المخاوف الإسرائيلية على استقرار نظام السيسي بمصر.. ودورها في مساندته
1 file(s) 2.42 MB
المخاوف الإسرائيلية على استقرار نظام السيسي بمصر.. ودورها في مساندته
المخاوف الإسرائيلية على استقرار نظام السيسي بمصر.. ودورها في مساندته
د. أحمد الجندي: أستاذ الدراسات اليهودية والصهيونية
يتخوف الإسرائيليون من أن يكون للصعوبات الاستراتيجية التي تواجهها مصر مخاطر على نظام السيسي؛ فهناك سلسلة من التطورات السلبية، قد يكون لها تأثير كبير على الوضع الاستراتيجي والاقتصادي والاجتماعي في مصر. ورغم حالة سيطرة نظام السيسي على مقاليد الأمور بمصر حاليًا، فإن المخاوف تنبع من التأثير التراكمي لهذه الصعوبات، وهو ما قد يؤدي لإمكانية متزايدة لزعزعة نظام السيسي في المستقبل، يضاف لذلك احتمالية تصاعد الخلاف مع الإدارة الأمريكية القادمة، وتصعيد الخلافات بين مصر وتركيا من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، الأمر الذي يمكن أن يؤدي لخلق تأثير تعبوي شعبي يستفيد منه النظام، لكنه في نفس الوقت يضعه في مواجهة صعوبات بعيدة المدى على المستوى الاستراتيجي.
– الصعوبات الاقتصادية
تواجه مصر أزمات اقتصادية متعددة؛ ففي السياحة: هناك أضرار كبيرة لهذا القطاع الذي كان قد استعاد زخمه بعد سنوات من تراجع السياحة في أعقاب ثورة يناير 2011؛ حيث وصل عدد السائحين إلى أكثر من 13 مليون سائح في عام 2019 (لا يزال أقل قليلاً من عام 2010)، وهي تساهم بنحو 30 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لمصر، أي ما يقارب 12٪ من الناتج الإجمالي المحلي، فضلا عن استيعابها لنحو مليونين ونصف من العاملين، كما بلغت إيرادات قطاع السياحة في مصر نحو 12.5 مليار دولار في عام 2018/2019. كل هذا قد تعرض لضربة يصعب حسابها بالكامل مع انهيار صناعة السياحة في جميع أنحاء العالم منذ مارس 2020 بسبب وباء كورونا، هذا مع ما قد يجره من عواقب بعد استثمار ميزانيات كبيرة في تحسين البنية التحتية للسياحة في مصر.[1]
أضف إلى ذلك أن التباطؤ العالمي، وإيجاد بدائل لطرق التجارة الدولية، أدى لتراجع عائدات مرور البضائع في قناة السويس بعد الاستثمار الهائل من قبل حكومة السيسي في توسيعها، وهي توسعة أثبتت فشلها.[2] كما أن التراجع الحاد في أسعار الطاقة، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن الوباء، لا يضر فقط بالدخل المباشر لمصر من مواردها الحالية، بل يضر أيضا بفرص زيادة الاستثمارات وتعزيز مشاريع البنية التحتية الكبرى، التي كان من المفترض أيضا أن تقدم مساهمة كبيرة في إنقاذ مصر من محنتها.
في نفس الوقت ونتيجة للانخفاض في أسعار الطاقة العالمية ووباء كورونا، وتأثر اقتصاديات دول الخليج بهذا الانخفاض (خاصة الإمارات والسعودية) التي رأت في نظام السيسي حليفا استراتيجيا وأيديولوجيا، ورحبت بإبعاده لجماعة الإخوان المسلمين، وأمّنت المساعدات المالية المباشرة وإمدادات الطاقة المدعومة، فإن كل هذه الأمور أصبحت الآن موضع شك.[3] ومن المؤكد أن تَوقُّف المساعدات الاقتصادية الخليجية لمصر أو تخفيضها سوف يضع النظام المصري أمام صعوبات حقيقية.[4] علاوة على تراجع حجم العمالة المصرية في هذه البلدان وانخفاض حجم تحويلات العملة الأجنبية (الذي يقدر وفق بعض المصادر بحوالي 25 مليار دولار)، والتي كانت أيضًا مصدر دخل بالعملة الصعبة للنظام المصري. وإذا أضيف إلى ذلك عدم ترشيد الإنفاق، مثلما حدث في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، والإنفاق العسكري الذي يقدر وفق البيانات المصرية الرسمية بما يتراوح بين 4 إلى 5 مليارات دولار، وبما يعادل 8% من الميزانية السنوية، وهو رقم غير واقعي؛ حيث يقدر المعهد الروسي المتخصص في شئون الشرق الأوسط حجم الإنفاق العسكري المصري بحوالي 11.2 مليار دولار، وهو نفس التقدير الذي أشار إليه موقع جلوبال فاير باور[5].
ومن المعروف أن مصر دائما ما تعاني من عجز حاد في الميزانية، وهو ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في الدين الخارجي والداخلي، وكل هذا يؤدي إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع في معدلات البطالة.
– سد النهضة
هناك قضية أخرى تتعلق بالأمن القومي لمصر، ترتبط بنهر النيل وسد النهضة الأثيوبي على النيل الأزرق، الذي تشكل مياهه حوالي 85٪ من إجمالي مياه النيل القادمة إلى مصر. وبما أن التفكير في استخدام الوسائل العسكرية أمر يتطلب جهدا جويا صعبا ومكلفا ومستوى عال من المخاطر، لذلك فقد اختارت مصر في عهد السيسي المسار الدبلوماسي كاستراتيجية وحيدة في موضوع السد، بعكس نظام الإخوان قبله الذي كان يهدد باستخدام القوة للحفاظ على حقوق مصر المائية[6]. في هذا السياق دخلت مصر في مفاوضات مع إثيوبيا تهدف منها إلى إبطاء معدل ملء السد إلى 12 عاما، بينما تهتم إثيوبيا بتسريعها إلى ثلاث أو أربع سنوات، من أجل تلبية احتياجات شعبها الذي يتخطى 110 مليون نسمة، ومرشح للوصول لـ 200 مليونا في عام 2050، كما تطالب مصر بوضع قواعد لملء السد في سنوات الجفاف، وهي التزامات من شأنها أن تحد من حق إثيوبيا في بناء سدود إضافية على طول النيل الأزرق، فضلا عن آلية ملزمة ومتفق عليها لحل النزاعات المستقبلية، والتي ستمنع إثيوبيا من السيطرة الحصرية على النيل[7].
تدخلت الولايات المتحدة لحل القضية برعاية مفاوضات بين أطراف الأزمة، وكانت متفهمة للموقف المصري، وقررت قطع بعض المساعدات الاقتصادية عن أثيوبيا تقدر بـ 100 مليون دولار[8]، لكن المشكلة ظلت تراوح مكانها، كما أن توجه مصر إلى مجلس الأمن لقي معارضة من إثيوبيا وبعض مؤيديها في إفريقيا (وعلى رأسهم جنوب إفريقيا والنيجر)، ويبدو أن التيار المعارض تقوده الصين سرا لانخراط شركات صينية كبرى في بناء السد. في السياق نفسه توسط الاتحاد الأفريقي بقيادة رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا في يونية 2020 في الحوار الثلاثي بين مصر والسودان وإثيوبيا، لكن دون تحقيق أي اختراق مع استمرار المحادثات في ظل انحياز إفريقي نحو إثيوبيا على ما يبدو[9].
في الوقت نفسه تعمل مصر على خلق أدوات ضغط عربية وأفريقية على إثيوبيا؛ فأصدرت الجامعة العربية بيانا دعت فيه إثيوبيا إلى الامتناع عن ملء السد من جانب واحد، وتحاول مصر أن توظف حلفاءها الخليجيين – الذين يستثمرون في المشاريع الاقتصادية الإثيوبية – لممارسة نفوذهم في أديس أبابا من أجلها، لكن ليس من الواضح مدى استعدادهم للعمل من أجل تعزيز المصلحة المصرية. بالإضافة إلى ذلك، تحاول مصر الاقتراب من جيران إثيوبيا بما في ذلك إريتريا وجنوب السودان والصومال، وهناك تقارير تشير إلى دعم للانفصاليين في إثيوبيا أو العناصر المعادية في الدول المجاورة، لدفع إثيوبيا للنظر في المصالح المصرية، إلا أن التطورات التي حدثت خلال العام الماضي تعزز التقديرات بأن إثيوبيا لن تكون في عجلة من أمرها لمنح مصر تنازلات كبيرة[10].
وعلى الرغم مما يشير إليه موقع جلوبال فاير باور من أن سلاح الجو المصري (في 2020) احتل المرتبة العاشرة عالميا، من حيث عدد الطائرات التي يمتكلها (وليس النوع أو الكفاءة)[11] ، فإن خبرته – طبقا للتقديرات الإسرائيلية – في الهجمات المعقدة وطويلة المدى محدودة، وربما لذلك تبقى احتمالية العمل العسكري ضد إثيوبيا في هذه المرحلة منخفضة، لما في ذلك من تحديات عملياتية، وربما بسبب الفائدة المحدودة لعملية كهذه على المدى الطويل؛ إذ لن يغير الهجوم على السد الوضع القائم من سيطرة إثيوبيا على منابع النيل الأزرق[12].
إن “الاستسلام” لإثيوبيا في مثل هذه القضية المصيرية يمكن أن يُنظر إليه على أنه فشل سياسي، وللمحاولة للحد من الضرر الذي يلحق بصورة القيادة المصرية، يوضح المقربون من النظام أن ملء السد لن يكون فشلا مصريا، وأن الدولة ستدخل مرحلة نضال دبلوماسي جديدة من خلال المؤسسات الدولية، وأنها ستلجأ إلى التحكيم الدولي إذا لزم الأمر، ويذكرون بما أنجزته مصر حين استعادت طابا في عام 1988 من خلال التحكيم الدولي.
ومن المؤكد أن لإسرائيل مصلحة استراتيجية في البلدين، ولا يخفى ما تمثله مصر من مصلحة، أما إثيوبيا فوقوعها في منطقة القرن الأفريقي واعتبارها مدخلا لولوج إسرائيل إلى أفريقيا مع جهود التنمية الكبيرة فيها حاليا، تجعلها بالغة الأهمية لإسرائيل؛ ومن ثم فإن إسرائيل تأخذ موقفا محايدا يتمحور حول دعم “حل يعود بالفائدة على مصر وإثيوبيا”. وبحسب تقارير صحفية، فإن مصر طلبت من إسرائيل في 2018 استخدام نفوذها لدى إثيوبيا في قضية السد لصالحها، إلا أن إسرائيل تدرك أن فرص نجاح وساطتها بين الدولتين محدودة للغاية[13].
– الإدارة الأمريكية الجديدة
تدرك إسرائيل – حتى قبل الانتخابات الأمريكية – ما تمثله الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية من قلق في مصر، خوفا من انتخاب جو بايدن؛ ويتعلق القلق الرئيس بالسياسة الخارجية التي يقودها بايدن، الذي كان قد ألمح بالفعل إلى نيته التدخل عن كثب في قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر، كما تتوقع القاهرة بأنه من المرجح أن يعين بايدن مسؤولين لهم وجهات نظر داعمة لـ “الإخوان المسلمين”، وهناك اتفاق واسع داخل مؤسسات الحكم الإسرائيلية على ضرورة استمرار العلاقة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن في ظل أي إدارة مستقبلية[14].
ومن المحتمل طبقا للمحللين الإسرائيليين أن يؤدي صعود بايدن إلى منصب الرئاسة إلى إعادة الأجواء بين القاهرة وواشنطن إلى الفتور الذي ساد بينهما في أيام أوباما؛ حيث اعتبر ما حدث في يوليو 2013 بمثابة انقلاب عسكري، وتم تجميد 260 مليون دولار من المساعدات العسكرية لما يقرب من عامين، وأرجئت مناورة عسكرية مشتركة مع الجيش المصري في محاولة للضغط على القاهرة للدفع نحو الديمقراطية. ومن المرجح أن أعضاء فريق أوباما المباشرين سيعودون إلى المناصب الحكومية الرئيسية، بما في ذلك أولئك الذين شجعوا الخط المتشدد تجاه مصر[15].
أضف إلى ذلك تعهد بايدن في يناير 2020 بأن تقوم سياسته الخارجية على حماية حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية (بخلاف ترامب)، فضلا عن انتقاده في 12 يوليو الماضي اعتقال نشطاء حقوقيين في مصر، وتحذيره لدكتاتور ترامب المفضل[16].
الخوف هنا ينبع في حال ترجم بايدن تصريحاته إلى أفعال خاصة، ومدى كون تصريحاته انعكاسا لرؤية تيار واسع في الحزب الديمقراطي، ما يجعل البلدين في مسار تصادمي. لقد تحدثت مؤسسة بروكينجز مؤخرا عن أن العلاقات مع مصر لا تخدم المصلحة الأمريكية بشكل جيد، وأن سلوك نظام السيسي يزيد من عدم الاستقرار في مصر والمنطقة، وأوصت بتوجيه المساعدات العسكرية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار للأغراض المدنية[17]، فضلا عن ضغوط أعضاء الكونجرس – وأغلبهم من الديمقراطيين – على نظام السيسي لمطالبته بتحسين وضع حقوق الإنسان، والإفراج عن السجناء السياسيين[18].
إن المتابع للإعلام الرسمي المصري سيعرف أن مصر كانت ترغب في فوز ترامب، وأنها كانت تتخوف من فوز بايدن، ظنا بأنه قد يقترب من الراديكاليين – الإسلاميين والإيرانيين – على حساب المحور الإقليمي البراغماتي، وأن بايدن – حسب مصادر مقربة للنظام المصري – قد يعطي الإسلاميين في الشرق الأوسط ربيعا عربيا ثانيا[19].
ورغم أن ما سبق ينطوي على قدر كبير من المبالغة؛ خاصة وأن الانقلابات على الربيع العربي في مصر وسوريا وليبيا واليمن حدثت أثناء حكم أوباما ونائبه بايدن، فإن ذلك لا يمنع أن هناك تخوفا حقيقيا في مصر من الإدارة الأمريكية الجديدة، التي بدورها ربما تخشى من أن يؤدي القمع المتزايد في مصر إلى انفجار يصعب السيطرة عليه. في نفس الوقت فإن إسرائيل سوف تسعى بما تمتلكه من أوراق في واشنطن للتخفيف من حدة ردود الفعل الأمريكية تجاه النظام المصري الحالي.
– تركيا والتدخل في ليبيا
بتمكن قوات حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا من تحرير قاعدة الوطية الجوية جنوب غرب طرابلس في مايو الماضي، استطاعت هذه القوات تحقيق انتصارات متتالية، ما أدى لانسحاب قوات خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات وروسيا إلى مدينة سرت.
وعلى هذا المستوى الاستراتيجي تواجه مصر ضربة قوية، لأنها ترى أن حكومة الوفاق الوطني تعد تهديدا لها بسبب نفوذ عناصر الإخوان المسلمين، إضافة إلى قيام أردوغان مع حكومة الوفاق بعقد اتفاق يقضي إلى تقسيم المياه في شرق البحر المتوسط بطريقة تعزل مصر (وكذلك قبرص وإسرائيل) عن شركائهم في منتدى غاز شرق المتوسط اليونان وإيطاليا. إن فشل حصار طرابلس له تأثير ثانوي نسبيا، وتكمن الخطورة الأكبر على النظام المصري في تأسيس وجود تدعمه تركيا بالقرب من الحدود المصرية، لأن تعزيز النفوذ التركي في المنطقة، يشكل تهديدا خطيرا، خاصة وأن أردوغان يرى أن حكم السيسي غير شرعي[20] . ولعل هذا أحد الأسباب التي حفزت أوروبا باتجاه الدفع لاتفاق بين طرفي الصراع في ليبيا، لمحاولة تقليص النفوذ التركي في ليبيا.
– ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله لمساعدة النظام المصري؟
إذا أضفت إلى القضايا السابقة مشاكل الفقر والزيادة السكانية التي لا يستطيع النظام تلبية احتياجاتها، والفساد الحكومي المستشري، فإن قائمة الصعوبات المصرية (خاصة في جوانبها الاقتصادية) تشكل – وإن لم يكن في المدى القريب – على الأقل في المدى البعيد، تحديا لقدرة النظام الحفاظ على النظام الاجتماعي والاستقرار السياسي.
لكن ما الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل حفاظا على حليفها الاستراتيجي في مصر، خاصة وأن استقرار نظام السيسي يعد مصلحة وطنية حيوية لإسرائيل؛ إذ إن التغييرات الخطيرة في مصر قد تؤدي إلى تغيير بعيد المدى في الأولويات القومية الإسرائيلية، وفي الانتشار الأمني والسياسي لإسرائيل، بل حتى في أنماط حياة الإسرائيليين وقدرتهم على البقاء في بيئة معادية. لكن من وجهة نظر خبراء إسرائيليين، فإن ما يمكن لإسرائيل أن تفعله لمعالجة – ولو جزئية – الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والحكومية والاستراتيجية لدولة يبلغ عدد سكانها مائة مليون نسمة، يفوق قدرات إسرائيل ومدى نفوذها[21].
وقد أشار المحللون الإسرائيليون إلى عدد من الخطوات يمكن لإسرائيل القيام بها من أجل استقرار نظام السيسي في مصر؛ وتتمثل هذه الخطوات فيما يلي:
ففيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والعلاقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، يرى هؤلاء المحللون أنه يجب على إسرائيل تعزيز الجهود مع الإدارة الأمريكية والكونجرس، لضمان استمرار الالتزام الاستراتيجي بالاستقرار في مصر (من خلال حزم المساعدات، بل كذلك تشجيع الاستثمار)، مع ضرورة استماع نظام السيسي للانتقادات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، لكن يجب أن تعرف الحكومة الأمريكية أن بديل نظام السيسيي سيكون حالة من الفوضى، أو إقامة نظام إسلامي أخطر بكثير. ويرى هؤلاء المحللون أيضًا، أنه على إسرائيل محاولة المساعدة، لكي تتفهم واشنطن أن المساعدات الصينية لمصر، مثل استثماراتها في العاصمة الإدارية الجديدة مهمة لاستقرار النظام، وأن واشنطن ينبغي ألا تنظر إلى كل استثمار صيني في منطقتنا من منظور صفري[22].
فيما يتعلق بالوضع التركي في ليبيا وغاز شرق المتوسط، يرى الخبراء الإسرائيليون أنه على الإدارة الأمريكية كذلك (من خلال أعضاء الكونجرس الرئيسيين، وبمساعدة الجاليات ذات الأصل اليوناني في الولايات المتحدة المهتمين بمكافحة الهيمنة التركية) أن تتنبه إلى حجم المخاطر التي يتسبب بها أردوغان وحكومة الوفاق الوطني الليبية لمصر ولإسرائيل وللمصالح الأمريكية. ومحاولة دفع تركيا للتنازل عن مطالباتها المتعلقة بالمياه الإقليمية في شرق المتوسط، من خلال التنسيق بقوة مع دول شرق المتوسط، مع التركيز على اليونان وقبرص، لتقديم موقف موحد أمام الاتحاد الأوروبي الذي عبر عن أن الخرائط التي وضعت ضمن الاتفاق بين أردوغان وحكومة الوفاق الليبية لا أساس واقعي لها. وفي نفس الوقت إثارة قضية خطورة الهيمنة التركية في اتصالات إسرائيل مع دول الخليج الرئيسية (التي تعرف ذلك بدورها بالطبع)[23] .
ترى إسرائيل أيضا أن بإمكانها تقديم مساهمة كبيرة لمصر في كل ما يتعلق بالإدارة الذكية لاقتصاد المياه، في ظل أضرار محتملة بسبب سد النهضة، خاصة وأن إسرائيل صاحبة تجربة فريدة ورائدة في هذا المجال على مستوى العالم[24].
وتتبلور رؤية الخبراء الإسرائيليين في أن مصلحة إسرائيل في دعم نظام السيسي، لا يختلف عليها إسرائيليان. فإن كان القارئ يرى أن هذه العبارة الأخيرة مبالغ فيها، فليأخذها من مدخل بلاغي ليدرك إلى أي حد أصبحت إسرائيل تريد استقرار هذا النظام، لأن بقاءه يحقق مصالحها. لكن المفارقة أن غالبية المحللين الإسرائيليين لم يتوقفوا يوما عن استخدام كلمة الانقلاب في وصفهم لما حدث في مصر في 2013، والمفارقة الأخرى أن إسرائيل مع المطبعين العرب الجدد من حلفاء مصر الخليجيين يبحثون عن طرق تجارة بديلة تضر بالمصالح المصرية.
المصادر :
[1] – ערן לרמן: מצוקותיה האסטרטגיות של מצרים: משמעויות לישראל (מכון ירושלים לאטרטגיה ולביטחון 17 يونية 2020)
[2] – מיכאל ברונשטיין: תגובה למאמר “מצוקותיה האסטרטגיות של מצרים: משמעויות לישראל” (13 يوليو 2020)
http://www.dekelegypt.co.il/200715
[3] – السابق
[4] – אפרים קם: מצרים- מאבקיו של משטר א-סיסי (המכון למחקרי ביטחון לאומי, אוניברסיטת תל אביב ديسمبر 2016)
[5] – מיכאל ברונשטיין: السابق
وانظر أيضا: https://www.globalfirepower.com/defense-spending-budget.asp
[6] – אופיר וינטר & אשר לובוצקי: מצרים ואתיופיה במסלול התנגשות: היכן ניצבת ישראל? (המכון למחקרי ביטחון לאומי, אוניברסיטת תל אביב أكتوبر 2020)
https://strategicassessment.inss.org.il/articles/egypt-and-ethiopia-on-a-collision-course-and-where-lies-israel/
[7] – السابق
[8] – سد النهضة: الولايات المتحدة “ستقتطع” مئة مليون دولار من المساعدات لإثيوبيا (بي بي سي العربية 2 سبتمبر 2020)
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-54007653
[9] – كواليس المشاورات حول سد النهضة قبل جلسة مجلس الأمن (موقع العربي الجديد 27 يونية 2020)
[10] – אופיר וינטר & אשר לובוצקי: السابق
[11] – https://www.globalfirepower.com/country-military-strength-detail.asp?country_id=egypt
[12] – אופיר וינטר & אשר לובוצקי: السابق
[13] – السابق
[14] – צבי לב & אופיר וינטר: מצרים (לא) מחקה לביידן (המכון למחקרי ביטחון לאומי, אוניברסיטת תל אביב 20 أكتوبر 2020)
https://www.inss.org.il/he/publication/egypt-biden/?offset=1&posts=undefined&outher=undefined&from_date=undefined&to_date=undefined
[15] – السابق
[16] – https://twitter.com/JoeBiden/status/1282419453939113989
[17] – צבי לב & אופיר וינטר: السابق
[18] – محمد مغاور: رسالة قاسية من الديمقراطيين.. هل يعادي بايدن نظام السيسي؟ (موقع عربي 21 19 أكتوبر 2020)
[19] – צבי לב & אופיר וינטר: السابق
[20] – ערן לרמן: السابق
[21] – السابق
[22] – السابق
[23] – السابق
[24] – السابق