الانتخابات المحلية التركية.. الآثار والتداعيات على السياسات الحكومية
المحتويات
مقدمة
أجندة ما قبل الانتخابات المحلية
- السياسة الخارجية ودوافع التقارب
- السياسات الاقتصادية
- السياسات تجاه المهاجرين واللاجئين
تداعيات الانتخابات المحلية
- استمرار مسارات التقارب والتهدئة
- ملف غزة
- استمرار البرنامج الاقتصادي
- استمرار سياسات تقليل أعداد الأجانب
مقدمة
شهدت الانتخابات المحلية التركية، التي أجريت في 31 مارس/آذار 2024، تراجعا ملحوظا لحزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية، وذلك بعد نحو 10 أشهر من فوز “تحالف الجمهور” الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي عُقدت في مايو/أيار 2023.
وللمرة الأولى في تاريخه، يحل “العدالة والتنمية” في المركز الثاني في عموم البلاد بـ35.5 بالمئة، بعد حزب الشعب الجمهوري الذي حاز 37.8 بالمئة، وتراجع عدد المصوتين للعدالة والتنمية بأكثر من 8 ملايين صوت مقارنة بانتخابات 2019.
ورغم توقع بعض المراقبين تراجع حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات إلى أن حجم هذا التراجع كان مفاجئا، الأمر الذي فتح الباب للحديث عن حاجة الحزب الحاكم للتغيير والتطوير، حتى “لا يستمر في الذوبان، كقطعة ثلج تحت أشعة الشمس”، بحسب تعبير الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وبعيدا عن التغيير داخل هيكل الحزب الحاكم الذي قد يشهد تطورات على مدى الأشهر وربما السنوات المقبلة، فإننا في هذا الملف سنركز على سياسات الحكومة التركية تجاه ملفات رئيسية: السياسات الخارجية تجاه دول المنطقة، والسياسات الاقتصادية، والسياسات المتعلقة باللاجئين والمهاجرين والأجانب بشكل عام داخل تركيا.
ويمكن القول إن الأجندة التي وضعتها الحكومة التركية التي عينها الرئيس أردوغان بعد فوزه في الانتخابات، في مايو/أيار 2023، ستستمر على الراجح -وربما تتعزز- في المسارات الثلاثة.
ذلك أن الأسباب التي دفعت أردوغان لاتخاذ هذه السياسات منذ البداية ما زالت موجودة، كما سنوضح في هذا الملف، وذلك على الرغم من الهزيمة الأخيرة في الانتخابات المحلية. كما أن فوز المعارضة سيمثل دافعا للحكومة للتماهي مع بعض جوانب الأجندة التي تحملها.
وربما يشذ من ذلك موقف الحكومة التركية تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي والموقف من الحرب الجارية ضد قطاع غزة. ويرجع ذلك إلى أن حزب العدالة والتنمية يرى أن أحد أسباب تراجع التصويت له هو “عدم قدرته على توضيح ما قام به (من أجل غزة)”، وفق تعبير أردوغان.
ولكي يتسنى لنا فهم تأثير الانتخابات المحلية على السياسات الخارجية للحكومة التركية تجاه دول المنطقة، والسياسات الاقتصادية، والسياسات المتعلقة باللاجئين والمهاجرين، فمن المهم هنا استعراض ماهية ودوافع أجندة الحكومة التركية تجاه تلك الملفات خلال مدة الـ10 أشهر التي سبقت الانتخابات المحلية وحتى إجرائها نهاية مارس/آذار؛ ففي ضوئها، وما استجد بفعل الانتخابات، يمكننا استشراف مستقبل هذه الأجندة.
أجندة ما قبل الانتخابات المحلية
في 3 يونيو/تموز 2023، أعلن الرئيس أردوغان حكومته الجديدة، المكونة من 17 وزيرا، وحملت الحكومة أجندة تهدف بشكل رئيسي إلى حل المشكلات والملفات التي شكلت ضغطا خلال الحملات الانتخابية على التحالف الحاكم، كالملف الاقتصادي وملف اللاجئين والمهاجرين، وملفات التقارب مع بعض الدول في الإقليم.
- السياسة الخارجية ودوافع التقارب
بدءا بالسياسة الخارجية، فقد عمدت تركيا قبل نحو 3 سنوات إلى تدوير الزوايا في علاقاتها الخارجية التي شهدت توترا مع بعض دول الإقليم في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وتزامن ذلك مع موجة تقارب في الإقليم عززها وصول الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى البيت الأبيض عام 2021.[1]
وعلى ذلك، سارت أنقرة في عدة مسارات تقارب مع كل من مصر، والسعودية، والإمارات، ونظام بشار الأسد، والكيان الصهيوني، وحتى في الساحة الليبية أبدت تركيا انفتاحا على قوى الشرق الليبي، مع استمرار دعمها لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، كما تراجعت حدة خلافها مع اليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.[2]
وقبل انعقاد الانتخابات العامة في مايو/أيار 2023، كانت تركيا قد قطعت بالفعل شوطا في مسارات التقارب مع العديد من دول الإقليم، ثم استمر هذا المسار بعد فوز أردوغان. وشمل ذلك اللقاء مع قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، خلال حفل افتتاح كأس العالم في قطر، وإجراء مكالمة هاتفية بين السيسي وأردوغان بعد الزلزال الذي وقع في 6 فبراير/ شباط 2023، لأول مرة بين الطرفين.
ومع كل من السعودية والإمارات، اتخذ مسار التقارب وتيرة أسرع، حيث زار أردوغان كلا البلدين، واستقبل أيضا ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والرئيس الإماراتي، محمد بن زايد. كذلك، عاد البلدان للعمل على تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركيا. إذ وجّه مجلس الوزراء السعودي بتشجيع الاستثمار المباشر مع تركيا، وأعرب وكيل وزير الاستثمار السعودي، بدر البدر، عن اعتقاده بأن استثمارات بلاده مع تركيا ستتضاعف ثلاث مرات خلال السنوات القادمة.[3]
وبخصوص النظام السوري، فقد التقى وزير الخارجية التركية حينها، مولود تشاووش أوغلو، مع وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، للمرة الأولى منذ عام 2011. واحتضنت العاصمة الروسية، موسكو، هذا اللقاء، بحضور وزيري خارجية كل من روسيا وإيران. وقبل ذلك، شهدت موسكو أيضا لقاء لوزراء دفاع ورؤساء استخبارات كل من تركيا وروسيا والنظام السوري. وعلاوة على ذلك، تحدث الرئيس أردوغان علانية عن احتمالية لقائه ببشار الأسد.[4] وبهذه الخطوات، تقدمت العلاقات بين الجانبين من التواصل الاستخباري إلى التواصل الدبلوماسي.
ومع الكيان الصهيوني، جرت لقاءات بين الرئيس أردوغان وكل من رئيس الكيان الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، ورئيس وزرائه السابق، يائير لابيد. وقد تعرض مسار التقارب مع الكيان الصهيوني قبل حرب غزة الأخيرة لعدة اختبارات، منها جولات تصعيد بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة في غزة، وكذلك اعتقال مواطنة تركية من المسجد الأقصى عام 2023،[5] إلا أن الطرفين تعاملا مع هذه الاختبارات بقدر من الدبلوماسية، سمح لهما بتجاوزها، إلى حين اندلعت الحرب بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
- دوافع التقارب
هذه الموجة من التقارب لم تكن مدفوعة فحسب بالانتخابات التركية، ورغبة أردوغان في سحب هذه الأوراق من يد المعارضة، التي كانت تتهمه بتفويت مصالح قومية لتركيا بسبب توتر علاقاته مع تلك الأطراف.[6] بل كانت مرتبطة أيضا بعدة دوافع، منها رغبة الحكومة التركية في تهدئة الخلافات الخارجية للتركيز على الملف الاقتصادي، الذي كان سببا بارزا في تراجع التصويت للحزب الحاكم.
علاوة على ذلك، اختصت كل دولة تقاربت معها الحكومة التركية بمجموعة من المصالح التي دفعت أنقرة للتقارب معها. فالتنظيمات الانفصالية المسلحة التي ارتفعت وتيرة استهدافها لتركيا خلال العام الماضي ومشكلة اللاجئين المتفاقمة دفعتا تركيا لفتح مسارات سياسية مع نظام الأسد، وهو ما دفع الأستاذ المشارك في دراسات الأمن القومي في جامعة مشاة البحرية الأمريكية، سنان سيدي، للقول: “ليس أمام أردوغان خيار سوى المصالحة مع الأسد”.[7]
وكما كان ملف شرق المتوسط سببا في لعب تركيا دورا فعالا على الساحة الليبية منذ عام 2019، فهو أيضا أحد الأسباب التي دفعت الإدارة التركية لمراجعة موقفها من نظام السيسي، في محاولة لاستقطابه أو على الأقل تحييده في الخلاف مع اليونان.[8] وربما أبرز ما جاء في ذلك، تصريح أردوغان بأن مطلب بلاده الوحيد من المصريين أن يقولوا لمن يتخذ مواقف معادية لتركيا في منطقة المتوسط “نريد إرساء السلام في المنطقة”.[9]
وللسبب نفسه، تقاربت تركيا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي،[10] هذا بجانب اعتبار أنقرة أن إسرائيل بوابة للعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ ما يعني أن التقارب معها يسهل حل الخلافات بين أنقرة وواشنطن. ومع السعودية والإمارات، كان العامل الاقتصادي أحد دوافع أنقرة لحلحلة الخلافات مع السعودية والإمارات، فضلا عن المصالحة الخليجية مطلع عام 2021.[11]
لهذه الأسباب مجتمعة، أمكن القول إن مسار التقارب الذي اتخذته تركيا مع دول الإقليم كان استراتيجيا، ولم يكن مرتبطا بالانتخابات فحسب. وبالفعل، فخلال الـ10 أشهر التي كانت بين الانتخابات العامة والانتخابات المحلية في تركيا، شهدت السياسة الخارجية تعزيزا لمسار التقارب.
ففي سبتمبر/أيلول 2023، التقى أردوغان برئيسَ الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمرة الأولى، على هامش الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة.[12] كما زار أردوغان مصر والتقى بالسيسي في فبراير/شباط 2024، وتقرر خلالها رفع مستوى التعاون الاقتصادي المشترك بين البلدين إلى 15 مليار دولار خلال السنوات القادمة.[13]
كذلك، استمرت الزيارات مع الإمارات بعد فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، باستقبال محمد بن زايد له في يوليو/تموز 2023، ثم في فبراير/شباط 2024،[14] ومع السعودية كذلك في يوليو/تموز 2023،[15] ثم في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لحضور القمة العربية الإسلامية بخصوص غزة.
وعلى هذا، فإن الحكومة التركية أظهرت تصميما على متابعة مسارات التقارب التي بدأتها قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لطبيعة الدوافع التي جعلتها تبدأ تلك المسارات في الأساس، ولأنها تنظر لهذا المسار على أنه استراتيجي.
- السياسات الاقتصادية
يعاني الاقتصاد التركي من أزمة تضخم حادة منذ عدة سنوات، حيث وصل التضخم السنوي إلى أعلى مستوى له في 24 عاما، متجاوزا 85 بالمئة رسميا، خلال عام 2022، قبل أن يتراجع.[16] كذلك، فقدت الليرة أكثر من ضعف قيمتها بوصولها إلى نحو 32 ليرة لكل دولار أمريكي، مع خسارة نحو 9 بالمئة من قيمتها منذ بداية عام 2024.[17]
هذه الأزمة الاقتصادية تُعد أحد أبرز أسباب تراجع نسب التصويت للحزب الحاكم في الانتخابات العامة والمحلية المنقضية، كما أنها ربما كانت أحد أسباب ذهاب الرئيس أردوغان إلى جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية لأول مرة في تاريخه السياسي، وتاريخ تركيا بشكل عام.[18]
وربما كان الجانب الاقتصادي هو أبرز الجوانب التي شهدت تغييرا بعد الانتخابات الرئاسية. فرغم ثبات الأهداف الاقتصادية وعلى رأسها خفض التضخم، إلا أن الحكومة التركية سارت في مسار آخر غير الذي كانت تتخذه قبل الانتخابات العامة.
ففي يوليو/تموز 2019، بدأت سياسة تركيا النقدية بخفض معدلات الفائدة من 24 بالمئة، وصولا إلى 8.50 بالمئة في مايو/أيار 2023. لكن مع تغير السياسة التركية لتكون “عقلانية” وفق وصف وزير الاقتصاد، محمد شيمشيك،[19] ارتفعت معدلات الفائدة إلى أن وصلت إلى 50 بالمئة، بحلول مارس/آذار 2024.[20]
ورغم أن السياسة الجديدة قادت لارتفاع حجم الاحتياطيات الأجنبية في تركيا الذي وصل إلى 141.4 مليار دولار حتى أوائل ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو الأعلى بتاريخ البلاد،[21] إلا أن الأزمة الاقتصادية بشكل عام لا تزال مستمرة، ففي فبراير/شباط 2024، وهو الشهر الذي سبق الانتخابات المحلية مباشرة، ارتفع التضخم إلى مستوى أعلى من المتوقع عند 67 بالمئة، عندما أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير بعد سلسلة متواصلة من الارتفاعات، ثم سجل التضخم 68.5 بالمئة خلال مارس/آذار.[22]
وربما هذا ما دفع البنك المركزي في مارس/آذار 2024 لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى. وقد أكدت ذلك وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية حين عزت التحرك الأخير للبنك المركزي ورفع الفائدة إلى الانخفاض السريع في قيمة الليرة، وتدهور التوقعات الخاصة بالتضخم، وذلك بعد شهرين فقط من إعلان صناع السياسات انتهاء دورة تشديد السياسة النقدية.[23]
الآن وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والتراجع الواضح لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية، تصاعد الحديث حول جدوى السياسات الاقتصادية الجديدة، بل ووصفها البعض بأنها زادت الوضع الاقتصادي سوءا، خاصة وضع المتقاعدين، الذين يناهز عددهم الـ15 مليون شخص، ويمثلون شريحة واسعة من المصوتين للحزب الحاكم.[24]
ففي حين عمل الرئيس أردوغان قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على إرضاء شرائح الشعب المختلفة عبر خفض الضرائب وزيادة الأجور والمعاشات وتوفير الغاز الطبيعي مجانا للمواطنين، لم تشهد الانتخابات الأخيرة ما يُطلق عليه “اقتصاد الانتخابات”.
فقد عمد شيمشيك إلى اتباع سياسة التشديد النقدي، ونقلت مصادر تركية أن الناشطين في الحزب الحاكم حذروا من أنه “إذا واصلنا هذه السياسة الاقتصادية، فسوف نخسر 11-12 ولاية أخرى إلى جانب أنقرة وإسطنبول. وخيروا الرئيس التركي بين “إجراء ترتيبات خاصة بالمتقاعدين ومحدودي الدخل، أو الإعلان مبكرا عن زيادة الحد الأدنى للأجور الخاصة بشهر يوليو/تموز”.[25]
وبهذا الخصوص، تحدث أردوغان إلى شيمشيك قبل الانتخابات المحلية الأخيرة، غير أن شيمشيك قال: “للأسف، ليس لدينا الموارد اللازمة لتلبية كل هذه الأمور”.[26]
علاوة على ذلك، قال الصحفي التركي، فؤاد أوغور، الذي يوصف بأنه مقرب من الحزب الحاكم إن “عدم رفع رواتب المتقاعدين قبل الانتخابات أثّر على نتيجتها”، مضيفا أن “الرئيس أردوغان كان قد ضغط على وزير المالية شيمشيك عدة مرات من أجل اتخاذ خطوة ما، لكن الأخير رفض وخاطر بمنصبه.[27]
والجدير بالذكر هنا أن الحد الأدنى لمعاش التقاعد الحكومي الآن حوالي 10 آلاف ليرة تركية (308 دولارا تقريبا) بينما يبلغ الحد الأدنى للأجور لعامة الناس 17 ألف ليرة تركية (524 دولارا تقريبا)، لذلك حين يعاني العامل العادي من الوضع الاقتصادي، فإن هذه المعاناة تتفاقم عند المتقاعدين.
سياسة التشديد النقدي، وبعيدا عن مدى صوابيتها اقتصاديا، فإنها أضرت بالحزب الحاكم لدرجة دفعت ياسين أقطاي، المستشار السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية، لوصف نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة بأنها “ثورة المتقاعدين”، معتبرا أن أهم عامل في تراجع التصويت للحزب الحاكم هو عدم تلبية توقعات المتقاعدين.[28]
بل ونقل الصحفي التركي، رجب صويلو، أن هناك إجماعا داخل أروقة الحكم في أنقرة على أن “ناخبي حزب العدالة والتنمية أحجموا عن التصويت لمعاقبة الحكومة على أدائها الاقتصادي”.[29]
وفي السياق نفسه، قال المدير العام لشركة الاستشارات السياسية والأبحاث “داتيلور” (Datailor)، إن ما يقرب من 16 مليون متقاعد، الذين يصوتون إلى حد كبير لصالح أردوغان، قاطعوا الانتخابات.[30]
كما نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن العديد من المصادر داخل حزب العدالة والتنمية أن الحكومة كانت على دراية جيدة بالشكاوى التي أثارها المتقاعدون، لكنها لم تتمكن من التحرك لتلبية مطالبهم؛ لأن ذلك سيفتح ثغرة كبيرة في الميزانية التي تتعرض لضغوط هائلة بسبب التضخم.[31]
ومن هنا، تصاعد الحديث حول احتمالية استمرار البرنامج الاقتصادي الذي بدأه شيمشيك، وحول إجراء تغيير وزاري يشمل وزارة الاقتصاد، وهو ما سنستعرضه في محور قادم.
- السياسات تجاه المهاجرين واللاجئين
منذ 2019، عمدت المعارضة التركية إلى وضع اللاجئين والمهاجرين في قلب الحملات الانتخابية، بل ربما كانت السردية الأساسية والوعد الرئيسي الذي قدمته المعارضة قبل الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة المنقضية هو ترحيل اللاجئين السوريين وتقليل أعداد الأجانب.
وقبل الانتخابات العامة الماضية، وفي محاولة منها للحد من تململ بعض الشرائح من هذا الملف، اتخذت الحكومة التركية عدة إجراءات تخص الداخل التركي، عبر توزيع اللاجئين السوريين – بشكل خاص- على ولايات تركيا المختلفة.
كما أن الملف ذاته هو أحد أهم دوافع التقارب الجاري بين أنقرة ودمشق، حيث تأمل الأولى في تأمين عودة للاجئين السوريين، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها تركيا في الشمال السوري. وفي ذات السياق، كانت قد شنت تركيا عملية “درع الربيع” في 2020، لوقف تقدم قوات بشار نحو مدينة إدلب الحدودية، بهدف منع تدفق مزيد من اللاجئين.[32]
وبعد الانتخابات الرئاسية، استمرت الحكومة التركية في هذا المسار، بل وكثفت ما تصفها بأنها “حملة ضد الهجرة غير الشرعية”، وباتت مشاهد المقبوض عليهم أمرا شبه يومي، فخلال شهرين فقط بعد انتخابات الرئاسة، قُبض على 36 ألف مهاجر غير نظامي، رُحّل منهم 16 ألف شخص.[33]
هذا فضلا عن إصدار أردوغان قرارا، في يوليو/تموز 2023، تضمّن إعادة هيكلة إدارة الهجرة، وطال ذلك رئيسها وكبار رؤساء الأقسام، إذ عين أتيلا توروس رئيسا للإدارة، والذي يُعرف بوضعه الكثير من العراقيل أمام اللاجئين، لا سيما منع التنقل بين الولايات خلال ترؤسه للإدارة بين عامي 2014 و2017، وفق تقارير حقوقية.[34]
وبالتزامن مع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، أطلقت الحكومة التركية حملة لعودة اللاجئين، حيث أعلنت الخارجية التركية، في 21 أيار/مايو 2023، أن “تركيا بدأت العمل على خطة رباعية بالتعاون مع لبنان، والعراق، والأردن، والأمم المتحدة لإعادة المهاجرين السوريين إلى سوريا، وعبّر عن تفهم وتعاون أوروبا لإعادتهم بالتوازي مع مواصلة الأمم المتحدة العمل على توفير أمن المهاجرين بالتنسيق مع النظام السوري.[35]
وبحلول يوليو/تموز 2023، كشف أردوغان أن “عدد اللاجئين السوريين الذين عادوا طوعا تجاوز المليون وسيزداد أكثر في المستقبل”، مشيرا إلى أن تزايد أعداد اللاجئين السوريين العائدين مع تقدم مشروع بناء منازل الطوب الذي تدعمه دولة قطر في الشمال السوري.[36]
ورغم تلك الجهود، استمر خطاب المعارضة ضد وجود اللاجئين والمهاجرين خلال الانتخابات المحلية، بل وتبنته أحزاب أخرى كحزب “الرفاه مجددا”،[37] خاصة في اسطنبول، ما يعني أن الملف ما زال حاضرا في الساحة السياسية التركية، متمثلا عن سياسات الحكومة والخطاب الانتخابي للأحزاب.
وهذا يحيلنا إلى رصد تطوراته بعد ما أسفرت عنه الانتخابات المحلية، واحتمالية تغير سياسات الحكومة تجاهه.
تداعيات الانتخابات المحلية
تلقف الرئيس التركي نتيجة الانتخابات الرئاسية باعتبارها إنذار خطر على مستقبل حزبه، ولذلك أكدت تصريحاته بعد الانتخابات على ضرورة معالجة أسباب التراجع. ورغم أن أردوغان أدلى بتصريحات مشابهة في مناسبات انتخابية فائتة، إلا أنه استطرد هذه المرة وصعّد من نبرة حديثه، الأمر الذي يدلل على إدراكه حجم المشكلات التي يعاني منها الحزب الحاكم.
وقال أردوغان إننا “نواجه أزمة عميقة في دوائر الحزب الممتدة في المدن والبلدات وحتى نواب البرلمان والجهاز البيروقراطي”، مشيرا إلى أن “أكبر عدو يمكن أن يواجهه حزب سياسي خرج من رحم الشعب بناء جدران تفصله عن المواطن”. وأوضح أردوغان أن حزبه يواجه “أزمة عميقة في دوائر الحزب الممتدة في المدن والبلدات وحتى نواب البرلمان والجهاز البيروقراطي”.[38]
وأضاف: “إما أن نؤدي عملنا على أكمل وجه من البداية حتى النهاية، أو لن ننجو من دفع ثمن باهظ للغاية”، مؤكدا: “لن نسمح لأحد قط أن يضيع هباءا مسيرة 22 عاما من التضحية والمثابرة”. وفي سياق المحاسبة على نتائج الانتخابات، صرح أنه لا أحد خارج عن المسؤولية بخصوص نتائج الانتخابات، بما فيهم شخصه.[39]
وربما توحي هذه اللهجة بعزم أردوغان إجراء تغييرات شاملة في سياسات الحزب وخطابه وكادره القيادي، غير أن هذه التغييرات ربما تظل بعيدة عن الحكومة، على الأقل في المستقبل القريب، ما يعني استمرار الأجندة التي تلت الانتخابات الرئاسية كما هي تقريبا؛ وذلك للأسباب الآتي ذكرها.
- استمرار مسارات التقارب والتهدئة
يمكن القول إن دوافع ذهاب تركيا إلى سياسة التقارب مع دول الإقليم ما زالت حاضرة، بل ربما تعززت بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، باعتبار حاجة الحزب الحاكم حاليا لاستقرار السياسات الخارجية حتى لا تؤثر على البرنامج الاقتصادي.
فالأسباب التي ذكرناها آنفا والتي تخص تقارب تركيا مع كل دولة ما زالت قائمة، من ذلك حاجة أنقرة للاستثمار الخليجي، وعدم عزلها في البحر المتوسط، والقضاء على تهديد المنظمات الانفصالية، وتقريب وجهات النظر بينها وبين واشنطن. وحيث إن هذه الأسباب لا زالت قائمة، فمن المستبعد أن تتخلى أنقرة عن أجندتها الخارجية التي تتبعها منذ نحو 3 سنوات.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة كاثيميريني اليونانية (Kathimerini) تقريرا حمل عنوان “هزيمة أردوغان في الانتخابات المحلية لن تؤثر على السياسة الخارجية”.[40] بل وذهبت مجلة المحافظ المجرية (Hungarian Conservative) إلى أن نتائج الانتخابات المحلية التركية ربما تساهم في تعزيز العلاقات بين أنقرة من جهة وبروكسل وواشنطن من جهة أخرى.[41]
وقالت المجلة: “بالنظر إلى أن الانتخابات المحلية صُورت على أنها نجاح للديمقراطية، فمن الممكن القول إن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والمسؤولين في بروكسل سوف ينظرون إليها على أنها علامة إيجابية لتطوير تعاون أوثق مع تركيا”، مشيرة إلى إشادة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالانتخابات المحلية في تركيا ووصفه لها بأنها “هادئة ومهنية” وإشادته بالتزام المواطنين بالديمقراطية المحلية.
وأوضحت المجلة أن “بناء على ذلك، وخلال الأشهر الستة المقبلة، حتى إجراء الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، يمكن توقع أن تستخدم الحكومة التركية هذه الفترة لتعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.
وبحكم اهتمام المجلة بالمجر، فقد رأت أن “هذا التطور أمر بالغ الأهمية لصنع السياسات المجرية؛ نظرا لأنها ستتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي اعتبارا من يوليو/تموز 2024″، وأنه يجب أن تلعب دورا استراتيجيا في التقارب بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
وفي السياق ذاته، اعتبر معهد لوي الأسترالي (Lowy Institute)، أن أولويات السياسة التركية الخارجية في المستقبل المنظور سيكون منها تعزيز الزخم في العلاقات مع كل من الولايات المتحدة ومصر. وسلط المعهد الضوء على ذوبان الجليد الأخير في العلاقات التركية الأمريكية من خلال إبرام صفقة لبيع تركيا المزيد من الطائرات المقاتلة من طراز F-16 وموافقة أنقرة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).[42]
وفيما يخص مصر، فقد رصد المعهد إشارات على رغبة تركيا في تعزيز مسار التقارب معها، في سياق جهود المصالحة الأوسع التي تبذلها تركيا مع دول في الشرق الأوسط، من ذلك زيارة أردوغان الأولى إلى القاهرة منذ عام 2012 للقاء السيسي، وذلك في فبراير/شباط 2024. ويرى المعهد أن “الدور الإنساني الذي تلعبه أنقرة في رفح، إلى جانب قدرتها على تسهيل الحوار بين الفلسطينيين، يقرب بين مصر وتركيا، على الرغم من اختلاف مصالحهما في الصراع الليبي وقضايا شرق البحر الأبيض المتوسط”.
الأمر ذاته أكد عليه مركز ويلفريد مارتنز للدراسات الأوروبية (Wilfried Martens Centre for European Studies)، الذي أوضح أنه “لا يُتوقع حدوث تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية لتركيا بعد الانتخابات المحلية”، غير أن المركز يعتبر أن “الاختبار الحقيقي لتطلعات الرئيس التركي في السياسة الخارجية سيتضح بعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024”.[43]
- ملف غزة
ورغم ثبات السياسة الخارجية التركية في خطوطها العريضة، المتمثلة في الانفتاح والتقارب مع دول المنطقة، إلا أنه من الملاحظ تغيرها تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي على وجه الخصوص بسبب الحرب في غزة. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى تقييم حزب العدالة والتنمية لأسباب تراجعه في الانتخابات الأخيرة، واعتباره أن ملف الحرب في غزة قد يكون أحد تلك الأسباب.
فخلال الأشهر الستة الماضية، ونتيجة للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، انتشر تصور بين فئات في الشعب التركي -خاصة المحافظين- بأن الحكومة تجاهلت الاستجابة لقواعدها إزاء المعاناة في غزة. وقد خلق هذا شعورا بالاغتراب بين الداعمين التقليديين للحزب الحاكم بسبب ارتباطه بالهوية الإسلامية.[44]
فقد أولى أردوغان أهمية قصوى لتجنب انهيار جديد في العلاقات مع إسرائيل من خلال الموازنة بين إظهار الدعم السياسي القوي للفلسطينيين وحركة حماس على وجه الخصوص وبين الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات مع تل أبيب.[45]
فمباشرة بعد “طوفان الأقصى”، بدأت أنقرة نشاطا دبلوماسيا مكثفا لدفع الطرفين إلى خفض التصعيد وتجنب حدوث مواجهة أوسع. واستعملت خطابا وُصف بأنه متوازن، دعت فيه الطرفين إلى ممارسة ضبط النفس.[46] كما قال المسؤولون الأتراك حينها إنهم مستعدون للتوسط بين الطرفين لوقف التصعيد والعمل لتحقيق حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، مع احتمال قيام أنقرة وجهات فاعلة خارجية أخرى بدور الضامنين.[47]
ومع توسع الحملة العسكرية الإسرائيلية، ارتفعت وتيرة الانتقادات التركية لها،[48] لكن هذا الموقف اعتبرته شرائح من المجتمع التركي غير كاف، وقد انعكس ذلك في صندوق الانتخابات، ويدعم وجهة النظر تلك ثلاثة عوامل.
العامل الأول هو زيادة نسبة المقاطعة أو إبطال الأصوات، حيث تراجعت نسبة المشاركة فيها زهاء 7 بالمئة، أي نحو 4.5 مليون ناخب عن انتخابات 2019، وذلك بالرغم من أن عدد الناخبين ارتفع ما يقارب 4.4 مليون. وبالنظر إلى عدد الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب المختلفة، يرى مراقبون أن أغلب المقاطعين كانوا من أنصار العدالة والتنمية من المحافظين المهتمين بالقضية الفلسطينية.[49]
أما العامل الثاني فهو حلول “حزب الرفاه مجددا” في المركز الثالث، وفوزه برئاسة بلدية محافظتين إحداهما مدينة كبرى، وهو من أكثر الأحزاب التي ركزت في خطابها الانتخابي على قضية غزة، وانتقاد دور الحكومة منها، الأمر الذي يؤكد أن الحرب في غزة كانت حاضرة في ذهن شرائح محافظة، وأحد العوامل التي حددت اتجاهات تصويتهم في الانتخابات الأخيرة.
العامل الثالث، وبالنظر إلى الأرقام التي حصل عليها كل حزب، فإن الذين قاطعوا الانتخابات من الداعمين التقليديين لحزب العدالة والتنمية لم يصوتوا لحزب الشعب الجمهوري؛ ويؤكد ذلك أن الزيادة في أصوات الأخير عن عام 2019 أقل من تراجع أصوات العدالة والتنمية بزهاء نصف مليون صوت. كما أن تلك الزيادة نفسها يمكن أن تفسر في مجملها بزيادة عدد الناخبين عن الانتخابات السابقة 4.4 مليون ناخب جديد، أو بدعم أنصار أحزاب أخرى له، كحزب الجيد، الذي تراجع كثيرا في هذه الانتخابات.[50]
وعلى هذا، فإن زيادة أعداد المقاطعين، وصعود “حزب الرفاه مجددا”، وعدم حصول زيادة كبيرة في أعداد المصوتين لحزب الشعب الجمهوري، الذي حل في المركز الأول في هذه الانتخابات، كلها عوامل تؤكد فرضية التصويت الاحتجاجي.
وقد أشار أردوغان مؤخرا إلى ذلك حين قال: “أول ما يلفت النظر في هذه الانتخابات هو انخفاض مستوى المشاركة، ونرى أن قسما لا يستهان به من شعبنا الذي يدعمنا بقوة يمتنع عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ونحن نحلل أسباب ذلك”.[51]
ووفق تقييم أردوغان أيضا، فإن سياسة الحكومة تجاه الحرب في غزة كانت أحد أسباب تراجع الحزب، حيث قال: “لم ننجح للأسف في إقناع بعض الدوائر وتنحية الهجمات السياسية في أزمة مثل غزة، التي قدمنا لها كل ما نستطيع ودفعنا ثمن ذلك”.[52] ثم عاود تأكيده على هذا التقييم في مناسبة أخرى، قائلا: “لا نتمكن من شرح بعض ما قمنا به، لكن من يشككون بحساسيتنا تجاه فلسطين سيشعرون بالعار عاجلا أم آجلا، وسيرون حجم ظلمهم”.[53]
لهذا السبب، فإن سياسة الحكومة التركية تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي وملف الحرب في غزة شهدت تغيرا، على خلاف سياستها تجاه الدول الأخرى في الإقليم كما أوضحنا. ويرجع ذلك -في جزء منه- إلى محاولة الحزب الحاكم تدارك الأسباب التي قادت إلى تراجعه في الانتخابات الأخيرة.
وربما ما يشجع أنقرة أيضا على لعب دور أكثر فعالية في مسألة حرب غزة هو موقف واشنطن، التي تحتاجها مؤخرا للتوسط لدى إيران، لنزع فتيل الأزمة بينها وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي.
فقد نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن مسؤول تركي أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، طلب من نظيره هاكان فيدان نقل رسائل إلى إيران مفادها أن ردها يجب أن يكون محدودا. وقالت مصادر تركية بعد ذلك إن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بيل بيرنز، طلب أيضا من نظيره التركي إبراهيم قالن، القيام بدور الوسيط.[54]
ويرى الموقع أن أحد الأسباب التي دفعت واشنطن لهذا هو رغبتها في إبقاء تركيا إلى جانبها، حيث إن أنقرة معزولة إلى حد كبير عن محادثات وقف إطلاق النار في غزة، وقد تكون مساهماتها حاليا ذات قيمة في المنطقة بالنسبة للإدارة الأمريكية، هذا فضلا عن التوتر المتزايد بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، الذي يمنح الحكومة التركية هامشا أوسع للفعل.
وانطلاقا من هذا، اتخذت أنقرة عدة خطوات تصعيدية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، منها القرار الذي الذي أعلنته وزارة الخارجية التركية بحظر تصدير 54 منتجا إلى دولة الاحتلال، منها الحديد والرخام والصلب والإسمنت والألومنيوم والطوب والأسمدة ومعدات ومنتجات البناء ووقود الطائرات وغيرها.[55]
وتبع ذلك لقاء جمع بين وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية، في 17 أبريل/نيسان 2024، على هامش زيارة الأول إلى العاصمة القطرية الدوحة،[56]
ثم لقاء جمع عددا كبار مسؤولي الدولة التركية على رأسهم أردوغان، بعدد من قيادات حركة حماس على رأسهم “هنية”، في 22 أبريل/نيسان 2024. وحضر اللقاء من الجانب التركي، وزير الخارجية هاكان فيدان، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، ورئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألطون، وكبير مستشاري الرئيس في السياسة الخارجية الأمن السفير عاكف تشاغطاي قليتش، وكبير مستشاري الرئيس سفر طوران. وفي المقابل، حضر اللقاء رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، والعضوان في المكتب السياسي الحركة خليل الحية وزاهر جبارين، والمسؤول في حماس موسى عكاري.[57]
وقد كان هذا اللقاء الأول بين أردوغان وقيادة الحركة بعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، وحرص أردوغان على إظهار حميمية العلاقة بين بلاده وحركة حماس خلال اللقاء، ما دفع وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لمهاجمة الرئيس التركي.[58]
وفي 1 مايو/أيار 2024، أعلن “فيدان” أن أنقرة قررت الانضمام إلى دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية، وأعلن أردوغان تقديم بلاده وثائق إلى المحكمة الدولية من شأنها التأثير على مسار القضية وتوثيق ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة إنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.[59]
وتبع ذلك، في 2 مايو/أيار 2024، قرار وزارة التجارة التركية وقف جميع الصادرات والواردات من إسرائيل وإليها اعتبارا من يوم صدور القرار مشيرة إلى “تفاقم المأساة الإنسانية” في الأراضي الفلسطينية. وأكد بيان الوزارة أن “تركيا ستنفذ هذه الإجراءات الجديدة بشكل صارم وحاسم حتى تسمح الحكومة الإسرائيلية بتدفق غير متقطع وكاف للمساعدات الإنسانية إلى غزة”.[60]
وعلى المستوى الخطابي، استمر أردوغان في مهاجمة دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية، والدفاع عن حماس باعتبارها حركة مقاومة، حيث شبهها بالقوات الشعبية التركية التي حاربت الاحتلال عند تأسيس الجمهورية، رغم أنه يعلم أنه سيدفع ثمن تصريحاته، وفق قوله.[61]
علاوة على ذلك، فسر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تأجيل الرئيس أردوغان زيارته لواشنطن، رغم أنه طلبها في السابق، إلى الموقف من حرب غزة.[62]
فلعدة أشهر، طلبت أنقرة عقد اجتماع بين أردوغان وبايدن في محاولة لإصلاح العلاقات التركية-الأمريكية، ومع ذلك، قبل أيام من الإعلان الرسمي، كانت هناك إشارات على احتمالية إلغاء الاجتماع. ففي 20 أبريل/نيسان، نشرت قناة “OdaTV” التركية خبرا مفاده أن الاجتماع سيُلغى بعد قرار الكونغرس بالموافقة على حزمة مساعدات بقيمة 26 مليار دولار لإسرائيل.
ثم نشر آيتوك إركين، وهو كاتب عمود في صحيفة “Sozcu” ذات التوجهات المعارضة، مقالا في 25 أبريل/نيسان، قال فيه إن الزيارة قد تُلغى في غضون 48 ساعة، وأخبره أحد المصادر أنه “يجب اتخاذ موقف واضح بشأن قضية غزة”.[63]
هذه التحركات تأتي -في جزء منها- تماهيا مع نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، لكن يمكن القول هنا إن الحكومة لا تريد أن تصل لقطع العلاقات الدبلوماسية تماما مع دولة الاحتلال، بمعنى أنها لا تريد أن تنقلب تماما على مسار التقارب، بحيث تترك فرصة لتطوير العلاقات مرة أخرى عند توقف الحرب، أو حدوث تغيير سياسي في “إسرائيل”. وذلك كي “لا يُضعف حسابات تركيا في قضايا أخرى مهمّة لها، ومتشابكة مع إسرائيل، خصوصا في شرق البحر المتوسط، فضلا عن ارتباط العلاقات التركية الإسرائيلية بالعلاقات التركية-الأمريكية”.[64]
وربما ما يؤكد ذلك هو تصريح أردوغان نفسه الذي أوردناه أعلاه وهو أننا “لم ننجح للأسف في إقناع بعض الدوائر وتنحية الهجمات السياسية في أزمة مثل غزة، التي قدمنا لها كل ما نستطيع ودفعنا ثمن ذلك”. فوفق تقييم الحكومة التركية للمشهد ورغبتها في الاستمرار في مسار التهدئة، فإنها ترى أنها كانت بالفعل قدمت ما يمكن أن تقدمه في تلك المرحلة لغزة، لكن المشكلة -حسب أردوغان- تكمن في فشل الحزب في إقناع القواعد الانتخابية بما قدمه.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن أولوية تجنب انهيار كبير في العلاقات مع إسرائيل لا تزال تُشكل ركيزة أساسية في استراتيجية تركيا حيال حرب غزة. ويعتبر هؤلاء أن أردوغان لا يزال يُحافظ على هامش من المناورة للحفاظ على الأولوية الرئيسية المتمثلة بمنع انهيار كامل في العلاقات مع إسرائيل؛ كي يتمكن من إعادة ترميم العلاقات مع إسرائيل بعد انتهاء الحرب،[65] هذا بالرغم من تأكيد بعض الخبراء على أن حرب غزة -على أي حال- قلّصت آفاق تحسين العلاقات التركية–الإسرائيلية.[66]
وإجمالا، فإن السياسة الخارجية لتركيا لن تتأثر كثيرا بمخرجات الانتخابات المحلية، وستستمر تركيا في مسارات التقارب والتعاون مع دول المنطقة كالإمارات والسعودية ومصر، هذا بجانب التهدئة مع اليونان، ومحاولة حل نقاط الخلاف مع الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، فإن هناك تغيرا في الموقف التركي تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي وملف حرب غزة، غير أن أنقرة لا تريد حاليا أن تصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية تماما مع الاحتلال، كي لا يتعثر استرجاعها بعد الحرب.
- استمرار البرنامج الاقتصادي
باعتبار أن الاقتصاد كان أحد الأسباب الرئيسية لتراجع نسب التصويت للحزب الحاكم، بل ربما يكون السبب الأبرز، برزت انتقادات للبرنامج الاقتصادي الذي خطه شيمشيك وفريقه، وذهب البعض للمطالبة بإقالته.
وفي محاولته منه لتوضيح أن التراجع في الانتخابات المحلية ليس مرتبطا بالسياسات الاقتصادية، صرح شيمشيك قائلا إن “أنقرة مدينة موظفين حكوميين، وقد رفعنا رواتب الموظفين وبالرغم من ذلك خسرها العدالة والتنمية. ورفعنا رواتب المتقاعدين 3 أضعاف، هناك أسباب خاصة تتعلق بكل منطقة ومدينة، وبالبداية يجب علينا خفض التضخم”.[67]
ورغم ذلك، فإن تقييم الحزب الحاكم، وعلى رأسه أردوغان، يؤكد على أهمية العامل الاقتصادي، ولذلك أقر أردوغان في غير مرة بالأزمة الاقتصادية، مبديا تفاؤله بأن يشهد النصف الأخير من العام 2024 رؤية النتائج الإيجابية لهذه السياسة.
وهذا ما أكده معهد لوي الأسترالي، الذي قال إن “التحدي الأكبر الذي يواجه أردوغان في استعادة ثقة الناخبين الأتراك يكمن في الاقتصاد؛ إذ أكدت الانتخابات المحلية رغبة الشعب في استقرار القطاع الاقتصادي”.[68]
وبحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن من ضمن العوامل، التي يرجح أنها كانت وراء هزيمة العدالة والتنمية في انتخابات المحليات التركية، برنامج التقشف الذي بدأ أردوغان في تطبيقه فور إعادة انتخابه رئيسا للبلاد. فرغم نجاحه في استرضاء أسواق الغرب، إلا أن أغضب الكثيرين من القاعدة الانتخابية المؤيدة لأردوغان، وفق وصف الصحيفة.[69]
هذا التقييم السلبي لمدى المنجزات الاقتصادية حتى الآن لم يدفع الرئيس أردوغان لتغيير السياسات الاقتصادية، بل على العكس من ذلك تعهد بمنح فريق شيمشيك مزيدا من الوقت لتنفيذ إجراءات تهدف إلى عكس مسار الانكماش الاقتصادي. وربما يرجع تقييم أردوغان لطبيعة البرنامج الاقتصادي نفسه، الذي يتطلب وقتا لتظهر نتائجه.
ويبدو أن أردوغان يدرك التأثير السلبي لـ”اقتصاد الانتخابات” الذي اتبعه خلال الفترة الماضية على الحالة الاقتصادية ككل، ولذلك أشار إلى ضرر السياسات الشعوبية على الاقتصاد، قائلا: “سنستغل فترة الأربع سنوات التي لن تُعقد خلالها انتخابات؛ لتحقيق الأهداف الاقتصادية”. وأضاف: “سنبتعد عن السياسات الشعبوية التي من شأنها أن تفرض ثمنا على بلدنا وأمتنا والأجيال القادمة”.[70]
كما نقل الصحفي فؤاد أوغور عن مصادره داخل حزب العدالة والتنمية أن “أردوغان قرر الحفاظ على شيمشيك في منصبه لما رآه من مصلحة طويلة الأمد لاقتصاد البلاد”، وأضاف أن “محمد شيمشيك يريد تطبيق سياسات تقشفية قاسية، وذلك لإعادة ملء خزينة الدولة. والآن بعد انتهاء الانتخابات صار الرئيس أردوغان في موقف مريح يمكّنه من اتخاذ أي قرار دون التفكير مليا بعواقبه الانتخابية. وذكر الصحفي أنه “وفقا لخطة شيمشيك فلن يكون هناك إنفاق على المشاريع الكبرى، وستشجع الدولة على استثمارات الزراعة والطاقة الخضراء والإنتاج، وستوقف الحكومة دعمها المقدم إلى البلديات”.[71]
ومما يؤكد عزم أردوغان على عدم تغيير السياسات الاقتصادية هو إعلان على لسان وزير العمل والضمان الاجتماعي، وداد أشك هان، عدم رفع الحد الأدنى للأجور في يوليو/تموز القادم،[72] على خلاف ما تم في العامين الماضيين، رغم توقعات خبراء اقتصاديين بأن الحكومة ستضطر لرفع الحد الأدنى للأجور بسبب الغلاء.[73]
وعلى هذا، فمن المستبعد في الوقت الراهن إجراء تغييرات في السياسة الاقتصادية؛ إذ أن ذلك من شأنه أن يعقد الأزمة ويخصم من مدة الأربع سنوات التي يعتبرها أردوغان فرصة لحل الأزمة الاقتصادية قبل انتخابات الرئاسة والبرلمان في 2028.
- استمرار سياسات تقليل أعداد الأجانب
لم يغب الحديث عن اللاجئين خلال الانتخابات المحلية المنقضية، رغم وجود ملفات أخرى شغلت حيزا معتبرا في الخطاب السياسي العام كالملف الاقتصادي وحرب غزة.
ويبدو أن تقييم الحكومة التركية ما زال كما هو، باعتبار أن أزمة اللاجئين والمهاجرين سببا في تراجع التصويت لها. ولهذا السبب ستستمر الحكومة في محاولاتها لتقليل أعداد الأجانب من جهة، وتقنين أوضاع آخرين من جهة أخرى، بالتزامن مع مجابهة الهجرة غير الشرعية. ويعزز ذلك فوز المعارضة في الانتخابات الأخيرة، إذ سيضطر الرئيس إلى التماهي مع أجندة المعارضة -بشكل أو بآخر- حتى لا يتصادم مع توجهات الناخبين.
وخلال الشهر الذي تبع الانتخابات المحلية، يمكن رصد عدة إشارات على استمرار سياسة الحكومة في تقليل أعداد الأجانب، بل وتصعيد الخطوات في هذا السياق.
من ذلك، تصريح الرئيس أردوغان، في معرض تقييمه لنتائج الانتخابات المحلية، قائلا: “سنستمر باتخاذ خطوات شاملة لمكافحة الهجرة غير الشرعية”.[74]
وعلى المستوى العملي، هناك استمرار للحملات التي تضطلع بها القوات الشرطية التركية ضد المهاجرين غير الشرعيين، وانتشار لحملات توقيف الأجانب وبحث أوراقهم الثبوتية، وذلك بعد الانتخابات المحلية.
أضف إلى ذلك، ما تداوله ناشطون وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، من شروط جديدة لتجديد الإقامة السياحية للأجانب في تركيا، تتضمن تحويلها إلى إقامة عمل. ويتضمن ذلك تعهدا يوقع عليه الحاصلون على الإقامة السياحية بأنها ستكون لمدة 6 أشهر فقط، ولن يتم تجديدها إلا في حالتين: أن تتحول إلى إقامة عمل، أو أن يثبت المتقدم لنيل الإقامة السياحية تحقيق دخل مادي بمقدار 1.5 ضعف الحد الأدنى للأجور لكل فرد من أفراد العائلة من خلال حساب مصرفي يعمل في تركيا.[75]
وبالتالي، فإن تأثير الانتخابات المحلية على ملف اللاجئين والمهاجرين سيتمثل في تعزيز السياسة التي كانت قد بدأتها الحكومة بالفعل قبل سنوات، والتي تتمثل في تقليل أعداد الأجانب واللاجئين.
وإجمالا، يمكن القول إن نتيجة الانتخابات المحلية التركية ورغم وقعها على الحزب الحاكم، إلا أنه ليس من المنتظر أن تغير كثيرا من الأجندة التي يعتمدها الرئيس أردوغان منذ تجديد الثقة به في مايو/أيار 2023.
فملفات التقارب مع كل من مصر والإمارات والسعودية واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مستمرة كما هي، بل وتسعى أنقرة لتعزيزها. كما أن الخطة الاقتصادية التي وضعها فريق شيمشيك ما زالت تحظى بثقة الرئاسة. هذا فضلا عن استمرار الإجراءات الحكومية الهادفة لحل أزمة اللاجئين والأجانب.
وفي المقابل، فإن الملف الذي تغيرت فيه السياسات التركية بعد الانتخابات المحلية، يتمثل في الموقف التركي من دولة الاحتلال الإسرائيلي والحرب على غزة، حيث اتخذت أنقرة خطوات تصعيدية على مدار الشهر الماضي، غير أن أنقرة ما زالت ترغب في ألا تتدهور علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل إلى حد بعيد، حتى تتمكن من استرجاع مسار التقارب إذا ما حدث تغيير سياسي داخل دولة الاحتلال.
المصادر
[1] Bezen Balamir-Coskun, Turkish Foreign Policy amid Changing Dynamics in the Middle East, Panorama, January 15, 2021
[2] Helena Smith, Erdoğan hails ‘new era’ of friendship with Greece on historic visit to Athens, The Guardian, December 7, 2023
[3] أنقرة.. اقتصاديون أتراك وسعوديون يبحثون التعاون الاستثماري، يني شفق، 22 يونيو/ حزيران 2022
[4] أردوغان: بدأنا عملية ثلاثية وقد أجتمع مع الأسد من أجل السلام، دويتشه فيله الألمانية، 4 يناير/ كانون الثاني 2023
[5] بطريقة همجية – اعتقال شابة تركية وموظف أوقاف من الأقصى، وكالة شهاب، 25 أبريل/ نيسان 2023
[6] Akşener’den Erdoğan’a: Sisi’ye 3 parmak mı göstereceksin?, soL haber, Mart 17, 2021
[7] Sinan Ciddi, Erdogan Has No Choice but to Reconcile With Assad, Foreign Policy, September 5, 2023
[8] Robert Ellis, Why Turkey and Egypt are Friendly Again, The National Interest, February 20, 2024
[9] بعد مصافحة السيسي.. الرئيس التركي يعلن “طلبه الوحيد” من مصر، الحرة، 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2022
[10] Burcu Ozcelik, Overcoming hurdles to Turkish–Israeli reconciliation, International Institute for Strategic Studies, May 6, 2022
[11] Salim Çevik, Turkish-Gulf Relations in the Context of Regional Reconciliation, Arab Center Washington DC, February 14, 2024
[12] Humeyra Pamuk, UN General Assembly: Erdogan, Netanyahu meet for first time as relations thaw, Reuters, September 20, 2023
[13] لقاء السيسي وأردوغان في القاهرة.. هذا أبرز ما تم الحديث عنه، سكاي نيوز عربية، 14 فبراير/شباط 2024
[14] Ezgi Akin, Turkey’s Erdogan in UAE, meets MBZ ahead of landmark Egypt visit, Al-Monitor, February 13, 2024
[15] Andrew Wilks, Turkish President Erdogan visits Gulf Arab states, seeking funds for ailing economy, Associated Press, July 17, 2023
[16] التضخم في تركيا يرتفع إلى 62%، الجزيرة نت، 4 ديسمبر/كانون الأول 2023
[17] خسارة أردوغان الانتخابات المحلية يعمق تدهور الليرة، العرب، 2 أبريل/نيسان 2023
[18] Erdoğan Altun, How Erdoğan masterminded electoral victory despite Turkey’s economic crisis, European Consortium for Political Research (ECPR), May 25, 2023
[19] Gabriel Gavin, Turkey’s new finance chief announces return to ‘rational’ economics, Politico, June 4, 2023
[20] Adam Samson, Turkey raises interest rates to 50% as it seeks to cool runaway inflation, Financial Times, March 21, 2024
[21] Turkish central bank reserves hit fresh all-time peak of $141.4B, Daily Sabah, December 14, 2023
[22] Pramod Kumar, Turkey’s inflation rises to 68.5% on education costs, Arabian Gulf Business Insight, April 4, 2024
[23] البنك المركزي التركي يرفع بشكل مفاجئ الفائدة إلى 50%، الجزيرة نت، 21 مارس/آذار 2024
[24] Ayşe Sayın, AKP’de seçim yenilgisinin nedenleri olarak neler sıralandı, parti yönetiminde ve kabinede değişiklik olacak mı?, BBC News Türkçe, Nisan 4, 2024
[25] Kulislere yansıdı: Erdoğan’dan Şimşek’e: ‘Mehmet yapacak bir şey yok mu?, Ekonomim, Nisan 5, 2024
[26] المصدر نفسه
[27] الصحفي المقرب من الحزب الحاكم، فؤاد أوغور: عدم رفع رواتب المتقاعدين قبل الانتخابات أثّر على نتيجتها، أنباء تركيا، 16 أبريل/نيسان 2024
[28] مستشار سابق لأردوغان يصف نتائج الانتخابات المحلية بـ”ثورة المتقاعدين”، ترك برس، 5 أبريل/نيسان 2024
[29] Ragip Soylu, Turkey local elections: Seven things we learnt from Erdogan’s defeat, Middle East Eye, April 1, 2024
[30] Ragip Soylu, ‘A tsunami’: Why Erdogan lost Turkey’s local elections, Middle East Eye, April 1, 2024
[31] المصدر نفسه
[32] أبعاد أجندة المعارضة التركية تجاه اللاجئين والمهاجرين ومنظماتهم العاملة بتركيا، مركز المسار للدراسات الإنسانية، 15 مارس/آذار 2023
[33] حملة أمنية في تركيا لترحيل اللاجئين غير النظاميين، الجزيرة نت، 3 أغسطس/آب 2023
[34] إدارة الهجرة التركية تصدر بيانا للسوريين المقيمين في ولاية إسطنبول .. ماذا يتضمن؟، صدى المجتمع المدني، 29 يوليو/تموز 2023
[35] ريناد المجدلاوي، لاجئو “الحماية المؤقتة” السوريون في تركيا واستمرار خطط “العودة الطوعية”، المركز الفلسطينيّ لأبحاث السياسات والدّراسات الإستراتيجيّة (مسارات)، 22 يناير/كانون الثاني 2024
[36] أردوغان: عدد اللاجئين السوريين العائدين طوعا تجاوز المليون، تلفزيون سوريا، 21 يوليو/تموز 2023
[37] Yeniden Refah Partisi’nin filmi tepki çekti, OdaTV, Mart 9, 2024
[38] Cumhurbaşkanı Erdoğan’dan net mesajlar!, Medya Detay, Nisan 3, 2024
[39] المصدر نفسه
[40] Vassilis Kostoulas, Erdogan local election defeat ‘won’t impact foreign policy’, Kathimerini, April 3, 2024
[41] Ibrahim Mammadov, Turkish Local Elections to Give Hungary Further Strategic Importance, Hungarian Conservative, April 14, 2024
[42] Temmuz Yiğit Bezmez, Erdogan’s election blow will shape Türkiye’s foreign policy, Lowy Institute, April 12, 2024
[43] Panos Tasiopoulos, Will the Local Elections Be a Breakthrough for Türkiye’s Politics?, Wilfried Martens Centre for European Studies, April 3, 2024
[44] Resul Serdar, Analysis: Ruling party errors give Turkey’s opposition hope for future, Al Jazeera English, April 16, 2024
[45] محمود علوش، أولويات أردوغان في الموقف من إسرائيل لم تتغير، مركز تحليل السياسات، 9 أبريل/نيسان 2024
[46] Türkiye’s President Recep Tayyip Erodgan speaks at governing AK Party’s extraordinary congress: In light of events that took place in Israel today, I call upon all parties to exercise restraint, TRT World, October 7, 2023
[47] Tugba Altun, Busranur Koca and Sumeyye Dilara Dincer, Türkiye proposes guarantor formula for Israeli-Palestinian issue: Turkish foreign minister, Anadolu Agency, October 17, 2023
[48] The Gaza War Reverberates Across the Middle East, International Crisis Group, November 4, 2023
[49] سعيد الحاج، تركيا.. كيف ساهم الموقف من غزة في هزيمة العدالة والتنمية؟، عربي بوست، 3 أبريل/نيسان 2024
[50] المصدر نفسه
[51] الرئيس أردوغان: أول ما يلفت النظر في هذه الانتخابات هو انخفاض مستوى المشاركة، أخبار تركيا العاجلة، 17 أبريل/نيسان 2024
[52] الرئيس أردوغان: لم ننجح للأسف في إقناع بعض الدوائر وتنحية الهجمات السياسية في أزمة مثل غزة، أخبار تركيا العاجلة، 3 أبريل/نيسان 2024
[53] الرئيس أردوغان: لا نتمكن من شرح بعض ما قمنا به، لكن من يشككون بحساسيتنا تجاه فلسطين سيشعرون بالعار، منصة كوزال، 17 أبريل/نيسان 2024
[54] Ragip Soylu, Why did the US choose Turkey to act as an intermediary with Iran?, Middle East Eye, April 17, 2024
[55] Erdoğan’dan, İsrail ile ticaret kısıtlaması açıklaması: ‘Yeterli miktarda yardım ulaşana kadar devam edecek’, BBC News Türkçe, Nisan 4, 2024
[56] Bakan Fidan Hamas Siyasi Büro Şefi Haniye ile görüştü, TRT Haber, Nisan 17, 2024
[57] كان بوزدوغان وبيرا جوكتورك، الرئيس أردوغان يلتقي إسماعيل هنية، الأناضول، 21 أبريل/نيسان 2024
[58] Ruth Michaelson, Israel’s foreign minister says Erdoğan ‘should be ashamed’ of meeting with Hamas chief, The Guardian, April 21, 2024
[59] زيد اسليم، ما تداعيات انضمام تركيا لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية؟، الجزيرة نت، 1 مايو/أيار 2024
[60] Ticaret Bakanlığı İsrail ile ticaretin durdurulduğunu açıkladı, BBC News Türkçe, Mayıs 2, 2024
[61] Hamas, Erdoğan’ın kendilerini Kuvayı Milliye’yle kıyaslamasını “büyük beğeniyle” karşıladı: “Gurur duyduk”, T24, Nisan 17, 2024
[62] Ragıp Soylu, Did Erdogan cancel his White House visit because of the war on Gaza?, Middle East Eye, May 1, 2024
[63] المصدر نفسه
[64] محمود علوش، تصعيد أردوغان مع إسرائيل… المنافع والتكاليف، العربي الجديد، 5 مايو/أيار 2024
[65] محمود علوش، أولويات أردوغان في الموقف من إسرائيل لم تتغير، مركز تحليل السياسات، 9 أبريل/نيسان 2024
[66] The Gaza War Reverberates Across the Middle East, International Crisis Group, November 4, 2023
[67] وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك: أنقرة مدينة موظفين حكوميين، وقد رفعنا رواتب الموظفين وبالرغم من ذلك خسرها العدالة والتنمية، أخبار تركيا العاجلة، 4 أبريل/نيسان 2024
[68] Temmuz Yiğit Bezmez, Erdogan’s election blow will shape Türkiye’s foreign policy, Lowy Institute, April 12, 2024
[69] Ruth Michaelson, Opposition wins across Turkey owe much to younger, fresher candidates, The Guardian, April 1, 2024
[70] Mustafa Sonmez, Can Turkey’s economic czar stick to belt-tightening after election loss?, Al-Monitor, April 13, 2024
[71] الصحفي المقرب من الحزب الحاكم، فؤاد أوغور: عدم رفع رواتب المتقاعدين قبل الانتخابات أثّر على نتيجتها، أنباء تركيا، 16 أبريل/نيسان 2024
[72] Bakan Işıkhan: Asgari ücrete ara zam yok, TRT Haber, Nisan 17, 2024
[73] عدنان عبد الرازق، الأسعار ترتفع أكثر في أسواق تركيا مع تراجع الليرة، العربي الجديد، 16 أبريل/نيسان 2024
[74] الرئيس أردوغان: سنستمر باتخاذ خطوات شاملة لمكافحة الهجرة غير الشرعية والتنظيمات الإجرامية، أخبار تركيا، 3 أبريل/نيسان 2024
[75] ضوابط جديدة لتجديد الإقامة السياحية في تركيا خلال فترة 6 أشهر فقط، تلفزيون سوريا، 28 أبريل/نيسان 2024