قمَّة طهران.. بين ضرورات التعاون واستحالة التحالف
المحتويات
مقدمة
قمَّة طهران الثلاثية
- أهداف الدول الثلاث
- الربط بين قمتي جدة وطهران
- مخرجات قمَّة طهران
ضرورات التعاون الثلاثي
- الضرورة الأمنية
- الضرورة السياسية
- الضرورة الاقتصادية
استحالة التحالف الثلاثي
- مظلة قمَّة طهران
- الخلافات الثنائية
- موقع تركيا من التحالف الغربي
- رعاية التوازنات الإقليمية
خاتمة
مقدمة
لم تكد صفحة زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط تطوى حتى شهدت المنطقة زيارة أخرى من جانب الرئيس الروسي بوتين لإيران من أجل حضور قمَّة طهران الثلاثية التي شارك فيها الرئيس التركي أردوغان.
أثار توقيت عقد قمَّة طهران وتجمع الدول الثلاث تكهنات لدى البعض بإمكانية تطور هذا التعاون إلى شكل من أشكال التحالف الإستراتيجي، في مواجهة التحالف الشرق أوسطي الذي تدعو إليه أميركا.
ولكن عقد القمَّة الذي جاء تحت مظلة مسار أستانا، وطبيعة العلاقات الثنائية بين تركيا من ناحيةٍ، وروسيا وإيران من ناحيةٍ أخرى، يستبعدان إمكانية قيام مثل هذا التحالف.
وتحاول هذه الورقة رصد أهداف الدول الثلاث من حضور هذه القمَّة، وضرورات التعاون بينها، وأسباب استحالة قيام تحالف إستراتيجي يجمعها.
قمَّة طهران الثلاثية
استضافت العاصمة الإيرانية طهران، في 19 يوليو/تموز 2022، قمَّة ثلاثية جمعت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيّب أردوغان.
عقدت القمَّة تحت مظلة “مسار أستانا”، وضمَّت الرؤساء الثلاثة بوصفهم قادة الدول الضامنة لهذا المسار الذي بدأ في عام 2017، من أجل إحلال السلام في سوريا.
وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، قد استبق أعمال القمَّة بالقول إنها تسعى إلى “تثبيت خفض التوتر في مناطق الاشتباك في سورية”[1]، وهو العنوان الأبرز للقمَّة، ولكن الظروف الإقليمية والدولية الدقيقة والحساسة فرضت نفسها على جدول أعمال القمَّة وما عُقِد على هامشها من لقاءات ثنائية، حيث ناقش القادة الثلاث أهم القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية، مثل حرب أوكرانيا وأزمة الغذاء والطاقة.
- أهداف الدول الثلاث
أتت قمَّة طهران في سياق تطورات بالغة الأهمية بالنسبة لروسيا وإيران وتركيا؛ فإيران تدير منذ مدة طويلة مفاوضات بخصوص ملفها النووي في مسار من التقدم والتراجع، وتعاني حالة من العزلة بسبب العقوبات المفروضة عليها من جانب الغرب، فضلًا عن المواجهة المعلنة مؤخرًا بينها وبين دولة الاحتلال.
وروسيا في مواجهة معلنة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) على هامش الحرب في أوكرانيا بما يشمل تسليح أوكرانيا ودعمها والعقوبات على موسكو، بينما تلوح تركيا بعملية عسكرية جديدة في الشمال السوري لاستكمال إنشاء منطقة آمنة هناك، وتستمر في التواصل مع الأطراف المعنية بهذا الخصوص ومنها موسكو وطهران.
كما أن القمَّة أتت بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة والقمَّة التي عقدها في جدة مع قادة 9 دول عربية، في إطار سعيه لزيادة التعاون معها في ما يتعلق بأمن الطاقة، ومواجهة إيران وعزلها، وزيادة مستوى اندماج دولة الاحتلال في المنطقة[2].
في ظل هذه الأجواء، ذهبت كل دولة من الدول الثلاث إلى مائدة المفاوضات في قمَّة طهران بحثًا عن قدر مشترك من التفاهم والتنسيق والتعاون رغم الأهداف الخاصّة والمصالح المتناقضة.
فإيران ترى في عقد القمَّة على أراضيها نصرًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا، وأنها جنت ثلاثة مكاسب، أولها هو إفشال الجهود الأميركية والأوروبية لعزلها. وثانيها أن عقد القمَّة أثناء المفاوضات النووية غير المباشرة المستمرة بين طهران وواشنطن “ليس فقط يعزز موقع البلاد بين المفاوضين، بل إنه يظهر للغربيّين أن ضغوطهم القصوى لن تحقق نتيجة”. وثالثها أن القمَّة “ستغير التوازن في المنطقة لمصلحة إيران من جراء تحسن علاقاتها مع الشركاء غير الغربيّين، وعلى ضوء الضعف الذي تواجهه أميركا وحلف شمالي الأطلسي بسبب حروبهما المستمرة وأزمات أميركا وأوروبا الاقتصادية والحرب في أوكرانيا”[3].
أما بوتين فقد جاء إلى هذه القمَّة وهو في حاجة ماسة إلى حلفاء، بسبب ما تتعرض له بلاده من عزلة دولية وعقوبات اقتصادية لم يسبق لها مثيل، وكان الهدف الأول من زيارته لطهران ولقاء القيادة الإيرانية – وفق ما يراه المسؤول في الكرملين يوري أوشاكوف- هو أن “يرتقي التعاون بين البلدين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية”، خاصَّة وأن إيران – حسب معلومات أميركية نفتها طهران – تستعد لتزويد روسيا بمئات الطائرات المسيرة التي هي بأمس الحاجة إليها في حربها بأوكرانيا.
وإذا كانت زيارة بوتين لطهران قد جاءت ظاهريًّا لمناقشة القضايا المتعلقة بسوريا، فإن القمَّة قد مثلت عرضًا من جانبه لتحالف ناشئ حديث مناهض للغرب، بحسب وسائل إعلام غربية.
هذا في حين ذهب أردوغان إلى طهران مدفوعًا بمحاولة الحفاظ على علاقات وثيقة مع إيران وروسيا من ناحيةٍ، وسعيًا لاستثمار حاجة الدولتين إلى تحالف يرد على الأجندة الأميركية من أجل الحصول على ضوء أخضر لتنفيذ العملية العسكرية ضد الأكراد بهدف تأمين المنطقة الآمنة التي يتمسَّك بفرضها بالرغم من الضغوط الخارجية المختلفة من ناحيةٍ أخرى.
وأمام القمَّة، أكد أردوغان إصرار بلاده على اجتثاث بؤر الإرهاب في سوريا، وشدد على أن أنقرة تنتظر الدعم من روسيا وإيران – بصفتهما دولتين ضامنتين بمسار أستانا – في كفاحها ضد الإرهاب بسوريا.
- الربط بين قمتي جدة وطهران
جاءت قمَّة طهران في أعقاب قمَّة جدة التي حضرها الرئيس الأميركي جو بايدن بالإضافة إلى قادة دول الخليج ومصر والعراق والأردن، ما دفع العديد من المحللين إلى القول بأن قمَّة طهران تعد ردًّا جيوسياسيًّا على قمَّة جدة التي شهدت حالة من “التحشيد الإقليمي ضد إيران”، ورسالة إلى روسيا والصين وإيران مفادها تمسك الولايات المتحدة بالبقاء في المنطقة.
وذكرت وسائل إعلام عربية أن القضية السورية التي تنعقد تحت شعارها القمَّة ليست أكثر من غطاء يخفي الأجندة الحقيقية لقمَّة طهران التي تسعى بدورها لتشكيل تحالف مضاد لما أراد بايدن أن يعقده في الشرق الأوسط لاستهداف إيران. ويلفت مراقبون إلى أن بوتين كان يمكن أن يعقد القمَّة في منتجع “سوتشي” أو أي مكان آخر، لكن إصراره على الذهاب إلى طهران فيه رسالة إلى بايدن تفيد بأن لموسكو أوراقًا يمكن تحريكها لإفشال خطط واشنطن مثلما تتدخّل هي في أوكرانيا لعرقلة التقدم العسكري الروسي.
وفي سياق هجومها على زيارة بايدن للشرق الأوسط، وَصَفت وسائل الإعلام الإيرانية قمَّة جدة بالفاشلة، وربطت بينها وبين قمَّة طهران، حيث رأت صحيفة “كيهان” الأصولية أن التخطيط لعقد القمَّة في طهران في هذا الوقيت كان خطوة ذكية يمكن أن تلقي بظلالها على جميع الإنجازات السياسية والإعلامية والنفسية لرحلة بايدن وتحييدها وتغيير أجواء المنطقة إلى قضايا واحتياجات حقيقية، والتركيز على التقارب في المنطقة[4].
وقال مستشار الوفد الإيراني بالمفاوضات النووية، محمد مرندي، إن القمَّة الثلاثية حول سوريا في طهران “اجتماع ناجح”، يأتي بعد أيام من “زيارة فاشلة” للرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة.
وفي تقرير لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، قالت إن توقيت زيارة الرئيس الروسي إلى إيران “حاسم وليس صدفة”، خاصة وأنها جاءت بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل والسعودية وتعهده بأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام “كل عناصر قوتها الوطنية” لمنع عدو مشترك “إيران” من امتلاك أسلحة نووية[5].
أما عن الحضور التركي في قمَّة طهران، فقد رأى بعض المحللين أن تركيا مستاءة من عدم استدعائها إلى قمَّة جدة لتكون شريكًا في الترتيبات الأمنية الإقليمية، خاصة بعد أن تطورت علاقاتها مع دول الخليج الرئيسة وإسرائيل، وأن وجودها في قمَّة طهران هدفه توجيه رسالة إلى بايدن تفيد بأن استثناءها من ترتيبات الشرق الأوسط سيكون له تأثير على موقفها من الصراع الروسي – الأوكراني.
- مخرجات قمَّة طهران
تشير تصريحات رؤساء الدول الثلاث قبل قمَّة طهران إلى أنها كانت قمَّة تأكيد المواقف السابقة؛ فقد أعادت أنقرة تأكيد حقها في مكافحة الإرهاب، وأن العملية العسكرية في الشمال السوري ما زالت على أجندتها، وهو ما أكده أردوغان بقوله: “سنواصل قريبًا قتالنا ضد المنظمات الإرهابية”.
كما كررت كل من موسكو وطهران الدعوة لطمأنة هواجس تركيا الأمنية، ولكن في “إطار سياسي”؛ فقد أكد بوتين “ضرورة عودة جميع المناطق إلى سيادة سوريا”، وحذر رئيسي من “وجود خطوات تتضارب مع السيادة السورية”[6].
وفي ختام القمَّة، عبَّرت الدول الثلاث من خلال البيان الصادر عن قمَّة طهران عن رفضها جميع المحاولات لإيجاد حقائق جديدة على الأرض السورية بذريعة مكافحة الإرهاب، وأكدت على ضرورة الحفاظ على الهدوء من خلال تنفيذ جميع الاتفاقات المتعلقة بإدلب، ودَعَت المجتمع الدولي لتحمل مزيد من المسؤولية في تقاسم أعباء إسكان اللاجئين السوريين الراغبين في العودة إلى بلدهم.
وجدد القادة تأكيد اعتقادهم بأن الحل العسكري للصراع السوري لا يمكن تحقيقه، وأن الصراع لا يمكن أن ينتهي إلا من خلال عملية سياسية يقودها ويملكها السوريُّون، وتسهلها الأمم المتحدة، في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254).
ويمكن القول إن البيان الختامي للقمَّة خرج “فضفاضًا” و”حمالَ أوجه”، ويمكن استخدامه من جانب كل دولة في تأكيد مواقفها المسبقة من الوضع في سوريا. ويكفي أن نعود إلى حديث البيان عن الإرهاب لنجد أنه على الرغم من توافق الدول الثلاث على مواجهته إلا أنه يبدو أن كل دولة لها مصداق مختلف لهذا الإرهاب، فتركيا ترى في التنظيمات الكردية إرهابًا يهدد أمنها، وترى إيران في “الجيش السوري الحر” المدعوم من تركيا إرهابًا يهدد أمن النظام السوري الحليف لها.
ضرورات التعاون الثلاثي
رغم الخلافات الكثيرة التي تغلب على العلاقات بين روسيا وإيران وتركيا، فإن الدول الثلاث التقت في قمَّة طهران، كما تلتقي في اللقاءات الثنائية، مدفوعة بضرورات أمنية وسياسية واقتصادية، من أجل الوصول إلى مستوى من التنسيق والتعاون، يحقق الحد الأقصى من مصالح كل طرف، ويحول دون المواجهة والصدام. ولهذا فإن التعاون بين دول المشاركة في قمَّة طهران هو تعاون الضرورة.
- الضرورة الأمنية
تشتبك خيوط روسيا وإيران وتركيا في مناطق عديدة تشهد تنافسًا على النفوذ وصراعات عسكرية، كما هو الحال في سوريا التي شهدت تدخلات عسكرية روسية وإيرانية وتركية، والعراق الذي تعتبره إيران ملعبًا خاصًّا وتعارض التحركات العسكرية التركية على أراضيه، وتحرض أذرعها العسكرية هناك على مهاجمة القوات التركية، ومنطقة القوقاز التي شهدت عودة إقليم كاراباغ إلى السيطرة الأذربيجانية بمساعدة تركية، ما أثار مخاوف إيران من إغلاق الحدود الايرانية مع أرمينيا، بالإضافة إلى ليبيا التي تساند فيها روسيا وتركيا الفصيلين المتنازعين على السيطرة على البلاد.
وعلى الرغم من اختلاف المصالح في هذه المناطق، فإن الدول الثلاث تتجنب المواجهة التي تؤثر على وضعها الأمني، وتلجأ إلى التنسيق والتعاون بما لا يُفضِي إلى صدام.
كانت سوريا هي محور مباحثات قمَّة طهران واللقاءات الثنائية بين القادة المشاركين فيها، فقد ذهب الرئيس التركي إلى طهران لإقناع القيادتين الروسية والإيرانية بضرورة العملية العسكرية التركية المحتملة ضد التنظيمات الكردية، ولكنه واجه رغبة روسية إيرانية قوية باللجوء إلى الحل السلمي، والتخلي عن الخيار العسكري، خوفًا من خطورة ارتدادات عمل من هذا النوع على وحدة سوريا وتماسكها.
وكان تحذير المرشد الإيراني، علي خامنئي، هو الأبرز في هذا الشأن، حيث وجه تحذيرًا مباشرًا للرئيس أردوغان من أن أي عمل عسكري في سوريا سيعود بالضرر على تركيا وسوريا والمنطقة بأكملها، داعيًا إلى الحوار لحل الأزمات بطريقة سياسية[7].
ولكن الرئيس التركي لم يتعهد لروسيا وإيران بعدم التوغل مجددًا في الشمال السوري، وأكد إصرار بلاده على اجتثاث بؤر الإرهاب في سوريا، وأنها تنتظر من روسيا وإيران دعمًا بهذا الخصوص[8].
وعلى الرغم من كم المتناقضات الكبير في هذا الملف، إلا أن البيان الختامي للقمَّة أدان الوجود المتزايد للتنظيمات الإرهابية وأنشطتها وأذرعها في مختلف مناطق سوريا، وشدد على الالتزام القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وبأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ورفض البيان أي محاولة لخلق حقائق جديدة على الأرض تحت ستار مكافحة الإرهاب، بما في ذلك محاولات الحكم الذاتي غير المشروعة[9].
ولكن على الرغم من التوافق حول المبادئ العامة التي تتمسَّك بها الدول الثلاث في تعاطيها مع القضية السورية، فإن القمَّة انتهت دون التوصل إلى اتفاق حول العملية العسكرية، حيث أعاد الرئيس أردوغان التأكيد على أن الهجوم سيبقى على جدول أعمال بلاده إلى أن تتم معالجة مخاوفها الأمنية. كما عبَّر وزير الخارجية الإيراني، بعد القمَّة، عن قلق بلاده من احتمال قيام تركيا بهجوم عسكري على الأراضي السورية.
وعلى الرغم من معارضة روسيا وإيران للعملية العسكرية المحتملة، فإن لأردوغان حساباته الداخلية الملحة التي قد تطغى على ما عداها من حسابات، وتجعله يتجاوز الاعتراضات، ويمضي في إنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومترًا داخل الأراضي السورية. وهذه “المنطقة الآمنة” سيعاد توطين مليون لاجئ سوري فيها.
هذا بالإضافة إلى أن الرئيس التركي على اقتناع بأنه لا روسيا ولا إيران قادرة على الذهاب بعيدًا في مناوأة تركيا، حتى ولو شنت عمليتها العسكرية، وذلك انطلاقًا من حاجة الدولتين إلى أنقرة في هذه الظروف الجيوسياسية المتقلبة[10].
- الضرورة السياسية
على المستوى السياسي، دفعت التطورات الإقليمية والدولية الراهنة روسيا وإيران وتركيا إلى التقارب والالتقاء حول أجندة سياسية تبحث عن المصالح المشتركة.
ويمكن تلخيص الضرورات السياسية التي دفعت الدول الثلاث إلى الالتقاء حول مائدة المفاوضات في قمَّة طهران تحت عنوانين رئيسين، هما مواجهة الضغوط الغربية، وإحداث حالة من التوازن الإقليمي.
فروسيا تعيش حالة من العزلة السياسية غير المسبوقة بسبب حربها على أوكرانيا، وتحتاج إلى حلفائها في المنطقة لمواجهة آثار العقوبات المفروضة عليها.
وكذلك الأمر بالنسبة لإيران التي تعاني من عزلة كبيرة وعقوبات غربية وأميركية قاسية بسبب برنامجها النووي الذي يزعج الكيان الصهيوني ودول الخليج. بالإضافة إلى ما تواجهه من حالة تحشيد إقليمي ضدها برعاية الولايات المتحدة.
أما تركيا، فرغم وجودها في حلف الناتو، فإنها تنتهج سياسة تتمتع بقدر من الاستقلالية التي تحافظ بها على مصالحها الوطنية وتناور من خلالها لتخفيف ضغوط المعسكر الغربي الذي تبدو فيه وكأنها جزء غريب عنه، بل وتتعرض لعقوبات من جانب حلفائها أيضًا، وإن لم تكن بقسوة العقوبات المفروضة على روسيا وإيران.
ولهذا فقد توطدت العلاقات الروسية الإيرانية ووصلت إلى حد التحالف الإستراتيجي، بفضل التفاهم المشترك بين بوتين والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، لحاجة الطرفين إلى مواجهة المحاولات الغربية لعزلهما وفرض نظام إقليمي محابي للغرب.
وتجسد هذا التفاهم في تعاونهما العسكري في سوريا للحفاظ على حكومة “بشار الأسد”، ومنع تغيير النظام من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والإقليميّين.
ومنذ اندلاع حرب أوكرانيا، أصبح دور طهران في المناورة الإستراتيجية بين روسيا والغرب حاسمًا بالنسبة لسياسات موسكو المتعلقة بالأمن والطاقة والجغرافية الاقتصادية.
ويُظهر موقف القيادة الإيرانية من حرب أوكرانيا أن التعاون في سوريا لم يكن حالة استثنائية؛ فمنذ الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية أصبحت العلاقة بين موسكو وطهران أكثر عمقًا. وينظر “بوتين” الآن إلى إيران على أنها حليف مهم ضد الغرب، ووَصَف علاقاتهما الثنائية مؤخرًا بأنها “عميقة” و”استراتيجية”[11].
أما تركيا التي يزعجها موقف الولايات المتحدة المؤيد للتنظيمات الكردية الإرهابية وتنظيم “غولن”، وتواجه تحيزًا من جانب شركائها في التحالف الغربي ضد مصالحها، ولا تكاد تنتهي أسباب الخلاف بينهم، فإنها تلجأ إلى الورقة الروسية كأداة ضغط على الغرب، بينما تنظر روسيا إلي تركيا على أنها وسيلة ممكنة لزرع الشقاق في حلف الناتو.
ولهذا حرص بوتين على منح أردوغان شرف رعاية الاتفاق على تصدير الحبوب من روسيا وأوكرانيا، والذي أبرم بإشراف الأمم المتحدة في اسطنبول، بعدما أظهر بوتين مركزية روسيا ومكانتها الدولية بشأن سلاسل الغذاء العالمي، مستغلًا حاجة الولايات المتحدة لتهدئة الرأي العام العالمي حيال أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار[12].
كما تسعى الدول الثلاث إلى إحداث حالة من التوازن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، التي أعلنت أميركا أنها لن تتخلى عنها، وأنها لن تترك فيها فراغًا تملؤه روسيا أو إيران، فما كان من روسيا إلا أن وافقت على حضور قمَّة طهران لترسل رسالة إلى الولايات المتحدة بأنها لن تتخلى عن حلفائها في المنطقة.
ورغبة في هذا التوازن، تسعى إيران من خلال قمَّة طهران إلى مواجهة حالة التحشيد التي تقودها أميركا لتكوين حلف شرق أوسطي يستوعب الكيان الصهيوني، لعزل إيران ودفعها للعودة إلى الاتفاق النووي، وضبط أنشطتها النووية، ومواصلة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي عليها.
ووجدت إيران في القمَّة فرصة سانحة لترويج قدرتها على المناورة وامتلاكها بدائل جدية لحماية نفسها من أي “ناتو”، وأن لديها شراكة استراتيجية مع روسيا ذات منافع متبادلة خاصة بعد أن كشفت عن استعدادها لبيع أسلحة وعتاد لموسكو.
أما تركيا فإنها تحاول تذكير الغرب بمكانتها ودورها المهم في أي ترتيبات إقليمية قادمة، إذ تبدو مستاءة من عدم استدعائها إلى قمَّة جدة لتكون شريكا في الترتيبات الأمنية الإقليمية، خاصَّة بعد أن تطورت علاقاتها مع دول الخليج الرئيسة وإسرائيل. وقد يكون أحد أهداف حضورها قمَّة طهران في هذا التوقيت هو توجيه رسالة إلى بايدن تفيد بأن استثناءها من ترتيبات الشرق الأوسط سيكون له تأثير على موقفها من الصراع الروسي – الأوكراني[13].
- الضرورة الاقتصادية
ثمَّة ضرورة تجمع الدول الثلاث على المستوى الاقتصادي، وهي الحاجة المتبادلة بينها إلى التعاون للتخلص من المشاكل الاقتصادية.
فإيران وروسيا يخضعان لعقوبات غربية قاسية، وهو ما يدفعهما إلى التعاون والتنسيق من أجل مواجهة آثار هذه العقوبات وتخفيف حدتها، ولهذا تخطط روسيا لرفع علاقاتها مع إيران إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، بما يخدم مصالح البلدين.
وفي هذا السياق، عرضت إيران مساعدة روسيا في الالتفاف على العقوبات المتعلقة بالحرب، ونقل بيان عن خامنئي قوله إن “الأحداث العالمية تظهر حاجة إيران وروسيا إلى تعاون متبادل متزايد باستمرار”. كما أشار المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إلى “وجود إمكانية لدى كل من روسيا وإيران لبناء التعاون من أجل تقليل عواقب العقوبات”.
وللالتفاف على العقوبات، وافقت روسيا مؤخرًا على نقل 10 ملايين طن من البضائع عبر “الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب”، الذي يربط مومباي الهندية بموسكو عبر إيران وأذربيجان، ويمكن أن يكون ذلك مصدرًا كبيرًا للإيرادات بالنسبة لإيران.
كما تسعى روسيا لاستئناف عقود تطوير صناعة النفط والغاز الإيرانية والتي تمَّ تعليقها سابقًا نتيجة العقوبات الأميركية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
وسبق وصول بوتين لطهران الإعلان عن توقيع مذكرة تفاهم بين شركة “غازبروم” الروسية العملاقة للطاقة، والشركة الوطنية للنفط الإيرانية[14].
أما تركيا فإن اقتصادها يعاني في العامين الأخيرين من مشاكل انعكست آثارها على حياة المواطن التركي الذي يعاني من ارتفاع الأسعار بسبب معدلات التضخم العالية، ولهذا كان العامل الاقتصادي أحد أهم محركات السياسة التركية في المنطقة.
وتتصرَّف أنقرة بناءً على مصالحها الخاصة التي تتلاقى مع مصالح جيرانها، وعلى رأسها إيران وروسيا، والدول المهمة والرئيسة، مثل السعودية والإمارات وإسرائيل.
وبناءً عليه، كان التعاون الاقتصادي حاضرًا بقوة على مائدة المفاوضات بين إيران وتركيا، حيث عقدت على هامش القمَّة اللجنة العليا للتعاون بين إيران وتركيا، وكان ملف تمديد اتفاقية توريد الغاز الإيراني على مدى 25 عامًا قادمة إلى تركيا على رأس الموضوعات التي نوقشت في الاجتماع[15].
ويمثل الغاز الإيراني أحد أهم مصادر الطاقة بالنسبة لتركيا التي تعتمد بشكل كبير على الواردات لتأمين احتياجاتها من الطاقة، حيث تستورد ما يقرب من 260 مليون برميل من النفط، فيما بلغ إجمالي وارداتها من العاز في 2021 نحو 61.6 مليار متر مكعب، بزيادة سنوية قدرها 23 بالمئة، وتنفق أكثر من 40 مليار دولار سنويًّا على واردات الطاقة.
وتعتمد تركيا على روسيا بنسبة 45 بالمئة في إمداداتها من الغاز الطبيعي، و15 بالمئة في احتياجاتها من النفط، كما تمد إيران تركيا بالغاز عبر خط أنابيب “تبريز-أنقرة”، لتقدم طهران إلى أنقرة نحو 16 بالمئة من احتياجاتها من الغاز[16].
وكان البلدان قد أكدا على زيادة التعاون التجاري والاقتصادي الثنائي من خلال الاستفادة الكاملة من الآليات القائمة والتنفيذ الكامل للاتفاقيات واللوائح المعمول بها.
كما أكدا على أهمية توفير الضمانات والحوافز للقطاع الخاص في البلدين بهدف خلق بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات المشتركة في البنية التحتية والطرق السريعة والمواصلات وتوسيع التعاون في مجال الطاقة.
وأعلنت الحكومة الإيرانية عن توقيع 6 مذكرات تفاهم مع تركيا خلال اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي المشتركة، وأن البلدين يسعيان لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 30 مليار دولار.
استحالة التحالف الثلاثي
عقدت قمَّة طهران بعد أيام من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للشرق الوسط، وهو ما جعل البعض يذهب إلى أن قمَّة طهران جاءت كرد فعل على قمَّة جدة، التي حضرها بايدن، وكانت تهدف إلى إرسال رسالة للشركاء والخصوم بأن واشنطن متمسكة بموقعها الإستراتيجي في المنطقة، وضمان أمن الحلفاء التقليديّين.
بالغ بعض المحللين، خاصَّة من الجانبين الروسي والإيراني، عندما نظروا إلى القمَّة على أنها تؤذن بمولد تحالف إستراتيجي إقليمي جديد، أو محور ثلاثي، في مواجهة التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة.
فقد اعتبر بعض المحللين الإيرانيين قمَّة طهران مؤشرًا على أفول قوة أميركا في المنطقة، وأن “الجمهورية الإسلامية” صارت مركزًا للقرار الإقليمي. ووَصَفت وكالة أسبوتنيك الروسية القمَّة بأنها “شرخ في جدار الناتو”.
قد يكون عقد القمَّة قي طهران بحضور الرئيس الروسي بوتين ردًّا بالفعل على زيارة بايدن، للتأكيد على أن روسيا أيضًا موجودة في المنطقة، وأنها لن تتخلى عن حلفائها، وقد يكون التحالف بين روسيا وإيران أمرًا طبيعيًّا في ظل ما يواجهانه من عقوبات غربية، ولكن الزعم بأن هذا اللقاء يؤسس لتحالف ثلاثي إغراق في المبالغة، وهي مبالغة مقصودة لا يخفى ما فيها من محاولة إيرانية روسية لتوظيف القمَّة في حربهما الدبلوماسية ضد المعسكر الغربي وحلفائه في المنطقة.
فعلى أرض الواقع، لا يمكن تصنيف مخرجات هذه القمَّة إلا تحت بند التعاون التكتيكي والبحث عن المصالح المشتركة، وهو ما لا يرقى إلى مستوى التحالف الإستراتيجي، لأسباب عديدة، منها ما يلي:
- مظلة قمَّة طهران
عقدت قمَّة طهران تحت مظلة مسار أستانا، ولم تكن هذه القمَّة هي الأولى من نوعها، حيث سبقتها ست قمم أخرى، بهدف البحث في الشأن السوري.
ولهذا فإن هذا المحور الثلاثي يرتبط بالأساس بالتنسيق وإدارة الخلافات بين الدول الثلاثة بشأن الأزمة السورية، حتى وأن توسع التعاون بينها ليشمل قضايا أخرى، لأن التعاطي مع هذه القضايا جزء لا يتجزأ من المساومات بينها للوصول إلى توافقات تتناسب مع المصالح الوطنية.
وبالنظر إلى نتائج ومخرجات القمَّة، وبعيدًا عن نتائج ومخرجات اللقاءات الثنائية التي تتم بدون الحديث عن محاور وأحلاف إستراتيجية، فإن المحور الأساسي الذي دارت حوله المفاوضات هو القضية السورية.
أما التعاون الثنائي بين كل دولتين على حدة، فإنه يندرج تحت بند العلاقات الثنائية التي تشهد مراحل من المد والجذر، مع رغبة ثنائية بين هذه الأطراف لتجنب المواجهة والتعاون في مواجهة الضغوط الغربية التي طالتها بنسب متفاوتة.
- الخلافات الثنائية
يغلب على العلاقات الثنائية بين روسيا وإيران وتركيا عامل التنافس، بحكم التجاور الجغرافي وتضارب المصالح في العديد من الأماكن والقضايا، ولكن ثمَّة إرادة لدى قيادة هذه الدول لتجنب تطور هذا التنافس إلى حالة من العداء الإستراتيجي بسبب الحاجة المتبادلة.
وتتسع رقعة الخلافات بين إيران وتركيا وروسيا بشأن مجموعة من القضايا الجيوسياسية والأمنية في المنطقة، مثل التطورات في شمال سوريا والعراق والقضية الكردية وكذلك إقليم كاراباخ في أرمينيا والنفوذ في آسيا الوسطى والبحر الأسود.
ويكفي أن القضية الأساسية التي عقدت القمَّة من أجلها، وهي القضية السورية، تشهد خلافًا جوهريًّا بين الأطراف الثلاثة حول تعريف الإرهاب ومساندة النظام الحاكم، حيث تحظى دمشق بدعم كل من روسيا وإيران اللتين تسيطران على سوريا، ولديهما مصالح كبيرة في القواعد البحرية، فيما تعارض تركيا بشكل عام الرئيس بشار الأسد، وتتدخل عسكريًّا في الشمال السوري لمواجهة التنظيمات الكردية التي تتهمها بالإرهاب والمدعومة من الولايات المتحدة[17].
ورغم البيان الختامي للقمَّة الداعي لتجنب الحلول العسكرية، إلا أن تركيا مازالت مصممة على عمليتها العسكرية المحتملة في الشمال السوري، على غير رغبة من روسيا وإيران.
وفي ضوء هذا الخلاف، يمكن تفسير حادثة دهوك في العراق، حيث يرى مراقبون أن التصعيد واتهام تركيا باستهداف مدنيّين جاءا بتوجيه إيراني واضح، وأن الحادث كان رسالة إيرانية لتركيا عبر الأراضي العراقية، بعد فشل القمَّة الثلاثية في طهران في انتزاع تعهد تركي بعدم القيام بعملية عسكرية في سوريا[18].
- موقع تركيا من التحالف الغربي
بوصفها عضوًا في حلف “الناتو”، فإن تركيا واحدة من الدول التي وقعت على إعلان قمَّة الناتو في مدريد، وعلى المفهوم الإستراتيجي الجديد للحلف في يونيو/حزيران 2022. واحتوت هذه الوثائق على إدانة قوية للاجتياح الروسي، إلى جانب التعهد بدعم أوكرانيا. وينظر الناتو إلى روسيا بوصفها التهديد الأخطر والأكثر مباشرةً لأمن الحلفاء والسلام والاستقرار في المنطقة الأورو – أطلسية.
ومع ذلك، تظهر تركيا أقصى درجة من المرونة الدبلوماسية في سياستها الخارجية، وهو ما يمكن رؤيته في علاقاتها القوية مع الغرب، ودورها المحوري في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومحافظتها في الوقت نفسه على علاقات تجارية وسياسية قوية مع إيران وروسيا.
وتؤكد تركيا دائمًا على أن تعاونها مع روسيا لا يعني خروجها على الناتو، وتتمسك بعلاقاتها معها، رغم أن الناتو يعبر عن قلقه من الصفقات التي تعقدها أنقرة وموسكو.
لم يطل الوقت على ختام قمَّة طهران حتى جاء الرد الأميركي من خلال أعضاء الكونجرس الذين أرسل بعضهم رسالة للرئيس بايدن انتقدوا فيها مواقف أردوغان، وجاء فيها: “لقاء أردوغان ببوتين ورئيسي يرسل رسالة جديدة واضحة للبيت الأبيض حول ضرورة عدم الوثوق بالمواقف التركية والامتناع عن إرسال أي معدّات عسكرية لتركيا”.
في هذا السياق، اتهم مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، مايكل مولروي، تركيا باستخدام عضويتها في الناتو للمراهنة على ملفات لا علاقة لها بالحلف وأولوياته في هذا الوقيت. وقال إن “عضو حلف الناتو الجيّد لم يكن ليفعل كل هذا إلى جانب الجهود التركية لمساعدة إيران على تخطي العقوبات الأميركية من خلال رفع مستوى التجارة بينها وبين إيران إلى نحو ٣٠ مليار دولار”[19].
- رعاية التوازنات الإقليمية
عمدت تركيا منذ فترة إلى انتهاج سياسة “تصفير المشاكل”، مع الدول المحورية في منطقة الشرق الأوسط، وهي السعودية والإمارات ومصر، والكيان الصهيوني، مدفوعة في ذلك بظروف إقليمية ودولية، وظرف داخلي ضاغط، يتمثل في الحالة الاقتصادية التي تحتاج إلى التعاون مع هذه الدول للاستفادة من العلاقات السياسية الجيدة في إنعاش التبادل التجاري وجذب الاستثمارت.
ولهذا لا يمكن أن تغامر أنقرة بخسارة ثمرة الجهود الحثيثة والمضنية التي بذلت من أجل تحسين علاقاتها مع هذه الدول، بما يُعرِّض مصالحها الاقتصادية للخطر، حال تواجدها في تحالف يجمعها بإيران التي تعتبرها دول الخليج وإسرائيل خطرًا يهددها.
كما أن انضمام تركيا إلى تحالف يجمع إيران يعني مزيدًا من الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني من جانب دول الخليج التي سارت في مسار التطبيع، بحثًا عن مظلة للحماية من جانب إسرائيل التي تسعى لإقامة تحالف إقليمي لمواجهة المد الإيراني.
خاتمة
انتهت قمَّة طهران التي عقدت من أجل مناقشة الشأن السوري دون أن تأتي بجديد، عدا بعض العبارات الفضفاضة التي تحمل أوجهًا عديدة، ويمكن لأي طرف من أطراف النزاع أن يستخدمها في تأييد مواقفه، وذلك بعد أن ألقت أحاديث التحالفات الإقليمية بظلالها على القمَّة، وطغت على موضوعها الأصلي، وهو الأزمة السورية.
لم يتنازل أي من الأطراف الضامنة لمسار أستانا عن مواقفه، فتركيا مصممة على القيام بعمليتها العسكرية في الشمال السوري، والتي ترفضها روسيا وإيران، رغم تفهمهما للأسباب التي تدفع أنقرة للقيام بها.
أما حديث الأحلاف الإقليمية فقد برز بعد أن جاءت قمَّة طهران بعد أيام من قمَّة جدة، وكأنها رد على محاولات أميركا التمسُّك بموقعها في المنطقة، وحشدها لحلفائها التقليديين ضد التمدد الإيراني.
ولكن حلفًا ثلاثيًّا من دول قمَّة طهران يصعب تكوينه لأسباب عديدة، منها أن القمَّة عقدت للبحث في الشأن السوري، ولا يمكن تضخيم دورها التنسيقي بين الدول الثلاث والوصول به إلى حد التحالف، لأن ذلك يتعارض مع موقع تركيا في التحالف الغربي، ورغبتها في تصفير المشاكل مع دول المنطقة، ووجود خلافات كثيرة بينها وبين روسيا وإيران تحول دون هذا التحالف.
أما عن التعاون الثنائي بين الدول الثلاث، فهو تعاون تدفعها إليه ضرورات أمنية وسياسية واقتصادية تقتضي قدرًا من التفاهم والتنسيق والتعاون للحيلولة دون الوصول إلى المواجهة والصدام.
[1] مهر نيوز، نشست سهجانبه سران روند آستانه فردا در تهران برگزار میشود، 27 تير 1401ش، https://bit.ly/3BmeYtx
[2] الجزيرة نت، قمة طهران الثلاثية.. قراءة في السياق والمخرجات، 25 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3PZMv0A
[3] روزنامه ايران، 3 دستاورد تاثيرگذار نشست “آستانه” بر معادلات جهانى، 22 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3PTlgom
[4] روزنامه كيهان، ترس بايدن از نظم جديد بين المللي، 28 تير 1401ش، https://bit.ly/3b5lhqN
[5] Dailymail, Vladimir Putin is forging a new alliance of pariah states that’ll be a graver threat to the West than the old Soviet bloc, 19-07-2022, https://bit.ly/3PXb0vp
[6] الجزيرة نت، قمة طهران الثلاثية.. قراءة في السياق والمخرجات، 25 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3BjDVpk
[7] الجزيرة نت، خامنئي مخاطبا أردوغان: أي عمل عسكري في سوريا سيعود بالضرر على المنطقة بأكملها، 19 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3OyHZoW
[8] Yeni Safakالعربية، أردوغان: مصممون على اجتثاث بؤر الإرهاب في سوريا، 19 يوليو/تموز، https://bit.ly/3cLYwIY
[9] وكالة الأناضول، تركيا وإيران وروسيا تدين وجود وأنشطة الإرهاب في سوريا، 20 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3PQebVF
[10] صحيفة النهار، هل غيّرت قمّة طهران خطط أردوغان؟، 22 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3PCHtY9
[11] ميدل إيست نيوز، هكذا عززت التطورات الجيوسياسية التقارب بين روسيا وإيران، 22 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3BqfA14
[12] كل العرب، قمة طهران و تقسيم الأدوار: قراءة في التنسيق الإضطراري، 25 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3zyIhrv
[13] مركز الروابط للبحوث، قمة طهران رد مباشر على قمة جدة: تحالف ثلاثي لمواجهة أجندة بايدن، 20 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3Be3nwB
[14] MD EAST NEWS، هكذا عززت التطورات الجيوسياسية التقارب بين روسيا وإيران، 22 يولو/تموز 2022، https://bit.ly/3Bcc4HA
[15] وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، طهران وانقرة تتباحثان بشأن تمديد اتفاقية توريد الغاز الإيراني إلى تركيا، 19 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3Bb5OQz
[16] الشرق، الاقتصاد والنفط والحبوب وسوريا.. عناوين القمة الروسية-الإيرانية-التركية، 19 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3PNUT3g
[17] سكاي نيوز عربية، قمة طهران الثلاثية.. أزمة سوريا و”مآرب أخرى”، 20 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3zCu5On
[18] Sputnik عربي، “تركيا والعراق”… من يقف خلف محاولات إشعال فتيل الحرب بينهما؟، 26 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3OxYyBe
[19] وكالة نورث برس، قمة طهران تشعل غضب واشنطن ضد أردوغان، 21 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3PW4zbT