دفاتر مصرية – فبراير/شباط 2022
المحتويات
مقدمة
الدفتر السياسي
- غياب السيسي عن القمة الإفريقية
- سد النهضة والبدء في التشغيل الأحادي
- الانتقادات الغربية لملف حقوق الإنسان
الدفتر الاقتصادي
- الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد المصري (ارتفاع تكاليف واردات الغذاء، مخاوف بشأن ارتفاع أسعار الغذاء، غياب الإستراتيجية، تراجع العوائد السياحية، ارتفاع أسعار النفط)
الدفتر التشريعي
- مشروعات القوانين التي أقرها مجلس النواب
- الاتفاقيات الدولية التي وافق عليها مجلس النواب
الدفتر الفكري والثقافي
- المعلم المصري.. المكانة المستحقة والواقع المهين
- الاستفزاز العلماني والمساس بعقيدة المصريين
الدفتر الإعلامي
- إبراهيم عيسى وتصريحاته حول الدين والإسلاميين
- تصريحات عمرو أديب حول ليبيا
مقدمة
يتناول تقرير دفاتر مصرية، عن شهر فبراير/شباط 2022، أهم الأحداث التي شهدتها مصر خلال الشهر، وذلك من خلال دفاتره المختلفة، السياسي والاقتصادي والتشريعي والفكري والإعلامي.
ففي الدفتر السياسي، يتناول التقرير ثلاثة موضوعات، تشير كلها إلى تراجع دور النظام المصري، وفشله في إدارة العديد من الملفات، أولها غياب رأس النظام عن قمة الاتحاد الإفريقي، تفاديًا للإحراج الذي يمكن أن يواجهه بسبب تناول القمة لملفات المياه والانقلابات وتواجد الكيان الصهيوني في الاتحاد بصفة مراقب. وثانيها فشل مصر في إثناء إثيوبيا عن تشغيل سد النهضة بشكل أحادي، بعد أن عجز النظام عن إقناع دول عربية إفريقية بمساعدته في الضغط على أديسأبابا. وثالثها توالي الضغوط الغربية في مجال حقوق الإنسان.
وفي الدفتر الاقتصادي، يتناول التقرير حالة الاقتصاد المصري في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، ويرصد أهم التداعيات السلبية لهذه الحرب، والتي سوف تلقي بظلالها على تكاليف ورادات الغذاء، وعائدات السياحة، وأسعار النفط، وهو ما سيزيد من المشاكل الاقتصادية في مصر التي تعاني من غياب إستراتيجية واضحة لمواجهة مثل هذه الأزمات.
أما الدفتر التشريعي فيرصد القوانين والاتفاقيات الدولية التي وافق عليها مجلس النواب خلال الشهر، وتختص بالسياحة والآثار، والشهر العقاري، والمجلس الصحي المصري، وسوق رأس المال، وجهاز المخابرات العامة، والإعمار والتنمية، والكهرباء.
وإذا انتقلنا إلى الدفتر الفكري والثقافي، فسنجد أنه يتناول موضوعين، يدور أولهما حول حول مكانة المعلم المصري التي تمّ النيل منها لأسباب عديدة، أدت إلى تشويه صورته وتعرضه للإهانة. ويدور ثانيهما حول استفزازات غلاة العلمانيين للمشاعر الدينية.
ويتناول الدفتر الأخير، وهو الدفتر الإعلامي، المعالجة الإعلامية لقضية إنكار المعراج، التي أثارها الإعلامي إبراهيم عيسى، والأزمة التي سببها الإعلامي عمرو أديب بعد أن شبّه العلاقة بين مصر وليبيا بالعلاقة بين روسيا وأوكرانيا، ما أغضب الليبيّين الذين رأوا أن أديب يُحرّض على غزو بلادهم.
شهدت الساحة السياسية المصرية، في فبراير/شباط 2022، إخفاقًا كبيرًا للنظام الحاكم في العديد من الملفات. فقد غاب رأس النظام عن قمّة الاتحاد الإفريقي التي ناقشت قضايا شائكة، منها المياه، والانقلابات العسكرية، ومراجعة قرار منح الكيان الصهيوني صفة مراقب بالاتحاد، ليترك الساحة لإثيوبيا التي أقامت تكتلًا جديدًا مع دول إفريقية كبرى من أجل التفاهم والتنسيق حول قضايا القارة. ثم جاء الإعلان الإثيوبي عن البدء في تشغيل سد النهضة لإنتاج الكهرباء ليُعقد الموقف بالنسبة للنظام المصري الذي مُني بفشل ذريع في إقناع جيبوتي ومن قبلها الصومال بالوقوف معه ضد إثيوبيا. وأخيرًا، تواصلت الانتقادات الغربية للنظام المصري في ملف حقوق الإنسان، لتؤكد أن الإجراءات الصورية التي يتخذها في هذا المجال لم تفلح في تحسين صورته لدى الغرب.
- غياب السيسي عن القمّة الإفريقية
عقدت القمّة الإفريقية العادية الـ35 في العاصمة الإثيوبية أديسأبابا، في 5 فبراير/شباط، وهي القمّة التي ناقشت العديد من القضايا الشائكة، مثل بحث عضوية الكيان الصهيوني كمراقب في الاتحاد الإفريقي، وأزمات المياه، والصراعات المسلحة، والانقلابات العسكرية، بالإضافة إلى الآثار المدمرة لجائحة كورونا[1].
كان لافتًا غياب رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، وعدم حضورة القمّة التي عقدت حضوريًّا لأول مرة منذ جائحة كورونا، وذلك بعد أن فضل السفر إلى الصين لحضور افتتاح دورة الألعاب الشتوية التي لا علاقة للرياضة المصرية بها من قريب أو بعيد.
وقد علق دبلوماسي مصري سابق على عدم تمثيل مصر في قمّة الاتحاد الإفريقي بأنه “منح مساحة أكبر للمنافس الرئيس لمصر في القارة الآن، وهو إثيوبيا، التي شارك رئيس وزرائها أبيأحمد بكل قوة في اجتماعات القمّة، وقبلها في التحضير لها، خصوصًا أن إثيوبيا هي دولة المقر للاتحاد”، وأن “غياب السيسي، عن حضور أعمال القمّة، حرم مصر من الثقل المطلوب للتأثير في دول القارة، خصوصًا في ما يتعلق بالقضية الرئيسية بالنسبة إلى مصر في إفريقيا، وهي المياه”[2].
فسّر مراقبون غياب السيسي عن القمّة الإفريقية بأنه هروب من مواجهة القضايا المهمة التي سوف يناقشها القادة الأفارقة، والتي يمكن أن تسبب له حرجًا كبيرًا، وهي ملف المياه، والانقلابات، وتمثيل الكيان الصهيوني في الاتحاد الإفريقي.
كانت القضية الأهم بالنسبة لمصر هي قضية سد النهضة، والتي فشل النظام في إدارة ملفها حتى الآن، في مقابل تقدم إثيوبي ملحوظ في تنفيذ المشروع، ونجاح في تسويق الرؤية الإثيوبية لسبل حل الأزمة.
لقد تهرّب السيسي من حضور القمة في “محاولة لتجنب الإحراج أمام الشعب، نظرًا لأنه لم يصل إلى أي نتيجة في قضية المياه المصيرية، ولتأكده بأن لقاءه مع أبيأحمد على هامش القمّة، قد يؤدي إلى الاتفاق على الدخول في جولة مفاوضات جديدة مع إثيوبيا، سوف تضيع المزيد من الوقت دون جدوى”. وفي مقابل هذا الهروب، استبق أبيأحمد أعمال القمّة الإفريقية بتوجيه دعوة إلى كل من مصر والسودان للتعاطي مجددًّا مع قضية سد النهضة، وإعادة النظر فيها دبلوماسيًّا، حتى يتجنب أي ضغط من جانب الدول الإفريقية أثناء القمّة[3].
وإذا انتقلنا إلى الانقلابات العسكرية، فسنجد أن هذا الملف يسبب حرجًا شديدًا للنظام المصري الذي استولى على الحكم بانقلاب عسكري دموي. فالاتحاد الإفريقي يواجه انتقادات شديدة بسبب عدم وجود موقف ثابت في مواجهة النظم الانقلابية، خاصّة وأن القارة بدأت تشهد عودة “مقلقة” للانقلابات العسكرية، كما في السودان وبوركينا فاسو ومالي وغينيا.
ولعل آخر الملفات التي تهرب رئيس النظام المصري من حضور قمّة الاتحاد الإفريقي بسببها هو ملف منح الكيان الصهيوني صفة مراقب في الاتحاد، ففي حال حضور السيسي القمّة، كان سيجد نفسه بين خيارين أحلاهما مر: أولهما أن يشارك في رفض طلب الصهاينة، في وقتٍ يتمتع فيه بعلاقات قوية مع تلأبيب، تكاد تصل إلى حد التحالف، ويعول عليها في تحسين صورته لدى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب. وثانيهما أن يقف مع الكيان الصهيوني ضد الجبهة التي ترفض وجوده ضمن الاتحاد، والتي تتزعمها الجزائر، وهو ما يُظهر النظام المصري في مظهر المعادي للقضية الفلسطينية والمصالح العربية.
وفي سياق متصل بتراجع الدور المصري على المستوى الإفريقي في مقابل التمدد الإثيوبي، أعلنت أربع دول إفريقية تحالفًا إستراتيجيًّا، أطلقت عليه مجموعة الـ4 جي، بهدف التشاور والتنسيق المستقبلي حول قضايا القارة الإفريقية. وهذه الدول هي إثيوبيا والجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، وذلك بمبادرة من جانب رئيس الوزراء الإثيوبي أبيأحمد، من أجل مناقشة وتقديم الحلول وكذلك تتنسيق المواقف، لضمان مواصلة الاتحاد الإفريقي عمله بنجاح وكفاءة وسرعة. ويُعد هذا التحالف الجديد الأكثر قوة في إفريقيا سياسيًّا، كونه يضم أبرز الدول الوازنة داخل الاتحاد الإفريقي[4].
- سد النهضة والبدء في التشغيل الأحادي
أعلنت إثيوبيا، في 20 فبراير/شباط، إطلاق عملية إنتاج الكهرباء من سد النهضة على النيل الأزرق، حيث بدأ السد في توليد 375 ميغاواط من الكهرباء من إحدى توربيناته، في مرحلة هامّة من المشروع المثير للجدل، والذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات[5].
أشاد رئيس الوزراء الإثيوبي، أبيأحمد، بإطلاق عملية إنتاج الكهرباء من سد النهضة، مهنئًا المواطنين بهذا الإنجاز. وقال أبيأحمد في تغريدة له على تويتر: “بدأ اليوم أول توربين في سد النهضة، أكبر محطة للطاقة في إفريقيا، بتوليد الكهرباء”[6].
وفي محاولة من أديسأبابا لطمأنة مصر والسودان بعد هذه الخطوة الأحادية، وجّه أبيأحمد رسالة إلى مصر والسودان بشأن نزاع سد النهضة، داعيًا إيّاهما إلى العمل بـ”شكل تعاوني للوصول إلى حل مربح لجميع الأطراف”.
وبدوره، زعم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، السفير دينا المفتي، أن إثيوبيا لم تتجاوز في حق دول المصب جرّاء إعلان توليد الكهرباء من سد النهضة بشكل منفرد وأحادي. وقال المفتي في بيان صحفي إن أديسأبابا تحافظ على استخدامها المعقول لنهر أباي دون التسبب في أي ضرر لدول المصب[7].
جاء الرد الرسمي المصري عبر بيان مقتضب، أصدرته وزارة الخارجية، قالت فيه إن “مصر تؤكد على أن هذه الخطوة تعد إمعانًا من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015، الموقع من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي”[8].
تأتي الخطوة الإثيوبية لتؤكد فشل إدارة النظام المصري لهذا الملف المصيري، وعدم قدرته على دفع إثيوبيا إلى التفاوض الذي لم يعد يجدي نفعًا مع ما تنجزه أديسأبابا على أرض الواقع.
فعلى الرغم مما تفرضه إثيوبيا على مصر من خلال سياسة الأمر الواقع، فإن القاهرة مازالت تتمسّك بالدخول في جولة أخرى من المفاوضات، وهو ما يرى الخبراء أنه يمثل تضييعًا لمزيدٍ من الوقت، لأن أي مفاوضات غير مشروطة سوف تعطي مزيدًا من الوقت للطرف الإثيوبي من أجل الانتهاء من إنشاء سد النهضة وتشغيله بشكل كلي. ولهذا يجب ان تكون المفاوضات مشروطة بضرورة التوصل إلى اتفاق فني بين مصر والسودان وإثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل السد[9].
وعلى المستوى الشعبي، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة جدل واسع حول بدء إثيوبيا إنتاج الكهرباء من السد، بين تهنئة الشعب الإثيوبي وغضب من الهدوء الرسمي، ودعوة لعدم الانسياق وراء وسوم مواقع التواصل التي تشغل المصريين عن المشاكل الحقيقية.
وقد عبّر عدد كبير من المصريين عن غضبه من غياب ردود الفعل الرسمية عن قضية سد النهضة، وغياب التأثير المصري منذ بيان مجلس الأمن الدولي العام الماضي، الأمر الذي سمح لإثيوبيا باستكمال أعمال السد وتهديد الأمن المائي المصري.
وتساءل بعضهم عن جدوى تصريحات رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، التي قال فيها إن مياه النيل خط أحمر، في الوقت الذي بدأت فيه إثيوبيا إنتاج الكهرباء، وتستعد للملء الثالث، في حين اتهم آخرون النظام في مصر بتعمد إخفاء حقيقة الإخفاق في إدارة ملف أزمة سد النهضة عبر اصطناع “ترندات وهميّة” عن طريق الإعلام لشغل الرأي العام المصري[10].
جدير بالذكر أن النظام المصري يواصل فشله في إدارة الملف، وتمثلت آخر مظاهر هذا الفشل في عجز القاهرة عن إقناع الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر جيله، بمساعدة النظام المصري في فرض ضغوط على أديسأبابا لإجبارها على العودة للمفاوضات، وذلك من خلال استغلال تحكّم جيبوتي في تحرّك 95 بالمئة من تجارة إثيوبيا التي تأتي عبر ميناء جيبوتي ويتم نقلها بالسكك الحديدة إلى تلك الدولة الحبيسة. فقد أشارت مصادر مطلعة أن جيله شدّد على أن علاقات بلاده بإثيوبيا يصعب الزج بها في صراع محاور، خاصّة في ظل الطبيعة الخاصة لجيبوتي في منطقة القرن الأفريقي[11].
- الانتقادات الغربية لملف حقوق الإنسان
تواصلت الانتقادات الغربية لملف حقوق الإنسان في مصر، وكان أبرزها في فبراير/شباط، حينما قدمت ألمانيا نصائح حول ملف حقوق الإنسان في مصر إلى الحكومة المصرية، وكانت هذه النصائح أثناء مؤتمر صحفي لوزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، جمعها بوزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال زيارتها للقاهرة في 12 فبراير/شباط.
بدأت الوزيرة الألمانية كلمتها بالتأكيد على أن معايير حقوق الإنسان ستكون في صميم صفقات الأسلحة التي تعقدها حكومة بلادها الجديدة على المستوى الدولي، بما في ذلك مصر، التي تعد مستوردًا رئيسًا للأسلحة الألمانية. وقالت الوزيرة إن مشروع قانون تمّ تقديمه هذا العام سيفرض قيودًا، من أجل ضمان عدم بيع أسلحة إلى مناطق تشهد أزمات، إلا في حالات استثنائية ومع وجود مبرر.
وشددت بربوك على أن “الأمن وحقوق الإنسان مرتبطان ببعضهما البعض”، وأشارت إلى أنه ينبغي للعلاقات الجيدة أن تبدأ بحوار نزيه بشأن حقوق الإنسان، سواء كان ذلك في مصر أو في أي مكان آخر[12].
ثم انتقلت الوزيرة الألمانية إلى تقديم النصائح للوزير المصري، ولكن النصائح هذه المرة لم تكن داخل الغرف المغلقة، وإنما على الهواء مباشرة، حيث قالت الوزيرة “إنها كوزيرة للخارجية، وكحكومة ألمانية، على قناعة بأن الأمن والاستقرار لن يكونا على دوام إلا بمنح الناس فرصًا للمستقبل، وأيضًا فرص المشاركة بشكل سلمي في السياسة، وفي المجتمع، حتى وإن كانت هذه العملية تستوجب الجرأة وتكلف الكثير”، وواصلت الوزيرة موجهة حديثها إلى نظيرها المصري: “لديكم في مجتمعكم، عندما نبذل الجهود من أجل المجموعات المختلفة، وأيضًا الحريات الدينية، وأن نظهر بجرأة الأصوات المعارضة، فإن هذا يثبت جدواه في المجتمع”، مؤكدة أن هذا “يسري على الحقوق السياسية والمدنية”[13].
تلقى وزير الخارجية المصري ملاحظات الوزيرة الألمانية بصدر رحب، ولم يعترض على تدخل دولة أجنبية في الشأن المصري كما يحدث مع أي انتقادات يتلقاها النظام الحاكم في هذا الشأن، ولم يجد غير الحديث عن الرؤية المصرية لحقوق الإنسان، والتي تدخل فيها واجبات الدولة الاقتصادية والاجتماعية[14].
وكالعادة، حرّفت وسائل الإعلام المصري تصريحات الوزيرة الألمانية، حينما صدرت عناوينها بأن الوزيرة قالت إن “حقوق الإنسان في مصر حالات فردية”[15]، والحقيقة هي أن نصّ كلام الوزيرة هو أنها تحدثت مع نظيرها المصري حول “ملف حقوق الإنسان، بكل انفتاح، وأيضًا عن حالات فردية في هذه الملف نولي لها الاهتمام”، ما يعني أن الوزيرة قد ركزت على حالات فردية توليها الحكومة الأمانية أهمية خاصة، ضمن حديثها عن ملف حقوق الإنسان بشكل عام.
وفي سياق متصل، طالبت لجنة حماية الصحفيين الدولية، المفوضية الأوروبية بإثارة قضايا حرية الاعلام خلال اللقاء الذي جمع رئيسة المفوضية، السيدة أورسولا فان ديرلين، مع رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، خلال زيارته لبروكسل في 17 فبراير/شباط، لحضور اجتماع ممثلي الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.
وكان توم جيبسون، ممثل الاتحاد الأوروبي فى اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، قد قال في بيان له إن “الجنرال عبدالفتاح السيسي يهاجم الصحافة بانتظام خلال لقاءاته العلنية وتصريحاته الصحافية، كما يقوم نظامه بسجن الصحافيّين، وإسكات الكثير من الأصوات القوية في صفوفهم، ولا يمكن للمفوضية الأوروبية أن تدع الأمور تسير في ذات الاتجاه دون أن تفعل شيئًا”. وأوضح جيبسون أنه يتعين على المفوضية الأوروبية أن تلتزم بقيمها، وأن تطالب السيسي بضرورة التزام السلطات المصرية بوقف أساليب القمع التي تنتهجها فى التعامل مع وسائل الاعلام المحلية والأجنبية فى مصر.
وفي هذا الشأن، قالت منظمة العفو الدولية، في 16 فبراير/شباط، إنه يتعين على قادة الاتحاد الأوروبي الضغط على الرئيس المصري لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، وإنهاء الاعتداء المستمر على المدافعين عن حقوق الإنسان، عندما يجتمعون على هامش قمّة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.
وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية، فإنه يجب على قادة الاتحاد الأوروبي، الذين يجتمعون مع الرئيس السيسي، استغلال هذه الفرصة لـ”التنديد بقمع حكومته لحقوق الإنسان”، مضيفًا أنه “على الرغم من محاولاته تزييف الحقائق، فإن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مستمرة بلا هوادة في مصر”[16].
بدورها، قالت إيف جيدي، مديرة مكتب الاتحاد الأوروبي في منظمة العفو الدولية: “لا ينبغي لقادة الاتحاد الأوروبي أن يقدموا له [السيسي] فرصة لتبييض سياسات مصر القمعية الشديدة”. وأضافت أن “السلطات المصرية تقمع أي شكل من أشكال المعارضة”.
جدير بالذكر أن برلمانيّين أوربيّين كانوا قد حثوا حكوماتهم وكذلك الأمم المتحدة على إخضاع ملف حقوق الإنسان الذي وصفوه بـ”المروّع” في مصر لمزيدٍ من التدقيق العالمي. وأصدر البرلمانيون بيانًا وقع عليه 175 برلمانيًّا، دعوا فيه إلى تدشين آليّة للمراقبة وكتابة التقارير حول مصر، وذلك في أول اجتماع مزمع لمجلس حقوق الإنسان في 28 فبراير/شباط. وأعربوا عن قلقهم الشديد إزاء الفشل المتواصل الذي مُني به المجتمع الدولي فيما يتعلق باتخاذ أي إجراء مُجدٍ على صعيد معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، وقالوا إن “هذا الفشل، جنبًا إلى جنب مع مواصلة دعم الحكومة المصرية، والتردد في مجرد انتقاد الانتهاكات المتزايدة، إنما عمّق شعور السلطات المصرية بالإفلات من العقاب”[17].
ووصف البرلمانيّون الأوربيّون الخطوات التي أعلنت الحكومة المصرية اتخاذها على صعيد حقوق الإنسان بـ”المتواضعة”، ورأوا أنها “محاولة لتجميل صورة السِّجلّ السيء لحقوق الإنسان في مصر”.
في الوقت الذي كان الاقتصاد العالمي يتأهب فيه للتعامل مع ما بعد أزمة جائحة كورونا، واحتمالات التفاؤل بعودة التعافي لمعدلات النمو، أتت الحرب الروسية على أوكرانيا، لتلقي بظلالها السلبية على الاقتصادات المختلفة، لتأجج معدلات التضخم، عبر زيادة أسعار النفط والغاز والغذاء، فضلًا عن تداعيات أخرى تتعلق بمدى العودة الطبيعية لسلاسل الإمدادات الخاصة بالتجارة الدولية، حيث بدت مظاهر حالة من التحوط لدى الدول المصدرة، وبخاصّة تلك الدول التي لديها فوائض تتعلق بالغذاء.
- الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد المصري
لم تكن مصر بحاجة للمزيد من التحديات الاقتصادية، وسط ما تعانيه من أزمة تمويلية، وخلل في علاقاتها الاقتصادية والتجارية الخارجية، فحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ معدل التضخم 10 بالمئة على أساس سنوي، بنهاية فبراير 2022، ويتوقع أن يزيد معدل التضخم بشكل كبير في مارس 2022، نتيجة التأثرات الفعلية للحرب الروسية على أوكرانيا بالنسبة لمصر، والتي تتجلى مظاهرها في ارتفاع تكاليف استيراد القمح والزيوت التي تجلبها مصر من روسيا وأوكرانيا، فضلًا عن واردات مصر الأخرى من البلدين ومنها حديد التسليح، كما أن مصر لديها حصة معتبرة من السياحة الوافدة من البلدين.
ومع الأيام الأولى للحرب الروسية على أوكرانيا، شهدت الأسواق المصرية ارتفاعًا لغالبية السلع، وبخاصة الخبز وزيت الطعام، وهو ما أرجعه المسئولون الحكوميون، وكذلك وسائل الإعلام المحسوبة على النظام المصري لجشع التجار، ونسيت الحكومة دورها في الرقابة على الأسواق، وكأنه ليس حقًّا لها، على الرغم من وجود مفتشي وزارة التموين، وكذلك موظفي المحليات، وجهاز حماية المستهلك، وهي مؤسسات يمكنها أن تساهم بدور في ضبط حركة الأسعار في الأسواق، على الأقل فيما يتعلق بالمخزونات القائمة في الأسواق، والتي لم تتأثر بالأسعار المرتفعة الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية .
وفي ضوء موجة الغلاء التي نالت من كافة السلع في الأسواق المصرية، ظهرت احتجاجات بصور مختلفة من قبل أفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي محافظة الإسكندرية خرجت مظاهرة صغيرة لعشرات الأفراد، المستفيدين من الخبز المدعوم، يطالبون بتوفير الخبر، مرددين: “عاوزين عيش… عاوزين عيش”.
وفي السطور الآتية نشير إلى أهم التداعيات السلبية على الاقتصاد المصري، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.
ارتفاع تكاليف واردات الغذاء:
تعتمد مصر على استيراد مجموعة من السلع الغذائية الضرورية، والتي يتم استهلاكها بكميات كبيرة في المجتمع المصري، مثل القمح والذرة والفول والعدس، وزيوت الطعام، وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن إنتاج مصر من تلك السلع يصل إلى 8.5 مليون طن بالنسبة للقمح في عام 2018/2019، والذرة الشامية تنتج منها مصر 7.5 مليون طن حسب بيانات نفس العام، أما الفول فالكميات التي تنتجها مصر قليلة، وهي 1.39 ألف طن، وعن العدس فمصر تنتج منه ألفين طن فقط في عام 2017/2018[18].
وحسب نفس المصدر للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن مصر لديها اكتفاءً ذاتيًّا من القمح بنسبة 40.3 بالمئة فقط، ونسبة 51.1 بالمئة من الذرة الشامية، و10.5 بالمئة من الفول، و0.5 بالمئة من العدس[19]، والجدير بالذكر أن مصر تستورد 98 بالمئة من احتياجاتها من زيوت الطعام.
وتجعل البيانات السابقة عن إنتاج مصر، واكتفائها الذاتي المتواضع لسلع مهمة وضرورية على الصعيد الغذائي، البلادَ في موقف صعب، بالنسبة لتدبير الكميات اللازمة من هذه السلع الغذائية، في ظل التحديات التي فرضتها الحرب الروسية على أوكرانيا، من حيث ضمان تدفق هذه السلع، في ظل احتمالات وقف كلٍّ من روسيا وأوكرانيا لصادراتهما من القمح والذرة وزيوت الطعام، بسبب الحرب. والمشكلة الأخرى، هي ارتفاع الأسعار التي تشهدها السوق الدولية بشكل عام، قبل الحرب، والزيادة التي شهدتها الأسواق بشكل خاص بعد الحرب.
وتعتمد مصر بنسبة 80 بالمئة من وارداتها من القمح على دولتي روسيا وأوكرانيا، وذلك حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فخلال الـ 11 شهر الأولى من عام 2021، استوردت مصر 80 بالمئة من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، حيث استوردت مصر خلال هذه الفترة 6.1 مليون طن قمح من روسيا، ونحو 651 ألف طن من أوكرانيا[20].
وسوف تفرض الأوضاع الخاصة بارتفاع أسعار الغذاء في السوق العالمية، تحديات كبيرة على مصر، فالموازنة العامة لمصر، للعام المالي 2021/2022، وضعت سعرًا استرشاديًّا لاستيراد القمح عند 255 دولار للطن، بينما قفزت الأسعار الخاصة بالقمح في السوق الدولية لتصل إلى سقف 400 دولار للطن. وستكون الأسواق البديلة لمصر لاستيراد احتياجاتها من القمح هي أميركا وكندا وأستراليا وفرنسا، مع الأخذ في الاعتبار أعباء النقل والشحن، إضافة إلى الأسعار الأساسية المرتفعة.
وهناك فارق في الأسعار الحالية، وما هو مقدر بالموازنة العامة للدولة، فيما يخص أسعار القمح، يقترب من 150 دولارًا للطن. وإذا ما افترضنا أن المخزون الإستراتيجي المتاح لنحو 4 أشهر كما أعلنت الحكومة، وكذلك التوريد من الإنتاج المحلي من القمح سوف يضيف رصيدًا لمدة 3 أشهر، فإن موازنة العامة المالي القادمة لعام 2022/2023 سوف تحمل بأعباء جديدة نتيجة ارتفاع أسعار القمح.
وقد أعلنت منظمة الفاو مؤخرًا، أن أسعار الغذاء على المستوى العالمي، قد شهدت زيادة بنسبة 20 بالمئة نهاية فبراير 2022 على أساس سنوي، وأن الزيوت النباتية، كانت في مقدمة السلع الغذائية التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا. وهو ما سيجعل مصر أمام تحديات كبيرة، تتعلق بتدبير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد احتياجاتها من القمح والزيوت، وغيرها من السلع الأخرى.
مخاوف بشأن ارتفاع أسعار الغذاء:
مع الأيام الأولى للحرب الروسية على أوكرانيا، شهدت الأسواق المصرية ارتفاعًا في أسعار الخبز الحر غير المدعم بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، فارتفع رغيف الخبز المحدد سعره بجنيه إلى جنيه ونصف، وارتفع رغيف الخبز المحدد سعره بنصف جنيه إلى 75 قرشًا، وبدأ الحديث عن ضرورة رفع سعر الخبز المدعم، وهو ما يمثل تحديًّا كبيرًا للفقراء، الذين لا تساعدهم دخولهم مع التكيف مع أية ارتفاعات في أسعار الخبز. وكان الخبراء المعنيون بدراسات الفقر في مصر، يصرحون في عام 2021 بأنه في حالة رفع سعر الخبز المدعوم إلى 10 قروش، فإن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة نسبة الفقراء بنحو من 4 بالمئة – 5 بالمئة[21].
وحسب بيانات البيان المالي لموازنة العام المالي 2021/2022، فقد بلغ إجمالي الدعم السلعي 108 مليار جنيه، منها 8702 مليار جنيه، لدعم السلع التموينية، ويستحوذ رغيف الخبز على حصة من هذا الدعم تبلغ 44.8 مليار جنيه، كما يستحوذ دعم دقيق المستودعات الذي تستفيد منه بعض الأسر 2.5 مليار جنيه، أما بطاقات التموين، والتي تتضمن بعض السلع الغذائية، فخصص لها دعمًا بحدود 36.6 مليار جنيه[22].
وتبلغ نسبة عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز والدقيق، نحو 71 مليون فرد، وهو ما يمثل تحد كبير أمام اتخاذ أي قرار برفع سعر الخبز المدعوم، وبخاصة في ظل ارتفاع معدلات الفقر بمصر، والتي كانت آخر الأرقام المعلنة عنها في عام 2019/2020، بحدود 29.8 بالمئة من السكان، فما بالنا بأوضاع الفقر في مصر، بعد أزمة كورونا، وبعد التداعيات السلبية لارتفاع الأسعار بعد الحرب الروسية على أوكرانيا؟
مشاكل الأوضاع الاقتصادية متعددة في مصر، ولها جوانب وأسباب مختلفة، وبخاصة تلك المشكلة التي تخص الفجوة في علاقة الأجور بالأسعار، ففي الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار بشكل متتالي وسريع، تزيد الأجور بنسبة ضئيلة جدًا، لا تتناسب مع الزيادة في الأسعار، وبخاصة للعاملين بأجور ثابتة، في الحكومة والقطاع العام.
وما يعكس الأزمة التي تترتب على ارتفاع أسعار الخبز، وباقي السلع والخدمات في مصر، أن نحو 42 بالمئة من العاملين بمصر، يقعون في فئة العاملين في السوق غير المنظم، ولا تتوفر لهم الحماية الاجتماعية اللازمة، من تأمين صحي أو تأمين اجتماعي، أو إعانات بطالة.
وحتى حينما تتحرك الحكومة وتتخذ قرارات تتعلق بالحد الأدنى للأجور، فيكون الرفع غير مُجدٍ، فآخر وعد سيتم تطبيقه في أول يوليو 2022، بأن يكون الحد الأدنى للأجور 2700[23]، هو دون خط الفقر الذي ترصده أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عند 3128 جنيه لأسرة مكونة من 4 أفراد.
غياب الإستراتيجية:
لا تعد الأزمة التي تمر بها سوق الغذاء العالمية، هي الأولى من نوعها، من حيث ارتفاع الأسعار، أو وجود تهديدات، تخص توفر الغذاء، أو وجود عقبات تحول دون وصوله بشكل طبيعي، ففي عام 2006 و2007 مر العالم بأزمة الغذاء العالمية، حيث ارتفعت أسعار الغذاء بشكل كبير، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وكذلك اتجاه العديد من الدول لإنتاج الوقود الحيوي، والذي كان يعتمد بشكل كبير على الذرة كمصدر لإنتاجه.
وكذلك كانت أزمة التغيرات المناخية، التي ضربت بعض الدول المنتجة للغذاء ومنها روسيا، التي أعلنت في ذلك الوقت عن وقف صادراتها من القمح. وحتى مصر أتت عليها أوقات أوقفت فيها صادرات الأرز. وفي ظل الأزمة الحالية للأزمة الروسية الأوكرانية، اتخذت مصر قرارًا بوقف صادرات عدة سلع، منها القمح والدقيق بجميع أنواعه، والعدس والفول والمكرونة[24]، على الرغم من أنها سلع مستوردة في الأصل بالنسبة لمصر.
وفي ظل أزمة كورونا التي بدأت مع نهاية عام 2019، شهد العالم كذلك أزمة في سلاسل الإمداد الخاصة بالسلع الغذائية، وغيرها من السلع، مما أدى إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار الغذاء، بل ومشكلات في توفيرها بالكميات المطلوبة، وإن كانت مصر لم تتأثر من حيث توفير الكميات المطلوبة من الغذاء، ولكنها تأثرت بارتفاع الأسعار.
وكان يتحتم على مصر، منذ عام 2006 أن يكون لديها إستراتيجية لتأمين أعلى قدر من الاكتفاء النسبي من الغذاء، ولكنها لم تفعل، واستمرت في سياسة الاعتماد على الاستيراد لتحقيق الأمن الغذائي، وهي سياسة غير معتبرة في ظل الأزمات المتتالية التي تمر بها السوق الدولية، وكذلك وضع مصر كدولة ذات عدد سكان يفوق الـ 100 مليون نسمة.
تراجع العوائد السياحية:
شكلت السياحة بوجه عام، أحد الموارد المهمة للنقد الأجنبي في مصر على مدار العقود الماضية، لكن منذ عام 1997 تعرضت السياحة لموجات من المشكلات، سواء لأسباب داخلية أو خارجية، وكان أخر هذه الأزمات، جائحة فيروس كورونا.
وحسب بيانات عام 2020/2021، فقد حقق قطاع السياحة إيرادات قدرت بـ 4.8 مليار دولار، مقارنة بـ 9.8 مليار دولار في عام 2019/2020 [25]. ولكن في الربع الأول من عام 2021/2022، فقد حقق قطاع السياحة إيرادات بلغت 2.8 مليار دولار، ولكن مع دخول أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، فسوف يتأثر إجمالي الإيرادات السياحية لمصر لعام 2021/2022، حيث تشكل الوفود السياحية من روسيا وأوكرانيا نسبة 30 بالمئة تقريبًا من إجمالي الوفود السياحية الخارجية.
وقد تبنت الحكومة المصرية، رعاية السائحين العالقين في مصر، من دولتي روسيا وأوكرانيا، وقدمت لهم إقامة مجانية، وذلك من أجل الحفاظ على حصة مصر من السياحة الخارجية الوافدة، وإن كان ذلك أثار حفيظة البعض، بسبب الإجراءات التقشفية الشديدة التي تتعامل بها الحكومة المصرية مع مواطنيها.
وثمّة ملاحظة مهمة يجب أن نلفت النظر إليها، فيما يتعلق بتأثر السياحة المصرية من الأزمة الروسية الأوكرانية، وهي أن الأزمة ألقت بظلالها السلبية على كافة اقتصادات العالم، وبالتالي فحركة السياحة الدولية سوف تتأثر خلال الفترة القادمة بشكل سلبي، وليس فقط السياحة القادمة من روسيا وأوكرانيا.
ارتفاع أسعار النفط:
بات من المتوقع أن تشهد مصر ارتفاعًا خلال الشهور القادمة في أسعار النفط، نظرًا لما تشهده السوق الدولية من ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار. وقد أعلنت مصر عن آلية تسعير الوقود كل 3 أشهر، وذلك لإعادة النظر في أسعار الوقود حسب متوسطات الأسعار الدولية.
وقد وصلت أسعار النفط في السوق الدولية لنحو 132 دولارًا للبرميل، إلا أنها شهدت تراجعًا بعد ذلك لتكون عند حدود 110 دولار للبرميل، وعلى أية حال، فسوف تبفى أسعار النفط عالية، وفي حالة اعتماد الحكومة المصرية رفع سعر الوقود، فسيكون ذلك مؤشرًا سلبيًّا، يؤدي إلى ارتفاع العديد من السلع والخدمات، في الوقت الذي يعاني فيه المصريون من معدلات غلاء غير مسبوقة.
وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن مصر على مدار الفترة من نوفمبر 2020 وحتى نوفمبر 2021 قد شهدت فائضًا بين الإنتاج والاستهلاك من النفط والغاز، ففي شهر نوفمبر 2021 بلغ الإنتاج 6.7 مليون طن بينما بلغ الاستهلاك 6.1 مليون طن[26].
ولكن بيانات ميزان المدفوعات عن العام المالي 2020/2021، تبين وجود عجز في الميزان التجاري للنفط، بنحو 100 مليون دولار، وهو ما يعني أن زيادة الإنتاج عن الاستهلاك، لا تعكس قيمة إيجابية في حقيقيتها، لأن هذا الإنتاج في عمومه لا يخص مصر فقط، ولكنه يتضمن حصة الشريك الأجنبي، ومن هنا ظهر العجز في الميزان التجاري للنفط.
وفي حالة استمرار ارتفاع أسعار النفط عما هي عليه الآن خلال الفترة القادمة، فإن ذلك سوف يكبد ميزان المدفوعات المزيد من العجز في الميزان التجاري للنفط. ووفق أرقام البيان المالي لموازنة عام 2021/2022 فإن سعر برميل النفط مقوم بـ 60 دولار للبرميل[27]، ومن ثمّ ستكون هناك فجوة كبيرة، تزيد من أزمة الحكومة المصرية، فيما يتعلق باحتياجاتها من النقد الأجنبي.
في الختام، تكشف أزمة الحرب الروسية الأوكرانية عن مشكلة أزلية لدى الحكومات المصرية المتتالية منذ عقود، وهي غياب إدارة الأزمات، فأكثر من أزمة مرت بها مصر، وكانت طرق المعالجة آنية، فضلًا عن عدم التعلم من الأزمات المختلفة ضرورة تبني نموذج للتنمية يُعلي من الاعتماد على الذات، فيما يتعلق بالتوظيف الجيد للموارد الاقتصادية المحلية، والعمل على زيادة القيمة المضافة لكافة السلع التي يمكن إنتاجها في مصر.
يتناول الدفتر التشريعي لشهر فبراير/شباط 2022، مشروعات القوانين التي وافق عليه مجلس النواب خلال الشهر، والتي ضمّت مشروع قانون صندوق دعم السياحة والآثار، وتعديل بعض أحكام قانون رقم 114 لسنة 1946، الخاص بالشهر العقارى، ومشروع قانون المجلس الصحي المصري، ومشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال، ومشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن بعض الإجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير الغرض السكني، إضافة إلى تعديل قانون جهاز المخابرات العامة رقم 100 لسنة 1971. وكان المجلس قد رفض مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون التعليم.
كما يستعرض الدفتر التشريعي أهم الاتفاقيات الدولية والقرارات الجمهورية التي وافق عليها مجلس النواب.
- مشروعات القوانين التي أقرها مجلس النواب
1 – مشروع قانون إنشاء صندوق دعم السياحة والآثار:
وافق مجلس النواب، نهائيًّا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بإصدار قانون إنشاء صندوق دعم السياحة والآثار[28].
وحسب المشروع، ينشأ صندوق يسمى صندوق دعم السياحة والآثار تكون له الشخصية الاعتبارية، ويكون مقره محافظة القاهرة، ويتبع الوزير المختص بشئون السياحة والآثار، ويشار إليه في مواد هذا القانون بالصندوق.
ويهدف إلى دعم وتمويل الأنشطة التي تعمل على تنمية وتنشيط السياحة والترويج لها عالميًّا، وتطوير الخدمات والمناطق السياحية، وتحفيز السياحة الوافدة، ودعم مشروعات المجلس الأعلي للآثار المتعلقة بترميم وحفظ وصيانة الآثار وتطوير المواقع الأثرية، والنهوض بالإرث الحضارى وفقًا لمفهوم التنمية السياحية المستدامة.
ويدمج مشروع القانون الصناديق الثلاثة (صندوق تمويل مشروع إنقاذ آثار النوبة، صندوق تمويل مشروعات الآثار والمتاحف، صندوق السياحة) فى صندوق واحد تحت مسمى “صندوق السياحة والآثار”.
كما حدد مشروع القانون أهداف الصندوق المتمثلة في دعم وتمويل الأنشطة التي تعمل على تنمية وتنشيط السياحة، وتطوير الخدمات والمناطق السياحية، ودعم مشروعات المجلس الأعلى للآثار المتعلقة بترميم وحفظ وصيانة الآثار وتطوير المواقع والمناطق الأثرية، وبناء وتطوير المتاحف المصرية للنهوض بالإرث الحضاري المصري.
2 – رفض مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون التعليم:
رفض مجلس النواب مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 من حيث المبدأ[29].
وجاءت فلسفة مشروع القانون المعروض، أنه وفقًا لرؤية الحكومة لرعاية الطفل وحمايته وتوفير التعليم المناسب له كأحد حقوقه الأساسية وللحد من ظاهرة التسرب من التعليم، وذلك من خلال استبدال نص جديد للمادة (21) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم (139) لسنة 1981 مفادها “يُعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه والد الطفل أو المتولي أمره إذا تخلف الطفل أو انقطع دون عذر مقبول عن الحضور إلى المدرسة خلال أسبوع من تسلم الكتاب المنصوص عليه فى المادة (19) من هذا القانون”[30].
وتتكرر المخالفة وتتعدد العقوبة باستمرار تخلف الطفل عن الحضور أو معاودته التخلف دون عذر مقبول بعد إنذار والده أو المتولي أمره، ويجوز فضلًا عن ذلك الحكم بتعليق استفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهنى التي تقدمها الجهات الحكومية، والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التى تؤدى خدمات مرافق عامة، كلها أو بعضها، بناءً على دراسة الحالة؛ حتى عودة الطفل إلى المدرسة، ويصدر بتحديد تلك الخدمات وقواعد وإجراءات تعليقها وإنهائها قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزراء المختصين.
ورأت لجنة التعليم بمجلس النواب، برئاسة سامي هاشم، أن مشروع القانون المعروض محاط بشبهات عدم الدستورية، وأنه لا يعالج ظاهرة الغياب من المدرسة بل قد تؤدى إلى زيادتها، لأن العقوبات الواردة بها “وتكرارها” غير مناسبه ومبالغ فيها، ولا تعالج بصورة فاعلة الأسباب الحقيقية لظاهرة الغياب وخاصة فيما يتعلق بقطع أو حرمان ولي الأمر من حقه فى الاستفادة من المرافق العامة التي هي حق من الحقوق الأساسية للمواطن، كما أن الأثر المترتب على هذه العقوبات قد يمتد إلى الأسرة بالكامل ويعوقها عن إشباع الاحتياجات الأساسية للطفل، ولذلك رأت اللجنة المشتركة بالإجماع رفض مشروع القانون المعروض من حيث المبدأ.
3 – تعديل بعض أحكام القانون الخاص بالشهر العقارى:
وافق مجلس النواب نهائيًّا، خلال جلسته العامة، 22 فبراير/شباط، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946، الخاص بالشهر العقارى[31].
أشار تقرير اللجنة البرلمانية، حول مشروع القانون إلى أن الواقع العملي أفرز منذ صدور قانون تنظيم الشهر العقاري بعض المعوقات والصعوبات التي أدت إلى عزوف المواطنين عن تسجيل ملكياتهم العقارية، والتي تعد أساسًا رئيسًا فى استقرار المعاملات التي محلها حقوق عينية عقارية، وكانت ضريبة التصرفات العقارية وربطها بإجراءات التسجيل من ناحية، وطول الإجراءات وتكرارها من ناحية أخرى، كان لها تأثير قوي على عزوف المواطنين عن التسجيل.
وليس أدل على ذلك من أن آخر الإحصائيات في هذا الشأن قد انتهت إلى أن أكثر من 90 بالمئة من العقارات غير مسجلة، الأمر الذي أدى إلى كثرة النزاعات القضائية حول الملكيات الخاصة، وانعكس ذلك سلبًا على مناخ الاستثمار العقاري، وهو ما أدى إلى إصدار التوجيه من القيادة السياسية نحو تبني الدولة وضع قانون متوازن ينعكس أثره على المواطنين لتحقيق الحماية القانونية للملكية العقارية، وهو ما استتبعه قيام الحكومة بالتقدم بمشروع القانون المعروض لتلبية تلك الرؤى.
ويهدف مشروع القانون إلى إنهاء أزمة التسجيل العقاري والقضاء على ظاهرة صعوبة وبطء التسجيل العقاري، والوصول إلى طريقة تسجيل عقاري تنهي حالة عزوف المواطنين عن اتخاذ إجراءات الشهر وصولًا لتسجيل الملكية العقارية، كما يهدف إلى القضاء على معوقات الاستثمار العقاري ومنح البيئة الاستثمارية استقرارًا دائمًا بحصر الثروة العقارية والقضاء على ظاهرتيْ السرقة والاستيلاء على العقارات، وكذا غسل الأموال، كذلك تغيير الرؤية السلبية نحو إجراءات الشهر من خلال اتخاذ بعض الإجراءات الميسرة، وتفعيل مواد الدستور فيما يتعلق بحماية الملكية.
واستند التعديل المقترح بتعديل بعض أحكام القانون رقم (114) لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري، إلى تقديم تيسيرات غير مسبوقة من شأنها أن تؤدي إلى سرعة وسهولة شهر وتسجيل الملكية العقارية من خلال حزمة من الإجراءات التي تؤدي إلى الهدف المنشود، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر:
فصل أداء ضريبة التصرفات العقارية عن التسجيل وعدم اشتراط تسلسل الملكية كشرط للتسجيل، وكذلك تسجيل الحيازة الطويلة المكسبة للملكية من وضع اليد لمدة خمسة عشر عامًا حيازة هادئة مستقرة، وكذا الحيازة القصيرة للعقارات المستندة إلى سند عُرفي لمدة خمسة أعوام، وإلغاء مرحلة “مقبول للشهر” والاكتفاء بمرحلة “صالح للشهر” مع وضع سقف زمني للإجراءات أمام مصلحة الشهر العقاري لإتمام عملية التسجيل، مع وضع عقوبة مشددة في حالة تقديم أوراق مزورة بغرض الحصول من خلالها على التسجيل، وكذا إعطاء رئيس المأمورية أو أمين المكتب -بحسب الأحوال- الضبطية القضائية لضبط تلك المحررات المزورة واتخاذ اللازم في شأنها.
4 – قانون إنشاء المجلس الصحي المصري:
وافق مجلس النواب نهائيًّا على مجموع مواد مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون إنشاء المجلس الصحي المصري[32].
وبحسب مشروع القانون فإنه يهدف إلى إنشاء مجلس صحي مصري يحل محل الهيئة المصرية للتدريب الإلزامي للأطباء، يتبع رئيس الجمهورية، ويهدف إلى تنظيم مجالات الصحة في مصر، ورفع المستوى العلمي والتطبيقي للأطباء والعاملين في مختلف التخصصات الصحية[33].
كما يهدف إلى تطوير مستوى التدريب الطبي والصحي للأطباء والعاملين في مختلف التخصصات الصحية ولخريجي الكليات الطبية والصحية المختلفة، واختبارهم للتحقق من استيفائهم للتأهيل الكافي للممارسة الطبية والصحية الآمنة، لضمان تحسين الخدمات الصحية في مصر، وفقًا للسياسة الصحية والطبية العامة للدولة.
5 – تعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال:
وافق مجلس النواب في الجلسة العامة للمجلس، 22 فبراير/شباط، نهائيًّا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992م[34].
وكشفت المذكرة الإيضاحية لمشروع تعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، والتي حصلت “المال” على نسخة منها[35]، عن إلزام نص المادة (27) من الدستور النظام الاقتصادي باتباع معايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيًّا وقطاعيًّا وبينيًّا، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي العامل، وضبط آليات السوق، وكفاءة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك.
ويهدف مشروع القانون، إلى تطوير القواعد والمعايير التنظيمية والرقابية في مجال سوق رأس المال على نحو يتوافق مع القواعد والمعايير الدولية، حيث يتضمن تنظيم قواعد تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية المعمول بها في هذا الشأن بغرض توفير التمويل الذي يعطي حيوية لازمة لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة.
كما أن مشروع القانون يتيح للجهات القائمة على هذه المشروعات الحصول على التمويل اللازم لها بضمان التدفقات النقدية التي سترد إليها من المتعاملين معها مستقبلًا، وهو ما يوفر التمويل اللازم للجهات القائمة على شئون المرافق والخدمات العامة في الدولة للقيام بأعمالها وأنشطتها من خلال إصدار سندات قابلة للتداول توجه حصيلتها لتمويل هذه الجهات مقابل ما ينشأ لصالحها من حقوق ومستحقات مالية مستقبلية بما يؤدي إلى الارتقاء بمستوى خدماتها وتحسين جودتها واستدامة تقديمها.
6 – مشروع قانون إجراءات إخلاء الأماكن المؤجرة لأشخاص اعتبارية:
وافق مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن بعض الإجراءات ومواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير الغرض السكني في ضوء الآثار والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا المستجد[36].
تتبلور فلسفة مشروع القانون – كما عرضها النائب عماد سعد حمودة، رئيس لجنة الإسكان، من خلال تقرير اللجنة عن مشروع القانون – فى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى للمجتمع المصري، عن طريق تنظيم تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الذى مؤداه إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها فى غير أغراض السكنى، على أن يتم ذلك بالشكل الذى يعالج الضرورات الاقتصادية والاجتماعية التى تمثلت فى عدم القدرة الحالية للاشخاص الاعتبارية على توفير أماكن بديلة للأماكن التى تستأجرها فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، نتيجة تداعيات انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد.
ويستهدف مشروع القانون منح الأشخاص الاعتبارية المعنية بهذا القانون مهلة خمس سنوات من تاريخ هذا القانون، لتوفيق أوضاعها، يتم بعدها تحرير العلاقة بين تلك الأشخاص الاعتبارية وبين الملاك أو المؤجرين بحسب الأحوال.
وقد أوضح المستشار حنفي جبالي أن هذا القانون لا يمس من قريب أو بعيد حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بإخلاء الأشخاص الاعتبارية، ولا يتعلق بالتأجير للأشحاص الاعتبارية للغرض السكني، كما أنه لا يتعلق بالتأجير للأشخاص الطبيعية لغير الغرض السكني مثل المحلات التي تمارس مهنًا أو حرفًا أو صناعة نظرًا لأن هؤلاء ينطبق عليهم القانون رقم 6 لسنة 1997 وتعديلاته.
وتابع جبالي: تعددت الحالات منذ صدور حكم المحكمة الدستورية سنة 2019 بإخلاء هذه الأماكن، وهناك الكثيرون لجأوا إلى القضاء وحصلوا على أحكام نهائية وهذه الأحكام تحترم، لكن مشروع القانون ليست له علاقة بحكم المحكمة الدستورية العليا، فهذا القانون يسري من تاريخ العمل به طبقًا للمادة الواردة في التعديلات ولا يسري بأثر رجعي، ولا مشكلة على الإطلاق في تأخر إصدار هذا القانون منذ عام 2019.
وأكد جبالي أن هذا القانون يعالج بعض الإجراءات التي ترتبت علي وجود جائحة كورونا، وصدر لمواجهة حالة ضرورة، وعن مدة الخمس سنوات المذكورة في مشروع القانون لتوفيق الأوضاع قال إنها سلطة تقديرية للمشرع فالحكومة ارتأت أن مدة الخمس سنوات مطمئنة للجميع، ومن المتوقع أن تزول هذه الجائحة وتداعياتها.
7 – الموافقة على تعديل قانون جهاز المخابرات:
وافق مجلس النواب المصري على تعديل قانون جهاز المخابرات العامة رقم 100 لسنة 1971، الذي يتضمن منح الجهاز الحق في تأسيس الشركات بجميع أنواعها أو المساهمة في شركات قائمة أو مستحدثة، وتعيين أعضائه كرؤساء أو أعضاء مجالس إدارة تلك الشركات بعد موافقة الجهاز[37].
ومن أهم ملامح التعديل علي القانون الحالي والذي ورد بمشروع القانون إعادة ترتيب الهيكل الوظيفي لهذا الجهاز، وكذلك تشديد العقوبة لكل من ينتحل صفة عمل رجل المخابرات، كما يعطي المشروع الجديد الحق لجهاز المخابرات العامة في العمل علي تأسيس الشركات بجميع أنواعها أو المساهمة في شركات قائمة أو مستحدثة. وكذلك هذا القانون يعطي الحق لأفراد المخابرات العامة بأن يكونو رؤساء مجالس إدارة أو أعضاء للشركات، وكل ذلك بعد موافقة رئيس الجهاز.
والموافقة هذه لم تأت إلا لتقنين أوضاع موجودة بالفعل منذ سنوات، خاصة فيما يتعلق بالشركات التابعة للجهاز التي تسيطر على مجال الإعلام في مصر، وشركات حراسة المنشآت ونقل الأموال، وأخرى في مجال الرياضة.
وكان رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، اللواء أحمد العوضي، اكتفى بقراءة التعديلات خلال الجلسة العامة، دون توزيع المواد المقترح تعديلها على النواب، وتُعد هذه مخالفة للوائح وقوانين عمل المجلس.
وطالب في كلمته النواب بالموافقة على التعديلات، استنادًا لكونها تصب في خانة المصلحة العامة للبلاد وأمنها القومي، وأنها جاءت لتتواكب مع مستجدات العصر، ولتمكن الجهاز من القيام بدوره على أكمل وجه.
كذلك شدد التعديل العقوبة لكل من ينتحل صفة عمل رجل المخابرات، بالإضافة إلى إقرار امتيازات مالية جديدة للعاملين في الجهاز، وتمديد الخدمة لهم بعد بلوغ سن التقاعد، بذريعة الحاجة إلى بعض الخبرات التي يتعذر الاستغناء عنها.
- الاتفاقيات الدولية التي وافق عليها مجلس النواب
- وافق مجلس النواب، على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 2 لسنة 2022، بشأن الموافقة على تعديل اتفاق منحة هيئة سكك حديد مصر “برنامج تجديد القاطرات – المساعدة في تنفيذ المشتريات ” بين وزارة التعاون الدولى بجمهورية مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الموقع بتاريخ 1/11/2021.
- وافق مجلس النواب، على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 11 لسنة 2022 بشأن الموافقة على اتفاق منحة التعاون المصري السويدي لتحسين استقرار وكفاءة شبكة الكهرباء بين وزارة التعاون الدولي والصندوق السويدي الدولي “المؤسسة المالية التنموية لمملكة السويد”، بمبلغ 10 ملايين كرونة سويدية.
وقد أشار تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الطاقة والبيئة ومكاتب لجان الشئون الاقتصادية والعلاقات الخارجية والخطة والموازنة عن استخدام المنحة، حيث أكد أنها لتحسين نظام استقرار الجهد في الظروف العادية وغير العادية، وتوفير المرونة في تشغيل النظام خلال السيناريوهات المختلفة للأحمال، ودعم خطة الشركة المصرية لنقل الكهرباء فيما يتعلق بدمج توليد الطاقة المتجددة، ودعم خطة الشركة المصرية لنقل الكهرباء فيما يتعلق بتصدير أو استيراد الطاقة بينها وبين البلدان المجاورة خلال السيناريوهات المختلفة للأحمال، وتحسين استقرار النظام بصورة شاملة وقدرات الأحمال.
شهدت مصر، في فبراير/شباط 2022، حدثيْن مؤسفيْن، أولهما هو الاعتداء على معلمة مصرية رفضت السماح للطلاب بالغش، والثاني هو إنكار الإعلامي المصري إبراهيم عيسى لمعجزة المعراج، وهو ما دفعنا إلى الحديث في موضوعين، يدور أولهما حول مكانة المعلم والأسباب التي أدّت إلى تشويه صورته وإهانته من الطلاب وأولياء الأمور، ويدور ثانيهما حول استفزازات العلمانيّين المصريّين للمشاعر الدينية، بعد أن انتقل غلاتهم من الحديث عن تنقية التراث الإسلامي إلى إنكار الثوابت والمسلمات.
- المعلم المصري.. المكانة المستحقة والواقع المهين
التعليم هو القاطرة لأيّ عملية نهضوية تستهدف إحداث حالة من التقدم والازدهار والرقي في المجتمعات البشرية. والمعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية، فهو الذي يربي الأجيال ويُعدها للمستقبل كي تنهض بأوطانها في كل المجالات العلمية والتقنية.
وقد احتفظت كتاب التراث العربي والإسلامي بقصص وحكايات تصور لنا عِظم مكانة المعلم في عصور نهضة الأمّة، وكيف كان يحظى بنصيب وافر من التقدير والتكريم.
فقد حُكِي أن هارون الرشيد، الذي حكم نصف العالم، والذي كان يُخاطِب السحابة العابرة فيقول: “أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك”، طلب من الإمام العالم الأصمعي أن يؤدب له ولديه، وأن يعلمهما. وذات يوم، مَرَّ الرشيد فرأى الأصمعي يغسل قدمه والذي يصب له الماء هو ابنه، فطلب الرشيد الأصمعي، وقال له: إنما دفعت به إليك لتعلمه وتؤدبه، أفلا طلبت منه أن يصب الماء بإحدى يديه وأن يغسل قدمك باليد الأخرى؟
وهذا الخليفة المأمون، كان قد طلب من الفرّاء أن يعلم ولديه النحو، وفي يوم من الأيام أراد الفرّاء أن يقوم من مجلسه، فتسابق الولدان إلى نعليْ الفرّاء أيهما يقدمه له، فاختلفا فيمَن يفعل ذلك، وأخيرًا اتفقا على أن يقدم كل منهما فردًا. ورُفِع الخبر إلى المأمون، فاستدعى الفرّاء، وقال له: مَن أعز الناس؟ قال: لا أعلم أعز من أمير المؤمنين. قال: بلى، إن أعز الناس مَن إذا نهض من مجلسه تقاتل على تقديم نعليه وليَّا عهد المسلمين، حتى رضي كلُّ منهما أن يقدم له فردًا. فظن الفرّاء أن ذلك أغضب الخليفة، فاعتذر بأنه حاول منعهما فأبيا، فقال المأمون: لو منعتهما لعاتبتك. إلى أن قال: “وما وضع ما فعلاه من شرفهما، بل رفع من قدرهما”[38].
ولأهمية العلم، وخطورة دور المعلم في نهضة الأمم، تهتم معظم دول العالم اليوم بالمنظومة التعليمية، وتسعى إلى تطويرها بشكل مستمر، بما يتناسب مع التطور الكبير والمتسارع الذي يعرفه العالم في كل المجالات، خاصّة الدول المتقدمة، التي وَعَت وبشكل مبكر أن الركن الأساس في إصلاح المنظومة التعليمية هي تحسين وضعية المعلم عبر الاهتمام بمستواه المادي وتكوينه المستمر وإطلاعه على كلّ جديدٍ في عالم التربية والتعليم وعالم المعرفة، مما يحفزه على أداء مهامه على أحسن وجه.
ولهذا، يَحظى المعلم في تلك الدول بالتبجيل والاحترام لأنه سبب النهضة، وتنظر الأسر إليه على أنه شريك في تربية أبنائها، حتى إنه عندما سُئل إمبراطور اليابان ذات يوم عن سبب تقدم بلاده في وقت قصير وقياسي بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، أجاب: “بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلمنا من أخطائهم، ومنحنا المعلم حصانة الديبلوماسي وراتب الوزير”[39].
ويقول مؤسس سنغافورة الحديثة، لي كوان يو: “أظن أنني لم أقم بالمعجزة في سنغافورة، أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني، فخصصت موارد الدولة للتعليم، وغيّرت مكانة المعلمين من الطبقات الدنيا في المجتمع إلى المكان اللائق بهم، وهم مَن صنعوا المعجزة التي يعيشها المواطنون الآن، وأي مسؤول يحب بلده ويهتم بشعبه كان سيفعل مثل فعلي”[40].
ولأهميّة الدور الذي يقوم به المعلم، يقول أحمد شوقي:
قم للمعلم وَفِّه التبجيلا * كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت اشرف أو أجل من الذي * يبني ويُنشئ أنفسًا وعقولا
ولكن هذا المعلم الذي يطالبنا شوقي بأن نقف من أجله تكريمًا وتبجيلًا، شوهت صورته، وأصبح يتعرض للإهانة، بل ويُعتدى عليه في حوادث مخزية يندى لها الجبين، كتلك الحادثة التي تعرّضت فيها معلمة مصرية في محافظة الدقهلية للاعتداء من جانب أولياء أمور الطلاب، لأنها قاومت محاولات الطالبات الغش خلال الامتحانات[41].
لن نتوقف عند ظاهرة الغش التي رفضتها المعلمة المصرية، والتي تعرّضت بسببها للاعتداء من جانب أولياء الأمور الذين كان يُفترض فيهم أن يكونوا أول مَن يرفض هذا السلوك المعوج، والذي يترتب عليه استحقاق غضب الله تعالى، وعرقلة العملية التربوية والتعليمية، والإخلال بالمنظومة المجتمعية التي سوف يهدمها الطالب الغشاش، وعرقلة أي تقدم منشود.
ولكن سنتوقف عند الإهانة التي تعرّضت لها المعلمة التي أدّت دورها التربوي والتعليمي على أكمل وجه، ونسأل: كيف وصل الحال بأولياء الأمور إلى الاعتداء على مَن يُربّي أبناءهم ويعلمهم؟
لقد وَصَل المعلم المصري إلى هذا الوضع بعد أن تعرّضت صورته للتشويه، ما أفقده هيبته وقدره بين الناس، ولذلك لأسباب عديدة، يمكن أن نذكر منها ما يلي:
- عدم غرس الآباء والأمهات في قلوب أولادهم احترام المعلم وتقديره وتوقيره، أو غفلتهم عن ذلك، بل أحيانًا يقوم بعض الآباء بما يناقض تحبيب المعلم لأبنائه، حيث يعمد إلى التنقيص من المعلم أمام الأبناء، أو إلى إطلاق النكات التي لا تليق بمقام المعلم.
- قيام بعض التلاميذ بسلوكيات منحرفة تجاه معلميهم، وتلقفها من طرف وسائل الإعلام ونشرها بين الناس، كالاعتداء على المعلمين[42].
- إهمال الدولة للمعلم، وعدم اهتمامها بتطوير وضعه المعيشي والعلمي، ما ينعكس على مظهره وأدائه بالسلب، ويشوه صورته.
- إظهار الأعمال الدرامية والسينمائية للمعلم في صورة سلبية، تقلل من شأنه، وتثير السخرية منه، وتكرار هذه الصورة حتى صارت صورة نمطية للمعلم، والتصقت بأذهان المشاهدين.
وهذا الأمر قديم، قدم الدراما والسينما في مصر، بداية من فيلم “سلامة في خير” (1937)، حينما وقف نجيب الريحاني يسب جاره المعلم، ويقول له: “يا معلم القاذورات، يا كناس قشاشة ورق الامتحانات”. ثم جاء فيلم “قصر الشوق” (1966) ليهين مهنة التعليم، في حوار الأب مع ابنه الذي يريد أن يصير معلمًا، إذ يقول له: “مهنة المعلم مهنة تعيسة وغير محترمة.. هات لي عيلة محترمة ترضى تجوز بنتها لمعلم”.
ثم كانت الكارثة الكبرى حينما عُرِضت مسرحية “مدرسة المشاغبين” (1971) التي جسّدت الواقع السلبي بشكل كوميدي مفرط، فأظهرت المعلم ومدير المدرسة كشخصيات هزلية لا تستحق الاحترام والتقدير، وأبرزت ما قام به الطلبة من سلوكيات سلبيه ومرفوضة في إطار يشجع على التقليد، ويؤثر في نظره المجتمع من طلبة وأولياء أمور للمعلمين، ويؤدي إلى التقليل من هيبتهم. ثم جسّد التلاميذ ذلك في حياتهم الواقعية، ومن ثمّ اعتادوا على السخرية من رموز التعليم والتقليل من شأنهم، وتحولت المدرسة إلى مكان للمرح والأفعال المشينة، وذلك بعد صار أمرًا طبيعيًّا أن يسخروا من رموز العلم والتقليل من شأنهم.
وفي عام 1983، قام عدد من أطباء النفس في جامعة القاهرة بإجراء دراسة حول الآثار السلبية للمسرحية، وشملت الدراسة 10 آلاف طالب من المرحلتين الإعدادية والثانوية، وتوصلوا الى أنها أحد أسباب انهيار التعليم في مصر وتدني مستواه، لأنها أفقدت المعلم هيبته[43].
ومع ذلك، لا يمكن أن نعفي بعض المعلمين من المسؤولية عن تشويه صورة المعلم، لتصرفاتهم التي لا تليق برجل يحمل على أكتافه مسؤولية تربية أجيال وتعليمها، كالحرص على جمع الأموال من الدروس الخصوصية، وعدم الالتزام بما ينبغي من وقار، وعدم الاهتمام بتنمية القدرات العلمية.
تجمّعت هذه العوامل كلها لتشوه صورة المعلم، ولم يَعد مستغربًا بعد ذلك أن يتعرّض للإهانة من التلاميذ، أو أن يُعتدَى عليه من جانب أولياء أمورهم.
- الاستفزاز العلماني والمساس بعقيدة المصريين
يَخرج العلمانيون المصريون بين الحين والآخر بتصريحات تنال من الإسلام، وتشكّك فيه، وتثير الشبهات حوله، وتستفز المشاعر الدينية لمعتنقيه.
واعتاد أصحاب هذا النهج على مهاجمة التراث الديني، والتشكيك في صِحّة كتب الحديث، وفي مقدمتها صحيح البخاري، والنبش في خلافات الصحابة، والإساءة إليهم، زاعمين أنهم كانوا يتقاتلون على الحكم، وحجّتهم في ذلك أنهم يريدون مراجعة هذا التراث وتنقيته، لأنه يُخالف العقل، ويُهين المرأة، ويَدعو للعنف والتطرف.
وكثيرًا ما تلتقي رغبات هؤلاء العلمانيّين الذين يَدّعون التنوير والتقدميّة مع رغبات الحكام المستبدين، فيستفيد كل منهما من الآخر، حيث يستخدم العلمانيّون بطش السلطة وإمكانيّاتها الإعلامية والمادية في فرض آرائهم على المجتمعات المسلمة المتدينة الرافضة لهم من ناحيةٍ، ويجعل المستبدون من العلمانيّين أداة تبرر استبدادهم وتجمّل صورتهم أمام الغرب من ناحيةٍ أخرى.
وتحت شعار تجديد الخطاب الديني، انتقل علمانيّون مصريّون، من أولئك الذين يَحتمون بالأنظمة الحاكمة، من الحديث عن مراجعة التراث الإسلامي إلى إنكار مسائل ثابتة وردت في القرآن الكريم ذاته، ولم يتورعوا عن وصفها بـ”الوهم”.
وهذا يعني أن بعض العلمانيّين الذين طالما زعموا أنهم يريدون فقط غربلة التراث الإسلامي ومراجعته، قد بدأوا يتخلّون عن حذرهم، ويطعنون في ثوابت الدين نفسه، وفي مقدمتها القرآن الكريم، جهلًا وغرورًا وحقدًا، وهو أمرٌ كان متوقعًا بالنظر إلى تكريس هؤلاء “التنويريّين” المزعومين، حياتهم كلها في إثارة الشبهات حول الإسلام، انطلاقًا مما أثاره المستشرقون في القرون الثلاثة الأخيرة، في ظلّ سكوت الأنظمة الحاكمة عنهم، لإشغال الشعوب وإلهائها بالمعارك الفكرية التي عادة ما تثيرها مثل هذه المواضيع الحسّاسة، عن المطالبة بالديمقراطية الحقيقية والحرّيات والعيش الكريم[44].
وفي هذا السياق، واصل الصحفي المصري، إبراهيم عيسى، تصريحاته المثيرة للجدل حول التراث الديني الإسلامي. وكانت آخر هذه التصريحات في فبراير/شباط، حينما تطرق إلى حادثة الإسرء والمعراج، فاعتبرها قصة “وهميّة كاملة”، وقال: “دي قصة وهميّة كاملة، كتب السيرة والتاريخ والحديث هي اللي بتقول كده، لكن هو بيصدر لك الكتب اللي بتقول إنها حصلت، واللي بتنفي حدوث المعراج لا يتم الإشارة إليها”. ووَصَف عيسى ما ورد عن المعراج بأنه “دعائى وغير حقيقي”[45].
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُنكِر فيها عيسى المعراج، حيث سبق له أن أنكره في برنامج له على قناة أميركية، عام 2019، حينما كان يتحدث عن المعجزات في أذهان المسلمين، ومنها معجزة الإسراء والمعراج، فقال إن المسلمين عاشوا منذ سنوات وقرون على قصص تحكي حكايات وروايات عن حادثتيْ الإسراء والمعراج، لكن هناك غير الثابت منها، غير أن تلك الحكايات ملأت وجدان المسلمين، وأن أغلب ما ورد في البخاري عن تلك الرحلة، بما في ذلك حديث فرض الصلاة، أمر لا يُستساغ[46].
وفي رده على تلك التصريحات، عبّر الأزهر الشريف، بوصفه أكبر مرجعية إسلامية، عن غضبه من “الغلو العلماني” الذي وصفه بأنه وجه آخر من التطرف، المسبب للفتن، مؤكدًا أن “معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، ثابتة بنص القرآن والسنة الصحيحة بما لا يدع مجالًا لتشكيك طاعن أو تحريف مرجف”.
وعن التشكيك في قطعيّة ثبوت الإسراء والمعراج، أوضح الأزهر أن “جهل البعض بإعجاز الإسراء والمعراج، أو عجز البعض عن إدراكه، لا يقدح في ثبوث هذا الإعجاز”. وأكد على أن “لافتة حرية الرأي والتعبير لا تكفي لحماية ممارسات إعلامية تمسّ المشاعر الدينية للمواطنين”.
وشدد الأزهر على أن “المقام النبوي لا يحتاج لصياغة الأساطير لمساندته”، مشيرًا إلى أن “الواقعية كانت أقوى من المعجزة الحسيّة في تأييده”[47].
ورفض الأزهر من خلال بيان لـ”مركز الأزهر العالمي للفتوى” أن يخوض غير المتخصّصين في المسلمات، “سيما إذا كانوا من مروجي الأفكار والتوجهات المتطرفة، التي تفتعل الأزمات، وتثير الفتن، وتفتقر إلى أبسط معايير العلم والمهنية والمصداقية، وتستثمر الأحداث والمناسبات في النيل من المقدسات الدينية والطعن في الثوابت الإسلامية بصورة متكررة وممنهجة”[48].
لقد لخص الأزهر ببيانه حالة إبراهيم عيسى وأمثاله من العلمانيّين، فتصريحه الأخير مظهر من مظاهر الغلو العلماني الذي يثير الفتن في بلد أغلبية سكانه من المسلمين، وجهل بثوابت الدين، ولا يمكن قبوله بحجّة حرية الرأي والتعبير.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن ثبوت حادثة الإسراء والمعراج، فهذا مما لا شك فيه، وقد فصَّل العلماء والفقهاء المسلمين في هذا الأمر، وإنما حديثنا عن الهدف من الاستفزاز العلماني الذي يثير غبار الشبهات حول الدين، ويتجاوز الخطوط الحمراء، ويستفز مشاعر المسلمين.
جاء الحديث عن الهدف الذي يريد إبراهيم عيسى تحقيقه من مثل هذه التصريحات على لسان أحد أقرانه من الإعلاميين الموالين للنظام، وهو مجدي الجلاد، رئيس تحرير جريدة “الوطن” السابق، الذي قال إن عيسى ينتمي إلى جماعات وشخصيّات عامّة في مصر ترى أنه لابد أن يتراجع الدين في حياة المصريين، وأن تسود الأفكار العلمانية.
وأضاف الجلاد أن أحد أهدافهم هو أن لا تكون مسألة الحلال والحرام حاكمة في حياة الإنسان، وأن لا يثق بشكل مطلق في الكتاب السماوي ولا في الأنبياء والصحابة[49]، وأن ذلك يتحقق من خلال التأثير المتدرج في نفوس الناس والشباب الذين لا يملكون حصانة دينية.
صدق الجلاد وهو الموالي للنظام، ودفعته المصلحة إلى كشف حقيقة إبراهيم عيسى بعد أن كانت صفحات جريدته مرتعًا له ولأمثاله، من قبيل سيد القمني وإسلام البحيري وجمال البنا.
لم يكن هدف عيسى هو مراجعة التراث وتجديد الخطاب الديني، ولو كان ذلك هو هدفه لاحترم “التخصُّص” الذي تقتضيه الحداثة، لأن هذه المهمة الحسّاسة والدقيقة ينبغي أن تُسند إلى الجهات الدينية المختصّة وحدها، كالأزهر الشريف وكبار علماء الأمة في المشرق والمغرب، من جاكرتا إلى الرباط وحتى المهجر، ولا تُترك لأمثال إبراهيم عيسى وأمثاله من أصحاب البرامج التلفزيونية المتخصّصة في ترديد أراجيف المستشرقين وغيرهم من الذين ألِفوا الطعن في السنة النبويّة والتراث الفقهي واجتهادات السابقين والبحث في سِيَر الصحابة عما يصلح منطلقًا للطعن والغمز واللمز[50].
دافع البعض عن إبراهيم عيسى، معتبرين ما يقوم به حرية رأي. والغريب أن هؤلاء العلمانيين الذين يتشدقون بحرية الرأي ويستعرضون بطولاتهم ضد الدين، لا يطيقون نقدًا من أحد، بل لا يطيقون المخالفين لهم من التيّارات الأخرى، ولا يُسمع لهم صوت في نقد الاستبداد، ولا يجدون غضاضة في التعامل مع المستبدبن وخدمتهم من أجل سحق مخالفيهم، وهو ما رأيناه في مصر، حينما اصطف كثير منهم مع قائد الانقلاب، من أجل القضاء على التيّار الإسلامي الذي لم يستطيعوا منافسته من خلال صناديق الاقتراع.
يعرض الدفتر الإعلامي لشهر فبراير/شباط 2022، عددًا من القضايا التي تناولها الإعلام باهتمام على مدار الشهر وأثارت حالة من الخلاف بين المنصات الإعلامية التابعة للنظام والمنصات الحرة مثل منصات التواصل الاجتماعي، وقد كانت أبرز هذه القضايا ما صرح به مرارًا الإعلامي والكاتب إبراهيم عيسى حول قضايا دينية مختلفة، منها ما يخص المرأة، وما يتعلق بمعجزة الإسراء والمعراج، حيث أنكر وقوع المعراج مدعيًا أنه من باب الكذب الذي يمارسه رجال الدين، إلى غير ذلك من تصريحات سببت هجوومًا حادًا عليه، ومطالبات بوقفه.
كما نتناول في الدفتر الإعلامي تصريحات الإعلامي عمرو أديب التي مثلت تحريضًا ضد ليبيا، حيث شبّه أوكرانيا بالنسبة إلى روسيا كليبيا بالنسبة إلى مصر، ما استدعى خروج بيان رسمي للرد عليه.
- إبراهيم عيسى وتصريحاته حول الدين والإسلاميين
أثار الإعلامي إبراهيم عيسى موجة من الجدل والانتقادات لكثرة تناوله للشأن الديني بشكل ما يعرض من خلاله لأفكار تمس ثوابت ومعتقدات دينية، بالإضافة إلى هجومه الدائم على التيار الإسلامي و “المشايخ” كما يسميهم وأنهم سبب البلاءات التي يعيشها المسلمون اليوم.
تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تسجيلات للإعلامي إبراهيم عيسى حول ارتداء نساء الصعيد مايوهات في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي[51].
وقال عيسى في التسجيلات المتداولة له ونشرها عدد كبير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في مصر: “لو انت حضرتك من مواليد الستينيات ومن مواليد من سنة 70 لحد 75 أنا أؤكد لك أن في صورة لجدتك بمايوه وصورة لوالدتك بالمايوه، إذا كنت فين بقى في المنيا في الصعيد في سوهاج في أسيوط في بلطيم”.
وتابع: “أحب أقولك أنها لا كانت عاصية ولا كافرة ولا متبرجة وكل المصطلحات اللي غرسوها في ذهنك لحد دلوقتي عن المرأة اللي من ضمنها أمك”.
وأثارات هذه التصريحات موجة من الانتقادات للإعلامي إبراهيم عيسى وهجوم شديد عليه: “أن نساء الصعيد ومصر خط أحمر ولا يجب التحدث عنهم بتصريحات مثل المايوه”.
تصريحاته حول الإسراء والمعراج:
واصل الإعلامي المصري إبراهيم عيسى، إثارة الجدل بتصريحاته خلال برنامجه “حديث القاهرة” المذاع على فضائية “القاهرة والناس”، حيث وصف معجزة المعراج بأنها مجرد “قصة وهمية”[52].
وزعم عيسى أن 99 في المئة من القصص، التي يرويها الشيوخ والدعاة كاذبة، وقال إن واقعة المعراج عبارة عن قصة وهمية كاملة، مؤكدًا أنه لم يكن هناك أي معراج، وأن ما ورد عبارة عن قصة وهمية، كما زعم بأن هذا ما ورد في كتب السيرة والتاريخ.
وأضاف أن كتب الحديث ذكرت أنه لم يكن هناك أي معراج، وأن ما حدث قصة وهمية، مشيرًا إلى أن “المشايخ” يقدمون أنصاف القصص، وهذا يعني أنها ستكون غير حقيقية.
ووصف عيسى “المشايخ” الذين ينقلون هذه القصص بأنهم أصحاب فكر سلفي وصوت واحد قاصر على وجهة نظرهم فقط، وأكد أنهم لا يسردون رويات وآراء العلماء من الأشاعرة والمعتزلة، ولا يقدمون الإسلام بشكل عام.
أثارت تصريحات عيسى حول الإسراء والمعراج ردود فعل واسعة، حيث يتم التشكيك من خلال مثل هذه الأحاديث في ثوابت دينية، مما يؤثر سلبًا على الرأي العام وخاصة بشكل متكرر، وهو ما دفع علماء الأزهر للرد على هذه المزاعم.
علق الدكتور عباس شومان، المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، على تصريحات الإعلامى إبراهيم عيسى بشأن معجزة الإسراء والمعراج، قائلًا: ”من الغريب والعجيب، وبعد مرور هذه القرون على إجماع علماء الأمة على حدثيْ الإسراء والمعراج، يظهر علينا بين الحين والحين من يشكك في هذين الحدثين أو أحدهما”[53].
كما قال الشيخ أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر، في حديثه على قناة “صدى البلد” أن هناك أشخاصًا يريدون ما يطلبه المستمعون، وأن تملى علينا أجندات أمريكا وأوروبا، وأن نرضخ ونقول سمعنا وأطعنا، “لا نحن نقف على ثغور الإسلام الفكرية والعلمية لندافع عن الدين لأنها أمانة سيسأل الله عليها الأنبياء ثم العلماء”[54].
وأضاف أنه من أنكر معجزة الإسراء وهو يعلم ويتعمد مرتد، موضحًا أن المرتد يُستتاب، ويُرفع أمره للقضاء فقط، مضيفًا: “أتحدى يجيبوا دليل ورقي أو مسموع، إن إحنا قولنا إهدار دم أحد، لأن الأزهر ليس جهة تكفير، وعندما طلب من الأزهر تكفير الدواعش لم يصدر هذا حتى لا نفتح هذا الباب، وهذا أمر حميد يحسب للإمام الأكبر أحمد الطيب”.
وقال إن مصر تمر بحقبتين: تشدد ومغالاة في حكم يزعم أنه منسوب إلى الدين كما كان في جماعة الإخوان، أو انفلات وفوضى كما يسعى إليه العلمانيون لتحقيقه، فيما غابتِ الوسطية.
وأضاف أن إسلام بحيري وإبراهيم عيسى وسيد القمني ونوال السعداوي يعملون على الإساءة إلى النظام الحالي، لأنهم بغبائهم يخدمون فكر جماعة الإخوان، فقد يظهر أحد ويقول: هل لو بقيت جماعة الإخوان هل كان يتجرأ هؤلاء على الهجوم على الدين الإسلامي؟
كذلك أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانًا توضحيحًا بشأن ما أثير، أكد فيه أن “معجزة الإسراء والمعراج من معجزات سيدنا رسول الله المتواترة، الثَّابتة بنص القرآن الكريم في سُورتيْ (الإسراء) و(النَّجم)، وبأحاديث السنة النبوية المطهّرة في الصحيحين والسنن والمسانيد ودواوين ومصنفات السُّنة، والتي انعقد على ثبوت أدلتها ووقوع أحداثها إجماع المُسلمين في كل العصور، بما لا يدع مجالًا لتشكيك طاعِن، أو تحريف مرجف”[55].
واستكمل البيان: “ومحاولات الطعن البائسة في صحابة سيدنا رسول الله والتشكيك في عدالتهم بعبارات لا تليق بمقام خير جيلٍ من هذه الأمة جُرم محرم، وجرأة مُستهجنة ومرفوضة، ودَرب من التجاوز البغيض والمُستَنكر، لدى أمّة مهما بلغ التقصير بأفرادها، إلا أنّهم لا يقبلون المساس بجناب سيدنا رسول الله ولا أصحابه”.
على النقيض قام عدد من الإعلاميين بالدفاع عن إبراهيم عيسى على اعتبار أن ذلك حق مكفول له أن يعبر عن رأيه وللمشاهد أن يرفض أو يقبل، وهذه الآراء لقيت كذلك اعتراضًا بسبب التناقض الإعلامي الذي يقع فيه إعلاميو السلطة في مصر بحيث يرون التشكيك في أصول الدين حرية رأي بينما يرفضون ما دون ذلك من انتقادات موجهة للنظام في مصر.
قام المجلس الأعلى للإعلام بالتغطية على الإعلامي المقرب من السلطة، وذلك بإصدار بيان يمتص فيه حالة الغضب التي تسبب فيها دون تعاطي حقيقة مع مثل هذه المخالفة التي وقع فيها إبراهيم عيسى. حيث أصدر الأعلى للإعلام بيانًا، ذكر من خلاله أن لجان الرصد بالمجلس بصدد إعداد تقرير بشأن ما أثير في برنامج “حديث القاهرة” الذي يقدمه الإعلامي إبراهيم عيسى، تمهيدًا للعرض على المجلس على الفور، لاتخاذ الإجراء القانوني حال وجود مخالفة للأكواد الإعلامية التي أصدرها المجلس[56].
وطلب المجلس الابتعاد عن القضايا التي تثير فتنة في المجتمع، حيث ينص كود المحتوى الديني على احترام الأديان السماوية وتعاليمها، وإبراز القيم الدينية فوق كل القيم الأخرى.
وكان الإعلامي إبراهيم عيسى قد قال إن المسلم في عام 2022 لا يحتاج لأي رجل دين أو شيخ في حياته، متسائلًا: “هيعلّمك إيه الشيخ؟ الصلاة والصوم؟ يعني أنت مش عارف الصلاة أو الصوم؟ صلي وصوم، هيعلمك إيه الشيخ؟ الزكاة؟ طيب أنت مش بتزكي، هيعلمك تحج إزاي؟ هناك فيه مطوف يعلمك تحج إزاي، هيعلمك إيه الشيخ؟ السلفيين عايزينكم كده متتبعين عورات وقيّمين على الناس ومفتشي قلوب وجلادين غلاظ النفوس”.
وتحت عنوان “أين حرية الإعلام”، قام الإعلامي عمرو أديب بالدفاع غاضبًا عن حق إبراهيم عيسى بعد خبر إحالته للتحقيق، رغم عدم اتخاذ أي إجراءات ضد إبراهيم عسى أو برنامجه، إلا أن أديب علق على الهجوم على إبراهيم عيسى قائلًا: “كل يوم مطالبات بالقبض والوقف أو التكفير أو التشهير لحد قال رأيه! مش بتكلم بس عن الدين، بتكلم عن الرياضة كمان، فين حرية الإعلام، أنا بقيت أخاف أقول رأيي”[57].
واستكمل حديثه مهاجمًا السوشيال ميديا وروادها، الذين ينساقون وراء أي حديث: “السوشيال ميديا بقت إرهاب، ونص الناس مشافتش ولا سمعت، أما أسكت ومتكلمش في مشاكل يقولوا إعلام عار، وأما نتكلم يهاجمونا، بتقولوا رأيكم بناءً على إيه؟ هل بتسمعوا كل القنوات والبرامج؟ اللي مش عاجبه رأي حد ميسمعهوش ياجماعة”.
واختتم عمرو أديب حديثه قائلًا: “وارد نكون غلط وملناش حق نفتي، بس إحنا بنقول رأينا، إنتو خليتو المواطنين أكثر عنف وتطرف وحدة ومستفدش حاجة، متجيبوا الأطراف اللي في الموضوع وتتناقشوا فيه بدل ما بتوقفوا الإعلاميين من غير مناقشة ولا فهم، ولو مش عايزين إعلام خالص؟ عرفونا منشتغلش”.
ومن جانبه، قال الإعلامي إبراهيم عيسى خلال حديثه على قناة “القاهرة والناس”، إن تيّارات الإخوان والسلفيين أشعلوا موضوع واقعة “المعراج”، معقبًا: “أنا في الأضواء والشهرة من 30 سنة، وليس صحيح أنني أسعى إلى شهرة، وده شيء فوق الخرافي”.
وكان ذلك الحديث بعد فترة من الصمت، قرر بعدها عيسى أن يظهر ليدافع عن نفسه بذات الطريقة التي يجعل التيار الإسلامي فيها خصمًا له وعدوًّا يُحرض عليه، حتى يكسب تعاطف الجمهور معه.
وأضاف أن الإخوان والسلفيين “سخنوا الموضوع” مع كارهي إبراهيم عيسى، مؤكدًا أن ما يحدث الآن هو ابتزاز من السلفيين والإخوان لعدم الحديث في الموضوعات الدينية.
وتابع: “ما يقوم به السلفيون هو النهش في أي شخص يتكلم عن التراث، هل سنسكت عليهم ولا لا نتكلم على الدين ولا نقرأ تاريخنا الإسلامي؟”، مستكملًا: “هناك ادعاءات كاذبة بأننا نلهي الناس، أنا متفهم تصفية الحسابات ومشاعر الغيرة والتنافس والكراهية من التيّار الإسلامي، والبغض في جوانب البعض، ولكن لا أتفهم اللغة من فئات دينية مليئة بالانحطاط والانحدار الأخلاقي والمرض النفسي”.
- تصريحات عمرو أديب حول ليبيا
أثار الإعلامي المصري عمرو أديب جدلًا دبلوماسيًّا وإعلاميًّا بين القاهرة وطرابلس؛ إثر تشبيه أسباب وتداعيات الأوضاع الراهنة بين أوكرانيا وروسيا بنظيرتها بين مصر وليبيا.
واستضاف الإعلامي عمرو أديب شقيقه عماد الدين هاتفيًّا، في برنامجه “الحكاية”، الذي يُبث على قناة “أم.بي.سي مصر”، للتعقيب على الوضع بين روسيا وأوكرانيا، وقال الأخير ردًّا على سؤال بشأن من المخطئ في الحرب الأوكرانية إنه “إذا نظرت إليها من منظور القانون الدولي والمسألة الأخلاقية لا يجب لدولة أن تحاول فرض نظام على دولة أخرى، على عكس النظر إليها من ناحية الأمن الوطني والأمن الإقليمي”.
من جانبه شبه عمرو أديب أوكرانيا بليبيا المجاورة لمصر، ملمّحًا بإمكانية تكرار سيناريو الغزو، ولكن هذه المرة من قبل مصر لليبيا إذا كانت الحدود مهددة. وقال ما نصه: “اليومين دول فرصة للي عاوز يعمل أي حاجة، العالم لايص ومحدش فاضي لحد، فلو عايز أي حد يعمل أي حاجة، هم اليومين دول”، مضيفًا: “أوكرانيا لروسيا زي ليبيا لمصر”، وهي العبارة التي اعتبرها ناشطون تلميحًا بإمكانية غزو مصري لليبيا[58].
ونتيجة لما صرح به أديب، وهو الإعلامي المحسوب بشدة على النظام، والذي أثار تساؤلات حول ما يستند إليه حتى يشير إلى إمكانية غزو دولة مجاورة، فقد قامت الدولة الليبية برد دبلوماسي حول ما صرح به.
استدعت وزارة الخارجية الليبية، الأحد، 27 فبراير/شباط 2022، القائم بأعمال السفارة المصرية، تامر مصطفى، نتيجة ما تمّ تداوله في الإعلام المصري، وما وصفته بـ”الاستخفاف بالسيادة الليبية وحكومة الوحدة الوطنية”[59].
وقالت وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، في بيان لها، إن “وزيرة الخارجية والتعاون الدولي، السيدة نجلاء المنقوش، استدعت القائم بأعمال السفارة المصرية تامر مصطفى نتيجة ما تداول في الإعلام المصري، والاستخفاف بالسيادة الليبية وحكومة الوحدة الوطنية وتشبيه مايحدث بين أوكرانيا وروسيا بالعلاقة التي تربط مصر وليبيا”.
فيما أوضح القائم بالأعمال المصري للوزيرة نجلاء المنقوش أن “الجهة التي قامت بهذا الفعل لا تمثل توجه الحكومة المصرية، ومواقفها حول ليبيا”.
كما أصدرت وزارة الخارجية المصرية، بيانًا، 27 فبراير/شباط، للرد على استفسار من صحفي بشأن البيان الصادر عن وزارة الخارجية الليبية حول “استخفاف” وسائل إعلام مصرية بسيادة ليبيا.
ورفض المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، أحمد حافظ، من جانبه، التعليق على بيان الخارجية الليبية، وذكر أن “وسائل الإعلام والصحف والقنوات المصرية والأجنبية في مصر كافة بحرية كاملة، وأنها تُعبّر عن وجهة نظرها إزاء مختلف القضايا، وأن الموقف الرسمي للدولة المصرية يتم التعبير عنه من خلال البيانات الصادرة عن الحكومة المصرية”[60].
وأكد أن “علاقة مصر بدولة ليبيا على مدار السنوات الماضية دائمًا ما اتسمت بالحرص على الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها وتلبية إرادة شعبها دون تدخل خارجي، اتصالًا بما يربط بين شعبيْ البلدين من أواصر الأخوة والعلاقة التاريخية، وأنه من الأحرى بكافة الأطراف تركيز جهودها من أجل إزكاء هذه المبادئ وتعضيدها من خلال القنوات الرسمية والاتصالات التي تجمع مصر بكافة الأطياف السياسة الليبية”.
[1] الجزيرة نت، انطلاق القمة الأفريقية بأديس أبابا.. تنديد بتقويض النظام الدستوري ورفض للتدخلات الخارجية، 5 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3M8ilaf
[2] العربي الجديد، لماذا غاب السيسي عن قمة الاتحاد الأفريقي؟، 7 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3K1cWA1
[3] المصدر السابق.
[4] Africa Press، مجموعة الـ 4.. هل هو تحالف ضد نفوذ فرنسا وإسرائيل في افريقيا؟، 25 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3HtjPbV
[5] France 24، رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن رسميا إطلاق عملية إنتاج الكهرباء في سد النهضة، 20 فبراير/شباط 2021، https://bit.ly/3sqrjYG
[6] Sky Newsعربية، ماذا قال أبي أحمد بعد إعلان بدء إنتاج الكهرباء من سد النهضة؟، 20 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/35xeR0k
[7] مصر اليوم، الخارجية الإثيوبية توجه رسالة طمأنة لمصر بعد توليد الكهرباء من سد النهضة، 24 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3vo0Ug5
[8] الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية، بيان صحفي، 21 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3tcn9Da
[9] العربي الجديد، أزمة سد النهضة: مصر تسعى لمفاوضات ثلاثية بجدول زمني، 26 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3tdVQbq
[10] الجزيرة، جدل في مصر بعد إعلان إثيوبيا بدء توليد الطاقة من سد النهضة، 20 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3hpUy7G
[11]العربي الجديد، جيبوتي ترفض طلبًا مصريًا بالمشاركة في الضغط على إثيوبيا، 9 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3hlkp0J
[12] Euro News، شاهد: ألمانيا تقيد مبيعات السلاح إلى مصر بالارتباط الوثيق بين الأمن وحقوق الإنسان، 12 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3HEMM4r
[13] أفريقا برس، وزيرة خارجية ألمانيا تقدّم نصائح إلى نظيرها المصري على الهواء، 12 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3HFQtHm
[14] المصدر السابق.
[15] القاهرة 24، وزيرة خارجية ألمانيا عن حقوق الإنسان في مصر: حالات فردية، 12 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3pBQIN8
[16] منظمة العفو الدولية، في قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، القادة الأوروبيون يجازفون بإضفاء الشرعية على قمع حكومة السيسي لحقوق الإنسان، 16 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3hFB92E
[17] BBCعربي، حقوق الإنسان: 175 برلمانيا أوروبيا يطالبون الأمم المتحدة بآلية لمراقبة الأوضاع في مصر، 4 فبراير/شباط 2022، https://bbc.in/3tx8h23
[18] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرة مصر في أرقام – الزراعة، عدد مارس 2021، ص62.
[19] المصدر السابق، ص66.
[20] اليوم السابع، 80% من ورادات مصر من القمح من روسيا وأوكرانيا خلال 2021، 25 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3KHzK8w
[21] نوافد، مستشارة بالإحصاء: رفع أسعار الخبز سيلقي بالمزيد من المصريين تحت خط الفقر، 5 أغسطس/آب 2021، https://bit.ly/3J5k12u
[22] وزارة المالية المصرية، البيان المالي لموازنة 2021/2022، ص102 و103.
[23] اليوم السابع، 2700 جنيه حد أدني للأجور..هدية الرئيس السيسي للمصريين في 2022، 18 يناير/كانون الثاني 2022، https://bit.ly/3KAQgXy
[24] روسيا اليوم، مصر توقف تصدير أهم 4 سلع في البلاد، 1 مارس/آذار 2022، https://bit.ly/3KKOq6N
[25] البنك المركزي المصري، البيان الصحفي لميزان المدفوعات عن العام المالي 2020/2021.
[26] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، النشرة المعلوماتية الشهرية، عدد يناير 2022.
[27] وزارة المالية المصرية، البيان لمالي لموازنة عام 2021/2022، ص76.
[28] الدستور، النواب يوافق نهائيًا على إنشاء صندوق دعم السياحة والآثار، 8 فبراير/شباط 2022، https://www.dostor.org/3708298
[29] اليوم السابع، النواب يرفض تعديل قانون التعليم، 8 فبراير/شباط 2022،
[30] بوابة أخبار اليوم، النواب يرفض تعديل قانون التعليم، 8 فبراير/شباط 2022،
[31] اليوم السابع، مجلس النواب يوافق نهائيًا على تعديلات قانون الشهر العقاري، 22 فبراير/شباط 2022،
[32] بوابة الأهرام، النواب يوافق على مشروع قانون المجلس الصحي، 22 فبراير/شباط 2022،
[33] المصدر السابق.
[34] الأهرام، النواب يوافق على تعديل قانون سوق رأس المال، 22 فبراير/شباط 2022،
[35] المال، النص الكامل لمشروع تعديلات قانون رأس المال، قبل مناقشتها بالبرلمان، 24 يناير/شباط 2022،
[36] بوابة الأهرام، النواب يوافق على مشروع القانون بشأن مواعيد إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير الغرض السكني، 21 فبراير/شباط 2022،
[37] الديوان، مجلس النواب يوافق من حيث المبدأ على تعديل قانون المخابرات، 22 فبراير/شباط 2022،
[38] إسلام ويب، احترام المعلم، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، https://bit.ly/3Knik0B
[39] مجتمع المعرفة، مكانة المعلم في الدول المتقدمة، 24 سبتمبر/أيلول 2021، https://bit.ly/3K7cArO
[40] المصدر السابق.
[41] اليوم السابع، مدرسة السنبلاوين بعد اعتداء الأهالى عليها: واجهت تهديدات بعد منع الغش لكنى أسامحهم، 4 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3tkhomP
[42] حركة التوحيد والإصلاح، مكانة المعلم في الإسلام، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2019، https://bit.ly/3pI2yW8
[43] دنيا الوطن، دور الدراما المصرية في تشويه صورة المعلم، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، https://bit.ly/3HT0VuV
[44] الشروق، من الطعن في البخاري إلى إنكار المعراج!، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3pIuU2B
[45] CNNبالعربية، إبراهيم عيسى يثير عاصفة من الجدل في مصر بعد تصريحاته عن واقعة المعراج، 19 فبرير/شباط 2022، https://cnn.it/3pERn0k
[46] القاهرة 24، ليست المرة الأولى.. حلقة قديمة لـ إبراهيم عيسى يشكك خلالها في الإسراء والمعراج، 19 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3HYP3bb
[47] البيان، شيخ الأزهر يستنكر “الغلو العلماني” المنتشر في الإعلام المصري، 23 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3MuHNab
[48] مركز الأزهر العالمي للفتوى لإلكتروني، 19 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3IO0C68
[49] الحكاية، مجدي الجلاد يرد على إبراهيم عيسى: جماعات تريد أن يتراجع الدين وتسود العلمانية، 21 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3tuSCR7
[50] الشروق، من الطعن في البخاري إلى إنكار المعراج!، 22 فبراير/شباط 2022، https://bit.ly/3pIuU2B
[51] يوتيوب، bbc news، فيديو متداول لإبراهيم عيسى حول نساء الصعيد، 17 فبراير/شباط 2022،
[52] القدس، إبراهيم عيسى يواصل نشر المزاعم، قصة المعراج وهمية، 19 فبراير/شباط 2022،
[53] المصدر السابق.
[54] يوتيوب، أحمد كريمة في أول تعليق له على افتراءات إبراهيم عيسى، 20 فبراير/شباط 2022،
[55] الإمارات اليوم، أو لرد من الأزهر على تشكيك إبراهيم عيسى في الإسراء والمعراج، 19 فبراير/شباط 2022،
[56] مصراوي، الأعلى للإعلام يصدر بيانًا بشأن إبراهيم عيسى، 19 فبراير/شباط 2022،
[57] تحيا مصر، بعد إحالة إبراهيم عيسى للتحقيق عمرو أديب غاضبًا أين حرية الإعلام، 20 فبراير/شباط 2022،
[58] العرب، باسم من يتحدث أديب حتى يلمح إلى إمكانية غزو ليبيا، 1 مارس/آذار 2022،
[59] Sputnik عربي، الخارجية الليبية تستدعي القائم بأعمال السفارة المصرية بعد تصريحات شبهت أوكرانيا بليبيا، 27 فبراير/شباط 2022،
[60] الحرة، تشبيه مصر وليبيا بأوكرانيا وروسيا، القاهرة ترد على بيان، 27 فبراير/شباط 2022،https://arbne.ws/3HOliJU