دفاتر مصرية – مارس/آذار 2022
المحتويات
مقدمة
الدفتر السياسي
- مشاركة مصر في “قمة النقب” بالأراضي المحتلة
- تزايد وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني
- الدعم الخليجي للنظام المصري
الدفتر الاقتصادي
- اتفاق صندوق النقد الدولي
- الوديعة السعودية والدعم الخليجي
- آفاق المستقبل
الدفتر التشريعي
- مشروعات القوانين التي وافق عليها مجلس النواب
- الموافقة على قرارات جمهورية
الدفتر الفكري والثقافي
- الدراما “الرمضانيّة” وظاهرة الإسلاموفوبيا
- الدولة الضعيفة وعلماء السلطان
الدفتر الإعلامي
- “الاختيار 3” بين الإعلام الرسمي والسوشيال ميديا
- التناول الإعلامي لأزمة غلاء الأسعار
مقدمة
يتناول تقرير دفاتر مصرية، عن شهر مارس/آذار 2022، أهم الأحداث التي شهدتها مصر خلال الشهر، وذلك من خلال دفاتره المختلفة، السياسي والاقتصادي والتشريعي والفكري والإعلامي.
فعلى الصعيد السياسي، تناول التقرير مشاركة النظام المصري فيما عرف بقمّة النقب، والتي تعد مقدمة لتحالف إقليمي جديد يخدم المصالح الإسرائيلية ويساعد الكيان الصهيوني في مواجهة إيران. وتأتي مشاركة مصر في ظِل تنامي مظاهر التطبيع بين السيسي وتلأبيب. هذا بالإضافة إلى الدعم المالي الخليجي للنظام المصري للمحافظة على استقرار النظام كركن أساسي من أركان التحالفات الشرق أوسطية الجديدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يتناول التقرير اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، وغرق مصر في دوامة الديون الخارجية والداخلية. كما يتناول الدعم المالي الخليجي لنظام السيسي من أجل مساعدته في مواجهة أزماته الاقتصادية التي لا يسعى لإيجاد حلول حقيقية لها.
وإذا انتقلنا إلى الدفتر التشريعي فسنجد أن التقرير يرصد أهم القوانين والقرارات الجمهورية التي وافق عليها مجلس النواب، والتي تشمل مجالات عديدة، منها تنظيم السجون، والإصلاح الزراعي، والنقل البحري، والهجرة غير الشرعية.
أما الدفتر الفكري والثقافي فيستدعي ظاهرتين هما: الإسلاموفوبيا، أو “رهاب الإسلام”، و”علماء السلطان”، وذلك بعد أن صار رمضان موسمًا للظاهرة الأولى من خلال المسلسلات الرمضانية التي تربط بين الإسلام والإرهاب، أما الظاهرة الثانية فتظهر مع كلّ موقف يحتاج فيه النظام إلى إخماد الغضب الشعبي، وهو ما رأيناه في الآراء والفتاوى التي ظهرت مع غلاء الأسعار.
وأخيرًا، يُسلط الدفتر الإعلامي الضوء على تناول الإعلام المصري لما يثار حول عرض مسلسل “الاختيار 3” الذي أثار موجة من الجدل على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، والتناول الإعلامي الموجه لظاهرة غلاء الأسعار، واستدعاء نظرية المؤامرة في هذا التناول.
الدفتر السياسي
شهد شهر مارس/آذار 2022 العديد من الأحداث السياسية، ومنها التجاهل المتعمد من جانب النظام المصري لشروع إثيوبيا في الملء الثالث لسد النهضة، واستمرار التقارب المصري القطري، والكشف عن اتفاق مصري يوناني للمساعدة في تخفيف الضغوط الأوروبية عن النظام المصري في مجال حقوق الإنسان، والتعاطي المصري مع الحرب الروسية الأوكرانية، والذي شهد تدخلًا سافرًا من جانب الحكومات الغربية لتوجيه السياسة الخارجية المصرية، وموافقة أميركا على إمداد مصر بصفقة جديدة من الطائرات.
وقد اخترنا تسليط الضوء على ثلاثة أحداث مهمة، تدور كلها في فلك التحالف بين محور يضم مصر والكيان الصهيوني ودول الخليج المطبعة معه، من أجل شرق أوسط جديد.
ولهذا تمّ تسليط الضوء على ما عُرف بـ”قمّة النقب”، ومظاهر التطبيع بين النظام المصري والصهاينة، بالإضافة إلى الدعم الخليجي الكبير للنظام المصري، من أجل المحافظة عليه كفاعل أساسي من فواعل الشرق الأوسط الجديد.
- مشاركة مصر في “قمّة النقب” بالأراضي المحتلة
مثل وزير الخارجية، سامح شكري، النظام المصري في اجتماع وزراء الخارجية الذي عُقِد في النقب، بجنوب فلسطين المحتلة، في 27 مارس/آذار، بدعوة من وزير خارجية الكيان الصهيوني، يائير لابيد، وبمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية والإمارات والبحرين والمغرب.
ووفقًا للبيان الذي صدر عن “القمّة”، فقد اتفق الحضور على تشكيل لجان أمنية لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة، وشبكة أمنية للإنذار المبكر، مشيرًا إلى أن القمّة ستعقد بشكل دوري. وأوضح لابيد أن قمّة النقب رسالة قوية لإيران، لافتًا إلى أنها لم تكن ممكنة في السابق، وأنه سيتم توسيعها في المستقبل.[1]
لم تكن القضية الفلسطينية حاضرة على جدول أعمال الاجتماع السداسي، لرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، “نفتالي بينيت”، الربط بين التطبيع مع الدول العربية وحَلّ القضية الفلسطينية.
ومع ذلك، حرص وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على التأكيد على أن مشاركة مصر في اللقاء لم تهدف إلى إنشاء تحالف، ولم تكن موجهة ضد أي طرف. وقال إن مشاركة بلاده “مرتبطة بتعزيز عملية السلام ودفع جهودها، وفي المقدمة منها نيل الشعب الفلسطيني حقوقه الشرعية وإقامة دولته واستئناف وتأكيد حل الدولتين باعتباره الحل المتوافق عليه من جانب المجتمع الدولي”[2].
وبحسب رئيس تحرير صحيفة «هآرتس» العبرية، ألوف بن، فإن اجتماع وزراء الخارجية “يطبق حلم المبادرين إلى عملية السلام، قبل ثلاثين عامًا. فهكذا تخيل بيرس (رئيس الوزراء الأسبق شمعون بيرس) الشرق الأوسط الجديد: تعاون معلن بين إسرائيل ودول المنطقة على أساس مصالح مشتركة، من دون العلاقة بوضع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، أو حل شامل للصراع”.
لكن رئيس وزراء دولة الاحتلال تجاهل الحديث عن حل الدولتين الذي أشار إليه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي قال إن بلاده معنية بتحسين حياة الفلسطينيين بشكل ملموس، والدفع باتجاه التسوية الدائمة على أساس حل الدولتين. وشدد على وجوب الامتناع عن توسيع المستوطنات. ولم يتطرق بنيت إلى النقاشات التي دارت وراء الكواليس حول المساعي الأردنية لضم الفلسطينيين إلى الاجتماع السداسي في النقب. وقال مصدر سياسي في رامالله، إن الأردن رفض اقتراحًا إسرائيليًّا بالانضمام إلى لقاء قمّة النقب. ونقل عن وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أنه أجاب بأنه مستعد للمشاركة في لقاء النقب شرط مشاركة وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، فيه. ولكن بنيت لم يتحمس لهذا الاقتراح، خوفًا من أن يظهر كمَن يخوض في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويُعيده إلى الواجهة، وهو الذي كان قد تعهد بإقصاء هذا الموضوع عن أجندة حكومته[3].
وبمجرد أن انتهت “القمّة”، بدأت التسريبات الإسرائيلية التي تؤكد أن الهدف من اللقاء هو تعزيز ما تسميه دولة الاحتلال “مظلة الدفاع الإقليمية في الشرق الأوسط ضد إيران”. وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن “الخطة المتوافق عليها بين إسرائيل والدول العربية المطبعة معها تدفع باتجاه إشراك سلاح الجو بالتوازي مع تطور العلاقات السياسية، تمهيدًا لإنتاج شرق أوسط متجدد، من خلال القيام بأنشطة كانت حتى سنوات قليلة ماضية تعتبر خيالًا علميًّا، بين مختلف القوات المسلحة العربية والجيش الإسرائيلي، انطلاقًا من رغبة الجيش الإسرائيلي بدعم اتفاقيات التطبيع كمصلحة أمنية رئيسية”[4].
من جانبها، نددت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) بقبول وزراء خارجية بعض الدول العربية الاجتماع مع مسؤولين إسرائيليين على أرض فلسطين المحتلة، وجددت الحركة “رفضها المطلق لكافة أشكال التطبيع مع الاحتلال”، مؤكدة أن مثل هذه اللقاءات لا تخدم سوى العدو في تكريس عدوانه المتواصل ضد أرض فلسطين وشعبها ومقدساتها.
وأشارت الحركة في بيان إلى “أبشع أنواع الاستيطان التي تتعرض فيه هذه الأرض، والتهويد للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وممارسة صنوف الاضطهاد والإرهاب والقتل والتهجير”، لافتة إلى “السلوك الذي يتناقض مع مواقف ومصالح الأمة وشعوبها الرافضة للتطبيع”.
ودعت حماس الدول العربية التي وقعت على اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل إلى إعادة النظر فيها، انسجامًا مع مصالح شعوبها، ووقوفًا عند مسؤولياتها التاريخية في حماية القدس وفلسطين من الاحتلال[5].
جاء لقاء النقب في أعقاب لقاء ثلاثي، بين رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بنيت، وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد. وهو اللقاء الذي استضافته مدينة شرم الشيخ، في 21 مارس/آذار.
وجري خلال اللقاء بحث عدد من القضايا، في مقدمتها إيران والتقارير حول عزم الولايات المتحدة إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمتها للمنظمات الإرهابية، واحتمال التوصل في المحادثات النووية في فيينا إلى اتفاق نووي جديد.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “القمّة الثلاثية الاستثنائية في شرم الشيخ جاءت على خلفية التقدم نحو الاتفاق النووي مع إيران”.
ومن جهتها، فقد اعتبرت صحيفة “إسرائيل اليوم”، أن “القمة الثلاثية هي وليدة الغضب تجاه الرئيس الأميركي بسبب تقدم المحادثات النووية مع إيران واستعداد إدارة بايدن لإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية”. وبدورها، وصفت هيئة البث الإسرائيلية اللقاء بأنه “قمّة مناهضة لإيران”[6].
- تزايد وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني
شهد شهر مارس/آذار زيادة ملحوظة في وتيرة التطبيع بين النظام المصري والكيان الصهيوني، وذلك في إطار العلاقات العلنية الدافئة بين السيسي وتلأبيب.
فقد ذكرت مصادر مصرية مطلعة أن مكتبة الإسكندرية قد استضافت اجتماعًا بين ممثلين عن 9 شركات إسرائيلية، ومسؤولين في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الإسرائيلية، ورجال أعمال مصريين، وهو الاجتماع الذي تمّ برعاية جهاز المخابرات المصرية، وبحث فيه الجانبان فرص استثمارات ومشاريع إسرائيلية في مصر.
ووصفت المصادر الاجتماع بأنه “بداية صفحة جديدة في العلاقات المصرية الإسرائيلية، خاصّة وأنه سوف يفتح المجال أمام توغل إسرائيل في المجتمع المصري، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، بشكل قد يؤثر على الأمن القومي للبلاد[7].
وبعد هذا اللقاء، اتفقت مصر والكيان الصهيوني على توسيع الرحلات الجوية المباشرة بينهما، وذلك من خلال خط طيران مباشر بين مدينتيْ شرمالشيخ وتلأبيب. وأفاد بيان لحكومة الاحتلال الإسرائيلي أن التباحث بشأن الموضوع جرى خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، مع رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، والذي عُقد في مدينة شرم الشيخ في سبتمبر/أيلول 2021.
وأوضح البيان أنه “تمّ التوصّل إلى الاتفاق بعد استكمال عمل قادة جهاز الأمن العام (الشاباك) بالتعاون مع هيئة الأمن القومي وغيرها من الجهات الحكومية بمصر، بهدف إعداد مسار حراسة يسمح بتشغيل خط الطيران”[8].
وتعقيبًا على ذلك، قال بنيت: “إنها خطوة أخرى في إطار تدفئة معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، ما يصب في مصلحة الشعبين ويساهم في زيادة الاستقرار في المنطقة”[9].
ولتسهيل نفاذ السلع بين مصر والكيان الصهيويني، وقعت وزارة التجارة والصناعة المصرية اتفاقية في هذا الشأن، وأوضحت الوزارة أن التوقيع كان بحضور وزيرة التخطيط، هالة السعيد، ووزيرة الصناعة، نيفين جامع، مع وزيرة الاقتصاد الإسرائيلية، أورنا بارييفاي. وذلك في إطار البروتوكول المشترك الخاص بالمناطق الصناعية المؤهلة “الكويز” بهدف زيادة القدرات التصديرية خلال المرحلة المقبلة[10].
وكشفت مصادر مطلعة أن الاتصالات الأخيرة بين مصر والكيان الصهيوني، والتي وصفتها بأنها بمثابة “مراجعة لأطر العلاقات” بينهما، تطرقت إلى طلب مصري من الجانب الإسرائيلي بمعاودة لعب دور لدى الإدارة الأميركية بشأن مواقفها من القاهرة في أعقاب استقطاع جزء من المساعدات العسكرية، بالإضافة إلى تقديم الدعم للقاهرة بشأن مشاورات عدة جارية خاصة بالتسليح، علاوة على دعم إسرائيلي لدى المؤسسات الدولية المانحة[11].
غير أن أخطر ما يمكن رصده في ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني، هو دخول التطبيع في مجالات تمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وعلى رأسها تملك الأرض والتعاون العسكري.
فقد أصدر السيسي قرارًا باستثناء مدينتيْ شرمالشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة السياحي، بمحافظة جنوب سيناء، مـن الخضوع لجميع أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، الصادر بالمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012.
وتنص المادة الثانية من القانون على أن “يكون تملك الأراضي والعقارات المبنية بالمنطقة للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية وحدها دون غيرها من أية جنسيات أخرى، ومن أبوين مصريين، وللأشخاص الاعتبارية المصرية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين”
وقد جاء قرار السيسي بتعديل الوضع القانوني لشبه جزيرة سيناء، بعد أيام من زيارة بنيت إلى مدينة شرمالشيخ وعقد مباحثات مع السيسي في حضور ولي عهد أبوظبي، استهدفت التوصل إلى تفاهمات أمنية، وأخرى اقتصادية بشأن سيناء، تتمثل في إقامة مدينة صناعية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، تتولى الإمارات الجانب الأكبر من تمويلها، فضلًا عن مشروعات اقتصادية أخرى مرتقبة بين مصر وإسرائيل في شبه جزيرة سيناء[12].
أما فيما يخص التعاون العسكري، فقد انتقل نظام السيسي من التعاون في مواجهة المسلحين في سيناء إلى مجال التسليح. فوفقًا لتقارير قديمة، فإن إسرائيل تقوم بتصدير 55 بالمئة من إنتاجها العسكري إلى دول عربية، منها المغرب ومصر، وبخاصّة في عهد السيسي، وذلك بصفقات علنية أو سرية عن طريق طرفٍ ثالثٍ، في إطار خطتها لتكون المُصَدّر رقم واحد لدول الشرق الأوسط الراغبة في الحصول على السلاح، باعتبار أن ذلك يساعدها من الناحية الاقتصادية ويدعم تحكُّمها في الجيوش والأنظمة العربية من خلال سيطرتها على السلاح وقطع الغيار اللازمة له.
وكان الجيش المصري، قبل الانقلاب العسكري، حريصًا على إيجاد توازن في التسليح مع الكيان الصهيوني، رغم أن الكفة كانت تميل لصالح جيش الاحتلال، الذي يحصل على الأسلحة الأميركية الأكثر تفوقًا وتقدمًا، إلا أن الجانب المصري كان يحاول تعويض ذلك بإدخال تعديلات على الأسلحة الروسية وغيرها الموجودة لديه، حتى يظل هذا التوازن قائمًا بين الطرفين[13].
أما الآن، وحسب مهتمين ومحللين عسكريين مصريين، فمصر باتت تستورد أسلحة من إسرائيل، وهذا ما يقضي تمامًا على فكرة التوازن التسليحي ويجعل الجيش المصري تحت رحمة إسرائيل بشكل مباشر بعد أن كان تحت رحمتها بشكل غير مباشر نتيجة السيطرة الأميركية على التسليح المصري.
- الدعم الخليجي للنظام المصري
تشهد مصر تزايدًا ملحوظًا في حالة السخط الشعبي بسبب سوء الأوضاع المعيشية، وهو ما يرى بعض المراقبين أنه قد يدفع الشعب المصري إلى الخروج ضد النظام الحاكم الذي يعتمد على التعامل الأمني بدلًا من إيجاد حلول اقتصادية ناجعة من أجل تحسين الأوضاع.
ولدعم النظام الحاكم في مصر، ومساعدته في تجاوز أزمته، وحتى لا يواجه مخاطر السقوط بسبب الأزمات الاقتصادية التي يعجز عن القضاء عليها، أعلنت صناديق سيادية سعودية وإماراتية وقطرية عن ضخ استثمارات ضخمة في مصر خلال الفترة المقبلة في قطاعات وأنشطة اقتصادية متنوعة، وذلك بعد لقاءات حكومية رفيعة المستوى خلال الفترة الماضية لجمع تمويلات واستثمارات تساهم في التخفيف من تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري.
خصصت الدول الخليجية 22 مليار دولار استثمارات وتمويلات لمصر، مقسمة بين 5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربية السعودية في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخها الصندوق السيادي السعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصرية[14].
واعتبرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية الوديعة “تأكيدًا لتميز الصلات الثنائية بين البلدين والشعبين، في جميع المجالات وعلى كل المستويات، واستمرارًا من المملكة ضمن الجهود الحثيثة ودورها الريادي الدائم، في دعم مصر”[15].
وكان السيسي قد زار السعودية في الثامن من مارس/آذار، وهي الزيارة التي أشاد فيها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بدور مصر المحوري في دعم استقرار الدول العربية، وأعرب عن “تطلع السعودية لمواصلة دفع العلاقات الثنائية المتميزة، خاصّة على المستوى الاقتصادي والاستثماري والتنموي”[16].
وقد أشار خبراء ومتابعون إلى البُعد السياسي لهذه المساعدات، ومنهم جيمس سوانستون، من “كابيتال إيكونوميكس”، الذي قال لوكالة رويترز إن: “فورة الاستثمارات الخليجية في مصر تُذكرنا بالفترة التي أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، في 2013، عندما تعهد الخليج بمساعدات مالية قيمتها 23 مليار دولار”.
ولكن فورة الاستثمارات الخليجية المتدفقة على مصر تختلف في شقيها الاقتصادي والسياسي عنها في المرات السابقة، فالدعم الخليجي لنظام السيسي، الذي كان وزيرًا للدفاع في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، كان عبارة عن مساعدات مالية مباشرة، لكن هذه المرة تسعى الدول الخليجية إلى شراء أصول مصرية تُحقق لها أرباحًا بالفعل.
وبالتالي؛ فإن سعي دول الخليج لدعم الاقتصاد المصري، الذي يُعاني من تزايد الضغوط بسبب التضخم وارتفاع أسعار السلع، ليس بلا مقابل، لأن دول الخليج سوف تتملك بها أصولًا مصرية ستحقق لها أرباحًا، وتتمثل في الشركات المعروضة للبيع أو الاستثمار، وهي شركات رابحة في مجالات هامة كالطاقة والتكنولوجيا.
وفي الشق السياسي، لا تُريد دول الخليج أن تتفاقم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بالفعل في مصر، لدرجة قد تُهدد استقرار النظام الحالي، وهو النظام الذي ضخت بعض تلك الدول المليارات فيه كمساعدات وهِبات للحفاظ عليه ودعمه، وبالتالي فإن الاستثمارات هذه المرة تهدف أيضًا إلى تفادي اندلاع انتفاضة شعبية بسبب الظروف المعيشية الصعبة[17].
الدفتر الاقتصادي
على الرغم من استمرار حديث المسئولين الحكوميين في مصر، عن انجازاتهم الاقتصادية، إلا أن الأوضاع على الأرض، كشفت عن عجز كبير في الأداء الاقتصادي لمصر، كانت مظاهره متعددة، خلال الفترة محل عمل التقرير.
ففي مارس/آذار 2022، شهد الاقتصاد المصري التأثير السلبي للحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها عليه، كما شهد أيضًا الإعلان الصريح للمسئولين الحكوميين عن اللجوء لصندوق النقد الدولي[18]، بعد انكار دام لعدة أشهر، ولم يضطر المسئولون المصريون للتصريح بوجود مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إلا بعد أن أعلن مسئولون من الصندوق عن تلك المفاوضات، والتي كانت بدايتها تصريح كريستالينا جورجيفا المدير التنفيذي لصندوق النقد بأنها قلقة على مصر بسبب أسعار الطاقة والغذاء.
كما اتخذ البنك المركزي خلال الشهر نفسه، قراره بتخفيض قيمة الجنيه المصري بنسبة بلغت نحو 16بالمئة، كما تمّ اتخاذ قرار أخر بشأن رفع سعر الفائدة على عمليتيْ الإيداع والإقراض في البنوك المصرية، وتمّ إصدار شهادات للاستثمار بنسبة بلغت 18 بالمئة.
وكانت ثمرة كل هذه التداعيات السلبية، أن ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ، وزادت الأعباء على المواطن، ليكون هو وحده الذي يدفع فاتورة سوء الأداء الاقتصادي للحكومة الحالية. وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن معدل التضخم بنهاية مارس 2022 بلغ 12.1 بالمئة على أساس سنوي، وذكر بيان الجهاز المركزي أن معدل التضخم في مارس 2021 كان بحدود 4.5 بالمئة فقط.
وفي ضوء عوامل محلية ودولية، فإن معدلات التضخم آخذة في الارتفاع في مصر خلال الشهور القادمة، فأسعار الطاقة والغذاء لا يتوقع لها أن تتراجع في السوق الدولية، في الأجلين القصير والمتوسط، وبما أن مصر دولة مستوردة للأسف لهاتين السلعتين، فإن التضخم سيكون في اتجاه صعودي خلال الفترة القادمة. ومن الطبيعي في ظل ارتفاع معدلات التضخم، أن تتسع رقعة الفقر في مصر.
وكان الخطاب الحكومي من خلال تصريحات المسئولين، يُرجع أسباب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر إلى العوامل الخارجية، وكأن الحكومة قد قامت بما هو واجب عليها، وأحسنت في تقديم السياسات الاقتصادية والاجتماعية الناجعة. ولكن الحقيقة هي أن الحكومة تعلق كافة أخطائها على شماعة الخارج، فمِن غير المعقول، أن تظل مصر تعتمد على اقتصاد ريعي غير إنتاجي، وتسلم ملفات مهمة واستراتيجية مثل الغذاء، لتقلبات السوق الدولية، عبر استمرار التخلي عن الإنتاج المحلي، والاتجاه بشكل كبير للاستيراد.
وفيما يلي نتناول بعض الأحداث الاقتصادية بمصر خلال مارس/آذار 2022، من خلال السطور الآتية:
- اتفاق صندوق النقد الدولي
خاضت مصر عدة تجارب مع صندوق النقد الدولي، ولكنها في مجملها لم تؤدي إلى إصلاح اقتصادي حقيقي، وكانت غالبيتها تقتصر فقط على بعض الإجراءات، التي يتصور أنها إصلاحات مالية ونقدية، ولا يتم الدخول إلى المرحلة الأهم، وهي مرحلة الإصلاح في القطاعات الإنتاجية، التي يستهدف من أجلها إجراء التعديلات أو الإصلاحات المالية والنقدية.
لقد خاضت مصر تجربتها الأولى في عام 1991/1992، ثم في عام 2016، من خلال برنامجين اقتصاديين للاصلاح، ثم لجأت الحكومة لصندوق النقد الدولي في منتصف عام 2020، من أجل الحصول على قروض بنحو 8.5 مليار دولار، بسبب ما أدعته الحكومة من تأثيرات سلبية لأزمة جائحة فيروس كورونا، ومؤخرًا أعلن عن التدبير لإبرام اتفاق جديد، لم تتنتهي منه المفاوضات الجارية بين صندوق النقد وحكومة مصطفي مدبولي.
وإن كانت حكومة مدبولي قد قدمت بين يدي الصندوق مجموعة من الإجراءات، التي من شأنها أن تعجل بتوقيع الاتفاق، حيث أعلن البنك المركزي المصري عن تخفيض قيمة الجنيه بنسبة بلغت 17 بالمئة[19]، ثم ارتفعت بعد ذلك، فبعد أن كان التخفيض الأول، عند سعر 17.25 جنيه للدولار، بلغ سعر الدولار بعدها بأيام معدودة نحو 18.50 جنيه.
وتأتي خطوة تخفيض قيمة الجنيه المصري، في إطار محاولة ترضية الحكومة المصرية للمتعاملين الأجانب على أدوات الدين المحلي، لأن هذه الأموال خرجت من مصر قبل أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا، طمعًا في العائد الأكبر بعد أن رفعت أميركا سعر الفائدة، إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية، زادت من حدة خروج تلك الأموال، سواء من مصر أو غيرها من الدول التي تلجأ لهذه الآليّة، بسبب حالة عدم الاستقرار[20].
وتعد هذه الآليّة، من الأدوات التي تكلف مصر بصورة كبيرة، ففي موازنة العام المالي الحالي 2021/2022، بلغت فاتورة الفوائد على الديون 579 مليار جنيه، وهي مرشحة للارتفاع عند التقييم الفعلي، كما ستكون ذات أثر أكبر في موازنة 2022/2023، مما يغل يد صانع السياسية الاقتصادية عن تقديم التمويل اللازم لقطاعات مهمة، مثل التعليم والصحة.
ولنا أن نتخيل حاجة قطاعيْ التعليم والصحة للتمويل الضروري، عندما يصرح نائب وزير التعليم، أن العجز في المدرسين بلغ 320 ألف مدرس، كما أن العجز في الفصول الدراسية بلغ 250 ألف فصل[21]، ولا يخفى على أحد الآن هجرة الأطباء من مصر، تجاه أوروبا والخليج بحثًا عن مستوى معيشة أفضل، في ظل تدني الرواتب في المستشفيات الحكومية.
والأمر الثاني، هو رفع سعر الفائدة بالجهاز المصرفي لعمليتيْ الإيداع والإقراض، وصاحب ذلك إصدار شهادات استثمار بسعر فائدة مرتفع يصل إلى 18 بالمئة، وكان الغرض من إصدار هذه الشهادات بتميزها من حيث سعر الفائدة عما هو موجود بالجهاز المصرفي، العمل على تحجيم التضخم في السوق، على أمل أن يتجه الناس بأموالهم لشهادات الاستثمار، فتقل السيولة في السوق، وبذلك يقل الطلب على شراء السلع والخدمات، فيتراجع معدل التضخم.
ولكن للأسف، فإن هذه الأدوات التي لجأ لها البنك المركزي، هي أدوات أحادية الجانب، لأن لها تأثيراتها السلبية على باقي مكونات النشاط الاقتصادي. فتخفيض قيمة الجنيه، أدى إلى رفع قيمة فاتورة الواردات، مما ساعد على ضعف تنافسية المنتجات المصرية في السوقين المحلي والأجنبي، فضلًا عن أن المنتجين تلقوا ضربة أخرى من خلال رفع سعر الفائدة على الإقراض، وهو ما يعني رفع تكلفة التمويل، فالمنتجات المصرية أصبحت تعاني من زيادة قيمة التكاليف، عبر رفع سعر الطاقة، ورفع سعر فاتورة الواردات، وكذلك رفع تكلفة التمويل.
ومن هنا كان طبيعيًّا، أن يظهر مؤشر الركود للقطاع الخاص غير النفطي، استمراره لعدة أشهر بشكل مستمر، فثمّة حالة من الحصار بالنسبة للمنتجين، وكذلك التجار، فالبنوك أصبحت بنسبة كبيرة لا تمول صفقات الاستيراد، وتطلب من العملاء تدبير العملة الصعبة بمعرفتهم، وهو ما يعني لجوء هؤلاء إلى السوق السوداء.
لقد وصل رصيد الأصول الأجنبية بالبنوك المصرية خلال الفترة الماضية إلى صافي رصيد سالب، وهو ما يدل على أزمة النقد الأجنبي بمصر، سواء بسبب خروج أموال المتعاملين الأجانب على أدوات الدين المحلي، وكذلك ارتفاع تكلفة الواردات، وتراجع بعض الإيرادات الرئيسة من النقد الأجنبي لمصر، وعلى رأسها الإيرادات السياحية، التي كانت تأتي من قبل الوفود السياحية الروسية والأوكرانية.
وفي حالة نجاح الحكومة في إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي، سيكون ذلك محملًا بمزيدٍ من الأعباء على المواطنين، حيث ستكون الحكومة ملزمة بأجندة صندوق النقد الدولي، التي تعني المزيد من فرض الضرائب والرسوم، وتقليص ما تبقى من الدعم في المجالات المستفيدة منه. ولعل الحديث المتكرر عن تقليص المستفيدين من بطاقات التموين خير دليل، وكذلك الحديث عن رفع سعر رغيف الخبز المدعم. وثمّة أحاديث تدور حول إمكانية لجوء الحكومة لرفع أسعار الوقود.
وتبقى قضية مهمة في العلاقة بين صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية، وهي شفافية هذه الاتفاقيات، فهي في غالبيتها لا يعلم عنها المواطن شيء، ولا تعرضها وسائل الإعلام، بحيث يرتب المعنيّون بالنشاط الاقتصادي أوضاعهم، ولكن المجتمع يفاجئ بما تقوم به الحكومة من إجراءات تقشفية، أو فرض المزيد من الأعباء، كما لا يقوم صندوق النقد الدولي بمواجهة الحكومة بأخطائها الكبيرة في الفساد والسياسات الاقتصادية غير الرشيدة، وكذلك استمرار حالة البزخ الحكومي، وعدم وجود رؤية لإدارة ملف الدين العام، الذي أصبح ينذر بكثير من المخاطر.
- الوديعة السعودية والدعم الخليجي
على ما يبدو أن الاقتصاد المصري في فترة ما بعد الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، أصبح يعتمد على الدعم الخارجي بصورة لا يمكن الاستغناء عنه، وبخاصّة الدعم الإقليمي من دول الخليج، التي دعمت الانقلاب العسكري.
فمع الأزمة التي عاشتها مصر من تراجع في موردها من النقد الأجنبي بسبب أزمتيْ الطاقة والغذاء، وكذلك التداعيات السلبية لأزمة الحرب الروسية على أوكرانيا، قدمت الدول الخليجية (السعودية، والإمارات، وقطر) دعمًا لنظام السيسي، بأشكال مختلفة، فقدمت السعودية 5 مليارات دولار كوديعة في البنك المركزي المصري[22]، كما قامت الإمارات بإبرام صفقة للاستحواذ على حصص من شركات مصرية، بنحو 2 مليار دولار[23]، وفي نفس الوقت قامت قطر بتقديم استثمارات بنحو 5 مليارات دولار، جزء كبير منها في قطاع النفط[24].
والجدير بالذكر أن مصر في مارس/آذار 2015، حصلت على ودائع خليجية بنحو 12 مليار دولار، من ثلاث دول خليجية (السعودية، الإمارات، الكويت) بواقع 4 مليارات لكل دولة، وكانت هذه الودائع مستحقة في عام 2018، ولكن الحكومة المصرية طلبت تأجيل دفع هذه الودائع، على أن تكون تكلفتها 3.5 بالمئة، بعد أن كانت بدون فوائد خلال الفترة من 2015 – 2018. ثم في عام 2018، طلبت مصر مد أجل تلك الودائع مرة أخرى، وهو ما يجعل المتابع للشأن المصري مع تلك الدول الداعمة للانقلاب بمصر، يصل لنتيجة مفادها، أن هذه الودائع سوف تحتفظ بها مصر لأكبر فترة ممكنة، حتى لو ظلت بسعر فائدة 3.5 بالمئة، لأن مصر تقترض من سوق السندات الدولية بسعر فائدة يتراوح ما بين 6.5 و7.5 بالمئة، وبالتالي فالودائع الخليجية بالبنك المركزي المصري، فرصة لا يمكن التفريط فيها.
وقد لاقت خطوة استحواذ الإمارات على مجموعة من الأصول المالية المصرية انتقادات من قبل المعارضين لنظام السيسي، وكذلك الخبراء الاقتصاديين، الذي يرون أن النظام يعتمد على المسكنات، ولا يقدم حلولًا جذرية للوضع الاقتصادي.
فالأولى أن تأتي الاستثمارات المباشرة من قبل الإمارات وغيرها في صورة إنشاء مشروعات جديدة، تعد إضافة للأصول الرأسمالية لمصر، ولكن دول الخليج بصورة عامة، والإمارات بشكل خاص، تركز على التواجد في قطاعات الخدمات، وتعتمد على شراء مشاريع قائمة بالفعل، يمكنها أن تحصل على عائد منها، فور نقل ملكيتها إليها، كما حدث في القطاع الطبي، أو التعليم، أو المصارف، أو السياحة.
وفيما يتعلق بالاستثمارات القطرية، فإن 70 بالمئة منها سوف توجّه لقطاع النفط والغاز الطبيعي، في حين أن مصر تحتاج بشكل رئيس لاستثمارات في قطاعيْ الزراعة والصناعة، حتى يمكنها تخفيف اعتمادها على الخارج، وتقليص الفجوة في الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه، حول مدى انقاذ هذه الودائع والدعم الخليجي بشكل عام للاقتصاد المصري، والإجابة على هذا السؤال، تكمن في أداء الحكومة المصرية في الجانب الاقتصادي، منذ عام 2013، والذي يُعتبر امتدادًا للأسف لما كان عليه الوضع في عهد مبارك، وزاد عليه زيادة حدة العشوائية في اتخاذ القرار من قبل السيسي في مشروعات كبيرة، وذات تكلفة تمويلية عالية.
الأمر الثاني، أن الحكومة المصرية، غير عابئة بما فعلته في ملف الديون العامة، التي تمادت فيها بشكل كبير، حيث أصبح الدين المحلي عند 4.7 تريليون جنيه مصري، والدين الخارجي عند 137 مليار دولار، وهي مبالغ تعبر عن فترات سابقة من عام 2021، بينما الحكومة حصلت على قروض أخرى، خلال الفترة من يوليو/تموز 2021 وحتى الآن، لم تدرج بعد في أرصدة الديون العامة.
ومن هنا، فالوضع في مصر يحتاج إلى إصلاح جذري وحقيقي، بعيدًا عن البروبجندا الإعلامية، التي تروج لإنجازات غير حقيقية، وبالتالي فالدعم المقدم من قبل دول الخليج غير كاف، ويعتبر بمثابة مسكنات. والمؤسف أن الحكومة لم تغيّر من أدائها، ومازالت تعتمد على الخارج بشكل كبير، وتتبنى سياسة خاطئة، من خلال استمرار التخلي عن الأصول الرأسمالية.
والخطوة التي تحتاج إلى معالجة حقيقية، ولم يظهر بعد أيُّ بادرة من الحكومة تجاهها، هي تمدد القوات المسلحة في الاقتصاد المدني، وبما يمثل عملية مزاحمة، بل إزاحة للقطاع الخاص، بل وقطاع الأعمال بشقيه (العام والخاص)، بما يعني غياب المنافسة، واستمرار الفساد بمعدلات كبيرة.
- آفاق المستقبل
في ضوء ما تمر به مصر من مشكلات وأزمات اقتصادية، ينبغي أن تتقدم الحكومة ببرنامج تقدم فيه تصورها لمعالجة تلك المشكلات، كما ينبغي أن تعلن عن امتلاكها لاستراتيجية مرنة للتعامل مع الأزمات التي تنتج عن تقلبات الأسواق الدولية.
ولكن ونحن ننتظر ما ستسفر عنه موازنة 2022/2023، لا يبدو في الأفق أمل في انتهاج سياسات جديدة، تعمل على تعميق سياسة إحلال الصادرات محل الواردات، أو التركيز على تطوير التعليم وحل مشكلاته المتراكمة، وبخاصة مشكلتيْ ربط مؤسسات التعليم بسوق العمل، وربط التعليم والبحث العلمي بمتطلبات التنمية.
ومن الضروري، أن تعكس رؤية الحكومة، كيفية معالجتها للأزمة التمويلية المتزايدة، والتي تتفاقم عامًا بعد عام، هل ستظل الحكومة تعتمد على القروض المحلية والأجنبية إلى ما لانهاية؟ لابد من إعادة النظر فيما هو قائم من مشروعات لا تدر عائدًا أو ربحًا في الأجلين القصير والمتوسط، وكذلك التوقف عن تنفيذ المشروعات التي لا تمثل أهمية للاقتصاد في الوضع الراهن، وبخاصة المشروعات التي تقام في إطار العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك التوقف عن أية قروض جديدة لصالح مشروعات، يمكن تنفيذها في إطار الاقتصاد المحلي.
ولكن في ضوء ما هو معلن، من ممارسات للحكومة، يبدو أنها ماضية في تنفيذ نفس السياسات التي فاقمت من الأزمة الاقتصادية في مصر، فكون الحكومة مازالت تركز على الإنفاق على التسليح، والتي كانت آخر صفقاته، اتفاقية بنحو 2 مليار دولار مع أميركا، فإن ذلك يعني أن الحكومة تسير في الاتجاه الخطأ.
الدفتر التشريعي
يتناول الدفتر التشريعي لشهر مارس/آذار 2022، مشروعات القوانين التي ناقشها مجلس النواب طوال الشهر، وقد وافق المجلس على مجموعة من مشروعات القوانين كالتالي:
وافق مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، علي عدد من التشريعات الهامة، وعلى رأسها مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم السجون، والذي يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها السيسي، وفق تقرير اللجنة، غير أن السجون ما تزال تشهد حالة تردي وقلة رعاية أدت إلى 6 حالات وفاة جراء الإهمال الطبي في 2022.
كما وافق مجلس النواب “نهائيًّا” على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، بالإضافة إلى موافقته نهائيًّا على 3 مشروعات قوانين مقدمة من الحكومة، وهي: تعديل بعض أحكام قانون سلامة السفن “لمواجهة الجرائم المهددة للأمن القومي المصري”، وتعديل بعض أحكام قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، ما جعل مزاولة الوساطة العقارية مقيدة بالتسجيل الحكومي، للقضاء على فوضى السوق العقاري، وتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتهريب المهاجرين “لمنع استغلال الشباب المصري في الهجرة غير الشرعية وردع المهربين”.
وكذلك وافق المجلس نهائيًّا على 3 اتفاقيات دولية، نستعرضها خلال التقرير.
- مشروعات القوانين التي وافق عليها مجلس النواب
1 – مشروع القانون الخاص بسلامة السفن
وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1989 بشأن سلامة السفن[25].
ويهدف مشروع القانون إلى إلزام كل مالك أو مستغل للسفينة أو وحدة بحرية مصرية إخطار الجهة المختصة بما يرد عليها من تصرفات سواء بالبيع أو الإيجار، مع وضع عقوبة رادعة حال مخالفة ذلك، وذلك بهدف تمكين الجهات المختصة من متابعة جميع التصرفات التى تتم على السفن والوحدات البحرية وإعداد قاعدة بيانات محكمة لذلك، بما يضمن فرض الرقابة اللازمة على تلك السفن والوحدات البحرية لمنع ارتكاب الأعمال غير المشروعة بواسطتها.
وذكر التقرير البرلماني للجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة النقل والمواصلات أن الآونة الأخيرة شهدت تزايدًا فى حجم الجرائم المتعلقة بقطاع النقل البحرى وتزايد حجم الاستغلال غير المشروع للسفن والوحدات البحرية بصورة أصبحت تهدد الأمن القومى المصرى وتضر بحركة التجارة البحرية سواء على المستوى الداخلى أو الخارجي.
ويهدف القانون وضع آلية تمكن الجهات المختصة من متابعة جميع التصرفات التي تتم على السفن والوحدات البحرية بما يضمن فرض الرقابة على حركة الملاحة وضبط الحدود البحرية، وكذلك تمكين الجهات المختصة من الاحتفاظ بقاعدة بيانات دائمة التحديث عن ملاك ومستأجري السفن والوحدات البحرية المصرية وذلك في سبيل تحديد الأشخاص مرتكبي الأفعال غير المشروعة بواسطة تلك السفن والوحدات البحرية بشكل سريع وفعال[26].
2 – مشروع قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية
وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية الصادر بالقانون رقم (120) لسنة 1982م[27].
وجاء أخذ الرأي النهائي وقوفًا خلال الجلسة العامة، الثلاثاء 29 مارس/آذار، ويستهدف مشروع القانون مواجهة التوسع الحاصل في مجالات عمل كل من الوكالات التجارية والوساطة التجارية والعقارية، باستحداث قواعد جديدة تُنظم الحالات التي حدثت بها تطورات كثيرة تستلزم إعادة تنظيمها بشكل مفصل، بهدف وضع أحكام وضوابط موضوعية وإجرائية تسهم في إحكام الرقابة على تلك الأنشطة وخاصة نشاط الوساطة العقارية.
وبحسب تقرير اللجنة الاقتصادية حول التعديل فإنه يهدف إلى مواجهة الفوضى التي تفشت في السوق العقاري المصري، وكذلك لمواجهة عمليات غسيل الأموال وفقًا لأحكام قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002.
ويتعلق التعديل بشكل أساسي بتنظيم مسألة “الوساطة العقارية” وخاصة أن الحكومة تنشط في هذا المجال وتتوسع فيه بشكل كبير، غير أن التعديل نص على حظر مزاولة أيًا من أعمال الوساطة العقارية إلا لمن يكون مقيدًا بالسجل المخصص لهذا الغرض.
ويعتبر هذا التعديل الذي وافق عليه المجلس عقبة أمام عمل الكثيرين ممن يزاولون الوساطة العقارية، حيث سيتوقف عمل أغلب هؤلاء طبقًا للتعديل الجديد حتى يتم تقييدهم في السجل الحكومي المخصص لمزاولة هذا الغرض، كما سيكون التقييد مصاحبًا لفرض ضرائب على هؤلاء الوكلاء وهو ما يزيد العبء المالي عليهم، خاصة في ظل سيطرة الجيش على أغلب أعمال العقارات في مصر.
ووفق التعديل فقد أقرت المادتان 16 و 17 عقوبة على كل من يزاول مهنة الوساطة العقارية أو يقوم بعمل من أعمالها أو ينشئ منشأة لهذا الغرض، دون أن يكون مقيدًا بالسجل الخاص بذلك.
3 – مشروع قانون خاص بالإصلاح الزراعي
وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة، في 8 مارس/آذار، نهائيًّا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى[28].
ويهدف مشروع القانون إلى جواز تخصيص جزء من الأراضي المستولى عليها، لتنفيذ مشروعات أو لإقامة منشآت ذات نفع عام وذلك بناء على طلب إحدى الوزارات والمصالح الحكومية أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو الأشخاص الاعتبارية العامة، وذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء بناءً على عرض مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وفي حالة صدور أحكام تتضمن الإلزام بأعباء مالية، تتحمل الجهة المنقول إليها التخصيص تلك الأعباء، وفي حالة عدم قدرة الجهة على السداد تتحمل الخزانة العامة هذه الأعباء.
وذكرت اللجنة فى تقريرها أن هذا التعديل يحقق عدة أهداف تشمل الإسراع وتيرة تنفيذ مشروعات تطوير القرى المصرية والتغلب على عدم توافر التمويل المالى لدى الجهات الحكومية لتخفيف أعبائها المالية وللمساهمة فى تنفيذ هذه المشروعات القومية وإقامة مشروعات تنموية تسهم في رفع مستوى دخول ومعيشة صغار الزراع بقرى مصر.
وتضمن مشروع القانون إضافة فقرتين لنص المادة رقم “10 مكرر” من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى وتعديلاته أجازتا لهيئة الإصلاح الزراعى تخصيص جزء من الأراضى المستولى عليها لتنفيذ مشروعات أو لإقامة منشآت ذات النفع العام بناء على طلب المصالح والجهات الحكومية بدون مقابل أو بإيجار اسمى وإسقاط المديونيات المستحقة لهيئة الإصلاح الزراعى قبل تلك الجهات.
الفقرة الثانية: أجازت بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء، وبناءً على عرض مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى إسقاط المديونيات المستحقة للهيئة العامة للإصلاح الزراعى قبل الجهات سالفة الذكر والناتجة عن الاستغلال أو الانتفاع بالأرض المستولى عليها[29].
4 – مشروع قانون حول تنظيم السجون
وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي نهائيًّا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون[30].
وقد عرض النائب إبراهيم المصري تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الدفاع والأمن القومي ومكتب لجنة التعليم والبحث العلمي، موضحًا أن فلسفة مشروع القانون جاء مستهدفًا تعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون باستبدال وإضافة بعض العبارات والكلمات، وذلك في إطار خطة الدولة لتطوير المؤسسات العقابية من حيث مسمياتها، وأبنيتها، وإدارتها على نحو يهدف إلى ترسيخ قيم ومبادئ حقوق النزلاء بها.
وأضاف أن القانون يهدف إلى توفير الحماية المجتمعية لهم، وإصلاحهم وإدماجهم بالمجتمع، والاستفادة من تأهيلهم في برامج وخطط التنمية عن طريق دعم حقوق النزلاء التعليمية باستكمال دراستهم لمن لديهم الرغبة وأداء الامتحانات المقررة عليهم داخل مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية، وتشجيعهم على الاطلاع[31].
وقد جاء مشروع القانون متضمنًا ثلاث مواد بخلاف مادة النشر، على النحو التالي:
المادة الأولى: تضمنت إعادة صياغة الفقرة الأولى ليتم تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية في مراكز الإصلاح – بأنواعها – بدلًا من السجون . كما تمّ إلغاء البند “(أ) ليمانات” من ذات الفقرة الخاصة بأنواع السجون، واستبدال الثلاثة أنواع الأخرى (بمراكز إصلاح وتأهيل عمومية، مراكز إصلاح جغرافية، مراكز إصلاح وتأهيل خاصة تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية، ويحدد فيه فئات النزلاء).
المادة الثانية: نظمت المادة المستبدلة سبل تنفيذ الأحكام الصادرة لعقوبتيْ السجن المؤبد والسجن المشدد في مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية والجغرافية كما دمجت حكم المادتين رقمي (3، 4، والفقرة الثالثة من المادة 90) من القانون لتنسيق الأحكام وترابطها.
المادة 31: جاء تعديل المادة ترسيخًا لنهج الوزارة في سياساتها الداعمة لحقوق النزلاء التعليمية، وتشجيعًا لهم على استكمال دراستهم بتمكينهم من أداء الامتحانات المقررة عليهم داخل مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية وإمكانية أداء الامتحانات الشفوية أو العملية خارج تلك المراكز عندما يستلزم ذلك شرط ألا يكون هناك خطورة أمنية.
وتضمنت المادة الثانية من مشروع القانون استبدال العبارات والألفاظ أينما وردت في مسمى ومواد القانون رقم 396 لسنة 1956 أو في أي قانون آخر أو قرار آخر وذلك على النحو التالي: مسمى القانون “في شأن تنظيم مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي” بمسمى في شأن تنظيم السجون”. عبارة “قطاع الحماية المجتمعية” بعبارة “قطاع السجون”. عبارتا “مركز إصلاح وتأهيل أو مركز إصلاح” بلفظ “سجن”، وذلك في غير حالة النص عليه كعقوبة. عبارتا “مدير مركز الإصلاح والتأهيل” أو “مدير مركز الإصلاح” بعبارة “مأمور السجن”. عبارتا “مركز إصلاح وتأهيل عمومي”، أو “مراكز إصلاح وتأهيل عمومية” بمسميات “ليمان”، أو “ليمانات”، أو سجن غير مركزي”. عبارتا “مركز الإصلاح الجغرافي” أو “مراكز الإصلاح الجغرافية” بعبارتي “سجن مركزى” أو سجون مركزية”. لفظا “المشرفين”، أو “المشرفات” بلفظي “السجانين”، أو “السجانات”.
ومن المعلوم أن مصر تمر بحالة تردي في مجال حقوق الإنسان، وتشمل حرمان السجناء السياسيين من أدنى حقوقهم في العلاج والتعليم، وهو ما زاد حالات الوفاة داخل السجون، بالإضافة إلى منع الزيارة عن سجناء العقرب وعدد من السجون، ويوجد عدد غير قليل من الطلاب الذين لا يقدرون على استكمال تعليمهم بسبب تعنت السجون.
وفي فبراير/شباط الماضي، حدثت واقعة وصفها حقوقيون ونشطاء بـ”المؤسفة وغير الإنسانية”، حيث توفي سجين داخل أحد السجون المصرية دون إبلاغ ذويه الذين اكتشفوا خبر وفاته بمحض الصدفة أثناء الزيارة المقررة له، وذلك بعد أسبوع من وفاته في محبسه ونقل جثمانه إلى أحد المستشفيات.
وكشفت مواقع حقوقية عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي أن السجين يدعى تامر فكري جمال الدين (50 عامًا) وهو خطيب وإمام مسجد وله 5 أولاد وينحدر من قرية كرداسة بمحافظة الجيزة، وكان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات في قضية تعود لسنة 2017، وتوفي في سجن المنيا (جنوب القاهرة).
كما توفى معتقل مصري، داخل محبسه، نتيجة الإهمال الطبي، ما يجعله الضحية الـ6 خلال 2022. وأعلن مركز “الشهاب لحقوق الإنسان” (غير حكومي)، وفاة المعتقل “عبدالمحسن فؤاد”، من محافظة الإسكندرية، المحبوس احتياطيًّا منذ أغسطس/آب 2021، وذلك نتيجة إهمال طبي.
وفي هذا السياق فإن القانون الذي أقره المجلس ويشمل في أغلبه تعديل مسميات السجون إلى مراكز إصلاح، والسجانين إلى مشرفين، فإنه لا يغني عن حالة التردي التي تشهدها السجون يومًا بعد الآخر، ويُنتظر أن يقوم البرلمان بدوره في الرقابة على تنفيذ تلك القوانين.
5 – مشروع قانون حول مكافحة الهجرة غير الشرعية
وافق مجلس النواب الثلاثاء، 29 مارس/آذار، نهائيًّا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2016م[32].
يهدف مشروع القانون إلى مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والعمل على التصدي لها بالتوافق مع الأطر الدولية الصادرة في هذا الشأن من خلال تشديد بعض العقوبات المقررة على المخالفين لتتناسب مع حجم الجرائم المرتكبة، على النحو الذي يحقق فكرة الردع المرجوة منه على الصعيدين العام والخاص، وبما يتماشى مع أهداف الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وأكدت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية فى تقريرها، أن مشروع القانون جاء متوافقًا مع أحكام الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ومتماشيًا مع أبرز أهداف الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية (2016 – 2026) والتي تستهدف حماية الفئات الأكثر عرضة لخطر الاستغلال من جانب المهربين وهم الشباب والأطفال وأسرهم والوافدين إلى مصر بشكل غير شرعي وكذلك ردع ومعاقبة سماسرة وتجار الهجرة من خلال إجراءات وعقوبات مشددة.
- الموافقة على قرارات جمهورية
وافق مجلس النواب خلال جلساته المنعقدة في مارس/آذار على عدد من القرارات الجمهورية كالتالي:
- وافق المجلس على قرار رئيس الجمهورية رقم (12) لسنة 2022 بشأن الموافقة على اتفاق منحة التعاون المصري السويدي بشأن النقل الحضري وأوتوبيسات الحافلة السريعة بين وزارة التعاون الدولي والصندوق السويدي الدولي (المؤسسة المالية التنموية لمملكة السويد) بمبلغ (5) مليون كرونة سويدية[33].
- وافق المجلس على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 1 لسنة 2022 بشأن الموافقة على قرار مجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (الإيفاد) رقم 219 المُعتمد في روما خلال الفترة من 17 ـ 18 فبراير 2021 بشأن التجديد الثاني عشر لموارد الصندوق، وعلى وثيقة مساهمة جمهورية مصر العربية في هذا التجديد بمبلغ 3 مليون دولار أمريكي.
- وافقت الجلسة العامة في مجلس النواب، على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة العلاقات الخارجية ومكتبيْ لجنتيْ الشئون الإفريقية والدفاع والأمن القومي على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 633 لسنة 2021 بشأن الموافقة على الاتفاق بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية بوروندي بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة ولِمهمة، المُوقع في القاهرة بتاريخ 24 /3/2021.
وتهدف الاتفاقية لتوثيق العلاقات الثنائية بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية بوروندى وتعزيز علاقات الصداقة والتعاون بينهما، و تيسير حركة المسئولين الحكوميين لدى الدولتين.
الدفتر الفكري والثقافي
تزامنت نهاية شهر مارس/آذار 2022 مع حلول شهر رمضان المبارك، وهو الشهر الذي حولته بعض الأنظمة إلى مناسبة لنشر “الإسلاموفوبيا” من خلال المسلسلات التلفزيونية التي تحظى بنسبة عالية من المشاهدة. وقد تناول التقرير هذه الظاهرة بمناسبة عرض أحد المسلسلات التي تربط بين الإسلام والإرهاب.
كما تناول التقرير ظاهرة أخرى، هي ظاهرة “علماء السلطان” التي ترتبط بالدول الضعيفة، التي تفشل في تلبية احتياجات المواطنين، وتسعى لإسكاتهم بالقوة الخشنة تارة وبالقوة الناعمة تارة أخرى، ومنها الفتوى الدينية التي يُفتي بها هؤلاء “العلماء” لخدمة النظام.
- الدراما “الرمضانيّة” وظاهرة الإسلاموفوبيا
تحوّل شهر رمضان المبارك منذ سنوات عديدة إلى موسم لصنّاع الدراما في مصر والعالم العربي، لما يجدونه في هذا الشهر الفضيل من التفافٍ للأسر حول شاشات التلفزيون، ما يضمن لهم نسبة عالية من المشاهدة والوصول إلى الجماهير، حتى صار مصطلح “الدراما الرمضانيّة” من المصطلحات الشائعة.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن صحة هذا الأمر من عدمه، لأنه لا شك في أن الشهر هو شهر عبادة وموسم من مواسم الطاعات، ولا يجب أن ينساق المسلم وراء ما يمكن أن يلهيه عن العبادة ويُضيّع عليه هذه الفرصة التي لا تتاح له إلا من العام إلى العام، فيَخرج منه خالي الوفاض.
ولكن حديثنا عن أولئك الذين استغلوا ظاهرة ارتفاع نسبة المشاهدة للدراما التفلزيونية خلال الشهر الكريم لتوصيل رسائل هدامة، وتتنافى مع طبيعته الروحانية، وذلك بعد أن أدركوا أن الدراما التلفزيونية قد أصبحت ذات تأثير لا يُستهان به في صناعة الثقافة وتوجيه الرأي العام، وصارت تتمدد يومًا بعد يوم لتزاحم باقي الوسائل الإعلامية لنقل المعلومات أو توثيق الأحداث أو بث الأيدلوجيات[34].
استخدمت الدراما من قِبل هؤلاء كوسيلةٍ لتشويه صورة الإسلام في شهر هو من أقدس مقدسات الإسلام، عن طريق تخويف الناس من هذا الدين واتهامه باتهامات هو منها براء، والربط بينه وبين ظاهرة الإرهاب، وهو ما يُساهم في انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا.
ومناسبة هذا الحديث هي تلك الحملة الإعلامية التي روجت لمسلسل يُسمَّى “بطلوع الروح”، قيل إنه سوف يُعرَض في رمضان على شاشة إحدى الفضائيّات السعودية، ويقوم بالتمثيل فيه مجموعة من الممثلين المصريّين، على رأسهم ممثلة اعتادت على مهاجمة كل ما هو إسلامي.
والعجيب أن الإعلان عن هذا المسلسل قد تزامن مع اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع القرار الذي اقترحته باكستان باعتبار 15 مارس/آذار من كل عام يومًا لمكافحة “الإسلاموفوبيا” أو “رهاب الإسلام”[35]، وهو مصطلح يُعبّر عن حالة “الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام، كقوة سياسية تحديدًا، والتحامل والتمييز ضد المسلمين”، ويُعرّفه باحث مقارنة الأديان، السويدي ماتياس غارديل، بأنه “الإنتاج الاجتماعي للخوف والتحامل على الإسلام والمسلمين، بما في ذلك الأفعال الرامية لمهاجمة أو التمييز ضد أو عزل أشخاص بناءً على افتراضات ارتباطهم بالإسلام أو المسلمين”[36].
وتدور أحداث مسلسل “بطلوع الروح” حول امرأة تعمل في صفوف أحد التنظيمات الإرهابية المخابراتية “داعش”، وتظهر في زي هذا التنظيم وقد شدت رأسها بعصابة مكتوب عليها شعار التوحيد، وكأن هذا التنظيم الإرهابي هو الإسلام.
لم يكن هذا المسلسل هو أول محاولة لتشويه الإسلام عبر الدراما الرمضانية، فقد سبقته أعمال كثيرة، شوهت صورة المتدينين وحرفت بعض المفاهيم الدينية، بحجة مواجهة التطرف.
ويعتمد أكثر هذه المسلسلات على إقحام بعض المشاهد أو المواقف التي تتطاول على الدين أو تستهزئ ببعض رموزه وصوره في ثنايا الأحداث، كل هذا بهدف تشويه صورة المسلم ليصبح “لدى أهل الفن صورة بشعة للتزمت والتعقيد والتخلف والازدواجية الفكرية بين ما يؤمن به وما يعلنه، وبين ما يعلنه ويخفيه، أما غيره فهو المكافح المناضل الذي يحرص على المبادئ ولا يخون ولا يتناقض مع نفسه”.
وهكذا تصبح العباءة وإطالة اللحية ستارًا يتستر وراءه بعض الدجّالين من أجل سرقة أموال الناس والهروب بها إلى الخارج، ويمثل الحجاب في كثير من المسلسلات الدرامية عودة إلى التخلف والرجعية، وكل من تلتزم به إما فتاة قبيحة، معقدة، أو صاحبة مصلحة مادية، وهي لا تتخطى عند البعض منهم إحدى هؤلاء النسوة: المرأة العانس، المرأة التي تريد أن تزوج بناتها، الفتاة الساقطة، الفتاة التي يستغل ظروفها الاجتماعية شيوخ التطرف فيقنعوها بالحجاب، الفتاة التي تتكسب من وراء الحاجب. أما الفتاة المؤمنة التي تبتغي بحجابها مرضاة ربها فلا وجود لها في رأي كتّاب تلك الأعمال، وهذا أمر غير مستغرب مع تلك الحملات العالمية والمحلية ضد الحجاب[37].
والحقيقة أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر وجود التطرف الديني، ولكن هذه الظاهرة لا ترتبط بدين بعينه، حتى يتم ربطها بالإسلام، فالتطرف موجود لدى معتنقي جميع الأديان، ولابد من مواجهتها، والدراما وسيلة جيّدة لمواجهة الفكر المتطرف عن طريق تشريح الظاهرة، وتسليط الضوء على أسبابها الحقيقية، وتقديم الحلول الممكنة للقضاء عليها.
ولكن الذي يحدث هو استخدام الدراما من جانب صناعها المدعومين من أنظمة حاكمة تعادي التيّارات الدينية، وتعمل على تجفيف منابعها، دون أن تفرق بين التيّارات الوسطية المعتدلة التي لا علاقة لها بالتطرف والإرهاب وتيّارات أخرى مخابراتية الصنع.
يَصِف الشيخ الغزالي هؤلاء الذين يهاجمون الدين من خلال الدراما بزعم محاربة التطرف بأنهم شرذمة من أقوام تستروا بمحاربتهم للتطرف، بينما هم في الحقيقة عرفوا بالعلمانية، وظيفتهم الأولى محاربة التشريع الإسلامي عبر التشكيك بصدق نوايا الجماعات الإسلامية، والتشويش بالتالي على العامة وجمهور الناس، وإثارة الشك والارتياب في صدقها وأحقية ما تدعو إليه، فيمنع ذلك من رؤية الحق والاستجابة له، فتؤثر هذه الشبهات في الناس فتتعلق بها وتحسبها حجة وبرهانًا تدفع به الحق فيتحقق ما يريدون من صرف الناس عنها وعدم الاستماع إليها.
وهم لو كانوا صادقين فيما جاءوا به لقاموا على الأقل بدراسة علمية موضوعية لأفكارهم ولاستعانوا بعلماء الدين لمناقشة أفكارهم من منظور إسلامي صحيح يتعلق بتحريم ما حرم الله وإباحة ما أحل الله. ولكنهم على العكس من ذلك وجدوا في إهانة الإسلام هدفًا يختزل كل أفكارهم وقيمهم وعقائدهم، وهو هدف رخيص، لأنه يعبر عن جبنهم الواضح، أمام عقائد أخرى، وشرائع أخرى، حيث لا يستطيعون مجرد المساس بها من قريب أو بعيد.
واللافت هنا هو أن التوسّع في إنتاج مثل هذه المسلسلات التي تشوه صورة الدين والمتدينين قد قابله اختفاء ملحوظ للمسلسلات الدينية والتاريخية التي كانت تتصدر الإنتاج الدرامي في رمضان، وتقدم صورًا مشرقة للإسلام وتاريخ المسلمين، كمسلسل “محمد رسول الله”، و”لا إله إلا الله”، و”عصر الأئمة”، و”القضاء في الإسلام”، وغيرها من الأعمال الدينية والتاريخية المميزة.
وقد أرجع بعض صناع الدراما والنقاد هذه الظاهرة إلى تخلي الدولة – ممثلة في قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتلفزيون – عن إنتاج مثل هذه النوع من الدراما التي لا تهدف إلى الربح، لاسيما مع تكلفتها العالية التي تدفع المنتجين بالقطاع الخاص إلى الإحجام عنها؛ خاصّة مع عدم ضمان تحقيق إيرادات لتغطية النفقات[38].
ولكن النفقات الباهظة التي توجّه إلى أعمال دعائية للنظام الحاكم، والتي صارت مادة أساسية على مائدة رمضان الدرامية، تنفي أن يكون التمويل هو السبب في انسحاب الدولة من مجال الدراما الدينية والتاريخية، وإنما السبب هو أن هذه المسلسلات لا تخدم مصالح النظام الحاكم.
- الدولة الضعيفة وعلماء السلطان
تعجز الدولة الضعيفة عن تنظيم مجتمعها وتحقيق تطلعاته ومصالحه، وتتحول إلى دولة تعمل ضد مصالح المجتمع، وتلجأ إلى القمع تعويضًا عن ضعف شرعيتها ومؤسساتها، ما يجعلها تميل إلى تأسيس سطوتها على القهر والرقابة والتسلط[39].
ويُضاعف النظام من استخدام القوة لشعوره بالضعف، لتعويض غياب الشرعية والسلطة القانونية والأخلاقية التي تتمتع بها الدولة القوية، التي توفر لمواطنيها الأمن والخدمات الأساسية وتحمي حقوقهم المدنية.
ولكن القوة ليست هي الوسيلة الوحيدة التي يلجأ إليها النظام الحاكم في الدولة الضعيفة للسيطرة على الناس وكبح جماح غضبهم، إذ يلجأ إلى نوع آخر من القوة، هو القوة الناعمة، التي تستغلها الأنظمة الحاكمة في مخاطبة عقول المواطنين ومشاعرهم، عبر الإقناع أو الخداع.
وفي مجتمعاتنا الإسلامية، حيث الدين منها بمكان، كان علماء السلطان وسيلة من وسائل هذه القوة الناعمة، وذلك عن طريق سلاح الفتوى الدينية التي يفتي بها هؤلاء العلماء الذين يعملون لخدمة مصالح الحاكم، ويفتون بما يدعم مواقفه، مستغلين المشاعر الدينية للمواطنين الذين ينظرون إلى المتصدين للفتوى نظرة احترام بوصفهم حراس الشريعة.
وعلماء السلطان مصطلح يُطلق على أولئك الذين يسخرون علمهم لخدمة الحاكم، طمعًا في نفعه أو خوفًا من ضره، فيقومون بلي أعناق النصوص لتناسب مصالح حكامهم، وهو ما يؤدي إلى سقوط هيبة العلم والعلماء عند كثيرين ممن ينظرون إلى أمثال هؤلاء على أنهم قدوة، لأنهم يرون من الظالم جورًا وسفورًا جهارًا نهارًا ثم إذا بهم يجتهدون في إعانته وإيجاد المخارج له[40].
كان هؤلاء دائمًا أداة من أدوات الاستبداد وسلاحًا في يد الظالم، يستخدمه في محاربة معارضيه، عن طريق ما يصدرونه من فتاوى مسيسة.
ومؤخرًا، تفاقمت الأزمة الاقتصادية في مصر التي يعاني فيها المواطنون من مشاكل معيشية خانقة بسبب الفساد، وسوء الأداء الاقتصادي، والتضخم، وغلاء الأسعار، في وقتٍ يتفنن فيه النظام في ابتزازهم، ويواصل إرهاقهم بما لا يطيقون، وهو ما أدى إلى زيادة السخط الشعبي على النظام الحاكم الذي يتحسّب لأيّ تطور قد ينشأ عن هذا السخط المتنامي.
ولهذا لجأ النظام إلى جميع أسلحته، وفي القلب منها تجييش علماء السلطان، الذين اشتهروا عبر الفضائيات، ومنهم سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، والذي خرج على الناس عبر الفضائيات، ليذكرهم بأن الغلاء “ابتلاء الهي طبيعي، وسنة كونية”، واستشهد بقول الله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)[41].
“صدق” الهلالي وهو “المقرب من النظام”، فكل شيء بيد الله، ولكنه يدلس على الناس حينما يغض الطرف عن أسباب هذا الغلاء، وهي الفساد والسرقة وسوء إدارة البلاد، وهي أسباب مباشرة لما يعانيه المواطن المصري من مشاكل معيشية، وحينما يطالب المواطنيين بالتحمل، ويحجم عن تسمية المسؤول عن هذا الوضع، أو يطالبه بتحمل مسؤوليته.
ولم يقل الهلالي وأمثاله شيئًا عن حكم الدين في البذخ الذي تعيش فيه الطبقة الحاكمة التي امتصت دماء المصريين وأفقرتهم بسياساتها الفاشلة، ولم يشيروا إلى ما تشهده البلاد من مظاهر الإسراف الفاحش، من بناء القصور وشراء الطائرات الرئاسية الفخمة إلى استضافة الآلاف على حساب الدولة في مؤتمرات دعائية للنظام الحاكم وإنفاق الملايين على إنتاج المسلسلات والأفلام المستخدمة في تمجيد الحاكم وتشويه معارضيه.
وإذا انتقلنا إلى قضية أخرى تتصل بموضوعنا، فسنجد أن الأمر ينطبق على أولئك الذين أفتوا بأن فوائد البنوك حلال، لضمان تكديس الأموال في البنوك، وهو ما رأيناه في حالة مفتي مصر السابق، علي جمعة، الذي أحل فوائد البنوك، وقال: “من الظلم البين ألا يعطينا البنك فائدة في ظل ظروف التضخم الشديدة”. بل وخرج على الآداب التي يجب أن تتوفر في العلماء، حينما قال إن “مَن يتحدث عن الربا وربطها بفوائد البنوك فإنهم يستهدفون توجيه ضربة للقيادة السياسية ومصر ومقدرات الوطن”[42].
وإذا كانت الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان، مع بقاء الحكم، فإنها تتغير مع علماء السلطان على حسب مزاج الحاكم ومصالحه، فيغير أحدهم فتواه كما يغير ملابسه، وهو ما فعله علي جمعة، الذي كان يفتي بحرمة فوائد البنوك[43].
وإذا كانت بضدها تتميز الأشياء، فإن هذا الوضع يستدعي موقف سلطان العلماء، الشيخ العز بن عبدالسلام، الذي لم يكن يخشى في الله لومة لائم، ويواجه السلاطين بأخطائهم، حينما فكر السلطان قطز في فرض ضريبة على الشعب، من أجل تجهيز الجيش الذي سوف يدافع عن الإسلام والمسلمين ويحميهم من هجمات المغول.
كان من الممكن أن يقوم قطز بإصدار القرار دون الرجوع إلى أحد، فالعدو يقترب والبلاد في حالة حرب، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولكنه جمع الأمراء والعلماء ليستشيرهم في هذا الأمر.
إلى هنا ولا يمكن لأحد لأن يعتقد أن هناك من قد يرفض هذا القرار، ولكن العز بن عبدالسلام رفضه، وطالب السلطان بأن يبيع هو والأمراء وكبار رجال الدولة أملاكهم لتجهيز الجيش، فإذا نقص المال بعد ذلك فله أن يجمع ما تبقى من الشعب، حتى لا تضيق عليهم معيشتهم.
وقبل السلطان فتوى العز بن عبدالسلام، وبدأ بنفسه، فباع كل ما يملك، ثم أمر الوزراء والأمراء ببيع ممتلكاتهم، فامتثل الجميع، وانصاعوا لأمره، وجهز الجيش، ورفعت الضريبة عن كاهل الشعب[44].
لم يخش العز بن عبدالسلام في الله لومة لائم، ولم يُفتِ للسلطان بأخذ أموال الناس، ولم يخرج على الفقراء والمحتاجين ليقنعهم بالتحمُّل، وتقديم أموالهم للحكام الفاسدين باسم الوطنية الزائفة، رغم شرف الغاية التي من أجلها أراد السلطان جمع الأموال من الرعية، وهي الجهاد في سبيل الله ورد عدوان الأعداء.
رفض العز بن عبدالسلام أن يفتي السلطان بالأخذ من أموال الرعية، رغم أنه لم يتسفتيه في ابتزاز أموالهم من أجل بناء القصور وشراء الطائرات الرئاسية الفخمة وإقامة المؤتمرات الدعائية التي تستقدم الآلاف على حساب الأموال العامة وإنتاج المسلسلات والأفلام من أجل تمجيد النظام الحاكم وتشويه صورة معارضيه.
واليوم، يخرج أولئك الذين يُطلق عليهم لفظ “علماء” اصطلاحًا، ويفتح لهم الإعلام الذي يسيطر عليه النظام بابه على مصراعيه، ليطلبوا من الناس الصبر على الغلاء والرضا بالفقر والتعايش مع الأوضاع المتردية، ويُحِلوا ما حرم الله من أجل إخماد نيران الغضب الشعبي وإرضاء الحاكم.
الدفتر الإعلامي
يعرض الدفتر الإعلامي لشهر مارس/آذار 2022، قضيتين من القضايا التي تناولها الإعلام المصري باهتمام على مدار الشهر، وأثارت حالة من الخلاف على المنصات الإعلامية، وهما مسلسل “الاختيار3″، وغلاء الأسعار.
- “الاختيار 3” بين الإعلام الرسمي والسوشيال ميديا
روجت المواقع الصحفية والإخبارية المصرية “الحكومية” منذ بداية الشهر لمسلسل “الاختيار 3″، الذي يوثق فترة حكم الإخوان المسلمين في مصر، وركز المسلسل على كواليس أهم الأحداث في عهد الرئيس الشرعي، الدكتور محمد مرسي، والعلاقة بين الإخوان والدولة، وبين الجيش ومؤسسة الرئاسة.
وعمل المسلسل على إظهار الرئيس مرسي كشخصية مضطربة ضعيفة يجهل أصول الحكم، بالإضافة إلى تسليط الضوء على دور المهندس خيرت الشاطر وقيادات الإخوان، الذي يأتي كدور أساسي في المسلسل باعتباره أقوى شخصية داخل الإخوان التي تدبر الأمور وليست الرئاسة.
ويشهد الجزء الثالث مشاركة العديد من النجوم في بطولة العمل على رأسهم أحمد السقا، كريم عبد العزيز، أحمد عز، ياسر جلال، كما تضم قائمة الفنانين المشاركين في العمل ما يصل إلى 200 ممثل وممثلة.
فيما يجسد أحمد بدير شخصية المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع الراحل، والفنان مفيد عاشور يجسد شخصية الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
وعلى الجانب الآخر يجسد قيادات الإخوان كل من، الفنان خالد الصاوي في شخصية خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان، والفنان عبد العزيز مخيون بشخصية المرشد محمد بديع، ويقوم بدور الرئيس الشرعي محمد مرسي الفنان صبري فواز.
بالإضافة إلى بعض الأعمال الدرامية التي تتخذ طابع سياسي والتي أنتجتها الشركة المتحدة “التابعة للمخابرات العامة”، مثل مسلسل “بطلوع الروح” ومسلسل “ملف سري”. وتهدف هذه الأعمال في مجملها إلى تثبيت الصورة الذهنية حول الإسلاميين ووصفهم بالإرهاب، في مقابل تحسين صورة النظام الحاكم.
مسلسل الاختيار 3، كان مقدمًا في ساحات الإعلام الرسمية وغير الرسمية بين مؤيد ومعارض، حيث سادت حالة من التباين والشد والجذب بين مؤيدي السيسي، وبين معارضيه الذين أصدروا عددًا من الهاشتاجات على وسائل التواصل للسخرية من صانعي العمل.
مسلسل الاختيار 3، شهد أكبر حملة إشادة من إعلاميين مؤيدين للنظام، عملوا على الدعاية والترويج للمسلسل منذ البداية باعتباره يعرض أحداثًا “حقيقية” خلال فترة زمنية هامة، وذلك غير مستغرب في حالة الإعلام المصري الذي تسوده حالة من مركزية التوجيه.
الإعلامي أحمد موسى أشاد بعرض مسلسل الاختيار مؤكدًا أن المسلسل يعرض معلومات وتفاصيل في غاية الحساسية والأهمية عن تاريخ مصر في فترة شديدة الصعوبة إبان حكم الإخوان.
وأضاف أحمد موسى، في برنامجه على مسئوليتي، المذاع عبر شاشة صدى البلد، أن حلقات مسلسل الاختيار 3 كشفت الكثير والكثير عن الجماعة الإرهابية وأعضائها الذين لا يريدون لمصرنا الغالية أي خير.
وتابع الإعلامي أحمد موسى، أن حلقة اليوم من مسلسل الاختيار رقم 3 كشفت الكثير والكثير عن الجماعة الإرهابية وأعضائها الذين لا يريدون لمصرنا الغالية أي خير[45].
كما أشاد الإعلامي عمرو أديب، بمسلسل «الاختيار 3»، والذي وصفه بأنه “عابر للقنوات وليس ملكًا لقناة بعينها”، قائلًا: “الاختيار اليوم لا نتحدث إنتاجه في قناة أخرى، أنا أتحدث عن مسلسل يهم كل المصريي”.
وقال أديب، خلال تقديمه لبرنامج «الحكاية»، المذاع عبر فضائية «mbc مصر»، إن أول ظهور لياسر جلال الذي يجسد شخصية الرئيس عبدالفتاح السيسي “مفاجأة للعدو والحبيب”، مؤكدًا أنها كانت مفاجأة من التماثل الكبير جدًا، حتى اللحظة التي دار فيها «جلال» وظهر بشخصيته في المسلسل[46].
في حين انتقد نشطاء على مواقع السوشيال ميديا العمل الدرامي، من حيث أنه عمل توثيقي ويتنافى مع كافة قواعد التوثيق المتعارف عليها، فوجود بعض التسريبات التي أذاعتها أحداث المسلسل لا يعني صحة ما جاء في العرض الدرامي للعمل.
حيث بالغ العمل في تصوير شخصية السيسي كشخصية خارقة يقوم بكل المهام الصعبة في مقابل شخصية مهزوزة مضطربة للرئيس الشرعي محمد مرسي، وهو ما تداوله النشطاء بسخرية حيث لم يكن يبدو ذلك من حقيقة العلاقة بين مرسي والسيسي أثناء فترة الحكم.
وفي حديث لها مع “عربي 21”[47]، قالت الكاتبة الصحفية مي عزام: “لم يكن قرارًا حكيمًا أن يتم التعرض لدور السيسي، أثناء وجوده في الحكم بمسلسل تلفزيوني”.
عزام، أضافت في حديثها لـ”عربي21″: “فمن الصعب جدًّا عرض دور أي شخصية سياسية بحيادية وتجرد وهو في سدة الحكم”.
وتابعت: “كما أنه ستحدث مقارنة بين ما يشاهده المشاهد على الشاشة وبين ما يراه في الواقع، وسيكون هناك بالتأكيد مواقف يكون الاختلاف فيها كبيرًا بين هذا وذاك”، مشيرة إلى أن “هذه النقطة ليست في صالح السيسي، أو أي شخص في مكانه”.
وقال السياسي المصري مجدي حمدان موسى، إن “العمل الدرامي يصور فترة أبطالها ما زالوا في مواقع مسؤولية، ومن غير المعقول واستحالة أن يبقى متحيزًا بصورة قليلة”.
وأضاف لـ”عربي21″: “وبالتالي سيكون به الكثير من الادعاء بغير الحقيقة؛ ترضية لأبطال العمل الفعليين”.
ويرى موسى، أن “العمل الدرامي التاريخي يُفترض أن يُلقي الضوء على حقبة مضت وأبطالها إما فارقوا الحياة أو على الأقل تركوا مواقع المسؤولية، أو أن هناك محاكمات جارية لأطراف في المشهد، ما يصنع حالة من التجني أو التعاطف، ويصنع تأثيرات تخرج عن إطار الحياد[48].
وانتقد نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي المسلسل وظهور بعض الشخصيات الأمنية بصور الملائكة التي لا تخطئ، كما أنهم رأوا أن توقيت عرضه الآن غير مناسبة ولن يحقق الهدف منه.
وقال البعض إن هذا العمل بهذه الطريقة كان يمكن أن يقدم قبل 6 أعوام، مشيرين إلى أن المصريين الآن وصلوا لمرحلة النهاية مع النظام، وأن عرض المسلسل بهذا التوقيت جاء بنتيجة عكسية مع الكثيرين ومن أول حلقة.
- التناول الإعلامي لأزمة غلاء الأسعار
في خضم حالةٍ من تزايد الأسعار وهبوط قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار، وهو ما أثار غضب المواطنين، تصدر هاشتاج رغيف العيش قائمة تويتر، وثارت موجة من الانتقادات والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.
على الرغم من إدراك الحكومة لحالة الغضب ومحاولة احتوائها من خلال اتخاذ حزمة من القرارات التي تخفف من حالة الغلاء وعليه الغضب لدى الشارع، مثل التوسع في المنافذ لبيع سلع بأسعار مخفضة، وتشكيل لجنة لإدارة الأزمة وتقديم عدد من معارض السلع حتى نهاية رمضان، إلى غيره من قرارات مجلس الوزراء في مواجهة الأزمة.
غير أن الإعلام تعاطى مع الأمر بشكل مختلف، بعيدًا عن الموضوعية ومناقشة أسباب التدهور الذي أثر على حياة الناس بشكل مباشر، فقد اهتم الإعلام بالجانب السياسي، واستمر في نهجه الدائم في معالجة مثل هذه القضايا من خلال نظرية “المؤامرة”.
فمع انتشار واسع لتغريدات ومنشورات ومقاطع فيديو تندد بالارتفاع المتواصل للأسعار في مصر خلال الفترة الماضية، شن الإعلامي المصري إبراهيم عيسى هجومًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي وما ينتشر عبرها[49].
وطالب عيسى خلال تقديم برنامجه المذاع على فضائية “القاهرة والناس” بضرورة إنصات الدولة للمواطن من خلال النقابات والاتحادات وليس مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفها بـ”الموجهة”، قائلًا إن “السوشيال ميديا 99 بالمئة منها لجان إلكترونية منظمة ومدبرة”.
وقال إن اللجان الإلكترونية التي يقصدها لا تقتصر على لجان المعارضة، مشيرًا إلى وجود لجان إلكترونية خاصة بالحكومة تقوم هي الأخرى بتوجيه الرأي العام.
كما وجه اعتراضًا للحكومة وأعرب عن قلقه من تعامل الحكومة مع أزمة الخبز، متهمًا اللجان الحكومية التي تتعامل مع هذه الأزمة بأنها مكونة من مجموعة موظفين همهم فقط ألا يتعرضوا للمساءلة، وأنهم يحرصون على رضا رؤسائهم، ويصدرون قراراتهم لخدمة السلطة لا لخدمة الوطن، على حد قوله.
مضيفًا: “هذه اللحظة هي لحظة حريق أو وجع والناس محروقون بالأسعار، وطول الوقت بقت مقولة نار الأسعار والقرارات اللي بتصدر لازم تكون بتراعي الناس”.
من جهةٍ أخرى، تصدر اسم الإعلامي المصري عمرو أديب مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحاته الأخيرة حول غلاء الأسعار في مصر.
فقد أثارت تصريحاته موجة من الغضب والسخرية بعد دعوته المصريين إلى تعديل عاداتهم الشرائية على خلفية غلاء الأسعار، وقوله: “لا تشتروا البيض الأورغانيك”.
وطالب أديب، أثناء تقديمه برنامجه “الحكاية” على قناة “أم بي سي”، المستهلكين في مصر بالتوقف عن شراء الخبز و تحضيره في المنزل[50].
وهاجم أديب، المواطنين الذين يستغيثون بالدولة من غلاء الأسعار ويطالبون الدولة بأن تتخذ إجراءات لمواجهة غلاء المعيشة. وأضاف “أديب” أن الإخوان يهاجمون الدولة بسبب غلاء سعر أنبوبة الغاز 5 جنيهات.
وأضاف “أنتم ناسيين إن احنا كنا نقف في طابور طويل عشان نأخذ الأنبوبة”، مشيرًا إلى تصريحات حمد بن جاسم -الذي اعتبره مقربًا من الإخوان- أن قيادات الجماعة لا يصلحون لإدارة دكان. وأشار عمرو أديب إلى أن مصر دولة وليست “دكان”.
واستنكر الإشادة بوزير التموين السابق الدكتور باسم عودة، والذي تذكَّره الكثير من المغردين في هذه الأيام، مقارنة بالوزير الحالي، وتصريحات “عودة” عن حلم الاكتفاء الذاتي من القمح، قائلًا: “باسم عودة عمل ايه في الـ 8 شهور اللي قعدهم، وكان هيعمل اكتفاء ذاتي منين، وتكلفة الأرض وزراعتها وريها منين”.
وفي تصريح له على قناة “صدى البلد”، وجه الإعلامي والنائب مصطفى بكري حديثه لمَن في الخارج من المعارضين، داعيًا إياهم ألا يستغلوا الأزمة الاقتصادية، وألا يزايدوا على الشعب المصري، مبينًا أن الشعب لديه وعي، مشيرًا إلى أنهم لم ينتقدوا زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا، بل أوجدوا المبررات.
وأشار إلى أننا ندفع ثمن 25 يناير والفوضى إلى الآن، مؤكدًا أن السيسي تحدث كثيرًا عن معاناة المصريين، وقال إنه يتمنى منح الموظفين رواتب تصل إلى 20 ألف جنيه.
ويتضح من تصريحات بكري وأديب، أن الإعلام ما يزال تطارده ذكرى يناير وما نتج عنها في كل مناسبة مستدعين شماعة الإخوان حتى في الظروف التي يكون الإخوان أبعد ما يكونون عنها، فقط لأجل تحسين صورة النظام الحالي.
[1] مصر اليوم، قمة النقب: تشكيل لجان أمنية لمواجهة تهديدات إيران، 28 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3DLNWel
[2] وكالة الأناضول، شكري: مشاركة مصر في “قمة النقب” ليست لإنشاء تحالف، 28 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3uZTiia
[3] الشرق الأوسط، أطراف «قمة النقب» لم يتفقوا بعد على بيان مشترك، 28 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3uXtUJW
[4] عربي 21، يديعوت: قمة النقب تضمنت تعزيز التعاون بين القوات الجوية، 30 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3JjhQYD
[5] RT عربي، “لا تخدم سوى العدو”.. حماس تندد بـ”قمة النقب” بين وزراء عرب وإسرائيل، 27 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3qLZp8v
[6] وكالة الأناضول، إعلام إسرائيلي: لقاءات “شرم الشيخ” رسالة احتجاج الى واشنطن، 22 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3jg9h61
[7] العربي الجديد، اجتماع مصري إسرائيلي في الإسكندرية لتطوير التعاون الاقتصادي، 29 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3xeLvQ7
[8] وكالة الأناضول، مصر وإسرائيل تتفقان على تدشين خط طيران بين تل أبيب وشرم الشيخ، 16 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3x6uIP8
[9] ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسرائيل ومصر تتفقان على توسيع الرحلات الجوية بينهما، 16 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/38sc5en
[10] صدى البلد، اتفاق على بلورة إجراءات لتسهيل نفاذ السلع بين مصر وإسرائيل ضمن “الكويز”، 31 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3LO7AJg
[11] العربي الجديد، مصر وإسرائيل: لقاءات واتصالات لـ”مراجعة أطر العلاقات”، 22 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3NVPt6j
[12] العربي الجديد، اجتماع مصري إسرائيلي في الإسكندرية لتطوير التعاون الاقتصادي، 29 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3xeLvQ7
[13] TRT عربي، إسرائيل.. من عدة إلى شريك سلاح، 4 أبريل/نيسان 2022، https://bit.ly/3NTT5FO
[14] CNN بالعربية، خبراء يفسرون ضخ استثمارات خليجية بمليارات الدولارات في مصر، 6 أبريل/نيسان 2022، https://cnn.it/3KBWI1e
[15] وكالة الأنباء السعودية (واس)، إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. المملكة تقدم 5 مليارات دولار وديعة لدى البنك المركزي المصري، 30 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3JxcA3s
[16] وكالة الأناضول، السيسي وابن سلمان يؤكدان أهمية ضمان أمن البحر الأحمر، 8 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3Jv2jF9
[17] حركة الحرية والتغيير، لماذا تتنافس دول عربية على دعم الاقتصاد المصري شبه المنهار؟، 7 أبريل/نيسان 2022، https://bit.ly/3xmwg7N
[18] مصراوي، لماذا لجأت مصر لصندوق النقد الدولي مجددًا، 24 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3Oa4vFn
[19] France 24، مصر تخفض قيمة الجنيه بنسبة 17% أمام الدولار على خلفية الأزمة الأوكرانية، 21 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3JEkdW1
[20] الجزيرة نت، بعد خروج “الاموال الساخنة” توقعات بانخفاض قيمة الجنيه المصري، 14 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3Ed7rfO
[21] اليوم السابع، نائب وزير التعليم لـ “النواب” : لدينا عجز يصل إلى 250 ألف فصل و320 ألف معلم، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، https://bit.ly/3LTtPxE
[22] العربية نت، السعودية تودع 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، 30 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/37G9MUx
[23] روسيا اليوم، تقرير يتحدث عن صفقة ضخمة بين مصر والإمارات بـ 2 مليار دولار، 24 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/37eSAWk
[24] الحرة، تطورات متلاحقة.. قطر تستثمر 5 مليارات دولار وتستكشف الغاز في مصر، 29 مارس/آذار 2022، https://arbne.ws/3jAALnb
[25] اليوم السابع، النواب يوافق على قانون سلامة السفن ، 29 مارس/آذار 2022،
[26] أخبار اليوم، النواب يوافق على قانون سلامة السفن، 29 مارس/آذار 2022،
[27] الشروق، النواب يوافق نهائيًا على تعديلات قانون الوكالة التجارية، 29 مارس/آذار 2022،
[28] اليوم السابع، النواب يوافق نهائيًا على تعديل أحكام القانون الزراعي، 8 مارس/آذار 2022،
[29] الدستور، مجلس النواب يوافق على تعديلات قانون الإصلاح الزراعي في مجموعه، 7 مارس/آذار 2022،
[30] بوابة الأهرام، النواب يوافق على مشروع قانون تنظيم السجون، 8 مارس/آذار 2022ـ
[31] المصدر السابق.
[32] الأهرام، النواب يوافق نهائيًا على تعديلات قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، 29 مارس/آذار 2022،
[33] جريدة المال، حصاد مجلس النواب، خلال الفترة من 6 إلى 10 مارس، 11 مارس/آذار 2022،
[34] المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية، الدراما التلفزيونية وأثرها في المجتمع، https://iicss.iq/?id=3101
[35] العربية، الأمم المتحدة تعلن يوماً عالمياً سنوياً لمكافحة الإسلاموفوبيا، 16 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3JbrGf1
[36] جريدة الوطن، الإسلاموفوبيا «3» أسباب عززتها، 8 سبتمبر/أيلول 2016، https://bit.ly/3DE1Hvs
[37] صيد الفوائد، تشويه الإسلام في المسلسلا والأفلام، https://bit.ly/38uHuNe
[38] إرم نيوز، لماذا اختفت المسلسلات الدينية والتاريخية بالدراما المصرية؟، 22 فبراير/شباط 2019، https://bit.ly/3Jg07Rv
[39] الدولة العربيَّة القويَّة والضعيفة: المآلات بعد الانتفاضات العربيَّة، بيروت، لدار العربيَّة للعلوم ناشرون ، 2019، ص20.
[40] شبكة أهل السنة، سلطان العلماء وعلماء السلطان، 20 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3x9OERq
[41] الفجر، سعد الهلالي: الغلاء ابتلاء إلٰهي طبيعي وسنة كونية، 22 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3jq8U9b
[42] بوابة الأهرام، علي جمعة: فوائد البنوك حلال شرعًا.. والمحتكر يأكل «حار نار»، 28 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3jmsuTQ
[43] العربي الجديد، فوائد البنوك وتبجح مشايخ السلطة في مصر!!، 31 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3jrgP6a
[44] طريق الإسلام، فتوى الشيخ العز بن عبدالسلام حول اقتراح قطز بفرض الضرائب على الشعب، 30 سبتمبر/أيلول 2019، https://bit.ly/3jbJJHb
[45] صدى البلد، أحمد موسى “الإخوان مش عارفين يعملوا أيه” 4 أبريل/نيسان 2022،
[46] دوت الخليج، تعليق مفاجي من عمرو أديب على مسلسل الاختيار 3، 4 أبريل/نيسان 2022،
[47] عربي 21، أولى حلقات “الاختيار 3” تثير السخرية من أداء شخصية السيسي، 3 أبريل/نيسان 2022،
[48] المصدر السابق.
[49] الجزيرة نت، إعلامي مصري يطالب الحكومة لعدم الإنصات لمنصات التواصل، 17 مارس/آذار 2022،
[50] BCCعربي، عمرو أديب وغلاء الأسعار تصريحاته تثير جدلًا، 9 مارس/آذار 2022، https://bbc.in/3xmhvBM