الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
تمديد أممي لآلية المساعدات الإنسانية
المحور الثاني: ليبيا
حفتر يهدد باحتلال العاصمة
تعاون في مجالات عدة
المحور الثالث: مصر
أسباب الفتور في محادثات التقارب
تنسيق مصري مع قبرص واليونان
المحور الرابع: العراق
محادثات حول مشكلة المياه
استمرار العمليات العسكرية
المحور الخامس: الخليج
تواصل طفيف مع السعودية والبحرين
زيارة شنطوب إلى الكويت
المحور السادس: فلسطين والكيان الصهيوني
هل تتحسن العلاقات مع الاحتلال؟
استمرار الموقف التركي من القضية الفلسطينية
المحور السابع: أوروبا
ملفات تركية متعددة في القمة الأوروبية
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
تعاون في الملف الأفغاني
تقرير أمريكي يحمل اتهامات لتركيا
المحور التاسع: الداخل التركي
إطلاق مشروع قناة إسطنبول رسميًا
منافس أردوغان في الانتخابات القادمة
المقدمة
تحاول القيادة التركية تهيئة الساحة الداخلية للانتخابات العامة القادمة في 2023، وذلك بعمل مشاريع ضخمة كمشروع قناة إسطنبول الذي وضع الرئيس أردوغان حجر الأساس له مؤخرًا، وكذلك بالتهدئة خارجيًا مع بعض الجهات الخارجية كمصر والسعودية، وأوروبا، والولايات المتحدة. لكن مسار التقارب مع الدول العربية يمر بمخاض عسير فيما يبدو لأسباب عدة نستعرضها في هذا العدد.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فهناك تقدم في المحادثات بين الجانبين؛ إلا أن أنقرة ترى أن الخطوات التي يتخذها الاتحاد في الملفات المشتركة ليست كافية. أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة، فتبقى الملفات الرئيسية التي تسبب معضلة في العلاقات مستمرة، لكن بدأ الطرفان في التعاون حول الملفات التي بها تلاقي في المصالح، كالملف الأفغاني.
وفي مقابل هذه الخطوات الحكومية التركية، تستعد المعارضة في الداخل للانتخابات الرئاسية، حيث يستمر الحديث حول هوية المرشح الذي سينافس الرئيس أردوغان في الانتخابات القادمة. ويبدو أن هناك رغبة لدى رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كلجدار أوغلو، لترشيح نفسه، لعدة أسباب نناقشها في هذا الملف.
وفيما يتعلق بباقي الدول العربية، فيستمر المنحنى الصاعد في العلاقات التركية-الكويتية. كما يستمر الوجود التركي في العراق، لكن هناك حراك بين الدولتين لحل مشكلة المياه التي يعاني منها الأخير. وعلى الجانب السوري، فقد تجاوزت الأطراف الفاعلة احتمالية التصعيد العسكري بموافقتها على تمديد آلية المساعدات الإنسانية. أما في ليبيا، فتتعدد الأخطار بمرور الوقت على الحل السياسي، كما يستمر الضغط الدولي على تركيا للخروج من الساحة الليبية، لكن من الواضح تلاقي الرغبة الليبية الحكومية مع الرغبة التركية في استمرار الوجود التركي، في ظل الأخطار التي تتعرض لها التجربة السياسية الليبية.
ومؤخرًا، تصاعد الحديث حول حلحلة للمشكلات بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، ونناقش هنا أسباب ومحددات ذلك حال حدوثه.
في السابع والثامن من يوليو/ تموز الجاري، التقت الأطراف الضامنة على الساحة السورية في مؤتمر “أستانة 16″، الذي عُقد في العاصمة الكازاخية نور سلطان. وحضر المؤتمر وفود الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران، ووفدي المعارضة والنظام السوري، فضلًا عن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، إضافة إلى وفود الدول المجاورة لسوريا وهي العراق والأردن ولبنان، التي تحضر بصفة مراقب.[1]
وناقش الحاضرون عدة موضوعات تخص الشأن السوري، منها الوضع الإنساني وإيصال المساعدات إلى سوريا، وأعمال اللجنة الدستورية، والحل السلمي، والأوضاع الأخيرة في إدلب، إلى جانب مكافحة الإرهاب، وخاصة التنظيمات الإرهابية شرقي الفرات. ووفق بيان صادر عن الخارجية التركية، فإن الأطراف المجتمعة أكدت على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وأهمية عقد الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية في هذا الإطار.[2]
كما شددت على رفضها الأجندات الانفصالية التي تستهدف وحدة الأراضي السورية ووحدتها السياسية، والإدارات الذاتية غير القانونية التي يجري السعي لإنشائها بحجة محاربة الإرهاب. بالإضافة إلى رفضها الهجمات الأخيرة على المدنيين والمباني المدنية، وخاصة هجوم تنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” الإرهابية على مستشفى مدعوم من الأمم المتحدة في عفرين بتاريخ 12 يونيو/ حزيران.[3]
وفي الحقيقة، فإن ما سبق ذكره من تأكيد ورفض لا يعدو كونه تصريحات لا تغير شيئًا في الواقع الحالي، فقد تراجعت أهمية الملف السوري بشكل كبير على الساحة الدولية، حتى إن الملف بات متأخرًا في سلم أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن. لكن ربما كان الملف الإنساني هو الأبرز حضورًا، حيث نال أهمية الحاضرين في المؤتمر.
فقد توصلت الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى قرار مشترك بتمديد آلية المساعدات لمدة 6 شهور قابلة للتجديد للمدة ذاتها، وصوت أعضاء المجلس بالإجماع على مشروع القرار المشترك الذي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة. ويسمح القرار بذلك بإيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا لمدة عام من معبر “باب الهوى” على الحدود التركية، الذي هو المعبر الوحيد المفتوح بين تركيا وسوريا حاليًا.[4]
وقد رحبت تركيا بالقرار، حيث أصدرت الخارجية التركية بيانًا قالت فيه: “تُعد مساعدات الأمم المتحدة المرسلة عبر معبرنا الحدودي ضرورية لاستمرار الاستجابة الفعالة للأزمة الإنسانية في سوريا ومن أجل الاستقرار والأمن الإقليميين”. وأضافت: “لذلك فإننا نرحب باستمرار آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود التابعة للأمم المتحدة الفاعلة من أجل تلبية احتياجات الشعب السوري عبر تركيا”.[5]
وفي الحقيقة، فإنه كان هناك قلق عام من موجة تصعيد بين الفصائل المسلحة في إدلب، التي تدعمها تركيا بشكل أو بآخر، والنظام السوري المدعوم من روسيا وإيران، حال رفضت موسكو تمديد آلية المساعدات. وفي المقابل، كانت الولايات المتحدة ترفع من سقف مطالبها وتحدثت عن فتح ثلاثة معابر، هي باب الهوى في إدلب، وباب السلامة في ريف حلب الشمالي، واليعربية في محافظة الحسكة وهو المعبر الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الإرهابية.[6]
لكن في النهاية، يبدو أن الأطراف كلها على الساحة السورية لم ترغب في التصعيد العسكري. فمن جانب الولايات المتحدة، فإن اهتمامها في الملف السوري بات منصبًا في الأساس على الجانب الإنساني. أما الجانب التركي، فهو لا يرغب في موجة تصعيد تهدم ما يشيده في إدلب من مرافق، تمهيدًا لعودة بعض اللاجئين إلى المناطق المحررة من قبضة النظام. كما أن تركيا بذلك تفادت حدوث موجة لجوء جديدة من إدلب للأراضي التركية، في وقت يصعب على الدولة التركية استيعاب لاجئين جدد.
أما فيما يخص روسيا، فالنظام السوري يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة في المناطق التي يسيطر عليها، وفي سبيل ذلك تحاول روسيا أن تخفف على النظام وقع العقوبات الدولية. ويبدو أن الكرملين يرى أن التصعيد العسكري المفتوح في الوقت الحالي سيعقد من الأمور، ولن يحل المشكلة الاقتصادية للنظام.
وعلى هذا، يرجح مراقبون أن تكون روسيا قد حصلت على مكاسب عدة، مقابل عدم استخدامها حق النقض “الفيتو” فيما يخص استمرار إيصال المساعدات، في مقدمتها الحصول على ضمانات أمريكية، بتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على نظام بشار الأسد، في إطار قانون “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا، ورفع بعض القيود عن القيام بعمليات إعادة إعمار محدودة في مناطق سيطرة النظام.[7]
إذن، فقد صب القرار الأممي في صالح كل اللاعبين على الساحة السورية، بما فيهم تركيا بطبيعة الحال. وهو في الأساس يصب في صالح الشعب السوري الذي سيستفيد من هذه المساعدات في وقت يمر فيه بظروف اقتصادية غير مسبوقة.
تشهد الحالة الليبية مؤخرًا إشارات سلبية تهدد المسار السياسي الذي أثمر حتى الآن إدارة جديدة تقود البلاد حتى عقد انتخابات عامة أواخر العام الجاري. ذكرنا من هذه الإشارات في العدد الماضي، إجراء قوات ضابط الجيش المتقاعد، خليفة حفتر، استعراضًا عسكريًا في مدينة بنغازي، اعترض عليه عبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي، قائلًا “إن المجلس شدد مرارًا وتكرارًا على تجنب القيام بأي تصرفات أحادية ذات طابع عسكري من أي طرف، والتي قد تؤدي إلى نشوب الحرب مجددًا”.[8]
بالإضافة إلى قرار حفتر بإغلاق الحدود مع الجزائر، واعتبرها “منطقة عسكرية”، تحت ادعاء شن عملية عسكرية لملاحقة من وصفهم بـ”الإرهابيين التكفيريين” وطرد عصابات المرتزقة الأفارقة.[9] وخلال الأسابيع الماضية، استمرت الإشارات السلبية التي كان أهمها هو تهديد حفتر باقتحام طرابلس مرة أخرى، قائلًا خلال لقاء له مع الإعلامي التابع له، محمود المصراتي: “إن لم نصل لحل، فإن قواتكم المسلحة (مليشيات حفتر) مستعدة مرة أخرى لتحرير العاصمة”.[10]
علاوة على ما سبق ذكره، فإن عرقلة حفتر وتابعيه لعمل حكومة الوحدة الوطنية ما زال مستمرًا، حيث منع النواب التابعين له في مجلس النواب تمرير الميزانية، الأمر الذي يصعب على الحكومة التصرف في الملفات الحيوية التي تحتاج فيها البلاد دعمًا ماليًا.
واضطرت الحكومة للجوء إلى المجلس الأعلى للدولة، ومحافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، اللذان اتفقا على منح الميزانية للحكومة شهرًا بشهر، بحضور رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية سليمان محمد الشنطي، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ.[11] وكل هذه الإشارات السابق ذكرها تؤكد نية حفتر تخريب المسار السياسي الليبي إذا لم يكن له دور في مستقبل ليبيا.
وعلى الجانب الآخر، يتعرض الحضور التركي في ليبيا لهجوم من أطراف غربية، حيث ركز المؤتمر الدولي الثاني بخصوص الأزمة الليبية، الذي انعقد في 23 حزيران/ يونيو الماضي، على موضوع إخراج القوات الأجنبية من ليبيا، في إشارة واضحة إلى تركيا.[12] كما أن هناك خطة فرنسية، ناقشها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع الرئيسين الأميركي جو بايدن، والتركي رجب طيب أردوغان.
وتقترح الخطة -التي تتضمن جدولًا زمنيًا مدته 6 أشهر وتنفذ على 3 مراحل- أن تقوم تركيا في المرحلة الأولى بسحب ما ادعت أنهم مسلحين سوريين الذين أرسلوا إلى ليبيا في عام 2020. على أن تقوم روسيا في المرحلة الثانية بسحب مليشياتها من مجموعة فاغنر، بالتزامن مع سحب تركيا جنودها في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل. ثم إعادة توحيد قوات الأمن الليبية كخطوة ثالثة.[13]
والمشكلة في هذا الطرح أنه يتغاضى عن محاولات حفتر الرامية لتخريب المسار السياسي، في حين أنهم يحاولون سلب الحكومة الليبية من مصادر قوتها، التي يعتبر الوجود التركي من أهمها.
استمرار التواجد التركي في ليبيا
وعلى هذا، أكدت تركيا مرارًا على أهمية التفريق بين المدربين والمستشارين الأتراك في ليبيا، وبين الميليشيات المسلحة والمرتزقة الروس الذين يحاربون في صفوف الانقلابي حفتر.[14] وفي إشارة على أن تركيا لن تتماهى مع هذه المطالبات في هذا الجو الذي يسوده القلق على المسار الديمقراطي، صرح الرئيس، رجب طيب أردوغان، أن بلاده موجودة في ليبيا وأذربيجان وسوريا والعراق وشرق البحر المتوسط وسوف تواصل وجودها.[15] كما أكد أردوغان في مناسبة أخرى، هذا الشهر، أن “نجاحات تركيا في ليبيا أعادت خلط الأوراق إقليميًا ودوليًا”.[16]
وفضلًا عن هذه البيانات التركية الصريحة، فإن هناك تنسيقًا مستمرًا بين أنقرة وطرابلس بهذا الخصوص، حيث التقى رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، مع سفير تركيا لدى طرابلس كنعان يلماز، أوائل الشهر الجاري.[17] وكذلك، بحث رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، مع المشري مؤخرًا، الوضع في ليبيا، ومستجدات إجراء الانتخابات الليبية. وأكد الطرفان، في اتصال هاتفي، على “تطابق الرؤى بين مجلس الأمة التركي (البرلمان) والمجلس الأعلى للدولة (الليبي) حول ضرورة إجراء هذه الانتخابات على أسس دستورية صلبة وسليمة”.[18]
وعلى هذا، يمكن القول إن هناك دفعًا من قبل حفتر وداعميه نحو التصعيد العسكري مرة ثانية، ومحاولات لإخراج تركيا من المعادلة الليبية. ولذا، فإن كلًا من تركيا وقيادة الحكومة الليبية يتمسكان بتحالفهما ضد محاولات إضعاف الحكومة، وضد أي خطوة من شأنها إفساح المجال لحفتر سياسيًا أو عسكريًا لتحديد مستقبل ليبيا.
تعاون في مجالات عدة
وفي أثناء التصعيد المتدرج الذي يتعرض له الملف السياسي، فإن هناك تعاونًا متناميًا بين أنقرة وطرابلس. فعلى المستوى الاقتصادي، باشرت مجموعة “كرانفيل” التركية، أواخر الشهر الماضي، تنظيم رحلات النقل البحري “رورو” من تركيا إلى ليبيا، من أجل زيادة حجم التجارة بين البلدين. وأوضحت المجموعة أنها نفذت أول رحلة نقل “رورو” من ميناء “أمبارلي” بإسطنبول إلى ميناء مصراتة الليبية.[19]
ويعد نظام “رورو” (Ro-Ro) أسلوب يستخدم في نقل البضائع بين البلدان، عبر خط بحري؛ حيث يتم من خلاله تصدير المنتجات على شاحنات، تنقلها عبّارات تُسمى “سفن الدحرجة”. وهذه السفن مصممة لحمل السيارات والقاطرات والشاحنات، التي تنقل بضائع بين ميناءين، ثم تتابع طريقها برًا.
كما أبرمت جامعتا مصراتة الليبية ويالوفا التركية مذكرة تفاهم لتعزيز “التعاون المشترك بينهما في المجال الأكاديمي والتدريبي”.[20] وكذلك، بحث السفير التركي بليبيا مع رئيس الهيئة العامة للخيالة والمسرح والفنون الليبية محمد البيوضي، إمكانية زيادة التعاون الثنائي في مختلف مجالات الفنون والتدريب والإنتاج الفني، بداية الشهر الجاري.[21]
قلّ الزخم الذي كان موجودًا حول التقارب التركي-المصري خلال الأسابيع الأخيرة، حيث لم تُعقد الجلسة الثانية بعد من المحادثات الاستكشافية، رغم مرور ما يقارب الشهرين ونصف على عقد الجلسة الأولى في القاهرة، على مستوى نائبي وزيري خارجية البلدين. ورغم ذلك، ما زالت هناك تصريحات تصدر من الجانبين تعد إيجابية بشكل أو بآخر.
فمن الجانب التركي، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلغيتش، أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي أن “العلاقات التركية ـ المصرية مهمة جدًا لاستقرار وازدهار المنطقة، كما أن مصر أكبر شريك تجاري لتركيا في إفريقيا”. وأضاف: “نولي أهمية لعلاقاتنا التاريخية والثقافية المشتركة والاتصالات بين شعبينا، وآخرها تأسيس مجموعة صداقة بين البلدين في البرلمان التركي، وكان سادات أونال، نائب وزير الخارجية، بالقاهرة في مايو/ أيار الفائت”، مشيرًا إلى أن هدف تركيا يتمثل في زيادة نقاط الاتفاق في القضايا الثنائية والإقليمية وتطوير تفاهم مشترك مع مصر.[22]
ومن الجانب المصري، قال وزير خارجية النظام، سامح شكري، بشأن تخفيف لهجة الانتقادات الإعلامية في قنوات المعارضة المصرية بتركيا على طريق تهيئة الأرضية لتطبيع العلاقات بين البلدين: “هذه خطوة إيجابية من جانب تركيا، وبالتأكيد نؤكد أن العلاقات الطبيعية (بين الدول) مبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية”.[23]
وأكد أنه “ما زالنا في المرحلة الاستكشافية ورصد ومتابعة ما يتخذ من إجراءات تعكس اهتمام الجانب التركي بعودة العلاقات، والأخذ من جانبهم بالملاحظات المصرية التي تسبب الحساسية بهذا الصدد”، وأردف أنه “لا توجد لقاءات قريبة مع أنقرة حاليًا”، غير أن “محادثات استكشافية جديدة مع تركيا” ستكون مستقبلًا.[24]
ومن الواضح أن هناك اختلاف في اللهجة بين تصريحات المسؤولين الأتراك والمصريين، حيث تبدو اللهجة التركية أكثر ترحيبًا بالتقارب؛ لكن في الأخير فإن لهجة “شكري” تدلل على أن المحادثات المصرية- التركية لم تصل إلى طريق مسدود رغم “حالة الفتور” التي تبدو سائدة حاليًا.
وبجانب التصريحات الصادرة عن البلدين، زارت وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية، ديريا يانيق، مصر، بهدف المشاركة في المؤتمر الوزاري الثامن لمنظمة التعاون الإسلامي حول دور المرأة.[25]
وقد يعود بطء عملية التقارب بين الجانبين إلى أكثر من من سبب. ومنها على سبيل المثال الملف الليبي. حيث ما زال هناك حضورًا تركيًا في ليبيا، البلد الجار لمصر. وهذا الأمر أزعج وما زال يزعج القاهرة، التي استثمرت كثيرًا في الانقلابي الليبي، خليفة حفتر، الذي ساهم التدخل التركي في دحره من كامل الغرب الليبي.
وبالتأكيد، فإن القاهرة تحاول ثني أنقرة عن وجود قوات لها في ليبيا، تحت دعاوى عدة؛ إلا أنه ليس من المتوقع أن تستجيب تركيا لهكذا مطلب، حتى لو تسبب ذلك في تعطل أو تأجيل مسار التفاهم الحالي بين البلدين. وخصوصًا وأن ليبيا في حاجة إلى استمرار التواجد التركي هناك في هذه الأوقات، التي تصاعدت فيها تهديدات حفتر، بتعطيل العملية السياسية، ومعاودة اقتحام طرابلس.
تنسيق مع اليونان وقبرص الجنوبية
كذلك، قد يكون هناك ضغط تركي على النظام المصري لاتخاذ خطوة فيما يخص الجرف القاري للدولتين في شرق البحر المتوسط، حيث إن هذا الملف من أهم دوافع تركيا للتقارب مع مصر. فالدولة التركية قد تفاعلت إيجابيًا مع مطالب النظام المصري المتعلقة بإعلام المعارضة الذي يبث من اسطنبول، وتوقف أبرز مذيعي المعارضة عن العمل. لكن في المقابل، لم يُلاحظ حتى الآن تفاعلًا مصريًا مع تركيا – ولو بسيطًا- فيما يخص الملف الأبرز لدى تركيا، شرق المتوسط.
بل على العكس من ذلك، بدا خلال الأسابيع الأخيرة أن هناك تنسيقًا بين اليونان ومصر فيما يخص كافة التحركات في شرق المتوسط. فقد زار رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس، العاصمة المصرية القاهرة، الشهر الماضي، والتقى بقائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي. وخلال مؤتمر صحفي مشترك، أعرب ميتسوتاكيس عن أمله في توسيع الاتفاق الجزئي لترسيم مناطق الصلاحية البحرية الموقع بين البلدين قريبًا.[26]
وتوسعة الاتفاق البحري بين البلدين وفق الرؤية اليونانية يعني أن أثينا تدفع القاهرة للاعتراف بكامل المناطق المتنازع عليها بين تركيا واليونان، ما يترتب عليه انخراط كامل للقاهرة في الخلاف التركي-اليوناني. ورغم استبعاد أن يتخذ النظام المصري حاليًا خطوة توسعة الاتفاق البحري مع أثينا، إلا أن مجرد زيارة ميتسوتاكيس وطرحه فكرة كهذه، يدللان على عدم استعداد النظام لخسارة اليونان في سبيل توقيع اتفاق بحري مع تركيا.
ودللت تصريحات السيسي خلال الزيارة على حرص نظامه على البقاء في دائرة الطرف المناوئ لتركيا في منطقة المتوسط. حيث عبر السيسي عن تضامن مصر مع اليونان ضد ما وصفه بـ “أي انتهاك يجري بحقها في البحر المتوسط”،[27] مضيفًا أنه يشجع “تعزيز آلية التعاون الثلاثي القائمة بين مصر وقبرص واليونان لمواصلة التنسيق السياسي والتعاون الفني بين الدول الثلاث، وضرورة العمل على تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الآلية تحديداً”. كذلك أكد السيسي على حرص نظامه على تعزيز آليات التعاون مع اليونان على مختلف الأصعدة، خاصةً على الصعيد السياسي والعسكري والتجاري والطاقة.[28]
إذن، فإن هناك فتورًا بشكل أو بآخر في مسار التقارب المصري-التركي، لكن يتضح من خلال تصريحات المسؤولين في البلدين أن مسار التقارب لم ينهار، ومن المتوقع أن يسلك مسار التقارب محطات من شأنها أن تطيله إلى زمن غير معلوم، لأسباب أبرزها حرص النظام المصري على بقائه في الحلف المناوئ لتركيا في الإقليم.
تجدد الحديث مرة أخرى، خلال الأسابيع الماضية، حول مشكلة الموارد المائية التي تعاني منها العراق. ودار الحديث حول السدود المائية في الدول المجاورة للعراق، حيث تدور حولهم ادعاءات بأنهم سبب الفقر المائي الحالي في العراق. ويبدو أن السبب الأبرز لعودة الحديث عن الأزمة المائية في العراق هو إيران وليس تركيا.
حيث صرح وزير الموارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، أنه “لا يمكن أن تبقى الأمور بدون اتفاق بشأن الاطلاقات المائية”، وكشف أن “الاطلاقات المائية من إيران بلغت صفرًا”. وأضاف الحمداني أن “الأزمة ستتفاقم في محافظة ديالى إذا استمرت إيران بقطع المياه عن أنهر سيروان والكارون والكرخة”، مشيرًا إلى “اللجوء للمجتمع الدولي من أجل تقاسم الضرر وإطلاق حصة العراق المائية حسب المواثيق الدولية”.[29]
ورغم أن المشكلة الرئيسية كان منع إيران للمياه عن العراق؛ إلا أنه يبدو أن ملف السدود التركية فُتح مرة ثانية، بسبب خوف العراق من الجفاف تحت أي سبب. لكن الواضح حتى الآن، هو أن هناك انفتاحًا تركيًا في مناقشة ملف المياه مع بغداد، بعكس ما هو موجود بين بغداد وطهران. حيث أبدت تركيا مرارًا رغبتها في أن يستثمر العراق موارده المالية. ويرى الجانب التركي أن المشكلة المائية في العراق ليست ناجمة عن السدود، بقدر ما أنها مترتبة على سوء استخدام المياه.[30]
وهذا ما يؤيده محللون عراقيون، حيث قال بعضهم إن العراق يستخدم “طرق ري بدائية في كل مناطقه تقريبًا، مما يسبب هدرًا كبيرًا في المياه، فضلًا عن عدم الاستفادة من المياه التي تدخل بحر العرب”، وإنه “كان من المفترض أن يقيم العراق مجموعة من الحواجز لحجز المياه وامتلاك مخزون منها، إلى جانب البحيرات والسدود الموجودة أيضًا”. كما أكد من يرى أن سوء الإدارة سبب في المشكلة المائية العراقية أن المياه التي تتجمع سنويًا في خزانات السدود لا يستثمرها العراق جيدًا، وأن “طرق الزراعة الحديثة لم تنتشر بعد بشكل كاف مما يسبب الهدر”.[31]
وفي أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي، زار وفد فني تابع لوزارة الموارد المائية العراقية، تركيا لمناقشة ملف تراجع منسوبي نهري دجلة والفرات. ووفق المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، علي راضي، فإن “الوفد الفني للوزارة حمل في جعبته ثلاثة ملفات رئيسية للتفاوض بشأنها، أولها تزويد العراق بإطلاقات مائية عاجلة، والثاني مناقشة بروتوكول التعاون بمجال المياه الذي أقره مجلس الوزراء العراقي (في وقت سابق)، وتأسيس المركز البحثي المختص بالمياه والمشترك بين البلدين”.[32]
وأشار إلى أن “الملف الثالث للمباحثات يتعلق بتقاسم الضرر بين البلدين خلال مواسم الجفاف وما تفرضه من شحّ مائي، وبالتالي التعاون المشترك بينهما بما يضمن حصصًا مائية ثابتة للعراق تضمن خروجه من الأزمة من دون أن تؤثر في حاجته من المياه، سواء للشرب أو للقطاع الزراعي، وبقية الاحتياجات الأخرى”.[33]
وكما أسلفنا، فإن أنقرة لا تمانع من تنسيق مسألة المياه مع بغداد حتى الآن، حيث صرح متحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، وعضو الوفد الفني المفاوض، عوني ذياب، أن هناك “استعدادًا لدى الجانب التركي لتزويد العراق بمعلومات حول السدود، وأبرزها سد أليسو، إضافة إلى السدود التي تقع على نهر الفرات”. وأضاف: “تم التفاهم حول التعاون في مجال البحوث، وإنشاء معهد مشترك، فضلًا عن استعداد تركيا للتعاون في بعض المشاريع الزراعية، واحتمال تمويلها عبر القرض التركي”.[34]
ووفق المسؤول العراقي، فإن الوفد العراقي طلب التواصل في مجال المعلومات بشكل مستمر، ووافق الوفد التركي. كذلك أبدت تركيا رغبتها في الاطلاع على المشاريع العراقية، ومنها سد الموصل، فيما اقترح الوفد العراقي أن يساهم الجانب التركي بتنفيذ مشروع سد مكحول، وسيتم اطلاع الوفد التركي خلال زيارته القادمة الى العراق على التصاميم التي تم وضعها للمشاريع.
وكانت نقطة استثمار المياه بشكل صحيح حاضرة لدى وفدي البلدين كذلك، حيث أضاف “ذياب” أن “زيارات المختصين في وزارة الموارد المائية، كشفت عن تقدم تركيا في جانب إقامة السدود عبر استخدامهم أساليب حديثة، من أجل استثمار المياه بشكل صحيح”.[35] ومؤخرًا، كشفت صحيفة “الصباح” العراقية الرسمية، أن اتفاقًا قريبًا سيتم التوصل إليه بين بغداد وأنقرة بشأن الحصص المائية، مرجحة أن يحصل العراق خلال هذا الاتفاق على حصص مائية ثابتة من الجانب التركي.[36]
إذن، فإن هناك أزمة مائية لدى العراق لا تخفى. وبجانب السدود، فإن هناك عاملًا قويًا تسبب فيها، وهو سوء إدارة المياه. وباعتبار أن لكل من تركيا وإيران تدخل في هذه الأزمة، فيبدو أن تركيا أكثر مرونة فيما يتعلق بالتنسيق مع العراق لتدارك هذه الأزمة، وربما تحمل الأيام القادمة اتفاقًا تركيًا عراقيًا بهذا الشأن.
استمرار العمليات العسكرية
وبعيدًا عن ملف المياه، فإن عمليات القوات المسلحة التركية في الشمال العراقي ضد تنظيم “بي كا كا” وتوابعه، ما زالت مستمرة، ومن حين لآخر تعلن وزارة الدفاع التركية عن تحييد عناصر من المنظمة الإرهابية الانفصالية في الشمال العراقي.[37] وقد أدلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بتصريحات مهمة في هذا الشأن خلال الأسابيع الماضية.
حيث أعاد التأكيد على فكرة الحزام الأمني حول الأراضي التركية، فصرح أن إنشاء حزام أمني خارج الحدود ضروري لاستقرار بلاده داخليًا. وأكد: “إذا لم تستطع تركيا إنشاء حزام أمني قوي في الخارج، فلن يتركونا ننعم بالاستقرار داخل الوطن”.[38] كذلك أدلى أردوغان بتصريح آخر أكد أن خروج القوات التركية من الشمال العراقي ليس مطروحًا في الوقت الحالي، بسبب وجود حزب العمال الكردستاني الانفصالي. حيث قال إننا “موجودون في ليبيا وأذربيجان وسوريا والعراق وشرق البحر المتوسط وسنظل هناك”.[39]
في وقت يترقب فيه البعض حدوث تقارب بين تركيا من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، بعد وصول الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى البيت الأبيض؛ تأتي التطورات على ساحة العلاقات الخليجية-التركية بطيئة نوعًا ما. ففيما يخص العلاقات مع الإمارات، لم تشهد العلاقات خلال الفترة الأخيرة تواصلًا يذكر، سوى الاتصال الذي تم بين وزيري خارجية البلدين، مولود تشاووش أوغلو، ونظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد، للتهنئة بحلول شهر رمضان.[40]
كما كتب وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى ورانك، تغريدة في فبراير/ شباط الماضي، هنأ فيها الإمارات بنجاح “مسبار الأمل” في الوصول إلى مداره حول المريخ. وردت على تغريدته حينها، وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة ورئيسة وكالة الإمارات للفضاء، سارة الأميري، مرحبة بتهنئته ومتمنية لتركيا رحلة اكتشاف ناجحة إلى القمر عام 2023.[41]
وفيما يخص السعودية، فقد تمت عدة اتصالات هاتفية في مناسبات إسلامية، كشهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى مؤخرًا، بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والعاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز.[42] هذا بالإضافة إلى زيارة من تشاووش أوغلو، إلى الرياض قابل فيها نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، ولم يتمخض عن الزيارة الشيء الكثير حتى اليوم.[43] وخلال شهر يوليو/ تموز الجاري، أشادت وزيرة الصحة البحرينية فائقة بنت سعيد الصالح، بالعلاقات الطيبة التي تجمع بلادها مع تركيا، خلال لقاء جمعها بالسفيرة التركية لدى بلادها، ايسن تشاكيل، بالعاصمة المنامة.[44]
وتعد مرات التواصل هذه قليلة نوعًا ما، حيث إنها تمتد على ما يقارب 8 أشهر، منذ إعلان فوز بايدن بالرئاسة. كما أنه لا يوجد في الواقع المنظور تطورًا في العلاقات، وما زال الإعلام في الجانبين على نفس السياسة الناقدة للطرف الآخر،[45] ولو أن الطرف التركي أكثر مرونة في هذا الباب حتى الآن، خصوصًا مع السعودية.
وفي هذه الأثناء، ما زالت هناك تصريحات تركية تصدر بين الفينة والأخرى تدعو لفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات مع دول الخليج. من ذلك، تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلغيتش، أواخر شهر يونيو/ حزيران، أكد فيه على رغبة بلاده في تطوير التعاون مع دول الخليج والمنطقة، ومعتبرًا أنه لا توجد لبلاده مشكلة سياسية مع السعودية.[46]
لكن من المهم هنا الإشارة إلى أن هذا ما يبدو على السطح، وما يظهر للإعلام من تفاعلات بين الجانبين؛ ما يعني أن الباب مفتوحًا لوجود اتصالات غير معلنة على مستويات أخرى، ربما تكون أجهزة المخابرات لدى الطرفين، كما حدث في الحالة المصرية، التي سبق فيها التواصلَ الدبلوماسي، تواصلٌ استخباري بين القاهرة وأنقرة.
زيارة شنطوب إلى الكويت
وفي سياق التطور الإيجابي الذي تشهده العلاقات بين تركيا والكويت، وبالأخص منذ توقيع اتفاق العلا مطلع العام الجاري، والذي انتهت بموجبه الحصار الخليجي على قطر، زار وفد برلماني تركي يرأسه رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب، العاصمة الكويت. حيث التقى بكل من ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس الوزراء الشیخ صباح الخالد الحمد الصباح، ورئيس مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي مرزوق الغانم، ووزير الخارجية أحمد ناصر المحمد الصباح.[47]
ودامت الزيارة حوالي 3 أيام، ناقش فيها شنطوب والوفد المرافق له بعض ملفات التعاون بين البلدين، حيث صرح المسؤول التركي أن البلدين اعتمدا خطة عمل في الاجتماع الثاني للجنة المشتركة للتعاون التركي الكويتي التي عقدت بالعاصمة أنقرة في أبريل/نيسان الماضي، مؤكدًا اعتقاده بأن تنفيذ النقاط المتفق عليها في الخطة المذكورة ستثري وتطور العلاقات بين البلدين في العديد من المجالات، ولفت إلى أهمية التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين البلدين.[48]
وأثناء الزيارة كانت هناك بعض التصريحات البارزة من المسؤولين الكوتيين، التي دللت على رؤيتهم الإيجايبية وانفتاحهم على تطوير العلاقات مع تركيا. حيث وصف ولي العهد الكويتي الرئيسَ أردوغان بأنه “الرجل الشجاع موقفًا وكلمة وأفعالًا”. وتوجه إلى رئيس مجلس الأمة التركي، قائلًا: “اعلم أخي مصطفى أن لكم محبة في قلوب الكويتيين فدمتم ودامت مودتكم”.[49]
وحول التعاون الثنائي، أضاف أن “القيادة السياسية الكويتية والحكومة وهيئاتها الاستثمارية تعتز بزيادة حجم الاستثمارات الكويتية في الصديقة تركيا لما يشكله الجانب الاقتصادي من فرص تنموية لكلا الجانبين”. وأشاد الصباح بنتائج جلسات لجان التعاون المشتركة الكويتية التركية وكافة الجهود المبذولة فيها، إلى جانب نتائج زيارات المسؤولين الرسمية والمباحثات الثنائية وكافة نتائج المشاورات السياسية مع الجانب التركي.[50]
وفي السياق ذاته، التقى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، نظيره الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح في العاصمة الأوزبكستانية طشقند، على هامش مشاركته في مؤتمر دولي بعنوان “وسط وجنوب آسيا: الترابط الإقليمي، التحديات والفرص”، تستضيفه أوزبكستان، منتصف الشهر الجاري. ووفق تشاووش أوغلو، فقد ناقش الوزيران قضايا التعاون في مجالات السياحة، والثقافة، والصحة، والصناعات الدفاعية.[51]
هذه اللقاءات المتعددة بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم الكويتيين تشي برغبة حقيقة لدى تركيا في الارتقاء بمستوى العلاقات مع الكويت على كافة المستويات، وخاصة المستوى الاقتصادي. كما تدلل على انفتاح ورغبة من الكويت لتطوير العلاقات مع تركيا، في وقت ما زال التعثر في العلاقات التركية مع السعودية والإمارات مستمرًا.
زاد الحديث خلال الآونة الأخيرة حول مستقبل العلاقات بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، خصوصًا بعد الإطاحة برئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وتولي حكومة ائتلافية برئاسة، نفتالي بينيت، ضمن اتفاق للتناوب على الحكومة الائتلافية لمدة عامين، بحيث يتولى بعدها يائير لابيد، زعيم حزب “يش عتيد”، رئاسة الوزراء لمدة عامين آخرين بعد بينيت.
وبالفعل، فإن هناك إشارات تشي برغبة تركية مبدئية في تحسين العلاقات المتدهورة مع الاحتلال منذ سنوات، لكن تحت شروط. فقد صرح المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، عمر جيليك، أن تركيا و”إسرائيل” اتفقتا على العمل من أجل تحسين علاقتهما المتوترة. وأشار “جيليك” إلى القضية الفلسطينية باعتبارها إحدى الأمور التي تريد تركيا مناقشتها مع “إسرائيل”، مضيفًا أن مجالات أخرى مثل السياحة والتجارة يجب أن تكون “ذات فائدة للطرفين”.[52]
تصريحات جيليك أتت بعد اتصال هاتفي، جمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، برئيس دولة الاحتلال الجديد، إسحق هرتسوغ. حيث هنأه أردوغان بمنصبه الجديد، وأكد أن العلاقات التركية الإسرائيلية لها أهمية كبيرة لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط. وأشار أردوغان إلى أن تركيا و”إسرائيل” لديهما إمكانات تعاون كبيرة في مختلف المجالات، لاسيما في الطاقة والسياحة والتكنولوجيا، مضيفًا أنه “يولي أهمية لمواصلة الاتصالات والحوار رغم كافة الخلافات في وجهات النظر”. وفي الوقت نفسه أكد الرئيس التركي على أن إحراز أي تقدم لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يخدم علاقات تركيا و”إسرائيل”.[53]
لكن أدلى “جيليك” بتصريح آخر، يبدو أنه حاول فيه توضيح أبعاد تصريحه الأول، قال فيه “إنه لا يزال من المبكر حتى الآن للحديث عن إعادة تعيين سفراء بين الجانبين”، مضيفًا أن “الأمور بالطبع قيد التقييم، وأنه في النهاية، كل هذه أمور تعتمد على الخطوات التي يتعين اتخاذها”.[54] إذن، هناك شبه انفتاح تركي على تحسين العلاقات مع دولة الاحتلال، لكن من المهم هنا الإشارة إلى الدوافع المحتملة لاتخاذ هذا المنحى، وشروط تركيا للصعود بمستوى العلاقات.
وفيما يخص الدوافع، فيبدو أن مسألة شرط البحر المتوسط تأتي على رأس أولويات الطرفين. فالجانب التركي يرغب في استقطاب أو على الأقل تحييد كل الأطراف المطلة على شرق المتوسط، في مواجهة الطرف اليوناني. ولذلك، جاء توجه تركيا بحلحلة بعض الملفات الخلافية مع مصر المطلة على المنطقة ذاتها.
وعلى الجانب الإسرائيلي، فإنه لديه توجس أن يؤدي أي صدام شرق البحر المتوسط إلى تعطيل مشروعه لتصدير الغاز إلى أوروبا من خلال أنبوب شرق المتوسط عبر كريت واليونان، ولذلك هو يبقى خيار نقل الغاز عبر خط إلى قبرص وتركيا ومن ثم إلى أوروبا مفتوحًا من خلال التواصل مع الجانب التركي.
كذلك، من الممكن أن نضيف هنا أن تحسن علاقات تركيا بدولة الاحتلال الإسرائيلي – حال حدوثه – قد ينعكس إيجابًا على العلاقات التركية-الأمريكية، لما لدولة الاحتلال من علاقات متينة مع الإدارة الأمريكية. وربما يرى صانع القرار التركي أن تبنيه لخطاب أقل حدة تجاه الكيان الصهيوني حاليًا سيكون له انعكاسات إيجابية على علاقة بلاده بالولايات المتحدة.
لكن في المقابل، فإنه يتكرر على لسان المسؤولين الأتراك أن تحسن العلاقات مع “إسرائيل” يتطلب تحسنًا في سياسات الأخيرة تجاه الشعب الفلسطيني. من ذلك، تصريح وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة مطالبة بوقف فرض وقائع جديدة في القدس والحرم الشريف، ووقف الممارسات الاستيطانية التي تجحف بحلّ الدولتين، ووقف الجرائم بحق الشعب الفلسطيني مع طرح فكرة تشكيل قوة دولية لحمايته.[55]
استمرار الموقف التركي من القضية الفلسطينية
وأتت زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى تركيا في هذا الوقت لتشير إلى أن تركيا وإن كان هناك انفتاح أولي منها على تحسين العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ إلا أنها لا ترغب في التضحية بما راكمته عبر سنوات من دعم سياسي وإعلامي وخيري للقضية الفلسطينية.[56]
وفي هذا السياق، أصدر المسؤولون الأتراك بيانات وتصريحات انتقدوا فيها اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني، وحقه المشروع في الأرض. من ذلك، تصريح للرئيس أردوغان خلال لقائه مع عباس، قال فيه إن “تركيا لن تلتزم الصمت حيال الظلم الإسرائيلي في فلسطين، وأنه من غير الممكن إرساء السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة طالما استمرت سياسات الاحتلال وضم الأراضي”.[57] وتصريح آخر لرئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، قال فيه إن “إسرائيل تواصل انتهاكاتها ضد الفلسطينيين”، مضيفًا أن “الرأي العالم العالمي بدأ يدرك عدالة الحقوق الفلسطينية، وأن على دول المنطقة استثمار ذلك بالشكل الصحيح”.[58]
ومن جانبها، أصدرت الخارجية التركية عدة بيانات انتقدت فيها نقل سفارة دولة هندوراس لدى الاحتلال لمدينة القدس،[59] وهدم الكيان الصهيوني منازل وممتلكات مجتمع للبدو الفلسطينيين في قرية “حِمْصة الفوقا” شمالي الضفة الغربية المحتلة،[60] واعتداء قوات الأمن الإسرائيلية على حرم المسجد الأقصى واعتقال بعض الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، واصفة هذه التصرفات بـ “اللاإنسانية والاستفزازية”.[61] وكذلك خرجت تظاهرات منددة بالاعتداء على المسجد الأقصى في عدة مدن تركية، منها إسطنبول وعثمانية وهطاي وقيصري.[62]
إذن، فإن هناك رغبة مبدئية لدى الإدارة التركية بتحسين العلاقات مع الاحتلال؛ إلا أن ذلك يعارضه أمر مهم تضعه الإدارة التركية في الحسبان، وهو القوة الناعمة التي راكمتها تركيا عبر سنوات بوصفها المتحدث بلسان الأمة الإسلامية، والمعبر عن مبادئ الشعوب. حيث لا ترغب القيادة التركية في خسارة هذه المزية بتقاربها مع الاحتلال في الوقت الذي يصعد فيه من عدوانه تجاه الشعب الفلسطيني.
ولذا، فإن تعامل حكومة الاحتلال الجديدة مع الشعب الفلسطيني سيتناسب – على ما يبدو- مع صعود وهبوط العلاقات بين تركيا والكيان.
تشهد العلاقات التركية-الأوروبية حالة من الهدوء منذ أشهر، حيث عادت الاتصالات الإيجابية بين الجانبين للعمل على عدة ملفات مشتركة. وخلال شهر يونيو/ حزيران الماضي اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي، لمدة يومين، لبحث العديد من الملفات، أبرزها ما يتعلق بإقرار حزمة مالية جديدة لدعم اللاجئين السوريين في تركيا، وإمكانية العودة لاستئناف مباحثات انضمام تركيا للاتحاد، وملفات الأمن والهجرة.[63]
وكانت القمة إيجابية بشكل عام بالنسبة لتركيا، بمعنى أن الحديث استمر حول زيادة التعاون مع تركيا في الملفات السابق ذكرها، دون الإشارة إلى موضوع تقرير عقوبات، الذي كان سائدًا قبل أشهر مضت. لكن أنقرة في الوقت ذاته انتقدت مخرجات القمة الأوروبية من باب أنها لا تلبي طموحاتها في بعض أجزائها، ومنحازة في أجزاء أخرى.
حيث صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تعد المسؤولة الأبرز داخل الاتحاد، أنها بذلت جهدًا خلال قمة الاتحاد الأوروبي، لإحراز بعض التقدم في جدول الأعمال المتعلق بتركيا. وثمنت ميركل موقف تركيا من اللاجئين، قائلة: ” إيواء تركيا ملايين اللاجئين المسجلين هي حقيقة ينبغي ألا نقلل من شأنها، ويجب أن يكون موضع تقدير. يمكن لأوروبا تقديم مساعدات مالية هنا”.[64]
ودعا المجلس الأوروبي المفوضية الأوروبية إلى “تقديم اقتراح رسمي دون إبطاء لمواصلة تمويل اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة في تركيا والأردن ولبنان وأجزاء أخرى من المنطقة”.[65] لكن البيان التركي حول القمة انتقد سياسة الاتحاد الأوروبي فيما يخص اللاجئين، واصفًا تقليص التعاون في مجال الهجرة إلى بُعد مالي بأنه “خطأ كبير”، ومبينًا أن التخطيط للتعاون الوثيق في الهجرة سيكون مفيدًا للجميع. كما أكد البيان على أن “حزمة المساعدات المالية الجديدة مخصصة للاجئين السوريين، وليس لتركيا، وهي بالأساس خطوة سيتم اتخاذها لضمان السلام والأمن في الاتحاد”.[66]
كذلك، كانت القضية القبرصية أحد الملفات التي رأت فيها أنقرة انحيازًا من الاتحاد الأوروبي لقبرص الجنوبية واليونان، حيث جاء في البيان الأوروبي أن “الاتحاد يأسف لأن المحادثات بشأن قبرص في جنيف بسويسرا لم تؤد إلى بدء المفاوضات الرسمية بين شطري الجزيرة، مشددًا على أن الاتحاد الأوروبي سيواصل لعب دور نشط في دعم العملية”.[67]
لكن تركيا ترى في هذه العبارات تجاهلًا لحقيقة أن سبب تعثر المفاوضات هو الجانب القبرصي الرومي وداعمه اليوناني، لذلك قالت تركيا إن قرارات القمة بشأن قبرص هي “تكرار لوجهات نظر الثنائي القبرصي الرومي اليوناني، كما هو الحال دائمًا”، متهمًا الاتحاد الأوروبي بتجاهل القبارصة الأتراك وحقوقهم المتساوية. وأشار البيان التركي إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يكون قادرًا على تقديم مساهمة بناءة في قضية قبرص طالما استمر في موقفه هذا.[68]
ويبدو أن الملف الذي من الممكن أن يشهد تقدمًا حقيقيًا خلال الفترة القادمة هو تحديث الاتفاقية الجمركية بين الطرفين. حيث صرحت ميركل أن مساعي تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا مستمرة.[69] وكشفت رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، استئناف المباحثات مع المجلس الأوروبي بشأن منحها صلاحية بدء مفاوضات تحديث الاتفاق الجمركي مع تركيا، حيث قالت: “شرعنا بالنقاش مجددًا مع المجلس الأوروبي بشأن منحنا صلاحية بدء المفاوضات الخاصة بتحديث الاتحاد الجمركي، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به”.[70]
وفي السياق ذاته، زار وزير التجارة التركي، محمد موش، برلين، والتقى بوزير الاقتصاد والطاقة الألماني بيتر ألتماير، حيث ناقش الطرفان تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، ولفت الوزير التركي إلى أن موقف نظيريه الألماني إيجابي من تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد.[71] لكن هناك تخوفات تركية من تعثر مفاوضات تحديث الاتفاقية، ذلك أن البيان الأوروبي الصادر عن القمة ربط مساعي تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي باتخاذ تركيا “مواقف بناءة” فيما يخص قضية شرق المتوسط.
وقد أعربت الخارجية التركية في بيانها عن هذه المخاوف صراحة، حيث قالت إن “إقرار الاتحاد الأوروبي بانخفاض التوتر (شرقي المتوسط) وإرجائه اتخاذ قرارات ملموسة لتنفيذ الأجندة الإيجابية، بما في ذلك تحديث الاتحاد الجمركي، يُنظر إليه على أنه تكتيك مماطلة ونقص الإرادة وإساءة استخدام عضوية التكتل الأوروبي من قبل دولة أو دولتين من الدول الأعضاء”،[72] في إشارة إلى اليونان وقبرص الجنوبية، وربما فرنسا كذلك.
إذن، فإن الحالة الإيجابية بين تركيا والاتحاد الأوروبي ما زالت مستمرة، لكنها بطيئة نسبيًا، وغير مرضية كذلك. كما أن هناك تخوفات أن تتدهور الأوضاع بعد رحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن السلطة في بلادها بعد شهرين. فكما هو ملاحَظ، فإن ألمانيا بقيادة ميركل هي الدولة الأقوى في الاتحاد الأوروبي التي لها أجندة يمكن وصفها بـ”الإيجابية” أو “المتصالحة نسبيًا” مع تركيا، ومع رحيل ميركل قريبًا عن الساحة السياسية، ربما تتمكن فرنسا، بقيادة إيمانويل ماكرون، من التأثير على باقي دول الاتحاد الأوروبي لتبني أجندة أكثر سلبية تجاه تركيا.
وقد عبر موقع “بلومبيرغ نيوز” عن ذلك بأن التهدئة اللفظية بين الرئيسين، أردوغان وماكرون، مرتبطة على ما يبدو برحيل ميركل عن السلطة في بلادها بعد شهرين، متوقعًا عدم استمرار الهدنة. ووصف الموقع المستشارة الألمانية بأنها “الزعيمة الأوروبية الوحيدة التي يحترمها أردوغان وبصدق. وكان يعتمد عليها لكي تضبط القادة الأوروبيين بمن فيهم ماكرون”.[73]
ولذلك، فإن ماكرون وأردوغان يحاولان بناء علاقات جيدة مع أرمين لاتشيت، المرشح لخلافة ميركل. حيث كان أردوغان أول من هنّأه بعد فوزه بزعامة الحزب المسيحي الديمقراطي في كانون الثاني/ يناير الماضي، وأما ماكرون فقد استضافه في عدة مناسبات.[74]
كعادة العلاقات التركية-الأمريكية خلال الأشهر، وربما السنوات الأخيرة، فإن هناك حالة من عدم الوضوح فيها. ففي حين هناك رغبة من الدولتين لحلحلة الملفات العالقة، فإن الملفات نفسها تشكل عائقًا أمام تحسن العلاقات، وذلك لصعوبة التوصل إلى حل مرضٍ بشأنها حتى الآن. لكن يبدو أن هناك اتفاق بين الدولتين على التعاون في بعض الملفات التي لا تتصادم فيها رؤى الدولتين، وخصوصًا بعد لقاء الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بنظيره التركي، رجب طيب أردوغان.
ويعد الملف الأفغاني هو أوضح هذه الملفات التي تجمع الطرفين حاليًا، حيث ترغب واشنطن أن تكون تركيا هي الجهة التي تؤمن مطار حميد كرزاي، في العاصمة الأفغانية كابول، بعد الانسحاب الأمريكي من الأراضي الأفغانية في الذكرى القادمة لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول الشهيرة، وفق الاتفاق بين الإدارة الأمريكية وحركة طالبان.[75] ومطار كابل هو طريق الخروج والدخول الرئيسي للدبلوماسيين الغربيين وعمال الإغاثة من وإلى أفغانستان، وهناك مخاوف من وقوعه في أيدي طالبان إثر انسحاب القوات الأجنبية.[76]
ورأت الولايات المتحدة في تركيا أنها الأنسب لأخذ هذه المهمة، ربما لأنها حتى وإن كانت عضوًا فعالًا في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، فإنها بلد مسلم ليس له خصومة أو عداوة مع الشعب الأفغاني، هذا بالإضافة إلى المهام التي تولتها تركيا خلال الحرب على طالبان لم تكن عسكرية، بل تمحورت حول تحقيق الأمن والاستقرار وإيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية وتدريب قوات الأمن الأفغانية.[77]
وفي المقابل، ترى تركيا أن استمرار وجودها في أفغانستان يحقق لها مكاسب، منها النفوذ التركي في شرق آسيا وآسيا الوسطى، المنطقة التي تتنافس عليها قوى عالمية وإقليمية مثل الصين وروسيا وإيران. كما أن استمرار وجود تركيا هناك أتى بطلب أمريكي، ما يعني أن أنقرة تستطيع استخدام هذه الورقة للضغط على واشنطن في ملفات أخرى خلافية، مثل ملف صفقة الصواريخ الروسية S400 وملف طائرات F35.[78]
لكن في المقابل، فإن هناك مخاطر من وجود تركيا في أفغانستان تتمثل في رفض حركة طالبان المعلن حتى الآن لوجود قوات أجنبية بما فيها القوات التركية في البلاد. حيث أصدرت طالبان بيانًا مؤخرًا قالت فيه إن “قرار القادة الأتراك ليس حكيمًا، لأنه انتهاك لسيادتنا ولوحدة وسلامة أراضينا، وهو مخالف لمصالحنا الوطنية”.[79] كما صرح المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان محمد نعيم، أنه سيتم تصنيف أي وجود عسكري في البلاد لأهداف غير دبلوماسية “كاحتلال عسكري”، وذلك في معرض رده على المباحثات الأمريكية-التركية القائمة حول مطار حميد كرزاي.[80]
ويبدو أن القيادة التركية تعي هذا الخطر، ولذلك صرح أردوغان عقب لقائه ببايدن، قائلًا: “بالتأكيد، لا يمكن تجاهل حقيقة طالبان، نستطيع مواصلة المحادثات معهم بسبل مختلفة”.[81] كما أنه لا يوجد اتفاق نهائي حتى الآن بين إدارتي البلدين حول استمرار وجود القوات التركية في أفغانستان، وما زالت المشاورات والمحادثات مستمرة حيال هذا الأمر خصوصًا بين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ونظيره الأمريكي لويد أوستن.
حيث إن هناك تواصلًا مستمرًا بين الوزيرين لوضع تفاصيل الاتفاق، الذي تتضمن بنوده المعلنة طلب تركيا دعمًا ماليًا وسياسيًا ولوجستيًا للقيام بالمهمة،[82] والأمر مفتوح على وجود بنود أخرى غير معلنة أيضًا. وكان آخر تصريح تركي في هذا السياق هو تصريح أكار بأن المحادثات مع واشنطن إيجابية، لكنها ما زالت مستمرة.[83] ما يعني أن هناك مرونة بشكل أو بآخر لدى الطرفين للوصول لاتفاق، لحاجة الطرفين -وخصوصًا أمريكا- إلى إنجاز الاتفاق.
لكن من الضروري الإشارة إلى أن هناك اتفاق أهم يجب أن يتم بين طالبان وتركيا، سواء اتفاق معلن أو ضمني، لغض الطرف عن وجود القوات التركية وعدم مهاجمتها. وقد يتأتي هذا الاتفاق عن طريق وسطاء كقطر أو باكستان.[84] لكن على أي حال، فإن التأكد من أمان القوات التركية هناك عامل أساسي، له انعاكاسات مهمة قد تؤثر سلبًا على موقف الحكومة لدى الداخل التركي.
حيث بدأت المعارضة التركية من الآن في مهاجمة قرار الحكومة، حيث قالت زعيمة “حزب الجيد”، ميرال أكشنار: “أدعو السيد إردوغان للعودة إلى رشده. لا يوجد سبب لاتخاذ مثل هذه المخاطر”. ومن جانبه شدد كمال كلجدار أوغلوـ رئيس حزب الشعب الجمهوري، على ضرورة عدم ترك القوات التركية في مواجهة مع حركة طالبان.[85]
تقرير أمريكي يحمل اتهامات لتركيا
وبعيدًا عن ملف مطار كابل، الذي فيه نوع من التقارب بين أنقرة وواشنطن، فإن الأخيرة أصدرت تقريرًا مؤخرًا اتهمت فيه تركيا باستخدام الأطفال وتجنيدهم. وهي المرة الأولى التي يتم فيها إدراج عضو في الناتو في قانون منع تجنيد الأطفال.[86] ومن جانبها، أعربت الخارجية التركية عن أسفها، معتبرة أن أن “توجيه هكذا اتهامات ضد تركيا من طرف الولايات المتحدة التي تقدم دعم علني بما فيه السلاح لتنظيم “بي كا كا- ب ي د- ي ب ك” الإرهابي الذي يجند الأطفال قسرًا في عملياته الإرهابية بسوريا والعراق يعتبر أوضح مثال على المعايير المزدوجة والنفاق”.[87]
ويأتي هذا التقرير ليدلل على عمق الخلافات بين الولايات المتحدة وتركيا، وليؤكد أنه وإن كانت هناك بعض المصالح المشتركة بين الطرفين، إلا أن التغير الذي شهدته تركيا -على مستوى السياسات الداخلية والخارجية – في عهد حزب العدالة والتنمية يزعج واشنطن، ولا ترغب له أن يستمر.
وضع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في السادس والعشرين من شهر يونيو/ حزيران الماضي، حجر الأساس لمشروع قناة إسطنبول، الذي يلقبه البعض بـ”المشروع المجنون”، والذي وصفه الرئيس أردوغان بـ”مشروع العصر”. وبالفعل، فإن المشروع سيغير الوجه التاريخي والجغرافيا المعروفة لمدينة إسطنبول. والمشروع هو عبارة عن شق قناة تربط القناة البحر الأسود ببحر مرمرة، وتقسم الجزء الأوروبي من المدينة إلى قسمين جاعلة من الجزء الشرقي من القسم الأوروبي جزيرةً وسط قارتي آسيا وأوروبا.[88]
ووفق الحكومة التركية، فإن المشروع يهدف إلى حماية النسيج التاريخي والثقافي لمضيق البوسفور وزيادة أمن الملاحة وحركة السفن فيه، وتقليل الضغط عليه، وتشكيل ممر مائي دولي جديد. ذلك أن الاحصائيات الرسمية التركية تشير إلى أن 43 ألف سفينة تمر كل عام من مضيق البوسفور، متجاوزًا بكثير الحد الأدنى الذي تعتبره الحكومة آمنًا، وهو 25 ألف سفينة سنويًا، ما يتسبب في زيادة فترات انتظار السفن. وبحلول عام 2050، تشير التقديرات إلى أن العدد سيرتفع إلى 78 ألفًا.[89]
ولذا تعتبر حكومة الرئيس أردوغان المشروع ضروري لحماية المدينة الأشهر في تركيا، وقد صرح بذلك أردوغان في احتفالية وضع حجر الأساس للقناة، حيث قال إن “قناة إسطنبول المائية مشروع لإنقاذ مستقبل المدينة”، معتبرًا أن كل عملية عبور لسفينة كبيرة بمضيق البوسفور تشكل مخاطر جسيمة محتملة لمدينة إسطنبول. وترى الدراسات التي أجرتها الحكومة أن قناة إسطنبول ستكون أكثر أمانًا 13 مرة من مضيق البوسفور من حيث السلامة الملاحية.
كما أن الحكومة تنظر للمشروع كذلك من ناحية اقتصادية، وترى فيه أنه سيدر دخلًا كبيرًا على خزينة الدولة. حيث ترى القيادة التركية أن هناك عناصر استراتيجية أخرى تضاف إلى هذه الأهداف تزامنًا مع أداء تركيا دورًا أكثر نشاطًا في التجارة العالمية، وحصولها على حصة أكبر من ممرات النقل والخدمات اللوجستية. لذلك، تهدف الحكومة لتشييد ميناء للحاويات ومركزًا للدعم اللوجيستي، على يمين مخرج القناة نحو البحر الأسود، الأمر الذي سيعزز التجارة الخارجية. هذا بالإضافة إلى منطقة للترفيه والطاقة المتجددة ستقع على يسار مخرج القناة نحو البحر الأسود.
إذن، فإن الحكومة التركية ترى أن هذا المشروع ربما يكون الأهم في تاريخ تركيا الحديث، كما أنها تسير بخطى ثابتة نحو إنجازه، فمن المفترض أن ينتهي في غضون 6 سنوات بتكلفة تقارب 15 مليار دولار. لكن في المقابل، ترى المعارضة التركية أن المشروع ضار وخطير على مدينة اسطنبول من أكثر من ناحية.
فبعضهم يرى أنّه سيكون للقناة تأثيرات سلبية على البيئة بالدرجة الأولى، منها تقليل المساحات الخضراء في إسطنبول، وتداخل المياه العذبة مع المياه المالحة نتيجة انخفاض مستوى الأرض، فضلًا عن الفروق في المستوى بين البحر الأسود وبحر مرمرة. وقسم آخر من المعارضة يرى أن المشروع مضيعة لأموال الدولة في غير طائل.[90]
لكن في المقابل، تقول الحكومة أنه قد عمل في المشروع 204 خبراء، بينهم 51 عالمًا من 11 جامعة، وتم إجراء عمليات حفر بأكثر من 17 ألف متر، و248 عملية مسح جيوفيزيائي في 304 أماكن على طول خط القناة، هذا بالإضافة إلى مشاركة 3500 شخص من 35 دولة في الأعمال النموذجية داخل المركز الهندسي الرائد عالميًا. ونفى الرئيس أردوغان أن يكون للمشروع تأثير ضار على البيئة، حيث اعتبر أن “قناة إسطنبول من المشاريع الأكثر صداقة للبيئة في تركيا والعالم”.[91]
وربما تكون رواية الحكومة التركية أكثر وجاهة، ذلك أن المشروعات الكبرى الذي نفذها حزب العدالة والتنمية لاقت هجومًا من المعارضة سواء مشروع المطار الثالث أم مشروع مرمراي تحت البوسفور. وبالطبع ترجع هذه الاعتراضات إلى أسباب انتخابية، فالمشاريع قد تم إنجازها بالفعل، ولم تضرر الدولة منها، كما كانت تروج المعارضة.[92] والسبب الآخر هو الدراسات التي أعلنت عنها الحكومة حول المشروع، والمدى الزمني الذي استغرقته لعمل هذه الدراسات، والذي يقارب العقد من الزمان.[93]
وعلى هذا، فالمشروع قد بدأ بالفعل، لكن كونه يحتاج 6 سنوات لإنجازه، فإن الانتخابات العامة القامة عام 2023 ستكون محورية وهامة في تاريخ هذا المشروع، فإما أن يفوز بها تحالف الشعب الحاكم ويستمر المشروع، وإما أن يتعطل المشروع حال تمكنت المعارضة من الفوز.
منافس أردوغان في الانتخابات القادمة
يدور حديث في الأوساط التركية منذ فترة حول المرشح المنافس للرئيس أردوغان في الانتخابات الرئاسية القادمة، في يونيو/ حزيران عام 2023. فتحالف الشعب الحاكم قد حسم أمره، وأعلن زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت باهتشلي، أن أردوغان سيكون مرشح التحالف الحاكم في الانتخابات الرئاسية القادمة.[94] لكن ما زالت المعارضة تحاول التوافق على مرشح يمثلها، تستطيع من خلاله تحقيق الفوز.
وخلال الشهر الجاري، صرح نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، بولنت كوش أوغلو، أن مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية هو زعيمه كمال كلجدار أوغلو. ويكتسب هذا التصريح أهميته من منصب قائله، الذي يعد الرجل الثاني في أكبر أحزاب المعارضة التركية، وكذلك هو من الشخصيات البيروقراطية البارزة داخل حزب الشعب الجمهوري والمقربة لزعيمه.[95]
لكن عاد كلجدار أوغلو ليقول ردًا على سؤال حول هذه التصريحات: ” تحالف الأمة، عندما يحين وقت الانتخابات، سيقرر ويتفق على معايير المرشح الرئاسي، ويتخذ قراره بهذا الخصوص”.[96] إذن، فهو لم ينفِ ولم يؤكد. لكن يرى البعض أن كلجدار أوغلو يرغب بالفعل في الترشح للرئاسة، وذلك لأن الأسماء الأخرى المطروحة داخل الحزب هي عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ومنصور يافاش عمدة أنقرة. وبالتالي، فإن ترشح أي منهما تعني خسارة إحدى البلديتين، أنقرة أو إسطنبول.
كما أن هناك خوف –وفق البعض- لدى كلجدار أوغلو من أنه إذا ترشح إمام أوغلو أو يافاش وخسر الانتخابات، فإنه سيسعى لرئاسة الحزب، كما حدث مع محرم إنجه الذي لم يفز في الانتخابات السابقة وحاول الحصول على زعامة الحزب.[97] وعلى هذا، فقد تأتي تصريحات كوش أوغلو في سياق إرسال رسالة إلى داخل الحزب، حتى لا يطمح أي إمام أوغلو أو يافاش في الترشح للرئاسة، بينما الإعلان الرسمي أو شبه الرسمي عن مرشح المعارضة لم يأت بعد، إلى حين تحقيق أكبر توافق ممكن بين الشخصيات والأحزاب المعارضة، وعلى رأسهم زعيمة الحزب الجيد، ميرال أكشنر.
المراجع
[1] RT، سوسان خلال لقائه بيدرسن: نؤكد استمرار التعاطي الإيجابي للحكومة السورية مع العملية السياسية، 7 يوليو/ تموز 2021
[2] الأناضول، “أستانة 16” يبحث الوضع الإنساني والسياسي في سوريا، 8 يوليو/ تموز 2021
[3] المصدر نفسه
[4] الموقع الرسمي للأمم المتحدة، مجلس الأمن يوافق بالإجماع على تمديد تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، 9 يوليو/ تموز 2021
[5] فرانس 24، تركيا ترحب بتمديد مجلس الأمن آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، 9 يوليو/ تموز 2021
[6] القدس العربي، خطوط النزاع: كلمة السر في قرار تمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا، 10 يوليو/ تموز 2021
[7] عربي 21، لماذا وافقت روسيا على تجديد آلية إدخال المساعدات لسوريا؟، 10 يوليو/ تموز 2021
[8] TRT، مناورات حفتر.. “الرئاسي” الليبي يحذر من “تصرفات عسكرية أحادية” تؤجج الصراع، 28 مايو/ أيار 2021
[9] Reuters, Libya’s Haftar closes border with Algeria, 20 June 2021
[10] صدى البلد، ليبيا.. حفتر يكشف تفاصيل انسحاب الجيش من العاصمة طرابلس، 3 يوليو/ تموز 2021
[11] الأناضول، البرلمان الليبي يخفق في تمرير الموازنة ومجلس الدولة يبحث البديل (تحليل)، 16 يوليو/ تموز 2021
[12] الأناضول، مؤتمر برلين2 وتجاهل دعوة الحكومة الليبية لردع المعرقلين، 24 يونيو/ حزيران 2021
[13] الجزيرة نت، تتكون من 3 مراحل.. بوليتيكو: ماكرون عرض على بايدن وأردوغان خطة لإخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا، 16 يونيو/ حزيران 2021
[14] المدينة الإخبارية، تركيا: لا يمكن مساواة خبرائنا في ليبيا بالمرتزقة، 25 يونيو/ حزيران 2021
[15] DW، أردوغان: سنبقى موجودين في ليبيا والعراق وسوريا وأذربيجان، 2 يوليو/ تموز 2021
[16] بوابة الوسط، إردوغان: لا أطماع لتركيا في سيادة أي دولة ونجاحها في ليبيا أعاد خلط الأوراق، 17 يوليو/ تموز 2021
[17] الأناضول، طرابلس.. مباحثات ليبية تركية لتعزيز التعاون الثنائي، 5 يوليو/ تموز 2021
[18] القدس العربي، شنطوب والمشري يؤكدان أهمية إجراء الانتخابات الليبية بموعدها، 22 يوليو/ تموز 2021
[19] الخليج الجديد، تدشين خط “رورو” للنقل البحري بين تركيا وليبيا، 24 يونيو/ حزيران 2021
[20] الخليج جازيت، مذكرة تفاهم بين جامعتي مصراتة الليبية ويالوفا التركية، 4 يوليو/ تموز 2021
[21] دار الأخبار، مباحثات ليبية تركية حول التعاون بقطاع الفنون، 1 يوليو/ تموز 2021
[22] نداء تركيا، الخارجية التركية: لا وجود لأي مشكلة مع السعودية ونرغب في تطوير التعاون مع دول الخليج، 25 يونيو/ حزيران 2021
[23] الأناضول، مصر تشيد بخطوات تركية على طريق تطبيع العلاقات، 4 يوليو/ تموز 2021
[24] RT، شكري: نقيّم خطوات تركيا تجاهنا وستكون هناك “محادثات استكشافية” مع أنقرة، 12 يوليو/ تموز 2021
[25] الخليج الجديد، وزيرة تركية تزور مصر للمشاركة بمؤتمر التعاون الإسلامي حول المرأة، 8 يوليو/ تموز 2021
[26] رصد، رئيس وزراء اليونان يأمل في توسيع الاتفاق الجزئي لترسيم مناطق الصلاحية البحرية مع مصر، 21 يونيو/ حزيران 2021
[27] العربي الجديد، تنسيق مصري للموازنة بين التقارب مع تركيا وطمأنة اليونان وقبرص، 23 يونيو/ حزيران 2021
[28] الهيئة العامة للاستعلامات، الرئيس السيسي يستقبل رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، 21 يونيو/ حزيران 2021
[29] الحرة، الإطلاقات المائية من إيران للعراق تبلغ “صفرا”.. وبغداد تلوح بالمجتمع الدولي، 11 يوليو/ تموز 2021
[30] وكالة أنباء تركيا، تطور هام بين تركيا والعراق يدخل حيز التنفيذ قريبا، 13 مارس/ آذار 2021
[31] الحرة، بعد سنوات من “الهدر والضغط”.. العراق وتركيا يبحثان إعادة تقسيم المياه، 23 يونيو/ حزيران 2021
[32] العربي الجديد، “أجواء إيجابية” خلال زيارة وفد عراقي لتركيا لبحث أزمة مياه دجلة والفرات: اتفاق قريب؟، 24 يونيو/ حزيران 2021
[33] المصدر نفسه
[34] وكالة الأنباء العراقية، طلب عراقي بإشراك تركيا في تنفيذ مشروع سد مكحول، 30 يونيو/ حزيران 2021
[35] المصدر نفسه
[36] جريدة الصباح العراقية الرسمية، بغداد وأنقرة.. {اتفاق وشيك} بشأن الحصص المائيَّة، 24 يونيو/ حزيران 2021
[37] الأناضول، أنقرة: تحييد إرهابيين اثنين من “بي كا كا” شمالي العراق، 20 يوليو/ تموز 2021
[38] تلفزيون سوريا، أردوغان: الحزام الأمني خارج الحدود ضروري لاستقرار تركيا، 25 يونيو/ حزيران 2021
[39] DW، أردوغان: سنبقى موجودين في ليبيا والعراق وسوريا وأذربيجان، 2 يوليو/ تموز 2021
[40] الحرة، اتصال هاتفي بين وزيري خارجية تركيا والإمارات، 23 إبريل/ نيسان 2021
[41] TRT، “دبلوماسية الفضاء”.. صحف أبو ظبي تحتفي بالتهنئة التركية حول مسبار الأمل، 19 فبراير/ شباط 2021
[42] الخليج أونلاين، الملك سلمان يبحث مع أردوغان العلاقات الثنائية، 18 يوليو/ تموز 2021
[43] العربية، وزير خارجية تركيا: وصلت السعودية لمناقشة قضايا المنطقة، 10 مايو/ أيار 2021
[44] الصفحة الرسمية لوزارة الصحة البحرينية، وزيرة الصحة تلتقي بسفيرة الجمهورية التركية المعينة لدى مملكة البحرين وتشيد بمستوى العلاقات الطيبة التي تجمع بين البلدين الصديقين، 7 يوليو/ تموز 2021
[45] TRT عربي، الإمارات.. دور متآمر ضد تركیا كانت ذروته دعم محاولة الانقلاب، 15 يوليو/ تموز 2021
العربية، أردوغان يستفز أوروبا وقبرص.. وتنديد أميركي، 21 يوليو/ تموز 2021
[46] نداء تركيا، الخارجية التركية: لا وجود لأي مشكلة مع السعودية ونرغب في تطوير التعاون مع دول الخليج، 25 يونيو/ حزيران 2021
[47] الأناضول، تركيا.. رئيس البرلمان يتوجه للكويت في زيارة رسمية، 11 يوليو/ تموز 2021
[48] Ar haberlerk، رئيس البرلمان التركي: علاقاتنا مع الكويت تسير بمستوى ممتاز، 12 يوليو/ تموز 2021
[49] القبس، سمو نائب الأمير: أردوغان رجل شجاع موقفاً وكلمة وأفعالاً.. له منا كل المحبة والاحترام، 12 يوليو/ تموز 2021
[50] المصدر نفسه
[51] صحافة الجديد، تشاووش أوغلو يلتقي نظيره الكويتي ونائب رئيس وزراء أذربيجان، 16 يوليو/ تموز 2021
[52] الخليج الجديد، العدالة والتنمية: تركيا وإسرائيل تتطلعان لتحسين العلاقات، 14 يوليو/ تموز 2021
[53] يورو نيوز، بعد مباحثاته مع عباس.. إردوغان يهنئ الرئيس الإسرائيلي على توليه منصبه، 13 يوليو/ تموز 2021
[54] الخليج الجديد، متحدث العدالة والتنمية: من المبكر الحديث عن تبادل للسفراء بين تركيا وإسرائيل، 15 يوليو/ تموز 2021
[55] عربي 21، شروط تركية لتحسين العلاقات مع إسرائيل، 16 يونيو/ حزيران 2021
[56] الأناضول، لقاء الرئيس أردوغان مع نظيره الفلسطيني محمود عباس، 10 يوليو/ تموز 2021
[57] RT، أردوغان: تركيا لن تلتزم الصمت حيال الظلم الإسرائيلي في فلسطين، 10 يوليو/ تموز 2021
[58] شبكة قدس الإخبارية، رئيس البرلمان التركي: العالم بدأ يدرك عدالة الحقوق الفلسطينية، 13 يوليو/ تموز 2021
[59] القدس العربي، تركيا تدين نقل سفارة هندوراس لمدينة القدس، 25 يونيو/ حزيران 2021
[60] وكالة الأنباء الكويتية، تركيا تدين هدم سلطات الاحتلال الإسرائيلي منازل وممتلكات للفلسطينيين في قرية “حِمْصة الفوقا” بالضفة الغربية، 13 يوليو/ تموز 2021
[61] تركيا الآن، الخارجية التركية تدين ممارسات إسرائيل اللاإنسانية في المسجد الأقصى، 18 يوليو/ تموز 2021
[62] ترك برس، تركيا.. مظاهرات منددة بالاعتداء على المسجد الأقصى، 19 يوليو/ تموز 2021
[63] القدس العربي، أجواء إيجابية بين تركيا وأوروبا تدفع نحو تحديث اتفاقية اللجوء واستئناف مباحثات عضوية الاتحاد، 24 يونيو/ حزيران 2021
[64] مباشر نت، ميركل: اجتهدت بالقمة الأوروبية لتحقيق تقدم في جدول أعمال تركيا، 25 يونيو/ حزيران 2021
[65] تلفزيون سوريا، قادة أوروبا يطالبون مفوضيتهم بتقديم مقترح لتمويل اللاجئين السوريين في دول الجوار، 25 يونيو/ حزيران 2021
[66] البوابة الإلكترونية الرسمية لدولة الكويت، انقرة: قرارات القمة الأوروبية بشأن تركيا بعيدة عن التوقعات، 25 يونيو/ حزيران 2021
[67] أحوال تركية، أوروبا منفتحة على التعاون مع تركيا لكنها تنتظر تغييرا في السياسات، 25 يونيو/ حزيران 2021
[68] الأناضول، أنقرة: قرارات القمة الأوروبية بشأن تركيا دون التوقعات، 25 يونيو/ حزيران 2021
[69] صحافة الجديد، ميركل: نسعى لتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي مع تركيا، 25 يونيو/ حزيران 2021
[70] الأناضول، الاتحاد الأوروبي يبحث بدء مفاوضات تحديث الاتفاق الجمركي مع تركيا، 25 يونيو/ حزيران 2021
[71] TRT عربي، وزير التجارة التركي: نتطلع إلى تحديث الاتفاقية الجمركية مع الاتحاد الأوروبي، 15 يوليو/ تموز 2021
[72] الشرق الأوسط، تركيا تنتقد قرارات القمة الأوروبية وتعتبرها بعيدة عن المطلوب، 26 يونيو/ حزيران 2021
[73] Bloomberg, Why Macron and Erdogan Are Suddenly Playing Nice, July 2, 2021
[74] المصدر نفسه
[75] BBC، الصراع في أفغانستان: بايدن يدافع عن قرار إنهاء العملية العسكرية في ظل تقدم طالبان، 9 يوليو/ تموز 2021
[76] مصراوي، لماذا تزحف طالبان نحو المعابر الحدودية وما أهمية مطار كابول؟، 14 يوليو/ تموز 2021
[77] عربي 21، العقبات المنتظرة في وجه دور تركي محتمل في أفغانستان، 3 يوليو/ تموز 2021
[78] الجزيرة نت، هل ستبقى تركيا في أفغانستان؟، 3 يوليو/ تموز 2021
[79] الشرق الأوسط، طالبان تحذر تركيا من إبقاء قواتها في أفغانستان، 13 يوليو/ تموز 2021
[80] أحوال تركية، طالبان تحذر تركيا من تبعات إصرارها على تامين مطار كابول، 13 يوليو/ تموز 2021
[81] يورو نيوز، أردوغان يجرى “محادثات صريحة ومثمرة جداً” مع بايدن في بروكسل، 14 يونيو/ حزيران 2021
[82] العين الإخبارية، اندفاع تركي نحو مطار كابول.. آسيا الوسطى كلمة السر، 10 يوليو/ تموز 2021
[83] الأناضول، أكار: المحادثات متواصلة مع الأمريكيين حول تشغيل مطار كابل، 13 يوليو/ تموز 2021
[84] TRT عربي، لماذا اختارت تركيا المجر وباكستان في مقترح حماية مطار أفغانستان؟، 28 يونيو/ حزيران 2021
[85] الحرة، المعارضة التركية تحذر من الغرق بـ”المستنقع الأفغاني”، 23 يونيو/ حزيران 2021
[86] CNN، للمرة الأولى.. الخارجية الأمريكية تدرج تركيا في قائمة الدول المتورطة في تجنيد الأطفال، 1 يوليو / تموز 2021
[87] موقع وزراة الخارجية التركية، بيان صحفي حول الجزء المتعلق بتركيا لتقرير الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الاتجار بالبشر، 2 يوليو/ تموز 2021
[88] ديلي صباح، “مشروع العصر”.. وضع حجر الأساس لأول جسور قناة إسطنبول، 26 يونيو/ حزيران 2021
[89] القدس العربي، اردوغان يدشن مشروع «قناة إسطنبول» وسط شكوك حول جدواه الاقتصادية ومخاوف بشأن أضراره البيئية، 27 يونيو/ حزيران 2021
[90] العربي الجديد، جدل قناة إسطنبول: صراع مستمر بين الحكومة والمعارضة، 26 يونيو/ حزيران 2021
[91] الأناضول، أردوغان: قناة إسطنبول لإنقاذ مستقبل المدينة، 26 يونيو/ حزيران 2021
[92] نون بوست، لماذا كل هذا الخلاف على مشروع قناة إسطنبول؟، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2019
[93] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يطلق مشروع العصر.. تعرف عليه بالتفصيل بـ”25 سؤال وجواب” (تقرير)، 26 يونيو/ حزيران 2021
[94] عربي 21، باهتشلي: لا انتخابات مبكرة.. وأردوغان مرشحنا في 2023، 7 سبتمبر/ أيلول 2020
[95] تركيا الآن، الشعب الجمهوري التركي يعلن مرشحه لمنافسة أردوغان بالانتخابات الرئاسية، 9 يوليو/ تموز 2021
[96] العربي الجديد، تركيا: كلجدار أوغلو ينفي ترشحه للرئاسة وينتقد أردوغان، 11 يوليو/ تموز 2021
[97] عربي 21، بوادر صراع بين أقطاب المعارضة على الترشح لرئاسة تركيا، 10 يوليو/ تموز 2021