المحتويات
- مقدمة
- سحب إدانة “إسرائيل”
- إعلان صفقة القرن
- نقل السفارة الأمريكية للقدس
- حصار قطر
- الصراع من “إسرائيل”
- الخلاصات
مقدمة
في أغسطس/ آب 2022، أصدر، جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، وكبير مستشاريه مذكراته، التي جاءت في 512 صفحة، واختار لها “كوشنر” عنوان: “اختراق التاريخ (Breaking History)”.
ولأهمية منصب “كوشنر” وأهمية الفترة التي خدم فيها في البيت الأبيض (ما بين 2016 و2020) حاز الكتاب تغطية إعلامية واسعة.
حتى إن مستشار الأمن القومي في عهد ترامب، جون بولتون، يقول إن “كثيرين أثروا في ترامب من وقت إلى آخر، ومن قضية إلى أخرى، لكن بصفة عامة لا يتمتع أحد بحجم النفوذ الذي يتمتع به صهره جاريد كوشنر”.
وحاولنا في هذا الملف، رصد ما صدر عن “كوشنر” تجاه مصر على وجه الخصوص، في المذكرات التي حاز فيها الشرق الأوسط تركيزا خاصا.
وفي العموم، يمكن القول إن مذكرات المسؤول الأمريكي السابق جاءت دون التوقعات، حيث لم يذكر “كوشنر” الكثير عن مصر، مقارنة بدول أخرى في الوطن العربي أيضا، كالسعودية والإمارات وقطر.
فحين تصفح الكتاب، نجد أن “كوشنر” ذكر موقفين اثنين فقط ببعض التفصيل عن مصر، أحدها كان مع قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، والثاني كان مع سفير مصر بواشنطن.
أما باقي المرات التي ذُكرت فيها مصر، فقد كانت في سياق أوسع، كطرف فاعل ضمن مجموعة دول، مثل مشاركة مصر في حصار قطر في 2017. ومن نافلة القول أن “كوشنر” لم يتحدث تقريبا عن أي شأن مصري داخلي، يتعلق بالوضع السياسي، أو الملف الحقوقي، أو غيره.
وربما يدلل هذا على تراجع دور مصر الإقليمي، من بعد الانقلاب العسكري مقابل صعود لاعبين إقليميين آخرين.
فرغم أن الأحداث التي وقعت في فترة حكم الرئيس ترامب كانت جوهرية وغير مسبوقة، كنقل السفارة الأمريكية للقدس، وإعلان صفقة القرن، وتوقيع اتفاقيات تطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، إلا أن دور مصر كان ضيئلا في تحريك الأحداث أو حتى التفاعل معها، وفق ما تُنبئنا به مذكرات كوشنر.
وبالطبع، فإن دور النظام المصري لم يكن يكن محوريا بسبب معارضته لهذه الخطوات، أو عدم رضاه عنها، ذلك أن القاهرة أصدرت بيانات تأييد لكل اتفاقيات التطبيع، كما كان قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، هو أول مَن طرح إعلاميا مصطلح “صفقة القرن” في لقاء له مع ترامب بالبيت الأبيض، في إبريل/ نيسان 2017.
حيث قال السيسي حينها: “ستجدني بكل قوة ووضوح داعما لأي مساع لإيجاد حل للقضية الفلسطينية في صفقة القرن، ومتأكد أنك تستطيع أن تحلها”.[1]
لكن أسبابا أخرى هي ما قللت من أهمية الدور الإقليمي لمصر بالنسبة للولايات المتحدة، ربما يكون منها اتفاقيات التطبيع نفسها التي أيدها النظام. حيث يبدو أن هذه الاتفاقيات سحبت البساط من تحت أقدام النظام المصري فيما يخص احتكار العلاقات مع “إسرائيل”، التي دام أكثر من 40 عاما.
أما الآن ومع وجود أطراف متعددة منخرطة في التطبيع، تتفوق على مصر في القدرات المالية، ومنفتحة على جعل التطبيع يتجاوز المستوى الرسمي، ليصل للمستوى الشعبي والثقافي وحتى الديني، كل هذا أضعف من أهمية دور مصر بالنسبة للساسة الأمريكيين.
وبعيدا عن مصر، فقد ركزت مذكرات “كوشنر” على إبراز دوره الشخصي في التفاوض على اتفاقات التطبيع بين “إسرائيل” ودول عربية راهنت بشدة على ترامب، كالإمارات والبحرين.
كما ألقى الكتاب الضوء على مجهودات “كوشنر” للمساعدة في مواجهة فيروس كورونا “كوفيد-19″، والمشاحنات التي شهدتها إدارة ترامب.
كذلك، استعرضت المذكرات خلافات ومنافسات “كوشنر” مع مسؤولين آخرين في إدارة ترامب، منهم: وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، وكبير موظفي البيت الأبيض الجنرال جون كيلي، وستيفن بانون كبير مستشاري ترامب خلال الأشهر الـ16 الأولى من رئاسته.
وجاءت المذكرات دون المستوى بالنسبة لكثيرين، بسبب تركيزه الشديد على مديح نفسه ومديح ترامب. فعلى سبيل المثال كتب صهر ترامب: “يمكن القول إن دونالد ترامب حقق إنجازات أكثر من أي رئيس آخر شهدته”.
هذا مع إغفال “كوشنر” لأحداث مهمة محورية حدثت خلال فترة رئاسة ترامب، كاقتحام الكونجرس، الذي مر عليه المسؤول الأمريكي السابق مرورا عابرا في مذكراته.
- سحب إدانة “إسرائيل”
يذكر كوشنر موقفا حدث في الفترة ما بين إعلان فوز ترامب بالرئاسة، وتسلمه مهامه رسميا، حيث يقول في مذكراته:
“كان لدي قاعدة، وهي أن أفصل بين وقتي المخصص للعمل، ووقتي كأب. لكني تلقيت مكالمة من رون ديرمر (السفير الإسرائيلي في واشنطن ما بين 2013 إلى 2021) يخبرني أن في مقر الأمم المتحدة -الواقع على بُعد عشرين بناية- هناك عدة دول، بقيادة مصر، تستعد لتقديم قرار للتنديد بالإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية باعتبارها “مفتقدة للشرعية القانونية” وتمثل “انتهاكا صارخا” للقانون الدولي.
في هذا الوقت، ترامى إلى مسامع “ديرمر” أن إدارة أوباما تنوي الامتناع عن التصويت. الأمر الذي إن حدث، فسيكون تخليا غير مسبوق عن إسرائيل. كما أنه سيهدد جهودنا المستقبلية لتحقيق السلام.
ويضيف كوشنر: “وبينما كنا نطلب بعض المثلجات لي ولابنتي “أرابيلا”، رن هاتفي ثانيةً، وهذه المرة كان مايك بنس (نائب ترامب). حينها نظرت يائسا إلى ابنتي، إذ اتضح لي أن عملي الحكومي سيحد كثيرا من وقتي مع أسرتي، وسيكون أكثر جدية من عملي السابق.
أخبرني بنس بسماعه شائعات مماثلة عن القرار المزمع. وبعد إنهاء المكالمة، اتصلت بدينيس ماكدونو (رئيس موظفي البيت الأبيض خلال ولاية أوباما الثانية) الذي أعطاني رقمه عند زيارتنا للبيت الأبيض، وأخبرني بالتواصل معه إن احتجت أي شيء.
قال “ماكدونو” إنه ليس لديه علم بالقرار، لكنه سيطلعني على آخر المستجدات. كان هذا آخر ما سمعته منه، وكنت غير متأكد بالضبط مما ستفعله إدارة أوباما.
اعتقدت أن من المهم أن يعلن ترامب معارضته للقرار. وبالرغم من أنه نادرا ما يعلق الرئيس المنتخب على سياسة الرئيس المنتهية ولايته، إلا أن ترامب وافق على أن قضية بهذه الأهمية تستحق كسر البروتوكول.
ومن خلال العمل مع ديفيد فريدمان وجيسون جرينبلات، كبار مسؤولي الاتصال في حملتنا مع الجالية الموالية لإسرائيل واليهود، صغنا بيانا، عدّله ترامب ثم نشره على موقعي تويتر وفيسبوك.
وجاء في البيان أن “السلام بين إسرائيل والفلسطينيين سيتتحق فقط عبر المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وليس عن طريق فرض شروط من جانب الأمم المتحدة. هذا (القرار المزمع) يضع إسرائيل في موقف تفاوضي ضعيف للغاية، وهو غير عادل بالمرة بالنسبة لكل الإسرائيليين”.
ويضيف “كوشنر” أن “في اليوم التالي اتصل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لإبلاغنا أن فريقه لم يكن يعمل تحت إشرافه وأن مصر ستلغي القرار”. ويعلق كوشنر على مكالمة السيسي قائلا: “لوهلة، بدا الأمر وكأننا نجحنا وأننا مؤثرين بالفعل”.
وبالرجوع إلى ما حدث في هذه الفترة،[2] نجد أن النظام المصري طلب تأجيل التصويت “حتى يتاح مزيد من الوقت لإجراء مشاورات عليه”، ولكن لم يحدد وقت ولا تاريخ لإجراء التصويت.[3]
ليسحب النظام بعدها مشروع القرار برمته، بعد إعلان ترامب معارضته للقرار، وبعد مكالمة هاتفية جمعته بالسيسي. وحينها قال مكتب السيسي في بيان إن الطرفين “اتفقا على منح الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة، للتعامل مع القضية الفلسطينية”.[4]
وعندئذ، زعم المندوب المصري في الأمم المتحدة أن القاهرة “وجدت نفسها مضطرة لسحب مشروعها على خلفية المزايدات التي حصلت من بعض أعضاء مجلس الأمن وبعدما وصلت الأمور إلى إنذار من البعض”.[5]
وانتشر حينها وسم ” #ترامب_يأمر_السيسي”، الذي غرد من خلاله سياسيون مصريون وإعلاميون وناشطون عرب، منتقدين “انبطاح” النظام المصري للرئيس الأمريكي الجديد.[6]
ورغم ذلك، مُرر القرار[7] بعد إعادة تقديمه من قِبل ماليزيا ونيوزيلندا والسنغال وفنزويلا، مع تصويت مصر عليه بالإيجاب.
وحينها استنكر وزير خارجية فلسطين، رياض المالكي، موقف مصر قائلا إنها “سحبت المشروع من مجلس الأمن و4 دول هبّت لنجدة فلسطين وأصرّت على تقديمه رغم أنها ليست دولا عربية، لكن تقف مع قضية فلسطين العادلة، ونيوزيلندا الدولة الغربية التي تبعد عن فلسطين الآلاف الأميال”.
كذلك، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تيسير خالد، إنّ مصر اتخذت قرارا منفردا بشأن مشروع القرار الأممي حول الاستيطان، موضحا أنها لم تقدم تفسيرا مقنعا للرأي العام لتأجيلها التصويت على مشروع القرار، وأنّ الشعب الفلسطيني أصيب بخيبة أمل جراء ما حدث.
وفي الوقت نفسه، ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت نقلا عن دبلوماسيين غربيين أنّ تأجيل التصويت على مشروع القرار المصري ضد المستوطنات الإسرائيلية جاء بعد ضغط شديد مارسه رئيس الحكومة الإسرائيلية على السيسي.
لكن هذا لا ينفي أن يكون ترامب سببا في سحب السيسي لمشروع القرار، إذ في هذه الحالة قد يكون تراجع السيسي جاء إثر ضغط مزدوج من حكومة الاحتلال والرئيس ترامب، اللذين دفعا في نفس الاتجاه.
بل إن هناك مَن رأى أن السيسي قدم مشروع هذا القرار ذرا للرماد في العيون، على افتراض أن القرار لن يُفَعّل بسبب الفيتو الأمريكي من إدارة أوباما، كما هو الحال مع الإدارات الأمريكية عموما، التي غالبا ما تستعمل حق الفيتو لإحباط أي مشروع قرار يدين الاحتلال.
لكن السيسي عندما علم أن إدارة أوباما لن تستخدم حق النقض، وستترك القرار يُمَرر، رجع السيسي عن تقديمه للمشروع، خشية أن تتدهور علاقاته مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
- إعلان صفقة القرن
يروي “كوشنر” موقفا آخر حدث هذه المرة مع السفير المصري في واشنطن، بعيد الإعلان عن صفقة القرن، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
إذ يقول “كوشنر”: “بعد الحدث (مؤتمر الإعلان عن صفقة القرن) اتصل بي السفير المصري وسألني عن سبب عدم دعوته للحفل، قائلا إنه كان سيشارك بكل سرور”.
وأضاف المسؤول الأمريكي السابق: “لقد شعرت بالإحراج من فكرة أننا تجاهلناه بالخطأ. لكن عندما راجعت فريقي، علمت أننا دعيناه بالفعل، واتضح أن فريق عمله افترض أنه السفير لن يرغب في الحضور”.
وهنا احتمالان،[8] الأول هو أن السفير المصري صادق وأن هذا ما حدث بالفعل. لكن هذا الاحتمال يثير عدة تساؤلات. كيف لا يستشير فريق العمل السفير في دعوة رسمية من البيت الأبيض، وخصوصا أن الدعوة تخص مؤتمر بهذا الحجم نال اهتماما عالميا؟
وهل من المعقول أن يتجاهل السفير نفسه الأمر وينسى متابعة كل جديد عن مؤتمر بهذا الحجم، يخص تطورات تجري على حدود بلاده، ويُقام في الدولة التي هو مسؤول عن متابعة كل ما يخص مصر على أراضيها؟ هذا بالطبع إذا افترضنا جدلا عدم اهتمام السيسي نفسه بالمؤتمر وموقف مصر منه.
والاحتمال الثاني هو أن السفير تعمد الاتصال بعد انتهاء المؤتمر، وأراد أن يوصل رسالة فقط إلى إدارة ترامب أن النظام المصري غير رافض للمؤتمر ومجرياته.
فمن ناحية، يكون السفير قد نزع فتيل أزمة محتملة –ولو على نطاق ضيق- مع ترامب. ومن ناحية أخرى، يكون النظام قد حقق مصلحة أخرى، ربما تكون في تلاشى الانتقادات الشعبية جراء حضور مؤتمر يصفي القضية الفلسطينية، أو في غيرها.
- نقل السفارة الأمريكية للقدس
في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017، أعلن “ترامب” نقل السفارة الأمريكية في كيان الاحتلال من تل أبيب إلى القدس المحتلة. وسبق هذا عدة ترتيبات، منها أن ترامب أخبر الزعماء العرب بقراره قبل إعلانه.[9]
وفي هذا السياق، يروي “كوشنر” أن كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، و رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، قاما بزيارة طارئة إلى البيت الأبيض، لمنع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وحذر عريقات من أن الخطوة ستكون خطأ كبيرا. وأكد فرج هذه المخاوف، متوقعا عواقب وخيمة في المنطقة إذا مضى ترامب قدما في هذه الخطوة.
وادعى منتقدون –حسب كوشنر- أن القرار سيضعف علاقة أمريكا بالمنطقة بأكملها، بما في ذلك الإمارات والسعودية والأردن ومصر، وأشاروا إلى أن الفوضى ستندلع، وأن الولايات المتحدة ستُحرم من لعب أي دور في الوساطة الإقليمية.
ووفقا لـ”كوشنر” فإنه ومع إصرار ترامب على نقل السفارة للقدس، كان المسؤولون الفلسطينيون مرتبكين، إدراكا منهم أن تأثيرهم على الساحة العالمية آخذ في التضاؤل.
لذلك لجأ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى الاستراتيجية التي استخدمها الفلسطينيون منذ تأسيس “إسرائيل” عام 1948، وهي استخدام الأمم المتحدة كمنبر للتصدي لإسرائيل والولايات المتحدة. وأقنع عباس مصر- التي كانت أحد الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي- بصياغة قرار يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وبالرجوع إلى هذه الفترة[10] يتبين أن مصر قدمت بالفعل مشروع قرار بشأن القدس، لكن الغريب هو أن نظام السيسي في صياغته لهذا المشروع لم يذكر اسم “ترامب” أو “الولايات المتحدة”!
حيث عبر نص المشروع عن “الأسف العميق على القرارات الأخيرة بشأن القدس”. وأكد على أن “أي قرارات أو أفعال تدعي تغيير طبيعة أو وضع أو تشكيلة السكان في مدينة القدس، ليس لها أي أثر قانوني وهي باطلة ولاغية، وينبغي إلغاؤها وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”، كما حض مشروع القانون جميع الدول إلى الإحجام عن فتح ممثليات دبلوماسية لها في القدس.[11]
وينقل “كوشنر” أن في النهاية استسلم المسؤولون العرب المعترضون للأمر الواقع، لكنهم في الوقت نفسه وعدوا الإدارة الأمريكية بالتعاون معها لمنع أي رد فعل عنيف ضد هذا القرار في بلدانهم.
- حصار قطر
كان الحصار الذي تعرضت له قطر من قِبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر عام 2017، أحد الموضوعات التي تحدث فيها “كوشنر” عن النظام المصري. وكمعظم أجزاء حديثه عنها، جاء ذكر مصر في سياق عام، كأحد الذين شاركوا في انتهاج سياسة معينة في الإقليم.
ويقول كوشنر إن وزير الخارجية الأمريكي في هذه الفترة، ريكس تيلرسون، كان يعتقد أن الدول الأربع كانت تستغل صلتها بالإدارة الأمريكية في ابتزاز قطر.
ولم يذكر “كوشنر” الكثير عن مصر في هذا السياق، بخلاف الدول الأخرى، كالسعودية، التي تحدث عنها بالتفصيل في عدة صفحات، وعن المكالمة الأولى التي أذابت الجليد بين ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بأمير قطر، تميم بن حمد.
وربما يشير هذا إلى حجم دور مصر الذي بدا “ثانويا” في الأزمة الخليجية، وفي ترتيب اتفاق العلا، الموقع في 4 يناير/ كانون الثاني 2021، والذي أنهى 3 أعوام من الحصار.
- الصراع مع “إسرائيل”
كثير من المواقف التي تحدث فيها “كوشنر” عن مصر، أتت في سياق الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث يورد المسؤول الأمريكي السابق مواقف متعددة من التاريخ في سياق حديثه.
فعلى سبيل المثال ذكر كوشنر أن في عام 1948 أصدرت الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة القرار 181، الرامي إلى لتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين يهودية وعربية مع الحفاظ على القدس تحت الحماية الدولية.
“وبعد ستة أشهر، غزت قوات من مصر وشرق الأردن ولبنان وسوريا والعراق فلسطين والمناطق المحتلة في القدس الشرقية، بما في ذلك الحي اليهودي في البلدة القديمة. لكن ظل الحرم القدسي تحت السيطرة العربية”.
ويضيف: “على مدى السنوات التسع عشرة التالية، مُنع اليهود من دخول الحرم القدسي، حتى للصلاة بشكل سلمي، بينما انتُهكت حرمة العديد من المواقع اليهودية الأخرى”.
“وفي عام 1967، خلال حرب الأيام الستة (النكسة) تعرض الإسرائيليون للهجوم واستعادوا السيطرة على القدس. ومنذ ذلك الحين، أصبحوا مرتابين من أي تغيير يمكن أن يهدد سلطتهم مرة أخرى (على المدينة)”.
وفي موقف آخر في سياق حديثه عن تطور العلاقات العربية-الإسرائيلية، أشار “كوشنر” إلى أنه بعد سبعين عاما على إعلان استقلال إسرائيل (النكبة)، وقعت كل من مصر والأردن فقط اتفاقي سلام، وأقاما علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل”.
كما أنه أكد في مذكراته أنه تحدث إلى مسؤولين عرب واستمع منهم، ليعرف ردود فعلهم على نهجه في عقد اتفاقات تطبيع مع دولة الاحتلال، ومنهم: الأمير تميم، والسيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني.
وخلص “كوشنر” من هذه اللقاءات إلى أن القادة العرب مستعدون لأفكار جديدة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن أهم قضية بالنسبة لهم هي تسهيل وصول المسلمين إلى المسجد الأقصى.
وأضاف أن “القادة العرب أعربوا عن تقديرهم لشخصية ترامب المثيرة للإعجاب، وأسلوبه المرتجل وغير التقليدي، والصلابة تجاه إيران، وحقيقة أنه مهتم بالعمل معهم لحل المشكلات أكثر من إلقائهم محاضرات، مثلما كان يفعل دبلوماسيون سابقون في واشنطن”.
الخلاصات
أكدت مذكرات جاريد كوشنر، أحد أبرز الفاعلين في إدارة ترامب، تضاؤل دور مصر الخارجي وتأثيره في مجريات الأحداث في المنطقة، حيث إن ذكر القاهرة في المذكرات كان قليلا للغاية مقارنة بدول إقليمية أخرى، كالسعودية وقطر والإمارات.
وبرز ذلك حتى في بعض الأحداث التي انخرطت فيها مصر بشكل واضح، كحصار قطر. فرغم أن القاهرة شاركت في الحظر الجوي على قطر، والهجوم الإعلامي المستمر، والقطيعة الدبلوماسية، بدا أنها ليست صاحبة القرار في قطع العلاقات أو التصالح، وأن القرار خليجي في المقام الأول.
علاوة على ذلك، أوضحت المذكرات، ولو بشكل ضمني، أن كوشنر يعتبر الدور المصري في التطورات الجارية في المنطقة دور هامشي. وهذا بدوره يشير إلى تناقص أهمية الدور الذي تلعبه مصر في المنطقة، في عيون المسؤولين الأمريكيين.
ففي السابق كانت الإدارات الأمريكية تعتبر أن مصر هي المحرك الأساسي وحجر الزاوية في المنطقة العربية، وظهر ذلك مثلا في اختيار أوباما للقاهرة لإلقاء خطابه الأول للعالم الإسلامي منها، في 4 يونيو/ حزيران 2009.
أما خلال فترة ترامب، ومع ذكر مسؤول أمريكي نافذ مثل “كوشنر” لمصر على هامش الأحداث في عامة مذكراته، فإن ذلك يوضح أن ثقل مصر الإقليمي بات مهددا تحت حكم النظام الحالي، حتى في نظر حلفائه.
[1] dmc، قمة السيسي وترامب – الرئيس السيسي لـ ترامب: ستجدني وبقوة داعم كل الجهود لإيجاد حل في قضية القرن، 3 إبريل/ نيسان 2017
[2] تعليق المحرر
[3] BBC عربي، مصر ترجئ مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن المستوطنات الإسرائيلية، 22 ديسمبر/ كانون الأول 2016
[4] المصدر نفسه
[5] الميادين، مجلس الأمن يتبنى قراراً ضد الاستيطان وواشنطن تمتنع عن التصويت، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2016
[6] عربي 21، #ترامب_يأمر_السيسي بعد سحب مشروع الاستيطان بمجلس الأمن، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2016
[7] المجلس الوطني الفلسطيني، نص قرار مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين / رقم 2334، 26 ديسمبر/ كانون الأول 2016
[8] تعليق المحرر
[9] رويترز، ترامب يبلغ زعماء الشرق الأوسط بأنه سينقل السفارة إلى القدس، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2017
[10] تعليق المحرر
[11] BBC عربي، مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار بشأن القدس، 18 ديسمبر/ كانون الأول 2017