أحوال تركية - سبتمبر/ أكتوبر 2020
1 file(s) 7.00 MB
أحوال تركية - سبتمبر/ أكتوبر 2020
(تقرير شهري يصدر منتصف كل شهر ميلادي)
الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
خلاف تركي-روسي جديد
تهديدات تركية بشن عملية عسكرية
سحب نقاط عسكرية تركية
تصريح هام لأحمد داوود أوغلو
المحور الثاني: ليبيا
استقالة السراج
التعامل التركي حيالها
نمو التعاون الاقتصادي
التعاون العسكري
المحور الثالث: مصر
التقارب التركي- المصري
اتفاق مبدئي بين الطرفين
مناشدة محمد علي لأردوغان
المحور الرابع: العراق
تمديد إرسال القوات للعراق
اتفاق سنجار
زيارة وزير الخارجية اليوناني
المحور الخامس: الخليج
المقاطعة السعودية
القبض على جاسوس للإمارات
تنامي التعاون مع قطر
المحور السادس: فلسطين
اتفاق فتح وحماس باسطنبول
المحور السابع: أوروبا
نزاع شرق المتوسط
انتخابات الرئاسة في قبرص التركية
تصاعد الخلاف مع فرنسا
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
الخلاف في المتوسط
نقل قاعدة إنجرليك
نشر منظومة S400
المحور التاسع: أذربيجان
المحور العاشر: الداخل التركي
الحديث عن انتخابات مبكرة
إعادة حكم الإعدام
جدل حول انقلاب عسكري
اكتشاف جديد للغاز الطبيعي
المقدمة
شهدت الساحة التركية خلال الأسابيع الأخيرة أحداثًا كثيرة على جبهات عدة. فعلى الساحة السورية، تجددت الخلافات بين تركيا وروسيا، ولوحظ صدى هذا الخلاف في الوضع الميداني في إدلب، وكذلك في تصريحات القادة الأتراك، التي وصلت إلى حد التهديد بعملية عسكرية جديدة. وعلى الساحة الليبية تحاول تركيا احتواء آثار إعلان فايز السراج عزمه الاستقالة، في الوقت الذي تستمر فيه بتقديم الدعم لحكومة الوفاق.
وفيما يخص مصر، فقد أفصحت مصادر عن اتفاق مبدئي بين تركيا ومصر كبادرة حسن نية لحل المشكلات العالقة بين الطرفين. وعلى الساحة الخليجية، أطلقت السعودية حملة –غير رسمية- لمقاطعة البضائع التركية، في تصعيد جديد من الرياض تجاه أنقرة، كما ألقى الأمن التركي القبض على جاسوس جديد يعمل لصالح الإمارات. بالنسبة لفلسطين، فقد اتفقت حركتا فتح وحماس في اسطنبول على حلحلة الملفات العالقة بين الحركتين، في تقدم إيجابي على الساحة الفلسطينية يأتي برعاية تركية.
وعلى الساحة الأوروبية، قلت احتمالات الحرب بين تركيا واليونان، لكن أصل الخلاف ما يزال قائمًا، وما زالت عرقلة الوساطات الدبلوماسية مستمرة. كذلك فاز المرشح الأقرب لأنقرة في انتخابات رئاسة قبرص التركية، الأمر الذي يقوي موقف تركيا في الجزيرة وفي نزاع المتوسط. وبالنسبة للعلاقة مع الولايات المتحدة، فقد برز جدال حول نية واشنطن استبدال قاعدة انجرليك الموجودة على الأراضي التركية، بأخرى في جزيرة كريت اليونانية.
وبرز تحدٍ جديد لتركيا هذه المرة في القوقاز، حيث تدور الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم “قره باغ” المحتل. أما في الداخل، فقد طالبت أحزاب المعارضة بانتخابات مبكرة، الأمر الذي رفضه التحالف الحاكم، كما عاد الجدل حول انقلاب عسكري، بسبب تغريدة لأحد أعضاء المحكمة الدستورية.
المحور الأول: سوريا
برزت في الآونة الأخيرة إشارات تدل على زيادة حدة التوتر بين تركيا وروسيا فيما يتعلق بوضع إدلب، المدينة المحاذية للحدود التركية. ظهر ذلك الخلاف في تصريحات المسؤولين الأتراك ونظرائهم الروس على حد سواء، كما أظهرته أيضًا مجريات الأمور على أرض الواقع. حيث صرح مسؤولون في قوات المعارضة السورية أن روسيا نفذت أعنف قصف لها على محافظة إدلب منذ اتفاق وقف إطلاق النار.[1] وفي تصريح له قال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، أن الاجتماعات التي تعقدها بلاده مع روسيا “ليست مثمرة للغاية”.[2] في المقابل، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “إن أنقرة تماطل في التزاماتها المنصوص عليها في المذكرة الروسية التركية”.[3]
وبحسب وسائل إعلام روسية، فإن الخلاف تعمق بعد انتهاء لقاءات وفدين، روسي وتركي، في العاصمة التركية أنقرة. تركزت هذه المباحثات على خفض مستوى الوجود العسكري التركي في إدلب، إضافة إلى اقتراحات روسية بشأن تقليص عدد نقاط المراقبة للجيش التركي في المحافظة. وأضافت المصادر أنّ الجانبين عجزا عن التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن، إذ أصرّ المسؤولون الأتراك على الحفاظ على كامل وجودهم العسكري هناك.[4]
وبحسب مصادر أخرى، فإن تركيا كذلك طلبت من موسكو كشف مصير المناطق التي توغلت فيها قوات النظام السوري وروسيا أواخر العام 2019 وأوائل العام الجاري، وهي المناطق الداخلة ضمن تفاهمات اتفاق “سوتشي”، حيث ترغب أنقرة بجعلها تحت حماية تركية روسية مشتركة بعيدًا عن النظام، وهو ما تعارضه موسكو. لكن يبدو أن مسألة التنظيمات الكردية المسلحة ليست بعيدة عن نقاط الخلاف أيضًا، حيث يقول مراقبون أن هناك خوفًا تركيًا متناميًا من اللقاءات التي يجريها المسؤولون الروس مع “قوات سوريا الديمقراطية”، المصنفة لدى أنقرة كتنظيم إرهابي. ولذلك، فتحت تركيا ملف شرق الفرات والتفاهمات المشتركة بشأنه، وطالبت موسكو بإبعاد المنظمات الكردية عن حدودها.[5]
توج هذا التوتر المتنامي بين البلدين، تهديدات لمسئولين أتراك بشن عملية عسكرية جديدة شمالي سوريا. حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن “تركيا ستقوم بنفسها بتطهير أوكار الإرهاب في سوريا في حال لم تلتزم الأطراف الضامنة لتلك التنظيمات الإرهابية، بوعودها التي قطعتها لتركيا بهذا الخصوص”.[6] كذلك صرح متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن “أنقرة يمكن أن توسع عملياتها العسكرية ضد المنظمات الإرهابية بسوريا في أي لحظة، حال تعرضت مصالحها للاستهداف هناك”.
وأفصح “قالن” أن تركيا أبلغت مرارًا كلًا من روسيا والولايات المتحدة وإيران بذلك، وحذر أنه في حال استمرت الهجمات من قِبَل تنظيم “بي كا كا” في عفرين ومنبج ومحيطها ورأس العين وتل أبيض، فإن تركيا ستتدخل في أي لحظة لتطهير هذه المناطق.[7] وفيما يخص إدلب، أعلن “أردوغان” أن بلاده لن تقبل بأي خطوة من شأنها التسبب بمأساة إنسانية جديدة في إدلب، وأن وجود تركيا ميدانيًا سيتواصل حتى يتحقق الاستقرار على الحدود الجنوبية لتركيا”.[8]
التصريحات التركية تدل على أن استراتيجية أنقرة في حماية حدودها لم تتغير تحت الضغط الروسي الحالي. فحماية حدودها من التنظيمات الكردية المسلحة هدف لا يمكن بأية حال أن تتخلى القيادة التركية الحالية عنه، ويمكن ملاحظة ذلك بتتبع سياسة أنقرة الصارمة تجاه هذه التنظيمات سواء في الداخل التركي حاليًا، أو في الشمال العراقي كذلك. كما أن الكارثة الإنسانية التي سيتسبب بها أي اجتياح لإدلب – حال حدوثه- من قِبَل النظام السوري وحليفه الروسي، تدفع أنقرة إلى استمرار وجودها العسكري هناك بل وتعزيزه، لضمان بقاء الوضع على ما هو عليه.
وهذا ما زالت تفعله أنقرة، فمنذ أيام، أنشأ الجيش التركي نقطة مراقبة عسكرية جديدة في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، وبذلك يبلغ عدد النقاط والقواعد العسكرية التركية في منطقة خفض التصعيد الرابعة 69 قاعدة ونقطة عسكرية.[9] كذلك أدخل الجيش التركي رتلًا عسكريًا ضخمًا إلى نفس المنطقة، يضم آليات عسكرية متنوعة ودبابات ثقيلة، ومعدات لوجستية.[10]
لكن يبدو أن تركيا ستسحب عدد من نقاط المراقبة الأخرى، حيث تشير معلومات من مصادر في فصائل المعارضة السورية، وأخرى تركية سياسية، عن أن هناك نية لدى الجيش التركي للانسحاب بشكل تدريجي وهادئ من نقاط المراقبة الثلاث في مورك والصرمان وشير المغار. لكن الواضح أن ذلك – حال حدوثه- سيأتي في الإطار التكتيكي وليس الاستراتيجي، حيث عزت مصادر السبب إلى إبلاغ موسكو لأنقرة بأنها لن تتمكن بعد الآن من توفير الحماية لهذه النقاط، مع إدراك الأخيرة أنه لم يعد هناك أي تأثير وفعالية ميدانية لتلك النقاط، وأنها لن تكون ذات نفع لفصائل المعارضة المدعومة من قِبَلها، بل أنها ستشكل عبئًا إذا حوصرت حال حدوث أي تصعيد واسع.[11]
إلا أن مصادر تركية أخرى، ألمحت إلى وجود صفقة تركية روسية جديدة في المنطقة بشكل جزئي، كاشفة أن انسحاب القوات التركية من النقاط الثلاث، ستُقابَل بسيطرة فصائل المعارضة السورية بدعم تركي على بلدة تل رفعت والقرى التسع المحيطة بها، وتأجيل حسم موضوع بلدة منبج إلى وقت لاحق. وبالتالي فإن الاتفاق الجزئي الحالي الذي ألمحت له المصادر، يقضي بسحب تركيا نقاط المراقبة الثلاث، مقابل حصول المعارضة على تل رفعت وريفها. وأيًا يكن السبب، فإن ذلك لا يُعَد تغيرًا كبيرًا في السياسة التركية تجاه إدلب.[12]
تصريح داوود أوغلو.. وفي تصريح أخذ قدرًا من الاهتمام خصوصًا في أوساط المعترضين على السياسة التركية المتبعة في سوريا، وبالأخص ما يعتبرونه تأخرًا تركيا للتدخل عسكريًا في الأزمة السورية، كشف رئيس الوزراء التركي السابق، ورئيس حزب المستقبل، أحمد داوود أوغلو، أن قادة الانقلاب بجيش بلاده أفشلوا مخططا لتحرير الرقة وحلب من النظام السوري في عام 2014. وصرح “أوغلو” أنه ذهب إلى إيران عام 2011 وعرض عليهم الضغط على بشار الأسد لمنعه من استخدام الرصاص الحي، وعرض رصاصًا مطاطيًا، فطلبوا مقايضة سوريا بالبحرين. وأضاف: “اجتمعنا عام 2014 بقادة جيشنا لدعم الجيش الحر لتحرير حلب والرقة لكن الضباط عارضوا الخطه بشدة فتراجعنا، وتبين لاحقا أنهم قادة الانقلاب” الذي فشل بعد ساعات من وقوعه عام 2016. ويمكن لهذا التصريح الهام أن يفسر –ولو بشكل جزئي- سبب تأخر انخراط تركيا عسكريًا في الأزمة السورية.[13]
المحور الثاني: ليبيا
تشهد الساحة الليبية منذ منتصف الشهر الماضي جدلًا متزايدًا حول المستقبل السياسي الليبي، سواء في ظل الحوارات القائمة بين معسكري الشرق والغرب الليبي للوصول لحل سلمي للأزمة، أم بسبب إعلان رئيس المجلس الرئاسي في حكومة “الوفاق الوطني”، فايز السراج، استعداده لتقديم استقالته من منصبه بنهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.[14] وبطبيعة الحال، فإن جزءًا مهمًا من الحديث العام عن الأزمة تمحور حول دور تركيا في المفاوضات، وكذلك حول مستقبل الوجود العسكري التركي في البلاد.
بالنسبة لاستقالة السراج، فإنه أمر “مؤسف” في نظر أنقرة، حسب تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.[15] وتعددت الآراء حول الأسباب التي دفعت السراج لاتخاذ هذا القرار، حيث قال بعض المراقبين إن عزمه تقديم استقالته تحصيل حاصل، وأنه أتى استباقًا لما قد تتوصل إليه المفاوضات الجارية بين الفرقاء الليبيين من تغيير للحكومة الليبية القائمة. بينما ذهب آخرون إلى أن دولًا –أوروبية على وجه الخصوص- طلبت ذلك من السراج لتسهيل العملية التفاوضية الجارية. لكن بعض المراقبين أكدوا أنه لم يتعرض لضغوط، إنما يريد الخروج من المشهد لأسباب شخصية، حيث إنه يريد التنحي منذ فترة.[16]
إلا أن تصريحات المسؤولين الأتراك تشير بشكل أو بآخر إلى أن استقالة السراج أتت كحل لخلافات قائمة على الساحة الليبية –وربما داخل أروقة حكومة الوفاق- في الفترة الراهنة. فقد صرح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بأن «السراج قال إنه سيضحي في مرحلة متقدمة من أجل مستقبل بلاده»،[17] كما قال متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن عزم السراج تقديم استقالته قد يكون رد فعل على بعض القضايا الخلافية في ليبيا.[18]
وعلى أي حال، فـفيما يبدو فإن تركيا قد استوعبت هذا القرار، واستكملت هدفها في تعميق علاقتها مع حكومة الوفاق، سواء مع الأفراد النافذين فيها، أم في صورة اتفاقات وشراكات اقتصادية وعسكرية. فقد استقبل كل من وزير الدفاع التركي خلوصي أكار[19]، ووزير الخارجية تشاووش أوغلو[20]، نائبَ رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية أحمد معيتيق، منتصف الشهر الماضي، في العاصمة التركية أنقرة. ويقول مراقبون أن “معيتيق” قد يكون أقرب الأشخاص لخلافة “السراج”، حيث إن المادة الرابعة من الاتفاق السياسي الليبي تنص على أن أحد نواب رئيس الحكومة هو من يتولى مكانه حال استقالته أو وفاته مع تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال.[21]
كما استقبل “أكار” كلًا من نظيره الليبي صلاح الدين النمروش[22]، ورئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري[23]، في لقاءين منفصلين. هذا بالإضافة إلى لقاء مغلق بأنقرة، دام حوالي ساعة، جمع أردوغان بالسراج. ثم تبعه لقاء على مستوى الوفود، شارك فيه من الجانب التركي وزراء الخارجية تشاووش أوغلو، والداخلية سليمان صويلو، والخزانة والمالية براءت ألبيرق، والدفاع خلوصي أكار، ورئيس دائرة الاتصال فخر الدين ألطون، ومتحدث الرئاسة إبراهيم قالن، ومتحدث حزب العدالة عمر جليك، وكبير مستشاري الرئيس سفر طوران. أما من الجانب الليبي، فشارك وزراء الخارجية محمد سيالة، والتخطيط طاهر الجهيمي، والداخلية فتحي باشاغا، والدفاع صالح نمروش، والمالية فراج أبو مطري، ومستشار الأمن القومي تاج الدين الرزاقي.[24]
تعدد هذه اللقاءات، ومناصب المشاركين فيها من الطرفين، يدلان دلالة واضحة على أن تركيا تعمل على التقدم بعلاقتها مع الوفاق للأمام، وأن ترتب أوراقها بحيث لا تتأثر علاقتها سلبًا سواء باستقالة السراج. وهذا ما عبر عنه الرئيس أردوغان، من أن إدارته عازمة على تعزيز علاقتها بحكومة الوفاق. وكذلك أكد متحدث الرئاسة إبراهيم قالن أن الاتفاقيات التي وقعتها بلاده ستبقى نافذه ولن تتأثر بالاستقالة.[25] كذلك فإن تركيا تتابع عن كثب ما يجري بين الفرقاء الليبيين من مفاوضات لترتيب البيت السياسي الليبي في الفترة المقبلة، ومن ذلك ما ذكره “قالن” من أن المجلس الرئاسي الليبي قد يتحول إلى هيكل آخر.[26]
وفي خط تفاوضي آخر، تقوم تركيا بنفسها بمباحثات مع الحكومة الروسية. تهدف هذه المباحثات إلى تثبيت وقف إطلاق النار ودعم العملية السياسية. وصرح وزير “تشاووش أوغلو” أن تركيا اقتربت من اتفاق مع روسيا حول هذا الأمر.[27] ورغم صعوبة التأكد من تفاصيل اللقاءات، لكن تحاول تركيا –بالتأكيد- تحيد مرتزقة “فاجنر” الروسية، حتى تأمن على طرابلس من تجدد الهجوم، كما أن بإخراج المرتزقة الروس من المعادلة، يتحلحل الوضع الليبي المعقد شيئًا ما.
من جانب آخر، شهدت التعاون الاقتصادي بين تركيا وليبيا نموًا خلال الشهر الماضي، فقد أعلنت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، دخول مذكرة التفاهم المتعلقة بالسماح للمقاولين الأتراك بمواصلة مشاريعهم غير المكتملة في ليبيا حيز التنفيذ.[28] كذلك احتضنت اسطنبول أعمال المنتدى الاقتصادي التركي الليبي الأول، بمشاركة مجموعة مؤسسات ورجال أعمال من البلدين. وقال رئيس المنتدى في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية مرتضى قرنفيل، بكلمة له، إن 100 مؤسسة وفعالية تركية ستشارك خلال أعمال اليوم الأول، يقابلها 200 فعالية اقتصادية من ليبيا.[29] وحسب تصريحات حكومية، فإن حجم الصادرات التركية إلى ليبيا بلغت منذ بداية العام الجاري، وحتى آب/أغسطس الماضي، 937 مليون دولار.[30]
وعلى المستوى العسكري، أعلن وزير الدفاع الليبي، صلاح الدين علي النمروش، أن وزارته بدأت مع الجانب التركي في تنفيذ برامج لبناء وتطوير الجيش.[31] كذلك صرحت وزارة الدفاع التركية، عزمها مواصلة التدريبات العسكرية لقوات الدفاع الجوي التابعة لحكومة الوفاق الليبية، وذلك وفقًا لمعاهدة التعاون العسكري المبرمة بين تركيا والحكومة الليبية الشرعية.[32] وبطبيعة الحال فإن هذا النوع من الدعم على وجه الخصوص يقلق الجنرال الانقلابي خليفة حفتر وداعميه، حيث يصعب أي فرصة في المستقبل لتنفيذ مشروع حفتر في السيطرة على كامل التراب الليبي.
المحور الثالث: مصر
ما زال الحديث مستمرًا عن محاولات تركية-مصرية لحل الأزمات العالقة، وتقريب وجهات النظر، وتحقيق قدر ما من التعاون، خصوصًا فيما يخص ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين. ويبدو أن تعقد الأمر في البحر المتوسط -بعد توقيع أثينا اتفاقًا لتحديد مناطق الصلاحية البحرية مع القاهرة- دفع القيادة التركية باتجاه العمل على إيجاد صيغة توافقية مع مصر حول هذا الملف.
كما لا يمكن أيضًا تجاهل الضغط التركي الداخلي على الحكومة التركية، لحل مشكلاتها مع النظام الانقلابي في مصر. فما زالت الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها تؤكد على ضرورة السير في هذا الاتجاه، من ذلك ما قالته مؤخرًا رئيسة حزب الخير المعارض، ميرال أكشنار، من أنه يتوجب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن يعمل بما يخدم مصالح تركيا -حسب وصفها.[33]
وهناك تغير واضح في لهجة الخطاب التركي تجاه مصر، يمكن ملاحظتها بسهولة. منها ما ذكره الرئيس أردوغان -أكثر من مرة- من أن هناك محادثات استخبارية بين مصر وتركيا[34]، وكذلك ما ذكره المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، عن ضرورة وجود تعاون بين مصر وتركيا في مجال الطاقة رغم الخلافات. كما قال “قالن”، في مقابلة مع قناة تلفزيونية في معرض رده على سؤال حول التقارب مع مصر: “إن تركيا مستعدة للتجاوب في حال أظهرت مصر إرادة التحرك بأجندة إيجابية في القضايا الإقليمية”.[35]
كما صرح أن: “تركيا لا يمكنها تجاهل كيفية وصول السيسي إلى السلطة، والانقلاب الذي حدث في مصر، والأناس الذين تعرضوا للقتل، وما حدث في ميدان رابعة، والاعتقالات السياسية لاحقًا، ووفاة مرسي”. لكنه أكد في ذات الوقت أنه في حال تشكلت أرضية مع مصر للتحرك معًا في مواضيع ليبيا وفلسطين وشرق المتوسط وغيرها من القضايا، فإن تركيا لا يمكنها إلا أن تنظر بإيجابية إلى ذلك وتقدم إسهامًا إيجابيًا.[36]
كذلك أدلى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بتصريحات وُصفت بالإيجابية قال فيها: “إن مصر لم تنتهك في أي وقت الجرف القاري لتركيا في اتفاقيتها التي أبرمتها مع اليونان وقبرص الرومية بخصوص مناطق الصلاحية البحرية”. وأضاف تشاووش أوغلو: ” لقد احترمت مصر حقوقنا في هذا الصدد، ومن ثم لا أريد أن أبخسها حقها بدعوى أن العلاقات السياسية بيننا ليست جيدة للغاية، وبالتالي فإن إبرام اتفاق مع مصر بهذا الخصوص يقتضي تحسن تلك العلاقات السياسية”.[37]
لكن جزءًا من هذا التصريح، وصف فيه الوزير التركي ما حدث في 30 يونيو/ حزيران 2013 بالانقلاب، أثار حفيظة الخارجية المصرية. حيث اعتبرت أن هذه التصريحات تمثل “نبرة سلبية تجاه مصر، في وقت تدَّعي فيه تركيا أنها تسعى لتهيئة المناخ المناسب لعلاقات قائمة على الاحترام والالتزام بقواعد الشرعية الدولية”، حسب وصف البيان.[38] ورغم أن انتقاد مصر لهذا التصريح قد يدل على تعثر المفاوضات بين الطرفين، أو انعدام رغبة مصر في تحسين العلاقات، إلا أن فحوى تصريح الخارجية المصرية تشير إلى أن مصر تريد من تركيا تقديم حسن نية بشكل عملي.
يمكن فهم هذا في إطار ما نقله موقعا “القدس العربي” و”الخليج الجديد” عن مصادر خاصة، أن القاهرة وأنقرة اتفقتا على تخفيف حدة الخطاب عند الحديث عن الطرف الآخر، في إعلام كلا الدولتين. حيث صرحت مصادر خاصة لموقع “القدس العربي” أن الإعلام التركي -لا سيما الرسمي منه- تلقى تعليمات شفهية بضرورة تخفيف حدة الخطاب الإعلامي ضد النظام المصري خلال الفترة المقبلة، ولفت مصدر إلى أن الإعلام الرسمي الناطق باللغات الأجنبية بدرجة أساسية قد وصلته هذه التعليمات.[39]
في المقابل، أفاد مصدر مطلع بالتليفزيون المصري الرسمي (ماسبيرو)، بتلقي تعليمات من أجهزة سيادية، بتخفيف حدة الهجوم على تركيا. وقال المصدر لموقع الخليج الجديد: “إن التعليمات التي وصلت لرؤساء القنوات الرسمية والخاصة ومختلف وسائل الإعلام، كانت شفهية، وليست مكتوبة”.[40] وبالتأكيد فإن الأيام القادمة كفيلة بالتحقق مما نقلته هذه المصادر، لكن إن تم ذلك، فإنه سيكون بادرة جيدة بالنسبة لكلا البلدين، قد يكون لها ما بعدها.
في خضم ذلك، أتت مناشدة من المقاول والفنان المصري المعارض محمد علي، للرئيس أردوغان، بحماية أفراد أسرته المقيمة في تركيا، من “تهديدات بالقتل” قال إنهم تلقوها لإجباره على وقف الدعوات إلى التظاهر ضد النظام في مصر. وصرح “علي” أن جهات زرعت كاميرات مراقبة في منزل أسرته وسيارتهم، دون أن يتمكنوا من معرفة مكانها، وأن أولاده تلقوا تهديدات بالخطف والقتل. ورغم تغيير مكان إقامتهم، إلا أن الجهات التي تهددهم تمكنت من معرفة مكان إقامتهم الجديد.[41]
المهم في هذا الأمر هو رد فعل السلطات التركية على مناشدة “علي” لها، حيث أعلن المعارض الشهير – بعد ساعات- أن ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، تواصل معه ووعده بأن الشرطة التركية ستقوم بتفتيش منزل أسرته وسيارتهم، لاستخراج أي كاميرات مراقبة زُرِعت فيهما، كما وعده بأن الأمن التركي سيعين حراسة خاصة لحماية أولاده.[42]
التجاوب التركي الإيجابي مع المعارض المصري الأشهر على الساحة حاليًا، له دلالاته بكل تأكيد. فقد يُعَد رسالة طمئنة –غير مباشرة- للمعارضين المصريين المقيمين في تركيا، من أن الحكومة التركية ستتعامل بحساسية مع ملف المعارضة المصرية في محادثاتها مع مصر. كما يدل على أن تركيا لن تنبطح تمامًا لمصر في المفاوضات بينهما، على عكس ما يروجه الإعلام المصري.
المحور الرابع: العراق
هدأت بشكل كبير التصريحات العراقية الرافضة لعملية ” مخلب النمر ” التي أطلقها الجيش التركي في السابع عشر من يونيو/حزيران الماضي ضد عناصر “بي كا كا” في شمال العراق، في الوقت الذي ما زالت فيه العملية العسكرية مستمرة، ولو أن حدتها قد قلت شيئًا ما. وشهد الشهر الجاري مصادقة البرلمان التركي على تمديد إرسال القوات العسكرية إلى خارج البلاد عامًا إضافيًا، للقضاء على الهجمات المحتملة ضد البلاد من جانب التنظيمات التي تعدها أنقرة إرهابية في العراق وسوريا.
جاء ذلك بناء على تمديد التفويض الممنوح لرئيس الجمهورية بشأن العمليات خارج الحدود في العراق وسوريا لمدة عام، والذي وافق عليه البرلمان التركي في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2019. تمديد صلاحية الإطار القانوني لتواجد الجيش التركي في العراق كانت متوقعة.[43] ربما هذا لا يعني بالضرورة أن القوات التركية ستظل طيلة العام المقبل متواجدة في العراق لردع التنظيمات الكردية المسلحة التي تهدد أمنها القومي. لكن إجراءً كهذا ضروري، لإعطاء المسوغ القانوني الداخلي، حال استمرت القوات التركية هناك. أما سحب القوات من عدمه فهو بالدرجة الأولى قرار سياسي عسكري يخضع للظروف ومتغيرات الواقع.
لكن ربما كان الحدث الأبرز في العلاقات العراقية-التركية هذا الشهر، هو ما أعلنته الحكومة العراقية من توصلها لاتفاق مع حكومة إقليم كردستان على تطبيع الأوضاع في بلدة سنجار، المتنازع عليها بين الحكومتين، مبينة أنّ الاتفاق ينهي سطوة الجماعات المسلحة بالبلدة، ويعيد الاستقرار فيها.[44] نظريًا، يصب الاتفاق بشكل رئيسي في مصلحة تركيا، حيث ينشط تنظيم حزب العمال الكردستاني –المصنف كتنظيم إرهابي لدى أنقرة- منذ نحو 6 سنوات في المنطقة ذات الغالبية الأيزيدية، بعد أن تغلغل إليها تحت دعوى محاربة تنظيم “داعش”.
وهذا يفسر مسارعة تركيا بمباركة هذا الاتفاق، حيث أكد السفير التركي لدى العراق، فاتح يلدز، أن تركيا ترحب باتفاقية سنجار، مشيرًا إلى أن تركيا مستعدة للتعاون لتحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب في قضاء سنجار.[45] حال نجاح الاتفاق وتمكن الجهات الأمنية العراقية بإخراج التنظيم من سنجار، فإن العمليات العسكرية التركية في العمق العراقي ستتوقف بشكل كبير مع استمرارها في المناطق الحدودية، وفي هذا مصلحة لأنقرة بطبيعة الحال.
إلا أن نجاح بغداد في تطبيق هذا الاتفاق على أرض الواقع محل شك، حيث يعتقد مراقبون أن حكومة بغداد لن تستطيع إخراج حزب العمال الكردستاني بسهولة، وبالتالي قد تحدث معارك دامية يكون ضحيتها أهل سنجار مجددً. كما يقول آخرون إن الاتفاق المبرم مهم فعلًا من الناحية السياسية والإنسانية، إلا أن هناك تداخلات كبيرة في وضع المنطقة من الناحية العسكرية، بسبب أن القوات الموجودة هناك لديها نفوذ قوي أكبر من نفوذ حكومتي بغداد وأربيل.[46]
وهذا ما يبدو أن تركيا تراقبه عن كثب، حيث أعدت وكالة الأنباء التركية (الأناضول) تقريرًا، بعد الاتفاق بأيام معدودة، ترصد فيه مواصلة تنظيم “بي كا كا” أنشطته العسكرية والسياسية في قضاء سنجار. وبحسب المشاهد التي التقطتها كاميرا الأناضول، فإن التنظيم له معسكرات تدريب، ينشط فيها عناصره وميليشيات محلية تابعة له، إلى جانب إقامة نقاط تفتيش، وما يسمى بـ”مجالس الشعب” أسسها التنظيم في المنطقة. وأظهرت المشاهد كذلك متدربين إيزيديين، تقول أنقرة أن التنظيم أجبرهم على الانخراط في صفوفه، حيث يقوم بتدريبهم داخل معسكرات تحيط بها أبراج مراقبة.[47]
في شأن آخر، قام وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس، بزيارة إلى بغداد، هي الأولى من نوعها منذ عام 1998، حيث أبدى استعداد الشركات اليونانية للعمل بالعراق في مجال إعادة الإعمار، والطاقة، والمواد الطبية، مؤكّدًا دعم بلاده لسيادة العراق، ووحدته.[48] زيارة “دندياس” أثارت السؤال مجددًا حول احتمالية تحول العراق إلى ساحة صراع جديدة بين تركيا وخصومها التقليديين، لا سيما فرنسا واليونان، خصوصًا وأن زيارة دندياس، سبقها إرسال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، رسالة خطية إلى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تضمنت دعوى رسمية لزيارة تركيا.[49]
ويقول مراقبون أن استمرار التوتر التركي-اليوناني حول مناطق الصلاحية البحرية في شرق البحر المتوسط، وبحر إيجة، هو السبب الرئيسي لزيارة دندياس، حيث تحاول أثينا أن تكون لها أذرع في المنطقة، تناكف تركيا من خلالها. كما يرون أن اليونان -وهي تمر بهذه الظروف الاقتصادية الصعبة- لن تجلب أي منفعة اقتصادية للعراق، وإنما تسعى لجذب الأطراف الأخرى في المنطقة إلى قضيتها ضد تركيا نتيجة سياسة أنقرة ومصالحها الممتدة في العراق. ولذلك، دعا خبراءُ القيادة العراقية إلى إبعاد البلد عن هذه الصراعات، وأن توظف جهودها لحلحلة مشاكل العراق، وتحدياته الخارجية والداخلية من دون المرور أو الاقتراب من التوترات الدولية. وهو ما يبدو أنه أقرب لمزاج المسئولين في بغداد.[50]
المحور الخامس: الخليج
السعودية.. انتشرت أواخر الشهر الماضي وأوائل الشهر الجاري دعوات سعودية –غير رسمية- لمقاطعة البضائع التركية، وأخذت هذه الدعوات زخمًا كبيرًا على مواقع التواصل، خصوصًا من الحسابات المعروفة بتأييدها للنظام السعودي. من ذلك جاءت الدعوة التي وجهها رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية عجلان العجلان لمقاطعة المنتجات التركية، حيث كتب على حسابه في موقع “تويتر” أن مقاطعة كل ما هو تركي، سواء على مستوى الاستيراد او الاستثمار أو السياحة، هي مسؤولية كل سعودي التاجر والمستهلك.[51]
كما دعا الأمير السعودي عبدالرحمن بن مساعد، عبر تغريدة على “تويتر” إلى مقاطعة المنتجات التركية، فقال: “أدعو الجميع لمقاطعة شعبية كاملة للمنتجات التركية”. جاء ذلك قبل يوم من كشف بيان مشترك لرؤساء أكبر 8 مجموعات أعمال تركية، تلقيهم شكاوى من شركات سعودية، بإجبارها من جانب حكومة المملكة، على توقيع خطابات تلزمها بعدم استيراد بضائع من تركيا. وتضم المجموعات الموقعة على البيان المشترك، شركات تصدير منسوجات، ومقاولين ورجال أعمال بارزين، ومسؤولي نقابات عمالية، ومكتب العلاقات الاقتصادية الخارجية، وجمعية المصدرين، واتحاد غرف وبورصات السلع.[52]
وقال المكتب الإعلامي للحكومة السعودية ردًا على استفسار من رويترز: “إن المملكة ملتزمة بالتجارة الدولية والاتفاقيات الاستثمارية والتجارة الحرة”. وأضاف المكتب أن السلطات الرسمية بالمملكة لم تفرض أية قيود على البضائع التركية.[53] ورغم هذه التصريحات الرسمية، وكون مجلس الغرف التجارية السعودي هيئة غير حكومية تضم رجال أعمال من القطاع الخاص، ما يعني نظريًا أن الدعوة لم تأتِ من هيئة سعودية رسمية، إلا أن طبيعة الإدارة السعودية المتسمة بشدة المركزية، تشير إلى أنه من الصعب جدًا التصور أن مثل هذه الحملات تأتي بمعزل عن صانع القرار السعودي.
في المقابل، شارك مئات الناشطين من دول عربية وخليجية، في حملة واسعة لدعم اقتصاد تركيا. ودخل وسم “#الحملة_الشعبية_لدعم_تركيا”، قائمة الأكثر انتشارًا على موقع “تويتر” في العديد من الدول العربية، عقب ساعتين فقط من انطلاق الحملة. وحسب اقتصاديين، فإن مثل هذه الحملات إن طال زمنها واتسعت رقعتها فإنها ستؤثر على الاقتصاد التركي سلبًا بشكل أو بآخر، إلا أن المؤكد أنها ستلحق ضررًا بالسعودية أيضًا، وخصوصًا بفئة التجار الذين يستوردون الكثير من احتياجاتهم اليومية من تركيا وبأسعار أقل بكثير من دول أخرى.[54]
وفي شأن آخر، تواصل وزير خارجية المملكة، فيصل بن فرحان آل سعود، مع نظيره اليوناني، نيكوس ديندياس، هاتفيًا لمناقشة تطورات شرقي المتوسط.[55] ولأن السعودية ليست من دول المتوسط فإن مهاتفة كهذه من الطبيعي أن تكون مُستغرَبَة. وفي ظل الأجواء السلبية الحالية في العلاقات التركية-السعودية، وكذلك في ظل التصعيد اليوناني المستمر في المتوسط، يمكن القول أن فحوى هذه المحادثة لم تكن إيجابية بأية حال بالنسبة لتركيا.
ويبدو إلى الآن أن القيادة التركية لا ترغب في التصعيد مع المملكة، في محاولة لتحييدها – باستخدام الدبلوماسية- عن تبني نفس السياسة الإماراتية. وهي سياسة متقاربة مع ما تقوم به تركيا مع مصر حاليًا. حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لصيحفة قطرية أثناء زيارته للدوحة، قائلًا: ” تربطنا بالمملكة العربية السعودية علاقة خاصة وصداقة خاصة مع خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز. لقد حاولنا حتى الآن الوفاء بمتطلبات هذه الصداقة وقانون الأخوة بيننا بغض النظر عن القضايا الراهنة، وسنواصل إظهار نفس الموقف.”[56]
الإمارات.. تعتبر الإمارات هي أكثر دول الخليج –وربما من أكثر الدول عمومًا- حدة تجاه تركيا، حيث تحاول الإمارات عرقلة كل تحركات القيادة التركية –تقريبًا- سواء في الخارج أو حتى الداخل التركي. ومنذ أيام، اعتقلت السلطات التركية جاسوسًا يعمل لصالح الإمارات. وأفاد مسؤول أمني تركي بأن الجاسوس عمل لسنوات ضمن وسائل إعلام عربية معارضة. وأشار إلى أنه اعترف أيضًا بأسماء الأشخاص الذين يعملون معه لخدمة نفس المهمة.
وحسب أجهزة الأمن التركية فإن الجاسوس هو صحفي أردني من أصل فلسطيني، اسمه “أحمد الأسطل”، بينما أكدت مصادر لصحيفة “القدس العربي” أن المتهم كان يعمل في الإمارات ثم انتقل للعمل في وكالة “الأناضول” التركية في إسطنبول.[57] وهذه ليست المرة الأولى، حيث ألقى الأمن التركي العام الماضي القبض على رجلين يشتبه في قيامهما بالتجسس على مواطنين عرب، بما في ذلك منفيين سياسيين وطلاب، لصالح الإمارات. تكرار هذه الحوادث يشير إلى أي مدىً وصل العداء الإماراتي لتركيا، ويؤخر أي خطوات لتهدئة العلاقات بين البلدين، حتى ولو كانت جزئية.
قطر.. شهد التعاون القطري-التركي نشاطًا خلال الشهر الماضي على مستويات عدة. فجاءت زيارة الرئيس أردوغان إلى الدوحة، ورافقه كل من وزير الخزانة والمالية براءت ألبيرق، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ووزير الشباب والرياضة محمد قصاب أوغلو، ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة فخر الدين ألطون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن.[58] ورغم عدم وجود تفاصيل للمباحثات، إلا أن الشخصيات الحاضرة تدل على أنها كانت تدور حول التعاون الاقتصادي والعسكري بشكل كبير.
كما تسلمت قطر فرقاطة تحمل اسم “الدوحة”، وهي واحدة من سفينتين تصنعهما شركة تركية بإشراف وزارة الدفاع التركية ورئاسة الصناعات الدفاعية، وتعد من أكبر سفن التدريب العسكري في العالم.[59] كذلك كشف موقع “أبستريم أونلاين” المتخصص في صناعة النفط والغاز أن تركيا تخطط لزيادة استيراد الغاز من قطر خلال الفترة المقبلة، على حساب مموليها التقليديين مثل روسيا وإيران. وأوضح الموقع، أن توجه تركيا نحو استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر لا يعود فقط إلى قيمته المادية، “بل إلى التطور الكبير الذي يشهده هذا القطاع في قطر”.[60]
ويُلاحَظ أن السفير التركي في الدوحة مصطفى كوكصو، يقوم بنشاط متزايد في مجالات متعددة، مما يعطي دلالة على حجم التعاون القطري-التركي المتنامي. حيث قام الشهر الماضي فقط بزيارة رئيس أركان القوات المسلحة القطرية غانم بن شاهين الغانم،[61] وكذلك زار مقر قيادة القوات المشتركة التركية القطرية بالدوحة.[62] كما اجتمع برئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر علي بن صميخ المري، لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال حقوق الإنسان.[63] وبحث في اجتماع آخر مع الشيخة موزا بنت ناصر، والدة الأمير القطري، التعاون بين البلدين في مجال التعليم والبحث العلمي.[64]
المحور السادس: فلسطين
شهد هذا الشهر حدثًا مهمًا على الساحة الفلسطينية، يتطلع الكثيرون إلى أن يتكلل بالنجاح، وأن يكون له ما بعده. ففي الرابع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، خرجت حركتا فتح وحماس ببيان مشترك أعقب اجتماعات في العاصمة التركية اسطنبول، بُحثت خلالها المصالحة الفلسطينية عبر الذهاب للانتخابات وحلحلة الملفات العالقة بين الحركتين منذ الاقتتال الفلسطيني صيف 2007، وقرر الطرفان إحالة ما توافقا عليه إلى لقاء قيادي يجمع الأمناء العامين للفصائل، ويسبق إعلان الرئيس الفلسطيني رسميًا عن موعد الانتخابات.[65]
ورغم تصريح رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية أن التفاهم الإيجابي الذي تم في تركيا مستند في محاوره الأساسية، على اتفاقيات القاهرة التي تم توقيعها في فترات سابقة، وخاصة الاتفاق الشامل 2011،[66] إلا أن إحياء وتطوير هذا الاتفاق الآن في اسطنبول، بعد حوالي تسع سنوات، له دلالاته المهمة. فما بين 2011 و 2020، تغيرت علاقة القيادة الفلسطينية مع الدول العربية الكبرى، خصوصًا السعودية، ومصر، ولو كانت بشكل أقل، كما قَلَّت أهمية القضية الفلسطينية في نظر معظم الحكام العرب بشكل كبير.
فقد جعلت الثورات العربية كثيرًا من الحكام العرب خائفين على فقدان سلطتهم، ما جعل من التحالف مع دولة الاحتلال – في نظرهم – ضرورة للحفاظ على مناصبهم. وسارعت دول كالإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، لتوقيع اتفاقات مع الكيان الصهيوني تجاوزت – في الحقيقة – مفهوم “التطبيع”، ودخلت في مرحلة “التحالف الكامل” معه. الأمر الدال بشكل أكبر على أن معظم الدول العربية نفضت أيديها من تبني القضية الفلسطينية، هو رفض جامعة الدول العربية إصدار قرار إدانة لما فعلته الإمارات والبحرين.
ويمكن القول أن تركيا -حاليًا- هي من أنسب الدول التي يمكنها ملء الفراغ العربي، فالعلاقات التركية-الإسرائيلية في تدهور مستمر منذ العام 2009، حتى أنه ولأول مرة أدرجت الاستخبارات العسكرية “الإسرائيلية” (أمان) تركيا لأول مرة على قائمة التهديدات للأمن القومي في تقريرها السنوي.[67] وصرح رئيس جهاز الموساد يوسي كوهن بأن تركيا أخطر على إسرائيل من إيران.[68] في المقابل، يزداد الاهتمام السياسي التركي بالقضية الفلسطينية. يمكن رؤية ذلك في تصريحات المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي دأب -منذ فترة -على جعل قضية فلسطين جزءًا من خطاباته في المحافل الدولية. وكان آخر ذلك ما قاله أردوغان في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة، ما جعل مندوب دولة الاحتلال الإسرائيلي الدائم بالأمم المتحدة، جلعاد أردان، يغادر قاعة المنظمة، احتجاجًا على كلمة الرئيس التركي.[69]
الاهتمام التركي المتزايد بالقضية الفلسطينية، ورعايتها للمصالحة، لن يلغيا كامل الدور العربي بكل تأكيد. فـبحكم الجوار، لا يمكن للفلسطينيين أن يتجاوزوا دولة كـمصر، والعكس كذلك صحيح. وهذا ما ظهر في تصريح لأسامة حمدان، عضو المكتب السياسي لحركة حماس. حيث قال: ” نحن كحماس وكفلسطينيين نؤمن بأهمية الدور المصري في تحقيق الوحدة الوطنية، ونرحب بكل طرف يدعم مسيرتنا الوطنية”. كما صرح الناطق باسم الحركة في قطاع غزة حازم قاسم أن مصر لها دور مهم جدا في العلاقات الداخلية الفلسطينية، وخاصة في ملفات التهدئة مع الاحتلال والتخفيف من الحصار على قطاع غزة.[70]
المحور السابع: أوروبا
ما زال التوتر التركي-اليوناني يلقي بظلاله على الساحة الأوروبية، فقد شهد الشهر الماضي جولات ماراثونية من العديد من الدول والمنظمات -على رأسها ألمانيا وحلف الناتو- لنزع فتيل الأزمة، التي يخشى البعض أن تتحول لمواجهة عسكرية في شرق المتوسط بين أثينا وأنقرة. ويمكن القول أن هذه الجهود الدبلوماسية أثرت على الأزمة بشكل إيجابي، حيث أعلن حلف شمال الأطلسي “الناتو” مطلع هذا الشهر عن تشكيل آلية حول أساليب فض النزاع بين تركيا واليونان في المتوسط. وتهدف الآلية إلى خفض مخاطر وقوع حوادث غير مرغوب بها بين البلدين في شرقي المتوسط.[71] ويبدو أن الناتو قد نجح في هذه المهمة، حيث قل الحديث عن احتمالات الحرب، سواء في تصريحات الساسة من الجانبين، أو في التعاطي الإعلامي مع القضية.
وحسب تصريح الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، فإن الحلف يأمل أن يساعد هذا الاتفاق في خلق مساحة للجهود الدبلوماسية لحل القضية من أساسها، لكن هذا لم يحدث حتى الآن. حيث أعلنت اليونان -وبشكل مفاجئ- إجراء مناورات عسكرية في بحر إيجه وشرق المتوسط، وذلك رغم اجتماع وزيري خارجية البلدين، اعتبره كثيرون بداية انفراجة في الأزمة.[72]
اعتبرت تركيا الخطوة اليونانية أنها جاءت بتحريض فرنسي لإعادة التصعيد للمنطقة عقب فشل اليونان وفرنسا في اقناع قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت بداية الشهر الجاري بفرض عقوبات عليها. وردت تركيا على التحرك اليوناني، بإعادة إرسال “سفينة أوروتش رئيس” -التي كانت أبرز مسببات تصاعد التوتر في شرق المتوسط- في مهمة تنقيب جديدة إلى الجنوب من جزيرة ميس اليونانية الملاصقة لليابس التركي والتي تعتبر أيضاً نقطة الارتكاز في الخلاف البحري بين أنقرة وأثينا. [73]
الخطوة اليونانية ورد الفعل التركي عليها تسببتا في تجميد الحوار الدبلوماسي المرتقب بين البلدين، فبعد أن نجحت ألمانيا في الضغط على الجانبين للعودة إلى استكمال المباحثات الاستكشافية المتوقفة منذ سنوات، أعلنت اليونان أنها لن تشارك في هذه المحادثات، إلا بعد أن تسحب تركيا سفينة ” أوروتش رئيس” مرة أخرى. لكن تركيا تقول أنها أبدت حسن نية، وجمدت كافة عمليات التنقيب الشهر الماضي، إلا أن اليونان ما زالت مستمرة في استفزازاتها، في إشارة إلى المناورات العسكرية التي تقوم بها أثينا.[74] وفيما يبدو، فإنه على الرغم من انخفاض مخاطر الصدام العسكري، فإن حلًا نهائيًا لهذه القضية ليس منظورًا في الأفق القريب.
واستكمالًا للتوتر اليوناني-التركي، أعلنت جمهورية شمال قبرص التركية – المعترف بها من أنقرة فقط- إعادة افتتاح ساحل “فاروشا”، المغلق منذ عام منذ عام 1974، الأمر الذي استفز اليونان[75] والجزء الجنوبي من الجزيرة.[76] وفي مطلع السبعينيات كانت فاروشا -المنطقة الساحلية التابعة لمدينة فماغوستا الشهيرة- في طليعة المنتجعات السياحية في قبرص ومقصدا لنجوم هوليود ومشاهير آخرين. لكن العملية العسكرية التي نفذتها تركيا في 1974 لحماية القبارصة الأتراك في الجزيرة تسببت بفرار جماعي لسكان المدينة. وبعدها انقسمت الجزيرة إلى جزء شمالي تركي، وجزء جنوبي يوناني، وبقيت فاروشا خالية من السكان، يحرسها الجيش التركي، ودوريات تقوم بها من حين لآخر قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.[77]
ويمكن فهم الدافع وراء فتح هذه المدينة في هذا التوقيت، من خلال سياق الأحداث، حيث إن فتحها أتى قبل إجراء انتخابات الرئاسة في جمهورية شمال قبرص بأيام قليلة، والتي فاز فيها رئيس الوزراء أرسين تتار، على الرئيس المنتهية ولايته مصطفى أكينجي، بنسبة 51.74 في المئة إلى 48.26 بالمئة من الأصوات، في انتخابات أقل ما توصف به أنها صعبة للغاية.[78]
يُعرف “أكينجي” بقربه من الجانب اليوناني، حيث يدعو لإعادة توحيد الجزيرة تحت نظام سياسي فيدرالي. كما أنه اشتُهر بتصريحات الانتقادية لتركيا، لا سيما انتقاده لعملية “نبع السلام” التركية في شمال شرق سوريا. في المقابل، يؤيد “تتار” فكرة وجود إدارتين منفصلتين تتمتعان بالسيادة في جزيرة قبرص، ومعروف بقربه من تركيا وإدارتها السياسية الحالية.[79]
لذلك فيما يبدو أن قرار “تتار” بإعادة فتح فاروشا أتى كتكتيك انتخابي لكسب أصوات القوميين من القبارصة الأتراك، بعد ضوء أخضر –بطبيعة الحال- من أنقرة، التي تمتلك علاقات متوترة مع قبرص الجنوبية واليونان. وهذا ما يفسر رفض ” أكينجي” للقرار، حيث قال إن “هذه الخطوات تهدف فقط إلى تعزيز فرص مرشح واحد”” معتبرًا ذلك “خطأ سيضع القبارصة الأتراك في وضع صعب على المسرح الدولي”.[80]
ورغم اعتبار أن الخطوة جاءت كتكتيك انتخابي، إلا أنه ومع فوز “تتار” بالرئاسة، فمن المتوقع أنه سيسير في طريق فتح المدينة – الملقبة باسم لؤلؤة قبرص- بشكل كامل، واستغلالها اقتصاديًا، ما سيذكي الخلاف بين تركيا وقبرص الشمالية من جانب، واليونان وقبرص الجنوبية من جانب آخر. كذلك فإن فوز المرشح القومي “تتار” يعطي ورقة رابحة للإدارة التركية، خصوصًا في نزاعها مع اليونان حول الحدود البحرية لكل منهما شرقي المتوسط. كما يعرقل أيضًا مشاريع اليونان في الجزيرة التي تعد واحدًا من أبرز أسباب الخلاف بين أنقرة وأثينا منذ عقود.
فرنسا.. رغم حدة الخلاف التركي- اليوناني وتشعبه، وصعوبة حله، إلا أن خلاف أنقرة مع باريس يبدو أنه لا يقل شيئًا عن هذه الأوصاف. فكما هو واضح، تقف فرنسا مع اليونان في أزمة شرق المتوسط ، كأكثر دول الاتحاد الأوروبي صرامة تجاه تركيا، حيث يدعو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل واضح إلى فرض عقوبات على أنقرة، كما قامت القوات الفرنسية بعمل مناورات عسكرية مع نظيرتها اليونانية، في أشد أيام الأزمة خطورة.[81]
الخلاف التركي مع فرنسا، لا يقف عند حدود دعم اليونان فقط، بل يمتد ليشمل الحرب الأرمينية-الأذرية القائمة حتى الآن. فحسب تصريح للرئيس أردوغان فإن فرنسا تشتهر بالاستعمار، وأنها كما حرضت اليونان وقبرص الجنوبية في المتوسط، فإنها اليوم تحرض أرمينيا لتخوض صراعًا عسكريًا مع أذريبجان في إقليم ناغورني قره باغ.[82]
وخلال الأيام الأخيرة، أخذ الخلاف طابعًا دينيًا أيضًا، حيث قال ماكرون إن “الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم”، معلنًا أن على بلاده “التصدي للانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام موازٍ وإنكار الجمهورية الفرنسية”، داعيًا إلى “فهم أفضل للإسلام”.[83] وصف أردوغان تصريحات ماكرون بأنها “استفزاز واضح وتفتقر إلى الاحترام”، كما رأى أن دعوته لإعادة هيكلة الإسلام “وقاحة وقلة أدب”.[84]
ومن الطبيعي أن يستمر هذا الخلاف بين تركيا وفرنسا، وربما يتعمق أكثر. فبعيدًا عن موضوعات شرق المتوسط، والحرب في قره باغ، والهجوم الفرنسي على الإسلام، هناك مسائل خلافية أخرى، كالنزاع في ليبيا، والتدخل التركي في سوريا ضد تنظيم بي كا كا، وملف الهجرة واللاجئين.
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
تتسم السياسة الخارجية الأمريكية منذ أسابيع بالحيطة، والبعد عن التورط بشكل واسع في أي صراع إقليمي أو عالمي. وبالطبع، فإن الانتخابات الرئاسية -المقرر عقدها في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني القادم- هي السبب الأول لاتباع هذا النهج. إلا أن سخونة الأحداث تجبر الإدارة الأمريكية على اتخاذ مواقف من حين لآخر، تحسبًا لأن تنفلت الأمور بشكل يضر المصالح الأمريكية، ويصعب على الإدارة تداركه بعد ذلك.
نستطيع القول أن صراع شرق البحر الأبيض المتوسط بين تركيا واليونان يخضع لتلك السياسة في الوقت الحالي. ولذلك فإن الولايات المتحدة لم تعرض الوساطة بين الطرفين، فضلًا عن أن تجنح لتأييد أحدهما على الآخر. لكن في المقابل تحرك حلف شمال الأطلسي –الذي تتزعمه أمريكا- لنزع فتيل التوتر بين أنقرة وأثينا، حتى لا تسبب الخطوات، والخطوات المقابلة في إشعال فتيل حرب تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة.[85]
وفيما يبدو، فإن واشنطن لا تريد أن تخسر أي من حليفي الناتو في صراع مهم لهما كهذا. لذا فهي تتخذ خطوات على الجانبين لدفعهما إلى طاولة المفاوضات. كان من ذلك البيان الذي أصدرته السفارة الأمريكية بأنقرة أواخر سبتمبر / أيلول الماضي. حيث صرحت السفارة بأن الولايات المتحدة لا تعتقد أن خريطة إشبيلية لما يسمى بالمياه الإقليمية لليونان لها أية أهمية قانونية. وأضافت أن “الخريطة ليس لها وضع قانوني، ودول الاتحاد الأوروبي لا تعتبر هذه الخريطة وثيقة ملزمة قانونيًا”.[86]
وتمثل خريطة إشبيلية وجهة النظر اليونانية لحدود جرفها القاري والذي تقول اليونان أنه يبدأ من جزيرة “ميس” اليونانية جنوبا إلى أنطاليا التركية. لذلك فإن هذه الخطوة تعتبر في صالح الرواية التركية. في المقابل، قام وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بزيارة إلى اليونان أعرب خلالها عن قلق بلاده بشأن تحركات تركيا في شرق المتوسط والتي وصفها بأنها “تحركات تثير التوتر”، ما يعني أنه يُحمّل أنقرة مسؤولية التوتر بطريقة غير مباشرة. أتت هذه الزبارة بعد أسابيع قليلة من زيارة بومبيو إلى الشق الجنوبي اليوناني من جزيرة قبرص، حيث حض تركيا على وقف الأنشطة التي تثير توترًا في شرق البحر المتوسط – حسب وصفه – وداعيًا جميع الأطراف إلى انتهاج السبل الدبلوماسية.[87]
وبذلك يكون رفض خريطة إشبيلية عاملًا ضاغطًا على اليونان للجلوس على طاولة الحوار. ومن ناحية أخرى، يمثل رفض التحركات التركية والحض على سحب سفن التنقيب الخاصة بها عاملًا ضاغطًا على أنقرة أيضًا لعدم التمادي في إظهار قوتها والاعتماد على التفاوض للوصول لحل سلمي للأزمة.
وخلال زيارة بومبيو الأخيرة إلى اليونان، ذكرت صحيفة “التايمز” أنه سينتهز الفرصة لبحث إمكانية نقل قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا إلى جزيرة كريت اليونانية. وبذلك أكدت الصحيفة البريطانية ما صرح به السيناتور الجمهوري “رون جونسون”، في 13 سبتمبر/أيلول الماضي، بشأن دراسة الإدارة الأمريكية نقل قواتها من قاعدة “إنجرليك” التركية إلى جزيرة يونانية، وفقا لما نقلته صحيفة “واشنطن إجزامنر”.[88]
لكن يقول محللون إنه من الواضح أن زيادة اعتماد الولايات المتحدة على اليونان في شرق المتوسط هو واقع جديد، بيد أنهم أكدوا أن التخلي عن إنجرليك سيكون خطوة دراماتيكية للغاية بالنسبة للدبلوماسية إن لم يكن لأسباب عسكرية، ولذلك فليس متوقعًا أن يحدث ذلك في المستقبل المنظور.[89] وهذا يوافق ما صرح به بومبيو خلال مقابلة أجراها مع صحيفة “كاثيميريني” اليونانية. حيث أجاب – بشكل مقتضب- سؤلًا عن صحة هذه التقارير قائلًا: ” لا توجد خطة للخروج من إنجرليك في هذا الوقت”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ستحافظ على وجودها بقوة في منطقة شرق البحر المتوسط.[90]
في شأن آخر، أظهرت مقاطع فيديو مختلفة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا نقل منظومة S400 الدفاعية التي اشترتها تركيا من روسيا إلى ولاية سينوب على البحر الأسود شمالي تركيا تمهيدًا لإجراء تجارب على تفعيل المنظومة. ورغم غياب التأكيدات الرسمية، إلا أن عشرات مقاطع الفيديو أكدت انتقال عربات يمكن الجزم أنها تابعة لأجزاء من المنظومة، وذلك بالتزامن مع فرض حظر طيران فوق المنطقة.[91] وكما هو متوقع، عاودت الولايات المتحدة انتقاد تركيا من هذا الباب، حيث صرح المتحدث باسم “البنتاغون” جوناثان هوفمان: “إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فإن وزارة الدفاع تدين هذا الاختبار بشدة”. وأضاف: “يجب ألا يتم تفعيلها، لأن القيام بهذا الأمر يحمل خطر إحداث مشاكل كبيرة بالنسبة إلى علاقاتنا الأمنية”.[92]
كما أشارت تقارير أخرى إلى أن تركيا شغلت منظومة الصواريخ الروسية لتعقب مقاتلات إف 16 التابعة لبلدان “الناتو”.[93] الأمر الذي جعل السيناتور جيمس لانكفورد، والسيناتور كريس فان هولين، يدعوان وزير الخارجية مايك بومبيو، إلى فرض عقوبات على أنقرة. لكن سفير تركيا لدى واشنطن، سردار كيليش، نفى هذه المزاعم.[94]
وكانت الولايات المتحدة قد علقت مشاركة تركيا في برنامج صناعة وتطوير طائرات F35، بعد شرائها للمنظومة الروسية. لكن يبدو أن هناك جولات أخرى ستكون بين تركيا وأمريكا إذا فعَّلت الأولى المنظومة، وفي الغالب، فإن حينها لن يقتصر الأمر على البيانات، بل قد يتعدى ذلك لفرض عقوبات على أنقرة.
المحور التاسع: أذربيجان
في شهر يونيو/حزيران 2020 شهد الصراع الأرميني الأذربيجاني منعطفًا مهمًا، حين اندلعت مواجهات للمرة الأولى خارج إقليم “قره باغ” المتنازع عليه، وخارج الأراضي الأذربيجانية التي تحتلها أرمينيا، فدارت مواجهات عسكرية في منطقة “تافوش” الحدودية بين البلدين، حيث شنت القوات الأرمينية هجومًا مدفعيًا على مواقع تتبع للجيش الأذربيجاني، ليتطور الأمر إلى اشتباكات.
في السابع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي عادت القوات الأرمينية إلى الاعتداء على الأراضي الأذربيجانية، فقامت بقصف مناطق عسكرية تتبع الجيش الأذربيجاني، ليرد الأخير بشن عملية عسكرية في إقليم “قره باغ”، مؤكدًا أنه استطاع السيطرة على ست قرى في غضون ساعات.[95]
سارع المسؤولون الأتراك إلى إعلان تضامنهم الكامل مع أذربيجان في حربها لتحرير أرضها المحتلة. واتسم التدخل التركي بالسرعة والصرامة رسميًا وشعبيًا إلى درجة إصدار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار تحذيرًا لأرمينيا من أنها “ستدفع ثمن اعتداءاتها على أراضي أذربيجان”. وفي مشهد نادر، أصدرت 4 كتل برلمانية كبرى في البرلمان التركي، هي أحزاب “العدالة والتنمية”، و”الشعب الجمهوري”، و”الحركة القومية” و”الخير”، بيانًا مشتركًا أدانت فيه “اعتداء أرمينيا المستمر على أراضي أذربيجان”.
التضامن التركي الواسع مع أذربيجان تفسره عوامل عديدة، حيث إن الأتراك – باختلاف توجهاتهم- يعتبرون أن سكان أذربيجان ينتمون إلى العرق التركي، لذلك يرفع المواطنون الأتراك والأذريين شعار ” أمة واحدة في دولتين”ـ ومنذ بداية الحرب، يمكن ملاحظة العلم الأذري منتشرًا في الشوارع التركية، كعلامة تضامن مع أذربيجان.[96]
العامل الاقتصادي أيضًا حاضر في المعادلة، حيث تعتمد تركيا على أذربيجان كمصدر رئيسي للطاقة، وساعدها ذلك في تخفيض اعتمادها على روسيا في تلبية احتياجاتها من الغاز إلى قرابة 42%، بعد أن كانت حتى عام 2015 تستورد 58% من احتياجاتها من روسيا. كما دشنت تركيا الكثير من المشاريع الاقتصادية مع أذربيجان أهمها خط نقل الطاقة “باكو–جهان”، بالإضافة إلى خط السكة الحديدية (باكو–فليكس–قارص)، ولذا فإن أي استهداف لأذربيجان سيضر بالمصالح التركية.[97]
وبالنسبة لمجريات المعركة، فمن الملاحظ أن اليد العليا فيها للجيش الأذري. وحسب تصريح الرئيس الأذري إلهام علييف فإن المسيرات التركية تلعب دورًا محوريًا في تقدم جيش بلاده داخل أراضيه المحتلة، حيث قال أن الجيش الأذري دمر حتى الآن ما قيمته مليار دولار، بفضل الطائرات المسيرة التركية.[98] وحتى الآن، تمكن القوات من تحرير أكثر من 30 قرية في الإقليم المحتل من قبل أرمينيا.[99]
لكن يقول محللون أن الحرب الحالية هي حرب تحريك وليست حرب تحرير، حيث يقولون بصعوبة أن تقوم أذربيجان بتحقيق نصر عسكري حاسم، وذلك لطبيعة المنطقة الجبلية هناك ووعورة مسالكها. ولذلك تعوّل أذربيجان في المرحلة الراهنة على تحقيق إنجازات ميدانية سريعة، يمكن تحويلها إلى أوراق ضغط على أرمينيا في أي عملية سياسية لاحقة.[100]
ورغم أن الحرب تدور رحاها داخل الإقليم المحتل فقط، إلا أن أرمينيا قامت بقصف مناطق مدنية أذرية مأهولة بالسكان، كقصفها لمدينة غاندجا، الذي أوقع 7 قتلى و33 جريحًا، بينهم نساء وأطفال.[101] ويقول مراقبون أن أرمينيا تتعمد هذا القصف لجر أذربيجان لتنفيذ قصف مماثل على المناطق المدنية الأرمينية، وبالتالي تتحول الحرب من داخل “قره باغ” فقط، إلى حرب مفتوحة، تطالب فيها أرمينيا بتدخل أطراف أخرى كروسيا، التي تربطها بها معاهدة دفاع مشترك.
وبالتأكيد فإن تركيا لا تريد تدخلًا روسيا عسكريًا في الأزمة، فدخول روسيا بشكل مباشر إلى الصراع يعني مواجهة مخاطر كبرى تتعلق بانجرار تركيا بشكل مباشر إلى مواجهة عسكرية كبيرة وطويلة الأمد، مع احتمالات ومخاطر الصدام مع روسيا وإطالة أمد الأزمة، وما يرافق ذلك من تبعات عسكرية وسياسية واقتصادية لا ترغب أنقرة في تحملها بالوقت الحالي على الإطلاق، لا سيما في ظل انشغالها بملفات كبيرة أخرى، ومنها إدلب في سوريا، والأوضاع في ليبيا، والتطورات الأخيرة في شرق المتوسط. لذلك تقتصر تركيا على الدعم الدبلوماسي والشعبي حتى الآن.[102]
ومن الواضح أن روسيا لا تريد الدخول في مواجهة عسكرية، حيث تربطها علاقات جيدة بكلا البلدين. لكنها بكل تأكيد – بحكم الجغرافيا – ستكون الضامن الرئيس في أي مفاوضات قادمة بين البلدين المتصارعين، ويمكن أن تتدخل تركيا في معادلة كهذه أيضًا، خصوصًا إذا أصرت أذربيجان على ذلك، أو احتاجت إليها روسيا لكبح جماح القيادة الأذرية.
المحور العاشر: الداخل التركي
شهد الشهر الماضي حديثًا متزايدًا من أحزاب المعارضة التركية حول ضرورة عقد انتخابات عامة مبكرة، حيث قال رئيس حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، إن تركيا ستذهب إلى انتخابات مبكرة وأن تاريخ بلاده يشهد على ذلك، مشددًا على أن هذا الخيار هو المسار الإجباري الذي يجب أن تمضي أنقرة من خلاله.[103] كما اعتبر زعيم حزب “الديمقراطية والتقدم” التركي علي باباجان، أن نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن يستطيع الصمود حتى 2023، الوقت المقرر لإجراء الانتخابات.[104]
لكن تحقيق مطلب المعارضة التركية يبدو أنه صعب جدًا في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها تركيا على مساحة واسعة من الجبهات، كشرق المتوسط، وليبيا، وسوريا، والعراق. ولذلك انتقد الرئيس التركي هذه الدعوات قائلًا إن هذه هي أعمال الدول القبلية، ومتسائلًا: في أي دولة متقدمة من العالم أجريت الانتخابات خارج الوقت المحدد؟[105] كذلك رد الحليف الأول للحزب الحاكم ورئيس الحركة القومية، دولت بهتشلي، على دعوة كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، لإجراء انتخابات مبكرة، وقال: “كل وقت وله أذان، تعلم الصبر”، متهمًا إياه بالهذيان.[106]
في شأن آخر، عاد الحديث مرة أخرى عن إعادة عقوبة الإعدام، حيث أشارت مصادر إلى أن إعادة حكم الإعدام في تركيا بانتظار خطوة أخيرة، حيث أكدت أن القانون موجود على جدول الأعمال بشكل متكرر.[107] في هذا السياق، صرح الرئيس أردوغان أنه سيصدق على تطبيق عقوبة الإعدام، طالما وصل إليه مسودة قرار من البرلمان بشأن ذلك. وأضاف: “إذا اتخذ المجلس هذه الخطوة فسأوافق عليها بكل سرور”.[108]
وتم تطبيق عقوبة الإعدام لآخر مرة في تركيا في عام 1984. لكن عندما أقر البرلمان حزمة إصلاحات في عام 2002 ألغيت هذه العقوبة، وتم حذفها من قانون العقوبات عام 2004 وسط مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وبعد الانقلاب الفاشل في 15 يوليو 2016، برز الجدل حول عقوبة الإعدام والمطالبات بإعدام مدبري الانقلاب. وجدير بالذكر أن له ارتدادات خارجية كذلك، حيث سيترتب عليه انسحاب تركيا من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وبالتالي البُعد أكثر فأكثر عن هدف الانضمام للاتحاد الأوروبي.[109]
وفي حدث أثار ردود فعل رسمية وشعبية قوية، غرّد قاضٍ بالمحكمة الدستورية بتركيا بصورة لمبنى المحكمة مرفقة بعبارة “الأضواء مُنارة”، في إشارة إلى جملة شبيهة استخدمت في تسعينيات القرن الماضي كتهديد بانقلاب عسكري، حيث كانت رئاسة الأركان التركية قد استخدمت جملة “أضواء رئاسة الأركان مُنارة” كتهديد بانقلاب عسكري، في عام 1997 عندما أجبر العسكر رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان على الاستقالة.[110] وفي تغريدة ذات دلالة قالت وزارة الداخلية في حسابها على تويتر: “أضواؤنا لا تنطفئ أبدا”، مرفقة صورة لمبنى الوزارة. كذلك علق وزير العدل عبد الحميد غل على التغريدة، وكتب “الذين يحنّون للوصاية يفقدون صلاحية الحديث باسم القانون، الأنوار يضيئها الشعب ويطفئها الشعب”.
وبعد توالي الردود والهجوم حذف القاضي التغريدة وكتب أنه قصد “أنوار القانون، وليس أي أنوار أخرى”. وأضاف أن جملته فسّرت بطريقة لم يقصدها، وأنه كان يعني أن المحكمة الدستورية منارة للقانون، مؤكدا أنه لا يمكن له مجرد الإيحاء بأي شكل أو أداة أو محاولة غير ديمقراطية. كما اجتمعت المحكمة الدستورية العليا، وأصدرت بيانًا قالت فيه إن تغريدات أعضائها على وسائل التواصل لا تعكس رأي المحكمة المؤسسي، مؤكدة أن المحكمة ترفض كل عمل غير ديمقراطي يستهدف النظام الدستوري، وأنها تقف مع دولة القانون الديمقراطية.[111]
وبعيدًا عن الشأن السياسي، أعلن الرئيس أردوغان اكتشاف 85 مليار متر مكعب إضافي من الغاز الطبيعي في البحر الأسود، مبينًا أن إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي المكتشف في منطقة “تونا ـ 1” بحقل صقاريا (البحر الأسود) بلغ 405 مليارات متر مكعب.[112] وبذلك تخطو تركيا خطوة أخرى نحو سد حاجاتها من الطاقة، حيث صرح أردوغان أن الغاز الطبيعي الذي اكتشفته بلاده في البحر الأسود، كاف لسد احتياجاتها من الغاز لأعوام عديدة.[113]
المصادر:
[1] العربية، المعارضة السورية: طائرات روسية تنفذ أعنف قصف لإدلب منذ وقف النار، 20 سبتمبر/أيلول 2020
[2] العربي الجديد، تصعيد في إدلب: لا تفاهمات روسية – تركية، 19 سبتمبر/أيلول 2020
[3] البيان، دائرة الخلاف الروسي التركي تتسع حول إدلب، 19 سبتمبر/أيلول 2020
[4] العربي الجديد، أبرز النقاط الخلافية بين تركيا وروسيا حول إدلب، 19 سبتمبر/أيلول 2020
[5] المصدر نفسه
[6] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يهدد بعملية عسكرية جديدة شمالي سوريا، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[7] ديلي صباح، قالن: تركيا يمكن أن توسع عملياتها بسوريا في أي لحظة، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[8] RT، أردوغان: لن نقبل مأساة جديدة في إدلب ومستعدون لإزالة مناطق الإرهاب المتبقية، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[9] إذاعة وطن، الجيش التركي ينشئ نقطة عسكرية جديدة في جبل الزاوية جنوبي إدلب، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[10] وكالة أنباء تركيا، الجيش التركي يدخل دبابات ثقيلة إلى إدلب، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[11] القدس العربي، أنباء عن نية تركيا سحب نقاطها المحاصرة من قبل النظام السوري، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[12] العربي الجديد، سحب منتظر لنقاط المراقبة التركية جنوبي إدلب، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[13] الخليج الجديد، داوود أوغلو: قادة الانقلاب بالجيش أفشلوا مخططا لتحرير حلب في 2014، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[14] RT، السراج يعلن استقالته من رئاسة حكومة الوفاق الليبية، 16 سبتمبر/أيلول 2020
[15] ديلي صباح، أردوغان: اعتزام السراج الاستقالة أمر مؤسف، 18 سبتمبر/أيلول 2020
[16] الجزيرة، لماذا يريد السراج ترك منصبه في هذا التوقيت؟ وهل تنجح لجنة الحوار في تشكيل رئاسي جديد؟، 17 سبتمبر/أيلول 2020
[17] تركيا الآن، جاويش أوغلو: السراج أعلن أنه سيضحي من أجل مستقبل بلاده، 17 سبتمبر/أيلول 2020
[18] RT، الرئاسة التركية: عزم السراج على الاستقالة قد يكون رد فعل على قضايا خلافية في ليبيا، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[19] يني شفق، أنقرة: أكار يستقبل نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، 15 سبتمبر/أيلول 2020
[20] وكالة أنباء تركيا، أنقرة.. تشاويش أوغلو يستقبل نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، 15 سبتمبر/أيلول 2020
[21] أخبار ليبيا 24، بعد عزمه الاستقالة .. امطير لـ”السراج”: اقرأ الاتفاق السياسي، 16 سبتمبر/أيلول 2020
[22] الأناضول، وزير الدفاع التركي يبحث مع نظيره الليبي مستجدات الأزمة، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[23] يني شفق، وزير الدفاع التركي يبحث مع المشري المستجدات في ليبيا، 22 سبتمبر/أيلول 2020
[24] ترك برس، أردوغان للسراج: سنقدم كافة أشكال الدعم لرخاء ليبيا، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[25] العربية، أردوغان: الاتفاقيات الموقعة مع السراج ستبقى نافذة ، 21 سبتمبر/أيلول 2020
[26] الأناضول، الرئاسة التركية: المجلس الرئاسي الليبي قد يتحول لهيكل جديد، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[27] العربي الجديد، تقارب روسي تركي بشأن ليبيا…واستقالة السراج تسرع مشاورات الحل، 18 سبتمبر/أيلول 2020
[28] TRT، تنفيذاً لمذكرة التفاهم.. المقاولون الأتراك يستأنفون أعمالهم في ليبيا، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[29] الأناضول، إسطنبول.. انطلاق أعمال المنتدى الاقتصادي التركي ـ الليبي، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[30] وكالة أنباء تركيا، نحو مليار دولار حجم صادرات تركيا إلى ليبيا منذ بداية عام 2020، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[31] RT، حكومة “الوفاق” تعلن إطلاق برامج بناء الجيش الليبي مع تركيا، 20 سبتمبر/أيلول 2020
[32] تركيا الآن، تركيا تؤكد استمرارها في تدريب قوات الدفاع الجوي التابعة للوفاق، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[33] تركيا الآن، المرأة الحديدية لأردوغان: كٌف عن إثارة مشكلاتك الشخصية مع الرئيس السيسي، 20 سبتمبر/أيلول 2020
[34] العربية، أردوغان: أحزننا اتفاق اليونان مع مصر ومستعدون للحوار، 18 سبتمبر/أيلول 2020
[35] رصد، تركيا: مستعدون للتجاوب مع مصر، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[36] المصدر نفسه
[37] القدس العربي، وزير الخارجية التركي يكشف عن مباحثات مع مصر على المستوى الاستخباراتي، 17 سبتمبر/أيلول 2020
[38] العربي الجديد، مصر ترفض تصريحات تركيا بشأن 30 يونيو، 19 سبتمبر/أيلول 2020
[39] القدس العربي، مصادر خاصة لـ”القدس العربي”: أنقرة والقاهرة تباشران بخطوات “بناء ثقة” لتحقيق تقدم في المباحثات الثنائية، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[40] الخليج الجديد، حصري.. تعليمات عليا للإعلام المصري بتخفيف حدة الهجوم على تركيا، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[41] الأناضول، المعارض المصري محمد علي يناشد الرئيس أردوغان حماية أسرته، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[42] الجزيرة-مصر، محمد علي: ياسين أقطاي وعدني بتأمين عائلتي، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[43] ترك برس، البرلمان التركي يقر تمديد إرسال قوات إلى العراق وسوريا، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[44] العربي الجديد، اتفاق بين بغداد وأربيل على تطبيع الأوضاع في سنجار، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[45] زكالة أنباء تركيا، السفير التركي في العراق عن اتفاقية “سنجار”: مستعدون للتعاون بمكافحة الإرهاب، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[46] الجزيرة، نفوذ دولي وتشابك مصالح.. هل تستطيع الحكومة العراقية إخراج حزب العمال الكردستاني من سنجار؟، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[47] الأناضول، كاميرا “الأناضول” ترصد أنشطة “بي كا كا” الإرهابية في سنجار، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[48] الخليج 365، الكاظمي يستقبل وزير الخارجية اليوناني، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[49] الخليج الجديد، أنقرة توجه دعوة رسمية إلى الكاظمي لزيارة تركيا، 17 سبتمبر/أيلول 2020
[50] الجزيرة، سيناريوهات مفتوحة.. هل بات العراق ساحة حرب باردة بين تركيا وخصومها؟، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[51] تركيا الآن، مجلس الغرف التجارية بالرياض: مقاطعة «كل ما هو تركي» مسؤولية كل سعودي، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[52] الأناضول، بمواجهة دعوات مقاطعتها.. ناشطون عرب يطلقون حملة لدعم تركيا، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[53] DW، السعودية ـ دعوات لمقاطعة “كل ما هو تركي” وسط توتر العلاقات، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[54] BBC، السعودية وتركيا: هل أعلنت الرياض الحرب الاقتصادية على أنقرة؟ 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[55] العرب اليوم، وزيرا خارجية السعودية واليونان يناقشان هاتفيا التعاون الثنائي وتطورات شرقي المتوسط، 22 سبتمبر/أيلول 2020
[56] أخبار العالم، أردوغان: لن نبقى بسوريا للأبد ونعمل لضمان استقرار الخليج، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[57] الخليج الجديد، الكشف عن هوية جاسوس الإمارات في تركيا وعلاقته بدحلان، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[58] الأناضول، أردوغان يعود لتركيا مختتمًا زيارته للكويت وقطر، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[59] الجزيرة، صنعت في تركيا.. قطر تتسلم فرقاطة “الدوحة” إحدى أكبر سفن التدريب العسكري بالعالم، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[60] الخليج الجديد، تركيا تخطط لزيادة استيراد الغاز الطبيعي من قطر، 26 سبتمبر/أيلول 2020
[61] ترك برس، قطر.. رئيس الأركان يبحث مع سفير تركيا تعزيز العلاقات، 27 سبتمبر/أيلول 2020
[62] الأناضول، قطر.. سفير أنقرة بالدوحة يزور مقر القاعدة التركية، 27 سبتمبر/أيلول 2020
[63] يني شفق، مباحثات تركية قطرية لتعزيز التعاون في مجال حقوق الإنسان، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[64] الأناضول، الدوحة.. مباحثات قطرية تركية حول التعاون بمجال التعليم، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[65] فرانس 24، اتفاق بين فتح وحماس على إجراء انتخابات فلسطينية “في غضون ستة أشهر”، 24 سبتمبر/أيلول 2020
[66] وكالة أنباء تركيا، هنية: اجتماعنا مع “فتح” في إسطنبول إيجابي ويمهد لحوار وطني شامل، 25 سبتمبر/أيلول 2020
[67] TRT، الاتفاق الإماراتي-“الإسرائيلي” من منظور تركي، 26 أغسطس/آب 2020
[68] TRT، الإمارات تعبث شرق المتوسط.. هل تستطيع إسرائيل حمايتها من الحساب التركي؟، 25 أغسطس/آب 2020
[69] يني شفق، “الخارجية” الفلسطينية تُشيد بكلمة الرئيس التركي أمام “الجمعية العامة”، 23 أغسطس/آب 2020
[70] الجزيرة، حوارات المصالحة. ما مصير لقاء أمناء الفصائل الفلسطينية؟، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[71] RT، “الناتو” يعلن تشكيل آلية لفض النزاع بين تركيا واليونان في شرق المتوسط، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[72] TRT، استفزاز يوناني جديد.. إخطارا “نافتكس” بمنطقتَي صلاحية تركية، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[73] يني شفق، سفينة “أوروتش رئيس” تعود لأداء مهامها شرقي المتوسط، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[74] القدس العربي، تجدد التوتر في شرق المتوسط.. مناورات عسكرية وعمليات تنقيب وتهديدات متبادلة، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[75] RT، اليونان تدين فتح تركيا “مدينة أشباح” قبرصية محمية بقرار دولي، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[76] RT، الرئيس القبرصي ينتقد خطوة فتح شاطئ فاروشا “غير القانونية”، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[77] القدس العربي، الجيش التركي يعيد فتح ساحل فاروشا في شمال قبرص المهجور منذ 1974، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[78] الخليج الجديد، انتصار مفاجئ.. تتار المدعوم من أردوغان رئيسا لقبرص التركية، 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[79] عربي 21، لماذا يشكل فوز “تتار” برئاسة قبرص التركية علامة فارقة لأنقرة؟، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[80] تركيا الآن، تفاصيل مخطط أردوغان للتخلص من رئيس قبرص التركية في «مدينة الأشباح»، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[81] اليوم السابع، صور.. مناورات عسكرية بين فرنسا واليونان لمواجهة الأطماع التركية فى المتوسط، 13 أغسطس/آب 2020
[82] الجزيرة، أردوغان: الشرعية ستنتصر في ليبيا وفرنسا تحرض اليونان وأرمينيا، 8 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[83] جريدة الأنباء، ماكرون يهاجم الإسلام: يعيش أزمة في كل مكان بالعالم، 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[84] CNN، أردوغان ردا على تصريحات ماكرون حول الإسلام: “وقاحة وقلة أدب”، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[85] الميادين، اليونان وتركيا تتفقان على عقد محادثات فنيّة لدى “الناتو” لإقامة آليّات لمنع الصدام، 3 سبتمبر/أيلول 2020
[86] وكالة أنباء تركيا، أمريكا تنسف خريطة الحدود البحرية لليونان شرقي المتوسط: غير قانونية، 21 سبتمبر/أيلول 2020
[87] الجزيرة، شرق المتوسط.. بومبيو إلى اليونان في زيارة دعم وتركيا تدعو إلى احترام حقوقها، 25 سبتمبر/أيلول 2020
[88] الخليج الجديد، التايمز: بومبيو في اليونان لبحث نقل إنجرليك التركية إلى كريت، 28 سبتمبر/أيلول 2020
[89] الجزيرة، بعد دعوات لنقلها من تركيا.. هل تكون كريت اليونانية بديلا لقاعدة إنجرليك الأميركية؟، 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[90] صحافة نت، بومبيو لصحيفة يونانية: لا توجد خطة لمغادرة إنجرليك التركية حاليا، 30 سبتمبر/أيلول 2020
[91] القدس العربي، وسط مخاوف الناتو وتهديدات واشنطن.. هل قررت تركيا تفعيل منظومة S400 الدفاعية الروسية؟، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[92] الأناضول، “البنتاغون”: قلقون إزاء أنباء تفعيل تركيا منظومة “إس 400″، 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[93] الحرة، “تقارير موثوقة” بأن تركيا شغلت الـ”إس 400″ الروسي ضد مقاتلات الناتو، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[94] RT، تركيا تنفي استخدامها منظومة “إس-400” لرصد طائرات “إف-16″، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[95] TRT، ما دوافع أرمينيا في اعتدائها الحالي على سيادة أذربيجان؟، 28 سبتمبر/أيلول 2020
[96] الجزيرة، أمة واحدة في دولتين.. هكذا يعيش الأتراك الحرب الأذرية الأرمينية، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[97] TRT، ما دوافع أرمينيا في اعتدائها الحالي على سيادة أذربيجان؟، 28 سبتمبر/أيلول 2020
[98] ترك برس، أذربيجان: دمّرنا أسلحة أرمينية قيمتها مليار دولار بفضل المسيّرات التركية، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[99] وكالة أنباء تركيا، الجيش الأذري يواصل تكبيد الاحتلال الأرميني خسائر بالعتاد والأرواح، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[100] الجزيرةـ في ظل فشل الهدنة.. ما سيناريوهات الحرب بين أرمينيا وأذربيجان؟، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[101] الأناضول، نائب أردوغان: استهداف “كنجه” الأذربيجانية غدرٌ أرميني وانتهاك للقانون، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[102] القدس العربي، تركيا ما بين الرغبة في تحرير قره باغ وقبول الهدنة لتجنب دخول روسيا الحرب، 10 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[103] تركيا الآن، داود أوغلو: تركيا في طريقها نحو انتخابات مبكرة.. والتاريخ يشهد على ذلك، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[104] RT، باباجان: نظام أردوغان لن يستطيع الصمود حتى 2023، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[105] تركيا الآن، تصريحات الرئيس أردوغان حول الانتخابات الرئاسية المبكرة، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[106] تركيا الآن، حليف أردوغان يرفض دعوة الانتخابات المبكرة.. ويهاجم زعيم المعارضة: أنت تهذي، 13 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[107] تركيا الآن، إعادة تفعيل حكم الإعدام في تركيا بانتظار هذه الخطوة الأخيرة، 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[108] المصدر نفسه
[109] أحوال تركية، التحالف الحاكم في تركيا يستخدم الجدل حول عقوبة الإعدام كطُعم، 9 سبتمبر/أيلول 2020
[110] تركيا الآن، تركيا.. قضية “الأضواء تشتعل” تلفت الأنظار داخل مواقع التواصل الاجتماعي، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[111] الجزيرة، “الأضواء مُنارة”.. تغريدة لقاض تركي تستدعي الانقلابات العسكرية وتثير ردودا واسعة، 14 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[112] الأناضول، أردوغان يعلن عن كشف غازي ضخم جديد بالبحر الأسود، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2020
[113] فلسطين أونلاين، أردوغان: الغاز المكتشف بالبحر الأسود كاف لسد حاجتنا أعواما، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020