المحتويات |
---|
أولًا: مواقف الولايات المتحدة |
رد الفعل الأمريكي على “طوفان الأقصى” |
شواهد تراجع الموقف الأمريكي |
دوافع تراجع الموقف الأمر يكي |
مدى الخلاف الأمريكي-الإسرائيلي |
خيارات محدودة |
ثانيًا: مواقف الدول الأوروبية |
خلاف مبكر داخل الاتحاد |
نطاق الخلاف |
ميل متصاعد للسردية الفلسطينية |
أسباب تغير المواقف الأوروبية |
مــــــــــقـــدمـــــــــــــة
منذ إطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية “طوفان الأقصى”، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصدر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المُحاصَر الرأي العام العالمي، وفرضت القضية الفلسطينية نفسها على الأجندة الدولية.
في هذا السياق، جاء الموقف الأمريكي والأوروبي منددًا بـ”طوفان الأقصى”، ومدافعًا عن حق دولة الاحتلال الإسرائيلي في “الدفاع عن نفسها”، وإنهاء تهديد حماس للكيان الإسرائيلي. لكن بعد نحو شهرين من انطلاق العملية وما تبعه من عدوان إسرائيلي على القطاع، طرأت تغيرات على موقف الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الكبرى.
ونحاول في هذه الورقة رصد مدى تغير المواقف الأمريكية والأوروبية حيال التطورات في غزة، والعوامل التي دفعت لهذا التغير، ومآلاته على مجريات المعركة الحالية.
أولًا: مواقف الولايات المتحدة
رد الفعل الأمريكي على “طوفان الأقصى”
جاء رد الفعل الأمريكي على عملية “طوفان الأقصى” مصطفًا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، ومن كل المؤسسات العليا في الدولة تقريبًا. وزار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، دولة الاحتلال أثناء الحرب، في سابقة لم يفعلها رئيس أمريكي، حتى في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.[1]
وكان للولايات المتحدة هدفان رئيسيان. الأول هو تمكين “إسرائيل” من استعادة الردع، بعد أن اهتزت معادلة الردع بعملية السابع من أكتوبر، التي تعد سابقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، وسابقة أيضًا في تاريخ دولة الاحتلال من حيث حجم الخسائر التي مُنيت بها في يوم واحد. وعلى هذا، جاء إرسال الولايات المتحدة لـ 2000 جندي إلى “إسرائيل”، وتحريك حاملتي طائرات إلى شرق البحر المتوسط، منها حاملة الطائرات “فورد”، أحدث حاملة طائرات في الولايات المتحدة والأكبر في العالم، والتي تستوعب ما يزيد على 5 آلاف شخص.[2]
كما عملت الولايات المتحدة على أن تمتلك “إسرائيل” أنواع الأسلحة التي تحتاجها في عمليتها ضد قطاع غزة، إذ ذكر موقع “ذا انترسبت” الأميركي أن البيت الأبيض تحرك لإزالة القيود المفروضة على جميع فئات الأسلحة والذخائر التي يُسمح لـ”إسرائيل” بالوصول إليها من مخزونات الأسلحة الأميركية المخزنة في “إسرائيل” نفسها.[3]
وبحسب، موقع “أكسيوس” الأمريكي، فإن الولايات المتحدة زودت دولة الاحتلال الإسرائيلي بما لا يقل عن 16 نوعًا من الأسلحة، خلال هذا العام، بما في ذلك الصواريخ والطائرات.[4] كما أوضحت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية أنّ وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) زادت مساعداتها العسكرية لـ”إسرائيل”، خاصة الصواريخ الموجهة بالليزر لأسطول طائرات أباتشي الحربية، وقذائف 155 ملم، وأجهزة رؤية ليلية، وذخائر خارقة للتحصينات، ومركبات عسكرية جديدة.[5]
بل ذهبت الولايات المتحدة إلى الضغط على بعض الدول العربية لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة “بشكل مؤقت”،[6] وهذا من شأنه أن يحقق عدة أهداف لإسرائيل وحليفها الأمريكي. إذ أن تفريغ القطاع من سكانه أو تقليل عددهم سيسهل الحرب الإسرائيلية عملياتيًا، وبالتالي ستقل مدة الحرب، ويقل عدد الضحايا المدنيين، الأمر الذي سيخفف الضغط على كليهما في نهاية المطاف. هذا فضلًا عن أن تهجير سكان غزة يمكّن “إسرائيل” من تقليل أعداد مجمل الفلسطينيين الموجودين على أرض فلسطين التاريخية، ما يعد حلًا لديها لمشكلتها الديموغرافية.
أما الهدف الثاني الذي سعت إليه واشنطن فهو منع أي قوة سياسية أو عسكرية من عرقلة العمليات الإسرائيلية. ففي مجلس الأمن الدولي، استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد مشروعي قرار روسي وبرازيلي يطالبان بوقف إطلاق النار.[7] كما صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضد مشروع قرار تقدمت به المجموعة العربية، يدعو إلى “وقف فوري لإطلاق النار” ودخول مساعدات إنسانية من دون معوقات، ويحضّّ “كل الأطراف على حماية المدنيين”.[8]
ومن ناحية أخرى، كررت الولايات المتحدة تهديدها لإيران وأذرعها، خاصة حزب الله اللبناني، من التدخل في الحرب، خشية توسعها لحرب إقليمية، وتوعدت واشنطن بالتدخل عسكريًا إذا استهدفت إيران إسرائيل، كما أن تحريك حاملتي الطائرات إلى شرق المتوسط جاء لمنع إيران وأذرعها من الانخراط في الحرب، كما ألمح إلى ذلك وزير الخارجية الأمريكي.[9]
هذه التحركات الأمريكية متعددة الاتجاهات هدفت إلى تمكين “إسرائيل” من استعادة الردع، وهو هدف ضروري لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي القائم على الاستيطان بشكل أساسي. كما هدفت واشنطن إلى تقديم الغطاء السياسي لهذه الحرب في مجلس الأمن، وإلى منع تحولها لحرب إقليمية، لا ترغب فيها في الوقت الراهن.
شواهد تراجع الموقف الأمريكي
هذا الموقف الأمريكي الذي وُصف بـ”المتطرف”[10] في حجم دعمه لإسرائيل، شهد تحولًا -بشكل أو بآخر- في الأيام الأخيرة. ويمكن ملاحظة ذلك في عدة نقاط:
– السعي لوجود هدنات إنسانية: سعت الإدارة الأمريكية إلى التوصل لهدنة مؤقتة للحرب، تصل خلالها المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ثم عملت على تمديد هذه الهدنة. حيث أشار وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى أن الإدارة الأمريكية تريد استمرار الهدنة؛ لأنها أتاحت إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، واستمرارها يعني إطلاق سراح المزيد،[11] هذا بجانب دخول المساعدات للقطاع. وفي هذا السياق، جاء اجتماع رؤساء أجهزة المخابرات الأميركية والمصرية والإسرائيلية في الدوحة.[12]
– تراجع الحديث عن التهجير: تراجعت إدارة بايدن عن حديثها حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بل وأصدرت تصريحات في الاتجاه المعاكس. حيث أبدى عدد من المسؤولين الأمريكيين رفضهم للتهجير القسري للمدنيين من غزة.[13] وأشارت تقارير أمريكية إلى أن إدارة بايدن أبلغت إسرائيل بأنه يجب عليها العمل على تجنب المزيد من التهجير الكبير للمدنيين الفلسطينيين، وتجنب الهجوم على البنية التحتية كمحطات الكهرباء، والمياه، والمستشفيات في جنوب ووسط غزة.[14]
– تراجع في لهجة الخطاب: لوحظ خلال الأيام القليلة الماضية تغير في لهجة الخطاب الأمريكي، الذي كان يركز أكثر على دعم الحرب وترديد السردية الإسرائيلية. فمؤخرًا، صرح بايدن أن “استمرار الحرب يعطي حماس ما تريد ولا يجب فعل ذلك”، مدعيًا أن هجوم حماس كان هجومًا إرهابيًا وأن ما تسعى إليه هو استمرار العنف والقتل، وأن ما تخشاه حماس هو العيش في سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.[15] كما قال في مناسبة أخرى إن الدعوات لفرض شروط على المساعدات المقدمة لإسرائيل بأنها “فكرة جديرة بالاهتمام”، رغم اعتقاده أنه إن “طبق هذا من البداية، لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم”، في إشارة إلى أن الهدنة الإنسانية جاءت تحت الضغط العسكري الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا.[16]
كذلك نقلت عدة مصادر أمريكية تصريحات لـ”مسؤول أمريكي بارز”، قال فيها إن “الجيش الأمريكي سيسير 3 رحلات إغاثة جوية إلى شمال سيناء تخصص لغزة”، وإن “المساعدات والوقود التي يتم توفيرها لغزة لا ترتبط بإطلاق سراح الرهائن”. وأشار المسؤول الأمريكي أن ما يدخل غزة من مساعدات “ليس كافيًا لحياة طبيعية في غزة”.[17]
– شروط على مد العملية العسكرية جنوب غزة: تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا على إسرائيل كي “تكون الحملة في جنوب غزة مختلفة عما جرى في الشمال”. إذ تردد ذلك على لسان مسؤولين أمريكيين ومنهم منسق اتصالات البيت الأبيض، جون كيربي، أن واشنطن “لا تدعم إسرائيل في شنها عمليات في جنوب غزة، في غياب خطة متماسكة لحماية المدنيين”.[18]
– قرار ضد المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين: أوعز الرئيس بايدن، بإعداد قيود على التأشيرات وفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية. إذ ذكرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية أن بايدن كلف بلينكن، ووزيرة الخزانة جانيت يلين “بتجهيز قيود في مجال التأشيرات وكذلك عقوبات ضد المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين الذين يهاجمون الفلسطينيين ويطردونهم في الضفة الغربية”.[19]
دوافع تراجع الموقف الأمريكي
هناك عدة عوامل تضافرت لتدفع الولايات المتحدة إلى هذا التغير الجزئي في موقفها من الحرب على غزة. من هذه المواقف ما يرتبط بالاستراتيجية الأمريكية للسياسة الخارجية بشكل عام، ومنها ما يخص الداخل الأمريكي وحسابات الحزب الديمقراطي. ويمكن حصر هذه الأسباب في الآتي:
– الأولويات الاستراتيجية لأمريكا: ليس لدى واشنطن استعداد في الوقت الراهن لخوض صراع طويل في الشرق الأوسط ولا الانشغال به، إذ ترغب في التوصل لحل سريع للأزمة، وذلك لأن تركيزها الاستراتيجي منصب في الأساس على منطقة شرق آسيا.
ففي عام 2011، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، استراتيجيتها المسماة “التوجه نحو آسيا” (Pivot to East Asia)، لهدف رئيسي وهو احتواء الصعود الصيني. وذلك لإدراك واشنطن أن الصعود الاقتصادي الصيني -الذي باتت بكين تترجمه إلى قوة عسكرية- يمثل خطرًا على النفوذ الأمريكي في شرق آسيا.
وذكرت الإدارة الأمريكية حينها أن أهدافها من هذه السياسة هو “تعزيز التحالفات الأمنية الثنائية، وتعميق العلاقات مع القوى الصاعدة، بما في ذلك الصين، والتعامل مع المؤسسات الإقليمية المتعددة الأطراف، وتوسيع التجارة والاستثمار، وإقامة وجود عسكري واسع النطاق، وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان”.[20]
واستمرت هذه السياسة في عهد الرئيس دونالد ترامب، ثم خلفه جو بايدن، حيث نصت استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام 2022، على أن “الصين هي المنافس الوحيد الذي تجتمع لديه النية لإعادة تشكيل النظام الدولي، مع القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية المتزايدة للقيام بذلك”.
وعلى هذا، كان الملف الرئيسي الذي تركز عليه واشنطن قبل تاريخ 7 أكتوبر، هو حربها الاقتصادية مع الصين؛ بهدف منعها من حيازة التكنولوجيا التي تمكنها من إنتاج أشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، وغيرها من مجالات التكنولوجيا الفائقة.
وبموازاة ذلك، عملت الولايات المتحدة على ما سُمي بـ”اتفاقات أبراهام”، حيث سعى ترامب ومن بعده بايدن إلى تطبيع علاقات دولة الاحتلال الإسرائيلي مع المحيط العربي والإسلامي. وكان آخر ذلك جهود الإدارة الأمريكية الحالية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية. ولذلك ادعى مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قبل انطلاق “طوفان الأقصى” بأيام، أن نهج الإدارة “المنضبط” تجاه الشرق الأوسط من شأنه أن “يوفر الموارد لأولويات عالمية أخرى، ويقلل من خطر نشوب صراعات جديدة في الشرق الأوسط”.[21]
لكن “طوفان الأقصى” جاءت في اتجاه معاكس للرغبة الأمريكية، ولذلك لا تريد الولايات المتحدة أن تتورط في المنطقة في الوقت الراهن، لأن ذلك يخالف استراتيجيتها الكبرى في احتواء الصين. وبالتالي فإن احتواء الحرب الجارية جغرافيًا بحيث تكون محصورة في غزة، وزمانيًا بحيث لا تكون صراعًا ممتدًا هو أحد الأهداف الأمريكية.
– صعوبة القضاء على المقاومة: تدلل مجريات الحرب في الميدان على أن هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حركة حماس سيأخذ وقتًا طويًلا. فرغم استمرار الحرب لنحو شهر ونصف، لم تستطع دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد السيطرة على شمال قطاع غزة. ورغم محاولاتها فصل شمال القطاع، ثم التوجه نحو الجنوب، لا تزال المعارك تدور في الشمال، هذا فضلًا عن أن مد الحرب للجنوب سيأتي مصحوبًا بتحديات ميدانية أكبر، نظرًا لوجود أعداد أكبر من المدنيين النازحين. وعلى هذا، فإن عدم تحقيق إسرائيل لإنجاز عسكري حاسم خلال هذه الفترة ينذر بطول الحرب، الأمر الذي لا ترغب فيه واشنطن.
– ضغط داخل الكونغرس: سبب آخر لتغير الموقف الأمريكي هو وجود ضغط من قِبل بعض أعضاء الكونغرس الوازنين، الذين يرفضون الدعم الأمريكي المفتوح لإسرائيل. وظهر ذلك في دعوة السيناتور الديمقراطي، كريس ميرفي، إلى ربط المساعدات الأمريكية القادمة لإسرائيل بامتثالها للقانون الإنساني الدولي.[22] كما ظهر أيضًا في مطالبة السيناتور بيرني ساندرز، بوضع حد لـ”نهج الشيكات على بياض” لتمويل أمن إسرائيل، حيث أوضح أن هذا الدعم يجب أن يكون مشروطًا بوقف القصف وعنف المستوطنين في الضفة الغربية، والالتزام بعدم احتلال إسرائيل لقطاع غزة.[23]
– ضغوط داخل مؤسسات الدولة: ظهرت خلافات داخل المؤسسات الأمريكية إزاء الموقف الأمريكي الأوَّلي من الحرب، حيث نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية أن نائبة مدير وكالة المخابرات المركزية للتحليل، أبدت تعاطفها مع الفلسطينيين، عبر تغيير صورة غلاف حسابها على موقع “فيسبوك” إلى صورة رجل يلوح بالعلم الفلسطيني. واعتبرت الصحيفة أن نشر صورة سياسية علنية على منصة عامة تعد خطوة غير عادية للغاية بالنسبة لمسؤول استخباراتي كبير.[24]
وكرد على ذلك، نشرت وكالة المخابرات المركزية بيانًا، قالت فيه: “إن ضباط وكالة المخابرات المركزية ملتزمون بالموضوعية التحليلية، التي هي جوهر ما نقوم به كوكالة. وقد يكون لدى ضباط وكالة المخابرات المركزية وجهات نظر شخصية، ولكن هذا لا يقلل من التزامهم –أو التزام وكالة المخابرات المركزية– بالتحليل غير المتحيز”.[25]
لكن أشفعت الاستخبارات الأمريكية هذا البيان برسالة بريدية إلى الموظفين العاملين في الوكالة، تذكّرهم فيها بـ”سياسة الوكالة الحالية”. وفي رسالتها هذه، حذرت موظفيها من مشاركة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل رسائل سياسية.[26]
هذه الآراء المعارِضة امتدت إلى مؤسسات أخرى، كوزارة الخارجية الأمريكية. فقد كشفت شبكة “سي إن إن” أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اعترف في رسالة إلكترونية إلى الموظفين، بوجود خلافات داخل وزارته بشأن مقاربتها من الحرب.[27]
وربما كانت الإشارة الأبرز على هذه الخلافات هي تقديم مدير مكتب شؤون الكونغرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بالخارجية الأميركية، جوش بول، لاستقالته. وأرجع المسؤول الأمريكي، الذي ظل في منصبه 11 عامًا، قراره إلى أنه “لا يستطيع دعم المزيد من المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل”، واصفًا موقف واشنطن بأنه “رد فعل اندفاعي” قائم على “الإفلاس الفكري”.[28]
أضف إلى ذلك توقيع أكثر من 100 موظف في وزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وثيقة تطالب بإعادة تقييم الموقف الأمريكي من الحرب ووقف إطلاق النار في غزة، وفق ما نشره موقع “أكسيوس” في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.[29]
وأيضًا أورد موقع “HuffPost” الأمريكي، نقلًا عن مسؤول في الخارجية الأمريكية، أن عاملين في الوزارة قدموا إلى وزير الخارجية ما لا يقل عن ستة خطابات معارضة رسمية بشأن سياسة بايدن في غزة.[30]
ويبدو أن البيت الأبيض ذاته يشهد بعض الخلافات أيضًا، حيث نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرًا أشار إلى أن “البيت الأبيض شهد اضطرابًا غير مسبوق بين مجموعة من الموظفين، تحديدًا من الشباب وكبار مستشاري بايدن، جراء تداعيات الحرب في غزة”.[31]
هذا الخلاف داخل الإدارة دفع مسؤولين أمريكيين للقول بأن “النطاق الاستثنائي للمعارضة داخل الحكومة -بما في ذلك الرسائل المفتوحة من موظفي الحكومة- يتجاوز أي شيء شوهد في الإدارات السابقة منذ الثمانينات، بما في ذلك خلال حرب العراق، والقيود التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على السفر من الدول ذات الأغلبية المسلمة”، وفق ما نقلت شبكة “NBC News” الأمريكية.[32]
ووفق تعبير آرون ديفيد ميلر، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، عمل في وزارة الخارجية من عام 1978 إلى عام 2003، فإن حجم المعارضة “استثنائي وغير مسبوق”، مؤكدًا أنه “لم يرى شيئًا مثل ذلك من قبل”.[33]
– ضغوط قواعد الحزب الديمقراطي: يعد تصاعد صوت الجناح المعارض للدعم المطلق لإسرائيل في الحزب الديمقراطي أحد أسباب تغير موقف الإدارة الأمريكية أيضًا. فقواعد الحزب الديمقراطي على وجه الخصوص تتخذ موقفًا سلبيًا متصاعدًا من دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحتى من قبل الحرب الجارية.
ففي أبريل/نيسان 2023، أجرت جامعة ميريلاند الأميركية استطلاعًا للرأي أوضح أن 44 بالمئة من الديمقراطيين يرون إسرائيل كدولة فصل عنصري، بينما يرى 34 بالمئة أنها “دولة ديمقراطية معيبة”.[34] ويتوافق هذا مع ما استطلاع آخر أجرته مؤسسة “غالوب”، في مارس/آذار 2022، أظهر أن 49 بالمئة من الديمقراطيين الذين شملهم الاستطلاع يتعاطفون مع الفلسطينيين، مقارنة بـ 38 بالمئة يتعاطفون مع الإسرائيليين.[35]
ومع اشتداد حدة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كثف الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي من جهوده لإيقاف الحرب، حيث نقلت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية عن سيناتور ديمقراطي في مجلس الشيوخ قوله إن “التقدميين لا يبدو أنهم سيتراجعون عن أولوياتهم بشأن إسرائيل وغزة”، مشيرًا إلى أن عددًا من نواب هذا التيار ينسبون الفضل إلى جهودهم وضغوطهم في التوصل لاتفاق الهدنة الإنسانية.[36] وهذا ما أكدته النائبة الديمقراطية، أيانا بريسلي، التي أشارت إلى أهمية الاستمرار في الضغط حتى التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار.[37]
هذه الخلافات داخل الحزب الديمقراطي تنذر أيضًا بضعف حملته الانتخابية المنتظرة. وربما ظهر شيء من ذلك في إرسال موظفي الحملة الانتخابية السابقة للرئيس بايدن، رسالة إليه يطالبونه فيها بالدعوة إلى وقف إطلاق النار. وكانت غوين شرودر، التي عملت في فريق بايدن الرقمي خلال انتخابات 2020، واحدة من الموقعين على الرسالة، إذ قالت: “أنا لا أشعر بالخجل لانتخاب بايدن، لكنني أعيش صراعًا كل يوم؛ أهذه هي الإدارة التي حاربت بشدة في سبيلها؟”[38]
– أصوات العرب والمسلمين: يُعد قرب الانتخابات الأمريكية عاملًا آخر يدفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة الحسابات ومحاولة إظهار قدر من التوازن في الموقف من الحرب الجارية. فالحزب الديمقراطي -الذي يسعى للفوز بالانتخابات المقبلة- يعتمد على أوساط اليسار والأفارقة واللاتينيين والأقليات بشكل عام، لكن موقف هذه الفئات -في غالبها- رافض للحرب التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة. وبدا ذلك في المظاهرات التي خرجت في عدة مدن أمريكية، والتي وُصفت بأنها الأكبر منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، إذ مثلت هذه الفئات -التي يعتمد عليها الحزب الديمقراطي- نسبة كبيرة من المشاركين في التظاهرات الرافضة للحرب.[39]
وبجانب أصوات جناح من اليساريين والأقليات، فالمسلمون والعرب باتوا يمثلون كتل انتخابية مهمة في بعض الولايات الأمريكية. وخلال الأسابيع الأخيرة، تعالت الأصوات المسلمة والعربية المعارضة لبايدن بسبب موقفه من الحرب على غزة، هذا بالرغم من أنهم صوتوا لصالحه في انتخابات عام 2020.
ورغم أن هذه الكتلة المسلمة والعربية لا تشكل سوى نسبة قليلة من مجموع الناخبين الأمريكيين، إلا أن هذه النسبة قد تكون كافية لهزيمة بايدن في بعض الولايات التي تحتدم فيها المنافسة. فعلى سبيل المثال، فإن ولاية “ميشيغان” -التي تضم حوالي 240 ألف مسلم- فاز فيها ترامب عام 2016 بفارق 10 آلاف صوت فقط، بينما فاز فيها بايدن في انتخابات 2020 بفارق 150 ألف صوت.[40]
وفي الوقت الذي تُظهر فيه بعض استطلاعات الرأي الأمريكية تقدم ترامب -الذي يسعى لإعادة الترشح عن الحزب الجمهوري- على بايدن في ولايات حاسمة، ومنها “ميشيغان”،[41] فإن أهمية الناخبين المسلمين والعرب تزداد، الأمر الذي يضغط على الإدارة الأمريكية لتغيير موقفها من الحرب.
وربما هذه التداعيات والتفاعلات في الداخل الأمريكي هي سبب القلق لدى إدارة بايدن. ويشير لذلك ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر خاصة من أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من “التداعيات المحلية المحتملة للدعم الكامل لإسرائيل”.[42]
مدى التباين الأمريكي-الإسرائيلي
وانطلاقًا من الأسباب المذكورة أعلاه، ظهرت تباينات بين المواقف الأمريكية والإسرائيلية. وربما من المهم هنا استعراض نقاط الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل لفهم الأبعاد المختلفة للموقف الأمريكي.
بداية، فإن واشنطن لا تتبنى موقفًا علنيًا حتى الآن يطالب بوقف الحرب كليةَ. ولا أدل على ذلك من تصريح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023. إذ قال: “ما زلنا نعتقد أن لإسرائيل الحق والمسؤولية في ملاحقة حماس. لقد قالوا بكل وضوح أنه عندما تنتهي فترات التوقف هذه، فإنهم يعتزمون العودة إلى ملاحقة حماس. وبينما يتخذون هذا القرار، سيستمرون في الحصول على الدعم من الولايات المتحدة فيما يتعلق بالأدوات والقدرات وأنظمة التسليح التي يحتاجون إليها، بالإضافة إلى المشورة ووجهات النظر التي يمكننا تقديمها فيما يتعلق بحرب المدن”.[43]
ورغم أن الولايات المتحدة حتى الآن لا تتخذ موقفًا علنيًا يطالب بوقف دائم لإطلاق النار، إلا أنها تمارس ضغوطًا على الحكومة الإسرائيلية في عدة نقاط، تتمثل في التالي:
– تكتيكات التوغل البري: قبل شن “إسرائيل” لعملياتها البرية ضد قطاع غزة، أبدت الولايات المتحدة اعتراضها على التكتيكات التي سيتبعها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب. ففي حين رأت “إسرائيل” شن هجوم بري واسع، كانت الولايات المتحدة تطرح تكتيكًا آخر، يتمثل في استخدام الطائرات لتنفيذ غارات دقيقة على البنية التحتية لحركة حماس، مع استخدام القوات الخاصة ضد أهداف محددة على الأرض، بدلًا من شن هجوم بري واسع النطاق.
وقد نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن 5 مسؤولين أميركيين أن إدارة بايدن ناقشت هذا المقترح مع المسؤولين الإسرائيليين، حيث قالت إن “إدارة بايدن تحث إسرائيل على إعادة التفكير في خططها لشن هجوم بري واسع في قطاع غزة، وبدلًا من ذلك إجراء ما يشبه عمليات “جراحية” باستخدام الطائرات وقوات العمليات الخاصة، التي تنفذ غارات دقيقة ومستهدفة على أهداف وبنية تحتية عالية القيمة لدى حركة حماس”.[44]
وقد أشار “كيربي” إلى شيء من ذلك، إذ قال قبل شن الهجوم البري الإسرائيلي إن “واشنطن تواصل إجراء مناقشات مع إسرائيل حول الطريقة التي تقوم بها بعملياتها”. وأفاد حينها أن الولايات المتحدة تستفسر من إسرائيل عن الأهداف والاستراتيجية التي تقوم بها، بالإضافة إلى حاجتها إلى معرفة الكيفية التي ستنتهي بها العملية البرية في غزة.[45]
ولذلك، نقلت عدة مصادر -منها شبكة “آي بي سي نيوز”، و”سي إن إن”، و”نيويورك تايمز”- عن مسؤولين أمريكيين، طلب إدارة بايدن من إسرائيل تأجيل الهجوم البري.[46]
ومؤخرًا، أفصح نتنياهو عن الموقف الأمريكي صراحة، حين أخبر نوابًا في الكنيست أن “الأمريكيين لم يرغبوا في أن ندخل في عملية برية.. ولم يرغبوا بأن ندخل إلى مجمع الشفاء، لكننا قمنا بهذا وبذاك أيضًا”.[47]
– تحديد مدى زمني للحرب: وانطلاقًا من خلاف إدارة بايدن مع إسرائيل على مسألة الاجتياح البري الواسع من حيث الأصل، فإن واشنطن ترغب في تحديد وقت للعملية الإسرائيلية، حيث ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في 1 ديسمبر/كانون الأول 2023، نقلًا عن مسؤول أميركي، أن “وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ضغط على نتنياهو، بشأن مدة الحرب في غزة، غير أنه لم يتلق إجابة واضحة”.[48]
كما أدلى بايدن بتصريحات تدلل على أن لدى الولايات المتحدة رغبة في ألا تطول الحرب، غير أنها لا تجد إجابة محددة من دولة الاحتلال الإسرائيلي. فــرَدًا على سؤال صحفي وُجه إلى بايدن في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023: كم من الوقت تتوقع أن تستمر هذه الحرب؟ وهل شجعتم رئيس الوزراء نتنياهو على تحديد جدول زمني، مثلًا بحلول نهاية هذا العام؟
أجاب الرئيس الأمريكي، قائلًا: “لقد شجعت رئيس الوزراء (الإسرائيلي) على التركيز على محاولة تقليل عدد الضحايا بينما يحاول القضاء على حماس، وهو هدف مشروع لديه. إنها مهمة صعبة، ولا أعرف كم من الوقت ستستغرق. أتوقع وآمل أنه بينما نمضي قدمًا، فإن بقية العالم العربي والمنطقة يمارسون أيضًا ضغوطًا على جميع الأطراف لإبطاء هذا الأمر، ووضع حد له في أسرع وقت ممكن”.[49]
– تطوير الهجوم البري جنوبًا: تطالب الولايات المتحدة إسرائيل بعدم تطوير هجوم بري على جنوب قطاع غزة، دون وجود “خطة متماسكة لحماية المدنيين”. وقد أشار “كيربي” إلى ذلك، كما ناقش المسؤولون الأمريكيون هذا مطولًا مع نظرائهم الإسرائيليين، حسب مستشار الأمن القومي “سوليفان”.[50]
وذلك لأن هذا من شأنه أن يفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، إذ أن معظم سكان القطاع موجودون في الجنوب بما فيهم النازحون من الشمال. كما أن الهجوم البري جنوبًا قد يتسبب في مشكلات لواشنطن مع القاهرة، التي ترفض خطة التهجير حتى الآن. ما يعني أن تهجير الفلسطينيين قسرًا من غزة إلى مصر -كما يطالب به بعض الباحثين الإسرائيليين-[51] من شأنه أن يصعد الأزمة إقليميًا، الأمر الذي ترغب الولايات المتحدة في تجنبه.
– توجيه ضربة لحزب الله: تعمل بعض الأصوات داخل الحكومة الإسرائيلية على الدفع لتوجيه ضربة استباقية قوية لحزب الله اللبناني، الأمر الذي يقلق الإدارة الأمريكية خشية توسع الصراع. وقد أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن مسؤولين أميركيين أعربوا عن قلقهم من تأييد وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، وعدد من المسؤولين العسكريين لتوجيه ضربة استباقية لحزب الله.[52] ونقلت الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين حثوا نظراءهم الإسرائيليين على ضرورة التحلي بالحذر، والتأكد من أن تصرفاتهم في الشمال ضد حزب الله وفي الجنوب في غزة لا توفر ذريعة لحزب الله لدخول الحرب.
– إحياء مسار حل الدولتين: منذ وصول “بايدن” إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2021، لم يولِ اهتمامًا كبيرًا بالقضية الفلسطينية، ولم يمارس ضغوطًا تُذكر على دولة الاحتلال للعودة للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية على أرضية حل الدولتين. وصرح بايدن في 2022، خلال زيارته للضفة الغربية أن “الظروف غير ناضجة” لحل الدولتين. وفي المقابل، ركزت إدارته على تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والسعودية.[53]
لكن جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتؤكد خطأ المسار الأمريكي، الذي تجاوز القضية الفلسطينية إلى التطبيع مع الدول العربية، ولتدفع الإدارة الأمريكية للتفكير بجدية في الدفع لحل الدولتين. من ذلك ما صرح به بايدن والعديد من أركان إدارته من أن “العمل على حل الدولتين مهم اليوم أكثر من أي وقت مضى”.[54]
وقد أكد على ضرورة الشروع في حل الدولتين بعد انتهاء الحرب، الصحفي الأمريكي المعروف بدعمه لإسرائيل، توماس فريدمان، في مقال له نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.[55] ويرى “فريدمان” أن هناك ثلاثة حروب تجري في الوقت نفسه حاليًا: “حرب بين اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين، وحرب داخل المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني على المستقبل، وحرب بين إيران ووكلائها وأمريكا وحلفائها”.
ويعتبر فريدمان أن “السلطة الفلسطينية المتجددة هي حجر الأساس لانتصار قوى الاعتدال والتعايش والأخلاق في الحروب الثلاث، وحجر الأساس لإحياء حل الدولتين”. ويقصد بقوى “الاعتدال” هنا الدول العربية التي تتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل مثل مصر والسعودية والأردن والإمارات والبحرين، حسب المقال.
لكن في المقابل، يؤكد “فريدمان” أن نتنياهو وتحالفه اليميني حجر عثرة أمام حل الدولتين، قائلًا: “لا تستطيع إسرائيل وداعمتها الولايات المتحدة إنشاء تحالف إقليمي مستدام في مرحلة ما بعد حماس أو تحقيق الاستقرار الدائم في غزة، بينما يتولى نتنياهو منصب رئيس وزراء إسرائيل”.
وبدوره، لا يُخفي نتنياهو رفضه لحل الدولتين، إذ صرح خلال محادثات مع نواب في حزب الليكود، أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أنه “الوحيد الذي سيمنع قيام دولة فلسطينية في غزة ويهودا والسامرة (الاسم العبري للضفة الغربية)”.[56]
ويبدو أن العقبة أمام إحياء مسار حل الدولتين ليس نتنياهو فحسب، حيث يرى أستاذ العلوم السياسية الأمريكي وأحد رواد المدرسة الواقعية، جون ميرشايمر، أن “الإسرائيليين لن يوافقوا بتاتًا على حل الدولتين”.[57] وأرجع ميرشايمر تصوره إلى أن “مركز الثقل السياسي في إسرائيل تحرك إلى أقصى اليمين بمرور الوقت، ومن المرجح بمرور الوقت أيضًا أن يتحرك أكثر فأكثر نحو اليمين”.
ودلل ميرشايمر على ذلك بأن معدل المواليد للنساء اليهوديات الأرثوذكس (المتشددين) يبلغ 7 أطفال. وحيث إن نسبة اليهود الأرثوذكس من عدد سكان إسرائيل 13 بالمئة، فإنهم سيشكلون على الأغلب 30 بالمئة من تعداد السكان في عام 2050 أو 2060.
علاوة على ذلك، يعتقد ميرشايمر أن رد فعل الإسرائيليين سيكون سلبيًا تجاه أي مقترح بحل الدولتين بعد ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إذ سينظرون إلى من يطرح هذا الحل على أنه “مجنون”. وعلى هذا، يؤكد ميرشايمر أن “حل الدولتين، الذي كان الأمل الوحيد لحل الصراع بين الفلسطينيين واليهود، لن يحصل”.
ومن هنا، يمكننا القول إن الخلاف الجزئي الحالي بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية، حول العودة لمسار حل الدولتين، على الأرجح سيستمر، حتى إذا أزيح نتنياهو من رئاسة الحكومة.
خيارات محدودة
يبدو هنا أن الإدارة الأمريكية لديها خيارات محدودة تجاه الحرب على غزة. فمن جهة، تعتقد واشنطن أن القضاء على حماس هدف مهم للحفاظ على أمن إسرائيل، ولضمان عدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر، ولاستعادة معادلة الردع في المنطقة. ويعزز هذه الأهداف نفوذ اللوبي الصهيوني وتأثيره على المسؤولين والسياسيين الأمريكيين، هذا فضلًا عن “الميل العاطفي” لدى بايدن نفسه ووزير خارجيته تجاه إسرائيل، وفق وصف ميرشايمر.[58]
لكن من جهة أخرى، فإن هذا الهدف من الصعب إنجازه في وقت قصير، كما هو ثابت من مجريات المعارك حتى الآن، ما يعني أن الحرب ستطول في سبيل تحقيق هذا الهدف، وهو ما لا تريده الإدارة الأمريكية.
ومع انتهاء الهدنة صباح يوم الجمعة، 1 ديسمبر/كانون الأول 2023، عاد الجيش الإسرائيلي لقصف غزة، واستكمال العملية البرية، الأمر الذي يزيد الضغط على بايدن، الذي “سيكون في مأزق سواء ذهب يمينًا أو ذهب يسارًا”، وفق وصف ميرشايمر.
فمن جهة، إذا لم يتخذ بايدن موقفًا أقوى في اتجاه وقف الحرب فإنه سيخسر أصوات العرب والمسلمين، ما قد يكلفه منصبه كرئيس في الانتخابات المقبلة. ومن جهة أخرى، إذا اتخذ موقفًا لصالح وقف الحرب فإنه أيضًا قد يكلفه منصبه كرئيس؛ بسبب قوة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وقدرته على التأثير في الانتخابات.[59]
وعلى هذا، نرجح أن الإدارة الأمريكية ستحاول التجاوب مع الضغوطات التي تتعرض لها، عبر الدعوة لهدن إنسانية من حين لآخر ولإدخال المساعدات. لكن من الصعب القول إنها ستدعو علنًا خلال الأسابيع المقبلة إلى وقف الحرب أو ستتخذ خطوات لإجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على ذلك، إلا إذا تأكد بايدن أن إعادة انتخابه باتت على المحك.
ثانيًا: مواقف الدول الأوروبية
خلاف مبكر داخل الاتحاد
بخلاف الموقف الأمريكي الذي كان موحدًا في بداية “طوفان الأقصى”، وظلت فيه الخلافات مكتومة -بشكل أو بآخر- لفترة، فإن الموقف الأوروبي ظهر فيه الخلاف منذ اليوم الأول للحرب. ففي حين تتفق دول الاتحاد على إدانة “حماس” ووصمها بـ”الإرهابية”، ورفض استمرار حكمها لقطاع غزة، فإنها تختلف في باقي المسائل التي تخص الحرب.
ففي يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، صدر تصريحان حملا نبرة مختلفة بعض الشيء من كبار مسؤولي الاتحاد. ففي الوقت الذي أكدت فيه رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، أن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد مثل هذه الهجمات”، التي وصفتها بـ”الشنيعة”، وأنها “الإرهاب في أبشع صوره”.[60] فإن منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، دعا في اليوم نفسه إلى “الحاجة الملحة للوقف الفوري لأعمال العنف المستمرة”، وأكد على أن “الإرهاب والعنف ليسا حلين للصراع”.
واستمر “بوريل”، الذي يحمل الجنسية الإسبانية، في تصدير خطاب مشابه. ففي 10 أكتوبر/تشرين الأول، أكد على رفض الاتحاد الأوروبي فرض إسرائيل حصارًا مطبقًا على غزة، مشيرًا إلى أن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكن يجب أن يتم ذلك وفقًا للقانون الدولي والقانون الإنساني، وبعض القرارات (الإسرائيلية) تتعارض مع هذا القانون الدولي”.[61] وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول، أوضح بوريل أن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ليس مفتوحًا، ولا يتضمن قطع الكهرباء والماء عن المدنيين”.[62]
وفي المقابل، استمرت المفوضية الأوروبية برئاسة “فون دير لاين”، التي تحمل الجنسية الألمانية، في موقفها الأكثر تشددًا، حيث أكدت أن الاتحاد الأوروبي سيجري “إعادة تقييم” لمساعداته التنموية للفلسطينيين.[63] بل وأعلن مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع والجوار، أوليفر فارهيلي، تعليق “كافة المساعدات” للفلسطينيين.[64]
لكن في اليوم التالي مباشرة عاد “بوريل” ليشير إلى أن “الأغلبية الساحقة” من دول الاتحاد تعارض تعليق المساعدات للفلسطينيين، معتبرًا أن “عقابًا جماعيًا ضد جميع الفلسطينيين سيكون غير عادل وغير مجد، وسيكون ضد مصلحتنا وضد مصلحة السلام”. وذهب “بوريل” في اتجاه مضاد قائلًا: “سيتعين علينا تقديم دعم أكثر، وليس أقل”.[65]
واستمر الخلاف العلني داخل الاتحاد، حيث ظهر في محطة أخرى وهي تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية دائمة ومستدامة، تفضي إلى وقف الأعمال العدائية، وتوفير السلع والخدمات الأساسية للمدنيين في شتى أنحاء القطاع فورًا وبدون عوائق.
ففي الوقت الذي امتنعت فيه بريطانيا وألمانيا وإيطاليا عن التصويت، صوتت دول أخرى مثل إسبانيا وفرنسا لصالح القرار، بينما صوت دول مثل النمسا وكرواتيا ضد مشروع القرار العربي.[66]
هذا الخلاف العلني بدا أيضًا في الرسالة التي بعثها موظفو الاتحاد الأوروبي في جميع أنحاء العالم إلى “فون دير لاين” ينتقدون فيها “دعمها غير المشروط” لإسرائيل. واتهمت الرسالة، التي وقعها 842 مسؤولًا، المفوضية الأوروبية بإطلاق اليد لتسريع وشرعية جريمة حرب في غزة. وحذرت الوثيقة المكونة من ثلاث صفحات من أن الموقف الذي اتخذته المفوضية يضر بعلاقاتها الدولية ويعرض سلامة موظفي الاتحاد الأوروبي للخطر.[67]
نطاق الخلاف بين دول الاتحاد
ولتوضيح نطاق الخلاف بين الدول الأوروبية، لابد من الفصل بين مكونات الأزمة الجارية. حيث إن الدولة ذاتها قد تتفق على مسألة تصب في صالح الشعب الفلسطيني، وعلى أخرى تصب في صالح دولة الاحتلال الإسرائيلي، مثلما زار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، “إسرائيل” لإبداء الدعم، وفي الوقت نفسه صوتت بلاده في الأمم المتحدة لصالح هدنة مستدامة.
ويمكن القول إنه فيما يخص ما يسمى بـ”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، فإن كل الدول الأوروبية تقريبًا تقر بذلك،[68] وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا. كما أن هناك شبه اتفاق على رفض استمرار حكم حركة حماس لقطاع غزة بعد الحرب، إذ نجد تصريحات “بوريل”[69] و”فون دير لاين”[70] متوافقة على ذلك.
وفيما عدا هاتين النقطتين، تمتد الخلافات بين أعضاء الكتلة الأوروبية، حيث تؤكد بعض الدول على أهمية أن يكون الرد الإسرائيلي على “طوفان الأقصى” متناسبًا، وأن يأتي ملتزمًا بالقانون الدولي، ومن هذه الدول فرنسا.[71] لكن تأخذ بريطانيا وألمانيا مواقف أقل حدة تجاه إسرائيل، حيث ركزتا على المساعدات الإنسانية، مع الإشارة على أهمية الحلول السياسية للقضية الفلسطينية بشكل عام، غير أنهما لا يدعما وقف إطلاق النار. ومن هذا إعراب المستشار الألماني، أولاف شولتز، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن رفض بلاده لوقف إطلاق النار.[72]
بينما ذهبت دول أخرى، منها إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا، إلى اتخاذ مواقف متقدمة. إذ شكك رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، في أن إسرائيل تحترم القانون الدولي الإنساني وفي شرعية القصف الإسرائيلي المتكرّر على قطاع غزة وسقوط القتلى المدنيين. كما أشار إلى أن “العمل العسكري المتكرر في القطاع أمر غير مقبول”، وإلى أن “إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل ممنهج”.[73] هذه التصريحات أثارت حفيظة دولة الاحتلال التي استدعت السفير الإسباني لتوبيخه واتهمت مدريد “بدعم الإرهاب”.[74] كما اعتبر رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، أن إسرائيل لا تتبع القانون الدولي، متهمًا إياها بـ”القتل العشوائي لآلاف الأطفال” في غزة.[75]
واتخذت هاتان الدولتان، بلجيكا وإسبانيا، خطوة أخرى أغضبت دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ ذهب رئيسا حكومتي الدولتين إلى معبر رفح من الجانب المصري، ودعيا إلى وقف كامل لإطلاق النار، معتبرين أن “الهدنة المؤقتة غير كافية”. وأمام هذا المشهد، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تصريحات الزعيمين الأوروبيين، بينما استدعت الخارجية الإسرائيلية سفيري إسبانيا وبلجيكا لديها، وسلمتهما مذكرة احتجاج.[76]
أما أيرلندا، فجانب دعوتها لوقف كامل لإطلاق النار، اتهم رئيس حكومتها، ليو فارادكار، دولًا أخرى في الاتحاد الأوروبي والغرب عمومًا، بازدواجية المعايير على خلفية الحرب على غزة.[77]
ميل متصاعد للسردية الفلسطينية
الجدير بالملاحظة هنا أن مواقف الدول الأوروبية تتجه مع الوقت نحو الميل لصالح الفلسطينيين بدرجات متفاوتة. فالدول التي أظهرت قدرًا من التعاطف مع الشعب الفلسطيني في بداية الحرب، زادت هذه النزعة لديها، والدول التي أبدت موقفًا مدافعًا عن “إسرائيل” في البداية، بدأ يظهر في خطابها رسائل أخرى كأهمية المساعدات الإنسانية لغزة وتأييد الهدنات الإنسانية.
وربما من المواقف الدالة في هذا السياق، أن المفوضية الأوروبية التي أشارت من قبل إلى أن الاتحاد الأوروبي علق مساعداته التنموية للفلسطينيين، عادت رئيستها “فون دير لاين” فيما بعد لتعلن زيادة المساعدات الإنسانية لغزة بمقدار 25 مليون يورو أخرى،[78] ولتؤكد أنه “لا يوجد دليل على أن أموال الاتحاد الأوروبي المخصصة للفلسطينيين تصل إلى حماس”.[79]
كما أن هناك نبرة خطابية بدت تتكثف على ألسنة القادة الأوروبيين تصب في صالح السردية الفلسطينية. إذ صرح أكثر من مسؤول في الاتحاد الأوروبي أن “حرب غزة نتيجة فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي”،[80] وأن “وقت التوصل إلى حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين هو الآن، وإلا لن يحصل للأبد”.[81] فتصريحات كتلك تتلاقى مع السردية الفلسطينية في إبراز السبب الأساسي للحرب الجارية وهو الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وفشل “المجتمع الدولي” في رفع هذا الظلم على مدار عقود.
ومؤخرًا، تساءل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قائلًا: “هل يعتقد أحد أن القضاء على حماس بالكامل ممكن؟”، مضيفًا: “إذا كان الأمر كذلك فإن الحرب ستستمر عشر سنوات”. وأكد ماكرون على أهمية “توضيح هدف القضاء على حماس، فالمواجهة الجيدة للإرهاب ليست عبارة عن قصف منهجي ومتواصل”.[82] وهذا التصريح وما شابهه يمثل ضغطًا متزايدًا على دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة.
أسباب تغير المواقف الأوروبية
ويرجع هذا التغير في نبرة المسؤولين الأوروبيين إلى عدة أسباب. الأول هو الحجم الضخم من التظاهرات الداعمة لفلسطين في دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إذ تمثل تلك التظاهرات ضغطًا شعبيًا على الحكومات لتغيير مواقفها لصالح الشعب الفلسطيني. وهذا الضغط الشعبي هو ما دفع رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، لإقالة وزيرة الداخلية، سويلا بريفرمان، على إثر انتقادها للمسيرات الداعمة لفلسطين، وسعيها لإلغائها.[83] وكما تلعب القوى اليسارية والأقليات دورًا في التظاهرات في الولايات المتحدة، فإنها تلعب أيضًا دورًا مماثلًا في الساحة الأوروبية.
السبب الثاني هو وجود قوى سياسية ومجتمعية وازنة داخل أوروبا تتخذ موقف قوي ضد إسرائيل. من ذلك إعلان بلدية “برشلونة” بإسبانيا قطع كل علاقاتها المؤسساتية مع “إسرائيل” احتجاجًا على العدوان على غزة، وتأكيدها على أن قرارها مستمر إلى حين “وقف إطلاق النار وضمان حقوق الشعب الفلسطيني”.
وقد تبع هذا القرار قرارًا آخر كان في فبراير/شباط 2023، إذ أعلنت عمدة المدينة تعليق اتفاقية توأمة مع مدينة “تل أبيب” التي كان من المقرر لها أن تستمر 25 عامًا. واشترطت حينها المدينة الإسبانية “وضع إسرائيل حدًا لانتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي بشكل كامل”، حتى تتراجع “برشلونة” عن تعليق الاتفاقية.[84]
كما أبدت بلدية “أوسلو” في النرويج تضامنها مع الشعب الفلسطيني، عبر رفع العلم الفلسطيني على أمام مقر البلدية.[85] وقالت رئيسة البلدية آن ليندبو: “عندما نعلم أن أكثر من 5 آلاف طفل فقدوا حياتهم، أي ما يساوي أكثر من 275 صفًا مدرسيًا، فمن الطبيعي أن نحيي ذكراهم”. وكانت البلدية ذاتها قد قررت، في أبريل/نيسان 2023، حظر استيراد السلع المنتجة بالمستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي المحتلة عام 1967.[86]
السبب الثالث هو الزيادة الضخمة في عدد ضحايا القصف الإسرائيلي في قطاع غزة، والدمار الكبير في الممتلكات، في وقت يؤكد فيه الشعب الفلسطيني في غزة على تمسكه بوجوده على الأرض الفلسطينية ورفضه التهجير، وتثبت فيه المقاومة الفلسطينية أن المعركة لن تكون سهلة على “إسرائيل”.
وبالتالي، فإن هذه المعادلة مصدر قلق لدى كثير من دول أوروبا، حيث إنها تعني استمرار الحرب في منطقة تهم الدول الأوروبية وهي شرق البحر المتوسط. ويتعاظم هذا القلق مع وجود احتمالات لتوسع الحرب، عبر دخول أطراف أخرى، كإيران أو أذرعها.
أما السبب الرابع فهو أن التأثير السلبي لاستمرار الحرب في غزة على الحرب في أوكرانيا، من حيث تراجع الدعم الأمريكي سواء المالي أو العسكري، ما يؤثر على موقف الجيش الأوكراني سلبًا، ويصب في صالح روسيا.[87]
ولهذه الأسباب، يدعو الاتحاد، ممثلًا في مسؤول السياسة الخارجية به، إلى تمديد الهدن الإنسانية حتى تصبح وقفًا دائمًا لإطلاق النار، مع الدعوة إلى حل سياسي يكسر دوامة العنف نهائيًا. غير أن هذا الموقف لا يمنع اعتراض بعض دول الاتحاد على هذا الطرح كما أشرنا آنفًا.
وبعيدًا عن التصريحات، فمن الصعب بلورة “قرار مشترك” من الاتحاد حيال الحرب حتى الآن نظرًا للخلاف بين أعضائه، ما يقلل من ثقل موقف الاتحاد ككل في الحرب الراهنة. وهذا ما أشارت إليه صحيفة “بوليتكو” الأمريكية من أن “الكتلة المكونة من 27 عضوًا تكافح من أجل صياغة سياسة خارجية متماسكة، نظرًا لاختلاف المصالح الوطنية لأعضائها”.[88]
المصادر
[1] Remarks by President Biden on the October 7th Terrorist Attacks and the Resilience of the State of Israel and its People | Tel Aviv, Israel, The White House, October 18, 2023
[2] Grant Rumley, U.S. Wartime Support to Israel: First Steps and Future Considerations, The Washington Institute for Near East Policy, October 12, 2023
[3] Ken Klippenstein, Joe Biden Moves To Lift Nearly Every Restriction On Israel’s Access To U.s. Weapons Stockpile, The Intercept, November 25, 2023
[4] Tory Lysik, Aïda Amer, Shoshana Gordon, Charted: U.S. has provided Israel with more than 70,000 weapons since 1950, Axios, November 29, 2023
[5] Anthony Capaccio, US Is Quietly Sending Israel More Ammunition, Missiles, Bloomberg, November 15, 2023
[6] Shahira Amin, As the Gaza war continues, Egypt is facing pressure to act, Atlantic Council, November 3, 2023
[7] الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة، فشل مشروعي قرارين حول غزة وإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[8] الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة، الجمعية العامة تعتمد قرارا يدعو لهدنة إنسانية فورية في غزة، 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023
[9] Secretary of State Antony Blinken speaks to reporters in Israel | full video, CBS News, November 3, 2023
[10] المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الموقف الأميركي من العدوان الإسرائيلي على غزة: خلفيات التحول في سياسة إدارة بايدن وحدوده، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[11] Blinken Returns to Israel as Cease-Fire With Hamas Is Extended, The New York Times, November 29, 2023
[12] Dan Sabbagh, Jason Burke, Julian Borger, Ruth Michaelson, CIA and Mossad chiefs fly to Qatar for talks on extending Gaza truce amid further hostage releases, The Guardian, 29, November 2023
[13] Ambassador Christopher Henzel, Statement During General Assembly Plenary on the Situation in the Middle East (Agenda Item 34) and Question of Palestine (Agenda Item 35), United States Mission to the United Nations, November 28, 2023
[14] Aamer Madhani, Zeke Miller, The US tells Israel any ground campaign in southern Gaza must limit further civilian displacement, Associated Press, November 29, 2023
[15] Remarks by President Biden on the Release of Hostages from Gaza, U.S. Embassy in Israel, November 24, 2023
[16] Andrew Stanton, Joe Biden Weighs in on Conditioning Israel Aid: ‘Worthwhile Thought’, Newsweek, November 24, 2023
[17] Sam Fossum, US military to fly critical humanitarian aid to Egypt to be brought into Gaza, CNN, November 28, 2023
[18] Servet Gunerigok, Rabia Iclal Turan, US says it does not support Israel’s operations ‘absent a cohesive plan’ to protect civilians in southern Gaza, Anadolu Agency, November 21, 2023
[19] Ben Samuels, U.S. Prepared to Issue Visa Bans on Israeli ‘Extremists’ Attacking Palestinians in West Bank, Biden Says, Haaretz, November 18, 2023
[20] Hillary Rodham Clintonm, America’s Pacific Century, U.S. Department of State, October 11, 2011
[21] Stephen M. Walt, The World Won’t Be the Same After the Israel-Hamas War, Foreign Policy, November 8, 2023
[22] Gregory Korte, US Should Consider Attaching Strings to Israel Aid, Democrat Senator Says, Bloomberg, November 26, 2023
[23] Bernie Sanders, Bernie Sanders: Justice for the Palestinians and Security for Israel, The New York Times, November 22, 2023
[24] Demetri Sevastopulo, Felicia Schwartz, Senior CIA official posted pro-Palestine image on her Facebook page, Financial Times, Times, November 28, 2023
[25] المصدر نفسه
[26] By Dan De Luce and Carol E. Lee, CIA warns staff about social media posts after senior officer shares pro-Palestinian image, NBC News, November 29, 2023
[27] Jennifer Hansler, Blinken acknowledges disagreements within State Department on Israel-Hamas war in email to staff, CNN, November 13, 2023
[28] الحساب الشخصي على موقع “لينكد إن” لمدير مكتب شؤون الكونغرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية للشؤون العامة بالخارجية الأميركية، جوش بول، بيان إعلان استقالته من منصبه، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[29] Hans Nichols, Scoop: Internal State Dept. memo blasts Biden, U.S. policy on Israel-Hamas war, Axios , 13, November 2023
[30] Akbar Shahid Ahmed, How A Deeply Controversial White House Adviser Is Running The Agenda On Gaza, HuffPost, December 1, 2023
[31] Yasmeen Abutaleb, John Hudson, White House grapples with internal divisions on Israel-Gaza, The Washington Post, 26, November 2023
[32] Abigail Williams and Dan De Luce, Dissent, and a generation gap, inside the Biden administration over the Israel-Hamas war, NBC News, 30, November 2023
[33] المصدر نفسه
[34] Shibley Telhami, Is Israel a democracy? Here’s what Americans think, Brookings Institution, April 25, 2023
[35] Lydia Saad, Democrats’ Sympathies in Middle East Shift to Palestinians, Gallup, Inc., March 16, 2023
[36] Joe Gould, Alexander Ward, Connor O’brien, Progressives double down on calls for cease-fire despite Israel-Hamas hostage deal, Politico, November 22, 2023
[37] المصدر نفسه
[38] Barbara Plett Usher, Biden facing growing internal dissent over Israel’s Gaza campaign, BBC, November 17, 2023
[39] TRT عربي، صحف أمريكية: بايدن في مأزق بسبب الحرب في غزة ويبحث عن طريق للخروج، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[40] Alex Seitz-Wald, Poll shows Biden support slumping among Michigan Muslims, NBC News, November. 6, 2023
[41] المصدر نفسه
[42] Gordon Lubold, Vivian Salama, Israel’s War in Gaza Tests Limits of Biden’s Support, The Wall Street Journal, November 19, 2023
[43] Jacob Magid, White House says US will back Israel when Gaza op resumes, wants further extension of truce, The Times of Israel, November 30, 2023
[44] Yasmeen Abutaleb, John Hudson, Dan Lamothe, U.S. urging Israel to rethink Gaza ground invasion, The Washington Post, October 27, 2023
[45] Alex Gangitano, Kirby further sidesteps questions on if US asking Israel to delay ground invasion, The Hill, October 23, 2023
[46] Alexandra Hutzler, Selina Wang, Ben Gittleson, White House won’t say publicly whether US has asked Israel to delay Gaza invasion, ABC News, October 24, 2023
[47] RT عربي، نتنياهو يشير إلى أمرين “لم ترغب” بهما واشنطن وقام بهما الجيش الإسرائيلي، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[48] The Editorial Board, The Biden-Blinken Rules of War for Israel, The Wall Street Journal, December 1, 2023
[49] Remarks by President Biden on the Release of Hostages from Gaza, U.S. Embassy in Israel, 24, November 2023
[50] Karen DeYoung, Biden administration presses Israel for restraint in south Gaza, The Washington Post, November 29, 2023
[51] Omer Dostri, No Jewish settlements in Gaza, no security – opinion, The Jerusalem Post, November 19, 2023
[52] Edward Wong, Ronen Bergman, Julian E. Barnes, Biden and Aides Advise Israel to Avoid Widening War With Hezbollah Strike, The New York Times, October 20, 2023
[53] Aamer Madhani, Chris Megerian, Will Weissert, Seung Min Kim, Mission impossible? Biden says Mideast leaders must consider a two-state solution after the war ends, Associated Press, October 30, 2023
[54] Remarks by President Biden on the October 7th Terrorist Attacks and the Resilience of the State of Israel and its People | Tel Aviv, Israel, The White House, October 18, 2023
[55] Thomas L. Friedman, Understanding the True Nature of the Hamas-Israel War, The New York Times, November 28, 2023
[56] i24NEWS، نتنياهو لنواب الليكود:”أنا الوحيد الذي سيمنع دولة فلسطينية في غزة والضفة بعد الحرب”، 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[57] John Mearsheimer, Israel-Hamas, Ukraine-Russia and China: John Mearsheimer on why the US is in serious trouble!, The Centre for Independent Studies, October 30, 2023
[58] John Mearsheimer: Will Israel and Ukraine derail the US pivot to Asia, Centre for Independent Studies, October 26, 2023
[59] Prof. John Mearsheimer: Ukraine and Israel: Is China ready to pounce?, Judge Napolitano – Judging Freedom, November 29, 2023
[60] Mathieu Pollet, EU condemns Hamas attack on Israel as ‘terrorism in its most despicable form’, Politico, October 7, 2023
[61] Mared Gwyn Jones, Shona Murray, Israel has right to self-defence, but some actions ‘counter international law’ – Borrell, Euronews, October 10, 2023
[62] Foreign Affairs Council: Remarks by High Representative Josep Borrell at the press conference, The Diplomatic Service of the European Union (EEAS), October 23, 2023
[63] The European Commission announces an urgent review of its financial assistance for Palestine, European Commission, October 9, 2023
[64] الحساب الرسمي لمفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسع والجوار أوليفير فارهيلي، إعلان تعليق المساعدات لغزة، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023
[65] Israel/Gaza: Press remarks by High Representative Josep Borrell after informal meeting of EU Foreign Affairs Ministers, The Diplomatic Service of the European Union (EEAS), October 10, 2023
[66] UN General Assembly adopts Gaza resolution calling for immediate and sustained ‘humanitarian truce’, UN News, October 26, 2023
[67] EU staff criticise bloc chief’s ‘double standard’ on Israel-Hamas conflict, Radio France Internationale (RFI), October 21, 2023
[68] Selin Uysal, After Gaza, Recalibrated Prospects for a Geopolitical Europe, The Washington Institute for Near East Policy, October 30, 2023
[69] الشرق الأوسط، الاتحاد الأوروبي: لا عودة لـ«حماس» لحكم غزة… والسعودية تؤكد رفضها التصعيد، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[70] العربية، المفوضية الأوروبية: لا يمكن لحماس أن تحكم غزة بعد الحرب، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[71] Israel has right to defend itself but must abide by international law – Minister, France in the UK, October 27, 2023
[72] Toi Staff, German chancellor opposed to ‘immediate’ ceasefire in Gaza, The Times of Israel, November 12, 2023
[73] Sam Jones, Spanish prime minister says he doubts Israel is respecting international law, The Guardian, November 30, 2023
[74] مونت كارلو الدولية، تصريحات رئيس وزراء إسبانيا بشأن الحرب في غزة تثير حفيظة إسرائيل، 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[75] Giovanna Faggionato, Israel accuses Spain, Belgium leaders of backing ‘terrorism’ after Gaza remarks, Politico, November 25, 2023
[76] Israel summons Spain, Belgium envoys over Gaza ceasefire comments, The Jerusalem Post, November 24, 2023
[77] Grinne N. Aodha, Varadkar raises concerns about EU ‘double standards’ on Israel and Palestine, The Independent, November 19, 2023
[78] EU increases humanitarian aid to Gaza by €25 million, European Commission, November 6, 2023
[79] The Commission finalises the review of EU aid to Palestine, European Commission, November 21, 2023
[80] EEAS Press Team, Palestine: Press remarks by High Representative/Vice-President Josep Borrell after his meeting with Prime Minister of the Palestinian Authority Mohammad Shtayyeh, European External Action Service, November 17, 2023
[81] Jakob Hanke Vela, Von der Leyen: ‘Now or never’ for Israel-Palestine solution, Politico, November 29, 2023
[82] Chloe Cornish, Andrew England, Israel-Hamas truce talks stall after Mossad negotiators leave Qatar, Financial Times, December 2, 2023
[83] Stephen Castle, Under Pressure, Britain’s Leader Tries Another Reset With a Swerve to Center, The New York Times, Nov 13, 2023
[84] الجزيرة نت، برشلونة تقطع علاقاتها مع إسرائيل، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[85] فرانس برس، رفع العلم الفلسطيني أمام مقر بلدية أوسلو، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
[86] الأناضول، ترحيب فلسطيني بحظر بلدية أوسلو لبضائع المستوطنات، 26 أبريل/نيسان 2023
[87] The Gaza War and the Rest of the World, The Malcolm H. Kerr Carnegie Middle East Center, November 24, 2023
[88] Matthew Karnitschnig, How the Israel-Hamas war exposed the EU’s irrelevance, Politico, October 12, 2023