبح عضوًا حتى الآن”[59].
وطالب أردوغان الاتحاد الأوروبي بمعاملة تركيا نفس معاملة أوكرانيا، دون انتظار أن “تضربها حرب”. وقال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة كوسوفو، فيوزا عثماني، في 1 مارس/آذار: “أظهروا لتركيا نفس الحساسية التي تظهرونها لأوكرانيا”.
وأضاف أردوغان متحدثًا عن الوضع في أوكرانيا، وعن مطالبة كييف بانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي: “تمّ التصفيق (للرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي في البرلمان الأوروبي: هذا جيد جدًّا. تطَلَّب حصول كارثة لذلك… لكن تركيا لن تنتظر كارثة”[60].
كان الرئيس الأوكراني قد أعلن في 28 فبراير/شباط 2022، تقديمه طلبًا لضم بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، وقال: “إننا نناشد الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بانضمام أوكرانيا الفوري بموجب إجراء خاص جديد”.
ولقيت رغبة كييف تأييدًا من جانب رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسورلا فون دير لاين، التي دعت لدمج أوكرانيا في كافة فضاءات الاتحاد، وقالت: “بمرور الوقت، يجب أن تنضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، هذا البلد واحد منا، ونريد أن نراه في الأسرة الأوروبية”[61].
الدفتر الثامن: تركيا وأميركا
كانت الحرب الروسية الأوكرانية فرصة مناسبة لتركيا من أجل إثبات أهميتها كحليف للغرب وعضو في حلف الناتو، وهو ما عكسه حجم التواصل والتشاور والتنسيق بين أنقرة وواشنطن، الأمر الذي أتاح للرئيس التركي أردوغان أن يطالب نظيره الأميركي بايدن برفع العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا، حتى تتمكن بلاده من القيام بدورها المهم في إطار التحالف الغربي.
- المطالبة برفع العقوبات التركية عن تركيا
طالب الرئيس التركي، رجب طيّب أردوغان، الرئيس الأمريكي، جو بايدن، برفع العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا.
جاءت المطالبة التركية في سياق اتصال تليفوني بين الرئيسين، في 10 مارس/آذار، أكّد فيه الرئيس التركي لنظيره الأميركي أن الوقت قد حان لرفع العقوبات الأميركية غير العادلة على تركيا.
ونقل أردوغان للرئيس الأميركي أهمية أن تكون تركيا في موقع يسهل البحث عن حل في حال تفاقمت الأزمة الأوكرانية بشكل أكبر[62]، في إشارة إلى ضرورة رفع العقوبات المفروضة على تسليح الجيش التركي.
وأفاد أن تركيا تتطلع لاستجابة الولايات المتحدة وبأقرب وقت لطلبها الذي يتضمن شراء 40 طائرة جديدة، وتحديث طائرات الـ(F-16) في سلاح الجو التركي[63].
ويمكن تفسير التزامن بين المطالبة التركية برفع العقوبات والحرب الروسية الأوكرانية برغبة الرئيس التركي في انتهاز الفرصة الحالية، حيث تشعر أميركا وحلف الناتو بأهمية الدور التركي في الصراع الدائر في شرق أوروبا، وهو ما أكده قائد كلية الدفاع التابعة للحلف، الفريق أوليفييه ريتيمان، الذي قال إن أن تركيا من أكبر داعمي الحلف وصاحبة ثاني أكبر جيش بين الحلفاء، كما أن موقعها الجغرافي في منطقة يهتم بها الناتو كثيراً تزيد من أهميتها، وخاصّة في الوقت الحالي بسبب التطورات في أوكرانيا[64].
ولهذا أكد الرئيس التركي خلال اتصاله بنظيره الأميركي على محوريّة الدور التركي في الأزمة الأوكرانية، حيث أشار إلى نجاح الدبلوماسية التركية في تنظيم اجتماع ثلاثي بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وأوكرانيا في أنطاليا، وعَدّ ذلك نصرًا دبلوماسيًّا بحد ذاته.
وأشار أردوغان إلى أن وزيريْ خارجية روسيا وأوكرانيا جلسا على الطاولة وجهًا لوجه في أنطاليا بفضل قنوات الثقة التي فتحتها تركيا.
يُذكر أن واشنطن فرضت عقوبات على وزارتيْ الدفاع والطاقة بعد تدخل الجيش التركي في شمال سوريا لحماية المدنيين السوريين ومواجهة التنظيمات الإرهابية، في 2019. وشملت العقوبات وضع تعريفة جمركية مرتفعة على واردات أميركية، بهدف ضرب قطاع البناء الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد التركي.
كما فرضت واشنطن عقوبات على “إدارة الصناعات الدفاعية”، وهي الوكالة الحكومية التركية المكلفة بشراء الأسلحة، في 2020، لحيازة أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية من طراز (S-400).
وتشمل العقوبات حظرًا على جميع تراخيص وتصاريح التصدير الأميركية لصالح إدارة الصناعات الدفاعية، وتجميد الأصول الخاصّة بالدكتور إسماعيل دمير، رئيس إدارة الصناعات الدفاعية، ومسؤولين آخرين فيها، وفرض قيود التأشيرة عليهم.
وتعد تركيا أول حليف في الناتو يتعرض لعقوبات بموجب قانون مكافحة الدول المعادية لأميركا، من خلال قانون (كاتسا)، لعقدها صفقة مهمة مع شركة روزوبورن إكسبورت، وهي الكيان الرئيس لتصدير الأسلحة في روسيا، من خلال شراء نظام منظومة (S-400)[65].
وتحاول أنقرة منذ فترة إقناع واشنطن بالموافقة على صفقة طائرات حربية من طراز (F-16)، تريد أن تعوض بها صفقة الطائرات من طراز (F-35) التي ألغتها الولايات المتحدة بسبب شراء منظومة للدفاع الجوي من روسيا.
- التشاور والتنسيق حول الحرب في أوكرانيا
تزايدت وتيرة التشاور والتنسيق بين تركيا والولايات المتحدة منذ أن بدأت الحرب الروسية على أوكرانيا، وجاءت هذه المشاورات والتنسيقات على جميع المستويات بين البلدين.
كان أبرز مثال على اهتمام البلدين بالتنسيق في ظل هذه الأزمة الكبرى هو الاتصال الهاتفي الذي تمّ بين رئيسيْ البلدين، رغم الفتور الذي يخيم على علاقتهما.
فغداة شن روسيا الحرب على أوكرانيا، بحث وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، مستجدات الهجوم الروسي على أوكرانيا. وقالت الخارجية التركية إن تشاووشأوغلو شدد على أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا “انتهاك واضح للقانون الدولي، وأمر مرفوض لا يمكن قبوله”.
ومن جهة أخرى، قال متحدث الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن بلينكن تقدم بالشكر لتركيا جرّاء دعمها وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها[66].
وفي مطلع مارس/آذار، أجرى رئيس الأركان العامة التركية، الجنرال ياسر جولر، مكالمة هاتفية مع رئيس الأركان العامة الأميركية، الجنرال مارك ميلي، تبادل الطرفان فيها الآراء ووجهات النظر حول التطورات الجارية على الساحة الإقليمية والعالمية، بالإضافة إلى تقييم الأوضاع الحالية في أوكرانيا[67].
وفي 5 مارس/آذار، أعلنت تركيا والولايات المتحدة، دعمهما سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. وبحسب بيان صادر عن الخارجية التركية، فإن نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، قد بحث مع نظيرته الأميركية، ويندي شيرمان، التي زارت تركيا ضمن جولة في أوروبا والشرق الأوسط، العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، في مقدمتها الحرب الأوكرانية.
وخلال اللقاء، تمّ التأكيد على رفض الهجوم الروسي “غير المقبول”، والدعوة إلى وقفه. وجرى التشديد على أهمية التنسيق الوثيق من أجل إدارة التأثيرات متعددة الأبعاد للأزمة ودعم الحل الدبلوماسي[68].
وكانت الخارجية الأمريكية قد صرحت بأن شيرمان تبحث مع المسؤولين الأتراك “غزو بوتين المتعمد وغير المعقول وغير المبرر لأوكرانيا”، والمصالح المشتركة في دعم أوكرانيا[69].
وقد عكست التصريحات الأمريكية أهمية الدور التركي وتقدير الولايات المتحدة لما تتخذه أنقرة من خطوات منذ أن بدأت روسيا الحرب على أوكرانيا.
ففي 6 مارس/آذار، صرحت نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، أن بلادها تثق ثقة كاملة في تركيا بأنها ستنفذ اتفاقية (مونترو) بشكل مناسب، مضيفة: “لا نريد أن نرى مضيقي البسفور والدردنيل يتحولان إلى ساحة من الحرب”.
وأضافت: “تركيا حليفة مهمة في حلف الناتو، كما أنها تقدم مساعدات جادة لشعب أوكرانيا على الجانب الإنساني، إنها تحاول بذل قصارى جهدها من أجل شعب أوكرانيا. عرض الرئيس أردوغان على زيلينيسكي دعمه ومساعدته، حيث يعمل جاهدًا لإنهاء هذا الوضع. نحن ممتنون للقيادة التي أظهرتها تركيا والدعم المكثف الذي قدمته لحلفائها في الناتو”[70].
وفي جلسة خاصّة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بخصوص أوكرانيا، تطرقت فيها إلى قرار تركيا بخصوص اتفاقية مونترو، وَصَفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولان، منع مرور السفن الحربية عبر المضائق في إطار اتفاقية مونترو، مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأنه “خطوة قوية”[71].
الدفتر التاسع: تركيا والعالم التركي
أثبتت الأزمة الكازاخية، مطلع العام الجاري، ولجوء كازاخستان إلى روسيا لاستقدام قوات منها لاستعادة الأمن والقضاء على الاحتجاجات الشعبية وفرض الاستقرار، ضرورة الاهتمام بالتعاون العسكري بين تركيا ودول منظمة الدول التركية، وفي هذا الإطار عززت روسيا من تعاونها العسكري مع كازاخستان وقرغيزيا، من خلال الإنتاج المشترك للمعدات العسكرية أو تقديمها كمساعدات.
هذا في الوقت الذي واصلت فيه تركيا ريادتها للعالم التركي من خلال تبني قضايا الأتراك وتقديم المساعدة لهم في أمكان عديدة، نذكر منها إجلاء مجموعة من تتار القرم الفارين من الحرب في أوكرانيا، والمساعدة في إجلاء الآذريين، وٍتسليط الضوء على مجزرة خوجالي التي ارتكبها الأرمن في حق مسلمي أذربيجان في تسعينيات القرن الماضي، والتنديد بتجاهل المجتمع الدولي لها.
- التعاون الثنائي بين تركيا وكازاخستان
شهدت الفترة الماضية مزيدًا من التعاون بين تركيا وكازاخستان، كان أبرز مظاهره في 3 مارس/آذار، حينما شارك نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، في مراسم توقيع بروتوكولات تعاون في مجال التجارة والصناعة والطاقة والنقل والصحة والزراعة، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، وذلك على هامش الاجتماع الـ12 للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين[72].
وكان أقطاي قد وصل إلى كازاخستان بدعوة من رئيس الوزراء الكازاخي، علي خان إسماعيلوف، الذي أعلن عن استعداد بلاده للتعاون مع المستثمرين الأتراك في مجالات الموارد المعدنية والهندسة الميكانيكية والزراعة والطاقة المتجددة.
وأكد إسماعيلوف في كلمة له، خلال منتدى العمل التركي- الكازاخي الذي شهد توقيع 10 اتفاقيات بقيمة 472.6 ملبون دولار، أن تركيا تعتبر أحد شركاء التجارة والاستثمار الأكثر ثقة بالنسبة لكازاخستان، مبينًا أن حجم التجارة بين البلدين العام الماضي تجاوز 4.1 مليارات دولار. وأوضح أن حجم الاستثمار القادم من تركيا إلى بلاده سجل رقمًا قياسيًّا في السنوات الثلاثة الماضية رغم انتشار وباء فيروس كورونا.
ودعا إسماعيلوف رجال الأعمال الأتراك للتعاون مع الكازاخيّين في قطاع الموارد المعدنية، حيث تنفذ بلاده أنشطة لاستكشاف هذه الموارد غير المعالجة، وتمّ اعتماد تشريع بشأن استخدام الموارد الجديدة. وقال: “علاوة على ذلك، فإننا ننتظر المستثمرين الأتراك في مجالات واعدة مثل الهندسة الميكانيكية والزراعة والطاقة المتجددة”[73].
وفي إطار التعاون العسكري، أعلنت شركة “أوتوكار” التركية لصناعة المركبات العسكرية عن إنهاء الاختبارات اللازمة لبدء إنتاج مركبات قتالية مصفحة في كازاخستان.
وتخطط الشركة التي تعمل في كازاخستان منذ عام 2019 تحت اسم أوتوكار آسيا الوسطى، للتوسع والمساهمة في نمو الاقتصاد الإقليمي من خلال إنتاج معدات عسكرية ومدنية، وفقًا لمعايير حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وذكر مسؤولو الشركة أن جيش كازاخستان يستخدم منذ فترة طويلة منتجات الشركة، حتى قبل تأسيس فرع لها في كازاخستان قبل حوالي 3 سنوات، وأن الشركة تهدف إلى أن تكون قريبة من المستخدمين الحاليّين والمحتملين في آسيا الوسطى، وتسعى لتقديم الحلول المناسبة لهم من خلال فهم احتياجاتهم، وتلبية الاحتياجات الناتجة عن النمو في المنطقة بشكل عام وكازاخستان بشكل خاص[74].
وكانت الاختبارات اللازمة للمركبة القتالية المدرعة (آرما 8×8)، والمركبة المجنزرة (تولبار) قد تمّت من قبل خبراء عسكريين من القوات المسلحة الكازاخية، وأثبتتا قدرتهما على التكيف مع جميع الظروف.
جدير بالذكر أن الرئيس التركي أردوغان كان قد قرر المشاركة في القمة السادسة لمؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، المزمع انعقادها في العاصمة الكازاخية نور سلطان، خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وهو منتدى للحكومات لتحسين التعاون بهدف تعزيز السلام والأمن والاستقرار في آسيا.
- المساعدات العسكرية التركية لقرغيزيا
قدمت الحكومة التركية مساعدات عسكرية لوزارتيْ الدفاع والداخلية القرغيزيتين، تصمنت معدات عسكرية وفنية، عبارة عن حافلات ومعدات حماية وأسلحة وذخائر وسترات فولاذية ومحركات وقطع غيار، وذلك في إطار اتفاقية التعاون الموقعة بين البلدين.
وعلى هامش الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة، قال نائب وزير الدفاع القرغيزي، العقيد تالايبيك أوسوبالييف، إن “دعم تركيا سيسهم في حل المشاكل المتعلقة بالأمن العسكري”، وأن “هذه المساعدات دليل مباشر على المستوى العالي للتعاون بين دولنا وقواتنا المسلحة”.
وشدد أوسوبالييف أن “التعاون العسكري التقني، له دور فعال بتوسيع وتعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة، وله تأثير خاص على العلاقات المتبادلة بين قيرغيزيا وتركيا”. وأضاف “بفضل هذه المساعدات، أصبحنا قادرين على حل المشاكل الأمنية الأكثر إلحاحًا، وخصوصًا تلك المتعلقة بالتهديدات الحالية في أفغانستان”.
من جهته، قال السفير التركي في قيرغيزيا، أحمد صادق دوغان: “أتمنى أن تكون المعدات المقدمة للقوات المسلحة القرغيزية مفيدة، وتساهم بزيادة فرص التنقل والقتال والقدرة على البقاء وتعزز قدرات الدولة الصديقة والشقيقة قيرغيزيا”. وأشار إلى أن “القوات المسلحة التركية تقدم المعدات العسكرية والدعم المادي للقوات المسلحة القرغيزية كل عام”.
وأكد دوغان على استمرار تلقى أفراد الأمن القيرغيزي دورات تدريبية من قبل ضباط الشرطة الأتراك حول مكافحة الجرائم الإلكترونية، وأن الفترة المقبلة سوف تشهد دورات في مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة وفي مجال الاستخبارات[75].
وخلال اللقاء الذي جمع وزير الدفاع القرغيزي، باكتيبيك بيكبولوتوف، والسفير التركي لدى بيشكك، أحمد صادق دوغان، أعلن الوزير عن بالغ شكره لتركيا جراء الدعم العسكري والتفني الذي قدمته لقوات بلاده المسلحة. وأشار بيكبولوتوف إلى علاقات الأخوة والصداقة القائمة على التاريخ والثقافة المشتركة بين تركيا وقرغيزيا[76].
وكانت تركيا قد زودت قرغيزيا في 2021 بطائرات بيرقدار الهجومية المُسيّرة، من طراز تي بي 2، لحماية الحدود القرغيزية، وقال الرئيس القرغيزي، صدر جباروف، إن بلاده اشترت الطائرات المُسيّرة التركية بهدف ضمان أمن البلاد، وليس الدخول في مواجهة مع أحد.
وحول أهمية هذه المُسيّرات في إحداث نوع من التوازن مع طاجيكستان التي تشهد الحدود معها نزاعات مسلحة بين الحين والآخر، أشار الرئيس القرغيزي إلى أن بلاده لم تكن تمتلك أي طائرة حينما وقعت اشتباكات مع القوات الطاجيكية، والتي أسفرت عن مقتل 36 مواطنًا.
وأعلن رئيس لجنة الأمن الوطني القرغيزي، الجنرال كامتشيبك تاشييف، أن العناصر التي تقود تلك المُسيّرات عن بعد خضعت لدورات تأهيلية بهذا الشأن في تركيا[77].
الدفتر العاشر: الداخل التركي
تعد محاولات زعيم حزب الشعب الجمهوري، كليتشدار أوغلو، للحصول على موافقة تحالف المعارضة على ترشيحه لانتخابات الرئاسة من أبرز ملفات الداخل التركي في الفترة الماضية، حيث فشلت مساعيه حتى الآن في نيل هذه الموافقة.
وفي الجانب الاقتصادي، كانت تبعات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد التركي هي الموضوع البارز، لتأثير الحرب سلبيًّا في عدة مجالات، أهمها الطاقة والسياحة.
- كليتشدار أوغلو وإقناع المعارضة بترشيحه للرئاسة
تواصلت مساعي رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، لإقناع أحزاب المعارضة التركية بقبوله كمرشح توافقي للرئاسة في الانتخابات المقبلة، وذلك من خلال الرسائل التي يوجهها إليهم من خلال تصريحاته في هذا الشأن.
كانت آخر تصريحات كليتشدار أوغلو في هذا الشأن، حينما قال: “إذا قال قادة التحالف: كن مرشحًا، سأكون مرشحًا”[78].
ويسعى كليتشدار أوغلو إلى إقناع أحزاب المعارضة بصيغة يتم يمقتضاها ترشيحه للرئاسة، وترشيح رئيسة حزب الجيد ميرال آكشينار لرئاسة الوزراء، ولكن رغبته هذه تواجه اعتراضات عديدة، من داخل حزبه ومن خارجه، حيث يعتقد كثيرون من أقطاب المعارضة أنه لن يستطيع تحقيق الفوز.
وفي مقابلة مع وكالة رويترز، في 21 فبراير/شباط، قال كليتشدار أوغلو إنه “من الواضح جدًا أن حلمه يقترب، حتى مع استمرار الشكوك حول ما إذا كان سيكون مرشح المعارضة الرئيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2023″، وتوقع قبول زعماء الأحزاب المعارضة ترشيحه.
وبحسب رويترز، فإن كليتشدار أوغلو، الخبير الاقتصادي والموظف الحكومي السابق، يفتقر إلى كاريزما الرئيس النارية، وبقي في ظل أردوغان، حيث عانى حزب الشعب الجمهوري – الذي يرأسه منذ عام 2010 – من هزائم متكررة[79].
ولكن ثقة كليتشدار أوغلو في نيل ثقة المعارضة تحطمت على صخرة الرفض، حيث كشفت صحيفة “حريّت”، في 3 مارس/آذار، أن قادة المعارضة التركية رفضوا ترشيح كمال كليتشدار أوغلو للانتخابات الرئاسية. وتابعت الصحيفة أن قادة المعارضة، وعلى رأسهم ميرال أكشينار يفضلون ترشيح رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمامأوغلو، بالرغم من محاولة كليتشدار أوغلو إبعاده عن ساحة الإنتخابات[80].
وذكرت وسائل إعلام محلية أن كليتشدار أوغلو كان متوترًا أثناء التوقيع على نصّ التوافق على النظام البرلماني المُعَزَّز، في 28 فبراير/شباط، بسبب عدم قبول رئيس حزب الديمقراطية والتقدم على باباجان، ورئيس حزب المستقبل داود أوغلو، ورئيس حزب السعادة تميل أغلو ترشيحه للانتخابات الرئاسية بسبب عدم قدرته على مواجهة الرئيس أردوغان.
وفي تعليقه على رغبة كليتشدار أوغلو في الترشح، قال رئيس حزب الرفاة، فاتح أربكان، إن توجه حزبه سوف يعتمد على اسم المرشح الذي سوف يخوض الانتخابات أمام أردوغان، وعلى وجهته وطموحه وأهدافه، وأضاف: “في حال كان المرشح المنافس هو كليتشدار أوغلو، فبالطبع سأختار حزب الرئيس أردوغان، أنا والغالبية العظمى من الشعب التركي”[81].
جدير بالذكر أن استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة ميتروبول تظهر أن كليتشدار أوغلو أقل شعبية بكثير، بنسبة 28.5 بالمئة، من 3 أسماء محتملة أخرى، حيث حظي رئيس بلدية أنقرة، منصور يافاش، ورئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمامأوغلو، وكلاهما من حزب الشعب الجمهوري، بشعبية بلغت 60.4 بالمئة و 50.7 بالمئة على التوالي، في حين حظيت زعيمة حزب الجيد، ميرال أكشينار بنسبة 38.5 بالمئة.
- تبعات الحرب الأوكرانية على الاقتصاد التركي
في الوقت الذي كانت تسعى فيه الحكومة التركية لمواجهة آثار التضخم وتقلبات سعر العملة، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد من التحديات التي تواجه الاقتصاد التركي الذي يرتبط باقتصادات طرفيْ الحرب والدول المصطفة معهما.
ويمكن القول إن تركيا في طليعة الدول المتأثرة سلبًا بالحرب، لتنامي علاقاتها الاقتصادية مع روسيا التي فرضت عليها عقوبات غير مسبوقة، وهو ما تظهره بيانات هيئة الجمارك الفيدرالية الروسية، التي تذكر أن قيمة التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2021 زادت عن 33 مليار دولار، وبلغت قيمة الصادرات من روسيا إلى تركيا 26.5 مليار دولار، في حين بلغت الواردات من تركيا 6.5 مليارات دولار.
وتعتمد تركيا على القمح الروسي، ويوجد لها شركات تنفذ مشروعات على الأراضي الروسية تقدر قيمتها بنحو 20 مليار دولار. كما استقبلت نحو 5 ملايين سائح روسي في 2021، وهو ما يمثل 20 بالمئة تقريبًا من إجمالي السياح القادمين إلى تركيا.
وإذا انتقلنا إلى مجال الطاقة، فسنجد أن تركيا تعمد بنسبة كبيرة على الغاز الروسي الذي استوردت منه 33.6 مليار متر مكعب عام 2020، من أصل إجمالي استهلاك في نفس العام وصل إلى أكثر من 48.1 مليار متر مكعب[82].
أما عن أوكرانيا، فقد نجح التعاون الإستراتيجي معها في تعزيز الشراكة الاقتصادية، حيث تحتل تركيا المرتبة الخامسة في قائمة كبار الشركاء التجاريين لأوكرانيا، وبلغ التبادل التجاري بين البلدين نحو 7.42 مليارات دولار عام 2021، وبلغت الصادرات التركية إلى أوكرانيا 2.1 مليار دولار عام 2020 وارتفعت إلى 2.9 مليار دولار عام 2021، بزيادة 43 بالمئة، بينما ارتفعت الواردات بنسبة 87 بالمئة، من 2.59 مليار دولار عام 2020 إلى 4.52 مليارات دولار عام 2021.
كما بلغ عدد الشركات التركية العاملة في أوكرانيا نحو 600 شركة، وبلغ عدد السائحين الأوكرانيين في تركيا 2.1 مليون سائح في 2021، ويشكلون نحو 7 بالمئة من مجمل أعداد السياح الوافدين لتركيا.
وتعتمد تركيا على أوكرانيا في استيراد نسبة كبيرة من الذرة والقمح وزيت الطعام وبذور عباد الشمس وبعض المعادن ومواد ومنتجات أخرى تستعمل في الصناعات الغذائية[83].
ظهرت تبعات الحرب بالنسبة للاقتصاد التركي بمجرد اشتعال الحرب، حيث خسرت الليرة التركية أكثر من 5 بالمئة من قيمتها، فوصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 14.53 ليرة تركية.
وعلى أثر زيادة أسعار النفط في الأسواق الدولية، بدأت أسعار المحروقات والكهرباء في الازدياد، وهو ما سوف ينعكس على أسعار السلع والمنتجات. ومع طول أمد الحرب، سوف ترتفع فاتورة الطاقة في تركيا التي تحصل على قرابة 90 بالمئة من احتياجاتها من الطاقة من الخارج. وعادة ما تصل فاتورة الطاقة إلى ما يزيد على 40 مليار دولار، وهو ما سيزيد من الضغط على العملة المحلية وعلى الاقتصاد التركي.
ونتيجة ارتفاع أسعار الطاقة، سوف تستمر معدلات التضخم مرتفعة، بعد أن كان هناك أمل بأن تنخفض هذه المعدلات، لما اتخذ من قرارات بشأن تخفيض ضريبة القيمة المضافة إلى 1 بالمئة بعد أن كانت 8 بالمئة.
كما أن تركيا سوف تتضرر كذلك على صعيد التدفقات من النقد الأجبي، بسبب التأثير السلبي لتوقف وصول الوفود السياحية الروسية والأوكرانية.
وكان مسؤولون أتراك من قطاع السياحة قد أعربوا عن تخوفهم من تداعيات الحرب على قطاع السياحة، وقالوا إن خسارة تركيا للسياحة الروسية والأوكرانية سوف يكلف القطاع 5 مليارات دولار، وأن هذه الخسائر قد ترتفع إلى 10 مليارات دولار بفعل التأثير المضاعف الناجم عن تأثير قطاع السياحة على 54 قطاع فرعي. وهو ما يعني أن غالبية المؤسسات ستغلق أبوابها، ما سيسفر عن خسائر فادحة في العائدات والعمالة، وفي الوقت نفسه سيقلص موارد الاقتصاد التركي من العملة الأجنبية[84].
وأخطر ما في هذه الأزمة هو أنها جاءت في وقتٍ كانت فيه أنقرة تحاول أن تخرج من دوامة انخفاض سعر الصرف وارتفاع التضخم في محاولة لتعويض الخسائر في مرحلة وباء كورونا. لكن المؤشرات الأولية الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية لا توحي بأنّ الأمور قد تكون سهلة أو قد تسير في المسار الصحيح[85].
[1] Yeni Şafakالعربية، الخارجية الروسية: لدينا علاقات عسكرية جيدة مع تركيا في سوريا، 21 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3IqiTFz
[2] وكالة أنباء تركيا، الاستخبارات التركية تحيد قياديا في تنظيم PKK/PYD الإرهابي في عامودا السورية، 17 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JoPTiF
[3] ترك برس، الدفاع التركية: تحييد 9 إرهابيين شمالي سوريا، 17 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3LeEiDF
[4] ترك برس، الدفاع التركية: تحييد 12 إرهابيا شمالي سوريا، 8 مارس/آذار 2-22، https://bit.ly/3N41LJ7
[5] جامعة الدول العربية، بيان الجنو الوزارية المعنية بمتابعة التدخلات التركية، 9 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3pYMHmb
[6] Sputnik عربي، الخارجية السورية لا تستبعد تطبيع العلاقات مع تركيا بشروط معينة، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3udoPwD
[7] الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، بيان صحفي حول قرارات جامعة الدول العربية التي تستهدف تركيا، 10 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/36dgb8P
[8] الشرق الأوسط، إردوغان: تركيا ستؤيد ما يختاره الشعب الليبي، 17 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JljlpQ
[9] المصدر السابق.
[10] Al-monitor, Three challenging scenarios for Turkey in Libya, 14-03-2022, https://bit.ly/3KVP954
[11] Ibid.
[12] الحدث، تقرير تركي: الدبيبة رفض عرضًا تركيًا للوساطة مع باشاغا وأبدى استعداده لخيار القوة، 13 مارس/آذار، https://libyaalhadath.net/?p=84435
[13] Al-monitor, Ibid.
[14] وكالة الأناضول، تشاووش أوغلو: تركيا تدعم المسار الديمقراطي في ليبيا، 12 مارس/أذار 2022، https://bit.ly/3CTeiui
[15] نبض، الولايات المتحدة تدعم الوساطة التركية بين الدبيبة وباشاغا | صحيفة العرب، 16 مارس/آذار 2022، http://nabd.cc/t/101658167
[16] ليبيا المستقبل، مصادر: مصر تعرقل وساطة تركية بين الدبيبة وباشاغا، 23 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/34YJE6o
[17] وكالة الأناضول، أكار: ثمة توافق مع الجانب العراقي بشأن مكافحة إرهابيي “بي كا كا”، 20 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3ucAegc
[18] RT عربي، وزير الدفاع التركي: ثمة توافق مع الجانب العراقي بشأن مكافحة الإرهابيين، 20 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3qlm37s
[19] الرافدين، علاوي: يجب ألا يسمح العراق لـ”بي كا كا” بخرق أراضي تركيا، 28 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3iilWov
[20] Yeni Şafak العربية، “الدفاع التركية”: تحييد إرهابيين اثنين من “بي كا كا” شمالي العراق، 20 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JkRTZk
[21] تركيا الآن، مقتل جندي تركي شمال العراق، 27 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/36vmZPg
[22] Daily Sabah العربية، تركيا تزود العراق بـ500 ميغاوات من الكهرباء الأسبوع المقبل، 7 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3wlbSmU
[23] العربي الجديد، عين تركيا على غاز العراق: تفاهمات وتحديات، 10 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/36td7Wo
[24] المصدر السابق.
[25] وكالة أنباء تركيا، اللجنة العسكرية العليا التركية القطرية تجتمع في أنقرة، 2 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/35Z7JdT
[26] جريدة الراية القطرية، د. العطية يدشِّن سفينة «الشمال» التدريبية، 26 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3tjjDrI
[27] Yeni Şafakالعربية، تركيا تسلم قطر سفينة “الشمال” بحضور وزيري دفاع البلدين، 26 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3thuWAA
[28] Sputnikعربي، أنقرة تطلب من الإمارات تسليم زعيم المافيا التركي سادات بكر، 23 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3JnOGbm
[29] ترك برس، عقب تطبيع العلاقات.. تركيا تطالب الإمارات بتسليم زعيم مافيا وأول ظهور للأخير بعد غياب، 24 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3qj3xML
[30] خليج 24، من هو “سيدات بيكر” الذي زج به دحلان من دبي لإزعاج أردوغان؟، 25 مايو/آيار 2021، https://bit.ly/350v8uU
[31] وكالة الأناضول، أردوغان: نريد تعزيز علاقاتنا مع السعودية، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3tYnSYI
[32] تركيا بالعربي، تركيا والسعودية ورأب الصدع.. صحيفة تركية تكشف الموعد، 21 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/34Om8sA
[33] Sputnikعربي، وفد تركي رفيع المستوى يصل إسرائيل لعقد مباحثات وترتيب زيارة هرتسوغ إلى أنقرة، 17 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3tP1dOr
[34] وكالة الأناضول، أنقرة: سنواصل دعم حل الدولتين وتحسين ظروف الفلسطينيين، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3Kxhmin
[35] TRعربي، عباس يستقبل مسؤولين تركيين رفيعين: ثمن مواقف تركيا تجاه فلسطين، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/36a7lbS
[36] وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، الرئيس يستقبل مبعوثي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3hUadfN
[37] TRTعربي، بعد لقاء هرتسوغ.. أردوغان: أكدنا حل الدولتين وشددنا على أهمية القدس، 9 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3vXtg10
[38] وكالة الأناضول، أردوغان: أكدت للرئيس الإسرائيلي أهمية حل الدولتين، 9 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3I68COt
[39] نيو ترك بوست، وقفات احتجاجية في عدد من المدن التركية ضد زيارة رئيس الاحتلال لتركيا، 9 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3hVNwb1
[40] تركيا الآن، تشاؤم إسرائيلي من زيارة هرتسوغ إلى تركيا، 28 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/36aiiKQ
[41] الشرق الأوسط، هرتسوغ يؤكد أهمية الحلف الاستراتيجي بين إسرائيل واليونان وقبرص، 24 قبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3sZluSg
[42] TRT عربي، أردوغان: قمة إسطنبول ستترك بصمة في مستقبل العلاقات التركية الإفريقية، 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/333guBR
[43] وكالة أنباء تركيا، تركيا والكونغو توقعان 7 اتفاقيات.. أبرزها بالمجالات العسكرية والصناعات الدفاعية، 20 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3CZru0T
[44] تركيا الآن، أردوغان: الكونغو تملك ثروات من الماس تحت الأرض.. الآن نذهب هناك، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3iliwS4
[45] تركيا الآن، بحضور أردوغان وسال.. تركيا توقع 5 اتفاقيات تعاون مع السنغال، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3wokbyo
[46] ترك برس، الرئيس السنغالي يشيد بأنشطة الشركات التركية في بلاده، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3qm4PGK
[47] Yeni Safak العربية، نيجيريا تدعو تركيا إلى الاستثمار في النفط والغاز على أراضيها، 9 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3DcKDN7
[48] وكالة الأناضول، كوت ديفوار: نرغب في تطوير علاقاتنا مع تركيا، 15 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3wsElaz
[49] وكالة الأناضول، إفريقيا الوسطى تدعو مستثمري تركيا لتقييم الفرص في رحابها، 2 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3trqvn5
[50] وكالة الأناضول، أردوغان: شركاتنا تتولى مشاريع بقيمة 70 مليار دولار في إفريقيا، 19 ديسمبر/كانون الأول 2021، https://bit.ly/3qPH2i1
[51] تركيا الآن، تكاليف باهظة ستدفعها تركيا من الحرب الروسية الأوكرانية.. إليكم أهمها، 27 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3MmN2IU
[52] الشروق، معهد الشرق الأوسط: تركيا تمارس سياسة الحياد الإيجابي بشأن الحرب الأوكرانية، 26 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3sBGdeF
[53] ترك برس، الغزو الروسي لأوكرانيا.. التكاليف المترتبة على تركيا، 26 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3sBHVwD
[54] الجزيرة، أين تركيا من الحرب الروسية على أوكرانيا؟، 1 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/348xoQe
[55] Yeni Şafak العربية، تركيا واليونان تعقدان اجتماع “الأجندة الإيجابية” للقضايا الاقتصادية، 21 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3IwUA9a
[56] وكالة الأناضول، رئيس الوزراء اليوناني يصل إسطنبول للقاء الرئيس التركي، 13 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3JmCVC6
[57] وكالة الأناضول، اليونان: أرسينا الأسس لتحسين العلاقات الثنائية مع تركيا، 13 مارس/أذار 2022، https://bit.ly/3wiqO5v
[58] وكالة الأناضول، تفاؤل اقتصادي بلقاء الرئيس أردوغان مع رئيس وزراء اليونان، 13 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3toTZSi
[59] Sputnik عربي، أردوغان ينتقد دراسة الاتحاد الأوروبي ضم أوكرانيا وقلقه بشأن تركيا، 1 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3KTY9aO
[60] Euro news، إردوغان يطالب الاتحاد الأوروبي بمعاملة تركيا مثل أوكرانيا، 1 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3insulS
[61] RT عربي، رئيسة المفوضية الأوروبية: الاتحاد الأوروبي يريد ضم أوكرانيا لأنها واحدة منا، 28 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3KYeBae
[62] وكالة الأناضول، أردوغان لبايدن: حان وقت رفع العقوبات الأمريكية غير العادلة على تركيا، 10 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3MZFAUm
[63] وكالة الأناضول، أردوغان لبايدن: حان وقت رفع العقوبات الأمريكية غير العادلة على تركيا، 10 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3qlpGdg
[64] ترك برس، قيادي بالناتو: تركيا تقدم إسهامات مهمة للحلف، 7 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3L43nkz
[65] CNNبالعربية، تفاصيل العقوبات على تركيا ضمن قانون “مكافحة أعداء أمريكا”، 16 ديسمبر/كانون الأول 2020، https://cnn.it/35ZReOL
[66] ترك برس، وزيرا خارجية تركيا والولايات المتحدة يبحثان مستجدات الهجوم الروسي على أوكرانيا، 25 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3itQFit
[67] تركيا الآن، رئيس الأركان العامة التركي يبحث مع نظيره الأمريكي الأوضاع بأوكرانيا، 2 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3wmnTso
[68] ترك برس، واشنطن وأنقرة تؤكدان دعمهما سيادة أوكرانيا، 6 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3trWa7Z
[69] Daily Sabah العربية، نائبة وزير الخارجية الأمريكي تصل تركيا لبحث الأزمة الأوكرانية، 4 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3KXkZOX
[70] تركيا الآن، الخارجية الأمريكية: نثق في تركيا ولا نريد ساحة حرب بمضيقي البسفور والدردنيل، 6 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3CZeSqH
[71] Time Turk، مسؤولة أمريكية: تركيا اتخذت خطوات قوية لمنع مرور السفن الحربية، 9 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3wokn0v
[72] وكالة الأناضول، نائب أردوغان يصل كازاخستان تلبية لدعوة رئيس الوزراء، 3 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3tMQmVx
[73] ترك برس، رئيس وزراء كازاخستان: مستعدون للتعاون مع المستثمرين الأتراك، 5 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3vWP24R
[74] Daily Sabahالعربية، “أوتوكار” التركية تبدأ إنتاج مدرّعات في كازاخستان، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3MFQmz9
[75] TRTعربي، تركيا تهدي قيرغيزستان معدات عسكرية.. ووزير الدفاع القرغيزي يشيد، 18 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3MzR7tD
[76] ترك برس، وزير دفاع قرغيزيا يشكر تركيا على دعمها العسكري والتقني، 24 فبراير 2022، https://bit.ly/3KvRlju
[77] Yeni Şafak، رئيس قرغيزيا: سنشتري مسيّرات تركية وروسية لضمان أمننا، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2022، https://bit.ly/3J9r4Yc
[78] مركز الأناضول لدراسات الشرق الأدنى، المشهد الأسبوعي في تركيا، 5-12 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/35VB496
[79] Reuters, Turkey’s opposition leader looks to emerge from Erdogan’s shadow, 21-02-2022, ttps://reut.rs/3KR9hoK
[80] تركيا الآن، المعارضة التركية ترفض ترشح كليتشدار أوغلو للانتخابات الرئاسة، 3 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3MXGGjK
[81] تركيا بالعربي، إذا قام كليجدار بترشيح نفسه فبالطبع سيتم اختيار الرئيس أردوغان، 5 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/37ADTwG
[82] العربي الجديد، الاقتصاد التركي في قلب الحرب على أوكرانيا، 14 مارس/آذار 2022، https://www.alaraby.co.uk/
[83] المصدر السابق.
[84] RTعربي، تركيا.. تخوف من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على السياحة، 24 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3sD7kGt
[85] ترك برس، الغزو الروسي لأوكرانيا.. التكاليف المترتبة على تركيا، 26 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3hA9kZS
Private File - Access Forbidden