أحوال تركية - أكتوبر/ نوفمبر 2020
الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
القصف الروسي لمعسكر الجيش الحر
سحب نقاط مراقبة تركية
الجانب التنموي
المحور الثاني: ليبيا
توقيع اتفاق وقف إطلاق النار
مصير التعاون العسكري مع “الوفاق”
زيارة أردوغان المزمعة لطرابلس
المحور الثالث: مصر
الاتفاق المبدئي بين الطرفين
زيارة السيسي لليونان
ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين
المحور الرابع: العراق
خرق اتفاق سنجار
التحذير من مدارس جولن
المحور الخامس: الخليج
التقارب التركي-الخليجي
المحور السادس: فلسطين والكيان الصهيوني
التحالف الصهيوني – اليوناني
مستقبل العلاقات مع الاحتلال
الدعم التركي لفلسطين
المحور السابع: أوروبا
فرنسا والإسلاموفوبيا
زيارة أردوغان لقبرص الشمالية
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
مستقبل العلاقات بعد فوز بايدن
المحور التاسع: أذربيجان
اتفاق وقف إطلاق النار
الدور التركي في مراقبة الاتفاق
المحور العاشر: الداخل التركي
زلزال أزمير العنيف
السياسات الإنشائية الحكومية
استقالة وزير المالية
المقدمة
كالعادة، فإن الساحة السياسية التركية كانت مزدحمة بالأحداث هذا الشهر، سواء على صعيد الأحداث الخارجية أم الداخلية. ففي سوريا، زادت التخوفات حول مستقبل إدلب خصوصًا بعد قصف روسيا معسكر تابع لقوات المعارضة، وتفكيك الجيش التركي بعض نقاطه في الشمال السوري. وفي ليبيا، تضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه طرفا النزاع “تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية”، الأمر الذي أثار تساؤلات حول مستقبل التعاون العسكري التركي مع حكومة الوفاق. كما تواردت أنباء عن تخطيط أردوغان لزيارة طرابلس قريبًا.
وبالنسبة لمصر، ففيما يبدو فإن المصالحة بين أنقرة والقاهرة قد تباعدت شيئًا ما، خصوصًا في ظل استمرار الحملات الإعلامية المصرية ضد تركيا، والتي ربما زادت حدتها هذا الشهر. بالإضافة إلى زبارة السيسي المفاجئة إلى اليونان، الخصم الأول لتركيا في نزاع المتوسط. وفي العراق، فكما كان متوقعًا، واجه اتفاق سنجار صعوبات في تطبيقه، الأمر الذي يؤكد على استمرار الجيش التركي في عملياته ضد “بي كا كا” في شمال العراق. وعلى الساحة الخليجية، فهناك بعض الإشارات التي اعتبرها البعض نية متبادلة لحلحلة الأوضاع بين تركيا والسعودية والإمارات، إلا أن آخرين اعتبروها إشارات عابرة.
وفيما يخص فلسطين، فما زالت تركيا مستمرة في دعمها السياسي والخيري لها، في الوقت الذي يتقارب فيه الكيان الصهيوني من اليونان. وفي هذه الأثناء، استعرض محللون من دولة الاحتلال مستقبل العلاقات التركية مع الكيان الصهيوني. ومع أوروبا، كان الحدث الأبرز هو الهجمة الفرنسية على الإسلام، الأمر الذي كان أردوغان في طليعة من تصدى له. كذلك فقد حازت زيارة الرئيس أردوغان إلى قبرص الشمالية قدرًا من الاهتمام، وربما يكون لها ما بعدها.
وبالطبع، فإنه بالتزامن مع الانتخابات الأمريكية التي فاز فيها بايدن، استشرف مراقبون مستقبل العلاقات الأمريكية-التركية، وأهم الملفات المتوقع فتحها خلال فترة بايدن. وفي أذربيجان، مَثَّل اتفاق وقف إطلاق النار انتصارًا لها، ومن خلفها حليفتها تركيا. وثار لغط حول طبيعة الدور التركي في مراقبة الاتفاق. وفيما يخص الداخل التركي، فقد كان زلزال إزمير حدثًا بارزًا تسبب في إعادة النقاش حول السياسات الإنشائية للحكومة التركية. كما حازت استقالة وزير المالية وصهر أردوغان قدرًا كبيرًا من الاهتمام، صاحَبَها ترويج من القيادة التركية لإصلاحات على أصعدة عدة.
يزداد التصعيد بشكل تدريجي في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، منذرًا بقرب انهيار وقف إطلاق النار الموقع بين أنقرة وموسكو بعد حوالي 8 أشهر من توقيع الاتفاق. فعلاوة على القصف والخروقات المستمرة من قبل قوات النظام وحلفائها من مليشيات مدعومة من روسيا وإيران قرب خطوط التماس ونقاط المواجهة جنوبي إدلب، توسعت دائرة القصف والاستهداف من قبل هذه القوات والمليشيات، لتطال المدن والقرى المزدحمة بالسكان والنازحين، ما يوقع ضحايا باستمرار.
ويعد وقف إطلاق النار الذي يحمله هذا الاتفاق هو الأكثر صمودًا في إدلب من حيث العامل الزمني عن سابقيه، على الرغم من كل الخروقات التي تخللته، سواء بالقصف أو محاولات التقدم على الجبهات، والتي كان مصدرها دائمًا قوات نظام بشار الأسد. وعلى الرغم من ذلك، باتت الخروقات الأخيرة كبيرة وواضحة النية من جهة النظام لإنهاء الاتفاق، ويبدو أن روسيا باتت تتشارك معه هذه الرغبة، لكنها تحاول في الوقت ذاته تفادي التصادم المباشر والواسع مع القوات التركية المتواجدة هناك.[1]
وكان الخرق الأبرز للهدنة هذا الشهر هو القصف الروسي الذي استهدف معسكرًا تدريبيًا تابعًا للجيش الوطني السوري في إدلب. وبحسب شهادات ناشطين، وصل عدد القتلى إلى أكثر من 30 قتيلًا، فضلًا عن عشرات الجرحى، وهم من عناصر “فيلق الشام” أحد مكونات الجبهة الوطنية للتحرير.[2] وعقب الهجوم الروسي، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن “استهداف روسيا مركزا لتأهيل الجيش الوطني السوري في إدلب، مؤشر على عدم دعمها للسلام الدائم والاستقرار بالمنطقة”.[3]
ويتخوف مراقبون من مستقبل الوضع في إدلب خصوصًا في ظل تفكيك وانسحاب بعض النقاط التركية. فرغم أن الاستراتيجية التركية الهادفة لحماية مدينة إدلب لا يبدو أنها تغيرت، إلا أن الوضع الميداني الذي يتغير تدريجيًا يُجبر تركيا على التخلي عن بعض نقاط المراقبة التي أقيمت وفق تفاهمات مسار أستانة. ووقَعَت هذه النقاط تحت حصار من قبل قوات النظام منذ فبراير/شباط الماضي، حين تقدمت هذه القوات، تحت غطاء روسي، فتراجعت قوات المعارضة عن ريف حماة الشمالي ومناطق واسعة في ريفي إدلب وحلب، وتضم مدن كبرى أبرزها معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، وسراقب في ريف إدلب الشرقي.[4]
وكانت تركيا تطالب بعودة قوات النظام إلى حدود تفاهمات مسار أستانة، أي الانسحاب إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية. لكن الجانب الروسي رفض مطالب أنقرة التي كانت تصر على إبقاء نقاط المراقبة على الرغم من حصارها. ولكن كما يبدو تخشى أنقرة أن تهاجم قواتُ النظام جنودَها الموجودين فيها في حال انهيار التفاهم مع موسكو، وهو ما دفعها إلى بدء تفكيكها.[5]
وحسب مصادر عسكرية في المعارضة السورية لـموقع “العربي الجديد”، فإنّ عمليات تفكيك النقاط التركية المحاصَرة ستتواصل تباعًا، وقد تمتد حتى نهاية العام الحالي. ورغم ترجيح المصادر أن يعزز هذا الانسحاب التركي من اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، لأنه يمثل رسالة لروسيا والنظام السوري بأن القوات التركية تحررت الآن من وسائل الضغط عليها بالنقاط المحاصَرة، وهي تعزز قواتها على خطوط التماس، ما يجعل النظام وروسيا يفكران مليًا قبل شنّ هجوم على المنطقة.[6]
إلا أن هناك تخوفات أن يحاصر النظام السوري نقاطًا تركية أخرى، لتُجبَر تركيا بعد شهور على تفكيكها أيضًا، الأمر الذي يضعف وجودها العسكري في إدلب، ويعزز من فرص النظام في بسط سيطرته عليها.
وعلى الجانب التنموي، ما زالت المؤسسات الخيرية التركية نشطة في الشمال السوري، حيث تقدم مساعدات متنوعة بصفة مستمرة في المناطق الواقعة تحت السيطرة التركية هناك. وافتتحت تركيا الشهر الماضي مدرسة ابتدائية في مدينة تل أبيض بعد ترميمها بدعم تركي كويتي. وشارك والي ولاية شانلي أورفا التركية، “عبد الله أرين”، في افتتاح المدرسة، التي تحمل اسم “أبو عبيدة عامر بن الجراح”.[7]
كذلك افتتحت رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) بالتعاون مع جمعيتي “الفتح” و”أوزغور” التركيتين، مركزًا لإيواء الأيتام وأسرهم في ريف إدلب، حمل اسم الرئيس المصري الشهيد “محمد مرسي”. وأفادت جمعية الفتح في بيان لها أن المركز المكون من 200 منزلًا سيحتضن 450 يتيمًا مع أمهاتهم.[8]
كما ذكر تقرير لوزارة الزراعة والغابات التركية أنه قد تم توفير مياه الشرب لنحو 705 ألف شخص في مناطق جوبان باي والباب واعزاز ومارع ودارميك، المناطق السورية الواقعة ضمن منطقة درع الفرات. وفي منطقة نبع السلام، قامت مؤسسة المياه التركية بتوفير مياه الشرب لنحو 510 ألف شخص، عبر حفر 36 بئرًا جديدًا وترميم 10 آبار.[9]
يتواصل الحوار بين الفرقاء الليبيين في محاولة لإرساء أرضية مشتركة للبدء في عملية سياسية تهدف لوضع حل نهائي للنزاع بين معسكري الشرق والغرب. وأواخر الشهر الماضي، وقَّع الطرفان -بعد مفاوضات استمرت خمسة أيام في جنيف برعاية الأمم المتحدة- اتفاقًا يقضي بوقف إطلاق النار، وفتح الطرق والمعابر البرية على كامل التراب الليبي، والبدء الفوري بعملية حصر وتصنيف المجموعات والكيانات المسلحة بجميع مسمياتها في كامل ليبيا، وتفكيكها ووضع آلية وشروط إعادة دمج أفرادها بشكل فردي إلى مؤسسات الدولة.[10]
وتَمَثَّل رد الفعل التركي تجاه الاتفاق الوليد، في وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان له بأنه ” ضعيف المصداقية”. ولفت أردوغان إلى أنه “ليس اتفاقًا على أعلى مستوى وستُظهر الأيام مدى صموده”. وأردف: “أتمنى أن يتم الالتزام بهذا القرار لوقف إطلاق النار”. وحول ما تردد عن التوافق بشأن انسحاب المرتزقة، قال أردوغان: “لا نعلم مدى صحة (قرار) انسحاب المرتزقة من هناك في غضون 3 أشهر”.[11]
وبخصوص الموقف التركي الذي بدا متحفظًا ,مخالفًا لباقي المواقف الدولية التي رحبت بالاتفاق، يقول مراقبون إن التصريحات التركية ليس فيها ما يَرفض أساس الاتفاق، لكنها أبدت تخوفًا من عدم تطبيقه. وبالتالي فإن التحفظ متعلق بمآلات الاتفاق وليس بالمبدأ. وربما يكون الدافع التركي الأهم وراء هذا الموقف هو أن توقيع الاتفاق لم يأتِ من فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا، والجنرال الانقلابي خليفة حفتر، وإنما أتى من ممثّليْن عسكريَّيْن لهما، الأمر الذي يشكك في مدى قدرة الاتفاق على الصمود.
أيضًا فلا يوجد ما يدفع إلى رفع سقف التوقعات بخصوص نيات حفتر، ومن خلفه داعميه، إذ أن لديه سجلًا طويلًا من نقض الاتفاقات والانقضاض عليها حين تلوح إمكانية لتسجيل إنجاز عسكري. فضلًا عن أن خطواته نحو الحل السياسي حاليًا أتت بعد الإنجازات الميدانية لحكومة الوفاق، بعد أن ماطل وتهرب من التوقيع على وقف إطلاق النار في محادثات موسكو ثم مؤتمر برلين بداية العام.[12]
وقد فتح البند الثاني في هذا الاتفاق الباب واسعًا أمام التكهنات بمصير التعاون التركي-الليبي في المجال العسكري، حيث تَضَمَّن عبارة ” تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في البلاد”، دون أن يحدد المقصود منها على وجه الدقة. وترك مثل هذه العبارات فضفاضة سيمثل أزمة عاجلة أو آجلة، هذا إن صدق العزم – في الأساس – على تنفيذ البنود المتفق عليها.
في هذا السياق، حاول المجلس الأعلى للدولة الليبي رفع اللبس عن فهم البند الثاني من الاتفاق، حيث أصدر بيانًا ورد فيه أن “اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في جنيف برعاية أممية، لا يشمل ما أبرمته السلطة التنفيذية الشرعية (حكومة الوفاق) من اتفاقات شرعية مع الدولة التركية”. كما شارك المجلسُ الدولةَ التركية شكوكها في تنفيذ الاتفاق، قائلًا: “نشكك في نوايا وقدرة القوة المتمردة على الالتزام ببنود الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بإخراج المرتزقة من قوات فاغنر (الروسية) والجنجاويد (السودانية) والمعارضة التشادية”.[13]
وزير الدفاع الليبي، العقيد صلاح الدين النمروش، أكد أيضًا على تمسك “الوفاق” بالتعاون العسكري مع تركيا، قائلًا: “إن التعاون في مجالات التدريب الأمني والعسكري لقواتنا لا علاقة له من قريب أو بعيد بكل اتفاقيات وقف إطلاق النار”. بل وشدد “النمروش” على أن “اتفاقيات التدريب الأمني والعسكري يجب أن يتم التركيز عليها اليوم أكثر من أي وقت مضى خاصة إذا ما تم الالتزام بوقف إطلاق النار وإحلال السلام”.[14]
وبينما يستكمل طرفي النزاع في ليبيا لقاءاتهما بتونس، تُعقد لقاءات أخرى بين مسؤولين أتراك وليبيين، لمناقشة آخر التطورات على الساحة الليبية. من ذلك، لقاء بين النمروش ونظيره التركي، خلوصي أكار، في إسطنبول.[15] ولقاء آخر جمع “أكار” برئيس الأركان العامة الليبي، محمد الحداد، في مقر وزارة الدفاع بالعاصمة أنقرة.[16] كما التقى أيضًا نائب وزير الخارجية التركي، ياووز سليم قيران، وفدًا من ممثلي الشعب الليبي، للتشاور معهم حول الأوضاع الجارية.[17]
وفي الآونة الأخيرة، تواردت أنباء عن نية الرئيس التركي للتوجه إلى طرابلس خلال الفترة المقبلة، في زيارة قد تكون الأولى له إلى ليبيا منذ عام 2011. وأكدت صحيفة “حرييت” التركية أن أردوغان يخطط لزيارة ليبيا بعد اجتماع تونس مباشرة، وسيقوم بتقييم ما وصلت إليه الحوارات، والخطوات التي سيتم اتخاذها بعد ذلك.[18]
في السياق ذاته، أفادت مصادر مطلعة لصحيفة ” الشرق الأوسط” بأن طائرتين عسكريتين محملتين بعناصر من القوّات الخاصّة التركية وصلت إلى العاصمة الليبية طرابلس؛ لتأمين زيارة أردوغان المرتقبة. وذكرت المصادر أن “أردوغان” سيتفقد القوّات التركية في مدينة مصراتة، غربي ليبيا، والموجودة هناك لدعم حكومة الوفاق، المعترف بها دوليًا، خلال الزيارة التي يجرى الترتيب لها منذ فترة طويلة.[19]
وحال حدوث زيارة أردوغان المزمعة، فإن ذلك سيكون تأكيدًا من تركيا على دورها المحوري في أي اتفاق يخص ليبيا، وأنها لن تقبل بتهميشها في أي تسويات قادمة. كما أن الزيارة ستشكل تثبيتًا لشرعية حكومة الوفاق في مقابل حفتر وداعميه الإقليميين والدوليين.
يمكن القول أنه في الوقت الذي تتخذ فيه تركيا خطوة نحو مصر، فإن القاهرة تتخذ خطوات بعيدًا عن أنقرة. ورغم أن الخطوات التركية ليست واسعة، حيث إن ما ظهر منها حتى الآن هو تصريحات لمسؤولين أتراك، وهدوء في خطاب الإعلام الرسمي تجاه مصر، إلا أن مثل هذه الخطوات لم تقم بها مصر حتى الآن، ولو من باب إبداء حسن النية.
وكانت بعض المواقع الإخبارية قد نشرت الشهر الماضي أن القاهرة وأنقرة اتفقتا على تخفيف حدة الخطاب عند الحديث عن الطرف الآخر، في إعلام كلا الدولتين، كبادرة حسن نية لتصفية الخلافات وحل المشكلات العالقة.[20] ومن خلال المتابعة، يمكن القول أن الإعلام التركي قام بذلك بالفعل، فلم تذكر المنافذ الإعلامية الرسمية في تركيا مصر أو قيادة الانقلاب فيها بشكل سلبي. بل يمكن القول أنها كانت على العكس من ذلك، حيث نشر موقع “TRT عربي” مقالًا بعنوان: ” مصر وتركيا نموذج للتعاون الاقتصادي رغم الخلافات”، الذي مدح كاتبه ما وصفه بـ” الرغبة المتبادلة من الطرفين (التركي والمصري) على إبقاء المصالح الاقتصادية بعيدة عن أي توتر سياسي، وإعلاء مصالح الشعبين الاقتصادية”.[21]
في المقابل، كان انتقاد تركيا ورئيسها فقرة ثابتة ربما في أغلب البرامج التلفزيونية والصحف المصرية. ما يعني أنه كان هناك اتفاقًا نقضته مصر، أو ربما لم يكن هناك اتفاقًا من الأساس، وما نقلته هذه المواقع الإخبارية عارٍ عن الصحة. وعلى أي حال، فمن الواضح أن هناك تغيرًا في لهجة الخطاب التركي تجاه مصر. كان آخر ذلك ما صرح به وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، من أن تحسين العلاقات بين تركيا ومصر والسعودية وإسرائيل ضرورة، مشددًا على وجوب ألا يقتصر ذلك على المصالح الثنائية الضيقة، ولكن في إطار يحفظ السلام الإقليمي والأمن والاستقرار في المنطقة.[22]
لكن القاهرة بدورها لم تغير لهجتها الرسمية أو الإعلامية حتى الآن تجاه أنقرة. بل إن آخر تصريح مصري ذكر تركيا صراحةً جاء على لسان وزير الخارجية سامح شكري، الذي قال بأن “التواجد التركي في سوريا يمثل تهديدًا لها، ويضر بشدة بالمنطقة بأسرها، ولذلك يجب عدم التسامح معه”.[23] وربما يكون سبب “الجفاء المصري تجاه تركيا” – إن جاز التعبير- هو قناعة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بأن بقاء نظامه مرتبط بشكل رئيسي بوجوده في المحور المناهض لتركيا في الإقليم.
واستكمالًا لبُعد النظام المصري عن تركيا، قام السيسي بزيارة إلى اليونان، كانت قد تقررت قبل أربعة أيام فقط من ذهاب السيسي، ما يعني أنها جاءت على عجل. وحسب موقع العربي الجديد، فإن السيسي عجّل بزيارة أثينا في ضوء الانتصارات السياسية التي حققتها تركيا على أصعدة عدة، ومنها الانتصار الكبير للقوات الأذربيجانية المدعومة من تركيا في إقليم قره باغ.[24]
ومن أثينا، قال السيسي في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس: “إنّ القاهرة اتفقت مع أثينا على التصدي لأي تهديد للأمن الإقليمي، وكذلك للإجراءات الأحادية في شرق المتوسط (في إشارة للإجراءات التركية)”، وهو ما عقب عليه ميتسوتاكيس بالقول: “نتطلع ومصر إلى تدخل أميركي حاسم في المتوسط تحت إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن”.
واعتبر السيسي في تصريحاته خلال المؤتمر الصحافي، أنّ توقيع اتفاقية تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين “يمثل نقطة تحول أساسية، ونقلة نوعية في مستوى وطبيعة العلاقات بين مصر واليونان”. كذلك، فقد قلدت الرئيسةُ اليونانية، كاترينا ساكيللاروبولو، قائدَ الانقلاب المصري أعلى وأقدم وسام لدى اليونان، ومن جانبه منحها السيسي قلادة النيل العظمى.[25] ولا يخلو ذلك من دلالات على تنامي علاقات النظام المصري مع اليونان، الغريم الأول لتركيا في المتوسط، الأمر الذي يقلل – بطبيعة الحال- من احتمالات وجود مصالحة مصرية-تركية قريبة.
وفي شأن مشترك آخر، كشفت مصادر خاصة لموقع “العربي الجديد” أن القاهرة وجهت مؤخرًا تحذيرات شديدة اللهجة للسلطة الفلسطينية، بعد معلومات استخبارية وصلتها بشأن انخراط الجانب الفلسطيني في مفاوضات متقدمة وغير معلنة مع تركيا، متعلقة بالتوصل إلى اتفاق خاص بترسيم الحدود البحرية، وإمكانية الحصول على حقّ تطوير حقل غزة مارين للغاز (قبالة ساحل قطاع غزة).[26]
وبحسب المصادر، فإنّ القاهرة واستنادًا لما تملكه من نفوذ ودور تاريخي في الملف الفلسطيني، تدخلت لقطع الطريق أمام أنقرة، ولتأمين نفوذها في تلك المنطقة، عبر بدء مشاورات مع الجهات المعنية في السلطة الفلسطينية بشأن إمكانية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وفلسطين. إلا أنّ المصادر تحدثت عن أنّ هناك بعض المخاوف التي تؤرق الجانب المصري، الذي بات يجد نفسه مجبرًا لتوقيع مثل تلك الاتفاقية لإغلاق الباب أمام تركيا، موضحةً أنّ القاهرة تخشى من انتقال تبعية أجزاء خاضعة لسيادتها حاليًا إلى فلسطين الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وتحدثت المصادر عن صعوبة إتمام تلك الاتفاقية من الجانب المصري في وقت قريب، مرجحة اعتماد القاهرة على سياسة النفس الطويل، بحيث تضمن قطع الطريق على تركيا، وفي الوقت نفسه تضمن عدم توقيع أي اتفاقيات في الوقت الراهن بما يجنبها أي خسارة سياسية واقتصادية.[27]
تشهد العلاقات التركية-العراقية هدوءًا هذه الفترة، بعد أن هدأت بشكل كبير التصريحات العراقية الرافضة لعملية “مخلب النمر” التي أطلقها الجيش التركي في السابع عشر من يونيو/حزيران الماضي ضد عناصر “بي كا كا” في شمال العراق. وفي السياق ذاته، كانت الحكومة العراقية قد توصلت الشهر الماضي إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان على تطبيع الأوضاع في بلدة سنجار، المتنازع عليها بين الحكومتين، مبينة أنّ الاتفاق ينهي سطوة الجماعات المسلحة بالبلدة، ويعيد الاستقرار فيها.[28]
تطبيق هذا الاتفاق، الذي يصب في مصلحة تركيا، كان محل شك بسبب عدم قدرة حكومة بغداد على إخراج حزب العمال الكردستاني بسهولة. وبالفعل فإن الواقع لم يتغير، فـبعد مرور ما يربو على الشهر على توقيع الاتفاق، لم يتحقق أي من بنود الاتفاقية الهادفة إلى استعادة النظام في المدينة وإعادة السكان إليها، وإخراج خليط المليشيات التي تسيطر على المدينة، بما فيهم مسلحي حزب العمال الكردستاني ومليشيات أيزيدية مرتبطة بالحشد الشعبي.[29]
بل على العكس من ذلك، فقد أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق توقف صادرات الإقليم النفطية إلى تركيا، بسبب هجوم استهدف أنبوب النفط الرئيس، الناقل للنفط العراقي الخام المصدر من حقول الإقليم إلى تركيا، والذي يصل إلى ميناء جيهان التركي. وقد أعلن حزب العمال الكردستاني- عبر وسائل إعلام تابعة له- مسئوليته عن الحادث.[30]
وتكمن المصلحة التركية حال نجاح الاتفاق وتَمَكُّن الجهات الأمنية العراقية من إخراج التنظيم من سنجار، في أن العمليات العسكرية التركية في العمق العراقي ستتوقف بشكل كبير مع استمرارها في المناطق الحدودية، وفي هذا مصلحة لأنقرة بطبيعة الحال. لكن فيما يبدو أن الاتفاق سيبقى حبرًا على ورق لفترة ليست بالقصيرة، وبالتالي ستستمر تركيا في عملياتها العسكرية ضد التنظيمات الكردية المسلحة في الشمال العراقي.
وعلى الصعيد العسكري، ما زالت العمليات العسكرية التركية جارية، ومن حين لآخر تنشر وزارة الدفاع التركية بيانات تفيد بتحييد مقاتلين من منظمة “بي كا كا”، المصنفة على قوائم الإرهاب التركية.[31] كما أفاد نجاة علي، قائد أحد ألوية البيشمركة العراقية، في حديث لتلفزيون “روداو”، أن الجيش التركي ألحق هزيمة كبيرة بمنظمة “بي كا كا”، وأفقدها القدرة على مجابهته.[32]
وفي شأن آخر، حذرت السفارة التركية في بغداد، المواطنين العراقيين من إرسال أبنائهم إلى مدارس تنظيم “جولن” التي تنشط في مناطق مختلفة من البلاد. وأكدت السفارة أن الجامعات التركية لن تقبل شهادات مدارس جولن، المتهم بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016، وأن خريجي هذه المدارس لن يتمكنوا من الاستفادة من المنح الجامعية التي تقدمها تركيا للطلاب الأجانب.[33]
تحاول القيادة التركية منذ فترة تهدئة الأوضاع مع السعودية ومصر على وجه التحديد، في محاولة لتحييدهما قدر الإمكان، في ظل التحديات الجمة التي تواجه الدولة التركية حاليًا. لذلك فقد هدأت حدة الانتقادات التركية كثيرًا، في مقابل إطلاق دعوات لتقريب وجهات النظر وحل المشكلات العالقة. وحتى الآن، يستثني المسؤولون الأتراك الإمارات من حديثهم عن المصالحة، وربما هذا بسبب أن الوزن السياسي لمصر والسعودية أثقل عادة من الإمارات، أو لأن تركيا ترى أن الإمارات هي رأس الحربة في المعسكر المعادي لها، وأن الدولة الخليجية وصلت لمرحلة اللاعودة في مناهضتها لأنقرة.
وشهد هذا الشهر تصريحات لمسئولين أتراك تدعو إلى المصالحة وتصفية الملفات الخلافية. حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان – خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية – إن بلاده “ستواصل تعزيز وجودها في الميدان وتفعيل القنوات الدبلوماسية بشكل كبير. وأضاف أن إدارته ترغب في التحرك في المرحلة المقبلة مع كافة دول المنطقة التي تعتبرها صديقة وتعتبر شعوبها شقيقة”.[34] تصريحات أردوغان سبقتها تصريحات مماثلة من وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو”، الذي شدد على ضرورة تحسين العلاقات بين تركيا ومصر والسعودية وإسرائيل.[35]
واستكمالًا للإشارات التي تدلل على رغبة قوية لدى تركيا في حلحلة الوضع مع دول الخليج، بحث الرئيس أردوغان مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، قضايا من شأنها تسريع وتيرة العلاقات بين البلدين. وبحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية فقد قدم أردوغان تعازيه للشعب البحريني وأقرباء رئيس وزراء المملكة الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة، وأعرب عن ثقته بإمكانية إيجاد إسهامات إيجابية لحل العديد من المشاكل المشتركة التي تواجهها المنطقة.[36]
وفي خطوة وصفها كثيرون بـ”الإيجابية”، وجه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بإرسال المساعدات الطبية والإنسانية والإيوائية العاجلة للمتضررين في تركيا، على خلفية الزلزال الذي ضرب مدينة إزمير مؤخرًا. وأضافت الوكالة أن ” ذلك يأتي انطلاقًا من حرص الملك سلمان على الوقوف إلى جانب الشعب التركي الشقيق”.[37]
في المقابل، ورغم أن التركيز التركي الأكبر في شأن المصالحة هو على السعودية ومصر دون الإمارات، وصف محمد دحلان- مستشار ولي عهد أبو ظبي والمطلوب على قوائم الأمن التركي- التصريحات التركية بـ” الانعطاف الكبير في موقف أنقرة ومؤشر واعد وبالغ الأهمية على العودة إلى السياسة الواقعية في المنطقة”.[38] كما قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إن “بلاده لا تتفق مع السياسة الخارجية لتركيا وإيران، إلا أنها لا تسعى للمواجهة مع أي من البلدين”.[39]
ينظر بعض المراقبين بتفاؤل إلى هذه الإشارات على أنها مقدمات لتصفية الملفات الخلافية بين تركيا من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى، خصوصًا بعد وصول “جو بايدن” للبيت الأبيض. فالسعودية تعد من الدول القلقة من فوز المرشح الديمقراطي لأسباب عديدة، أولها قضية اغتيال الكاتب السعودي الشهير جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول.
وكان بايدن قد تعهد خلال حملته الانتخابية بمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي، وإعادة تقييم علاقات واشنطن مع الرياض. كما أن هناك ملفات أخرى، كحرب اليمن والملف النووي الإيراني، حيث يُتوقع أن يكون نهج “بايدن” مع طهران أقل حدة من ترامب، وبالتالي فقد يقود ذلك السعودية إلى تخفيف التوتر مع تركيا خلال فترة بايدن.[40]
لكن يبدو أن وجهة النظر هذه ليست دقيقة، فالتقارب الخليجي مع الكيان الصهيوني يجعل مراهنة الملكيات الخليجية على دولة الاحتلال في حماية عروشها، أقرب من مراهنتها على تركيا. وربما يؤيد ذلك الحملات الإعلامية المحمومة التي تشنها كل النوافذ الإعلامية الإماراتية والسعودية والمصرية ضد تركيا وقطر وجماعة الإخوان المسلمين، والتي ازدادت حدتها مع اقتراب وصول بايدن لرئاسة الولايات المتحدة.
اتخذ الكيان الصهيوني هذا الشهر خطوات من شأنها أن تزيد توتر علاقاته مع الجانب التركي، حيث أعلن وزير خارجية الكيان، غابي أشكنازي، أن الاحتلال يبحث تشكيل تحالف إقليمي مع اليونان وجنوب قبرص، عقب زيارته أثينا. وأضاف: “لقد أحرزنا تقدمًا في عدد من القضايا المهمة وتحدثنا عن تشكيل تحالف إقليمي، سنناقشه أكثر في الاجتماع الثلاثي مع اليونان وقبرص (الرومية)”.[41]
التحالف الصهيوني – اليوناني ليس بالجديد، فـمنذ عدة سنوات تبحث دولة الاحتلال واليونان وقبرص الرومية، مشروع إقامة خط أنابيب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، الأمر الذي يؤثر سلبًا على هدف تركيا في أن تصبح المصدر الإقليمي لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا. وبالطبع، فإن هذه الخطوات تجعل الكيان الصهيوني أقرب إلى الطرف اليوناني في صراع المتوسط، والذي يسعى إلى إبعاد تركيا وقبرص الشمالية، عن الثروات الطبيعية الموجودة في البحر المتوسط، وحبس تركيا في مساحة بحرية ضيقة على ضفاف خليج أنطاليا.
ولم تترك دولة الاحتلال مساحة للشك في انحيازها لليونان، فقد كتب حساب “إسرائيل بالعربية” على “تويتر”، والتابع لخارجية الكيان الصهيوني “إن إسرائيل تتابع بقلق التطورات الأخيرة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. وإن بعض الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها تركيا قد تزعزع وتشكل تهديدًا للاستقرار الهش في المنطقة”. وأضاف: “تجدد إسرائيل دعمها الكامل وتضامنها القوي مع اليونان في منطقتها البحرية ومعارضتها أي محاولة لانتهاك هذه الحقوق”.[42]
وفي شأن متصل، استشرف بعض المستشرقين الإسرائيليين مآلات توتر العلاقة مع تركيا. وقال آساف غيبور، خبير الشؤون الشرق أوسطية، في مقال بصحيفة مكور ريشون، إن “المنطقة تتغير بشكل كبير، وخريطة تكتلاتها تحولت إلى صراع يتجاوز الصراع العربي الإسرائيلي، فهناك صراع بين السعودية والأردن ومصر والإمارات والبحرين أمام قطر وتركيا وإيران، وظهرت الأخيرتان قوتين إقليميتين تسعيان إلى الهيمنة، لكنهما تتسببان في توحد دول الخليج وإسرائيل ضدهما”.
بينما توقع الجنرال أهارون زئيفي فركش، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، أن: “الأتراك لن يندفعوا لمواجهة مع إسرائيل، لأنهم يتفهمون قوتها الإقليمية والاقتصادية، مستبعدًا أن تُقبِل تركيا على عمل عسكري ضد إسرائيل والخليج”.
وهذا ما أيدته كوهين إنروجيك، الباحثة في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، حيث قالت: إنه “لا يجب النظر إلى تركيا وإسرائيل كأعداء، فلا يزال لدينا سفارة في أنقرة ، والمجال الجوي التركي مفتوح للإسرائيليين. صحيح أن هناك توتر، لكن ليس من الصواب وضع تركيا وإيران في نفس الفئة، لذلك يمكن لإسرائيل القيام بتصنيف آخر في الشرق الأوسط: تركيا وقطر وحماس، أمام إيران وسوريا وحزب الله والحوثيين، في مواجهة السعودية والإمارات ومصر وحفتر في ليبيا”.[43]
ويبدو أن ما ذكرته ” إنروجيك” أقرب للحقيقة، حيث من الواضح من توجهات القيادة أنها لا تريد قطيعة كاملة مع دولة الاحتلال، فضلًا عن الدخول في حرب معها. من ذلك ما ذكره مؤخرًا وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، من أن تحسين العلاقات بين تركيا ومصر والسعودية وإسرائيل ضرورة، مشددًا على وجوب ألا يقتصر ذلك على المصالح الثنائية الضيقة، ولكن في إطار يحفظ السلام الإقليمي والأمن والاستقرار في المنطقة.[44]
ورغم أن التقارب التركي-الفلسطيني الآخذ في التنامي يغضب الاحتلال، إلا أنه لا يمكن مقارنة الرؤية التركية الحالية تجاه الكيان الغاصب بنظيرتها الإيرانية. فبينما ترى إيران أن دولة الاحتلال لا أصل لها وأن جميع أراضيها قد أخذتها قسرًا من الفلسطينيين، تطالب تركيا بدولة فلسطينية على حدود 1967.[45] وبينما تدعم طهران المقاومة الفلسطينية بالسلاح والعتاد، تقف أنقرة عند حدود الدعم السياسي والخيري واستضافة القادة الفلسطينيين على أراضيها. وبالتأكيد فإن للميراث الثقيل، الذي ورثته الإدارة التركية الحالية من الإدارات السابقة في العلاقة مع دولة الاحتلال، دور في محدودية دعمها لفلسطين.
فلسطين.. ما زال الدعم السياسي والخيري الذي تقدمه تركيا للشعب الفلسطيني مستمرًا. فقد استنكرت الخارجية التركية قرار الكيان الصهيوني بناء وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف ضد هذه الأعمال العدوانية. وأضافت أنه “في اليوم الذي نحتفل فيه بالذكرى السنوية الـ32 لقيادة دولة فلسطين، نذكر مرة أخرى بأن الأراضي الفلسطينية هي ملك للشعب الفلسطيني، وندعو جميع أعضاء المجتمع الدولي الذين يدعمون رؤية حل الدولتين إلى معارضة مثل هذه الأعمال العدوانية الإسرائيلية”.[46]
كما عقدت هيئة علماء فلسطين في الخارج ملتقىً تحت عنوان “علماء تركيا لأجل القدس”، بمشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برسالة خطية، إلى جانب نخبة من رموز وعلماء الأمة الإسلامية من سياسيين ومثقفين وأكاديميين ومفكرين.[47] وخلال الملتقى، أثنى الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل على الدور التركي في القضية الفلسطينية، قائلًا: “أنتم أصحاب قدر رفيع على مر التاريخ”. وأضاف: “اليوم تركيا بشعبها الأصيل وقيادتها الشجاعة تستعيد مكانتها ودورها، ويتعاظم هذا الدور، ونحن فخورون بهذا الصعود والعودة للأصالة والمكانة التي تتزايد يومًا بعد يوم”.[48]
وعلى الصعيد الخيري، افتتحت جمعية “غزي دستك” التركية مشروعًا يزوّد مستشفى، وسط قطاع غزة، بنظام الطاقة الشمسية. وقال ممثل الجمعية في غزة، هاني ثريا: “إن المشروع سوف يساهم في حلّ مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل المولدات البديلة”.[49] كما أعلنت وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” تقديم دعم للمؤسسات الفلسطينية من خلال تزوديها بمستلزمات رياضية ونظام طاقة شمسية في مدينة القدس المحتلة.[50]
الإسلاموفوبيا.. خفت الصدى الإعلامي – نوعًا ما- لأزمة شرق البحر المتوسط بين تركيا واليونان خلال الأسابيع الماضية، مقابل صعود قضية الإسلاموفوبيا، والتي تشكل فيها فرنسا اللاعب الرئيسي هذه المرة. اختارت القيادة التركية الاشتباك مع التصريحات الفرنسية المعادية للإسلام مبكرًا، كان من ذلك وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أوائل الشهر الماضي لإعادة هيكلة الإسلام بأنها “وقاحة وقلة أدب”.[51]
ومع ازدياد الأقوال والأفعال الفرنسية التي تتعمد الإساءة للإسلام ورسول الله محمد ﷺ، ازدادت حدة ردة الفعل التركية. فـبعد أن تعهد ماكرون بأن بلاده لن تتخلى عن نشر أي رسوم كاريكاتيرية، بما فيها تلك التي تتطاول على مقام النبي ﷺ، صرح الرئيس التركي بأن ماكرون بحاجة لاختبار قدراته العقلية. وقال أردوغان: “ماذا يمكننا القول لرئيس دولة لا يفهم حرية العقيدة، ويعامل الملايين من أتباع ديانة أخرى (المسلمين) في بلاده بهذه الطريقة؟، عليه قبل كل شيء إجراء اختبار عقلي”. وتابع: “ما مشكلة المدعو ماكرون مع الإسلام والمسلمين؟ إنه بحاجة لعلاج عقلي”.[52]
على إثر ذلك، أعلنت الرئاسة الفرنسية – في سابقة هي الأولى من نوعها بين البلدين – استدعاء سفيرها لدى تركيا، هيرفيه ماغرو، للتشاور.[53] لكن كرر الرئيس التركي في اليوم التالي دعوته لأن يخضع ماكرون لفحص عقلي.[54] ومع التصميم الفرنسي على عدم الاعتذار، طالب أردوغان شعبه بمقاطعة المنتجات الفرنسية.[55] وفي الحقيقة فإن دعوات المقاطعة كانت قد انتشرت بشكل كبير في البلاد العربية والإسلامية قبل تصريح الرئيس التركي، إلا أن صدور مثل هذه الدعوة من رئيس دولة كـتركيا، أعطى لحملة المقاطعة زخمًا واهتمامًا عالميًا.
استمر السجال التركي-الفرنسي وما يزال، حيث نشرت مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية صورة لأردوغان كمادة رئيسية على غلاف عددها الجديد، أظهرته فيها المجلة متحرشًا بامرأة محجبة.[56] الأمر الذي تسبب في استدعاء الخارجية التركية للقائم بأعمال السفارة الفرنسية بأنقرة، مؤكدةً أن “هذا الاعتداء البشع على الحقوق الشخصية والمعتقدات الدينية، لا يمكن اعتباره في نطاق حرية الصحافة والتعبير”.[57]
ويبدو أن “قضية الإسلاموفوبيا” ستظل من القضايا الإشكالية بين تركيا وعموم أوروبا، وبالأخص فرنسا. حيث إن السلطات الفرنسية ماضية في محاربة ما تسميه ” النزعة الانفصالية الإسلامية” عن طريق حل جمعيات الإغاثة الإسلامية، وغلق المساجد، وتشديد الرقابة على الإنترنت.[58] في المقابل، تريد تركيا لنفسها أن تكون صوتًا للمسلمين، خصوصًا في ظل ضعف مواقف معظم القادة العرب والمسلمين في مسألة الإسلاموفوبيا وما يتعرض له المسلمون المقيمون بدول غربية.[59]
قبرص الشمالية.. لطالما كانت القضية القبرصية أحد أهم الملفات العالقة بين تركيا واليونان منذ أن تدخلت تركيا – كبلد ضامن – لحماية القبارصة الأتراك المضطهدين في الجزيرة. ومع وصول رئيس الوزراء السابق أرسين تتار إلى مقعد الرئاسة منتصف الشهر الماضي، فمن المتوقع أن يزداد تسليط الضوء على قبرص، خصوصًا في ظل أزمة المتوسط القائمة بين أثينا وأنقرة.
تتار، المقرب من تركيا، يرى أن الحل الفيدرالي في الجزيرة فاشلٌ، لذلك فهو يتبنى حل الدولتين، ويسعى لتوطيد علاقة الشطر الشمالي من الجزيرة بالدولة التركية، ولكسب الاعتراف الدولي، الذي سيكسر العزلة الدولية المفروضة على بلاده منذ أن أعلنت استقلالها من طرف واحد في 1983. ومن الواضح أنه يحظى بالدعم الكامل من أنقرة في هذه المساعي.[60] وفي هذا السياق، لبّى الرئيس أردوغان دعوة “تتار” لزيارة الجزيرة منتصف شهر نوفمبر / تشرين الثاني الجاري، للمشاركة في مراسم إحياء الذكرى السنوية الـ37 لتأسيس جمهورية شمال قبرص التركية.
ومن هناك، صرح أردوغان أن بلاده لم يعد لديها صبر كدولة ضامنة ولا عند شمال قبرص حيال ما وصفها بالألاعيب الدبلوماسية من قِبَل قبرص الرومية واليونان بشأن موارد الطاقة في محيط قبرص، وأكد أردوغان على مواصلة أنشطة المسح والتنقيب شرقي المتوسط حتى يتم التوصل إلى اتفاق عادل”. وفي تأييد لسياسة القيادة الجديدة لشمال قبرص، قال أردوغان: “يوجد اليوم شعبان ودولتان منفصلتان في جزيرة قبرص، ويجب التفاوض على حل الدولتين على أساس المساواة في السيادة”.[61]
زيارة أردوغان ومرافقيه إلى الجزيرة أثارت سخط “جنوب قبرص”، حيث وصف رئيسها “نيكوس أناستاسيادس” زيارة أردوغان بـ”الاستفزاز غير المسبوق”. وأضاف: “اختارت تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، والنظام غير الشرعي (قبرص التركية وفق زعمه) الذكرى السوداء لإعلان النظام غير الشرعي اليوم، لخلق أمر واقع جديد على الأرض”. كما انتقد الاتحاد الأوروبي زيارة أردوغان لمنطقة مرعش (فاروشا) في قبرص التركية، والتي أعيد فتحها بعد 46 عاما من الإغلاق.[62]
بدورها، انتقدت الخارجية التركية الموقف الأوروبي من زيارة أردوغان، مؤكدة أن آراء الاتحاد بشأن حل قضيتي منطقة “مرعش” المغلقة وجزيرة قبرص، تكشف مدى انفصال الاتحاد عن الواقع في الجزيرة، وأن نموذج الحل الفدرالي في الجزيرة تمت تجربته لأكثر من 50 عامًا، ولم يسفر عن نتائج لأن الجانب الرومي لا يرى الشعب القبرصي التركي كشريك متساو، ولا يريد تقاسم السلطة والازدهار.[63]
وباستقراء الواقع، يبدو أن حل إعادة توحيد الجزيرة هو اليوم أبعد من أي وقت مضى، خصوصًا في ظل أزمة شرق المتوسط القائمة حتى الآن بين تركيا واليونان. وبقي السؤال الآن: هل ستستطيع قبرص الشمالية انتزاع اعتراف دولي بها؟ يبدو أن الأمر ليس سهلًا على الإطلاق، ويخضع لعوامل عديدة، كثير منها يتعلق بالبلدان التي ستعترف بها، ومدى تحملها للضغط الدولي المتوقع. وربما يكون الأمر أصعب في ظل وصول جو بايدن – المعروف بميله لليونان- إلى البيت الأبيض.
لكن من المتوقع – إن بدأ قطار الاعتراف الدولي بقبرص الشمالية – أن تكون أذربيجان هي أول الداعمين له، خصوصًا إذا تم تنفيذ اتفاقها الأخير مع أرمينيا باسترجاع أراضيها المحتلة في إقليم “قره باغ”. وذلك لأن الأتراك ( في تركيا وشمال قبرص) والأذر ينتمون إلى ذات العرق التركي، وتربطهم علاقات واسعة على الصعيدين الشعبي والرسمي.
حازت انتخابات الرئاسة الأمريكية قدرًا كبيرًا من الاهتمام العالمي، وربما كانت هي الحدث الأبرز خلال الأسابيع الماضية، ويبدو أنها ستبقى كذلك حتى موعد تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب في يناير / كانون الثاني المقبل. وكغيرها من البلدان، ترقبت تركيا اسم الرئيس الأمريكي القادم لما لذلك من أهمية كبيرة على شكل العلاقات بين البلدين خلال السنوات القادمة.
اتجهت معظم تقديرات المراقبين إلى أن أنقرة تفضل استمرار الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، لفترة ثانية في البيت الأبيض. فرغم الأزمات العديدة التي حدثت خلال فترة رئاسته، كأزمة شراء تركيا منظومة “أس400” الروسية، وأزمة القس الأمريكي أندرو برونسون، وأزمة العملية العسكرية التركية في سوريا ضد التنظيمات الكردية المسلحة، وقضية “بنك خلق” التركي، إلا أن أردوغان وترامب وجدا على الدوام طرقًا مختلفة للتوصل إلى تفاهمات وصفقات سياسية.[64]
منعت هذه التفاهمات تدهور العلاقات بين البلدين بشكل أكبر، وحافظ الرئيسان على مستوى جيد من التفاهم والاتصال، ما مكنهما من الوصول إلى حلول وسط حول الكثير من القضايا الخلافية. كما نجح أردوغان في إقناع ترامب بتجميد معظم ملفات العقوبات التي كان يُفترض فرضها على تركيا من خلال الكونجرس والخارجية والبنتاغون.
في المقابل، فإن جو بايدن – الرئيس الأمريكي المنتخب- معروف بقربه من اللوبي اليوناني ودعم موقف اليونان وقبرص الرومية في القضية القبرصية. بالإضافة إلى مواقفه التي أعلن عنها خلال الحملة الانتخابية والتي حملت الكثير من اللهجة السلبية تجاه القيادة التركية وسياساتها، كانتقاده إعادة مبنى آيا صوفيا مسجدًا، وأنشطة تركيا في شرق المتوسط، والدعم التركي لأذربيجان في حربها لتحرير إقليم “قره باغ”، وربما كان تصريحه الأهم هو وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ”المستبد”، وتعهده بالعمل مع المعارضة للإطاحة به.[65]
لهذه الأسباب التي تتعلق بكلا المرشحين، يبدو أنه من المنطقي أن تفضل أنقرة “ترامب” على “بايدن”. لكن الأمور ليست كذلك في المطلق، فكما كتب النائب البرلماني عن العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، يالجين أكدوغان – الذي عمل سنوات عديدة مستشارًا للرئيس أردوغان، ونائبًا لرئيس الوزراء السابق- على حسابه في تويتر معلقًا على الانتخابات الأمريكية: “تشاؤم حذر: إذا فاز بايدن فلن يكون ذلك نهاية العالم. تفاؤل حذر: إذا فاز ترامب فلن يكون كل شيء مزهرًا ورديًّا”.[66] وهذا ما عبر عنه بعض المراقبين بقولهم إن التحديات المتوقعة بين واشنطن وأنقرة أعقد من اسم الرئيس.[67]
ذلك أن ترامب يتمتع بشخصية متأرجحة وبالتالي فإن قرارته غير متوقعة. فهو نفسه الذي هدد بـ”تدمير اقتصاد تركيا” إذا تخطت حدودًا معينة في الشمال السوري، وهو الذي فرض عقوبات عليها بسبب القس برونسون، وهو الذي أرسل رسالة لأردوغان افتقدت لأبسط معايير اللباقة والدبلوماسية. هذا بالإضافة إلى أن الفترة الأخيرة شهدت مؤشرات على تراجع العلاقات التركية- الأمريكية، وعلى انحياز أمريكي نسبي وتدريجي إلى جانب اليونان في خلافها مع أنقرة، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى اليونان دون تركيا، هذا فضلًا عن تصريحات عُدَّتْ دعمًا لأرمينيا ضد أذربيجان التي تدعمها أنقرة.[68]
في المقابل، من غير الأكيد أن ترسم تصريحات بايدن التي أطلقها خلال حملته الانتخابية كامل استراتيجيته في التعامل مع تركيا، فليس كل ما يقوله المرشحون في أي انتخابات ينفذونه بعد فوزهم، فالمصالح وتقديرات مؤسسات الدولة غالبًا ما تفرض نفسها عند رسم السياسات. كذلك فإن رغبة بايدن المتوقعة في تقوية حلف الناتو – على عكس مابدا من ترامب- قد تدفعه إلى توثيق تعاونه مع تركيا.
وتعتبر المسألة السورية، وصفقة صواريخ إس 400 الروسية، ومسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتسليم المتهم الأول في المحاولة الانقلابية في عام 2016 فتح الله جولن، هي أهم المشكلات المتوقع فتحها بين البلدين. ففي سوريا، من المتوقع أن تقف واشنطن ضد أي عملية عسكرية تركية جديدة ضد التنظيمات الكردية المسلحة، بينما قد تمثل “إدلب” عاملًا مشتركًا بين البلدين هناك، فواشنطن لن تقبل بعملية عسكرية واسعة ضد إدلب، تتمكن بها روسيا من كامل التراب السوري وتتسبب في أزمة إنسانية واسعة.
ولأن طبيعة القادة الديمقراطيين في أمريكا تميل دائمًا إلى الاهتمام بملفات حقوق الإنسان والحريات، فمن المتوقع أن يفتح “بايدن” ملف المعتقلين الأتراك، خصوصًا معتقلي تنظيم “بي كا كا” وجماعة “الخدمة” المتهمة بتنفيذ محاولة انقلاب 2016 الفاشلة. إلا أن تركيا لن تخضع –غالبًا- في هذا الملف بشكل كبير نظرًا لحساسيته، واعتباره ملفًا يمس الأمن القومي التركي بالأساس من قِبَل القيادة التركية.
وفيما يخص تسليم جولن، فـبالطبع فإن المطالبات التركية للجانب الأمريكي بتسليمه لم تتوقف، فهو المطلوب رقم 1 بالنسبة للأمن التركي. لكن يبدو أن أنقرة لا تنتظر انفراجة في هذا الملف مع بايدن، خصوصًا وأن ذلك لم يحدث في فترة ترامب، الأقرب لها. لكن في الوقت ذاته، من المؤكد أن تركيا لن تتسامح مع أي محاولة لإحياء حركة “الخدمة” في الداخل التركي مرة أخرى، أو دعمها بأي شكل من الأشكال، حتى لو تسبب ذلك في مشكلة سياسية مع واشنطن.
كما يُتوقع أن يكون ملف منظومة الدفاع الروسية S-400 هو نقطة الخلاف الرئيسية بين الجانبين، حيث يتوقع فرض عقوبات على تركيا على خلفية شرائها منظومة الدفاع الروسية واختبارها مؤخرًا، وذلك وفق قانون تفويض الدفاع الوطني السنوي لعام 2021 الذي غالبًا ما سيمرره الكونجرس الأمريكي في ديسمبر/كانون الأول المقبل. وفيما يبدو فإن بايدن – على النقيض من ترامب- سيوقع على فرض العقوبات، إلا في حالة وجود صفقة شاملة بين واشنطن وأنقرة تصفي معظم الملفات العالقة، وتفتح صفحة جديدة بين البلدين.[69]
تصاعدت الأحداث بشكل متسارع على الساحة الأذرية-الأرمينية خلال الأسابيع الماضية، فلم تصمد أي من الهدنات الأمريكية[70] أو الروسية[71]، واستمر القتال واستمر معه التقدم العسكري الأذري، حتى أعلن طرفا النزاع عن اتفاق برعاية روسية يقضي بوقف إطلاق النار، والبدء بعملية استعادة أذربيجان لأراضيها المحتلة. وربما كان عدم صمود أي هدنة متوقعًا، حيث كانوا في الأصل هدنات إنسانية، ما يعني أن الهدف وراءهم كان التقاط الأنفاس لتبادل جثامين القتلى وما شابه ذلك. لكن وقفًا نهائيًا للقتال كان مُستبعدًا أن ينتج عن أيٍ منهم.
وكان من الواضح أن هناك عزمًا أذريًا – بدعم تركي واسع – على استرجاع الأراضي المحتلة في إقليم “قره باغ” سواء عن طريق العمليات العسكرية بشكل كامل، أو بالتقدم في جبهات القتال إلى حين إجبار “يريفان” على قبول وقف إطلاق النار بشروط “باكو”، وهذا ما تمكنت الأخيرة من تحقيقه. وفيما يبدو فإن التصميم الأذري على استعادة السيطرة على “قره باغ” كان اقتناصًا لفرصة قد لا تكرر، فالظروف كانت مواتية بشكل كبير لشن مثل هذه العملية العسكرية، حيث كانت الولايات المتحدة منشغلة في الانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي توجد فيه خلافات بين روسيا – حليف أرمينيا – والقيادة الأرمينية الجديدة القريبة نوعًا ما للغرب.
يضاف للسببين الماضيين سبب آخر لا يقل أهمية، وهو الدعم التركي الواسع سواء على مستوى الشعب أو القيادة، وربما صادف هذا رغبة متنامية لدى القيادة التركية بتوسيع نطاق نفوذها ولعب دور سياسي أكبر على المستوى الإقليمي والعالمي. لذلك كانت التصريحات التركية واضحة بأن دعمها لأذربيجان مفتوح، وقد يصل إلى إرسال قوات تركية في حال طلبت “باكو” ذلك.[72]
استمر التقدم العسكري الأذري طيلة الأسابيع الماضية، حتى حررت أذربيجان كامل الشريط الحدودي مع إيران،[73] كما استعادت مدينة شوشة الاستراتيجية، التي تعد العاصمة الثقافية لها.[74] في هذه الأثناء، صرح رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان أن “أرمينيا مستعدة لتنازلات متبادلة مؤلمة”.[75] لكن التصميم الأذري على انسحاب أرمينيا من كل الأراضي المحتلة كان واضحًا ومتطابقًا مع الرؤية التركية لحل الأزمة. وهذا ما ظهر في تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن ” كفاح أذربيجان لتحرير أراضيها المحتلة، لن يتوقف حتى دحر الاحتلال الأرميني عن كامل إقليم قره باغ”.[76]
وفي مساء التاسع من نوفمبر / تشرين الثاني الجاري، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توصل أذربيجان وأرمينيا لاتفاق ينص على وقف إطلاق النار في قره باغ، مع بقاء قوات البلدين متمركزة في مناطق سيطرتها الحالية. ووفقًا للاتفاق الذي وقع عليه الجانبان، فإن أرمينيا ستسلم 3 محافظات محتلة لأذربيجان خلال فترة زمنية محددة، وهي “كلبجار” حتى 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، و”أغدام” حتى 20 من الشهر نفسه، و”لاتشين” حتى 1 ديسمبر/كانون الأول المقبل. قبل أن توافق أذربيجان مؤخرًا على تمديد الموعد النهائي لانسحاب الجانب الأرميني 10 أيام أخرى.[77]
كما ينص الاتفاق أيضًا على نشر قوات حفظ سلام روسية في قره باغ لمدة 5 سنوات، ستتجدد تلقائيًا في حال عدم اعتراض أي من الأطراف قبل 6 أشهر من موعد انتهاء مهمتها، وعلى تشكيل مركز قيادة لقوات حفظ السلام بإشراف عسكريين أتراك وروس، بهدف تعزيز مراقبة الأطراف لوقف إطلاق النار. ويقضي الاتفاق كذلك بعودة النازحين إلى ديارهم، والإفراج عن الأسرى، وتسليم جثامين القتلى.[78]
من جانب أرمينيا، لم يكن أمامها سوى توقيع الاتفاق، حيث أعلن “باشينيان” أن قيادة الجيش أوعزت إليه بوجوب توقّف معارك قره باغ، وإلا فإن النتائج كانت ستصبح كارثية، مبينًا أنه “إلى جانب قلة الموارد العسكرية، فإن أعداد المحاربين على الجبهة تراجعت، مع عدم وجود جنود احتياط للاستبدال، وأنه في حال استمر القتال لوقع 20 ألف جندي أرميني في الأسر”.[79]
أما من جانب روسيا، فـفيما يبدو أن قيادة الكرملين حققت ما تريده من هذه الحرب حتى الآن. حيث يرى بعض المراقبين أن إقليم قره باغ، لم يكن أولوية بالنسبة لبوتين، وأنه ترك الحرب تستمر ومكنه ذلك من قلب الأوضاع في أرمينيا، في خطوة للتخلص من “باشينيان” المعروف بميولاته للغرب. ويذكر أن الأخير تم انتخابه بعد انتفاضة شعبية جعلته يشعر بالاستقلالية تجاه روسيا، وهو ما لم يكن الكرملين ينظر إليه بعين الرضا.[80]
كذلك فإن روسيا لا ترغب في تجاهل الحرب بالكلية، أو في خروج مجريات الأمور من بين يديها في منطقة تُعَد عمقها الاستراتيجي. لذلك تدخلت لتكون هي الضامن في الاتفاق بين طرفي النزاع، في تأكيد على أنها لن تسمح لقوىً أخرى أن تتبوأ مكانة تفوقها في القوقاز. كما مكنّها الاتفاق من نشر 2000 جندي بشكل فوري في نطاق التماس بين القوات الأذرية ونظيرتها الأرمينية. وربما استغلت موسكو الخطأ الأذري في إسقاط طائرة روسية في فرض رؤيتها للحل على باكو، المتفوقة ميدانيًا.[81]
وفيما يخص تركيا، فإن الحرب الأخيرة أكدت على قوتها كحليف موثوق لأذربيجان، حيث تمكنت الأخيرة – بموجب الاتفاق- من استعادة أراضيها بعد حوالي 30 عامًا من الاحتلال. ومن المتوقع زيادة التنسيق الأذري-التركي خلال الفترة المقبلة على كل المستويات، السياسية والاقتصادية والعسكرية، خصوصًا وأن الواقع الجديد يُمَكن أنقرة من فتح طريق استراتيجي يصلها مباشرة بأذربيجان، وبالتحديد إقليم ناخيتشيفان، الإقليم الأذري المتمتع بالحكم الذاتي.
وقبل الاتفاق، كان الوصول إلى الإقليم يتطلب المرور إما عبر أذربيجان الغربية (مقاطعة إيرانية) أو من خلال أرمينيا. لكن بعد استعادته، سيتيح إقليم ناخيتشيفان لأذربيجان الاتصال الجغرافي مع تركيا من خلال شريط حدودي فاصل بطول 23 كيلومترًا، وبنافذة عرضها 8 كيلومترات.[82] وهذا ما أكده وزير النقل التركي، عادل قره أسماعيل أوغلو، الذي قال إن بلاده تعتزم بناء خط سكة حديد إلى مدينة “ناخيتشيفان” الأذربيجانية، وإن الدراسات الأولية الخاصة بهذا الخط ستنتهي قريبًا.[83]
وفيما يخص التواجد العسكري التركي، ففي البداية كانت هناك حالة من الغموض حول الدور التركي المتوقع في قوات حفظ السلام التي تم الاتفاق على نشرها في قره باغ. فالمسؤولون الأتراك صرحوا في غير مرة أن الجيش التركي سيكون موجودًا في الاتفاق سياسيًا وميدانيًا، وهذا ما أكده الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف من أن البند الخامس في الاتفاق ينص على مشاركة تركيا في قوات حفظ السلام إلى جانب روسيا وأنها ستكون عنصرًا أساسيًا فاعلًا في تطبيق الاتفاق.[84]
في المقابل، نفى المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، التصريحات التركية بشأن مشاركة أنقرة في قوات حفظ السلام في قره باغ، مشيرًا إلى أنه لم يتم بحث هذه المسألة. وقال للصحافيين: “هذه المعلومات ليست دقيقة، وليست صحيحة، وقد يكون هناك سوء فهم”. وأضاف أن موسكو أكدت أكثر من مرة أن مشاركة قوات تركية في عمليات السلام في قره باغ، “ليس فقط موضوعا للنقاش بين موسكو وأنقرة، بل يجب أن يتم الاتفاق عليه من قبل أرمينيا وأذربيجان”.[85]
بدورها نقلت وكالة رويترز عمن وصفته بـ”مصدر أمني تركي كبير” قوله إن العسكريين الأتراك سيعملون من داخل مركز المراقبة فقط، بينما ستكون قوات حفظ السلام الروسية على الأرض.[86] وربما هذا أقرب للحقيقة، حيث جاء في المذكرة التي أرسلتها الرئاسة التركية مؤخرًا إلى البرلمان للموافقة على إرسال جنود إلى أذربيجان، أن عناصر القوات المسلحة التركية ستؤدي مهامها في المركز المشترك، وأن أفرادًا مدنيين سيشاركون في المهمة “حسب ما تقتضي الحاجة”.[87]
ربما كان أبرز حدثين على الساحة التركية الداخلية خلال الأسابيع الماضية هما الزلزال الذي ضرب مدينة إزمير وما تبعه من عمليات بحث وإنقاذ، بالإضافة إلى إقالة محافظ البنك المركزي وما تلاها من استقالة لوزير المالية التركي بيرات البيرق.
فيما يخص الزلزال، فقد وقع على بعد 17 كيلومترًا من سواحل مدينة سفريحصار التابعة لولاية إزمير، وعلى عمق 16.54 كيلو متر تحت سطح الأرض، وبلغت قوته 6.6 درجات على مقياس ريختر.[88] وطبقًا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، فقد وصل عدد القتلى إلى 116 شخصًا.[89]
أبدت السلطات التركية اهتمامًا واسعًا بالحدث، فقد زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائبه فؤاد أقطاي وكبار رجال الدولة موقع الزلازل.[90] ووعد أردوغان ببناء منازل جديدة للمتضررين من الزلزال، تُسَلَّم لهم قبل نهاية العام المقبل.[91] كما كشف وزير البيئة والتخطيط العمراني مراد قوروم، عن مساعدات مادية سيتم تقديمها لضحايا الزلزال العنيف.[92]
لم تَخلُ الأيام التي تلت الزلزال من مشاهد مؤثرة أبكت – ربما – الملايين، كمشهد إنقاذ الطفلة ” أليف” ذات الثلاثة أعوام، وذلك بعد مرور 65 ساعة على وقوع الزلزال،[93] وكذلك إنقاذ الطفلة ” آيدا” البالغة من العمر أربعة سنوات بعد مضي 91 ساعة على الزلزال، والتي لقبها الرئيس أردوغان بـ”المعجزة”.[94]
وفتح زلزال إزمير المدمر الباب واسعًا مجددًا أمام النقاشات حول مخاطر الزلازل الدائمة على تركيا وإجراءات الحكومة والبلديات والمواطنين لتقليل الخسائر في حال حصول هزات جديدة كبيرة، لا سيما في ظل استمرار التحذيرات من أن زلزالًا مدمرًا ينتظر إسطنبول، كبرى محافظات البلاد من حيث عدد السكان. وتصدر النقاش مقولة أن “الزلزال لا يقتل وإنما المباني هي التي تقتل”، حيث تؤكد الكثير من البيانات والإحصائيات والمعلومات التي تتكشف تدريجيًا أن كافة المباني التي سقطت كانت متهالكة، أو أنها بنيت بشكل هندسي خاطئ، أو أنها بنيت باستخدام حديد مسلح وباطون مغشوش، أو بكميات أقل من المطلوب هندسيًا.[95]
وفي عشرات المقالات واللقاءات التلفزيونية أكد مختصون وخبراء زلازل ومهندسون أن الزلزال ورغم قوته التي بلغت 6.6 درجات يجب ألا يتسبب في انهيار مبان كبيرة كالتي سقطت في إزمير لو أنها كانت مبنية بالمواصفات الهندسية السليمة، وبدون أي عمليات غش في الخرسان أو الباطون أو الأساسات. ولذلك، أمرت النيابة العامة في إزمير، بتوقيف 11 متعهدًا وفنيًا مسؤولين عن تشييد مبان سكنية في إزمير، وانهارت جراء الزلزال.[96]
وحسب تصريح مهندس مدني تركي للجزيرة نت، فإن التقديرات الحكومية تشير إلى وقوع نحو 20 مليون مبنى في دائرة خطر الزلازل، من بينها 6.7 ملايين منزل تحتاج إلى تجديد تضم 1.5 مليون منزل تتطلب الاستبدال عاجلًا، وهو عدد المنازل ذاته الذي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عزم الدولة تجديده بعد زلزال إزمير، ووعد بإنهائه خلال 5 سنوات.[97]
استقالة البيرق.. في خطوة مفاجئة، جمّد بيرات البيرق وزير الخزانة والمالية التركي، وصهر الرئيس رجب طيب أردوغان حسابه الرسمي الموثق على “تويتر”، وأعلن استقالته من منصبه “لأسباب صحية”، في بيان نشره في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “انستجرام”، ممتنعًا عن الإدلاء بأي تصريحات رسمية هو أو المقربين منه.[98]
ورغم تعليل البيرق استقالته بأنها جاءت لظروف صحية، فإن الأجواء المحيطة بالاستقالة تشي بسبب آخر. حيث بدا من طريقة الاستقالة وتوقيتها أنها لم يكن مرتبا لها مسبقًا، ولم تكن بتنسيق مسبق وترتيب مع أردوغان. فقد مر يوم دون أن يعلق أي من المسؤولين على الاستقالة، ما يشير إلى أنه قرار فردي من الوزير. كذلك أتت استقالة البيرق بعد يوم من تغيير رئيس البنك المركزي وتعيين وزير المالية السابق ناجي أغبال في هذا المنصب، وسط أنباء عن أن العلاقة بين أغبال والبيرق ليست كما يرام. وأن البيرق علم بقرار تعيين أغبال من خلال وسائل الإعلام وهو ما أثار غضب الوزير من القرار.[99]
وبعد ما يزيد عن يوم أصدرت الرئاسة التركية بيانًا مقتضبًا ذكرت فيه أن الرئيس قد قَبِل الاستقالة، وبعدها عيَّن أردوغان نائب رئيس الوزراء السابق لطفي علوان في منصب وزير الخزانة والمالية.[100] والحقيقة أن “البيرق” كان أكثر الوزراء الذين يطالهم انتقاد شديد اللهجة من المعارضة منذ فترة ليست بالقصيرة، ربما لنفوذه في دوائر الحزب الحاكم ولكونه صهر الرئيس أردوغان. وبكل تأكيد، فقد ساهمت أزمة الليرة الأخيرة في إذكاء الهجوم الإعلامي عليه، وشكلت أرضية صلبة لكل منتقديه.
وفيما يبدو فإن أزمة الليرة الأخيرة وما تبعها من أحداث، نبهت الرئيس التركي إلى ضرورة إجراء إصلاحات في السياسات الداخلية، فقد أكد الرئيس التركي مرارًا في الآونة الأخيرة أن إدارته أطلقت حملة إصلاحات جديدة على صعيد الاقتصاد والقانون والديمقراطية. وشدد أردوغان على أن الاقتصاد التركي يتجه نحو تعاف سريع، وأن سياسة بلاده الجديدة تهدف لتحفيز المستثمرين ونهضة الاقتصاد، وتقوم على 3 ركائز وهي: استقرار الأسعار والاستقرار المالي واستقرار الاقتصاد الكلي”.[101]
ورغم أن تغيير رئيس البنك المركزي في أي دولة عادة ما يصاحبه تقلبات اقتصادية سلبية، إلا أن ما حدث في الحالة التركية هذه المرة هو العكس، فرغم تغيير رئيس البنك المركزي ووزير المالية في أقل من يومين، انتعش سعر صرف الليرة مقابل الدولار بنسبة 6 بالمئة، محققة أكبر صعود لها في أكثر من عامين. ويقول مراقبون أن هناك توقعات إيجابية بأن يشهد السوق التركي انتعاشًا كبيرًا، خصوصًا في مرحلة ما بعد كورونا.[102]
المصادر
[1] العربي الجديد، تصعيد إدلب: 8 أشهر من ترنح التفاهمات التركية الروسية، 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[2] الجزيرة، شمال سوريا.. غارة روسية دموية تخرق الهدنة وفصائل معارضة ترد بالصواريخ، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[3] ديلي صباح، أردوغان: هناك مؤشرات على عدم دعم روسيا للاستقرار بسوريا، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[4] العربي الجديد، مؤشرات متضاربة في إدلب: تصعيد عسكري أو ترسيخ التفاهمات؟، 30 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[5] المصدر نفسه
[6] العربي الجديد، سحب النقاط المحاصرة في إدلب: انعكاس للتفاهمات التركية الروسية، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[7] الخليج الجديد، بدعم كويتي.. تركيا تفتتح مدرسة ابتدائية شمالي سوريا، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[8] RT، منظمات تركية تفتتح مركز “محمد مرسي” للأيتام بإدلب السورية، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[9] ترك برس، تركيا تزود المناطق السورية المحررة من الإرهاب بمياه الشرب، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[10] العربي الجديد، “العربي الجديد” ينشر نص اتفاق وقف إطلاق النار الدائم بين الليبيين، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[11] يني شفق، أردوغان: اتفاق وقف إطلاق النار بليبيا ضعيف المصداقية، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[12] TRT، عن تشكك تركيا في وقف إطلاق النار بليبيا، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[13] ترك برس، “الأعلى” الليبي يتمسك بـ”الاتفاقات الشرعية” مع تركيا، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[14] الأناضول، وزير الدفاع الليبي يتمسك باتفاقية التعاون العسكري مع تركيا، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[15] الشرق، وزير الدفاع التركي ونظيره الليبي يبحثان تطورات الأوضاع في ليبيا، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[16] RT، وزير الدفاع التركي يبحث مع رئيس الأركان الليبي آخر التطورات، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[17] الأناضول، نائب وزير الخارجية التركي يلتقي ممثلي قبائل ليبية، 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[18] عربي 21، أنباء عن نية أردوغان زيارة طرابلس.. بهذا نصح السراج، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[19] الخليج الجديد، لتأمين زيارة مرتقبة لأردوغان.. قوات تركية خاصة تصل إلى طرابلس، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[20] القدس العربي، مصادر خاصة لـ”القدس العربي”: أنقرة والقاهرة تباشران بخطوات “بناء ثقة” لتحقيق تقدم في المباحثات الثنائية، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
الخليج الجديد، حصري.. تعليمات عليا للإعلام المصري بتخفيف حدة الهجوم على تركيا، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[21] TRT، مصر وتركيا نموذج للتعاون الاقتصادي رغم الخلافات، 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[22] الخليج الجديد، جاويش أوغلو يدعو لتحسين العلاقات مع مصر والسعودية وإسرائيل، 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[23] رصد، الخارجية: التدخل التركي في سوريا يجب أن يتوقف، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[24] العربي الجديد، “انتصارات تركيا” وراء تعجيل السيسي بزيارة اليونان، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[25] اليوم السابع، رئيسة اليونان تقلد السيسى أعلى وأقدم وسام.. والرئيس يمنحها قلادة النيل العظمى، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[26] العربي الجديد، المياه الاقتصادية الفلسطينية… صراع جديد بين مصر وتركيا، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[27] المصدر نفسه
[28] العربي الجديد، اتفاق بين بغداد وأربيل على تطبيع الأوضاع في سنجار، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[29] العربي الجديد، شهر على توقيع اتفاقية تطبيع الأوضاع بمدينة سنجار العراقية: مليشيات تعرقل التنفيذ، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[30] العربي الجديد، أربيل تعلن توقف تصدير النفط عبر تركيا بعد هجوم لمسلحي “الكردستاني”، 30 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[31] الأناضول، تركيا.. تحييد إثنين من إرهابيي “بي كا كا” شمال العراق، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[32] يني شفق، قائد بالبيشمركة: “بي كا كا” تلقت هزيمة كبيرة من الجيش التركي، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
https://www.yenisafak.com/ar/news/3485749
[33] يني شفق، السفارة التركية ببغداد تحذر العراقيين من إرسال أبنائهم إلى مدارس “غولن”، 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[34] الخليج الجديد، أردوغان يدعو لفتح قنوات المصالحة على مصراعيها مع دول المنطقة، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[35] الخليج الجديد، جاويش أوغلو يدعو لتحسين العلاقات مع مصر والسعودية وإسرائيل، 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[36] الأناضول، أردوغان وملك البحرين يناقشان تسريع وتيرة العلاقات الثنائية، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[37] الجزيرة مباشر، مساعدات سعودية لمتضرري زلزال تركيا، 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[38] تركيا الآن، دحلان: الانعطاف في موقف أنقرة تجاه مصر والسعودية مؤشر واعد، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[39] الراية القطرية، أبوظبي لا تسعى للمواجهة مع تركيا وإيران، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[40] تركيا الآن، هل تتحسن العلاقات التركية السعودية؟، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[41] TRT، إسرائيل تسعى لتشكيل تحالف إقليمي مع اليونان وجنوب قبرص ليبيا”.، 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[42] الخليج الجديد، إسرائيل تهاجم تركيا وتجدد دعمها الكامل لليونان، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[43] عربي 21، مستشرقون إسرائيليون يرصدون مآلات توتر العلاقة مع تركيا، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[44] الخليج الجديد، جاويش أوغلو يدعو لتحسين العلاقات مع مصر والسعودية وإسرائيل، 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[45] الأناضول، تركيا: سياسة الضم والاستيطان الإسرائيلية “محكومة بالفشل”، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[46] RT، تركيا تستنكر قرار إسرائيل مواصلة الاستيطان بالقدس الشرقية، 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[47] وكالة أنباء تركيا، بمشاركة أردوغان.. “ملتقى علماء تركيا لأجل القدس” ينطلق غدا السبت، 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[48] فلسطين أونلاين، مشعل يشيد بدور تركيا في دعم القضية الفلسطينية، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[49] ترك برس، غزة… جمعية تركية تُزود مستشفى بنظام “الطاقة الشمسية”، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[50] وكالة أنباء تركيا، “تيكا” التركية تدعم المؤسسات الفلسطينية في القدس المحتلة، 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[51] CNN، أردوغان ردا على تصريحات ماكرون حول الإسلام: “وقاحة وقلة أدب”، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[52] الأناضول، أردوغان: ماكرون بحاجة لاختبار عقلي، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[53] BBC، فرنسا تستدعي سفيرها بعد تصريحات أردوغان بأن على ماكرون “فحص صحته العقلية”، 24 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[54] القدس العربي، أردوغان يكرر دعوته لماكرون لفحص صحته العقلية، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[55] رصد، أردوغان يهاجم ماكرون من جديد ويدعو شعبه لمقاطعة المنتجات الفرنسية، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[56] الخليج الجديد، متحرشا بامرأة محجبة.. أردوغان شخصية رسوم العدد الجديد لشارلي إيبدو، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[57] يني شفق، أنقرة تستدعي القائم بأعمال السفارة الفرنسية، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[58] الجزيرة، فرنسا.. ماكرون يتعهد بتشديد الحملة على الجمعيات الإسلامية وأردوغان يهاجم “المنزعجين من الإسلام”، 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[59] عربي 21، NYT: أردوغان يتزعم حملة الرد على ماكرون في العالم الإسلامي، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[60] الخليج الجديد، قبرص والحل المستحيل، 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[61] RT، أردوغان: صبرنا نفد ويجب التفاوض على حل الدولتين في قبرص، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[62] الخليج الجديد، رئيس قبرص الرومية يهاجم زيارة أردوغان للشطر التركي، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[63] عربي 21، أوروبا تنتقد زيارة أردوغان لمنطقة مرعش بقبرص.. أنقرة ترد، 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[64] القدس العربي، تركيا تترقب نتائج الانتخابات: هل يرجح اردوغان ترامب «المتقلب» أم بايدن «المعادي»؟، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[65][65] TRT، العلاقات التركية-الأمريكية مع مجيء بايدن إلى أين؟، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[66] تركيا الآن، لو تم انتخاب بايدن .. هل سيفتح صفحة جديدة مع أردوغان؟، 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[67] عربي 21، تركيا والرئاسيات الأمريكية: تحديات أعقد من اسم الرئيس، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[68] المصدر نفسه
[69] TRT، كيف سيبدو مسار العلاقات التركية الأمريكية في عهد بايدن؟، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[70] اليوم السابع، أمريكا تعلن التوصل لهدنة إنسانية بين أرمينيا وأذربيجان اعتبارا من الغد، 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[71] العربية، هدنة أخرى تترنح.. وتبادل الاتهامات بين أرمينيا وأذربيجان، 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[72] الخليج الجديد، تركيا: لن نتردد في إرسال قوات إلى قرة باغ حال طلبت أذربيجان، 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[73] الجزيرة، معارك عنيفة بقره باغ وأذربيجان تعلن سيطرتها الكاملة على الحدود مع إيران، 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[74] فرانس 24، أذربيجان تعلن السيطرة على مدينة شوشة الاستراتيجية ويريفان تنفي، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[75] الجزيرة، حراك دولي لحل أزمة قره باغ.. أرمينيا تعلن استعدادها لتنازلات متبادلة “مؤلمة”، 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[76] الأناضول، أردوغان: لن يتوقف الكفاح حتى تحرير “قره باغ” بالكامل، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[77] النهار، عشرة أيام إضافيّة أمام يريفان للانسحاب من كالبجار، 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[78] TRT، أهم تفاصيل اتفاق وقف الحرب وانتصار أذربيجان في قره باغ، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[79] المنار، رئيس الوزراء الأرمني: لو لم أوقع الاتفاق لأسر 20 ألف جندي أرمني، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[80] DW، بوتين أم أردوغان ـ من انتصر على من في كاراباخ؟، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[81] CNN، أذربيجان تعتذر عن إسقاط مروحية عسكرية روسية بـ”الخطأ” فوق أرمينيا، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[82] TRT، انتصار قره باغ يفتح طريقاً استراتيجياً بين تركيا وأذربيجان.. ما أهميته؟، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[83] RT، تركيا تخطط لربط مدينة ناخيتشيفان الأذربيجانية بسكة حديد، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[84] القدس العربي، ترجيحات بأن أنقرة ستشارك بـ”مركز مراقبة” .. هل سيرسل الجيش التركي قوات ميدانية إلى قره باغ؟، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[85] RT، موسكو تؤكد أن قوات حفظ السلام في قره باغ ستكون روسية فقط، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[86] القدس العربي، ترجيحات بأن أنقرة ستشارك بـ”مركز مراقبة”، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[87] الأناضول، الرئاسة التركية تقدم للبرلمان مذكرة لإرسال جنود إلى أذربيجان، 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[88] BBC، زلزال بقوة 6.6 درجات على مقياس ريختر يهز غربي تركيا، 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[89] يني شفق، تركيا.. ارتفاع عدد قتلى زلزال إزمير إلى 116، 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[90] RT، أردوغان يتفقد منطقة الزلزال في إزمير، 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[91] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يعد سكان إزمير بمنازل جديدة قبل نهاية العام المقبل، 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[92] العربي الجديد، ارتفاع قتلى زلزال إزمير إلى 73 ومساعدات مالية لذوي الضحايا، 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[93] يني شفق، تركيا: إنقاذ طفلة بعد 65 ساعة على زلزال إزمير، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[94] الأناضول، أردوغان لـ”آيدا”: حمدا لله على سلامتك يا صغيرتي، 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[95] القدس العربي، تركيا تلملم جراحها ونقاش عميق تحت عنوان “الزلزال لا يقتل.. المباني هي التي تقتل”، 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[96] يني شفق، زلزال إزمير.. توقيف 9 أشخاص ضمن تحقيق قضائي بانهيار مبان سكنية، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[97] الجزيرة، تركيا.. النشاط الزلزالي عامل حاسم في السياسات الإنشائية الحكومية، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[98] القدس العربي، الاستقالة الغامضة لوزير المالية التركي.. الكواليس والسياق والسيناريوهات المتوقعة، 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[99] المصدر نفسه
[100] الأناضول، تركيا.. الرئاسة توافق على إعفاء وزير الخزانة والمالية من منصبه، 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[101] عربي 21، أردوغان يعلن عهدا جديدا للاقتصاد التركي قائما على 3 ركائز، 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[102] العربي الجديد، إليك أبرز المؤشرات المطمئنة التي تعزّز الثقة بالاقتصاد التركي، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020