المحتويات
المقدمة
المحور الأول: سوريا
- تصعيد روسي في شمال سوريا
- نتائج مبهمة للقمة التركية-الروسية
المحور الثاني: ليبيا
- سحب الثقة من الحكومة
- توثيق الروابط مع الحكومة الشرعية
المحور الثالث: مصر
- جولة ثانية من المباحثات الاستكشافية
- ملفا المعارضة المصرية وليبيا
المحور الرابع: العراق
- بحث طلب العراق شراء طائرات مسيرة
- تفعيل مذكرة مشتركة حول المياه
المحور الخامس: الخليج
- خطوات سريعة للتقارب مع الإمارات
- خطوات عملية على طريق التقارب
- لقاءات متعددة مع مسؤولي البحرين
المحور السادس: فلسطين والكيان الصهيوني
- احتمالية تسرب مشاريع تكنولوجية للاحتلال
- تعاون مستمر مع فلسطين
المحور السابع: أوروبا
- لقاءات متعددة مع مسؤولين أوروبيين
- تطورات العلاقة مع اليونان
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
- أردوغان يهاجم إدارة بايدن
- التواصل مع طالبان
المحور التاسع: الداخل التركي
- خلافات داخل المعارضة على اسم منافس أردوغان
المقدمة
تتعدد الملفات على طاولة صانع القرار التركي، وللمفارقة فإنها كلها تعد بالغة الأهمية بالنسبة لأنقرة. فخلال الشهر الماضي، وجه الرئيس أردوغان انتقادات لاذعة لنظيره الأمريكي، جو بايدن، بسبب ملفات دعم واشنطن للتنظيمات الانفصالية في سوريا والعراق، وصفقة الصواريخ الروسية إس400، وطائرات F35.
وجاء ذلك قبيل لقاء لأردوغان مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، اللقاء الذي كان مبهمًا في مخرجاته بشكل أو بآخر، وخصوصًا المباحثات بين الرئيسين حول الملف السوري. كما تستمر جهود التقارب التركي مع كل من مصر والإمارات، إلا أنها مع الأخيرة تأتي بوتيرة أسرع من نظيراتها في المنطقة. وفي ليبيا، تحاول القيادة التركية تثبيت جسور التواصل مع القيادات الليبية، بالتزامن مع اقتراب الانتخابات العامة في ليبيا.
وعلى الساحة العراقية، فإن هناك تعاونًا متزايدًا، وصل إلى توجيه العراق طلبًا لتركيا لشراء طائرات مسيرة وأسلحة متقدمة، إلا أن هناك “ارتياب” تركي تجاه هذه الصفقة بسبب النفوذ الإيراني في العراق. وفي سياق مشابه، تحدثت تقارير صحفية تركية عن احتمالية تسرب مشاريع تكنولوجية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، عن طريق خلية التجسس التي قُبض عليها مؤخرًا.
وأوروبيًا، ما زال الزخم الإيجابي في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي مستمرًا، وفي المقابل، ما زالت المشكلات حاضرة بين أنقرة وأثينا، التي تعمل على زيادة ترسانتها المسلحة. ومع كل هذه الملفات الخارجية، فإن الداخل التركي مشغول باسم المرشح الذي سينافس أردوغان على مقعد الرئاسة في انتخابات عام 2023. وهناك خلاف علني بين أحزاب المعارضة على هوية هذا المرشح، الأمر الذي يصب في صالح التحالف الحاكم.
شهدت مدينة إدلب السورية، المتاخمة للحدود الجنوبية لتركيا، تصعيدًا خلال الأسابيع الماضية. حيث عاد النظام السوري وحليفه الروسي إلى خرق الهدنة الموقعة مع الجانب التركي، بقصف متكرر في الشمال السوري. وكان آخر ذلك، استهداف الطائرات الحربية الروسية، قبل أيام، بأكثر من ثلاث غارات جويّة، منطقة براد التابعة لناحية عفرين شمال غربي حلب، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.
ويتبع ضحايا القصف الروسي الأخير لفصيل “فرقة الحمزة”، التابع لـ”الجبهة السورية للتحرير”، وهي تكتل عسكري تابع لـ”الجيش الوطني” المعارض، المدعوم بدوره من أنقرة. وأتى هذا القصف بعد أيام من قصف روسي آخر لقريتي بصلحايا وجلبل جنوب شرق مدينة عفرين بريف حلب الشمالي بعدة غارات، استهدفت محيط إحدى القواعد التركية في المنطقة، ما أدّى إلى استنفار عام لجميع القواعد التركية المنتشرة في مناطق عفرين وإعزاز، وصولًا إلى مدينة الباب شمال شرق حلب.[1]
كذلك، صدرت تصريحات من وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، زادت من حدة الموقف. حيث زعم لافروف، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن هناك “بؤرة إرهابية واحدة متبقية في سوريا، وهي إدلب، ولا مشكلة بمكافحة الإرهاب هناك”، مهددًا، في الوقت ذاته، بوقف إيصال المساعدات الأممية إلى شمال غرب سوريا في حال عدم التعاون مع النظام السوري.[2]
كما ادعى المسؤول الروسي أن مواقع القوات الروسية، ومواقع قوات النظام السوري، “تتعرض لهجمات في منطقة وقف التصعيد ولن نسمح بذلك”، مكررًا مزاعم موسكو بأن القوات الروسية تستخدم القوة العسكرية هناك ضد ما ادعى أنهم “إرهابيين” بناء على قرار من مجلس الأمن. وأضاف: “الوضع في شمال غرب سوريا… نستخدم القوة هناك بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 القاضي بمكافحة الإرهاب بحزم في سوريا”.[3]
هذا التصعيد الروسي الواضح سواء في التصريحات أو على الميدان، جاء قبيل لقاء قمة انعقد بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي الروسية في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وجرت العادة أن ترفع موسكو وتيرة التصعيد العسكري قبيل أي قمة تجمع بوتين وأردوغان للتباحث في قضايا تخصّ الشأن السوري، في محاولات لرفع سقف المفاوضات مع الجانب التركي حول الوضع في إدلب على وجه الخصوص. ووفق مراقبين، فإن أبرز مطالب روسيا تتمثل في استعادة الحركة على طريق “أم 4″، الذي يربط الساحل بالشمال السوري، باعتباره واحدًا من الشرايين الرئيسية لتحسين التبادل التجاري، وبالتالي خلق أي مقومات، مهما كانت متدنية، لمحاولة إنعاش اقتصاد النظام.[4]
كما يضغط الروس باتجاه فتح المعابر الداخلية بين مناطق المعارضة والنظام في ريفي حلب وإدلب، مهددين بإعطاء النظام الضوء الأخضر للتقدم على الأرض تحت غطاء ناري من الطيران الروسي للسيطرة على طريق “أم 4” بالقوة.[5]
نتائج مبهمة للقمة التركية-الروسية
واجتمع الرئيسان، التركي والروسي، وكان الملف السوري حاضرًا خلال القمة بشكل واضح، حيث صرح أردوغان في كلمة قبيل بدء اللقاء الثنائي مع بوتين أن “السلام في سوريا مرتبط بالعلاقات بين تركيا وروسيا، والخطوات التي يتخذها البلدان معًا بشأن سوريا لها أهمية كبيرة”.[6] ومن جانبه، أشار بوتين إشارة عابرة إلى سوريا في تعليقاته الافتتاحية، قائلًا إنها من المجالات التي حقق فيها التعاون بين البلدين قدرًا كبيرًا من النجاح.[7]
لكن ما يجعل النتائج عن اللقاء مبهمة إلى حد بعيد هو أن المحادثات استغرقت نحو ثلاث ساعات، بين الرئيسين دون حضور مسؤولين آخرين. ومع ذلك، فإنه لم يكن هناك مؤتمر صحفي بعد اللقاء لتوضيح بعض ما تم فيه.
واكتفت الرئاسة الروسية بنشر ظهر فيه بوتين قائلًا لأردوغان: “شكرا لزيارتك. كان ذلك مفيدًا جدًا، سوف نبقى على اتصال”.[8] ووصف بوتين اللقاء بأنه كان “مفيدًا وشاملًا للغاية”، في حين قال أردوغان:” غادرنا سوتشي بعد لقاء مثمر مع نظيري بوتين”.[9]
ومن جانبه، قال القيادي العسكري السابق في “الفرقة الأولى الساحلية” التابعة لفصائل المعارضة، أبو يزن الشامي، إن هناك احتمالين لعدم إعلان نتائج القمة أولهما التوصل لاتفاق بانتظار ترتيب تفاصيله بين المؤسستين العسكريتين لكلا البلدين، مضيفًا أن ما يدعم هذا القول هو وصف اللقاء من قبل الرئيسين بأنه “مثمر”.[10]
كما أنه لم يستبعد فشل الطرفين في التوصل للاتفاق واستمرار الخلافات دون ايجاد حلول وسط، لاسيما أن الفترة الأخيرة شهدت تصريحات قوية من كلا الجانبين واتهامات بالتصعيد وعدم الإيفاء بالتزامات اتفاق مارس/ آذار 2020.[11]
ويبدو أن الخطوة القادمة ستكون إحالة ملف إدلب إلى اللجان العسكرية المشتركة بين الطرفين، لإيجاد حل وسط أو التخفيف من حدة الخلافات في حال كان الخلاف سيد الموقف خلال اللقاء، أو للاتفاق على التفاصيل، في حال وافق الرئيسان على صيغة معينة توافقية.
تكتسب ليبيا أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا، وذلك بسبب استمرار الصراع في شرق البحر الأبيض المتوسط مع اليونان بشكل رئيسي، بالإضافة إلى كون ليبيا أحد معاقل ثورات الربيع العربي، التي أيدتها تركيا. ومع اقتراب عقد الانتخابات الليبية العامة في شهر ديسمبر/ كانون الأول القادم، فإن الاهتمام التركي بليبيا يزداد؛ حيث إن الانتخابات القادمة من شأنها تحديد مستقبل البلاد لسنوات قادمة.
ويمكن القول إنه ومع دخول تركيا في المعادلة الليبية قلّت احتمالات حل الأزمة عن طريق استخدام القوة العسكرية. فبعد أن كان ميزان القوى يميل إلى جانب الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، لعبت تركيا دورًا مهمًا في التسليح والدعم الفني واللوجستي للحكومة الشرعية الليبية، ما جعل هناك توازنًا نسبيًا في القوة العسكرية بين معسكر الانقلابي حفتر ومعسكر الحكومة الشرعية، بحيث لا يستطيع أحدهما القضاء على الآخر عسكريًا. ومن هنا بدأ كل طرف يستخدم أوراقه السياسية للضغط على الآخر.
في هذا السياق، قرر البرلمان الليبي، برئاسة عقيلة صالح، الذي يعد الوجه السياسي لحفتر، سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية بأغلبية 89 من أصل 113 نائبًا حضروا الجلسة، على أن تستمر في تسيير أعمالها كحكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء الانتخابات.[12] وبالطبع، فإن قرارًا كهذا في مثل هذا التوقيت يشكك في نوايا معسكر حفتر من الانتخابات القادمة، حيث إن من شأنه أن يؤثر سلبًا على المرحلة الانتقالية، ويضعف من يد الحكومة.
لكن على الرغم من ذلك، كان رد الفعل التركي يميل للتهدئة أكثر من التصعيد. حيث ردت وزارة الخارجية التركية على قرار البرلمان قائلة: “من الواضح أن قرارًا كهذا لن يساهم في استقرار ليبيا، والمرحلة الانتقالية فيها”، وداعية “كافة الأطراف الليبية إلى التصرف بمسؤولية والتركيز على أولويات البلاد”. كما أكد البيان التركي على أهمية استمرار حكومة الوحدة الوطنية في العمل بكامل السلطة لحين إجراء الانتخابات في موعدها على النحو المخطط له في خريطة الطريق، والحفاظ على الهدوء في البلاد من أجل إدارة المرحلة الانتقالية بنجاح.
وشددت تركيا على ضرورة تنحية كافة الأطراف الليبية صراعات المصالح الشخصية، والابتعاد عن مناقشات الشرعية العقيمة، والتركيز على أولويات البلاد في هذه المرحلة الحرجة. وأردف بيان الخارجية أن تركيا أيدت العملية السياسية في البلاد منذ البداية، وأنها ستواصل الوقوف إلى ليبيا الشقيقة والصديقة، شعبًا وحكومة شرعية.[13]
فالبيان التركي لم يشهد “هجومًا” على معسكر حفتر. لكنه في مقابل ذلك، شدد على أهمية توافق مكونات الشعب الليبي للعبور بالبلاد من الفترة الانتقالية بسلاسة، مع التأكيد على دعم الحكومة الشرعية وأهمية هذا الدعم.
وربما يكون هذا الموقف التركي من رفض قرار البرلمان بشكل “غير مباشر”، سببه هو أن ما صدر من سحب للثقة من حكومة الوحدة الوطنية جاء من البرلمان الذي يترأسه عقيلة صالح، وليس من حفتر مباشرة. وتعامل أنقرة مع “صالح” منذ بداية دخولها على خط الأزمة الليبية مختلف عن تعاملها مع حفتر.
فهناك انفتاح تركي أكبر على أن يكون “صالح” جزءًا من مستقبل الحكم في ليبيا، بخلاف النظرة التركية لحفتر، والتي تؤكد فيها على أهمية إزاحة حفتر وتحمله الجزء الأكبر من الواقع المشكِل الذي تعيشه ليبيا حاليًا. وفي هذا السياق، دعا وزير الداخلية الليبي السابق، فتحي باشاغا، تركيا إلى فتح قنوات حوار مع الشرق الليبي.
وقال باشاغا، الذي كشف عن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة الليبية: ” “توقفت الحرب حاليًا وهناك تقارب بين الشرق والغرب وبدأ يتم تأسيس نوع من الأمن عبر بدء حركات الطيران وفتح الطريق الساحلي، يجب على تركيا أن تنظر بعيون أخرى وتفتح جسور العلاقات مع المنطقة الشرقية”. وأضاف: ” كان دور تركيا إيجابيًا في المنطقة الغربية، ونأمل لها أن يكون لها دور إيجابي في المنطقة الشرقية عبر فتح قنوات الحوار معها، نريد أن تشهد المنطقة نهضة كبيرة وعلمية لنتمكن من النهوض بليبيا”.[14]
وبالفعل، فإن تركيا منفتحة على لعب دور كهذا، طالما أن ذلك لن يؤثر على دعمها للحكومة الشرعية في طرابلس.
توثيق الروابط مع الحكومة الشرعية
وتعمل تركيا بشكل متواصل على تقوية صلاتها بحكومة الوحدة الوطنية، والإدارة الليبية الانتقالية، حيث إن علاقاتها بمعسكر الشرعية في ليبيا هو البوابة التي تمكن تركيا من استمرار دورها هناك. وفي المقابل، تستفيد الحكومة من الدعم التركي المقدم لها في مجالات عدة، وأبرزها الدعم العسكري الذي أسهم في إفشال مخطط حفتر في الاستيلاء على العاصمة.
في هذا السياق، تتزايد الاتصالات واللقاءات بين القادة الليبيين ونظرائهم الأتراك، مع اقتراب موعد الانتخابات. فخلال الأسابيع القليلة الماضية، التقى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، برئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، في العاصمة التركية أنقرة.[15] كما أجرى تشاووش أوغلو اتصالًا مع رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، بعد قرار مجلس النواب الليبي سحب الثقة منها.[16]
ومؤخرًا، التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي في مدينة نيويورك الأمريكية، في “البيت التركي” مقابل مقر منظمة الأمم المتحدة، وذلك على هامش أعمال دورتها الـ76. وحضر اللقاء من الجانب التركي، وزيري الدفاع، خلوصي أكار، والثقافة والسياحة، محمد نوري أرصوي، إلى جانب بن علي يلدريم، وكيل رئيس حزب العدالة والتنمية، الحاكم في البلاد.[17]
كما أن هناك تقدمًا –ولو طفيفًا- في التعاون الاقتصادي بين الطرفين، حيث زار مرتضى قرنفيل رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي بمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا، العاصمة الليبية طرابلس، وأعلن من هناك عن أن الرحلات البحرية بين مدينتي مصراتة الليبية وإزمير التركية ستبدأ قريبًا بعد توقف دام نحو 40 عامًا.
وأشار المسؤول التركي إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وليبيا شهد زيادة ملحوظة بلغت نحو 65 في المئة، إذ وصل 1,3 مليار دولار حتى نهاية يوليو/ تموز الماضي، وأنه من المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري إلى ملياري دولار بحلول نهاية العام.[18]
شهد شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، الجولة الثانية من “المباحثات الاستكشافية” بين مصر وتركيا؛ لبحث إمكانية وآليات إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين. وكما كان مقررًا، فإن هذه الجولة تمت في العاصمة التركية أنقرة، بنفس مستوى الحضور الذي كان في الجولة الأولى، التي عقدت في القاهرة في مايو/ أيار الماضي. حيث حضر من الجانب التركي، السفير سادات أونال نائب وزير الخارجية، ومن الجانب المصري، السفير حمدي لوزا، الذي يشغل ذات المنصب في بلاده.[19]
ورغم تأخر عقد هذا اللقاء، حيث إن الفجوة بينه وبين اللقاء الأول تقارب الـ3 أشهر، إلا أنه كان من المتوقع عقده خلال الشهر الماضي، بعد تحرك ملف التقارب الإماراتي-التركي، ولقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد،[20] ثم الاتصال الهاتفي الذي جمع أردوغان بولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد.[21]
كذلك، كانت هناك إشارة أخرى ربما ساهمت في تسريع عقد اللقاء الاستكشافي الثاني، وهي التنسيق الاستخباري رفيع المستوى بين أنقرة والقاهرة، فيما يتعلق بالبعثة المصرية في أفغانستان. حيث أسفر الدور التركي عن تأمين عودة البعثة المصرية من أفغانستان سالمة من العاصمة الأفغانية كابل، الأمر الذي عمل –فيما يبدو- على تحسين الأجواء بين البلدين.[22]
وكما حدث في اللقاء الأول، فقد أصدر الطرفان بيانًا مشتركًا حول المباحثات، جاء فيه: “تناول الوفدان قضايا ثنائية، فضلًا عن عدد من الموضوعات الإقليمية، مثل الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وفلسطين وشرق المتوسط”. وأضاف البيان: “اتفق الطرفان على مواصلة تلك المشاورات والتأكيد على رغبتهما في تحقيق تَقدُم بالموضوعات محل النقاش، والحاجة لاتخاذ خطوات إضافية لتيسير تطبيع العلاقات بين الجانبين”.[23]
ومن الواضح أن هناك تغيرًا في الصياغة بين البيانين الأول والثاني، ولو بشكل طفيف. ففي حين ركز البيان الصادر بعد اللقاء الاستكشافي الأول على فكرة “المكاشفة والمصارحة” بين الجانبين،[24] فقد أكد البيان الثاني على “رغبة الطرفين في تحقيق تقدم”. وربما في هذا إشارة إيجابية على تحسن العلاقات، واحتمالية تطورها مستقبلًا.
كذلك، فقد صدرت إشارات أخرى غير البيان دللت على أن مسار التقارب المصري-التركي، وإن كان بطيئًا، إلا أنه لم يصل لحائط مسدود، وهناك تفاهمات تتم بشكل متتابع. فقد صرح وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن بلاده حريصة على “إيجاد صيغة لاستعادة العلاقات الطبيعية” مع تركيا.[25] كذلك، قال رئيس وزراء النظام المصري، مصطفى مدبولي، إن العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا قد تعود هذا العام إذا تم حل القضايا الخلافية بين البلدين.[26]
وقال مدبولي، في حوار مع صحيفة بلومبيرج الأمريكية، إن العلاقات بين مصر وتركيا تميزت بكثير من الحركة في الأشهر القليلة الماضية، ولكن هناك بعض القضايا العالقة. وأكد مدبولي أن الحكومة حريصة على إيجاد حل وصيغة لإعادة العلاقات الطبيعية مع أنقرة، مشيرًا إلى أن وجود مزيد من العمل الذي يتعين القيام به.
كما صرحت الرئاسة التركية، على لسان المتحدث باسمها، إبراهيم قالن، أن اللقاءات تتواصل مع مصر لوضع العلاقات على أرضية سليمة، مضيفة أنه “يمكن اتخاذ خطوات ملموسة في هذا المجال في المستقبل القريب”.[27]
ملفا المعارضة المصرية وليبيا
ويبدو أن الطرفين –التركي والمصري- لم يتجاوزا بعد ملف المعارضة المصرية الموجودة على الأراضي التركية، حيث إن المذيع بقناة الشرق المعارضة، التي تبث من إسطنبول، هيثم أبو خليل، قد أعلن عبر صفحته على فيسبوك أن القناة قررت منعه من الظهور على شاشتها مرة أخرى.
وكتب أبو خليل: “إذا كان الله معنا فمن علينا؟! تم إبلاغي بعدم الظهور على قناة الشرق مرة أخرى لأن كلامي بيزعلهم (يغضبهم)”، في إشارة إلى النظام المصري.[28] والأمر ذاته ينطبق على إعلامي مصري آخر مقيم بتركيا، وهو حسام الغمري.[29]
واستمرار النظام المصري في طرح ملف المعارضة المصرية، ربما يكون بسبب انزعاجه منها، ورغبته في شل فعاليتها بشكل كامل. وربما تريد مصر من خلال فتح هذا الملف بشكل مستمر التهرب من تطوير علاقاتها بتركيا، أو إعطاء المفاوض التركي بعضًا من مطالبه، خصوصًا فيما يتعلق بالتعاون بين الطرفين في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي قد يؤثر على العلاقات المصرية-اليونانية بشكل سلبي.
وفي الوقت ذاته، فإن التجاوب التركي مع النظام المصري فيما يخص المعارضة المصرية يدلل على رغبة تركيا في إنجاز ملف التقارب مع مصر، وإزاحة الذرائع التي قد تتخذها القاهرة للتباطؤ في تطبيع العلاقات.
علاوة على ذلك، يبقى الملف الليبي أحد الملفات الرئيسية التي يدور حولها النقاش بين البلدين، فقد صرح “مدبولي” أن “إحدى القضايا الرئيسية الخلافية لمصر هي ليبيا وطريقة صنع القرار فيها”.[30] لكن كما أسلفنا، في أعداد سابقة من هذا الملف، فإنه من الصعب أن تتجاوب تركيا مع مصر في الوقت الحالي فيما يخص الملف الليبي.
فالوضع في ليبيا ليس في حالة استقرار، بسبب التحركات السياسية والعسكرية لمعسكر الجنرال الانقلابي، خليفة حفتر، المستمرة منذ أشهر. كما أن الانتخابات الليبية على الأعتاب، ومن الصعب على أنقرة – وكل الأطراف المنخرطة في الشأن الليبي- أن تنسحب قبل أن تطمئن على مستقبل مصالحها في ليبيا.
تشهد العلاقات التركية-العراقية حالة من التعاون منذ أشهر، وبالتحديد منذ زيارة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إلى العاصمة التركية أنقرة، في ديسمبر/ كانون أول الماضي، ولقائه بالرئيس، رجب طيب أردوغان.[31] وخلال الأسابيع الماضية، تزايد التعاون بين الجانبين على المستوى السياسي والاقتصادي، إلا أن الأمر الذي كان لافتًا هو طلب العراق من تركيا شراء مسيرات بيرقدار المسلحة “TB2″، ومروحيات أتاك الهجومية “T129″، وأسلحة متطورة أخرى.
حيث قال وزير الدفاع العراقي، جمعة عناد، إن بغداد طلبت من أنقرة عروضًا لتوريد طائرات مسيرة ومروحيات أتاك وأنظمة دفاع جوي ضد الطائرات المسيرة. وأردف: “المسيرات التركية بيرقدار متطورة جدًا وحققت نجاحات كبيرة، هذه المسيرات قادرة على القيام بمهمات ليلية، ولهذا ستفيدنا كثيرًا في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي”.[32]
وفي تصريحات أخرى قال “عناد” أيضًا إن بلاده ترغب في شراء 12 مروحية هجومية من تركيا و6 أنظمة دفاع جوي ضد الطائرات المسيرة، وطائرات مسيرة هجومية لم يحدد عددها. وأكد أن الجيش العراقي يفتقر إلى التكنولوجيا الموجودة في المسيرات التركية.[33]
وعادة ما تقابل تركيا مثل هذه المطالب بالقبول، وذلك لأنها ترغب في الترويج لأسلحتها الذكية، التي تكسبها أيضًا أوراق سياسية قوية. لكن أردوغان أكد مؤخرًا أن بلاده لا تصدر الأسلحة فقط لأهداف اقتصادية ومقابل المقال فقط، معتبرًا أن تركيا تعطي أولوية لـ”الحلفاء والأصدقاء” في مبيعات الأسلحة. وربما تعد أنقرة بغداد في دائرة “الأصدقاء” أو على الأقل ترغب في ذلك، إلا أن هناك ما يقلق صانع القرار التركي بشأن منح العراق مثل هذه الأسلحة.
والسبب في ذلك، هو النفوذ الإيراني في العراق، حيث تحدثت مصادر تركية -غير رسمية- عن أن المستويين السياسي والعسكري لم يتخذا قرارًا بعد بالموافقة على بيع العراق أسلحة متقدمة، لأن هناك تقييمات جارية على أصعدة مختلفة تركز على المكاسب والخسائر التي يمكن أن ترافق مثل هذه الصفقة، حيث تتركز التخوفات حول النفوذ الإيراني الكبير في الجيش العراقي ونفوذ المليشيات الشيعية المدعومة من إيران أيضًا في الجيش والبلاد بشكل عام.[34]
وكما هو معلوم، فإن هناك تنافسًا بين المشروعين –التركي والإيراني- في الإقليم، ووصول الأيدي الإيرانية إلى أكثر الأسلحة التركية تطورًا قد يؤثر سلبًا على هذه الصناعة التركية. حيث من المحتمل أن تعمل إيران على تطوير مضادات فعالة للأسلحة التركية حال وصولها إلى التكنولوجيا الخاصة بهذه الأسلحة.
ومصدر الارتياب التركي الحالي من التجاوب مع الطلب العراقي هو قدرة طهران على الوصول إلى الكثير من تفاصيل الجيش عبر القيادات العسكرية التي تدين لها بالولاء وتعاونت معها طوال السنوات الماضية، علاوة على المليشيات العراقية التي ما زالت تتمتع بقوة كبيرة في التركيبة العسكرية بالبلاد، لا سيما مليشيا الحشد الشعبي المقربة من إيران، والتي تتخذ مواقف عدائية من تركيا.
وكما نقلت المصادر، فإن كل الاحتمالات حتى الآن مفتوحة، فربما تبيع تركيا المسيرات للعراق، تحت شروط وضمانات معينة، وربما ترفض تركيا بالكلية بيع أسلحتها أو تؤجل الصفقة إلى وقت آخر.
تفعيل مذكرة مشتركة حول المياه
يعد ملف المياه أحد أهم الموضوعات المشتركة بين تركيا والعراق، حيث يعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران.
وتتعرض بغداد لأزمات مياه من آن لآخر، لذلك ترى أنها في حاجة ماسة إلى التنسيق مع أنقرة وطهران فيما يخص بناء سدود على هذين النهرين. وبالنسبة لتركيا، فرغم تأكيدها أن العامل الأكبر في أزمات المياه في العراق يرجع إلى سوء إدارة المياه من السلطات العراقية، وعدم امتلاك شبكة متطورة تكنولوجيًا للتعامل مع المياه، إلا أن تركيا تبدي تجاوبًا للتنسيق مع العراق في هذا الملف.
ففي شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، حدثت عدة لقاءات تركية-عراقية حول ملف المياه، حيث التقى وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني، بسفير أنقرة لدى بغداد، علي رضا غوناي. ووفق البيان العراقي، فقد بحث الجانبان “ملف المياه المشتركة بين البلدين وكيفية إيجاد الحلول السريعة والناجعة لها واستمرار التعاون والتواصل بما يحقق مصلحة البلدين”. وحينها أبدى السفير التركي “استعداد بلاده لحل مشاكل المياه ومراعاة احتياجات العراق، وتطوير العلاقات المائية كونها الوسيلة الأساسية لتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات الأخرى كافة”.[35]
كذلك، أجرى “الحمداني” مع والي أفيون قره حصار التركية غوغكمان جيجك، مباحثات تتعلق بالمصادر المائية. ووفق الحمداني، فقد جاءت الزيارة “بدعوة من فيسل أرأوغلو للتباحث حول ملف المياه، وزيارة المدينة، والاطلاع على المتغيرات العلمية في مجال سردابات المياه (المياه الجوفية)”.[36]
وتلى هذين اللقاءين إعلان “الحمداني” عن تفعيل مذكرة مع تركيا تتيح الحصول على حصة مياه كاملة. وقال المسؤول العراقي في كلمة له في “مؤتمر الأمن المائي من أهم ركائز الأمن القومي” إن “الوزارة تمكنت من تفعيل مذكرة التفاهم مع تركيا، والتي تم توقيعها في العام 2009 وعدلت العام 2014 وهي تتيح للعراق الحصول على حصة كاملة”، لافتًا إلى أن “هناك لجنة مشتركة مع تركيا مقرها في العراق للتنسيق بمسألة المياه”.[37]
وربما يساهم تفعيل المذكرة في حل الأزمة المائية على المستوى القريب، لكن لابد من استمرار التنسيق بين الطرفين لاستدامة إيجاد حلول عاجلة للأزمات المائية، كما أن أي حل دائم سوف يتطلب تطوير المنظومة المائية العراقية، وهو ما تلح عليه تركيا.
ما زال التقارب الإماراتي-التركي هو التطور الأبرز على ساحة العلاقات بين تركيا والدول الخليجية. فبعد سنوات من الجفاء من الجانبين، بل والتهديدات أحيانًا،[38] زار مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد آل نهيان، العاصمة التركية أنقرة، والتقى بالرئيس رجب طيب أردوغان.[39] لتبدأ بذلك صفحة جديدة في مسار العلاقات، ولو بشكل مؤقت.
وكان الرئيس أردوغان قد أشار إلى احتمالية لقائه بمحمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، قريبًا، ومع أن هذا لم يحدث، إلا أن اتصالًا هاتفيًا جمعهما في 31 أغسطس/ آب الماضي.[40] ووفق البيان الصادر عن الرئاسة التركية بعد الاتصال، فقد “تبادل الطرفان وجهات النظر حول المصالح المشتركة وبعض القضايا الإقليمية والدولية”.[41]
ويبدو أن الاتصال كان إيجابيًا، حيث وصفه المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، بـ”الإيجابي والودي”. وقال قرقاش في تغريدة على تويتر، إن الاتصال “كان إيجابيًا ووديًا للغاية، لا سيما أنه استند إلى مرحلة جديدة تسعى فيها الإمارات إلى بناء الجسور وتعظيم القواسم والعمل المشترك مع الأصدقاء والأشقاء لضمان عقود مقبلة من الاستقرار الإقليمي والازدهار لجميع شعوب ودول المنطقة”.[42]
وتتوافق وجهة النظر التركية مع ما ذكره “قرقاش”، حيث قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن أجواء إيجابية تخيم على العلاقات التركية الإماراتية في الآونة الأخيرة. وأكد الوزير التركي أنه سيكون من الخطأ، النظر إلى الأحداث الماضية على أنها عقبة أمام المصالحة وتطبيع العلاقات.
وأضاف: “في العلاقات الدولية لا يوجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وحدثت لقاءات رفيعة بين الجانبين على مستوى الرؤساء والوزراء، وهناك اتفاق حول الزيارات المتبادلة وإذا استمر الزخم الإيجابي الحالي، يمكن للعلاقات أن تعود إلى مسارها الصحيح”.[43]
وتلى الاتصال بين أردوغان وابن زايد، اتصال آخر جمع تشاووش أوغلو بنظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد.[44] ويدلل تتابع الاتصالات واللقاءات بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم الإماراتيين على “البرغماتية” التي يتمتع بها الطرفين. فرغم أن الخلاف التركي-الإماراتي يبدو أكثر حدة مما هو عليه الخلاف بين أنقرة من جهة، وكل من القاهرة والرياض من جهة أخرى، إلا أن التقارب يمر بوتيرة أسرع في الحالة الإماراتية.
خطوات عملية على طريق التقارب
وخلال الأيام الماضية، اتخذ الطرفان خطوات من شأنها أن تحلحل بعض الملفات العالقة بين الجانبين، وتعلي من مستوى التعاون بين البلدين. فعلى المستوى الأمني، طلبت السلطات الإماراتية من زعيم المافيا التركي المقيم في دبي، سادات بكر، التوقف عن بث مقاطع الفيديو التي بدأها قبل أشهر وهاجم فيها السياسيين ببلاده.
ولفت موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إلى أن بكر توقف عن البث عبر قناته، في يونيو، بعد أن استجوبه المسؤولون الإماراتيون، في الوقت الذي كانت تجري فيه مباحثات لعودة العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي. وصرح بكر في مقابلة مع قناة “هالك تي في”، أن المسؤولين في الإمارات، أبلغوه بأنه لن يسمح له بتصوير مقاطع فيديو مسيئة لدولة أخرى.[45]
وعلى الجانب الاقتصادي، أعلنت شركة “العالمية القابضة” في أبوظبي أنها تبحث عن فرص استثمار في تركيا. ونقلت وكالة رويترز عن سيد بصر شعيب، الرئيسي التنفيذي للشركة، قوله إن وفدًا من الشركة يزور تركيا بحثًا عن فرص. وأضاف أن العالمية القابضة تبحث عن فرص في قطاعات الرعاية الصحية والصناعة وتصنيع الأغذية في تركيا، مؤكدًا أنه في اللحظة التي تُفتح أمامنا سوق جديدة، يكون فريقنا هناك، وتمتلك تركيا واحدة من أكبر منشآت تصنيع الأغذية لذا فإننا ندرس ذلك أيضًا”.[46]
علاوة على ذلك، أجرى نائب وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، محادثات مع مسؤولين إماراتيين، بهدف الاستثمار بقطاع الطاقة، على هامش مشاركته بمؤتمر “غازتك” بدبي. وقال المسؤول التركي إن الإماراتيين أبدوا اهتمامًا في السابق بتوليد الكهرباء، متوقعًا إجراء المزيد من المحادثات. وقال: “هناك مجالات كثيرة جدًا يمكننا أن نتعاون فيها”.[47]
وباستمرار التواصل بين أنقرة وأبو ظبي، من المتوقع أن يزيد التعاون الاقتصادي –وربما بشكل كبير- وقد يكون الاقتصاد بوابة قوية لحلحلة بعض الخلافات السياسية بين الطرفين.
لقاءات متعددة مع مسؤولي البحرين
يُلاحظ خلال الشهور الماضية تصريحات إيجابية من المسؤولين في البحرين تجاه تركيا. وقد استمرت هذه التصريحات خلال الأسابيع القليلة الفائتة. حيث التقى العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، بـ”ايسن تشاكيل” السفيرة التركية لدى المملكة، ونقلت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية أن اللقاء “استعراض الملك مع السفيرة التركية مسار العلاقات الطيبة الوثيقة بين البلدين الشقيقين”.
ونوه عاهل البحرين إلى “المستوى المتقدم الذي وصلت إليه هذه العلاقات وما يشهده التعاون المشترك من نمو وتطور على جميع المستويات”. وأعرب الملك عن “تقديره لما تبذله السفيرة من جهود طيبة لتوثيق وتطوير العلاقات البحرينية التركية والدفع بها إلى آفاق أرحب”، متمنيًا لها دوام التوفيق.[48]
كذلك، التقى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، نظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد، في نيويورك، على هامش مشاركته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال المسؤول التركي: “سنواصل الزخم الإيجابي الذي حققناه في علاقتنا في الفترة الأخيرة، ونرغب بتطوير تعاوننا لاسيما في مجالي السياحة والصحة”.[49] كما جمع المسؤولين اتصال هاتفي، بحثا فيه مسائل إقليمية ذات اهتمام مشترك.[50]
ورغم عدم وجود خطوات عملية حتى الآن في مسار التقارب التركي-البحريني كزيادة التعاون في المجال الاقتصادي، أو الأمني، إلا أنه مع استمرار هذه اللقاءات والاتصالات الإيجابية، فإنه من المتوقع أن يتخذ الطرفان خطوات عملية قريبًا.
تواردت الأنباء خلال الشهور الماضية حول تقارب محتمل بين تركيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وقد ساهم في ذلك، بعض الإشارات التي صدرت من الرئاسة التركية، وحزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم. لكن حتى الآن لم يحدث تقدم ملموس في هذا الباب.
وفي المقابل، نشرت صحيفة “يني شفق” التركية تقريرًا حول احتمالية أن تكون خلية التجسس التي ألقي القبض عليها مؤخرًا بتهمة تسريب مشاريع تكنولوجية بما فيها المتعلقة بالمسيرات التركية، قد سربت هذه التكنولوجيا إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.[51]
ففي الوقت الذي وجه فيه الإدعاء العام التركي التهم إلى 11 شخصًا بينهم ضباط بتسريب معلومات عن الصناعات الدفاعية التركية إلى شركات دولية، فتحت الصحيفة هذا الملف الشائك. وبعيدًا عن التقارب أو التباعد بين تركيا والكيان الصهيوني في الوقت الحالي، فإن “تركيا الجديدة” بقيادة حزب العدالة والتنمية لم تعد “حليفة” بالمعنى التقليدي لدولة الاحتلال.
بل إن تركيا أصبح لها مشروع جديد في المنطقة منافس للمشروع الصهيوني، وبالتالي فإن تسرب أي معلومات عن أحد أبرز الأسلحة في يد تركيا حاليًا يعد خطرًا، لا على مشروع الصناعات العسكرية التركية فحسب، بل على المشروع السياسي لتركيا في الإقليم ككل.
التخوف الذي نشرته الصحيفة استند إلى أن هناك علاقة وثيقة بين أحد المقبوض عليهم في قضية خلية التجسس وبين الكيان الصهيوني. حيث لفتت “يني شفق” إلى أنه بالإضافة إلى يوسف هاكان أوزبيلغين، والذي كان مدير المشاريع في مؤسسة الصناعات الدفاعية عام 2018، والذي يترأس خلية التجسس، اعتقلت السلطات التركية أربعة أشخاص آخرين.[52]
وأضافت أن إمره ألب دورماز، أحد المعتقلين الأربعة الآخرين، والذي لدى عائلته صلات وارتباطات عميقة، ووالده هو محمد دورماز الذي يحمل الجنسية البريطانية، والذي يعرف بتعاونه الوثيق مع الاحتلال الإسرائيلي منذ وقت طويل.
ولفتت الصحيفة إلى أن دورماز الأب، كان قد استورد من “إسرائيل” طائرات “هيرون” وهي طائرات إسرائيلية الصنع بدون طيار، كما يشغل مهمة ممثّل لشركتين للصناعات الدفاعية الإسرائيلية في تركيا. والشركتان الإسرائيليتان، هما الصناعات العسكرية الإسرائيلية (IMI)، وصناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI).[53]
كذلك أشارت إلى أن محمد دورماز ظهر في قضية تحديث دبابات “M60” التركية، حيث تم تسليم شركة “IMI” التي يمثلها دورماز مهمة تحديث 170 دبابة في عهد رئيس الوزراء التركي الأسبق، بولنت أجاويد، حيث أنقذت المناقصة الشركة الإسرائيلية من الإفلاس.[54]
ويجدر القول أن ما أثارته الصحيفة ليس مؤكدًا حتى اللحظة، كما أن المعلومات الرسمية المتوفرة عن القضية ليس فيها ما يثبت ما ذهبت إليه “يني شفق”. لكن ما أشارت إليه الصحيفة من معلومات يرفع مستوى الشك أن تكون الجهة التي كانت تعمل هذه الخلية لصالحها هي دولة الاحتلال.
تعاون مستمر مع فلسطين
في أثناء ذلك، ما زالت القضية الفلسطينية حاضرة على أجندة القادة الأتراك، حيث تحدث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال الجمعية العامّة للأمم المتحدة، عن أهمية حل القضية الفلسطينية، وعن الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.[55] الأمر الذي أثنى عليه رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إسماعيل هنية.[56]
كذلك، استقبل وزير العدل التركي عبد الحميد غُل، نائب نقيب المحامين الفلسطينيين يزيد مخلوف، ووفدًا مرافقًا له، تلبية لدعوة رئيس اتحاد نقابات المحامين في تركيا، متين فيضي أوغلو. وخلال اللقاء، أكد غل أن تركيا ستواصل دعم القضية الفلسطينية حتى النهاية.[57]
كما شارك القنصل التركي العام في مدينة القدس، أحمد رضا دمير، في افتتاح “مخيم الأمم” شمالي الضفة الغربية، للتعرف على المقاومة الشعبية وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي. وصرح دمير أن “الشعب الفلسطيني ثابت وصامد على أرضه، ورسالتنا له أنه ليس وحده، بل إن كل مناصري العدالة يجب أن يكونوا إلى جانبه، هذا موقفنا في الحكومة التركية”.[58]
علاوة على ذلك، وقعت جامعتا باطمان التركية والقدس المفتوحة الفلسطينية، بروتوكول تعاون في مجال التعليم. وأفاد بيان صادر عن جامعة باطمان التركية، أنه بموجب بروتوكول التعاون، ستتبادل الجامعتان الطلاب والأكاديميين، فضلًا عن تنظيم أنشطة بحثية وعلمية.[59]
تعيش العلاقات التركية الأوروبية حالة من التحسن الطفيف في الملفات العالقة خلال الفترة الماضية، فهناك تأكيدات مستمرة من الجانبين على أهمية العلاقات بينهما، كما أنه يكاد لا يمر أسبوع إلا ويعقد لقاء بين مسؤولين أتراك ونظرائهم في الاتحاد الأوروبي.
وخلال الشهر الماضي، بحث وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، مع مفوض شؤون التوسع وسياسة الجوار لدى الاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي، ملف الهجرة، في مركز تنسيق الأمن والطوارئ بالعاصمة أنقرة.[60] كذلك، التقى وزير البيئة التركي، مراد قوروم، مع النائب الأول لرئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانس في بروكسل في إطار حوار مناخي رفيع المستوى.[61]
وكان هذا الاجتماع هو الأول عقب قرار اتخذ في قمة قادة الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران، للتحضير لحوار رفيع المستوى بين تركيا والاتحاد حول الهجرة والصحة والمناخ ومكافحة الإرهاب والقضايا الإقليمية. وأشار بيان مشترك إلى أنه تم البحث خلال الاجتماع التعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي في المجالات التي يمكن تحسين التعاون المناخي فيها بعد الأحداث الناجمة عن تغير المناخ وفي إطار أهداف اتفاقية باريس.[62]
علاوة على ذلك، التقى وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بالمفوض الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيب بوريل، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ76 بمدينة نيويورك الأمريكية. وأوضح الوزير في تغريدة له أنه بحث مع المفوض الأوروبي “الشأن الأفغاني، والتطورات شرقي المتوسط، فضلًا عن العلاقات التركية الأوروبية”، مضيفًا “ولا شك أن تعاون الاتحاد الأوروبي مع تركيا شرط لضمان الاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي”.[63]
وبحث متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، مع مفوض شؤون التوسع وسياسة الجوار بالاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي، العلاقات الثنائية، في لقاء جرى في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة. وأفاد مكتب “قالن” أن الجانبين تناولا العلاقات الثنائية، وملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتحديث الاتفاق الجمركي، وآخر المستجدات في جزيرة قبرص وأفغانستان.[64]
كما شدد قالن خلال اللقاء على وجوب قيام الاتحاد الأوروبي بخطوات ملموسة بخصوص مسألة رفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك الراغبين في زيارة منطقة شنغن الأوروبية، داعيًا أيضًا إلى وجوب تحديث اتفاقية إعادة القبول (المتعلقة باللاجئين) المبرمة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في مارس/آذار عام 2016.[65]
إذن، فإن هناك مسائل متعددة بين الطرفين منها ما هو بحكم الواقع، كالمسألة الأفغانية، ومنها ما تعتبر ملفات دائمة بين الطرفين، كالهجرة واللاجئين ورفع التأشيرة. لكن في العموم، فإن هناك رغبة من الطرفين للوصول لنقاط تفاهم مشتركة في جميع هذه الملفات. فقد صرح “بوريل” أن التعاون الوثيق والتنسيق يشكلان أساس العلاقات مع تركيا.[66]
كما أعلنت المفوضية الأوروبية، على لسان ماروس سيفكوفيتش، نائب رئيسة المفوضية الأوروبية المسؤول عن العلاقات بين المؤسسات والاستشراف، أنها تسعى لتأسيس تعاون أوثق مع تركيا وبلدان المنطقة، في إطار الأهداف المستقبلية للاتحاد، معتبرًا أن تركيا شريك لا غنى عنه.[67]
تطورات العلاقة مع اليونان
وفيما يخص العلاقات مع اليونان، فرغم أن هناك حالة من الهدوء في شرق البحر الأبيض المتوسط، إلا أن التوتر في العلاقات ما زال موجودًا، ولذلك لأن جذور المشكلات بين الدولتين لم تُحل بعد، كما أن من الواضح أنه لا يوجد أفق حالي لحل هذه المشكلات في المستقبل القريب.
وقد صدرت عدة تصريحات من المسؤولين الأتراك تنتقد التصرفات اليونانية، وجاءت هذه التصريحات بالأخص على لسان وزير الدفاع، خلوصي أكار، الذي قال إن ” اليونان تحاول إقناع بعض الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بادعاءاتها عبر تنفيذ مناورات مشتركة في بحر إيجة وجزرها”. وأضاف: “يجب أن تدرك اليونان بأن سعيها لتوسيع مجالها الجوي وزيادة مياهها الإقليمية إلى 12 ميلًا عبارة عن أحلام فارغة”.[68]
وفي مناسبة أخرى، صرح أكار أن على اليونان أن تدرك بأنها لن تجني شيئًا من موقفها ونهجها التوسعي وتصرفاتها الاستفزازية، مبينًا أن هذه السياسات بعيدة عن المنطق. وأشار المسؤول التركي إلى أن مطالب اليونان بعيدة تمامًا عن الواقعية، وأن قادة أثينا يصرون على تجاهل حقوق تركيا في المنطقة ويعتبرون بحر إيجة ملك لهم وحدهم. ولفت إلى أن السلطات اليونانية تواصل تسليح الجزر في بحر إيجة، متجاهلة كافة القوانين والأنظمة الدولية.[69]
كذلك، أفاد بيان لوزارة الدفاع التركية أن اليونان اخترقت المجال الجوي التركي 206 مرات، ومياهها الإقليمية 27 مرة، إضافة إلى 95 تحرشًا بطائرات تركية.[70] ومن جانبها، ادعت اليونان أن تركيا تجري عمليات صيد غير قانونية في مياهها الإقليمية.[71]
ومؤخرًا، عبر رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، عن سعيه الحثيث لخلق سبل للتعاون المشترك مع تركيا، قائلًا: “سأبذل قصارى جهدي لخلق فرص للتعاون مع أنقرة”.[72] لكن التصرفات اليونانية على أرض الواقع لا تعكس هذه التصريحات، حيث إن اليونان –المأزومة اقتصاديًا- باتت تبني ترسانة عسكرية عن طريق شراء السلاح من فرنسا.
كان آخر ذلك، ما أعلن عنه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من أن اليونان ستشتري ثلاث فرقاطات من فرنسا، في إطار “شراكة استراتيجية” أكثر عمقًا بين البلدين للدفاع عن مصالحهما المشتركة في البحر المتوسط.[73] لذلك، يبدو أنه لا يوجد هناك أفق حقيقي لحلحلة ملف شرق المتوسط على وجه الخصوص بين أثينا وأنقرة، الأمر الذي قد يقود إلى عودة التوتر الذي كان سائدًا خلال عامي 2019 و2020.
كانت العلاقات الأمريكية خلال الأسابيع الماضية متركزة على التعاون في الملف الأفغاني، خصوصًا في فتح مطار كابل، كون تركيا القوة الأكثر قربًا في الناتو إلى مكونات الشعب الأفغاني. لكن مؤخرًا، وقبيل عقد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لقاء مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، وجه أردوغان انتقادات حادة للإدارة الأمريكية، ولشخص الرئيس الأمريكي، جو بايدن.
حيث قال أردوغان: “عملت بشكل جيد مع (الرؤساء السابقين) جورج بوش الابن و(باراك) أوباما و(دونالد) ترامب، لكن لا أستطيع القول بأن بداية عملنا مع (جو) بايدن كانت جيدة”. وتابع مؤكدًا أن بايدن بدأ بنقل الأسلحة والذخائر والمعدات إلى المنظمات الإرهابية (في سوريا)، وأن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد ذلك.[74]
كما انتقد أردوغان السياسة الأمريكية في أفغانستان، قائلًا: “عندما تنظرون إلى الأسلحة الموجودة حاليًا في أيدي طالبان، تجدون أنها أسلحة الولايات المتحدة وبالتالي سيتعين عليها دفع ثمن ذلك”. كذلك فتح الرئيس التركي ملف حجب مقاتلات “F-35″، قائلًا: “نتصرف بصدق وموقفنا صادق لكن الولايات المتحدة للأسف لم تتصرف كذلك”، مؤكدًا أن بلاده ستقوم بما يلزم حيال امتناع الولايات المتحدة تسليم تركيا مقاتلات “إف-35″، وذلك استنادًا إلى القانون الدولي.
علاوة على ذلك، تحدث أردوغان عن منظومة صواريخ إس400، قائلًا: “صفقة شراء منظومة إس400 الروسية (الصاروخية) اكتملت ولا عودة عنها، ولا يمكننا قبول الإملاءات بحجة هذه الصفقة، تركيا تصرفت بصدق على عكس الولايات المتحدة الأمريكية”. وشدد “على واشنطن أن تدرك بأن تركيا القديمة لم تعد موجودة، نحن الأن نتطور في مجال الصناعات الدفاعية والقطاعات الأخرى، وإذا امتنعت واشنطن عن تسليم مقاتلات “إف-35″ لتركيا، فإن أنقرة ستبحث عن موردين آخرين”.[75]
هذه التصريحات غير المسبوقة من الرئيس التركي منذ وصول جو بايدن للبيت الأبيض، تلتها تصريحات أخرى أكد فيها أردوغان أنه “إن كانت العلاقات في الوضع غير المأمول، علينا التعبير عن ذلك، لأنني (على عكس إدارة بايدن) لم أشهد مثل هذه المواقف مع أي من القادة السابقين في أمريكا”.[76]
وحول الأسباب، يرى مراقبون أنه كان هناك تعويل تركي على إجراء لقاء بين أردوغان وبايدن على هامش قمة الأمم المتحدة بعد التنسيق الذي جرى بينهما مؤخرا بالملف الأفغاني، لكن عدم حدوث اللقاء كشف عن حجم الخلافات بين البلدين، الأمر الذي جعل أردوغان يدلي بهذه التصريحات.[77]
بينما يرى آخرون أن التصريحات أتت فعلًا بسبب زيادة دعم إدارة بايدن لتنظيم “بي كا كا” الإرهابي الانفصالي وتوابعه في سوريا والعراق، الأمر الذي يهدد الأمن القومي للدولة التركية. كذلك، فإنه من المحتمل، أن تكون التصريحات قد أتت في سياق الضغط على الولايات المتحدة، والتأكيد على أن لدى تركيا البدائل حال ما استمرت إدارة الرئيس بايدن في النظر إلى تركيا بذات نظرة التسعينات من القرن الماضي.
وأيًا تكن الأسباب، فيبدو أن تركيا اتخذت قرارًا بألا تنتظر إدارة بايدن أن تتجاوب معها لحلحلة المشكلات العالقة، وبدأت أنقرة باستخدام أوراق الضغط لديها، التي على رأسها، التقارب التركي-الروسي في مجالات عدة.
لكن يمكن القول إن تركيا لن تذهب بعيدًا في هذا المسار، ذلك أنها لا تريد أن تقطع أواصر علاقتها بحليفتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بل فقط تريد الضغط، إلى حين الوصول إلى صيغة تفاهم مرضية في الملفات العالقة مع واشنطن، وعلى رأسها ملف دعم الأخيرة للتنظيمات الانفصالية، وصفقة صواريخ إس400 الروسية، و مقاتلات “F-35”.
التواصل مع طالبان
وفيما يخص التعامل مع طالبان، يبدو أن تركيا رأت أن استمرار ارتباطها بحلف الناتو وبالولايات المتحدة الأمريكية، من شأنه أن يضيع عليها فرصًا للتعامل مع حركة طالبان. فالحركة قد سيطرت بالفعل على الأراضي الأفغانية، وأصبحت بحكم الأمر الواقع هي الحاكم الجديد لأفغانستان. وبالتالي، فإن أي دور تركي في أفغانستان سيظل مرفوضًا من قِبل طالبان، ما دام يأتي تحت مظلة حلف الناتو، كما أشارت تصريحات قادة طالبان.[78]
لكن في المقابل، ربما يكون هناك قبول أكبر لدى طالبان لفكرة أن تلعب تركيا دورًا في البلاد، بصفتها دولة مسلمة، تجمعها روابط تاريخية بأفغانستان وبالمنطقة. وعلى هذا، قررت أنقرة أن تسحب جنودها من أفغانستان، الذي ذهبوا إليها كجزء من حلف الناتو، بينما استمرت في مفاوضتها لطالبان فيما يخص تشغيل مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانية كابل.[79]
وقد أبدى الطرفان رغبة في ذلك، لكن الخلاف الحالي حول مسألة تأمين المطار. ففي الوقت الذي تريد فيه طالبان أن تتولى تركيا المسائل الفنية فقط، بينما تولى مسؤولية تأمين المطار لقوات طالبان، ترى تركيا أنه من الضروري أن تؤمن هي المطار بنفسها، في ظل الوضع الأمني الهش حاليًا. كما ترغب تركيا في ضمانات لتتأكد من أمان مهندسيها وعامليها الذين سيعملون على تشغيل المطار.[80]
ونقل موقع ميدل إيست آي، عن مصدر تركي قوله، إن تركيا لا تزال مهتمة بتأمين المطار، والهجوم الدامي أظهر أن إدارة العمليات المدنية لن يكون ممكنًا بدون تحقيق الأمن. وأشار المسؤول التركي، إلى أن طالبان تقول إنها تستطيع تأمين المطار، لكنه ليس لديهم فريق أمني محترف، مضيفًا أنه “ليس لديهم سوى مقاتلين يحملون السلاح فقط”.[81]
لكن على كلٍ، فإن تركيا قررت عدم ربط سياستها في أفغانستان بالسياسة الأمريكية. وقد شدد الرئيس أردوغان على ذلك حين قال إنه ينظر إلى الرسائل الصادرة عن قادة طالبان بـ “تفاؤل حذر”، مؤكدًا أنه “لن يأخذ إذنًا من أحد” حول من يتحدث إليه، وذلك عندما سُئل عن الانتقاد الموجه لتركيا حول التواصل مع طالبان.[82]
يشهد الداخل التركي حالة نشطة من التحضير للانتخابات العامة القادمة المقرر إجراؤها في عام 2023. وبالنسبة لتحالف “الجمهور” المشكل من الحزب الحاكم وحزب الحركة القومية، فقد أكد في غير مرة أن مرشحه للرئاسة هو الرئيس رجب طيب أردوغان.[83]
ويمكن القول إن أردوغان قد بدأ حملته الانتخابية بالفعل، حيث بات الحديث عن إنجازات حزب العدالة والتنمية منذ وصوله للحكم جزءًا من خطابات أردوغان خلال الفترة الأخيرة. كما أن لقاءات الرئيس مع الشباب الأتراك تشهد ازديادًا واضحًا كذلك. ما يعني أن التحالف الحاكم مستقر على اسم مرشحه للرئاسة، وبدأ حملته الانتخابية.
لكن في المقابل، فإن هناك خلافات ظهرت للعلن داخل أكبر أحزاب المعارضة التركية، حزب الشعب الجمهوري، حول الشخصية الأنسب لمنافسة أردوغان على مقعد الرئاسة. كما انتقلت هذه الخلافات إلى أحزاب المعارضة ككل، التي لا تستطيع حتى الآن الاستقرار على اسم مرشح موحد لرئاسة الجمهورية.
فكما ذكرنا في عدد سابق من هذا الملف، فقد صرح نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، بولنت كوش أوغلو، أن مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية هو زعيمه كمال كلجدار أوغلو. واكتسب هذا التصريح أهميته من منصب قائله، الذي يعد الرجل الثاني في أكبر أحزاب المعارضة التركية، وكذلك هو من الشخصيات البيروقراطية البارزة داخل حزب الشعب الجمهوري والمقربة لزعيمه.[84]
كما أن الأسلوب الخطابي لكلجدار أوغلو قد تغير خلال الفترة الأخيرة. حيث بدأ زعيم المعارضة استخدام عبارات من قبيل: “سأفعل ذلك، وسأعمل على… ” وقام بتصدير نفسه بشكل واضح، الأمر الذي يؤكد رغبته وعزمه إعلان ترشحه للرئاسة بشكل رسمي، فالوعود التي يقدمها لا يمكن له تنفيذها إلا إذا وصل لمنصب الرئاسة.[85]
كما أن كلجدار أوغلو بدأ في التحذير –ولو بشكل مبطن- من احتمالية ترشح رئيس بلدية اسطنبول، أكرم إمام أوغلو، للرئاسة، حيث يرى أن الأخير لن يترك الصلاحيات الرئاسية الواسعة لصالح العودة لنظام الحكم البرلماني، كما ترغب أحزاب المعارضة. حيث صرح كلجدار أوغلو أن “مرشح تحالف الأمة (تحالف المعارضة) يجب أن يكون شخصًا منضبطًا وحكيمًا حتى لا تفسد الصلاحيات الهائلة التي تمنحها الرئاسة، ومستعدًا لتسليم سلطته إلى البرلمان ورئيس الوزراء”.
وأضاف: “يمنح الرئيس صلاحيات كبيرة بحيث أنه إذا لم يتمكن من التحكم بنفسه ومشاعره، فإنه سيقول أريد أن أبقى في منصبي وسيفتح الأبواب أمام كارثة كبيرة” في رسالة مبطنة يقصد بها بالتحديد إمام أوغلو. وبعد هذه الجملة، أكد كلجدار أوغلو أنه يجب أن يستمر إمام أوغلو ومنصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة، في ولاية ثانية في رئاسة بلدية إسطنبول وأنقرة، في إشارة إلى أنهما إذا ترشحا فإنهما سيتركان البلديات لحزب العدالة والتنمية.[86]
رفض من باقي أحزاب المعارضة
لكن في المقابل، يواجه كلجدار أوغلو معارضة من خارج حزبه كذلك، حيث يرى البعض أن سيكون منافسًا سهلًا لأردوغان. وقد تزايد التراشق الإعلامي بين أحزاب المعارضة، وقال نائب رئيس حزب الجيد، جيهان باتشاجي، قاصدًا بحديثه كلجدار أوغلو، إنه “يتحدث بشكل منفرد وشخصي، وعلينا التوافق بشأن الوعود وإعلانها بشكل مشترك.. وما دمنا سنتشارك فهل شاورتنا؟”[87]
هذه التصريحات تدلل على رفض الحزب الذي تقوده، ميرال أكشنار، لاحتمالية ترشح كلجدار أوغلو. فكما تذكر تقارير تركية، فإن أكشنار، وقادة حزب الشعوب الديمقراطي يفضلون رئيس بلدية إسطنبول، الذي يبدو في نظرهم أكثر شعبية من رئيس حزبه.
وربما يؤكد ذلك، التصريح المثير للجدل الذي جاء على لسان أكشنار قريبًا من تشبيهها لإمام أوغلو بالسلطان العثماني، محمد الفاتح، فاتح القسطنطينية. حيث قالت، في احتفالية نظمتها بلدية إسطنبول بذكرى “يوم النصر” في تركيا في 30 آب/ أغسطس الماضي، موجهة حديثها لإمام أوغلو: “عام 1453 كان السلطان محمد الفاتح مثلك تمامًا، وقد قال: إما تأخذني إسطنبول، أو آخذها أنا”.[88]
فجوة أيدولوجية داخل تحالف المعارضة
وبخلاف التحالف الحاكم، الذي يبدو أكثر تجانسًا من الناحية الأيدلوجية، فإن تحالف المعارضة به الكثير من أصحاب الأفكار والرؤى المتناقضة. وقد حذر المسؤول في حزب الشعب الجمهوري، إيتوغ أتيجي، حين قال إن “هناك فجوة أيدولوجية داخل التحالف، وإذا لم يسر على أرض صلبة، فإنه قد ينهار. وأضاف أتيجي، أن حزب الشعب الجمهوري هو الحزب الوحيد الذي من المستحيل أن ينضم إلى تحالف الجمهور، وأما بالنسبة لحزب الجيد فالأمر لديهم صعب ولكن ليس مستحيلًا”.
وأكد أنه في المقابل، هناك وحدة أيديولوجية بين حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، وهما يتشابهان، ولا توجد فرصة لانهيار تحالف الجمهور، أما “تحالف الأمة” فالانقسام الأيديولوجي موجود بالفعل، وهناك فرصة للانهيار، إذا لم يتوافق على أرضية صلبة.[89]
وبالفعل، فإن هذا ما ظهرت بوادره، فقد أدلى النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، جارو بايلان، بتصريحات تشير إلى انفصال حزبه عن “تحالف الأمة” المعارض. وقال بايلان: “نعتقد أن تحالف الأمة، لا يتطابق مع رؤيتنا، ولذلك سنستمر في طريقنا الخاص بنا بمعزل عنه”.
وتابع قائلًا: “هم يتحدثون عن العودة إلى النظام البرلماني الديمقراطي، ونحن نقول ذات الشيء، ولكن فهمنا للديمقراطية متقدم عنهم، ولا نعتقد أن تحالف الأمة يلبي تطلعاتنا.. ومن يقولون إن حزب الشعوب الديمقراطي سيصوت لهم فهم مخطئون”. كما هاجم النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي في إسطنبول، إرول كاتيرجي أوغلو، كلجدار أوغلو وحزب الشعب الجمهوري.
وقال كاتيرجي أوغلو، إن حزب الشعب الجمهوري لا يمكنه حتى تلبية مطالب قاعدته، متسائلا: “ما هي خارطة الطريق لكليتشدار أوغلو بشأن المشكلة الكردية؟”… هو يتحدث كلاما بالهواء، والسياسة ليست كذلك”.[90]
إذن، يمكن القول إن عدم اتحاد المعارضة سواء في الرؤى أو الأيدلوجيات أو اسم مرشح الرئاسة يعد نقطة إيجابية لصالح التحالف الحاكم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو إلى أي مدى سيستمر تشظي المعارضة، وهل ستجتمع هذه القوى المعارضة إذا ما وصل أحد مرشحي الرئاسة –بغض النظر عن اسمه- لجولة الإعادة مع الرئيس أردوغان؟!
المصادر
[1] العربي الجديد، رسائل دموية روسية في سورية قبل قمة سوتشي، 27 سبتمبر/ أيلول 2021
[2] المدن، لافروف يهدد بالحرب:”بؤرة إرهابية واحدة متبقية في سوريا”، 26 سبتمبر/ أيلول 2021
[3] المصدر نفسه
[4] مركز دراسات الشرق الأوسط، أهمية طرق المواصلات الرئيسة في الصراع السوري، 6 يناير/ كانون الثاني 2020
[5] روزانا، الاستقرار في إدلب: هل ينتهي التصعيد بتوافقات جديدة روسيّة-تركيّة؟، 27 سبتمبر/ أيلول 2021
[6] شبكة شام، أردوغان: السلام في سوريا مرتبط بالعلاقات القائمة بين تركيا وروسيا، 29 سبتمبر/ أيلول 2021
[7] القدس العربي، قمة بوتين واردوغان: مفاوضات «صعبة» وترقب لـ«تسويات مناسبة»، 29 سبتمبر/ أيلول 2021
[8] الحرة، لقاء “مثمر” بين بوتين وإردوغان بشأن سوريا، 30 سبتمبر/ أيلول 2021
[9] المحرر، أردوغان: غادرنا سوتشي بعد لقاء مثمر مع نظيري بوتين، 29 سبتمبر/ أيلول 2021
[10] العربي الجديد، نتائج مبهمة حول ملف سورية في لقاء بوتين وأردوغان، 30 سبتمبر/ أيلول 2021
[11] المصدر نفسه
[12] سكاي نيوز عربية، البرلمان الليبي يسحب الثقة من حكومة الدبيبة، 21 سبتمبر/ أيلول 2021
[13] الأناضول، تركيا تدعو الأطراف الليبية إلى التركيز على أولويات البلاد، 22 سبتمبر/ أيلول 2021
[14] العربي الجديد، باشاغا: ليبيا بحاجة لرئيس قوي ولا يمكن ذلك إلا بالانتخابات، 12 سبتمبر/ أيلول 2021
[15] وكالة أنباء تركيا، تشاويش أوغلو والمشري يبحثان تطورات الأوضاع في ليبيا، 9 سبتمبر/ أيلول 2021
[16] المرصد الليبي، تشاوش أوغلو يؤكد دعم بلاده لحكومة الوحدة الوطنية، 22 سبتمبر/ أيلول 2021
[17] الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية التركية، الرئيس أردوغان يلتقي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في مدينة نيويورك الأمريكية، 23 سبتمبر/ أيلول 2021
[18] ليبيا الأحرار، عودة الرحلات البحرية بين مدينتي مصراتة وأزمير قريبا، 18 سبتمبر/ أيلول 2021
[19] القدس العربي، جولة ثانية من “المباحثات الاستكشافية” بين تركيا ومصر.. وتوقعات بقرب تبادل السفراء، 7 سبتمبر/ أيلول 2021
[20] الحرة، إردوغان يتحدث عن “تقدم” بعد اجتماع نادر مع الإمارات، 19 أغسطس/ آب 2021
[21] CNN، قرقاش عن اتصال أردوغان بالشيخ محمد بن زايد: ودّي للغاية، 31 اغسطس/ آب 2021
[22] العربي الجديد، تنسيق استخباري تركي ــ مصري من بوابة كابول، 28 اغسطس/ آب 2021
[23] SPUTNIKNEWS، مصر وتركيا تتفقان على ضرورة اتخاذ خطوات إضافية من الجانبين لتطبيع العلاقات، 8 سبتمبر/ أيلول 2021
[24] BBC، مصر وتركيا: اختتام مباحثات “استكشافية” لتطبيع العلاقات بين البلدين، 6 مايو/ أيار 2021
[25] الجزيرة مباشر، مصر: حريصون على إيجاد صيغة لاستعادة العلاقات مع تركيا (فيديو)، 8 سبتمبر/ أيلول 2021
[26] رصد، مدبولي: العلاقات الديبلوماسية مع تركيا قد تعود هذا العام، 10 سبتمبر/ أيلول 2021
[27] الشرق الأوسط، الرئاسة التركية: اللقاءات تتواصل مع مصر لوضع العلاقات على أرضية سليمة، 26 اغسطس/ آب 2021
[28] الخليج الجديد، منع الإعلامي المصري هيثم أبو خليل من الظهور على قناة الشرق، 22 سبتمبر/ أيلول 2021
[29] العربية، الثاني خلال ساعات.. تركيا تمنع ظهور مذيع إخواني انتقد مصر، 22 سبتمبر/ أيلول 2021
[30] رصد، مدبولي: العلاقات الديبلوماسية مع تركيا قد تعود هذا العام، 10 سبتمبر/ أيلول 2021
[31] فرانس 24، أردوغان يدعو العراق لتكثيف معركته ضد حزب العمال الكردستاني خلال زيارة الكاظمي لأنقرة، 18 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[32] يني شفق، العراق يعلن رغبته في شراء مسيرات ومروحيات تركية، 31 اغسطس/ آب 2021
[33] قدس اليومية، من بينها أوكرانيا..دول عدة خططت وابتاعت طائرات تركية مسيرة خلال العام الجاري، 1 سبتمبر/ أيلول 2021
[34] القدس العربي، تخشى وصولها لأيدي إيران ومليشياتها.. هل تبيع تركيا طائرات “بيرقدار” و”أتاك” إلى العراق؟، 1 سبتمبر/ أيلول 2021
[35] الأخبار، وزير عراقي: نرغب في التوصل إلى تفاهمات مع تركيا حول ملف المياه، 3 سبتمبر/ أيلول 2021
[36] العربي الجديد، العراق نحو حسم أزمة المياه مع تركيا.. وأردوغان في بغداد قريباً، 5 سبتمبر/ أيلول 2021
[37] القدس العربي، العراق يفعّل مذكرة تفاهم مع تركيا لتأمين حصته المائية، 19 سبتمبر/ أيلول 2021
[38] الخليج أونلاين، أكار يهاجم الإمارات: سنرد عليها في المكان والزمان المناسبين، 30 يوليو/ تموز 2020
[39] يني شفق، أردوغان: الإمارات بصدد إقامة استثمارات كبيرة في تركيا، 18 اغسطس / آب 2021
[40] المصدر نفسه
[41] البيان، محمد بن زايد وأردوغان يبحثان هاتفياً العلاقات والقضايا الدولية، 31 اغسطس / آب 2021
[42] CNN، قرقاش عن اتصال أردوغان بالشيخ محمد بن زايد: ودّي للغاية، 31 اغسطس/ آب 2021
[43] ترك برس، تشاووش أوغلو: علاقاتنا مع الإمارات العربية المتحدة تسير نحو الأفضل، 7 سبتمبر/ أيلول 2021
[44] الأناضول، تشاووش أوغلو ونظيره الإماراتي يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية، 31 اغسطس/ آب 2021
[45] رصد، «ميدل إيست آي»: الإمارات تطلب من زعيم مافيا تركية وقف مهاجمة بلاده، 4 سبتمبر/ أيلول 2021
[46] الخليج أونلاين، “القابضة” الإماراتية تبحث عن استثمارات واسعة في تركيا، 25 اغسطس/ آب 2021
[47] عربي 21، تركيا تجري مباحثات مع الإمارات للاستثمار بقطاع الطاقة، 21 سبتمبر/ أيلول 2021
[48] TRT، ملك البحرين: العلاقات مع تركيا بمستوى متقدّم والتعاون يشهد نمواً، 5 سبتمبر/ أيلول 2021
[49] الخليج أونلاين، وزيرا خارجية تركيا والبحرين يبحثان تعاوناً ثنائياً وقضايا إقليمية، 21 سبتمبر/ أيلول 2021
[50] الشروق، وزير خارجية تركيا يجري مباحثات هاتفية مع نظيريه البحريني والأوزبكي، 6 سبتمبر/ أيلول 2021
[51] Yeni Şafak، Casuslar İHA VE SİHA’lara ait çok gizli bilgileri İsrail’e mi sattıla ?, 22 Eyl 2021
[52] المصدر نفسه
[53] عربي 21، هل سربت “خلية” معلومات عن المسيرات التركية إلى إسرائيل؟، 22 سبتمبر/ أيلول 2021
[54] المصدر نفسه
[55] RT، كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام الجمعية العامة في دورتها الـ 76، 22 سبتمبر/ أيلول 2021
[56] وكالة أنباء تركيا، هنية يشكر أردوغان على كلمته التاريخية في الأمم المتحدة ويشيد بالعلاقات مع تركيا، 29 سبتمبر/ أيلول 2021
[57] الأناضول، وزير العدل التركي يستقبل نائب نقيب المحامين الفلسطينيين، 16 سبتمبر/ أيلول 2021
[58] مترو بوست، تركيا: نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، 20 سبتمبر/ أيلول 2021
[59] وكالة نيو ترك بوست، توقيع بروتوكول تعاون بين جامعتين تركية وفلسطينية، 20 سبتمبر/ أيلول 2021
[60] ديلي صباح، وزير الداخلية التركي يلتقي مفوض شؤون التوسع وسياسة الجوار لدى الاتحاد الأوروبي، 7 سبتمبر/ أيلول 2021
[61] خبر وان، بروكسل.. وزير البيئة التركي يلتقي نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي، 16 سبتمبر/ أيلول 2021
[62] المصدر نفسه
[63] TRT، جاوش أوغلو: تعاون أوروبا معنا شرط لضمان الاستقرار وسنتفاوض على دولتين بقبرص، 24 سبتمبر/ أيلول 2021
[64] الأناضول، متحدث الرئاسة التركية يبحث مع مسؤول أوروبي العلاقات الثنائية، 7 سبتمبر/ أيلول 2021
[65] المصدر نفسه
[66] الأناضول، بوريل: التعاون الوثيق والتنسيق أساس علاقاتنا مع تركيا، 24 سبتمبر/ أيلول 2021
[67] تركيا الآن، الاتحاد الأوروبي يسعى لتأسيس تعاون أوثق مع تركيا، 8 سبتمبر/ أيلول 2021
[68] يني شفق، تركيا: سعي اليونان لتوسيع مجالها الجوي والمائي “أحلام فارغة”، 9 سبتمبر/ أيلول 2021
[69] RT، أنقرة: على اليونان أن تدرك بأنها لن تجني شيئا من الاستفزاز والنهج التوسعي، 29 أغسطس/ آب 2021
[70] المنار، تركيا تتهم اليونان بـ”اختراقات” للمجال الجوي للبلاد و”تحرشات” بمقاتلات تركية، 5 سبتمبر/ أيلول 2021
[71] الشرق الأوسط، اليونان تهدد تركيا بالرد على أعمالها غير القانونية في مياهها الإقليمية، 21 سبتمبر/ أيلول 2021
[72] TRT، اليونان تؤكد رغبتها في التعاون مع تركيا وإبقاء قنوات الحوار مفتوحة، 25 سبتمبر/ أيلول 2021
[73] فرانس 24، اليونان ستشتري ثلاث فرقاطات من فرنسا في إطار تحالف دفاعي جديد، 28 سبتمبر/ أيلول 2021
[74] الأناضول، أردوغان: نتمنى الصداقة مع واشنطن رغم بداية غير جيدة مع إدارة بايدن، 23 سبتمبر/ أيلول 2021
[75] المصدر نفسه
[76] الدستور، أردوغان: علاقاتنا مع واشنطن يجب أن تكون فـي وضــع مختـلف، 25 سبتمبر/ أيلول 2021
[77] الجزيرة، أردوغان يفتح النار على إدارة بايدن.. ما الأسباب؟، 27 سبتمبر/ أيلول 2021
[78] MEE, Afghanistan-Turkey: Taliban says willing to meet Erdogan ‘under right circumstances’, 12 August 2021
[79] العربي الجديد، أنقرة تسحب قواتها من أفغانستان: يمكن أن نواصل تشغيل مطار كابول بعد إجلاء الجنود، 26 أغسطس/ آب 2021
[80] القدس العربي، هل ستقبل أنقرة عرض طالبان تشغيل مطار كابول دون السماح ببقاء قوات تركية؟، 27 أغسطس/ آب 2021
[81] MEE, Afghanistan: Kabul attack only increases need for Turkish military presence, says official, 27 August 2021
[82] BBC، أفغانستان: قطر وتركيا تمثلان حبل نجاة لحركة طالبان وحلقة وصل لها بالعالم الخارجي، 2 سبتمبر/ أيلول 2021
[83] RT، زعيم حزب تركي: الانتخابات الرئاسية في موعدها وأردوغان مرشحنا، 18 مارس/ آذار 2021
[84] تركيا الآن، الشعب الجمهوري التركي يعلن مرشحه لمنافسة أردوغان بالانتخابات الرئاسية، 9 يوليو/ تموز 2021
[85] القدس العربي، زعيم المعارضة التركية يتعهد بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم ويتوعد أوروبا: أنا لست أردوغان، 19 يوليو/ تموز 2021
[86] عربي 21، “حرب رئاسة” بين إمام أوغلو وزعيم حزبه.. وتوقع انتخابات مبكرة، 28 أغسطس/ آب 2021
[87] A HABER, Son dakika: Millet İttifakı’nda kriz! CHP-İYİ Parti hattında yeni çatlak mı? Adaylık düğümü nasıl çözülecek?, 4 Eyl 2021
[88] وكالة أنباء تركيا، قيادية تركية معارضة تشبه رئيس بلدية إسطنبول بالفاتح.. وأردوغان يرد، 10 سبتمبر/ أيلول 2021
[89] عربي 21، أزمة داخل تحالف المعارضة بتركيا بسبب “الرئاسة”.. هل ينهار؟، 13 سبتمبر/ أيلول 2021
[90] المصدر نفسه