الفهرس
مقدمة
المحور الأوَّل: سوريا
- استمرار التنسيق التركي الروسي بشأن سوريا
- التصعيد في الشمال السوري
المحور لثاني: ليبيا
- دعم تركي لحكومة الوحدة الوطنيَّة
- تركيا تنتقد تقرير البعثة الأمميَّة لتقصي الحقائق
المحور الثالث: مصر
- أصداء التطبيع بين تركيا ومصر
- محاولات مصريَّة لإثناء تركيا عن بيع مُسيَّرات لإثيوبيا
المحور الرابع: العراق
- العمليَّات العسكريَّة في شمال العراق
- التعاون الثنائي بين البلديْن
- العلاقات مع إقليم كردستان وتركمان العراق
المحور الخامس: دول الخليج
1 – قطر:
- تدشين فرقاطة عسكريَّة لصالح قطر
- ترحيب تركي بالانتخابات القطريَّة
- تبرعات قطريَّة لمتضرري الحرائق في تركيا
2 – الإمارات العربيَّة المتحدة:
- الاستثمارات الإماراتيَّة في تركيا
- فرض حظر كامل على زعيم المافيا التركيَّة في الإمارات
المحور السادس: فلسطين والكيان الصهيوني
- أردوغان وتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- إدانة تركيَّة للسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى
- التعاون التركي الفلسطيني واستمرار المساعدات التركيَّة
المحور السابع: أوروبا
- فرنسا ومهاجمة تركيا للتهرُّب من الإرث الاستعماري في الجزائر
- تركيا والاستفزازات اليونانيَّة
- التصعيد في شرق المتوسط
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكيَّة
- تمديد العقوبات الأمريكيَّة على تركيا
- تداعيات أزمة الصواريخ الروسيَّة “إس-400”
المحور التاسع: الداخل التركي
- صياغة الدستور التركي الجديد
- المعارضة التركيَّة واللعب بورقة اللاجئين
- توقعات إيجابيَّة بشأن نمو الاقتصاد التركي
المقدمة
يَستعرض تقرير “أحوال تركيَّة” للفترة من 16 سبتمبر/أيلول إلى 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أبرز الأحداث على الساحة التركيَّة، في الداخل والخارج، وهي كثيرة، وتعكس التطورات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة على المستوى الداخلي، وأهميَّة الدور التركي المتنامي على المستوى الخارجي.
فعلى المستوى الخارجي، استمر التنسيق التركي الروسي بشأن اتفاقيَّات التهدئة في شمال سوريا، ولكن هذا التنسيق صَار عرضة للخطر بسبب خروقات الجماعات الإرهابيَّة التي استهدفت القوَّات التركيَّة مؤخرًا، وهو ما يزيد من توقعات
القيام بعمليَّة عسكريَّة تركيَّة جديدة في الشمال السوري.
وفيما يَخصُّ الشأن الليبي، أكّدت تركيا على دعمها لحكومة الوحدة الوطنيَّة، وجددت رفضها لمساواة وجودها بوجود أيّ قوَّات أجنبيَّة أخرى على الأراضي الليبيَّة، وهو ما جعلها تنتقد تقرير الأمم المتحدة الذي يتهم القوَّات الأجنبيَّة بانتهاك القانون الإنساني الدولي وارتكاب جرائم حرب.
أمَّا مصر فلم تزل أصداء مباحثات التقارب بينها وبين تركيا تتردَّد في تصريحات المسؤولين، بما يفيد بقاء الوضع على ما هو عليه، لتمسُّك القاهرة بمطالبها. وقد يزداد الأمر تعقيدًا بسبب تقارير عن تزويد تركيا إثيوبيا بطائرات عسكريَّة مُسيَّرة.
ومع العراق، تواصل التعاون التركي في المجال التجاري والاقتصادي، وتواصلت أنقرة مع العديد من أطراف المشهد السياسي والعِرقي في العراق، كما استمرت العمليَّات الاستخبارتيَّة والعسكريَّة التركيَّة في شمال العراق، وهو ما أسفر عن تحييد عدد كبير من عناصر حزب العمال الكردستاني.
وإذا انتقلنا إلى العلاقات التركيَّة الخليجيَّة، فسنجد أن التعاون التركي القطري يسير في مساره الطبيعي، بما يعكس متانة العلاقات بين الطرفيْن. كما تسعى الإمارات إلى تحسين العلاقات مع تركيا من بوابة الاقتصاد والرغبة في ضخ أموال ضخمة في مجالات الاستثمار المختلفة في السوق التركي.
وعلى صعيد القضيَّة الفلسطينيَّة، جددت تركيا تمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني عبر منصة الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة. وأدانت السماح لليهود بالصلاة بباحات المسجد الأقصى. واستمرت في تقديم العون للفلسطينيّين في الضفة الغربيَّة وغزة.
وإذا انتقلنا إلى أوروبا والولايات المتحدة، فسنجد أن التوتر هو سيد الموقف في علاقات تركيا بالغرب، حيث استمرت فرنسا واليونان وقبرص اليونانيَّة في استفزاز أنقرة، كما جددت أمريكا عقوباتها على تركيا بسبب الملف السوري، ومازالت تداعيات شراء تركيا لمنظومة “إس-400” الروسيَّة تتوالى، وكان آخرها رفض تزويد تركيا بمقاتلات “F35″، وعزم أنقرة شراء طائرات بديلة.
وأخيرًا، وفي الداخل التركي، أعلن الرئيس أردوغان عن انتهاء حزبه من إعداد دستور جديد للبلاد، يرسخ النظام الرئاسي، وهو ما ترفضه المعارضة التي تستخدم ورقة اللاجئين في معركتها الانتخابيَّة المقبلة مع حزب “العدالة والتنمية”. هذا في الوقت الذي توالت فيه تقارير المؤسَّسَات الدوليَّة التي تتوقع ارتفاع نسبة النمو في الاقتصاد التركي، رغم زيادة التضخم وتراجع قيمة الليرة التركيَّة.
تنسيق واتفاقات ثم خروقات وتصعيد بين الحين والآخر، نمط صَار هو المعتاد على الحدود السوريَّة التركيَّة، فبعد أيَّام من مفاوضات وُصِفت بالمثمرة بين روسا وتركيا، تشتعل المنطقة مرَّة أخرى بسبب القصف المستمر من جانب النظام السوري وحليفه الروسي لمناطق التهدئة المتفق عليها واستهداف القوَّات التركيَّة من جانب المنظمات الكرديَّة التي تصفها تركيا بالإرهابيَّة وتتهم روسيا وأمريكا بدعمها. وأخيرًا، ثمَّة عمليَّة عسكريَّة تركيَّة تلوح في الأفق بسبب مصرع اثنين من الشرطة التركيَّة في شمال سوريا.
- استمرار التنسيق التركي الروسي بشأن سوريا
ثمَّة تداخل في المصالح المشتركة بين تركيا وروسيا في العديد من الملفات الإقليميَّة والدوليَّة، وعلى رأسها الملف السوري الذي يُعَد من أكثر العوامل المؤثرة في طبيعة العلاقات التركيَّة الروسيَّة التي يمكن وصفها بالتنافسيَّة في ظِلّ محاولات ملء الفراغات العسكريَّة وبناء التوازنات الجديدة بعد تغيُّر الإستراتيجيَّة الأمريكيَّة في مناطق الصراع، ومنها سوريا.
في هذا الإطار، كان الملف السوري هو أبرز الملفات المطروحة على طاولة المفاوضات بين الرئيسيْن التركي والروسي، في اللقاء الذي عقد بينهما في مدينة “سوتشي” الروسيَّة، في 29 سبتمبر/أيلول.
وقبيل اللقاء، رَبَط الرئيس التركي، “رجب طيّب أردوغان”، بين تحقيق السلام في سوريا والتنسيق بين أنقرة وموسكو، بقوله إن “السلام في سوريا مرتبط بالعلاقات القائمة بين تركيا وروسيا، والخطوات التي يتخذها البلدان معًا بشأن سوريا لها أهميَّة كبيرة”. وبدوره، قال الرئيس الروسي بوتن إن “التعاون بين روسيا وتركيا مستمر بنجاح على الساحة الدوليَّة، وخاصَّة في الملفين السوري والليبي”[1].
يمكن القول إن الشأن السوري قد حَصَل على نصيب الأسد من المباحثات بين الرئيسيْن، وذلك من خلال كثرة النقاط التي حرص الرئيس أردوغان على تناولها مع الجانب الروسي، وأكَّد فيها على ما يلي:
- الالتفات إلى المأساة الإنسانيَّة، بالإضافة إلى العبء الاقتصادي للأزمة، والذي وَصَل إلى أبعادٍ لا تطاق بالنسبة للجميع.
- العمل لإيجاد حَلّ دائم ونهائي ومستدام لهذه المشكلة، والتأكيد على الانفتاح التركي على أيّ خطوة واقعيَّة وعادلة في هذا الاتجاه.
- التزام تركيا بجميع التفاهمات، وتطهير الممر الأمني من العناصر المتطرفة، وانتظار التقارب ذاته من جانب الطرف الآخر، والسعي لحَلّ أيّ مشكلة عبر الطرق الدبلوماسيَّة والعمل المشترك.
- عمل تركيا باستمرار من أجل العودة الآمنة للسوريّين، ووجود تطوُّر إيجابي في هذا الملف، يتمثل في عودة أكثر من مليون شخص إلى ديارهم، منهم 400 ألف عادوا إلى إدلب.
- وجوب تنفيذ الاتفاقات التي تمَّ التوصُّل إليها مع روسيا بشأن إنهاء وجود تنظيم “ي ب ك/بي كا كا” الإرهابي في سوريا[2].
يُذكَر أن الاتفاق المبرم بين البلدين في 2017، ويَنصُّ على إقامة منطقة خفض تصعيد في إدلب، يَتعرَّض لخروقات متواصلة من جانب النظام السوري وروسيا، كان آخرها قصف مناطق في إدلب من جانب الطائرات الروسيَّة، قبيل قمة بوتن وأردوغان.
وعلى الرغم من هذه الخروقات، فإن تركيا تتمسَّك بالاتفاق، وهو ما صَرَّح به وزير الدفاع التركي، “خلوصي آكار، عشيَّة سفر أردوغان إلى روسيا، حيث أكَّد أن بلاده ملتزمة بالاتفاقات التي وقعتها مع روسيا في محافظة إدلب السورية، وتنتظر من الطرف المقابل تحمُّل مسؤوليَّاته المتعلقة بالاتفاق. وأفاد الوزير التركي بأن الروس يقولون بأنهم يستهدفون المجموعات الإرهابيَّة في إدلب، إلَّا أن ضحايا هذه الهجمات ليس بينهم إرهابيُّون. وأوضح أكار أن الهجمات المذكورة تعد سببًا لتزايد الهجرة وتصاعد التطرُّف بين سكان المنطقة، مؤكِّدًا على أهميَّة استمرار وقف إطلاق النار وضمان الاستقرار. وأضاف: “اتفقنا على انسحاب الإرهابيّين، ولكن للأسف، ما يزال وجودهم مستمرًا هناك”. وأشار آكار إلى أن تركيا لن تسمح بأيّ خطر أو تهديد لها في جنوب البلاد، مؤكِّدًا احترام أمن حدود الدول الجارة وحقوقها السياديَّة، وفي مقدمتها سوريا والعراق[3].
ويمكن القول إن تركيا سوف تستمر في التمسُّك بآليَّات التنسيق مع الجانب الروسي، نظرًا لحساسيَّة الموقف التركي من قضيَّة اللاجئين وإمكانيَّة تدفق مزيدٍ منهم إلى الأراضي التركيَّة جَرَّاء أيّ تصعيدٍ في سوريا. هذا بالإضافة إلى التطوُّرات الإقليميَّة والدوليَّة الراهنة، والتي تدفع النظام التركي إلى تحسين علاقاته المتوترة مع دول محور الثورة المضادة في المنطقة، وهو ما يعني تخفيف حِدَّة العداء للنظام السوري.
- التصعيد في الشمال السوري
تصاعد التوتر في الشمال السوري جَرَّاء الخروقات المستمرة لاتفاقيَّات التهدئة في المناطق المشمولة بالاتفاق التركي الروسي، وشهدت الأسابع الأخيرة زيادة في العمليَّات التي تقوم بها المنطمات الإرهابيَّة انطلاقًا من شمال سوريا، والتي تستهدف النقاط العسكريَّة التركيَّة، بالإضافة إلى استمرار سقوط الضحابا من المدنيّين جَرَّاء قصف النظام السوري والقوَّات الروسيَّة المتحالفة معه.
وخلافًا لكلّ ما تمَّ الإعلان عنه بعد لقاء الرئيسيْن التركي والروسي في قمة سوتشي حول العمل المشترك من أجل تهدئة الأوضاع في شمال سوريا، تعرَّضت مناطق في ريف إدلب وريف حماة، في 11 أكتوبر/تشرين الأوَّل، لقصفٍ من جانب النظام، ووقعت فيها انفجارات مجهولة المصدر، وأسفر القصف عن سقوط ما يقرب من 40 مدنيًّا، بين قتيل وجريح.
وقبل ذلك، تعرَّضت القوَّات التركيَّة في شمال سوريا إلى هجوم من جانب مسلحي منظمة “بي كا كا/ب ي د” التي تصفها أنقرة بالإرهابيَّة، أسفر عن مصرع شرطيّين تركيّين وإصابة ثلاثة آخرين من أفراد المهام الخاصَّة التركية، الأمر الذي بَدَا وكأنه بداية فصل جديد من المواجهة بين القوَّات التركيَّة في منطقة عمليَّة “درع الفرات” والمنظمات المعادية لتركيا.
وذكرت وزارة الداخليَّة التركيَّة أن مسلحي التنظيم المذكور نفذوا هجومًا بصاروخ موجَّه انطلاقًا من منطقة “تل رفعت” التي يسيطر عليها مسلحو التنظيم في محافظة حلب السورية، واستهدف مدرعة تركيَّة في منطقة عملية “درع الفرات” بين مدينتي “مارع” و”إعزاز”[4].
أثار الحادث غضب تركيا التي عبَّرت على لسان رئيسها عن “نفاد صبر أنقرة حيال بؤر الإرهاب شمالي سوريا وعزمها على القضاء على التهديدات التي مصدرها تلك المناطق”. وقال الرئيس: “الهجوم الأخير على قوَّاتنا والتحرُّشات التي تستهدف أراضينا بلغت حدًّا لا يُحتمل”. وأضاف: “عازمون على القضاء على التهديدات، إمَّا عبر القوى الفاعلة هناك أو بإمكاناتنا الخاصَّة… وسَنُقدم على الخطوات اللازمة لحَلّ هذه المشاكل في أسرع وقت”[5].
واتهم الرئيس التركي قوَّات التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة بدعم تنظيم “بي كا كا” الإرهابي وامتداداته “ي ب ك/ب ي د”. وأوضح أن التنظيمات المذكورة مارست إرهابها باستخدام الأسلحة والذخائر والمعدات التي قدمتها تلك الأطراف بذريعة مكافحة “داعش”، وأن تركيا سوف تخوض أشكال الكفاح اللازم ضد تلك التنظيمات الإرهابيَّة والقوَّات المدعومة أمريكيًّا هناك، وكذلك ضد قوَّات النظام[6].
أمَّا وزير الخارجيَّة، “مولود تشاووش أوغلو”، فقد اتهم روسيا وأمريكا بعدم الالتزام بتعهداتهما، وأكَّد أن بلاده سوف تعتمد على نفسِها في القيام بما يجب. في حين أكَّد وزير الدفاع، “خلوصي آكار”، أن جيش بلاده سَيعمل اللازم في المكان والزمان المناسبيْن لوقف الهجمات الإرهابيَّة شمال سوريا[7].
ويَرى مراقبون أن التصريحات التركيَّة تحمل في طيَّاتها مؤشرات لعمليَّة عسكريَّة جديدة في المناطق السوريَّة. وفي هذا السياق، ذكر مسؤولون بـ”الجيش الوطني الحُرّ” أن التصريحات التركيَّة الأخيرة تؤكِّد بشكل شبه قاطع اقتراب العمل العسكري، وأن العمليَّة العسكريَّة المرتقبة ستكون بهدف ردع قوات “قسد” وأذرعها، لمنع تكرار استهداف “المناطق المُحرَّرة”، التي تسيطر عليها المعارضة السوريَّة[8].
وَاصَلت تركيا دعمها للشرعيَّة في ليبيا، حيث أكَّدت على وقوفها في صف حكومة الوحدة الوطنية ضد قرار سَحْب الثقة منها. وأكَّدت أنقرة على الموقف التركي المدافع عن العمليَّة السياسيَّة تحت مظلة الأمم المتحدة، والداعم للشعب الليبي وحكومته الشرعيَّة. كما تمسَّكت تركيا بموقفها الرافض لاعتبارها قوَّة أجنبيَّة والمساواة بينها وبين المرتزقة الأجانب، ولهذا فقد انتقدت تقرير الأمم المتحدة الذي لم يُفرّق بين وجودها الشرعي على الأراضي الليبيَّة ووجود القوى الأخرى المتهمة بانتهاك القانون الإنساني الدولي وارتكاب جرائم حرب.
- دعم تركي لحكومة الوحدة الوطنيَّة
قام مجلس النوَّاب الليبي بسَحْب الثقة من حكومة الوحدة الوطنيَّة برئاسة “عبدالحميد الدبيبة” في 21 سبتمبر/أيلول 2021. وبحسب إعلان رسمي، فإن 89 عضوًا من أصل 113 حضروا الجلسة التي عقدت في “طبرق” بشرق ليبيا قد صَوَّتوا بالموافقة على سَحْب الثقة[9]. وقد شكّك نوَّاب -حضروا جلسة المجلس- في الأصوات التي سُجّلت لسَحْب الثقة من الحكومة. ووَصَف المجلس الأعلى للدولة في ليبيا قرار مجلس النوَّاب بالباطل لمخالفته الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، في حين قالت البعثة الأمميَّة في ليبيا تعقيبًا على إعلان مجلس النوَّاب، إن حكومة الدبيبة تظل معها الشرعيَّة، حتى استبدالها عبر عمليَّة منتظمة تعقب الانتخابات[10].
ورَدًّا على قرار مجلس النوَّاب، أعلنت تركيا دعمها لحكومة الوحدة الوطنيَّة، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو والدبيبة. وبحسب بيان للخارجيَّة التركيَّة، فإن أوغلو أكَّد للدبيبة دعم بلاده لحكومة الوحدة الوطنيَّة في ليبيا. وأوضح البيان أن الوزير جَدَّد خلال الاتصال دعم تركيا لحكومة الوحدة الوطنيَّة ضد قرار مجلس النوَّاب الليبي سَحْب الثقة منها[11].
وأكَّدت وزارة الخارجيَّة التركيَّة -في بيان لها- أن قرار مجلس النوَّاب سَحْب الثقة من حكومة الوحدة الوطنيَّة لن يسهم في استقرار ليبيا والمرحلة الانتقاليَّة فيها. وشددت الوزارة على ضرورة استمرار حكومة الوحدة الوطنيَّة في العمل بكامل السلطة لحين الانتخابات، وذلك من أجل إجراء الانتخابات في موعدها على النحو المخطط له في خريطة الطريق وإدارة المرحلة الانتقاليَّة بنجاح والحفاظ على الهدوء في البلاد. وقالت الخارجيَّة التركيَّة إنه ينبغي على كافة الأطراف الليبيَّة تنحية صراعات المصالح الشخصيَّة، والابتعاد عن مناقشات الشرعيَّة العقيمة، والتركيز على أولويَّات البلاد في هذه المرحلة الحرجة. وأكَّدت على أن تركيا – التي تدافع عن العمليَّة السياسيَّة التي يقودها ويملكها الليبيُّون بتيسير من الأمم المتحدة- سوف تواصل دعم الشعب الليبي الصديق والشقيق والحكومة الليبيَّة الشرعيَّة”[12].
وفي تعليقه على خبر سَحْب الثقة من حكومة الوحدة الوطنيَّة، أشار رئيس جمعيَّة رجال الأعمال الأتراك والليبيّين، “مرتضى قرانفيل”، إلى آثار هذا القرار على المواطن الليبي، فقال إن القرار لن يجلب النفع لليبيا، ودَعَا إلى العدول عنه. وذكر قرانفيل أن الشعب الليبي تنفس بعد سنواتٍ الصعداء مع الحكومة المؤقتة، وبدأ يتعافى اقتصاديًّا ويجذب الاستثمار الأجنبي، ولم يعد يريد الحرب. وأشار إلى أن الحكومة المؤقتة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة قامت بإدارة المرحلة بشكل جيّد ووقفت دائمًا إلى جانب الليبيّين. وقال إن “حكومة الدبيبة، التي لها أيضًا علاقات وثيقة مع تركيا، أرادت أن تفعل كلّ ما بوسعها لتكسب البلاد زخمًا اقتصاديًّا، لكنها لم تتمكن من تحقيق نجاح بنسبة 100 بالمئة بسبب معارضة بعض الأطراف، ورغم ذلك قدمت دعمًا اقتصاديًّا للشباب وربَّات المنازل والعاطلين عن العمل والمعلمين”[13].
وعلى صعيد التعاون المشترك بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنيَّة، شهدت طرابلس في 12 أكتوبر/تشرين الأوَّل اجتماع اللجنة التحضيريَّة للمنتدى الليبي التركي لتطوير المشروعات، والذي ناقش آليَّة عمل الوفد المشارك بالمنتدى ودور الوزارات والهيئات والمراكز البحثيَّة وبرامج عملها خلاله. وأكَّد المشاركون على أولويَّة المشاركة للقطاع الخاص ودوره البارز في نجاح المنتدى وتحديد نماذج من أصحاب المشاريع الرائدة وعرض التجارب الخاصَّة بهم خلال المنتدى بهدف تحفيز أصحاب الأفكار على تطوير مشاريعهم والاستفادة من خبرة الجانب التركي في قطاع المشروعات الصغرى والمتوسطة وتعزيز دوره في التنمية المكانيَّة ودعم الاقتصاد الوطني الى جانب مشاركة القطاع المالي والمصرفي وأدوات التمويل التي تعد ركيزة في النهوض بقطاع المشروعات الصغرى والمتوسطة. وتضم اللجنة في عضويَّتها ممثلين عن وزارات الصناعة والمعادن والماليَّة، والعمل والتأهيل، إضافة إلى مكتب وزير الدولة للشؤون الاقتصاديَّة[14].
- تركيا تنتقد تقرير البعثة الأمميَّة لتقصي الحقائق
انتقدت تركيا التقرير الصادر عن البعثة الأمميَّة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، والذي نشرته في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأوضحت فيه أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن جرائم حرب قد ارتكبت في ليبيا، في حين أن العنف المرتكب في السجون وضد المهاجرين هناك قد يَرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانيَّة.
وكان رئيس بعثة تقصي الحقائق، المغربي “محمد أوجار”، قد قال إن التحقيقات التي أجرتها البعثة أثبتت أن جميع أطراف النزاعات، بما في ذلك الدول التي كانت طرفًا فيه والمقاتلون الأجانب والمرتزقة، انتهكوا القانون الإنساني الدولي، ولا سيما مبادئ التناسب والتمييز، وبعضهم ارتكب أيضًا جرائم حرب[15]. وشمل تركيز عمل البعثة تصرفات أطراف النزاعات المسلحة التي اندلعت في جميع أنحاء ليبيا منذ عام 2016، والتي كان لها تأثير كبير على الحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة لليبيّين.
جاء انتقاد تركيا للتقرير على لسان سفيرها لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، “صادق أرسلان”، في الكلمة التي ألقاها خلال الدورة الثامنة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأوَّل.
ذكَّر أرسلان بدور تركيا في ليبيا، فأكَّد على أن بلاده قدَّمت “مساهمات حسَّاسة” في ليبيا منذ البداية، لافتًا أن تحرّك أنقرة جاء تلبية لدعوة الحكومة الشرعيَّة بليبيا، عقب تعرُّض العمليَّة السياسيَّة للخطر. وأردف: “إن كان الحديث يدور حاليًّا عن عمليَّة سياسيَّة، وإن كان الليبيُّون يستعدون اليوم للانتخابات، فإن ذلك بفضل جهودنا التي عدَّلت الموازين على أرض الواقع وأطلقت المرحلة الهادئة التي نحن فيها الآن”. وقال الدبلوماسي التركي إن تشكيل اللجنة الأمميَّة المستقلة، تمَّ بناء على طلب تركيا، عقب اكتشاف المقابر الجماعيَّة في مدينة “ترهونة” الليبيَّة[16].
وانتقد المندوب التركي لدى الأمم المتحدة بجنيف السطحيَّة في تطرُّق اللجنة الأمميَّة لقضيَّة المقابر الجماعيَّة في ترهونة، وعدم ذكرها الجهات التي يُحتمَل أن تكون وراء تلك المقابر. واستند إلى ما ذكره عن دور تركيا في ليبيا في رفضه لِمَا أسماه بـ”المزاعم والاتهامات التي لا أساس لها في التقرير حول تركيا” ووصفه لها بأنها “مقصودة وبعيدة عن الإقناع”. وحذر من عدم شمول التقرير بالقدر الكافي، جرائمَ الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بشكل علني في ليبيا[17].
ولعل أكثر ما أثار غضب الأتراك من التقرير الأممي، هو اتهام التقرير “جميع أطراف الصراع” في ليبيا بارتكاب انتهاكات هناك، بما فيها المرتزقة والدول والقوَّات الأجنبيَّة، ما يَعنِي اتهام تركيا ضمنيًّا بارتكاب انتهاكات تدخل تحت ما وَصَفه التقرير بانتهاك القانون الإنساني الدولي وارتكاب جرائم حرب، لكونها قوَّة أجنبيَّة متواجدة على الأراضي الليبيَّة. وهو ما ترفضه أنقرة، التي تستنكر مساواة تواجدها بتواجد الأطراف الأجنبية الأخرى، وتؤكِّد دائمًا أنها ليست “قوَّة أجنبيَّة” في ليبيا، وإنما ذهبت إلى هناك بدعوة من حكومة الوفاق المُعترَف بها أمميًّا ودوليًّا.
في وقت يُراوح فيه التطبيع بين تركيا ومصر مكانه، وتزداد التكهنات بتأخر المصالحة بين أنقرة والقاهرة بسبب تمسُّك الأخيرة بمطالب مرفوضة من الجانب التركي، ثمَّة مُتغيِّر جديد يمكن أن يزيد من تعقيد المساعي المبذولة لتحسين العلاقات بين البلديْن، وهو تزويد تركيا لإثيوبيا بطائرات عسكريَّة مُسيَّرة، بحَسب تقرير لوكالة “رويترز”، التي ذكرت أن القاهرة طلبت من واشنطن وعواصم غربيَّة الضغط على تركيا لتجميد صفقة المُسيَّرات التي يمكن أن تؤثر -حال إتمامها- على موازين القوى في المنطقة، خاصَّة في ظِل التوتر بين مصر وأثيوبيا بسبب سَدِّ النهضة.
- أصداء التطبيع بين تركيا ومصر
مازالت أصداء المباحثات الاستكشافيَّة بين مصر وتركيا تتردد في تصريحات المسؤولين من كلا الجانبيْن، وفي تحليلات المراقبين وتعليقاتهم على مسار التطبيع بين البلديْن، والذي يدور في إطار التطوُّرات الإقليميَّة والدوليَّة الحاليَّة، وفي إطار المصالح المتبادلة.
كانت آخر هذه التصريحات من جانب وزير الخارجيَّة المصري، “سامح شكري”، الذي قال في مداخلة هاتفيَّة مع الإعلامي “عمرو أديب” عبر برنامجه بفضائيَّة (MBC)، المذاع في 2 أكتوبر/تشرين الأول، إن هناك “قدرًا من التقدُّم في العلاقات مع تركيا نأمل البناء عليه”. وتابع: “الأمر لم يَصِل بعد للخطوة القادمة، إنما هناك قدر من التقدُّم نأمل أن يتم البناء عليه”. لافتًا أن الاتصالات ما تزال تسير على نفس الوتيرة لما تم في الجولة الأولى والثانية. وأشار الوزير إلى أن الجانب المصري يُقيّم “إلى أيّ مدى هناك مراعاة للقواعد التي تحكم العلاقات الثنائيَّة، والتزام كل طرف بعدم التدخل في الشؤون الداخليَّة لدى الطرف الآخر، ومبدأ الاحترام والاعتراف بسيادة الدولة، وفي إطار المراجعة للسياسات المنتهجة على المستوى الإقليمي”. واستطرد قائلًا: “سَنفتح الباب لمزيدٍ من التقدم في علاقتنا مع تركيا عندما نكون راضين عن الحلول المطروحة للمسائل العالقة بيننا”[18].
جاءت تصريحات شكري في معرض تعليقه على تطورات العلاقات بين أنقرة والقاهرة في ضوء الجولة الاستكشافيَّة الثانية بينهما، والتي عقدت في شهر سبتمبر/أيلول 2021، واتفق الطرفان بعدها على مواصلة المشاورات، وأكَّدا على رغبتهما في تحقيق تقدُّم بالموضوعات محل النقاش، والحاجة لاتخاذ خطوات إضافيَّة لتيسير تطبيع العلاقات بين الجانبيْن.
تجري المباحثات بين تركيا ومصر تحت مظلة المصلحة وحسابات المكاسب والخسائر، وفي ظِلّ تغيُّرات إقليميَّة ودوليَّة تدفع البلديْن إلى طي صفحات الخلاف. وعلى الرغم من مرور أشهر على بداية المباحثات وتأكيد الطرفيْن على الرغبة في تحسين العلاقات، فإنها لم تقطع شوطًا طويلًا، ومازالت نقاط الخلاف الرئيسة تحول دون الوصول إلى التطبيع الكامل.
يَرى محللون سياسيُّون مصريُّون أن مصر تركت الباب مفتوحًا أمام الحكومة التركيَّة لتغيير سياستها تجاه النظام المصري الحاكم منذ انقلاب 30 يونيو، وأن الموقف التركي من الانقلاب ومن ورائه محور الثورة المضادة قد كلف تركيا الكثير، وهو ما يدفع الأتراك إلى التواصل مع مصر، خاصَّة بعد انتشار فيروس كورونا الذي وَجَّه ضربة قاسية للاقتصاد التركي، ما يجعل تركيا تبحث عن مصالحها من خلال التهدئة مع النظام المصري ودول المنطقة[19].
وعلى الجانب الآخر، علق محللون أتراك على تردد النظام المصري وعدم تفاعله بإيجابيَّة كاملة مع التوجُّه التركي نحو التهدئة بأن “العلاقات التركيَّة المصريَّة تراوح مكانها بسبب عدم استقلاليَّة الموقف أو الرؤية المصريَّة لهذه العلاقات الثنائيَّة”، في إشارة إلى ارتباط مصر بمحور إقليمي لا يرغب في تحسُّن العلاقات بين البلديْن. وأكَّد البعض أن “هناك ملفات كثيرة تجعل مصر بحاجة إلى تركيا، ويجب أن تخرج مصر من الارتهان لعواصم خارجيَّة، وركونها إلى شروط ثانويَّة مثل تسليم مطلوبين لديها من الإخوان المسلمين الموجودين في تركيا، وما شابه من أمور ثانويَّة، إذا ما نظرنا إلى مشهد العلاقات الإقليميَّة والدوليَّة ما بين دولتيْن مهمّتيْن بهذا الحجم”. وأشار آخرون إلى أن “الكرة في ملعب القاهرة، وعليها أن تمشي قدمًا نحو المزيد من هذه العلاقات، وإلَّا فإن تركيا لديها بدائل كثيرة، ولن تقف مكتوفة الأيدي لا في شرقي المتوسط ولا في ليبيا، ولا في ملفات مُتعدِّدة كسوريا والعراق”[20].
ومؤخرًا، دخلت المعارضة التركيَّة على خط العلاقات التركيَّة المصريَّة، حيث أعلن رئيس حزب “الشعب الجمهوري”، “كمال كليتشدار أوغلو”، أنه سَيعقد السلام مع مصر وسوريا بمجرد وصول حزبه إلى السلطة في تركيا، وسوف يُعطِي الأولويَّة في السياسة الخارجية للسلام وليس الحرب. وأضاف في كلمة لجمعيَّة مالكي سيارات النقل في مدينة “مارسين” التركيَّة، أن السياسة الخارجية التركيَّة يجب أن تتغير 180 درجة. وشدد كليتشدار أوغلو على أن مشاكل الأتراك سَيتم حلها عندما يصل إلى السلطة، وسَيتم حَلِّ جميع مشاكل السياسة الخارجيَّة في غضون عام واحد فقط[21].
تأتي تصريحات زعيم المعارضة في سياق المنافسة الحزبيَّة وتطلعات حزبه للعودة إلى السلطة وتقديم صورة مغايرة للتوجهات الخارجيَّة لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم الذي يعتمد سياسة لا تتفق مع أنطمة محور الثورة المضادة في المنطقة.
- محاولات مصريَّة لإثناء تركيا عن بيع مُسيَّرات لإثيوبيا
ذكرت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز” أن تركيا تنوي تزويد إثيوبيا بطائرات حربيَّة مُسيَّرة يمكنها قلب موازين القوى في المنطقة، ونقلت الوكالة عن مصادر مصريَّة قولها إن القاهرة طلبت من أمريكا وبعض الدول الأوروبيَّة مساعدتها في إثناء تركيا عن إتمام صفقة تقوم بموجبها ببيع طائرات مُسيَّرة لإثيوبيا. ونقلت عن مصدر قوله إن أيّ أتفاق يتعيّن أن يُطرح ويُوضح في المحادثات التي تحاول من خلالها القاهرة وأنقرة إصلاح العلاقات الثنائيَّة بينهما[22].
لم يَصدر عن الجانبيْن التركي والإثيوبي ما ينفي أو يؤكّد الاتفاق بين البلديْن بخصوص صفقة للطائرات المُسيَّرة، ولكن مسؤولين مطلعين على ترتيبات الصفقة -بحسب الوكالة- ذكروا أن إثيوبيا والمغرب طلبا شراء طائرات مُسيَّرة من طراز “بيرقدار تي.بي2” في اتفاقات قد تشمل كذلك ضمانات قطع الغيار والتدريب. وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويَّته إن المغرب تسلم الدفعة الأولى من الطائرات المُسيَّرة المسلحة التي طلبها في مايو/أيار، وأن إثيوبيا تخطط للحصول عليها لكن وضع هذه الطلبية ليس واضحًا. ولم تذكر المصادر عدد الطائرات التي تتضمنها الصفقتان ولم تورد أيّ تفاصيل ماليَّة[23].
يُذكَر أن السفارة التركيَّة بالقاهرة كانت قد نفت في يوليو/تموز 2021 ادعاءات بهذا الشأن كانت قد انتشرت حينها على وسائل التواصل الاجتماعي، وأكَّدت عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن الحديث عن تزويد أنقرة لأديسأبابا بطائرات بدون طيَّار “غير صحيح وكاذب”، وقالت إن تلك الادعاءات والشائعات لا أساس لها من الصحة وكاذبة[24].
ولا شك أن إتمام مثل هذه الصفقة من جانب تركيا، سوف يُعقِّد العلاقات المصريَّة التركيَّة التي شهدت محاولات للتطبيع في الفترة الماضية، وسوف تعتبره القاهرة مساندة تركيَّة لإثيوبيا في أزمتها مع مصر بسبب سَدِّ النهضة، وعملًا معاديًا لمصالحها، وخطرًا على أمنها القومي.
جدير بالذكر أن تركيا هي ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بعد الصين، ووَصَل حجم التبادل التجاري بين البلديْن إلى 650 مليون دولار في السنتيْن الأخيرتيْن، وهناك 200 شركة تركيَّة تعمل على الأراضي الإثيوبيَّة. وشهدت العلاقات بين البلديْن تطورًا كبيرًا وتوافقًا في الرؤى بين قيادتيْهما في الفترة الأخيرة، وهو ما أسفر عن توقيع اتفاقيَّات للتعاون بينهما في مجالات التنمية المائيَّة والدفاع[25].
شهدت العلاقات التركيَّة العراقيَّة نشاطًا واسعًا في الفترة الماضية، فقد تواصلت أنقرة مع العديد من مكونات العمليَّة السياسيَّة وممثلي الأقليَّات العرقيَّة في العراق، وتنوعت مجالات التعاون التجاري والاقتصادي بين البلديْن في ظل تبادل تجاري يصل إلى 17 مليار دولار. كما واصلت تركيا عمليَّاتها الاستخباراتيَّة والعسكريَّة في شمال العراق لمواجهة الإرهاب.
- العمليَّات العسكريَّة في شمال العراق
استمرت العمليات الاستخبارتيَّة والعسكريَّة التركيَّة ضد التنظيمات التي تصفها تركيا بالإرهابيَّة في شمال العراق، وأعلنت وزارة الدفاع التركيَّة خلال الأسابيع الماضية عن العديد من العمليَّات التي أسفرت عن تحييد عدد كبير من عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK) “الإرهابي”، الذي يتخذ من جبال “قنديل” في شمال العراق معقلًا له، وينشط في العديد من المدن والمناطق والأودية، ويشن هجمات على الداخل التركي، يستهدف بها المدنيّين وعناصر الأمن والجيش، وكان آخر ضحاياها قد سقط في 17 سبتمبر/أيلول، وهو جندي تركي توفي متأثرًا بجراح أصيب بها بسبب انفجار عبوة ناسفة في منطقة “أفاشين” شمال العراق.
وفي 1 أكتوبر/تشرين الأول، تمَّ تحييد “محمد خطيب أري تورك”، وهو مسؤول “بي كا كا/كي جي كي” في كركوك، وكان قد شارك في تنظيم العديد من عمليات “بي كا كا” ضد المدنيّين في مدينة “عفرين” شمالي سوريا عام 2015، وشارك في تأمين الصواريخ وذخائر الأسلحة الثقيلة المستخدمة في العمليَّات ضد تركيا، والتي حصلت عليها المنظمة من دول أحرى، كما تولى تنظيم الأنشطة الاستخباراتيَّة للمنظمة.
وكانت أبرز العمليَّات هي تلك التي أعلنت عنها وزارة الدفاع في 4 أكتوبر/تشرين الأول، والتي أسفرت عن تحييد 12 إرهابيًّا من منظمة “بي كا كا/كي جي كي” شمال العراق. وقالت الوزارة في بيان لها إن “القوَّات المسلحة التركيَّة وجهت ضربة قويَّة للتنظيم الإرهابي في منطقة عمليَّة “مخلب الصاعقة” شمالي العراق، وأضافت أن القوَّات الخاصَّة التركيَّة سيطرت على المقر الشرقي للتنظيم في منطقة أفاشين-باسيان المحصن والموصوف بـ”استحالة السيطرة عليه”[26].
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت السلطات العراقيَّة عن اعتقال القيادي في تنظيم “داعش”، ونائب رئيس التنظيم “سامي جاسم”، الذي كان مختبئًا شمال غربي سوريا، في عمليَّة مشتركة مع الاستخبارات التركيَّة التي احتجزته في تركيا بعد استدراجه عبر الحدود، وقبل أن يتمّ نقله إلى العراق[27].
- التعاون الثنائي بين البلديْن
تنوعت مجالات التعاون بين تركيا والعراق في الفترة الماضية، فعلى المستوى السياسي، استقبل الرئيس التركي، “رجب طيّب أردوغان”، بعض الشخصيَّات الحزبيَّة العراقيَّة قبيل إجراء الانتخابات التشريعيَّة في العراق، حيث التقي برئيس مجلس النوَّاب العراقي وأمين عام حزب “تقدم” العراقي، “محمد الحلبوسي”، ورئيس “تحالف عزم” العراقي، “خميس الخنجر”، ولم يسمح للإعلام بتغطية مثل هذه اللقاءات. غير أن الخنجر كتب في تغريدة نشرها على حسابه في “تويتر”: “لقاء مهم مع الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان حول الأوضاع السياسيَّة في المنطقة، وأهميَّة العلاقات الاقتصاديَّة بين العراق والجمهوريَّة التركيَّة الصديقة لدعم استقرار الاقتصاد العراقي”. وتابع الخنجر: “أكدنا رفضنا الشديد لاستغلال حدود العراق من قبل المنظمات الإرهابيَّة واستهداف الأراضي العراقيَّة والتركيَّة”[28].
وعلى المستوى التجاري والاقتصادي، قام وزير التجارة التركي، “محمد موش”، بزيارة العراق في 26 سبتمبر/أيلول، وبحث مع الجانب العراقي سبل الارتقاء بالعلاقات التجاريَّة بين البلديْن. ويُشار هنا إلى أن الصادرات التركيَّة إلى العراق وصلت إلى 6.6 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من 2021. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلديْن 17 مليار دولار، ويطمح البلدان لرفعه إلى 20 مليارًا خلال الفترة المقبلة.
وفي مجال النفط والطاقة، وقعت وزارة النفط العراقيَّة، في 16 سبتمبر/أيلول، اتفاقًا مبدئيًّا مع شركتيْ (SEAM) السويديَّة، و(Limak) التركيَّة، لتنفيذ مصفاة “القيارة” الاستثماري في محافظة “نينوى” شمالي البلاد، بطاقة 70 ألف برميل نفط يوميًّا[29]. وفي 29 سبتمبر/أيلول، بحث وزير النفط العراقي، “إحسان عبدالجبار”، والسفير التركي لدى بغداد “علي رضا كوناي”، إعادة تأهيل خط أنابيب النفط الذي يمتد من كركوك شمالي العراق إلى ميناء “جيهان” التركي على البحر المتوسط بواسطة شركات تركيَّة ترغب في تنفيذ المشاريع والاستثمار في قطاع النفط والطاقة[30]. وكان هذا الخط قد توقف عن نقل النفط العراقي بعد اجتياح داعش شمال العراق.
وفيما يَخصُّ المياه، أعلن وزير الموارد المائيَّة العراقي، “مهدي رشيد الحمداني”، في 18 سبتمبر/أيلول، عن تفعيل مذكرة تفاهم مع تركيا، تتيح للعراق الحصول على حصة مياه كاملة من الأنهار المشتركة، وهي المذكرة التي تمَّ توقيعها في 2009 وعُدلت عام 2014 [31]. ويتعرض العراق لأزمة مائيَّة بسبب الزيادة السكانيَّة واعتماد 90 بالمئة من موارده المائيَّة على المنابع الخارجيَّة. وكان الحمداني قد ذكر أن دول المنبع استغلت الوضع العراقي ما بعد 2003 وأنشأت الكثير من السدود التي تؤثر على حصة العراق من المياة.
- العلاقات مع إقليم كردستان وتركمان العراق
اتفقت أنقرة مع أربيل على إزالة العقبات التي تحول دون توسيع العلاقات التجاريَّة والاقتصاديَّة بين الجانبيْن، جاء ذلك خلال زيارة وزير التجارة التركي، “محمد موش”، لإقليم كردستان شمالي العراق، في 26 سبتمبر/أيلول، والتي التقى فيها مسؤولين أكراد، على رأسهم رئيس الإقليم “نيجيرفان بارزاني” ورئيس الحكومة “مسرور بارزاني” ووزير التجارة الكردستاني، “كمال مسلم”.
وذكر بيان صادر عن رئاسة الإقليم أن بارزاني وموش أبديا رغبتهما “في تقوية العلاقات التجاريَّة لإقليم كردستان والعراق مع تركيا، واتفقا على ضرورة إزالة كل المعوقات التي تعترض سبيل توسيع العلاقات التجاريَّة والاقتصاديَّة بين البلديْن وحلها”[32].
وأشار الوزير التركي إلى رغبة بلاده في “تطوير العلاقات التجاريَّة وتوسيع النشاطات الاقتصاديَّة” في إقليم كردستان، مشيرًا إلى أن “نماذج ناجحة من الاستثمارات وتشغيل رؤوس الأموال التركيَّة في دول المنطقة يمكن تكرارها في إقليم كردستان، وتوسيعها لتمتد إلى جميع مناطق العراق الأخرى”.
وبدوره، أكَّد رئيس حكومة الإقليم على “أهميَّة تعزيز آفاق العلاقات والتعاون والتنسيق مع تركيا باعتبارها جارة مهمّة لإقليم كردستان والعراق وبوابة الإقليم إلى أوروبا والعالم”، مشيرًا إلى أن “زيارة الوفد التجاري الكبير ستعزز العلاقة الراسخة التي تجمع بين إقليم كردستان وتركيا”[33].
وعلى هامش الزيارة، التقى الوزير التركي بمسؤولين عراقيّين من القوميَّة التركمانيَّة، وأفاد مراسل الأناضول بأن الوزير التركي زار مكتب المجلس التنفيذي للجبهة التركمانيَّة العراقيَّة في أربيل، حيث كان في استقباله وزير الدولة لشؤون المكونات العرقيَّة والدينيَّة في إقليم كردستان، “أيدين معروف”، وعدد من المسؤولين التركمان[34].
وكانت النائبة التركمانيَّة العراقيَّة، “لليال البياتي”، قد أصدرت بيانًا في 30 سبتمبر/أيلول، وَصَفت فيه منظمة (PKK) بأنها منظمة إرهابيَّة تهدد الأمن والاستقرار في العراق وتركيا، ووجودها في العراق يعطي مبررًّا للتدخل التركي للحفاظ على حدودها من الهجمات الإرهابيَّة”. وأوضحت أن وجود المنظمة في قضاء “سنجار” يشكل تهديدًا على أمن وسيادة البلاد[35].
شهدت العلاقات التركيَّة الخليجيَّة تنوعًا كبيرًا في مجالات التعاون بين تركيا ودول الخليج، سياسيَّة وعسكريَّة واقتصاديَّة. فقد استمر التواصل التركي الخليجي من خلال اللقاءات بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم من الخليج، في إطار السعي لتحسين العلاقات الثنائيَّة بين أنقرة والعواصم المؤيدة للثورة المضادة. وكان الاستثمار الاقتصادي هو بوابة أبو ظبي لتحسين هذه العلاقات. أمَّا التعاون التركي القطري فقد استمر في مساره الطبيعي، والذي يشهد نموًا كبيرًا، تمثل آخر مظاهره في التعاون العسكري والتأييد السياسي للتطوَّر السياسي في قطر والدعم القطري لمتضرري الحرائق والفيضانات في تركيا.
- تدشين فرقاطة عسكريَّة لصالح قطر
دشنت القوَّات البحريَّة الأميريَّة، في 25 سبتمبر/أيلول، السفينة الحربيَّة القطريَّة “الأبرار فويرط”، وهي من طراز (LCT80)، وذلك في مصنع بناء السفن بمدينة إسطنبول، وبحضور اللواء الركن بحري “عبدالله حسن السليطي” قائد القوَّات البحريَّة الأميريَّة، والأدميرال “عدنان أوزبال” قائد القوَّات البحريَّة التركيَّة[36].
وكانت قطر قد تسلمت في 2020، السفينة الحربيَّة “الدوحة” التي صُنِعت في تركيا، والتي صنعتها شركة “شيب يارد”، في خطوةٍ تدخل ضمن الصفقات العسكريَّة بين الدوحة وأنقرة. وتعد من أكبر سفن التدريب في العالم، وتشكل رافدًا مهمًا للقوَّات البحريَّة القطريَّة، لِمَا تمتلكه من قدرات تدريبيَّة عالميَّة. كما وقَّعت القوَّات البحريَّة القطريَّة، في 2018، ثلاث اتفاقيَّات مع شركة الأناضول لبناء السفن لتوريد 4 سفن تدريب للكليَّة البحريَّة في قطر.
وتأتي هذه الخطوات، ضمن اتفاقيَّة دفاع مشترك عقدتها قطر مع تركيا خلال الأعوام الماضية، وأرسلت أنقرة بموجبها قوَّات تركيَّة للدوحة. وتهدف هذه الاتفاقيَّة العسكريَّة إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين[37].
- ترحيب تركي بالانتخابات القطريَّة
أعربت الخارجيَّة التركيَّة عن ترحيبها بانتخابات مجلس الشورى القطري، التي أجريت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، ولأول مرة في تاريخ البلاد، لانتخاب 30 عضوًا. وأشادت الوزارة بجهود القيادة القطريَّة الهادفة لإجراء الانتخابات المذكورة، واعتبرتها خطوة مهمَّة نحو تعزيز مشاركة الشعب القطري في إدارة الدولة، في أجواء حُرَّة وشفافة. وجاء في بيان الخارجيَّة أن تركيا تأمل “أن تكون نتائج الانتخابات وسيلة خير للشعب القطري الشقيق”[38].
وبدوره، أكَّد السفير التركي بالدوحة، “مصطفى كوكصو”، أن انتخابات مجلس الشورى سَتعزز مكانة قطر. وقال إن الدكتور “مصطفى شنطوب”، رئيس مجلس الأمّة التركي، أرسل برقيَّة تهنئة إلى السيد “أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود” رئيس مجلس الشورى بدولة قطر، مشيدًا بهذا القرار الحكيم”. وأضاف السفير التركي أن “برلمان الجمهوريَّة التركية يتطلّع إلى تعزيز العلاقات البرلمانيَّة مع مجلس الشورى المنتخب، التي وَصَلت بالفعل إلى مستوى ممتاز من خلال الزيارات المتبادلة المتكررة للرؤساء ومجموعات الصداقة البرلمانيَّة الدوليَّة”[39].
- تبرعات قطريَّة لمتضرري الحرائق في تركيا
وَجَّهت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركيَّة “آفاد” شكرًا خاصًّا لدولة قطر على تبرعها بمبلغ 265 مليون ليرة تركيَّة لصالح الحملة التي كانت قد أطلقتها الهيئة لمساعدة متضرري حرائق الغابات والفيضانات التي اجتاحت العديد من الولايات التركيَّة خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2021. وذكرت الهيئة أن الحملة حققت أرقامًا قياسيَّة في حجم التبرعات.
وكان التلفزيون التركي قد ذكر أن قطر تبرعت لدعم جهود “آفاد”، في إغاثة منكوبي الحرائق والفيضانات التي اجتاحت مؤخرًا العديد من الغابات والحقول الزراعيَّة والمنتجعات السياحيَّة في عددٍ من الولايات التركيَّة وراح ضحيتها العشرات بين قتيل ومُصَاب[40].
ثانيًا: الإمارات العربيَّة المتحدة
- الاستثمارات الإماراتيَّة في تركيا
في إطار مسعاها لتوسيع دائرة استثمارتها في قطاعات عديدة في السوق التركيَّة، ذكرت تقارير إعلاميَّة في نهاية سبتمبر/أيلول، أن الإمارات تدرس إمكانيَّة ضخ مبالغ ماليَّة هائلة في تركيا، ونقلت وكالة “بلومبيرغ” الاقتصاديَّة عن مصادر مطلعة أن صناديق الثروة الإماراتيَّة، ومنها جهاز أبو ظبي للاستثمار (أديا) و(القابضة ADQ)، تبحث عن مشاريع جيّدة في تركيا للاستثمار فيها بمليارات الدولارات. وأضافت المصادر أن مؤسَّسَة “القابضة” والتي تعد ثالث أكبر صندوق ثروة حكومي في أبو ظبي بعد “أديا” و”المبادلة”، تدرس حاليًّا إمكانيَّة الاستثمار في قطاع الرعاية الصحيَّة والتكنولوجيا الماليَّة في تركيا. وبين المؤسَّسَات الإماراتيَّة الأخرى التي تدرس إمكانيَّة الاستثمار في البلاد، الشركة العالميَّة القابضة (IHC)، و(Chimera Investments LLC) المنتمية إلى مجموعة الشركات (Royal Group)[41].
وفي مجال الطاقة، ثمَّة محادثات بين تركيا والإمارات بشأن الاستثمار في هذا المجال، وهو ما أكَّده نائب وزير الطاقة التركي، “ألب أرسلان بيرقدار”، الذي صرح خلال مشاركته في مؤتمر “غازتك” في دبي، في 21 سبتمبر/أيلول 2021، أن محادثات تجري مع دولة الإمارات حول الاستثمار في مشاريع تركيَّة للطاقة. ولم يكشف عن مشاريع محددة، لكنه قال إن الإماراتيّين أبدوا اهتمامًا في السابق بتوليد الكهرباء. وقال بيرقدار إن “هناك مجالات كثيرة جدًّا يمكننا أن نتعاون فيها”[42].
جدير بالذكر أن الإمارات من أكبر الشركاء التجاريّين لتركيا في المنطقة، وأن تركيا من بين أكبر المستوردين لموارد الطاقة من حيث الموارد الأوليَّة، 70 بالمئة منها يعتمد على الاستيراد، وكمتوسط يتمَّ دفع 40 إلى 44 مليار دولار كلّ عام لاستيراد الطاقة في العقد الماضي. وعليه فإن الاستثمار في هذا المجال يَحظى بأهميَّة كبيرة بالنسبة للطرفيْن.
- فرض حظر كامل على زعيم المافيا التركيَّة في الإمارات
في خطوة وُصِفت بأنها استجابة تركيَّة للمطالب التركيَّة، ذكرت تقارير أن السلطات الإماراتيَّة فرضت حظرًا على زعيم المافيا التركي “سادات بيكر”، ومنعته من النشر نهائيًّا على مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضحت أن السلطات الإماراتيَّة أبلغت بيكر أنه “إذا نشر مجددًّا على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء من حساباته أو من حسابات أخرى، سَيتم إبعاده عن الاتصالات الإلكترونيَّة”. ويأتي هذا المنع بعد أن هَدَّد زعيم المافيا وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” بتقديم هديَّة له مطلع أكتوبر/تشرين الأول، إلَّا أن الحظر الإماراتي منعه من الظهور[43].
وكان رجل المافيا “بيكر” قد أسَّس شركة في الإمارات، وحَصَل على إقامة لمدة 3 سنوات، فيما سُحِب منه الجواز التركي. وشغل الأوساط التركيَّة بفيديوهات ادّعى فيها تورُّط قيادات سياسيَّة في بعض الأعمال غير الشرعيَّة، وهو ما وَصَفه مستشار الرئيس التركي، “ياسين أقطاي”، بأنه نوع من الابتزاز للحكومة التركيَّة من جانب شخص معروف بالمؤامرات والكذب والسرقة[44].
يُنتظر أن تؤدِّي هذه الخطوة إلى مزيدٍ من التقارب بين تركيا والإمارات، حتى وإن لم تحقق مطلب أنقرة بتسليم بيكر للسلطات التركيَّة. وهو أحد المطالب التركيَّة بحسب تقرير ذكر أن تركيا عرضتها على الإمارات، منها تسليمها أشخاصًا معتقلين في تركيا ومتهمين بالتجسُّس لصالح الإمارات، مقابل تسليم الإمارات لأنقرة زعيم المافيا التركيَّة بيكر.
تواصلت مظاهر الدعم التركي للفلسطينيّين، حيث دَعَا الرئيس أردوغان إلى تسوية القضيَّة الفلسطينيَّة على أساس حَلّ الدولتيْن وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإيقاف سياسة الضم والاستيطان. كما أدانت الخارجيَّة التركيَّة والمؤسَّسَة الدينيَّة السماح لليهود بالصلاة في باحات المسجد الأقصى. وفيما يَخصُّ التعاون الثنائي، استمرت لقاءات المسؤولين من الجانبيْن، وقامت جهات تركيَّة بتقديم المساعدات للفلسطينيّين في الضفة الغربيَّة وغزة.
- أردوغان وتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
أكَّدت تركيا في 21 سبتمبر/أيلول على موقفها الرسمي الداعم للشعب الفلسطيني ورؤيتها لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، جاء ذلك على لسان الرئيس التركي، “رجب طيّب أردوغان، في كلمته التي القاها أمام الجمعيَّة العامَّة للامم المتحدة في دورتها السادسة والسبعين، والتي ربط فيها بين تحقيق سلام واستقرار دائميْن في منطقة الشرق الأوسط ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني.
وكان أردوغان قد وَجَّه من خلال كلمته العديد من الرسائل إلى فلسسطين والكيان الصهيوني والمجتمع الدولي فيما يَخصُّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أكَّد فيها على ما يلي:
- أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يُعَد من أهم المشاكل التي تغذي حالة عدم الاستقرار وتهدد السلام والأمن في المنطقة.
- أن السلام والاستقرار الدائميْن في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقهما طالما استمر اضطهاد الشعب الفلسطيني.
- ضرورة وضع حَدٍّ لسياسات الاحتلال والضم والاستيطان غير القانوني بشكل نهائي وفوري.
- ضرورة إحياء عمليَّة السلام ورؤية حَلِّ الدولتيْن دون تأخير.
وشدَّد أردوغان على أن تركيا سوف تواصل الوقوف ضد انتهاكات الوضع القانوني الدولي للقدس بناءً على قرار الأمم المتحدة لعام 1947 وحرمة المسجد الأقصى الشريف وحقوق الشعب الفلسطيني. وأكَّد أن إقامة دولة فلسطينيَّة مستقلة ومتكاملة جغرافيًّا ومتواصلة الأركان، وعاصمتها القدس على أساس حدود عام 1967، أحد الأهداف الرئيسة للأتراك[45].
من جانبه، أعرب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، “إسماعيل هنيَّة”، عن شكره وتقديره للرئيس التركي أردوغان، على ما جاء في كلمته، أمام قادة العالم في الجمعيَّة العامّة للأمم المتحدة. وأكَّد أن “العلاقة مع تركيا ممتازة في كلّ المجالات”. وقال هنيَّة: “عندما ننظر إلى الشعب التركي، وخاصَّة فيما يتعلق بإرادة السيد أردوغان نفسِه، فإن هذا الشعب، كما تعلمون يحب فلسطين وملتزم بقضيَّتها”. ولفت إلى أن “القدس لها مكان مقدس عند الشعب التركي.. لقد رأينا ما فعله من أجل غزة، وما تمَّ التضحية به من أجل هذا المكان”. وأشاد هنيَّة بموقف أردوغان من القضيَّة الفلسطينيَّة، قائلًا: “نود أن نشكر السيد أردوغان كثيرًا في هذا الصدد، نحن نعلم كيف تحدث عن فلسطين في الأمم المتحدة”. وتابع: “يعلم الجميع نوع الرسالة التي أرسلها إلى العالم بأسره.. ووصفه قسوة إسرائيل، لدرجة أن العالم كله عرف ذلك.. شكرًا لك على اهتمامك الكبير”[46].
ومن نافلة القول إن الموقف الرسمي التركي من فلسطين والكيان الصهيوني يَستند إلى أغلبيَّة شعبيَّة تعتبر الكيان عدوًّا لتركيا، وهو ما أظهره استطلاع للرأي أجرته الشركة العالميَّة للاستطلاعات المتخصِّصَة (MetroPoll) التي قامت بدراسة استقصائيَّة حول نظرة الشعب التركي للدول الأجنبيَّة، وخلصت نتائج الاستطلاع إلى وجود الكيان الصهيوني في خانة الأعداء في نظر المستطلعين، وتصدره قائمة الأعداء بنسبة 56.1 بالمئة[47].
- إدانة تركيَّة للسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى
في سابقة هي الأولى من نوعها، أيَّدت محكمة إسرائيليَّة صلاة اليهود في الحرم القدسي، وقالت قاضية محكمة الصلح الإسرائيليَّة في القدس المحتلة، “بيهلا يهالوم”، إن “الصلاة الصامتة في الحرم القدسي لا يمكن تفسيرها على أنها عمل إجرامي”[48]. وهي المرَّة الأولى التي يؤيد فيها القضاء الإسرائيلي صلاة اليهود في المسجد الأقصى.
جاء الرَّد التركي الرسمي على هذه الخطوة سريعًا، حيث أدانت الخارجيَّة التركيَّة القرار القضائي الإسرائيلي، وقالت في بيان أصدرته في السابع من أكتوبر/تشرين الأوَّل: “ندين بشدة القرار الذي اتخذته محكمة في إسرائيل، والتي تزعم فيه أن لليهود الحق في العبادة بصمتٍ في المسجد الأقصى”، وأكَّدت الخارجيَّة أن القرار ينبغي أن يأخذ في الاعتبار أنه سيشجع الأوساط المتعصبة التي تحاول تقويض الوضع الراهن في المسجد الأقصى وسَيفتح الطريق أمام توترات جديدة. ودَعَت المجتمع الدولي إلى رفض هذا القرار الخاطئ وغير القانوني وجميع الاستفزازات ضد المسجد الأقصى[49].
كما أدان رئيس الشؤون الدينيَّة في تركيا، “علي أرباش” قرار القضاء الإسرائيلي بشدة، وقال في سلسلة تغريدات نشرها على “تويتر”: “أدين بشدة القرار الذي يَزعم أن لليهود الحَقّ في الصلاة الصامتة في المسجد الأقصى”. ولفت أرباش إلى أن القرار يهدد قدسيَّة المسجد الأقصى عند المسلمين ووضعه القانوني. وأشار إلى أن القرار سيشجع دولة الاحتلال إسرائيل وسيدفعها لاستمرار احتلالها واضطهادها ضد المسلمين الفلسطينيّين بوتيرة أكبر. ودَعَا المجتمع الدولي والعالم الإسلامي إلى معارضة القرار الذي وصفه بـ”الخاطئ والخطير”، مضيفًا: “القدس للمسلمين وستبقى كذلك حتى القيامة”[50].
تكمن خطورة القرار الإسرائيلي فيما يمكن أن يترتب عليه مستقبلًا، فقد تكون هذه الخطوة مقدمة لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا بين المسلمين واليهود، من خلال تخصيص أوقات وأماكن محددة لليهود من أجل أن يمارسوا فيها شعائرهم الدينيَّة، وذلك بعد إضفاء المشروعيَّة القانونيَّة على اقتحاماتهم المتكررة لباحات المسجد الأقصى بحجَّة الصلاة.
جدير بالذكر أن الجماعات اليهوديَّة المتطرفة تطالب بتخصيص أوقات وأماكن لليهود من أجل أن يتعبَّدوا في حرم المسجد الأقصى الذي يقتحمه المتطرفون عبر باب المغاربة يوميًّا، وعلى فترتيْن، في الصباح وبعد الظهر، وتقوم الشرطة الإسرائيليَّة بمرافقتهم وحمايتهم.
- التعاون التركي الفلسطيني واستمرار المساعدات التركيَّة
تنوَّعت أشكال التواصل والتعاون التركي الفلسطيني في النصف الأخير من سبتمبر/أيلول وحتى نهاية النصف الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
فعلى صعيد العلاقات الثنائيَّة، تواصلت اللقاءات الثنائيَّة بين الجانبيْن، ومنها استقبال وزير العدل التركي “عبد الحميد غُل”، نائبَ نقيب المحامين الفلسطينيّين “يزيد مخلوف”، والوفد المرافق له في 16 سبتمبر/أيلول. وكان الوفد الفلسطيني قد زار أنقرة تلبية لدعوة رئيس اتحاد نقابات المحامين في تركيا، “متين فيضي أوغلو”. وخلال اللقاء، أكد غُل أن تركيا ستواصل دعم القضيَّة الفلسطينيَّة حتى النهاية. وبدوره أشار مخلوف إلى أن تركيا تدعم القضيَّة الفلسطينيَّة دون السعي لتحقيق مصالح دوليَّة من وراء ذلك[51].
وفي إطار بروتوكول للتعاون بين جامعتيْ “باطمان” التركيَّة و”القدس المفتوحة” الفلسطينيَّة، ذكر بيان صادر عن جامعة باطمان أن الجامعتيْن سَيتبادلان الطلاب والأكاديميّين، فضلاً عن تنظيم أنشطة بحثيَّة وعلميَّة[52].
وفي الضفة الغربيَّة، شارك القنصل التركي العام في القدس، “أحمد رضا دمير”، في افتتاح “مخيم الأمم”، شمالي الضفة الغربيَّة، والذي أقيم في 20 سبتمبر/أيلول للتعرُّف على المقاومة الشعبيَّة وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي. وعلى هامش الافتتاح، أكَّد دمير أن “بلاده تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتدعم نضاله من أجل الحريَّة”. وأضاف: “نحن اليوم هنا إلى جانب شقيقنا الشعب الفلسطيني في هذا المخيم، لنعبّر عن دعمنا لنضاله من أجل الحريَّة والعدالة”. ووَجَّه القنصل رسالة إلى الشعب الفلسطيني قائلًا: “رسالتنا له أنه ليس وحده، بل إن كل مناصري العدالة يجب أن يكونوا إلى جانبه، هذا موقفنا في الحكومة التركيَّة”[53]. بدورها، رحبت الخارجيَّة الفلسطينيَّة بمشاركة القنصل التركي، واعتبرت مشاركته وقوفًا مع الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات الاحتلال.
وعلى صعيد المساعدات والأعمال الإغاثيَّة، قامت “هيئة الإغاثة الإنسانيَّة التركيَّة” (IHH) بتنفيذ عددٍ من المشاريع التي تسهم في تلبية احتياجات الفلسطينيّين في قطاع غزة. وصَرَّح مسؤول الإعلام في فرع الهيئة بالقطاع، “محمود الشرفا”، بأن الهيئة “وزعت مستلزمات مدرسيَّة على 2500 طالب وطالبة فقراء في مدارس القطاع”. كما قامت الهيئة بتوفير فرص عمل ومصادر للدخل لبعض الأسر من خلال المشاريع الصغيرة، كافتتاح مشروعيْن صغيريْن لبيع الأدوات الكهربائيَّة لبعض الأسر، وتقديم شتلات زيتون للبعض الآخر، في إطار تعزيز القطاع الزراعي[54].
يُذكر أن الهيئة تقوم بتقديم الدعم الإنساني لسكان قطاع غزة الذين يصل تعدادهم إلى أكثر من مليوني نسمة، يعيشون ظروفًا صعبة وأوضاعًا معيشية قاسية جَرَّاء الحصار المفروض عليهم منذ سنوات. وتتنوع أنشطتها بين الأعمال الإغاثيَّة وتقديم المساعدات الصحيَّة والطارئة، وتنظيم العديد من الأنشطة، كتوفير مراكز التعليم والتدريب المهني. كما تقوم الهيئة بتقديم خدماتها في عموم الأراضي الفلسطينيَّة، كالقدس ونابلس والخليل والضفة الغربيَّة.
تواجدت تركيا بشكل أو بآخر في الكثير من الملفات الأوروبيَّة، أو في الملفات التي تراها أوروبا ذات أولويَّة بالنسبة لها. وقد أكَّدت المستشارة الألمانيَّة، “أنجيلا ميركل”، قبيل زيارتها لأنقرة في 16 أكتوبر/تشرين الأول، على أهميَّة الدور التركي في أوروبا، بقولها: “لا يمكن تجاهل تركيا، فهي عضو في حلف شمال الأطلسي، وتلعب دورًا محوريًّا للاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير الشرعيَّة إلى أوروبا”. ورغم هذا الدور المحوري فإن الأزمات بين أنقرة والعواصم الأوروبيَّة لا تكاد تنتهي، ومنها أزمة التصريحات الفرنسيَّة حول التواجد العثماني في الجزائر، والاستفزازات اليونانيَّة المتكررة لتركيا، والتصعيد في شرق المتوسط.
- فرنسا ومهاجمة تركيا للتهرُّب من الإرث الاستعماري في الجزائر
نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسيَّة، في 2 أكتوبر/تشرين الأول، تصريحات للرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، استهدف بها الجزائر، واتهم فيها النخبة الحاكمة بـ”تغذية الضغينة تجاه فرنسا”. وطعن من خلالها في وجود أمَّة جزائريَّة قبل دخول الاستعمار الفرنسي إلى البلاد عام 1830. وأقحم ماكرون تركيا في الأمر حينما ادَّعى أنه كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر، في إشارة لفترة التواجد العثماني بين عاميْ 1514 و1830. وقال: “أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تمامًا الدور الذي لعبته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، وأن الفرنسيّين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريُّون”[55]. جاءت تصريحات ماكرون في لقائه مع مجموعة من أبناء الحركيّين الجزائريّين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي ضد ثورة التحرير في الجزائر.
رفضت تركيا تصريحات ماكرون على مستويات عديدة، حيث وصفها وزير الخارجية، “تشاووش أوغلو”، بأنها “غير مجدية”، وقال: “من الخطأ إقحام تركيا في هذه النقاشات، فتاريخها خالٍ من أيّ وصمة عار مثل الاستعمار”[56]. وقال حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، على لسان المتحدث باسمه، “عمر تشليك”، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يهاجم تركيا “للتهرُّب من مواجهة إرث بلاده الاستعماري”[57].
وعلى الجانب الجزائري، أثارت تصريحات ماكرون حالة غضب رسمي وشعبي عارمة، برزت من خلالها قوَّة العلاقات بين تركيا والجزائر، حيث صَرَّح وزير الخارجيَّة الجزائري، “رمطان العمامرة”، بأن “تركيا لاعب دولي مهم جدًّا، ونرتبط معها بعلاقات تاريخية عميقة”، وقال إن “الجزائر وتركيا تمتلكان علاقات تاريخيَّة عميقة وروابط معنويَّة قويَّة، وتسعيان إلى تعزيز علاقاتهما المشتركة”، وتابع أن تركيا أسهمت بدور مهم في عملية التنمية بالجزائر في السنوات الأخيرة، وأن بلاده تتطلع إلى مزيدٍ من علاقات الشراكة والاستثمارات التركيَّة في الأيَّام القادمة. وأردف أن بلاده تدعم إقامة علاقات شراكة نوعيَّة مع تركيا، بحيث تشمل المجالات كافة، معربَّا عن تفاؤله بهذا الصدد[58].
وقال رئيس جمعيَّة العلماء المسلمين الجزائريّين، “عبدالرازق قسوم”، إن العثمانيّين “الذين قدموا إلى الجزائر لم يأتوا محتلين مستعمرين، وإنما بدعوةٍ من الجزائريّين كانت موجَّهة إلى السلطان العثماني سليم الأول لمساعدتهم على دحر العدوان الصليبي الإسباني”، وأضاف: “لم يُؤخذ على العثمانيّين أن قاموا بالقتل أو التدمير، ولم ينهبوا ثروات الجزائريّين الذين كانوا (في عهدهم) ينعمون بالخير الكثير”[59].
يمكن قراءة تصريحات ماكرون في سياق الاستعداد للانتخابات المقبلة ومحاولاته لكسب أصوات شريحة من اليمين الفرنسي، كما يمكن قراءتها أيضًا في ضوء تراجع الحضور الفرنسي بشكل لافت على الساحة الدوليَّة والمخاوف الفرنسيَّة من خسارة مناطق نفوذها التاريخي، والتي بدأت تركيا التمدد فيها من خلال تقوية العلاقات على جميع المستويات مع الدول العربيَّة والأفريقيَّة، ومنها الجزائر.
وكان الرئيس الجزائري، عبدالمجيد تبّون” قد دافع بقوَّة عن التطوُّر اللافت للعلاقات بين الجزائر وتركيا، وقال في مقابلة مع مجلة “لوبوان” الفرنسيَّة، أواخر مايو/أيار 2021، إن بلاده تتمتع بعلاقات ممتازة مع الأتراك “الذين استثمروا قرابة 5 مليارات دولار دون أي مطالب سياسيَّة مقابل ذلك”، وأضاف: “أولئك الذين أزعجتهم هذه العلاقة (بين الجزائر وتركيا) عليهم فقط أن يأتوا ويستثمرون عندنا”[60].
جدير بالذكر أن تركيا تخطت فرنسا وصَارت أول مستثمر أجنبي في الجزائر في نهاية 2018، وهو ما كشفت عنه الوكالة الجزائريَّة لتطوير الاستثمارات. وحسب الوكالة ذاتها، فإن الاستثمارات التركيَّة بلغت زهاء 4.5 مليار دولار، كما تحصي البلاد تواجد أكثر من 800 شركة تركيَّة في قطاعات عدة، على غرار مصنع الحديد والصلب الذي أنجزته الشركة التركيَّة “توسيالي أيرون أند ستيل” في “وهران”، ومصنع غزل القطن والنسيج في ولاية “غليزان” المنجز في إطار شراكة بين “تايبا” التركيَّة وشركة جزائريَّة[61].
وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة “الشعب” الحكوميَّة، رَدَّا على تصريحات ماكرون، أن “الرئيس الفرنسي يشعر بالغضب العارم والإحباط الشديد”؛ بسبب انحسار نفوذ بلاده على الساحة الدوليَّة، وخسارة مكانتها الاقتصاديَّة في الجزائر”. وأشارت إلى مغادرة شركات فرنسيَّة كانت تنشط في قطاعات إستراتيجيَّة كالماء والنقل، بجانب أن عزم الجزائر على تنويع وارداتها من الحبوب، بعدما كانت فرنسا المورد الرئيس لعدة سنوات، لم يعجب الرئيسي الفرنسي، ودفعه ذلك للإدلاء بتصريحات “هستيريَّة”[62].
- تركيا والاستفزازات اليونانيَّة
شهدت الأسابيع الماضية تصعيدًا يونانيًّا اعتبرته أنقرة استفزازًا، وذلك بعد أن قامت اليونان بتعزيز التواجد الأمني على حدودها مع تركيا بعناصر من حرس الحدود. وفي تصعيدٍ آخر، أجرى الجيش اليوناني مناورات عسكريَّة في بحر إيجه، في جزيرة “قيون”، بالقرب من إزمير التركيَّة، وخلال المناورات، التقط نائب وزير الدفاع اليوناني صورة ومن خلفه إزمير، ونشر الصورة مصحوبة بتعليق يقول فيه: “كلّ جزيرة، حتى لو كانت صغيرة أو صخريَّة، هي لليونان، نحن في كلّ مكان”[63].
غير أن أبرز الاستفزازات اليونانيَّة هو تصريح وزير الدفاع اليوناني، “نيكوس بانايوتوبولوس”، أن الاتفاقيَّة الدفاعيَّة الموقعة بين بلاده وفرنسا تشمل مناطق الصلاحيَّة البحريَّة. وهي الاتفاقيَّة التي تسمح لكلٍّ من البلديْن بأن يَهبَّ لدعم الآخر في حالة تعرضه لخطر خارجي. وقال رئيس الوزراء اليوناني، “ميتسوتاكيس: “للمرة الأولى يقول نصٌّ صراحة إنه ستكون هناك مساعدة عسكريَّة في حالة اعتداء طرف ثالث على أيّ من البلديْن”. وأضاف: “كلنا نعلم مَن يُهدِّد مَن بالحرب في البحر المتوسط”، في إشارة إلى تركيا[64].
وكان البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي قد وقعا اتفاق التعاون العسكري والدفاعي الإستراتيجي نهاية سبتمبر/أيلول، ويشمل الاتفاق طلب شراء 3 فرقاطات فرنسيَّة قيمتها نحو 3 مليارات يورو، وسَبَق أن طلبت أثينا نحو 24 طائرة مقاتلة من طراز “رافال”.
ومن جانبها، استنكرت تركيا الخطابات والأفعال العدوانيَّة الصادرة عن اليونان، مشددة على أنها محاولات بلا جدوى لتحقيق التفوق على تركيا. جاء ذلك على لسان وزير الدفاع التركي، “خلوصي آكار”، الذي قال إن “بعض السياسيّين في اليونان يُصعِّدون التوتر بأفعالهم العدوانيَّة وخطاباتهم؛ بدلًا من إيجاد حَلّ منطقي وعقلاني للمشاكل، بهدف تعطيل العلاقات الثنائيَّة”. وأضاف “يجب أن يعلموا أن هذه محاولات لا طائل من ورائها؛ وأنهم لا يستطيعون تحقيق التفوُّق على تركيا بمثل هذه الممارسات والخطابات”. وأكَّد آكار أن تركيا تتخذ كافة الاحتياطات والتدابير تجاه تلك الاستفزازات وتتابع بصبر المستجدات في المنطقة عن كثب، والقوَّات المسلحة التركيَّة ستقوم بالرَّد في الزمان والمكان المناسبيْن[65].
وكانت وزارة الخارجيَّة التركيَّة قد صرحت على لسان المتحدث باسمها أن مزاعم اليونان الصارمة بشأن مناطق الصلاحيَّة البحريَّة والمجال الجوي تتعارض مع القانون الدولي. وشدَّدت على أن اليونان تتوهم بأنها تستطيع دفع أنقرة لقبول هذه المزاعم المشكوك فيها من قبل المجتمع الدولي، من خلال إقامة تحالفات عسكريَّة ثنائيَّة ضد تركيا بشكل يُلحِق الضرر بحلف شمال الأطلسي “الناتو”. وأكَّدت أن نهج أثينا القائم على التسلح بدلاً من التعاون، والسعي لعزل تركيا، سياسة غير صحيَّة تهدد السلام والاستقرار الإقليميّيْن”[66].
- التصعيد في شرق المتوسط
تشير الأوضاع الميدانيَّة في شرق المتوسط إلى تجدد التصعيد، وذلك بعد أن بدأت اليونان وقبرص اليونانيَّة تحركات اعتبرتها تركيا استفزازيَّة. وكان الاستفزاز الأخير قد بدأ من قبل اليونان وقبرص اليونانيَّة جَرَّاء نشر سفينة الأبحاث «Nautical Geo»، شرق البحر المتوسط في 29 سبتمبر/أيلول. وقد تحدت تركيا الخطوة القبرصيَّة، مؤكّدة أن المنطقة المحددة جزء من الجرف القاري التركي.
وكانت السفينة البحريَّة القبرصيَّة، المكلفة برسم خريطة طريق بحري لخط أنابيب من الجزيرة إلى اليونان، قد حاولت دخول الجرف القاري التركي في 3 أكتوبر/تشرين الأول، فطردتها على الفور البحريَّة التركيَّة[67].
تستند تركيا في موقفها إلى المادة 79 من اتفاقيَّة الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي تخول جميع الدول مد الكابلات البحريَّة وخطوط الأنابيب على الجرف القاري، ولكنها تؤكِّد أن “تحديد مسار وضع خطوط هذه الأنابيب على الجرف القاري يخضع لموافقة الدولة الساحليَّة”.
ويَرى مراقبون أن المشكلة الأكبر تتمثل في أن لكلٍّ من تركيا واليونان أساطيل بحريَّة في المنطقة، ويمكن لدول مثل فرنسا أن تنشر بعض سفنها الحربيَّة في شرق البحر المتوسط لدعم اليونان كما فعلت في 2020، وهو ما قد يفجر الوضع. بالإضافة إلى ذلك فإن فكرة عقد مؤتمر إقليمي بمشاركة جميع الدول الساحليَّة والقوى الغربيَّة في شرق البحر المتوسط تواجه برفض من قبرص اليونانيَّة التي لا تقبل وجود القبارصة الأتراك.
وفي ظل استئناف قبرص اليونانيَّة المخطط لأنشطة الحفر في البحر المتوسط، يمكن أن يزداد تدهور الوضع، خاصَّة وأن تركيا وقبرص التركيَّة أعلنا بالفعل أنهما سَيُردان على أيّ عمل من هذا القبيل من جانب قبرص اليونانيَّة لا يحترم حقوق القبارصة الأتراك[68].
ويبدو أن أن اليونان وقبرص اليونانيَّة يُريدان الاستفادة من الدعم الفرنسي غير المشروط من الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي يحاول استغلال تركيا في حملته الانتخابيَّة القادمة، وهو ما يتزامن مع حالة الفراغ السياسي التي سوف تتركها المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” برحيلها من المشهد السياسي الأوروبي.
شدٌّ وجذبٌ، وتحالف لا يمكن لأيّ من طرفيْه أن يستغني عنه، هكذا هي العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. فرغم الشراكة بين البلديْن، وإبداء تركيا الرغبة في تحسن العلاقات مع أمريكا وتأكيد الأخيرة على أهميَّة الدور التركي في إطار التحالف بين البلديْن، إلَّا أن الخلافات بسبب الأزمة السوريَّة وعلاقات أنقرة بموسكو وأنشطة تركيا البحريَّة في شرق المتوسط هي عنوان المرحلة الراهنة.
فعلى الرغم من أهميَّة تركيا ومحوريتها في الإستراتيجيَّة الأمريكيَّة الساعية لاحتواء روسيا وإيران والتقليل من المخاطر التي نجمت عن تمدُّدهما والأدوار التي يلعبانها في عدة مناطق في الشرق الأوسط، وحاجة أمريكا إلى أنقرة في لعب أدوار موازية في كثير من قضايا المنطقة، فإن الخلافات بين الطرفيْن تظهر بين الحين والآخر، وقد تكون هي السمة السائدة في عهد “جو بايدن”.
برز الخلاف بين الطرفيْن في الأسابيع الماضية من خلال اتهام تركيا لأمريكا بمساعدة المنظمات الإرهابيَّة التي تحاربها أنقرة في سوريا، وقيام أمريكا بإقصاء تركيا من برنامج إنتاج المقاتلة الحديثة “F-35″، وتمديد العقوبات التي كانت قد فرضت عليها في عهد الرئيس السابق “ترامب”، بسبب شرائها منظومة الصواريخ الروسيَّة “إس-400”.
- تمديد العقوبات الأميركيَّة على تركيا
في خطوة جديدة تزيد الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، أصدر الرئيس الأمريكي، “جو بايدن”، قرارًا يقضي بتمديد العقوبات التي فرضتها بلاده على تركيا عام 2019، لعام إضافي آخر. ويأتي القرار مكملًا للقرار الذي اتخذه بايدن في مايو/أيار 2021 بشأن تمديد حالة الطوارئ الوطنيَّة الخاصَّة بسوريا عامًا إضافيًّا.
جاء القرار الجديد ضمن سياسة مواصلة الدعم العسكري اللامحدود من قبل الولايات المتحدة لتنظيم “بي يي دي”، الذراع السوري لمنظمة “بي كا كا” الإرهابيَّة، والذي يُهدِّد الحدود التركيَّة وأمن تركيا القومي.
ونصَّ القرار على أن “الوضع في سوريا وما يتعلق بها لا سيما تحركات الحكومة التركيَّة في شن هجوم عسكري شمال شرقي سوريا، أضر بجهود دحر داعش”.
وزعم البيان أن العمليَّة العسكريَّة التركيَّة (نبع السلام 2019) “تعرّض المدنيّين للخطر وتقوض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وما تزال تشكل خطرًا غير عادي على الأمن القومي والسياسات الخارجيَّة للولايات المتحدة”[69].
أثار القرار الأمريكي غضب الأتراك الذين اتهموا أمريكا بدعم الإرهاب، ودعوها للتخلي عن سياساتها الخاطئة.
جاء الرد التركي الرسمي على لسان وزير الخارجيَّة التركي، “مولود تشاووش أوغلو”، الذي اتهم الولايات المتحدة بدعمها للإرهاب في سوريا، ودعاها إلى العدول عن سياستها “الخاطئة” هناك.
وأشار أوغلو إلى أن واشنطن تتعاون مع “وحدات حماية الشعب” الكرديَّة، وتُقدِّم لها “دعمًا جسيمًا”، وهو ما يُعتبَر “جريمة بموجب القانون الأمريكي”.
ونفى تشاووش أوغلو أن يكون الهدف الحقيقي من وجود الولايات المتحدة في سوريا محاربة تنظيم “داعش”، قائلًا: “نعلم جيّدًا أن الغرض من الوجود هناك ليس القتال ضد داعش. لقد قاتلنا داعش. والجيش الوحيد الذي يقاتل ضد داعش هو جيشنا في الناتو وفي العالم”.
وتابع تشاووش أوغلو: “أمريكا تدعم تنظيمًا إرهابيًّا انفصاليًّا يحاول تقسيم سوريا.. بدلًا من إلقاء اللوم على تركيا، عليها أن تتخلى أولًا عن سياساتها الخاطئة. كما يجب أن تكون أكثر صدقًا مع الشعب الأمريكي والكونغرس الأمريكي”[70].
وكان الرئيس التركي، “رجب طيّب أردوغان”، قد اتهم واشنطن بدعم الإرهابيّين في المنطقة بكافة أنواع السلاح والمعدات في الوقت الذي يفترض أن تكافح تلك التنظيمات. وقال إن علاقات تركيا مع الولايات المتحدة ساءت في عهد الرئيس بايدن، أكثر من أيّ وقت مضى، مشيرًا إلى أن علاقات البلديْن العضويْن في حلف الناتو يجب أن تكون في وضع مختلف[71].
وفي تفسير للموقف الأمريكي من معاونة جهة متهمة بالإرهاب، ثمَّة آراء ترى أن أمريكا يزعجها أن تكون تركيا هي الرابح الأكبر في شرق الفرات. ويَرى مراقبون أن واشنطن تخشى من دخول تركيا في تفاوض مع روسيا وإيران والنظام السوري على خارطة المنطقة حال انسحابها منها، وهو ما يدفعها إلى هذه الإستراتيجيَّة لمنع انتصار الأتراك.
- تداعيات أزمة الصواريخ الروسيَّة “إس-400”
مازالت أزمة شراء تركيا لمنظومة الصواريخ الروسيَّة “إس-400” تُطِل برأسها بين الحين والآخر، وتمثل مادة للخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، حيث جدد الرئيس التركي، “رجب طيّب اردوغان”، رفض بلاده الادعاءات الأمريكيَّة بأن الصفقة تضر بحلف شمال الأطلنطي.
وأكَّد أردوغان في حديث لصحيفة “نيويورك تايمز”، في 30 سبتمبر/أيلول، أن لتركيا الحق في تعزيز دفاعتها بالشكل الذي تريد، وأن أنقرة أضطرت إلى شراء المنظومة التركيَّة بعد رفض واشنطن بيعها صورايخ “باتريوت”[72].
وفي رَدِّه على سؤال لمراسلة شبكة “CBS” حول إمكانيَّة شراء دفعة جديدة من صواريخ “إس-400″، قال الرئيس أردوغان: “نعم، بالتأكيد”. وأضاف: “لن يتمكن أحد في المستقبل أن يتدخل في ما يتعلق بنوع الأنظمة الدفاعيَّة التي نحصل عليها، ومِن أيّ دولة، وعلى أيّ مستوى”[73].
وفي المقابل، أعربت لجنة العلاقات الخارجيَّة بمجلس الشيوخ الأمريكي عن قلقها جَرَّاء شراء الحكومة التركيَّة لمنظومة الدفاع الجوي الروسيَّة “إس-400”. وهددت اللجنة، تركيا بفرض المزيد من العقوبات، في حال تمَّ توقيع اتفاقيَّات جديدة مع روسيا بشأن هذه المنظومة[74].
وفي أحدث تداعيات للأزمة، زعمت وكالة “رويترز” أن تركيا طلبت من الولايات المتحدة شراء 40 مقاتلة من طراز “إف-15″، ويأتي هذا الطلب بعد أن قامت واشنطن بإقصاء تركيا من برنامج إنتاج المقاتلات الحديثة من طراز “إف-35″، بعدما اشترت أنظمة “إس-400” الروسيَّة للدفاع الصاروخي، التي تقول واشنطن إنها تشكل تهديدًا للطائرة “إف-35” التي تتمتع بقدرات قتالية عالية[75].
يُذكر أن تركيا سعت مرارًا لشراء صواريخ باتريوت أو منظومة دفاعيَّة أخرى من عددٍ من أعضاء حلف شمال الأطلسي، لكن محاولاتها باءت بالفشل، إثر مماطلة هذه الأطراف أو عدم الاتفاق معها على التفاصيل الماليَّة والفنيَّة واللوجستيَّة. واستشعرت أنقرة الخطر بعد أن قررت الولايات المتحدة سحب أنظمة الدفاع الجوي والصاروخيَّة باتريوت من الحدود السوريَّة لتركيا أثناء الحرب السوريَّة، وتركتها عرضة للخطر في الوقت الذي تمركزت فيه التنظيمات الإرهابيَّة بالقرب من تلك الحدود، وهو ما دفع تركيا إلى اللجوء لروسيا.
في خطوة جديدة من خطوات تغيير النظام السياسي في تركيا، أعلن الرئيس التركي أردوغان عن انتهاء حزبه من إعداد دستور مدني جديد، ما يعني دخوله في معركة سياسيَّة جديدة مع المعارضة الرافضة لهذا التغيير، والتي تحاول بشتى الطرق العودة إلى السلطة وإزاحة حزب “العدالة والتنمية” عنها. وفي سبيل ذلك، تستخدم ورقة اللاجئين، وتحرض عليهم الأتراك نكاية في الحكومة المتعاطفة مع قضيتهم الإنسانيَّة. واقتصاديًّا، توالت في الفترة الماضية توقعات المؤسَّسَات الدوليَّة الإيجابيَّة بشأن نمو الاقتصاد التركي، رغم ما يمر به حاليًّا من زيادة في التضخم وتراجع في قيمة العملة الوطنيَّة.
- صياغة الدستور التركي الجديد
كشف الرئيس التركي، “رجب طيّب أردوغان”، في 30 سبتمبر/أيلول، عن انتهاء حزب “العدالة والتنمية” من صياغة الدستور الجديد للبلاد. وأضاف أردوغان، في اجتماع مع مجموعة من الصحفيّين الأتراك، على متن الطائرة التي أقلته من سوتشي إلى أنقرة: “انتهى عملنا بشأن الدستور، بعد توقف طويل بسبب الكوارث التي عشناها”[76].
وحول انتقاد المعارضة للنظام الرئاسي، ودعوتها للتحوُّل إلى النظام البرلماني، قال أردوغان: “جئنا بالنظام الرئاسي ونحن سعداء به، ونأمل أن نستمر في طريقنا، ولا جدوى من المحاولة لفرض نظام الوصاية القديم الذي طغى علينا لسنوات. النظام القديم يعني الترقيع. النظام القديم يعني وجود حكومات ائتلافيَّة دائمة وعدم وجود شكل سليم للحكومة على الإطلاق”[77].
رَدَّت رئيسة حزب “الخير” التركي المعارض، “ميرال آكشينار”، على تصريحات أردوغان، وقالت عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «المعارضة التركيَّة سَتغيّر النظام الرئاسي بمجرَّد أن يرحل أردوغان كي يتم وضع حَدٍّ لتلك المهزلة”[78].
وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول، قال أردوغان، خلال البرنامج الافتتاحي للدورة السابعة والعشرين للسنة التشريعيَّة الجديدة للبرلمان التركي، إن الدستور الجديد الذي أعده حزب العدالة والتنمية، أفضل هدية للشعب التركي في عام 2023، مناشدًا جميع الأحزاب السياسيَّة في البرلمان مشاركة مقترحاتها بشأن الدستور[79].
وفي كلمته خلال اجتماع الكتلة النيابيَّة لحزبه “العدالة والتنمية”، بمقر البرلمان في العاصمة أنقرة، قال أردوغان: “سَيَنال هذا البرلمان شرف وضع أول دستور لتركيا صاغه ممثلو الإرادة الوطنيَّة”، وتابع: “نحن مخلصون حقًا في اقتراحنا بإعداد أول دستور مدني لبلدنا، وأدخلناه على جدول أعمال تركيا، بصفتنا حزب العدالة والتنمية وتحالف الشعب، فإننا نقوم بالتحضيرات”. ولفت إلى أن “تحالف الشعب” المكون من “العدالة والتنمية” و”الحركة القوميَّة” بزعامة “دولت باهتشلي”، ينتظر من الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان، مشاركة تحضيراتها المتعلقة بالدستور الجديد مع الرأي العام في أقرب وقت ممكن. واختتم كلمته بالقول: “إذا تمكنا من التوفيق بين تحضيراتنا والمقترحات الدستوريَّة للأحزاب الأخرى، فيمكننا الانتهاء من هذا العمل داخل البرلمان قبل نهاية السنة التشريعيَّة”[80].
وكان أردوغان قد صرح في فبراير/شباط 2021 بأن الدستور الجديد الذي يهدف حزب “العدالة والتنمية” إلى وضعه، سيكون الدستور المدني الأول في تاريخ الجمهوريَّة. وأعرب عن ثقته في أن يساهم في تتويج أهداف الجمهوريَّة التركيَّة في مئويَّة تأسيسها التي تحل عام 2023 [81]، خاصَّة وأن كثيرًا من مشاكل الحياة السياسيَّة في تركيا نابع من الدساتير المُعدَّة من قبل الانقلابيّين منذ عام 1960، بحسب أردوغان.
- المعارضة التركيَّة واللعب بورقة اللاجئين
تواصل المعارضة التركيَّة اللعب بورقة اللاجئين في صراعها مع الرئيس أردوغان وحزبه الحاكم. وكانت أحزاب المعارضة قد دأبت على التحريض على اللاجئين وشن حملات عنصريَّة ضدهم، وذلك من خلال خطاب شعبوي يتبناه قادة ورموز الأحزاب التركيَّة المعارضة لضمان أصوات الناخبين في الانتخابات المقبلة، ويقوم على تحميلهم أسباب الفقر والبطالة والمشاكل المعيشيَّة.
وفي هذا السياق، يؤكِّد رئيس “حزب الشعب الجمهوري”، “كليتشدار أوغـلو”، أنه سوف يُعِيد اللاجئين السوريّين إلى بلادهم حال وصول حزبه للسلطة في 2023، وهو ما دَعَا الرئيس أردوغان إلى الرَّد عليه قائلًا: “ما دمنا في السلطة بهذا البلد، فلن نلقي بعباد الله الذين لجأوا إلينا في أحضان القتلة”[82]. كما تُحمِّل المعارضة اللاجئين مسؤوليَّة المشاكل الخدميَّة التي يتعرَّض لها المواطنون في البلديَّات التي تديرها، حتى إن رئيس بلديَّة إسطنبول المعارض، “أكرم إمام أوغلو”، حَمَّل اللاجئين مسؤوليَّة المشكلة التي تواجه قطاع النقل والمواصلات في المدينة، وقال إن بناء 100 خط مترو بدلًا من 10 لن يكون حلًّا دائمًا للمشكلة، وأن الحَلّ الوحيد هو منع تدفقات الهجرة إلى إسطنبول[83].
ترددت أصداء تصريحات كليتشدار أوغلو وأمثاله من المعارضين بعد أحداث الشغب والعنف التي اندلعت في مدينة “أزمير” مطلع أكتوبر/تشرين الأوَّل، بعد مقتل شاب تركي طعنًا على يد لاجئ سوري، وتبعها شن مجموعات معادية للمهاجرين هجمات على منازل وأماكن عمل وسيارات السوريّين في المناطق التي يَعيشون فيها. وتستغل أحزاب المعارضة التركيَّة مثل هذه الحوادث في تأجيج الصراع والعنصريَّة ضد اللاجئين السوريّين والأفغان على حَدٍّ سواء[84].
وكان وزير الداخليَّة التركي، “سليمان صويلو”، قد أكَّد قبل ذلك أن اللاجئين السوريّين في تركيا هم تحت الحماية المؤقتة وإخوة للشعب التركي ولا حديث عن ترحيلهم إلى مناطق الصراعات في سوريا. ووَصَف ما يَتعرَّض له السوريُّون بين الحين والآخر بالأحداث المؤسفة التي تحاول المعارضة تصويرها على أنها معاداة للسوريّين والأجانب في تركيا، وهو أمر غير صحيح.
وفي الوقت الذي تحرِّض فيه المعارضة التركيَّة ضد وجود اللاجئين، وتستخدم ورقتهم في الضغط على الحزب الحاكم، فإنها تتواصل معهم في الفترة الأخيرة، حيث التقى رئيس حزب الشعب الجمهوري، في 8 أكتوبر/تشرين الأول، بناشطين وحزبيّين سوريّين. وفي تعليقه على اللقاء، ذكر عضو بالحزب أن حزبه يدرك أن بقاء السوريّين سوف يطول لاعتباريْن: إنساني قانوني واقتصادي، لأن للسوريّين في تركيا دورًا اقتصاديًّا مهمًّا، سواء على صعيد العمالة أو حتى النشاط التجاري وحركة الأسواق[85]. وهو خطاب مغاير للخطاب المعلن للحزب.
وبدوره، لمح عضو حزب العدالة والتنمية، “يوسف كاتب أوغلو”، إلى محاولة المعارضة تسييس ملف اللاجئين قبل الانتخابات المقبلة في 2023، وقال إن الحكومة التركيَّة “لن تسمح بتسييس ورقة السوريّين، لا الآن ولا لاحقًا خلال الانتخابات التركيَّة”[86].
وبغض النظر عن مواقف الأطراف التركيَّة المختلفة، والأهداف الحقيقيَّة لكلّ طرفٍ في موقفه من اللاجئين عمومًا ومن السوريين بشكل خاص، فإن خطاب المعارضة التركيَّة قد نجح في خلق حالة ملحوظة من التوتر بين الأتراك واللاجئين.
- توقعات إيجابيَّة بشأن نمو الاقتصاد التركي
رفعت مؤسَّسَات دوليَّة توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد التركي في عام 2021، ففي نهاية سبتمبر/أيلول، رفعت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد التركي لعام 2021، من 6.1 إلى 8.6 بالمئة. وأكَّد التقرير أن بيانات النشاط الاقتصادي في تركيا أقوى مما كان متوقعًا في السابق. أمَّا بالنسبة لنمو الاقتصاد التركي لعام 2022، فتوقعت الوكالة أن تكون عند مستوى 3.3 بالمئة. وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن تبلغ نسبة التضخم في تركيا 17.3 بالمئة عام 2021، و12 بالمئة عام 2022 [87].
وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن البنك الدولي رفع توقعاته بشأن نمو الاقتصاد التركي خلال 2021 بمعدل 3.5 نقاط، ليحددها عند 8.5 في المئة. وأشار إلى ارتفاع توقعات البنك لنمو الاقتصاد التركي خلال العام الجاري إلى 8.5 في المئة بعد أن كانت عند 5 في المئة وفق تقرير نشره البنك الدولي في يونيو/حزيران 2021. كما عدّل البنك توقعاته بشأن نمو الاقتصاد التركي خلال 2022، لتصبح 3 في المئة بدلًا من 4.5 في المئة. وعَدَّل توقعاته بشأن نمو تركيا في 2023 من 4.5 إلى 4 في المئة[88].
وكانت وكالة التصنيف الائتماني الدولية “فيتش”، قد رفعت توقعاتها بشأن نمو اقتصاد تركيا هذا العام من 7.9 إلى 9.2 بالمئة. وذكرت الوكالة أن تركيا من المرجح أن تشهد في 2021 أعلى نمو اقتصادي في العقد الأخير. وتوقعت أن يتراجع نمو اقتصاد تركيا إلى 3.5 بالمئة للعام 2022، وأن يعاود الصعود إلى 4.5 بالمئة للعام 2023. وأوضحت أنه من المتوقع أن تكون نسبة التضخم السنوي في البلاد 17.2 بالمئة للعام 2021، و13.4 بالمئة للعام 2022، و10.5 بالمئة للعام 2023 [89].
وثمَّة مؤشرات تدل على أن الاقتصاد التركي يواصل نموه من خلال الاستثمار والإنتاج والصادرات، ويتجاوز بعض المشاكل التي اعترته في الفترة الماضية، فقد سَجَّلت الصادرات أعلى معدل لها في تاريخ تركيا، بعد أن تجاوزت 210 مليار دولار، وارتفعت الصادرات في سبتمبر/أيلول بنسبة 30 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، محققة 20.8 مليار دولار. وبلغ حجم التجارة الخارجيَّة 44.2 مليار دولار في نفس الشهر. وتراجعت البطالة إلى 12 بالمئة. ووَصَلت احتياطيَّات البنك المركزي التركي إلى 123.5 مليار دولار بعد أن كانت 85 مليار دولار.
وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة التضخم وتراجع سعر صرف الليرة التركيَّة أمام الدولار يُعدَّان من أبرز التحديَّات التي تواجه الحكومة التركيَّة في الوقت الراهن، فقد أظهرت بيانات رسميَّة في 4 أكتوبر/تشرين الأول، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) في تركيا، بنسبة 1.25 بالمائة في سبتمبر/أيلول، ليبلغ 19.58 بالمائة على أساس سنوي[90]. ويأتي ارتفاع معدل التضخم في تركيا، مع خفض البنك المركزي سعر الفائدة 100 نقطة أساس إلى 18 بالمئة في أيلول/سبتمبر. أمَّا فيما يَخصُّ الليرة، فقد هبطت إلى مستوى قياسي بلغ 9.24 مقابل الدولار يوم الجمعة، وبلغت خسائرها حوالي 19 بالمئة هذا العام.
وقد أكَّد محافظ البنك المركزي، “شهاب قاوجي أوغلو”، أن أسباب التضخم مؤقته، وستفقد تأثيرها قريبًا. وذكر أنه لا يوجد سبب منفرد لانخفاض الليرة، واستشهد بارتفاع الدولار أمام العملات الأخرى.
المصادر
[1] وكالة أنباء تركيا، قمة أردوغان بوتين.. محصلة شاملة وتصريحات متبادلة، 29 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3jcmg9w
[2] ترك برس، أردوغان يكشف لب محادثاته مع بوتين، 30 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3lP3y9x
[3] يني شفق، وزير الدفاع التركي حول إدلب: ننتظر من روسيا تحمل مسؤولياتها، 28 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/2Z05iEq
[4] تركيا برس، استشهاد شرطيين تركيين شمالي سوريا، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3n5Uoon
[5] وكالة الأناضول، أردوغان: الهجمات الأخيرة ضد قواتنا في سوريا بلغت حدا لا يحتمل، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3n5CwtS
[6] ترك برس، تركيا.. أردوغان يلمح لعمليات عسكرية جديدة في سوريا، 16 أكتوبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3aQC25d
[7] تركيا الآن، عملية عسكرية تركية جديدة على الأبواب وقوات المعارضة تستعد شمال سوريا، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3lSbVkv
[8] المصدر السابق.
[9] مجلس النواب الليبي، المتحدث الرسمي: سحب الثقة من الحكومة واستمرارها في تصريف الأعمال، 21 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/2YIam03
[10] الجزيرة نت، ردا على سحبه الثقة من الحكومة.. مظاهرة بالعاصمة الليبية تدعو لإسقاط مجلس النواب، 24 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/2YJnzoG
[11] وكالة الأنباء التركية، تشاويش أوغلو يتصل بالدبيبة: تركيا تدعم حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، 22 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3iX3YZL
[12] وزارة الخارجية التركية، بيان صحفي حول قرار مجلس النواب الليبي بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، 22 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3BOSX3K
[13]Time Turk ، قرار سحب الثقة من حكومة الوحدة لن يجلب النفع لليبيا، 25 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3oV8uf1
[14] وكالة الأنباء الليبية (وال)، اللجنة التحضيرية للمنتدى الليبي التركي لتطوير المشروعات تناقش آلية عمل الوفد المشارك، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3iZMjjX
[15] الأمم المتحدة، تحقيق بعثة تقصي الحقائق بشأن ليبيا يرجح ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ 2016، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2YETzLm
[16] وكالة الأناضول، تركيا تنتقد تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3Bz8bda
[17] المصدر السابق.
[18] وكالة الأناضول، مصر عن العلاقات مع تركيا: هناك قدر من التقدم نأمل البناء عليه، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3DKnuAt
[19] وكالة أنباء تركيا، العلاقات التركية المصرية.. أفق المصالحة والعراقيل المحتملة (تقرير)، 29 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3BMHnWW
[20] المصدر السابق.
[21] تركيا الآن، زعيم المعارضة التركية يتعهد بتحقيق السلام مع مصر وسوريا فور وصوله للحكم، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3DMKTkC
[22] Reuters, Turkey expands armed drone sales to Ethiopia and Morocco – sources, 22l10l2021, https://reut.rs/3FOaWd4
[23] المصدر السابق.
[24] المصري اليوم، تركيا تكشف حقيقة تزويد إثيوبيا بطائرات دون طيار، 15 يوليو/تموز 2021، https://bit.ly/3mUFXDI
[25] Sputnikعربي، أثيوبيا تقول إنها وقعت مع تركيا اتفاقيات للتعاون في التنمية المائية والدفاع، 20 أغسطس/آب 2021، https://bit.ly/3mTEOfK
[26] تركيا الآن، الدفاع التركية: تحييد 12 إرهابيا من “بي كا كا” شمالي العراق، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3aO2Ymd
[27] وكالة الأنباء العراقية، نائب البغدادي بقبضة المخابرات فمن هو؟، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3BVEcMB
[28] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يستقبل رئيس البرلمان العراقي وزعيم أحد الأحزاب العراقية، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3vojvXr
[29] وكالة الأناضول، العراق.. شركتان تركية وسويدية توقعان اتفاق استثمار مصفاة للنفط، 16 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3pkXTtU
[30] Time Turk، تركيا والعراق يبحثان إعادة تأهيل خط أنابيب لنقل النفط، 29 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3B1VsPm
[31] تركيا الآن، العراق: تفعيل مذكرة مع تركيا تتيح لنا الحصول على حصة مياه كاملة، 18 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3aPy4d9
[32] وكالة الأناضول، أنقرة تتفق مع أربيل على إزالة عقبات توسيع العلاقات التجارية، 26 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3vmHdmF
[33] المصدر السابق.
[34]Time Turk ، العراق.. وزير التجارة التركي يلتقي مسؤولين تركمان في أربيل، 26 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/2XkW2tD
[35] ترك برس، نائبة تركمانية عراقية: وجود “PKK” في سنجار يهدد أمن وسيادة البلاد، 30 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3phBuhe
[36] وكالة الأنباء القطرية (قنا)، القوات البحرية الأميرية تدشن سفينة فويرط، 26 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3iYacZc
[37] وكالة أنباء تركيا، لصالح قطر.. تدشين فرقاطة عسكرية من صناعة تركية في إسطنبول، 26 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3ly5ZNA
[38] وزارة الخارجية التركية، بيان صحفي حول انتخابات مجلس الشورى التي أجريت في قطر، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3mQYOPP
[39] صحيفة الراية القطرية، انتخابات الشورى توسيع للمشاركة الشعبية في قطر، 29 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3DFCPSG
[40] وكالة أنباء تركيا، حملة تبرعات إغاثية في تركيا تحقق أرقاما قياسية.. وشكر خاص لقطر، 28 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3DwU4FQ
[41] الاقتصاد، “بلومبرغ”: أبو ظبي تبحث عن فرص للاستثمار بمليارات الدولارات في تركيا، 26 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3p22CAO
[42] Reuters, As tensions ease, Turkey says talks to UAE on energy investment, , 21l09l2021, https://reut.rs/3BGMJDf
[43] تركيا الآن، الإمارات تلبي أول المطالب التركية.. فرض حظر كامل على زعيم المافيا التركية، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3mRg4o7
[44] المصدر نفسه.
[45] رئاسة الجمهورية التركية، “تركيا تدعم كل خطوة تتخذ من أجل عالم أكثر أمانا وسلما وازدهارا وانصافا للجميع”، 21 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3AyA1Vy
[46] الجمعية الفلسطينية للإعلام، هنية: لدى تركيا وفلسطين علاقات ممتازة، 30 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3DCjeTH
[47] Internet Haber, Kim dost kim düşman? 8 ülke soruldu anketteçarpıcı sonuçlar çıktı, 29l09l2021, https://bit.ly/3awuaFI
[48] وكالة الأناضول، محكمة إسرائيلية لا تعارض أداء اليهود صلاة صامتة في المسجد الأقصى، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3vbiou8
[49] ديلي صباح، أنقرة تدين بشدة قرار منح اليهود الحق بالصلاة في المسجد الأقصى، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2YDUMCf
[50] ترك برس، تركيا تدين بشدة قرار “منح اليهود حق الصلاة” في الأقصى، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/30jRdBW
[51] ترك برس، وزير العدل التركي يستقبل وفدا من نقابة المحامين الفلسطينيين، 16 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3v5Op6T
[52] وكالة الأناضول، توقيع بروتوكول تعاون بين جامعتين تركية وفلسطينية، 20 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3v3Cari
[53] يني شفق، القنصل التركي بالقدس: نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، 20 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3DBoAOL
[54] ديلي صباح، “الإغاثة التركية” تنفذ مشاريع إنسانية في قطاع غزة، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2YHLBAp
[55] Le Monde, édit entre Emmanuel Macron et les « petits-enfants » de la guerre d’Algérie, 02l10l2021, https://bit.ly/3p56MI0
[56] وكالة الأناضول، تركيا: تصريحات ماكرون بلا جدوى وتاريخنا خال من الاستعمار، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3DDz8x4
[57] ديلي صباح، تشيليك: ماكرون يهاجم تركيا للتهرب من مواجهة إرث بلاده الاستعماري، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3BNan0Z
[58] الجزيرة، وزير خارجية الجزائر: تصريحات ماكرون “خطأ جسيم” وعلاقتنا بتركيا تاريخية وعميقة، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3C2bES1
[59] البصائر، فرنسا هي منبع شقائنا وبلائنا، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2YWryP7
[60] ترك برس، الرئيس “تبون” يتحدث عن “المنزعجين” من العلاقات التركية-الجزائرية، 3 يونيو/حزيران 2021، https://bit.ly/3p9T0DN
[61] الجزيرة، الاستثمارات بالجزائر.. تركيا تتفوق على فرنسا، 10 مايو/أيار 2018، https://bit.ly/3FRCDSi
[62] صحيفة الشعب، ماكرون يغطي “هزائم فرنسا” بتدنيس التاريخ، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3j81Cag
[63] يني شفق، محاولات استفزاز مستمرة.. مسؤول يوناني يستفز تركيا خلال مناورات جيشه قرب إزمير، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3FX1Ivg
[64] الجزيرة، اتفاق دفاعي بين اليونان وفرنسا يسمح بالدفاع المشترك عند حدوث خطر خارجي، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3BK7bmC
[65] وكالة الأناضول، أنقرة: خطابات اليونان العدوانية محاولات بلا جدوى للتفوق علينا، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3n6wWaE
[66] RTعربي، تركيا: جولة جديدة من المحادثات مع اليونان الأسبوع القادم ونهج أثينا يضر الاتحاد الأوروبي والناتو، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3lPPJrj
[67] ترك برس، التصعيد في شرق المتوسط يلوح في الأفق بسبب اليونان وقبرص، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2YWlMgh
[68] المصدر السابق.
[69] Sputnik عربي، بايدن يمدد عقوبات ترامب المفروضة على تركيا بسبب عملياتها العسكرية في سوريا، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3FW8YYs
[70] RT عربي، الخارجية التركية: أمريكا تدعم الإرهاب في سوريا وعليها التخلي عن سياستها الخاطئة، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3BQGiO4
[71] تركيا الآن، الرئيس التركي يتهم واشنطن بدعم الإرهابيين بالمنطقة، 24 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3FQuTjH
[72] تركيا بالعربي، أردوغان: لو زودتنا واشنطن بالباتريوت لما اشترينا المنظومات الروسية، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3aKNyPF
[73] تركيا الآن، “شرحت كل شيء لبايدن”.. أردوغان يؤكد نيته شراء دفعة جديدة من صواريخ “إس-400” الروسية، 25 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/30BMNqd
[74] RT عربي، الشيوخ الأمريكي يهدد تركيا بعقوبات جديدة بسبب “إس-400″، 28 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3jdug9Z
[75] Reuters, Turkey asks U.S. to buy 40 F-16 jets to upgrade Air Force -sources, 08l10l2021, https://reut.rs/3DNNT0k
[76] تركيا الآن، أردوغان: انتهينا من صياغة دستور تركيا الجديد، 30 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/30Gv1lG
[77] المصدر السابق.
[78] تركيا الآن، «ستنتهي مهزلة القصور المبهجة».. خطة المعارضة التركية لتغيير النظام الرئاسي، 30 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3aVqFZy
[79] تركيا بالعربي، عاجل: أردوغان يعلن وضع دستور جديد للبلاد، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2YVNQjT
[80] TRTعربي، أردوغان: اقتصاد تركيا يواصل نموه بتسريع الاستثمار والإنتاج، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3C7EL64
[81] حزب الآق بارتي، رئيس الجمهورية أردوغان: اقتصاد تركيا يواصل نموه بتسريع الاستثمار والإنتاج، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2Zc50Kq
[82] AR.HABERLER، عهد أدوغان: لن نلقي باللاجئين السوريين في أحضان القتلة، 21 يونيو/حزيران 2021، https://bit.ly/3FO4LWH
[83] نيو ترك بوست، إمام أوغلو: التدفق الكبير للاجئين هو سبب مشكلة النقل في إسطنبول، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3j1jPX6
[84] تركيا اليوم، تركيا.. اعتداءات على السوريين في إزمير بعد مقتل شاب تركي، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3p25YDJ
[85] العربي الجديد، تبدل خطاب “الشعب الجمهوري” التركي تجاه اللاجئين السوريين: “لن نرمي بهم للموت مرة ثانية”، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/2Z1boUE
[86] المصدر السابق.
[87] يني شفق، “ستاندرد آند بورز” ترفع توقعها لنمو الاقتصاد التركي لـ2021، 28 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3vmvCo0
[88] وكالة أنباء تركيا، البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد التركي في 2021، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3n4HQgW
[89] وكالة الأناضول، “فيتش” ترفع توقعات نمو تركيا في 2021 إلى 9.2 بالمئة، 29 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/30z2zSK
[90] Turk Time، تركيا.. ارتفاع التضخم 1.25 بالمائة سبتمبر الماضي، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021، https://bit.ly/3aQE8SM