الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
“بي كا كا” يصعد من هجماته
المحور الثاني: ليبيا
مستقبل العلاقات التركية-الليبية في ظل الحكومة الجديدة
المحور الثالث: مصر
أسباب ودلالات مشاركة مصر في منتدى الصداقة
المحور الرابع: العراق
إرهاصات عملية عسكرية قريبة
جريمة إعدام 13 مواطنًا تركيا في الشمال العراقي
تعاون متصاعد على مستويات عدة
المحور الخامس: الخليج
تعاون واسع مع قطر رغم المصالحة
زيارة وزير الخارجية للكويت وعمان ودلالات التوقيت
العلاقات التركية مع السعودية والإمارات
المحور السادس: فلسطين والكيان الصهيوني
الدور التركي في الانتخابات الفلسطينية
إنشاء منطقة صناعية تركية في جنين
تعاون متصاعد ومشروعات خيرية
المحور السابع: أوروبا
إشارات إيجابية متبادلة مع الاتحاد الأوروبي
عودة للمحادثات الاستكشافية مع اليونان
إشارات يونانية سلبية رغم الحوار
أسباب التهرب اليوناني من طاولة المفاوضات
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
إشارات متضاربة من الجانبين حول العلاقات البينية
بيان واشنطن حول إعدام المواطنين الأتراك
مستقبل العلاقات
المحور التاسع: أذربيجان
بدء عمل مركز المراقبة
حدود الدور التركي في المركز
تعاون عسكري واقتصادي متزايد
حديث حول تقارب تركي-أرميني
المحور العاشر: الداخل التركي
مبادرة رئاسية حول كتابة دستور جديد
فرص تمرير الدستور الجديد
مظاهرات جامعة البوسفور
المقدمة
ربما كانت الساحة العراقية أحد أكثر الساحات سخونة هذا الشهر، فيما يخص تركيا، حيث أعلن عن إعدام تنظيم “بي كا كا” الإرهابي لـ 13 مدنيًا تركيًا، في مغارة جبلية. وقد عجل هذا الحدث من إبراز توتر العلاقات بين إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، والحكومة التركية. كذلك كان من آثار صعود إدارة بايدن أن كثف حزب العمال الكردستاني من هجماته على مناطق تواجد تركيا في الشمال السوري، الأمر الذي تنظر إليه القيادة التركية بكل جدية.
وعلى الساحة الليبية، يمكن اعتبار أن تركيا هي الطرف الخارجي الأكثر حظًا بنتائج التصويت التي أفرزت إدارة جديدة، حيث إن الأفراد المنتخَبين ليس لديهم تصورات سلبية عن الدور التركي في ليبيا، بل ربما على العكس من ذلك. وعلى المستوى الخليجي، قام وزير الخارجية التركي بزيارة كل من الكويت، وعمان، وقطر، ويبدو أن فترة ما بعد المصالحة الخليجية ستشهد تناميًا للتعاون التركي-الخليجي.
أما في مصر، فما زال الوضع على ما هو عليه، لا تصريحات إيجابية ولا سلبية من الطرفين تجاه بعضهما. أما على الساحة الفلسطينية، فقد طلبت أطراف هناك بمراقبة تركية على الانتخابات المزمعة، وقررت تركيا إنشاء منطقة صناعية بجنين، وقد تنامى التعاون التركي-الفلسطيني بشكل عام، في حين استمرت الانتقادات التركية لدولة الاحتلال.
وفي أوروبا، تحسنت علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي، وكذلك هدأت الأجواء مع اليونان، إلا أن الأخيرة تحاول التملص من الحوار، واتباع سياسات أخرى. وعلى الساحة الأذرية، بدأ مركز المراقبة التركي-الروسي في أعماله، وتحدث وزير الخارجية الأرميني عن رغبة بلاده في الحوار مع تركيا، إلا أن هناك معوقات أرمينية تمنع ذلك حاليًا.
أما على الصعيد الداخلي، فقد كان حديث الرئيس أردوغان حول كتابة دستور جديد بمثابة قنبلة في السياسة الداخلية التركية. كذلك خرجت احتجاجات في جامعة البوسفور، اعتراضًا على قرار تعيين رئيس جديد للجامعة، إلا أنه ليس متوقعًا أن يتراجع الرئيس التركي عن قراره.
يبدو أن الشمال السوري في طريقه إلى العودة إلى واجهة الأحداث مرة أخرى بعد فترة طويلة من ثبات الوضع هناك، ووقوف كل طرف عند حدود سيطرته، بشكل أو بآخر. حيث صعَّد تنظيم “بي كا كا” الإرهابي وأذرعه الأخرى، هجماته في المنطقة الآمنة التي أنشأتها تركيا في الشمال السوري، خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع تسلم إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن مهامها[1]، وبشكل شبه يومي تقوم مجموعات من التنظيم الانفصالي بمحاولات لاختراق المناطق التي يتواجد فيها الجيش التركي، كمنطقة درع السلام.[2]
وزادت في الفترة الأخيرة تصريحات المسؤولين الأتراك التي تهاجم التنظيم الإرهابي وداعميه، في حين تحمل تصريحات أخرى تهديدات بأن أي محاولة لإنشاء “دولة” في شمال سوريا والعراق، سوف تُواجه من الجيش التركي. من ذلك تصريح الناطق باسم الحزب الحاكم في تركيا، عمر جليك، أن “تركيا لن تسمح بتأسيس دويلة إرهابية قرب حدودها مهما كانت عواقب ذلك”.[3]
وفي الحقيقة، فإن التخوفات التركية لها ما يبررها، حيث دعمت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، التنظيمات الانفصالية المسلحة في الشمال السوري، تحت دعوى أنها شريك في مكافحة تنظيم الدولة (داعش)، وقد كان بايدن، الرجل الثاني في إدارة أوباما. وهناك سبب آخر مهم في هذا السياق، وهو تعيين بايدن لـ”بريت ماكغورك” في إدارة ملف الشرق الأوسط وإفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي.
وكان “ماكغورك” قد عمل مبعوثا رئاسيا للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة منذ 2015 حتى استقالته في 2018، وكانت له مواقف سلبية متعددة مع أنقرة، فيما يخص دورها على الساحة السورية. منها أنه انتقد اقتراح الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا بعرض 20 ميلًا، بناء على محادثاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ اعتبر ماكغورك أن هذا المقترح غير مناسب[4] .
كما أنه استقال من منصبه في 2018، كمبعوث للتحالف الدولي ردًا على قرار ترمب سحب القوات الأمريكية من سوريا بعد التفاهم مع أردوغان. وبعد استقالته، كتب “ماكغورك” مقالًا في صحيفة واشنطن بوست اعتبر فيه أن تركيا ليست شريكًا موثوقًا به لأمريكا، وأن الدور التركي في سوريا يخلق الفوضى، وقد ردّ عليه الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، واتهمه بإعادة دعاية تنظيم “بي كا كا”[5].
وبالتأكيد، فإن وجود بايدن في البيت الأبيض، وأشخاص مثل ماكغورك في إدارته، يحفز التنظيم المسلح، المصنف على قوائم الإرهاب التركية، على التصعيد في هجماته ضد القوات التركية في الشمال السوري. لذا فإنه من المتوقع أن يستمر التنظيم في محاولاته لاختراق مواقع الجيش التركي في شمال سوريا، ومن غير المستبعد أن تُقدِم تركيا على عملية عسكرية كبيرة هناك، إذا وجدت أن الدعم الأمريكي للتنظيم الانفصالي بات يهدد استراتيجيتها للأوضاع على حدودها.
أخذ مسار الحل السياسي على الساحة الليبية خطوة مهمة هذا الشهر. ففي 5 فبراير/ شباط الجاري، انتخب أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، في مدينة جنيف برعاية الأمم المتحدة، ممثلي السلطة التنفيذية المؤقتة لإدارة شؤون البلاد حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وتضم القائمة المنتخبة محمد المنفي رئيسًا للمجلس الرئاسي، بجانب موسى الكوني وعبد الله حسين اللافي، عضوين في المجلس، وعبد الحميد دبيبة رئيسًا لمجلس الوزراء[6].
وبالطبع فإن كل ما يقع على الساحة الليبية من تطورات هو في دائرة اهتمام الدولة التركية، التي تُعتبَر أحد الفواعل الرئيسية في مجريات الأحداث هناك. ومن المؤكد أن مجرد وصول الخلاف الليبي لهذه المرحلة من الحل السياسي، لم يكن ليتأتى إلا بالدعم الذي قدمته تركيا لحكومة الوفاق، والذي استطاعت من خلاله دحر الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، عن كامل الغرب الليبي، وإجباره على القبول بطاولة المفاوضات، والتخلي عن مشروع السيطرة على العاصمة، الذي استثمر فيه كثيرًا هو وداعموه.
تثبيت فكرة أن الحل على الساحة الليبية لن يكون إلا سياسيًا، كان أحد أهداف تركيا في الأساس من تدخلها في ليبيا، ولذلك يمكن القول إن إجراء انتخابات، وقبول الأطراف المختلفة بنتائجها، هو في النهاية جزء من تصور تركيا الذي تريد تحقيقه، وإن لم تكن هي الطرف الوحيد الذي يدفع في هذا الاتجاه.
وحول الشخصيات المنتخَبة، فإنها لا يُعرف لها موقف يعادي تركيا والدور الذي تلعبه على الساحة الليبية، بل ربما على العكس من ذلك. فرئيس المجلس الرئاسي الجديد، محمد المنفي، كان سفير حكومة الوفاق السابق لدى اليونان، قبل أن تطلب منه الحكومة اليونانية مغادرة أثينا في نهاية 2019، بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس. وكذلك رئيس الحكومة الجديد، عبد الحميد دبيبة، هو رجل أعمال له علاقات اقتصادية واستثمارات في تركيا[7].
لذلك يمكن القول إن الإدارة المنتخبة لن تسعى لعرقلة الدور التركي في ليبيا، إن لم تكن ستدعمه. حيث إنها أيضًا لديها مهمة ليست بالسهلة، وهي الذهاب بالبلاد إلى انتخابات عامة أواخر العام الجاري. وبطبيعة الحال، فإن الحكومة الجديدة تحتاج دعمًا لتحقيق هذا الهدف. وفي هذا السياق، تُعتبر تركيا من أكثر الشركاء الإقليميين والدوليين ضمانةً.
وخلال الأيام الماضية، كانت هناك بعض الإشارات الإيجابية المتبادلة بين أنقرة وطرابلس، فبعد الترحيب التركي الرسمي بمخرجات التصويت، تلقى “المنفي” اتصالًا هاتفيًا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد له فيه دعم تركيا لليبيا في المجالين الاقتصادي والعسكري لتحقيق الاستقرار[8]. كما صرح أردوغان مؤخرًا – خلال محادثة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين- أنه يجب عدم إضاعة فرصة السلام والاستقرار في ليبيا[9].
ومن الجانب الليبي، فإن أول لقاء يجريه “دبيبة” مع وسيلة إعلام غير ليبية، كان مع وكالة الأناضول التركية الرسمية. وبالطبع، فإن لذلك دلالته الإيجابية. كذلك قال رئيس الحكومة الليبية الجديد خلال اللقاء: ” لدينا تضامن كبير مع الدولة والشعب التركيين، تركيا حليفة وصديقة وشقيقة وعندها من الإمكانيات الكثيرة لمساعدة الليبيين في الوصول إلى أهدافهم الحقيقية. وتركيا تعتبر من الشركاء الحقيقيين لنا”[10].
وعلى هذا يمكن القول، إن نتائج التصويت أتت في صالح تركيا، أكثر من أي طرف آخر متدخل في الأزمة الليبية. ولا يعني هذا أن الإدارة الجديدة ستكتفي بعلاقتها الجيدة مع تركيا، فهذا ليس في صالحها؛ حيث إن إجراء الانتخابات العامة يتطلب قدرًا من التوافق الداخلي، وطمأنة للخارج، لذلك من الطبيعي أن تكون الإدارة الليبية الجديدة منفتحة على كافة الأطراف. ويبدو أن هذا هو ما بدأت الإدارة الجديدة في تنفيذه بزيارة ممثليها للشرق الليبي، وللدول التي عُرفت بدعمها لحفتر كمصر[11].
كانت الساحة المصرية أحد أهدأ الساحات في السياسة الخارجية التركية هذا الشهر، حيث لم يكن هناك الكثير من القضايا التي تسمح بالتفاعل بين الجانبين، التركي والمصري، خلال الأسابيع الماضية.
لكن ربما كان الحدث المباشر الوحيد الذي قد يعتبره البعض مؤثرًا في مسار العلاقات بين الجانبين هو مشاركة القاهرة فيما سُمي “منتدى الصداقة” الذي استضافته العاصمة اليونانية أثينا في الحادي عشر من الشهر الجاري. وبالإضافة إلى اليونان، فقد شارك في المنتدى مصر وفرنسا والسعودية والبحرين والإمارات وقبرص الجنوبية (اليونانية) [12].
وحسب بيان صدر عن المنتدى، فقد تم فيه تبادل وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية بين الدول المشاركة، لا سيما تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، والقضية القبرصية، وملفات سوريا وليبيا واليمن وشرقي المتوسط، وأكد الحاضرون على أهمية الحل السلمي للخلافات[13].
وكغيره من المؤتمرات والمنتديات الإقليمية التي لم تُدع إليها تركيا، فإن أنقرة اعتبرت أن هذا التجمع هو تكتل جديد يستهدفها، وأصدرت الخارجية التركية بيانًا تنتقد فيه الحاضرين، حيث قالت: “إن منتدى “الصداقة” الذي استضافته اليونان وضم مصر وفرنسا والسعودية والبحرين والإمارات وقبرص الرومية هو “محاولة تحالف على العداء ضدنا”.
تصريحات الخارجية التركية تبعها تعليق من وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الذي قال خلال مكالمة هاتفية مع أحد البرامج التلفزيونية عند سؤاله عن الموقف التركي الرافض للمنتدى، إنه “تعجب من موقف تركيا، لأن بيان المؤتمر لم يكن موجهًا ضد أحد” وأضاف إن مصر ” لم تلتفت إلى الانتقاد التركي بحق المؤتمر”[14].
وكما ذكرنا في الأعداد السابقة من ملف “أحوال تركية”، فإن حديثًا عن إرادة تركية مصرية للتقارب كان موجودًا خلال الأشهر الماضية، وقد ظهر ذلك في تصريحات لمسؤولين أتراك ومصريين، كما بدا على ألسنة بعض الإعلاميين[15]. ربما لم يصل الطرفان -بعد- إلى اتفاق، لعدة أسباب منها تعقد الملفات التي تجمعهما، والضغط الخارجي على مصر، إلا أن الانتقاد المتبادل على المستوى الرسمي قد قلَّ كثيرًا، وبرز خطاب آخر أكثر هدوءًا.
كذلك فإن الحديث عن صدام بين الدولتين على الساحة الليبية قد خفت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، بالتزامن مع تقدم المسار السياسي هناك، وانتخاب إدارة ليبية جديدة، والتغير الملحوظ في سياسة القاهرة تجاه الملف الليبي، بالتسليم بنتائج الانتخابات، وفتح نوافذ لإعادة العلاقات مع حكومة طرابلس، كان آخرها زيارة وفد مصري إلى العاصمة الليبية لإعادة فتح القنصلية المصرية هناك[16]، واستقبال قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، لرئيس الحكومة الليبية الجديد، عبد الحميد دبيبة، في القاهرة[17].
وفي ظل هذا الجو العام من الهدوء النسبي، يبرز السؤال بشأن الأسباب التي دفعت القاهرة للمشاركة في مثل هذا المنتدى الذي اعتبرته تركيا موجهًا ضدها. وللإجابة عن هذا السؤال، فإن هناك احتمالية أن يكون النظام في مصر قد رأى أنه من الصعب جدًا إيجاد مقاربة لترطيب العلاقات مع تركيا، لذلك استمر في استفزازاته لها.
لكن ربما هذا ليس دقيقًا، حيث إنه على المستوى الرسمي لم ينتقد أي منهما الآخر خلال الأسابيع الماضية، وما زالت سياسة “تهدئة الأجواء” مستمرة، الأمر الذي ينم على أن المحادثات البينية – وإن لم يُحقَّق خلالها اختراق ملحوظ – لم تنهر بالكلية.
هناك احتمال آخر، وهو أن تكون رسالة المنتدى في الأساس موجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من كونها موجهة إلى تركيا، خصوصًا إذا كان الحديث حول النظرة المصرية للمنتدى. فكما هو معلوم، فإنَّ لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن موقفًا سلبيًا من النظام في مصر، وعلى هذا الأساس فإن حضور مصر هذا المؤتمر مع هذه الدول، يعطي رسالة لإدارة بايدن أن السلطة في مصرهي جزء من تحالف إقليمي له رؤية موحدة حول قضايا المنطقة المختلفة، وأن النظام المصري له مجال في المنطقة للمناورة إذا مارس عليه البيت الأبيض ضغوطًا متزايدة.
وقد يكون هذا التفسير أقرب للواقع، حيث إن المملكة العربية السعودية – التي تشهد علاقاتها مع أنقرة حالة من الهدوء النسبي أيضًا في الفترة الأخيرة- حضرت هذا المنتدى، رغم أنها لم تحضر منتديات مماثلة كانت تستهدف تركيا بشكل واضح، كـ”منتدى غاز شرق المتوسط”، الذي يضم دولًا غير محاذية للبحر الأبيض المتوسط أيضًا كالإمارات[18].
وعلى هذا يمكن القول، إن حضور مصر لمنتدى الصداقة في أثينا هذا الشهر، لم يكن الهدف الأول منه هو تركيا، ولم يقضِ على فرص التقارب المصري-التركي المحتمل. هذا مع التأكيد –بطبيعة الحال- على أنه لا يوجد تقدم ملموس حتى الآن في المحادثات بين الجانبين.
ربما كانت الساحة العراقية من أكثر الساحات سخونة هذا الشهر. فبعد الزيارة التي قام بها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى العراق، منتصف الشهر الماضي، بدت إرهاصات تشير إلى عملية عسكرية تركية قريبة ضد تنظيم ” بي كا كا” الإرهابي وأذرعه في شمال العراق. حيث قال الرئيس رجب طيب أردوغان، تعقيبًا على زيارة أكار: “لدي عبارة أقولها دائمًا: قد نأتي على حين غرة ذات ليلة. هذه هي خلاصة الأمر”[19].
تصريحات أردوغان أعطت إشارة واضحة إلى أن القيادة التركية تفكر بجدية في شن عملية جديدة أوسع في الشمال العراقي. كما صدرت أيضًا إشارات أخرى من أنقرة، حيث قال أكار: ” تركيا على استعداد لتقديم الدعم لطرد الإرهابيين من سنجار في حال طلبت الحكومة العراقية ذلك منها”. كذلك صرح المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، بأن تنفيذ عملية تركية ضد الإرهابيين في سنجار “احتمال قائم”[20].
وكان من الواضح في تصريحات المسؤولين الأتراك أن هناك تعاونًا بين أنقرة والحكومة المركزية في بغداد في هذا السياق، حيث صرح أكار، خلال زيارته، أن “المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مهمة على صعيد تعاون أنقرة مع بغداد وأربيل في مكافحة الإرهاب، وأن تركيا تتابع عن كثب إخراج الإرهابيين من محيط سنجار، وأنها ستقدم الدعم اللازم لتعزيز قوة الجيش العراقي”[21].
كل هذه الإشارات كانت تدلل بوضوح على أن عملية تركية عسكرية أوسع في الشمال العراقي باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى. وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، شن عملية عسكرية جديدة شمال العراق تحمل اسم “مخلب النسر 2″، ضد حزب العمال الكردستاني بهدف “رد الهجمات الإرهابية وضمان أمن الحدود”، وفقا لبيان وزارة الدفاع التركية[22].
لكن يبدو أن الإشارات السابقة لم تكن تعني هذه العملية على وجه التحديد، حيث إنها دامت 4 أيام فقط، ما يعني أنها كانت لهدف عسكري محدد، وليست عملية واسعة بالمفهوم الشامل للكلمة، كما كانت تصريحات المسؤولين الأتراك تشير إلى ذلك.
انتهت ” مخلب النسر 2″ وأعلنت الدفاع التركية إحصائياتها، حيث استطاعت القوات التركية “تحييد 50 إرهابيًا، وتدمير أكثر من 50 موقعًا، وتطهير معظم منطقة غارا من “إرهابيي بي كا كا”. وأضافت الوزارة أن “الجيش التركي قدم 3 شهداء خلال عمليات الاقتحام البري، إلى جانب إصابة 3 من أفراده”[23].
لكن ما أثار موجة غضب تركية على المستوى الرسمي والشعبي هو إعلان الوزارة أنها عثرت على جثث 13 مواطنًا تركيًا، أعدمهم التنظيم الانفصالي رميًا بالرصاص، داخل مغارة في موقع العملية. وحسب والي ولاية ملاطية التركية، أيدين باروش، فإن المواطنين الأتراك الـ 13، كانوا قد اختطفوا بين عامي 2015 – 2016 من قبل “بي كا كا”، وتم نقلهم إلى مناطق مختلفة شمالي العراق، طيلة السنوات الـ 6 الماضية[24].
إعدام المواطنين الأتراك زاد من احتمالات تنفيذ عملية عسكرية. كانت – ومازالت – تصريحات كل القادة الأتراك تشير إلى ذلك. وربما صدر التصريح الأوضح في هذا السياق عن وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، الذي كتب عبر حسابه على تويتر: “في حال لم نقبض على قره يلان، ونقطعه ألف قطعة، فليبصق هذا الشعب وشهداؤنا، بوجهنا”. ومراد قره يلان هو أحد أبرز قادة حزب العمال الكردستاني[25].
جدير بالذكر هنا أن صويلو قد ذكر في كلمة أدلى بها أمام الجمعية العامة للبرلمان التركي مؤخرًا أن منظمة “بي كا كا” ارتكبت 6 آلاف و21 مجزرة بحق مدنيين منذ عام 1984[26].
في شأن آخر، ما زالت الآثار الإيجابية للزيارة – التي قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى العاصمة التركية أنقرة في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي – قائمة. ففي ملف المياه، قالت وزارة الموارد المائية العراقية إن “ملف المياه مع تركيا شهد تطورًا إيجابيًا واضحًا خلال المباحثات بين الدولتين في الفترة الماضية” وأضافت: ” إن الجانب التركي أكد حرصه على ضمان حصة عادلة ومنصفة للعراق من مياه الأنهر المشتركة بين البلدين”[27].
كذلك كشفت وزارة النقل العراقية عن مشروع خط سكة حديد بين موانئ الفاو جنوبي العراق على مياه الخليج العربي، وتصل إلى مدينة زاخو على الحدود العراقية التركية أقصى شمالي البلاد، مرورًا بعدد من المحافظات العراقية. ومن المفترض أن يتم ربط الخط عبر القناة الجافة وطريق الحرير بهدف نقل البضائع الواردة إلى ميناء الفاو باتجاه تركيا، ثم إلى أوروبا، بأجور الترانزيت[28].
كان مستقبل العلاقات التركية-القطرية محل تساؤل بعد أن وقعت دول الخليج بالإضافة إلى مصر، في الرابع من يناير (الماضي)/ كانون الأول ، على “بيان قمة العلا” الذي أنهى الحصار المفروض على قطر من الرباعي (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر) [29]. وكما كان مرجحًا وقتها، فإن المصالحة الخليجية لم تؤثر سلبًا على علاقات الدوحة وأنقرة، بل شهد هذا الشهر تعاونًا متزايدًا للعلاقات بين الدولتين.
حيث زار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الدوحة مؤخرًا خلال جولته الخليجية، التي شملت الكويت وسلطنة عمان أيضًا. وخلال الزيارة أجرى الوزير التركي مباحثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني[30]. كما التقى بالشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية القطري[31].
وخلال اللقاء، أشاد الوزير القطري بالعلاقات الثنائية والتعاون الاستراتيجي بين الدوحة وأنقرة على كافة الأصعدة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أوغيرهما، كما وجه الشكر لتركيا لدعمها للمصالحة الخليجية. وفي المقابل، صرح تشاووش أوغلو من هناك بأن قطر قد “خرجت من الأزمة الخليجية أقوى”، وأكد على عمق العلاقات بين الطرفين، وأنها تزداد قوة وتطورًا[32].
كذلك شهد هذا الشهر تعاونًا في المجال العسكري، الذي يعتبر عادةً أحد أقوى روابط التعاون بين الدول. حيث أعلنت شركة “أسيلسان” التركية للصناعات الإلكترونية العسكرية افتتاح فرع لها في قطر. وتعد “أسيلسان” من الشركات التركية الرائدة في تصميم وإنتاج وتركيب أدوات وأنظمة الاتصالات بين القوات البرية والجوية والبحرية، وفقا للمعايير العسكرية[33].
كذلك أجرت قوات الشرطة العسكرية القطرية تمرينًا عسكريًا مشتركًا مع القوات المسلحة التركية، استمر لمدة 4 أسابيع. وذكرت وزارة الدفاع القطرية أن “التمرين استهدف رفع القدرات القتالية وتبادل الخبرات وتعزيز التعاون العسكري المشترك بين الجيش القطري ونظيره التركي”[34].
وعلى المستوى الاقتصادي، وقع مجلس أسواق رأس المال التركي مع هيئة تنظيم مركز قطر للتمويل، مذكرة تفاهم بخصوص التعاون بين المؤسستين. وتنص مذكرة التفاهم على تبادل المؤسستين للاستشارات والمعلومات والخبرات، والتعاون في المجالات التقنية[35].
كما أعلن ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، عن مشروع لتأسيس منشأة لإنتاج “حمض الكبريتيك” في ولاية سيرت التركية، بطاقة إنتاجية تبلغ 132 ألف طن سنويًا، بالشراكة مع مستثمرين قطريين[36].
كذلك عقد اتحاد البنوك التركية التشاركية (TKBB)، اجتماعًا مع مركز قطر للمال (QFC) لتحسين التعاون بين الجانبين. وشارك في الاجتماع “إمره آكيل” رئيس دائرة الأنشطة الخارجية في مكتب التمويل بالرئاسة التركية، والأمين العام لاتحاد البنوك التركية عثمان آق يوز، والمدير التنفيذي لمكتب القطاع المالي في مركز قطر للمال، هانك هوغيندورن[37].
زيارة إلى الكويت وعمان: كان من ضمن الارتدادت السلبية للأزمة الخليجية هو تحرج بعض دول الخليج، بالتحديد عمان والكويت، من تنمية العلاقات بشكل أوسع مع تركيا، حيث كانت الدولتان تأخذان في الاعتبار موقف السعودية والإمارات من الدور التركي الداعم لقطر في الأزمة الخليجية. هذا، ولكن بعد أن انتهت الأزمة رسميًا، فإن ذلك يعطِي مجالًا أرحب للكويت وعمان في علاقاتهما مع تركيا.
وعلى هذا، يبدو أن القيادة التركية مدركة لهذه النقطة، لذلك قام تشاووش أوغلو بزيارة كل من الكويت وعمان خلال جولته الخليجية. وبدأ الوزير التركي جولته بالكويت، حيث التقى بكل من أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس الوزراء الكويتي، الشيخ صباح الخالد الصباح، ورئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق علي الغانم، إضافة إلى وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح[38].
وفي عمان، التقى تشاووش أوغلو نائب رئيس الوزراء العماني لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد، وبوزير الخارجية العماني، بدر بن حمد البوسعيدي، الذي وصف زيارة نظيره التركي بـ”المثمرة”[39].
وحول المباحثات التي تضمنتها الزيارتان، فقد تشابهت البيانات الصادرة إلى حد كبير، حيث تباحث تشاووش أوغلو والمسؤولون في الكويت وعمان حول “سبل تطوير العلاقات، في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية والثقافية”. ورغم أن البيانات جاءت بلغة عامة ودبلوماسية، فإننا قد نلمس في الأسابيع القادمة مخرجات هذه اللقاءات، بشكل مفصَّل.
السعودية والإمارات: لم يكن هناك تفاعل مباشر معلن بين تركيا من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، ولم يصرح أي من المسؤولين في الجانبين تصريحات سلبية أو إيجابية عن الطرف الآخر خلال الـ 4 أسابيع الماضية.
وقد يستمر هذا الوضع فترة، قبل أن تُخرج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كل أوراقها إلى الطاولة، حينها قد تتطور العلاقات نحو الإيجابية، أو ترجع الانتقادات العلنية من الطرفين لبعضهما مرة أخرى. وهذا يعتمد على مدى الضغط الذي سيمارسه بايدن على كل طرف في بعض الملفات، الأمر الذي سيحدد سياسة كل طرف تجاه الآخر، طبقًا لحاجته له في هذه الفترة.
لا صوت يعلو على الساحة الفلسطينية حاليًا فوق صوت الانتخابات العامة المزمع عقدها على ثلاث مراحل هذا العام، حيث أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن فلسطين ستشهد انتخابات تشريعية في 22 مايو/ أيار، ورئاسية في 31 يوليو/ تموز، وانتخابات المجلس الوطني (خارج فلسطين) في 31 أغسطس/ آب.
وبالطبع، فإن للدولة التركية دورًا في التحضير لهذه الانتخابات منذ البداية. ففي الأساس، تم الاتفاق على عقد الانتخابات – بعد حوالي 15 عامًا من تعطيلها – في المحادثات التي جمعت بين حركتي فتح وحماس في إسطنبول التركية[40]. وحيث إن تركيا تمتلك علاقات جيدة مع كل من قيادات الحركتين، فقد مكنها ذلك من أن تصبح أحد الضامنين للاتفاق الفلسطيني، مع كل من مصر وروسيا.
وعلى ذلك، وجه رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية رسالة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منتصف الشهر الجاري، حول التفاصيل المتعلقة بمسار ونتائج “حوار القاهرة”، الذي ناقش فيه وفدا فتح وحماس التفاصيل المتعلقة بالعملية الانتخابية.
وأشار هنية إلى أن الدور المأمول من تركيا هو “ضمان إجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة، وضمان نزاهتها وحريتها في الضفة والقطاع، وكذلك الضغط من خلال العلاقات بالمجتمع الدولي على الاحتلال الإسرائيلي لعدم عرقلة إجراء الانتخابات أو التدخل في العملية الانتخابية، خاصة في القدس المحتلة”. كما دعا هنية تركيا إلى “المشاركة في الرقابة على الانتخابات، والعمل مع المجتمع الدولي لاحترام نتائجها”[41].
التعاون التركي-الفلسطيني: تنفيذًا لاستراتيجية الإدارة التركية في دعم فلسطين، والتي عبر عنها الرئيس أردوغان في قوله: “إن الدعم لفلسطين يجب أن يكون مفتوحًا”[42]، نشط المسؤولون الأتراك هذا الشهر على الساحة الفلسطينية، وتنوعت أعمالهم بين تعاون اقتصادي وثقافي، وأعمال خيرية.
حيث اطلع القنصل العام التركي أحمد رضا ديمير، على واقع قطاع العمل الفلسطيني والتحديات التي تواجهه، خلال لقاء جمعه بوزير العمل نصري أبو جيش، في مدينة رام الله. وعرض أبو جيش “استراتيجية قطاع التشغيل واستراتيجية قطاع العمل، واحتياجات الوزارة لتطوير مهارات الشباب في المجالات المهنية”. كما اتفق الطرفان على الإعداد لتوقيع مذكرة تفاهم مشتركة بين وزارة العمل الفلسطينية، ونظيرتها التركية[43].
كذلك أعلنت سفارة فلسطين في أنقرة، مصادقة البرلمان التركي على اتفاقية رفع حصة التمور الفلسطينية الواردة إلى تركيا، بإعفاء جمركي، إلى ثلاثة آلاف طن سنويًا، من ألف طن حاليًا. وقالت الخارجية الفلسطينية إن الاتفاقية “ستفتح أمام المزارع الفلسطيني فرص تصدير أوسع للسوق التركي، الأمر الذي يعود بالفائدة والنفع على قطاع التمور الفلسطينية وعلى الاقتصاد الوطني”. وأضافت: “إن من شأن القرار التركي أن “يساهم في تعزيز صمود مزارعي منطقة الأغوار، في وجه المحاولات الإسرائيلية المتواصلة للتضييق عليهم”[44].
لكن ربما كان الأمر الذي أثار حفيظة الاحتلال هو قرار أردوغان إنشاء منطقة صناعية في مدينة جنين الفلسطينية. حيث عقبت صحيفة “إسرائيل اليوم” على القرار التركي قائلة: إن “تركيا تهدف إلى تعزيز نفوذها في الضفة الغربية، عبر ضخ استثمارات بنحو 10 ملايين دولار في بناء منطقة صناعية جديدة بمدينة جنين، في خطوة غرضها كسب ود حركة فتح، مثلما هو الحال مع حماس في غزة”[45].
وتبلغ مساحة المنطقة الصناعية المقرر إقامتها 1100 دونم ما يساوي 110 هكتار. وسوف تحتوي على مصانع غذائية ومصانع للنسيج وتركيب السيارات. ومن المتوقع أن توفر المنطقة الصناعية العديد من فرص العمل للشباب الفلسطيني[46].
وعلى الجانب الثقافي، اتفق وزيرا الثقافة التركي محمد أرصوي، والفلسطيني عاطف أبو سيف، على جملة من المشاريع المتعلقة بالتبادل الثقافي بين البلدين، وتبادل الخبرات والزيارات، وتشكيل فريق فني لمتابعة القضايا المتفق عليها”[47].
وعلى الجانب الخيري، أشاد رئيس سلطة المياه الفلسطينية، مازن غنيم، بجهود الحكومة التركية الرامية الى دعم قطاع المياه، عبر دعم برنامج محطة التحلية المركزية في قطاع غزة[48]. كما وزعت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية “IHH”، الخميس، مساعدات إنسانية لفقراء القطاع المحاصَر[49]. هذا بالإضافة إلى الاستمرار في تنفيذ مشروع المجمع السكني الخاص بطالبات جامعة القدس، الذي يتم تنفيذه داخل حرم الجامعة بمنحة من الرئيس أردوغان، وتمويل وإشراف كاملين من الحكومة التركية[50].
وكما هو واضح، فإن تركيا تعمل على فتح أكثر من مجال للتعاون مع فلسطين، وفي المقابل، فإنها تنتهز الفرص لانتقاد سياسات دولة الاحتلال، وكان آخر ذلك هو ترحيبها بقرار المحكمة الجنائية الدولية، الذي يقضي بولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، والذي يمهد الطريق أمام محاكمة دولة الاحتلال على الجرائم التي ارتكبتها هناك.
حيث أكدت الخارجية التركية في بيان لها أن القرار “خطوة مهمة ذات مغزى من حيث قدرتها على ضمان محاسبة (إسرائيل) على الجرائم التي ارتكبتها في الأراضي الفلسطينية، وتحديد المسؤولين عنها”[51].
الدعم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المقدم لفلسطين من جهة، والانتقاد المستمر لسياسات دولة الاحتلال، يجعل من فكرة عودة سياسة أنقرة مع الاحتلال الصهيوني على ذات المستوى الذي كانت فيه قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، أمرًا مستبعدًا على المدى القريب وربما المتوسط أيضًا.
من الواضح أن تصريحات المسؤولين الأتراك ونظرائهم الأوروبيين حول التقارب وزيادة التعاون والتنسيق بين الجانبين، كانت تعبر عن نية صادقة لدى الطرفين. ويبدو أن هناك مساحة متاحة، بإمكانهما أن يقطعوها تجاه بعضهما البعض. حيث تبادل الجانبان إشارات إيجابية طيلة الأسابيع الماضية. من ذلك تصريح الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أن علاقات الاتحاد مع تركيا اليوم أفضل مما كانت عليه، الصيف الماضي[52].
كما زار وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، تركيا للتباحث مع نظيره التركي، مولود جاووش أوغلو، حول القضايا المشتركة[53]. من جهته التقى تشاووش أوغلو، في العاصمة البلجيكية بروكسل، مع “جوزيب بوريل”، الذي أفصح عن رغبة الاتحاد الأوروبي مواصلة “الزخم الإيجابي” مؤخرًا في العلاقات مع تركيا[54]. كما تباحث هاتفيًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي رحبت بالإشارات الإيجابية لتركيا بخصوص القضايا الشائكة[55].
ومن جانبه، أكد أردوغان لميركل تصميم أنقرة على الدفع بالعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي عبر أجندة إيجابية، وأكد أن تبني الاتحاد الأوروبي “مقاربة عادلة وبناءة” تجاه تركيا، سيكون لصالح الطرفين. وأعرب عن رغبته لميركل في عقد قمة تركية-أوروبية[56]. واستمرارًا للزخم الإيجابي، زار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، العاصمة الألمانية برلين، للتباحث مع نظيرته الألمانية أنغريت كرامب كارنباور، حول قضايا الأمن. ومن هناك صرح أكار أن أنقرة ستتخذ خلال الأيام القادمة خطوات ملموسة مع ألمانيا بخصوص مواضيع الدفاع والأمن[57].
ويمكن القول إن قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والتي فشلت اليونان وفرنسا فيها في إقناع دول الاتحاد بفرض عقوبات كبيرة على تركيا، كانت النقطة التي بدأت عندها أنقرة في ترطيب علاقاتها بالاتحاد الأوروبي، استثمارًا في موقف الدول التي وصفها أردوغان بـ”الحكيمة” داخل الاتحاد[58].
ويبدو أن تركيا قطعت شوطًا حتى الآن في مسار ترميم علاقاتها من الاتحاد، واستطاعت تحييد تأثير اليونان وفرنسا على باقي دول الاتحاد، بشكل أو بآخر. لذلك من غير المتوقع أن يفرض الاتحاد عقوبات على تركيا في القمة المرتقبة له في مارس/ آذار المقبل.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن ما حدث حتى الآن هو إبداء حسن النية، والشروع في تحديد الملفات العالقة، لكن لم يصل الطرفان إلى نتيجة نهائية في أي ملف، حتى الآن . وعلى هذا، ما زال أمام الطرفين شوط كبير للوصول إلى حالة من الاستقرار في العلاقات.
اليونان: عادت تركيا واليونان إلى المحادثات الاستكشافية التي بدأت عام 2002، وتوقفت عام 2016، بعد إيواء اليونان لبعض المشاركين في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا. ولتوضيح الأمر، فإن هذه المحادثات تهدف إلى استكشاف المشكلات بشكل عام بين الجانبين ووضع سبل لحلها عبر الحوار. وهي مختلفة عن الاجتماعات الفنية العسكرية – التي ما زالت مستمرة أيضًا بين الجانبين – والتي يقودها حلف الناتو، بهدف بحث “أساليب فض النزاع” بين البلدين، وضمان عدم اشتباك قوات الدولتين في مناطق شرقي المتوسط[59].
عاد الطرفان للمحادثات الاستكشافية، وكان الجو في البداية إيجابيًا نوعًا ما، حيث صرح تشاووش أوغلو أن المحادثات الثنائية بين بلاده واليونان جرت في أجواء إيجابية للغاية[60]. بينما صرح رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن بلاده ستشارك في المحادثات الاستكشافية بـ”تفاؤل وثقة بالنفس”[61].
لكن هذه الإيجابية لم تدم طويلًا، فرغم استمرار المحادثات حتى الآن، فإن اليونان قامت بخطوات من شأنها أن تفسد الجو الإيجابي الموجود. أول هذه الخطوات هو ما نقلته وسائل إعلام يونانية عن “ميتسوتاكيس” من أن بلاده “تستعد لتوسيع حدودها البحرية في بحر إيجة، بعد أن قامت بخطوة مماثلة في البحر الأيوني”، وكان نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، قد صرح في السابق أن خطوة كهذه تعد “إعلان حرب”[62]. تصريحات ميتسوتاكيس جعلت “تشاووش أوغلو” يبلغ الاتحاد الأوروبي بأن “أثينا تواصل استفزازاتها”[63].
كذلك قامت اليونان بعقد ما سُمي “منتدى الصداقة” الذي استضافته العاصمة اليونانية، الذي شاركت فيه دول: مصر وفرنسا والسعودية والبحرين والإمارات وقبرص الجنوبية (اليونانية). وكما هو واضح، فإن جميع هذه الدول تربطها خلافات بشكل أو بآخر مع الجانب التركي. لذلك رفضت تركيا المؤتمر، وقالت خارجيتها إن هذا المنتدى هو “محاولة تحالف على العداء ضد تركيا”[64].
وعلى هذا يمكن القول، إن هناك ظروفًا إيجابية للحوار، إلا أن اليونان تحاول إفسادها بشكل أو بآخر. وعلى الغالب، فإن تصرفات أثينا نابعة من عدم عدالة سرديتها فيما يخص حدودها البحرية شرق المتوسط. حيث تطالب اليونان أن تأخذ الجزر – مهما صغر حجمها- في شرق المتوسط ما تأخذه الدول الكبيرة من جرف قاري.
فعلى سبيل المثال، جزيرة “ميس” بالتركية و”كاستيلوريزو” باليونانية، جزيرة صغيرة جدًا لا تتعدي مساحتها الإجمالية 10 كيلومترات، ولا تبعد سوى 2 كيلومترًا عن السواحل التركية قبالة منطقة كاش بولاية أنطاليا، بينما تبعد عن أقرب يابس من الأراضي اليونانية 580 كيلومترًا. تريد اليونان أن تأخذ هذه الجزيرة – التي قد تُعتبر صخرة في مياه المتوسط – حدودًا بحرية مساوية للحدود التي تأخذها دولة كبيرة كتركيا. وهذه سردية أقل ما تُوصف به أنها غير واقعية وغير منصفة[65].
لذلك، من الواضح أن الإدارة اليونانية مقتنعة أنها لن تأخذ ما تريد إذا دخلت في حوار جاد مع تركيا، وعلى هذا تحاول أن تستفز تركيا، وتُظهرها بمظهر الرافض للحوار، حتى تستطيع الاستقواء بالاتحاد الأوروبي على تركيا. وعلى هذا، فإن المحادثات وإن كانت مستمرة حتى الآن، فإنه ليس من المتوقع أن تسفر عن حل لقضية شرق المتوسط.
يبدو أن سخونة الملفات العالقة بين تركيا والولايات المتحدة لم تدع مجالًا طويلًا لجس النبض بين الدولتين، مع وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى البيت الأبيض. فقبل أن يتسلم وزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكن مهامه رسميًا، قال في جلسة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ إن “تركيا حليف لا يتصرف كما يجب، وهذا تحد كبير للغاية بالنسبة لنا، ونحن واضحون جدًا حياله”[66].
وبعد بدء إدراة الرئيس الأمريكي جو بايدن في مهامها، جاء أول تواصل رسمي، عبر اتصال هاتفي، جمع المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان. ويمكن القول إن المكالمة كانت إيجابية نوعًا ما، حيث استمرت المحادثة نحو ساعة، وأعرب الطرفان خلالها عن “تطلعهما لإقامة نموذج تعاون قوي وبناء ومستدام بين البلدين الحليفين”[67].
بعد ذلك، صدرت إشارات متضاربة من كل جانب منهما، تعكس تعقد العلاقات بينهما. فتارة تتسم تصريحات المسؤولين الأمريكيين تجاه تركيا بالسلبية، وتارة أخرى بالإيجابية، وكذلك كان الوضع في تصريحات المسؤولين الأتراك. حيث أعرب قالن عن ثقته بأن العلاقة بين أنقرة وواشنطن ستكون جيدة في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، طالما أنها تقوم على الاحترام والمصالح المشتركة والاعتراف المتبادل والسيادة[68].
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن بلاده تسعى إلى التعاون مع تركيا بشأن الأولويات المشتركة وإن هناك حوارًا معها حول الخلافات. كما أشار إلى أن تركيا شريك طويل الأمد بالنسبة لبلاده ومهم في إطار حلف شمال الأطلسي “ناتو”[69].
لكن هذه التصريحات الإيجابية، جاءت مُصَاحَبة دائمًا بمطالب كل طرف، فحين أدلى ” قالن” بهذا التصريح تبعه بالقول إن “على واشنطن إنهاء دعمها للتنظميات الإرهابية في شمال العراق، وشمال سوريا”[70]. وكذلك حين أدلى، نيد برايس، بتصريحه قال إن “موقف بلاده لم يتغير إزاء قضية شراء تركيا منظومة الدفاع الروسية “إس-400”.
وبالتزامن مع ذلك، صدرت عدة تصريحات من الجانبين تضمنت انتقادات سياسية وحقوقية. كان من ذلك إعراب الخارجية الأمريكية عن قلقها من حملة توقيفات استهدفت مثيري شغب خلال احتجاجات جامعة البوسفور (بوغازيتشي) [71]. بالإضافة إلى دعوة واشنطن للإفراج عن رجل الأعمال عثمان كافالا، المحبوس على خلفية اتهامه بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.[72] كما صدر تصريح من المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، يقول فيه: إن “قرار تركيا شراء أس-400 لا يتوافق مع التزامات تركيا كحليف للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي”[73].
في المقابل، فإن الرد التركي كان يأتي تباعًا؛ إما عبر الرئاسة أو الخارجية أو البرلمان. من ذلك تصريح الرئيس أردوغان تعليقًا على البيان الأمريكي حول جامعة البوسفور: “أقول للولايات المتحدة ألا تخجلون باسم الديمقراطية مما حدث عندكم قبيل الانتخابات؟”. وتصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي: “إنه لا يمكن لأي دولة أو شخص توجيه أوامر لمحاكمنا”، في سياق رده على مطالبة واشنطن بالإفراج عن “عثمان كافالا”[74].
هذا بالإضافة إلى اتهام من وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، للولايات المتحدة قال فيه: ” من الواضح تمامًا أن أمريكا تقف وراء (محاولة انقلاب) 15 يوليو”، وأن شبكة غولن “هي من نفذتها بناء على أوامرها”. الأمر الذي ردت عليه الخارجية الأمريكية قائلة إن “تصريحات كبار المسؤولين الأتراك بشأن مشاركة واشنطن في محاولة انقلاب 2016 خاطئة تمامًا ولا أساس لها، وتتعارض مع مكانة تركيا كحليف في الناتو وشريك إستراتيجي للولايات المتحدة”[75].
إلى هذا الحد، يمكن القول إن الإشارات السلبية من الجانبين تجاه بعضهما، غلبت على نظيرتها الإيجابية، خصوصًا إذا أضفنا إلى ذلك عدم إجراء اتصال بين بايدن وأردوغان حتى وقت كتابة هذه السطور. لكن ما زاد من سلبية الأجواء هو بيان أمريكي حول إعدام 13 مواطنًا تركيًا شمال العراق، على يد تنظيم “بي كا كا”، وصفه أردوغان بـ” السخيف”[76].
وكانت الخارجية الأمريكية قد شككت بشكل غير مباشر في الرواية التركية عن الحادثة، حيث قالت: “إذا صحت التقارير التي تشير إلى مسؤولية حزب العمال الكردستاني، فإننا نندد بهذا العمل بأشد العبارات الممكنة”. وعقّب أردوغان مخاطبًا الولايات المتحدة: “كنتم تزعمون أنكم لا تدعمون “بي كاكا”، لا شك في أنكم تساندونهم، ورأينا ذلك منذ البداية”، مشيرًا إلى آلاف الشحنات المحملة بالأسلحة التي نقلتها أمريكا إلى المنظمة في شمال العراق.
كذلك استخدمت أنقرة ذات العبارات التي تحدث بها المسؤولون الأمريكون عن تركيا، حيث قالت: إن “البيان يشكك في روح التحالف بين الدولتين في حلف شمال الأطلسي”. كما استدعت الخارجية التركية، السفير الأمريكي لمقرها في أنقرة. وقبل أن تتفاقم الأزمة، تواصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو.
وخلال المكالمة تراجعت واشنطن عن التصريح السابق، حيث أكد بلينكن لنظيره التركي، أن واشنطن تعتبر أن “إرهابيي حزب العمال الكردستاني” مسؤولون عن الحادثة. وأكد على ذلك، نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان جديد[77].
وإجمالًا، يمكن القول إن الملفات الخلافية بين حليفي الناتو قد فرضت نفسها منذ البداية، وإن هناك “برودًا نسبيًا” في التواصل بينهما حتى الآن، من حيث الكم والكيف. وفي هذا السياق، حاولت تركيا أن تثبت أكثر من معادلة. أولها ؛ أنها لن تقبل تدخل إدارة بايدن في أي شأن داخلي تركي، والثانية؛ أن لتركيا مطالبًا جوهرية، كما أن لواشنطن مطالبًا تعتبرها جوهرية.
ولذلك ركزت تركيا على انتقاد الدعم الأمريكي لـ” بي كا كا”، كما أنها ركزت على الحماية الأمريكية لفتح الله جولن، المتهم الأول في المحاولة الانقلابية، بل إنها اتهمت – على لسان وزير داخليتها- واشنطن بالمشاركة في الانقلاب. وفيما يبدو فإن الشد والجذب في علاقة تركيا بإدارة بايدن سوف يستمر فترة، يُبرز فيها كل طرف مطالبه، ويؤكد على عدالتها، إلى أن يتم تواصل بين أردوغان وبايدن. حينها قد تتضح معالم العلاقة بشكل أكبر.
وجدير بالذكر هنا، أن المسار العام لسياسة بايدن تجاه تركيا، قد برز بعض الشيء. لكن المدى الذي سيقطعه بايدن في هذا المسار ليس معروفًا بعد، خصوصًا وأن أنقرة بدأت في تقديم بعض الحلول الوسط، في بعض القضايا، وأبرزها قضية امتلاكها لصورايخ “إس 400”[78].
شهد شهر يناير/ كانون الأول الماضي افتتاح مركز المراقبة التركي-الروسي، في قرية مرزيلي بمحافظة “أغدام” (جنوب غرب أذربيجان)، بعد أن انتهت كافة التحضيرات. وحضر افتتاح المركز، وزير الدفاع الأذري ذاكر حسنوف، ونائب وزير الدفاع التركي إسماعيل أوغلو، ونائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين ومسؤولون آخرون[79].
وقال إسماعيل أوغلو إن مهمة المركز ستكون مراقبة وقف إطلاق النار والنظر في شكاوي ومشاكل الطرفين (الأذري والأرميني)، وتسجيل الانتهاكات واتخاذ الإجراءات لمنعها[80].
وكان حديث قد ثار حول طبيعة الدور التركي في اتفاق وقف إطلاق النار، بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، توصل أذربيجان وأرمينيا لاتفاق ينص على وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ، وانسحاب القوات الأرمينية من الأراضي الأذرية المحتلة، وإنشاء قوات روسية-تركية مشتركة لحفظ السلام. وتوقع البعض أن يحصل خلاف تركي-روسي حول حجم القوات التركية التي يجب أن تتواجد في الإقليم المحرر[81].
لكن مع الوقت اتضح أنه لا خلاف بين الروس والأتراك على حجم وطبيعة التواجد التركي. وعلى هذا، فإن الاتفاق هو أن يعمل العسكريون الأتراك من داخل مركز المراقبة فقط، بينما ستكون قوات حفظ السلام الروسية على الأرض. وكان هذا واضحًا حين أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أواخر العام الماضي، أن “35 ضابطًا وقائدًا برتبة لواء من الجانب التركي سيباشرون مهاهم في مركز المراقبة”[82].
ومنذ أن وضعت الحرب أوزارها، بدأت تركيا في محاولة ترجمة الانتصار العسكري إلى تقدم على الصعيد السياسي أيضًا. وعلى هذا تعددت اللقاءات بين المسؤولين من البلدين لوضع تفاصيل المشاريع والملفات التعاونية بينهما. حيث شهد هذا الشهر، لقاءًا جمع وزير العدل التركي عبد الحميد غل، بالنائب العام لجمهورية أذربيجان كامران علييف. وذلك لبحث العلاقات الثنائية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وقضايا قانونية.[83]
كما بحث نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، ورئيس الوزراء الأذربيجاني علي أسادوف، سبل تعزيز العلاقات الثنائية، واتفقا على عقد اجتماعات خلال فبراير/ شباط الجاري، لبحث تطوير العلاقات بين البلدين[84]. كذلك أجرى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، مع نظيره الأذربيجاني جيهون بيرموف، اتصالًا هاتفيًا لمناقشة عدد من القضايا الإقليمية[85].
وعلى مستوى التعاون العسكري، أجرت القوات المسلحة التركية ونظيرتها الأذرية مناورات شتوية مشتركة، احتضنتها مدينة قارص شرقي تركيا، في الفترة من 1 إلى 12 فبراير/ شباط الجاري. وكان الهدف وراء هذه المناورات هو رفع مستوى الجاهزية للتعاون والتنسيق في العمليات المشتركة، وتم خلالها تجربة منظومات قتالية جديدة، وأخرى ما زالت قيد التطوير من قبل الصناعات الدفاعية التركية. وقد قام وزيرا الدفاع في البلدين بزيارة مشتركة إلى مقر المناورات[86].
كذلك أكمل 23 جنديًا من الجيش الأذري، بنجاح دورة تدريبية خاصة بالبحث عن الألغام وتفكيكها، في ولاية إزمير غربي تركيا[87]. هذا بالإضافة إلى إتمام تدريب 77 عسكريًا من أذربيجان على تشغيل الطائرات المسيرة القتالية “TB2″، على يد شركة “بايكار” التركية للصناعات الدفاعية[88]. كما أعلنت وزارة الدفاع التركية أن شركة “أسفات/ ASFAT AŞ” صدرت 20 كاسحة ألغام مصنعة بإمكانات محلية إلى أذربيجان[89].
وعلى المستوى الاقتصادي، صرح سلجوق أكات، رئيس مجلس الأعمال التركي-الأذربيجاني التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وأذربيجان حاليًا بحدود 4.5 مليارات دولار، وأن الطرفين يسعيان لرفعه إلى 15 مليار دولار بناءً على رغبة زعيمَي البلدين، وأضاف أن المؤسسات التجارية في الدولتين تواصل التعاون من أجل تحقيق هذا الهدف[90].
في شأن آخر، صرح وزير الخارجية الأرميني، آرا إيفازيان، في كلمة له بمجلس نواب بلاده، إنه “لا يوجد مبرر لتأجيل إعادة افتتاح الحدود مع تركيا” مشيرًا إلى أن بلاده “ترجح الدبلوماسية والحوار”[91]. وبالطبع، فإن ذلك يشير إلى رغبة القيادة الأرمينية – أو على الأقل جزء منها- في تجاوز آثار الحرب، وفتح صفحة جديدة في العلاقات مع تركيا، التي كانت الداعم الأكبر لأذربيجان في حرب التحرير.
من جهتها، فإن تركيا ليس لديها مشكلة في إعادة العلاقات مع أرمينيا، وقد صرح بذلك تشاووش أوغلو أواخر العام الماضي.[92] إلا أن المشكلة التي تعيق عودة العلاقات أرمينية أكثر من كونها تركية. حيث إنه من الصعب على صانع القرار الأرميني تجاوز الغضب الشعبي جراء الهزيمة، وفتح مجال للتعاون مع أنقرة. ولذلك، فإن التقارب – إن حدث – سيأتي بوتيرة بطيئة على الأرجح، حتى يتسنى للقيادة الأرمينية تمهيد الأمر لشعبها.
ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بداية الشهر الجاري، قضية من العيار الثقيل على الساحة السياسية في الداخل التركي، حيث قال: إنه يمكن “الشروع في كتابة دستور جديد لتركيا”، مشيرًا إلى أن مصدر مشاكل تركيا بالأساس نابع من الدساتير المعدة من قبل الانقلابين منذ عام 1960، قاصدًا دستور 1961 الذي أعد عقب الانقلاب العسكري عام 1960[93].
وربط أردوغان التحرك في هذا الاتجاه بالتوصل لتفاهم مع حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم. ولم يتأخر الحركة القومية في الرد، حيث صرح زعيمه، دولت بهتشلي، أنه “من الواضح أن تركيا بحاجة إلى دستور جديد، وأن هدف ومنظور وفكر حزب الحركة القومية يصب في هذا الاتجاه”[94].وتبع تصريح بهتشلي بيوم واحد، اجتماع مغلق مع الرئيس أردوغان، في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة[95].
وفيما يخص موقف المعارضة، فإنها ترى بضرورة تعديل الدستور بوجه عام، بل ذكرت بعض التقارير أن حراكًا كان يدور في المعارضة التركية خلال الفترة الماضية لتعديل الدستور الحالي أو كتابة مسودة دستور جديد. لكن المعضلة الكبرى التي تمنع من اتفاق الأحزاب التركية المختلفة على اقتراح الرئيس أردوغان، هي أن التحالف الحاكم بقيادة الرئيس التركي يرى أن النظام الرئاسي لابد أن يكون بندًا أساسيًا في الدستور الجديد.
حيث قال أردوغان: إن الدستور”سيُبنى على القفزات التاريخية التي حققناها في البلاد، وخاصة نظام الحكم الرئاسي[96]“. في المقابل، ترى المعارضة أن لا بديل عن النظام البرلماني. وهنا يبرز السؤال حول قدرة التحالف الحاكم على تمرير الدستور دون الحاجة إلى المعارضة.
يتطلب إجراء التعديلات الدستورية في مجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) الحصول على ثلثي الأصوات. ويتكون البرلمان التركي رسميًا من 600 نائب، ويضم في الوقت الراهن 584 نائبًا. وبالتالي فإن إجراء التعديلات الدستورية يحتاج إلى أصوات 400 نائب في الأحوال الطبيعية، بناءً على شرط الأغلبية المطلقة الممثلة بـ”ثلثي العدد الإجمالي للأعضاء”[97].
لكن المشهد الحالي لا يتيح إجراء التعديلات الدستورية في البرلمان، بالنظر إلى عدد مقاعد تحالف الشعب البالغ 336، منها 289 لحزب العدالة والتنمية و48 لحزب الحركة القومية. لكن هناك طريقة أخرى، وهي أن بإمكان رئيس الجمهورية أن يطرح مقترح التعديلات للاستفتاء الشعبي إذا حصل على 367 صوتًا في البرلمان[98].
لكن هذا العدد أيضًا يفوق عدد نواب التحالف الحاكم بحوالي 31 عضوًا. وهنا يمكن القول إن هدف القيادة التركية من طرح فكرة كتابة دستور جديد، لم يكن مقصودًا منه تعديل الدستور خلال الأسابيع أو الأشهر القادمة بالضرورة، إنما تهدف -في الغالب- إلى خلق حالة من النقاش المجتمعي حول الدستور الجديد. وربما من الآثار المحتملة للاقتراح أيضًا، أن يفتت من تحالف المعارضة.
كما أن اقتراح أردوغان فوت بالتأكيد على المعارضة فرصة الانفراد بمقترح الدستور الجديد. وربما هذا ما يفسر اتهام المعارضة للرئيس بمحاولة صرف الأنظار عن “مشكلات تركيا الحقيقة”، حسب وصفهم[99]. ومن المرجح أن تأخذ النقاشات المجتمعية ثم عملية كتابة الدستور أشهرًا وربما تصل إلى عامين، وخلال هذه الفترة قد يتمكن الحزب الحاكم من استمالة أحد مكونات المعارضة، بشكل أو بآخر.
مظاهرات جامعة البوسفور: في مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي عين الرئيس أردوغان، مليح بولو، كرئيس جديد لجامعة البوسفور، أو كما يُطلق عليها بالتركية “بوغازيتشي”، بناء على الصلاحيات التي يخولها له الدستور التركي. تبع تعيين “بولو” احتجاجات من بعض الطلبة والأكاديميين داخل الجامعة، معتبرين أن التعيين يهدف إلى السيطرة على الجامعة -التي تعد أحد معاقل التغريب في تركيا- من قِبَل الرئاسة التركية، وأن البروفيسور المعين أتى من خارج الجامعة، على الرغم من أنه حصل فيها على درجتي الماجستير والدكتوراه[100].
استمرت التظاهرات فترة، لكنها انقلبت إلى أعمال عنف بعد ذلك، وخرق لقانون حظر التجوال المفروض في البلاد بسبب فيروس كورونا. على ذلك، تدخلت الشرطة التركية، وأوقفت 108 شخصًا. وحسب وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، فإن 79 من الموقوفين على خلفية أحداث الشغب هم أعضاء في “تنظيمات إرهابية”، بينما 101 من الموقوفين اتضح أنهم ليسوا طلابًا في الجامعة من الأساس[101].
استمرت التظاهرات، لكن ما أثار غضبًا شعبيًا هو عرض صورة مسيئة للكعبة المشرفة، خلال أحد تلك الاحتجاجات. على ذلك، أعلن وزير الداخلية مجددًا أن الشرطة ألقت القبض على ما وصفهم بـ” 4 منحرفين من الشواذ في جامعة البوسفور، والذين ارتكبوا عملًا تضمَّن عدم احترام للكعبة المشرفة”[102]. وهاجم أردوغان الحادثة قائلًا: “سننقل شبابنا إلى المستقبل، ليس كشباب مجتمع المثليين، بل كشباب أمتنا المجيدة”[103].
وكالعادة، اختلفت آراء الأحزاب التركية حول الأحداث، حيث قال رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، إن “هناك نية لإطلاق أعمال شغب من جامعة بوغازيتشي تشبه أحداث حديقة غيزي”، في إشارة لأحداث غيزي بارك عام 2013، التي كانت تهدف إلى الإطاحة بحكومة أردوغان، حين كان رئيسًا للوزراء. وأكد بهتشلي أنها “مؤامرة يجب وأدها”. كما دافع عن قرار تعيين مليح بولو، قائلًا إنه: “شرعي وصحيح من الناحية القانونية”[104].
في المقابل، هاجم أوزغورأوزال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري المعارض قرار الرئيس أردوغان تعيين “بولو”، وأعلن دعم حزبه للمتظاهرين. كما أثنى المرشح الرئاسي السابق، محرم إنجه، على التظاهرات، وقال: “يجب إعادة انتخابات رئيس الجامعة فورًا”[105].
ويرجح مراقبون أن الرئيس أردوغان لن يتراجع عن خطوة تعيين “بولو”، كون تراجعه سيشجع المعارضة على الضغط عليه في قرارات أخرى.
[1] عربي 21، تصاعد هجمات “قسد” في شمال سوريا.. ما المطلوب من أنقرة؟، 9 فبراير/ شباط 2021
[2] يني شفق، الدفاع التركية: تحييد 3 إرهابيين من “ي ب ك” شمالي سوريا، 12 فبراير/ شباط 2021
[3] الأناضول، “العدالة والتنمية” التركي: لن نسمح بدويلة إرهابية قرب حدودنا، 18 فبراير/ شباط 2021
[4] TRT، تعيين بريت ماكغورك مبعوثاً إلى الشرق الأوسط ودلالاته على تركيا، 20 يناير/ كانون الثاني 2021
[5] المصدر نفسه
[6] وكالة الأنباء الجزائرية، ليبيا: ملتقى الحوار السياسي ينتخب دبيبة والمنفي لرئاسة الحكومة والمجلس الرئاسي، 5 فبراير/ شباط 2021
[7] الخليج الجديد، سلطة ليبيا الانتقالية.. تعزيز لمكاسب تركيا وانتكاسة مؤقتة لمصر والإمارات، 7 فبراير/ شباط 2021
[8] الجزيرة نت، هاتف المنفي يرن.. عرض ودعوة من أردوغان وماكرون وميتسوتاكيس مستعد للتعاون، 8 فبراير/ شباط 2021
[9] RT، بوتين وأردوغان يبحثان تطورات قره باغ والاستقرار في سوريا وليبيا، 18 فبراير/ شباط 2021
[10] ديلي صباح، رئيس الوزراء الليبي الجديد: نتضامن مع تركيا الصديقة والحليفة، 7 فبراير/ شباط 2021
[11] سكاي نيوز عربية، السيسي يلتقي دبيبة في القاهرة.. وعودة الطيران الليبي لمصر، 18 فبراير/ شباط 2021
[12] اليوم السابع، انطلاق منتدى الصداقة فى العاصمة اليونانية بمشاركة سامح شكرى، 11 فبراير/ شباط 2021
[13] الخليج الجديد، بمشاركة الإمارات والسعودية.. منتدى الصداقة في اليونان يبحث تطورات الشرق الأوسط، 11 فبراير/ شباط 2021
[14] برنامج الحكاية، إدارة بايدن وسد النهضة والوضع في ليبيا والقضية الفلسطينية..المداخلة الكاملة لوزير الخارجية سامح شكري (الدقيقة 12)، 12 فبراير/ شباط 2021
[15] مركز المسار للدراسات الإنسانية، أحوال تركية – ديسمبر 2020/ يناير 2021، 23 يناير/ كانون الثاني 2021
[16] العين الإخبارية، وفد مصري بطرابلس لدراسة موعد إعادة فتح السفارة في ليبيا، 15 فبراير/ شباط 2021.
[17] سكاي نيوز عربية، السيسي يلتقي دبيبة في القاهرة.. وعودة الطيران الليبي لمصر، 18 فبراير/ شباط 2021.
[18] رويترز، مصر تعلن انضمام الإمارات لمنتدى غاز شرق المتوسط بصفة مراقب، 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020.
[19] CNN، “قد نأتي على حين غرة ذات ليلة”.. أردوغان يهدد بعملية عسكرية تركية في سنجار بالعراق، 22 يناير/ كانون الثاني 2021
[20] الرافدين، قالن: تنفيذ عملية تركية ضد الإرهابيين في سنجار “احتمال قائم”، 12 فبراير/ شباط 2021
[21] الشروق، وزير الدفاع التركي: تطورات مهمة المرحلة المقبلة في التعاون مع العراق، 20 يناير/ كانون الثاني 2021
[22] العربي الجديد، “مخلب النسر 2″… عملية عسكرية تركية جديدة شمالي العراق تستهدف “العمال الكردستاني”، 10 فبراير/ شباط 2021
[23] الميادين، تركيا تعلن انتهاء عملية “مخلب النسر-2” شمال العراق، 14 فبراير/ شباط 2021
[24] مصر العربية، بعد «مجزرة غارا» بالعراق.. كيف سترد تركيا على «بي كا كا»؟، 16 فبراير/ شباط 2021
[25] وكالة أنباء تركيا، تهديد من صويلو لزعيم PKK الإرهابي: فليبصق شعبنا بوجهنا إن لم نفعل ذلك، 14 فبراير/ شباط 2021
[26] ديلي صباح، وزير الداخلية التركي: “بي كا كا” الإرهابية ارتكبت 6 آلاف و21 مجزرة بحق مدنيين منذ 1984، 16 فبراير/ شباط 2021
[27] TRT، العراق: تطور إيجابي واضح في ملف المياه مع تركيا، 6 فبراير/ شباط 2021
[28] العربي الجديد، العراق يكشف عن مشروع للسكك الحديدية يربط البصرة بحدوده مع تركيا، 23 يناير/ كانون الثاني 2021
[29] BBC، القمة الخليجية 2021: قادة الوفود يوقعون البيان الختامي لقمة العلا في السعودية بحضور أمير قطر الشيخ تميم، 5 يناير/ كانون الثاني 2021
[30] رأي اليوم، أمير قطر يبحث مع أوغلو المستجدات الإقليمية والدولية، 11 فبراير/ شباط 2021
[31] القدس العربي، قطر وتركيا تؤكدان توافقهما على حلول مشتركة لمشاكل المنطقة ودعم السلام في سوريا وليبيا وأفغانستان، 11 فبراير/ شباط 2021
[32] المصدر نفسه
[33] الشرق، “أسيلسان” التركية للصناعات الدفاعية تفتتح فرعا لها في قطر، 19 يناير/ كانون الثاني 2021
[34] ترك ميديا، قطر.. الشرطة العسكرية تختتم تمرينا مع القوات التركية، 9 فبراير/ شباط 2021
[35] الأناضول، مذكرة تفاهم تركية قطرية لتعزيز التعاون بين المؤسسات الاقتصادية، 1 فبراير/ شباط 2021
[36] ترك برس، شراكة تركية-قطرية لانتاج حمض الكبريتيك في “سيرت”، 9 فبراير/ شباط 2021
[37] الخليج أونلاين، تعاون جديد بين مركز قطر للمال واتحاد البنوك التركية، 29 يناير/ كانون الثاني 2021
[38] وكالة أنباء تركيا، الكويت.. السفيرة التركية تشكر المسؤولين لحسن استقبالهم تشاويش أوغلو، 10 فبراير/ شباط 2021
[39] موقع وزارة الخارجية التركية، زيارة معالي وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو الى سلطنة عمان، 9-10 فبراير/ شباط 2021
[40] وكالة أنباء تركيا، هنية: اجتماعنا مع “فتح” في إسطنبول إيجابي ويمهد لحوار وطني شامل، 25 سبتمبر/أيلول 2020
[41] CNN، هنية يوجه رسالتين إلى أمير قطر ورئيس تركيا حول نتائج “حوار القاهرة”، 15 فبراير/ شباط 2021
[42] الأناضول، “تيكا” تُنهي ترميم مكتبة بلدية “نابلس”، 23 أغسطس/آب 2020
[43] رام الله نيوز، تركيا تؤكد استمرار دعمها لفلسطين على كافة المستويات، 4 فبراير/ شباط 2021
[44] الترا فلسطين، قرار تركي: إعفاء 3 آلاف طن تمور فلسطينية من الجمارك، 29 يناير/ كانون الثاني 2021
[45] الخليج الجديد، إسرائيل اليوم: تركيا تعزز نفوذها في الضفة الغربية عبر استثمارات بالملايين، 16 فبراير/ شباط 2021
[46] العربي الجديد، تركيا تتجه لإقامة منطقة صناعية في فلسطين، 13 فبراير/ شباط 2021
[47] الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة الفلسطينية على موقع فيسبوك، ابو سيف ونظيره التركي يتفقان على جملة من المشاريع الثقافية، 10 فبراير/ شباط 2021
[48] الصفحة الرسمية لسلطة المياه الفلسطينية على موقع فيسبوك، الوزير غنيم يلتقي القنصل التركي العام، 16 فبراير/ شباط 2021
[49] الأناضول، غزة.. “IHH” التركية توزع مساعدات إنسانية للفقراء، 11 فبراير/ شباط 2021
[50] الصفحة الرسمية لجامعة القدس على موقع فيسبوك، القنصل التركي العام في القدس يزور جامعة القدس، 25 يناير/ كانون الثاني 2021
[51] قدس برس، تركيا ترحب بقرار “الجنائية” حول الأراضي الفلسطينية، 6 فبراير/ شباط 2021
[52] ترك برس، مسؤول أوروبي: علاقاتنا مع تركيا تتجه نحو الأفضل، 20 يناير/ كانون الثاني 2021
[53] العربي الجديد، وزير الخارجية الألماني يزور تركيا: تخفيف التوتر مع الاتحاد الأوروبي، 18 يناير/ كانون الثاني 2021
[54] RT، الاتحاد الأوروبي: نرغب في مواصلة “الزخم الإيجابي” في العلاقات مع تركيا، 25 يناير/ كانون الثاني 2021
[55] رويترز، ميركل ترحب في اتصال مع أردوغان بالتطورات الإيجابية في شرق المتوسط، 8 فبراير/ شباط 2021
[56] الجزيرة، أردوغان يعرب لميركل عن رغبته في عقد قمة تركية أوروبية ويجدد تصميم بلاده على علاقة إيجابية مع الاتحاد، 8 فبراير/ شباط 2021
[57] وكالة أنباء تركيا، وزير الدفاع التركي: سنتخذ خطوات ملموسة مع ألمانيا بمجال الدفاع والأمن، 3 فبراير/ شباط 2021
[58] TRT، أردوغان: البلدان الأوروبية الحكيمة أحبطت مخططاً ضدنا بقمة بروكسل، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[59] TRT، بحثا سبل “فض النزاع”.. انتهاء اجتماع وفدَي تركيا واليونان العسكريين ببروكسل، 5 فبراير/ شباط 2021
[60] الخليج الجديد، تركيا تصف محادثاتها مع اليونان بالإيجابية للغاية، 27 يناير/ كانون الثاني 2021
[61] RT، أثينا: سنشارك بالمحادثات الاستكشافية مع تركيا “بتفاؤل”، 20 يناير/ كانون الثاني 2021
[62] القدس العربي، اليونان تلوح مجددا بتوسيع حدودها البحرية وتركيا تعتبر ذلك “إعلان حرب”، 20 يناير/ كانون الثاني 2021
[63] الأناضول، توافق تركي أوروبي على تحديد خطوات ملموسة حول العلاقات، 22 يناير/ كانون الثاني 2021
[64] ديلي صباح، أنقرة: “منتدى الصداقة” بأثينا محاولة لتشكيل تحالف ضد تركيا، 12 فبراير/ شباط 2021
[65] فرانس 24، جزيرة كاستيلوريزو “ميس”… فتيل حرب قابل للاشتعال بين تركيا واليونان، 8 سبتمبر/ أيلول 2020
[66] RT، مرشح بايدن لمنصب وزير الخارجية يقول إن تركيا لا تتصرف كحليف، 20 يناير/ كانون الثاني 2021
[67] يني شفق، أنقرة: قالن يتباحث هاتفيًّا مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، 2 فبراير/ شباط 2021
[68] الأناضول، قالن: نثق بأن العلاقة مع واشنطن ستكون جيدة تحت إدارة بايدن، 11 فبراير/ شباط 2021
[69] يني شفق، واشنطن: نسعى للتعاون مع تركيا في الأولويات ونتحاور حول الخلافات، 11 فبراير/ شباط 2021
[70] الأناضول، قالن: على واشنطن إنهاء دعمها لتنظمي “ي ب ك، ب ي د” الإرهابيين، 12 فبراير/ شباط 2021
[71] الجزيرة نت، أميركا تعلق على احتجاجات البوسفور.. أردوغان: ألا تخجلون باسم الديمقراطية مما حدث عندكم قبيل الانتخابات؟، 5 فبراير/ شباط 2021
[72] RT، واشنطن تدعو أنقرة للإفراج فورا عن رجل الأعمال عثمان كافالا، 11 فبراير/ شباط 2021
[73] الحرة، إدارة بايدن تقول كلمتها بشأن حظر تركيا من شراء مقاتلات أف-35 الأميركية، 6 فبراير/ شباط 2021
[74] عربي 21، أنقرة ترد على طلب أمريكي بالإفراج عن رجل أعمال تركي، 11 فبراير/ شباط 2021
[75] الجزيرة، واشنطن تنفي ضلوعها في الانقلاب الفاشل ضد أردوغان، 5 فبراير/ شباط 2021
[76] عربي 21، غضب تركي من موقف واشنطن حول “ضحايا المغارة”.. واستدعاء سفيرها، 15 فبراير/ شباط 2021
[77] CNN TURK، Son dakika! ABD Gara’da nasıl geri adım attı? Perde arkasını Dicle Canova anlattı، 16 فبراير/ شباط 2021
[78] الجزيرة، أزمة صواريخ “إس-400” مع واشنطن.. وزير الدفاع التركي: مستعدون للتفاوض وقد لا نستخدمها، 9 فبراير/ شباط 2021
[79] العربي، المركز الروسي-التركي المشترك في “قره باغ” يبدأ نشاطه، 30 يناير/ كانون الثاني 2021
[80] المصدر نفسه
[81] RT، موسكو تؤكد أن قوات حفظ السلام في قره باغ ستكون روسية فقط، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[82] TRT، أقار يعلن وصول قوات تركية إلى أذربيجان لمراقبة وقف إطلاق النار، 29 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[83] TRT، “شعب واحد في دولتين”.. تركيا وأذربيجان تبحثان العلاقات الثنائية، 15 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[84] يني شفق، أوقطاي وأسادوف يبحثان تعزيز العلاقات التركية الأذربيجانية، 21 يناير/ كانون الثاني 2021
[85] ترك برس، وزيرا خارجية تركيا وأذربيجان يبحثان قضايا إقليمية و”هجوم السفينة”، 27 يناير/ كانون الثاني 2021
[86] موقع دفاع العرب، أذربيجان: الجيش التركي من أقوى جيوش العالم، 11 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[87] الأناضول، تركيا.. جنود أذربيجانيون يكملون دورة تفكيك المتفجرات، 2 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[88] موقع التلفزيون السوري، تركيا: 77 عسكريا أذربيجانيا أنهوا دورة تشغيل طائرات “بيرقدار”، 6 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[89] يني شفق، تركيا تصدر أول دفعة من كاسحات ألغام محلية إلى أذربيجان، 4 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[90] TRT، تركيا وأذربيجان تسعيان لرفع التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار، 10 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[91] وكالة أنباء تركيا، بعد استسلامها في “قره باغ”.. أرمينيا تخطب ود تركيا لعودة العلاقات، 11 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[92] TRT، جاوش أوغلو: يمكن إقامة علاقة مع أرمينيا بشروط، 24 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[93] القدس العربي، أردوغان يفجر “قنبلة الدستور”.. تعرف على دستور انقلاب 1980 وآليات تغييره في تركيا، 2 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[94] إيلاف، حليف إردوغان يؤيد صوغ دستور جديد في تركيا، 2 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[95] يني شفق، أردوغان يلتقي زعيم الحركة القومية في أنقرة، 4 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[96] RT، أردوغان: الدستور الجديد سيبنى على نظام الحكم الرئاسي، 3 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[97] عربي 21، نقاشات الدستور الجديد في تركيا، 4 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[98] المصدر نفسه
[99] العين الإخبارية، المعارضة التركية “يد واحدة” ضد دستور أردوغان الجديد، 3 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[100] عربي 21، هل تعيد احتجاجات جامعة البوسفور سيناريو “أحداث 2013″؟، 7 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[101] الأناضول، أنقرة: 79 من موقوفي أحداث “بوغازيتشي” أعضاء في تنظيمات إرهابية، 2 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[102] وكالة أنباء تركيا، وزير الداخلية التركي: أوقفنا 4 شواذ على خلفية إهانة صورة للكعبة المشرفة، 29 يناير/ كانون الثاني 2021
[103] BBC، المثلية الجنسية: اردوغان يتهم النشطاء المثليين في تركيا بـ”التخريب”، 2 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[104] الجزيرة، استمرار الاحتجاجات.. لماذا غضب العلمانيون من تعيين أردوغان رئيس جامعة البوسفور؟، 4 فبراير/ تشرين الثاني 2021
[105] المصدر نفسه