المحتويات
مقدمة
الدفتر الأول: تركيا وسوريا
- العملية العسكرية المرتقبة واستكمال “الحزام الأمني”
- محاولة روسية لإقناع تركيا بعبور طائراتها إلى سوريا
الدفتر الثاني: تركيا والعراق
- قصف قاعدة تركية في شمال العراق
الدفتر الثالث: تركيا وليبيا
- البرلمان التركي وتمديد مهمة القوات التركية بليبيا
الدفتر الرابع: تركيا ومصر
- زيارة وزير المالية التركي للقاهرة
الدفتر الخامس: تركيا ودول الخليج
- زيارة ولي العهد السعودي بن سلمان لأنقرة
- استبعاد قطر وتركيا من تشغيل المطارات الأفغانية
الدفتر السادس: تركيا وفلسطين والكيان الصهيوني
- زيارة تشاووش أوغلو لفلسطين وسياسة فصل المسارات
- إحياء ذكرى الاعتداء الإسرائيلي على السفينة “مرمرة”
- تحذيرات الكيان الصهيوني لرعاياه في تركيا
الدفتر السابع: تركيا وأوروبا
- تصاعد التوتر بين تركيا واليونان
- تركيا وانضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو
- مساعي فتح الممر التجاري الآمن في البحر الأسود
الدفتر الثامن: تركيا والولايات المتحدة الأميركية
- أمريكا والعملية العسكرية التركية المحتملة في سوريا
- اللقاء الأول للأليّة الاستراتيجية التركية الأمريكية
الدفتر التاسع: تركيا والعالم الإسلامي
- العلاقات التركية الباكستانية بعد رحيل عمران خان
- المصالح المتعارضة بين إيران وتركيا
الدفتر العاشر: الداخل التركي
- إعلان أردوغان عن ترشحه لانتخابات الرئاسة
- مطار “أتاتورك” وحديقة “الشعب”
- تدشين أول أنابيب نقل الغاز من البحر الأسود
مقدمة
يتناول تقرير «دفاتر تركية» عن الفترة من 15 مايو/أيار إلى 15 يونيو/حزيران 2022، أهم الأحداث الداخلية والخارجية في تركيا.
فعلى مستوى العلاقات الخارجية، وفي مناطق التدخل العسكري، واصلت تركيا استعدادتها لعملية عسكرية مرتقبة في شمال سوريا، بالتزامن مع أنشطتها العسكرية في شمال العراق، والتي أدت إلى تحييد عدد كبير من عناصر التنظيمات الإرهابية. هذا بالإضافة إلى تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا، والتي تواصل عملها في تدريب الجيش الليبي ودعمه.
أما العلاقات الخليجية فيبدو أنها سوف تشهد مزيدًا من التطور الإيجابي بعد زيارة ولي العهد السعودي لأنقرة، والتي سوف يسبقها زيارة لعدة دول، منها مصر التي يتوقع البعض أن يكون لهذه الزيارة أثر على تقاربها مع تركيا، خاصّة وأنها استقبلت وزيرًا تركيًا لأول مرة منذ سنوات.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية والعلاقات التركية الإسرائيلية، يسعى صناع القرار للفصل بين مسار دعم الفلسطينيّين، ومسار التطبيع مع دولة الاحتلال، وهو ما ظهر جليًّا في زيارة وزير الخارجية التركي للأراضي الفلسطينية والكيان الصهيوني.
وإذا انتقلنا إلى أوروبا، فسنجد أن تركيا تحاول استثمار الظرف الدولي الراهن، والذي أظهر أهميتها الإقليمية والدولية، في تحقيق مصالحها، وهو ما رصده التقرير في تعامل أنقرة مع طلب توسيع حدود حلف الناتو بدول ترى أنقرة أنها تدعم التنظيمات الإرهابية المعادية لها، وفي السعي لإيجاد ممر آمن للسفن التجارية في البحر الأسود، لحل أزمة الحبوب الناتجة عن الحرب الأوكرانية.
وفيما يخص العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد عُقِد اللقاء الأول للآلية الاستراتيجية، التي تستهدف حل الخلافات الثنائية من خلال الحوار وتطوير مجالات التعاون المشترك.
وعلى صعيد العالم الإسلامي، سلط التقرير الضوء على مستقبل العلاقات التركية الباكستانية بعد رحيل حكومة عمران خان، ومؤشرات استمرار التقارب التركي الباكستاني في عهد خلفه شهباز شريف الذي قام بزيارة مهمة لأنقرة. وذلك على عكس التباعد الذي يزداد يومًا بعد يوم في العلاقات التركية الإيرانية بسبب تعارض مصالح البلدين في العديد من الملفات.
وفي الداخل التركي، أعلن الرئيس أردوغان ترشحه لانتخابات الرئاسة في 2023، في الوقت الذي فشلت فيه المعارضة على تسمية مرشح لها حتى الآن. كما ألقت المكايدات السياسية بظلالها على مشروع تحويل مطار أتاتورك إلى حديقة وطنية كبرى، وهو الحادث الذي استغلته المعارضة في إثارة الجماهير، باتهامها لأردوغان بمحاولة طمس اسم أتاتورك.
وكان خبر تدشين اول أنبوب للغاز الطبيعي في البحر الأسود بمثابة أمل جديد لتركيا التي تستورد الطاقة بفاتورة باهظة.
الدفتر الأول: تركيا وسوريا
في الوقت الذي تنشغل فيه روسيا بالحرب في أوكرانيا، ويشعر فيه الغرب بالحاجة إلى تركيا، تزايدت وتيرة الاستعداد لعملية عسكرية مرتقبة في شمال سوريا، بهدف تطهير المنطقة الحدودية من التنظيمات الإرهابية، وتأمين شريط حدودى بعمق 30 كم. ويبدو أن الظرف الدولي الراهن قد يدفع روسيا وأمريكا إلى تخفيف حدة معارضتهما لمثل هذه العمليات.
- العملية العسكرية المرتقبة واستكمال “الحزام الأمني”
أكد مجلس الأمن القومي التركي، أن العمليات العسكرية الجارية حاليًّا على الحدود الجنوبية للبلاد والأخرى التي ستُنفذ، ضرورة للأمن القومي، وأنها لا تستهدف سيادة دول الجوار. وهو ما عده المراقبون إشارة إلى عملية عسكرية مرتقبة.
وعلى الأرض، دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى الأراضي السورية، وذكر قائد عسكري في الجيش الوطني التابع للمعارضة السورية، أن هذه التعزيزات توجهت إلى القواعد التركية. وأفاد سكان محليُّون في مناطق ريف تلأبيض الغربي بأن الجيش التركي وفصائل المعارضة أطلقوا عشرات القذائف على عدة قرى غرب تلأبيض الخاضعة لسيطرة ما يُعرَف بـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وبدوره، بدأ الجيش الوطني السوري المعارض في رفع جاهزية مقاتليه، وقام بتنفيذ عرض عسكري في مدينة أعزاز المجاورة لمدينة تلرفعت التي يسيطر عليها تنظيم (واي بي جي)، ضمن استعداداته لمشاركة تركيا في عملية عسكرية مرتقبة في المنطقة[1].
وفي إطار ردود الأفعال الدولية على التحركات التركية هذه، أعربت روسيا عن قلقها من أن تؤدي التحركات التركية إلى عدم الاستقرار، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا: “نأمل أن توقف أنقرة أي تحركات قد تؤدي إلى تدهور خطير في الوضع المعقد بعض الشيء في سوريا”.
وقالت زاخاروفا إنه في حين أن روسيا تتفهم رغبة تركيا في ضمان أمنها على طول الحدود السورية، إلا أن أفضل طريقة لتحقيق الأمن هي السماح للقوات السورية الحكومية بالتمركز على طول الحدود.
وأشارت تقديرات في موسكو، إلى أن الروس ليست لديهم مصلحة في اشتعال جبهة جديدة في سوريا، لأن موسكو المنخرطة في معركتها في أوكرانيا لا تريد هزات كبرى في موازين القوى وخرائط توزيع النفوذ في سوريا حاليًّا[2].
هذا في حين حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، من أن واشنطن ستعارض “أي تصعيد” شمالي سوريا.
وقال بلينكن: “نحن ندعم الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الحالية”، ولكن الحكومة التركية أبلغت واشنطن بأنها مصممة على اتخاذ التدابير اللازمة ضد “التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمنها القومي”.
أما النظام السوري فقد تعهد – على لسان بشار الأسد – بمقاومة أي غزو تركي لأراضيه على الصعيدين الرسمي والشعبي، وأشار إلى أن الجيش السوري كبَّد نظيره التركي خسائر خلال المواجهة بينهما قبل عامين، على حد زعمه[3].
وفي سياق متصل، جدد الرئيس التركي أردوغان عزم بلاده إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري، واصفًا تلك الخطوة بـ”الحزام الأمني”.
وقال أردوغان: “بمشيئة الله سنستكمل الحزام الأمني البالغ عمقه 30 كيلومترًا، والذي نعمل على إقامته خطوة بخطوة على طول حدودنا مع سوريا، في أسرع وقت ممكن”. ولفت إلى أن تركيا ستكون عبر هذه الطريقة قد قضت تمامًا على الآليّة التي تخدع أبناءها وتغرر بهم وتقودهم إلى الجبال للقتال في صوف التنظيمات الإرهابية[4].
وقد حدد خبراء مكاسب تركيا السياسية والاقتصادية والأمنية من إقامة المنطقة الآمنة، معتبرين أنها تساهم في الاستقرار وتحسن الوضع الاقتصادي بتلك المناطق.
ويمكن حصر هذه المكاسب في الاستقرار الأمني، ووحدة الأراضي، وإبعاد خطر الإرهاب من قبل الإرهابيّين الانفصاليّين، وتوفير المواد اللازمة والضرورية، وتحسين الزراعة والاقتصاد، وتشجيع العودة الآمنة الطوعية للسوريّين، وإعادة الإعمار، وضمان أمن دول الجوار، وتمكين السوريّين وتقوية يدهم بالمفاوضات الدولية عبر تقوية الموقف المحلي[5].
وفي قراءة مختلفة للوضع، ذهبت بعض الأوساط الروسية إلى الاعتقاد بأن أردوغان لا يريد تفجير الموقف في الحقيقة، وأن مطالبه حول المنطقة الآمنة لا تزيد على كونها مناورة لحمل الغرب على تقديم تنازلات لأنقرة، في مقابل موافقتها على انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف الغربي[6]. ولكن الأوضاع على الأرض تشير إلى أن هناك تطور ميداني مهم قد يحدث في الفترة القادمة.
- محاولة روسية لإقناع تركيا بعبور طائراتها إلى سوريا
كشف نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، عن سعي موسكو لإقناع أنقرة بإعادة فتح المجال الجوي التركي أمام الطائرات الروسية التي تقل عسكريّين من وإلى سوريا.
وقال بوغدانوف، في 19 مايو/أيار، في رده على سؤال بهذا الشأن، على هامش قمة “قازان” الاقتصادية الدولية (روسيا-العالم الإسلامي): “نعم، بطبيعة الحال”[7].
وكانت تركيا قد أعلنت في أبريل/نيسان الماضي عن إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية العسكرية والمدنية المتجهة إلى سوريا، وأوضح وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أن الترخيص الممنوح لمدة ثلاثة أشهر من أنقرة إلى موسكو لتسيير هذه الرحلات انقضى في أبريل/نيسان.
وذكر تشاووش أوغلو أنه ناقش هذا الأمر في مارس/آذار الماضي خلال زيارته إلى موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي تعهد بإطلاع الرئيس فلاديمير بوتين على المسألة. وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن الجانب الروسي بعد يوم أو اثنين أبلغ أنقرة بأن بوتين أمر بالتوقف عن تسيير هذه الرحلات[8].
في هذا السياق، ربطت صحيفة “نيزافيسيمايا غزيتا” الروسية بين هذا القرار والحرب المشتعلة في أوكرانيا، وذكرت أن هذا القرار “غير المتوقع” صدر من جانب الأتراك ليكون وسيلة ضغط على روسيا، خاصّة وأنه صدر عشية وصول الأمين العام للأمم المتحدة إلى أنقرة للتباحث حول الأزمة الأوكرانية.
كما ربط خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيمينوف، القرار التركي بالضغوط الغربية، وقال: “تقول تركيا إن روسيا، كلما طال الصراع، كلما رفضت أكثر إجراء حوار في الجوهر، وكلما اضطرت أنقرة إلى الانخراط في إجراءات الضغط على روسيا، لأنها نفسها تتعرض لضغوط من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي”[9].
وثمَّة تقديرات تفيد بأن الهدوء قد يتزعزع في سوريا قريبًا، ولكن يبدو أن خيار مقايضة أوكرانيا بسوريا غير مقبول للكرملين، ما يعني أن الاتفاقات على هذا الأساس غير ممكنة. وهو ما صرح به وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، الذي أكد أن روسيا موجودة في سوريا “بناءً على طلب الرئيس الشرعي للجمهورية العربية السورية، الحكومة الشرعية لذلك البلد، وأن بلاده سوف تلتزم بهذا الخط في المستقبل أيضًا”. وتابع: “سندعم القيادة السورية في جهودها لاستعادة وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية بشكل كامل، لأنه لا تزال هناك وحدات من القوات المسلحة للدول لم يدعها أحد”[10].
الدفتر الثاني: تركيا والعراق
مازالت القوات التركية تواصل عملياتها في شمال العراق، في إطار العملية الأخير “المخلب-القفل”، التي أسفرت حتى الآن عن تحييد العشرات من عناصر التنظيمات الإرهابية المتواجدة في المنطقة، وسقوط عدد من القوات التركية، والاستيلاء على كميات من الأسلحة التي تستخدمها هذه التنظيمات.
وكان جهاز المخابرات التركي قد أعلن تمكنه من تحييد القيادي في حزب العمال الكردستاني، محمد أردوغان، في مدينة الموصل العراقية، وهو المسؤول عن مناطق مخمور وكركوك والموصل، ويُعرَف باسم “أحمد روبار”، وهو مطلوب للسلطات التركية بتهمة محاولة قلب النظام الدستوري والمَسّ بوحدة الدولة وسلامتها[15].
- قصف قاعدة تركية في شمال العراق
في أحدث تطورات عملية “المخلب-القفل”، التي تقوم بها القوات التركية في شمال العراق ضد التنظيمات الإرهابية، قصفت مجموعة مسلحة تسمى “أحرار سنجار”، قاعدة عسكرية تركية في منطقة زيلكان التابعة لبلدة بعشيقة شرقي مدينة الموصل بمحافظة نينوى شمالي العراق، في 21 مايو/أيار.
وأعلنت المجموعة في بيان أنها استهدفت القاعدة بطائرتين مسيرتين، مؤكدة أنهما أصابتا أهدافهما بدقة وخلفتا اضرارًا في صفوف الجيش التركي.
وقال البيان: “قمنا باستهداف قاعدة الاحتلال التركي في بعشيقة بطائرتين مسيرتين نوعيتين تستخدمان للمرة الأولى منذ بدء عملياتنا”. وذكر أن القصف يأتي ردًّا على غارات تركية استهدفت عناصر لحزب العمال الكردستاني في ضواحي محافظت كركوك ونينوى[16].
وفي 17 يونيو/حزيران، أفاد مصدر أمني بتعرض محيط معسكر زيلكان لقصف صاروخي، بعد ساعات من تهديد أحد الفصائل العراقية للقوات التركية واعتبارها “أهدافًا معادية”.
وأوضح أن “انطلاق الصواريخ كان من مجمع زيونة السكني خلف أكاديمية شرطة نينوى على طريق شلالات الموصل”، مبينًا أن “هذا القاطع يسيطر عليه اللواء 30 في الحشد الشعبي”.
وفي وقت سابق، قال الأمين العام لكتائب الإمام عليّ، شبل الزيدي، في تغريدة، إن “تركيا ومصالحها أهداف معادية[17]، وهو ما يقوى احتمالية ضلوع التيارات الموالية لإيران في هذا القصف.
وفي سياق متصل، برز خيار المنطقة الآمنة في شمال العراق إلى الواجهة من جديد، حيث أشارت وسائل إعلام تركية أن الهدف الوحيد الذي ترسمه أنقرة لعمليتها العسكرية المستمرة يتمثل في تطهير ما تصفه بممر الإرهاب في زاب وماتينا وأفاشين باسيان، وإنشاء منطقة آمنة. في حين قال موقع “المونيتور” الأمريكي إن “تركيا تسعى لإنشاء مناطق آمنة في شمال العراق، لمنع تنظيم (PKK) الإرهابي من القيام بعمليات في أراضيها”.
لم يصدر موقف تركي صريح بشأن هذا المسار، لكن محللين ومراقبين يتحدثون عنه كجزءٍ من التصور التركي لإيجاد حل دائم لمسألة المنظمة الإرهابية، خاصّة مع وجود تجربة “ناجحة” لتركيا شمالي سوريا، رغم اختلاف الظروف والأسباب.
ولكن هذا التصور يكتنفه الكثير من الصعوبات؛ ففضلًا عن رفض الكتل السياسية العراقية النافذة، فإن إقليم شمال العراق الحليف الأبرز لتركيا، بدا قلقًا من هذا المسار، باعتبار أن ميدان تلك المنطقة سيكون قرى ومناطق في الإقليم إذا ما نُفِّذ بالفعل.
في هذا الإطار، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، محمد زنكنة، إن المنطقة الآمنة التي تخطط لها تركيا ستكون صعبة الهضم، خاصَّة على العراق وإيران، وحتى الجانب الأمريكي، لعدة اعتبارات؛ أبرزها أن إيران تستقوي بحزب العمال الكردستاني على دول المنطقة، فضلًا عن أن تلك المنطقة ستزيد الوضع تعقيدًا، خاصَّة أن تركيا لا تترك المناطق التي تقع تحت سيطرتها[18].
الدفتر الثالث: تركيا وليبيا
تعمل تركيا على تعزيز تعاونها مع ليبيا، وهو ما تجلت مظاهره في الفترة الماضية من خلال لقاءات المسؤولين، حيث التقى وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، في مدينة إسطنبول. وشهدت العاصمة الليبية، طرابلس، مباحثات أجراها السفير التركي لدى ليبيا، كنعان يلماز، مع المشري، ووزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، تناولت سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين.
كما افتتحت جمعية الصناعيّين ورجال الأعمال المستقلين التركية (موصياد) فرعًا لها بالعاصمة الليبية، وحضر الافتتاح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة[11].
وأعلنت مجموعة “قرنفيل” التركية، استئناف رحلاتها البحرية بين إسطنبول ومدينة مصراتة الليبية، بعد توقف دام قرابة 25 عامًا، لتشكل بذلك همزة وصل بين 26 ألف شركة تركية و120 ألف عميل ليبي[12].
هذا وقد سلط التقرير الضوء هذه المرة على التعاون العسكري، وهو أبرز ميادين التعاون بين البلدين، حيث يناقش البرلمان التركي تمديد عمل القوات التركية المتواجدة على الأراضي الليبية، في الوقت الذي تواصل فيه هذه القوات تدريب عناصر الجيش الليبي.
- البرلمان التركي وتمديد مهمة القوات التركية بليبيا
أحالت الرئاسة التركية، في 13 يونيو/حزيران، مذكرة إلى رئاسة البرلمان، لتمديد مهام قوات البلاد في ليبيا، لمدة 18 شهرًا إضافيًّا.
وأشارت المذكرة التي حملت توقيع الرئيس التركي أردوغان إلى أن “الجهود التي بدأتها ليبيا عقب أحداث فبراير/شباط 2011، لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سدى بسبب النزاعات المسلحة التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزأة في البلاد”.
ولفتت إلى توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب، برعاية أممية، يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، بعد نحو عام من المفاوضات بين كافة الأطراف الليبية، في سبيل إحلال وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد، موضحة أنه تمَّ تشكيل حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من الأمم المتحدة، بموجب الاتفاق السياسي الليبي.
وأشارت المذكرة إلى أن ما يُعرَف بالجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، “بدأ في 4 أبريل/نيسان 2019 هجومًا للاستيلاء على العاصمة طرابلس”، مشددة على أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا “هو حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية التي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا”.
وأضافت: “وللحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا”، مبينة أن تركيا أرسلت قواتها إلى ليبيا بموجب المادة 92 من الدستور، بتاريخ 2 يناير/كانون الأول 2020، داعية البرلمان للموافقة على تمديد مهام القوات التركية في ليبيا لمدة 18 شهرًا، اعتبارا من 2 يوليو/تموز 2022[13].
وفي سياق مرتبط بالتعاون الدفاعي، كانت تركيا قد أعلنت، في 4 يونيو/حزيران، استمرار التدريبات العسكرية المشتركة مع ليبيا، والتي شاركت فيها عناصر من القوات المسلحة من البلدين، وذلك في العاصمة الليبية طرابلس.
وقالت مصادر أمنية تركية، إنه “وفقًا لمذكرة التفاهم والتعاون الأمني والعسكري الموقعة بين تركيا والدولة الليبية، يستمر تدريب البحارة الليبيّين من قبل قيادة التدريب البحري المشتركة في مدينة حمص الساحلية شرقي ليبيا”.
وأضافت أن “عناصر القوات المسلحة التركية العاملة في ليبيا، يقومون بنقل معارفهم وخبراتهم إلى الجنود الليبيّين وأفراد البحرية الليبية في مركز التدريب المشترك لمدة عامين تقريبًا”.
وتابعت أنه “تمَّ تدريب طاقم القارب الحربي الليبي (شفق) من قبل القوات البحرية التركية، حيث تمَّ إرسال الطاقم إلى تركيا للمشاركة في تدريبات مكافحة الحرائق Efes-2022، الذي استضافته تركيا، واستمر إلى 9 يونيو/حزيران، بمشاركة دول صديقة وحليفة”[14].
الدفتر الرابع: تركيا ومصر
في الوقت الذي يعاني فيه مسار تطبيع العلاقات التركية المصرية من البطء، جاءت زيارة وزير المالية التركي للقاهرة لتؤشر على إمكانية حدوث تطور قريب في هذا المسار.
ولعل زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لمصر، قبل زيارته لتركيا، تحمل جديدًا في ملف التطبيع بين القاهرة وأنقرة، وهو ما أشار إليه محللون قالوا إن الزيارة يمكن أن تكون بوابة للعلاقات التركية المصرية، وأن هناك توقعات بتطبيع العلاقات مع مصر أيضًا، وأن تكون هناك خطوات عملية حول المعارضة المصرية الموجودة في تركيا[19].
- زيارة وزير المالية التركي للقاهرة
شارك وزير الخزانة والمالية التركي، نور الدين نباتي، في3 يونيو/حزيران، في أعمال الدورة الـ 47 للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية لعام 2022، بمدينة شرم الشيخ في مصر. وقال الوزير التركي في تغريدة، إنه شارك في الجلسة العامة في إطار الاجتماعات السنوية لمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية.
وتعتبر زيارة نبطي الأولى على مستوى وزير منذ 9 سنوات بعد انقطاع العلاقات بين البلدين على خلفية دعم تركيا لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وموقفها الحاد حيال الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر عام 2013، والموقف من رأس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، حيث اعتبرت حكومته انقلابية[20].
ويرى مراقبون أنه على الرغم من أن هدف الزيارة لم يكن مناقشة العلاقات الثنائية بين تركيا ومصر، إلا أن مشاركة الوزير التركي في الاجتماع تحمل في طياتها معانٍ رمزية من حيث العلاقات بين البلدين والتقدم المُحرَز مؤخرًا[21].
ونقلت صحيفة “ديلي صباح” التركية عن خبراء اقتصاد قولهم إن زيارة الوزير التركي، “مؤشر إيجابي للغاية على التطورات القادمة مما قد يفتح الباب أمام المصالحة بين البلدين”.
وأضافت: “اللهجة التي يتبناها الوزير التركي من الممكن أن تمهد الطريق لعلاقات اقتصادية أقوى من ذي قبل في وقت تحتاج فيه الدول إلى التعاون لحماية نفسها من الأزمات الاقتصادية التي تجتاح العالم”[22].
يُذكر أن القاهرة وأنقرة وقعتا اتفاقية التجارة الحرة (FTA) عام 2005، ودخلت حيز التنفيذ في 2007، ولا تزال سارية بين البلدين.
كما تضاعف إجمالي حجم التجارة ثلاث مرات تقريبًا بين عامي 2007 و2020، مما يدل على أن البلدين بذلا مجهودًا كبيرًا في حماية تبادلاتهما الاقتصادية بعيدًا عن الخلافات السياسية.
وفي تعقيبه، قال الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجي إن “زيارة الوزير التركي خطوة ونقلة للأمام نحو رفع مستوى الحوار والتواصل بين البلدين”، مستدركًا: “لكن ليس على مسار تطبيع العلاقات بشكل كامل؛ لأن لهذا المسار متطلباته التي لم تستجب لها أنقرة حتى الآن”.
وأكد عبدالفتاح أن التواصل والحوار ارتفع تدريجيًّا بين البلدين على مستوى السفراء ثم مساعدي وزير الخارجية، والآن على الصعيد الوزاري. وأن رفع درجة ومستوى التواصل بهذا الشكل يمكن أن يسهم في تقليص حدة الجفاء السياسي، وتمهيد السبيل للتقارب بين الدولتين.
وأبرز الخبير بمركز الأهرام أن “العلاقات الاقتصادية أسرع ممر لإذابة الجليد بين الدول، ورغم القطيعة السياسية بين البلدين كانت الوشائج الاقتصادية قائمة ومستمرة”.
وأردف: “أي تحرك مصري تركي في أي اتجاه سواء اقتصادي أو سياسي أو أمني يمكن أن يسهم في تقريب وجهات النظر، وتقليص حدة الجفاء بين البلدين، وعودة العلاقات لطبيعتها، شريطة أن تستجيب أنقرة للمطالب المصرية”[23].
جدير بالذكر أن تركيا ومصر في مباحثات لتطبيع العلاقات بينهما منذ عام 2021، ورغم التحسن النسبي في العلاقات بين البلدين بعد اجتماعات عقدت على مستوى نائبي وزيري الخارجية إلا أنها بطيئة التقدم ولم يتفق البلدان على تبادل السفراء حتى الآن.
الدفتر الخامس: تركيا ودول الخليج
أكد الرئيس التركي أردوغان على أن لبلاده قواسم مشتركة مع السعودية والإمارات، وأن الخلافات معهما قد تمَّ تجاوزها. ووصف أردوغان تلك الخلافات بأنها “خلافات داخل الأسرة الواحدة”، وأضاف: “تجاوزنا الخلافات مع الرياض وأبوظبي، ووضعنا خططًا لتطوير سريع للعلاقات الثنائية في مجالات التجارة والصناعة والصناعات الدفاعية والثقافة والسياحة، ونتخذ خطوات لذلك”.
وفي هذا الإطار، قام وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد آلنهيان، بزيارة إلى أنقرة، بحث فيها مع الجانب التركي التطورات المسجلة مؤخرًا في العلاقات بين البلدين، وقضايا إقليمية. وخلال الزيارة، أعرب وزير الخارجية التركي، تشاووش أوغلو، عن رغبة بلاده في توقيع اتفاقية التجارة الشاملة مع الإمارات العربية المتحدة قبل نهاية العام الحالي.
كما بحث وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في 30 مايو/أيار، مع نظيره الإماراتي محمد بن أحمد البواردي، قضايا ثنائية وإقليمية والتعاون العسكري بين البلدين، وذلك خلال زيارته لأبوظبي، وهي الأولى لوزير دفاع تركي منذ 15 عامًا. وخلال الزيارة وقع البلدان مذكرتي تفاهم لتطوير العلاقات في مجال الصناعات الدفاعية والتدريب العسكري وإقامة المناورات المشتركة بين البلدين.
وقد سلط التقرير الضوء على الزيارة المرتقبة لولي عهد السعودية إلى أنقرة، والتي يعول عليها الطرفان في السير بتطبيع العلاقات قدمًا. بالإضافة إلى نجاح الإمارات في اقتناص اتفاقية إدارة مطارات أفغانية كانت تركيا وقطر تتفاوضان مع حركة طالبان من أجل إدراتها.
- زيارة ولي العهد السعودي بن سلمان لأنقرة
ذكرت وكالة “بلومبيرغ” العالمية، أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يعتزم زيارة تركيا، وذلك بعد أسابيع من زيارة الرئيس التركي أردوغان للمملكة ولقائه معه ومع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وأوضحت الوكالة أن الزيارة سوف تكون ضمن جولة إقليمية تشمل بجانب تركيا، كلًّا من اليونان وقبرص الرومية والأردن ومصر.
وفي 31 مايو/أيار، كشفت الرئاسة التركية عن زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي إلى أنقرة، وذكر المتحدث باسم الرئاسة، إبراهيم قالن، أن العمل جار لتحديد موعد الزيارة، والتي كان مقررًا لها أن تكون في 25 مايو/أيار، وتمَّ تأجيلها لمرض الملك سلمان[24].
تأتي خطة ولي العهد لزيارة تركيا بعد زيارة أردوغان للمملكة في أبريل/نيسان، وهي الزيارة التي لم تشهد توقيع اتفاقيات تصب في تنمية التعاون بين الجانبين، ولهذا فإنه من المنتظر أن تكون زيارة ولي العهد فرصة مناسبة لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات التي تغطي مجالات عديدة، منها التجارة والاستثمار والطاقة[25].
لا شك أن إضافة اليونان وقبرص الرومية إلى الجولة لن يريح الحكومة التركية، خاصَّة وأن الفترة الأخيرة تشهد توترًا كبيرًا بين أنقرة وأثينا، ولكن يبدو أن الرياض تريد أن ترسل رسالة إلى أصدقائها مفادها أن تحسن العلاقات مع أنقرة لن يكون على حساب علاقاتها معهم.
ومع ذلك، ترحب تركيا بهذه الزيارة، وتحظى باهتمام حكومي كبير، لأنها خطوة قوية لتطبيع العلاقات التركية السعودية، ويمكن أن تكون بوابة للتقارب في العلاقات التركية مع دول أخرى في الإقليم، مثل مصر.
وقد يكون للبُعد الاقتصادي في هذه الزيارة أهمية كبيرة بالنسبة للجانب التركي، حيث تتطلع أنقرة إلى استثمارها في توقيع مجموعة من الاتفاقيات التي تساعد في تقوية اقتصادها، ولكن إزالة أسباب التوتر والتباعد هو البُعد الأهم في هذه المرحلة.
وعلى الجانب السعودي، يرى مراقبون أن الزيارة تمثل أهمية كبرى وتطورًا في عودة العلاقات السعودية التركية إلى طبيعتها السابقة، وأن المملكة قدرت المصالح العليا، وحرصت على احتواء الخلافات السياسية لانعكاساتها الإيجابية على ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة، لاسيما في ظل استمرار وجود مخاطر التهديدات الأمنية في ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، والملف السوري، وملف الإرهاب، وموقف إيران وتدخلاتها غير المشروعة في بعض دول المنطقة. وهذه الملفات تدفع البلدين إلى الرغبة المشتركة في إعادة وترسيخ هذه العلاقات، بهدف تعزيز الأمن الإقليمي[26].
وفي خطوة تعبّر عن التحسن اللافت في العلاقات الثنائية، كشف موقع “Tactical Report” أن السعودية تجري مباحثات مع تركيا لشراء طائرات مُسيَّرة بدون طيار. وكان الرئيس أردوغان قد صرح في مارس/آذار الماضي بأن السعودية طلبت شراء هذه الطائرات من أنقرة[27].
- استبعاد قطر وتركيا من تشغيل المطارات الأفغانية
ذكرت الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتية، في 24 مايو/أيار، أنها وقعت اتفاقًا مع حكومة طالبان لتقديم خدمات المساعدة الأرضية في المطارات الأفغانية الثلاثة الرئيسة. وقال مسؤول من الهيئة إنها وقعت عقدًا مدته 18 شهرًا يشمل المطارات في كابل، وقندهار، وهرات.
وقال حميد الله أخوندزاده، وزير النقل والطيران المدني الأفغاني، في مؤتمر صحقي: “العقد الحالي مخصص فقط لتقديم خدمات المناولة الأرضية”[28].
وكان نائب رئيس الوزراء بالإنابة في حكومة طالبان، الملا عبدالغني برادر، قال إن الحكومة ستوقع اتفاقًا مع الإمارات لتقاسم المسؤولية عن تشغيل المطارات في أفغانستان.
جاء الاتفاق مع الإمارات بعد مفاوضات استمرت منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول 2021، بين حركة طالبان وقطر وتركيا، حيث عقدت مباحثات بين وفود قطرية وتركية بشأن تشغيل مطار كابول، تكلّلت بتوقيع مذكرة تفاهم بين شركتين من تركيا وقطر لهذا الغرض على أساس “الشراكة المتكافئة”.
ولكن مع نهاية أبريل/نيسان الماضي، نقلت “رويترز” عن مسؤولين قولهم إن المفاوضات بين طالبان وقطر وتركيا لتشغيل المطارات الأفغانية الخمسة، وبينها مطار العاصمة كابل، وصلت إلى طريق مسدود في ظل إصرار الحركة على أن يراقب مقاتلوها المنشآت[29].
وحينها، نقلت وسائل إعلام دولية عن مصدر في طالبان أن “عقد مطار كابل مع الشركتين الحليفتين القطرية والتركية مخصص فقط للمساعدة الفنية”. وأضاف: “شعبنا سيحمي المطار، ووجود قوات أو خبراء أمن أجانب على أرضنا أمر غير مقبول لإمارة أفغانستان الإسلامية”.
ومع ذلك فإن طالبان لم تغلق الباب تمامًا في وجه قطر وتركيا، حيث أكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، أن المفاوضات لم تتوقف بين الحكومة الأفغانية وتركيا وقطر فيما يخص تشغيل المطارات في أفغانستان، وأن “الاتفاقية التي وقعت مع الإمارات تتعلق بالخدمات الأرضية، وليست شاملة تشغيل المطارات[30].
بهذا تكون الإمارات قد فازت بهذه الجولة، بفضل ما أبدته من مرونة في التعاطي مع مخاوف طالبان الأمنية، وهي خطوة يمكن أن يكون لها ما بعدها إذا لم تتفهم الدوحة وأنقرة هذه المخاوف.
الدفتر السادس: تركيا وفلسطين والكيان الصهيوني
في إطار الفصل بين مساري العلاقات “التركية الفلسطينية” و”التركية الإسرائيلية”، واصلت تركيا دعمها للقضية الفلسطينية، من خلال التعاون الثنائي مع السلطة في رام الله، ودعم الفلسطينيّين في مواجهة العدوان الإسرائيلي في القدس المحتلة.
وبالتوازي مع هذا الدعم، تواصلت مظاهر التعاون مع الكيان الصهيوني، في ظل رغبة ثنائية في إعادة ترميم العلاقات بين البلدين.
- زيارة تشاووش أوغلو لفلسطين وسياسة فصل المسارات
قام وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بزيارة للأراضي الفلسطينية المحتلة والكيان الصهيوني، في 23 مايو/أيار، حيث أكد خلال لقائه بالمسؤولين الفلسطينيّين في “رام الله” على أن دعم بلاده للقضية الفلسطينية منفصل تمامًا عن علاقاتها بإسرائيل، وأن التنسيق مع الجانب الفلسطيني بخصوص تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ودعمنا للقضية الفلسطينية منفصل عن علاقتنا مع تلأبيب. وشدد على أن بلاده ستواصل الوقوف إلى جانب الأشقاء الفلسطينيّين في كفاحهم من أجل دولة مستقلة ذات سيادة[31].
شهدت الزيارة توقيع 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في ختام الاجتماع الثاني للجنة الوزارية الفلسطينية التركية المشتركة بمقر وزارة الخارجية الفلسطينية في مدينة رام الله بالضفة الغربية. وشملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم بخصوص التعاون في مجالات البروتوكول والبيئة والمياه والقضاء، وتبادل وثائق الأرشيف التابعة للأوقاف في فترة الدولة العثمانية.
كما وقع البلدان مذكرة تفاهم بخصوص التعاون في تأهيل الشرطة والاعتراف المتبادل برخص القيادة واتفاقية البلد المضيف بين وقف المعارف التركي والحكومة الفلسطينية، ومذكرة تفاهم بين وزارة الريادة والتمكين الفلسطينية، ورئاسة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنميتها التركية.
وبعد زيارة الوزير التركي للمسجد الأقصى، وصف مدير عام الأوقاف الإسلامية، الشيخ عزام الخطيب، الزيارة بـ”التاريخية”، وقال إنها دعم للمسجد، وثمَّن موقف تركيا الواضح ضد العصابات اليمينية المتطرفة التي تعتدي على المسجد الأقصى.
وذكر الخطيب أن الوزير التركي أبلغهم بأنه “أبلغ حكومة إسرائيل، بأنه لا يوجد مسلم يسمح بالمساس بالمسجد الأقصى المبارك”[32].
وفي الجزء الثاني من زيارته، التقى الوزير التركي بكبار المسؤولين في الكيان الصهيوني، وأكد خلال هذه اللقاءات على أن العمل مع إسرائيل على أجندة إيجابية سيساعد الجانبين في التعامل مع الخلافات بشكل بناء. وأفاد أن تركيا اتفقت مع “إسرائيل” على إضفاء طاقة جديدة على العلاقات الثنائية في العديد من المجالات وتأسيس آليات مختلفة من الآن فصاعدًا.
وذكر وزير الخارجية التركي أن بلاده وإسرائيل اتفقتا على إعادة عقد اجتماعات فنية بين الوزارات والمؤسسات العامة ذات الصلة[33].
ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية على أهمية الزيارة، واصفة إيَّاها بـ”الهامة جدًّا”، وقالت في تصريح صحفي: “هي زيارة مهمة للغاية كجزء من عملية دفء العلاقة بين البلدين”.
وأجمعت وسائل إعلام إسرائيلية على أن زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إلى إسرائيل مثلت خطوة إضافية في إعادة ترميم العلاقات بين البلدين.
وفي سياق متصل بالتعاون الثنائي، كشف الرئيس أردوغان، عن استعداد إسرائيل للتعاون مع بلاده من أجل نقل الغاز الطبيعي إلى البلدان الأوروبية عبر الأراضي التركية. وأضاف أن هناك محادثات مرتقبة بين تركيا وإسرائيل للتعاون في مجال الغاز الطبيعي.
- إحياء ذكرى الاعتداء الإسرائيلي على السفينة “مرمرة”
شارك الآلاف من المواطنين الأتراك، في 30 مايو/أيار، في مسيرة لإحياء الذكرى السنوية الـ12 لهجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي على سفينة “مافي مرمرة” التركية، التي كانت تهدف لفك الحصار عن قطاع غزة، ضمن أسطول مكون من 6 سفن، وهو ما أدى إلى استشهاد 10 من النشطاء الأتراك.
حمل المشاركون الذين تجمعوا في منطقة مسجد السلطان محمد الفاتح، تحت شعار “أسطول الحرية يواصل المسير”، الأعلام الفلسطينية والتركية، ورددوا شعارات داعمة لفلسطين عامة والقدس خاصّة.
أكدت المسيرة على موقف الشعب التركي الداعم للقضية الفلسطينية، والرافض لممارسات الكيان الصهيوني العدائية، وطالب المشاركون بفك الحصار المفروض على قطاع غزة، وجاء في شعاراتهم أن “المسجد الأقصى المبارك شرفنا وسنستمر في مواصلة الطريق حتى تحريره”[34].
وفي كلمته خلال المسيرة، طالب رئيس هيئة الإغاثة التركية (IHH)، بولنت يلدرم، الحكومة التركية بالتراجع عن خطوات التطبيع مع “إسرائيل”، لأنه لا يمكن التطبيع معها، وقال: “لا نحب لا إسرائيل ولا الصهاينة.. وليسمع العالم كله”[35].
كانت غاية السفينة “مافي مرمرة” فك الحصار عن قطاع غزة، وحملت نحو 750 ناشطًا حقوقيًّا وسياسيًّا من 37 دولة أبرزها تركيا، ومساعدات إنسانية، ولكن قوات الاحتلال اعترضت السفينة، واعتدت بوحشية على من فيها، ما أدى لاستشهاد 10 متضامنين أتراك وإصابة 56 آخرين، واعتقلت جميع الناشطين الذين كانوا على متن السفينة، ما أدى إلى توتر العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي وتركيا.
- تحذيرات الكيان الصهيوني لرعاياه في تركيا
وَجَّه الكيان الصهيوني تحذيرًا لرعاياه من السفر إلى تركيا أواخر مايو/أيار، خشية تعرضهم للأذى على يد عملاء لإيران. وقال مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إن طهران قد تسعى لإلحاق الأذى بالإسرائيليّين في تركيا، ووصفها بأنها “دولة شديدة الخطورة”[36].
وفي منتصف يونيو/حزيران، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل عن تدخل مسؤولين أمنيين إسرائيليّين لإجلاء عدد من الأشخاص من تركيا بصورة عاجلة بدعوى وجود خطر داهم من قبل الإيرانيّين، بعد أن رفعت تلأبيب درجة التحذير من السفر لإسطنبول إلى أعلى مستوى. وجاء في بيان لمجلس الأمن القومي: “بالنظر إلى الطبيعة المستمرة للتهديد، وفي ضوء النوايا الإيرانية المتزايدة لمهاجمة إسرائيليّين في تركيا، خاصّة إسطنبول، رفع مجلس الأمن القومي درجة تحذير السفر لإسطنبول إلى أعلى مستوى: المستوى الرابع”.
يأتي هذا التحذير على خلفية ارتفاع نبرة التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران بعد اغتيال العقيد “حسن صياد خدايي”، الضابط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في طهران يوم 22 مايو/أيار، وهو الحادث الذي اتهمت فيه طهران تلأبيب بالوقوف وراءه[37].
ولكن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، نفى أن يكون رد بلاده على أراضي دولة ثالثة، وقال إن الرد على أفعال إسرائيل سيكون في مكانه. وأضاف أن على تلأبيب أن تدرك أن طهران لن تتسامح بشأن أمنها في المنطقة مع أي جهة[38].
ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية التركية أن “تركيا بلد آمن يواصل مكافحة الإرهاب داخليًّا وخارجيًّا بأكثر الطرق فاعلية”، وذلك في رد غير مباشر على الادعاءات الأمنية التي أطلقها الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت الوزارة في بيان صدر في 14 يونيو/حزيران، إن “نتائج مكافحة تركيا للإرهاب واضحة للعيان”. وأضافت أن “إصدار بعض الدول تحذيرات لمواطنيها من السفر إلى تركيا، يرتبط بتطورات ودوافع دولية مختلفة، ونتخذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة”[39].
جدير بالذكر أن وسائل إعلام تركية قد ذكرت منذ شهور أن السلطات التركية قد ألقت القبض على خلايا تابعة للمخابرات الإيرانية، وزعمت أنها كانت تخطط لاستهداف شخصيات إسرائيلية على الأراضي التركية.
الدفتر السابع: تركيا وأوروبا
شهدت العلاقات التركية الأوروبية العديد من الأحداث، اخترنا تسليط الضوء على أبرزها، وهي ثلاثة أحداث، أولها الانتكاسة التي شهدتها العلاقات التركية اليونانية، بعد أن استعدى رئيس الوزراء اليوناني الإدارة الأمريكية ضد تركيا، وهو ما تزامن مع أزمة جزر إيجه التي تقوم اليونان بتسليحها خلافًا للاتفاقيات التي تحظر عليها ذلك.
وثانيها هو موقف تركيا الرافض لانضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو بسبب دعمهما للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف المصالح التركية.
وثالثها هو استمرار الدور التركي المميز في التعامل مع الحرب الأوكرانية، حيث تسعى تركيا لإنهاء أزمة توريد الحبوب التي توجد في الموانئ الأوكرانية من خلال الاتفاق مع طرفي الحرب والأمم المتحدة على إيجاد ممر تجاري آمن للسفن التي تنقلها.
- تصاعد التوتر بين تركيا واليونان
قرر الرئيس التركي أردوغان، في 23 مايو/أيار، إلغاء عقد اجتماع المجلس الإستراتيجي مع اليونان، والذي كان من المقرر عقده هذا العام، وأشار أن تركيا أجرت محادثات مع اليونان واتفقت معها على عدم إدخال طرف ثالث بين البلدين، ورغم ذلك قام رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، بزيارة الولايات المتحدة وألقى في الكونغرس الأمريكي كلمة تضمنت تصريحات ضد أنقرة. وقال أردوغان: “لا أقبل بلقاء رئيس الوزراء اليوناني إطلاقًا، ولم يعد هناك أحد اسمه ميتسوتاكيس بالنسبة لي”[40].
وكان ميتسوتاكيس قد حذر خلال زيارته لواشنطن من خطورة الموافقة على منح تركيا صفقة طائرات (أف -16)، وحث المسؤولين الأمريكيّين على التأني والتعامل بعقلانية عند التعامل عسكريًّا مع تركيا، مع التلميح إلى ضرورة استمرار الحظر المفروض على عضوية تركيا في برنامج تصنيع الجيل الحديث من طائرات (أف -35)، الذي يُعد أحد أسباب الخلاف التركي الأمريكي المعلنة[41].
وفي تعليقه على موقف اليونان، هاجم وزير الخارجية التركي، تشاووش أوغلو، السياسيّين اليونانيّين بشدة، وطالبهم بأن يكونوا رجالًا، وقال إن “اليونان تقف ضد تركيا على كل منصة، تقوم بالضغط في الولايات المتحدة لمنع توريد طائرات F-16 إلى تركيا.. السياسيون في اليونان في حالة معقدة، هذا في الواقع هو تفسير عقدة النقص”[42].
وفي ذات السياق لفت تشاووش أوغلو إلى أن الولايات المتحدة أخلّت في الآونة الأخيرة بسياسة التوازن التي كانت تتبعها بين تركيا واليونان، وبين جمهورية قبرص التركية وإدارة جنوب قبرص الرومية.
هذا ويُعد ملف تسليح الجزر في بحر إيجه واحدًا من ملفات الخلاف بين أنقرة وأثينا، حيث تتهم تركيا الحكومة اليونانية بتسليح الجزر خلافًا للاتفاقيات الدولية التي أتاحت ضم هذه الجزر إلى اليونان بشرط عدم تسليحها.
ومؤخرًا، صعدت تركيا من نبرة خطابها تجاه اليونان، وذلك على لسان وزير الخارجية تشاووش أوغلو، الذي شكك في السيادة اليونانية على 16 جزيرة في بحر إيجه، بما في ذلك الجزر التي تصلها قوارب المهاجرين. حيث قال في 31 مايو/أيار: “انتهكت اليونان وضع هذه الجزر وعليها إزالة السلاح منها، وإلا سيبدأ نقاش حول سيادتها”[43]، وهي التصريحات التي أدانتها أمريكا، وفرنسا.
ومن جانبها، نفت اليونان أن تكون في حالة عداء مع أنقرة، وذلك بعد يومين من التصريحات التي أدلى بها ميتسوتاكيس أمام الكونغرس الأمريكي. وأوضح وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، أن بلاده تطالب فقط بضمانات لعدم استخدام تركيا الأسلحة الأمريكية ضدها، ومن حقها أن تعارض شراءها مثل هذه الأسلحة أو تحديث الأسلحة التي تملكها، في حال كان ذلك سيشكّل تهديدًا عليها، ولا تنتظر من الولايات المتحدة أن تعادي تركيا أو تخرجها من حلف شمال الأطلسي[44].
- تركيا وانضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو
قدمت السويد وفنلندا، في 18 مايو/أيار، طلبين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشكل رسمي، للاستفادة من مظلة الحلف في حماية حدودهما القريبة من روسيا، بعد الحرب على أوكرانيا، وهو تحوُّل جذري في سياسة الحياد التاريخية التي اتبعها البلدان.
رفضت تركيا طلب الدولتين الانضمام إلى الناتو، وأكد الرئيس التركي أردوغان أن بلاده ترفض انضمام دول داعمة للإرهاب إلى الحلف، مشيرًا إلى أن “المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين”.
وقال أردوغان إنه لا يريد أن يرى تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكب عندما انضمت اليونان، كما اتهم ستوكهولم وهلسنكي “بإيواء إرهابيَين من حزب العمال الكردستاني (PKK)” الذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية[45].
وتفيد تقارير أن “PKK” يقوم بتأمن مصادر دخل كبيرة له في السويد، عبر تجارة وتهريب الأسلحة والمخدرات والسرقة، ويخلق مصادر دخل عبر مؤسسات إعلامية تروج له.
ويمتلك التنظيم مكاتب تمثيلية في العديد من الدول والمدن الأوروبية ومنها السويد، كما يمتلك التنظيم الإرهابي مكتبًا تمثيليًّا له في ستوكهولم، منذ 2016.
وتسمح السلطات السويدية لأنصار (PKK) بالتظاهر ورفع أعلام، تحت مسمى “حرية التعبير”.
وتشهد فنلندا بين الحين والآخر تظاهرات ومسيرات ترفع خلالها صور عبدالله أوجلان، زعيم تنظيم (PKK) الإرهابي وأعلامه، وتحت ستار “حرية التعبير” لا تتخذ السلطات أية تدابير ضد هذه المسيرات.
وفيما يخص تنظيم “غولن” الإرهابي، فإن السلطات الفنلندية تستغل برنامج إعادة التوطين لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وتمنح حق اللجوء لأنصار هذا التنظيم.
كما تحتضن فنلندا على أراضيها جمعيات و3 مؤسسات تعليمية تابعة لتنظيم “غولن” الإرهابي.
هذا بالإضافة إلى اللقاءات الرسمية التي تعقد بين الحين والآخر بين مسؤولين كبار من فنلندا والسويد مع قيادات حزب العمال و”مجلس سوريا الديمقراطية” والتنظيمات التابعة لهما[46].
وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قد أطلع نظرائه في الحلف على صور الأسلحة السويدية التي ضبطها الجيش التركي في عملياته ضد تنظيم (PKK) في سوريا والعراق.
وعلى الرغم من الرفض التركي المعلن، فإن بعض المحللين يرون أن الرئيس أردوغان سيكون على استعداد للتفاوض والموافقة في النهاية على توسيع التحالف، وأن ما تريده تركيا هو الضغط على فنلندا والسويد لمراجعة موقفهما بشأن حزب العمال الكردستاني وأنشطته، وتذكير الحلفاء بمخاوفها الأمنية الدولية والمحلية ورفع صوتها عاليًا ليسمعه الآخرون[47].
- مساعي فتح الممر التجاري الآمن في البحر الأسود
يواجه العالم أزمة كبيرة حول سلاسل توريد المواد الغذائية وخاصّة الحبوب، كإحدى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك بعد أن فرضت الولايات المتحدة ومعها دول الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية ضد روسيا، فردت الأخيرة على ذلك بالتهديد بمنع صادرات النفط والغاز والأسمدة والقمح والحبوب من منطقة البحر الأسود.
وللمساعدة في حل هذه الأزمة العالمية، تقود تركيا أنشطة دبلوماسية مكثفة من أجل تسهيل تصدير الحبوب والأسمدة من أوكرانيا وروسيا إلى الأسواق الدولية، في مسعى للحيلولة دون نشوب أزمة غذائية عالمية.
وحول رؤية تركيا لحل هذه الأزمة، ذكر المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن الخيار الأكثر منطقية وجدوى من الناحية الاقتصادية، هو نقل منتجات الحبوب الأوكرانية إلى السوق الدولية عبر موانئ البحر الأسود وبحر آزوف ومضيق البوسفور”.
واستطرد قائلًا: “بطبيعة الحال، سيعمل الجانب الأوكراني على إزالة الألغام في موانئ أوديسا، ولكن في المقابل، تقدم روسيا ضمانات أمنية مشروعة بعدم القيام بعمليات إنزال بحري في هذه الموانئ”.
وتابع: “بالإضافة إلى ذلك، نواصل إجراء المشاورات المطلوبة من أجل إنشاء آلية لتشغيل الموانئ الأوكرانية بمشاركة تركيا وأوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة”[48].
في هذا السياق، بحث وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، في 8 يونيو/حزيران، إمكانية استحداث آلية لفتح ممر آمن في البحر الأسود لنقل الحبوب والمنتجات.
وقال تشاووش أوغلو: “نتحدث عن آلية يمكن إنشاؤها بين الأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا وتركيا لاستحداث ممر لنقل الحبوب، وأنقرة ترى أن هذه الآلية قابلة للتطبيق”.
وشدد تشاووش أوغلو على وجوب قبول روسيا وأوكرانيا لهذه الخطة، مشيرًا إلى إمكانية عقد اجتماع في إسطنبول للتباحث حول تفاصيل الخطة.
ولفت إلى أن تركيا ترى في طلب روسيا إزالة معوقات التصدير مقابل نقل منتجات الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق الدولية، أمرًا مشروعًا ومبررًا[49].
وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قد صرح بأنه قد تحدث مع نظيره الروسي سيرغي شويغو في إطار جهود وساطة أنقرة بهدف التوصل إلى ممر آمن للصادرات عبر الموانئ.
الدفتر الثامن: تركيا والولايات المتحدة الأمريكية
رغم المناوشات التي تحدث بين أنقرة وواشنطن من وقت لآخر، وكان آخرها استدعاء السفير الأمريكي، وإبلاغه احتجاج أنقرة وانزعاجها من بيان للسفارة الأمريكية حذرت فيه مواطني بلادها من التعرض المحتمل للقوة المفرطة للشرطة التركية، خلال تجمّع جماهيري للمعارضة، ورد الخارجية التركية بتحذير مواطنيها المقيمين في الولايات المتحدة بتوخي الحذر خلال تنظيم مظاهرات وفعاليات كبيرة في مكان إقامتهم، لوقوع حالات استخدام الرصاص الحي والصعق بالكهرباء واستعمال الغاز في فض الاحتجاجات، فإن كلا الطرفين يعلن عن رغبته في حل الخلافات وتعزيز التعاون الثنائي تحت مظلة حوار مفتوح وبناء.
ويمكن لمس ذلك في موقف الولايات المتحدة من الأخبار المتداولة حول استعداد تركيا للقيام بعملية عسكرية في الشمال السوري، وتفهمها لموقف أنقرة من رفض توسيع حدود الناتو بضم فنلندا والسويد.
- أمريكا والعملية العسكرية التركية المحتملة في سوريا
في الوقت الذي تلوح فيه تركيا بعملية عسكرية في الشمال السوري ضد التنظيمات الإرهابية، وتمهد لأقامة منطقة آمنة بعمق 30 كم، أعلنت مستشارة وزارة الخارجية الأمريكية، باربارا ليف، أن بلادها بذلت ما بوسعها من أجل إثناء أنقرة عن القيام بهذه العملية المحتملة، ولكنها لن تتراجع عن موقفها.
وأعربت ليف عن قلقها من العملية التركية المحتملة في سوريا، وأوضحت أن هذه العملية “ستعرض المهمة الأمريكية في سوريا للخطر”.
وفي ردها على سؤال حول إمكانية تراجع تركيا عن العملية، قالت: “نحن نعبر عن مخاوفنا، لكن لنكن صريحين فهم لا يتراجعون”.
بدورها، أعربت دانا سترول، نائبة مستشار سياسات الشرق الأوسط بوزارة الدفاع الأمريكية، عن قلقها بشأن العملية التركية المحتملة، مضيفة أن الولايات المتحدة تقر بمخاوف تركيا الأمنية المشروعة وتبلغ جميع الأطراف بضرورة وقف التصعيد.
وذكرت سترول أن أي هجوم جديد “قد يضعف الاستقرار الإقليمي ويعرض القوات الأمريكية والتحالف ضد داعش للخطر”[50].
وكانت الخارجية الأمريكية قد أكدت أن واشنطن قد تواصلت مع السلطات التركية للحصول على مزيد من التفاصيل بشأن إعلان أنقرة عزمها اتخاذ خطوات جديدة لإنشاء مناطق آمنة في سوريا.
وبالتزامن مع الاستعدادات التركية للعملية العسكرية المحتملة ضد التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وَجَّه الرئيس الأمريكي جو بايدن رسالة إلى الكونغرس بشأن سوريا، ذكر فيها أن القوات الأمريكية في سوريا تعمل مع قوات محلية شريكة، لمنع أي تمدد أو ولادة جديدة لداعش هناك. وقال إن هذه القوات مستعدة للقيام بأي عمل عسكري، في حال اقتضت الحاجة، بالاشتراك مع قوات محلية “قسد”[51].
ويُعد الدعم الأمريكي لـ”قسد” من أهم نقاط الخلاف بين واشنطن وأنقرة التي تتهم الإدارة الأمريكية بدعم هذا التنظيم “الإرهابي” الذي يستهدف المصالح التركية.
وكانت وكالة الأناضول التركية قد نشرت صورًا تظهر عناصر تنظيم “واي بي جي/بي كي كي” الإرهابي على خط الجبهة بمدينة منبج السورية، وهم يحملون مضاد مدرعات أمريكي من طراز “تاو”، ويوجهونه نحو مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجيش الوطني السوري[52].
- اللقاء الأول للأليّة الاستراتيجية التركية الأمريكية
عقد في 18 مايو/أيار، الاجتماع الأول في إطار الآلية الاستراتيجية بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، ومثل البلدين وزيرا خارجيتهما، مولود تشاووش أوغلو وأنتوني بلينكن.
وعقب اللقاء، أصدر الجانبان بيانًا مشتركًا أكّدا فيه على التعاون القوي بين الحليفين والشريكين في “الناتو”. وجاء في البيان أن “تركيا والولايات المتحدة عازمتان على العمل معًا وعن كثب في مواجهة التحديات الجيوسياسية الحالية، ويهدف وزيرا الخارجية جاويش أوغلو وبلينكن إلى تطوير التعاون الثنائي من خلال حوار مفتوح وبنّاء، في إطار الآلية الاستراتيجية”.
وبحسب البيان فإن الاجتماع بحث “الأساليب والخطوات الملموسة لزيادة التعاون في قضايا الدفاع ومكافحة الإرهاب وأمن الطاقة والغذاء ومكافحة التغير المناخي، وتعزيز الروابط التجارية”[53].
وعن هذا اللقاء، قال وزير الخارجية التركي في تصريحات صحفية إن الاجتماع كان “إيجابيًّا للغاية”، مشيرًا إلى أن الهدف من الآلية هو حل الخلافات العالقة بين البلدين، وتعزيز العلاقات الثنائية، وأنه من المزمع أن يُعقد اجتماع على مستوى رئيسَي البلدين في المستقبل. وأوضح أن محادثات تركيا والولايات المتحدة بخصوص صفقة مقاتلات “إف-16” تسير بإيجابية.
وأكد البيان على أن الوزيران اتفقا بخصوص تكثيف المشاورات في القضايا الإقليمية[54].
وكان تشاووش أوغلو قد صرح أن بلاده تريد تصفية المشكلات مع الولايات المتحدة بالاعتماد على آليَّة استراتيجية كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد اقترحها.
وتتصدر عدة ملفات نقاط الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، أبرزها دعم واشنطن لتنظيمي (PKK-YPG) و”غولن” الإرهابيّين، فضلًا عن موقف الإدارة الأمريكية الرافض لشراء أنقرة منظومة “إس 400” الجوية من روسيا.
ويستهدف تنظيم “YPG” الذراع السورية لتنظيم “PKK” الأراضي التركية على الحدود مع سوريا ومصالح أنقرة في الشمال السوري، ورغم ذلك فإنه يحظى بدعم متواصل من واشنطن، الأمر الذي يتسبب في عرقلة تحسّن العلاقات التركية الأمريكية.
وفيما يخص تنظيم “غولن”، فإن أنصاره ينشطون بحرية في الأراضي الأمريكية، بالرغم من وجود أدلة واضحة على تورط التنظيم في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا صيف 2016.
وعلى إثر شراء تركيا منظومة “إس 400” الصاروخية من روسيا، فرضت واشنطن عقوبات على أنقرة، ضمن إطار قانون “مكافحة خصوم أمريكا” عن طريق العقوبات، المعروف اختصارًا بـ”كاتسا”.
الدفتر التاسع: تركيا والعالم الإسلامي
منذ أن وصل حزب “العدالة والتنمية” إلى الحكم في تركيا والعالم الإسلامي يحتل مكانة رفيعة على أجندة العلاقات الخارجية التركية، وهو ما يمكن رؤيته في العلاقات الاستراتيجية التي ربطت بين أنقرة والعديد من عواصم الدول الإسلامية الكبرى، مثل باكستان، حيث تميزت العلاقة بين القوتين الإسلاميتين الكبيرتين بالقوة في عهد رئيس الوزراء عمران خان.
ولكن خروج عمران خان من السلطة يطرح سؤالًا حول مستقبل العلاقات التركية الباكستانية في عهد خليفته شهباز شريف.
وعلى النقيض، تأتي علاقة تركيا بإيران، حيث تتعارض مصالح الدولتان في العديد من الملفات الثنائية والإقليمية، ما أدى إلى توتر العلاقات بينهما، خاصَّة بعد توجه تركيا إلى التقارب مع الدول العربية والكيان الصهيوني.
- العلاقات التركية الباكستانية بعد رحيل عمران خان
وصلت العلاقات التركية الباكستانية في عهد عمران خان إلى مرحلة متقدمة من التعاون الثنائي، يمكن وصفها بالتحالف الاستراتيجي، بعد أن وقع البلدان اتفاقيات وتفاهمات عديدة، لاسيما في المجال العسكري.
ولهذا، أثار رحيل عمران خان عن الحكم موجة من التكهنات حول مستقبل العلاقة بين البلدين في عهد شهباز شريف، في تحرك برلماني اعتبره عمران خان مؤامرة أجنبية ضده.
لم يتأخر إعلان الموقف الرسمي التركي من الأحداث في باكستان، حيث أجرى الرئيس أردوغان اتصالًا هاتفيًّا بشهباز شريف عقب تعيينه، هنأه فيه على انتخابه لهذا المنصب من قبل البرلمان.
وفي أول كلمة له بعد تعيينه رئيسًا للحكومة الجديدة بالبلاد، أكد شهباز أن بلاده وتركيا ترتبطان بـ”روابط لا تنفصم”، مشيرًا إلى أنها “وقفت إلى جانب باكستان وشعب كشمير دائمًا”، وقال: “من الضروري امتلاك علاقات طيبة مع تركيا”[55].
وفي 1 يونيو/حزيران، زار شهباز شريف أنقرة، حيث حيث وقع مع الجانب التركي 7 اتفاقيات في مجالات محتلفة، وأكد من هناك على أن بلاده تقف دائمًا إلى جانب تركيا في مكافحة الإرهاب، وأن عدو تركيا هو عدو باكستان.
وقال شريف في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس أردوغان، إن تركيا وباكستان شريكان طبيعيّان، وأن الفرص والتحديات التي يواجهها كلا البلدين هي نفسها. وشدد أن باكستان تدعم قضية شعب جمهورية شمال قبرص التركية ومطالبه المشروعة بشكل قوي دائمًا.
وتطرق شريف إلى العلاقات الثنائية، مضيفًا: “تركيا شريكتنا ودائمًا ستبقى كذلك، وعملنا معًا لعقود، وواصلنا العمل من أجل أهدافنا المشتركة لسلام واستقرار باكستان”.
وبَيَّن شريف أن الجانبان يخططان لعقد الاجتماع المقبل لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين خلال سبتمبر/أيلول القادم في العاصمة إسلام أباد.
وقال إنهم سيكونون سعداء للغاية بتلقي دعم تركيا في مشاريع الطاقة المتجددة، لا سيما في مجال إنتاج الطاقة الكهرومائية، وبالاستثمارات التي ستنفذها الشركات التركية في بلاده.
كما تطرق إلى التعاون بين أنقرة وإسلام أباد في مجال الصناعات الدفاعية، مبينًا أن بلاده تنتظر بفارغ الصبر مشاريع تركية جديدة في الصناعات الدفاعية[56].
وبدوره، أكد الرئيس التركي أردوغان أن بلاده مستعدة لتعزيز العلاقات مع باكستان بشكل أكبر، من منظور استراتيجي يتماشى مع تاريخ البلدين وصداقتهما وإمكانياتهما.
غير أن هناك عامل مهم يمكن أن يؤثر على علاقات البلدين، وهو ضغوط الإدراة الأمريكية على الحكومة الجديدة، خاصّة وأن شريف يميل إلى وجود علاقات جيدة مع واشنطن.
وفي سياق متصل باستمرار التعاون الثنائي، شهدت مدينة كراتشي الباكستانية مراسم إنزال السفينة (بدر) إلى البحر، وهي ثالث سفينة في إطار مشروع “ميلغم” الذي تنفذه تركيا، ويشمل بناء 4 سفن حربية (طرادات) من أجل البحرية الباكستانية[57].
- المصالح المتعارضة بين إيران وتركيا
تتعمق الخلافات بين الجارتين تركيا وإيران يومًا بعد يوم بسبب مصالحهما المتعارضة في العديد من الملفات المتعلقة بمناطق الصراع، في دول مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن، إلى جانب الخلافات المستمرة حول تقاسم المياه العابرة للحدود، وضبط الحدود بينهما لمنع تدفق اللاجئين من بلدان مثل أفغانستان إلى داخل تركيا.
ومؤخرًا، نشر موقع “المونيتور” تقريرًا ذكر كاتبه أن إيران تحاول ثني الجانب التركي عن أي تدخل جديد في سوريا، حيث تستعد تركيا للقيام بعملية عسكرية “محتملة” ضد التنظيمات الكردية الإرهابية.
ويقول التقرير: “بسبب تضارب المواقف والمصالح الإقليمية، يبدو أن تركيا وإيران تتجهان إلى مواجهة في سوريا، حيث تعارض طهران بشكل صريح خطة أنقرة لعملية عسكرية جديدة ضد المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، متوجسة من المخاطر على موقفها في المنطقة”.
في غضون ذلك، أرسل الإيرانيون تعزيزات للميليشيات في نبل والزهراء الواقعتين في شمال غرب حلب، اللتين يصفهما التقرير بأنهما “غير بعيدتين عن منطقة رئيسية في مرمى أنقرة”، في إشارة إلى “تل رفعت”، التي حددها الرئيس التركي أردوغان كهدف رئيس للعملية العسكرية المحتملة.
ونقل التقرير عن صحفي إيراني يتابع العلاقات التركية الإيرانية عن كثب قوله إن “طهران أرسلت مسؤولًا في المخابرات العسكرية إلى أنقرة لنقل اعتراضاتها”[58].
وكانت إيران قد أعلنت في 29 مايو/أيار، على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أنها “تعارض أي نوع من الإجراءات العسكرية واستخدام القوة في أراضي الدول الأخرى بهدف فض النزاعات”[59].
وتشعر إيران بالقلق من العملية العسكرية التركية المحتملة لأسباب عديدة، منها:
- أنها ستعزز النفوذ التركي وتحول دون التوغل الإيراني باتجاه الحدود التركية السورية عبر قوات النظام.
- أن العملية قد تتم بتفاهم تركي روسي، ما يعني تراجع الثقل الإيراني.
- أن التمدد العسكري التركي سيترك إيران أمام خيارات محدودة، أصعبها الدخول في مواجهة عسكرية مع القوات التركية والجيش الوطني[60].
وفي العراق، يواجه التواجد العسكري التركي في شمال العراق موجة معارضة شديدة من جانب المليشيات والتيارات الشيعية المدعومة من إيران، لأن طهران ترى أن الوجود التركي المتزايد في العراق تَعَدٍّ على مجال نفوذها، فهي تهتم بحماية هيمنتها في سنجار لأهميتها بوصفها نقطة وصول إلى سوريا. ومن أجل ذلك تريد إيران استغلال نفوذها وعلاقتها مع حزب العمال الكردستاني -الذي تُصنِّفه تركيا منظمة إرهابية- من جهة والحشد الشعبي من جهة أخرى لبسط نفوذها أكثر في العراق وتحجيم الوجود التركي، وخاصة في مناطق سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يُعَد حليفًا مهمًّا لتركيا وتتهمه طهران بدعم أحزاب كردية معارضة للنظام الإيراني. كما تحاول إيران استغلال علاقاتها مع حزب العمال للضغط على تركيا وكسب تنازلات منها سواء في العراق أو سوريا[61].
لم يكن التواجد العسكري التركي في شمال العراق هو وحده الذي يثير غضب إيران وحلفائها من العراقيين، وإنما هناك أيضًا التعاون الواسع بين أنقرة والأكراد في أربيل، والذي يشمل التعاون في مجال الطاقة، وهو ما يمكن أن يؤثر على إيران.
في ضوء المصالح المتعارضة بين البلدين، يمكن قراءة تأجيل وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، زيارته لتركيا، والتي تأجلت لأسباب مجهولة، بحسب وكالات الأنباء الإيرانية، بعد أن كان من المقرر قيامه بها في 6 يونيو/حزيران.
ولكن هذه الأسباب معروفة بحسب مراقبين، فقد تزايدت مساحات الخلاف بعد التقارب التركي العربي، والتطبيع مع إسرائيل، والتسيق الاستخباري المتزايد في مواجهة العمليات الاستخبارتية الإيرانية على الأراضي التركية.
الدفتر العاشر: الداخل التركي
مع دخول تركيا مرحلة السباق الانتخابي، تحتدم المنافسة بين حزب “العدالة والتنمية” وحلفائه من ناحيةٍ، و”تحالف الأمة” المعارض الذي يقوده حزب “الشعب الجمهوري” من ناحيةٍ أخرى، وهو ما رأيناه في المناكفات السياسية حول تحويل أراضي مطار أتاتورك إلى حديقة، وإعلان الأحزاب عن مرشحيها لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وفي ظل هذا التنافس السياسي، ووجود أزمات اقتصادية بسبب الظرف الدولي الحالي، جاء الإعلان عن تدشين الأنبوب الأول في خط نقل الغاز من البحر الأسود، وهو ما زاد من آمال الأتراك في تحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يتأثر بفاتورة الطاقة الباهظة.
- إعلان أردوغان عن ترشحه لانتخابات الرئاسة
أعلن الرئيس أردوغان، في 9 يونيو/حزيران، ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة، في 2023، عن “تحالف الشعب”، الذي يضم حزب الحركة القومية، برئاسة دولت بهتشلي. وهو أول إعلان رسمي له في هذا الشأن.
جاء إعلان أردوغان في خطاب ألقاه خلال مشاركته في الاجتماع التشاوري لحزب العدالة والتنمية الحاكم في ولاية إزمير غربي البلاد.
استغل الرئيس أردوغان الفرصة في مهاجمة زعيم حزب الشعب الجمهوري، وهو أكبر أحزاب المعارضة، وخاطبه قائلًا: “تتحجج دائمًا بموعد الانتخابات.. وها أنا أقول لك إن موعد الانتخابات في يونيو/حزيران 2023.. كما تقول علينا أن نتعرف على مرشح تحالف الشعب أولًا، وها أنا أقول لك إن مرشح تحالفنا هو أردوغان، فهيا تشجع وأعلن ترشحك للانتخابات”. وأكد أردوغان أن كيلتشدار أوغلو “لم يقم بأي عمل لصالح الشعب التركي طيلة مسيرته السياسية”[62].
كما انتقد الرئيس التركي المعارضة، مبينًا أنها لا تملك أي استراتيجية داخلية أو خارجية تؤهلها لقيادة البلاد ومواجهة المخاطر التي تحيط بتركيا.
أجاب كليتشدار أوغلو على سؤال الرئيس بقوله: هل أنت مستعد يا أردوغان للإعلان عن انتخابات مبكرة، وإذا وافقت على أن نقوم بالانتخابات يوم غدٍ، سنقوم بإعلان مرشحنا نحن بالتالي[63].
وتجدر الإشارة، إلى أن أحزاب المعارضة تتلقى انتقادات واسعة، لعدم اتخاذها قرارًا محددًّا بشأن المرشح الرئاسي عنها حتى هذه اللحظة، لوجود خلافات عميقة فيما بينها على تسمية مرشح يمثلها، كما أن حزب المعارضة الرئيس، وهو حزب الشعب الجمهوري، يتصارع عدد من قادته على الترشح لهذا المنصب، منهم كليتشدار أوغلو وأكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش.
في سياق متصل، أظهرت دراسة مختصة باستطلاعات الرأي، نشرها مركز “سونار” التركي في مايو/أيار، تفوق الرئيس التركي أردوغان بفارق كبير عن أقرب منافسيه المحتملين في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2023.
وتضمن الاستطلاع عددًا من الأسئلة حول الانتخابات البرلمانية والرئاسية وما هي أبرز المشاكل التي تعاني منها تركيا حاليًّا.
وفي إجابات السؤال الأول: “من تود أن يكون رئيسًا للجمهورية؟”، حصل أردوغان على المركز الأول، بنسبة 34.2 بالمئة، تلاه رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة الحالي، منصور يافاش، بنسبة 13.9 بالمئة من الأصوات، فيما حصل رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو على نسبة 11.1 بالمئة.
ووفق استطلاع الرأي الخاص بالأحزاب السياسية، حلّ حزب “العدالة والتنمية” في المركز الأول، حاصدًا 27.6 بالمئة من الأصوات، تلاه حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة بنسبة 20.7 بالمئة، وحل حزب “الجيد” المعارض في المركز الثالث بنسبة 12.8 بالمئة من الأصوات[64].
- مطار “أتاتورك” وحديقة “الشعب”
غرس الرئيس التركي أردوغان، في 29 مايو/أيار، أولى الشتلات في “حديقة الشعب” التي سوف تحل محل مطار أتاتورك في وسط مدينة إسطنبول. وذلك بعد أن انتقلت عمليات الطيران منه إلى مطار إسطنبول الجديد في 2018.
وتعد حديقة الشعب الأكبر في تركيا والخامسة على مستوى العالم بمساحة تصل إلى 5 ملايين و61 ألف متر مربع. وسيبلغ إجمالي عدد الأشجار والشتلات في الحديقة 145 ألفًا و300، وهو رقم تمّ استلهامه من عام فتح إسطنبول (القسطنطينية 1453). وستكون الحديقة التي سيتم افتتاحها في مايو/أيار 2023 مخصصة للتنزه، وستحوي متاحف، سيعرض فيها الفنانون أعمالهم، وملاهٍ للأطفال.
وستضم الحديقة أماكن للفعاليات وممارسة الرياضة، كما يحرص القائمون على تصميم حديقة الشعب على جعلها ملاذًا آمنًا لسكان المدينة في حال حدوث زلازل أو كوارث طبيعية[65].
وفي كلمته أمام الحشود الغفيرة التي حضرت هذه المناسبة التي وافقت الذكرى الـ 569 لفتح القسطنطينية، والتي تجاوزت نصف مليون مواطن، دعا أردوغان المعارضة للمنافسة على فعل الخير، وتقديم الخدمات للشعب، وإزالة المعوقات والمشاكل التي تواجه الشعب التركي. وقال: “لنتنافس في وضع الرؤى للشعب. نحن في تحالف الشعب مستعدون لكل هذا، ولكن لا نريد لهذه المنافسة أن تكون عمياء وباعثة للعداوة وللافتراءات والكذب”[66].
أثار المشروع غضب المعارضة التركية التي رأت أن هدم المطار وتحويله إلى حديقة محاولة من حكومة الرئيس أردوغان لإزاحة اسم أتاتورك وطمس المعالم التي تحمل اسمه في المدينة، بما يمثله هذا الاسم من رمزية للعلمانية التركية، خاصّة وأن المطار الجديد حمل اسم مدينة إسطنبول، ولم يحمل اسم أتاتورك. كما اتهمت المعارضة الحكومة بإهدار أموال الدولة بتنفيذها لهذا المشروع.
وفي معارضته لمشروع الحديقة، اعتبر زعيم حزب “الشعب الجمهوري”، كمال كليتشدار أوغلو، أن كل المشاركين في هذا المشروع بمثابة “الخونة للوطن”، كما توعّد المتعهدين الذين يعملون في هذا المشروع بالمحاسبة.
رد الرئيس أردوغان على معارضيه، فدافع عن مشروع الحديقة الوطنية الجديدة، واتهم المعارضة بأنها تستخدم اسم “أتاتورك” بمثابة درع تحتمي به لتمرير أجندتها إلى العامة، وأن الهجوم الخبيث الذي شنته على حديقة الشعب في مطار أتاتورك، ما هو إلا حساسية ووطنية وهميّين لإثارة غضب الشعب.
وقال أردوغان: “إذا أردت يا سيد كمال، سنحتفل بيوم 29 مايو/أيار في مطار أتاتورك، اجمع 700 شخص أو ما شابه وتعال إلى هناك، وأقم الحواجز كما تشاء، بينما نحن سنحتفل في هذا اليوم بذكرى فتح إسطنبول، وسنغرس أول غرسة للأشجار، وندشن مشروع الحديقة”.
وأشار أردوغان إلى مسألة اسم المطار، فقال: “كان اسم هذا المرفق هو مطار “يشيل كوي” حتى انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980، وغيّره الانقلابيون بتاريخ 28 فبراير/شباط إلى مطار أتاتورك لإخفاء خيانتهم والتخفّي بقناع أتاتورك دائمًا”. وأكد أن “المشروع لم يكلّف خزينة الدولة قرشًا واحدًا”[67].
وبدوره، قال زعيم حزب الحركة القومية التركية المشارك في التحالف الحاكم، دولت بهتشلي، إنه “على عكس رياح الأكاذيب التي يهبها السياسيون المفلسون والمنافقون، فلا يوجد دمار ولا هدر ولا تراث ضائع في مطار أتاتورك، فهناك نشاط إحياء وعمران سيجلب إلى إخواني في إسطنبول الراحة والأمان”[68].
ولكشف موقف المعارضة القائم على المكايدة السياسية، تداولت وسائل إعلام تركية تسجيلًا مصورًا يظهر فيه كليتشدار أوغلو، عام 2018، يقول فيه إن مشروع الحديقة في منطقة مطار أتاتورك في الواقع فكرته هو، ومشروعه الخاص. ووجَّه كليتشدار أوغلو، اتهامًا للحكومة التركية بسرقة فكرة الحديقة منه عبر تنصتها على مكالماته الهاتفية، وقال إنه “هو صاحب الفكرة لا هم، وهو مَن قام بوضع المخططات اللازمة لإقامة ما سماها بالمنطقة الخضراء”، الأمر الذي سخر منه الرئيس أردوغان حينما خاطب كليتشدار أوغلو قائلًا: “لا نملك الوقت لهذا الكلام الفارغ”.
- تدشين أول أنابيب نقل الغاز من البحر الأسود
دشن الرئيس التركي أردوغان، في 13 يونيو/حزيران، أول الأنابيب على الخط البحري الذي ينقل الغاز من البحر الأسود إلى اليابسة. وهو ما وصفه المراقبون بالحدث التاريخي.
جاء تدشين الأنبوب بعد نحو عامين من إعلان اكتشاف سفينة “الفاتح” للتنقيب 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في بئر “تونا-1” في حقل سكاريا للغاز بالبحر الأسود، وذلك في 21 أغسطس/آب 2020، وسُجّل هذا الاكتشاف بوصفه أكبر اكتشاف للغاز في تاريخ تركيا، ثم توالت الاكتشافات نتيجة تكثيف عمليات التنقيب[69].
وخلال كلمته في حفل تركيب وإنزال الأنبوب في منشأة فيليوس، في ولاية زونغولداق على سواحل البحر الأسود، شمال غربي تركيا، قال أردوغان: “إبتداء من الربع الأول من عام 2023، سنضخ يوميًّا 10 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي المكتشف بالبحر الأسود”.
وأضاف أن “حقل صقاريا للغاز في البحر الأسود سيصل إلى ذروة إنتاجه عام 2026، وسنواصل نضالنا حتى تحل تركيا مشكلة أمن إمدادات الطاقة بشكل كامل”.
وشدد أردوغان على أن هدف تركيا هو “استخراج 40 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًّا عبر 40 بئرًا، والتي سيتم حفرها في الحقل المكتشف بالبحر الأسود”[70].
وباكشتاف الغاز في البحر الأسود، زادت آمال الأتراك في وصول بلادهم إلى مصاف “الـ10 الكبار”، وتحسين الواقع الاقتصادي عبر تقليل الاعتماد على الخارج في مجال الطاقة وتلبية الاحتياجات محليًّا.
ويرى باحثون اقتصاديّون أن بدء نقل الغاز من البحر إلى اليابسة لحظة تاريخية؛ فبمجرد وصول الغاز لبيوت المواطنين سيتغير موقع تركيا تدريجيًّا في سوق الطاقة العالمية من مستورد بحت إلى مكتف ذاتيًّا في سوق الغاز الطبيعي.
يقول الباحث الاقتصادي، محمد كلوب: “نستطيع القول إن الآثار الاقتصادية الملموسة لاكتشاف الغاز قبل نحو عامين بدأت فعليًّا، وستنعكس إيجابيًّا على الميزان التجاري التركي”.
ورجح كلوب أن تشهد معدلات التضخم خلال وقت قصير تراجعًا نتيجة انخفاض تكاليف الطاقة المستخدمة في القطاع الصناعي، وسينعكس ذلك بانخفاض واضح في الأسعار. وأوضح أن أسعار الفائدة ستنخفض بصورة تدريجية نظرًا إلى الإيراد السنوي الذي سيدخل البلاد بفضل الغاز المكتشف، المقدر بمليارات الدولارات[71].
وعلى المستوى السياسي، أكد خبراء أن اكتشافات الغاز في البحر الأسود ستجعل أنقرة أكثر قوة على المستوى الاقتصادي، وهو ما سيمنحها مزيدًا من الحرية في حركتها السياسية الخارجية.
[1]ah.haberler ، الجيش الوطني السوري يرفع جاهزيته استعدادًا لعملية تركية مرتقبة، 9 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3aR2Khc
[2] الشرق الأوسط، سيناريوهات التعامل الروسي مع عملية عسكرية تركية في سوريا، 1 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/39vVabt
[3] لبنان 24، الأسد: سنقاوم أي غزو تركي لأراضينا.. وهذا ما قاله عن روسيا، 9 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3QmQZ2t
[4] العين الإخبارية، تركيا تعتزم استكمال “الحزام الأمني” على حدود سوريا، 29 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3O6TVOO
[5] مركز الشرق العربي، ثمان مكاسب لتركيا من إقامة “منطقة آمنة” في سوريا (خبراء)، 15 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3MN43es
[6] الشرق الأوسط، سيناريوهات التعامل الروسي مع عملية عسكرية تركية في سوريا، 1 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/39vVabt
[7] RT عربي، موسكو: سنطلب من تركيا إعادة فتح أجوائها أمام الطائرات الروسية المتوجهة إلى سوريا، 19 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3zEt0G3
[8] Sputnik عربي، تركيا تغلق أجواءها أمام الطائرات العسكرية والمدنية الروسية المتوجهة إلى سوريا، 23 أبريل/نيسان 2022، https://bit.ly/3tAQHv0
[9] ترك برس، صحيفة: لماذا حظرت تركيا عبور الطائرات الروسية إلى سوريا عبر أجوائها؟، 28 ابريل/نيسان 2022، https://bit.ly/3MRDwwK
[10] وكالة الأناضول، لافروف: تركيا لا يمكنها الوقوف جانبًا حيال ما يجري بسوريا، 28 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3aVshG1
[11] Daily Sabah العربية، جمعية “موصياد” التركية تفتح فرعا لها في طرابلس الليبية، 16 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3xK1Gnh
[12] ليبيا أوبزرفر، قرنفيل: يعلن عن قرب استئناف الرحلات البحرية بين اسطنبول ومصراتة، 31 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3zSsHYd
[13] Daily Sabah العربية، الرئاسة التركية تحيل مذكرة إلى البرلمان لتمديد مهام القوات بليبيا، 13 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3N1Su3i
[14] وكالة أنباء تركيا، استمرار التدريبات العسكرية المشتركة بين القوات التركية والليبية، 4 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/39HTXOm
[15] ترك برس، بعملية استخباراتية تركية.. مقتل أحد قيادات “PKK” داخل العراق، 23 مايو/أيرا 2022، https://bit.ly/3b3Nu0z
[16] سكاي نيوز، هجوم بمسيرتين على قاعدة عسكرية تركية شمالي العراق، 22 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/39G6m5y
[17] صوت العراق، بعد ساعات من تهديد فصيل شيعي.. تعرض قاعدة تركية في العراق لقصف صاروخي، 18 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3y6kApz
[18] الجزيرة، مع استمرار عملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني.. ما خطط تركيا في شمال العراق؟، 4 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3n47Zgt
[19] Sputnik عربي، زيارة ولي العهد السعودي لتركيا… هل يتبعها تطبيع العلاقات بين القاهرة وإسطنبول، 18 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3HUzNO9
[20] Sputnik عربي، وزير المالية التركي يزور مصر للمرة الأولى منذ 9 سنوات، 18 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3HDRnpd
[21] مركز الشرق العربي، تركيا ومصر.. التطبيع في شرق المتوسط، 7 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3xzJeh3
[22] Daily Sabah العربية، صفحة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا، 24 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3aYIA4X
[23] العين الإخبارية، وزير مالية تركيا إلى مصر في يونيو.. هل يذوب جليد الجمود السياسي؟، 25 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3tMzUW5
[24] وكالة الأناضول، قالن: العمل جار لتحديد موعد زيارة ولي العهد السعودي إلى تركيا، 31 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3xUHvUQ
[25] AL-MONITOR, Saudi crown prince balances Turkey visit with stops in Greece and Cyprus, 02-06-2022, https://bit.ly/3xTrLSa
[26] Sputnik عربي، زيارة ولي العهد السعودي لتركيا… هل يتبعها تطبيع العلاقات بين القاهرة وإسطنبول، 19 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3Qzd9OV
[27] ترك برس، صحيفة: السعودية تجري مشاورات مع تركيا لشراء طائرات بدون طيار، 276 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3y5F7uI
[28] BBC عربي، طالبان: هيئة الطيران الإماراتية توقع اتفاقاً مع طالبان لإدارة مطارات رئيسية في أفغانستان، 24 مايو/أيار 2022، https://bbc.in/3QCvYkD
[29] Independentعربية، الإمارات تشغل مطارات أفغانية واستبعاد قطر وتركيا، 26 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3Oe08sR
[30] RT عربي، “طالبان”: المفاوضات لم تتوقف مع تركيا وقطر لتشغيل المطارات في أفغانستان، 25 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3Oe478N
[31] Yeni Şafak العربية، تشاووش أوغلو: دعمنا للقضية الفلسطينية منفصل عن علاقتنا بإسرائيل، 24 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3QrYB3O
[32] وكالة الأناضول، مدير “أوقاف” القدس للأناضول: زيارة تشاووش أوغلو للمسجد الأقصى تاريخية”، 25 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3OdKuh7
[33] ترك برس، وزير خارجية تركيا: الأجندة الإيجابية مع إسرائيل تساعد على حل الخلافات، 25 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3OnzTQl
[34] وكالة انباء تركيا، مسيرة حاشدة في إسطنبول: لا نحب “إسرائيل” ولا الصهاينة.. ولا نريد التطبيع معهما، 31 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3MWJSL5
[35] المصدر السابق.
[36] Reuters, Israel warns against travel to Turkey citing Iran assassination, 30-05-2022, https://bit.ly/3QAsKhs
[37] الجزيرة، وسط توتر مع إيران.. إسرائيل تحذر رعاياها من السفر إلى تركيا وأنقرة تشير إلى دوافع دولية، 14 يونيو:حزيران 2022، https://bit.ly/3HAmYby
[38] وكالة تسنيم الدولية للأنباء، خطيب زاده: الرد على إسرائيل يأتي في مكانه وليس في دول أخرى، 13 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3xWWRbE
[39] الجمهورية التركية: وزارة الخارجية، رد المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير تانجو بيلغيتش على سؤال حول تحذيرات سفر نشرتها بعض البلدان، 14 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3xvbbGO
[40] وكالة الأناضول، أردوغان يعلن إلغاء المجلس الاستراتيجي مع اليونان، 23 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3mZue77
[41] الجزيرة مباشر، إلغاء اجتماع المجلس الاستراتيجي التركي اليوناني.. الأسباب والمآلات، 27 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3Orvjk6
[42] وكالة أنباء تركيا، وزير الخارجية التركي للمسؤولين اليونانيين: لا تبكوا.. كونوا رجالا، 7 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3y0ibwD
[43] الشرق الأوسط، تركيا: اليونان انتهكت وضع جزر إيجة وعليها نزع السلاح منها، 31 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3xBRwVD
[44] ترك برس، تركيا تصعّد من خطابها تجاه اليونان وتتهم واشنطن بإخلال التوازن بينها وبين أثينا، 31 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3N1FWJg
[45] الجزيرة، ماذا وراء الموقف التركي من انضمام السويد وفنلندا للناتو؟، 16 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3tNmwRu
[46] وكالة الأناضول، فنلندا والسويد.. بين عضوية الناتو وحماية الإرهاب (تقرير)، 16 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3Ob3VHa
[47] BBC عربي، الناتو: لماذا تعارض تركيا انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف؟، 20 مايو/أيار 2022، https://bbc.in/3OneAhC
[48] الشرق الأوسط، تركيا تتوقع تفاهماً مع روسيا لتسهيل تصدير الحبوب والأسمدة من أوكرانيا، 6 يونيو 2022، https://bit.ly/3O5Negi
[49] BBC عربي، روسيا وأوكرانيا: ضغوط دولية على موسكو لاستئناف شحن الحبوب الأوكرانية، 8 يونيو/حزيران 2022، https://bbc.in/3QpzsXk
[50] تركيا بالعربي، أميركا تعلن قرار تركيا النهائي بشأن العملية العسكرية في سوريا، 9 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3N38JwZ
[51] تركيا بالعربي، قرار أميركي صادم لتركيا .. بايدن يعلنها صراحة بشأن سوريا، 12 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3Okv9e8
[52] وكالة الأناضول، منبج.. صور تظهر مضاد مدرعات أمريكي بيد عناصر “واي بي جي”، 8 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3zKMhFO
[53] Daily Sabah العربية، بيان تركي أمريكي: عازمون على العمل معا عن كثب لمواجهة التحديات الجيوسياسية، 19 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3MYtNVb
[54] Time Turk، بيان تركي أمريكي: عازمون على العمل لمواجهة التحديات الجيوسياسية، 18 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3MYmCfH
[55] عربي 21، هذا ما قاله رئيس وزراء باكستان الجديد في أول تصريحاته، 11 ابريل/نيسان 2022، https://bit.ly/39CW9GW
[56] وكالة الأناضول، شهباز شريف: نقف إلى جانب تركيا في مكافحة الإرهاب، 1 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3n4szxh
[57] وكالة أنباء تركيا، بحضور وزير الدفاع التركي إنزال سفينة تركية الصنع في البحر في باكستان، 20 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3HEmEbw
[58] AL-MONITOR, Iran, Turkey brace for face-off in Syria, 10-062022, https://bit.ly/3tJmdH9
[59] وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا)، وزارة الخارجية: أي إجراء عسكري على حساب الدول الأخرى سيزيد الأمور تعقيدًا، 28 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3zSt0Cw
[60] ترك برس، لعبة “السبع حجار” في سوريا؟، 5 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/39COLeJ
[61] الجزيرة، مواجهة على أرض العراق.. كيف تحولت سنجار إلى ساحة للحرب بين تركيا وإيران؟، 25 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3O8GLkB
[62] الجزيرة، أردوغان يعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في تركيا، 9 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3QiL4LH
[63] تركيا بالعربي، كليجدار أوغلو يجيب على سؤال الرئيس أردوغان عن ما إذا كان سيرشح نفسه للانتخابات عن المعارضة أم لا، 2 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3QoKrQL
[64] وكالة أنباء تركيا، أردوغان عن انتخابات 2023: استريحوا سنفوز مجددا إن شاء الله، 8 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3HoPjRK
[65] Yeni Şafak العربية، “حديقة الشعب” بإسطنبول.. الخامسة على مستوى العالم، 29 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3Hm1jng
[66] وكالة الأناضول، الرئيس أردوغان يغرس أول شتلة بحديقة الشعب في إسطنبول، 29 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/39szptg
[67] سوريا، ما أسباب معارضة مشروع حديقة مطار أتاتورك في إسطنبول؟، 18 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3QlC609
[68] Zaman العربية، بهتشلي: لا يوجد مخطط لإزالة تاريخ أتاتورك، 30 مايو،أيار 2022، https://bit.ly/3zSpJTR
[69] الجزيرة، أردوغان يدشن أول أنابيب النقل إلى اليابسة.. خطوة في طريق وصول غاز البحر لبيوت الأتراك، 13 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3HmSXvN
[70] وكالة أنباء تركيا، أردوغان يكشف موعد بدء استخراج الغاز الطبيعي المكتشف في البحر الأسود، 13 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3xNaI3W
[71] ترك برس، بعد تدشين أول أنابيب النقل إلى اليابسة.. أبرز انعكاسات بدء استخدام الغاز التركي على اقتصاد البلاد، 14 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3xOvjVG