تطورات أحداث الانقلاب في تونس
عبدالرحمن محمد
مقدمة:
اتخذ الرئيس التونسي، قيس سعيد، عدة قرارات استثنائية على مدار اليومين الماضيين، الأحد والإثنين، مثلت في نظر الكثيرين انقلابًا رئاسيًا على السلطة التشريعية والحكومة في بلاده. وكان أهم هذه القرارات هي إعفاء هشام المشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية، وتولي الرئيس نفسه رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد يتولى تعيينه بنفسه. كما قرر “سعيد” تجميد كل اختصاصات المجلس الدستوري، ورفع الحصانة عن كل أعضاء المجلس النيابي. وبذلك، تولي الرئيس التونسي إصدار القوانين كما ينص على ذلك الدستور.
كذلك جاء من ضمن القرارات، إعفاء إبراهيم البرتاجي، وزير الدفاع الوطني، وإعفاء حسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة. وتولي الكتاب العامين أو المكلفين بالشؤون الإدارية والمالية تصريف الأمور الإدارية والمالية في رئاسة الحكومة والوزارات (الدفاع، الداخلية، العدل)، إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد.
بالإضافة إلى ذلك، تم تعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية لمدة يومين، وفرض حظر للتجول من السابعة مساء إلى السادسة صباحًا من اليوم التالي، حتى الجمعة 27 أغسطس باستثناء الحالات الصحية الطارئة وأصحاب العمل الليلي. كما تقرر منع حركة الأفراد والمركبات بين المدن خارج أوقات حظر التجول.[1]
وقد اعتمد الرئيس التونسي في قراراته على المادة 80 من الدستور، التي تنص على أن “لرئيس الجمهورية، في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتّمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن التدابير في بيان إلى الشعب”.
ردود فعل الأحزاب التونسية
تأتي حركة النهضة في مقدمة الأحزاب التي اعترضت على قرارات “سعيد”، ذلك لأنها أبرز المستهدفين من هذه القرارات كما يبدو. فمنذ سنوات تتعرض حركة النهضة، المحسوبة على التيار الإسلامي، لحملات تشويه ممنهجة، ومطالبات بتنحيتها عن المشهد، وقد تكثفت هذه الحملات خلال الفترة الأخيرة. حتى إنه قبيل إعلان الرئيس التونسي قراراته الأخيرة، تعرضت عدة مقرات تابعة للحركة للاقتحام من جانب متظاهرين معارضين لها في مدن توزر، والقيروان، وسوسة.[2] وقد وصفت الحركة عمليات اقتحام وحرق بعض مقراتها بـ”الجرائم البشعة والمتعمدة والمدفوعة الأجر”.[3]
ولذا، كانت الحركة واضحة في رفضها للقرارات، حيث وصف رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، القرارات الرئاسية بأنها “انقلاب على الثورة والدستور”. وأضاف الغنوشي: “هناك تعبئة قام بها الرئيس سعيد ضد الخيار الديمقراطي وفصل السلطات لأن النهضة هي الحزب الأقوى في البلاد، هناك محاولات بائسة لتجريم حركة النهضة”، متهمًا إعلام دولة الإمارات بالوقوف وراء دعم الانقلاب واستهداف حركة النهضة.[4]
كما اعتبرت كتلة “قلب تونس”، التي لديها 53 نائبًا من أصل 217، أن القرارات المتخذة من الرئيس سعيد، “خرق جسيم للدستور”، ورجوع بالبلاد إلى “الحكم الفردي”. وكذلك، عبر “ائتلاف الكرامة” بوضوح عن رفضه القطعي للقرارات الأخيرة، ودعا الشعب إلى الدفاع عن حريته وثورته. ويمتلك ائتلاف الكرامة 18 مقعدًا في البرلمان.[5]
لكن كانت هناك مواقف أخرى أقل وضوحًا، كموقف حزب “التيار الدّيمقراطي”، الذي أعرب عن اختلافه مع “تأويل الرئيس قيس سعيد للفصل 80 من الدستور”، رافضًا ما ترتب عنه من قرارات وإجراءات خارج نصوصه. وفي الوقت نفسه، حمل الحزب الذي لديه 22 نائبًا مسؤولية الاحتقان الشعبي المشروع والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وانسداد الأفق السياسي للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة وحكومة هشام المشيشي.[6]
كذلك، فإن هناك أحزابًا أيدت القرارات بوضوح، منها حركة الشعب، التي لديها 15 نائبًا بالبرلمان، حيث اعتبرت أنّ “سعيد، لم يخرج بالقرارات التّي اتخذها عن الدستور، بل تصرف وفق ما تمليه عليه مسؤوليته في إطار القانون والدستور حفظًا لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة”. وأبدت الحركة في بيان، “مساندتها للقرارات التي أصدرها رئيس الجمهورية” واعتبرتها “طريقًا لتصحيح مسار الثورة الذي انتهكته القوى المضادة لها”، على حد تعبيرها.[7]
كما كان حزب “الدستوري الحر”، الذي ترأسه، عبير موسي، من المؤيدين للقرارات، حيث صرحت أن “سعيد قام بتفعيل الفصل (المادة) 80 من الدستور بالطريقة التي رآها صالحة”، وأن “الشعب التونسي عبر عن سعادته بقرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد؛ لأنهم تخلصوا من الإخوان ومن راشد الغنوشي وهشام المشيشي”، حسب قولها.[8]
وبالطبع، فإن هناك العديد من الأحزاب الأخرى التي أيدت أو رفضت قرارات سعيد، لكن هذه الأحزاب ليست ممثلة بالبرلمان، وغير مؤثرة في الوقت الحالي في التركيبة السياسية التونسية، كأحزاب “العمال” و” الجمهوري التونسي” و “الاتحاد الشعبي الجمهوري”، الذين رفضوا الإجراءات، وحزب التيار الشعبي الذي أيد قرارات الرئيس. [9]
إذن، فإن البرلمان التونسي بعيد عن الإجماع على موقف واحد من إجراءات الرئاسة، رغم أن أغلبية طفيفة منه أبدت اعتراضها على الإجراءات ووصفتها بالانقلاب. وهذا التشتت الواضح في موقف الأحزاب يصب بوضوح في صالح “سعيد”.
موقف الجيش والمؤسسة الأمنية
لم يُصدر أي من الجيش التونسي أو المؤسسات الأمنية بيانات أو تصريحات تشير بوضوح إلى موقفهم من إجراءات سعيد. وقد حاولت حركة النهضة الاستيضاح عن موقف الجيش الذي يبدو غامضًا حتى الآن. حيث أكد رئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في البرلمان، يسري الدالي، أنه توجه برفقة نواب من حركة النهضة لوزارة الدفاع، بهدف استيضاح موقف وزير الدفاع والقيادات العليا في الجيش من إغلاق البرلمان، لكن تم منعهم من الدخول.[10]
لكن من الواضح حتى الآن أن المؤسسات الأمنية بجميع أفرعها لا تعارض ما صدر من قرارات، على أقل تقدير. فلم يُلاحظ أي تصريح أو أي إشارة من القيادات العسكرية أو الأمنية تشير إلى أي نوع من أنواع التململ من القرارات. بل على العكس من ذلك، فقد منعت قوة من الجيش التونسي رئيس مجلس النواب الغنوشي ونائبته، سميرة الشواشي، من دخول مقر البرلمان، بحسب فيديو بثه الغنوشي على صفحته الرسمية.[11] ورد أحد الجنود على الغنوشي ونائبته قائلًا إنهم “عسكريون يطبقون التعليمات”، وإن “الجيش أقسم على الدفاع عن الوطن”.
التحركات الشعبية
وبعد إصدار سعيد قراراته، دعت حركة النهضة على لسان رئيسها “منخرطيها وأنصارها وكل الأحرار للتوجه إلى مجلس نواب الشعب حماية للثورة ولإرادة الشعب”.[12] وفي بيانه الرافض لقرارات سعيد، دعا ائتلاف الكرامة الشعب التونسي “لرفضها والدفاع عن حريته وعن ثورة شهدائه وجرحاه”.[13] كذلك، تحدث الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، عن إجراءات سعيد، وطالب الشعب التونسي بإفشال الانقلاب.[14]
ورغم هذه الدعوات، لم تخرج أعداد غفيرة لتلبية نداءات هؤلاء السياسيين. فرغم خروج بعض المتظاهرين للاعتراض على القرارات؛ إلا أن الأعداد التي خرجت لم تكن على مستوى الحدث. وبالمناسبة، فقد كانت هناك دعوات مقابلة بالتظاهر لتأييد قرارات “سعيد”، وخرجت أعداد بالفعل داعمة للقرارات. كما حدثت اشتباكات أمام مبنى مجلس النواب بين المؤيدين والمعارضين.[15] لكن بشكل عام، فمن الملاحظ عزوف الغالبية العظمى من الشعب عن المشاركة في أي تظاهرات.
وهناك إشارة أخرى، ربما يكون من المناسب ذكرها، وهي أنه من خلال متابعة صفحات التواصل الاجتماعي يتضح أن غالبية المتفاعلين على الأخبار التي تتعلق بالشأن التونسي مؤيدين للقرارات الرئاسية. وتكفي نظرة سريعة إلى الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية ومشاهدة التفاعلات على قرارات الرئيس،[16] ومقارنة ذلك بالتفاعلات على صفحة الغنوشي من حيث العدد وطبيعة التعليقات والتفاعل،[17] ليتضح الفارق الكبير لصالح “سعيد”. وبالطبع، تبقى احتمالية أن مثل هذه التفاعلات قد تكون وهمية ومن فعل ما يسمى بـ”الذباب الالكتروني”.
وعلى هذا، يمكن القول إن المشهد الشعبي العام في تونس لم يظهر ردة فعل قوية تجاه قرارات “سعيد” سواء بالإيجاب أو السلب.
ردود الفعل الدولية
وعلى الصعيد الدولي، فلم تصدر الكثير من ردود الأفعال حتى الآن، حيث يغلب على معظم الدول حالة من الصمت والترقب. وبداية بالدولة التي تعد الأهم، فقد تحدث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى الرئيس سعيد في مكالمة هاتفية شجعه فيها على “التمسك بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تشكل أساس الحكم في تونس”، وحثه على “مواصلة الحوار المفتوح مع جميع الجهات السياسية والشعب التونسي”.[18]
وأكد البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة “ستواصل مراقبة الوضع والبقاء على اتصال” بالمسؤولين التونسيين. ومن جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، إن الوزارة حذرت من “اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تخنق الخطاب الديمقراطي أو تؤدي إلى العنف”. كما عبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، عن قلق واشنطن إزاء تطور الأحداث في تونس، قائلة في الوقت ذاته إنه “حتى الآن لا يمكن وصف ما إذا كانت قرارات الرئيس التونسي انقلابًا”.[19]
كذلك، أعربت الحكومة الألمانية عن “بالغ قلقها” بشأن التفاقم الأخير في الوضع السياسي في تونس. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في برلين: “نعتقد أنه من المهم الآن العودة بسرعة حقًا إلى النظام الدستوري”، مضيفة أن جميع الأطراف مطالبة بـ”ضمان الامتثال للدستور في تونس وتطبيقه”، وموضحة أن هذا يشمل أيضًا الالتزام بحقوق الحريات، التي تعد من أهم إنجازات الثورة التونسية.
وقالت المتحدثة إن الوضع في تونس يؤكد الحاجة الملحة إلى معالجة الإصلاحات السياسية والاقتصادية بسرعة، وأضافت: “لا يمكن أن ينجح هذا إلا إذا عملت جميع الأجهزة الدستورية معًا بشكل بناء”، مؤكدة ضرورة استعادة قدرة البرلمان على العمل بسرعة. وأكدت المتحدثة أن “تونس قطعت شوطًا جيدًا، بل ورائعًا في السنوات الماضية”، مضيفة أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السلمية الماضية أظهرت أن “الشعب التونسي يريد الديمقراطية، وكذلك أن الديمقراطية ترسخت في تونس منذ 2011”.[20]
ومن جانبه حث الاتحاد الأوروبي الأطراف السياسية الفاعلة في تونس على احترام الدستور وتجنب الانزلاق إلى العنف. وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية: “نتابع عن كثب أحدث التطورات في تونس، وندعو كافة الأطراف في تونس إلى احترام الدستور ومؤسساته وسيادة القانون، كما ندعوهم إلى التزام الهدوء وتجنب اللجوء إلى العنف حفاظًا على استقرار البلاد”.[21]
بدورها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن فرنسا “تدعو أيضًا جميع القوى السياسية في البلاد الى تجنب أي من أشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديموقراطية للبلاد”، معربة عن أملها “بعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي” في تونس “في أقرب وقت”. كذلك، دعت دولة قطر ما أسمتها بـ”أطراف الأزمة التونسية إلى تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد”، وأعربت عن أملها في أن تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة وتثبيت دعائم دولة المؤسسات وتكريس حكم القانون.[22]
وفي المقابل، جاء رد الفعل التركي أكثر وضوحًا، حيث انتقد رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، تجميد عمل البرلمان التونسي، واصفًا ما جرى بأنه “انقلاب”. وأجمعت مواقف متتابعة صدرت عن الرئاسة والخارجية والبرلمان في تركيا على رفض إجراءات “سعيد” بشكل واضح.[23]
وفيما يبدو، فإن معظم البيانات الدولية كتبت بشكل شبه حيادي، بمعنى أنها لم توافق على الإجراءات بشكل صريح، ولم ترفضها بشكل واضح كذلك، فيما عدا الموقف التركي. ما يعني أنه من الصعب تخيل ضغوط دولية قوية على الرئيس التونسي للعدول عن قراراته.
وربما يكون أحد أسباب التردد الدولي في إدانة الإجراءات الرئاسية الأخيرة هو أن قيس سعيد نفسه منتخب من الشعب، ما يعقد من الأمور بشكل أكبر.
موقف صعب على حركة النهضة
ومن الواضح صعوبة الموقف على حركة النهضة في الوقت الحالي، حيث إن الرئيس تجاوز حدود صلاحياته بشكل فج، فالمادة 80 من الدستور لا تتحدث عن أن الرئيس بإمكانه اتخاذ ما يراه مناسبًا من قرارات بلا شروط. لكن على العكس من ذلك، تضع المادة شروطًا لأي قرارات استثنائية قد يتخذها الرئيس. وأبرز هذه الشروط هي التعاون مع الحكومة والبرلمان في اتخاذ أية قرارات، وأن يظل البرلمان في حالة انعقاد دائم أثناء هذه الفترة التي يتقرر فيها اتخاذ إجراءات استثنائية.
ورغم ذلك، قرر “سعيد” أن يطيح بالحكومة والبرلمان، وأن يجمع في يديه كل السلطات تقريبًا. فهو حاليًا رأس السلطة التنفيذية، وكذلك هو ممثل السلطة التشريعية بعد تجميد عمل البرلمان، هذا بالإضافة إلى توليه رئاسة النيابة العامة بموجب قراره.[24]
هذه الصورة من تجميع السلطات في يد شخص واحد تهدد بالتأكيد المسار الديمقراطي التونسي ككل، الأمر الذي يتطلب رد فعل قوي من قوى الثورة، ومنها حركة النهضة. لكن بالنظر إلى المسار السابق ذكره من مواقف الأحزاب والجيش والشعب والقوى الدولية، فإن الحركة لا تملك أدوات قوية حاليًا تستطيع من خلالها مواجهة سعيد وثنيه عن قراراته.
وربما ما يزيد الأمر صعوبة، هو أن رئيس الحكومة، هشام المشيشي، آثر الانسحاب من المشهد، حيث قال في بيان للرأي العام: “سأتولّى تسليم المسؤولية إلى الشخصية التي سيكلّفها السيّد رئيس الجمهورية لرئاسة الحكومة في كنف سنّة التّداول التي دأبت عليها بلادنا منذ الثورة وفي احترام للنّواميس الّتي تليق بالدولة، متمنّيًا كلّ التوفيق للفريق الحكومي الجديد”.[25]
كذلك، فإن موقف الاتحاد التونسي للشغل – الذي يمثل المركزية النقابية في البلاد وأحد أهم القوى المؤثرة في الساحة السياسية التونسية- لم يكن واضحًا. حيث إنه لم يرحب الاتحاد بقرارات سعيّد لكنه لم يندد بها. وطالب الاتحاد بضمانات دستورية وجدول زمني لتطبيق هذه “الإجراءات الاستثنائية”، معبرًا عن رفضه لجوء “أي طرف” إلى العنف. كما شدد الاتحاد على ضرورة الحرص على “التمسك بالشرعية الدستورية'” لتأمين “استمرار المسار الديمقراطي”.[26]
وفي ظل عزم سعيد على إنفاذ قراراته، وربما يؤكد ذلك إقدامه على إغلاق مكتب قناة الجزيرة، الخطوة التي تتخذ مع كل انقلاب في المنطقة،[27] وفي ظل كل هذه المواقف الداخلية والخارجية السابق ذكرها، يبدو أن حركة النهضة ليست في سعة من أمرها فيما يخص أدوات المواجهة. وهذا الواقع من شأنه أن يدفعها للتفكير من الآن وبشكل سريع في شكل تسوية سياسية مع الرئاسة، بحيث تحافظ بها على المسار الديمقراطي ولو من خلال عمل انتخابات مبكرة، أو على أقل تقدير أن تمنع الأمور من الانزلاق والتطور إلى ما هو أخطر من ذلك، كاعتقالات وغير ذلك.
وربما بدأت حركة النهضة بالعمل في هذا السياق بالفعل، حيث انسحب، مساء الاثنين، أنصار حركة النهضة ورافضو قرارات الرئيس التونسي من أمام مجلس نواب الشعب. وصرح القيادي بحركة النهضة، سامي الطريقي، أن النهضة أمرت منخرطيها بالانسحاب، ودعت مناصريها لوقف التظاهر بعد التعبير عن رفض الانقلاب، مشددة على ضرورة مغادرة الساحة.
وأضاف أن “ّهذه القرارات هي للتهدئة وعدم الانسياق وراء العنف، ووراء قرارات يكون فيها منطق الغلبة”. وأفاد بأن حركة النهضة تدعو أنصارها إلى “عدم التجمهر”، بعدما عبروا عن رفضهم لقرارات الرئيس قيس سعيد، معتبرًا تظاهرهم أمام البرلمان “شكلًا من أشكال التعبير الديمقراطي، وعمومًا هناك أشكال أخرى من التعبير السلمي لم تتقرر بعد”.
المصادر
[1] العربي الجديد، تعرّف إلى قرارات الرئيس التونسي الانقلابية حتى اللحظة، 26 يوليو 2021
[2] اليوم السابع، اقتحام مقرات حركة النهضة الإخوانية فى تونس وحرق لافتات الحزب.. فيديو وصور، 25 يوليو 2021
[3] RT، “حركة النهضة” التونسية مستنكرة استهداف بعض مقراتها: ستدفعون ثمن جرائمكم ومخططكم الهادف للانقلاب، 25 يوليو 2021
[4] الأناضول، الغنوشي: برلمان تونس في حالة انعقاد ونتمسك برفض الانقلاب، 26 يوليو 2021
[5] عربي بوست، ثاني أكبر كتلة بالبرلمان التونسي ترفض قرارات قيس سعيد.. قلب تونس: ما حدث “خرق جسيم” للدستور، 26 يوليو 2021
[6] موزاييك أف أم، التيار الديمقراطي: نختلف مع تأويل رئيس الجمهورية للدستور، 26 يوليو 2021
[7] العين الإخبارية، أحزاب وحركات تونسية تدعم قرارات قيس سعيد وتلوم “النهضة”، 26 يوليو 2021
[8] Tunisie Telegraph، عبير موسي ترحب بتفعيل الفصل 80 من الدستور، 26 يوليو 2021
[9] الأناضول، تونس.. غالبية برلمانية ترفض قرارات سعيّد وتعتبرها خرقا للدستور، 26 يوليو 2021
[10] الجزيرة، حَمى الثورة والديمقراطية.. جيش تونس في عين العاصفة، 26 يوليو 2021
[11] الصفحة الرسمية للشيخ راشد الغنوشي، رئيس مجلس نواب الشعب الأستاذ راشد الغنوشي يصل الى مقر البرلمان، 26 يوليو 2021
[12] CNN، تونس.. أول رد من راشد الغنوشي “يكذب” فيه قيس بن سعيد، 26 يوليو 2021
[13] TRT، بعد قرارات سعيّد.. “ائتلاف الكرامة” يدعو الشعب للدفاع عن ثورته، 26 يوليو 2021
[14] الجزيرة نت، تغذية التمساح وأخطاء النهضة وخاتمة الربيع العربي.. المنصف المرزوقي يتحدث عن قرارات قيس سعيد، 26 يوليو 2021
[15] BBC، أزمة تونس: اشتباكات أمام البرلمان بين مؤيدي ومعارضي قرارات الرئيس قيس سعيّد، 26 يوليو 2021
[16] الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية، رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا طارئا للقيادات العسكرية و الأمنية، 25 يوليو 2021
[17] الصفحة الرسمية للشيخ راشد الغنوشي، 26 يوليو 2021
[18] الحرة، بلينكن يدعو الرئيس التونسي إلى “حوار مفتوح” مع الأطراف السياسية، 27 يوليو 2021
[19] The White House, Press Briefing by Press Secretary Jen Psaki, July 26, 2021
[20] DW, Tunisia: President dismisses PM Mechichi, freezes parliament, July 26, 2021
[21] إذاعة سويسرا العالمية، الاتحاد الأوروبي يدعو كافة الأطراف التونسية إلى احترام الدستور وسيادة القانون، 26 يوليو 2021
[22] الموقع الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، قطر تدعو أطراف الأزمة التونسية إلى تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد، 26 يوليو 2021
[23] القدس العربي، الرئاسة والخارجية والبرلمان في تركيا يعتبرون ما جرى في تونس “انقلاباً على الدستور”، 26 يوليو 2021
[24] عربي 21، قيس سعيد ينقلب على البرلمان والحكومة والنيابة العامة (شاهد)، 25 يوليو 2021
[25] سكاي نيوز عربية، تونس.. المشيشي مستعد لتسليم السلطة لشخص يختاره الرئيس، 26 يوليو 2021
[26] فرانس 24، الاتحاد التونسي للشغل يطالب قيس سعيّد بضبط جدول زمني لـ”الإجراءات الاستثنائية” دون إدانة خطوته، 26 يوليو 2021
[27] Al Jazeera, Tunisia police storm Al Jazeera office in Tunis, 26 Jul 2021