فريق التحرير : د. أحمد حسين ـ دعاء جاد ـ رحمة عبد المجيد ـ عبد الرحمن محمد ـ محمد عبد العاطي
الفهرس
الدفتر السياسي
مستجدات ملف سد النهضة
الدفتر الاقتصادي
التوقعات الدولية لمعدل نمو الاقتصاد المصري
أهم مصادر تمويل الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة
المخاطر المالية للموازنة العامة للسنة المالية 2021/2022
الدفتر التشريعي
مشروعات القوانين التي أقرها المجلس
الدفتر الفكري والثقافي
حريَّة البحث العلمي والتضييق على الباحثين
النخبة المصريَّة ودور المثقف
الدفتر الإعلامي
بث الثقة في معالجة النظام لقضية السد
رسائل الإعلام بعد الملء الثاني للسد
اعتقال رئيس تحرير سابق لـ”الأهرام”
مقدمة
شهد شهر يوليو/ تموز الماضي تطورات في قضية سد النهضة الإثيوبي، حيث نفذت أديس أبابا الملء الثاني للسد، الأمر الذي حذرت القاهرة من خطورته مرارًا. وفي هذا، نناقش المستجدات المتعلقة بالسد من الناحية السياسية. كما نناقش في الملف الإعلامي، تعامل الإعلام المصري مع الملء الثاني، قبل وبعد تنفيذه، بالإضافة إلى اعتقال عبد الناصر سلامة، رئيس التحرير السابق لجريدة الأهرام.
أما في الدفتر الاقتصادي، فيتناول التقرير هذا الشهر التوقعات الدولية لمعدل نمو الاقتصاد المصري في ضوء الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة. كما يناقش بيانًا لأهم مصادر تمويل الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة، والتي تؤثر بشكل مباشر على المواطن المصري، مع الإشارة إلى المخاطر المالية المحتمل تأثيرها على الموازنة العامة الحالية.
وفي الدفتر الفكري، نسلط الضوء على موضوع التضييق الأمني على الباحثين، بعد اعتقال على باحثة مصريَّة عائدة من الخارج، كما تنناول موضوع النخبة والدور المنتظر من المثقف المصري، في ظل تصريحات صادمة من البعض ومثيرة للسخرية من البعض الآخر حول سد النهضة. وكالعادة، فإننا نستعرض في الدفتر التشريعي مشروعات القوانين التي أقرها مجلس نواب النظام، والتي كان منها تعديل طال اللائحة الداخلية للمجلس.
لقد تضمن شهر يوليو/تموز الماضي العديد من التطورات فيما يخص قضية سد النهضة. حيث قامت إثيوبيا في مطلع الشهر الماضي بإخطار كل من مصر والسودان تخطيها مستوى الملء الأول، وذلك قبل بدء جلسة مجلس الأمن الدولي التي انعقدت في 8 يوليو/تموز بشأن أزمة سد النهضة. كما تضمن الشهر الماضي تبادل زيارات رسمية ولقاءات ثنائية بين الجانب المصري والجانب الجزائري والصيني والكونغولي، وذلك لمناقشة العديد من الملفات الإقليمية وأبرزها ملف السد الأثيوبي. كذلك أقدمت تونس، ممثلة المجموعة العربية بمجلس الأمن الدولي، على تقديم مشروع قرار بشأن أزمة سد النهضة، وذلك بدعم من مصر والسودان.
غير أن بيان مجلس الأمن الذي صدر بعد الجلسة وكلمات مندوبي الدول الأعضاء خلال الجلسة الداعمة لحل الأزمة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي زاعمة أنها ليس لديها خبرة في حل مثل هذه النزاعات، قد أثار غضب الجانب المصري، الذي قام برلمانه بتفويض السيسي خلال أربعة أيام فقط من انعقاد جلسة مجلس الأمن باتخاذ أي إجراء يراه السيسي مناسبًا للحفاظ على الأمن المائي والأمن القومي المصري.
سنتناول في هذا التقرير التطورات البارزة بشأن ملف سد النهضة وبشكل خاص جدوى إقدام مصر على اللجوء إلى مجلس الأمن في هذه المرحلة من الأزمة، وتداعيات ذلك، وكذلك مختلف السيناريوهات المحتملة للخروج من هذه الأزمة وآثارها السياسية الداخلية والخارجية.
مستجدات ملف سد النهضة
صرحت وزارة الري المصرية في الخامس من يونيو/ تموز الماضي تلقيها خطابًا رسميًا من وزارة الري الإثيوبية يفيد ببدء عملية الملء الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبي. كما تلقت السودان إخطارًا بهذا الشأن في اليوم الذي يليه، مما أثار غضب كل من القاهرة والخرطوم. كذلك قام وزير الموارد المائية والري المصري بتوجيه خطاب رسمي لنظيره الإثيوبي لإخطاره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء “الأحادي الذي يعد خرقًا صريحًا وخطيرًا لاتفاق المبادئ كما أنه يعد انتهاكًا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية بما فيها نهر النيل” الذي تنظم استغلال موارده مواثيق واتفاقيات دولية تلزم كل دول حوض النيل باحترام حقوق الدول الأخرى وعدم إلحاق الضرر بمصالحها، وذلك وفق بيان صدر من وزارة الري المصرية.
علاوة على ذلك، قامت وزارة الخارجية المصرية بإرسال الخطاب الموجه من وزير الموارد المائية والري المصري إلى نظيره الإثيوبي، إلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة. وذلك لإحاطة المجلس بهذا التطور الجديد والخطير، مبينة بأن ما قامت به إثيوبيا يكشف لمرة أخرى سوء نواياها وإصرارها على اتخاذ قرارات وإجراءات أحادية والاستمرار في اتباع سياسة الأمر الواقع دون النظر إلى مصالح جيرانها من دول حوض النيل، وذلك قبل بدء جلسة مجلس الأمن التي انعقدت في يوم الثامن من يوليو/تموز الماضي، والتي كان مقرر انعقادها في الأساس لتناول قضية سد النهضة الإثيوبي بناء على طلب من مصر والسودان.[1]
حيث كانت قد تقدمت السودان بتأييد من مصر، بشكوى إلى المجلس الأمن الدولي حول هذه القضية في أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي.[2] كذلك، تقدمت تونس، ممثلة المجموعة العربية، بمشروع لمجلس الأمن يدعو أديس أبابا للتوقف عن ملء الخزان ويطلب من كل من الدول الثلاث استئناف مفاوضاتهم بناء على طلب كل من رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة أن يتوصلوا إلى اتفاق ملزم خلال ستة أشهر.[3]
بيد أن الجلسة انتهت دون التصويت على المشروع التونسي واكتفى المجلس بعرض مواقف مندوبي الدول الأعضاء التي أظهرت ميل الأعضاء إلى اعتبار الاتحاد الأفريقي الوسيط والمكان الأنسب لحل ذلك الخلاف.[4] إلا أنه تظهر العديد من التساؤلات حول أسباب وجدوى لجوء مصر إلى مجلس الأمن وبشكل خاص في هذه المرحلة من الأزمة، وعن تأثير هذه الخطوة على موقف مصر من الإجراءات الإثيوبية. وكذلك، هناك العديد من التساؤلات حول التحديات التي تواجهها مصر في مجلس الأمن الدولي وعلى المسارات والسيناريوهات المحتملة بناء على قرار وموقف مجلس الأمن من هذه القضية.
تعد هذه هي المرة الثانية التي تلجأ فيها كل من مصر والسودان إلى مجلس الأمن للاستعانة بالمجتمع الدولي في حل أزمة سد النهضة، إثر تعنت أديس أبابا وإصرارها على التحرك بشكل أحادي وعلى تنفيذ عملية الملء الثاني حتى دون التوصل مع دول حوض النيل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد. في حين أن مصر والسودان يصران على التوصل أولًا إلى اتفاق ثلاثي ملزم لضمان استمرار تدفق حصتها السنوية من مياه النيل والحفاظ على أراضيهما الزراعية وعلى سلامة منشآتها المالية.
مما أدى إلى فشل مسار المفاوضات الثلاثية، الذي بدأ منذ عشر سنوات، وكذلك فشل جميع الوسطاء الدوليين في مساعدة مصر في حل الأزمة. لذا ليس من المفاجئ أن تلجأ القاهرة إلى مجلس الأمن كوسيط دولي لمساعدتها في حل ذلك النزاع الدولي، خاصة بعد أن فشل النظام في حل الأزمة طوال هذه المرحلة. ويعتقد أن مصر لجأت إلى مجلس الأمن لعدة أسباب أهمها؛ أن النظام المصري يريد إبراء ذمته في المستقبل في حال اضطرت القاهرة على اتخاذ أي قرار عسكري لحل الأزمة وذلك من خلال وضع المجتمع الدولي ممثلًا في مجلس الأمن أمام مسؤوليته في حفظ السلام والأمن الدوليين.
كذلك، يعتقد أن النظام أراد بلجوئه إلى مجلس الأمن إرسال رسالة تهديد لأصحاب المصالح الشخصية من الدول العظمى في مياه حوض النيل ومنطقتي البحر الأحمر والقرن الأفريقي، بإلقاء مسؤولية أي قرار عسكري محتمل على المجتمع الدولي الذي نكف عن التوسط بكفاءة للوصول إلى اتفاق ثلاثي ملزم مرضي لجميع الأطراف. إلا أنه وبعد إعلان مجلس الأمن ضرورة إعادة مفاوضات سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي وتنصله عن المشاركة في حل الأزمة واتخاذ قرار يلزم إثيوبيا بوقف عملية ملء السد، والأكثر من ذلك، إعراب موسكو خلال الجلسة عن تفهمها لأهمية السد بالنسبة لأديس أبابا وإشارتها إلى “شواغل” مصر والسودان بشأن السد، نرى أنه لم يكن هناك جدوى حقيقية للجوء النظام المصري إلى مجلس الأمن فيما يتعلق بطلب مصر والسودان إصدار قرار يدين أثيوبيا ويقضي بوقف عملية الملء الثاني.
وذلك لعدة أسباب منها، رغبة معظم أعضاء مجلس الأمن في تصوير الأزمة على أنها أزمة سياسية تهدد السلام والأمن الدولي، بل يريدون تصويرها على كونها أزمة فنية أو أزمة سياسية بين ثلاثة دول من القارة الأفريقية وبالتالي أزمة إقليمية يمكن حلها بواسطة الاتحاد الأفريقي. بالإضافة إلى أن إصدار المجلس قرارًا في مثل هذه النزاعات يعني تشكيل سابقة “حكم في قضية أو نزاع دولي لم يبت فيها الحكم من قبل” في النزاعات المماثلة، والذي يعني بدور فتح الباب أمام الكثير من النزاعات الإقليمية المشابهة أو المماثلة لأزمة السد الإثيوبي. ويتضح هذا من كلمات مندوبي أعضاء الدول الـ 15 بمجلس الأمن، والتي تؤيد حل الأزمة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، رغم فشله خلال السنوات الماضية في حل الخلاف.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن مجلس الأمن يملك صلاحيات إصدار قرارات ملزمة دوليًا لا مجرد بيانات وتوصيات فقط، إلا أنه يقوم بإصدار هذه القرارات في حال تقدم الدول بشكوى إلى مجلس الأمن وليس بمذكرة كما فعلت مصر. وهناك فارق كبير بين الحالتين، فالمذكرة التي قامت مصر بكتابتها إلى مجلس الأمن لم تكن لتؤدي إلى صدور قرار، ولكن إلى توصية وبيان كما حدث بالفعل. حيث إن عدم تقدمها بشكوى إلى مجلس الأمن أحال ما بين لجوء مجلس الأمن الدولي إلى استصدار قرار وفقًا للمادة السابعة للمجلس.
ذلك الذي جعل المندوب الفرنسي الأممي ، نيكولا دي ريفيير يصرح حتى قبل بدء الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمن، أن مثل هذه القضايا تقع “خارج نطاق” المجلس لذا لن يكون بمقدوره الوصول إلى أي حل لهذا الخلاف[5]. أي أنه كان من الواضح من البداية أن المجلس لن يتخذ خطوة إيجابية لصالح مصر والسودان.
أما إذا نظرنا إلى الدول العظمى الخمس التي تملك حق الفيتو في مجلس الأمن، نجد أن مواقف الأغلبية منها ليست في صالح القاهرة. في المقام الأول، إذا نظرنا إلى أمريكا التي لعبت دور الوساطة الأكبر في القضية، وساهمت من أجل التوصل إلى اتفاق ثلاثي ملزم في واشنطن، ذلك الذي رفضته إثيوبيا مما أدى إلى فرض الولايات المتحدة الأمريكية عليها حزمة من العقوبات إثر رفضها ذلك الاتفاق.
لكن يذكر أن واشنطن ما لبث وأن رفعت العقوبات التي سبق ووضعتها على أديس أبابا. إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية حذرت إثيوبيا في أواخر يونيو/ حزيران الماضي من إتمام عملية الملء الثاني إذ أنه سيزيد التوترات، وفي وقت لاحق دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، جميع الأطراف بالتوصل إلى حل يلتزموا به جميعًا وذلك عن طريق التفاوض. بيد أن الموقف الأمريكي يميل عادة إلى حل الأزمة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي.
أما الصين، فتعد أكبر مستثمر في إثيوبيا مما يوضح موقفها حتى دون الإفصاح عنه. كما أنها لم تعلن أبدا دعمها لمصر والسودان في أي وقت، كما أنها لم تعلن أيضا إمكانية لعب دور الوسيط في الأزمة كذلك. غير أن وزير الخارجية الصيني أعرب خلال زيارة له لمصر في الثامن عشر من يوليو/ تموز الماضي، عن “تفهم بكين التام للأهمية القصوى لنهر النيل في مصر ومن ثم مواصلة الصين اهتمامها بالتوصل لحل تلك القضية على نحو يلبي مصلحة جميع الأطراف”[6].
ولكن في تصريح لشي تيان، الرجل الثاني في سفارة الصين في إثيوبيا، أفصح عن دعم الصين للوساطة الإفريقية في الأزمة. إلا أنه شدد أيضًا على أهمية السد بالنسبة لأديس أبابا. بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن منافسها، الولايات المتحدة الأمريكية، يقف لصالح مصر في الغالب، ستقف الصين في صالح الإثيوبيين.
وبالنسبة للموقف الفرنسي فإنه يعد الأكثر التباسًا، إذا أنه على الرغم من أن تصريح المندوب الفرنسي الذي يبدو غير متعاون مع الجانب المصري، إلا أنه يذكر وجود العديد من صفقات الأسلحة بين مصر وفرنسا، غير أن فرنسا تعد بوابة مصر للقارة الأوروبية حيث إنها الداعم الأكبر لها مما قد يجعلها تدعم مصر إلا أنه في النهاية لا يزال الموقف الفرنسي ملتبسًا.
أما بالنسبة لروسيا، فقد أقر ممثلها في مجلس الأمن في جلسته الأخيرة المتعلقة بملف السد، بالأهمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية السد بالنسبة لإثيوبيا.[7] الأمر الذي أثار إحباط وغضب الجانب المصري، منتقدًا ما حدث في هذه الجلسة بما سماه “الخذلان الدولي”. ووضح وزير الخارجية المصري في تصريح له استياء بلاده من عدم تحمل المجلس المسؤولية تجاه إدانة إثيوبيا التعبئة الثانية للسد.[8]
وبعد بيان مجلس الأمن الذي يعد انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا لصالح الجانب الإثيوبي، أثيرت التساؤلات حول السيناريوهات المحتملة في هذه المرحلة من الأزمة. السيناريو المحتمل الأول، هو مواصلة مصر والسودان التفاوض، أما السيناريو الثاني فهو اللجوء إلى التقاضي الدولي، والسيناريو الأخير هو استخدام القوة العسكرية. يعد السيناريو الثاني الأقل احتمالا، حيث أنه طريق قد يعطي حلولا ولكن بعد أمد بعيد، لذا لن يساعد مصر والسودان في منع إثيوبيا من استكمال عمليات ملء السد، كما سيمكنها من استدامة سياسة الأمر الواقع واتخاذ جميع الإجراءات والقرارات لصالحها.
أما فيما يتعلق بالسيناريو الثالث وهو اتخاذ إجراء عسكري كضرب السد الإثيوبي وتفجيره كما قال دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق في تصريح له من قبل، وكذلك كما هددت السلطات المصرية بذلك فيما بعد. والذي سيترتب عليه في الغالب قيام حرب بين البلدين، قام مجلس النواب المصري في الثاني من يوليو/تموز الماضي بإصدار قرار يقضي بتفويض السيسي[9] في اتخاذ كل ما يراه مناسبًا لحماية الأمن القومي المائي المصري ولمواجهة أزمة السد الأخيرة، وذلك في اختتام جلسة ناقشت عواقب الملء الثاني للسد وكذلك نتائج جلسة مجلس الأمن.
وفي ذلك محاولة من النظام، لتهديد إثيوبيا وكذلك المجتمع الدولي بأنها قد تستخدم أي إجراء عسكري. كما قد صرح وزير الدفاع المصري في الثامن من يوليو/تموز الماضي، أي في نفس يوم الجلسة، أن الجيش المصري قادر على ردع “كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات الشعب المصري وأمن البلاد” وفق تصريحه.
إلا أنه من الصعب جدًا اتباع ذلك السيناريو، وذلك لعدة أسباب. أولًا، يعاني النظام المصري من العديد من المشاكل الداخلية والخارجية، إلا أن أمن النظام واستقراره يقع في المقام الأول من الأهداف الكبرى بالنسبة للنظام المصري. وقيام حرب بين البلدين سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وقد يؤدي إلى اندلاع مظاهرات احتجاجية ضد النظام. كما أنه قد يستثير بعض القوى العظمى التي تهدد الحرب مصالحها ضده، مما سيشكل خطرًا كبيرًا على أمن واستقرار النظام.
علاوة على ذلك، لن تستطيع مصر الإقدام على اتخاذ أي إجراء عسكري دون موافقة السودان. إذ أن الجانب المصري يحتاج إلى موافقة السودان قبل اتخاذ مثل هذا القرار، لأنه لن يتمكن من ضرب السد إلا بعد نشر قوات عسكرية في السودان. بينما لا يبدو أن السودان تفكر في اتخاذ أي إجراء عسكري. ذلك بالإضافة إلى أن تدمير السد قد يسبب حدوث فيضانات في السودان،[10] مما يؤكد أن موافقة السودان على مساعدة مصر في اتخاذ أي إجراء عسكري في غاية الصعوبة.
وربما يستأنف المجلس جلساته مرة أخرى فيما يتعلق بملف السد لمناقشة المشروع التونسي الذي لم يتم النظر إليه بعد. إلا أن إهمال الجلسة السابقة لذلك المشروع يشير إلى أن المجلس أراد أن يرفع يده عن القضية. لذا نرى أن المسار التفاوضي هو المسار الأكثر احتمالًا خلال هذه المرحلة، لكنه سيبرز فشل النظام في التعامل مع الأزمة.
في ظل التعافي التدريجي للاقتصاد المصري من جائحة كورونا التي تسببت بعرقلة الحركة الإقتصادية محليًا و دوليًا، أشادت بعض المؤسسات الدولية بوضع الاقتصاد المصري، حيث تتزامن تلك التوقعات مع بداية شهر يوليو ودخول مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2021/2022 حيز التنفيذ.
فيتناول التقرير هذا الشهر التوقعات الدولية لمعدل نمو الاقتصاد المصري في ضوء الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة. كما يتناول التقرير بيان لأهم مصادر تمويل الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة، والتي تؤثر بشكل مباشر على المواطن المصري، مع الإشارة إلى المخاطر المالية المحتمل تأثيرها على الموازنة العامة الحالية.
التوقعات الدولية لمعدل نمو الاقتصاد المصري
تسعى الحكومة دائما إلى رفع معدل النمو الاقتصادي في البلاد، لكن ما يهم المواطن المصري هو تحقيق تنمية فعالة ترفع من مستوى الظروف المعيشية. فعلى الرغم من التوقعات الإيجابية وفقًا لمؤسسات التصنيف الائتماني الثلاثة – فيتش وموديز وستاندر أند بورز، والتي تهيمن على سوق التصنيفات في العالم – بالوضع الاقتصادي المصري في مواجهة تداعيات جائحة كورونا، حيث توقع موديز بتحقيق معدل نمو 5% في 2021/2022، فضلًا عن توقعات مؤسسة فيتش بتحقيق معدل نمو يصل إلى 5.3%، إلى جانب توقعات البنك الدولي بتحقيق معدل نمو 5.8%[11]، و توقعات صندوق النقد الدولي لارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 5.7 % خلال 2022، مع تحقيق معدل نمو فعلي بلغ 2.5 % في إبريل 2021 [12].
إلا أن الأرقام الفعلية الصادرة عن وزارة المالية لموازنة الدولة للعام المالي 2021/2022 تعكس حقيقة التنمية الاقتصادية التي يتأثر بها المواطن المصري.
ومن المهم الإشارة إلى أن ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي – والذى يمثل القيمة السوقية لإجمالي السلع والخدمات التي تم إنتاجها في الدولة في فترة زمنية معينة – يعد مؤشرًا لمستوى معيشة المواطن إذا ما كانت هذه الزيادة هي زيادة حقيقية للدخل ناتجة عن زيادة في الإنتاج المحلي من السلع والخدمات.
فإذا كانت الزيادة في الدخل غير ناتجة عن زيادة الإنتاج أدى ذلك إلى زيادة وهمية في الناتج المحلي الإجمالي. وعدم حدوث تنمية اقتصادية حقيقية تتمثل في زيادة الدخل الحقيقي، والحد من مستوى الفقر وتحسين مستوى المعيشة الصحي والتعليم ووجود بنية تحتية قوية. ولا يعد ارتفاع معدل النمو في هذه الحالة مؤشرًا لمستوى المعيشة ولا مؤشرًا لثروات الدولة الإنتاجية. فالتنمية الاقتصادية لابد لتحقيقها من ارتفاع معدلات النمو، لكن ارتفاع معدلات النمو وحدها لا تكفي لتحقيق تنمية اقتصادية.
ارتفاع الأجور وتعويضات العاملين، وانخفاض الدعم والمنح:
أعلن وزير المالية في منتصف شهر يوليو أنه تم دعم الصناديق والحسابات الخاصة من أجل توفير أجور العاملين بالزيادة الجديدة وفقا لما تشتمله الموازنة العامة للعام الحالي 2021/2022[13].
حيث بلغت قيمة بند الأجور وتعويضات العاملين في الموازنة العامة للدولة نحو 361.050 مليون جنيه ( 5.1% من الناتج المحلي الإجمالي ) في مقابل 355 مليون جنيه ( 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي ) بالموازنة العامة للعام المالى السابق 2020/2021. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة تمثل 26.05 مليون جنيه إلا أن نسبة البند الخاص بالأجور وتعويضات العاملين تمثل 19.6% من إجمالي المصروفات البالغة 1.837.723 مليون جنيه[14].
وكما يعد بند الأجور وتعويضات العاملين من البنود الرئيسية التي تهم المواطن المصري واحتياجاته، فإنه من الملاحظ انخفاض قدره 4.979 مليون جنيه، في البند الخاص بالدعم والمنح والمزايا الإجتماعية والذي يعد من أهم البنود التي تمس المواطن بشكل مباشر. حيث قدر في موازنة العام المالي 2021/2022 بنحو 321.301 مليون جنيه في مقابل 326.280 مليون جنيه بالموازنة العامة للعام المالي 2020/2021[15].
حيث رأت الحكومة أن الدعم لا يصل إلى المستحقين، وعلى أثر ذلك تم تقليص بند الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية لموازنة العام المالي الجاري مقارنة بما كان عليه في موازنة العام المالي السابق.
ولعل من أبرز العناصر الدعم السلعي والذي انخفض إجماليه بمقدار 6.297 مليون جنيه مقارنة بالعام المالي السابق، الدعم الخاص بالمواد البترولية، والذي تم خفضه بمقدار 9.782 مليون جنيه، حيث بلغت قيمة دعم المواد البترولية 18.411 مليون جنيه للعام المالي الجاري في مقابل 28.193 مليون جنيه للعام المالي السابق[16].
وهو ما يعني ارتفاع أسعار البنزين بأنواعه الثلاثة 80/92/95 . والذي تم الإعلان عنه من خلال لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في 23 من شهر يوليو 2021، مع تثبيت سعر السولار[17]. ولا شك أن ارتفاع أسعار البنزين يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على دخل ومعيشة المواطن المصري. بالإضافة إلى الاستمرار في رفع الدعم التام عن شركات المياه والكهرباء.
وذلك في مقابل زيادة قدرها 2.735 مليون جنيه لدعم السلع التموينية و زيادة قدرها 750 مليون جنيه لدعم الأدوية وألبان الأطفال. ويلاحظ أن الدعم الموجه للأنشطة الاقتصادية مثل تنشيط الصادرات والإنتاج الحربي، قد انخفض بمقدار 1.777 مليون جنيه، مقارنة بالعام المالي السابق لإجمالي الدعم والمنح للأنشطة الإقتصادية. [18]
في مقابل دعم برنامج صندوق تمويل المركبات (سيارة الأجرة و الملاكي والميكروباص) من أجل إحلالها لتعمل بالغاز الطبيعي بدلًا من البنزين والسولار. فالمواطن الذي رفع عنه دعم الكهرباء والمياه بشكل تام، لن يؤثر فيه الدعم الموجه لإحلال المركبات لتعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين.
القطاع الصحي في ظل جائحة فيروس كورونا:
ومما تشيد به الحكومة على الرغم من الانخفاض الإجمالي في بند الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية للموازنة العامة للعام الحالي، تحقيق معدل نمو إيجابي في ظل جائحة فيروس كورونا بلغ نحو 2.9% خلال الربع الثالث من العام 2020/2021،[19] والاهتمام بدعم القطاع الصحي.
وعند النظر للأرقام الفعلية نجد أن مقدار زيادة دعم التأمين الصحى على الطلاب بلغ 15 مليون جنيه، كما بلغ مقدار زيادة دعم التأمين الصحي على المرأة المعيلة 47 مليون جنيه، وزيادة قدرها 18 مليون جنيه لدعم التأمين الصحي لغير القادرين من أصحاب المعاش الاجتماعي، بينما انخفضت نسبة الدعم الخاصة بالتأمين الصحي لغير القادرين ( التأمين الصحي الشامل ) لنحو 407 مليون جنيه، وانخفضت لنحو 4 مليون جنيه لدعم التأمين الصحي على الأطفال دون السن المدرسي.[20]
فالأرقام الفعلية تبين حقيقة ما تقره الحكومة بشأن استهداف القطاع الصحي من أجل تحسين معيشة المواطن المصري.
الاستثمارات ومساهمات الخزانة العامة :
تسعى الحكومة لتحقيق تنمية بشرية واجتماعية من خلال الاستثمارات (شراء الأصول غير المالية) التي تتمثل في مشروعات وبرامج إصلاحية. كما تتحمل الخزانة العامة أعباء لإصلاح الخلل في بعض الهيئات الاقتصادية مثل هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، كما تتحمل الخزانة مساهمات تمويلية لبعض الشركات القابضة وشركات القطاع العام مثل الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج وغيرها. وهو ما يعرف في الموازنة العامة ببند حيازة الأصول المالية.
إلا أن هذه الاستثمارات والمساهمات التي تتحملها الخزانة العامة من أجل الإصلاح تمثل نسبة قليلة من الناتج المحلي الإجمالي، في مقابل استحواذ أقساط القروض التي تمول من خلالها جزء من الاستثمارات على نسبة أكبر من الناتج المحلي الاجمالي، بما لا يحقق تنمية اقتصادية فعالة.
فنجد أن مقدرات شراء الأصول غير المالية (الاستثمارات) بلغت 358.113 مليون جنيه (5% من الناتج المحلي الإجمالي) بالموازنة العامة للسنة المالية الحالية إلا إنه يجدر الإشارة لكون تلك الاستثمارات ممولة بعجز من الخزانة العامة وليس تمويل ذاتي، حيث بلغ مقداره 202 مليار جنيه وفقًا للموازنة العامة للسنة المالية الحالية 2021/2022 بالاضافة إلى 8 مليار جنيه قروض خارجية لتمويل تلك الاستثمارات [21] .
وبالنظر لبند حيازة الأصول المالية نجد أنه بالموازنة العامة للسنة المالية الحالية قدر بنحو 30.292 مليون جنيه ( 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي ). في حين بلغ سداد أقساط القروض 593 مليون جنيه ( 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي ). والفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية 579.582 مليون جنيه ( 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي ) وذلك بزيادة قدرها 13.582 مليون جنيه عن السنة المالية السابقة.[22]
مصادر تمويل الإنفاق الحكومي:
إن السياسة المالية التي تتخذها الدولة وتتمثل في الاعتماد على الإيرادات الضريبية بأنواعها المختلفة سواء ضريبة الدخل، أو الضريبة الجمركية، أو ضريبة القيمة المضافة، أو الضريبة العقارية، لتمويل الموازنة العامة للدولة بالإضافة للاقتراض من الخارج فضلًا عن إصدار الأوراق المالية الحكومية للاستثمار فيها، يؤثر على المواطن سلبيًا بشكل مباشر وغير مباشر ولاسيما الضرائب.
حيث بلغت الضرائب العامة وفقا للموازنة العامة للعام الجاري 496.965 مليون جنيه ( 7% من الناتج المحلي الإجمالي) في مقابل 460.858 مليون جنيه ( 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي) للعام المالي السابق بواقع زيادة 36.107 مليون جنيه.
أما بالنسبة لضريبة القيمة المضافة فبلغت نحو 390.950 مليون جنيه ( 5.5 % من الناتج المحلي الإجمالي) للموازنة العامة للعام الحالي في مقابل 401.120 مليون جنيه (5.9 % من الناتج المحلي الإجمالي) بواقع خفض قدره 10.170 مليون جنيه.
وعلى جانب الضرائب الجمركية فقدرت الموازنة العامة للعام الجاري 42.398 مليون جنيه (0.6 % من الناتج المحلي الإجمالي) مقارنة 44.504 مليون جنيه (0.7 % من الناتج المحلي الإجمالي) في العام السابق بانخفاض قدره 2.106 مليون جنيه. [23]
وعلى الرغم من الانخفاض المتوقع من الضرائب الجمركية، وضريبة القيمة المضافة مقارنة بالعام المالي السابق، إلا أن المتحصل الفعلي لتلك الضرائب خلال العام المالي السابق نظرًا لظروف جائحة كورونا أقل من المتوقع لموازنة العام المالي 2020/2021.
وعلى الجانب الآخر، فالحكومة لا ترى سوى تطوير سوق الأوراق المالية، بالاضافة لتحسين إدارة الدين، مصدر لتمويل الإنفاق وعلى هذا فإنها تقوم بتطوير سوق الاوراق المالية، حيث تطرح الأوراق المالية لاستثمار الأجانب فيها. وفي ظل انخفاض أسعار الفائدة تعمل على توسعة واستبدال الاقتراض قصير الأجل بالأدوات التمويلية طويلة الأجل.
ذلك بالإضافة إلى السندات الخضراء التى أصدرتها في مطلع العام 2020، لتمويل الاستثمار في المشروعات ذات البعد البيئي. فعن طريق إصدار تلك السندات الخضراء يتوفر التمويل لمشروعات بيئية مثل دعم برنامج صندوق تمويل المركبات لتعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين.
هذا وقد بلغ الدعم الخاص بالصندوق 2 مليون جنيه في الموازنة العامة الحالية[24]، بدلًا من توفير الدعم لشركات الكهرباء وشركات المياه، والذي تم إلغاؤه بشكل تام. فالحكومة تعمل على توفير بيئة مستدامة تضمن للأجيال القادمة حقوقها، في مقابل حرمان الأجيال الحالية من حقوقها في الدعم والتنمية.
المخاطر المالية للموازنة العامة للسنة المالية 2021/2022:
الاقتصاد المحلي والعالمي على ارتباط بشكل دائم. ووجود أي تغيرات اقتصادية مفاجئة في الاقتصاد العالمي ستؤثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد المصري. ولا سيما أن الموازنة العامة للسنة المالية 2021/2022 تم إعدادها في ضوء المؤشرات العالمية والمحلية لمعدلات النمو، ومعدلات التضخم وأسعار الصرف، وأسعار الفائدة، وأسعار النفط العالمية بالإضافة لتوقعات تحسن التجارة العالمية. حيث أن لكل من المؤشرات الاقتصادية السابقة تؤثر على بند من بنود الموازنة العامة للسنة المالية الحالية بشكل مباشر.
وكما أثرت جائحة فيروس كورونا خلال العام المالي السابق على الاقتصاد المحلي والعالمي، ولاسيما البلدان التي تعتمد على قطاع السياحة، وحركة التجارة الدولية، إضافة إلى تأثرها على القطاع الصحي في مختلف البلدان، فإن الحكومة تكون لا محالة على ارتباط بالاقتصاد العالمي بقدر التعافي الفعلي المتحقق من جائحة كورونا.
وبالإضافة لإمكانية حدوث تغييرات اقتصادية تؤثر على توقعات الموازنة العامة، فإن الضمانات والالتزامات المالية التي تقوم وزارة المالية باصدارها حتى تتمكن الدولة من الحصول على قروض محلية وأجنبية قد لا تعد كافية بالنسبة للمقرض.
هذا وعلى الجانب الآخر، فإن التعويضات المحتمل سدادها لقضايا التحكيم الدولي المرفوعة على الحكومة المصرية تمثل مصدر من مخاطر المالية للموازنة العامة.
ويتضح مما سبق أن الإنفاق الحكومي على الدعم والذي يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي للمواطن المصري، لا يأخذ قدره الكافي، بالإضافة لعبء سداد أقساط القروض المحلية والأجنبية والفوائد عليها، وأيضًا العبء الكبير الذي يتحمله المواطن من تطور معدلات الضرائب المتزايدة خلال السنوات السابقة، مع وجود عجز كلي في موازنة الخزانة العامة، يجعل الزيادة المتحققة في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لا تعبر عن تنمية إقتصادية حقيقة. فضلًا عن وجود تغيرات اقتصادية عالمية قد تؤثر على معدلات النمو وتقديرات الموازنة بشكل عام.
وافق مجلس النواب خلال جلسات انعقاده في شهر يوليو، والذي يختتم بنهايته دورة الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثاني، على عدد من مشروعات القوانين، والاتفاقيات الدولية، كالتالي:
أقر المجلس مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات بهدف تغليظ عقوبة التحرش، كما وافق على تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وأقر الموافقة النهائية على قانون الفصل بغير الطريق التأديبي، وقرار الجمهوري بمد حالة الطوارئ مجددًا، كما وافق على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة، وقانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، وإصدار قانون الموارد المائية والري، وختامًا موافقة المجلس على فض دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الثاني.
التشريعات التي أقرها مجلس النواب خلال شهر يوليو
- وافق مجلس النواب على مشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (58) لسنة 1937(لتغليظ عقوبة التحرش)، مع إحالته لمجلس الدولة للمراجعة.[25] والذي يستهدف تشديد عقوبة التعرض للغير والتحرش وتحويلها من جنحة إلى جناية تحقيقًا للردع العام.
حيث عاقب على جريمة التحرش الجنسى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتصل العقوبة فى بعض الظروف المشددة إلى الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنين والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه.[26]
- وافق مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل، وأكثر من 50 نائبًا آخرين بتعديل اللائحة الداخلية للمجلس فى مجموعهِ، وإحالته إلى مجلس الدولة لمراجعته قبل الموافقة النهائية عليه.
التعديلات تضمنت ثلاثة أهداف رئيسية، أولها تعديلات اقتضتها التعديلات الدستورية الأخيرة، وثانيها تعديلات تتماشى مع قانون لائحة مجلس الشيوخ، وثالثها تعديلات فرضتها طبيعة العمل في مجلس النواب وتنظيم العمل بداخله.[27]
وقد أشار تقرير اللجنة العامة إلى أن اللائحة الداخلية لمجلس النواب قد صدرت في 1 أبريل 2019 أي قبل إجراء التعديلات الدستورية وأصبح ضروريًا تعديل بعض أحكامِها لِتتسق مع الأحكام الدستورية الجديدة، ومنها إنشاء مجلس الشيوخ كغرفة ثانية للبرلمان، وما يتطلبه ذلك من ضرورة التنسيق فى العديد من الإجراءات بين مجلسي النواب والشيوخ.[28]
من أبرز التعديلات الواردة في التعديل الأخير، توفيق بعض القواعد التي تخص امتيازات وعمل النواب داخل غرفتي البرلمان، منها إعفاء جميع المبالغ التي تُدفع إلى النواب من جميع أنواع الرسوم والضرائب، وهو الأمر الذي استقر التعديل التعديل الأخير على حذفه في لائحة النواب، بسبب استقرار الأمر داخل مجلس الشيوخ على عكسه.
كما أثبتت التعديلات الأخيرة، ضرورة إخطار الأعضاء الذين يرغبون بالسفر رئيس مجلس النواب، الجهة التي يرغب بالسفر إليها، مع ضرورة الحصول على إذن رئيس المجلس في حال الاتصال وحضور لقاءات أو أى مشاركة مع أى جهة أجنبية.
- وافق مجلس النواب بشكل نهائي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1973، بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي.[29]
الجهات التي يشملها هذا القانون بالتطبيق تشمل وحدات الجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والجهات المخاطبة بأحكام قانون الخدمة المدنية، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وأشخاص القانون العام، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والعاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة.
جاء هذا التشريع ليكون صورة واقعية لتوغل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة التشريعية، وبدلًا من قيام مجلس النواب بدوره في محاسبة الحكومة على الإهمال الحاصل في كافة القطاعات فإنه يقدم تبريرًا للدولة في أن الإهمال والفساد قد تسببت فيه عناصر كارهة للدولة لتبرير موقف الحكومة، وزيادة الكراهية بين المواطنين.
وتأتي مسألة النهوض بالعمل في هذه القطاعات، كذريعة للتخلص ممن بقى من معارضي النظام بشتى الطرق والوسائل، إذ يكفي بعد هذا التشريع أن يُشار إلى أحد الموظفين بأنه ينتمي إلى جماعة الإخوان حتى يتم التخلص منه، وبالتالي يصبح العمل في جو من الذعر وتحت وطأة الخوف هو الذي سيسود في هذه المؤسسات.
من ناحية التطبيق فهذا التشريع لا يضمن للموظف المُعرض للإقالة من عمله ضمانات كافية حتى يعود لعمله حال تظلمه، سوى إجراء قضائي طويل الأمد قد لا يجدي في نهاية الأمر ويحق لجهة العمل الاعتراض عليه إضافة إلى ذلك.
كما يُعتبر هذا التشريع “ورقة إرهاب” تُوجه إلى كل المواطنين على السواء، مَن له انتماءات منهم ومن ليس له، لأن آلية تحديد إذا ما كان هذا الموظف مُعرضًا للفصل أم لا ستكون متروكةً بيد الأمن وجهة الإدارة للتخلص من أي عامل وقتما شاؤوا.
وسيمكن هذا التشريع من سريان الفساد داخل المؤسسات الحكومية وقطاع الأعمال بصورة أكبر، من جهة انتشار حالةٍ عامة من التملق للسلطة من قبَل العاملين حتى تتم ترقيتهم ومنحهم بدلات مالية، وحتى يكونوا بعيدين قدر الإمكان عن مناط الشك في “عدم ولائهم” للحكومة.
إضافة إلى البلاغات الكيدية والتربص بشخص ما وطرده من العمل بدون وجه حق من خلال هذا القانون، وغير ذلك مما قد يحدث ولا توجد معه أي ضمانات حقيقية للعامل لتثبيت حقه في العمل أو حتى نفي التهمة عنه.
- وافق مجلس النواب أغلبية الثلثين على قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم (174) لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر.[30] بدأت اعتبارًا من صباح السبت 24 يوليو 2021، في جميع أنحاء البلاد.
وينص القرار على أن تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ الأرواح، وتنص المادة الرابعة من القرار على أن يعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية.
ويُعد هذا التمديد التالي مباشرة، لِموافقة المجلس على مد حالة الطوارئ في إبريل الماضي، وهو ما تعود عليه المجلس في ظل النظام الحالي، من دوام اتخاذ هذا “التدبير الاستثنائي” كتدبير طبيعي بشكل مستمر دون إبداء أسباب واضحة.
وبالنظر إلى بلدان العالم التي شهدت حالات متأخرة من تفشي فيروس كورونا، لم تصل إليها مصر ولم يتم الإعلان عن الطوارئ، كما أنه من المعلوم أن مصر لا تشهد حظرًا شاملًا أو غير ذلك لاستدعاء حالة الطوارئ للحفاظ على الوضع الصحي، إضافة إلى استخدام القوة الباطش من قبل النظام، الذي تُعد حالة الطوارئ ذريعة له.
- كما أحال المجلس مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016، بديلًا عن مشروعي القانونين السابق ورودهما بتاريخَي 13/8/2020 و24/11/2020، إلى لجنة مشتركة من لجنة الخطة والموازنة ومكتبى لجنتي الشؤون الاقتصادية والشؤون الدستورية والتشريعية.[31]
- وافق مجلس النواب على اتفاقيتين بالترخيص لوزير البترول فى التعاقد مع عدد من الشركات للبحث والتنقيب عن البترول.[32]
تشمل الاتفاقية الأولى مشروع قانون مقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية فى التعاقد مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وشركة سى دراجون انيرجي ( نيايل) بي.في، وشركة أى بى أر ساوث دسوق لميتد لتعديل اتفاقية الالتزام الصادرة بالقانون رقم 6 لسنة 2014 للبحث عن الغاز والزيت الخام واستغلالهُما في منطقة جنوب دسوق الأرضية ( قطاع – أ) بدلتا النيل ج. م. ع.
وتشمل الاتفاقية الثانية، مشروع قانون مقدم من الحكومة بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية فى التعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة إنرجين إيجيبت ليمتد لتعديل اتفاقية الالتزام الصادرة بموجب القانون رقم 13 لسنة 1998 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2009 للبحث عن البترول واستغلاله فى منطقة شمال ادكو البحَرية بدلتا النيل.
- وافق مجلس النواب على مشروع قانون مقدم من الحكومة بمنح التزام إنشاء وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية لشركة المجموعة المصرية للمحطات.[33]
دراسة الجدوى المعدة لهذا المشروع مبنية على أساس منح مدة التزام ثلاثين عامًا كفترة تشغيل فعلية للمشروع، من أجل استرداد رأس المال الضخم المستثمر فيه، لذلك تم إصداره بقانون.
وأشار النائب علاء عابد، إلى أن العوائد الاستثمارية لمشروع المحطة متعددة الأغراض على الأرصفة البحرية ( 55- 62 ) بميناء الإسكندرية، سوف تحدث نقلة نوعية في الإيرادات المتوقعة للميناء، كذلك فإنها ستوفر ميزة تنافسية كبيرة للميناء في مجال النقل البحري باستخدام سفن الحاويات العملاقة.
- وافق مجلس النواب نهائيًا مشروع بتعديل بعض أحكام القانون رقم (106) لسنة 1973 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بالقطن.
وتضاف مادتان جديدتان برقمي: 5 مكرراً، و20 مكرراً (أولًا) للقانون رقم 106 لسنة 1973 في شأن بعض الأحكام الخاصة بالقطن، نصهما الآتي:
ـ يجب على جميع المغازل إثبات كميات وأصناف ورُتب القطن الموجود لديها في سجلاتها، مرفقًا بها بطاقة بيانات صادرة من الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن بشأن تلك الكميات والأصناف والرُّتب.
وللهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن ـ في حالة مخالفة المغازل للحكم الوارد بالفقرة الأولى من هذه المادة- الحق في التحفظ على السجلات والأوراق المرفقة بها، وضبط الأقطان محل المخالفة.
ـ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن مئة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام الفقرة الأولى من المادة رقم (5 مكررًا)، فضلًا عن مصادرة الأقطان محل المخالفة.
تهدف هذه التعديلات إلى بسط الدولة يديها على قطاع القطن بشكل كامل من خلال تمكين الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن من بسط رقابتها على كافة مراحل تداول القطن، للتأكد من تسجيلها كميات وأصناف القطن في السجلات المعدة لذلك.
حتى تحول هذه الإجراءات من دون قيام المحالج غير المرخصة بتوريد أية أقطان للمغازل لكونها لا تحصل على بطاقات البيانات، المشار إليها بالنص السابق.
- وافق مجلس النواب، خلال الجلسة المنعقدة اليوم الاثنين، على قرار رئيس الجمهورية رقم 287 لسنة 2021 بالموافقة على اتفاقية قرض بين مصر ومجموعة البنوك الفرنسية.[34]
- وافق مجلس النواب نهائيًا، على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية.[35]
يهدف القانون إلى توحيد الجهات التي تباشر الاختصاصات المتعلقة بحماية وتنمية واستغلال البحيرات والثروة السمكية، والقضاء على تنازع الاختصاص بين تلك الجهات فيما بينها وذلك بإنشاء جهة موحدة تباشر تلك الاختصاصات دون غيرها وتكون لها الهيمنة على ذلك.
- وافق مجلس النواب نهائيًا على على مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون الموارد المائية والري.[36]
القانون يأتي كإجراء استباقي يهدف لوقاية الكمية المتاحة من المياه وترشيد استعمالها ووضع رقابة على وسائل صرفها، وخاصة بعدما تأكد كارثة سد النهضة التي تتوعد مصر بخفض نسبة حصتها من مياه النيل الذي تعتمد مصر عليه في الري والزراعة.
وتهدف الدولة من خلال هذا القانون ويهدف مشروع القانون إلى دعم الرؤية المستقبلية لإدارة مصادر الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة، يقنن الاستخدامات المائية، ويضمن عدالة توزيعها ويحدد التقنيات الملائمة لإدارتها ووضع إطار قانوني لحماية الخزان الجوفي بما يضمن استدامتها وحقوق الأجيال المقبلة.
وحظر حفر أي آبار للمياه الجوفية دون ترخيص من وزارة الموارد المائية والري مع إلزام المنتفعين بتركيب نظم للتحكم في معدلات السحب، وكذا حظر التخلص من مخلفات حفر آبار البترول أو المياه العادمة إلا بترخيص من الوزارة حفاظًا على الخزان الجوفي من التلوث.
كما يهدف القانون إلى وضع آلية للحفاظ على منشآت ومنافع الري، ونقل ولاية بعض الأملاك العامة والمنشآت ذات الصلة بالموارد المائية لتبعية الوزارة، منها مخرات السيول ومنشآت الحماية والأودية الطبيعية ومنخفضات قناة مفيض توشكى لتوفير الحماية لها.
يتوعد القانون الطبقة العاملة في مجال الزراعة في مصر، بالمزيد من التعقيدات، نظرًا لقلة الموارد وإحكام القبضة التي تنظم التصرف في هذه الموارد، ومن هذه الإجراءات وضع الدولة حداً لبعض المحاصيل كي لا يتم زراعتها إلا بإذن إلى غير ذلك من الإجراءات.
كما يتضمن القانون بعض الإجراءات التي تهدف إلى حماية مجرى النيل، فقد تم استحداث عدد من المواد التى تستهدف حماية مجرى نهر النيل وجسوره من خلال حظر إقامة أى منشآت أو أعمال بمنطقة حرم النهر دون الحصول على الموافقة المسبقة من الوزارة ، وحظر رسو أى عائمات بدون ترخيص أو إنشاء عائمات جديدة إلا بموافقة مسبقة ، مع حظر إقامة المزارع السمكية فى مجرى النيل وحتى خمسة كيلومترات خلف قناطر إدفينا وهويس دمياط وكذا بالرياحات والترع العامة، وحظر استخدام المياه العذبة فى تغذية المزارع السمك.
- وافق مجلس على فض دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الثاني.
وفقًا لِلمادة رقم 274 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب فقد، انتهت دورة الانعقاد الأول، من هذا الفصل التشريعي.
ومن الملاحظ في أداء عمل المجلس بعد ما يقرب من عام، هو السير على خطى المجلس السابق، ببعض التعديلات الشكلية البسيطة، وفي كلمته التي اختتم بها الدورة، كانت إشارة حنفي الجبالي رئيس المجلس، إلى مناخ الحرية وإعطاء المعارضة فرصتهم كاملة، وتمثيل المجلس لكافة أطياف الشعب، وهذا على غير الحقيقة التي شهدها هذا المجلس.
فقد سار المجلس على خطوات السيسي كأحد الأذرع التابعة للنظام دون أن يظهر سلطة المجلس التشريعية في الرقابة الحقيقية على أداء الحكومة، ففي حين تكررت حوادث أودت بحياة المئات، استجاب المجلس لطلب وزير النقل في سن قانون فصل موظفي الإخوان، بدلاً من التوجه نحو المشكلة الحقيقية.
كما وافق المجلس هذه الدورة على قروض حكومية بمبالغ ضخمة، دون سؤال عن أوجه الإنفاق وممارسة الدور الرقابي المطلوب منها، إضافة إلى إشادة المجلس الدائمة بموقف الحكومة في مسألة سد النهضة رغم فشل المفاوضات حتى الآن في التوصل إلى حل بخصوص السد، وغضه الطرف عن قمع الحريات في مصر.
شهدت مصر في يوليو 2021م العديد من الأحداث المرتبطة بالحياة الفكريَّة والثقافيَّة، اخترنا منها حدثيْن: أوَّلهما إلقاء القبض على باحثة مصريَّة عائدة من الخارج، وهو ما جعلنا نسلط الضوء على موضوع التضييق الأمني على الباحثين. وثانيهما التصعيد الخاص بأزمة سَد النهضة، والتي أدلت فيها النخبة المصريَّة بدلوها، حيث رأينا تصريحات صادمة من البعض ومثيرة للسخرية من البعض الآخر، ما جعلنا نتناول موضوع النخبة والدور المنتظر من المثقف المصري.
حريَّة البحث العلمي والتضييق على الباحثين
يَنصُّ الدستور المصري على أن الدولة تكفل حريَّة البحث العلمى، وتشجع مؤسَّسَاته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنيَّة وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين وتُخصِّص لهم نسبة من الإنفاق الحكومى. كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعَّالة للقطاعيْن الخاص والأهلى وإسهام المصريّين فى الخارج فى نهضة البحث العلمى.
وعلى الرغم من ذلك فإن البحث العلمي في مصر يُعانِي من مشاكل عديدة وعراقيل كثيرة تعيق تطويره وتحول دون تحقيق الغايات المنشودة منه. ومن هذه العراقيل عدم تبني الدولة لاستراتيجيَّة واضحة المعالم تعطي الأولويَّة للبحث العلمي وتجعل منه قاطرة للتنمية كما في البلاد المتقدمة، وهو ما تتجلَّى أبرز مظاهره في عدم وجود خطة منظمة للارتقاء به، وضعف الإنفاق على الجامعات والمراكز البحثيَّة، بما يؤثر سلبًا على مستوى الدراسات والأبحاث ويُؤدِّي إلى انخفاض عدد الجامعات المصريَّة في ترتيب أفضل الجامعات على مستوى العالم وهروب الباحثين إلى الخارج حيث تتوفر لهم الإمكانيَّات اللازمة والبيئة العلميَّة المناسبة.
غير أن مشكلة الحريَّات الأكاديميَّة والتضييق الأمني الذي تمارسه الدولة تظل من أهم المشاكل التي تواجه الباحثين والأكاديميّين، حيث أشارت تقارير مختلفة إلى أن المناخ الذي يُسبّبه التدخل الأمني في التعامل مع الباحثين وفي إدارة شؤون الجامعات والمراكز البحثيَّة لا يوفر أدني متطلبات الباحثين والأكاديميّين للنهوض بالعمليَّة التعليميَّة والبحث العلمي بالمؤسَّسات العلميَّة، وأن حالة التضييق التي تفرضها السلطات الأمنيَّة على الأكاديميّين المعارضين لسياسات النظام الحاكم في مجال عملهم تُعدُّ انتهاكًا صريحًا للحريَّة الأكاديميَّة وعاملًا رئيسًا في خلق بيئة معادية للإبداع.
كانت أحدث حلقات هذا التضييق الأمني في 11 يوليو، حينما قامت قوَّات الأمن بالقبض على الباحثة المصريَّة “عالية مسلم” عند وصولها إلى القاهرة بصحبة زوجها وأطفالها الثلاثة عائدين من برلين، وتمَّ استجوابها لمدة 17 ساعة من قِبَل “الأمن الوطني” ثم إحالتها إلى نيابة أمن الدولة العليا[37].
وكانت عالية قد حصلت على الدكتوراه في عام 2012 من كليَّة الاقتصاد في لندن برسالة عنوانها «الأغانى والسياسات الشعبيَّة في عهد عبدالناصر». وتتناول الرسالة فلسفة الثورة والرواية الشعبيَّة لكثير من الأحداث كما تسجلها الأغانى في عهد عبدالناصر. وتعمل الباحثة في مؤسَّسة بحثيَّة ألمانيَّة، وسَبَق لها أن ساهمت في العمل التطوُّعي لمشكلة أطفال الشوارع في مصر قبل سفرها. ومجال اهتمام الباحثة هو دراسة التاريخ الشفهي من كلمات وحكايات، وبشكل خاص الأغاني التي يَتغنَّى بها الشعب المصرى من مختلف فئاته في فترات زمنيَّة مختلفة. وتُعِدُّ الباحثة لكتاب عن 36 ألفًا من الفلاحين الذين اشتركوا في بناء السَّد العالى في ظروف صعبة أثناء الفترة الاشتراكيَّة، وأصبح السَّد العالى رمزًا للتحرير والتطوُّر ومقاومة الاستعمار. وتقول إن العمَّال كان عندهم إيمان بالآراء الثوريَّة والشعبويَّة. ونشرت الباحثة العديد من الأبحاث حول التاريخ المصرى الحديث، منها المقاومة الثوريَّة في المسرح المصرى، وتوثيق الحروب والتضحيات التي قام بها المصريُّون في الخمسينيَّات والستينيَّات، وثورة 25 يناير. أمَّا عملها الكبير فكان عن فترة ما قبل ثورة 1919م وتأثيرها على قيام الثورة. كما تناولت الباحثة الأحداث التي تعرَّض لها 327 ألف فلاح تمَّ إلحاقهم بالجيش البريطانى أثناء الحرب العالميَّة الأولى، وعملوا فيما كان يُسمَّى “فيلق العمَّال”، وهى دراسة للتاريخ الاجتماعى للريف المصرى عن طريق قراءة في التاريخ الشفهى ودراسة الأغانى والموسيقى، وأشارت فيها إلى أن الفلاحين كانوا يُخطَفون ويُقهَرون بمساعدة السلطة المصريَّة المحليَّة، وأنهم عملوا في ظروف غاية في الصعوبة مع الجيش البريطانى، ومات منهم الكثير، وذهبوا إلى سيناء وفلسطين وسوريا وفرنسا. وتعتمد الباحثة على شهادة واحدٍ من هؤلاء الفلاحين الذين عانوا من الصعوبات في السهر والمجهود الشاق وقِلَّة الأكل والنوم في حرب أرسلتهم إليها السلطة رغم أنه لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ويَحكِى هذا الفلاح أنهم تعلموا مقاومة القيادة بالقرب من مدينة ليون، وتفهموا كيف يُنظمون أنفسَهم، واختاروا فلاحًا اسمه “ثابت” قائدًا لهم، وتعلموا أنهم لن يَحصلوا على مطالبهم إلَّا بالقوَّة، فبدأ العصيان وعدم العمل حتى استجابت القيادة لطلباتهم وقاموا بتحسين الطعام وتقليل ساعات العمل[38].
وتُذكِّر حالة عالية مسلم بحالات كثيرة مشابهة، تعرَّض فيها الباحثون للاعتقال والسجن، كما في حالة الباحث “وليد سالم” الذي أمضى ستة أشهر في سجن طرة قبل أن يَتِم إطلاق سراحه بتدابير احترازيَّة مُشدَّدة، وهو طالب الدكتوراة في العلوم السياسيَّة بجامعة واشنطن، ويُجري بحثًا ميدانيًّا حول دور القضاء في تسوية النزاعات السياسيَّة في مصر منذ خمسينات القرن الماضي، واتهمته الجهات الأمنيَّة بالإساءة إلى القضاء المصري الذي صار قضاء مُسَيَّسًا. والباحث “باتريك زكي” الذي يَحتجزه الأمن المصري منذ وصوله إلى مصر في فبراير 2020م، وهو باحث في جامعة بولونيا الإيطاليَّة، وتدور دراسته حول المرأة ، ويقوم بإجراء أبحاث حول حقوق الإنسان. وقد تعرَّض زكي للتعذيب، ووُجّهت إليه تهم من بينها “نشر أخبار كاذبة” و”التحريض على الاحتجاج” و”تهديد الأمن القومي” و”التحريض على قلب نظام الحكم”. ووَصَل الأمر إلى حَدِّ القتل، كما في حالة الباحث الإيطالي “ريجيني” الذي كان على تواصل دائم مع النشطاء من الحركات العماليَّة والمنظمات الحقوقيَّة المصريَّة المهتمة بقضايا العمَّال، وكان يحضر العديد من اجتماعات النقابات المستقلة، وهي نقابات ترفض الدولة الاعتراف بها. هذا علاوة على كون ريجيني أحد الكُتّاب في صحيفة المانفيستو الإيطالية ذات التوجُّه اليساري، والتي أشارت إلى أن ريجيني أصر على استخدام اسم مستعار في نشر أعماله، ما يُعدُّ دلالة قويَّة على أنه كان لديه مخاوف حقيقيَّة بخصوص سلامته في القاهرة[39].
ولكن ما الذي يَجعل الدولة تُضيّق الخناق على باحثين في العلوم الإنسانيَّة مثل عالية مسلم ووليد سالم وباتريك زكي ويَحوم حولها الشك في حادث خطير كقتل ريجيني؟
إن القاسم المشترك بين هؤلاء الباحثين وغيرهم مِمَّن تعرَّضوا للتضييق الأمني هو قيامهم بأبحاث سياسيَّة أو اجتماعيَّة “ميدانيَّة”، يتواصلون من خلالها مع طبقات مُهمَّشة من الشعب المصري، ويبحثون فيها عن حقوق هؤلاء المظلومين الذين يمكن أن يثوروا يومًا ما للمطالبة بحقوقهم، ويُسلطون الضوء على مكامن القوَّة في هذا الشعب، ويَستخرجون من تاريخه المَنسِي ورواياته الشعبيَّة نماذج لحركات المقاومة التي تدل على أن هذا الشعب قادر على الثورة والخروج على الظالمين في أيّ وقت.
وما حدث ويحدث مع الباحثين المصريّين الموجودين بالخارج وأمثالهم من الباحثين الأجانب الذين يَصِلون إلى مصر لاستكمال دراساتهم يمثل سياسة نظام حاكم في تعامله مع الباحثين الذين يُجرون أبحاثًا على موضوعات يمكن أن تمثل إزعاجًا للنظام الحاكم، حتى إن وزيرة الهجرة صَرَّحت ذات مَرَّة بأن “الدارسين بالخارج أخطر شريحة من المهاجرين المصريين لتعرُّضهم لأفكار مغلوطة”[40]. بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حينما هَدَّدت كل مَن تسول له نفسُه أن يكون مثار إزعاج للنظام بالقتل، فقالت: “إحنا ما عندناش غير بلد واحدة، مصر… مصر تضمنا كلنا، وما نستحملش ولا كلمة عليها برا”، ثم تساءلت: ” أي حد بالخارج يقول كلمة على بلدنا، ماذا يحدث له؟ يتقطع”، ورفعت يدها إلى رقبتها في إشارة إلى القتل[41].
إن تصريحات الوزيرة المصريَّة يمكن معرفة مَدَى خطورتها وإمكانيَّة تحقيقها من خلال معرفة المنهج الذي ينتهجه النظام الانقلابي في تعامله مع الباحثين ودوافعه إليه، لأنه من الطبيعي أن يكون أيُّ نظام سياسي ديموقراطي داعمًا للحريَّة الأكاديميَّة، مشجعًا على البحث العملي، إلَّا أنه في وضع مماثل لما عليه الوضع السياسي في مصر، حيث تتصاعد وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان وتزداد حالات الاختفاء القسري لمعارضي النظام الحاكم، يتضح بشكل صريح خطورة المنهج الذي تتعامل به السلطة الحاكمة مع شريحة الباحثين، والذي يقوم على مصادرة حريَّة الرأي والتعبير والحريَّة الأكاديميَّة، والتضييق على البحث العلمي، ومضايقة الأكاديميّين والباحثين، لأن السلطة تدرك أن إتاحة حريَّة الرأي والتعبير والحريَّة الأكاديميَّة والبحث العلمي في ظل الانتهاكات البشعة التي ترتكبها بطريقة منهجيَّة سَتزيد من وتيرة الانتقادات التي تُوجَّه لها، وسَتعمل على تقويض شرعيَّتها داخليًّا وخارجيًّا. فالنظام يَرى أن فرض قيود على الحريَّة الأكاديميَّة والبحث العلمي ومعاقبة كلّ من يحاول الخروج على تلك القيود هو الحَل الأمثل لإحكام قبضته على السلطة والمجتمع[42].
وقد يقول قائل إن لكلِّ دولة أمنها القومي الذي يجب أن تحميه، وأن إمكانيَّة الاختراق بهدف التجسُّس وإثارة الفوضى وزعزعة الأمن الداخلي قائمة، وهذا صحيح، ولكنه ليس مبررًا لانتهاك القانون والتضييق على الباحثين والأكاديميّين وإرهابهم ومعاملتهم معاملة الجواسيس واعتقالهم ووضعهم في السجون مع المجرمين وتعريض حياتهم للخطر ليبتعدوا عن تناول الموضوعات التي يمكن أن تدين الأنظمة المستبدة وتزيد من وَعْي البسطاء وتُسلِّط الضوء على مكامن القوَّة لديهم وتعمل على تقوية روح الثورة فيهم.
النخبة المصريَّة ودور المثقف
في حياة الأمم لحظات تاريخيَّة فارقة، تُعاني فيها من أزمات مصيريَّة مزلزلة، وتحتاج فيها إلى نخبتها المثقفة كي تأخذ بيدها وتقيل عثرتها وترسم لها طريق الخروج من تلك الأزمات، سواء كانت تلك النخبة دنيويَّة أو دينيَّة. فأعظم مسؤوليَّات المثقف في مجتمعه هي “أن يَجد السبب الأساسي والحقيقي لانحطاط المجتمع، ويكتشف السبب الأساسي للركود والتأخر والمأساة بالنسبة لمواطنيه وجنسه وبيئته، ثم يقوم بعد ذلك بتنبيه مجتمعه الغافل الغائب عن الوَعْي إلى السبب الأساسي لمصيره وقدره التاريخي المشؤوم، ويُبدِي لمجتمعه الحَلَّ والهدف وأسلوب السَّيْر الصحيح الذي يلزمه من أجل أن يَتحرَّك ويَتخلَّص من هذا الوضع، ويَحصل على الحلول اللازمة لشعبه على أساس إمكانيَّاته واحتياجات وآلامه”[43].
وقد واجهت مصر في السنوات الماضية أزمات كثيرة من هذا النوع، كان آخرها في الشهر الماضي، حيث شهدت تصعيدًا خطيرًا في أزمة سَد النهضة الذي يُهدِّد البلاد تهديدًا وجوديًّا، وانتهى هذا التصعيد بقيام أثيوبيا بالملء الثاني للسَّد بعد أن فشل النظام الانقلابي في إدارة الملف وأبدى تراخيًا لا يمكن وصفه إلَّا بالخيانة لمصر والتآمر على مستقبل شعبها. وكان المنتظر من النخبة المصريَّة المثقفة أن تمارس دورها في توعية الشعب بأسباب الأزمة وطرق الحَل، ولكن المُخلصِين من هذه النخبة لا يَصِل صوتهم إلى الشعب، وإذا جَهَر أحدهم برأيه فمصيره إلى التخوين، وكثير منهم ما بين سجين ومطارد ومضطهد.
أمَّا ممثلو النخبة المقرَّبة من السلطة فقد ملأوا الدنيا ضجيجًا بتصريحاتهم التي تبرر موقف الحاكم وتغطي على فشله وتنفي عنه أيَّ تقصير وتسفه من آراء معارضيه، ولم يَخرج منهم أحدٌ ليواجه الشعب بالحقيقة ويُحدِّد المسؤول عن ضياع حقوق مصر في المياه.
ولكن تبقى تصريحات الدكتور “مصطفى الفقي” والشيخ “علي جمعة” هي الأبرز في هذا الشأن، فقد دَعَا الأوَّل، وهو أكاديمي وسياسي ودبلوماسي سابق، ومدير مكتبة الإسكندريَّة الحالي، إلى ضرورة أن تتخلَّى مصر عن “المثاليَّات”، وأن تقنع “إسرائيل” بمساعدتها في حَل أزمة سَد النهضة، “لما تملك من تأثير كبير على جميع الأطراف”[44]. وهي دعوة صريحة لزيادة مساحة التطبيع مع الصهاينة، وإهانة لمكانة مصر ودماء الشهداء الذين سقطوا في حروبنا معهم، وتمهيد لتمليكهم أداة ضغط على مصر قد تمكنهم من الحصول على حصة من مياه النيل مستقبلًا.
وخرج علينا الثاني، وهو مفتي مصر السابق، بتصريحات مثيرة للسخرية، يُبشر فيها بانهيار سَد النهضة، ويُؤكِّد أن “العالم سَيَسمع كل يوم عن هبوط الأرض التي بُنِي عليها سَد النهضة الإثيوبي وانهياره”، وهو ما أثار سخرية المتابعين، حتى قال أحدهم إن “مشايخ السلطان ما لهم حَدّ في الكوميديا، بالله اتركوا الإفتاء والأوقاف لناس بتفهم واشتغلوا في الكوميديا مع محمد هنيدي وأحمد حلمي، لكم مستقبل واعد هناك”[45].
والرجلان مثال للنخبة الدنيويَّة من سياسيّين وأدباء وفنانين، والدينيَّة من رجال الدين، ولكنها النخبة التي تسير في ركاب الحاكم، وتتحدث بلسانه، وتخدع الشعب، وتعمل على تغييب وَعْيه، ولا تطلعه على حقيقة الأزمة وأبعادها وخطورتها على مستقبل هذا البلد، ولا تصرِّح بأسبابها الحقيقيَّة، ولا تبحث عن الطرق الصحيحة للخروج منها ومعالجة آثارها.
إن مواقف هذه النخبة وتصريحاتها تدفعنا إلى إعادة النظر في تعريف المثقف في مصر وعالمنا العربي، والتساؤل عن دوره ومَدَى انطباق المصطلح على كلِّ صاحب ثقافة تخصُّصيَّة، والبحث في أسباب تخلي المثقف عن مسؤوليَّته.
يُعرَّف المثقف بأنه “الشخص الملتزم والواعي اجتماعيًّا، بحيث يكون بمقدوره رؤية المجتمع والوقوف على مشاكله وخصائصه وملامحه، وما يتبع ذلك من دور اجتماعي فاعل من المفروض أن يقوم به لتصحيح مسارات مجتمعيَّة خاطئة”. ولا يساوم المثقف ولا يقبل أنصاف الحلول عندما تتعلق القضيَّة المتداولة والمطروحة للبحث أو النقاش بالحريَّة والكرامة الوطنيَّة. ويندفع المثقف المسلح بعلمه وشفافيته وعقلانيَّته للدفاع عن الأمَّة والوطن، خاصَّة في أوقات المِحَن والضياع والانكسار المعنوي والحضاري، ويجعل من الاستقلال الوطنى والمحافظة على أصالة الثقافة الوطنيَّة قضيَّته الأولى. ويزداد دور المثقف أهميَّة في ظل سيطرة السلطة التسلطيَّة على الفضاء السياسي والاجتماعي والثقافي في البلدان العربيَّة[46].
ولكن ثمَّة آفتين تصيبان المثقف في كلِّ زمان ومكان، وتحول دون وصوله إلى درجة المُفكِّر وقيامه بالدور المطلوب منه، وهما الوقوع في أسْر التخصّص والانصياع للسلطة الحاكمة.
قد يمتلك البعض من أصحاب الدرجات العلميَّة العالية ثقافة تخصُّصيَّة، ولكن هذا لا يؤهله لأن يكون مفكرًا يُدلِي بدلوه في أمور الأمَّة، لأن المثقف الحقيقي لابد أن يتمتع بسمات تميزه، أبرزها أن يكون واسع المعرفة والتجربة في عدد من المجالات العامَّة كي يتخذ موقفًا فاعلًا تجاه أي حدث ذي تأثير عام، ولا يتأخر عن المشاركة الفاعلة في الكفاح ضد الظلم[47]، في حين أن أقصى ما يمكن أن تقدمه لنا التخصُّصيَّة هو مثقف أكاديمي مِهَني يُنتِج أعمالًا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بتخصُّصه، ويقوم بدور استشاري في مجاله.
أمَّا العلاقة مع الحاكم فهي آفة الآفات بالنسبة للمثقف الذي يستجيب لإغراء السلطة في البلاد العربيَّة التي يَستشري فيها الفساد السياسي والإداري والمالي، وتحاول دائمًا إغراء المثقف للانضمام إلى أجهزتها وأحزابها وقنوات سيطرتها الناعمة لإقناع الجماهير بشرعيتها وصواب سياساتها.
ولو نظرنا إلى تصريحات الفقي وجمعة على ضوء الآفتيْن المذكورتيْن لوجدنا أنها تتناسب مع مثقفيْن “متخصِّصيْن” خاضعيْن تمام الخضوع للنظام الحاكم، يَعترف أوَّلهما بما وَصَلت إليه مصر من تقزيم على يد العسكر، ويُفكِّر في إطار المتاح لبلدٍ فقدت قدرتها على القيام بفعل يتناسب مع تاريخها ومكانتها الحقيقيَّة، ولهذا يَرى أنه من العقلانيَّة أن تتخلَّى بلاده عن كرامتها “مثاليتها” في مقابل المصلحة. ويُوظف الثاني الغيبيَّات في تغييب وَعْي المواطن، فيُوحِي إليه بالخمود والاستكانة والتواكل في انتظار الحَل الإلهي، متجاهلًا دوره كوريث للأنبياء الذين لم يُورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم، وليس في ميراث الأنبياء شيءٌ يدعو إلى التواكل، وإنما هو السَّعْي والعمل والأخذ بالأسباب.
شغلت قضية الملء الثاني الإعلام المصري بشكل كبير خلال الشهر الماضي، فلا يكاد يمر يوم إلا وتتحدث البرامج التلفزيونية عن الحدث، قبله وأثناءه وبعده. كما أفردت الصحف المصرية العديد من صفحاتها لمتابعة الحدث. وبالطبع، فإن هناك رسائل يريد لها الإعلام المصري التابع للنظام الحاكم أن تصل للجمهور، أولها كان الثقة في السياسة التي ينتهجها قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، في معالجته لقضية السد.
وثاني هذه الرسائل، كان الهجوم الحاد على إثيوبيا بوصفها “دولة مارقة”، وذلك في أثناء تنفيذها للملء الثاني للسد، كما رافق ذلك تهديدات من الإعلاميين المصريين بأن النظام قد يذهب بعيدًا في هذا الشأن حماية لماء نهر النيل. أما بعد تنفيذ الملء بالفعل، وأثناء تغطية الإعلام لجلسة مجلس الأمن الدولي عن السد الإثيوبي، تعامل الإعلام مع كلمة وزير الخارجية، سامح شكري، على أنها انتصار كبير للدولة المصرية في أروقة مجلس الأمن.
وعلى خلاف هذا التصعيد الإعلامي الذي سبق تنفيذ الملء الثاني، حاولت الأذرع الإعلامية بعد إتمام ملء سد النهضة التهوين من الحدث، خلاف ما كانت تروج خلال الأشهر السابقة. كذلك، روج الإعلام لفكرة أن عملية الملء الثاني قد فشلت لأسباب فنية. كذلك، فقد شن الإعلام هجومًا على رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق، عبد الناصر سلامة، انتهى باعتقاله.
بث الثقة في معالجة النظام لقضية السد
منذ أن بدأ الإعلام المصري يستعرض قضية سد النهضة قبل سنوات، كانت الرسالة الأولى التي يريد إيصالها للمشاهدين هي الثقة في “القيادة السياسية” وكيفية إدارتها لقضية سد النهضة، بجانب التحذير –بطبيعة الحال- من التأثير السلبي لحجز المياه خلف السد. أما وقد جاءت لحظة الملء الثاني بالفعل، فقد كثف الإعلام من استعراضه لمسألة الثقة في النظام ونهجه المتبع، حتى إن بعض المذيعين هاجموا مَن يدلون باقتراحات للخروج من الأزمة غير تلك التي يتبعها النظام.
فعلى سبيل المثال، اتهم الإعلامي، إبراهيم عيسى، جماعة الإخوان بأنها تحاول دفع “الدولة المصرية” لتوجيه ضربة عسكرية لسد النهضة، وأضاف أن الهدف من “دعوات التسخين” – وفق تعبيره – هو ابتزاز مصر أو توريطها، مشيرًا إلى أن قرار الضرب إذا ما تم اتخاذه فإنه سيكون مدروسًا ومنضبطًا. كما لم ينس الإعلامي أن يثني على السيسي، حيث قال: “إن عبد الفتاح السيسي الضمانة الوحيدة لعدم عودة الإخوان للحكم”.[48]
وفي سياق تأكيد الإعلام على تبعيته للنظام في مسألة السد، صرح كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، أن هناك ثقة كاملة في السيسي وقدرته الفائقة على إدارة ملف سد النهضة “الصعب”، بما يحقق مصالح مصر في الحصول على حصتها كاملة من مياه النيل. كما أسمى “جبر” التعليمات التي يصدرها جهاز المخابرات العامة للإعلامين واتباع الإعلاميين لها بـ”التناغم”.[49]
حيث قال إن “هناك تناغمًا كبيرًا بين أجهزة الدولة في إطار استراتيجية عامة يتابعها السيسي بكافة تفاصيلها الدقيقة وبشكل يومي، مشيرًا إلى أن الإعلام المصري يقف خلف الدولة ويساندها في قضية لا تقبل التشكيك أو مسك العصا من المنتصف”. وكعادة الأنظمة المستبدة، فإنها تريد أن تكون المصدر الوحيد للمعلومة في جميع الأوقات والظروف، لذلك أشار “جبر” إلى ضرورة الحصول على الأخبار والمعلومات والتحليلات من مصادرها الرسمية، وعدم اللجوء إلى المصادر المرسلة التي اتهمها بنشر معلومات غير صحيحة، مؤكدًا أن الدولة المصرية لها أذرع طويلة في كل مكان وترقب ما يحدث في هذا السد لحظة بلحظة.[50]
وفي السياق نفسه، قالت إعلامية أخرى “نحن نثق في الدولة المصرية وتقديرها، لأن مصر قادرة على الدفاع عن أمنها المائي ولن تسمح بذلك لكن اتركوا القرارات المصيرية للقيادة السياسية وبلاش كلام السوشيال ميديا”. وأردفت: “مينفعش نطالب بتدخل عسكري إحنا، لأن الأمر مش فسحة ولا نزهة وإحنا لدينا دولة قوية وجيش قوي وأي تحرك نتركه للقيادة لأن هناك حسابات أخرى مثل التداعيات الدولية”.[51]
علاوة على هذا، نظم المجلس الأعلى للإعلام، لقاء حواريًّا بالتعاون مع وزارة الري، صرح خلاله وزير الري، محمد عبد العاطي، أن “دور الإعلام مهم في هذه الفترة التي نمر بها، وعلينا جميعًا توعية المواطنين بالقضية وأهمية ترشيد المياه، وشرح الحقائق للوقوف خلف القيادة السياسية والتي نثق تمام الثقة بأنها لن تفرط في حقوق مصر، مشيرًا إلى أن الدولة تمتلك العديد من البدائل والحلول وفقًا لخطط إستراتيجية مدروسة بالكامل”.[52]
وبالتأكيد، فإن مسألة “التنسيق” مع الإعلام في مسألة مصيرية كقضية سد النهضة، هي أمرًا ليس مذمومًا بالعموم، حيث إن الإعلام قد يلعب دورًا مهمًا في التعامل مع الحدث. لكن المشكلة هنا هو أن ما يحدث في الحالة المصرية ليس “تنسيقًا”، إنما هي توجيهات من أجهزة الأمن للإعلاميين بشكل يومي بالحديث عن أمر معين وتوجيه رسائل معينة. وبالتالي، فإن مساحة الرأي الآخر وتقديم الاقتراحات والبدائل غير موجودة، لأن توجهات النظام تُعتبر صوابًا على الدوام.
حتى بعد تنفيذ الملء الثاني لسد النهضة، لم يتحدث الإعلاميون أو حتى يتركون مساحة للتعبير عن خطأ توقيع اتفاق المبادئ، بين مصر والسودان وإثيوبيا، في عام 2015، الوثيقة التي تتذرع بها إثيوبيا حتى اليوم، وتستخدمها كدليل قانوني على كل ما تقوم به.[53] ففي حين يقول المختصون إن أول طريق للحل هي الانسحاب من هذا الاتفاق الذي يعطي شرعية للخطوات الإثيوبية،[54] يتغاضى الإعلام عن أمر في هذا المستوى من الأهمية. وذلك، لأنه موجه من الطرف ذاته الذي قام بالتوقيع على هكذا اتفاقية.
رسائل الإعلام بعد الملء الثاني
كما أن توجيه الإعلام من الأجهزة الأمنية بشكل حثيث يوميًا، يظهر الإعلاميين المصريين كثيرًا بموقف المتناقض. ففي حين كانت الأذرع الإعلامية تروج منذ أسابيع لخطر الملء الثاني للسد،[55] أصبحت تقلل من حجم الكارثة بعد تنفيذ الملء الثاني للسد عبر الترويج لانتصارات وهمية لا قيمة لها واقعيًا، كالحديث عن خطاب وزير خارجية النظام، سامح شكري، في مجلس الأمن، وكأنه انتصار، أو عن طريق التشكيك في نجاح الملء الثاني لسد النهضة من الأساس.
حيث تداول الإعلام المصري فكرة فشل إثيوبيا في تنفيذ الملء الثاني للسد بصورة واسعة، فقد نقل موقع صحيفة “المصري اليوم” الخاصة عن مصدر سوداني مسؤول تشكيكه في صحة إعلان إثيوبيا بشأن الملء الثاني لبحيرة السد، الذي تقيمه على النيل الازرق، الرافد الرئيس لنهر النيل. وقال المصدر إن أديس أبابا فشلت في تحقيق حجم التخزين الذي سبق وأعلنت عنه، وهو حوالي 13.5 مليار متر مكعب.[56]
كما نشرت مواقع مصرية حديثًا لأستاذ للجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، قال فيه إن إثيوبيا لم تتمكن من تخزين سوى 3 مليارات متر مكعب فقط من المياه، بعد فشل تعلية الممر الأوسط من السد إلى المستوى المطلوب.[57] وتلقفت وسائل الإعلام المصرية هذه التصريحات وبدأت في الترويج لها، وأفردت مساحات لمداخلات تتحدث عن الفشل الإثيوبي في ملء السد.[58]
وذلك خلافًا للصور التي بثها التليفزيون الرسمي الإثيوبي، ووسائل الإعلام والصحفيون الإثيوبيون، التي أظهرت خزان سد النهضة في حالة الملء.[59] كما أن تأكيدات إدارة سد الروصيرص السوداني أن هناك انخفاضًا بنسبة 50% من المياه الواردة من النيل الأزرق المبني عليه سد النهضة الإثيوبي، هي دليل آخر مخالف لما يتحدث عنه إعلام النظام.[60]
علاوة على ذلك، استخدم الإعلام المصري كلمة وزير الخارجية خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة لمناقشة مشكلة سد النهضة، على أنها انتصار كبير لمصر. ووصف العديد من المذيعين والصحف الكلمة بأنها “رد تاريخي” على إثيوبيا،[61] كما صفق بعض الإعلاميين على الهواء مباشرة لـ”شكري” باعتبار أن كلمته كانت ذات أثر كبير.[62]
لكن الاحتفاء الكبير مِن قِبل المنافذ الإعلامية التابعة للنظام بكلمة شكري لا يعكس حقيقة أن الكلمة لم تغير شيئًا يذكر في مسار دفاع مصر عن حقوقها، ولم يتغير شيء على أرض الواقع من الخطط الإثيوبية. بل إن هذا الاحتفاء لا يعكس في الأساس النتيجة الصفرية التي خرجت بها مصر من مجلس الأمن. فلم يكن موقف معظم القوى الكبرى في صالح مصر، وخرج المجلس بقرار يعيد عجلة المفاوضات إلى الوراء، في وقت تتقدم فيه إثيوبيا بالفعل على الأرض في تخزينها للمياه.
حيث أعلنت الدول الـ 15 الأعضاء بمجلس الأمن ضرورة إعادة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بشكل مكثف؛ لتوقيع اتفاق قانوني ملزم يلبي احتياجات الدول الثلاث ويؤدي إلى تخفيف التصعيد الذي يؤثر مباشرة على المنطقة والقارة الأفريقية.[63] وبذلك، ترجع مصر إلى الاتحاد الأفريقي الذي لولا فشله في الضغط على إثيوبيا ما كانت مصر لتلجأ إلى مجلس الأمن من الأساس.
لكن يأتي ترويج الإعلام لكلمة شكري على أنها انتصار، بالإضافة إلى ترويجه لفشل إثيوبيا في عملية الملء الثاني، في إطار التهوين من قيام إثيوبيا بتخزين المياه، الأمر الذي عارضته القاهرة على مدار شهور وربما سنوات. فقد عملت قنوات النظام على التخفيف من وقع الهزيمة في هذا الملف عبر ترويجها لمثل هذه الأفكار.
اعتقال رئيس تحرير سابق لـ”الأهرام”
وعلى عكس ما يروجه الإعلام من أن موقف مصر قويًا في مسألة السد، تحدث آخرون عن الكارثة التي تنتظر الشعب جراء منع مياه النيل من الجريان، ومن هؤلاء الذين تحدثوا من خارج مصر كان رئيس تحرير صحيفة “الأهرام” الحكومية السابق الكاتب، عبد الناصر سلامة، الذي كتب مقالًا بعنوان “افعلها يا ريس”.
وتساءل سلامة في مقاله قائلًا: “لماذا لا تكون لدى الرئيس السيسي الشجاعة الأدبية والأخلاقية، ويعلن مسؤوليته المباشرة عن الهزيمة الثقيلة أمام إثيوبيا، وإضاعة حق مصر التاريخي في مياه النيل، عندما منح الشرعية للسد بالتوقيع على اتفاقية 2015 المشؤومة، وكان يدرك حينها عواقب ما يفعل، ولاحقًا بمنحه الشرعية مرة أخرى باللجوء إلى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، من دون إعداد جيد”.
وأضاف سلامة أن “السيسي تغاضى عن بناء جسم السد الإثيوبي، وعجز عن اتخاذ قرار عسكري يعيد القيادة الإثيوبية المتآمرة إلى صوابها، كما فشل في حشد التأييد الدولي لقضية مصر العادلة، على الرغم من إنفاق المليارات من الدولارات، من أموال القروض الخارجية، على شراء السلاح وغير السلاح من الدول المؤثرة عالميًا”.
كما طالب السيسي بالتنحي قائلًا إن “الأمانة والشجاعة تقتضيان خروج الرئيس المصري إلى الشعب بإعلان تنحيه عن السلطة، وتقديم نفسه لمحاكمة عادلة، لاسيما بعد إهداره ثروات مصر على تسليح لا طائل من ورائه، وتكبيل البلاد بديون باهظة لن تستطيع أبدًا سدادها، وإشاعة حالة من الرعب والخوف بتهديد المصريين بنشر الجيش خلال 6 ساعات، وتقسيم المجتمع طائفياً ووظيفيًا وفئويًا بخلق حالة استقطاب غير مسبوقة، وسجن واعتقال عشرات الآلاف من المواطنين، وتحويل سيناء إلى مقبرة للجنود والضباط، نتيجة إدارة بالغة السوء لأزمة ما كان لها أن تكون، ناهيك عن عشرات الاتهامات التي ستتكشف في أوانها”.[64]
مقال سلامة الذي سار فيه عكس التيار السائد داخل مصر على المستوى الإعلامي قوبل بهجوم كبير من أذرع السيسي الإعلامية والقانونية. حيث تقدم المحامي المدفوع من النظام، طارق محمود، ببلاغ إلى النائب العام اتهم فيه سلامة بـ”التحريض على قلب نظام الحكم في مصر، وتعمد نشر أخبار كاذبة عن مؤسسات الدولة وملف السد النهضة الإثيوبي، بغرض نشر الفوضى والاضطرابات في البلاد”.[65]
كما دعا عضو “المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام” نشأت الديهي، إلى إحالة سلامة للتحقيق بواسطة الجهات القضائية بتهمة “الخيانة”، بوصفه يمثل خطراً على الأمن القومي المصري بـ”مفرداته الوقحة، ونداءاته التي تساهم في زعزعة ثقة المواطن في دولته، في مقال للسب والقذف، وليس لإبداء الرأي”.[66] ليقوم الأمن المصري في النهاية باعتقال “سلامة”، في تأكيد على عدم نية النظام فتح أي هامش للمعارضة.[67]
المراجع
[1] الجزيرة، “إثيوبيا تبدأ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة ومصر تحذّر وترفض سياسة الأمر الواقع، 5 يوليو/تموز 2021.
[2] BBC, سد النهضة: السودان يطالب” مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة حول الأزمة،
23 يونيو/حزيران 2021.
[3] Independent arabia, “تونس تقدم مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إثيوبيا لوقف ملء سد النهضة،
7 يوليو /تموز 2021.
[4] الجزيرة، “ماذا بعد جلسة مجلس الأمن بشأن سد النهضة وما مصير مشروع القرار التونسي؟، 12 يوليو/تموز 2021.
[5] عربي 21، “مجلس الأمن عن خلاف سد النهضة: خارج نطاق عملنا، 2 يوليو/تموز 2021.
[6] Sputniknews, “ما أبعاد زيارة وزير الخارجية الصيني إلى القاهرة”
19 يوليو/تموز 2021
[7] العربي بوست، “مصر تطلب تدخُّل مجلس الأمن في أزمة السد.. إليك من يقف معها ومن ضدها، وهل تتجه للقوة إذا فشلت الجلسة؟، 8 يوليو/تموز 2021.
[8] العربي الجديد، “هل خذل مجلس الأمن مصر والسودان؟، 01 اغسطس/آب 2021.
[9] وطن، “البرلمان المصري يفوض السيسي لاتخاذ (ما يراه مناسباً) لحماية الأمن القومي المائي، 13 يوليو/تموز 2021
[10] العربي الجديد، “هل تذهب مصر إلى حرب مع إثيوبيا، 08 يوليو/تموز 2021.
[11] وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية, الإعلام / بيانات صحفية / وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تعلن مؤشرات الربع الثالث من العام المالي الحالي 2020/2021. https://cutt.us/dqmlU
[12] صندوق النقد الدولي, بيانات صندوق النقد الدولي, منطقة الشرق الأوسط. https://cutt.us/aCBXJ
[13] وزارة المالية, الإعلام, بيانات صحفية, وزير المالية: دعم الصناديق والحسابات الخاصة بمبلغ اثنين مليار جنيه خلال السنة المالية الحالية https://cutt.us/wfpZ9
[14] وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة عام 2021/2022، ص 94.
[15] المصدر السابق ص 100.
[16] المصدر السابق ص 104.
[17] وزارة البترول والثروة المعدنية, المركز الإعلامي, الاخبار, بيانات صحفية , بيان صحفى بشأن قرار لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية. https://cutt.us/i8Iwp
[18] وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة عام 2021/2022، جدول رقم (7) الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية ص 101.
[19] مصدرسابق: وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية, الإعلام / بيانات صحفية / وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية تعلن مؤشرات الربع الثالث من العام المالي الحالي 2020/2021. https://cutt.us/dqmlU
[20] مصدر سابق: وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة عام 2021/2022، جدول رقم (7) الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية ص 101
[21] وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة عام 2021/2022، جدول رقم (8) الاستشمارت ومكونتها الرئيسية ص 114.
[22] وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة عام 2021/2022، ص 143 وص 98.
[23] وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة عام 2021/2022، ص 132 وص 133.
[24] مصدر سابق: وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة عام 2021/2022، جدول رقم (7) الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية ص 101
[25] بوابة الأهرام، حصاد مجلس النواب في أسبوع، 16 يوليو ،
[26] المصري اليوم/ النواب يوافق على تغليظ جريمة التحرش، 11 يوليو ،
[27] المصري اليوم، البرلمان يوافق على تعديل لائحة مجلس الشيوخ، 11 يوليو،
[28] الأهرام، البرلمان يوافق على تعديل لائحة مجلس الشيوخ، 11 يوليو،
[29] اليوم السابع، النواب يوافق على الفصل بغير الطريق التأديبي، 11 يوليو ،
[30] مصراوي، تفاصيل إقرار سبع قوانين في البرلمان خلال أسبوع،
[31] مصراوي ، تفاصيل إقرار سبعة قوانين جديدة خلال أسبوع ،
[32] الوطن، النواب يوافق نهائياً على 4 قوانين و اتفاقيتين للتنقيب عن البترول، 12 يوليو ،
[33] المصري اليوم، النواب يوافق على مشروع قانون يخص تشغيل أرصفة بميناء الإسكندرية، 12 يوليو،
[34] الدستور ، مجلس النواب يوافق قرض بين مصر والبنوك الفرنسية ، https://www.dostor.org/3508803
[35] اليوم السابع، النواب يوافق على مشروع قانون الثروة السمكية ،
[36] الشروق، النواب يوافق على مشروع قانون الموارد المائية والري،
[37] عربي 21، إخلاء سبيل باحثة مصرية بكفالة بعد اعتقالها بمطار القاهرة، 12 يوليو 2021م، https://arabi21.com/
[38] محمد أبوالغار. عالية مسلم.. باحثة مصرية عظيمة، جريدة النبأ، 23 يوليو 2021م، https://www.elnabaa.net/898722
[39] أحمد شعبان. الحرية الأكاديمية وحرية البحث العلمي إلى أين ؟!، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، https://www.ec-rf.net/
[40] محمد أبوالغار. عالية مسلم.. باحثة مصرية عظيمة، جريدة النبأ، 23 يوليو 2021م، https://www.elnabaa.net/898722
[41] بي بي سي عربي، “أي حد يقول كلمة على بلدنا يتقطع” تصريح وزيرة مصرية يثير جدلا، 35 يوليو 2019م، https://www.bbc.com/arabic/trending-49085889
[42] أحمد شعبان. الحرية الأكاديمية وحرية البحث العلمي إلى أين ؟!، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، https://www.ec-rf.net/
[43] شريعتي، علي. مسؤولية المثقف، بيروت، دار الأمير، 2005م، ص 129-130م.
[44] الجزيرة، مصطفى الفقي: على مصر الاستعانة بإسرائيل لحل أزمة سد النهضة، 14 يوليو 2021م، https://www.aljazeera.net/
[45] وطن، علي جمعة يثير سخرية واسعة: الأرض التي بني عليها سد النهضة ستهبط وينهار السد، 11 يوليو 2021م، https://www.watanserb.com/
[46] سعيد، إدوارد. خيانة المثقفين: النصوص الأخيرة، ترجمة أسعد الحسين، دمشق، دار نينوى، 2011م، ص37.
[47] أحمد فايق سليمان، المثقف والسياسي، مجلة قلمون، العدد الخامس، أبريل/نيسان 2018م، ص154.
[48] رصد، إبراهيم عيسى يتهم «الإخوان» بتسخين مصر لتوريطها في ضرب سد النهضة، 3 يوليو/ تموز 2021
[49] الشروق، سد النهضة.. رئيس الأعلى للإعلام: نثق في قدرة السيسي الفائقة على إدارة الأزمة، 11 يوليو/ تموز 2021
[50] المصدر نفسه
[51] اليوم السابع، لميس الحديدى عن أزمة سد النهضة: مصر جاهزة وبلاش كلام السوشيال ميديا، 6 يوليو/ تموز 2021
[52] بوابة الأهرام، في ندوة الأعلى للإعلام ..عبدالعاطي: الدولة لن تسمح بأزمة مياة..جبر: لا تنازل عن حقوقنا التاريخية في النيل| صور، 10 يوليو/ تموز 2021
[53] الجزيرة نت، استندت إليه إثيوبيا في تشييد السد وملئه.. نص اتفاق المبادئ الموقع بالخرطوم عام 2015، 15 يوليو/ تموز 2021
[54] العربي الجديد، هل تنسحب مصر والسودان من اتفاق مبادئ سد النهضة؟، 7 يوليو/ تموز 2021
[55] صدى البلد، أحمد موسى: مصر والسودان في خطر بسبب سد النهضة، 3 مارس/ آذار 2021
[56] المصري اليوم، مسؤول سوداني يشكك في صحة مزاعم إثيوبيا باستكمال الملء الثاني لسد النهضة، 19 يوليو/ تموز 2021
[57] الشروق، سد النهضة.. أستاذ موارد مائية: 3 مليارات متر مكعب حجم التخزين الثاني، 19 يوليو/ تموز 2021
[58] الحكاية، د. عباس شراقي: إثيوبيا فشلت في الملء الثاني.. كانت تخطط لملء ١٨ ونصف مليار متر مياه ولم يتمكنوا، 18 يوليو/ تموز 2021
[59] RT، صور عالية الدقة تكشف عملية الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، 19 يوليو/ تموز 2021
[60] أخبار اليوم، إدارة خزان الروصيرص السوداني: انخفاض المياه الواردة من النيل الأزرق بنسبة 50%، 17 يوليو/ تموز 2021
[61] اكسترا نيوز، تعجرف وصلف.. رد تاريخي أمام مجلس الأمن من سامح شكري على وزير الخارجية الإثيوبي، 8 يوليو/ تموز 2021
المصري اليوم، رد تاريخي على إثيوبيا.. كلمة وزير الخارجية سامح شكري في مجلس الأمن، 9 يوليو/ تموز 2021
بوابة روز اليوسف، انتصار الدبلوماسية المصرية.. نص كلمة وزير الخارجية المصري بمجلس الأمن حول “سد النهضة”، 9 يوليو/ تموز 2021
[62] صدى البلد، بعد كلمته أمام مجلس الأمن ..أحمد موسى يصفق على الهواء لوزير الخارجية ويقدم له التحية، 9 يوليو/ تموز 2021
[63] BBC عربي، سد النهضة: مجلس الأمن يدعم الوساطة الأفريقية لحل الأزمة ومصر تحذر من “خطر وجودي، 8 يوليو/ تموز 2021
[64] حرية بوست، افعلها ياريّس عبدالناصر سلامة، 11 يوليو/ تموز 2021
[65] مصر تايمز، بلاغ للنائب العام ضد صحفى يتهمه بنشر أخبار كاذبة عن سد النهضة، 13 يوليو/ تموز 2021
[66] قناة نشأت الديهي، خطر على الأمن القومي ويجب محاكمته..الديهي يفتح النار على عبدالناصر سلامة بعد تطاوله على الدولة، 12 يوليو/ تموز 2021
[67] العربية، حبس رئيس تحرير صحيفة مصرية بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية، 19 يوليو/ تموز 2021