الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
تصعيد في إدلب
تصعيد في “شرق الفرات”
المحور الثاني: ليبيا
حفتر يتمرد على الحكومة
زيارة مرتقبة لأردوغان
المحور الثالث: مصر
جمود محادثات التقارب
تأثير الملف الليبي على العلاقات البينية
تأثير التقارب التركي-الإماراتي
المحور الرابع: العراق
زيادة حدة العمليات العسكرية
تعاون متصاعد مع بغداد
المحور الخامس: الخليج
لقاء مع طحنون بن زايد
الدوافع التركية للتقارب مع الإمارات
العلاقات مع السعودية والبحرين
المحور السادس: فلسطين والكيان الصهيوني
رفض مساعدات إسرائيلية في حرائق الغابات
علاقة تركيا بحركة حماس
المحور السابع: أوروبا
زيارة موسعة لقبرص التركية
المشاريع التركية في الجزيرة
كسب الاعتراف الرسمي بقبرص التركية
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
مفاوضات حماية مطار كابل
تعامل تركيا مع طالبان
مستقبل مفاوضات حماية المطار
المحور التاسع: الداخل التركي
حملة كراهية ضد اللاجئين
حرائق الغابات والفيضانات
المقدمة
يبدو أن أجندة صانع القرار التركي كانت مزدحمة هذا الشهر، على المستوى الداخلي والخارجي. ففي الداخل، علت نبرة “كراهية” ضد اللاجئين السوريين، تسببت فيها بعض الأحداث والتصريحات التي أدلى بها سياسيون معارضون، كما شغل الرأي العام التركي لفترة طويلة مسألة الحرائق والفيضانات، وكثر الحديث عن أن بعض الحرائق عمليات تخريبية.
وفي الخارج، كان الملف الأبرز –ربما عالميًا- هو مسألة سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، الأمر الذي ألقى بظلاله على الخطاب التركي تجاه الحركة، وعلى مسألة تأمين تركيا مطار كابل الدولي بطلب أمريكي. أما على الساحة الأوروبية، فكانت القضية القبرصية حاضرة بشكل واضح مع زيارة الرئيس أردوغان إلى الجزيرة، وتأكيده على مسألة حل الدولتين، وسعي بلاده لكسب اعتراف دولي بقبرص التركية.
وعلى الساحة العربية، كانت المفاجأة بالنسبة للبعض لقاء أردوغان بطحنون بن زايد، مستشار الأمن الإماراتي، ومناقشة الطرفين لمسألة التقارب. وذلك بخلاف مصر، التي ما زالت اللقاءات متوقفة معها عند اللقاء الاستكشافي الأول والوحيد. وبالنسبة للعراق، فقد زادت حدة العمليات العسكرية بالتزامن مع إبرام اتفاقيات تعاون، منها اتفاق عسكري، بين أنقرة وبغداد.
أما في سوريا، فقد شهدت حالة عامة من التصعيد العسكري خلال الأسابيع الماضية، سواء في إدلب، أم في مناطق درع الفرات، تعاملت معها تركيا عسكريًا لكن بشكل محدود. وفي ليبيا، ما زالت الإشارات السلبية تتوالى حول نية حفتر التمرد على الحكومة، في الوقت الذي تحاول تركيا تثبيت أقدامها في المعادلة الليبية. وفي فلسطين، نستعرض تأثير علاقات تركيا بحركة حماس على علاقاتها مع دولة الاحتلال.
شهدت سوريا حالة عامة من التصعيد العسكري خلال الأسابيع الماضية، سواء في إدلب، أم في مناطق درع الفرات. ففي إدلب، لم يلتزم النظام السوري وداعموه الروس والإيرانيون بتفاهمات الجولة السادسة عشرة من مسار أستانة الخاص بالملف السوري وقبلها اتفاق موسكو مع الجانب التركي، والذي ينص صراحة على تهدئة في الشمال الغربي من سوريا، حيث تكررت المجازر التي يرتكبها الطيران الروسي وقوات النظام في ريف إدلب بحق المدنيين ولا سيما الأطفال والنساء.
ففي يوم واحد فقط، قُتل 13 شخصًا، بينهم ثلاثة أطفال وامرأة ومدني ومتطوع في الدفاع المدني، جراء استهداف قوات النظام بصاروخ موجه قرية سرجة بريف إدلب الجنوبي، وأتبعته بصاروخ موجه آخر على المكان ذاته أثناء توجه فرق الإنقاذ إلى المكان، كما تسبب القصف ذاته في إصابة أكثر من 20 شخصًا.[1]
وحسب إحصائية للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) فإن عدد المجازر التي ارتكبتها قوات النظام وروسيا بلغ سبع مجازر في ريف إدلب على الأقل خلال شهر يوليو/ تموز، راح ضحيتها 48 شخصًا بينهم نساء وأطفال، وجرح 45 آخرون.[2]
هذا التصعيد من النظام وحليفه الروسي قاد عشرات من السوريين المقيمين بإدلب، للخروج في مظاهرات متفرقة من منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، لمطالبة تركيا التدخل لإيقاف القصف والمجازر بحق المدنيين، لكونها ضامنًا للمعارضة السورية ومنطقة خفض التصعيد. كذلك، وجه المتظاهرون رسالة إلى المجتمع الدولي، ودعوه لوقف نزيف الدم، والمجازر في منطقة جبل الزاوية.[3]
كما قال “الائتلاف الوطني السوري” إنّ التطورات الميدانية والقصف المدفعي والجوي “الذي تنفذه قوات الاحتلال الروسي وقوات النظام والمليشيات الإيرانية يدفع الأوضاع على الأرض إلى حافة الانفجار مجددًا”، وفق بيان له. وطالب الائتلاف “الأطراف الدولية الفاعلة بالتدخل الجاد لوقف مخططات النظام وحلفائه، ومواجهة هذا الهجوم والتصعيد المستمر”.[4]
وتحت هذا الضغط، بادرت القوات التركية إلى قصف مواقع قوات النظام في ريف إدلب الجنوبي، وكذلك فعلت فصائل المعارضة المسلحة. حيث أطلق الجيش التركي عشرات القذائف على مواقع قوات النظام في مدينة معرة النعمان ومحيطها بريف إدلب الجنوبي، بالتزامن مع قصف مكثف من جانب فصائل المعارضة على مواقع لقوات النظام في جبل الزاوية.[5]
لكن الرد التركي جاء محدودًا، ما يعني أنه لم يخرج عن الوتيرة الطبيعية من القصف والقصف المضاد الذي يحدث في مناطق الشمال السوري من حين لآخر، كما أنه لم يتطور إلى شن عملية عسكرية واسعة. وربما هناك أسباب لها وجاهتها تمنع تركيا من تطوير هجومها على قوات النظام السوري التي تخرق الهدنة في إدلب.
من ذلك، أن أي تصعيد من تركيا سيقابل بتصعيد مضاد من قبل النظام وروسيا والميليشيات الإيرانية الداعمة للنظام، الأمر الذي قد يتسبب في موجة هجرة جديدة من إدلب إلى الأراضي التركية، في وقت لا تستطيع فيه أنقرة تحمل أعباء موجات هجرة جديدة. كما أن هناك ملفات أخرى تشغل صانع القرار التركي، أحدها الملف الأفغاني، سواء فيما يتعلق بموضوع حماية تركيا لمطار كابل، أو اللاجئين الأفغان.
وهذه الملفات هي ملفات آنية فرضت نفسها على الساحة ومن الصعب أن تنشغل عنها أنقرة بغيرها في هذه الفترة. علاوة على ذلك، فإن العامل الاقتصادي ليس في صالح شن عملية عسكرية واسعة في الوقت الحالي، حيث تتطلب هكذا عمليات ميزانية لتمويلها، الأمر الذي قد يشكل ضغطًا إضافيًا قد لا يتحمله المواطن التركي.
تصعيد في “شرق الفرات”
وكما حدث تصعيد على جبهة إدلب، فقد صعد تنظيم “بي كا كا” من عملياته كذلك، ضد القوات التركية، في منطقة درع الفرات، شمال سوريا. حيث استشهد جنديان تركيان وأصيب آخران، في هجوم استهدف مركبتهم بمنطقة عملية “درع الفرات” شمالي سوريا، أواخر يوليو/ تموز الماضي. وأكدت وزارة الدفاع التركية بعد الحادث مباشرة، تحديد مواقع الإرهابيين في المنطقة وقصفها بشكل فاعل على الفور إثر الهجوم.[6]
وبعيد الحادث، أجرى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، رفقة رئيس هيئة الأركان يشار غولار، وقائد القوات البرية أوميت دوندار، جولة تفقدية للوحدات العسكرية المتمركزة قرب الحدود السورية.[7] وأكد أكار أن جيش بلاده نفذ العمليات اللازمة ردًا على استشهاد الجنديين التركيين شمالي سوريا، وتم تحييد 12 إرهابيًا.[8]
لكن كما حدث على جبهة إدلب، فإن الرد لم يتوسع ليصبح عملية عسكرية كبيرة، بل ظل في نطاق العمليات الخاطفة، والقصف الجوي غير المستمر. ويعد العامل الاقتصادي الذي ذكرناه عن إدلب أحد أسباب عدم شن عملية ضد تنظيم “بي كا كا” الانفصالي. لكن ما يضاف هنا إلى هذه الأسباب هو الموقف الأمريكي الداعم للتنظيم.
فمن المرجح أن تتأثر العلاقات الأمريكية-التركية سلبًا حال شنت تركيا أي عملية عسكرية واسعة ضد تنظيم “بي كا كا” أو أحد توابعه في الشمال السوري. وفي العموم، فإن تركيا تعلن دائمًا جهوزيتها لأي رد فعل دولي أو أمريكي حال مس الأمر أمنها القومي. لكن يبدو أن التوقيت حاليًا غير موات لشن هكذا عملية، في ظل حالة يسودها التركيز على الملفات المشتركة مع واشنطن.
تشهد الساحة الليبية حالة من التسخين المستمر منذ أشهر، حيث تتعدد الإشارات السلبية الصادرة عن معسكر الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، التي ذكرنا منها الشهر الماضي، على سبيل المثال، تهديد حفتر باقتحام طرابلس مرة أخرى، قائلًا خلال لقاء مع الإعلامي التابع له، محمود المصراتي: “إن لم نصل لحل، فإن قواتكم المسلحة (مليشيات حفتر) مستعدة مرة أخرى لتحرير العاصمة”.[9]
لكن زادت هذه الإشارات السلبية عدة إشارات أخرى في ذات السياق خلال الأسابيع الماضية. كان أهمها هو تصريح حفتر أن مليشياته لن تخضع للسلطة الحالية، مبررًا ذلك بأنها ستتعامل فقط مع “سلطة ينتخبها الشعب مباشرة”. وأضاف أن مليشياته “ستظل صامدة مهما بلغت حنكة الكائدين في الخداع باسم المدنية أو غيرها”، على حد تعبيره.[10]
وربما يكون هذا التصريح كافيًا للتدليل على نية حفتر عرقلة المسار السياسي القائم، إذا ما هدد وجوده في المعادلة الليبية المستقبلية. إلا أن هناك إشارات أخرى ذات دلالة كذلك، منها تعديه سلطاته الدستورية، وتغوله على سلطات المجلس الرئاسي في البلاد، التي يكفلها له القانون. حيث أصدر حفتر سلسلة قرارات بتعيين قيادات جديدة لقواته وترقية عدد من الضباط، وشملت القرارات إعادة تشكيل غرفة عمليات سرت الكبرى وتكليف اللواء، أحمد سالم، آمرًا لها.[11]
قرارات حفتر غير الدستورية دفعت المجلس الرئاسي الليبي لإصدار بيان أكد فيه اختصاصه في “ترقية الضباط العادية والاستثنائية وتشكيل وإنشاء الوحدات العسكرية وتعيين آمري المناطق العسكرية ومعاونيهم”، مؤكدًا أن “أي قرار يصدر بالمخالفة لذلك من أي جهة أو منصب يعتبر باطلًا وجب إلغاؤه لصدوره من جهة غير مختصة”.[12]
علاوة على ذلك، وفي ذات السياق الذي يعرقل مسار الحل السياسي في ليبيا، خاطبت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بضرورة تجميد الاتفاقيات العسكرية ومذكرات التفاهم المبرمة مع أي دولة كانت. وبالطبع، فإن تركيا أحد أهم الأطراف الذين تضمنهم هذه الدعوة، إن لم تكن أهمها.[13]
وفي المقابل، رد المجلس الأعلى للدولة الليبي على اللجنة العسكرية، مطالبًا إياها بضرورة “النأي بنفسها” عن الحديث في الشأن السياسي والاتفاقيات الدولية بالبلاد. وأوضح بيان المجلس أن الاتفاقيات “محصنة من المساس بها وفق مخرجات الحوار السياسي، ويسري ذلك إلى حين وجود سلطة تنفيذية وتشريعية منتخبة”.[14]
كما تحدث آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، أسامة الجويل، رافضًا “بشدة طلب لجنة 5+5 تجميد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي أبرمتها الحكومة الشرعية السابقة”. وأضاف أن “الاتفاقية مع تركيا جاءت بناء على طلب حكومة معترف بها دوليًا للمساعدة في صد العدوان على طرابلس أما روسيا والدول الأخرى الموجودة على الأرض لا تقر بأي اتفاقية مع ليبيا”.[15]
ومن الواضح أن المسؤولين الليبيين يرون أن الأمور تتجه نحو السلبية كذلك، فقد أضاف “الجويل”، في تغريدة على تويتر، أن “هنالك إشارات متكررة لاحتمال اندلاع الحرب مجددًا”، وأعاد الناطق باسم الجيش الليبي، محمد قنونو، نشر تصريحات الجويلي الخاصة باحتمالية الحرب، على حسابه بـ”تويتر”، وعلق قائلًا: “وإن عدتم عدنا”.[16] وفي تصريح آخر، أقر رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، بصعوبة توحيد المؤسسة العسكرية معتبرًا “الأمور ليست سهلة”.[17]
وفي ظل هذا الجو الذي يشي بمحاولات حثيثة لتهميش دور الحكومة الليبية، وتجريدها من أهم حليف لها، تركيا؛ عقد المسؤولون الأتراك لقاءات عدة مع أفراد من حكومة الوحدة الوطنية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الليبي، الذي زار تركيا مؤخرًا، على رأس وفد يضم وزير الدولة للاتصالات والشؤون السياسية الليبي وليد اللافي، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ووزير الدولة لشؤون رئيس الوزراء عادل جمعة، ووكيلًا لوزارة الداخلية الليبية.[18]
وقد صرح اللافي قبيل اللقاء أن الموضوعات المطروحة للنقاش هي “عودة الشركات التركية للعمل في ليبيا، وتسهيل إجراءات التأشيرة ومتابعة الملفات العالقة، واتفاقيات المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي الليبي التركي، وسبل التعاون في الملف الصحي”.[19] وقد يكون هذا صحيحًا بشكل جزئي، فعلى سبيل المثال، وقعت تركيا وليبيا بعد هذا اللقاء اتفاقية في المجال الصحي، نصت على التعاون في مجالات إدارة المستشفيات، والتدريب قصير المدى للكوادر الطبية، وخاصة فيما يتعلق تطوير خدمات الرعاية الصحية ومكافحة جائحة فيروس كورونا.[20]
لكن اجتماعًا كهذا بين الرئيس التركي ورئيس الوزراء الليبي لا يمكن له أن يتجاوز الإشارات السلبية السابق ذكرها، التي تهدد الدعم التركي للحكومة، بل والوجود التركي في المسألة الليبية بالكلية. ولذا، فإنه من الراجح أن الطرفين ناقشا التطورات السياسية والميدانية، ومسألة التحضير للانتخابات القادمة المزمع عقدها أواخر العام الجاري.
وربما يدلل على ذلك، الإعلان عن زيارة للرئيس أردوغان إلى طرابلس في في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. حيث أعلن المكتب الإعلامي للحكومة الليبية أنه تم الاتفاق على عقد الاجتماع الثاني لمجلس التعاون الاستراتيجي الليبي التركي بمدينة طرابلس في أكتوبر/تشرين الأول المقبل وبحضور الرئيس أردوغان.[21]
والإعلان عن زيارة على هذا المستوى، للمرة الأولى، من شأنه أن يرسل رسالة إلى جميع الأطراف المنخرطة في الساحة الليبية – وخصوصًا الخارجية منها- أن انسحاب أنقرة من الساحة الليبية في الوقت الحالي، وقبل انتخاب حكومة ليبية منتخبة مستقرة تبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، ليس موجودًا على أجندتها.
ما زالت العلاقات التركية المصرية متوقفة عند اللقاء الاستكشافي الأول والوحيد، الذي عُقد في القاهرة، بين نائبي وزيري خارجية البلدين. فرغم التوقعات بعقد لقاء استكشافي آخر، بعد أن استجابت أنقرة لجزء من مطالب القاهرة، فيما يتعلق بالإعلام المصري المعارض الذي ينطلق من الأراضي التركية؛ إلا أن لقاء كهذا لم يعقد بعد، كما لم يصرح أي من الطرفين بموعد تقريبي للقاء.[22]
ولم تصدر تصريحات كذلك حول العلاقات يمكن أن تؤثر في مسار التقارب بشكل لافت. فمن الجانب التركي، قال أحمد بوراك داغلي أوغلو، رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية، إن العلاقات التجارية مع مصر تسير بشكل مستمر دون انقطاع، خلال السنوات الخمس الماضية، مضيفًا أنه “إذا استقرت العلاقات السياسية أكثر فإن هذا سيؤدي إلى زيادة التبادل التجاري”.[23] ويبدو هذا التصريح بات روتينيًا بشكل أو بآخر.
كما صدر بيانان من الجانب المصري تضامنًا مع تركيا في مواجهة تداعيات كارثة حرائق الغابات. حيث نص بيان الخارجية المصرية على أن “مصر تابعت بمزيد من الحزن والأسى أنباء الخسائر البشرية الناتجة عن اندلاع حرائق الغابات في عدد من المناطق المختلفة في تركيا”. وأضافت: “تتقدم مصر في هذا الإطار بخالص التعازي لأسر الضحايا وتعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين”، مؤكدة على “تضامن مصر مع الشعب التركي الشقيق في مواجهة تداعيات هذه الكارثة الطبيعية”.[24] كما أصدر الأزهر الشريف بيانًا مشابهًا كذلك.[25]
لكن ربما كان التصريح الأبرز في سياق العلاقات، والذي قد يعتبره البعض مؤثرًا هو تعليق مصر على خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي يعتزم تنفيذها في منطقة “فاروشا” في قبرص التركية. حيث عبرت الخارجية المصرية عن عميق القلق إزاء “ما تم إعلانه بشأن تغيير وضعية منطقة فاروشا بقبرص من خلال العمل على فتحها جزئيًا، معتبرة أن ذلك يخالف قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.[26]
ورغم ما يبدو عليه هذا التصريح من انتقاد للخطوات التركية؛ إلا أنه من المرجح أن يتجاوزه الطرفان؛ ذلك أن دوافع الطرفين للتقارب أكبر من أن تعرقلها بيان لا يترتب على إصدراه عرقلة للخطط التركية في شمال قبرص. كما أن الفترة الأخيرة شهدت تقاربًا واضحًا وزيارات متبادلة بين المسؤولين اليونانيين ونظرائهم المصريين، وهذا في ظل الحديث عن التقارب التركي-المصري، واتخاذ خطوات في هذا المسار. ما يعني أن أنقرة تعي أن تقاربها مع القاهرة لن يجعل الأخيرة تتبنى الرؤية التركية في شرق البحر المتوسط، بقدر ما سيحيد التأثير السلبي للتحالف اليوناني-المصري بقدر ما.
تأثير الملف الليبي
إذن، فإن هناك شبه فتور حاليًا في مسار تطوير العلاقات بين مصر وتركيا، لكن أساس التقارب لم تنقضه أي من الدولتين بعد. وربما يرجع أحد الأسباب في هذا الفتور إلى الملف الليبي، حيث تتعارض الأجندتان، التركية والمصرية، وتطالب القاهرة مرارًا بسحب القوات الأجنبية من ليبيا. لكن في المقابل، فإن الانسحاب التركي من ليبيا غير متوقع قبل مجيء حكومة منتخبة تبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي.
ذلك أن انسحاب تركيا قد يترتب عليه سعي من الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، للانقلاب على كامل المسار السياسي مرة أخرى، بسبب اختلال ميزان القوى لصالح حفتر. وعلى هذا، فمن الصعب أن تتجاوب تركيا مع مصر فيما يخص الانسحاب من الملف الليبي. لكن وفقًا لنقل أحد المواقع الإخبارية عن مصادر دبلوماسية مصرية، فإن مطالب مصر هي عدم إدخال أسلحة جديدة إلى الأراضي الليبية، والبدء في جدولة انسحاب العناصر التركية من ليبيا خلال العام الحالي.[27]
غير أن اقتراح وضع جدول زمني حاليًا لخروج القوات التركية ربما يكون غير واقعي، ذلك لوجود حالة مستمرة من التصعيد من قِبل حفتر في ليبيا، وتهديد متصاعد للعملية السياسية هناك. وبالتالي، فإن تركيا إن وافقت حاليًا على جدول زمني كهذا، فإنها تكون قد قيدت نفسها بشكل أو بآخر، في وقت ينبغي فيه أن تكون خياراتها كلها متاحة لمعاونة الحكومة الشرعية في التصدي لمحاولات تسخين الساحة الليبية.
لذا، فإنه من المتوقع ألا تتجاوب أنقرة مع القاهرة في الالتزام بخروج الأولى من ليبيا، وإن اضطرت تركيا تحت الضغط الإقليمي والدولي للموافقة على جدول زمني لانسحابها، فإن تنفيذ هذه الجدولة ستظل محل شك، إذا ما استمر التصعيد الكلامي والميداني على الساحة الليبية، واستمر معه تواجد الميليشيات الأجنبية الداعمة لحفتر في الشرق الليبي.
التقارب التركي-الإماراتي
وفي المقابل، هناك تحريك حدث هذا الشهر في ملف العلاقات الإماراتية-التركية، وذلك باستقبال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وفدًا إماراتيًا برئاسة مستشار الأمن الوطني، طحنون بن زايد. ووصف أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، اللقاء بأنه “تاريخي وإيجابي”.[28] وعلى هذا، فإن التحرك الإماراتي الأخير ربما يسهل مسار التقارب المصري-التركي بشكل أو بآخر، نظرًا لأن الإمارات أحد أقرب حلفاء النظام المصري.
تصاعدت العمليات العسكرية التركية في الشمال العراقي خلال الأسابيع الماضية، وبموازاة ذلك، تصاعد أيضًا التعاون بين أنقرة وبغداد، خصوصًا في المجال العسكري.
وفيما يخص العمليات العسكرية، فإن القوات المسلحة التركية لم تعلن عن عمليات جديدة، فما زالت عمليتا “مخلب البرق” و”مخلب الصاعقة” مستمرتين، منذ أن أطلقهما الجيش التركي بشكل متزامن في 23 أبريل/ نيسان الماضي، ضد إرهابيي “بي كا كا” في مناطق “متينا” و”أفشين-باسيان”، شمالي العراق.
لكن مسار الأحداث يؤكد أن هناك تصعيدًا عسكريًا ميدانيًا بين الجيش التركي والميليشيات الانفصالية في الشمال العراقي. فقد شهدت الأسابيع الماضية استشهاد 6 جنود أتراك على الأقل، أثناء مكافحة التنظيمات الانفصالية على الحدود مع العراق، سواء بإطلاق نيران خلال الاشتباكات،[29] أو بعبوات ناسفة يزرعها حزب العمال الكردستاني الإرهابي.[30]
وفي المقابل، كان وما زال رد أنقرة مستمرًا على هذا التصعيد، حيث لا يكاد يمر يوم إلا وتعلن وزارة الدفاع التركية تحييد مجموعات منتمية للتنظيمات الإرهابية الانفصالية في شمال العراق. ومن الملاحظ أن الغارات الجوية الدقيقة، هي أحد أبرز التكتيكات العسكرية التي تتبعها القوات المسلحة التركية. فمؤخرًا، حيد الجيش 10 عناصر من تنظيم “بي كا كا” الإرهابي في منطقة سنجار، شمالي العراق، بغارات جوية واحدة.[31]
وأواخر الشهر الماضي، أعلنت وزارة الدفاع التركية تدمير 40 هدفًا لإرهابيي تنظيم بي كا كا، في مناطق جبال قنديل وغارة وهاركوك وزاب. وشملت الأهداف المدمرة مخابئ ومستودعات ذخيرة ومقرات يستخدمها التنظيم للانطلاق في عمليات ضد الجنود الأتراك، وحتى ضد الداخل التركي.[32]
كذلك، تمكن جهاز الاستخبارات التركي من إلقاء القبض على جمشيد دمير (اسمه الحركي بيرو كاركر)، في شمال العراق قبل نقله إلى تركيا. وهو عضو بارز في منظمة “بي كا كا” الانفصالية، ومدرج على النشرة الحمراء للمطلوبين لدى منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول”، وكان يعمل في مقر قيادة المنظمة بجبل قنديل.[33]
إذن، فإن هناك تصعيد واضح في مسار مكافحة تنظيم “بي كا كا” وأفرعه. وتستخدم أنقرة في ذلك طرقًا متعددة سواء عبر الاشتباك على الأرض، أو باستخدام الطائرات المسيرة، أو بمعاونة جهاز المخابرات في تتبع قادة وأفراد التنظيم وإلقاء القبض عليهم. وتحمل بيانات وزارة الدفاع التركية دائمًا تأكيدات بأنها مستمرة في عملياتها، كما تحمل عبارات من قبيل: “هدمنا أوكار الإرهابيين على رؤوسهم أينما كانوا، وسنواصل ذلك”.
تعاون متصاعد مع بغداد
وفي أثناء تصاعد الأحداث في الشمال العراقي، فإن التعاون بين تركيا والعراق شهد تقدمًا خلال الأسابيع القليلة الماضية. فقد استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، مؤخرًا، واستمر اللقاء نحو 40 دقيقة، بحسب بيان صادر عن دائرة الاتصال في الرئاسة التركية. ولم يُعلن عن فحوى اللقاء؛ إلا أن بعده بأيام، عُقد لقاءين آخرين تمخض عنهما بعض الاتفاقات.[34]
حيث زار وزير التجارة التركي، محمد موش، بغداد، والتقى بنظيره العراقي علاء الجبوري في مقر الوزارة بالعاصمة العراقية. واتفق الطرفان على “تشكيل لجان مشتركة لحل القضايا الخلافية وإيجاد رؤية مشتركة تسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية”، كما أعرب كل منهما عن رغبته في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا 17 مليار دولار، ويطمح البلدان لرفعه إلى 20 مليارًا خلال الفترة المقبلة.[35]
وتلى هذا اللقاء الاقتصادي لقاء عسكري جمع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، بنظيره العراقي جمعة عناد، على هامش معرض إسطنبول الدولي للصناعات الدفاعية “آيدف IDEF”. ووفق بيان لوزارة الدفاع التركية عن اللقاء، فإن أكار وعناد تناولا المسائل الدفاعية والأمنية والتعاون الثنائي والإقليمي في الصناعات الدفاعية.[36]
ثم وقع رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، ورئيس هيئة التصنيع الحربي في العراق محمد صاحب الدراجي، اتفاقية تعاون إطارية، في مجال الصناعات الدفاعية. وتشمل الاتفاقية مأسسة التعاون التركي العراقي بما يمهد لتنفيذ فعاليات تعاون في مجال الصناعات الدفاعية، بالإضافة إلى تأمين البلدين كافة احتياجات المؤسسات الأمنية من المعدات والخدمات المتعلقة بالدفاع، والعمل المشترك على تطوير الأسلحة وإنتاجها، وبيعها لطرف ثالث.
كما تنص على العمل المشترك من أجل صيانة وتحديث المنظومات الحربية في ترسانة الدولتين، والتعاون في نقل التكنولوجيا والتعليم والمعلومات والوثائق. وتشمل الاتفاقية أيضًا عقد اجتماعات دورية بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية، من أجل متابعة سير وعمل مشاريع التعاون المتفق عليها بين الدولتين، وتبادل الزيارات للهيئات الفنية وللخبراء في مجال الصناعات الدفاعية.[37]
وبالطبع، فإن تقوية الجيش العراقي تصب في صالح تركيا، خصوصًا في الوقت الحالي. حيث إن تطوير قدراته القتالية بحيث يكون جاهزًا لبسط سيطرته على شمال العراق يخفف عبء مكافحة تنظيم “بي كا كا” عن أنقرة. حتى أن الأخيرة كانت قبل شهور على وشك شن عملية عسكرية واسعة في مدينة سنجار، أحد أكبر معاقل التنظيم الانفصالي، حال وافقت بغداد على إسناد القوات التركية.
كذلك، فإن عقد مثل هذه الاتفاقات العسكرية يؤكد –على أقل تقدير- أن البيانات التي تصدر من العراق من حين لآخر، والتي تنتقد فيها بغداد دخول القوات التركية إلى شمال البلاد، لا تؤثر في جوهر العلاقة التعاونية بين البلدين، سواء على الجانب الاقتصادي أم العسكري والسياسي.
ربما كان التطور الأبرز في ساحة العلاقات الخارجية التركية هو في المحور الخليجي، حيث كان هناك تطورًا لافتًا في مسار العلاقات التركية-الإماراتية، بزيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد آل نهيان، إلى العاصمة التركية أنقرة، ولقائه بالرئيس رجب طيب أردوغان.
وجاء اللقاء مفاجئًا بشكل أو بآخر، حيث لم يُعلَن عن احتمالية عقد لقاء قريب بين أي من مسؤولي الدولتين، كما أن الأسابيع الأخيرة خلت من أي إشارات علنية بين الجانبين. وكما قد أشرنا في المحور الخليجي من العدد السابق من هذا الملف، إلى احتمالية وجود اتصالات غير معلنة بين الطرفين على المستوى الاستخباري، على غرار ما حدث في مسار التقارب مع الجانب المصري.[38]
حيث سبق اللقاء والاتصالات الدبلوماسية بين المسؤولين المصريين ونظرائهم الأتراك تواصل متتابع على المستوى الاستخباري. وبالفعل، فإن هذا ما حدث مع الجانب الإماراتي كذلك، حيث صرح الرئيس أردوغان عقب اللقاء، أن “تركيا وفي مقدمتها جهاز استخباراتها قامت خلال الأشهر الماضية بعقد بعض اللقاءات مع إدارة أبو ظبي، وتم التوصل خلالها إلى نقطة معينة”.[39]
ويبدو أن لقاء أردوغان بطحنون بن زايد كان إيجابيًا بالنسبة للطرفين. فمن الجانب الإماراتي، وصف أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، اللقاء بـ”التاريخي والإيجابي”.[40] وبدوره، صرح أردوغان عقب اللقاء أن الطرفين حددا “خارطة طريق وكيف ومَن سيتخذ الخطوات على خارطة الطريق”، وأضاف أردوغان: “سنعقد بعض اللقاءات مع محمد بن زايد في الفترة المقبلة، وبعد اجتماع اليوم أعتقد أنها ستُعقد إن شاء الله”، ما يعني أنه يرى اللقاء بطريقة إيجابية كذلك.
كما ركز اللقاء بشكل واضح على الجانب الاقتصادي، فوفق قرقاش، فإن “التعاون والشراكات الاقتصادية المحور الرئيسي للاجتماع”، كما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن الرئيس أردوغان بحث مع الوفد الإماراتي “سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بخاصة التعاون الاقتصادي والتجاري والفرص الاستثمارية في مجالات النقل والصحة والطاقة”. كذلك أكد الرئيس أردوغان أن “الإمارات ستقوم قريبًا باستثمارات كبيرة في بلاده”، مؤكدًا أن المسؤولين الإماراتيين لديهم “خططًا استثمارية جادة للغاية”.
الدوافع التركية للتقارب
يبدو كل من تركيا والإمارات وكأنهم على طرفي نقيض فيما يخص السياسات الخارجية، بل وحتى الداخلية منها في بعض المسائل. فسياسات كلا البلدين متعارضة بشكل واضح على الساحة الليبية، والخلاف شرقي البحر المتوسط، وفي سوريا، حتى إن تركيا اتهمت الإمارات –بشكل أو بآخر- بالاشتراك في المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016.[41] لذلك، فإن التقارب بينهم –حال استمراره- سيكون تكتيكيًا إلى حد بعيد.
ورغم أن الإمارات حاولت إعاقة تركيا في هذه الساحات؛ ورغم أن التصريحات التركية بلغت حد التهديد في وقت من الأوقات على لسان خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، حين قال إن أبوظبي أضرّت ببلاده في ليبيا وسوريا، وإن “أنقرة ستحاسبها على ما فعلت في المكان والزمان المناسبين”؛[42] إلا أن سياسة التقارب وحلحلة الخلافات التي تنتهجها تركيا منذ مطلع العام الجاري طالت الإمارات كذلك.
ويبدو أن ملف الانتخابات العامة في تركيا المزمع عقدها عام 2023، هو الدافع الأبرز لهذا التقارب. حيث إن الأحزاب التركية بدأت في التحضير لهذه الانتخابات المصيرية منذ شهور، في وقت تواجه الحكومة ملفات متعددة ومهمة، خاصة الملف الاقتصادي الذي هو من أبرز محددات الناخب التركي لاختيار ممثليه. وعلى ذلك، يبدو أن القيادة التركية أبدت مرونة في التعامل مع الإمارات، بغية الاستفادة منها في الملف الاقتصادي. وهذا ما ركزت عليه زيارة طحنون بن زايد لأنقرة كما أسلفنا.
ويجدر الإشارة هنا إلى أن التعاون الاقتصادي بين البلدين لم يتوقف بالأساس طيلة سنوات الأزمة، حيث تأتي الإمارات في المرتبة الثالثة عشر في حجم الاستثمارات داخل تركيا، وفقًا لتقرير أصدرته وزارة الاقتصاد التركية الشهر الجاري. فقد بلغت حصة الاستثمارات الإماراتية 3% من مجمل الاستثمارات الأجنبية في تركيا، وكان حجم استثمارات الشركات الإماراتية القادمة إلى تركيا في السنوات من 2010- 2016 4 مليارات و165 مليون دولار، أما في أول شهرين من عام 2017 فكان حجم الاستثمار الإماراتي المتدفق إلى تركيا 4 ملايين دولار.[43]
العلاقات مع السعودية والبحرين
لم يحدث كثير تطور في العلاقات التركية-البحرينية، أو العلاقات التركية-السعودية، فما زال هناك شبه هدوء فيها دون إحراز تقدم أو إجراء مناقشات عميقة على مستوى عال لحل المسائل الخلافية.
فقد استقبل رئيس مجلس الشورى البحريني، علي بن صالح الصالح، السفيرة التركية لدى المنامة، إيسن تشاكيل، بالعاصمة المنامة، أواخر الشهر الماضي. وأشاد المسؤول البحريني خلال لقائه تشاكيل بمسيرة العلاقات التاريخية التي جمعت مملكة البحرين والجمهورية التركية، وما تخللها من زيارات متبادلة لمسؤولين وبرلمانيين”. كما أشاد الصالح بـ”أطر التعاون المشترك بين البلدين الصديقين على مختلف الصعد من بينها المجالات الاقتصادية والتجارية والعمل التشريعي”.[44]
وفيما يخص السعودية، فقد بحث وزير الخارجية السعودي الأمير، فيصل بن فرحان، مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، في لقاء بين الوزيرين على هامش مشاركة وفدي البلدين في المؤتمر الدولي لآسيا الوسطى وجنوب آسيا المنعقد في أوزبكستان.[45]
و قال تشاووش أوغلو عقب لقاء جمعه بنظيره السعودي: “أود أن أوجه الشكر لأخي الأمير فيصل على دعوته وكرم الضيافة. عقدنا اجتماعًا منفتحًا وصريحًا للغاية، وتناولنا بعض الإشكاليات في علاقاتنا”. وأضاف: “ناقشنا أيضًا كيفية تعزيز التعاون في العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية. وقررنا مواصلة الحوار ودعوته إلى تركيا”.[46]
ولم يترتب على أي من اللقائين خطوات أخرى حتى الآن، رغم مرور عدة أسابيع؛ إلا أنه من المتوقع أنه في حال تقدم مسار التقارب التركي-الإماراتي، فإن ذلك سيشجع بدوره الدولتين الخليجيتين على إبداء مرونة أكبر فيما يتعلق بحلحلة الملفات العالقة مع تركيا.
توقع الكثيرون حصول تقارب في علاقات تركيا بدولة الاحتلال، بعد الاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، برئيس دولة الاحتلال الجديد، إسحق هرتسوغ، منتصف شهر يوليو/ تموز الماضي.[47] لكن لم يتخذ الطرفان أي خطوات على سبيل التقارب هذا الشهر. كما لم يحدث أي تواصل معلن بين الطرفين خلال الأسابيع الماضية، إلا إعلان دولة الاحتلال تضامنها مع تركيا ضد حرائق الغابات التي شهدتها عدة ولايات جنوب وجنوب غربي تركيا، بينها أنطاليا، وأضنة، وموغلا، ومرسين.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية عن مصادر في وزارة الخارجية في دولة الاحتلال أن أنقرة رفضت قبول عرض إسرائيلي لمساعدتها في إخماد الحرائق. وذكرت الصحيفة العبرية أن الرد التركي على العرض جاء من قبل جهات -لم تسمها- بأن أنقرة مسيطرة على الحرائق المندلعة وليست بحاجة إلى مساعدة تل أبيب. وأتى الرفض التركي للعرض الإسرائيلي بالمساعدة، في الوقت الذي تتلقى فيه أنقرة مساعدة ودعمًا من دول مختلفة، على رأسها قطر وأذربيجان وإسبانيا والاتحاد الأوروبي.[48]
وقد يكون الرفض التركي لهذا السبب، وهو أنها ليست بحاجة لمساعدة إضافية، وقد يكون السبب رغبة من تركيا في تجنب الظهور بمظهر متلقي المساعدة من الكيان الصهيوني. لكن على أي حال، فإن موقف أنقرة الأخير لا يدلل على أنها تخلت عن فكرة حلحلة الخلافات مع دولة الاحتلال بالكلية، ذلك أن دوافعها للانفتاح على هذا التقارب ما زالت موجودة، والتي من بينها كما ذكرنا في العدد السابق من هذا الملف، النزاع في شرق البحر الأبيض المتوسط، ووجود جو بايدن على رأس الولايات المتحدة الأمريكية.[49]
علاقة تركيا بحركة حماس
ما زالت أصداء الاتصال بين الرئيس التركي ورئيس دولة الاحتلال حاضرة في داخل الكيان. حيث دعا الكاتب الإسرائيلي، نداف شرجاي، في مقابل بصحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، إلى ربط تقارب كيانه مع تركيا وترميم العلاقات بين البلدين؛ بمدى ابتعاد الرئيس أردوغان من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).[50]
وقال الكاتب الإسرائيلي إن “جدية التوجه التركي الجديد إلى ترميم العلاقة مع إسرائيل، قد تكون مرهونة بالإغلاق الفوري لمقرات حركة حماس في تركيا؛ لأنها وجهت الكثير من العمليات المسلحة ضد إسرائيل”، زاعمًا أن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، يقود العمل العسكري لحركة حماس، وأنه يوجه العمليات المسلحة ضد دولة الاحتلال انطلاقًا من الأراضي التركية.
واتهم “شرجاي” كوادر حماس المقيمين في تركيا، بالقيام بتحويل مئات آلاف الدولارات من تركيا إلى الضفة الغربية لتوجيه وتمويل الأنشطة المسلحة فيها. وزعم أن بعض من الكوادر المذكورة يترأسون جمعيات ثقافية تركية، لكنهم في الحقيقة يشاركون في أنشطة عمليات سرية، ويشكلون فرق العمل داخل الضفة الغربية.
وبعيدًا عن مدى دقة ادعاءات “شرجاي”، فإنه من الملاحظ بالفعل ترك السلطات التركية مساحة لنشاطات حركة حماس، يتمثل ذلك في استضافة بعض القيادات على أراضيها، والزيارات المتكررة بين المكتب السياسي للحركة ومؤسسة الرئاسة التركية، وغالبًا ما يكون حاضرًا في هذه الاجتماعات عدة مسؤولين أتراك، منهم رئيس جهاز الاستخبارات، هاكان فيدان.
وبالتأكيد، فإن هذا الملف سيكون على أجندة حكومة الاحتلال حال حصول محادثات تقارب مع تركيا. لكن ليس مؤكدًا أن تتجاوب أنقرة مع الاحتلال بشكل واسع في هذه المسألة، ذلك أن الحكومة التركية الحالية تعمل على جعل علاقتها مع الأطراف الفلسطينية المختلفة علاقة استراتيجية، تمكنها من لعب دور مستمر على الساحة الفلسطينية. في حين أن الأزمات المتعددة التي مرت بها علاقة تركيا بدولة الاحتلال منذ صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، تجعل من تقاربها مع الكيان الصهيوني تقارب تكتيكي، ما دام حزب العدالة والتنمية على رأس الحكم في تركيا.
شغلت القضية القبرصية الحالة الأوروبية هذا الشهر، بالتزامن مع زيارة قام بها وفد تركي موسع – على رأسه الرئيس رجب طيب أردوغان- إلى جمهورية شمال قبرص التركية، التي لها اعتراف رسمي لدى أنقرة فقط. وزار أردوغان الجزيرة في الذكرى الـ 47 لـ “عملية السلام” العسكرية التي أطلقتها تركيا في الجزيرة، لحماية القبارصة الأتراك، بعد أن شهدت الجزيرة انقلابًا عسكريًا نفذه زعيم منظمة “إيوكا” المتطرفة، نيكوس سامبسون، ضد الرئيس القبرصي مكاريوس الثالث، في يوليو/ تموز 1974.
وتدخلت تركيا حينها في الجزيرة، مستندة على أنها إحدى الدول الضامنة، اتفاقيتي زيورخ ولندن. ففي الخمسينيات من القرن الماضي كانت قبرص لا تزال تحت الوصاية البريطانية، وفي نهاية ذلك العقد من القرن الماضي تمّ التوصل إلى اتفاقيتي زيورخ ولندن، وجرى بموجبهما اختيار تركيا وبريطانيا واليونان بصفتها دولًا ضامنة للترتيبات المتعلقة بالجزيرة وإدارة السلطة والشراكة بين المكوّنات التركية واليونانية داخل الجزيرة.[51]
ولا زال المسؤولون الأتراك يستندون على هذه الاتفاقية التي تخول لهم لعب دور في الأزمة القبرصية بشكل قانوني. فمع ازدياد النقد الأوروبي لزيارة الرئيس أردوغان، صرح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن “تركيا بصفتها دولة ضامنة ووطن أم، تقوم بدورها في حماية حقوق القبارصة الأتراك فيما يتعلق بشرق المتوسط ولا تتردد في ذلك”.[52] كما أكد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن ملف قبرص “قضية قومية” بالنسبة لأنقرة، وأن الجيش التركي موجود في المنطقة كجيش دولة ضامنة في إطار الاتفاقات القائمة وسيستمر بذلك.[53]
وعودًا إلى زيارة الرئيس أردوغان، فمن الملاحظ زيادة الاهتمام التركي بالجزيرة، وذلك بعد تأزم الموقف مع اليونان فيما يخص الجرف القاري لكلا البلدين في شرق البحر المتوسط. ومثّل وصول رئيس الوزراء السابق، أرسين تتار، لرئاسة قبرص التركية فرصة مهمة لأنقرة لتقوية موقفها في شرق المتوسط. حيث إن تتار –بخلاف سلفه، مصطفى أكنجي- من المقربين لتركيا، ومن الداعمين لحل الدولتين في الجزيرة.[54]
ولذا، فإن هذا التوافق التركي مع القبارصة الأتراك يسهل من مهمة أنقرة – بعض الشيء- في خلافها مع اليونان. وقد أكد “تتار” أن بلاده مصممة على حماية الموارد الطبيعية، بالتعاون مع تركيا، في جرفها القاري حول الجزيرة كأصحاب حقوق متساوية (يقصد مساواة الجانب القبرصي التركي بالجانب القبرصي اليوناني من الجزيرة).[55]
المشاريع التركية في الجزيرة
واعتاد الرئيس أردوغان على الإعلان عن خطط لمشاريع أو افتتاح مشاريع في قبرص التركية في كل زيارة إليها، من ذلك افتتاحه مستشفى خاص بمرضى كورونا في الجزيرة، بُعيد انتشار الوباء عالميًا.[56] لكن الزيارة الأخيرة حملت نوعًا آخر من المشاريع غير المشاريع الخدمية.
حيث أعلن أردوغان في خطاب ألقاه خلال جلسة خاصة لبرلمان شمال قبرص، أن بلاده انتهت من إعداد مشروع المجمع الرئاسي لجمهورية شمال قبرص التركية وستبدأ ببنائه قريبًا. ولفت إلى أنه سيتم بناء مبنى جديد لبرلمان قبرص التركية بالإضافة للمجمع الرئاسي. واقترح تحويل المبنى الحالي للبرلمان الذي شهد إعلان قيام جمهورية شمال قبرص التركية، إلى متحف.[57]
وتأتي هذه المشاريع الجديدة في ذات السياق الذي تعمل عليه أنقرة، وهو التأكيد على استقلالية قبرص الشمالية، وأنها جمهورية لها مقومات الدول المستقلة، من شعب وأرض وقيادة ونظام ومبان رسمية. ولذلك، تؤكد تركيا مرارًا على أهمية إنهاء مسار المفاوضات حول عودة طرفي الجزيرة للتوحد مرة أخرى، وبدء مسار آخر يعتمد على حل الدولتين، والاعتراف بقبرص الشمالية التركية كدولة مستقلة ذات سيادة.
فقد صرح كل القادة الأتراك تقريبًا بذات المضمون، وكان تصريح الرئيس أردوغان أمام البرلمان القبرصي واضحًا، حيث قال إن هناك بالفعل “دولتين منفصلتين في الجزيرة، على أرض الواقع، وإن المجتمع الدولي سيقر بهذه الحقيقة عاجلًا أم آجلًا”، وأضاف: “لا يمكن أن نخسر 50 عامًا أخرى” في مفاوضات من أجل توحيد الجزيرة.[58]
ويشير أردوغان هنا إلى أن مفاوضات توحد الجزيرة باتت مضيعة للوقت، حيث كانت هناك محاولات على مدار الـ 50 عامًا الماضية لتوحيد الجزيرة. أبرز هذه الجهود وأحدثها كان ما يُعرف باسم خطّة كوفي عنان الأمميّة. حيث هدفت هذه الخطة إلى أخذ مطالب الطرفين القبرصيين الرومي والتركي بعين الاعتبار والعمل على توحيد شطرَي الجزيرة واعتماد نظام فيدرالي لإدارة البلاد. وتمّ طرح الخطّة على الاستفتاء، فوافق القبارصة الأتراك، لكن القبارصة اليونانيين رفضوا.[59]
لكن المعضلة هنا هو أن طول أمد المفاوضات هو ظلم للقبارصة الأتراك، وفق نظرة أنقرة. ففي حين أنه بإمكان القبارصة اليونانيين التعامل الرسمي مع كل دول العالم، باعتبار قبرص اليونانية جزءًا من الاتحاد الأوروبي؛ فإنه ليس بإمكان القبارصة الأتراك التعامل مع دول العالم، لافتقارهم للاعتراف الدولي. ويظهر هذا في السفر على سبيل المثال، حيث لا توجد رحلات مباشرة بين قبرص التركية وبلدان العالم، لذلك يضطر القبارصة الأتراك للسفر إلى تركيا أولًا، حتى يستطيعوا التحرك منها لباقي الدول.
كسب الاعتراف الرسمي
وتحاول تركيا استخدام دبلوماسيتها لكسب اعتراف دولي بجمهورية قبرص الشمالية، وهي في ذلك تركز على الدول الصديقة، كأذربيجان. وبالفعل، ورغم عدم اعتراف أذربيجان رسميًا حتى الآن بقبرص التركية، إلا أن وفدًا برلمانيًا أذريًا زار قبرص التركية، بالتزامن مع زيارة أردوغان، وأجرى سلسلة من اللقاءات مع عدد من المسؤولين في شمال قبرص التركية، أبرزهم الرئيس أرسين تتار.[60]
وقال تتار للوفد الضيف: “نحن أمة واحدة وثلاث دول، وجميعنا ننحدر من النسل التركي”. كما كشف أردوغان أن برلماني أذربيجان وقبرص التركية اتخذا قرارًا للعمل الثنائي، وأن إقامة اتصالات عالية المستوى من مختلف دول العالم مع قبرص التركية هي نتيجة للجهود التركية الحثيثة.[61] لذلك، من المرجح أنه إن حدث اعتراف رسمي بقبرص التركية، فإن دولًا مثل أذربيجان وباكستان ودول المجلس التركي قد تكون في طليعة المعترفين.
لكن الأمر يقابله صعوبات واضحة، وخصوصًا مع رفض الولايات المتحدة لحل الدولتين حاليًا. حيث أكدت المسؤولة الثالثة في وزارة الخارجية الأمريكية، فكتوريا نولاند، أن الولايات المتحدة ترفض اقتراحًا كرره الرئيس أردوغان لحلّ قائم على دولتين في قبرص. فبعدما طُلب منها بإلحاح أثناء جلسة برلمانية، القول بشكل واضح ما إذا كانت الحكومة الأمريكية ترفض مثل هذا الاقتراح، أجابت “نعم بالطبع”. وأضافت “نعتقد أن وحدها آلية ثنائية بقيادة القبارصة يمكن أن تجلب السلام والاستقرار إلى قبرص”.[62]
كما أن تغييرًا على مستوى أقل – وهو إعادة فتح منطقة “مرعش” السياحية في الجانب التركي من الجزيرة، والمغلقة منذ 1974- نال قدرًا كبيرًا من الانتقاد الدولي. فأصدرت كل من الولايات المتحدة، وفرنسا، ومصر، والاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمن، بيانات ينتقدون فيها فتح المدينة مرة أخرى، دون التوافق مع الجانب اليوناني.[63]
لذا، فإن الخطة التركية لإقرار حل الدولتين عالميًا تنتظرها عدة صعوبات، ويبدو أن الأمر سيأخذ وقتًا حتى تستطيع أنقرة إحراز تقدم في هذا الجانب.
يسيطر الملف الأفغاني حاليًا على ساحة العلاقات التركية-الأمريكية، وربما على ساحة العلاقات الدولية ككل، خلال هذه الفترة. وكان الحديث قد تزايد حول مشاورات أمريكية-تركية تتولى بموجبها أنقرة حماية مطار كابل الدولي في أفغانستان، بعد إتمام انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) من البلاد.
فمع لقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنظيره الأمريكي، جو بايدن، في يونيو/ حزيران الماضي، أعلن أردوغان استعداد تركيا لتولي مهمة حماية مطار كابل، تحت شروط. وعلى ذلك، ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف المشاورات بين واشنطن وأنقرة للاتفاق حول التفاصيل، وتلبية الشروط التركية. وكان التواصل بالأساس في هذا الشأن بين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ونظيره الأمريكي لويد أوستن.[64]
واستمر هذا الشكل من التواصل، ويبدو أن الطرفين كانا قد قطعا شوطًا إيجابيًا واتفقا بشأن معظم الشروط، حيث صرح أكار، قبل ساعات من سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابل، أن مسألة تشغيل بلاده للمطار “ستتبلور خلال الأيام المقبلة”.[65] لكن سيطرة الحركة على كابل، ودخولها مقر الحكم الرئاسي، خلط الأوراق، وأصبحت الأمور بحاجة إلى ترتيبات أخرى تتناسب مع الواقع الجديد الذي فرضته طالبان.
تعامل تركيا مع طالبان
كما أسلفنا، فإن العامل الأبرز –ربما- في تحديد إذا ما كانت تركيا ستتولى حماية مطار أم لا، هو موقف حركة طالبان من الوجود التركي على أراضيها كقوة من قوى الناتو. وفي البداية، صدرت تركيا خطابًا مفاده أن تركيا لم تشارك في مهام مسلحة خلال فترة وجود الناتو في أفغانستان، وأن مهمتها تمحورت حول تحقيق الأمن والاستقرار وإيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية وتدريب قوات الأمن الأفغانية.
وحاولت تركيا إبراز أن استمرار الوجود التركي سيكون مفيدًا لأفغانستان، حيث صرح وزير الدفاع التركي أن “الهدف الأساسي لتركيا من تشغيل المطار هو منع تحويل أفغانستان إلى دولة معزولة”. وأضاف أكار: “ندرك جميعًا أن هذا الوضع لا يرغب فيه أشقاؤنا الأفغان أيضًا، لذلك سيكون من المفيد إبقاء المطار مفتوحًا، وسنواصل طرح رأينا هذا”.[66]
كما كانت تركيا تعي أهمية موافقة طالبان بشكل أو بآخر. ولذلك، صرح أردوغان أنه” بالتأكيد، لا يمكن تجاهل حقيقة طالبان، نستطيع مواصلة المحادثات معهم بسبل مختلفة”.[67] لكن لم يخل الأمر من توجيه “انتقادات” لحركة طالبان، حيث صرح الرئيس أردوغان، في مناسبة أخرى، أن “نهج طالبان في أفغانستان ليس نهج مسلم تجاه مسلم آخر”.
وأضاف أردوغان أن “أفغانستان بلد ذو أغلبية مسلمة ساحقة، واستمرار طالبان بالقيام بما يشبه عملية احتلال نهج غير صائب”، مؤكدًا: “نحن بدورنا نتوجه بالنداء إلى طالبان من تركيا، يتعين عليها التوقف عن عملية الاحتلال هذه والاستيلاء على أراضي أشقائها، وإظهار أن السلام يسود عموم أفغانستان للعالم بأسرع وقت”.[68]
لكن ومع استمرار طالبان في السيطرة على المناطق الأفغانية واحدة تلو الأخرى، برز خطاب ربما يكون أكثر واقعية. حيث أعلن الرئيس أردوغان في أكثر من مناسبة أنه ربما يستقبل زعيم حركة طالبان في الفترة القادمة. وتابع “مؤسساتنا المعنية تقوم بالإجراءات اللازمة (حيال التطورات في أفغانستان) بما في ذلك المباحثات مع حركة طالبان وحتى أنا يمكن أن أستقبل زعيمها في الفترة القادمة”.[69] وقال في مناسبة أخرى إن “غايتنا الأساسية تحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان، ولأجل ذلك سنتواصل مع الحكومة التي ستشكلها طالبان إن استدعى الأمر ذلك”.[70]
وبالتأكيد، فإن تغير مجريات الأمور على أرض الواقع، يجبر القوى الدولية – بشكل أو بآخر- على التنسيق مع طالبان. لكن الحركة نفسها تتبنى خطابًا منفتحًا بعض الشيء على نسج علاقات دولية متوازنة، وفتح بابها للتعاون مع الدول الأخرى. ولذلك، رحب الرئيس أردوغان ووزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بهذه النبرة في تصريحات مسؤولي طالبان.[71]
استكمال مفاوضات حماية المطار
وبسيطرة طالبان على مجريات الأمور في أفغانستان، فإنه من الطبيعي أن يخضع تقييم الواقع وفقًا لهذا المستجد المحوري. لكن يبدو أن الولايات المتحدة وتركيا لم يتخلوا تمامًا عن فكرة حماية الأخيرة للمطار. حيث قال مسؤول تركي كبير لرويترز: “في الوقت الراهن، لم يتغير شيء فيما يتعلق بتسلّم القوات المسلحة التركية السيطرة على مطار كابول.. المحادثات والعملية مستمرة”. وأضاف: “العمل مستمر على أساس أن نقل السيطرة سيتم، لكن بالطبع يحظى الموقف في أفغانستان بمتابعة عن كثب”.
كما قال مسؤول أمني تركي آخر للوكالة ذاتها، إن بلاده تواصل تقييم التطورات في أفغانستان. وأضاف: “لا تغيير في وجهة النظر المتعلقة بتسلّم السيطرة على مطار كابول، لكن الموقف في أفغانستان يتغير من يوم إلى آخر”.[72] وكذلك قال أحد المسؤولين لموقع “ميدل إيست آي”: “في الوقت الحالي، لا توجد صفقة بالنسبة لنا للبقاء في كابول، ومع ذلك، سنحاول التفاوض مع طالبان؛ لمعرفة ما إذا كانوا يريدون منا البقاء هناك، وهو أمر طبيعي بالنسبة لنا، بالنظر إلى عمق العلاقات”.[73]
كذلك، صرح الرئيس أردوغان مؤخرًا أن “الوجود العسكري التركي في أفغانستان سيقوي يد الإدارة الجديدة في الساحة الدولية ويسهل عملها”.[74] إذن، فإن فكرة استمرار الوجود التركي في أفغانستان ما زالت مطروحة، كما أنها ما زالت مرفوضة من قبل طالبان، حيث قال المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، مؤخرًا: “لقد قلنا كلمتنا لتركيا بشأن أمن مطار كابول بكل صراحة ووضوح، ويجب على جميع القوات الأجنبية مغادرة بلادنا”.[75]
ولذلك، ربما تأتي المفاوضات مع طالبان بهذا الشأن، بشكل موسع، وعلى دائرة أكبر. بمعنى أن تتدخل القوى الكبرى وتتفاوض مع طالبان على فكرة كسب اعتراف دولي، على أن يكون حماية تركيا لمطار كابل، أحد شروط التفاوض.
شهد الداخل التركي خلال الأسابيع الماضية زخمًا كبيرًا فيما يتعلق بمسألة “للاجئين ككل، وبالأخص اللاجئين السوريين. حيث سادت نبرة “رفض” لاستمرار وجود اللاجئين، وانتشرت “موجة كراهية”، كان وقودها بعض التصريحات السياسية، بالإضافة إلى بعض الحوادث التي ساهمت من إذكاء جذوة المشكلة.
حيث شهدت العاصمة أنقرة، توترًا كبيرًا حين وقع شجار بين شبان أتراك وسوريين في حي “ألتين داغ” بالعاصمة أنقرة والذي يقطنه عدد كبير من اللاجئين السوريين، حيث أقدم شاب سوري على طعن شابين تركيين أصيبا بجراح، أحدهما وصفت جراحه بالخطيرة.
ومع الإعلان عن وفاة أحد المصابين متأثرًا بجراحه، ويدعى “أميرهان يالتشن” يبلغ من العمر 18 عامًا، مهاجة مواطنين أتراك لمنازل وشركات ومركبات خاصة بالرعايا الأجانب، بالحجارة والعصي في المنطقة، فيما قام عدد منهم بمهاجمة سيارات الشرطة بالحجارة. على إثر ذلك، أعلنت الشرطة التركية، أنها قامت باعتقال 76 شخصًا بتهمة التورط في الأحداث الجارية، وتبين أن 38 منهم لديهم سوابق جنائية. وقد سبق هذه الحادثة، حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بترحيل السوريين إلى بلادهم.[76]
كما طالت حملة الكراهية هذه البرلمانيين الأتراك، حيث هاجم نائب تركي من حزب الشعب الجمهوري المعارض، نائبًا آخر من حزب الجيد ذو الجذور القومية، عندما انتقد الأخير دخول اللاجئين الأفغان والسوريين إلى تركيا ، ليذكره زميله بأصله كنازح من مقدونيا.[77] وبالتزامن مع ذلك، وافق مجلس بلدية بولو التركية الذي يسيطر عليه حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، على مقترح تقدم به رئيس البلدية “تانجو أوزجان”. ويقضي المقترح برفع أسعار بعض خدمات البلدية ومنها فاتورة المياه وخدمات النظافة للأجانب إلى 10 أضعاف، في قرار يهدف من خلاله لإجبار اللاجئين السوريين على مغادرة البلدية.[78]
لكن ربما تكون المشكلة الأكبر هو ما صرح به زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، حول السوريين. حيث تعهد بإعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم في إطار خطة قال إنها جاهزة وتتيح إعادتهم خلال عامين فقط عقب التصالح مع النظام السوري وذلك في حال وصول حزبه إلى السلطة في الانتخابات الرئاسة والبرلمانية المقررة منتصف عام 2023.
وقال كليتشدار أوغلو؛ إنهم في حال وصولهم إلى السلطة، سيصلحون العلاقات مع النظام السوري، وسيعيدون افتتاح السفارات، وسيأخذون التمويل من الاتحاد الأوروبي لبناء الطرق والمدارس والمستشفيات ودور الحضانة، وكل شيء في بلادهم.[79]
تصريحات زعيم المعارضة التركية، بالإضافة إلى ما يصرح به أعضاء من حزبه، تدلل على أن المعارضة تريد استخدام ملف اللاجئين كورقة انتخابية رئيسية، في محاولة لاستغلال رفض شريحة من الشعب التركي لوجود اللاجئين السوريين. وربما رأى حزب الشعب الجمهوري أن هذه ورقة رابحة، حيث ركز عليها عام 2019، خلال انتخابات البلديات، التي خسر فيها الحزب الحاكم بلديات أنقرة واسطنبول وإزمير.
وهنا تكمن الخطورة، حيث ما زال هناك حوالي سنتين على الانتخابات العامة عام 2023، كما أن خطاب المعارضة يساهم في تكوين غضب شعبي ليس ضد سياسات الحكومة فحسب، بل ضد اللاجئين أنفسهم، الأمر الذي يجعل من تكرار مثل هذه الحوادث وحملات الكراهية أمرًا محتملًا، وربما متزايدًا خلال الفترة القادمة.
لكن حتى الآن، ما زالت الحكومة التركية تتبنى سياسة “احتضان اللاجئين”، حيث قال أردوغان: “يقول (كليتشدار أوغلو) سأرحلهم. مادمنا في السلطة بهذا البلد، فلن نلقي بعباد الله الذين لجؤوا إلينا في أحضان القتلة”. وتابع: “أقولها بوضوح، هؤلاء لجؤوا إلينا واحتموا بنا، ولا نستطيع أن نقول لهم عودوا من حيث أتيتم، لا يمكن فعل ذلك إذا لم يكن طوعًا”.[80]
وأشار أردوغان إلى جهود حكومته في إنشاء المنازل المؤقتة للسوريين في الشمال السوري، قائلًا: “نواصل بناء منازل مؤقتة من الطوب للسوريين، وهدفنا أن نصل إلى 100 ألف منزل، وانتهينا الآن من بناء 50 ألفًا منها”. ولفت إلى أنه سيتم توطين بعض اللاجئين في تلك المنازل، مشددًا على “أن ذلك نهج إسلامي وإنساني ووجداني” لديهم.[81]
وقد تكون الأولوية لدى الحكومة في الوقت الحالي هي عدم استقبال لاجئين جدد، وخصوصًا مع موجة اللجوء الأفغانية الحالية. وبعد ذلك، ربما تتخذ الحكومة إجراءات في الداخل تجاه ملف اللاجئين، منها تنظيم الوجود السوري على أراضيها، وإعادة توزيع الأعداد، على جميع المدن التركية بطريقة متوازنة، الأمر الذي بدأت في تنفيذه عام 2019. هذا بالإضافة إلى ما ذكره الرئيس أردوغان، من جهود إنشاء منازل مؤقتة في الشمال السوري، لتوطين عدد من اللاجئين هناك.
حرائق الغابات والفيضانات
عانت تركيا خلال الأسابيع الماضية من حرائق طالت العديد الغابات في حوالي 46 محافظة جنوب وجنوب غربي البلاد من ضمنها أنطاليا وموغلا ومرسين، ما جعل الرئيس أردوغان يعلن هذه المناطق مناطق منكوبة.[82] ووفق وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، فإن تركيا قد تلقت مساعدات من إسبانيا وأذربيجان وروسيا وأوكرانيا وإيران للسيطرة على حرائق الغابات.[83] كما شهدت أجزاء تركيا الشمالية أمطارًا غزيرة، منتصف الشهر الجاري، أدت إلى فيضانات بولايات قسطمونو وسينوب وبارطن.
وبخصوص الحرائق، فقد وجهت المعارضة انتقادات حادة للحكومة بسبب عدم توقع الحرائق في ظل المنعطف الجوي الحالي، وبسبب ما وصفته بـ”عدم الجاهزية” للتصدي للحرائق.[84] ومن جانبها، رأت الحكومة أن هذه محاولة من المعارضة لاستغلال كارثة طبيعية لأهداف سياسية، وأكد أردوغان على وجوب عدم استغلال حرائق الغابات المندلعة في عدد من ولايات البلاد “لتحقيق غايات سياسية”.[85]
كما برزت احتمالية أن تكون الحرائق أو جزء منها بفعل مخربين، حيث أشار الرئيس التركي إلى أن سلطات بلاده “ساورها شك حول وجود عمل إرهابي أو تخريبي وراء تلك الحرائق، وأنها قامت بالتحقيق في هذه الجزئية، وتم اعتقال عدة أشخاص لضلوعهم في هذه الأعمال”.[86] كذلك تبنّت مجموعة تسمّي نفسها “أبناء مبادرة النار” عددًا من هذه الحرائق في خبر نشرته “شبكة روجوفا” الكردية.[87]
وتواجه الحكومة التركية في مثل هذه الكوارث ذات المسألتين، وهما احتمالية أن تكون ناتجة عن عمل تخريبي، وحملات المعارضة المنددة بسياسة الحكومة في التعامل مع الكارثة. ولذا، يتعين على الحكومة الاستعداد للتعامل مع مثل هذه الحوادث، على كافة المستويات، ومنها المستوى الإعلامي، حتى تتمكن من تجاوزها بأقل الخسائر الممكنة من الأرواح والممتلكات، ومن رصيدها الشعبي كذلك.
مصادر
[1] الحرة، قصف دامٍ للنظام السوري على ريف إدلب.. وكاميرا مسعف تسجل آخر لحظاته، 18 يوليو/ تموز 2021
[2] الدفاع المدني السوري، عيد مخضب بدماء الأبرياء في الشمال السوري…وصمت دولي رهيب، 22 يوليو/ تموز 2021
[3] العربي الجديد، قصف روسي على إدلب شمالي سورية ومطالبات لتركيا بالتدخل، 24 يوليو/ تموز 2021
[4] عربي 21، احتجاجات بمحيط نقاط تركية بإدلب تنديدا بمجازر النظام وروسيا، 23 يوليو/ تموز 2021
[5] العربي الجديد، القوات التركية تقصف مواقع النظام في إدلب بعد احتجاجات شعبية، 23 يوليو/ تموز 2021
[6] الأناضول، استشهاد جنديين تركيين بمنطقة “درع الفرات” شمالي سوريا، 25 يوليو/ تموز 2021
[7] Mega News، وزير الدفاع التركي وقادة الجيش يجرون جولة تفقدية للوحدات العسكرية على الحدود السورية، 27 يوليو/ تموز 2021
[8] تركيا الآن، وزير الدفاع التركي: تحييد 12 إرهابيا شمالي سوريا، 26 يوليو/ تموز 2021
[9] صدى البلد، ليبيا.. حفتر يكشف تفاصيل انسحاب الجيش من العاصمة طرابلس، 3 يوليو/ تموز 2021
[10] الجزيرة مباشر، ليبيا.. حفتر يعلن أن “مليشياته” لن تخضع للسلطة المدنية، 9 أغسطس/ آب 2021
[11] RT، ليبيا.. حفتر يعين قيادات عسكرية ويكلف الثني بالإدارة السياسية، 9 أغسطس/ آب 2021
[12] عربي بوست، الرئاسي الليبي يتمسك باختصاصه في ترقية ضباط الجيش بعد قرارات اتخذها حفتر: أي قرار مخالف باطل، 8 أغسطس/ آب 2021
[13] قناة الغد، لجنة “5+5” تطالب بتجميد الاتفاقيات العسكرية وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، 15 أغسطس/ آب 2021
[14] عربي 21، “الأعلى الليبي” يطالب لجنة “5+5” بعدم التدخل بالشأن السياسي، 16 أغسطس/ آب 2021
[15] الأناضول، الجيش الليبي لا يستبعد “احتمالية” اندلاع حرب مجددا، 17 أغسطس/ آب 2021
[16] المصدر نفسه
[17] رصد، رغم تواصلنا مع حفتر.. الدبيبة: توحيد الجيش الليبي «صعب للغاية»، 17 يوليو/ تموز 2021
[18] الأناضول، بدء لقاء أردوغان والدبيبة في إسطنبول، 7 أغسطس/ آب 2021
[19] المصدر نفسه
[20] ليبيا الأحرار، ليبيا وتركيا توقعان مذكرة تفاهم بشأن التعاون الصحي بين البلدين، 17 أغسطس/ آب 2021
[21] العربي الجديد، الحكومة الليبية: أردوغان سيزور طرابلس في أكتوبر المقبل، 7 أغسطس/ آب 2021
[22] BBC، مصر وتركيا: وزير الخارجية المصري يشيد بمنع تركيا مصريين من الظهور الإعلامي، 4 يوليو/ تموز 2021
[23] TRT، رئيس مكتب الاستثمار التركي: العلاقات التجارية مع مصر مستمرة دون انقطاع، 2 أغسطس/ آب 2021
[24] المصري اليوم، «الخارجية» تصدر بيانا عن حرائق تركيا، 31 يوليو/ تموز 2021
[25] الخليج الجديد، الأزهر يقدم التعازي بضحايا حرائق الغابات في تركيا، 1 أغسطس/ آب 2021
[26] العربية، مصر تدعو لتجنب الإجراءات الأحادية في فاروشا بقبرص، 21 يوليو/ تموز 2021
[27] العربي الجديد، مصر وتركيا: توقف تكتيكي للمفاوضات، 25 يوليو/ تموز 2021
[28] CNN، قرقاش يعلق على لقاء مستشار الأمن الوطني الإماراتي وأردوغان.. ويوضح ما دار بينهما، 18 اغسطس / آب 2021
[29] الخليج جازيت، أردوغان يعزي في استشهاد جنديين تركيين شمالي العراق، 28 يوليو/ تموز 2021
[30] الحرة، مقتل وإصابة 7 جنود أتراك في شمال العراق، 16 اغسطس / آب 2021
[31] الأناضول، تركيا: تحييد 10 إرهابيين من “بي كا كا” شمالي العراق، 19 اغسطس / آب 2021
[32] الشروق، تركيا: تدمير 40 هدفا لحزب العمال الكردستاني بشمال العراق، 30 يوليو/ تموز 2021
[33] ترك برس، الاستخبارات التركية تلقي القبض على إرهابي مطلوب شمالي العراق، 29 يوليو/ تموز 2021
[34] الموقع الرسمي لوزارة الخارجية العراقية، الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان يستقبل وزير الخارجيّة فؤاد حسين، 8 اغسطس / آب 2021
[35] TRT، العراق وتركيا تتفقان على تشكيل لجان لتطوير العلاقات الاقتصادية، 19 اغسطس / آب 2021
[36] الساعة، “عناد” يبحث مع نظيره التركي التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، 22 اغسطس / آب 2021
[37] الأناضول، تركيا والعراق توقعان اتفاقية تعاون في الصناعات الدفاعية، 21 اغسطس / آب 2021
[38] مركز المسار للدراسات الإنسانية، أحوال تركية ـ يونيو / يوليو 2021، 25 يوليو/ تموز 2021
[39] يني شفق، أردوغان: الإمارات بصدد إقامة استثمارات كبيرة في تركيا، 18 اغسطس / آب 2021
[40] CNN، قرقاش يعلق على لقاء مستشار الأمن الوطني الإماراتي وأردوغان.. ويوضح ما دار بينهما، 18 اغسطس / آب 2021
[41] الشروق، الإمارات دعمت انقلاب تركيا بثلاثة مليارات دولار، 13 يونيو/ حزيران 2017
[42] الخليج أونلاين، أكار يهاجم الإمارات: سنرد عليها في المكان والزمان المناسبين، 30 يوليو/ تموز 2020
[43] الخليج الجديد، بينها الإمارات والسعودية وقطر.. أكثر 20 دولة استثمارا في تركيا، 6 اغسطس / آب 2021
[44] TRT، مجلس الشورى البحريني يشيد بالعلاقات التاريخية مع تركيا، 28 يوليو/ تموز 2021
[45] الخليج أونلاين، لقاء سعودي – تركي رفيع يبحث تعزيز العلاقات الثنائية، 16 يوليو/ تموز 2021
[46] المصدر نفسه
[47] يورو نيوز، بعد مباحثاته مع عباس.. إردوغان يهنئ الرئيس الإسرائيلي على توليه منصبه، 13 يوليو/ تموز 2021
[48] TRT، يديعوت أحرنوت: تركيا رفضت عرض إسرائيل المساعدة في إطفاء الحرائق، 2 اغسطس / آب 2021
[49] مركز المسار للدراسات الإنسانية، أحوال تركية ـ يونيو / يوليو 2021، 25 يوليو/ تموز 2021
[50] الخليج الجديد، كاتب عبري: التقارب الإسرائيلي التركي مرهون بابتعاد أردوغان عن حماس، 25 يوليو/ تموز 2021
[51] TRT، قبرص التركية في الحسابات العربية، 29 يوليو/ تموز 2021
[52] تركيا الآن، تشاووش أوغلو: تركيا تحمي حقوق قبرص التركية بصفتها دولة ضامنة، 22 يوليو/ تموز 2021
[53] الخليج الجديد، أكار: جنودنا موجودون في قبرص كتابعين لجيش دولة ضامنة، 31 يوليو/ تموز 2021
[54] النهار العربي، إنتخابات الرئاسة بشمال قبرص اليوم… من الاوفر حظا أكنجي أم تتار؟، 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[55] Ar haberleri، تتار: مصممون مع تركيا على حماية موارد جرفنا القاري، 20 يوليو/ تموز 2021
[56] الأناضول، أردوغان: “مستشفى لفكوشا” يجسد التضامن بين تركيا وشمال قبرص، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[57] RT، أردوغان: تركيا ستشيد مجمعا رئاسيا لجمهورية شمال قبرص، 19 يوليو/ تموز 2021
[58] فرانس 24، إردوغان يجدد دعمه “المطلق” لإقامة دولتين في قبرص خلال زيارة للشطر الشمالي، 19 يوليو/ تموز 2021
[59] اليوم، الأتراك قبلوا واليونانيون أسقطوا خطة الأمم المتحدة لتوحيد جزيرة قبرص، 25 إبريل/ نيسان 2004
[60] الخليج الجديد، تزامنا مع زيارة أردوغان في العيد.. وفد رسمي أذري يصل إلى قبرص التركية، 17 يوليو/ تموز 2021
[61] الأناضول، أردوغان: مقترح قبرص التركية لحل الدولتين فرصة تاريخية، 19 يوليو/ تموز 2021
[62] الميادين، الولايات المتحدة ترفض اقتراح تركيا لحل قائم على دولتين في قبرص، 21 يوليو/ تموز 2021
[63] القدس العربي، انتقادات للخطوات التركية في قبرص وخشية من انتكاسة بجهود ترميم العلاقات مع أمريكا وأوروبا ومصر، 24 يوليو/ تموز 2021
[64] الأناضول، أكار: المحادثات متواصلة مع الأمريكيين حول تشغيل مطار كابل، 13 يوليو/ تموز 2021
https://bit.ly/3wQz35j
[65] العربي الجديد، أنقرة: مسألة تشغيل مطار كابول “ستتبلور خلال أيام، 12 اغسطس / آب 2021
[66] المصدر نفسه
[67] يورو نيوز، أردوغان يجرى “محادثات صريحة ومثمرة جداً” مع بايدن في بروكسل، 14 يونيو/ حزيران 2021
[68] عربي بوست، أردوغان يدعو طالبان إلى “الجنوح للسلم” و”الكف عن احتلال الأراضي الأفغانية”.. أنقرة تدرس لقاءات مع الحركة، 19 يوليو/ تموز 2021
[69] مصراوي، أردوغان: ربما أستقبل زعيم “طالبان” في الفترة القادمة، 12 أغسطس/ آب 2021
[70] العربية، أردوغان: سنتواصل مع حكومة طالبان إن استدعى الأمر، 19 أغسطس/ آب 2021
[71] الأناضول، أردوغان: نرحب بالتصريحات المعتدلة لقادة “طالبان”، 18 أغسطس/ آب 2021
القدس العربي، تركيا تشيد بـ”الرسائل الإيجابية” الموجهة من قبل حركة طالبان، 17 أغسطس/ آب 2021
[72] الخليج الجديد، مسؤولان: تركيا ما زالت حريصة على إدارة مطار كابول رغم مكاسب طالبان، 11 أغسطس/ آب 2021
[73] MEE, Afghanistan: Turkey exploring ways to station troops in Kabul even after Taliban victory, 16 August 2021
[74] الأناضول، أردوغان: نرحب بالتصريحات المعتدلة لقادة “طالبان”، 18 أغسطس/ آب 2021
[75] MEE, Afghanistan-Turkey: Taliban says willing to meet Erdogan ‘under right circumstances’, 12 August 2021
[76] عربي 21، مقتل تركي على يد سوري بأنقرة يؤجج “العنصرية” ضد اللاجئين، 12 أغسطس/ آب 2021
[77] القدس العربي، نائب تركي يذكّر زميله بأصوله المقدونية بعد تهجمه على اللاجئين السوريين: “لطفي المقدوني”- (تغريدات)، 19 يوليو/ تموز 2021
[78] العربي الجديد، التحقيق مع رئيس بلدية تركية اتخذ قرارات لطرد السوريين، 28 يوليو/ تموز 2021
[79] الخليج الجديد، زعيم المعارضة التركية: سأعيد السوريين لبلادهم بأقل من عامين، 18 يوليو/ تموز 2021
[80] عربي 21، كليتشدار أوغلو يثير جدلا حول “ترحيل السوريين”.. أردوغان يعلق، 23 يوليو/ تموز 2021
[81] المصدر نفسه
[82] القدس العربي، التغير المناخي يضرب تركيا بالسيول والانهيارات وشبهات “إرهاب” حول حرائق ضخمة كارثية، 29 يوليو/ تموز 2021
[83] العربي الجديد، الحرائق تشعل جدلاً سياسياً بين الحكومة والمعارضة في تركيا، 4 أغسطس/ آب 2021
[84] المصدر نفسه
[85] الجزيرة نت، ردا على المعارضة.. أردوغان يرفض استغلال حرائق الغابات لتحقيق غايات سياسية، 5 أغسطس/ آب 2021
[86] المصدر نفسه
[87] عربي 21، تركيا.. حرائق الغابات والحرائق السياسية، 14 أغسطس/ آب 2021