المحتويات |
---|
مقدمة |
أولًا: ملف سد النهضة |
ثانيًا: النزاع العسكري في السودان |
ثالثًا: التطبيع الإماراتي مع إسرائيل |
رابعًا: تعاون إماراتي مع إسرائيل يهدد قناة السويس |
خامسًا: سعي الإمارات للسيطرة على قطاعات حساسة في الاقتصاد المصري |
سياسة نظام السيسي تجاه الاستهداف الإماراتي |
مقدمة
في 13 من فبراير / شباط 2023، وأثناء حضوره القمة العالمية للحكومات المنعقدة في الإمارات، أشاد قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، بدور أبو ظبي في دعم نظامه، قائلًا: “أنا أقول هذا للمصريين لتذكيرهم، وتذكير نفسي، وأذكر من يريد أن يتذكر. لأكون منصفًا وأمينًا الشيخ محمد بن زايد نَظّم دعم الأشقاء الذي كان يُقدم لمصر، ولولاه ولولا وقوف الأشقاء في الإمارات والسعودية والكويت، لم تكن مصر لتقف مرة ثانية”.[1]
هذا التصريح وإن كان يشير إلى مساعدة الإمارات لنظام السيسي، في مرحلة ما بعد انقلاب 3 يوليو، لتثبيت أركان حكمه، إلا أنه يُخفي أو يتجاهل تضارب المصالح الإماراتية مع نظيرتها المصرية في بعض الساحات الإقليمية، وأن أبو ظبي تعمل ضد مصالح القاهرة في أكثر من ملف، منها ملفات حساسة، حتى من منظور النظام المصري.
وخلال الأسطر التالية سنحاول استعراض بعض هذه الملفات، ومنها: دعم الإمارات لرئيس الوزراء الأثيوبي، آبي أحمد، رغم إجراءات أثيوبيا الأحادية في بناء وملء سد النهضة، وكذلك موقف الإمارات الداعم لقائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي). أضف إلى ذلك تعطيل تنمية محور قناة السويس لصالح موانئ أبو ظبي، وتطبيع الإمارات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وما يستتبعه من انتقاص لوزن القاهرة ودورها في الإقليم.
كما سنحاول استعراض سياسة النظام المصري حيال الدور الإماراتي في هذه الملفات، وإذا ما كان يأخذها على محمل الجد، أم أن هناك ملفات ضاغطة أخرى تمنعه من اتخاذ موقف ضد النظام الإماراتي جراء دوره المضاد للمصالح المصرية في تلك الملفات.
أولًا: ملف سد النهضة
سد النهضة: أولوية وجودية
في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، صرح قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، أن مصر “من أكثر الدول جفافًا في العالم”، ثم كرر السيسي تصريحه في مارس/ آذار 2023، بصيغة أكثر وضوحًا، قائلًا إن “مصر هي الدولة الأكثر جفافًا في العالم، ولا يمكنها أن تتحمل أي نقص في المياه بأي وقت من الأوقات”.[2] وأشار السيسي إلى أن “موارد مصر المائية صارت تعجز عن تلبية احتياجات سكانها، بالرغم من اتباع سياسة لترشيد الاستهلاك”.[3]
ولا يخفى ما في تصريحات السيسي من خطر محدق بمصر جراء سد النهضة، وهذا ما جعله يكرر تصريحاته بشأن السد في كل الزيارات والمحافل الدولية ومؤتمرات استقبال زعماء العالم، على مدار سنوات. كما طرقت مصر أبوابًا عدة لحل الأزمة، منها الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، ومؤخرًا دولة الإمارات. وكل هذه المحاولات باءت بالفشل.
وقد وصفت خارجية النظام المصري قضية سد النهضة بأنها “أولوية وجودية تمس حياة الشعب المصري بأكمله”،[4] ما يعني أن المسألة تأتي على رأس أولويات النظام المصري خارجيًا. كما أوضحت الخارجية على لسان الوزير سامح شكري، في خطابه إلى مجلس الأمن، أن “انخفاض حصة مصر من مياه نهر النيل بمقدار مليار متر مكعب فقط سيؤدي إلى فقدان 300 ألف فدان من أخصب أنواع الأراضي الزراعية في العالم، وفقدان 200 ألف أسرة لمصدر رزقها، وكذا فقدان وخسارة قدرها 430 مليون دولار في الإنتاج الزراعي، وزيادة كلفة الاستيراد إلى 19 مليار دولار”.[5]
ورغم أن الأرقام التي ذكرها شكري تمثل خطرًا على مصر، إلا أن الأثر المنتظر من سد النهضة يبدو أسوأ من ذلك بمراحل، حتى وفق مصادر رسمية مصرية أخرى. فقد أجرت هيئة الاستشعار عن بُعد، التابعة لوزارة البحث العلمي في مصر، دراسة علمية للآثار السلبية لسد النهضة الإثيوبي على مصر. وصرح نائب رئيس الهيئة، المشرف على الدراسة، علاء النهري، أن “انخفاض حصة مصر من 55.5 مليار متر مكعب إلى 35 مليارًا سيصيب الحياة في مصر بالشلل، و”هنشوف نهر النيل زي ملعب الكورة”، وفق تعبيره.[6]
هذا الخطر المحدق بمصر كدولة، وباستقرار نظام السيسي نفسه، دفع النظام المصري لمحاولة إيجاد حلول له، والتعامل مع الدول الحليفة وغير الحليفة للضغط على أثيوبيا. فنجد أن القاهرة دفعت الجامعة العربية لاتخاذ موقف ضد الحكومة الأثيوبية. ولذلك، اجتمع وزراء خارجية الدول العربية، في الدوحة، في يونيو/ حزيران 2021، وأصدروا بيانًا مشتركًا، دعوا فيه أثيوبيا إلى “التفاوض بحسن نية والامتناع عن اتخاذ أية إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان”.[7]
وعلى هذا، فإنه في الوقت الذي يعاني فيه النظام المصري من أزمة السد، نجد أن أحد الأطراف التي تسببت فيها، ولو بشكل غير مباشر، هي الإمارات، الحليف الاستراتيجي لنظام السيسي.
موقف الإمارات في قضية سد النهضة
بالنظر إلى الموقف الإماراتي، نجد أنه يبتعد كثيرًا عن آمال النظام المصري من الدور الذي تنتظر القاهرة من أبو ظبي أن تضطلع به في مسألة السد. فبالنظر إلى ما تملكه أبو ظبي من أوراق نفوذ وتأثير لدي النظام الأثيوبي، فقد كان متوقعًا منها أن تلعب دورًا لصالح حليفها المصري، عبر استخدام تلك الأوراق لصالحه. لكن الموقف الإماراتي لم يكن داعمًا بحال لمصر في قضيتها الجوهرية، سد النهضة، بل ابتعد عن ذلك كثيرًا ليصل إلى حد دعم النظام الأثيوبي.
ففي سياق سعيها لمد نفوذها إلى منطقة القرن الأفريقي، تحالفت الإمارات مع الحكومة الأثيوبية، ووقعت عام 2019 مذكرة تفاهم عسكرية لتعزيز التعاون في المجالات العسكرية والدفاعية. وسبق ذلك، تقديم دعم إماراتي للحكومة الأثيوبية وصل إلى 3 مليارات دولار، عام 2018، كمساعدات واستثمارات.[8]
ووفق بيانات هيئة الاستثمار الإثيوبي، فإن الإمارات تستثمر في أكثر من 90 مشروعًا، منها 33 مشروعا عاملا و23 مشروعًا قيد الإنجاز في قطاعات الزراعة والصناعة والعقارات وتأجير الآلات والإنشاءات وحفر الآبار والتعدين والصحة والفندقة.[9]
والملاحظ أن هذه الطفرة في التعاون الإماراتي-الأثيوبي جاءت متزامنة مع تأزم قضية السد، وضعف الموقف المصري باضطراد، فقد توازى مع هذه الاتفاقيات بدء أديس أبابا في ملء حوض سد النهضة، في يونيو/ حزيران 2020. ويظهر هذا التزامن بشكل أوضح عندما صرح السيسي في 30 مارس/ آذار 2021، أن المساس بحق مصر في مياه النيل “خط أحمر”. وقال السيسي حينها: “لا أحد يستطيع أن يأخذ قطرة ماء من مياه مصر، ومن يريد أن يحاول فليحاول، وستكون هناك حالة من عدم الاستقرار في المنطقة بكاملها ولا أحد بعيد عن قوتنا”.[10]
هذه اللهجة التصعيدية، التي نادرًا ما استخدمها السيسي في ملف السد، دلت على حجم الأزمة التي تورطت فيها مصر، ما دفع السيسي للتهديد ضمنًا باستخدام القوة العسكرية. وقد أثار هذا التصريح صدى واسعًا لدى عدة دول عربية، حيث أعلنت حينها كل من السعودية، وسلطة عمان، والبحرين، والكويت، والأردن -إضافة إلى البرلمان العربي- في بيانات منفصلة، دعمهم لموقف مصر في قضية سد النهضة، مؤكدين أن “أمن مصر المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العربي”.[11]
لكن في المقابل، نجد أن النظام الإماراتي في اليوم التالي مباشرة، يدعو أطراف أزمة سد النهضة إلى الحوار. وفي خضم موجة التأييد العربي للقاهرة، قال بيان الخارجية الإماراتية: “نؤكد اهتمامنا البالغ وحرصنا الشديد على استمرار الحوار الدبلوماسي البناء والمفاوضات المثمرة لتجاوز أية خلافات حول سد النهضة بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، وأهمية العمل من خلال القوانين والمعايير الدولية المرعية للوصول إلى حل يقبله الجميع ويؤمن حقوق الدول الثلاث وأمنها المائي، وبما يحقق لها الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، ويضمن ازدهار وتعاون جميع دول المنطقة”.[12]
وتبع ذلك بيوم واحد أيضًا، إرسال الإمارات مساعدات إنسانية إلى إقليم “تيغراي” الإثيوبي، تتضمن 46 طنًا من المواد الغذائية والمستلزمات الصحية. ونقلت حينها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن سفير الإمارات لدى إثيوبيا، أن “هذه المساعدات تأتي في إطار توجيهات قيادة الدولة، بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للشعوب الشقيقة والصديقة”.[13]
هذا الموقف دفع الدبلوماسي المصري -المقرب من النظام، مصطفى الفقي، للقول إن “بعض العرب تهاونوا في الضغط على إثيوبيا في هذا الموضوع، ولو أوقفوا استثماراتهم وقالوا إن محاولة خنق مصر مرفوضة، لكانت إثيوبيا قد انتبهت؛ لكن لم يفعل ذلك أحد”.[14]
ومع امتناع المسؤولين المصريين عن انتقاد موقف النظام الإماراتي علنًا، حدثت مشادة داخل البرلمان المصري بعد اتهام أحد النواب دولة خليجية -لم يسمها- بتمويل سد النهضة. كما نقل موقع “مدى مصر” أن العديد من المسؤولين المصريين المطلعين قالوا إنهم “فزعوا” من رفض الإمارات استخدام نفوذها المالي، بالنظر إلى استثماراتها الضخمة في إثيوبيا، لدفع أديس أبابا إلى أن تكون أكثر تعاونًا في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة.[15]
الموقف الإماراتي من هذه القضية المصيرية بالنسبة للقاهرة لم يقف عند حد السلبية، وعدم استخدام النفوذ لمساعدة مصر في الضغط على أثيوبيا، بل نجد أن الإمارات سعت لتثبيت الحكومة الأثيوبية عبر دعمها سياسيًا وعسكريًا في مواجهة جبهة تحرير شعب تيغراي. ففي الوقت الذي كانت تطمح فيه مصر إلى أن تطيح هذه المواجهة العسكرية بالحكومة الأثيوبية الحالية، أو على الأقل أن تُعرقل الحرب عملية بناء وملء السد، أعلنت الإمارات بشكل واضح دعمها للحكومة الأثيوبية، بل وسعت إلى استجلاب دعم غربي لها.
ففي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أشار وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، في اتصال هاتفي مع نظيره الألماني حينها، هايكو ماس، أن دعم الإمارات للحكومة الأثيوبية يأتي من منطلق “الحرص على أمن واستقرار إثيوبيا”.[16]
واتهمت “جبهة تحرير شعب تيغراي” الإمارات بقصف قواتها في الإقليم بطائرات مسيرة انطلاقًا من قواعد لها في إريتريا. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، اتهم المستشار السياسي لحاكم إقليم تيغراي، حكومة أديس أبابا باستخدام طائرات مسيرة إماراتية، انطلقت من قاعدة إماراتية في مدينة عصب الإريترية لضرب المواقع الدفاعية للجبهة.[17]
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، كشفت تقارير -مدعومة بصور فضائية وبيانات ملاحية- أن الإمارات قدمت دعمًا مكثفًا لقواعد جوية إثيوبية. واستعانت أبو ظبي بشركات أوروبية لتسيير رحلات دعم عسكري لإثيوبيا، من بينها شركة “يورب إير” الأسبانية، التي ساعدت في تنظيم 54 رحلة شحن عسكري بين الإمارات وأثيوبيا في أقل من شهر، وشركة “فلاي سكاي إيرلاينز” الأوكرانية التي أجرت 39 رحلة شحن عسكري خلال شهرين فقط.[18]
وساطة إماراتية متعثرة
وفي ظل استمرار الدعم الإماراتي للحكومة الإثيوبية، وعدم ممارسة أي ضغط عليها، عرضت أبو ظبي الوساطة بين أطراف قضية السد، مصر والسودان وأثيوبيا. ومنذ مايو/ أيار 2022 حتى وقت كتابة هذه الأسطر، أجريت نحو 7 جلسات بين الفرق الفنية من الدول الثلاث، في محاولة لحلحلة الأزمة ومنع أي تصعيد.
لكن إلى الآن لم ينتج عن الوساطة الإماراتية أي تقدم، ما يشير إلى أنها قد تلقَ نفس مصير وساطة الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي. فرغم تصريح بعثة الإمارات بمجلس الأمن الدولي، في أغسطس/ آب 2022، أن هناك “إمكانية لاختتام المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي بشكل ناجح”، إلا أن ما حدث كان خلاف ذلك.[19]
فقد ذكر مسؤول فني مصري، في مارس/ آذار 2023، أن القاهرة “توصلت إلى قناعة بعدم جدوى المفاوضات الفنية مع أديس أبابا، تحديدًا في ظل عدم تحقيق أي تقدم ملموس، على الرغم من مرور نحو عام على بدء ذلك المسار برعاية إماراتية”. وكشف المسؤول المصري في حديثٍ مع “العربي الجديد” أن “القاهرة توصلت لقناعة أيضًا بأن مسار مفاوضات أبوظبي يؤثر سلبًا على الموقف المصري أمام القوى الدولية المعنية بالتوصل لحل الأزمة وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي أبدى مسؤولوها المعنيون بالملف دهشتهم مما وصفوه بالاتهامات المصرية لإثيوبيا”.[20]
وفي يونيو/ حزيران 2023، رجعت القاهرة لتقبل “بالعودة إلى مسار أبوظبي، في ظل حالة من الانسداد على مستوى الحلول السلمية للأزمة، وكذلك تعثر مسار ما يمكن تسميته بالحلول الأمنية”، حسب مصادر مصرية.[21]
والواقع أن الإمارات -رغم تحالفها مع نظام السيسي- لم تبذل أي ضغط على حكومة آبي أحمد للقبول باتفاق سياسي يحل مشكلة السد، بل إنها تقدم له الدعم السياسي والعسكري والدبلوماسي اللازم لتوطيد استقرار نظامه، في الوقت الذي تسعى فيه مصر لاستغلال أي ثغرة لتعطيل تقدم أثيوبيا في بناء وملء السد. وحتى الوساطة التي تقدمها أبو ظبي، فإنها غير مجدية حتى الآن، فضلًا عن أن استمرارها بات على المحك. بل ذهب البعض لإبداء مخاوفه من أن ترعى الإمارات “اتفاقًا هزيلًا”، لا يحمي مصالح مصر في مياه النيل، تحت ضغط الأوضاع الداخلية في مصر، وحالة الاحتقان التي خلفتها الأزمة الاقتصادية.[22]
ثانيًا: النزاع العسكري في السودان
الموقف المصري من النزاع في السودان
في 15 أبريل/ نيسان 2023، نشب صراع مسلح في السودان، بين الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الشهير بـ”حميدتي”. ونظرًا للحدود التي تربط مصر بالسودان، والملفات المشتركة بين الطرفين، فإن مصر تتأثر بشكل مباشر من التطورات على الساحة السودانية.
ونجد على الساحة السودانية كلًا من مصر والإمارات على طرفي نقيض أيضًا. فمن جهة تدعم أبو ظبي حميدتي لأسباب تتعلق بمصالحها الاقتصادية معه، خصوصًا وأنه يسيطر على مناجم الذهب في السودان، هذا فضًلا عن استخدامها لميليشيات حميدتي في حرب اليمن. ومن جهة أخرى تدعم القاهرة البرهان، بالنظر إلى سياستها الرامية لتعزيز قدرة الجيوش العربية في حكم بلادها، ورفض أي حركات للثورة عليها أو للتمرد، هذا فضلًا عن أسباب أخرى أوضحناها في ملف “الموقف المصري من النزاع في السودان“، منها قرب حميدتي من الحكومة الأثيوبية.
الموقف الإماراتي من النزاع في السودان، لم يأخذ بحسبانه الضرر الذي يلحق بمصر من تقديم دعم لحميدتي، إذ أن معاناة القاهرة ستتفاقم من جهات عدة سواء طال أمد الحرب الجارية أو انتصر فيها حميدتي.
وأول هذه الآثار السلبية هو ضعف موقف مصر بشكل أكبر في ملف سد النهضة، ذلك أن حالة الارتباك السياسي ستضعف أي تحفظات سودانية على الملء الرابع لسد النهضة، فضلًا عن أنها ستصرف نظر الأطراف السودانية المختلفة إلى الحرب الدائرة، في حين تتقدم أثيوبيا لوضع الجميع أمام الأمر الواقع.
وقد أكد ذلك وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، نصر الدين علام، الذي أشار إلى أن أي اضطرابات يشهدها السودان ستكون لها انعكاسات عميقة على ملفات استراتيجية حيوية، ومن بينها الأمن المائي، لافتًا إلى أن تماسك الموقف السوداني والمصري يمثل “ضمانة حقيقية للحفاظ على الحقوق التاريخية والثابتة قانونيًا لدولتي المصب”.[23]
كما أوضح أيضًا مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على لسان نائبه أيمن عبد الوهاب، أن أحداث السودان “ستؤثر مباشرة على أكثر من ملف ذي طبيعة إقليمية، ومنها ملف سد النهضة”، كما أنها “ستُلقي بأعباء إضافية على القاهرة في إدارة هذا الملف الحيوي”.[24]
علاوة على ذلك، فإن حميدتي يتخذ موقفًا أكثر قربًا إلى أديس أبابا في خلافها مع القاهرة سد النهضة، ما يعني أنه حال نجحت الإمارات في تثبيت حميدتي على حكم السودان، فإن موقف مصر في قضية السد سيكون مهددًا إلى حد كبير.
هذا التضارب في المصالح بين مصر والإمارات على الساحة السودانية، والخطر الذي يُحدق بمصر جراء تجاهل الإمارات للأمن القومي المصري، دفع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، لمطالبة النظام المصري بـ”لعب دور أساسي وصريح” في تجنيب السودان نتائج الأحداث الجارية.[25]
وقال موسى: “الصراحة مهمة مع إخواننا ومع غيرهم ممن نشطوا في موضوع السودان دائمًا أو بالذات مؤخرًا. فبعض المصالح العربية قد تتعارض مع المصالح المصرية الأكثر عمقًا في السودان، وكذلك الحال في أفريقيا. هنا يُتوقع من مصر وقفة صريحة وجريئة، إذ أن مصالحنا الحيوية في تلك المنطقة بأسرها أصبحت مهددة وعلى المحك”.
وبجانب قضية السد، نجد أن هناك تداعيات أخرى، من أهمها موجة المهاجرين السودانيين. فخلال العقد الماضي، وجراء التوتر العسكري في السودان، نزح إلى مصر نحو 5 مليون سوداني، وفق هيئة الإذاعة البريطانية.[26] ومن المتوقع أن يتزايد هذا العدد بشكل كبير، نظرًا لاتساع دائرة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وعدم وجود أفق لحل سياسي حتى الآن.
كذلك، فإن آثار موجة الهجرة من السودان ستتفاقم بالنظر إلى الوضع الاقتصادي المتعثر في مصر. وهذا ما قاله السيسي في لقاء له مع صحيفة “The Asahi Shimbun” اليابانية. حيث صرح أن مصر “ستواجه تداعيات اقتصادية وصعوبات” في حال استقبالها مزيدًا من السودانيين. وتابع: “إذا وافقنا على استقبال مزيد من السودانيين، فسوف تشعر مصر بالتأكيد بهذه الآثار”، مشيرًا إلى أن المصريين يعانون بالفعل من “تصاعد التضخم، والارتفاع المتزايد في أسعار الاحتياجات اليومية”.[27]
علاوة على ذلك، فإن استمرار الحرب في السودان من شأنه أن يؤثر على أمن الحدود بين الطرفين، ما يُلقي بعبء إضافي على الجيش المصري لحماية الحدود الجنوبية للبلاد، خاصة في ظل التخوفات من امتداد القتال إلى البلدان المجاورة. وقد أشار إلى ذلك الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الدفاعية في كينجز كوليدج لندن، أندرياس كريج، بقوله إن “القلق الرئيسي هو أن يصبح هذا صراعًا إقليميًا قد يمتد لمصر”.[28]
دعم الإمارات لحميدتي
الموقف الإماراتي من حميدتي ليس سياسيًا فقط، بل إن أبو ظبي قد تحركت لدعم قوات الدعم السريع عسكريًا، وهذا من شأنه أن يزيد من خطر هذا الملف على مصالح القاهرة، ما يتطلب رد فعل قوي من النظام المصري لحماية مصالح البلاد.
فقد ذكرت صحيفة “تلغراف” البريطانية أن الجيش السوداني عثر على قذائف حرارية بحوزة قوات الدعم السريع، صنعت في صربيا عام 2020، وسلمت لاحقًا إلى الإمارات.[29] كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل منسوب لرئيس المخابرات السودانية السابق، صلاح الدين قوش. اتهم فيه الإمارات بالوقوف وراء ما يجري في السودان، عبر إقامة “مطبخ للسياسة السودانية في أبو ظبي”، والقيام بعملية تغيير تستهدف الجيش، وإحلال قوات الدعم السريع بدلًا منه.[30]
وأكد شهود أنهم سمعوا مقاتلين من قوات الدعم السريع يتحدثون الفرنسية، وهي لغة لا يتحدث بها السودانيون، ما يشير الى أنهم قد يكونوا تشاديين جُندوا بتمويل إماراتي.[31]
ومما يشير إلى الدعم الإماراتي المالي لحميدتي، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة تستهدف كيانات في السودان تشمل شركة “تريدف” للتجارة العامة، التي تتخذ من دبي مقرًا لها، لصلتها بقوات الدعم السريع.[32]
علاوة على ذلك، فإن صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج لحميدتي، تُدار من الإمارات، كما أثبتت بعض التقارير، استنادًا على معلومات من صفحات قائد “الدعم السريع”.[33]
وعلى هذا، فإن أبو ظبي وكما تلعب دورًا ضد مصالح القاهرة في ملف سد النهضة، فإنها تفعل الأمر نفسه على الحدود الجنوبية لمصر، في تعارض مع طبيعة التحالفات، التي تستوجب أن يأخذ كل طرف في التحالف مصالح الطرف الآخر في حسبانه، وخاصة إن كانت مصالح جيوسياسية جوهرية قد تؤثر على البلاد لعقود.
ثالثًا: التطبيع الإماراتي مع إسرائيل
في 13 أغسطس/ آب 2020، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التوصل إلى اتفاق للتطبيع بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وصفه بـ”التاريخي”. وكان السيسي أول المهنئين بالاتفاق الجديد، حيث كتب مباشرة في اليوم نفسه على موقع “تويتر”: “تابعت باهتمام و تقدير بالغ، البيان المشترك الثلاثي بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية الشقيقة وإسرائيل حول الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية”، معتبرًا أنها خطوات “من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط”.[34]
لكن هذا الترحيب السريع ربما لا يعكس وجهة النظر الكاملة للنظام المصري الذي يرى أن موجة التطبيع التي عمت المنطقة -وكانت الإمارات في طليعتها- تنضوي على عدة تحديات له. ويمكن ملاحظة ذلك في رد فعل النوافذ الإعلامية المصرية المعروفة بقربها من النظام. فعلى سبيل المثال، قال الإعلامي حمدي رزق، على قناة “صدى البلد” إن “إسرائيل تسجل أهدافًا ضد العرب”.[35]
كما نشرت صحيفة “أخبار اليوم” مقالًا للكاتب جلال دويدار، قال فيه إن “الاتفاق لا يعزز الحقوق الفلسطينية، بل بدلاً من ذلك يستخدمها كغطاء للتطبيع مع إسرائيل”. وكتب عماد الدين حسين رئيس تحرير صحيفة الشروق، سلسلة مقالات انتقد فيها الهرولة للتطبيع.[36]
كذلك، وُجد من الدبلوماسيين المصريين السابقين مَن انتقد الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي، ومنهم مساعد وزير الخارجية الأسبق، محمد مرسي، الذي أعلن رفضه للاتفاق، قائلًا إنه كان يجب أن يتم من خلال “التفاهم والتنسيق العربي المتبادليْن”،[37] ما يشي بأن هناك مَن يرى أن الإمارات تجاوزت الدور المصري التاريخي، في التعامل مع الملف الإسرائيلي.
وهذا هو السبب الأول الذي يجعل النظام المصري قلقًا من التطبيع الإماراتي مع الاحتلال الإسرائيلي. إذ أن موجة التطبيع تهدد الدور المصري طويل الأمد، باعتبارها المحاور العربي الرئيسي مع إسرائيل، وفق ما أشار إليه تقرير صادر عن “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”. وقال المعهد في تقرير له بعنوان: “التطبيع يُقلق راحة القاهرة” إن “القادة المصريين قلقون بشكل واضح بشأن اتفاق التطبيع، باعتباره يعزز اعتقاد القاهرة بأنّ مركز القوة في العالَم العربي، بدأ يتحوّل نحو دول الخليج في السنوات الأخيرة”.[38]
وكما أسلفنا في محور سابق، فإن أحد جوانب أهمية الدور المصري في نظر صانع القرار الأمريكي هو الملف الإسرائيلي. وقد احتكرت مصر المحادثات مع “إسرائيل” طيلة العقود الماضية، منذ معاهدة السلام عام 1979، لكن الآن باتت دول أخرى تزاحمها في هذا الدور، منها الإمارات. بل ربما تتفوق الإمارات عليها نظرًا للقدرة المالية لديها، والتي تتجاوز فيها مصر بمراحل، فضلًا عن أن طبيعة التطبيع الإماراتي تحاول تجاوز طبيعة التطبيع المصري الذي اقتصر بشكل شبه كامل خلال العقود الماضية على الأوساط الرسمية، دون الشعبية.
وقد ألمح المعهد الأمريكي إلى ذلك، قائلًا إن “ما يثير قلق القاهرة أيضًا هو واقع عدم قدرتها على التنافس مع الإمارات في مبادرات التطبيع؛ لأنّ الإماراتيين يملكون الكثير من الأموال الإضافية وباستطاعتهم إبرام اتفاقيات تجارية مع إسرائيل بسرعة أكبر”.
وعلى هذا، فإن التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي يخصم من أهمية مصر في الإقليم بشكل عام، وإن لم يلغيها تمامًا بطبيعة الحال، نظرًا لما تمتلكه مصر من علاقات مع فصائل المقاومة الفلسطينية، ما يخولها للاستمرار في لعب دور الوسيط بين المقاومة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك نظرًا لموقعها الجغرافي المهم، وارتباطها حدوديًا بقطاع غزة، وكذلك بالحدود الإسرائيلية.
لكن بجانب هذا القلق السياسي، هناك قلق أمني أيضًا لدى القاهرة من اتفاق التطبيع الإماراتي. فقد ذكرت تقارير أن “هناك مخاوف مصرية بسبب حالة الانفتاح الكبيرة في العلاقات بين تل أبيب وأبوظبي، وتحوّل الإمارات لمركز إقليمي للشركات الإسرائيلية من جهة، وجهاز الموساد من جهة أخرى، وهو ما يمثل خطرًا على الأمن المصري، نظرًا لوجود نحو مليون مصري يعملون في الإمارات، بخلاف مئات الآلاف الذين يترددون على الإمارات طوال العام لأسباب متعددة”.[39]
ومن هذا المنطلق، فإن “حالة الانفتاح التي تعيشها العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية في ظل وجود العدد الكبير من المصريين في الإمارات، ستدفع المسؤولين المصريين، للتعامل مع الدولة الخليجية باعتبارها مسرح عمليات استخباراتية جديد”.
وإجمالًا، فإن تجاهل الإمارات للتشاور مع مصر يخالف طبيعة علاقات التحالف التي تضم الطرفين. ورغم أن أبو ظبي ترى أن التطبيع مع “إسرائيل” سيحقق لها بعض المصالح، إلا أنها تجاوزت القاهرة ومواطن قلقها عند التطبيع مع إسرائيل.
رابعًا: تعاون إماراتي مع إسرائيل يهدد قناة السويس
بجانب الأثر السلبي للتطبيع الإماراتي-الإسرائيلي على دور مصر في الإقليم، فإن هناك مشاريع أخرى سوف تتضرر منها مصر على المستوى الاقتصادي، حسب مسؤولين مصريين. أحد أهم هذه المشاريع هو “خط أنابيب إيلات-عسقلان”، الذي تعمل الإمارات وإسرائيل على إحيائه.
فبعد أسابيع معدودة من توقيع اتفاق التطبيع، وقع الطرفان اتفاقًا يتعلق بشحن النفط الخام والمنتجات النفطية القادمة من الإمارات إلى الأسواق الأوروبية، عبر خط أنابيب للنفط في “إسرائيل” يربط بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط.
هذا الخط سيكون له تداعياته الاقتصادية على قناة السويس، أحد أهم مصادر الدخل في مصر، بدخل بلغ 7 مليارات و932 مليون دولار في عام 2022.[40] هذا الأثر السلبي أكده رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، الذي حذر -في أكثر من مناسبة- من تداعيات تدشين أي مشروع مواز للنقل البحري على الأمن القومي المصري.
وقال ربيع إن “قناة السويس أصبحت أمام تحديات وجود منافس بري أقل كلفة”. كما أبدى تخوفه من تركيز البضائع الخليجية في يد إسرائيل، قائلا: “نراهن ونعتمد على العروبة في أن تكون التجارة البينية مع إسرائيل قائمة على عدم التأثير على قناة السويس بشكل كبير”.[41]
ووفق المسؤول المصري، فإن المشروع الإماراتي-الإسرائيلي سيؤثر على عدد السفن التي تعبر القناة بنسبة تتراوح بين 12 إلى 16 بالمئة. هذه الإحصائية أكدتها مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، التي ذكرت أن حركة التجارة في قناة السويس مرشحة للتناقص بأكثر من 17 بالمئة بموجب الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي.[42]
وبحسب تعبير أستاذ هندسة السدود والموانئ، الأكاديمي المصري محمد حافظ، فإن “خط بترول إيلات-عسقلان، سيتسبب في قتل خط سوميد المصري”، وهو أول خط لنقل النفط الخليجي إلى أوروبا بالشرق الأوسط.[43]
علاوة على ذلك، الخبيرة المصرفية والعضو السابق بمجلس النواب المصري، بسنت فهمي، أوضحت أن “أي تهديد لقناة السويس يمثل خطرًا كبيرًا على المصريين، نظرًا لاعتماد الحكومة على قناة السويس كأحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، تليها إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين المصريين”. واقترحت الخبيرة الاقتصادية أن تسرع القاهرة من عملية تطوير محور قناة السويس “بدلًا من الوقوف وانتظار الكارثة”.[44]
إذن، فإن خط أنابيب “إيلات-عسقلان”، التي تسعى الإمارات وإسرائيل لإحيائه يحمل مخاطر اقتصادية بالنسبة لمصر، وفق تأكيدات رسمية من القاهرة. وقد يكون “من الطبيعي أن يسعى كل بلد لتحقيق مصالحه الخاصة، بالطريقة التي تخدم شعبه وتقوي اقتصاده”، وفق تعبير الخبير العسكري والعضو السابق في البرلمان المصري، حاتم باشات.[45] لكن علاقات التحالف بين مصر والإمارات تستوجب -على أقل تقدير- التنسيق بين البلدين، خصوصًا وأن هذا المشروع يمر ملاصقًا للحدود المصرية، وسيؤثر سلبيًا على أهم مورد للدخل القومي المصري.
أما من جهة مصر، فإن هذا الاستهداف -المباشر وغير المباشر- من الإمارات للمصالح المصرية يستوجب ردود فعل من النظام المصري، وسياسة أكثر فعالية في حفظ المصالح القومية للبلاد، لكن لا يبدو أن النظام يتبنى هذا النهج حتى الآن.
خامسًا: سعي الإمارات للسيطرة على قطاعات حساسة في الاقتصاد المصري
وعلاوة على مواقف السياسة الخارجية الإماراتية، التي تستهدف المصالح المصرية، فإن هناك نهجًا اقتصاديًا تتبعه أبو ظبي، يستهدف السيطرة على بعض القطاعات الاقتصادية الحيوية في مصر، وهذا بدوره قد يهدد الأمن القومي للبلاد في المستقبل. كما أن الاتفاقيات التي يوقعها الجانبان تُعطي الحكومة الإماراتية امتيازات ليست لغيرها من الدول، قد تؤثر في النهاية على المصالح المصرية.
فعلى سبيل المثال، وقعت مصر والإمارات، في يناير/ كانون الثاني 2017، اتفاقية بشأن التعاون المالي والفني، أقرها مجلس النواب في جلسة سريعة في يوليو/ تموز من العام نفسه. وشملت الاتفاقية استثناءات خاصة بالإمارات، منها ما أوردته المادة 14 من أن هذه الاتفاقية ستمنع مصر من سن قوانين تؤثر على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار المشترك.
علاوة على ذلك، منعت المادة 15 من الاتفاق نفسه مصر من اللجوء للتحكيم حال خلافها مع الإمارات، حيث قصرت طُرق حل المشكلات الاقتصادية بين الطرفين على التفاوض والتشاور، وبالتالي فإن هناك حصانة للشركات الإماراتية ضد الملاحقة القضائية.[46]
وبالحديث عن تزايد التغول الإماراتي في بعض القطاعات الجوهرية في مصر، نجد أنه في القطاع المالي، استحوذ “بنك أبوظبي الأول مصر”، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، على “بنك عودة” المصري، بشكل كامل. وبلغ إجمالي أصول البنك حينها 187 مليار جنيه مصري، وله 69 فرعا و211 ماكينة صراف آلي.[47]
ويبدو أن الإمارات تستهدف توسع نفوذها في القطاع المالي المصري، حيث أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية عن رغبة بنك أبو ظبي الأول، في تقديم عرض شراء لاستحواذ محتمل على نسبة أغلبية، لا تقل عن 51 بالمئة من أسهم رأس مال المجموعة المالية «هيرميس» القابضة المصدرة.[48]
ووفق موقع “مصراوي”، فإن الإمارات هي صاحبة العدد الأكبر للبنوك الأجنبية بالقطاع المصرفي المصري، عبر 5 بنوك تعمل في مصر، هي “أبوظبي الأول”، و”أبوظبي التجاري”، و”الإمارات دبي الوطني”، و”أبوظبي الإسلامي”، و”بنك المشرق”.[49]
وفي القطاع الصحي، نجد أن شركة “أبراج كابيتال” الاقتصادية الإماراتية العملاقة، تمكنت من إتمام أكثر من صفقة استحواذ على أكبر كيانات طبيّة مصرية، حيث اشترت 12 مستشفى خاصًا، أبرزها مستشفى “القاهرة التخصصي” و”بدراوي” و”القاهرة” و”كليوباترا” و”النيل”، علاوة على أشهر معامل التحاليل كـ”المختبر” و”البرج”، كما اشترت الشركة الإماراتية “شركة آمون للأدوية”.
هذه التحركات الإماراتية للسيطرة على القطاع الصحي دفعت وكيلة نقابة الأطباء المصريين السابقة، منى مينا، للتحذير من “سعي شركات إماراتية للسيطرة على النظام الصحي في مصر”، واصفة الأمر بـ”المرعب”.[50]
وقالت مينا: “الكارثة أنه في الوقت نفسه الذي يسعى مشروع خصخصة التأمين الصحي الجديد لفتح المستشفيات العامة للقطاع الطبي الخاص في مصر، تستولي شركة أبراج الإماراتية على المستشفيات الخاصة الأكبر في مصر بالتدريج”.
أضف إلى ذلك ما نشرته صحيفة “المصري اليوم”، في سبتمبر/ أيلول عام 2016، من أن هيئة الرقابة الإدارية حذرت سرًا من هيمنة الإمارات على القطاعات الطبية في مصر، معتبرة أن ذلك “يهدد الأمن القومي المصري”.[51]
وبالنظر إلى قطاع الاتصالات، الذي يتعلق مباشرة بالأمن القومي لمصر، ولا يُسمح بالاستثمار فيه إلا بعد موافقة أمنية، نجد أن عدد الشركات الإماراتية العاملة في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا المصري نحو 674 شركة، كما يبلغ حجم استثمارات شركة اتصالات الإماراتية في مصر إجمالي 36 مليار جنيه مصري.
هذا علاوة على أن النظام المصري حاول تهجير المواطنين وإزالة عقارات، من بينها “مثلث ماسبيرو” المطل على النيل بقلب القاهرة، بدعوى تطويرها من قبل شركة “إعمار” الإماراتية. وأشارت تقارير صحيفة إلى أن مكتب “آر أس بي” للهندسة العقارية الإماراتي، يقف خلف قرار السيسي بنقل تبعية “جزيرة الوراق”، إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، تمهيدا للبدء في تنفيذ مخطط تطوير من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الإسكان. وأكدت التقارير أن المشروع الإماراتي يستهدف تحويل الجزيرة إلى منطقة خدمات مالية.[52]
مؤخرًا، ومع بدء عملية الخصخصة وبيع الشركات الحكومية المصرية لحل الأزمة الاقتصادية، سيطرت الإمارات على حصة كبيرة من تلك العملية، حيث بلغ حجم استثمارات شركة أبوظبي التنموية القابضة “القابضة ADQ”، الحكومية الإماراتية، في برنامج الطروحات نحو 2.68 مليار دولار. والجدير بالذكر أن الذي يترأس مجلس إدارة “القابضة ADQ” هو طحنون بن زايد، مستشار الأمن الوطني الإماراتي، ونائب حاكم إمارة أبوظبي.[53]
وبالطبع، فإن الاستثمار في حد ذاته يقع في نطاق العلاقات الطبيعية بين الدول، إذ أنه يهدف للمصلحة المشتركة بين الطرفين. لكن هناك سببين يدعوان للقلق من الاستثمارات الإماراتية في مصر. الأول هو استهداف أبو ظبي للسيطرة على قطاعات حيوية من حياة المصريين، وهذا يهدد مصر، باعتبار أن الإمارات قد تستخدم سيطرتها على تلك القطاعات كأدوات ضغط، عند وجود خلافات مع مصر.
أما السبب الثاني فهو الحصانة التي تتمتع بها هذه الاستثمارات، بحيث أن القاهرة سلبت نفسها أحد الأدوات المهمة التي قد تلجأ إليها إذا ما انتهكت أبو ظبي الاتفاقات الاقتصادية، ما يعني إطلاق يد الإمارات في الاقتصاد المصري بموجب هذه الحصانة.
سياسة نظام السيسي تجاه الاستهداف الإماراتي
عندما وقعت الحكومة التركية وحكومة الوفاق الوطني الليبية، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، اتفاقًا لترسيم الحدود البحرية بين الطرفين، أصدرت مصر بيانًا رسميًا يرفض الاتفاقية، بل وذهبت إلى توقيع اتفاقية شبيهة مع اليونان، الخصم الرئيسي لتركيا في شرق البحر المتوسط.
لكن عند سؤال وزير خارجية النظام المصري، سامح شكري، حول تأثير الاتفاق الليبي-التركي على مصالح مصر، قال: “لا يوجد مساس لمصالحنا في مصر من اتفاق تركيا وحكومة طرابلس، ولكن يوجد مساس لمصالح دول أخرى في منطقة المتوسط، وعلينا أن نتساءل من هدف هذا الاتفاق والسرعة القياسية لعقده”.[54]
هذا الموقف المصري قد يساعد في تصور المفارقة التي تنطوي عليها السياسة الخارجية للنظام المصري. فمن جهة رفض النظام اتفاقًا “لا يمس مصالح مصر”، بل ويزيد مساحتها البحرية في شرق المتوسط، ومن جهة أخرى، لا يتبع سياسات تحمي مصالح جوهرية لمصر، تستهدفها الإمارات بشكل أو بآخر.
فموقف الإمارات من سد النهضة يهدد مستقبل مصر المائي، وموقفها من النزاع في السودان يؤثر سلبًا على مصر اقتصاديًا وأمنيًا، وتطبيع الإمارات مع الاحتلال الإسرائيلي يسحب من رصيد مصر على المستوى الإقليمي، وإحياء خط أنابيب إيلات-عسقلان يهدد أحد أهم مصادر الدخل القومي لمصر، إن لم يكن الأهم.
ورغم ذلك، نرى النظام المصري لا يوجه انتقادات لمواقف الإمارات، التي إذا ما قورنت تدخلاتها بتدخلات دول أخرى يعتبرها السيسي خصومًا إقليميين له، سنجد أن تدخلات الإمارات أشد خطورة على المصالح المصرية، نظرًا لجوهرية الملفات التي ذكرناها آنفًا من الناحية الاستراتيجية.
وعلاوة على عدم تسجيل موقف رسمي مصري يعترض على تهديد المصالح الوطنية للبلاد، فإن القناة الدبلوماسية المفتوحة بين الطرفين، المصري والإماراتي، لم ينتج عنها تغيرًا في السلوك الإماراتي طيلة السنوات الماضية. فما زالت المواقف الإماراتية ثابتة طوال الفترة الماضية من هذه الملفات.
وربما السبب الأبرز في عدم فعالية سياسات النظام المصري في التصدي لتدخلات الإمارات تكمن في حاجة مصر الاقتصادية إلى النظام الإماراتي، فمنذ وصول السيسي للسلطة بعد الانقلاب العسكري عام 2013، مر الاقتصاد بحالة من التدهور استمرت على مدار سنوات، ثم اشتدت بعد فيروس كورونا، والحرب الروسية-الأوكرانية.
هذه الأزمة دفعت بالسيسي للجوء إلى شركائه في الخليج، الذين باتوا يرفضون سياسة الدعم المفتوح له، خاصة السعودية. وفي ظل انحسار خيارات السيسي حول الجهات التي قد تدعم الاقتصاد المصري، فإن ذلك يدفع به تجاه الإمارات بشكل أكبر. وربما هذا ما يفسر ثناء السيسي مرارًا على الدعم الإماراتي لنظامه خلال الأسابيع القليلة الماضية، والذي عبر عنه بقوله إن مصر لم تكن لتقوم لها قائمة لولا هذا الدعم.
حاجة السيسي إلى الإمارات لدعمه اقتصاديًا تأتي -بطبيعة الحال- على حساب استقلال السياسة الخارجية لمصر. وهذا ما أكده “معهد واشنطن”، الذي أوضح عدة أسباب تمنع نظام السيسي من اتخاذ سياسة أكثر فعالية في الملف السوداني. وقال المعهد: “يصعب على مصر التأثير في الأحداث في السودان بسبب تضاؤل نفوذها في المنطقة، وعدد الجهات الفاعلة الخارجية التي تقف في صف حميدتي … ومن أهمها الإمارات”.[55]
وأوضح المعهد الأمريكي أنه “نظرًا إلى حاجة القاهرة الملحة إلى الأموال والاستثمارات الإماراتية لدعم اقتصادها المتقلب، لا يخوّلها هذا الوضع للتصادم مع حليفتها التقليدية أبوظبي”.
السبب نفسه أكدت عليه “مجموعة الأزمات الدولية”، التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها. ففي تقرير لها نشرته في أواخر مايو/ أيار 2023، أوضحت المجموعة أن “مصر تواجه أزمة اقتصادية قد تعرقل سياساتها المحلية والخارجية والاقتصادية، وتعمق خيبة الأمل لدى الرأي العام المصري، وتغذي حالة من عدم الاستقرار”.[56]
وبجانب الحاجة الاقتصادية للإمارات، يبدو أن هناك خشية لدى السيسي بشكل عام من فقدان الدعم السياسي من أي حليف خارجي له، وخاصة إذا كان هذا الحلف مثّل أحد الروافع التي ساهمت في وصوله للسلطة. فكما أن الأزمة الاقتصادية تدفع السيسي للحفاظ على علاقاته مع الإمارات، فإن أيضًا احتمالية وجود ارتدادات سياسية للصعوبات الاقتصادية التي يعانيها الشعب المصري، تدفع السيسي للحفاظ على شبكة تحالفاته التي تدعم بقاءه شخصيًا في السلطة.
المصادر
[1] القناة الرسمية لـ”رئاسة جمهورية مصر العربية” على يوتيوب، السيسي يشارك في الجلسة الرئيسية بالقمة العالمية للحكومات، 13 فبراير/ شباط 2023
[2] مصراوي، السيسي عن سد النهضة: مصر الدولة الأكثر جفافا في العالم ولا تتحمل نقص المياه في أي وقت، 13 مارس/ آذار 2023
[3] eXtra news، الرئيس السيسي: مصر من أكثر الدول جفافا في العالم وتعتمد على نهر النيل بشكل شبه حصري لمواردها المائية، 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2023
[4] وكالة سبوتنيك الروسية، الخارجية المصرية: قضية سد النهضة أولوية وجودية تمس حياة كل المصريين، 16 مارس/ آذار 2023
[5] العربي الجديد، مخاطر سد النهضة كارثية على مصر، 31 يوليو/ تموز 2020
[6] المصدر نفسه
[7] الأناضول، سد النهضة.. إثيوبيا تبدي انزعاجها من موقف الجامعة العربية، 16 يونيو/ حزيران 2021
[8] الأناضول، هل تخسر الإمارات حلفاءها بسبب دعمها لإثيوبيا؟ (تحليل)، 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[9] المصدر نفسه
[10] BBC، سد النهضة: السيسي يحذر من المساس بحق مصر في مياه النيل ويقول إنها “خط أحمر”، 30 مارس/ آذار 2021
[11] اليوم السابع، الدول العربية تواصل تضامنها مع مصر فى قضية سد النهضة.. البرلمان العربى يحذر إثيوبيا من القرارات الأحادية ويدعو للمفاوضات.. والكويت تدعم الجهود المصرية السودانية.. والقضية تتصدر أجندة العلاقات المصرية الأردنية، 31 مارس/ آذار 2021
[12] وكالة أنباء البحرين، الإمارات تؤكد حرصها على استمرار المفاوضات المثمرة لتجاوز أية خلافات حول سد النهضة، 31 مارس/ آذار 2021
[13] سكاي نيوز عربية، الإمارات ترسل طائرة مساعدات إنسانية إلى إثيوبيا، 1 أبريل/ نيسان 2021
[14] الجزيرة مباشر، مشادة داخل البرلمان المصري بعد اتهام أحد النواب دولة خليجية بتمويل سد النهضة (فيديو)، 6 يونيو/ حزيران 2021
[15] مدى مصر، اتساع الهوة.. هكذا تدهور التنسيق الوثيق بين مصر والإمارات، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[16] نون بوست، بعد التصعيد المصري.. هل تضحي الإمارات بعلاقتها مع إثيوبيا؟، 1 أبريل/ نيسان 2021
[17] الأناضول، هل تخسر الإمارات حلفاءها بسبب دعمها لإثيوبيا؟ (تحليل)، 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[18] Aljazeera, UAE air bridge provides military support to Ethiopia gov’t, 25 Nov 2021
[19] الشروق، بيان إماراتي بشأن سد النهضة: نؤمن بإمكانية نجاح المفاوضات، 2 أغسطس/ آب 2022
[20] العربي الجديد، أزمة سد النهضة: مصر تخطر الإمارات بالانسحاب من مفاوضات أبوظبي، 23 مارس/ آذار 2023
[21] العربي الجديد، مصر تعود لمفاوضات أبوظبي بشأن سد النهضة، 25 يونيو/ حزيران 2023
[22] المصدر نفسه
[23] الشرق الأوسط، كيف تؤثر التوترات في السودان على موقف مصر بملف «سد النهضة»؟، 15 أبريل/ نيسان 2023
[24] المصدر نفسه
[25] CNN، عمرو موسى يتحدث عن تعارض بعض مصالح العرب مع مصر في السودان واحتمال استغلال إثيوبيا للوضع، 17 أبريل/ نيسان 2023
[26] BBC، اشتباكات السودان: مصر تواجه معضلة في التعامل مع الصراع في البلد المجاور، 23 أبريل/ نيسان 2023
[27] RT، السيسي: مصر ستواجه صعوبات حال استقبال مزيد من السودانيين، 3 مايو/ أيار 2023
[28] Al Jazeera, Analysis: UAE, Egypt closer to different sides in Sudan conflict, 28 Apr 2023
[29] The Telegraph, Day-long ceasefire agreed in Sudan after intense international mediation, April 18, 2023
[30] عربي 21، تفاصيل خطيرة عن “انقلاب” حميدتي.. كيف دبرت له الإمارات؟ (شاهد)، 19 أبريل/ نيسان 2023
[31] إمارات ليكس، أول تحرك دولي ضد دعم الإمارات ميليشيات التمرد في السودان، 2 يونيو/ حزيران 2023
[32] عرب 48، واشنطن تعلن فرض عقوبات جديدة متعلقة بالسودان، 1 يونيو/ حزيران 2023
[33] BBC، حميدتي: ناشطون يكشفون أن صفحته على فيسبوك تدار من دولة الإمارات، 19 أبريل/ نيسان 2023
[34] الحساب الرسمي للسيسي على تويتر، تصريح حول اتفاق التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي، 13 أغسطس/ آب 2020
[35] قناة صدى البلد، نظرة مع حمدي رزق – 13 أغسطس 2020 -الحلقة الكاملة، 13 أغسطس/ آب 2020
[36] جريدة الشروق، المهرولون والمطبلون والطرش فى الزفة!، 27 أغسطس/ آب 2020
[37] معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، التطبيع يُقلق راحة القاهرة، 19 أغسطس/ آب 2020
[38] المصدر نفسه
[39] بي بي سي، التطبيع: هل يتسبب الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل في” أزمة” لمصر؟، 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[40] RT، كم بلغت إيرادات قناة السويس المصرية عام 2022؟، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2022
[41] الشرق، ضربة قاضية لقناة السويس.. رسمياً النفط الإماراتي إلى أوروبا عبر إسرائيل، 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[42] الجزيرة نت، ممرات مائية وخطوط لنقل النفط.. مشاريع إقليمية ودولية تستنزف قناة السويس، 10 فبراير/ شباط 2021
[43] المصدر نفسه
[44] Al-Monitor, Egypt concerned UAE-Israeli pipeline project will affect Suez Canal, February 8, 2021
[45] المصدر نفسه
[46] عربي 21، خبراء: بهذه الاتفاقية.. الإمارات تحكم قبضتها على اقتصاد مصر، 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2017
[47] سكاي نيوز عربية، “أبوظبي الأول” يعلن إتمام دمج العمليات مع “بنك عودة” في مصر، 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022
[48] القدس العربي، هيمنة إماراتية على قطاعات في الاقتصاد المصري، 10 فبراير/ شباط 2022
[49] الاستقلال، ليس لإنقاذه فقط.. ماذا وراء سباق الأنظمة الخليجية لدعم نظام السيسي؟، 6 أبريل/ نيسان 2022
[50] المصدر نفسه
[51] رصد، الإمارات تستحوذ على مفاصل الاقتصاد المصري، 25 يناير/ كانون الثاني 2019
[52] الجزيرة نت، هل تهدد الاستثمارات الإماراتية مقدرات مصر؟، 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018
[53] عربي 21، 2.7 مليار دولار استثمارات إماراتية.. هل تخلت مصر عن سيادتها ببرنامج الطروحات؟، 15 يوليو/ تموز 2023
[54] RT، سامح شكري: اتفاق أردوغان والسراج لا يمس مصالح مصر لكنه يعقّد الوضع، 6 ديسمبر/ كانون الأول 2019
[55] معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، مقاربة مصر تجاه الصراع في السودان: أزمة محتدمة بواسطة أنتوني سكينر، 23 يونيو/ حزيران 2023
[56] Crisis Group, Egypt in the Balance?, 31 May 2023