انتفاضة بنغلاديش.. أسباب الحراك وطبيعة القيادة
المحتويات
- مقدمة
- أسباب الحراك
– الأسباب المباشرة للحراك (نظام الحصص الوظيفية – مجابهة الاحتجاجات بالسخرية والعنف)
– الأسباب غير المباشرة للحراك (الاستبداد السياسي – الأزمات الاقتصادية)
- قيادة الحراك
مقدمة
بعد شهر من المظاهرات الحاشدة ضد الحكم الاستبدادي الذي تنتهجه حكومتها، استقالت رئيسة وزراء بنغلاديش، الشيخة حسينة، وهربت إلى الهند في 5 أغسطس/آب 2024. واقتحم آلاف المحتجين مقر إقامتها في العاصمة “دكا”، كما أثار رحيلها عن السلطة احتفالات في مختلف أنحاء البلاد.
وإزاء هذه الأحداث التي قادت للإطاحة بـ”حسينة” صاحبة أطول فترة لرئاسة الحكومة في تاريخ بنغلاديش، فإن من الأهمية بمكان النظر في هذا الحراك الجماهيري الواسع، ومحاولة دراسة الأسباب التي شكّلته، سواء كانت أسباب مباشرة أو غير مباشرة. هذا فضلا عن معرفة نقاط التحول التي مر بها الحراك في بنغلاديش والتي تسببت في زيادة الضغط على حكومة حسينة، ما دفعها في النهاية إلى الهروب خارج البلاد. وبطبيعة الحال، يجب أن تتضمن دراسة الحراك أيضا معرفة قادته الذين تصدروا المشهد، وتوجهاتهم، ومدى انخراط قوى المعارضة التقليدية في مشهد الانتفاضة الجماهيرية.
وعلى هذا، نحاول في هذا الملف الإجابة على سؤالين رئيسيين: ما الدوافع المباشرة وغير المباشرة للحراك الذي أطاح بحسينة؟ وما طبيعة الجهة التي تولت قيادة الحراك؟
أسباب الحراك
في معرض وصفها للانتفاضة التي شهدتها بنغلاديش ضد حكم الشيخة حسينة، قالت الكاتبة الأمريكية، جينيفر شودري، إن “الأمر بدا كما لو أن الطلاب أطاحوا بحكومة حسينة خلال فترة قصيرة لم تتجاوز 5 أسابيع، غير أن هذه الثورة استغرقت 15 عاما من التحضير”.[1]
وهنا تشير “شودري” إلى أن هناك أسبابا غير مباشرة للحراك البنغالي الأخير، هذا بجانب الأسباب المباشرة التي تبدّت خلال الأسابيع الأخيرة، قبل وأثناء اندلاع الاحتجاجات.
- الأسباب المباشرة للحراك
1- نظام الحصص الوظيفية:
بدأت شرارة الاحتجاجات في “جامعة دكا” في 1 يوليو/تموز، بعد صدور حكم من المحكمة العليا في الشهر السابق بإعادة العمل بنظام الحصص الوظيفية.[2]
وللتوضيح، فإن نظام الحصص هو عبارة عن توزيع للوظائف الحكومية بنسب معينة، بحيث يعطي حصة مخصصة (كوتا) لبعض الفئات. وأُدخل هذا النظام عام 1972، بعد فترة وجيزة من استقلال بنغلاديش عن باكستان. وفي البداية، خُصصت 80 بالمئة من الوظائف الحكومية للذين شاركوا في “حرب الاستقلال”، المعروفين باسم “المقاتلين من أجل الحرية”، هذا بجانب النساء المتضررات من حرب عام 1971 والأشخاص من المناطق الأكثر فقرا في البلاد.
ثم تطورت النسبة المئوية الإجمالية على مر السنين، مع إضافة فئات للأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات. وبحلول عام 2012، بلغت النسبة 56 بالمئة، بما في ذلك 30 بالمئة لأحفاد “المقاتلين من أجل الحرية”، و10 بالمئة للنساء، و10 بالمئة لسكان “المناطق المتخلفة” (أي المناطق الأكثر فقرا في البلاد)، و5 بالمئة للأقليات العرقية و1 في المائة للأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية.
هذا النظام كان محط اعتراض من الشباب الذين في سن العمل؛ ذلك أنه يسلبهم إلى حد بعيد فرصة الحصول على وظيفة حكومية. ويتفاقم ذلك إذا ما وضعنا في الاعتبار أن أحفاد “المقاتلين من أجل الحرية” لا يشكلون سوى جزء صغير من سكان بنغلاديش يُقدر بما بين 0.12 إلى 0.2 بالمئة، وفقا لصحيفة “بروثوم ألو” المحلية.[3]
وبالتالي، يتنافس خريجو الجامعات من سكان يبلغ عددهم 170 مليون نسمة على أقل من نصف الوظائف الحكومية. وبحسب تقدير “تشاتام هاوس” (Chatham House)، فإن كل 400 ألف خريج جديد يتنافسون على 3 آلاف وظيفة في الخدمة المدنية.[4]
وفي المقابل، يتنافس أحفاد 180 ألف “مقاتل من أجل الحرية”، الذين يبلغون 0.2 بالمئة من السكان في أقصى التقديرات، على 30 بالمئة من هذه الوظائف. أي أن الطلاب العاديين يواجهون منافسة أكبر بنحو 50 مرة لكل وظيفة، مقارنة بالمستفيدين من نظام الحصص، بحسب منصة “نيترا نيوز” السويدية.[5]
في ظل هذا التفاوت الكبير في الفرص، انخرط الطلاب البنغاليين في احتجاجات على مدار سنوات للمطالبة بتخصيص الوظائف العامة على أساس الجدارة، لا الحصص، وخاصة تلك المخصصة لأحفاد قدامى المحاربين. فالاعتراض الأساسي لدى الطلاب ينصب على “الكوتا” المخصصة لأحفاد المقاتلين في “حرب الاستقلال” لا على تلك المخصصة للنساء أو للأقليات.
وهذا يرجع إلى أن أحفاد المقاتلين ينالون حصة كبيرة لا تقارن بالحصص الأخرى، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن هذه الحصة الكبيرة بات يُنظر إليها على أنها وسيلة تستغلها الشيخة حسينة لشراء ولاءات طبقة تدعم حكمها.
ومن هنا، خرج الطلاب إلى الشوارع لإلغاء نظام الحصص في عام 2008، ثم مرة أخرى في عام 2013، ثم في عام 2018.[6]
واللافت هنا أن الشيخة حسينة اتخذت قرارا في عام 2018، كلفها منصبها في عام 2024 بعد أن حاولت الرجوع عنه عبر حكم قضائي. ففي محاولة على ما يبدو لتهدئة الطلاب في الفترة التي سبقت انتخابات ذلك العام، والتي وافقت المعارضة على خوضها، ألغت حكومة “حسينة” الحصص لبعض درجات الوظائف الحكومية.[7]
لكن في وقت لاحق، استأنف العديد من أحفاد “المقاتلين من أجل الحرية” قرار الحكومة في المحاكم، زاعمين أن الأمر غير دستوري. وجاء قرار المحكمة العليا لصالحهم، في أوائل يونيو/حزيران 2024، بإعادة العمل بتلك الحصص ليكون شرارة لهذه الموجة الأخيرة من الاحتجاجات التي أطاحت بـ”حسينة”.
2- مجابهة الاحتجاجات بالسخرية والعنف:
في 1 يوليو/تموز 2024 بدأت الاحتجاجات، بقيادة مجموعة تسمى “طلاب ضد التمييز”، ونمت الاحتجاجات يوميا وانتشرت إلى مؤسسات عامة أخرى، وتسربت إلى مدن ومناطق أصغر. وكانت الاحتجاجات سلمية في الغالب، وفي البداية، بدا أن الحكومة لا تأخذها على محمل الجد، حيث رفض المسؤولون هذا الحراك ولم يبذلوا أي محاولة حقيقية للتفاوض مع قادته. حتى جاءت نقطة التحول الأولى في منتصف يوليو/تموز.
فبعد نحو أسبوعين من حصر الطلاب مطالبهم بإلغاء نظام الحصص الوظيفية، أطلقت “حسينة” تصريحا تسخر فيه من مطلب المحتجين.
ففي 14 يوليو، وخلال مؤتمر صحفي، سأل أحد المراسلين حسينة عن الاحتجاجات الطلابية ضد حصص الوظائف، وردت حسينة على ذلك، قائلة: “إذا لم يحصل أحفاد المقاتلين من أجل الحرية على فوائد [الحصص]، فمن سيحصل عليها؟ أحفاد رضاكار؟”[8]، وذلك في إشارة إلى البنغاليين الذين تعاونوا مع الجيش الباكستاني خلال حرب عام 1971 وكانوا متورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد المدنيين فيما كان يُعرف آنذاك بباكستان الشرقية.
السخرية من مطالب المحتجين، وتشبيههم بمن هم كـ”الخونة” عند البنغاليين، أثارت غضب الطلاب ورفعت سقف مطالبهم. ففي الليلة نفسها، بدأوا يهتفون: “من أنا؟ من أنت؟ رضاكار، رضاكار”، “من قال هذا؟ من قال ذلك؟ مستبد، مستبد”.[9]
وفي اليوم التالي لتصريحات حسينة، عاد المتظاهرون إلى الشوارع بأعداد أكبر بكثير. وحينها لجأت الحكومة إلى العنف المفضي للقتل لأول مرة، ونشرت الحكومة ليس فقط القوات الشرطية وقوات حرس الحدود شبه العسكرية، بل نشرت أيضا أعضاء الجناح الطلابي للحزب الحاكم “رابطة تشاترا”، الذي يشتهر بأساليبه الوحشية.
وتدحرجت كرة الثلج، حيث قُتل 6 متظاهرين في ذلك اليوم، وانتشرت بسرعة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للعنف الذي تمارسه الجهات الحكومية وغير الحكومية الداعمة لحسينة. وعلى مدى الأيام الأربعة التالية، لقي أكثر من 200 شخص حتفهم بالرصاص الحي، أغلبهم من الطلاب والمواطنين العاديين.[10]
وعلى هذا، توسعت دائرة الاحتجاجات إلى ما بعد الطلاب بحيث شملت فئات أخرى غاضبة، مما دفع حكومة حسينة إلى إصدار أمر بإغلاق المدارس والجامعات الحكومية. ثم داهمت قوات الأمن وأغلقت السكنات الطلابية، التي كانت منذ فترة طويلة بؤرة للنشاط، وأُجبر العديد من الطلاب المقيمين على العودة إلى مدنهم الأصلية.[11]
وفي ظل هذا التصعيد، بات المطلب الخاص بالحصص الوظيفية في خلفية المشهد الذي باتت تتصدره 9 مطالب أخرى، على رأسها اعتذار حسينة عن تصريحاتها، واستقالة المسؤولين عن العنف، وخاصة وزير الداخلية أسد الزمان خان، فضلا عن وزراء آخرين، ورفع حظر التجول، واستعادة خدمات الإنترنت والهاتف المحمول، وإعادة فتح الجامعات والإفراج عن زعماء الاحتجاجات المعتقلين.
وفي هذه المرحلة، ارتفعت مستويات العنف من الجانبين بشكل حاد. وتحولت الشرطة من الرصاص المطاطي إلى الذخيرة الحية، في حين أظهرت الصور المتظاهرين وهم يضربون الضباط بالعصي. وفي العاصمة “دكا” أضرم المتظاهرون النار في منشأة البث الحكومية في بنغلاديش ومحطة قطار في نظام المترو الجديد في المدينة، وكلاهما رمز لخمسة عشر عاما من حكم حسينة. وبحلول نهاية اليوم، قُتل العشرات من المتظاهرين، وأمرت الحكومة بإغلاق الإنترنت.[12]
ورغم اتخاذ حسينة عدة خطوات للخلف، في محاولتها استيعاب الحراك الاحتجاجي؛ إلا أن جهودها باءت بالفشل؛ بسبب قتل قواتها لعشرات من المحتجين، وهو ما يمثل نقطة التحول الثانية.
فقد أدركت حسينة أن هذه الاحتجاجات ليست كسابقتها، وطلبت من قسم الاستئناف في المحكمة العليا إلغاء قرار المحكمة الأخير، وحُددت جلسة استماع في 7 أغسطس/آب. لكن مع وصول الاحتجاجات إلى ذروتها ودخول البلاد في إغلاق فعلي، قررت المحكمة العليا تقديم موعد الجلسة. وفي 21 يوليو، أصدرت المحكمة قرارها بتخفيض الحصص من 56 إلى 7 بالمئة، بما في ذلك 5 بالمئة لأحفاد المقاتلين من أجل الحرية، و2 بالمئة للأقليات العرقية.
ورغم أن هذه الحصص تنطبق على جميع درجات الوظائف، مما يوسع نطاقها إلى ما هو أبعد من الأمر الحكومي لعام 2018، إلا أن إعمال الحكومة آلة القتل في المتظاهرين رفع مطالبهم إلى تنحي الحكومة.[13]
وبتعبير الباحث في الشأن البنغالي، سليل تريباثي، فإن حينها “أصبح سبب المظاهرات الأساسي -المتعلق بحصص الوظائف- مجرد ذكرى بعيدة، بعد أن تحول الغضب الجماعي إزاء سنوات من انتهاكات حقوق الإنسان والفساد والانتخابات المزورة إلى انتفاضة شعبية”.[14]
وبجانب حكم المحكمة العليا الذي حاول استرضاء المحتجين، حاولت الحكومة الجلوس مع قادة الحراك، غير أن ذلك قوبل بالرفض لأن “الحكومة تلطخت أيديها بالدماء”، وبذلك باتت الأمور وكأنها تسير إلى طريق مسدود.[15]
وفي ظل هذا التصعيد، صدرت تصريحات من، ناهض إسلام، أحد قادة الاحتجاجات، بأن “الطلاب حملوا العصي اليوم وأنهم مستعدون لحمل السلاح إذا لم تنجح العصي”.[16]
ومع توسع التظاهرات، وعدم جدوى الخطوات التي اتخذتها حسينة لاستيعابها، توسلت أسرة حسينة إليها أن تغادر البلاد، وفق ما كشفت عنه صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية.[17] إذ أن والدها وأقارب آخرين قُتِلوا على يد جنود متمردين في عام 1975، وخشيت أسرة حسينة أن يتكرر هذا السيناريو معها.
وإجمالا، فإن نظام الحصص الوظيفية مثّل السبب المباشر للحراك الجماهيري، الذي تطور بفعل السخرية والعنف اللذين صدرا عن حكومة حسينة. غير أن “الثورة استغرقت 15 عاما من التحضير”، حسبما أوردنا في مطلع هذا المحور على لسان الكاتبة “شودري”.
- الأسباب غير المباشرة للحراك
يقول مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون الأمريكي (Wilson Center)، مايكل كوجلمان، إن حكومة حسينة “قللت بشكل كبير من تقدير مدى غضب الشعب، ولم تتفطن إلى مصادر الغضب التي تجاوزت قضية حصص الوظائف”.[18]
وتشير مجلة “فورين بوليسي”، في تقرير لها، إلى مصادر الغضب الأخرى بالقول إن “أسباب الاضطرابات أعمق كثيرا من مسألة حصص الوظائف، فهناك سخط واسع النطاق إزاء اليأس الاقتصادي، والفساد المستشري، والانتخابات المزورة، وانتهاكات حقوق الإنسان”.[19]
ويمكننا هنا أن نُقسّم الأسباب غير المباشرة للحراك إلى قسمين: الاستبداد السياسي والأزمات الاقتصادية.
1- الاستبداد السياسي:
اتسمت فترة حكم حسينة بالاستبداد السياسي، الذي تزايد بشكل مضطرد، تضمن حبس المعارضين وإعدام بعضهم. فقد سُجنت رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة الرئيسية، خالدة ضياء، في عام 2018 بتهمة الفساد، بينما أُعدمت قيادات بارزة في الجماعة الإسلامية في عام 2016.[20]
ونفذت العمليات ضد المعارضة كتيبة التدخل السريع (Rapid Action Battalion) شبه العسكرية سيئة السمعة، والتي اتُهمت حسينة باستخدامها لاختطاف وحتى قتل أعضاء المعارضة، وتزوير الانتخابات. وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت، في 10 ديسمبر/كانون الأول 2021، عقوبات على كتيبة التدخل السريع، فضلا عن سبعة من ضباطها الحاليين والسابقين بسبب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.[21]
وبحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فقد تورطت قوات الأمن في أكثر من 600 حالة اختفاء قسري منذ تولي الشيخة حسينة منصبها في عام 2009.[22] وفي الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2015 وديسمبر/كانون الأول 2020، قُتل ما لا يقل عن 755 شخصا وصفتهم قوات الأمن بأنهم “متشددون” أو “إرهابيون” في 143 تبادل إطلاق نار واشتباكات مسلحة مزعومة في جميع أنحاء البلاد، وفقا لتقرير آخر صادر عن هيومن رايتس ووتش.
كما أجبرت الأجهزة الحكومية مئات الآلاف من الأشخاص على مغادرة منازلهم والعيش مختبئين لسنوات، حيث استخدمت حسينة قوات الشرطة لمضايقتهم قانونيا وابتزازهم، وفق ما قاله رئيس تحرير مجلة جوبان البنغالية، رضوان كريم روني.
وفي خطوة قامت بها أيضا العديد من الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، اشترت المخابرات العسكرية البنغالية برامج تجسس سرا من “إسرائيل” لمراقبة المنافسين السياسيين لحسينة، هذا على الرغم من أن بنغلاديش لا تعترف بـ”إسرائيل”.[23]
وعلى الجانب الإعلامي، بسطت حسينة سيطرتها على وسائل الإعلام الأساسية لتشكيل الرأي العام، حيث إن معظم وسائل الإعلام السائدة في بنجلاديش مملوكة لشركات لها علاقات مع حزب حسينة، “حزب رابطة عوامي”.[24]
كما سنت حكومة حسينة “قانون الأمن السيبراني”، الذي استخدمته لقمع حرية التعبير على الإنترنت، واعتقال الصحفيين والفنانين والناشطين، والاعتقال التعسفي والتعذيب.[25] وبحسب المسؤول الإقليمي لجنوب آسيا في منظمة العفو الدولية، تكبير هدى، فإن “الحرب القانونية المستمرة التي شنتها السلطات ضد المعارضة السلمية على مدى العقد الماضي أدت إلى تصعيد القمع ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين، وخلق حالة من الاحتراز من التحدث بحرية”.[26]
وفي يناير/كانون الثاني، أشرفت الحكومة على انتخابات ثالثة نُظّمت على مراحل، فاز فيها الحزب الحاكم بنحو 75 بالمئة من المقاعد على الرغم من بذله قصارى جهده لجعل التصويت يبدو تنافسيا. فعلى سبيل المثال، كان نحو 20 بالمئة من المقاعد التي خسرها الحزب لصالح “مرشحين مستقلين” هم في واقع الأمر أعضاء في الحزب الحاكم.[27]
وعلى هذا، فإن الاستبداد بالحكم والبطش بالمعارضين وانسداد الأفق السياسي بعد الانتخابات الأخيرة مثّلوا أسبابا قادت إلى الحراك الذي أطاح بحسينة.
2- الأزمات الاقتصادية:
خلال فترة حكم حسينة شهد الاقتصاد البنغالي تحسنا، غير أن هذا التحسن لم ينعكس على المواطنين بدرجة مُرضية.
ففي العقود الأخيرة، كان يُحتفى ببنغلاديش باعتبارها نموذجا للعولمة والتنمية، حيث كان الاقتصاد ينمو بسرعة، والدخول في ارتفاع، والمؤشرات الاجتماعية المختلفة تتحرك في اتجاهات إيجابية.[28] إذ تضاعف دخل الفرد ثلاث مرات خلال العقد الماضي، كما انتُشل أكثر من 25 مليون شخص من براثن الفقر على مدى عشرين عاما، وفقا للبنك الدولي.[29]
كما جعلت حكومة حسينة اقتصاد بنجلاديش منافسا عالميا، إذ حولت الحقول إلى مصانع للملابس، وأصبحت الطرق الوعرة طرقا سريعة متعرجة، وذهب المزيد من الفتيات إلى المدارس، ووصلت الكهرباء إلى القرى الريفية، وشُيّدت الطرق والجسور والمصانع وخطوط المترو.[30]
ورغم ذلك، فإن الاقتصاد كان سببا رئيسيا خلف الاحتجاجات التي أطاحت بحسينة. ونحن هنا أمام تفسيرين. الأول يقر بهذه الإنجازات، لكنه يرى أن الشعب البنغالي لم يعد راضيا بالتقدم الاقتصادي على حساب حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية. وبالتالي، تعزو هذه الرؤية سبب الانتفاضة الشعبية ضد حسينة إلى البطش السياسي.[31]
أما التفسير الثاني فيشكك في مدى الإنجازات الاقتصادية لحسينة، ويرى أنها مبالغ فيها. من هؤلاء الذين يتبنون هذا المنحى، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية إلينوي الأمريكية، علي رياض، حيث يعتبر أن النجاحات الاقتصادية لحكومة حسينة “ضُخّمت لتبرير حكمها”.[32] كما شكك خبراء آخرون في موثوقية الإحصاءات التي كانت تقدمها الحكومة البنغالية حول الاقتصاد.[33]
ويقول هؤلاء إن بعض الأرقام الإيجابية التي كانت تعلنها حكومة حسينة حجبت نقاط الضعف المزمنة، بما في ذلك التفاوت الاقتصادي المتزايد، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. كما ارتفعت معدل التضخم إلى 9.73 بالمئة في 2023-2024، وهو أعلى معدل منذ 2011-2012، وتباطأ النمو وسط اقتصاد البلاد المعتمد على التصدير،[34] وزادت أسعار السلع الأساسية، والكهرباء.
هذه الهشاشة التي يعاني منها الاقتصاد البنغالي ظهرت بشكل أكبر بعد جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، اللتين دفعتا حكومة حسينة إلى طلب حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.7 مليار دولار.[35]
ويرجع ذلك إلى أن صناعة الملابس الجاهزة في البلاد تمثل 83 بالمئة من إجمالي عائدات التصدير في البلاد، وهو بدوره مجال شديد التأثر بالصدمات الخارجية، كالجائحة وحرب أوكرانيا.
كما شهدت السنوات الماضية ركودا في نمو وظائف القطاع الخاص، مما جعل وظائف القطاع الحكومي، مع زيادات الأجور والامتيازات المنتظمة المصاحبة لها، جذابة للغاية. وحيث إن وظائف القطاع الحكومي تخضع لنظام المحاصصة الذي أوضحناه آنفا، فإن هذا الانسداد دفع الطلاب إلى الخروج للشوارع.[36]
علاوة على ذلك، فإن الإنجازات الاقتصادية التي زعمتها حكومة حسينة ساعدت -في الغالب- أولئك المقربين من “حزب رابطة عوامي” الذي تنتمي إليه حسينة. ففوائد هذه الإنجازات ظلت مركزة في القمة، حيث يحصل أغنى 10 بالمئة من سكان بنغلاديش على أكثر من 41 بالمئة من إجمالي دخل البلاد، في حين يحصل أفقر 10 بالمئة على ما يزيد قليلا على 1 بالمئة.[37]
وتزامن مع ذلك، نقاشات هيمنت على وسائل التواصل الاجتماعي في بنغلاديش خلال الأشهر الأخيرة، حول مزاعم الفساد ضد بعض كبار المسؤولين السابقين في عهد حسينة، بما في ذلك قائد الجيش السابق، ورئيس الشرطة السابق، وكبار مسؤولي الضرائب، ومسؤولي التوظيف في الدولة.[38]
بل إن الشيخة حسينة نفسها اعترفت، في مؤتمر صحفي عقد في 14 يوليو/تموز، بأن أحد الخدم في منزلها جمع ثروة تعادل عشرات الملايين من الدولارات. وزعمت أنها لا تفهم كيف أصبح ثريا إلى هذا الحد.[39]
ومثلت مشاريع البنية الأساسية الضخمة أحد أهم روافد هذا الفساد. فالواقع أن المواطنين في بنغلاديش والمراقبين الدوليين، بما في ذلك البنك الدولي، مقتنعون بأن هذه المشاريع الإنشائية الضخمة مكنت قدرا لا يستهان به من الفساد، حيث ارتفعت تكاليفها لحدود غير طبيعية. على سبيل المثال، بلغت تكلفة “جسر بادما” جنوب شرق العاصمة دكا ضعف ميزانيته الأصلية.[40]
وإجمالا، يمكن القول إن نظام الحصص الوظيفية كانت شرارة الانتفاضة البنغالية التي أطاحت بحسينة، خاصة بعد قتل قواتها لما لا يقل عن 440 متظاهرا.[41] لكن الانسداد السياسي والتعثر الاقتصادي، فضلا عن انعدام العدالة في توزيع الثروة، مثلت الأرضية العميقة التي توسعت هذه الاحتجاجات على أساسها.
قيادة الحراك
رسميا، قاد الحراك الجماهيري ضد حسينة مجموعة طلابية تعرف باسم “طلاب ضد التمييز” (Anti-discrimination Students Movement).
وتأسست هذه الحركة في 1 يوليو/تموز 2024. وفي 8 يوليو 2024، أعلنت عن لجنة مكونة من 65 عضوا، تضم 23 منسقا و42 منسقا مشاركا، لإنجاح الحركة بعد إنشائها.[42] ثم في 3 أغسطس/آب، بعد أن نما حجم التظاهرات، أعلنت الحركة، في بيان لها، عن فريق مكون من 158 عضوا، منهم 49 منسقا و109 منسقا مشاركا. وجاء في البيان أن هذا الفريق سيُوسَّع بمنسقين من مؤسسات مختلفة في جميع أنحاء البلاد.[43]
وليس غريبا على الساحة السياسية البنغالية أن يقود الشباب حراكا جماهيريا، ذلك أن بنغلاديش لديها تاريخ طويل من الحركات الاحتجاجية الطلابية.[44] فقد أشعلت المظاهرات الطلابية في عام 1952 احتجاجا على رفض باكستان الاعتراف باللغة البنغالية كلغة وطنية شرارة ما عُرف بـ”حراك اللغة” (bhasha andolan)، الذي بلغ ذروته من أجل الاستقلال بعد عقدين من الزمان. وكان الطلاب من بين أوائل الذين قتلوا على يد القوات الباكستانية في عام 1971 أثناء تلك الحرب.
وفي عام 1987، قاوم الطلاب الدكتاتورية العسكرية للرئيس السابق، حسين محمد إرشاد، وفي عام 2013، احتج الآلاف في ساحة شاهباغ في دكا، مطالبين بعقوبات أشد صرامة على أولئك الذين تعاونوا مع باكستان أثناء الحرب. وتبع ذلك المزيد من الاحتجاجات في عام 2015 ضد الضرائب وفي عام 2018 من أجل سلامة الطرق.
وهذا ما تؤكده أيضا المحاضِرة في في جامعة بريستول البريطانية، نازيا حسين، إذ تقول إن “الانتفاضات الطلابية لعبت دورا رئيسيا في تاريخ بنغلاديش”.[45] وتمتعت هذه الموجات من الحراك الطلابي بسجل مختلط من النجاح، حيث استقال إرشاد في النهاية، وحوكم المتعاونون وأدينوا، لكن الاحتجاجات اللاحقة لم تكن فعالة بنفس القدر.
أما الحراك الحالي فقد تمكن المحتجون من التجمع تحت راية مشتركة غير حزبية، ذلك أن “طلاب ضد التمييز” لا تنتمي لأي حزب سياسي، ولذلك فإن “المزيد من الناس يميلون إلى الانضمام إليها”.[46] كما تؤكد “حسين” أن “الطلاب المحتجون يحتجون مواقع ثقافية واجتماعية قوية في بنغلاديش، وبإمكانهم أن يتولوا دورا بطوليا لديه القدرة على حشد التحول السياسي”.
ونالت الحركة الاعتراف الضمني من نظام حسينة بها، فمع تصاعد موجة الاحتجاجات، سعت حسينة إلى التواصل مع “طلاب ضد التمييز” والتفاوض معهم، عبر هلال أكبر شودري بابار، ونورول عظيم روني، وهما اثنان من أقوى مساعدي محب حسن شودري نوفل، وزير التعليم في البلاد.[47] غير أن الطلاب قابلوا هذا المسعى بالرفض الشديد.
وحاليا، يتعامل الجيش أيضا مع الحركة باعتبارها ممثلة عن الثوار، فمؤخرا اجتمع قادة الطلاب والسياسيون وأعضاء المجتمع المدني والرئيس وقائد الجيش وقرروا حل البرلمان.[48] وجاء ذلك بعد أن أصدر زعماء الطلاب الذين قادوا الاحتجاجات مهلة نهائية صارمة وطلبوا من “الطلاب الثوريين أن يكونوا على أهبة الاستعداد” إذا لم يتم تلبية مطلبهم. وقالوا إنهم لن يقبلوا بأي حكومة ما لم تتكون من مرشحين يوصون بهم، رافضين “أي حكومة مدعومة من الجيش أو بقيادة الجيش”.[49]
أما أحزاب المعارضة، وعلى رأسها “الحزب الوطني” و”الجماعة الإسلامية”، فلم تكن هي التي أطلقت شرارة الاحتجاجات لكنها لحقت بها.
وأصدرت الجماعة الإسلامية، في 3 أغسطس/آب، بيانا على لسان أميرها، شفيق الرحمن، طالبت فيه حسينة بالاستقالة الفورية. وجاء في البيان: “نريد أن نقول للحكومة: اقبلي المطلب الوحيد لجميع مواطني البلاد، بما في ذلك الطلاب والمعلمون وأولياء الأمور والصحفيون، وارحلي فورا، لتستعيد البلاد مناخ السلام والأمن”.[50]
أما عن مشاركة أحزاب المعارضة في تنظيم الاحتجاجات، فلم تتصدر أيا منها ذلك. إذ أن مجمل التقارير تشير إلى أن “طلاب ضد التمييز” هي التي قامت على أمر تنظيم التظاهرات. غير أن مصادر من الجماعة الإسلامية تقول إن أنصارها شاركوا في تنظيم الاحتجاجات.
ولم يدّع أحد أن المعارضة التقليدية هي التي وقفت خلف الاحتجاجات سوى نظام حسينة، الذي امتنع عن إلقاء اللوم على الطلاب في أعمال العنف، واتهم بدلا منهم المعارضة.[51]
من ذلك، إعلان شرطة العاصمة في خضم الاحتجاجات عن اعتقالها 532 شخصا على الأقل، من بينهم زعماء كبار في حزب المعارضة الرئيسي، الحزب الوطني، والجماعة الإسلامية. هذا بالإضافة إلى اعتقال الأمين العام للحزب الوطني البنغلاديشي.[52]
وأشارت تقارير إلى أن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 3 آلاف شخص -بما في ذلك بعض زعماء الطلاب، ولكن معظمهم من مسؤولي الحزب الوطني البنغالي والجماعة الإسلامية- كما وجهت اتهامات إلى أكثر من 60 ألف شخص.
وفي هذا السياق، تعتبر مجلة “فورين أفيرز” أن حسينة حاولت تصوير الأزمة الداخلية باعتبارها معركة لحماية الدولة العلمانية من القوى الإسلامية، وبالتالي إقناع الغرب إما بتقديم المساعدة لها أو البقاء على الهامش. ولكن هذه الحيلة فشلت في إقناع البنغلاديشيين أو شركاء البلاد في الخارج.[53]
المصادر
[1] Jennifer Chowdhury, The victory of Bangladesh’s student movement should not surprise anyone, Al Jazeera English, August 5, 2024 – Link
[2] Helen Regan, Bangladesh’s ‘Gen Z revolution’ toppled a veteran leader. Why did they hit the streets and what happens now?, CNN, August 6, 2024 – Link
[3] محمد عزت، هل تُسقط ثورة طلاب بنغلاديش عرش المرأة الحديدية؟، الجزيرة نت، 5 أغسطس/آب 2024 – الرابط
[4] Chietigj Bajpaee and Patrick Schröder, Sheikh Hasina’s departure exposes the fractures in Bangladesh’s politics, Chatham House, August 7, 2024 – Link
[5] Ikhtisad Ahmed, Why Bangladesh’s quota system differs from affirmative action, Netra News, July 20, 2024 – Link
[6] Nazia Hussein, Bangladesh’s new rebel heroes, Netra News, July 29, 2024 – Link
[7] Pierre Prakash, Bangladesh on Edge after Crushing Quota Protests, International Crisis Group, July 25, 2024 – Link
[8] Faisal Mahmud, Sheikh Hasina: A critical misstep and the end of 15 years ruling Bangladesh, Al Jazeera English, August 5, 2024 – Link
[9] Who said what?, The Daily Star, July 16, 2024 – Link
[10] Faisal Mahmud, Sheikh Hasina: A critical misstep and the end of 15 years ruling Bangladesh, Al Jazeera English, August 5, 2024 – Link
[11] Pierre Prakash, Bangladesh on Edge after Crushing Quota Protests, International Crisis Group, July 25, 2024 – Link
[12] المصدر نفسه
[13] Police retreat from Dhaka’s streets as students call for government resignation, Netra News, August 3, 2024 – Link
[14] Salil Tripathi, Bangladesh Has a Difficult Road Ahead, Foreign Policy, August 5, 2024 – Link
[15] Stephen Snyder, Students in Bangladesh call for leadership change as protests against quota system turn violent, The World, July 19, 2024 – Link
[16] Kriti Barua, Who is Nahid Islam? Student Leader Behind Protests in Bangladesh!, Jagran Josh, August 6, 2024 – Link
[17] Benjamin Parkin and John Reed, How the world’s longest-serving female leader was toppled, Financial Times, August 6, 2024 – Link
[18] Krutika Pathi, How a student-run uprising led to the ouster of Bangladesh’s longest-serving prime minister, Associated Press, August 6, 2024 – Link
[19] Salil Tripathi, The Deep Roots of Bangladesh’s Crisis, Foreign Policy, July 23, 2024 – Link
[20] Faisal Mahmud, Sheikh Hasina: A critical misstep and the end of 15 years ruling Bangladesh, Al Jazeera English, August 5, 2024 – Link
[21] Ali Riaz, US sanctions on Bangladesh’s RAB: What happened? What’s next?, Atlantic Council of United States, December 16, 2021 – Link
[22] Faisal Mahmud, ‘Wait never ends’ for families of the forcibly disappeared in Bangladesh, Al Jazeera English, August 30, 2023 – Link
[23] Oded Yaron and Zulkarnain Saer Khan, Israeli Spy Tech Sold to Bangladesh, Despite Dismal Human Rights Record, Haaretz, January 10, 2023 – Link
[24] Redwan Ahmed and Kaamil Ahmed, Bangladeshi journalists hopeful of press freedom as Hasina era ends, The Guardian, August 9, 2024 – Link
[25] Helen Regan, Bangladesh’s ‘Gen Z revolution’ toppled a veteran leader. Why did they hit the streets and what happens now?, CNN, August 6, 2024 – Link
[26] Bangladesh: Interim Government must restore freedom of expression in Bangladesh and repeal Cyber Security Act, Amnesty International, August 8, 2024 – Link
[27] Pierre Prakash, Bangladesh on Edge after Crushing Quota Protests, International Crisis Group, July 25, 2024 – Link
[28] Ali Riaz, The Remarkable Downfall of Bangladesh’s Iron Lady, Foreign Affairs, August 6, 2024 – Link
[29] Anbarasan Ethirajan and Hannah Ritchie, What sparked the protests that toppled Bangladesh’s PM?, BBC, August 6, 2024 – Link
[30] Krutika Pathi, How a student-run uprising led to the ouster of Bangladesh’s longest-serving prime minister, ABC News, August 6, 2024 – Link
[31] Jennifer Chowdhury, The victory of Bangladesh’s student movement should not surprise anyone, Al Jazeera English, August 5, 2024 – Link
[32] Krutika Pathi, How a student-run uprising led to the ouster of Bangladesh’s longest-serving prime minister, ABC News, August 6, 2024 – Link
[33] Ali Riaz, The Remarkable Downfall of Bangladesh’s Iron Lady, Foreign Affairs, August 6, 2024 – Link
[34] Chietigj Bajpaee and Patrick Schröder, Sheikh Hasina’s departure exposes the fractures in Bangladesh’s politics, Chatham House, August 7, 2024 – Link
[35] Ashraful Alam Chowdhury, What Does a New IMF Loan Mean for Bangladesh?, The Diplomat, February 1, 2023 – Link
[36] Sudipto Ganguly, What’s behind Bangladesh’s protest against PM Sheikh Hasina?, Reuters, August 5, 2024 – Link
[37] Ali Riaz, The Remarkable Downfall of Bangladesh’s Iron Lady, Foreign Affairs, August 6, 2024 – Link
[38] Anbarasan Ethirajan and Hannah Ritchie, What sparked the protests that toppled Bangladesh’s PM?, BBC, August 6, 2024 – Link
[39] Bangladesh PM’s ex-servant who travels by helicopter sparks graft probe over $45m fortune, The Straits Times, July 15, 2024 – Link
[40] A. R. Chowdhury, Padma Bridge and corruption, The Daily Star, July 3, 2012 – Link
[41] Bangladesh: The Long Road Ahead, International Crisis Group, August 7, 2024 – Link
[42] Saif Hasnat and Mujib Mashal, Roaring Back After Crackdown, Bangladesh Protesters Demand Leader’s Ouster, The New York Times, August 3, 2024 – Link
[43] TBS Report, Anti-Discrimination Student Movement forms 158-member coordination team, The Business Standard, August 3, 2024 – Link
[44] Salil Tripathi, The Deep Roots of Bangladesh’s Crisis, Foreign Policy, July 23, 2024 – Link
[45] Nazia Hussein, Bangladesh’s new rebel heroes, Netra News, July 29, 2024 – Link
[46] المصدر نفسه
[47] Education Minister Was Supposed to Protect Students. His Men Killed Them, Netra News, July 22, 2024 – Link
[48] Nils Adler, Bangladesh protests updates: Parliament dissolved after Hasina resignation, Al Jazeera English, August 6, 2024 – Link
[49] Alisha Rahaman Sarkar and Shweta Sharma, What’s happening in Bangladesh? Student protest that led to PM Sheikh Hasina’s ouster explained, The Independent, August 8, 2024 – Link
[50] الدكتور شفيق الرحمن، اقبلي المطلب الوحيد لجميع مواطني البلاد وارحلي فورا واستعيدي جو السلام والأمن في البلاد، الجماعة الإسلامية بنغلاديش، 3 أغسطس/آب 2024 – الرابط
[51] Hasina puts on brave face as anxiety grows, Netra News, July 23, 2024 – Link
[52] Scores dead as Bangladeshi authorities intensify crackdown on protests, Netra News, July 19, 2024 – Link
[53] Ali Riaz, The Remarkable Downfall of Bangladesh’s Iron Lady, Foreign Affairs, August 6, 2024 – Link