الفهرس
المقدمة
المحور الأول: سوريا
جدل حول بلدة عين عيسى
اكتمال سحب نقاط المراقبة المحاصَرة
المحور الثاني: ليبيا
تهديدات من حفتر ضد تركيا
زيارة مفاجئة من وزير الدفاع التركي لطرابلس
عملية أمنية كبرى في الغرب الليبي
المحور الثالث: مصر
حديث حول علاقات دبلوماسية بين البلدين
فرص التقارب المحتملة
المحور الرابع: العراق
تعاون أمني متزايد
ملف المياه
التعاون الاقتصادي
المحور الخامس: الخليج
المصالحة الخليجية
التقارب التركي-السعودي
التقارب التركي-الإماراتي
المحور السادس: الكيان الصهيوني
جدل حول تقارب تركي محتمل مع دولة الاحتلال
المحور السابع: أوروبا
تهدئة التوترات مع الاتحاد الأوروبي واليونان
رسائل متبادلة بين أردوغان وماكرون
اتفاقية التجارة الحرة مع بريطانيا
المحور الثامن: الولايات المتحدة الأمريكية
حديث حول ترتيب اتصال بين بايدن وأردوغان
تمسك تركي بمنظمة “إس 400”
المحور التاسع: أذربيجان
وصول جنود أتراك لأذربيجان
تحذيرات تركية من خرق الهدنة
تعاون متنام بين باكو وأنقرة
المحور العاشر: الداخل التركي
توقيف شبكة تجسسية على الصناعات العسكرية
محاولة لتوسيع دائرة التحالف الحاكم
المقدمة
بعد أن شهد عام 2020 تدخلات خشنة من تركيا في أكثر من ساحة إقليميًا وعالميًا، يبدو أن القيادة التركية تدخل عام 2021 وهي آملة في أن يكون أهدأ من العام السابق. ظهر ذلك تقريبًا في معظم الملفات التي تنخرط فيها أنقرة. فعلى الساحة الأوروبية، ركز الخطاب السياسي التركي على فتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي، في محاولة لاستثمار مواقف ماوصفها الرئيس أردوغان بـ”الدول الحكيمة” داخل الاتحاد.
كذلك عادت المباحثات الاستكشافية بين تركيا واليونان فيما يخص الخلاف حول الجرف القاري لكلتا الدولتين في المتوسط. ومن جهة أخرى، تبادل الرئيسان التركي والفرنسي رسائل إيجابية، اتفقا فيها على وضع حد لتدهور العلاقات. وعلى صعيد العلاقات التركية-الأمريكية، ما زال المسؤولون الأتراك يدلون بتصريحات إيجابية حول أن فترة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستشهد حلحلة للملفات الخلافية بين الجانبين. إلا أنه في ذات الوقت أظهرت تركيا أنها متمسكة بصفقة صورايخ S400، التي كانت أحد أهم أسباب الخلاف مع واشنطن، بل أبدى المسؤولون الأتراك رغبتهم في شراء حزمة ثانية من المنظومة.
كذلك عاد الحديث مرة أخرى عن التقارب التركي المحتمل مع كل من تركيا والسعودية، وبرزت أنباء قد تشير إلى خطوة مماثلة مع كل من الإمارات والكيان الصهيوني. وكان للمسؤولين الأتراك عدة تصريحات حول التقارب مع الدول السابق ذكرها، لكن كان من الواضح اختلاف التعاطي التركي مع كل طرف منهم.
وعلى الساحة الأذرية، وصل الجنود الأتراك إلى قره باغ لمراقبة وقف إطلاق النار، وما زالت تركيا تحاول حصد المكاسب السياسية بعد انتصار حليفتها، بالإضافة إلى تعميق تعاونهما. أما على الساحة السورية، فقد انتهت تركيا من سحب نقاطها العسكرية المحاصرة، وثار حديث حول نية الجيش التركي دخول “عين عيسى” معقل تنظيم “بي كا كا”.
أما في ليبيا، فقد هدد حفتر بشن حرب ضد الوجود التركي هناك، الأمر الذي دعا وزير الدفاع التركي لعمل زيارة مفاجئة إلى طرابلس لتأكيد التمسك التركي بالتحالف مع حكومة الوفاق، المعترف بها دوليًا. وعلى الساحة العراقية، بدأت الدولتان في حصد نتائج الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي إلى أنقرة، حيث تنامى التعاون بين الدولتين على الصعيد العسكري والاقتصادي.
وداخليًا، ألقت قوات الأمن بالتعاون مع الاستخبارات القبض على شبكة تتجسس على الصناعات العسكرية التركية لصالح شركات أجنبية مقابل المال، وكان أحد أفراد هذه الشبكة مديرًا سابقًا لأحد المشاريع في الصناعات الدفاعية. وعلى الجانب السياسي، يحاول الرئيس أردوغان توسيع دائرة تحالفه الانتخابي لعام 2023، إلا أن هناك عقبات تعترض هذه الخطوة، وقد تأخذ وقتًا للتغلب عليها.
عادت بلدة عين عيسى إلى واجهة الأحداث على الساحة السورية مع حسم خسارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتأكيد فوز منافسه جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث بدا أن روسيا وتركيا تعملان على حل مشكلة البلدة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) قبل استلام بايدن مهامه الرئاسية رسميًا.
تقع بلدة عين عيسى إلى الشمال من مدينة الرقة بنحو 48 كيلومترًا، ما يعني أنها في قلب منطقة شرقي نهر الفرات. وهي بموقعها تسيطر على حركة التنقل من العراق إلى دمشق، كما أنها نقطة عبور مهمة لمن يريد التوجه إلى الغرب السوري بأمان عبر الخط الجنوبي، إلى جانب كونها منطقة عبور محورية إلى حلب ومنبج وكوباني، والقامشلي، والحسكة. وهي كذلك مصدر دخل مهم بالنسبة للوحدات الكردية[1].
عاد الحديث حول البلدة – التي تُعد العاصمة الإدارية لـ(قسد)- أواخر الشهر الماضي، بعد أن صرح عضو هيئة “المصالحة الوطنية” عمر رحمون، التابع للنظام السوري، أن “اجتماعًا عُقد بين روسيا والتنظيم الكردي المسلح تم التوصل فيه إلى اتفاق على تسليم بلدة عين عيسى لقوات النظام والجانب الروسي”[2].
وأضاف رحمون أنه لا توجد معلومات دقيقة حول البنود الكاملة للاتفاق، ولكن التنظيم الكردي أخبر الجانب الروسي أنه على استعداد للانسحاب من عين عيسى بشكل كامل. كما أكد رحمون أن “قسد” وافقت على تسليم البلدة “طمعًا في الحماية التي لم تستطع الوصول إليها عبر أميركا، واعترافًا بضعفها وخورها أمام تركيا وعدم قدرتها على حماية البلدة”[3].
تصريحات “رحمون” تبعها نفي من مصادر عسكرية في “قسد” لموقع العربي الجديد، التي أكدت أن “قوات سورية الديمقراطية لم تنسحب من مدينة عين عيسى وأنها لن تنسحب منها، وليس هناك أي تغيير في خارطة السيطرة في المدينة ومحيطها”[4]. في هذه الأثناء، وصل قائد القوات الأميركية في الشرق الاوسط الجنرال فرانك ماكنزي، إلى محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، في زيارة مفاجئة لقائد “قسد” مظلوم عبدي، برفقة عدد من الجنود الأميركان. وحسب المصادر فقد ناقش الطرفان وضع عين عيسى[5].
وباستقراء الأحداث يتبين أن كلًا من روسيا وتركيا كانتا تحاولان استغلال الموقف لتنفذ كل منهما أجندتها الخاصة في بلدة عين عيسى، في محاولة لاستغلال الانشغال الأمريكي بانتخابات الرئاسة وما تبعها من أحداث. فمن جهتها، تحاول روسيا الضغط على “قسد” كي تسلم البلدة – ذات الموقع الاستراتيجي- لها وللنظام السوري بطبيعة الحال، تحت دعوى أن تركيا ستشن عملية عسكرية لضم البلدة إلى المناطق الواقعة تحت سيطرتها في الشمال السوري.
في المقابل، فإن تركيا تحاول استغلال الموقف الروسي المعارض لاستمرار سيطرة “قسد” على البلدة وتحجيم النفوذ الأمريكي هناك، بحيث تتسلم هي بنفسها مهمة إخراج التنظيم المسلح – المدرج على قوائم الإرهاب لديها- من عين عيسى، أو أن تتسلم روسيا ومن خلفها النظام السوري مقاليد الأمور هناك على أقل تقدير.
لكن يبدو أن “قسد” رفضت العرض الروسي بتسليم البلدة، وتمسكت بوجودها فيها. يؤكد ذلك تغريدة نشرها “رحمون”، في وقت لاحق كتب فيها: “وداعًا عين عيسى”، في مؤشر واضح إلى أنّ البلدة ربما تتعرض لهجوم من قبل الفصائل السورية المعارضة المتحالفة مع الجيش التركي[6].
ومن الواضح أن “قسد” تمكنت من أن تكسب وقتًا مكنها من الحفاظ على الأمر الواقع إلى حين أن تسلم بايدن الرئاسة بشكل رسمي. حيث لم تدخل روسيا أو النظام إلى البلدة، كما لم تشن تركيا عملية عسكرية لطرد التنظيم منها. وفيما يبدو، فإن تركيا لم تُرد أن تقطع الطريق على نفسها في مساعيها لرأب الصدع وفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية عدة، بشنها مثل هذه العملية في هذا التوقيت.
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة وإن كانت منشغلة بشأنها الداخلي خلال هذه الفترة، إلا أنها ليست متجاهلة للأحداث حولها بالكلية، خصوصًا في المناطق التي يمثل الحضور الأمريكي فيها أهمية استراتيجية لواشنطن، وقد أتت زيارة فرانك ماكنزي إلى محافظة الحسكة في هذا السياق، حيث إنها كانت بمثابة رسالة من المؤسسات الأمريكية بأنها لن تغض الطرف عن أي هجوم تركي محتمل على عين عيسى.
سحب نقاط المراقبة التركية.. من جهة أخرى، أنهى الجيش التركي سحب كل نقاط المراقبة التي كانت محاصَرة في محيط إدلب السورية، وذلك بعد نحو أربعة أشهر من تفكيكه لأول نقطة. وحسب مراقبين، فإن الجيش التركي عزز نقاط وجوده على خطوط التماس، ونقل هذه النقاط (12 نقطة) إلى مواقع بالقرب من الجبهات، وهو ما يؤشر إلى دخول إدلب في مرحلة جديدة من الهدوء النسبي[7].
وقد أكدت صحيفة “حرييت” التركية أن ما تم في حركة التنقل للقوات التركية، هو فقط عملية “إزاحة” و”إعادة انتشار”، لافتة إلى أن تعداد القوات التركية في نقاط المراقبة السابقة تتراوح ما بين (80 و200) حسب الموقع، وعلى هذا يمكن القول بأن الجيش التركي بتموضعه الجديد عزز من قواته داخل إدلب ميدانيًا مع تشكيل حاجز أمام النظام السوري[8].
لكن استمرار إدلب على وضعها الحالي يتطلب من القيادة التركية مواجهة أي محاولة تقدم أخرى على تخوم المدينة من جانب النظام السوري، حتى لا يتكرر السيناريو ذاته، وتضطر تركيا لسحب نقاط مراقبة أخرى، حال تقدمت قوات النظام شيئًا فشيئًا إلى أن تحاصرها.
صادق البرلمان التركي أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي على تمديد عمل القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهرًا إضافيًا، بناء على طلب قدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الثاني عشر من الشهر ذاته[9]. بُعيد هذا التصديق جاءت تصريحات من الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في كلمة ألقاها بمناسبة عيد الاستقلال لتزيد من سخونة الأحداث بعد أن كانت قد هدأت نسبيًا مع بدء الترتيب لعملية سياسية سلمية تحل النزاع في ليبيا.
تصريحات حفتر جاءت تصعيدية وشديدة اللهجة؛ حيث قال: إنه “لا قيمة للاستقلال، ولا معنى للحرية والأمن والسلام، إذا بقيت أقدام الأتراك تدنس أرض ليبيا”، كما وصف تركيا بأنها “عدو ومحتل”، وهددها بالمغادرة سلمًا وطوعًا، أو بقوة السلاح[10] . الرد التركي على تصريحات حفتر جاء سريعًا، حيث زار طرابلس وفد عسكري تركي يضم وزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس الأركان ياشار غولر، وقائد القوات البرية أوميت دوندار، وقائد القوات البحرية عدنان أوزبال.
وخلال زيارته، التقى الوفد التركي رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري[11]، ووزير الدفاع صلاح الدين النمروش،[12] ووزير الداخلية فتحي باشاغا.[13] ومن طرابلس، رد أكار على تصريحات حفتر قائلًا: “على هذا البلطجي المجرم حفتر وأنصاره أن يعلموا أنه في حالة وقوع أي محاولة هجوم على القوات التركية، فستُعتبر قوات القاتل حفتر أهدافًا مشروعة في كل مكان”. وأضاف: “يجب أن يضعوا هذا في رؤوسهم. إن هم فعلوا شيئًا كهذا، فلن يجدوا أمامهم مكانًا يفرون إليه” [14].
الرد على حفتر لم يأت من الجانب التركي فحسب، بل ردت كذلك الوفاق على لسان وزير دفاعها صلاح النمروش، الذي قال: إن قواته مستعدة لصد أي عدوان، وإن الحكومة لن تسمح بتكرار أحداث الرابع من أبريل 2019، في إشارة لهجوم الانقلابي حفتر على طرابلس في ذلك التاريخ. وأشار الوزير بأن هناك تعليمات للقوات بأن “تكون على استعداد تام وانتظار تعليمات القيادة للتعامل والرد على مصادر النيران في المكان والزمان المناسبين دون هوادة”.[15]
وربما أتت تصريحات حفتر بنتيجة عكسية بالنسبة له، ودعَّمت من الموقف التركي المؤازر لحكومة الوفاق. حيث إن المسار السياسي، الآخذ في التقدم رغم ما يعترضه من معرقلات، يعتبر خروج القوات الأجنبية وتفكيك الميليشيات من مقتضياته، على اختلاف بين حكومة الوفاق وقوات حفتر في تفسير المقصود بـ”القوات الأجنبية” وإذا ما كان هذا المصطلح يشمل الاتفاقات الأمنية والعسكرية الرسمية الموقعة بين حكومة الوفاق –المعترف بها دوليًا- والحكومة التركية، أم لا يشملها.
لكن تهديدات حفتر باللجوء إلى الحل العسكري مرة أخرى، حتى وإن لم يوجه الحديث إلى الوفاق بشكل مباشر، يجعل الأخيرة تتمسك بشكل أكبر بتحالفها مع تركيا، لتتجنب بذلك أي محاولة من الجنرال المنقلب لنقض اتفاق وقف إطلاق النار والتفكير في اقتحام طرابلس مرة أخرى. وربما هذا ما جعل “المشري” يشدد على استمرار التنسيق المشترك مع تركيا، لصد أي محاولة لتحرك مُعادٍ من قبل ما وصفها بـ”قوات المتمرد حفتر الخارجة عن القانون والشرعية”، للعبث باستقرار ليبيا وأمن مواطنيها[16].
عملية أمنية كبرى.. في شأن آخر، كشف وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا مؤخرًا عن عملية كبرى ستنفذها قوات الحكومة الليبية بالتعاون مع تركيا في الغرب الليبي، بهدف القضاء على المسلحين واستهداف مهربي البشر. وقال باشاغا: ” تعهدت تركيا بدعمنا في العملية التي سننفذها في الغرب، ونأمل أن تساعدنا أمريكا للقضاء على العناصر الإرهابية المتسللة إلى ليبيا”[17].
وأعرب الوزير الليبي عن عزمه “معالجة المشكلة من خلال تحديد المليشيات التي يجب نزع سلاحها، وتلك التي يمكن استيعابها في الأجهزة الأمنية”. وأفاد بأن “بعض هذه المليشيات متحالفة مع مسؤولين آخرين في طرابلس وتسيطر على بعض المؤسسات، مثل جهاز المخابرات”، لكن دون أن يتطرق إلى تفاصيل[18].
من الواضح أن الحملة التي تحدث عنها باشاغا لها شقان، الأول هو استهداف مهربي البشر، وهذا يغلب عليه الجانب الأمني. ويمكن القول إن آثارًا سلبية لن تكون لهذا الجزء من الحملة، بل على النقيض، ربما يكون له ارتدادات إيجابية إذا نجحت حكومة الوفاق في تقليل نسب الهجرة غير الشرعية والحد من تهريب البشر. حيث إن أحد أهم محددات العلاقة بين الحكومة الليبية والدول الأوروبية المطلة على البحر المتوسط هو قدرة الأولى على بسط سيطرتها الأمنية على سواحلها ومنع التهريب.
أما الشق الثاني من الحملة فيختلط بالشق الأمني فيه بُعد سياسي مهم له تأثير جوهري على مجريات الأمور في الغرب الليبي. حيث إن الحديث عن “مليشيات متحالفة مع مسؤولين في طرابلس يجب نزع سلاحها” يفتح الباب للسؤال حول قدرة حكومة الوفاق على تنفيذ هذا الشق خصوصًا وأن المجموعات المستهدَفَة مسلحة، ولها ظهير سياسي من بعض مسؤولي الحكومة كما أشار باشاغا، بل ربما شاركت بعض هذه المجموعات في التصدي لهجوم حفتر على العاصمة.
كذلك فإن الوزير لم يعطِ أي تفاصيل حول هذه المجموعات وإلى أي فصيل تنتمي، وأي منها سوف يتم دمجه في المؤسسات الرسمية، وأي منها سيُستبعد. ولذلك من الصعب حاليًا تحديد قدرة الوفاق على تنفيذ هدفها. لكن تحت كل الأحوال، فإنه يبدو أن تركيا تعهدت بدعم العملية، لأنها- حال نجاحها- ستصب في صالحها، حيث إنه من الأفضل لأنقرة أن تكون الحكومة المركزية مسيطرة على الوضع الأمني والسياسي في الغرب، مما سيسهل التعاون بين طرابلس وأنقرة، خصوصًا في الجانب الأمني، ويمنع أي أطراف أخرى أن تمثل معوقًا لهذا التعاون في الحاضر أو المستقبل.
حملت الأيام الأخيرة في العام الماضي 2020 تصريحًا لوزير الخارحية التركي مولود تشاووش أوغلو، قال فيه إن تركيا ومصر تسعيان لتحديد خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية. تصريحات تشاووش أوغلو حول مصر جاءت مختلفة نوعًا ما هذه المرة. ففي التصريحات السابقة كان المسؤولون الأتراك –وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- يشيرون إلى وجود تواصل بين الجانب التركي ونظيره المصري على مستوى الاستخبارات.[19] لكن أضاف الوزير التركي هذه المرة بأن هناك تواصلًا على المستوى الدبلوماسي.
حيث قال إن التواصل مع مصر على الصعيد الاستخباراتي مستمر لتعزيز العلاقات، والحوار قائم على مستوى وزارتي الخارجية، وأشار إلى وجود مساعي للتحرك وفق مبدأ عدم التضارب في المحافل الدولية. وأضاف أن “التواصل بين البلدين يتم أيضًا عبر ممثلياتيهما في أنقرة والقاهرة وأنه التقى نظيره المصري العام الفائت في الاجتماعات الدولية، وأنهما اتفقا على ضرورة العمل على خارطة طريق بشأن علاقات البلدين” [20].
ومنذ أيام، قال الوزير التركي: إن أنقرة سترد بالإيجاب إذا اتخذ الجانب المصري خطوات إيجابية.[21] تكرار هذه التصريحات يؤكد رغبة أنقرة القوية في تحسين علاقاتها مع القاهرة، أو على الأقل التنسيق معها في ملفات مشتركة كملف الحدود البحرية لكلا الدولتين في شرق المتوسط، والمسألة الليبية. كذلك فإن هذه التصريحات دالة على أن تركيا لم تفقد أملها بعد في تطوير علاقاتها مع مصر.
وحتى الآن، لم يرد الكثير من التعليقات المصرية الرسمية حول التقارب مع تركيا، إلا تصريح لوزراة الخارجية المصرية جاء في إطار الرد على تصريح سابق لتشاووش أوغلو، كان قد انتقد فيه ما حدث في مصر في 3 يوليو 2013، حيث اعتبرت الخارجية المصرية حينها أن هذه التصريحات تمثل “نبرة سلبية تجاه مصر، في وقت تدَّعي فيه تركيا أنها تسعى لتهيئة المناخ المناسب لعلاقات قائمة على الاحترام والالتزام بقواعد الشرعية الدولية”، حسب وصف البيان حينها.[22] وفي مناسبة أخرى قال وزير الخارجية المصري سامح شكري: “إن مصر ترصد الأفعال، لا الحديث والتصريحات” [23].
ورغم قلة تصريحات المسؤولين المصريين عن أنباء التقارب، فإن ذلك لا ينفي رغبة القاهرة ولا مصلحتها حال تحسنت علاقتها بأنقرة. ومما يؤكد تفاعل النظام في مصر مع تركيا في هذا الشأن هو ما جاء على ألسنة إعلاميين مصريين معروفين بالقرب من النظام في مصر، الذين تحدثوا – بلهجة “شامتة”، أو ما يسمى” كيد النسا” – بشأن بعض الإعلاميين ورموز المعارضة المقيمين في تركيا، ويتوعدونهم- كذبا – بأنهم سيسلمون إلى مصر[24].
وبعيدًا عن ما يحلم به إعلاميو النظام المصري حول الوضع بالنسبة للمعارضين المصريين المقيمين في تركيا وإذا ما كانت تركيا ستوافق على مطالب النظام في هذا السياق أم لا، فإن مجرد حديث الإعلام المصري عن هذا الأمر، يدل على تفاعل القاهرة مع أنقرة للسير نحو حلحلة بعض الملفات العالقة، ولو كان هذا التفاعل بطيئًا. والجدير بالذكر أن هذا البُطء المصري في التفاعل قد يكون دليلًا على عدم موافقة تركيا على بعض ما تطلبه مصر.
وحسب محللين، فإن انتخاب بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية يُعد عاملًا يدفع نحو تقارب الطرفين، أو على أقل تقدير تخفيف حدة التوتر بينهما، حيث إنهما كانا يفضلان إعادة انتخاب ترامب، كلٌّ لأسبابه الخاصة. كما أن الأزمة الليبية باتت تمثل تهديدًا للقاهرة، لا سيما بعد إخفاق رهانها على قدرة الجنرال المنقلب خليفة حفتر على حسم معركة طرابلس. هذا بالإضافة إلى سعي تركيا إلى إيجاد شركاء أو حلفاء لها من دول حوض المتوسط، وذلك لكي تضعف التحالف الإقليمي المواجه لها في منطقة شرق المتوسطـ، الذي تشكل اليونان رأس الحربة فيه[25].
ويقول آخرون إن ملف التطبيع بين إسرائيل وبعض دول الخليج يجب أن يمثل دافعًا لمصر لإعادة النظر في استراتيجية سياستها الخارجية وأدواتها. حيث إن موجة التطبيع لن تؤثر فقط على الدور الإقليمي المصري في ظل تصاعد دور دولة الاحتلال الإسرائيلي وسعيها نحو الهيمنة الإقليمية من البوابة الخليجية، بل من المرجح أنها ستؤثر على المقدرات الاستراتيجية المصرية، كقناة السويس[26].
وفيما يبدو فإن مصر وتركيا تحاولان اتخاذ مسار متدرج، قد يؤدي في المدى المتوسط إلى مسارات تعاون على المستويات الاقتصادية والتجارية والوزارية، وإن لم تشمل مستوى رئاستي الجمهورية. وربما أتت الخطوات المصرية الأخيرة على الساحة الليبية في هذا السياق. حيث زار وفد مصري يضم مسؤولين من الخارجية والمخابرات، ويرأسه وكيل عام جهاز المخابرات العامة المصرية ورئيس اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي اللواء أيمن بديع، العاصمة الليبية طرابلس للقاء مسؤولين بحكومة الوفاق، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 2014[27].
لكن يرى مراقبون أن هذا المسار سيبقى هشًا وقابلًا للانهيار في ظل حالة الاصطفاف الإقليمي القائمة، واستمرار القاهرة في تعميق علاقاتها مع المحور المناوئ لتركيا، وتحديدًا اليونان وفرنسا، اللتان قام السيسي بزياتهما مؤخرًا[28].
مثَّلت الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى العاصمة التركية أنقرة محطة مهمة لترتيب الملفات المشتركة بين البلدين المتجاورين. وكما ذكرنا في ملف أحوال تركية الصادر الشهر الماضي، فإن الملفات التي تهم الدولتين هي مشكلة وجود قواعد حزب العمال الكردي الانفصالي في الشمال العراقي، والعمليات العسكرية التركية هناك، وملف المياه، بالإضافة إلى ملف التعاون التجاري بين البلدين[29].
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت النتائج الإيجابية للزيارة في الظهور تِباعًا. فعلى الجانب العسكري، وخلال الأيام القليلة التي تلت زيارة الكاظمي لم يكن من المؤكد استمرار عملية “مخلب النمر” التي أطلقتها القوات المسلحة التركية في السابع عشر من يونيو/حزيران الماضي ضد عناصر “بي كا كا” في شمال العراق، حيث لم يصدر حينها تعليق رسمي مباشر سواء من بغداد أو أنقرة، حول العملية بشكل محدد.
لكن حملت الأيام الأخيرة من الشهر الماضي تأكيدات رسمية تركية في أكثر من مناسبة بأن عملية “مخلب النمر” مستمرة. كان من ذلك تصريح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، خلال زيارته إلى قيادة القاعدة الجوية الثانية في ولاية إزمير برفقة قادة الجيش، أن “عمليات مكافحة الإرهاب مستمرة بشكل مكثف شمالي العراق”.
وفي إشارة إلى أن استمرار العمليات العسكرية جاء بتوافق بين أنقرة وبغداد، قال أكار: “أثناء القيام بذلك، نحترم حدود جميع جيراننا، لكن هناك هجمات ومضايقات ينفذها الإرهابيون القادمون من أراضي جيراننا، وعلينا حماية حدودنا ومواطنينا. نتحدث مع إخواننا العراقيين ونشرح لهم ذلك”. وأضاف “أكار”: “هدمنا وسنهدم مخابئ الإرهابيين وكهوفهم فوق رؤوسهم من خلال العمليات التي نفذناها حتى الآن داخل وخارج البلاد. سنحيد آخر إرهابي وننهي هذه المهمة”[30].
ويبدو أن الجانب العسكري قد أخذ الحظ الأكبر في المباحثات الأخيرة بين حكومتي البلدين، حيث تبع زيارة الكاظمي زيارة أخرى من وزير الدفاع العراقي جمعة عناد، أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى العاصمة التركية أنقرة، حيث التقى بنظيره التركي خلوصي أكار، في مقر وزارة الدفاع. وبحسب بيان صادر عن الدفاع التركية فإن الوزيرين ناقشا خلال الاجتماع ملف مكافحة الإرهاب[31].
وقبل أيام قليلة، قام أكار، برفقة رئيس الأركان التركي يشار غولر، بزيارة رسمية إلى بغداد. التقى خلالها نظيره العراقي مرة أخرى، كما التقى الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ووزير الداخلية العراقي عثمان غانمي[32] . وحسب بيان للرئاسة العراقية فإن الجانبين ناقشا “ترسيخ احترام سيادة العراق ودور قواته المسلحة في حماية أمنه وأرضه، وأن لا تكون منطلقًا للاعتداء على أي أحد، إلى جانب مناقشة تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك” [33].
ويبدو أن الاهتمام التركي الكبير بالتنسيق العسكري مع بغداد فيما يخص مكافحة تنظيم “بي كا كا” ليس نابعًا فقط من رغبة أنقرة تجنب البيانات التي كان يصدرها مسؤولون عراقيون ضد عملية “مخلب النمر”، وعلى أي حال كانت هذه البيانات، فقد قلَّت بشكل كبير خلال الثلاثة أشهر الماضية. لذلك يبدو أن هناك دوافع أخرى لهذه التحركات التركية.
قد يكون منها، رغبة أنقرة في ضمان تعاون الجانب العراقي معها خلال فترة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، فيما يخص مكافحة تنظيم “بي كا كا”، خصوصًا وأنه من المعروف عن بايدن دعمه للتنظيمات الكردية، وتأييده لتطبيق النظام الفيدرالي في العراق.[34] لذلك تبدو تركيا وكأنها تحاول أن ترتب أوراقها، وأن تستعد للمرحلة الجديدة بالتنسيق مع الأطراف الأخرى الفاعلة في هذا الشأن.
ملف المياه.. وفيما يخص المياه، فقد بدأ الجانبان دراسة المسألة للوصول لحل توافقي. حيث صرح وزير الموارد المائية مهدي الحمداني ، أن بلاده سلمت تركيا رسميًا بروتوكول التعاون في المجال المائي، موضحًا أن “مسودة البروتوكول المائي التي ستجري مناقشتها مع تركيا تتضمن الإطلاقات المائية المطلوبة، بالتنسيق مع الجانب التركي”.
وعبّر الوزير العراقي عن ثقته بأن “يتعامل الجانب التركي مع الأمر بواقعية”، مضيفًا أن بغداد تشعر بأن هناك رغبة حقيقية بين الجانبين بحلحلة هذا الملف.[35] كذلك ناقش “الحمداني” مؤخرًا مع السفير التركي لدى بغداد فاتح يلدز، مراحل إنشاء مركز بحثي مشترك بين البلدين لمعالجة ملف المياه[36].
التعاون الاقتصادي.. وعلى الجانب الاقتصادي، اجتمع “يلدز” مع الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي حميد نعيم الغزي، في مقر الحكومة العراقية ببغداد. ووفق بيان صادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، فإن الغزي ويلدز “بحثا التعاون المشترك بين البلدين في المجالين التجاري والاقتصادي، وتسهيل مرور البضائع عبر المنافذ الحدودية المشتركة”، حيث يطمح البلدان إلى رفع التبادل التجاري يبنهما خلال الفترة المقبلة من 17 مليار دولار إلى 20 مليارًا [37].
كذلك أعلن وزير النقل العراقي ناصر بندر، الشروع بإصلاح ومدّ خط سكة حديد يربط بغداد بمدينة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال) وصولًا إلى تركيا. والذي من شأنه أن يجعل العراق ممرًا للبضائع القادمة من أستراليا وشرق آسيا نحو أوروبا عبر تركيا، وذلك عبر إفراغ السفن حمولاتها في الموانئ العراقية على الخليج العربي، وخاصة ميناء الفاو ( قيد الإنشاء) ومن ثم نقلها عبر خطوط نقل برية إلى تركيا ومنها إلى أوروبا [38].
بالإضافة إلى ذلك، أعادت أنقرة وبغداد العمل بمذكرة التفاهم الموقعة عام 2009 بين البلدين بشأن تأشيرات الدخول، بحيث يستطيع مواطنو الدولتين الحصول على تأشيرات الدخول في المطارات أو نقاط العبور الحدودية. وحسب السفير العراقي في تركيا حسن الجنابي، فإن هذا القرار من أبرز مخرجات زيارة الكاظمي إلى أنقرة [39].
في الرابع من يناير/ كانون الأول الجاري وقعت دول الخليج بالإضافة إلى مصر على “بيان قمة العلا” الذي أنهى الحصار المفروض على قطر من الرباعي (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر).[40] وفي الواقع، فإن تركيا كانت من أوائل المرحبين بالمصالحة، رغم أنها كانت طرفًا فاعلًا خلال سنوات الأزمة التي بدأت عام 2017.
فمنذ الأنباء الأولى التي تم تداولها خلال الشهر الماضي، والتي تحدثت عن اتفاق مبدئي بين السعودية وقطر على إنهاء الخلاف، رحبت تركيا بالخطوة.[41] وكذلك عندما تم توقيع “بيان العلا” هذا الشهر، أصدرت الخارجية التركية بيانًا قالت فيه إن “إظهار إرادة مشتركة في سبيل حل النزاع الخليجي أمر يبعث على السرور”. وأضافت أنه “مع إعادة تأسيس الثقة بين الدول الخليجية، فإن تركيا مستعدة لبذل الجهود من أجل الارتقاء بتعاونها المؤسسي مع مجلس التعاون الخليجي الذي تُعَد تركيا شريكًا استراتيجيًا له”[42].
الترحيب التركي كان متوقعًا إلى حد بعيد، حيث إن الخلاف الخليجي كان أحد الأسباب الجوهرية التي أثرت سلبًا على علاقة أنقرة بكل من الرياض وأبو ظبي والمنامة، وخصوصًا بعد أن دعمت تركيا قطر عسكريًا، وعجلت افتتاح قاعدتها العسكرية في قطر، وأرسلت جنودها سريعًا إلى الدوحة، تحسبًا لأي خطوة عسكرية قد تقوم بها دول الحصار ضد قطر.
كذلك قدمت تركيا لحليفتها دعمًا اقتصاديًا بفتح جسر جوي معها لنقل البضائع، بعد أن أغلقت السعودية المعابر مع قطر. هذا بالإضافة إلى الدعم الدبلوماسي الذي قدمته تركيا طيلة سنوات الأزمة لقطر، بالوقوف جانبها في المحافل الدولية. هذا الدعم المفتوح كان سببًا في تعميق الخلاف بين أنقرة وبعض العواصم الخليجية، الأمر الذي كان له ارتدادات سلبية على الجميع.
وحسب محللين، فإن هناك أسبابًا أخرى كانت وراء الترحيب التركي، منها أن “بيان العلا” لم يتضمن ذكر أي إشارة سلبية عن تركيا، ولم يضع أي مطالب أو اشتراطات على قطر بخصوص العلاقة معها، خصوصًا وأن إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر كان أحد المطالب الـ 13 لدول الحصار، وهذا بطبيعة الحال مؤشر إيجابي بالنسبة لأنقرة [43].
كذلك فإن تقارب قطر مع محيطها الخليجي لن يكون على حساب علاقاتها المتنامية على أصعدة عدة مع تركيا، بالأخص وأن التحالف التركي الوثيق مع قطر خلال السنوات الماضية كان أحد الأسباب التي مكَّنت قطر الخروج من الأزمة بأقل الخسائر. وهذا ما أعلنه وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي قال “إن الدوحة لن تغير من طبيعة علاقاتها مع تركيا وإيران بعد المصالحة الخليجية [44].
السعودية.. تبع المصالحة الخليجية حديث عن تقارب سعودي-تركي محتمل. والحقيقة أن الحديث عن تحسين العلاقات بين تركيا والمملكة لم يبدأ مع المصالحة، بل إن الأخبار بخصوصه قد زادت مع فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة. ومن جانبها، أبدت قطر استعدادها للوساطة بين تركيا والسعودية، على لسان المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، مطلق القحطاني[45].
وخلال الأسابيع الماضية كانت هناك إشارات متبادلة بين الرياض وأنقرة تدل على رغبة الطرفين في تصفية الملفات العالقة بينهما. كان من ذلك تصريحٌ لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، قال فيه: “إن المملكة لديها علاقات طيبة ورائعة مع تركيا، وإنه لا توجد بيانات تشير إلى وجود مقاطعة غير رسمية للمنتجات التركية”.[46] وتصريح آخر لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قال فيه إن “بلاده تولي أهمية لعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية”.[47] لذلك من المتوقع أن تكون المصالحة الخليجية دافعًا إضافيًا لترطيب الأجواء بين السعودية وتركيا.
الإمارات.. كان من ارتدادات المصالحة الخليجية أيضًا، أن أعطت الإمارات إشارات إيجابية تجاه تركيا على لسان وزير خارجيتها أنور قرقاش، الذي قال إن “بلاده هي الشريك التجاري الأول لتركيا في الشرق الأوسط، وأنها لا تعتز بأي خلافات مع تركيا”، غير أنه في المقابل زعم بأن المشكلة الرئيسية للإمارات مع تركيا، تكمن في سعي أنقرة -على حد وصفه- إلى “توسيع دورها على حساب الدول العربية”[48].
الرد التركي على تصريحات الوزير الإمارتي جاء متأخرًا نوعًا ما. وربما في هذا دلالة على أن حماس أنقرة تجاه المصالحة مع أبو ظبي أقل من حماسها للتقارب مع دول أخرى في المنطقة كالسعودية ومصر. كذلك فإن محتوى الرد الذي جاء على لسان المسؤولين الأتراك ظهر وكأنه يحمل الدلالة ذاتها. حيث قال تشاووش أوغلو “إن هناك رسائل إيجابية من دولة الإمارات، لكن تركيا تنتظر رؤية أشياء ملموسة” [49].
كما كتب ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، مقالًا حمل عنوان ” على الإمارات أن تخضع للمحاسبة أمام تركيا قبل أن تضع الشروط”. قال فيه إن “الإمارات قد اتخذت تركيا عدوًّا وخصمًا تكيل لها العداوة في كل محفل. دعمت محاولة الانقلاب في تركيا، وموّلت أنشطة إرهابية تستهدف تركيا، وباتت الإمارات تقوم بدعم الانقلابات والصراعات في كل بلد يتمتع بعلاقة جيدة مع تركيا، حتى بات ذلك شيئًا روتينيًّا بالنسبة لها” [50].
وفي ظل رغبة تركيا في تصفية الخلافات مع العديد من دول المنطقة، فإن فتورها– إن صح التعبير- تجاه تصريحات الوزير الإماراتي له ما يفسره. حيث إن الخلاف التركي- الإماراتي ليس كنظيره التركي-السعودي، وذلك لأن سياسة أبو ظبي كانت – وما زالت- تستهدف أنقرة في كل الملفات الخارجية تقريبًا، حتى التي لا تمس منها دولة الإمارات بشكل مباشر، كمسألة شرق المتوسط.
كذلك حاولت الإمارات التدخل في السياسة الداخلية لتركيا، وكان من ذلك التقارير التي تحدث عن دعم إماراتي للانقلاب الفاشل عام 2016، هذا بالإضافة إلى شبكات التجسس التابعة للإمارات على الأراضي التركية، والتي ألقت قوات الأمن التركية القبض على أفراد منها خلال الأشهر الماضية.
ورغم هذا، يمكن القول إن أبواب تركيا ليست مغلقة تمامًا تجاه الإمارات، بل إن ما تنتظره تركيا هو كما قال تشاووش أوغلو، خطوات ملموسة تشير إلى تغير في السياسة الإماراتية تجاه أنقرة، وحينها يمكن أن يحدث تقارب بين الدولتين على الصعيد السياسي.
برز الحديث عن تحسن مرتقب في العلاقات بين تركيا ودولة الاحتلال، بعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “… أن علاقات بلاده مع إسرائيل على المستوى الاستخباراتي مستمرة ولم تتوقف، وأن إدارته تواجه بعض الصعوبات مع الشخصيات في أعلى الهرم”. وتابع أردوغان في تصريحه قائلًا: “لا يمكن أن نقبل بسياسة إسرائيل تجاه فلسطين، وهذه هي نقطة خلافنا معها والتي تستند لمفهومنا للعدالة ووحدة أراضي الدول، وما عدا ذلك نأمل أن ننقل علاقاتنا معهم إلى مستوى أفضل” [51].
تصريحات أردوغان تم تداولها على مستوى واسع، سواء من وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة التركية أم المعارضة لها، وبالطبع كان لموجة التطبيع التي تشهدها بعض البلدان في المنطقة العربية حضورٌ في كل حوا؛ فمن ناحية حاول إعلام المحور المناهض لتركيا في الإقليم أن يُظهرها وكأنها تناقض نفسها، على أساس أنها تدافع عن قضية القدس وعن قيام دولة فلسطينية مستقلة من جهة، ومن جهة أخرى تطلب التقارب مع الكيان الصهيوني.
في حين اهتم المؤيدون للقيادة التركية بمعرفة حقيقة التوجه التركي حيال دولة الاحتلال خلال الفترة المقبلة، في تخوف منهم أن تنقض أنقرة سياستها في دعم القضية الفلسطينية، وأن تعود لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني. وفي محاولة لتوضيح الموقف التركي تجاه هذه القضية، كتب مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ياسين أقطاي، مقالًا حول الأمر.
ذكر المسؤول التركي في مقاله أن تركيا لم تبذل أي جهود لتحقيق مثل هذا التقارب بين الطرفين، وأنه لا يمكن اعتبار مثل هذه التصريحات دليلًا على حدوث تطور جديد في العلاقات مع إسرائيل، خصوصًا وأن الرئيس أردوغان قد ذكر أن العلاقات بين الطرفين تواجه صعوبات بسبب الأشخاص الموجودين في هرم السلطة الإسرائيلية. وهذا يعني – حسب أقطاي- أن “أسباب تدهور هذه العلاقات بكل وضوح هو إصرار إسرائيل على اتباع سياسة الاحتلال، وارتكاب المجازر، واستمرار الحصار والمشاريع الاستيطانية، التي تتجاهل الفلسطينيين والمسلمين بشكل عام”.
وحول شروط تركيا لتحسين علاقتها بدولة الاحتلال قال أقطاي: “هذه الشروط مذكورة بوضوح. وهي أنه يجب أن تلتزم إسرائيل بالفهم التركي لمسألة العدالة واحترام حق الفلسطينيين في السيادة على أراضيهم”. وحسب تعبيره، فإنه “بالنظر لطبيعة إسرائيل، فإن هذا يعني أن تركيا تطلب شيئًا مستحيلًا؛ لأن الجميع يعلمون أن هذه الدولة لا تغير أبدًا أجنداتها السرية حول هذا الملف”.[52] كذلك أشار أقطاي إلى أن تصريحات أردوغان حول هذا الأمر جاءت ردًا على سؤال وجهه له أحد الصحفيين، وأن الرئيس التركي لم يكن ليتحدث في هذا الشأن لو لم يُسأل هذا السؤال[53].
وفيما يخص دولة الاحتلال، لم يُلاحَظ أي تصريح رسمي منها حيال الأمر، لكن نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم”، عن وزير إسرائيلي كبير، لم تسمه، قوله إن “علاقة تركيا بحركة حماس تمثل عائقًا إشكاليًا أمام إصلاح العلاقة، ومنها أن أردوغان سمح للحركة بتدشين مقر قيادي لها في بلاده”. وأوضح أن العلاقة مع حماس تعكس الفرق الكبير بين أردوغان والحكام العرب الذين وقّعت دولهم على اتفاقات تطبيع مع إسرائيل، مشددًا على أنه طالما واصلت تركيا نمط علاقتها الحالي مع حماس “فلن يحدث تطور على العلاقة مع إسرائيل”[54].
وعلى هذا يمكن القول إنه لا يوجد زخم رسمي حالي من تركيا أو الكيان الصهيوني حول التقارب بينهما، ويبدو أن تركيا تفضل التقارب مع دول أخرى في المنطقة كمصر والسعودية، على أن تتقارب مع دولة الاحتلال. إلا أن هذا لا ينفي أن يحدث هذا التقارب في وقت ما مستقبلًا، إذا تغيرت الخارطة السياسية الحالية للمنطقة.
ومع ذلك، فإنه من المستبعد أن تتخلى تركيا عن دعمها للقضية الفلسطينية، أو أن تغض الطرف عن ما تقوم به دولة الاحتلال من جرائم في حق الشعب الفلسطيني، حيث إنها قد بنت لنفسها رصيدًا عند شعوب المنطقة طيلة العقد الماضي عبر تأييدها لقضية فلسطين، ودفاعها عن الحق الفلسطيني في مدينة القدس وفي إقامة دولته المستقلة، ولذلك من الصعب أن تفرط القيادة التركية في هذا الرصيد بسهولة.
ربما كانت “التهدئة” هي العنوان الأبرز على ساحة العلاقات التركية-الأوروبية خلال الأسابيع الماضية. فبعد أن فرض الاتحاد الأوروبي خلال الشهر الماضي عقوبات وصفت بـ “المحدودة” ضد تركيا، وتمكنت “البلدان الحكيمة داخل الاتحاد من إحباط مخطط ضد تركيا عبر طرح مواقف إيجابية خلال القمة، حسب تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان،[55] أبدى كل من تركيا وقيادة الاتحاد الرغبة في تهدئة الأجواء، والسير بالعلاقات المشتركة نحو الإيجابية.
فمن جانبها، جاءت معظم التصريحات التركية هادئة وداعية إلى فتح صفحة جديدة في العلاقة بين تركيا والاتحاد. كان من ذلك تصريح الرئيس أردوغان أن “الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان خيارًا استراتيجيًا بالنسبة لبلاده منذ 60 عامًا، وأن الموافقة على هذا الانضمام سيكون خيارًا وجوديًا بالنسبة لمستقبل الاتحاد”. [56]كذلك تصريح لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، بأن بلاده ترى مستقبلها في أوروبا، وأنها ترغب في بناء هذا المستقبل مع الاتحاد الأوروبي [57].
وممثلًا عن توجه الاتحاد، صرح المتحدث باسمه، بيتر ستانو، أن لدى الاتحاد رغبة في حوار بناءٍ مع تركيا على أساس التعاون الثنائي. بدورها كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين عبر حسابها على تويتر أنها أجرت “لقاء جيدًا مع أردوغان، لبحث تطورات جائحة كورونا والانتعاش الاقتصادي والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا” [58].
ويمكن القول إن تركيا نجحت بقدر ما في إقناع قادة الاتحاد بأن لغة العقوبات غير مجدية، كما استطاعت استغلال موقف من وصفتهم بـ”الأطراف الحكيمة” داخل الاتحاد لتهدئة الأجواء، ومحاولة حل المشكلات العالقة بالحوار، بعد أن أثبتت نفسها كفاعل رئيس في المنطقة من الصعب تجاوزها بتدخلاتها الناعمة والخشنة خلال عام 2020 في العديد من القضايا.
ويبدو أن هذا ما دفع اليونان أيضًا إلى العودة إلى طاولة المفاوضات لحل النزاع مع تركيا حول مناطق الصلاحية البحرية لكلتا الدولتين في شرقي المتوسط. فقد تم عقد اجتماع فني بين وفدين عسكريين من تركيا واليونان، في مقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببروكسل، لبحث “أساليب فض النزاع”.[59] كذلك من المقرر أن تستأنف مدينة إسطنبول في 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعمال الجولة الـ61 من المحادثات الاستكشافية بين الدولتين بعد توقفها لسنوات عدة[60].
فرنسا.. الرغبة التركية في تهدئة الأجواء مع الاتحاد الأوروبي، صاحبها رغبة مماثلة متبادلة بين أنقرة وفرنسا، في وضع حد لتدهور العلاقات بين البلدين. حيث أبدت تركيا على لسان وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو استعدادها لإعادة العلاقات إلى طبيعتها مع فرنسا. وأضاف الوزير التركي أنّه “في حال كانت فرنسا صادقة، فتركيا مستعدّة لإعادة العلاقات مع فرنسا إلى طبيعتها”، حيث إن تركيا وفرنسا لا تعارضان بعضهما بشكل قاطع، حسب تعبيره [61].
بعد ذلك تبادل الرئيسان رجب طيب أردوغان، وإيمانويل ماكرون الرسائل. وحسب صحيفة “لوبنيون” الفرنسية، فإن ماكرون قد أرسل رسالة ودية لأردوغان في 10 يناير/كانون الثاني الجاري ردًا على رسالة وجهها الأخير في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي إثر إصابة ماكرون بفيروس كورونا متمنيا له الشفاء. ونقل الرئيس الفرنسي، أطيب تمنياته للشعب التركي وللرئيس أردوغان، مستهلًا رسالته بعبارة “عزيزي طيب” باللغة التركية [62].
رغبة البلدين في إعادة توجيه العلاقات يعترضها بعض العقبات، حيث تريد تركيا من فرنسا بشكل أساسي أن تغير سياستها الداعمة لتنظيم “بي كا كا” في شمال سوريا، كما تطمح تركيا أن تكف فرنسا عن تحريض اليونان للتصعيد مع تركيا شرقي المتوسط، هذا بالإضافة إلى وقف دعمها للجنرال الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا.
لكن حسب تقرير أوردته صحيفة “خبر ترك” فإنه من الصعب أن تغير فرنسا آراءها بشأن هذه القضايا. لكن أنقرة – حسب الصحيفة- لا تنظر لكافة تلك القضايا على أنها رزمة واحدة، والأهم لديها أن تتوقف فرنسا عن تشكيلها لسياسة خارجية قائمة على معارضة تركيا[63].
بريطانيا.. وقعت تركيا وبريطانيا اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني الجاري. وبهذا الخصوص، صرحت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، بأن “بلادها تخطو الخطوة الأولى نحو زيادة تعميق علاقاتها مع بريطانيا، مع الحفاظ على المكتسبات التي جاء بها الاتحاد الجمركي على مدى 25 عاما”.[64] ومن جانبها، أصدرت الحكومة البريطانية بيانًا أكدت فيه أن الاتفاقية ذات أهمية في توفير أرضية صلبة لعلاقات قوية مستقبلًا[65].
وحسب خبراء، فإن إبرام الاتفاقية خطوة مهمة للبلدين، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يشهدها العالم بأسره بسبب تداعيات جائحة كورونا، فهي مهمة لدعم اقتصاد بريطانيا في ظل خروجها من الاتحاد الأوروبي، وكذلك تمثل نجاحًا لتركيا في ظل التحديات المتعددة التي تواجهها أنقرة في محيطها الإقليمي [66].
وبشكل عام يمكن القول إن العلاقات بين تركيا وبريطانيا في تحسن مستمر منذ عملية إقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
ما زالت ساحة العلاقات التركية-الأمريكية هادئة نوعًا ما، في ترقب لما ستكون عليه الأمور بعد وصول المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض. لم تختر تركيا التصعيد الشهر الماضي حين أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إدراج رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية (SSB) إسماعيل دمير، ومسؤولي المؤسسة مصطفى ألبر دنيز، وسرحات غانش أوغلو، وفاروق ييغيت، إلى قائمة العقوبات. وفضلت أنقرة في هذا الوقت أن تكتفي بالتأكيد على أن مشروعها القومي في تطوير صناعتها الدفاعية لن يتوقف[67].
وبدا أن القيادة التركية تريد تهدئة الأجواء، والنظر للمستقبل بإيجابية، على أمل أن يحمل جو بايدن سياسة مختلفة تستطيع الدولتان من خلالها تصفية الملفات العالقة. استمر المسؤولون الأتراك خلال الأسابيع الماضية في الإعراب عن أملهم أن تتجه العلاقات مع أمريكا، تحت رئاسة بايدن، نحو الإيجابية. حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تأمل في حل مشكلة تسليم طائرات “إف-35” لتركيا عقب تولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة [68].
وفي مناسبة أخرى قال أردوغان: “أعتقد أن الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، سيظهر الأهمية الضرورية للعلاقات التركية الأمريكية”، مشيرًا إلى أن “تركيا تواجه معايير مزدوجة من الولايات المتحدة في ما يتعلق بالموقف من حقوق الصلاحية بشرق البحر المتوسط، وصفقة شراء أنظمة (الدفاع الجوي الروسية) إس-400” [69].
وفيما يخص موقف إدارة بايدن، فلم تصدر تعليقات رسمية حتى الآن تشير إلى ماهية التوجه الحالي لإدارة بايدن تجاه العلاقات مع تركيا، بعد أن كان لبايدن أكثر من تصريح سلبي تجاه القيادة التركية، وتحديدًا تجاه الرئيس أردوغان. لكن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، قال “إن أنقرة على تواصل مع طاقم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن”، مشيرًا أن الأخير يرغب بتطوير العلاقات مع تركيا وفتح صفحة جديدة.
وأوضح قالن – وهو من أكثر المسؤولين الأتراك تواصلًا مع البيت الأبيض- إن الأشخاص الذين عملوا مع تركيا من طاقم أوباما، يعلمون مدى أهمية تركيا. وبين أنّ العلاقات مع طاقم بايدن ستكون أكثر تشاركية وتستند على المبادئ، وعزا ذلك بأن طاقم الرئيس المنتخب يدرك أهمية تركيا من منظور حلف شمال الأطلسي “ناتو” وأنها لاعب مهم في أوروبا والبلقان ومنطقة القوقاز والشرق الأوسط وشمال إفريقيا [70].
في المقابل، نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن ثلاثة مصادر مطلعة أن بايدن تجاهل طلبًا من الرئيس أردوغان، لإجراء مكالمة هاتفية بينهما. وأشارت المصادر إلى أن “مكتب أردوغان طلب مكالمة مع بايدن الشهر الماضي، ولكن بعد أسابيع لم يتم ترتيب أي محادثة”. لكن الموقع أشار في تقريره أن كلا من الفريق الانتقالي لبايدن والرئاسة التركية، يتجنبون تقديم إجابات مباشرة على الاستفسارات حول هذا الموضوع [71].
حيث قال المتحدث باسم بايدن، إن فريقه سيستمر في قراءة أي مكالمات تهنئة يشارك فيها الرئيس المنتخب، مضيفًا أنه “بخلاف ذلك سنرفض التعليق”. وبالمثل، علق إبراهيم قالن، قائلًا: “سيصدر مكتب أردوغان بيانًا إذا أجرى مكالمة هاتفية مع بايدن”. وسواء صح ما نقله الموقع أم لا، فإنه من المعلوم أن لبايدن وإدارته توجهًا سلبيًا تجاه القيادة التركية، وسوف تثبت الأشهر –إن لم تكن الأيام- القليلة المقبلة إذا ما كان بايدن سيسير على نفس النهج بعد توليه المنصب، أم سيكون لإكراهات السياسة رأي آخر[72].
منظومة إس- 400.. كان من الملاحظ أيضًا خلال الأسابيع الماضية، زيادة التمسك التركي بامتلاك نظام الدفاع الجوي الروسي “إس- 400″، أحد أهم أسباب الخلاف بين أنقرة وواشنطن. وبدا أن أنقرة مستعدة لتحمل الضغوط الأمريكية في سبيل اقتنائها للمنظومة الصاروخية. بل إن الرئيس أردوغان قد ألمح إلى أن “تركيا تواصل مباحثاتها مع روسيا للتزود بحزمة ثانية من المنظومة”[73]. وأكد ذلك وزير الدفاع التركي خلوصي أكار[74].
وقال “أكار”: “التراجع عن النقطة التي وصلنا إليها صعب للغاية، وندعو الولايات المتحدة إلى النأي عن لغة التهديد؛ مثل العقوبات”. وتابع: “نريد حل المشاكل عبر الحوار، وإذا أراد الجانب الأميركي حلًا فإنه يمكن التوصل إليه من خلال العمل على المستوى الفني” [75].
ويبدو أن الخيار التركي للتعامل مع مسألة “إس- 400” هو إقناع واشنطن بأن تفعيل المنظومة الروسية على الأراضي التركية لن يشكل خطرًا على منظومات حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وفي ذلك تطمح أنقرة إلى أن توافق الولايات المتحدة على تشكيل لجنة فنية مشتركة من الجانبين، التركي والأمريكي، وربما يتوسع الأمر ليشمل خبراء من حلف الناتو، لبحث المخاطر المحتملة للمنظومة.
ربما يكون الاقتراح التركي فعالًا إذا كان دافع أمريكا الوحيد هو الجانب الأمني، لكن يبدو أن جزءًا من اعتراض واشنطن مبني على رفضها لأي تقارب تركي-روسي، ورفضها أن تستقل تركيا بقرار استراتيجي كهذا، كما أنها ترى في الصفقة ترويجًا للسلاح الروسي. وعلى ذلك يقول مراقبون إن هذه المسألة ربما تكون سببًا في أزمة حقيقية بين تركيا وأمريكا، إذا لم يجد الطرفان مخرجًا يُرضي كليهما، وهو ما يبدو أنه صعب التحقق حتى الآن[76].
أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار وصول عسكريين من بلاده إلى أذربيجان، استعدادًا لبدء مهامهم في مركز مراقبة وقف إطلاق النار المشترك مع الجانب الروسي باقليم قره باغ. وقال أكار: “مع اكتمال بناء مركز المراقبة المشتركة (في قره باغ) سيباشر 35 ضابطًا وقائدًا برتبة لواء من الجانب التركي مهامهم على الفور” [77].
وفيما يخص موقع مركز المراقبة، فقد أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سابقًا أن مركز المراقبة المشترك سيكون ضمن الأراضي الأذربيجانية المحرَّرة من الاحتلال الأرميني، وأن مهمته ستكون اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أي انتهاك لوقف إطلاق النار[78].
وبعد وصول الجنود تحدث إليهم الرئيس أردوغان في خطاب هاتفي قائلًا: “وجودكم في قره باغ وسام شرف يظهر أهمية المستوى الذي وصلت إليه علاقاتنا مع أذربيجان”. وأشار أردوغان إلى أن تركيا مستمرة في دعم نضال أذربيجان ميدانيًا وفي جميع المحافل الدولية، وهي في طريقها لتتويج انتصارها العسكري بنجاح دبلوماسي [79].
ومن الواضح أن الانتصار العسكري الأذري كان صادمًا للجانب الأرميني، على مستوى الحكومة والشعب. فبعد أن أعلن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، أنه كان مضطرًا لقبول الاتفاق بسبب التقدم الميداني الكبير الذي حققته أذربيجان، وسيطرتها على مقاليد الحرب، نفذت مجموعات مسلحة أرمينية هجمات ضد عسكريين ومدنيين أذريين في إقليم “قره باغ” في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفي 8 و11، وأخيرًا في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي[80].
ولذلك حذر الرئيس أردوغان أرمينيا من انتهاك الهدنة في الإقليم المحَرر قائلًا: “أنصح القوات الأرمينية بالتراجع سريعًا عن خطأ القيام بأنشطة من شأنها انتهاك وقف إطلاق النار، في وقت تبدد فيه دخان الأسلحة”. كذلك أدانت وزارة الخارجية التركية هجمات المجموعات الأرمينية المسلحة ضد الجنود الأذريين، موضحة أنه يجب على أرمينيا قبول الحقائق على الأرض والوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها في الإعلان الثلاثي [81].
من جانب آخر، وبعد أن انتصرت أذربيجان – بدعم تركي- وبدأت في استعادة أراضيها المحتلة، أشار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إلى إمكانية تأسيس علاقات مع أرمينيا في حال التزمت الأخيرة باتفاق وقف إطلاق النار وامتنعت عن الاعتداء على الأراضي الأذربيجانية[82]. لكن لم تبدِ أرمينيا حتى الآن ردًا على مبادرة أنقرة، ويبدو أن “يريفان” ستأخذ وقتًا حتى تستفيق من صدمة الحرب، كما إنه من الصعب حاليًا على المستوي الداخلي في أرمينيا أن تتجه إلى تطبيع العلاقات مع تركيا، في ظل الغضب الشعبي بسبب الهزيمة.
من جانبها، ما زالت تركيا تحاول حصد مكاسب سياسية بعد الانتصار العسكري لحليفتها، وأهم هذه المكاسب – بطبيعة الحال- هي عودتها إلى منطقة القوقاز، بالإضافة إلى التعاون المتنامي بين أنقرة وباكو على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
من ذلك، المناورات العسكرية الشتوية المزمع عقدها بين البلدين مطلع فبراير/شباط القادم، والتي وُصفت بـ”الضخمة”. وقد أعلنت وزارة الدفاع التركية وصول قوات من الجيش الأذربيجاني إلى ولاية قارص شرقي تركيا استعدادًا لإجراء المناورات، وقالت إن “جيشا تركيا وأذربيجان سيواصلان العمل يدًا بيد انطلاقا من مفهوم “شعب واحد في دولتين”[83].
وعلى الصعيد الاقتصادي، دعا وزير الخارجية الأذربيجاني، جيهون بيرموف، الشركات التركية والباكستانية للمشاركة في إعادة إعمار الأراضي المحررة، في إقليم “قره باغ”. جاء ذلك في تصريح صحفي مشترك عقده مع نظيريه التركي مولود تشاووش أوغلو، والباكستاني شاه محمود قريشي، عقب اجتماع ثلاثي، في العاصمة إسلام أباد. وأردف الوزير الأذري: “ننتظر مساهماتكم من أجل جلب الحياة والازدهار لهذه الأراضي” [84].
يُعتقد أن أهم الأحداث على الساحة الداخلية التركية خلال الأسابيع الماضية جاء على الصعيد الأمني. فبعد أن فرضت واشنطن عقوبات على رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية (SSB) إسماعيل دمير، ومسئولين آخرين في المؤسسة، أوقفت السلطات التركية، 6 أشخاص بينهم موظف سابق في مؤسسة الصناعات الدفاعية، على خلفية نقلهم مشاريع المؤسسة إلى مسؤولي شركات أجنبية[85].
وأوضحت النيابة العامة بأنقرة في بيان، أن الموقوفين تقاضوا أموالًا مقابل تسريب مشاريع الصناعات الدفاعية لشركات أجنبية. وأضاف البيان أن جهاز الاستخبارات بالتعاون مع مديرية أمن أنقرة، أجروا مداهمة ضد الأشخاص الستة الموقوفين، وأن عملية التوقيف جرت بعد تحرٍ دام لمدة شهر، مبينًا أن أحد الموقوفين كان يشغل منصب مدير أحد المشاريع في الصناعات الدفاعية التركية.
وحسب مصادر لوكالة الأناضول التركية، فإن أبرز الموقوفين هو، يوسف هاكان، مدير سابق لأحد المشاريع الحساسة في الصناعات الدفاعية.[86] على حين ذكرت صحيفة “ديلي صباح” التركية أن المسؤول المذكور سرب معلومات مهمة لجهات خارجية، حيث عثر في منزله على مبلغ 5 ملايين يورو، حصل عليها مقابل تسريب هذه المعلومات[87].
وحتى الآن، لم يصرح أي من المسؤولين الأتراك – ولو بشكل غير مباشر- عن الجهة التي كان هؤلاء الأشخاص يتجسسون لصالحها، كما لم تذكر أي من الصحف التركية ذلك. ولذلك يبدو أن الحكومة التركية تتأنى وتتعامل مع مثل هذه الأمور بحساسية، وتفضل أن تبقى المعلومات بحوزة أجهزة الأمن، دون تصديرها إعلاميًا.
وهذا ما أكده رئيس الاستخبارات العسكرية السابق بوزارة الدفاع التركية، إسماعيل حقي. حيث قال: “إذا ثبت أن حكومات معينة تقف وراء هذا التجسس، فإن ذلك سيؤثر على علاقة أنقرة بهذه الحكومات التي تتجسس عليها، لكن الحكومة لا تتصرف بردات فعل غير مدروسة في علاقاتها الدولية” [88].
لعبت – وما زالت- الصناعات العسكرية التركية دورًا كبيرًا في مكانة تركيا المتنامية في الإقليم وربما العالم. فقد كان للمسيرات التركية دور كبير في تحقيق الجيش الأذربيجاني النصر وتحرير الإقليم، وإجبار الاحتلال الأرميني على الانسحاب والاستسلام خلال 6 أسابيع، كما ساهمت في دحر الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في ليبيا، وإبعاده من كامل الغرب الليبي في أيام معدودة.
لذا ، فإن استهدافها من القوى التي لا ترغب في أن تتبوأ تركيا مكانة في الإقليم متوقع. ويبدو أن الإدارة التركية متفطنة لذلك، حيث إن هذه ليست المرة الأولى التي توقف فيها تركيا أشخاصًا بتهمة التجسس على صناعتها الدفاعية. فقد اعتقلت قوات الأمن التركية قبل أسابيع شخصين يحملان الجنسية الروسية، وهما يلتقطان صورًا بشكل سري لمنشأة تابعة للشركة التركية المصنعة للطائرات المسيرة من طراز بيرقدار في اسطنبول، وبعد توقيفهم بأيام تم الإفراج عنهم مع ضرورة مغادرتهم البلاد[89].
توسيع دائرة التحالف الحاكم.. وعلى الجانب السياسي، ما زالت الأحزاب التركية في حالة حراك لترتيب أوراقها للانتخابات العامة القادمة المقرر عقدها عام 2023. وبدا الرئيس رجب طيب أردوغان، خلال الأسابيع الماضية طامحًا إلى أن يوسع تحالفه الانتخابي، حيث التقى بأكثر من قيادة حزبية في البلاد. استهل أردوغان لقاءاته بزيارة إلى حليفه رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي في منزله.[90] وقد شارك بهتشلي منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي حول الزيارة كتب فيه: “ليس واردًا أن نشعر بالانزعاج من زيارات رئيسنا لتوسيع أرضية تحالف الجمهور” [91].
عقب زيارته المنزلية لبهتشلي بأيام، زار أردوغان رئيسَ المجلس الاستشاري الأعلى لحزب السعادة المعارض، أوغوز هان أصيل ترك، في منزله بمدينة اسطنبول. واستغرقت الزيارة نحو ساعة، وقد أشارت الرئاسة التركية إلى قيام أردوغان بالزيارة، لكن دون أن تذكر تفاصيل حول ما دار بينهما.[92] وبعد اللقاء صرح الرئيس التركي قائلًا: “عملنا معًا في الماضي، وكان أكبر مني (في حزب الرفاه)، ولا يزال كبيري حتى اليوم، زرته من باب التزاور أولًا، ومن أجل الحديث عن التحالفات، سواء كانت سياسية أو التحالف في محاربة الإرهاب، فعلينا ألا نشعر بالوحدة في هذا المجال” [93].
وتلى ذلك بأيام اجتماع مغلق جمع أردوغان برئيس حزب الاتحاد الكبير التركي، مصطفى دستيجي، بقصر تشانكايا الرئاسي بأنقرة.[94] وعلى ذلك، يبدو أن الرئيس أردوغان يريد أن يدخل الانتخابات القادمة بجبهة يمينية موحدة، ضد أحزاب اليسار التركي، لكن من المبكر القول حاليًا إن أردوغان سينجح في تحقيق مسعاه، فما زال هناك العديد من الصعوبات التي تعترض هذا الهدف، وقد تأخذ وقتًا لتذليلها.
ربما إحدى هذه الصعوبات هي الأنباء التي تتحدث عن أن هناك خلافًا داخل حزب السعادة حول التحالف مع العدالة والتنمية. حيث يقول مراقبون إن هناك طرفين داخل حزب السعادة، الأول من لا يريد التعاون مع حزب العدالة والتنمية وأردوغان بأيّ شكل من الأشكال. أما بالنسبة للطرف الثاني فهو من يستطيع إعطاء الضوء الأخضر للتعاون، مع مراعاة إنجازات الحزب، وهناك حالة حزن داخل هذا الطرف ناتجة عن فشل مفاوضات التحالف مع حزب العدالة والتنمية، والتي جرت قبل انتخابات 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، والأخرى التي جرت قبل انتخابات يونيو/ حزيران 2018 [95].
وعلى كل حال، فقد بدأ الترتيب لانتخابات 2023 مبكرًا، ومن المتوقع أن تستمر الحالة الحزبية التركية في شد وجذب إلى حين اقتراب موعد الانتخابات، ولذلك من الصعب الجزم حاليًا بالاتجاه الذي يمكن أن تذهب إليه مجريات الأمور.
المصادر:
[1] عربي 21، سعي روسي لحل أزمة عين عيسى قبل استلام بايدن.. ما موقف تركيا؟، 30 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[2] العربي الجديد، مصير عين عيسى: “قسد” تتمسك بنفوذها وروسيا تبتزها، 29 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[3] المصدر نفسه
[4] العربي الجديد، “قسد” تنفي تسليم عين عيسى للنظام السوري، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[5] تليفزيون سوريا، بعد التنف.. ماكنزي يزور الحسكة ويلتقي مظلوم عبدي، 22 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[6] المدن، عين عيسى..الاتفاق بين قسد والنظام غير قابل للاستمرار، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[7] عربي 21، ماذا بعد إنهاء تركيا سحب نقاط المراقبة “المحاصرة” في إدلب؟، 15 يناير/ كانون الثاني 2021
[8] Hürriyet، TAF is deploying in Idlib with a new concept، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[9] الخليج الجديد، تركيا.. البرلمان يوافق على تمديد مهام الجيش في ليبيا 18 شهرا، 22 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[10] العربية، حفتر يهدد بالعودة للسلاح حال بقاء الأتراك في ليبيا، 24 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[11] TRT، ليبيا وتركيا تؤكدان استمرار التنسيق المشترك ضد عدوان حفتر، 26 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[12] الجزيرة مباشر، بعد تهديد حفتر.. وزير الدفاع التركي يصل إلى ليبيا على رأس وفد عسكري رفيع، 26 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[13] وكالة أنباء تركيا، طرابلس.. وزير الداخلية الليبي يستقبل وزير الدفاع التركي والوفد المرافق له، 26 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[14] القدس العربي، تركيا تحذر حفتر وأنصاره في ليبيا من مهاجمة قواتها، 27 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[15] يني شفق، رداً على تصريحات حفتر..الحكومة الليبية تعلن استعدادها لصد أي عدوان، 24 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[16] الأناضول، ليبيا وتركيا تؤكدان استمرار التنسيق المشترك ضد عدوان حفتر، 26 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[17] TRT، تمنى دعم واشنطن.. باشاغا: سننفذ مع تركيا عملية كبرى ضد المسلحين بليبيا، 9 يناير/ كانون الثاني 2021
[18] المصدر نفسه
[19] العربية، أردوغان: أحزننا اتفاق اليونان مع مصر ومستعدون للحوار، 18 سبتمبر/ أيلول 2020
[20] الأناضول، تشاووش أوغلو: نعمل على خارطة طريق بشأن علاقاتنا مع مصر، 30 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[21] الجزيرة، وزير الخارجية التركي يكشف عن رسالة إيجابية من ماكرون لأردوغان وموقف تركيا من مصر والإمارات، 15 يناير/ كانون الثاني 2021
[22] العربي الجديد، مصر ترفض تصريحات تركيا بشأن 30 يونيو، 19 سبتمبر/أيلول 2020
[23] وكالة أنباء تركيا، وزير خارجية مصر يهاجم تركيا: تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة، 9 سبتمبر/أيلول 2020
[24] صدى البلد، أحمد موسى يكشف عن خبر سار: غلق كل قنوات الإخوان 2021 ..و مصر هتستلم العناصر الإخوانية «النهاية قربت»، 16 يناير/ كانون الثاني 2021.
[25] الجزيرة، تركيا ومصر: مرحلة جديدة عنوانها التهدئة، 8 يناير/ كانون الثاني 2021
[26] الجزيرة، بين التهدئة والتوتر.. سيناريوهات العلاقات المصرية التركية عام 2021، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[27] القدس العربي، وفد مصري يصل طرابلس للقاء مسؤولين بالحكومة الليبية، 27 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[28] البيان الإماراتية، السيسي من اليونان: اتفقنا على التصدي لأي تهديد للأمن الإقليمي، 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
مصراوي، زيارة الرئيس السيسي لفرنسا وارتفاع الاحتياطي الأجنبي أبرز عناوين الصحف، 7 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[29] مركز المسار للدراسات الإنسانية، أحوال تركية ـ نوفمبر/ديسمبر 2020، 25 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[30] الخليج الجديد، خلوصي أكار: سنواصل مكافحة الإرهاب في شمال العراق، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[31] الأناضول، وزير الدفاع التركي يلتقي نظيره العراقي في أنقرة، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[32] يني شفق، العراق.. وزير الدفاع التركي يصل بغداد في زيارة رسمية، 18 يناير/ كانون الثاني 2021
[33] ترك برس، برهم وأكار يبحثان تطوير العلاقات بين العراق وتركيا، 19 يناير/ كانون الثاني 2021
[34] DW، بايدن وسياسة تقسيم ماهو مقسم في العراق!، 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[35] القدس العربي، أزمة المياه بين تركيا والعراق إلى الواجهة مجدداً وتحضيرات لجولة مفاوضات جديدة، 10 يناير/ كانون الثاني 2021
[36] TRT، تركيا والعراق تناقشان إنشاء مركز بحثي يُعنى بملف المياه، 5 يناير/ كانون الثاني 2021
[37] الأناضول، العراق وتركيا يبحثان تسهيل مرور البضائع عبر المعابر الحدودية، 14 يناير/ كانون الثاني 2021
[38] RT، العراق يباشر في مدّ سكة حديد تربط بغداد بتركيا، 21 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[39] بغداد اليوم، سفير العراق في أنقرة يوضح بخصوص اتفاق تأشيرة الدخول وموعد العمل به، 19 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[40] BBC، القمة الخليجية 2021: قادة الوفود يوقعون البيان الختامي لقمة العلا في السعودية بحضور أمير قطر الشيخ تميم، 5 يناير/ كانون الثاني 2021
[41] الخليج أونلاين، تركيا ترحب بجهود الكويت لحل الأزمة الخليجية، 5 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[42] القدس العربي، تركيا ترحب باتفاق المصالحة الخليجية، 5 يناير/ كانون الثاني 2021
[43] الجزيرة، تركيا والمصالحة الخليجية | الموقف والانعكاسات، 18 يناير/ كانون الثاني 2021
[44] عربي 21، FT: تأكيد قطري بأن المصالحة لا تمس علاقاتها مع أي دولة، 7 يناير/ كانون الثاني 2021
[45] جريدة الشاهد، قطر: مستعدون للوساطة بين تركيا والسعودية، 13 يناير/ كانون الثاني 2021
[46] رصد، الخارجية السعودية: لدينا علاقة طيبة مع تركيا ونسعى لحل الخلاف مع قطر، 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[47] صدى البلد، تركيا: الشراكة مع السعودية في صالح المنطقة بأكملها، 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
[48] رصد، الإمارات: لا عداء مع تركيا ونحن شركاء، 8 يناير/ كانون الثاني 2021
[49] الجزيرة، وزير الخارجية التركي يكشف عن رسالة إيجابية من ماكرون لأردوغان وموقف تركيا من مصر والإمارات، 15 يناير/ كانون الثاني 2021
[50] يني شفق، على الإمارات أن تخضع للمحاسبة أمام تركيا قبل أن تضع الشروط، 13 يناير/ كانون الثاني 2021
[51] الأناضول، أردوغان: نهج إسرائيل تجاه فلسطين يحول دون تحسن العلاقات، 25 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[52] الجزيرة، ما الذي يتغير في العلاقات الإسرائيلية التركية؟، 10 يناير/ كانون الثاني 2021
[53] قناة الحوار، تصريحات أردوغان بشأن اعتزام بلاده تحسين العلاقات مع “إسرائيل” تثير التساؤلات، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[54] العربي الجديد، تقديرات إسرائيلية ترصد معيقات تحسين العلاقة مع تركيا، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[55] TRT، أردوغان: البلدان الأوروبية الحكيمة أحبطت مخططاً ضدنا بقمة بروكسل، 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[56] وكالة أنباء تركيا، أردوغان: انضمامنا للاتحاد الأوروبي خيار وجودي لمستقبل الاتحاد، 12 يناير/ كانون الثاني 2021
[57] موقع حزب العدالة والتنمية التركي، “نرى مستقبلنا في أوروبا ونسعى لتحقيق ذلك سويا”، 12 يناير/ كانون الثاني 2021
[58] TRT، تركيا وأوروبا.. دعوات لفتح صفحة جديدة وخطوات عملية بهذا الاتجاه، 12 يناير/ كانون الثاني 2021
[59] يني شفق، انتهاء الاجتماع الفني بين الوفدين العسكريين التركي واليوناني، 18 يناير/ كانون الثاني 2021
[60] عربي 21، محادثات استكشافية مرتقبة بين تركيا واليونان.. ماذا تعرف عنها؟، 15 يناير/ كانون الثاني 2021
[61] الخليج الجديد، تركيا مستعدة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها مع فرنسا، 8 يناير/ كانون الثاني 2021
[62] يورو نيوز، ماكرون واردوغان يتبادلان الرسائل لتبديد حدة التوتر، 15 يناير/ كانون الثاني 2021
[63] Haber Turk، Fransa ve Türkiye yeni bir sayfa açabilir mi، 18 يناير/ كانون الثاني 2021
[64] الجزيرة مباشر، تركيا وبريطانيا توقعان اتفاقية التجارة الحرة بينهما، 29 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[65] ترك برس، بريطانيا: اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا تمهد لعلاقات أقوى، 29 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[66] العربي الجديد، اتفاقية التجارة بين تركيا وبريطانيا… لصالح من؟، 1 يناير/ كانون الثاني 2021
[67] الراية القطرية، أردوغان: تركيا ستسرع خطواتها في الصناعات الدفاعية، 17 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[68] سكاي نيوز عربية، أردوغان يراهن على بايدن من أجل “إف-35″، 15 يناير/ كانون الثاني 2021
[69] المدينة نيوز، أردوغان: نأمل بفتح صفحة جديدة للعلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[70] البوابة الإخبارية، قالن: طاقم بايدن يريد فتح صفحة جديدة مع تركيا، 11 يناير/ كانون الثاني 2021
[71] Middle East Eye، Biden cold shoulders Erdogan as request for call left unanswered، 14 يناير/ كانون الثاني 2021
[72] المصدر نفسه
[73] الأناضول، أردوغان يأمل حل قضية مقاتلات “إف-35” مع تولي بايدن، 15 يناير/ كانون الثاني 2021
[74] العربي الجديد، أنقرة تمد يد الحوار إلى بايدن بشأن “إس-400” وتبحث مع روسيا شحنة ثانية، 14 يناير/ كانون الثاني 2021
[75] الجزيرة، دعا واشنطن للحوار.. وزير الدفاع التركي: التراجع عن صفقة “إس-400” في غاية الصعوبة، 14 يناير/ كانون الثاني 2021
[76] عربي 21، خيارات تركيا بخصوص منظومة “إس400″، 14 يناير/ كانون الثاني 2021
[77] TRT، أقار يعلن وصول قوات تركية إلى أذربيجان لمراقبة وقف إطلاق النار، 29 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[78] المصدر نفسه
[79] القدس العربي، أردوغان يحذر أرمينيا من انتهاك الهدنة في “قره باغ”، 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[80] وكالة أنباء تركيا، “الخارجية التركية” تحذر أرمينيا: عليكم الامتثال لوقف إطلاق النار، 28 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[81] المصدر نفسه
[82] يني شفق، تشاووش أوغلو يشير إلى إمكانية إقامة تركيا علاقات مع أرمينيا، 24 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[83] الأناضول، لإجراء مناورات.. جنود أذربيجانيون يصلون “قارص” التركية، 17 يناير/ كانون الثاني 2021
[84] AR.Haberler، أذربيجان تدعو تركيا وباكستان للمشاركة في إعمار “قره باغ”، 13 يناير/ كانون الثاني 2021
[85] TRT، الصناعات الدفاعية التركية.. إنجازات لافتة جعلتها هدفاً للتجسس الأجنبي، 13 يناير/ كانون الثاني 2021
[86] الأناضول، تركيا.. حبس مدير سابق لأحد المشاريع بمؤسسة الصناعات الدفاعية، 16 يناير/ كانون الثاني 2021
[87] الخليج الجديد، مع تطورها.. تركيا تلاحق عمليات تجسس متزايدة على صناعاتها الدفاعية، 13 يناير/ كانون الثاني 2021
[88] الجزيرة، بعد اعتقال 6 جواسيس بينهم مدير مشروع.. شركات وأجهزة مخابرات تطارد الصناعات الدفاعية التركية، 14 يناير/ كانون الثاني 2021
[89] RT، “تاس”: إطلاق سراح الصحافيين الروسيين في تركيا، 7 ديسمبر/ كانون الأول 2020
[90] ترك برس، بالصور.. أردوغان يزور زعيم الحركة القومية في منزله، 5 يناير/ كانون الثاني 2021
[91] يني شفق، كيف ينظر حزب السعادة إلى تحركات التحالف التي يقوم بها أردوغان؟، 16 يناير/ كانون الثاني 2021
[92] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يزور قياديا معارضا له في منزله، 7 يناير/ كانون الثاني 2021
[93] تركيا الآن، أردوغان يتحرك نحو تحالف سياسي جديد.. هل تتغير خريطة تركيا الحزبية قريبًا؟، 12 يناير/ كانون الثاني 2021
[94] المصدر نفسه
[95] يني شفق، كيف ينظر حزب السعادة إلى تحركات التحالف التي يقوم بها أردوغان؟، 16 يناير/ كانون الثاني 2021