المحتويات
- مقدمة
- الرفض الإسرائيلي تاريخيا لإنشاء ميناء لغزة
- تفاصيل عمل “الميناء المؤقت”
- تحديات وجدوى الميناء
– تحديات الميناء
– جدوى الميناء
- موقف دولة الاحتلال الإسرائيلي
- دوافع بناء الميناء
– الاستجابة للمصالح الانتخابية
– تقويض حكم حماس وفرض واقع ما بعد الحرب
– استغلال غاز غزة
– الممر الاقتصادي
– تشجيع هجرة سكان القطاع
- مواقف حماس والدول العربية
– موقف حماس
– موقف النظام المصري
– موقف الإمارات
- خاتمة
مقدمة
في 7 مارس/آذار 2024، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال خطاب “حالة الاتحاد”، أنه أصدر تعليمات للجيش الأمريكي لإنشاء ميناء مؤقت في ساحل غزة، قال عنه متحدث البنتاغون، إنه سيساهم في “توفير أكثر من مليوني وجبة غذائية يوميا لسكان غزة”.
ومنذ ذلك الحين، أثار مشروع الميناء جدلا واسعا، حيث شكك كثيرون في أهدافه وجدواه ومآلاته على الحرب الجارية ومستقبل قطاع غزة ككل. فقد ربطه البعض برغبة الولايات المتحدة بأن يكون لها موطئ قدم دائم في غزة، بينما رأى آخرون أنه يأتي في إطار سعي الولايات المتحدة وإسرائيل لاستخراج غاز غزة واستغلاله. كما تزايد الحديث عن ارتباط الميناء بخطة تهجير أهل القطاع، وبرغبة إسرائيل في تقويض حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة. وقبل هذا وذاك، اعتبر مراقبون أن الميناء ما هو إلا خطوة إعلامية من الإدارة الأمريكية تأتي في سياق اقتراب الانتخابات الرئاسية.
علاوة على ذلك، فتح إعلان بايدن الباب للحديث عن تأثير الميناء على معبر رفح، الذي يمنح مصر ثقلا في سياق علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وأوروبا، فضلا عن دولة الاحتلال الإسرائيلي. كما أثير حديث حول حدود دور الإمارات في مشروع الميناء وتعاونها مع دولة الاحتلال حياله.
وتحاول في هذه الورقة استعراض المشروع الأمريكي لإقامة “ميناء مؤقت” على شواطئ غزة، من حيث أهدافه والدور الذي قد يلعبه في مستقبل الحرب ومستقبل غزة بشكل عام. كما سنشير إلى مواقف الأطراف المختلفة من هذه المبادرة الأمريكية، بما فيها موقف حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي ومصر والإمارات.
الرفض الإسرائيلي تاريخيا لإنشاء ميناء لغزة
بعد أن أصدر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تعليماته للجيش الأمريكي لإنشاء ميناء مؤقت في ساحل غزة، أصدرت صحيفة “التأريخ اليهودي” (The Jewish Chronicle)، تقريرا حمل عنوان: “إسرائيل تعتبر أن الخطة الأمريكية لبناء رصيف للمساعدات في غزة هي الحلم الذي أصبح حقيقة بالنسبة لحماس”.[1]
وبعيدا عن أن هذا العنوان لا يعكس حقيقة موقف حماس من خطة بايدن الحالية لإنشاء الميناء، إلا أنه يعكس المطالب التاريخية للفلسطينيين في إنشاء ميناء على شاطئ غزة يُستخدم لنقل البضائع والأفراد. وقد لاقت تلك المطالب تعنتا من الاحتلال الإسرائيلي لعقود.
وترجع فكرة إنشاء ميناء غزة إلى اتفاقيات أوسلو عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث تضمنت اتفاقا لإنشاء لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادي، يكون من مهامها العمل على تطوير برنامج “لتحديد المبادئ التوجيهية لإنشاء منطقة ميناء بحري في غزة”.[2]
وتجدد الأمر عام 1995، حيث تناولت القمة الاقتصادية الإقليمية التي عقدت في عمان إنشاء ميناء بحري ضخم، يربط بين أربعة موانئ بحرية في شرق البحر المتوسط: أشدود (دولة الاحتلال الإسرائيلي)، والعريش (مصر)، وغزة (في ظل الدولة الفلسطينية المستقبلية)، والعقبة (الأردن).
ورغم انفتاح السلطة الفلسطينية على “التعاون” مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لم تُتخذ أية خطوات في مشروع ميناء غزة إلا في عام 1999، بعد أن صعد إيهود باراك إلى رئاسة وزراء إسرائيل، حيث تضمنت مذكرة شرم الشيخ التي وقعتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية اتفاقا على عدة مبادئ من شأنها أن تسمح “بتسهيل وتمكين أعمال بناء ميناء غزة البحري”.
وبالفعل، بدأت السلطة الفلسطينية في عام 2000 ببناء ميناء صغير على ساحل غزة بتمويل أوروبي، غير أن دولة الاحتلال الإسرائيلي دمرته بعد بضعة أشهر، بعد اندلاع الانتفاضة الثانية.
ومع تولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، عاد الحديث مرة أخرى عن الميناء، ونصت الاتفاقية الإسرائيلية–الفلسطينية بشأن التنقل والعبور لعام 2005 على أنه “يمكن البدء في بناء ميناء بحري”، ووُضعت لجنة ثلاثية بقيادة الولايات المتحدة لوضع الترتيبات الأمنية لذلك.[3]
لكن بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، و”الحسم العسكري” في 2007، فرضت سلطات الاحتلال حصارا على قطاع غزة، ودُفعت فكرة الميناء البحري إلى خارج الأجندة الإقليمية والدولية.
ورغم ذلك، استمرت المقاومة الفلسطينية في مساعيها لإقامة ميناء لقطاع غزة، ووضعت الميناء شرطا في جولات التصعيد المتكررة التي وقعت خلال السنوات اللاحقة. فعلى سبيل المثال، في معركة “حجارة السجيل” في عام 2012، تضمنت شروط المقاومة “رفع الحصار البحري عن غزة”.[4] وفي المفاوضات التي أفضت إلى نهاية معركة “العصف المأكول” عام 2014، طالبت المقاومة بإقامة ميناء تجاري فعال ومطار في القطاع، واتُّفق على التفاوض حول هذا الملف بعد وقف المعركة.[5]
لكن استمر رفض الاحتلال الإسرائيلي لإقامة ميناء في غزة، وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يعلل ذلك بـ”عدم ضمان فحص البضائع والمتنقّلين”، الأمر الّذي استنكرته حركة “حماس” واعتبرته ذريعة لتشديد حصار غزة.[6]
أما الآن، فإن الجهة التي تسعى لإقامة ميناء في غزة هي الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الأول لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ويأتي هذا بمباركة من الأخيرة، الأمر الذي يدفعنا للحديث عن الأسباب التي تقف خلف قرار إنشاء الميناء، لكن بعد أن نوضح تفاصيل عمله والتحديات التي تعترضه.
تفاصيل عمل “الميناء المؤقت”
لم تفصح الإدارة الأمريكية عن الكثير من تفاصيل عمل الميناء، وما زالت هناك فجوات لم توضحها بعد، وهذا ما دفع أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ للتعبير عن مخاوفهم بشأن نقص المعلومات التي يقدمها الجيش الأمريكي حول الميناء.[7]
لكن وفق ما أفاد به المتحدث باسم البنتاغون، باتريك رايدر، فإن العملية ستتضمن بناء رصيف عائم في البحر يسمح للسفن بتسليم المساعدات، والتي ستُحمَّل بعد ذلك على سفن الدعم البحرية ثم تُفرغ على جسر عائم. وسيوجَّه هذا الجسر المكون من مسارين، والذي يبلغ طوله حوالي 1800 قدم، إلى الشاطئ -بتأمين من أفراد غير أمريكيين لم يحدد هويتهم- ثم ستصل الشاحنات بعد ذلك إلى الجسر لالتقاط ونقل المساعدات.[8]
وستشارك في هذه الجهود قوات أمريكية، بما في ذلك لواء النقل السابع بالجيش المتمركز في فرجينيا، بحسب مسؤولين أمريكيين تحدثوا لشبكة “سي بي إس” الأمريكية.[9] وقد اختُبر هذا النظام في يوليو/تموز 2023 خلال مناورات “تاليسمان سابر” التي نظمتها الولايات المتحدة وأستراليا قبالة سواحل كوينزلاند، شمال شرق أستراليا.[10]
ويبدأ الممر البحري من جزيرة قبرص، حيث ترسو سفن المساعدات وتخضع للتفتيش، ثم تنطلق المساعدات إلى الميناء ومنه إلى القطاع.
وبالحديث عن جزيرة قبرص، فمن المناسب هنا أن نشير إلى أن الاتحاد الأوروبي -الذي يضم قبرص الجنوبية في عضويته- أحد الداعمين لمشروع الممر المائي. وترى رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، أنه “عندما يصبح هذا الممر البحري جاهزا للعمل بكامل طاقته، فإنه يمكن أن يضمن اتصالا مستمرا ومنتظما وتدفقا قويا للمساعدات إلى غزة”. وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي سيرسل سفنا صغيرة إلى حين إنشاء الولايات المتحدة ميناء عسكريا عائما لتفريغ الحمولة بالقطاع.[11]
وبالعودة لمسار الممر المائي، فكما أنه ليس من الواضح الجهة التي ستوزع المساعدات في قطاع غزة، فليس واضحا أيضا الجهة التي ستفتشها في جزيرة قبرص. ووفق بعض المراقبين، فإن إسرائيل هي التي ستضطلع بهذه المهمة،[12] بينما يؤكد آخرون أن الشحنات ستُفتش من قبل الولايات المتحدة وقبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، لا من قبل دول عربية، مثل مصر التي تشارك حدودا برية مع غزة، وهذا عامل مهم بالنسبة لإسرائيل.[13]
لكن تؤكد صحيفة “الغارديان” البريطانية أن المساعدات ستخضع لفحص من قبل المفتشين الإسرائيليين الذين سيتواجدون في ميناء “لارنكا” القبرصي، وهذا يعني سيطرة إسرائيل على عملية تدفق المساعدات بحجة “التدقيق الأمني”.[14] وكررت الصحيفة تأكيدها هذا نقلا عن مسؤولين أمريكيين.[15]
وبعيدا عن هذا وذاك، أوضح بعض المراقبين أن المساعدات لن تفتشها القوات الإسرائيلية في قبرص، بل ستذهب إلى ميناء أسدود لتدقق وتُفحص ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيّرات إلى قطاع غزة.[16] لكن ربما يكون ما أشارت إليه “الغارديان” أكثر دقة في هذا السياق؛ نظرا لأنها نقلت ذلك عن مسؤولين أمريكيين مطلعين على مجريات بناء الميناء.
علاوة على ذلك، ورغم وضوح نقطة البداية التي سينطلق منها الجسر، وهي ميناء “لارنكا” في القسم اليوناني من جزيرة قبرص، إلا أن هناك تضاربا أيضا حول نهاية هذا الجسر والموقع الدقيق لمكان الرصيف البحري، إذ لم تُفصح الولايات المتحدة عن تلك المعلومات بعد.
ويرى البعض أن موقع الميناء سيكون على شاطئ مدينة خان يونس على سواحل غزة،[17] ويدعم ذلك أن هناك رصيفا طويلا بالفعل يمتد في البحر بالقرب من خان يونس في الجنوب تستخدمه عادة قوارب الصيد.[18] لكن يعتبر آخرون أن الخيار الأنسب والأكثر منطقية أن يكون موقع الرصيف البحري في المناطق الأكثر نفوذا وتواجدا للقوات الإسرائيلية.[19]
وبشكل أكثر تحديدا، ربما تختار الولايات المتحدة نهاية شارع صلاح الدين (نتساريم) بوسط قطاع غزة، ليكون موقع الرصيف. فوفق أحد المصادر في قطاع غزة، فإن هذه المنطقة توفر أكثر من عامل للإسرائيليين “الذين ولا شك سيتحكمون في العملية من أولها لآخرها”. إذ “تقع هذه النقطة بين دوّارين رئيسيين، لتوفر ما يشبه منطقة محكومة تسهل السيطرة عليها”.[20]
كما أن “هذه البقعة ترتفع بنحو 20 مترا عن سطح البحر وتقع بين الدوارين اللذين سيطر عليهما الجيش الإسرائيلي”، وتوفر لهم هذه البقعة التضاريس الآمنة، وتسهل لهم أيضا عملية التوزيع بما أنها تقع في منتصف القطاع تماما. ويعتقد المصدر أنهم “إن عزفوا عن هذا الخيار، فإن شاطئ الزهراء سيكون الخيار الآخر الذي يمكنهم اللجوء إليه، وإن كان لا يبعد سوى كيلومتر واحد عن نهاية شارع صلاح الدين”.
لكن يبدو أن المنطقة الأولى التي ذكرها المصدر هي الأكثر ترجيحا، فقد نشر حساب “Christiaan Triebert” المتخصص في التحقيقات البصرية، صور أقمار صناعية لرصيف بحري ما زال قيد الإنشاء على ساحل غزة. وأظهرت الصور الملتقطة من موقع “Maxar” في 11، و12، و13 مارس/آذار 2024، طواقم البناء التي تعمل في المنطقة.
وذكر “Christiaan Triebert” أن الرصيف البحري يقع ضمن المنطقة الشمالية التي فصلها الاحتلال الإسرائيلي عن جنوب القطاع عبر طريق نتساريم، الذي يقطع غزة بشكل عرضي، حيث يبدأ من مستوطنة “ناحال عوز”، ليصل إلى شارع الرشيد على البحر الأبيض المتوسط.[21]
ومن المتوقع أن يتضح الموقع الدقيق للميناء أو يُعلن عنه رسميا قريبا، ذلك أن واشنطن قد شرعت بالفعل في إجراءات بنائه، وغادر المئات من جنود الجيش الأمريكي، يوم 12 مارس/آذار، من نيوبورت نيوز بولاية فيرجينيا، لإقامة الميناء.[22]
ومن المقرر أن يبدأ تشغيله بحلول شهر مايو/أيار 2024، حيث قال كبير موظفي مجلس الأمن القومي الأميركي، كيرتس ريد، إن “الجيش الأميركي يبذل كل ما بوسعه لتسريع (بناء) الميناء والعمل به قبل التاريخ المستهدف الذي حددناه وهو الأول من مايو”.[23]
تحديات وجدوى الميناء
- تحديات الميناء
تعترض عملية بناء الميناء وتشغيله عقبات أمنية وفنية، كما أن جدواه محل شك خاصة إذا ما قورنت بجدوى توصيل المساعدات عبر المعابر البرية كمعبر رفح.
يتمثل التحدي الأمني في إرسال قوات أمريكية إلى شواطئ غزة لإنشاء الميناء، فرغم التأكيد الأمريكي على أن الجنود الأمريكيين لن يكونوا على اليابسة، إلا أن إرسالهم لهذه المنطقة الملتهبة أثار مخاوف أُسر هؤلاء الجنود، الذين كان خبر إرسال ذويهم لتلك المنطقة بمثابة “صدمة” لهم، وفق تقرير لشبكة “ABC” الأمريكية.[24]
ومن المفترض أيضا أن يمثل إرسال الجنود تخوفا بالنسبة لإدارة بايدن، إذا ما أخذنا في الاعتبار انزياح الرأي العام الأمريكي نحو رفض الحرب الجارية، ورفض الدور الأمريكي فيها.[25] ففي ظل تصاعد عدد الرافضين للعدوان الإسرائيلي على غزة، فإن أي حادث قد يتعرض له هؤلاء الجنود من شأنه أن يصعب موقف بايدن، الذي يستعد لانتخابات قادمة، غالبا ما ستكون ضد الرئيس السابق، دونالد ترامب.
وقد أفصح العديد من المراقبين الأمريكيين عن هذه التخوفات الأمنية، منهم البروفيسور مايكل كلارك، الذي قال إنه “سيكون هناك خطر من أن يميل مقاتلو حماس أو حركة الجهاد الإسلامي إلى إطلاق النار على السفن الأمريكية قبالة الشاطئ، ما يشكّل خطرا إضافيا”.[26] كما انتقد المحلل العسكري السابق في وكالة المخابرات المركزية وضابط مكافحة الإرهاب، مايكل ديمينو، متحدث البنتاغون بات رايدر، قائلا إن الأخير لم يكن لديه الكثير ليقوله عندما سئل عن احتمالية تعرض القوات الأمريكية لهجوم على شواطئ غزة، وحدود الدور الذي قد تلعبه في تنظيم المساعدات.[27]
وأكد “ديمينو” أن تعرض القوات الأمريكية لهجوم “ليس أمرا هامشيا”، معبرا عن صدمته من أنه “لا يوجد تفسير حقيقي حول ماهية خطط الطوارئ، وكيف سنرد إذا تعرضت قواتنا أو موظفونا الحكوميون لهجوم؟” بينما قال المقدم المتقاعد، دانييل ديفيس، إنه غاضب مما وصفه بـ”العبء الذي لا داعي له والمخاطر المحتملة”، بدلا من استخدام النفوذ القوي الذي تملكه واشنطن على إسرائيل لإدخال المساعدات برا.[28]
علاوة على ذلك، تساءل الأستاذ المساعد في الأكاديمية البحرية التجارية الأمريكية، سلفاتوري ميركوليانو، عن احتمالية أن تستهدف حماس القوات الأمريكية في الميناء، محذرا من أن “هذا سؤال ينبغي ألا نستخف به”. ولذلك توقع الكولونيل المتقاعد والمؤرخ العسكري الفرنسي، ميشيل غويا، أن تنشر واشنطن “حاملة مروحيات هجومية” في مكان قريب وربما حاملة طائرات ومجموعتها البحرية للتدخل في حالة التهديد.[29]
وبغض النظر عن أن فصائل المقاومة الفلسطينية لن تستهدف الميناء على الأرجح، إلا أن تخوفات الأمريكيين مشروعة في نهاية المطاف؛ لأن المنطقة تشهد حربا تنخرط فيها -بدرجة أو بأخرى- أطراف إقليمية، الأمر الذي لا يجعل القوات الأمريكية في مأمن من الاستهداف.
وبجانب التحدي الأمني، هناك التحدي الفني الذي يتمثل في العمق الضحل للمياه الساحلية في غزة، إذ يمكن أن يشكل مشكلة بالنسبة للسفن الكبيرة اللازمة لنقل المساعدات.[30] وفي هذا السياق، أوضح مدير مشروع ميناء الفاو الكبير بالبصرة، أسعد الراشد، أن هذه عملية تحتاج للتعامل مع البحر والبر، إضافة لضرورة توفير أعماق لرسو الباخرة، قائلا إن “هذه الوظيفة تتطلب أن يكون هناك عمق بحري كافٍ لترسو السفينة… وتتطلب وجود واجهة بحرية متينة تتحمل رسو الباخرة وتتحمل في الوقت نفسه الأحمال التي ستفرغ على الرصيف، ولا تدفع الساحل أو التربة باتجاه البحر”.
وأضاف أن “هذه العملية تحتاج إلى حماية… يعني عادة تعتمد على نوع التربة بالمنطقة بإضافة طبقات معينة في التربة لمنع تسرب الرمل إلى البحر، وفي الوقت نفسه تحمي الساحل وتوفر مرسى للباخرة”، مشددا على أن “كل هذه الأشياء من الصعب أن تنجز خلال 60 يوما، وبالتالي حتى هذا قد يؤثر على جودة العمل… إذا كنا نتحدث عن رصيف وقتي لإنجاز مهام إنسانية أو ما شابه، فإن هذا العمل صعب جدا يتحقق خلال 60 يوما”.[31]
- جدوى الميناء
هذه التحديات تتعاظم إذا ما قيست على الجدوى المتوقعة من هذا الميناء، حيث تشير صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إلى أنّ البنية التحتية للممر البحري الذي اقترحه بايدن سيستغرق وقتا طويلا، ولا يمكن أن يشكل بديلا عن الطرق البرية لدخول شاحنات المساعدات.[32] وقد أكدت ذلك صحيفة “الغارديان” البريطانية، مشيرة إلى أن الخطة الأمريكية ليست سهلة، ولا تخلو من مخاوف حقيقية ترتبط من أن الإغاثة التي ستجلبها لن تكون كافية، وستكون متأخرة للغاية بالنسبة للفلسطينيين الذين يواجهون “المجاعة”.[33]
بينما فسرت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية الزخم الذي اكتسبته خطة بناء الميناء بأنها نابعة من “اليأس المتزايد في غزة”، مؤكدة أن بناء رصيف بحري للمساعدات “لن يعالج الجوع والمرض في القطاع”.[34]
ويجدر القول هنا إن فعالية الميناء تتجاوز فعالية إسقاط المساعدات من الجو، غير أنها أقل بكثير من جدوى إرسال المساعدات عن طريق البر. وبالتالي، فإن وتيرة دخول المساعدات لقطاع غزة ربما تزداد بعد إنشاء الميناء، لكن الأزمة على الأغلب ستظل قائمة، خاصة في ظل التعنت الإسرائيلي وعدم ممارسة الدول العربية والإسلامية ضغطا كافيا لإدخال المساعدات.
وفي هذا السياق، قال الجنرال الأميركي المتقاعد، مارك هيرتلينغ، على منصة “إكس” إن إلقاء المساعدات من الجو “دقيق وسريع، لكنه محدود في قدرته ومخصص لأنواع معينة من الإمدادات”، داعيا إلى إنشاء الميناء المؤقت.[35]
ويتفق معه الأستاذ المساعد في الأكاديمية البحرية التجارية الأمريكية، سلفاتوري ميركوليانو، الذي يرى أن اللجوء إلى مرفأ مؤقت “ليس حلا سريعا ولا يسمح بتأمين كميات ضخمة، ولكنه تحسن كبير بالمقارنة مع لا شيء أو بالمقارنة مع إلقاء المساعدات من الجو”.[36]
أضف إلى ذلك نائب الأدميرال كيفن دونيجان، الذي كان قائدا سابقا للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، حيث أكد على أن توصيل المساعدات عن طريق البر لا يزال هو الطريقة الأكثر فعالية، من حيث القدرة على إدخال أكبر عدد ممكن من السلع.[37]
وقد نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مسؤولين في غزة أن “الشحنات البحرية وعمليات الإنزال الجوي معقدة ولا يمكن أن تقترب من توفير الإمدادات المطلوبة، بنفس مستوى الشاحنات”. وحيث إن كل شاحنة تحمل موادا غذائية إلى غزة بحوالي 16 إلى 33 طنا، وفقا لأرقام الأمم المتحدة ووكالات أخرى، فإن هذا يعني أن الكمية القادمة عن طريق البحر أقل بكثير مما يدخل غزة عن طريق البر في يوم واحد.[38]
ولذلك، رحبت العديد من المؤسسات الإغاثية بالقرار الأمريكي، لكنها في الوقت نفسه شددت على أهمية الضغط من أجل فتح الطرق البرية لإيصال المساعدات. من هؤلاء مسؤولا الإغاثة بالأمم المتحدة، سيغريد كاغ وخورخي موريرا دا سيلفا، اللذان رحبا بفتح ممر بحري إلى غزة، لكنهما أكدا أنه لا يوجد بديل ناجع يمكن أن يحل محل الطرق البرية، خاصة من ميناء رفح والأردن، و”لا أحد يستطيع القول بغير ذلك”.[39]
وفي حين رحبت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، جولييت توما، “بأي جهد يحسّن ويعزز تدفق المساعدات الإنسانية المطلوبة بشدة”، فإنها أكدت أن “هناك طريقة أسهل وأكثر فاعلية لجلب المساعدات.. وهي عبر المعابر البرية التي تربط إسرائيل بغزة”.[40]
محدودية جدوى الميناء وفعاليته أكدتها الإدارة الأمريكية نفسها، التي صرح أحد مسؤوليها أن “الطرق البرية يمكن أن تكون الطريقة الأكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة لإيصال المساعدات، لكن الرئيس بايدن أمر بالنظر في كل الخيارات”. ووفق قوله، فإنه بموازاة العمل على الميناء، ستواصل الإدارة الأمريكية الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة عن طريق البر.[41]
وبالتالي، فنحن إزاء خطة قد يكون لها أثرها الإيجابي على الوضع الإنساني في غزة، إلا أنها لن تحل الأزمة أيضا؛ خاصة وأن الطرف الإسرائيلي -الذي يعد السبب الأبرز في عرقلة وصول المساعدات- سيظل يلعب دورا جوهريا في مشروع الميناء الأمريكي كما سنوضح أدناه.
موقف دولة الاحتلال الإسرائيلي
يُعد موقف الاحتلال الإسرائيلي أحد مفاتيح فهم الهدف من الميناء وأبعاد الدور الذي قد يلعبه في الحرب الجارية ومستقبل قطاع غزة ككل؛ ويرجع ذلك إلى أن المعرقل الرئيسي لدخول المساعدات هو الجيش الإسرائيلي، وبالتالي من اللافت أن يأتي التفاعل الإسرائيلي مع الطرح الأمريكي إيجابيا، في حين أنه يعرقل المساعدات التي تأتي عن طريق البر.
فبعد إعلان بايدن عن الميناء، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن إسرائيل “ترحب بافتتاح الممر البحري من قبرص إلى قطاع غزة، وإن المبادرة القبرصية ستسمح بزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، بعد إجراء فحوصات أمنية وفقا للمعايير الإسرائيلية”.[42] وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (مكان) أن نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، براد كوبر، زار “إسرائيل” في الأيام الأخيرة لإجراء محادثات حول خط بناء الولايات المتحدة لميناء في غزة لإيصال المساعدات الإنسانية.[43]
وألمح الدبلوماسي السابق وخبير الشؤون الدولية، ولفغانغ بوستزتاي، إلى أنه سيكون مستغرَبا جدا لو لم يُبلغ بايدن نتنياهو بأمر الميناء قبل أن يعلن عنه.[44]
ولا يقتصر الموقف الإسرائيلي على الموافقة على الميناء فحسب، بل ذكرت العديد من المصادر أن الفكرة في الأصل فكرة إسرائيلية. فقد كشفت صحيفة “معاريف” أن مسؤولين إسرائيليين كبارا طرحوا فكرة إقامة ميناء في قطاع غزة، ورفضها ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، قبل شهرين من طرح الرئيس الأمريكي لها. وأضافت الصحيفة العبرية أنه “الآن، بعد حوالي شهرين تبنت إدارة بايدن الفكرة الإسرائيلية الأصلية المتمثلة في بناء رصيف بحري”.[45]
وبشكل أكثر تحديدا، فإن الفكرة فكرة نتنياهو شخصيا وفق عدة مصادر عبرية. إذ كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن نتنياهو اقترح على الإدارة الأميركية إقامة ميناء بحري مؤقت لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي في نفس الشهر الذي اندلعت فيه الحرب.
كما عرض نتنياهو المقترح في 31 أكتوبر/ تشرين الأول، على الرئيس القبرصي، ثم عاد الموضوع مجددا إلى الواجهة في 19 يناير/ كانون الثاني 2024، خلال محادثة بين نتنياهو وبايدن.[46] وأكدت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية على هذا الترتيب الزمني ذاته، نقلا عن مصادرها.[47]
وينسجم ذلك مع أطروحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين، منها مشروع إنشاء “جزيرة اصطناعية” بمساحة 8 كيلومترات مربعة قبالة شواطئ غزة لنقل نحو نصف مليون فلسطيني من القطاع، الذي عرضه وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في بروكسل في يناير/كانون الثاني 2024.
ولذلك اعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي في مركز “تقدم” للسياسات، أمير مخول، أن مشروع الميناء العائم يتناغم مع مرحلة الاحتلال الإسرائيلي المستمر للقطاع، حيث تعيد حكومة نتنياهو تفعيل بنية الاحتلال التي كانت قائمة حتى 2005 قبل الانسحاب أحادي الجانب.[48]
وفي حين أن بناء الميناء يتم بجهود أمريكية، فإن تفتيش المساعدات وتأمين الميناء سيرجع إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأرجح، الأمر الذي يعطي لها سلطة واسعة على المشروع برمته.
وقد أعلن الرئيس بايدن ذلك صراحة قائلا إن “الإسرائيليين سيؤمنون الميناء لتقديم المساعدات لغزة”،[49] واعتبرت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية أن السبب في ذلك يرجع لعدم رغبة الولايات المتحدة في وجود قوات لها على الأرض، وبالتالي سيتعين على إسرائيل تأمين الرصيف.[50] كما أشارت وزارة الدفاع الأمريكية إلى ذلك حين قالت إن “العمل على التفاصيل مع الشركاء سيشمل إسرائيل عند تناول الجانب الأمني”.[51]
غير أن المسؤولين الإسرائيليين لم يؤكدوا بعد أن الجيش الإسرائيلي هو مَن سيتولى تأمين الميناء. ونقلت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إسرائيل لم توافق بعد على مهمة السيطرة الأمنية وإن المفاوضات مستمرة.[52] وأشارت تقارير إلى أن إسرائيل تدرس أيضا استخدام مقاولين أمنيين من القطاع الخاص لتأمين الميناء، ولكن لم يؤكد ذلك بعد أي من الجانبين، الأمريكي أو الإسرائيلي.[53]
وفيما يخص تفتيش المساعدات، فإن الاقتراح الإسرائيلي بإنشاء الميناء، والذي تقدم به نتنياهو لبايدن في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تضمن شرط إجراء تفتيش إسرائيلي،[54] وأكدت هذه المعلومة وكالة “رويترز”، نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير.[55] وبعد الإعلان عن مبادرة بايدن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور حياة، عبر منصة إكس، إن هذه المبادرة “ستتيح زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد إجراء عمليات تفتيش أمنية وفقا للمعايير الإسرائيلية”.[56]
ومع احتمالية إسداء مهمة تأمين الميناء للقوات الإسرائيلية، واشتراط دولة الاحتلال تفتيش المساعدات، فإننا -على الأغلب- سنكون أمام تحكم إسرائيلي في الميناء وكمية المساعدات التي تدخل منه كما هو الأمر في المنافذ البرية، وسيظل القرار الأخير بدخول المساعدات يرجع إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.
دوافع بناء الميناء
كما أوضحنا، فإن الدافع الأساسي الذي تعلنه الإدارة الأمريكية لإنشاء الميناء هو إدخال المساعدات للقطاع، غير أن تأكيدات المؤسسات الإغاثية وحتى مسؤولين في إدارة بايدن تشير إلى أن جدوى الميناء، وإن كانت أعلى من إسقاط المساعدات جوا، إلا أنها محدودة ولا تُغني عن المساعدات التي تدخل برا.
وعلى هذا، فمن الصعب اعتبار أن دافع الميناء هو المساعدات الإغاثية فحسب، إذ أن الجهة التي تعرقل دخول المساعدات برا، وهي دولة الاحتلال الإسرائيلي، ستظل تلعب دورا جوهريا في التفتيش والتأمين والموافقة على دخول المساعدات عن طريق البحر، بالتوافق مع الولايات المتحدة.
فعلى الرغم من تصريح بايدن: “نحن لا ننتظر الإسرائيليين” للتحرك وإدخال المساعدات، إلا أنه يبدو أنه يتجاهل أن المشكلة لا تكمن في حجم المساعدات، بل في احتجاز الإسرائيليين لها على الحدود والقصف بالقنابل وعمليات القنص التي تمنع الشاحنات وعمال الإغاثة من الوصول إلى المكان الذي يتعين عليهم الذهاب إليه.[57]
ولذلك، طرح مراقبون دوافع أخرى ربما تقف خلف قرار إدارة بايدن بإنشاء الميناء.
- الاستجابة للمصالح الانتخابية
جاءت حرب غزة على غير رغبة من الإدارة الأمريكية التي كانت تركز جهودها على الحرب الروسية الأوكرانية، وسياستها في احتواء صعود الصين. وبعد نشوب الحرب، قررت الإدارة الأمريكية منذ اللحظة الأولى الاصطفاف الكامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وزار الرئيس بايدن دولة الاحتلال أثناء الحرب، في سابقة لم يفعلها رئيس أمريكي، حتى في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
لكن مع امتداد زمن الحرب واحتمالات توسعها لحرب إقليمية وتنامي الضغط الداخلي في الولايات المتحدة الناجم عن المجازر الإسرائيلية بحق سكان القطاع، حاولت إدارة بايدن إبراز التمايز بين موقفها وموقف دولة الاحتلال في بعض الملفات، كما أوردنا في ورقة: “تطورات المواقف الأمريكية والأوروبية من الحرب على غزة.. السياقات والدوافع“.
لكن هذا التمايز لم يصل بالإدارة الأمريكية للمطالبة بوقف كامل لإطلاق النار، وهو الجزء الأهم من المعادلة بالنسبة لكل من دولة الاحتلال والفلسطينيين، ما يعني استمرار الحرب تماشيا مع رغبة الحكومة الإسرائيلية. وفي ظل استمرار الولايات المتحدة في تسليح الجيش الإسرائيلي، تزايدت معارضة بايدن في أوساط المسلمين والعرب الأمريكيين والجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي.
ففي أواخر فبراير/شباط 2024، أظهر استطلاع للرأي أجراه مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في ولاية ميشيغان، وشمل 527 ناخبا مسلما شاركوا في الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الولاية، أن 94 بالمئة من المسلمين الأمريكيين الذين صوتوا في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي صوتوا “غير ملتزمين”.[58] وأظهر استطلاع آخر أن 72 بالمئة من الناخبين المسلمين لا يوافقون على تعامل بايدن مع الحرب على غزة.[59]
وفي ظل إحجام بايدن عن دعم وقف كامل لإطلاق النار، فإن خطوة بناء الميناء تأتي -في جزء منها- لإرضاء الناخبين الغاضبين من الإدارة الأمريكية. ولذلك، ندّد المقرر الأممي الخاص المعنيّ بالحق في الغذاء، مايكل فخري، بالاقتراح الأميركي، قائلا إنها “المرة الأولى التي أسمع أحدا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري، فلم يطلب أحد رصيفا بحريا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”.
ووصف فخري الاقتراح الأميركي بأنه “خبيث” وبأنه جاء استجابة لمصالح انتخابية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعما ماليا لإسرائيل.[60] كما وصفت خبيرة الشؤون الدولية، آسال راد، الميناء بأنه ما هو إلا “حملة علاقات عامة، بالنظر إلى أن الإدارة تواصل بلا توقف توفير المال والأسلحة لإسرائيل”.[61]
في هذا السياق، يبدو أن هناك ربطا أيضا بين الميناء وبين رغبة إسرائيل في اجتياح رفح، التي تستقبل حاليا أكثر من مليون ونصف نازح فلسطيني. ففي ظل تأكيد نتنياهو على أن الجيش الإسرائيلي سيجتاح رفح، حتى لو لم توافق الولايات المتحدة،[62] يتزايد قلق الإدارة الأمريكية، التي تحسب حساباتها الانتخابية.
فاجتياح رفح من شأنه أن يعقد الوضع الإنساني في القطاع بشكل غير مسبوق، ولذلك فإن الميناء سيوفر قاعدة للإدارة الأمريكية لإدخال المساعدات وتخفيف الوضع الإنساني في القطاع. وفي هذا، أشار خبراء إلى أن “بايدن قلق جدا مما سينتج من اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح جنوبي القطاع، ومن عدم إنهاء الكارثة الإنسانية بغزة، الأمر الذي سينعكس على نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة، لذا سيسارع في بناء الميناء”.[63]
ولهذا أيضا يعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي، رون بن يشاي، أن إدارة بايدن “في حاجة ماسة إلى إرضاء ناخبي الحزب الديمقراطي والمسلمين والداعمين للفلسطينيين، وتريد أن تُظهر لهم أن الولايات المتحدة تُدخل مساعدات إلى القطاع على الرغم من معارضة التيار القومي المتطرف في الحكومة الإسرائيلية؛ وبهذه الطريقة، ستتحسن صورة بايدن في أنظار الناخبين الشبان من التيار التقدمي في حزبه، الذين يهددون بعدم التصويت للرئيس الديمقراطي”.[64]
ويمكن القول هنا إن إدارة بايدن تحاول استرضاء الجانبين، الداعم للحرب الإسرائيلية والمعارض لها، لكنها في ذلك لا تمارس ضغوطا حقيقية على إسرائيل تفضي لوقف الحرب. فمن جهة، لا تقول الولايات المتحدة إن الحرب يجب أن تتوقف، بل على العكس من ذلك ما زالت تصرح بأنه لا بد من القضاء على حركة حماس. وفي المقابل، تستخدم هذا الميناء للتدليل على أنها تحاول تخفيف الأوضاع الكارثية في القطاع، وذلك دون أن تمارس ضغوطا فعلية على إسرائيل لوقف الحرب.
فقد ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن هناك من يرى في مشروع الميناء دليلا إضافيا على إحجام الإدارة عن مواجهة إسرائيل بسبب عرقلتها تسليم مساعدات الإغاثة، أو استخدام النفوذ الاستثنائي للولايات المتحدة -باعتبارها الداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل- للتخفيف من وطأة الحرب.[65]
هذا التوافق الأمريكي الإسرائيلي على إنشاء الميناء دفع الباحثة في معهد “كوينسي” الأمريكي، كيلي بيوكار فلاهوس، لوصفه بأنه “مسرحية”، موضحة أن قرار إنشاء الميناء “لا يتعلق برئيس تخلص من حبه العارم لإسرائيل، بل يتعلق بإعطاء الإسرائيليين قطعة من العظم له، ليسترضي جمهوره في الداخل”.[66] بل وذهبت الباحثة للتشكيك في قدرة بايدن على استرضاء قاعدته الانتخابية بهذه الخطوة، قائلة إن الوقت كفيل بإخبارنا.
- تقويض حكم حماس وفرض واقع ما بعد الحرب
بعد إعلان الرئيس بايدن عن الميناء، أصدرت 25 منظمة غير حكومية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، بيانا مشتركا قالت فيه إنه “يجب على الدول التأكد من أن الممر البحري لا يضفي الشرعية على الاحتلال العسكري البري الإسرائيلي المطول للقطاع من خلال استغلال ضرورة المساعدات”.[67]
ويبدو أن هذا التحذير من استغلال المساعدات مرده إلى سببين. الأول هو أن إنشاء الميناء في نحو شهرين ثم تشغيله يعني ضمنا أن الإدارة الأمريكية تقر بأن الحرب الإسرائيلية على القطاع ستستمر وسيطول أمدها، وأن واشنطن لن تسعى لإيقافها بشكل كامل. ولهذا السبب كتب الباحث الإسرائيلي، تسفي باريل، مقالا في صحيفة “هآرتس” العبرية حمل عنوان: “الميناء الذي تبنيه الولايات المتحدة يمكن أن يحول إسرائيل إلى قوة شرطة في غزة”، ما يعني أن الميناء قد يدفع القوات الإسرائيلية للبقاء في غزة على نحو دائم.[68]
والسبب الثاني هو أن آلية إدخال المساعدات للقطاع ستُستخدم -على الأرجح- لابتزاز الشعب الفلسطيني وإضعاف حكومة قطاع غزة وسلطة حركة حماس في القطاع. ويتأتى ذلك عبر توزيع المساعدات عن طريق جهات أخرى غير الحكومة في غزة. وتزداد أهمية ورقة المساعدات إذا ما أخذنا في الاعتبار ضرورتها للشعب الفلسطيني الذي يعاني من الحصار الإسرائيلي، إذ يُعتبر هذا الملف أحد الملفات البارزة في الحرب الدائرة، إن لم يكن الأبرز.
وهذا ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت، صراحة، حيث نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صورة له من أمام شواطئ غزة، مشفوعة بتصريحه بأن “ممر المساعدات البحرية سوف يعجل من انهيار حكم حماس، وأنهم سيتأكدون من أن المساعدة ستصل فقط إلى من يحتاجها”.[69] وقال حينها إنه “على ثقة بأن هذا الميناء سيساعد في القضاء على سلطة حركة حماس في قطاع غزة، لأنه سينقل المساعدات مباشرة إلى السكان دون الحاجة للاعتماد على الحركة”.
ومن بين الصعوبات التي ستقابل مشروع الميناء مسألة التعامل مع الحشود المتوقع أن تتجمع للحصول على المساعدات،[70] ولذلك أشارت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية إلى أن “الجزء الأصعب يتمثل في عملية توزيع المساعدات في جميع أنحاء قطاع غزة”.[71]
لكن ما يتضح من مجريات الأمور على أرض الواقع هو أن الاحتلال الإسرائيلي يرغب في إبعاد حكومة حماس من المشهد تماما، بما في ذلك عبر استهداف المسؤولين في الحكومة الذين لا يرتبطون بالعمل العسكري للمقاومة. وقد شهدت الأسابيع الماضية تكثيفا من استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي لمسؤولين في الأجهزة الحكومية في غزة، خاصة القوات الشرطية المسؤولة عن تأمين المساعدات، منها اغتيال مسؤول عمليات الشرطة بغزة العميد، فايق المبحوح.
وقد أقر مسؤول أمريكي أن هذه الاستهدافات ممنهجة، حيث قال إن “إسرائيل بدأت بشكل أكثر عدوانية في تنفيذ سياسة في الأسابيع الأخيرة، حيث شهدت استهداف ضباط الشرطة المرتبطين بحماس والمكلفين بتأمين قوافل المساعدات”. وبحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل”، فإن القوات الإسرائيلية اغتالت ما يقرب من 12 ضابطا من شرطة غزة. ووفق الموقع، فقد انتقد المسؤول الأمريكي الجيش الإسرائيلي لتنفيذه الغارات دون وجود خطة بديلة لكيفية توزيع المساعدات.[72]
الرغبة الإسرائيلية في استغلال ملف المساعدات لا ترتبط بالمؤسسات الحكومية في غزة فحسب، بل أيضا بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي تشهد أيضا هجوما ممنهجا من دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة. إذ تتعامل الحكومة الإسرائيلية مع الوكالة “باعتبارها فرعا من حماس”، وفق تعبير صحيفة “لوموند” الفرنسية.[73]
ومؤخرا، استهدف الجيش الإسرائيلي باحة أحد المباني القليلة المتبقية العاملة في رفح التابعة للأونروا، ما نتج عنه مقتل أحد موظفي الوكالة وإصابة 22 آخرين. وتأتي هذه الخسائر بالإضافة إلى مقتل 165 من موظفي الأونروا منذ بداية الحرب. ووفق الصحيفة الفرنسية، فقد ساهمت الضغوط المالية والإدارية والعسكرية المباشرة التي تمارسها إسرائيل على قوافل الأونروا -وكذلك على قوافل الوكالات الأخرى- في إحداث الفوضى ونقص الغذاء في القطاع، حيث تطور الأمر إلى وجود “جيوب من المجاعات الوشيكة”.[74]
هذا الفراغ من المؤسسات العاملة في القطاع، الحكومية منها والإغاثية، ستستغله دولة الاحتلال في تمكين تابعين لها من داخل القطاع وتهميش أي مؤسسات أخرى، خاصة سلطة حركة حماس، ويساعدها في ذلك الحاجة الملحة لسكان غزة إلى المساعدات. هذا على الرغم من انفتاح الهيئات المعنية للأمم المتحدة على التعامل مع الأجهزة المدنية في غزة.[75]
ولذلك، فإن موافقة الاحتلال الإسرائيلي على إنشاء الميناء ومحاولته تفكيك مؤسسات القطاع، دفعت صحيفة “إسرائيل هيوم” للقول إن ميناء بايدن في غزة يخدم ثلاثة أهداف: الأول هو استبدال وكالة الأونروا بمتعاقدين من شركات خاصة أو منظمات غير ربحية تتولى مسؤولية استلام الطعام لغزة وتوزيعه، والثاني هو استبدال دور حماس في إدارة الشؤون المدنية في غزة، حيث ترى إسرائيل أن من يتحكم بالطعام والمساعدات هو من يحكم فعليا على أرض الواقع، والثالث هو تخفيف الضغط الدولي عن إسرائيل، باعتبارها الجهة التي تمنع الغذاء عن غزة، وتمكينها من عزل غزة عن باقي الأراضي المحتلة.[76]
الأمر ذاته نوه عليه أيضا المحلل الإسرائيلي، رون بن يشاي، الذي أكد أن وجود الرصيف العائم سيضمن سيطرة إسرائيل على المساعدات ووصولها للفلسطينيين “من دون وساطة حماس”.[77]
وبهذا الصدد، يؤكد المحلل السياسي، عبد الله العقرباوي، أن “هذا مدخلا ليس سهلا لتنفيذ مخططهم لإخراج حركة حماس تدريجيا من المعادلة”. وأضاف: “في قضية الجوع أنت لا تستطيع منع الناس من الطعام ولا تستطيع الوقوف في وجه إغاثتهم”، مشددا على أن الولايات المتحدة لن تسمح بأي “حضور للحركة ومؤسساتها في آلية الميناء، كونها أداة مباشرة لإحكام السيطرة على الناس عبر التجويع ثم الإطعام”.[78]
ومع عمل إسرائيل على إفراغ القطاع من أي مؤسسات متماسكة، فإنها من جهة أخرى تحاول التواصل مع سياسيين فلسطينيين وبعض العشائر داخل قطاع غزة، لتشكيل بديل لحكومة القطاع.[79] وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن إسرائيل أجرت محادثات مع مصر والإمارات والأردن لاستدراج دعم إقليمي يستهدف تجنيد قادة فلسطينيين ورجال أعمال، ليست لهم صلات بحركة حماس، لاستلام ملف توزيع المساعدات، في إطار سعي إسرائيل استغلال ملف توزيع المساعدات لخلق سلطة جديدة بعيدة عن حماس.[80]
وعلى هذا، فإن أحد الأهداف الكامنة خلف مشروع الميناء هو سحب البساط من تحت المؤسسات الحكومية في قطاع غزة، واستغلال ملف المساعدات لإنشاء سلطة بديلة، تحت ضغط الأزمة الإنسانية وبالتوازي مع الاستهداف العسكري لمؤسسات القطاع.
ويرتبط بذلك إنشاء واقع جديد في القطاع يعزز عزل شمال غزة عن جنوبها، إذ يعتقد بعض المراقبين أن مشروع الميناء العائم الذي يأتي تحت ذريعة توزيع “المساعدات الإنسانية” ينسجم مع طرق وآليات هندسة وتوزيع المساعدات وإيصالها لشمال القطاع، وكذلك مع مشروع الطريق العريض الذي يشقه الجيش الإسرائيلي من جنوب شرق غزة باتجاه البحر، وما يسمى مشروع “حي الزيتون” الهادف إلى تقطيع أوصال غزة.[81] ولهذا وصف البعض مشروع الميناء بأنه جزء من “البنية التحتية الأساسية لاحتلال أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة”.[82]
بل إن السعي لتأسيس هذا الواقع الجديد في القطاع دفع بعض المسؤولين الأمريكيين للتصريح بأنهم “يريدون أن يتحول الميناء المؤقت إلى ميناء تجاري مع مرور الوقت”.[83] وبالطبع، فإن هذا لا يمكن أن يتأتى إلا بشروط من إسرائيل واطمئنان منها إلى الجانب الأمني.
- استغلال غاز غزة
من الدوافع المحتملة خلف الميناء أيضا هي أن يكون مقدمة لموطئ قدم وفرض السيطرة الأميركية على قطاع غزة، تحت ذريعة توزيع المساعدات الإنسانية، وبذلك يندرج مشروع الميناء ضمن رؤية اليوم التالي للحرب بغية تثبيت الوجود الأميركي بالقطاع بما يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية.[84]
ويربط بعض المراقبين ذلك بملف غاز غزة، لا سيما بعد المسح الذي أجرته شركة المسح الجيولوجي منذ 2010، والذي أقرت فيه بوجود آبار في هذا القسم من البحر المتوسط، وأن المنطقة عائمة على آبار من الغاز والنفط.[85]
في هذا السياق، ربط الباحث الإسرائيلي، بنحاس عنباري، مشروع الميناء بالخلاف الإقليمي حول احتياطات الغاز في شرق البحر المتوسط وبدور الإمارات في الميناء. إذ أشار الباحث في مقال نشره “مركز القدس للشؤون العامة” الإسرائيلي إلى أن الجزء اليوناني من جزيرة قبرص، الذي سيبدأ منه الممر البحري، تجمعه خصومه بتركيا، ولذلك، فإن قبرص الرومية “لن تحبذ مشاركة قطر في الميناء، لأنها نافذة لدخول تركيا”.[86]
ويعتقد الباحث الإسرائيلي أن هناك احتمالية لتجديد مبادرة إنتاج الغاز البحري في غزة، والتي أوقفها الاحتلال الإسرائيلي بسبب سيطرة حماس على القطاع. وأوضح أنه إذا تولت الإمارات الدور القيادي في بناء الميناء، فإنها ستطرد حماس وستفتح الطريق للمضي قدما في إنتاج الغاز، ودمج احتياطات غزة مع احتياطيات إسرائيل وقبرص الرومية. لكن في المقابل، يرى أنه إذا أضيفت قطر إلى الصورة، وبالتبعية تركيا، فإن التنقيب عن الغاز البحري في غزة سيظل يمثل مشكلة، مع احتمال أن تبقى حماس لاعبا.
وللسبب ذاته، حذر مراقبون أتراك من أن الميناء الذي سيُنشأ في غزة سوف يمنع الفلسطينيين من التمتع بحقوقهم في البحر الأبيض المتوسط، وسيقطع علاقات الإدارة في غزة مع جيرانها، بمن فيهم تركيا. ودعا هؤلاء المراقبون إلى التركيز على مشروع الميناء وتوضيح خطورة هذه القضية إلى تركيا.[87]
ونشرت وكالة الأناضول التركية الرسمية مقالا للأستاذ بجامعة “اسطنبول غليشيم”، علي سيمين، أوضح فيه أن “الحرب في غزة سيكون لها عواقب طويلة المدى على مستقبل حقول الغاز في شرق المتوسط”، مشيرا في هذا السياق إلى أن شركة الطاقة الأمريكية العملاقة شيفرون وشركات أخرى تخطط لتوسيع عملها في حقلي تمار وليفياثان الإسرائيليتين.[88]
كما اعتبرت الباحثة، تارا علامي، في مقال لها نشره موقع “موندويس” الأمريكي أن إسرائيل تسعى للاستيلاء على غاز غزة وإبرام صفقات مع الدول المجاورة بمشاركة الاتحاد الأوروبي، حيث اكتشفت “بريتش غاز” البريطانية حقول الغاز قبالة غزة قبل 25 عاما، وتعرف اليوم بـ”غزة مارين 1″ و”غزة مارين 2″. وأكدت أن غاز غزة يشكل “نقطة اهتمام لإسرائيل وأمريكا”.[89]
وربما يكون الميناء الذي تخطط الولايات المتحدة له على شواطئ غزة ليس مناسبا من الناحية الفنية للقيام بأعمال تتعلق باستخراج الغاز من البحر، كما أن ظروف الحرب لا تجعل عمل سفن التنقيب واستخراج الغاز مواتيا في هذه المرحلة، إلا أنه ليس من المستعبد أن يكون هذا الملف حاضرا لدى كل من الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وربما تتُخذ فيه خطوات حسب تطورات الميدان وما ستُفضي إليه الحرب.
- الممر الاقتصادي
علاوة على غاز غزة، أشار بعض المراقبين أيضا إلى أن مشروع الميناء يأتي “خارج عن إطار المساعدات الإنسانية تماما. بل يرتبط بمشروع الممر الاقتصادي، حيث إن التواجد الأمريكي هناك بات مطلوبا جدا”. ويعتبر هؤلاء أن “واشنطن بدأت تشعر بأن إسرائيل وحدها لا تستطيع أن تضمن وحدها خط الممر البحري لهذه القناة، فعليها أن تكون موجودة بجيشها”.
وكانت عدة دول قد أعلنت، في 10 سبتمبر/أيلول 2023، توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وهي: السعودية، والولايات المتحدة، والهند، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، فضلا عن الاتحاد الأوروبي. ويُنظر لهذا الممر على أنه مشروع مواز لمشروع “الحزام والطريق” الصيني.
ومع التحضيرات لبدء المشروع، جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتؤجله، بل ربما تشكك في جدواه. وهذا ما أقرت به وزيرة المالية الهندية، نيرمالا سيتارامن، حين قالت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023: إن “الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس تثير القلق فيما يخص الممر التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا”.
وبحسب موقع “أيراس” الهندي، فقد “أثارت حرب غزة مخاوف بشأن أمن مسارات عبور هذا الممر، وانخفضت ثقة الشركات والمستثمرين في جدوى هذا المشروع، وكذلك العقبات السابقة التي رافقت الإعلان عنه؛ كمعارضة دول مختلفة مثل إيران ومصر وتركيا للمشروع منذ البداية”.[90]
ووفقا لباحثين في معهد المبادرات البحثية العالمية، فقد تؤدي الحرب الأخيرة إلى تأخير أو توقف تنفيذ الممر الاقتصادي، حيث لا يمكن تجاهل الآثار طويلة المدى على جميع أنحاء الشرق الأوسط للحرب.
وبالتالي، قد تكون الولايات المتحدة مدفوعة -في جزء من قرارها ببناء الميناء- برغبتها في إيجاد حالة من الاستقرار الذي سيمكنها -مع حلفائها في المنطقة- من المضي قُدما في هذا المشروع، الذي تعطله الحرب في غزة. ولذلك، اعتبر رئيس الاستخبارات العسكرية التركية السابق، إسماعيل حقي بكين، أن مشروع الميناء هو خطوة ضد مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.[91]
ورغم أن عدد الجنود الأمريكيين الذين من المفترض أن يتواجدوا في الميناء يبدو غير كاف لتحقيق هذا الاستقرار، إلا أن الميناء قد يشهد توسعات مستقبلا سواء من حيث الحجم والتواجد العسكري حسب التطورات.
- تشجيع هجرة سكان القطاع
مع تعنت دولة الاحتلال الإسرائيلي في فتح المعابر البرية لإدخال المساعدات، وفي المقابل موافقتها على الممر البحري، أصدرت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية بيانا اتهمت فيه “إسرائيل” بأنها تسعى لتهجير الشعب الفلسطيني. وجاء في البيان أن “تركيز إسرائيل على إعطاء الموافقات على فتح ممرات بحرية ومنع مرور المساعدات بريا عن طريق المعابر، هدفه تطبيق خطة حكومة الاحتلال بتكريس الاحتلال والفصل بين الضفة والقطاع وتهجير أبناء شعبنا”.[92]
ورغم أن الولايات المتحدة تكرر رفضها للتهجير، إلا أن هذا الرفض يأتي في سياق طمأنة مصر والأردن على أن مخطط تهجير أهل غزة إلى أراضيهم لن يتم، لكن الرفض الأمريكي ليس موجها لمخطط التهجير بالكلية. وبالتالي، فلا يوجد مانع لدى الإدارة الأمريكية من العمل على تخفيف الكثافة السكانية في غزة عبر تهجير بعض سكانه عن طريق البحر.
ومما يعضد هذا المنحى، غموض موقف بايدن من فكرة تهجير سكان غزة لسيناء في بداية الحرب. ففي 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أرسل بايدن مذكرة إلى النائب الجمهوري باتريك ماكهنري، الرئيس المؤقت آنذاك لمجلس النواب، باعتماد 106 مليارات دولار للتعامل مع أزمتي أوكرانيا وغزة. وجاء في نص المذكرة، التي تقع في 69 صفحة، أن من شأن هذه الموارد أن “تدعم المدنيين النازحين والمتضررين من النزاع، بمن فيهم اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وأن تلبي الاحتياجات المحتملة لسكان غزة الفارين إلى البلدان المجاورة”.[93]
كما قاد النواب دان جولدمان (ديمقراطي من نيويورك)، وبليك مور (جمهوري من يوتا)، وروبرت أديرهولت (جمهوري من آلاباما)، وبراد شنايدر (ديمقراطي من إلينوي)، 103 مشرعين آخرين، بعثوا برسالة إلى معتز زهران، السفير المصري لدى الولايات المتحدة، يحثون فيها القاهرة على إنشاء مناطق آمنة للمدنيين في سيناء، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية عبر مصر.[94]
وبالتالي، فالولايات المتحدة ليست لديها مشكلة مبدئية مع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وقد كان من اللافت مؤخرا دعوة صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ومستشار السياسة الخارجية السابق جاريد كوشنر إسرائيل إلى إفراغ قطاع غزة من سكانه بغرض “تطهير المنطقة”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن عقارات غزة ذات الواجهة البحرية قد تكون ذات قيمة عالية. والجدير بالذكر أن هناك احتمالية جدية لأن يعود ترامب للبيت الأبيض مطلع العام القادم.[95]
هذا الانفتاح -وربما الدعم- الأمريكي لتهجير سكان غزة، يتلاقى مع الرغبة والتخطيط الإسرائيلي لذلك. فلا يخفى منذ بداية الحرب السعي الإسرائيلي لتنفيذ مخطط التهجير، لحل الأزمة الديموغرافية التي تتزايد بمرور الوقت.
فوفقا لمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، فإن عدد الفلسطينيين سيصل إلى ما لا يقل عن 10 ملايين بالضفة وغزة عام 2050 – فيما سيكون هناك 10.6 مليون يهودي في إسرائيل و3.2 مليون عربي بالعام ذاته. واستنادا إلى هذه المعطيات فإن عدد الفلسطينيين في المنطقة ما بين البحر والنهر سيصل في العام 2050 إلى أكثر من 13 مليون، في مقابل نحو 10.6 مليون يهودي.[96]
وفي أغسطس/آب 2022، نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تقريرا وصفت فيه الزيادة السكانية الفلسطينية بـ”شيطان الديموغرافيا” الذي يهدد إسرائيل. وقالت إن “في الوقت الذي تغفون فيه، قد يتحول اليهود إلى أقلية في إسرائيل”.
بل ذهبت جامعة “رايخمان” العبرية إلى وصف ذلك التغير الديموغرافي بـ”الانقلاب”. وأشارت في ورقة بحثية أن الفلسطينيين سيحققون أغلبية كاسحة في المستقبل، بسبب ارتفاع معدلات الولادة لديهم (27.7) لكل ألف شخص مقارنة بـ (19.3) في إسرائيل، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة. هذا فضلا عن ارتفاع نسبة الوفيات لدى الإسرائيليين، 5.3 لكل ألف مقارنة بـ3.4 لكل ألف لدى الفلسطينيين؛ بسبب كبر متوسط عمر السكان في “إسرائيل”. وبناء على هذه الإحصائيات، رأت الورقة البحثية أن “تلك المعادلة تؤشر أن إسرائيل تتجه نحو واقع قد يقوض مشروعها والمشروع الصهيوني برمته”.[97]
وقد تحدث العديد من المسؤولين الإسرائيليين خلال الحرب الجارية عن تهجير أو ما أطلقوا عليه “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين من قطاع غزة، غير أن هذه ليست تصريحات فردية بل سياسة حكومية، كما أنها ليست جديدة. ففي أغسطس/آب 2019، نقلت هيئة البث الإسرائيلي، عمن وصفته بمصدر سياسي كبير في حاشية نتنياهو، أن إسرائيل سعت لتهجير سكان قطاع غزة من خلال فتح باب الهجرة الطوعية لهم.
وأضاف المصدر أن إسرائيل اقترحت على عدة دول استيعاب فلسطينيين يرغبون في الهجرة طوعا من غزة دون رجعة، لكن هذه المحاولات “لم تنجح”. وأشار إلى أن إسرائيل مستعدة لتمويل رحلات الهجرة على أن تنطلق من مطارات سلاح الجو جنوب “إسرائيل”.[98]
ولذلك، فلا يُستبعد أن تحاول إسرائيل استغلال الميناء في غرض التهجير عن طريق البحر، بعيدا عن التهجير إلى مصر أو الأردن، الذي قد يخلق توترات تحاول واشنطن تجنبها. ومما يعضد هذا ما أفادت به تقارير صحفية، بأن نتنياهو أشار، في اجتماع خاص مع نواب في الكنيست، إلى أن الميناء المؤقت في غزة يمكن استخدامه لترحيل الفلسطينيين من القطاع. وأوردت هيئة البث العامة الإسرائيلية (مكان) أن نتنياهو قال، خلال الاجتماع، إنه “لا عائق” أمام مغادرة الفلسطينيين القطاع، إلا عدم وجود دول أخرى ترغب في استقبالهم.[99]
ولهذا، يحذر مراقبون من أنه “ليس من المستبعد أن يشهد ميناء غزة حركة نقل بالاتجاهين، نقل مواد غذائية وطبية للقطاع، ونقل الفلسطينيين من غزة ضمن مخطط التهجير الذي فشلت الحرب الإسرائيلية في تحقيقه”.[100] وأشاروا إلى أن إسرائيل تعمل على توفير الظروف لدفع أكثر من مليون فلسطيني لجأوا إلى جنوب القطاع، إلى الهجرة، بعد محاصرتهم بين القصف والتجويع، فلا يجدوا حينها من مفر سوى الميناء طلبا للنجاة، لاسيما مع التهديدات التي تطلقها قوات الاحتلال حول نيتهم باجتياح مدينة رفح، آخر ما تبقى من المناطق الآمنة في غزة.[101]
ويبدو أن مع وجود الميناء وبسط السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليه بالتوافق مع الولايات المتحدة، سوف تسعى “إسرائيل” للاتفاق مع دول أخرى لاستقبال أعداد من سكان غزة. وربما تضطلع الولايات المتحدة أيضا بهذا الدور، تحت عنوان “الهجرة الطوعية”.
مواقف حماس والدول العربية
- موقف حماس
لم تصدر حركة حماس بيانا تفصيليا حول الميناء والتزمت الصمت حياله، حتى إن موقع “العربي الجديد” ذكر في 8 مارس/آذار 2024، أن حركة حماس لم ترد على طلبات للتعليق على فكرة الميناء.[102]
لكن من التصريحات القليلة التي جاءت على لسان قادة الحركة حيال ذلك، تصريح للقيادي، محمد نزال، قال فيه إن المقترح “لا يزال غامضا ويثير الكثير من التساؤلات”.[103]
وربما يرجع ذلك إلى حساسية المشروع، فمن ناحية لا تريد حركة حماس أن تعلن رفضها لمشروع قد يساعد في تخفيف وطأة الحرب على أهل القطاع عبر رفدهم بالمساعدات الإغاثية. ومن ناحية أخرى، لا تريد الحركة أن تعلن دعمها لمشروع قد يساهم في تعزيز سلطة تابعة للاحتلال داخل غزة أو تهجير سكان القطاع أو استغلال الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة لمقدرات الشعب الفلسطيني من غاز غزة.
لكن بمرور الوقت، ربما تبلور الحركة موقفا وخطابا تجاه مشروع الميناء وفق تطوراته وطريقة تشغيله. كما قد يأتي موقفها مركّبا، بحيث تعلن دعمها لجانبه الإغاثي، في الوقت الذي تحذر فيه من استغلاله لمآرب أخرى، هذا مع التأكيد على ضرورة تفكيك الميناء فور انتهاء الحرب وانعدام الحاجة الإنسانية له.
- موقف النظام المصري
يُعد معبر رفح أحد أهم الأصول التي تمنح الدور المصري أهمية في سياق القضية الفلسطينية، باعتباره المعبر الوحيد الذي يجمع الأراضي الفلسطينية بدولة عربية. كما أنه أحد الأسباب الرئيسية لاهتمام الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتعزيز علاقاتها مع النظام المصري.
لكن الميناء المزمع إنشاؤه على شواطئ غزة سيسلب مصر جزءا كبيرا من هذه المزية التي تتمتع بها.
إذ أن هذا الميناء سيكون تحت إدارة أمريكية وإسرائيلية بشكل كامل، وستمر من خلاله المساعدات الإنسانية للقطاع، الأمر الذي يقلل من أهمية معبر رفح، خاصة في ظل التعنت الإسرائيلي تجاه إدخال المساعدات برا، وإحجام مصر عن اتخاذ ممارسة ضغوطات كبيرة تجاه إسرائيل في هذا السياق.
لهذا السبب، استقبل النظام المصري الإعلان الأمريكي عن الميناء بشكل سلبي، لكن لم يصدر بيانا رسميا بذلك، ربما منعا لإحداث مشكلات مع أي من الولايات المتحدة أو إسرائيل.
ونقلت هيئة البث العامة الإسرائيلية (مكان) أن مسؤولين مصريين أبلغوا تل أبيب بضرورة فتح موانئها لإدخال المساعدات لقطاع غزة. وفي حديث للهيئة، قال مسؤول مصري إن الممر المائي الذي خُطط لإنشائه يهدف إلى تلبية احتياجات وسائل الإعلام فقط وهدفه “الشو الإعلامي”، ولكن في الواقع لا يوجد بديل عن إدخال المساعدات عبر معبر رفح وأن إسرائيل هي المشكلة الرئيسية، وفق وصفه.[104]
وأضاف المسؤول المصري المشارك في المحادثات حول الممر البحري الإنساني بين قبرص وقطاع غزة: “إن القاهرة تخشى من أن يقل الممر من دور معبر رفح، وأن يأتي على حسابها”. وتساءل المصدر: “لماذا هناك حاجة لمثل هذا الميناء في غزة؟ لماذا لا يتم إدخال المساعدات إلى الموانئ الإسرائيلية ومن هناك إلى القطاع”.
كما قال التلفزيون الإسرائيلي إن “المصريين يخشون من توقف معبر رفح الذي يعد المعبر الرئيسي لمرور المساعدات الدولية”.[105]
تخوف النظام المصري من مشروع الميناء أكده العديد من المراقبين، الذين أشار بعضهم ضمنا إلى أن الميناء يعني “التخلي عن معبر رفح كمعبر أساسي”.[106] بينما أكد بعضهم صراحة أن “معبر رفح سيخرج عن الخدمة بالتأكيد؛ لأن إسرائيل لا تثق به، وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حركة حماس”.[107]
وهنا نحن إزاء وجهتي نظر، الأولى ترى أن “خطوة الميناء الأمريكي ستبدو كضغط على مصر عبر التقليل من أهمية معبر رفح”،[108] بينما الثانية ترى أن هناك رغبة إسرائيلية “في إعادة إغلاق معبر رفح تماما، لتكون تلك المساعدات التي تدخل عن طريق الرصيف البحري المؤقت هي كل ما يمكن لأهل غزة الحصول عليه”.[109]
لكن سواء كان ما يفكر به صانع القرار الإسرائيلي هذه أو تلك، فإن الميناء سيخصم من أهمية معبر رفح على أقل تقدير، وسيشكل تحديا بالنسبة للنظام المصري قد يتصاعد بمرور الوقت.
- موقف الإمارات
تلعب كل من السعودية والإمارات دورا رئيسيا في مخطط الميناء العائم، وكذلك في الخطط الأخرى لمستقبل غزة التي تُناقش على مستوى رسمي. وتتواصل الإمارات مع قبرص ودولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة بشكل علني بشأن بناء الميناء الأمريكي.
كما صرح السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، لوكالة “أسوشيتدبرس” الأمريكية أن الإمارات تمول عمليات نقل المساعدات عن طريق البحر وتعمل مباشرة مع الإسرائيليين لتجهيز الشحنات دون مشكلات.[110]
وفي هذا السياق، قال إيهود يعاري، وهو محلل إسرائيلي مطلع على المناقشات الخاصة بالميناء، إن “الإمارات تضغط لتوزيع المساعدات عن طريق البحر؛ إذ يبدو أن السعوديين والإماراتيين، رغم خلافاتهم، يرغبون في وجود ميناء في غزة بعد الحرب، لمنحهم إمكانية الوصول إلى البحر المتوسط”.[111]
الدور الإماراتي على وجه الخصوص يبدو أنه يتجاوز دور الممول، إلى الاشتراك مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في هدف تفكيك الأجهزة الحكومية في غزة والاستعاضة عنها بمؤسسات أو مجموعات تحظى برضا الاحتلال الإسرائيلي.
إذ ذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (مكان) أن إسرائيل “سمحت للإمارات بالبدء فورا” في نقل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عبر طريق قبرص البحري، قائلة إن “مهندس هذه العملية” هو القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، الذي يعمل أيضا مستشارا للرئيس الإماراتي، محمد بن زايد. لذلك، من الواضح أن دحلان -ومن خلفه الإمارات- يطمح لاستغلال الحرب لتعزيز نفوذه في غزة على حساب حركة حماس.
وهناك احتمالية لأن يتضمن الدور الإماراتي تأمين الميناء بالشراكة مع دول أخرى، إذ صرح كبير موظفي مجلس الأمن القومي الأميركي، كيرتس ريد، أن الولايات المتحدة تتحدث مع “عدد من الدول” عن احتمال الاضطلاع بدور الشريك الأمني داخل حدود المنطقة التي سيؤمنها الإسرائيليون.[112] وحيث إن الإمارات باتت أحد حلفاء إسرائيل في المنطقة، فمن المحتمل أن تكون إحدى الدول التي تحدث عنها المسؤول الأمريكي.
خاتمة
إجمالا، فإن الميناء الأمريكي في غزة لن يهمش سيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي على المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة المحاصر، بل على العكس قد يساعد دولة الاحتلال في تعزيز حصارها لقطاع غزة، بالنظر إلى أن المساعدات ستخضع لتفتيش إسرائيلي، وأن الميناء برمته قد يخضع لتأمين إسرائيلي إذا ما وافقت حكومة نتنياهو على الطلب الأمريكي بتأمين الميناء. ورغم أن جدوى الميناء تتجاوز جدوى إسقاط المساعدات جوا، غير أنه لا غنى عن فتح المعابر، وعلى رأسها معبر رفح.
وبخصوص الدوافع وراء إنشاء الميناء، فهناك عدة أهداف محتملة، أكثرها ترجيحا هو أنه أحد وسائل تقويض حكم حركة حماس في غزة وإنشاء واقعا جديدا تدير فيه شؤون القطاع إدارة تستمد نفوذها من الاحتلال الإسرائيلي، وهناك العديد من الإشارات على ذلك. كما أن الدافع الانتخابي موجود أيضا، خاصة بالنظر إلى ضعف موقف بايدن الانتخابي وانصراف مجموعات من المسلمين والعرب وأعضاء الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي عن دعمه؛ بسبب موقفه من الحرب.
وهناك دوافع أخرى ليست بعيدة عن توجهات صانع القرار الإسرائيلي أو الأمريكي، منها تسهيل هجرة بعض سكان غزة عبر البحر، واستغلال غاز غزة، وتأمين الممر الاقتصادي المزمع إنشاؤه. غير أن هذه الدوافع ربما ليست مباشرة كغيرها مما ذكرنا آنفا، وربما تحتاج لترتيبات أوسع على المدى المتوسط والبعيد، لكن من الصعب أن نستبعدها تماما، نظرا للإشارات الدالة عليها.
وفي حين تنخرط الإمارات بشكل كبير في مشروع الميناء بالتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل وقبرص الرومية، فإن مشروع الميناء يلقى معارضة مصرية؛ لما سيُفضي إليه من تهميش لمعبر رفح. وبهذا، يضاف الموقف الإماراتي من الميناء إلى مواقف أخرى تلعب فيها أبو ظبي أدورا تعارض المصالح القومية لمصر، والتي استعرضناها في ملف سابق.
المصادر
[1] Jc Reporter, US plan to build Gaza aid pier is ‘dream come true for Hamas’, says Israel, The Jewish Chronicle, March 22, 2024
[2] إلى أين يمكن أن تؤدي خطة بايدن لإنشاء ميناء مساعدات في غزة، العرب، 11 مارس/آذار 2024
[3] المصدر نفسه
[4] Elior Levy, Palestinians: Israel demands 15-year lull, Morsi guarantee, Ynetnews, November 19, 2012
[5] حرب غزة 2014.. تعادل بعد مواجهة غير متكافئة، الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، تاريخ الوصول: 20 مارس/آذار 2024
[6] Rasha Abou Jalal, Israelis split over floating harbor off Gaza, Al-Monitor, August 19, 2016
[7] Kelley Beaucar Vlahos, Alarming lack of detail in military’s Gaza aid project Alarming lack of detail in military’s Gaza aid project, Responsible Statecraft, March 17, 2024
[8] Alex Horton, How the U.S. military will use a floating pier to deliver Gaza aid, The Washington Post, March 8, 2024
[9] George Wright & Tom Bateman, US to set up temporary port on Gaza coast for aid delivery, BBC, March 8, 2024
[10] “الرصيف المؤقت” الأميركي.. ما فرص نجاحه في إيصال المساعدات إلى غزة؟، العربي، 13 مارس/آذار 2024
[11] أحمد كارتال، الاتحاد الأوروبي: سنرسل مساعدات إلى غزة بواسطة سفن صغيرة، وكالة الأناضول، 12 مارس/آذار 2024
[12] مكانه وآلية عمله.. تعرف على خطة واشنطن لإنشاء ميناء عائم قبالة غزة، الجزيرة نت، 11 مارس/آذار 2024
[13] أمين زرواطي، ما هو مشروع ميناء غزة الذي أعلن عنه بايدن وهل سيكون بديلا لمعبر رفح البري؟، فرانس 24، 11 مارس/آذار 2024
[14] Julian Borger, ‘Who is going to distribute it?’: the key flaw in US’s plan to build aid port in Gaza, The Guardian, March 8, 2024
[15] Julian Borger, Biden announces US will build pier on Gaza shore for large-scale aid delivery, The Guardian, March 8, 2024
[16] ليث الجنيدي، “نزع سيادة غزة ودعم الهجرة”.. أهداف خفية لميناء واشنطن البحري (خبير)، الأناضول، 8 مارس/آذار 2024
[17] توقعات بقرب تشغيل “ميناء” في غزة وخبير يحذر من “أهداف خفية”، الجزيرة نت، 8 مارس/آذار 2024
[18] “ميناء بايدن”.. إنقاذ غزة من المجاعة أم نزع “سيادتها” ودعم التهجير؟، العربي الجديد، 8 مارس/آذار 2024
[19] أمين زرواطي، ما هو مشروع ميناء غزة الذي أعلن عنه بايدن وهل سيكون بديلا لمعبر رفح البري؟، فرانس 24، 11 مارس/آذار 2024
[20] ميناء غزة المنتظر… أسئلة وشكوك، الشرق الأوسط، 10 مارس/آذار 2024
[21] صور من موقع بناء الميناء، منصة إيكاد، 16 مارس/آذار 2024
[22] Kelley Beaucar Vlahos, Alarming lack of detail in military’s Gaza aid project Alarming lack of detail in military’s Gaza aid project, Responsible Statecraft, March 17, 2024
[23] Washington aims to complete Gaza pier to enable maritime aid by May 1, says official, The Times of Israel, March 23, 2024
[24] Anne Flaherty and Nathan Luna, Families of US troops in shock as they deploy to Gaza coast to build emergency pier, ABC News, March 12, 2024
[25] Laura Silver, Becka a. Alper, Scott Keeter, Jordan Lippert and Besheer Mohamed, 2. Views of the U.S. role in the Israel-Hamas war, Pew Research Center, March 21, 2024
[26] Michael Drummond, Would a temporary dock help get aid into Gaza? Experts discuss how it could work, Sky News, March 8, 2024
[27] Kelley Beaucar Vlahos, Mission creep: Will pier become a beachhead for US in Gaza?, Responsible Statecraft, March 13, 2024
[28] المصدر نفسه
[29] “الرصيف المؤقت” الأميركي.. ما فرص نجاحه في إيصال المساعدات إلى غزة؟، العربي، 13 مارس/آذار 2024
[30] ماهر الشريف، أسئلة وتحفظات يثيرهما مشروع الميناء الأميركي العائم في غزة، حزب الشعب الفلسطيني، 13 مارس/آذار 2024
[31] ميناء غزة المنتظر… أسئلة وشكوك، الشرق الأوسط، 10 مارس/آذار 2024
[32] Peter Baker and Michael Crowley, Providing Both Bombs and Food, Biden Puts Himself in the Middle of Gaza’s War, The New York Times, March 8, 2024
[33] Julian Borger, Biden announces US will build pier on Gaza shore for large-scale aid delivery, The Guardian, March 8, 2024
[34] Will Joe Biden’s new plan bring relief to Gaza?, The Economist, March 8, 2024
[35] الحساب الرسمي للجنرال الأميركي المتقاعد مارك هيرتلينغ على موقع “إكس”، تغريدة عن الإنزال الجوي للمساعدات، 10 مارس/آذار 2024
[36] “الرصيف المؤقت” الأميركي.. ما فرص نجاحه في إيصال المساعدات إلى غزة؟، العربي، 13 مارس/آذار 2024
[37] George Wright & Tom Bateman, US to set up temporary port on Gaza coast for aid delivery, BBC, March 8, 2024
[38] Monika Pronczuk, Gaya Gupta and Michael Levenson, First Aid Ship Heads to Gaza, but Far More Is Needed, March 12, 2024
[39] UN: Opening maritime passage to Gaza insufficient to meet Gaza’s aid needs, Middle East Monitor, March 13, 2024
[40] Ramadan begins with no cease-fire; Netanyahu stands by plan to attack Rafah, The Washington Post, March 11, 2024
[41] Jacob Magid, US to build pier off Gaza coast that will enable maritime aid shipments — officials, March 7, 2024
[42] Menelaos Hadjicostis, A ship with Gaza aid is preparing to inaugurate a sea route from Cyprus to the war-ravaged strip, Associated Press, March 9, 2024
[43] Centcom deputy commander visited Israel for talks on construction of Gaza aid pier – report, The Times of Israel, 21 March 2024
[44] محمد المنشاوي، رصيف غزة العائم.. لماذا يُقدم بايدن على هذه الخطوة؟، الجزيرة نت، 10 مارس/آذار 2024
[45] “معاريف”: “ميناء بايدن” في غزة فكرة إسرائيلية تم طرحها في تل أبيب قبل شهرين، آر تي الروسية، 10 مارس/آذار 2024
[46] نايف زيداني، “يديعوت أحرونوت”: نتنياهو صاحب فكرة إقامة الميناء البحري المؤقت في غزة، العربي الجديد، 11 مارس/آذار 2024
[47] Tovah Lazaroff, Diplomatic source to ‘Post’: Gaza maritime route was Netanyahu’s idea – exclusive, The Jerusalem Post, March 10, 2024
[48] محمد وتد، خبراء: ميناء غزة العائم تكريس لأهداف الاحتلال وموطئ قدم للجيش الأميركي، الجزيرة نت، 14 مارس/آذار 2024
[49] Jacob Magid, Biden says Israel will secure new Gaza pier; Pentagon: It may take 2 months to build, The Times of Israel, March 9, 2024
[50] Will Joe Biden’s new plan bring relief to Gaza?, The Economist, March 8, 2024
[51] الحرة، ميناء غزة المؤقت.. “اختبار” للغرب وتساؤلات بشأن التأمين بـ”قوات على الأرض”، 9 مارس/آذار 2024
[52] Alexander Ward and Matt Berg, Offload, secure, distribute, Politico, March 7, 2024
[53] Kelley Beaucar Vlahos, Alarming lack of detail in military’s Gaza aid project, Responsible Statecraft, March 17, 2024
[54] Tovah Lazaroff, Diplomatic source to ‘Post’: Gaza maritime route was Netanyahu’s idea – exclusive, The Jerusalem Post, March 10, 2024
[55] “هل خطة جو بايدن الجديدة ستجلب الراحة لغزة؟” – الإيكونوميست، بي بي سي عربي، 9 مارس/ آذار 2024
[56] الحساب الرسمي للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليئور حياة، تغريدة حول الممر المائي، 8 مارس/آذار 2024
[57] Kelley Beaucar Vlahos, SOTU: Biden’s Gaza aid plan gets mid-to-tepid applause, Responsible Statecraft, March 8, 2024
[58] Ibrahim Hooper, CAIR Exit Poll Finds 94% of Michigan Muslims Voted ‘Uncommitted’ in Dem Primary, Council on American-Islamic Relations, February 28, 2024
[59] Ibrahim Hooper, CAIR Super Tuesday Poll Shows 37% of Muslim Voters Favor Third-Party or Other Candidates Over Biden and Trump in Hypothetical Snap Election, Council on American-Islamic Relations, March 6, 2024
[60] في ظل القتل والتجويع.. “ميناء بايدن” في غزة يثير مخاوف من تهجير الغزاويين، آر تي الروسية، 9 مارس/آذار 2024
[61] محمد المنشاوي، رصيف غزة العائم.. لماذا يُقدم بايدن على هذه الخطوة؟، الجزيرة نت، 10 مارس/آذار 2024
[62] Israel’s Netanyahu says he told Blinken we will go into Rafah alone if needed, Reuters, March 22, 2024
[63] توقعات بقرب تشغيل “ميناء” في غزة وخبير يحذر من “أهداف خفية”، الجزيرة نت، 8 مارس/آذار 2024
[64] ماهر الشريف، أسئلة وتحفظات يثيرهما مشروع الميناء الأميركي العائم في غزة، حزب الشعب الفلسطيني، 13 مارس/آذار 2024
[65] Yasmeen Abutaleb, Biden says Israel’s military conduct in Gaza has been ‘over the top’, The Washington Post, February 8, 2024
[66] Kelley Beaucar Vlahos, SOTU: Biden’s Gaza aid plan gets mid-to-tepid applause, Responsible Statecraft, March 8, 2024
[67] Gaza: Airdrops and sea routes are no alternative to aid delivery by land, HI Institute on Humanitarian Action, March 13, 2024
[68] Zvi Bar’el, U.S.-built Port Could Turn Israel Into a Gaza Policing Force, Haaretz, March 11, 2024
[69] Defense Minister Galant in front of the shores of Gaza: “The maritime aid route will advance the collapse of Hamas rule, GLZRadio, March 10, 2024
[70] “ميناء مؤقت” على ساحل غزة لإيصال المساعدات.. تفاصيل الخطة الأميركية، الحرة، 7 مارس/آذار 2024
[71] Alexander Ward and Matt Berg, Offload, secure, distribute, Politico, March 7, 2024
[72] Jacob Magid, US to build pier off Gaza coast that will enable maritime aid shipments — officials, The Times of Israel, The Times of Israel, March 7, 2024
[73] Louis Imbert, Israel wants to control what little food enters Gaza, Le Monde, March 14, 2024
[74] المصدر نفسه
[75] Aaron Boxerman and Victoria Kim, As U.S. Rushes to Build Gaza Port, Major Challenges Loom, The New York Times, March 9, 2024
[76] محمد شحادة، كيف يغيّر “ميناء بايدن” حلما فلسطينيا عمره 2000 سنة؟، منصة “بلينكس”، 12 مارس/آذار 2024
[77] ماهر الشريف، أسئلة وتحفظات يثيرهما مشروع الميناء الأميركي العائم في غزة، حزب الشعب الفلسطيني، 13 مارس/آذار 2024
[78] محمود العدم، الميناء الأميركي بغزة.. حين يرسم الجوع خرائط الحرب والسياسة، الجزيرة نت، 9 مارس/آذار 2024
[79] ميناء غزة المنتظر… أسئلة وشكوك، الشرق الأوسط، 10 مارس/آذار 2024
[80] Summer Said, Dov Lieber, and Benoit Faucon, Israelis Craft Secret Plan to Put Anti-Hamas Palestinians in Charge of Gaza Aid, The Wall Street Journal, March 21, 2024
[81] محمد وتد، خبراء: ميناء غزة العائم تكريس لأهداف الاحتلال وموطئ قدم للجيش الأميركي، الجزيرة نت، 14 مارس/آذار 2024
[82] توطئه جدید غربی-عبری در نوار غزه، موقع “جامعه خبری تحلیلی الف” الناطق بالفارسية، 12 مارس/آذار 2024
[83] Barak Ravid, Biden to announce “emergency mission” to build port in Gaza for aid shipments, Axios, March 7, 2024
[84] محمد وتد، خبراء: ميناء غزة العائم تكريس لأهداف الاحتلال وموطئ قدم للجيش الأميركي، الجزيرة نت، 14 مارس/آذار 2024
[85] أمين زرواطي، ما هو مشروع ميناء غزة الذي أعلن عنه بايدن وهل سيكون بديلا لمعبر رفح البري؟، فرانس 24، 11 مارس/آذار 2024
[86] Pinhas Inbari, The U.S. Plans a Port for Gaza to Provide Humanitarian Aid, Jerusalem Center For Public Affairs, March 18, 2024
[87] حساب الصحفي التركي “محمد مصيلحان” على منصة إكس، تغريدة حول تأثير الميناء الأمريكي على تركيا، 24 مارس/آذار 2024
[88] علي سيمين، زاهر سوفوغلو، حرب غزة سيكون لها عواقب على مستقبل الغاز بشرق المتوسط (مقال تحليلي)، وكالة الأناضول، 25 ديسمبر/كانون الأول 2023
[89] Tara Alami, Gas, Gaza, and Western imperialism, Mondoweiss, December 20, 2023
[90] طه العاني، هل تزيد حرب غزة من تحديات مشروع “الممر الاقتصادي”؟، الخليج أونلاين، 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[91] حساب الصحفي التركي “محمد مصيلحان” على منصة إكس، تغريدة حول تأثير الميناء الأمريكي على تركيا، 24 مارس/آذار 2024
[92] “الخارجية” تطالب بفتح جميع المعابر لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وكالة وفا، 6 مارس/آذار 2024
[93] محمد المنشاوي، ماذا وراء غموض موقف بايدن من فكرة تهجير سكان غزة لسيناء؟، الجزيرة نت، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[94] المصدر نفسه
[95] Looking for Sazan / Jared Kushner eyeing GAZA waterfront properties as well, suggests Israel “cleanse” the area, Vox News, March 20, 2024
[96] “فلسطين التاريخية”.. التزايد السكاني للعرب يفزع إسرائيل (تقرير)، الأناضول، 27 ديسمبر/كانون الأول 2021
[97] هاجس أمني وسياسي.. لماذا تمثل الديموغرافيا الفلسطينية تهديدا للمشروع الصهيوني؟، صحيفة الاستقلال، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[98] مصطفى حبوش، لماذا تسعى إسرائيل لتشجيع هجرة سكان قطاع غزة؟ (تقرير)، وكالة الأناضول، 22 أغسطس/آب 2019
[99] نتنياهو لديه خطط سرية لتهجير الفلسطينيين من غزة، جريدة القبس، 22 مارس/آذار 2024
[100] محمد وتد، خبراء: ميناء غزة العائم تكريس لأهداف الاحتلال وموطئ قدم للجيش الأميركي، الجزيرة نت، 14 مارس/آذار 2024
[101] “ميناء بايدن”.. لن يكون ممراً لتهجير أهل غزة، قناة العالم، 9 مارس/آذار 2024
[102] “ميناء بايدن”.. إنقاذ غزة من المجاعة أم نزع “سيادتها” ودعم التهجير؟، العربي الجديد، 8 مارس/آذار 2024
[103] محمود العدم، الميناء الأميركي بغزة.. حين يرسم الجوع خرائط الحرب والسياسة، الجزيرة نت، 9 مارس/آذار 2024
[104] الإعلام العبري: مصر تطالب إسرائيل بفتح موانئها لإدخال المساعدات لغزة، آر تي الروسية، 14 مارس/آذار 2024
[105] المصدر نفسه
[106] أمين زرواطي، ما هو مشروع ميناء غزة الذي أعلن عنه بايدن وهل سيكون بديلا لمعبر رفح البري؟، فرانس 24، 11 مارس/آذار 2024
[107] ليث الجنيدي، “نزع سيادة غزة ودعم الهجرة”.. أهداف خفية لميناء واشنطن البحري (خبير)، الأناضول، 8 مارس/آذار 2024
[108] محمود العدم، الميناء الأميركي بغزة.. حين يرسم الجوع خرائط الحرب والسياسة، الجزيرة نت، 9 مارس/آذار 2024
[109] ميناء غزة المنتظر… أسئلة وشكوك، الشرق الأوسط، 10 مارس/آذار 2024
[110] Lolita C. Baldor and Tara Copp, How the US military is scrambling to build a floating dock for urgently needed aid to Gaza, Associated Press, March 9, 2024
[111] Oscar Rickett, ‘US weakness on steroids’: Biden’s Gaza port plan fails to impress, Middle East Eye, March 8, 2024
[112] وفاء جباعي، سفينة أميركية تنقل معدات الميناء المؤقت إلى غزة.. ومسؤول يكشف موعد تشغيله، الحرة، 21 مارس/آذار 2024