في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن استراتيجية الأمن القومي في عهده.
وما يلي ترجمة -بتلخيص غير مخل- للاستراتيجية الأمريكية للأمن القومي 2022، يقدمها مركز المسار للدراسات الإنسانية للباحثين والمهتمين.
وقد أتت الاستراتيجية الأمريكية في خمسة أجزاء، كما يلي:
الجزء الأول: المنافسة على المستقبل
- رؤيتنا الراسخة
- دورنا المستدام
- طبيعة المنافسة الدائمة بين الديمقراطيات والديكتاتوريات
- التعاون لمواجهة التحديات المشتركة في عصر المنافسة
- نظرة عامة على نهجنا الاستراتيجي
الجزء الثاني: الاستثمار في القوة الأمريكية
1. الاستثمار في قوتنا الوطنية للحفاظ على أفضليتنا التنافسية
- تنفيذ استراتيجيات صناعية وابتكارية حديثة
- الاستثمار في شعبنا
- تعزيز ديمقراطيتنا
2. استخدام الدبلوماسية لبناء أقوى التحالفات الممكنة
- التعاون البناء
- عالم شامل
- عالم مزدهر
3. تحديث وتعزيز قوة جيشنا
الجزء الثالث: أولوياتنا الدولية
1. التفوق على الصين وكبح جماح روسيا
- الصين
- روسيا
2. التعاون بشأن التحديات المشتركة
- المناخ وأمن الطاقة
- الأوبئة والدفاع البيولوجي
- الأمن الغذائي
- الحد من التسليح وانتشار الأسلحة النووية
- الإرهاب
3. وضع القواعد والأطر الحاكمة
- التكنولوجيا
- الأمن السيبراني
- التجارة والاقتصاد
- الرهائن والمعتقلون غير الشرعيين
الجزء الرابع: استراتيجيتنا حسب المنطقة الجغرافية
- تعزيز حرية وانفتاح منطقة المحيط الهندي-الهادئ (Indo-Pacific)
- تعميق تحالفنا مع أوروبا
- تعزيز الديمقراطية والازدهار المشترك في نصف الكرة الغربي
- دعم التهدئة والتكامل الإقليمي في الشرق الأوسط
- بناء شراكات أمريكية إفريقية في القرن الحادي والعشرين
- الحفاظ على الهدوء في القطب الشمالي
- حماية البحر والجو والفضاء
الجزء الخامس: الاستنتاج
الجزء الأول: المنافسة على المستقبل
رؤيتنا الراسخة
نعيش في السنوات الأولى من عقد حاسم بالنسبة لأمريكا والعالم، ستُحدَّد فيه أطر وشروط التنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى، وستتقلص الفرصة للتعامل مع التهديدات المشتركة. في هذا الصدد، فإن إجراءاتنا وخطواتنا الآن ستحدد ما إن كانت هذه الفترة ستُعرف لاحقًا على أنها عصر الصراعات، أم أنها بداية مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
وبشكل رئيسي، نحن نواجه تحديين استراتيجيين. التحدي الأول هو أن حقبة ما بعد الحرب الباردة قد انتهت، وهناك منافسة جارية حاليا بين القوى الكبرى لتشكيل المرحلة المقبلة. وإزاء ذلك، نعتقد أنه لا توجد دولة مؤهلة للنجاح في هذا التنافس أفضل من الولايات المتحدة الأمريكية.
والتحدي الثاني هو أنه بالتزامن مع هذا التنافس، فإن شعوب العالم تكافح لتواجه التحديات المشتركة العابرة للحدود، مثل تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي والأمراض المعدية والإرهاب ونقص الطاقة والتضخم. وسيتعين علينا مواجهة هذه التحديات المهمة في بيئة دولية تنافسية، تجعل التعاون أكثر صعوبة، وهو ما يتطلب التفكير والتصرف بطرق جديدة.
واستراتيجيتنا مرتكزة في الأساس على مصالحنا الوطنية، المتمثلة في: حماية أمن الشعب الأمريكي، وتعزيز الرخاء الاقتصادي وزيادة الفرص، وتحقيق القيم الديمقراطية والدفاع عنها. ولا يمكننا القيام بأي من هذا بمفردنا، وليس علينا ذلك. ولذا، سنبني أقوى وأوسع تحالف ممكن من الدول التي تسعى إلى التعاون فيما بينها، حتى نتمكن من منافسة قوى الظلام، وإحباط جهودها الرامية لتهديد مصالحنا.
دورنا المستدام
في ظل عالم أكثر انقسامًا وأقل استقرارًا من ذي قبل، أصبحت الحاجة إلى دور أمريكي قوي وهادف ملحة أكثر من أي وقت مضى، فلا تزال الولايات المتحدة هي القوة الرائدة في العالم. ونحن -بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا- نتنافس مع القوى الاستبدادية الكبرى على تشكيل النظام الدولي، وهي فكرة تتمتع بتأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
الولايات المتحدة ديمقراطية كبيرة ومتنوعة، وهو ما يعني أن سياستنا ليست سلسة دائمًا، بل غالبًا ما تكون عكس ذلك. وننجح دائمًا حين نتبنى رؤية إيجابية للعالم تعالج التحديات المشتركة، على أن تكون هذه الرؤية متسقة مع ديمقراطيتنا، وإصرارنا على تخطي منافسينا.
طبيعة المنافسة الدائمة بين الديمقراطيات والديكتاتوريات
إن مجموعة الدول الحليفة التي تدعم رؤيتنا لعالم حر ومنفتح ومزدهر وآمن، واسعة وقوية. وتشمل مجموعة حلفائنا الديمقراطيين في أوروبا والهند والمحيط الهادئ، وكذلك شركائنا الديمقراطيين الرئيسيين في جميع أنحاء العالم الذين يشاركوننا جزءًا كبيرًا من رؤيتنا للنظام الإقليمي والدولي، حتى لو لم يتفقوا معنا في جميع القضايا، كما تشمل تلك البلدان التي لا تتبنى المؤسسات الديمقراطية داخلها، ولكنها تعتمد مع ذلك على قواعد النظام الدولي القائم وتدعمه.
سيظل الأمريكيون على دعمهم لحقوق الإنسان عالميًا، كما أنهم يتضامنون مع الساعين إلى الحرية والكرامة حول العالم. وفي هذا الصدد، سنعمل على تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، لأن النظام الديمقراطي يتفوق دائما على الاستبداد في حفظه للكرامة الإنسانية، ويقود إلى مجتمعات أكثر ازدهارًا ومرونة، ويخلق شركاء أقوى وأكثر موثوقية للولايات المتحدة على المستويين الاقتصادي والأمني، ويشجع وجود نظام عالمي يسوده السلام. وإضافة لذلك، سنعمل مع الحكومات الديمقراطية الأخرى والقطاع الخاص لمساعدة الديمقراطيات الناشئة على إظهار فوائد حقيقة وملموسة لشعوبها.
التحدي الاستراتيجي الأكثر إلحاحًا الذي يواجه رؤيتنا يأتي من القوى التي تؤسس للحكم الاستبدادي، مع اتباع سياسة خارجية ارتدادية، حيث إن سلوكها يشكل تهديدًا للسلم والاستقرار الدوليين. كما أنها -بشكل نشط- تقوض العمليات السياسية الديمقراطية في البلدان الأخرى، وتستفيد من التكنولوجيا وسلاسل التوريد لممارسة الإكراه والاستبداد والقمع.
إن روسيا والصين تطرحان تحديات متمايزة. حيث تشكل روسيا تهديدا مباشرا للنظام الدولي الحر والمنفتح، وتنتهك القوانين الأساسية للنظام الدولي اليوم، كما ظهر ذلك في حربها العدوانية ضد أوكرانيا. أما الصين فهي المنافس الوحيد الذي اجتمعت فيه النية لإعادة تشكيل النظام الدولي، مع قدراته المتزايدة على المستويات، الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية، اللازمة للنهوض بهذا الهدف.
ومثلما استفادت الولايات المتحدة والبلدان في جميع أنحاء العالم بشكل كبير من النظام الدولي بعد الحرب الباردة، استفادت منه الصين وروسيا أيضا. ومع ذلك، خلصوا إلى أن نجاح نظام دولي حر ومفتوح يشكل تهديدًا لأنظمتهم وخنقًا لطموحاتهم. وهم يسعون الآن، بطرقهم الخاصة، إلى إعادة تشكيل النظام الدولي، لخلق عالم يلائم طابعهم الاستبدادي.
التعاون لمواجهة التحديات المشتركة في عصر المنافسة
إن المنافسة المتصاعدة بين الديمقراطية والاستبداد ليست سوى محور واحد من محورين حاسمين نواجههما. أما المحور الثاني فهو التحديات المشتركة العابرة للحدود. وهذان التحديان يؤثران في بعضهما بعضًا، حيث إن المنافسة الجيوسياسية تعقد السياق الذي من الممكن فيه مواجهة هذه التحديات. كما أن هذه التحديات، بدورها، تؤدي إلى تحفيز وتصعيد المنافسة الجيوسياسية.
ونحن نؤمن أنه لا يمكننا النجاح في منافستنا مع القوى الكبرى التي تقدم رؤية مختلفة للعالم ما لم يكن لدينا خطة للعمل مع الدول الأخرى للتعامل مع التحديات المشتركة، لكننا لن نتمكن من القيام بذلك دون أن نفهم كيف يؤثر العالم المتسم بالتنافسية على التعاون المنشود، وكيف تؤثر حاجة العالم إلى التعاون على هذا التنافس الموجود. فنحن بحاجة إلى استراتيجية لا تتعامل مع كليهما فحسب، بل تعترف بالعلاقة بينهما وتتكيف وفقًا لذلك.
ومن أهم هذه التحديات العابرة للحدود هو تغير المناخ، وما يتبعه من آثار قد تكون كارثية ولا سبيل لمعالجتها. وستتزايد التوترات بشكل أكبر حين تتنافس الدول على الموارد والطاقة، تبعًا لزيادة الحاجيات الإنسانية وانعدام الأمن الغذائي والتهديدات الصحية. ومن هنا تتعزز أهمية حماية الغابات على مستوى العالم وكهربة قطاع النقل وإعادة توجيه التدفقات المالية وخلق ثورة في مجال الطاقة لتجنب أزمة المناخ وما سيتبعها.
كما أظهرت جائحة كورونا أن التحديات العابرة للحدود يمكن أن تكون قوتها التدميرية أكبر من الحروب الكبرى. فقد قتلت جائحة كورونا الملايين، وأضرت بسبل عيش مئات الملايين، إن لم يكن أكثر. وهو ما أوضح عدم كفاية هيكلنا الصحي العالمي وضعف سلاسل التوريد. كما أنه يعزز الحاجة إلى التعاون لإنشاء أنظمة صحية أقوى وأكثر مرونة وإنصافًا، وكذلك الحاجة إلى مضاعفة الجهود للحد من الفقر والجوع وتوسيع نطاق الوصول إلى التعليم، من أجل العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ومع ارتفاع أسعار الطاقة وتزايد انعدام الأمن الغذائي، ارتفعت حدة التحديات الأمنية مثل الهجرة والفساد. علاوة على ذلك، غالبًا ما تسيء الحكومات الاستبدادية استخدام النظام الاقتصادي العالمي، حيث يمكنهم رفع التكاليف بشكل تعسفي عن طريق عرقلة حركة السلع الأساسية.
لقد شهدنا أيضا أزمة طاقة عالمية مدفوعة باستخدام روسيا لسلاح النفط والغاز، والتي تفاقمت بسبب إدارة أوبك لإمداداتها. ويؤكد هذا الظرف الحاجة إلى تحول في مجال الطاقة العالمي بشكل سريع وعادل وموثوق. وهو ما يتطلب مواصلة استكشاف جميع الفرص مع حلفائنا وشركائنا لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة والحصول على الإمدادات لأولئك الذين يحتاجون إليها.
نحن ندرك أننا سنبذل جهدًا كبيرًا لمواجهة هذه التحديات في هذه البيئة التنافسية، حيث ستعمل القوى الكبرى بنشاط لتقديم رؤية مغايرة. لكننا سنستخدم الدوافع التنافسية لصنع سباق نحو القمة، وإحراز تقدم بشأن التحديات المشتركة، سواء كان ذلك من خلال القيام باستثمارات في الداخل، أو من خلال تعميق التعاون مع البلدان الأخرى التي تشاركنا رؤيتنا.
نظرة عامة على نهجنا الاستراتيجي
إن هدفنا واضح، فنحن نريد نظامًا دوليًا حرًا منفتحًا مزدهرًا آمنًا. ولتحقيق هذا الهدف، سنقوم بما يلي:
- الاستثمار في المصادر والأدوات الأساسية للقوة والنفوذ الأمريكي.
- بناء أقوى تحالف ممكن من الدول لتعزيز نفوذنا الجماعي، لتشكيل بيئة استراتيجية عالمية، ولمواجهة التحديات المشتركة.
- تحديث وتقوية جيشنا، بحيث يكون جاهزًا لعصر المنافسة الاستراتيجية مع القوى الكبرى.
وهذه القدرات سنستخدمها للتفوق على منافسينا الاستراتيجيين، وتحفيز العمل الجماعي لمواجهة التحديات العالمية، وتحديد قواعد اللعبة فيما يخص التكنولوجيا والأمن السيبراني والتجارة والاقتصاد.
ويشمل نهجنا الاستراتيجي كافة عناصر القوة الوطنية، الدبلوماسية والاستراتيجية والصناعية والإنمائية والاقتصادية والاستخباراتية والدفاعية، كما أنه مبني على عدة ركائز رئيسة، نسردها فيما يلي:
أولًا: كسر الخط الفاصل بين السياسة الخارجية والداخلية.
فإذا أرادت الولايات المتحدة النجاح في الخارج، فيجب عليها الاستثمار في ابتكارها وقوتها الصناعية، وكذلك تعزيز ديمقراطيتها وصلابتها في الداخل. كما أنها إذا أرادت الرخاء والازدهار للأمريكيين في الداخل، فيجب عليها المبادرة لتشكيل النظام الدولي بما يتماشى مع مصالحها وقيمها.
ثانيًا: إن تحالفاتنا وشراكاتنا في جميع أنحاء العالم هي أهم أصولنا الاستراتيجية وعنصر لا غنى عنه يساهم في السلام والاستقرار الدوليين.
فالولايات المتحدة قوة دولية لها مصالح عالمية، وإذا انزلقت منطقة ما إلى الفوضى، أو هيمنت عليها قوة معادية، فسيؤثر ذلك سلبًا على مصالحها في المناطق الأخرى.
ثالثًا: تقر هذه الاستراتيجية بأن الصين هي التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية بالنسبة لأمريكا.
كما أن روسيا تمثل تهديدًا فوريًا ومستمرًا لنظام الأمن الإقليمي في أوروبا، وهي مصدر للاضطراب وعدم الاستقرار على مستوى العالم، لكنها تفتقر إلى قدرات الصين.
كذلك تتصرف القوى الاستبدادية الأصغر بطرق عدوانية ومزعزعة للاستقرار. حيث تتدخل إيران في الشؤون الداخلية لجيرانها، وتنشر الصواريخ والطائرات بدون طيار عبر وكلائها، وتطور برنامجًا نوويًا يتخطى الأهداف المدنية السلمية . وكذلك، تواصل كوريا الشمالية تعزيز أسلحتها النووية غير المشروعة.
رابعًا: سنتجنب رؤية العالم من منظور المنافسة الاستراتيجية فقط، وسنواصل مشاركة الدول طبقًا لشروطها ومصالحها الخاصة. حيث إننا سنتبع أجندة إيجابية لتعزيز السلام والأمن الرخاء في كل منطقة.
فنحن نعتقد أن شرقًا أوسط أكثر اندماجا يقوي حلفاءنا وشركاءنا من شأنه أن يعزز السلام والازدهار الإقليميين، كما أنه سيساهم في تقليل متطلبات المنطقة من الولايات المتحدة على المدى البعيد.
وفي إفريقيا، فإن الديناميكية والابتكار والنمو الديموغرافي في المنطقة عناصر أساسية لمعالجة المشاكل العالمية المعقدة.
وحيث إن نصف الكرة الغربي يؤثر بشكل مباشر على الولايات المتحدة أكثر من أي منطقة أخرى، فإننا سنواصل إحياء وتعميق شراكاتنا هناك لتعزيز المرونة الاقتصادية والاستقرار الديمقراطي وأمن المواطنين.
خامسًا: نقر بأن العولمة حققت فوائد هائلة للولايات المتحدة والعالم، ولكن هناك حاجة الآن إلى تكييف ما للتعامل مع التغيرات العالمية الهائلة؛ مثل اتساع هوة عدم المساواة داخل البلدان، وفيما بينها كذلك، إضافة إلى ظهور الصين كمنافس لنا.
لدينا أجندة إيجابية للاقتصاد العالمي، حيث نرسم ترتيبات اقتصادية جديدة لتعميق المشاركة الاقتصادية مع شركائنا، مثل الإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيط الهندي-الهادئ، والحد الأدنى للضريبة العالمية التي تضمن دفع الشركات حصتها العادلة من الضرائب حيثما تواجدت في العالم، والشراكة من أجل الاستثمار والبنية التحتية العالمية لمساعدة البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل على تأمين استثمارات عالية المستوى للبنية التحتية الحيوية، وضمان الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
أخيرًا: نحن وشركاؤنا نشترك في الرغبة بأن يكون ميثاق الأمم المتحدة هو الحاكم في العلاقات بين الدول، وكذلك الرغبة في الحفاظ على الحقوق العالمية لجميع الأفراد – السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي حماية بيئتنا وأجوائنا ومحيطاتنا وفضائنا الالكتروني وسلاسل إمداد التجارة الدولية وإتاحتها للجميع، وتحديث وتعزيز المؤسسات الدولية. فنحن نبني شبكة من العلاقات القوية والمرنة والمتعاونة التي تثبت أن الديمقراطيات يمكن أن تحقق شيئًا إيجابيًا لشعوبها والعالم.
الجزء الثاني: الاستثمار في قوتنا
الاستثمار في قوتنا الوطنية للحفاظ على أفضليتنا التنافسية
للتغلب على منافسينا، ومعالجة التحديات المشتركة، تحتاج الولايات المتحدة للحفاظ على أفضليتها التنافسية وتعزيزها، ويعتمد نجاحنا في العالم على قوتنا وصلابتنا في الداخل، لا سيما قوة الطبقة الوسطى. كما أن نجاحنا في الداخل يتطلب انخراطًا قويًا واستراتيجيًا على مستوى العالم بما يتماشى مع مصالحنا وقيمنا. ولهذا السبب، يجب علينا القيام باستثمارات بعيدة المدى في مصادر القوة الطبيعية الخاصة بنا.
تنفيذ استراتيجية صناعية وابتكارية حديثة
القطاع الخاص والأسواق المفتوحة، كانت ولا تزال، مصدرًا حيويًا لقوتنا الوطنية ومحركًا رئيسًا للابتكار. لكن لا يمكن للأسواق وحدها الاستجابة للتحديات الكبرى.
وبما أن الاستثمار العام الاستراتيجي هو العمود الفقري لقاعدة صناعية وابتكارية قوية في الاقتصاد العالمي، فنحن نحدد المجالات الرئيسية ونستثمر فيها، حيث نقوم بتأمين بنيتنا التحتية الحيوية، وتطوير الأمن السيبراني التأسيسي للقطاعات المهمة، ونعمل مع القطاع الخاص لتحسين الدفاعات الأمنية في منتجات التكنولوجيا، إضافة إلى تأمين سلاسل التوريد الخاصة بنا.
وقد عززنا قدرتنا التنافسية من خلال القيام بأكبر استثمار في البنية التحتية المادية منذ ما يقرب من قرن، بما في ذلك الاستثمارات التاريخية في البنية التحتية للنقل والمياه والطاقة النظيفة التي ستزيد من النمو الاقتصادي لعقود قادمة، كما أننا نسعى إلى تنشيط صناعة أشباه الموصلات التكنولوجية.
الاستثمار في شعبنا
نحن نركز على تعزيز الاقتصاد من خلال البناء من القاعدة إلى أعلى، ومن الوسط إلى الخارج. وتحقيقًا لهذه الغاية، نعلم أن مجال الاستثمارات العامة الأكثر تأثيرًا هو الاستثمار في الشعب.
فنحن نسعى إلى زيادة المساواة في الحصول على الرعاية الصحية ورعاية الأطفال بتكلفة معقولة، والتدريب المهني وبناء المهارات، والتعليم والتدريب عالي الجودة، بما في ذلك العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وخاصة للنساء والفتيات. ونحن نؤمن أن هذه الاستثمارات ستعزز قدرتنا الاقتصادية من خلال ضمان أن تكون القوى العاملة لدينا أفضل تعليما وصحة وإنتاجية. إضافة إلى أن هذه القوى العاملة الأقوى ستبني قدرات مستدامة تعزز قوتنا وصلابتنا. كما أننا ندعم حقوق العمال من خلال تعزيز التنظيمات النقابية والمهنية، وتحسين جودة وظائف العمال. وعلاوة على ذلك، سنستمر في جعل أمريكا الوجهة المفضلة للمواهب من جميع أنحاء العالم.
تعزيز ديمقراطيتنا
ديمقراطيتنا هي قلب هويتنا، والتجربة الديمقراطية الأمريكية هي مصدر إلهام للعالم منذ فترة طويلة. والنقاش المستمر يدفعنا إلى تصحيح أخطائنا وتلبية احتياجاتنا بشكل أفضل.
ومن الممكن القول إننا لم نرق دائمًا لمستوى قيمنا ومثلنا العليا، وفي السنوات الأخيرة تم تحدي ديمقراطيتنا من الداخل. وفي أوقات الأزمات، نتطلع إلى المزيد من الديمقراطية -وليس أقل- لنمضي في طريقنا قدمًا. ومن خلال معرفة وتقييم أوجه القصور لدينا ومعالجتها، يمكننا إلهام الآخرين في جميع أنحاء العالم لفعل الشيء نفسه.
استخدام الدبلوماسية لبناء أقوى تحالفات ممكنة
إن شبكة حلفائنا وشركائنا تحمي مصالحَنا وتعززها في جميع أنحاء العالم، ومن خلالها سنكوّن أقوى تحالفات ممكنة للتقدم والدفاع عن عالم حر ومنفتح ومزدهر وآمن.
حيث ستشمل هذه التحالفات كافة الدول التي تشترك في هذه الأهداف. وفي قلب هذا التحالف، توجد دول ديمقراطية تشاركنا مصالحنا وأهدافنا.
لكن لجعل تحالفاتنا شاملة قدر الإمكان، سنعمل كذلك مع أي بلد يدعم قواعد النظام الدولي القائم، بينما سنواصل الضغوط على جميع الشركاء لاحترام قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والنهوض بها وتعزيزها.
التعاون البناء
لحل المشاكل التي يواجهها العالم، نحتاج إلى مستويات أكبر بكثير من التعاون. والمفتاح للقيام بذلك هو الإدراك بأن جوهر تحالفنا الشامل هو الشركاء الذين يشاركوننا مصالحنا بشكل وثيق، وكذلك الإدراك بأن تحالفات أمريكا مع البلدان الديمقراطية الأخرى أساسية في استراتيجيتنا، ومركزية لكل ما نقوم به لجعل العالم أكثر سلاما وازدهارا.
لقد لعبت التحالفات والشراكات الأمريكية دورا حاسما في سياستنا للأمن القومي لمدة ثمانية عقود، ويجب تعميقها وتحديثها للاضطلاع بهذا الدور في المستقبل. فقد استجاب الناتو لردع العدوان الروسي في أوروبا، وكذلك تبنيه لأجندة جديدة شاملة لمعالجة التحديات القادمة من الصين والمخاطر الأمنية الأخرى من الانترنت إلى المناخ، إضافة إلى الموافقة على طلب فنلندا والسويد للانضمام للحلف.
كذلك فإن من التحالفات والشراكات المهمة هي شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي. وكذلك شراكتنا الأمنية مع أستراليا والمملكة المتحدة، التي تعزز الاستقرار في منطقة المحيط الهندي-الهادئ (الإندو-باسيفيك) كما أننا نواصل تعميق التعاون مع التحالف الاستخباري “العيون الخمس” (أستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة). ويعالج التحالف الرباعي -الذي أعيدت إليه حيويته، والذي يجمع الولايات المتحدة مع اليابان والهند وأستراليا- التحديات الإقليمية. كما أثبت قدرته على تقديم الخدمات لمنطقة المحيط الهندي-الهادئ. وتعد علاقاتنا الاستخباراتية مع حلفائنا رصيدًا استراتيجيًا سيؤثر بشكل متزايد في منافستنا مع خصومنا، وخاصة في المنافسة التكنولوجية.
وعلاوة على ذلك، فإننا سنواصل إعطاء الأولوية للبحث عن طرق جديدة لدمج تحالفاتنا في منطقة المحيط الهندي-الهادئ وأوروبا وتطوير وسائل جديدة وأعمق للتعاون. لقد قمنا بتنشيط مجموعة السبع كلجنة توجيهية للديمقراطيات الصناعية المتقدمة في العالم، ونعتقد أن لها دورًا حاسمًا في دعم رؤيتنا المشتركة للنظام الدولي. ونحن نرى أن هذه المجموعة تكون في أقوى حالاتها عندما تشرك رسميا بلدانًا أخرى ذات أهداف متسقة، كما حدث في قمة 2022، حين شاركت الأرجنتين والهند وإندونيسيا والسنغال وجنوب أفريقيا وأوكرانيا.
ومن المهم الإدراك بأن الوقوف في وجه روسيا، والتعاون مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في تنافسنا مع الصين، كل ذلك ليس خدمة للولايات المتحدة، فحلفاؤنا يدركون أن انهيار النظام الدولي في منطقة ما سيعرضه للخطر في نهاية المطاف في مناطق أخرى.
ونحن نعتبر أن وجودَ هؤلاء الحلفاء والشركاء الديمقراطيين ضروريٌّ لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. كما أن الإجراءات الرامية إلى تعزيز قيم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان تعد حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة، ليس فقط لأن القيام بذلك يتسق مع قيمنا، ولكن أيضا لأن احترام الديمقراطية ودعم حقوق الإنسان يعزز السلام والأمن والازدهار العالميين.
عالم شامل
تريد الغالبية العظمى من البلدان نظامًا مستقرًا ومنفتحًا يحكمه القانون، يحترم سيادتها وسلامتها الإقليمية، ويوفر وسيلة عادلة للتبادل الاقتصادي مع الآخرين ويعزز الرخاء المشترك، ويتيح التعاون بشأن التحديات المشتركة. فهم يرفضون بشدة العدوان والإكراه والتدخل الخارجي. وليس لديهم أي مصلحة في قلب القواعد والمعايير لجعل العالم أكثر قابلية للعدوان والقمع.
بدورنا، سنساهم في البناء والحفاظ على التحالفات التي تشرك جميع هذه البلدان وتستفيد من نقاط قوتها الجماعية.
وقد لا تكون بعض الدول الأخرى ديمقراطية، ولكنهم يعتمدون بالرغم من ذلك على نظام دولي يستند إلى القواعد. ومع ذلك، فإن المشترك بيننا، واحتمالية وجود عالم أكثر حرية وانفتاحًا، يجعل مثل هذا التحالف الواسع ضروريًا وجديرًا بالاهتمام. سنستمع إلى الأفكار التي يقترحها شركاؤنا حول كيفية القيام بذلك وسنأخذها في الاعتبار.
كما يتطلب بناء هذا التحالف الشامل تعزيز النظام التعددي لدعم المبادئ التأسيسية للأمم المتحدة، بما في ذلك احترام القانون الدولي.
وإضافة لذلك، ستعمل الولايات المتحدة مع أي شريك مستعد للانضمام إليها والمساهمة في حل بنّاء للمشكلات، وتعزيز وبناء علاقات جديدة على أساس المصالح المشتركة. ولا يشمل ذلك الدول القومية فحسب، بل يشمل أيضًا مجموعات المجتمع المدني والشركات الخاصة والمؤسسات الخيرية والحكومات المحلية داخل الدول في أي مكان.
عالم مزدهر
سنبني طرقًا جديدة للعمل مع الحلفاء والشركاء بشأن التنمية والكرامة الإنسانية، لأننا ندرك أن ذلك جزء لا يتجزأ من أمن وازدهار جميع الأمريكيين. غالبا ما تظهر، أو تتسارع، الأمراض المعدية والإرهاب والتطرف والعنف والهجرة غير النظامية وغيرها من التهديدات بسبب التحديات الإنمائية الأعمق، وبمجرد حدوثها، فإنها لا تعترف بالحدود الوطنية. والعكس صحيح، حيث إن التهديدات العابرة للحدود، بدورها، تقوض التنمية، وتغذي الفقر والمعاناة الإنسانية. وهو ما يمكن ملاحظته في آثار جائحة كورونا، والحرب الروسية ضد أوكرانيا.
سنعمل على مواجهة هذه التحديات المشتركة، ونعيد التزامنا بالنهوض بأهداف التنمية المستدامة من خلال إنشاء ومتابعة شراكات إنمائية أكثر شمولا، وخاصة من خلال وضع الشركاء المحليين في مقعد القيادة، واستخدام مجموعة أكثر توسعا من الأدوات، بما في ذلك التمويل والإجراءات الإنسانية والإنمائية وتعزيز السلام.
عبر عملنا التنموي، سنواصل تقديم أفضل الممارسات التي تميز بين الولايات المتحدة وشركائها ومنافسيها وهي: الشفافية والمساءلة، والمعايير البيئية والاجتماعية والعمالية العالية، واحترام حقوق الإنسان، والشراكات المحلية المدعومة بالمساعدة الخارجية والتمويل السليم والمستدام. ونحن ندرك أن المؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، هي أيضا أدوات قوة تصب لصالح قيمنا ومصالحنا.
كما أننا ندرك أن اقتصادًا قويًا ومستقرًا وتنمويًا في الخارج، يعني اقتصادًا أقوى هنا في الداخل. فمع ازدهار الاقتصادات الأخرى، يزداد الطلب على الصادرات الأمريكية من سلع وخدمات، ما ينعكس إيجابًا على الداخل الأمريكي، من خلال خلق فرص عمل للأمريكيين كحد أدنى.
تحديث وتعزيز قوة جيشنا
الجيش الأمريكي هو أقوى قوة مقاتلة عرفها العالم على الإطلاق. ولن تتردد الولايات المتحدة في استخدام القوة عند الضرورة للدفاع عن مصالحها الوطنية. لكننا سنفعل ذلك كملاذ أخير فقط، إلى جانب الأدوات غير العسكرية، وذلك حين تكون الأهداف والرسالة واضحة وقابلة للتحقيق، ومتوافقة مع قيمنا وقوانيننا، إضافة إلى أن تنفيذ المهمة لا يكون إلا بموافقة مسبقة من الشعب الأمريكي.
إن منطلقنا الرئيسي هو أن الجيش الأمريكي القوي يساعد في تعزيز وحماية المصالح الوطنية الأمريكية الحيوية، من خلال دعم الدبلوماسية ومواجهة العدوان ومنع نشوب الصراعات وإبراز القوة وحماية الشعب الأمريكي ومصالحه الاقتصادية.
ووسط المنافسة الشديدة، يتمثل دور الجيش في الحفاظ على تفوقه القتالي، مع الحد من مزايا منافسينا. وسيعمل جيشنا بصورة عاجلة على الحفاظ على الردع وتعزيزه، في ظل التحدي الذي تمثله الصين. كما أننا سنتخذ خيارات منضبطة فيما يتعلق بدفاعنا الوطني وسنركز اهتمامنا على المسؤوليات الأساسية للجيش وهي: الدفاع عن الوطن، وردع الهجمات والعدوان ضد الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا، مع الاستعداد للقتال والانتصار إذا فشلت الدبلوماسية والردع.
ولتحقيق ذلك، فإننا سندمج نقاط قوتنا للوصول لأقصى قدر من التأثير لردع الأعمال العدوانية. وهي مقاربة نشير إليها باسم ”الردع المتكامل“.
”الردع المتكامل“
تعتمد استراتيجيتنا للدفاع الوطني على الردع المتكامل وهو مزيج من القدرات يهدف لإقناع الخصوم المحتملين بأن تكاليف أنشطتهم العدائية تفوق المكاسب المرجوة.
وهي تحتوي على:
- التكامل عبر المجالات، مع إدراك أن استراتيجيات منافسينا تعمل عبر المجالات العسكرية (البرية والجوية والبحرية والالكترونية والفضائية)، وغير العسكرية (الاقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية).
- التكامل بين المناطق، مع إدراك أن منافسينا يجمعون بين الطموحات التوسعية والقدرات المتزايدة لتهديد المصالح الأمريكية في مناطق حيوية وداخل الوطن.
- الدمج بين أنواع مختلفة من المواجهة، بطريقة تُبقي الصراع تحت مستوى النزاع المسلح؛ وذلك لمنع خصومنا من تغيير الوضع القائم بطريقة تضر بمصالحنا.
- التكامل عبر الحكومة الأمريكية للاستفادة من مجموعة كاملة من المزايا الأمريكية، من الدبلوماسية والاستخبارات والأدوات الاقتصادية إلى المساعدة الأمنية وفرض قرارات الموقف.
- التكامل مع الحلفاء والشركاء من خلال الاستثمارات في قابلية التشغيل البيني وتنمية القدرات المشتركة، وتخطيط الموقف التعاوني، واعتماد النهج الدبلوماسية والاقتصادية المنسقة.
يتطلب منا الردع المتكامل التنسيق والتواصل والابتكار بشكل أكثر فعالية حتى يفهم أي منافس يفكر في الضغط من أجل تحقيق أي مكسب في مجال واحد أنه يمكننا التحرك في العديد من المجالات الأخرى. وهذا يزيد من الدعم للقدرات التقليدية والاستراتيجية ذات المصداقية القتالية، مما يسمح لنا بتشكيل تصورات الخصم بشكل أفضل لمخاطر وتكاليف العمل ضد المصالح الأمريكية الأساسية، في أي وقت وعبر أي مجال.
الجزء الثالث: أولوياتنا الدولية
إن اتساع وتعقد مصالحنا العالمية يعني أننا بحاجة إلى استخدام أدواتنا بشكل استراتيجي. ولتحقيق ذلك، سنعمل على ثلاثة مسارات مترابطة ذات أهمية قصوى، وهي كالتالي: التعامل مع التحديات التي تواجه النظام الدولي جراء ممارسات منافسينا الاستراتيجيين، ومعالجة التحديات العالمية المشتركة، وتشكيل القواعد الحاكمة للتكنولوجيا والأمن السيبراني والتجارة والاقتصاد.
التفوق على الصين وكبح جماح روسيا
تتوافق كل من الصين وروسيا بشكل متزايد مع بعضهما بعضًا، ولكن التحديات التي تشكلها كل منهما متمايزة. في هذا السياق، سنعطي الأولوية للحفاظ على ديمومة تفوقنا على الصين، مع كبح جماح روسيا التي لا تزال تشكل خطرا كبيرا.
الصين
الصين هي المنافس الوحيد الذي تجتمع لديه النية لإعادة تشكيل النظام الدولي، مع القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية المتزايدة للقيام بذلك.
كما أنها تستخدم قدرتها التكنولوجية وتأثيرها المتعاظم على المؤسسات الدولية لتهيئة ظروف أكثر تقبلًا وتساهلًا مع نموذجها الاستبدادي. فضلًا عن أنها تستفيد من انفتاح الاقتصاد الدولي، مع الحد من الوصول إلى سوقها المحلية، وتسعى إلى جعل العالم أكثر اعتمادا على الصين، في ذات الوقت الذي تعمل فيه على تقليل اعتمادها هي على العالم.
إضافة إلى أنها تستثمر أيضا في جيشها سريع التطور، وتنمي قدراته في منطقة المحيط الهندي-الهادئ، حيث تزداد قوة الجيش ونفوذه وقدرته على الانتشار حول العالم. كل ذلك يأتي جنبًا إلى جنب مع السعي إلى تقويض التحالفات الأمريكية في المنطقة وحول العالم.
في الوقت نفسه، تعد الصين دولة محورية بالنسبة للاقتصاد العالمي ولها تأثير كبير على التحديات المشتركة التي يواجهها العالم، وخاصة تغير المناخ والصحة العامة العالمية. ومن الممكن للولايات المتحدة والصين التعايش بسلام، والمشاركة والمساهمة في التقدم البشري معا.
ولاستراتيجيتنا تجاه الصين ثلاثة الأبعاد:
- الاستثمار في أسس قوتنا في الداخل، وكذا في قدرتنا التنافسية وابتكارنا وصلابتنا وديمقراطيتنا
- مواءمة جهودنا مع شبكة حلفائنا وشركائنا، من خلال العمل على هدف مشترك وقضية مشتركة
- التنافس على نحو يتسم بالمسؤولية مع الصين للدفاع عن مصالحنا وبناء رؤيتنا للمستقبل
ولقد أوضحنا العنصرين الأولين -الاستثمار والمواءمة- في القسم السابق، وهما ضروريان للتفوق على الصين في مجالات الحوكمة التكنولوجية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والاستخباراتية والعالمية.
إن المنافسة مع الصين هي أكثر وضوحا في منطقة المحيط الهندي-الهادئ، ولكنها تمتد عالميا بشكل متزايد. وفي المنافسة مع الصين -كما هو الحال في الساحات الأخرى- من الواضح أن السنوات العشر المقبلة ستكون العقد الحاسم. ونحن نقف الآن عند نقطة الانعطاف، حيث ستضعنا الخيارات التي نتخذها والأولويات التي نسعى إليها اليوم على مسار يحدد وضعنا التنافسي لفترة طويلة في المستقبل.
يقف العديد من حلفائنا وشركائنا، وخاصة في منطقة المحيط الهندي-الهادئ، على الخطوط الأمامية ضد التجبر الصيني، وهم مصممون بحق على السعي لضمان استقلالهم الذاتي وأمنهم وازدهارهم. بالنسبة لنا، سندعم قدرتهم على اتخاذ قرارات سيادية تتماشى مع مصالحهم وقيمهم، دون ضغوط خارجية، وسنعمل على توفير استثمارات ومساعدات إنمائية وأسواق عالية المستوى وواسعة النطاق. ستتطلب منا استراتيجيتنا الشراكة مع البلدان الحليفة ودعمها وتلبية الاحتياجات الاقتصادية والإنمائية، ليس من أجل المنافسة، ولكن من أجل مصلحتها الخاصة.
لدينا مصلحة ثابتة في الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وهو أمر بالغ الأهمية للأمن والازدهار الإقليميين والعالميين، كما أنه يثير قلقًا واهتمامًا دوليين. نحن نعارض أي تغييرات أحادية الجانب في الوضع الراهن من أي من الجانبين، ولا ندعم استقلال تايوان.
وبينما تجري هذه المنافسة الشرسة، فإننا سندير المنافسة بمسؤولية. حيث سنسعى إلى مزيد من الاستقرار الاستراتيجي من خلال التدابير التي تقلل من خطر التصعيد العسكري غير المقصود، وتعزز الاتصالات في الأزمات، وبناء الشفافية المتبادلة. وأخيرا، سنُشرك بكين في جهود تتسم برسمية أكبر للحد من التسلح. كما سنكون دائما على استعداد للعمل مع الصين حيث تتوافق مع مصالحنا. فلا يمكننا ترك خلافاتنا تمنعنا من المضي قدما في الأولويات التي تتطلب منا العمل معا، من أجل خير شعبنا وخير العالم. ويشمل ذلك المناخ والتهديدات الوبائية وعدم انتشار الأسلحة النووية ومكافحة المخدرات غير المشروعة وأزمة الغذاء العالمية وقضايا الاقتصاد الكلي.
باختصار، سنشارك بشكل بناء مع الصين أينما استطعنا، وهذا ليس لمصلحتنا فقط، ولكن لأن العمل معا لحل التحديات الكبيرة هو ما يتوقعه العالم من القوى العظمى، وهذا أيضًا يصب في مصلحتنا المباشرة. لا ينبغي لأي بلد أن يحجب التقدم في القضايا المصيرية العابرة للحدود مثل أزمة المناخ بسبب الاختلافات الثنائية.
وفي حين أن لدينا اختلافات عميقة مع الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية، فإن هذه الاختلافات بين الحكومات والأنظمة – وليس بين الشعوب.
روسيا
على مدى العقد الماضي، اختارت الحكومة الروسية اتباع سياسة خارجية امبريالية، تهدف للانقلاب على الأسس الكبرى للنظام الدولي. وتُوجت هذه السياسة بغزو شامل النطاق لأوكرانيا في محاولة للإطاحة بحكومتها، والسيطرة عليها.
وقد سبق ذلك غزو روسيا لأوكرانيا عام 2014، وتدخلها العسكري في سوريا، وجهودها لزعزعة استقرار جيرانها باستخدام الاستخبارات والقدرات السيبرانية، ومحاولاتها الصارخة لتقويض العمليات الديمقراطية الداخلية في جميع أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى وحول العالم. هذا إضافة إلى تدخلها في السياسة الأمريكية وعملها على زرع الانقسامات بين الأمريكيين.
وعلى الصعيد المحلي، تنتهك الحكومة الروسية حقوق الإنسان، وتقمع المعارضة، وتُغلق وسائل الإعلام المستقلة. كما أن روسيا لديها الآن نظام سياسي متصلب لا يستجيب لاحتياجات شعبه.
ولقد بذلت الولايات المتحدة، في ظل الإدارات المتعاقبة، جهودًا كبيرة في نقاط متعددة للتواصل مع روسيا والحد من خصومتنا وتحديد مجالات التعاون البراغماتي بيننا. لكن الرئيس بوتين رفض هذه الجهود، ومن الواضح الآن أنه لن يتغير. والآن، تشكل روسيا تهديدا مباشرًا ومستمرا للسلام والاستقرار الدوليين.
في هذا السياق، نقود ردا موحدا ومبدئيا وحازما على غزو روسيا لأوكرانيا، وحشدنا العالم لدعم الشعب الأوكراني وهو يدافع بشجاعة عن بلده. ومن خلال العمل مع تحالف دولي واسع ودائم، حشدنا مستويات شبه قياسية من المساعدة الأمنية لضمان حصول أوكرانيا على الوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها. وإلى جانب حلفائنا وشركائنا، تساعد أمريكا في جعل حرب روسيا على أوكرانيا فاشلة استراتيجيًا.
وفي حين أن بعض جوانب نهجنا الاستراتيجي ستعتمد على مسار الحرب في أوكرانيا، فإن عددا من العناصر واضحة بالفعل، وهي كالآتي:
- ستواصل الولايات المتحدة دعم أوكرانيا في كفاحها من أجل حريتها، وسنساعدها على التعافي اقتصاديًا، كما أننا سنشجع تكاملها الإقليمي مع الاتحاد الأوروبي.
- ستدافع الولايات المتحدة عن كل شبر من أراضي الناتو وستواصل بناء وتعميق التحالف مع الحلفاء والشركاء لمنع روسيا من التسبب في مزيد من الضرر للأمن والديمقراطية والمؤسسات الأوروبية.
- ستلتزم الولايات المتحدة بسياسة الردع، وعند الضرورة فإنها سترد على الأعمال الروسية التي تهدد المصالح الأمريكية الأساسية، بما في ذلك الهجمات الروسية على بنيتنا التحتية وديمقراطيتنا.
- أُضعفت الإرادة العسكرية التقليدية لروسيا، وهو ما يرجح أن تزيد موسكو من اعتمادها على الأسلحة النووية في تخطيطها العسكري. ولن تسمح الولايات المتحدة لروسيا، أو لأي قوة، بتحقيق أهدافها من خلال استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها.
- ستحافظ الولايات المتحدة على أنماط التفاعل البراغماتية وستعمل على تطويرها؛ لتتعامل مع القضايا التي يمكن أن يكون التعاون بشأنها مع روسيا مفيدا للطرفين.
تحترم الولايات المتحدة الشعب الروسي ومساهماته في العلوم والثقافة والعلاقات الثنائية البناءة على مدى عقود عديدة. وعلى الرغم من سوء التقدير الاستراتيجي للحكومة الروسية في مهاجمة أوكرانيا، فإن الشعب الروسي هو الذي سيحدد مستقبل روسيا كقوة كبرى قادرة على لعب دور بناء مرة أخرى في الشؤون الدولية، وسترحب الولايات المتحدة بهذا المستقبل. وفي غضون ذلك، سوف نستمر في التصدي للعدوان الذي ترتكبه الحكومة الروسية.
التعاون بشأن التحديات المشتركة
يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على التعاون الدولي بشأن التحديات المشتركة وزيادته، حتى في عصر تعاظم فيه التنافس بين الدول. ففي عالم مثالي، ستتنافس الحكومات بشكل مسؤول حين تتباعد مصالحها، وستتعاون حين تتلاقى، لكن الأمور لم تسر دائمًا على هذا النحو في الواقع العملي.
تتضمن استراتيجيتنا لمواجهة التحديات المشتركة -التي تتطلب تعاونا عالميا- مسارين متزامنين؛ الأول: سنشرك جميع البلدان والمؤسسات بشكل كامل للتعاون بشأن التهديدات المشتركة، وسيشمل ذلك الضغط من أجل تحقيق إصلاحات مطلوبة، حيث ثبت أن الاستجابات المؤسسية غير كافية للتعاطي مع هذه التهديدات. وفي الوقت نفسه، سنضاعف جهودنا أيضًا لتعميق تعاوننا مع الشركاء ذوي التفكير المماثل. وعبر هذين المسارين، سنسعى أيضا إلى الاستفادة الإيجابية الآثار الإيجابية للمنافسة، وتشجيع السباق نحو القمة، لزيادة الجهود الدولية بشأن هذه التحديات.
المناخ وأمن الطاقة
أزمة المناخ هي التحدي الوجودي المعاصر، حيث تهدد هذه الأزمة إمدادات الغذاء والماء والصحة العامة والبنية التحتية والأمن القومي. وبدون اتخاذ إجراء عالمي فوري للحد من الانبعاثات، فإن العلماء يخبرون أننا سنتجاوز قريبا 1.5 درجة من الاحترار، مما يؤدي إلى مزيد من الحرارة والطقس الشديدين، وارتفاع مستويات سطح البحر، وفقدان كارثي للتنوع البيولوجي.
يبدأ عملنا العالمي من داخلنا، حيث نقوم باستثمارات غير مسبوقة للانتقال للطاقة النظيفة، وفي الوقت نفسه خلق الملايين من الوظائف ذات الأجور الجيدة وتعزيز الصناعات الأمريكية. إضافة لذلك، نعمل على تعزيز الاستعداد الفيدرالي والمحلي ضد تهديدات الطقس القاسية المتزايدة والقدرة على الصمود أمامها، كما أننا نعمل على دمج التغير المناخي في تخطيط وسياسات الأمن القومي لدينا. وهذا العمل المحلي هو مفتاح مصداقيتنا الدولية، وهو المفتاح كذلك لجعل البلدان الأخرى ترفع طموحها وعملها.
وعلى المستوى الدولي، نحفز العالم على مزيد من العمل. فبناءً على قمة القادة حول المناخ ومنتدى الاقتصادات الرئيسية و”اتفاق باريس للمناخ”، نساعد البلدان على تلبية وتعزيز مساهماتها المحددة وطنيا، والحد من الانبعاثات، ومعالجة الميثان والملوثات الأخرى، وتعزيز عمليات إزالة ثاني أكسيد الكربون، والتكيف مع أشد آثار تغير المناخ، وإنهاء إزالة الغابات على مدى العقد المقبل.
كما أوضحت أحداث مثل العدوان الروسي على أوكرانيا الحاجة الملحة لتسريع الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري. فأمن الطاقة على المدى الطويل يعتمد على الطاقة النظيفة. وإدراكًا بأن هذا الانتقال لن يحدث بين عشية وضحاها، فإننا سنعمل مع الشركاء والحلفاء لضمان أمن الطاقة والقدرة على تحمل التكاليف، وتأمين الوصول إلى سلاسل إمدادات المعادن الحيوية، وخلق انتقال عادل للعمال المتضررين.
تحتاج العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض وما دون المتوسط إلى المساعدة، وهذا هو السبب في أننا نهدف إلى توفير أكثر من 11 مليار دولار من التمويل السنوي للمناخ، ونضغط على الشركاء لزيادة مساهماتهم الخاصة. كما أننا ندمج تغير المناخ في استراتيجيات الاستثمار لمؤسسات التمويل الإنمائي لدينا، ونعمل مع المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية، لفعل الشيء نفسه.
الأوبئة والدفاع البيولوجي
أودى فيروس كورونا بحياة ما يقرب من 6.5 مليون شخص حول العالم، بما في ذلك أكثر من مليون أمريكي، ولكن الوباء التالي قد يكون أسوأ بكثير وأكثر فتكًا. لدينا فرصة ضيقة لاتخاذ خطوات على الصعيدين الوطني والدولي للتحضير للوباء التالي وتعزيز دفاعنا البيولوجي.
في الولايات المتحدة، يتطلب ذلك الاستعداد للمخاطر البيولوجية الكارثية، ويشمل ذلك تحسين الإنذار المبكر ومراقبة الأمراض وتبادل البيانات والتنبؤ بها، وتسريع التنمية والتصنيع المحلي وتقديم التدابير الطبية المضادة، والنهوض بتطوير التكنولوجيا الحيوية الآمنة وتصنيعها، والتغلب على أوجه عدم المساواة في جودة الرعاية والقدرة على وصول إليها.
وعلى الصعيد الدولي، يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات على جبهات متعددة. فقد جددت الولايات المتحدة التزاماتها تجاه منظمة الصحة العالمية، التي نحن أكبر مانح لها. نحن ندرك أنه لن يكون أحد في مأمن حتى يأمن الجميع، وهذا هو السبب في أننا تبرعنا بلقاحات دولية أكثر من أي بلد آخر، دون اشتراطات سياسية. علاوة على هذا، فإننا نعمل مع الحلفاء والشركاء، بما في ذلك المنظمات الخيرية والقطاع الخاص، لتعزيز التصنيع المستدام للقاحات في أفريقيا وجنوب آسيا.
ندرك أنه يجب علينا التعامل مع جميع البلدان في مجال الصحة العالمية، بما في ذلك تلك التي نختلف معها، لأن الأوبئة لا تعرف حدودا. نقر أيضا بأن بعض مؤسساتنا الدولية قد فشلت في الماضي وتحتاج إلى إصلاح. ففي الوقت الذي نعتقد فيه أن بإمكاننا الاتفاق على العديد من هذه الإصلاحات وتنفيذها في ظل وجود هذه الإدارة، إلا أننا ندرك أيضا أن بعضها قد يخفق في نهاية المطاف؛ ذلك لأن بلدانا أخرى لا تشاركنا إيماننا بمزيد من الشفافية وتبادل البيانات الهامة مع المجتمع الدولي.
سنتصدى أيضا للخطر المتصاعد الذي تشكله المخاطر البيولوجية المتعمدة والعرضية، ويشمل ذلك تعزيز قدرتنا على اكتشاف العوامل وتحديدها بسرعة، وتطوير التدابير الطبية المضادة. وبالعمل مع الشركاء والحلفاء، سنعزز “معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية” لتحجيم قدرات الحرب البيولوجية لدى الحكومات، ومنع حيازة الإرهابيين للأسلحة البيولوجية أو استخدامها، وتعزيز المعايير الدولية ضد تطوير الأسلحة البيولوجية واستخدامها. كما سنقلل أيضا من المخاطر البيولوجية المرتبطة بالتقدم في التكنولوجيا والبحث والتطوير مزدوج الاستخدام، ويتضمن ذلك وضع وتعزيز المعايير والممارسات الدولية للسلامة والأمن البيولوجي.
الأمن الغذائي
تتعرض النظم الغذائية العالمية اليوم للتهديد من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك غزو روسيا لأوكرانيا، والآثار الاقتصادية لوباء كورونا، والمستجدات المناخية، والصراعات التي طال أمدها – وكلها تهدد بدفع 75-95 مليون شخص إلى الفقر المدقع في عام 2022 ، بشكل أكبر مما كان متوقعا قبل الوباء. وما زلنا أكبر مساهم في برنامج الأغذية العالمي والمانح الرئيسي في كل بلد تقريبا يعاني من أزمة غذائية إنسانية.
وعلى المدى الطويل، نحن نحشد العالم لإيجاد طرق للتعامل مع المجموعة الواسعة من التحديات التي تواجه الإمدادات الغذائية في العالم، ويتطلب تحقيق الأمن الغذائي العالمي المستدام يقظة وعملا مستمرين من قبل جميع الحكومات، بالشراكة مع المؤسسات متعددة الأطراف والمنظمات غير الحكومية.
الحد من التسلح وانتشار الأسلحة النووية
يعد انتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية تحديا عالميا بالغ الأهمية ودائم، كما أنه يتطلب تعاونا مستمرا لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل والمواد الانشطارية ووسائل إيصالها والتكنولوجيا المرتبطة بها.
ستعمل الولايات المتحدة مع الحلفاء والشركاء والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لتعزيز آليات الحد من الأسلحة ومنع الانتشار النووي، خاصة في أوقات الصراع عندما تكون مخاطر التصعيد كبيرة. وسنواصل السعي إلى المشاركة العملية مع المنافسين حول الاستقرار الاستراتيجي والحد من المخاطر. سيؤكد نهجنا على التدابير التي تمنع سباقات التسلح المكلفة، وتقلل من احتمال سوء التقدير، وتتكامل مع استراتيجيات الردع التي تنتهجها أمريكا وحلفاؤها.
الإرهاب
التهديد الإرهابي اليوم أكثر تنوعا -من الناحية الأيديولوجية والانتشار الجغرافي- مما كان عليه قبل عقدين من الزمن. فقد توسع تنظيما القاعدة وداعش والقوات المرتبطة بهما من أفغانستان والشرق الأوسط، إلى أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
ولا تزال سوريا واليمن والصومال ملاذات إرهابية؛ وأصبح الوكلاء المحليون جهات فاعلة راسخة في الصراعات الإقليمية. وما زالت العديد من هذه الجماعات تعتزم تنفيذ هجمات، أو إلهام الآخرين لمهاجمة الولايات المتحدة ومصالحها في الخارج. وفي الوقت نفسه، نواجه تهديدات متزايدة بشكل حاد من مجموعة من المتطرفين العنيفين المحليين داخل الولايات المتحدة.
ومع تطور التهديد، يجب أن يتطور نهجنا لمكافحة الإرهاب أيضا. ونحن واثقون من قدرتنا على مواصلة القتال ضد تنظيمي القاعدة وداعش والقوات المرتبطة بهما في كل مكان. وسنضمن ألا تكون أفغانستان مرة أخرى ملاذًا آمنًا للهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة أو حلفائها، وسنحاسب طالبان على التزاماتها العلنية بشأن مكافحة الإرهاب.
وفي جميع أنحاء العالم، سنزيد من التعاون والدعم للشركاء الموثوق بهم، ونتحول من استراتيجية “تقودها الولايات المتحدة، ومدعومة من الشركاء” إلى استراتيجية “يقودها الشركاء، ومدعومة من الولايات المتحدة”.
وعند الضرورة، سنستخدم القوة لتعطيل وإضعاف الجماعات الإرهابية التي تخطط لشن هجمات ضد الولايات المتحدة أو شعبها أو منشآتها الدبلوماسية والعسكرية في الخارج. سنفعل ذلك بما يتفق مع القانون المحلي والدولي وبطريقة تقلل إلى الحد الأدنى الخسائر في صفوف المدنيين، مع تعزيز قدر أكبر من الشفافية والمساءلة.
نحن نواجه تهديدا متزايدا وكبيرا داخل الولايات المتحدة من مجموعة من المتطرفين المحليين، بما في ذلك أولئك الذين يحفزهم التحيز العنصري أو العرقي، فضلا عن المشاعر المعادية للحكومة أو المناهضة للسلطة. إن الاستمرار في تنفيذ استراتيجيتنا الوطنية الأولى من نوعها لمكافحة الإرهاب المحلي سيمكننا من فهم وتبادل المعلومات المتعلقة بالتهديد الإرهابي المحلي بشكل أفضل، ومنع التجنيد والتعبئة للعنف، وتعطيل وردع النشاط الإرهابي المحلي وأي روابط عابرة للحدود – كل ذلك مع تعزيز احترام الحقوق والحريات المدنية.
وضع القواعد والأطر الحاكمة
منذ عام 1945، قادت الولايات المتحدة إنشاء مؤسسات ووضع قواعد ومعايير تحكم التجارة والاستثمار الدوليين والسياسة الاقتصادية والتكنولوجيا. وقد عززت هذه الآليات أهداف أمريكا الاقتصادية والجيوسياسية واستفاد منها الناس في جميع أنحاء العالم، من خلال تشكيل كيفية تفاعل الحكومات والاقتصادات، وقد فعلت ذلك بطرق تتماشى مع المصالح والقيم الأمريكية.
وبدورنا، نسعى إلى تعزيز وتحديث منظومة الأمم المتحدة والمؤسسات متعددة الأطراف بشكل عام. ولا توجد قطاعات تحتاج لوضع وتحديث قواعدها أكثر من قطاعات التكنولوجيا والفضاء الإلكتروني والتجارة والاقتصاد.
التكنولوجيا
إن التكنولوجيا عامل أساسي في المنافسة الجيوسياسية القائمة، وكذلك في مستقبل أمننا القومي واقتصادنا وديمقراطيتنا. وخلال العقد المقبل، تستعد التقنيات التكنولوجية الحديثة والناشئة لإعادة هيكلة الاقتصادات وتغيير طريقة عمل الجيوش وإعادة تشكيل العالم.
بدورها، تلتزم الولايات المتحدة بمستقبل تزيد فيه هذه التقنيات من أمن وازدهار وقيم الشعب الأمريكي والديمقراطيات ذات التفكير المماثل.
وبدعم من الحزبين، أطلقنا استراتيجية صناعية حديثة وحصلنا بالفعل على استثمارات تاريخية في الطاقة النظيفة وتصنيع الالكترونيات الدقيقة والبحث والتطوير والتكنولوجيا الحيوية. كما أننا نضاعف ميزتنا الاستراتيجية الطويلة الأمد التي لا مثيل لها، وهي جذب أفضل المواهب في العالم والاحتفاظ بها. حيث يعد جذب عدد أكبر من مواهب العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أولوية لأمننا القومي وأمن سلاسل التوريد.
سنعمل مع الحلفاء والشركاء لاستخدام التكنولوجيات الجديدة وتوسيع نطاقها، وتعزيز التقنيات الأساسية في القرن الحادي والعشرين، وخاصة الالكترونيات الدقيقة والحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والتصنيع الحيوي والاتصالات المتقدمة وتكنولوجيات الطاقة النظيفة.
كما أننا سنشارك أيضا الدول ذات التفكير المماثل في تطوير ونشر التقنيات بطريقة تفيد الجميع، وليس فقط الأقوياء، وبناء سلاسل توريد قوية ودائمة، حتى لا تتمكن البلدان من استخدام الحرب الاقتصادية لإكراه الآخرين. كما يجب أن نضمن عدم تمكن المنافسين الاستراتيجيين من استغلال التقنيات أو البيانات الأمريكية وبيانات حلفائها لتقويض الأمن الأمريكي وأمن الحلفاء.
الأمن السيبراني
إن مجتمعاتنا، والبنية التحتية الحيوية التي تدعمها، من الطاقة إلى خطوط الأنابيب، تتحول للرقمنة بشكل متزايد، ما يعني أنها عرضة للتعطيل أو التدمير من خلال الهجمات السيبرانية.
ولقد استخدمت دول كروسيا مثل هذه الهجمات لتقويض قدرة البلدان على تقديم الخدمات لمواطنيها، إضافة إلى استخدامها لقمع المواطنين ومراقبتهم وإكراههم. نحن نعمل بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء، لتحديد معايير للبنية التحتية الحيوية ولتحسين قدرتنا السيبرانية بسرعة، وبناء قدرات جماعية للاستجابة السريعة للهجمات.
كما أننا سنواصل التزامنا بالإطار الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة لسلوك الدول المسؤول في الفضاء الإلكتروني، والذي يقضي بأن القانون الدولي ينطبق على الانترنت، تمامًا كما هو الحال في العالم الواقعي خارج الانترنت.
التجارة والاقتصاد
يعتمد ازدهار أمريكا أيضًا على النظام الاقتصادي الدولي الذي يعتمد على التجارة العادلة والمفتوحة. ولقد استفادت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة من قدرة التجارة الدولية على تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، وخفض أسعار المستهلكين، والوصول إلى الأسواق الخارجية لتعزيز الصادرات الأمريكية، وخلق الوظائف للمواطنين الأمريكيين.
وفي الوقت نفسه، انتهكت الجهات الفاعلة المنافسة، مثل الصين، القواعد التي تحكم التجارة والاقتصاد منذ فترة طويلة، مما أدى إلى تفاقم عدم المساواة وأزمة المناخ؛ كما أنها فشلت في تغطية حدود الاقتصاد الحديث، بما في ذلك التجارة الرقمية.
وبالإضافة إلى التجارة، نعمل على بناء نظام اقتصادي دولي مناسب للمستجدات والحقائق المعاصرة. سنعمل على معالجة الأضرار التي لحقت بالعمال والمستهلكين والشركات الأمريكية بسبب عمليات التلاعب بالعملة؛ ومكافحة الفساد والتمويل غير المشروع.
كما أننا سنتشارك مع البلدان بشأن التنمية المستدامة، من خلال الاستجابة لتحديات الديون العالمية، وتمويل البنية التحتية عالية الجودة. وعلاوة على ذلك، سنستكشف مزايا تطوير الأصول الرقمية، بما في ذلك الدولار الرقمي.
الرهائن والمعتقلون غير الشرعيين
إن استخدام البشر كبيادق يتناقض مع القيم الأمريكية والنظام العالمي الذي نطمح إليه. لكن هذا ما تفعله الحكومات والأنظمة والجهات الفاعلة غير الحكومية، عندما تحتجز الأمريكيين كرهائن ومعتقلين غير شرعيين.
وبدورنا، نعمل مع شركائنا لردع وإحباط تلك التكتيكات غير الإنسانية. يتضمن ذلك إصدارنا في يوليو/ تموز 2022 أمرًا تنفيذيًا للعمل بقانون أمريكي حديث يسمى قانون ليفنسون، واستحداث أدوات جديدة لمعاقبة أولئك الذين يختطفون الأمريكيين أو يحتجزونهم ظلما في الخارج.
كما يشمل العمل مع الشركاء الدوليين الرئيسيين لتعزيز وتنفيذ الإعلان الذي أصدرته كندا لمكافحة الاحتجاز التعسفي في العلاقات بين الدول.
الجزء الرابع: استراتيجيتنا حسب المنطقة الجغرافية
لا يمكن للولايات المتحدة مواجهة تحديات هذا العقد الحاسم إلا من خلال الشراكة مع البلدان والشعوب في جميع أنحاء العالم. في هذا السياق، يعتمد الأمريكيون على علاقاتنا الواسعة والعميقة في كل منطقة ويستفيدون منها، كما أنهم يستثمرون في كل بلد تقريبا ويتاجرون به؛ ويدرسون ويعملون ويعيشون في كل قارة. فمستقبلنا ومستقبل العالم مترابطان. وهذا هو السبب في أن استراتيجيتنا عالمية.
تعزيز حرية وانفتاح منطقة المحيط الهندي-الهادئ (Indo-Pacific)
لمنطقة المحيط الهندي-الهادئ أهمية كبيرة في النمو الاقتصادي العالمي، وستكون مركز الجغرافيا السياسية للقرن الحادي والعشرين. وكوننا قوة في المنطقة، فإن الولايات المتحدة لديها مصلحة استراتيجية في أن تكون هذه المنطقة مفتوحة ومترابطة ومزدهرة وآمنة وقوية.
ولذا، ستعمل الولايات المتحدة مع الدول الإقليمية الأخرى للحفاظ على منطقة المحيط الهندي-الهادئ مفتوحة ويمكن الوصول إليها، كما أنها ستعمل على ضمان حرية الدول في اتخاذ خياراتها الخاصة، بما يتفق مع الالتزامات بموجب القانون الدولي.
بدورنا، دخلنا فترة جديدة ستكون فيها مطالب المنطقة من السياسة الخارجية الأمريكية أكثر مما طلب منها منذ الحرب العالمية الثانية. ولن تكون أي منطقة ذات أهمية أكبر للعالم وللأمريكيين من منطقة المحيط الهندي-الهادئ.
تعميق تحالفنا مع أوروبا
مع وجود علاقة متجذرة من خلال القيم الديمقراطية المشتركة والمصالح المشتركة والعلاقات التاريخية، تعد العلاقة عبر المحيط الأطلسي منصة حيوية تبنى عليها العديد من العناصر الحيوية لسياستنا الخارجية. كانت أوروبا، وستظل، شريكنا الأساسي والرئيسي في مواجهة كافة التحديات العالمية.
اليوم، تقف أوروبا في الخطوط الأمامية للدفاع عن مبادئ الحرية والسيادة وعدم الاعتداء، وسنواصل العمل على قدم وساق لضمان سيادة قيمة الحرية. ولا تزال أمريكا ملتزمة بشكل لا لبس فيه بالدفاع الجماعي على النحو المنصوص عليه في المادة 5 من ميثاق الناتو، وستعمل جنبا إلى جنب مع حلفائها في الناتو لردع العدوان والإكراه بجميع أشكالهما، ومقاومتهما، وبناء القدرة على الصمود ضدهما.
كما تحافظ أمريكا على التزامها الأساسي بالسعي إلى منطقة أوروبية كاملة وحرة وآمنة. ويشكل غزو روسيا لأوكرانيا تهديدا خطيرا لهذه الرؤية، ولهذا السبب نحن مصممون على دعم أوكرانيا في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها مع فرض تكاليف باهظة على موسكو بسبب عدوانها.
كذلك فإننا نشجع التعاون الوثيق بشأن المسائل ذات الاهتمام المشترك بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
وبينما ندعم أوكرانيا، سنعمل أيضًا على تعزيز استقرار الديمقراطيات الأخرى وقدرتها على الصمود. سندعم التطلعات الأوروبية لجورجيا ومولدوفا والتزامهما بالإصلاحات المؤسسية الهامة. سنساعد الشركاء في تعزيز المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون والتنمية الاقتصادية في غرب البلقان. سندعم الجهود الدبلوماسية لحل الصراع في جنوب القوقاز. سنستمر في تواصلنا مع تركيا لتعزيز علاقاتها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والمؤسسية مع بالغرب. وسنعمل على إحباط التهديدات الإرهابية لأوروبا. في أماكن أخرى من أوراسيا، سنواصل دعم استقلال آسيا الوسطى وسيادتها وسلامتها الإقليمية. وسنعزز الجهود الرامية إلى تعزيز المرونة والتنمية الديمقراطية في البلدان الخمسة في هذه المنطقة. كما سنواصل العمل من خلال المنصة الدبلوماسية لمجموعة 5+1 (كازاخستان وجمهورية قيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان والولايات المتحدة) لتعزيز التكيف مع المناخ وتحسين الطاقة الإقليمية والأمن الغذائي وتعزيز التكامل داخل المنطقة وبناء قدر أكبر من الاتصال بالأسواق العالمية.
ومن خلال مجموعة السبع، سنعمل مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة لحشد التعاون الدولي بشأن التحديات الأكثر إلحاحا في العالم. سندافع بشكل مشترك عن حقوق الإنسان، سواء في بيلاروسيا أو شينجيانغ. ولسن هذه الأجندة الطموحة، سنعمق توافقنا الاستراتيجي عبر التشاور بانتظام، وتبادل المعلومات، والاستخبارات، والتنسيق معا.
تعزيز الديمقراطية والازدهار المشترك في نصف الكرة الغربي
لا توجد منطقة تؤثر على الولايات المتحدة بشكل مباشر أكثر من نصف الكرة الغربي. حيث تعد دول نصف الكرة الغربي، وخاصة في أمريكا الشمالية، مساهمين رئيسيين في ازدهار الولايات المتحدة وقوتها. لكن وباء كورونا والركود الذي أعقبه أدى إلى تفاقم التحديات الهيكلية التي طال أمدها، وأجج الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وقوض الإيمان بقدرة الديمقراطية على الإنجاز، وحفز مستويات غير مسبوقة من الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة من جميع أنحاء المنطقة.
وإدراكًا للصلة المباشرة بين ازدهار المنطقة وأمنها وازدهارنا وأمننا، فمن الأهمية بمكان أن تُنشِّط الولايات المتحدة شراكاتها لبناء القوة الاقتصادية والاستقرار الديمقراطي. كما أننا سنعزز هذه الجهود من خلال التفاعلات الدورية مع شركائنا، وكذلك من خلال التعاون المؤسسي متعدد الأطراف، وأخيرًا عبر المبادرات الإقليمية.
إن أولويتنا هي العمل مع كندا والمكسيك لتعزيز رؤية أمريكا الشمالية للمستقبل، والتي تعتمد على نقاط قوتنا المشتركة وتعزز القدرة التنافسية العالمية للولايات المتحدة.
كما تستمد الولايات المتحدة فوائد أمنية واقتصادية من استقرار المنطقة ومؤسساتها الديمقراطية، حيث توفر قيمنا المشتركة أساسًا للتعاون وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية. وللمساعدة في الحفاظ على هذه التقاليد وتعزيزها، سندعم الشركاء الذين يسعون جاهدين لبناء مؤسسات شفافة وشاملة وخاضعة للمساءلة. كما سندعم معًا الحكم الديمقراطي الفعال الذي يستجيب لاحتياجات المواطنين، والدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة العنف القائم على نوع الجنس، ومعالجة الفساد، والحماية من التدخل الخارجي أو الإكراه، من الصين أو روسيا أو إيران أو غيرهم.
سندعم تقرير المصير الديمقراطي لشعب فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا وأي بلد يتم فيه قمع الإرادة الشعبية. وفي هايتي، التي تعاني من أزمة إنسانية وسياسية واقتصادية طويلة، سنحشد المجتمع الدولي للمساعدة في استعادة الأمن وإعادة بناء مؤسسات الحكم ودعم أساس الرخاء الذي يمْكن للشعب الهايتي من خلاله تقرير مستقبله. كما أننا سنساعد الشركاء في مواجهة التهديدات الأمنية، الداخلية والخارجية.
هذه الأولويات -توسيع الفرص الاقتصادية، وتعزيز الديمقراطية، وبناء الأمن- تعزز بعضها بعضًا، وتساهم في الاستقرار الوطني والإقليمي والعالمي.
لدينا مصلحة استراتيجية في متابعة وتعزيز التعاون من خلال المشاركة الدبلوماسية المكثفة مع الشركاء والمؤسسات في نصف الكرة الغربي، على أساس الفرضية القائلة بأن تعزيز وجود محيط آمن ومتوسط المستوى وديمقراطي، يصب بشكل أساسي في مصلحة الأمن القومي الأمريكي.
دعم التهدئة والتكامل الإقليمي في الشرق الأوسط
على مدى العقدين الماضيين، ركزت السياسة الخارجية الأمريكية بشكل رئيسي على التهديدات الصادرة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إذ لجأنا في كثير من الأحيان إلى سياسات ترتكز على القوة العسكرية، وتستند إلى ثقة غير واقعية في استخدامها، وتغيير النُظُم (السياسية) لتحقيق نتائج مستدامة. بينما أخفقنا في تقدير الفرص البديلة في ساحة عالمية تتضارب فيها الأولويات، كما فشلنا في تقدير الآثار الجانبية لسياساتنا كما ينبغي.
وعلى هذا، حان الوقت لتوجيه خططنا الكلية نحو مزيد من الخطوات العملية، التي من شأنها أن تعزز المصالح الأمريكية، وتساعد شركاءنا الإقليميين على إرساء الأسس نحو مزيد من الاستقرار والازدهار والفرص لشعوب الشرق الأوسط، وللشعب الأمريكي.
وفي هذا السياق، وضعت الولايات المتحدة إطارًا جديدًا لسياستها في المنطقة -معتمدة في ذلك على ميزتها النسبية التي لا تضاهى في بناء الشراكات والائتلافات والتحالفات- لتعزيز الردع، مع استخدام الدبلوماسية لتهدئة التوترات وتقليل مخاطر نشوب صراعات جديدة، ووضع الأسس لاستقرار طويل الأمد. ولهذا الإطار خمسة مبادئ.
المبدأ الأول: ستدعم الولايات المتحدة وتعزز شراكاتها مع الدول المتبعة لقواعد النظام الدولي القائم، كما ستضمن قدرة تلك الدول على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية.
المبدأ الثاني: لن تسمح الولايات المتحدة لقوىً أجنبية أو إقليمية بتقويض حرية الملاحة عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط، بما في ذلك مضيقي هرمز وباب المندب، كما أنها لن تتسامح مع الجهود التي تبذلها أي دولة للسيطرة على دولة أخرى -أو على المنطقة- سواء باستخدام الحشد العسكري، أو التوغلات، أو التهديدات.
المبدأ الثالث: بينما تعمل الولايات المتحدة على التصدي للتهديدات التي تواجه الاستقرار الإقليمي، فإنها في الوقت نفسه ستعمل على تقليل التوترات، وخفض التصعيد، وإنهاء النزاعات حيثما أمكن ذلك عبر الطرق الدبلوماسية.
المبدأ الرابع: ستعزز الولايات المتحدة التكامل الإقليمي من خلال بناء روابط سياسية واقتصادية وأمنية فيما بين شركائها، بما في ذلك هياكل دفاع جوي وبحري متكاملة، مع احترام سيادة كل دولة وخياراتها المستقلة.
المبدأ الخامس: ستعمل الولايات المتحدة دائمًا على تعزيز حقوق الإنسان، والقيم المنصوص عليها في ميثاق منظمة الأمم المتحدة.
يعتمد هذا الإطار الجديد على التقدم الأخير الذي حققته دول المنطقة في جسر الهوة المستدامة بينهم. وعلى هذا، سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء لتعزيز قدراتهم لردع ومواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. كما سنواصل جهودنا الدبلوماسية لضمان عدم تمكن إيران من امتلاك سلاح نووي، مع استمرار جهوزيتنا واستعدادنا لاستخدام وسائل أخرى حال فشل الطرق الدبلوماسية.
كذلك، فإننا لن نتسامح مع التهديدات الإيرانية ضد المواطنين الأمريكيين ومسؤولينا الحاليين والسابقين. وكما أظهرنا، فإننا سنرد حال تعرض شعبنا أو مصالحنا للاعتداء. وإذ نقوم بذلك، فإننا سنقف دائمًا إلى جانب الشعب الإيراني الذي يناضل من أجل حقوقه الأساسية وكرامته، التي حرمهم إياها نظام طهران ردحًا من الزمن.
وبصورة أعم، فإننا سنجمع بين الدبلوماسية، والمعونات الاقتصادية، والمساعدة الأمنية للشركاء المحليين لتخفيف المعاناة، والحد من عدم الاستقرار، ومنع تصدير الإرهاب، أو الهجرة الجماعية من اليمن وسوريا وليبيا، بالإضافة إلى العمل مع حكومات المنطقة لمعالجة الآثار الأوسع نطاقًا لهذه التحديات.
علاوة على ذلك، فإننا سنسعى إلى توسيع وتعميق علاقات إسرائيل المتنامية مع جيرانها والدول العربية الأخرى، من خلال اتفاقيات أبراهام وغيرها، مع الحفاظ على التزامنا الصارم بأمن إسرائيل. كما سنستمر في دعم الحل القائم على وجود دولتين قابلتين للحياة، والذي يحافظ على مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، بينما يلبي تطلعات الفلسطينيين إلى دولة خاصة بهم تكون آمنة وصالحة للعيش.
كما صرح بذلك الرئيس بايدن خلال زيارته للضفة الغربية في يوليو/ تموز 2022، قائلا: “يظل أفضل طريق لتحقيق قدر متساوٍ من الأمن والازدهار والحرية والديمقراطية للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، هو دولتين على حدود عام 1967، مع تبادل للأراضي يتفق عليه الطرفان”.
هذا الإطار الجديد (لسياستنا في المنطقة) يعتمد على وضع عسكري دائم وفعال يركز على الردع، وتعزيز قدرة الشركاء، وتحقيق التكامل الأمني الإقليمي، ومكافحة التهديدات الإرهابية، وضمان حرية النقل للتجارة العالمية.
وبالاقتران مع استخدام أدوات أخرى من قوتنا الوطنية، فإن هذه الأنشطة العسكرية تساعد أيضا في مواجهة التوسع العسكري لجهات خارجية فاعلة في المنطقة. نحن لن نستخدم جيشنا لتغيير الأنظمة أو إعادة تشكيل المجتمعات، ولكن بدلًا من ذلك سنقصر استخدام القوة على الظروف التي تكون فيها ضرورية لحماية مصالح أمننا القومي، وبما يتفق مع القانون الدولي، مع تمكين شركائنا من الدفاع عن أرضهم ضد التهديدات الخارجية والإرهابية.
بجانب ذلك، فإننا سنشجع الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تساعد في إطلاق العنان للقدرات الكامنة في المنطقة، من خلال تعزيز التكامل الاقتصادي لدفع النمو وخلق فرص العمل وغيرها. كما سنشجع منتجي الطاقة على استخدام مواردهم لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية، في حين أننا سنعمل على حماية المستهلك الأمريكي، ونستعد لمستقبل من الطاقة النظيفة.
كذلك سنواصل دعم شركائنا الديمقراطيين والمطالبة بالمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، ومع التسليم بأن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يأتي إلا من الداخل، فلا يزال هناك دور مهم للولايات المتحدة لتضطلع به.
إن الولايات المتحدة هي أكبر مانح ثنائي للمساعدات الإنسانية، كما أنها نصير عريق للعمل الإنساني النبيل. وفي هذا الصدد، سنحافظ على ريادتنا في مجال المساعدات الإنسانية، وسندير أزمات اللاجئين والنزوح طويلة الأمد، بما يساعد على تحقيق الكرامة الإنسانية وتعزيز الاستقرار.
كما سنسرع وتيرة دعمنا للشركاء الإقليميين لمساعدتهم على بناء قدر أكبر من الصلابة، حيث سيُحدد مستقبل الشرق الأوسط من خلال التغيرات المناخية والتكنولوجية والديموغرافية، فضلا عن الشؤون الأمنية التقليدية.
بناء شراكات أمريكية إفريقية خلال القرن الحادي والعشرين
تعد إفريقيا قوة جيوسياسية رئيسية، ستلعب خلال العقد القادم دورًا حاسمًا في حل ومواجهة التحديات العالمية. كما أنها باتت أكثر شبابًا وتعليمًا واتصالًا من أي وقت مضى. والدول الإفريقية تشكل واحدة من أكبر مجموعات التصويت الإقليمية في الأمم المتحدة. ويجب أن تعكس الشراكات الأمريكية الإفريقية الدور الجيوسياسي المهم الذي تلعبه الدول الإفريقية على مستوى العالم.
سيتوقف النهوض بالمصالح الوطنية الأمريكية جزئيًا على العمل بشكل أوثق، ليس فقط مع الدول الأفريقية، ولكن أيضًا مع الهيئات الإقليمية، مثل الاتحاد الإفريقي والحكومات دون الوطنية والمجتمع المدني والقطاع الخاص ومجتمعات الشتات.
كما أننا سنواصل الاستثمار في أكبر دول المنطقة، مثل نيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا، مع تعميق علاقاتنا مع الدول المتوسطة والصغيرة أيضًا. سنشرك البلدان الأفريقية كشركاء متساوين لتحقيق أولوياتنا المشتركة، من الصحة والاستعداد للأوبئة إلى تغير المناخ. كما أننا سنضغط أيضًا بشأن حقوق الإنسان والفساد والسلوك الاستبدادي، ومن ثم سنعمق الشراكات مع البلدان التي تحرز تقدمًا نحو حكم أكثر انفتاحًا وديمقراطية. وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين والهيئات الإقليمية، سنواجه التراجع الديمقراطي من خلال فرض تكاليف على الانقلابات والضغط من أجل إحراز تقدم في التحولات المدنية.
سيساهم تعزيز السلام والازدهار في أفريقيا قدرتها على حل المشاكل الإقليمية والعالمية. ويمكن أن يؤدي التزامُ المنطقة وقدرتُها على تعزيز الديمقراطية، وكذلك قدرتُها على حل الصراعات الرناشئة والطويلة الأمد ومعالجتها إلى نتائجَ إيجابيةٍ للأفارقة والأمريكيين. كما سندعم الجهود التي تقودها فريقيا للعمل من أجل إيجاد حلول سياسية للصراعات المكلفة، والنشاطات الإرهابية، والأزمات الإنسانية، مثل تلك الموجودة في الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وموزمبيق ونيجيريا والصومال ومنطقة الساحل، والاستثمار في بناء السلام المحلي والدولي والحفاظ عليه لمنع نشوب صراعات جديدة، تماشيًا مع نهجنا الأوسع لمكافحة الإرهاب.
سندعم كذلك تسريع النمو من خلال استثمارات القطاع الخاص، ومساعدة إفريقيا على إطلاق اقتصادها الرقمي، ومضاعفة معالجة انعدام الأمن الغذائي، وتوسيع البنية التحتية للطاقة النظيفة. وعلاوة على ذلك، سندعم التكيف مع المناخ والحفاظ عليه والانتقال العادل للطاقة، حيث تعاني بلدان إفريقيا بالفعل من آثار مناخية شديدة، مما يضاعف من تحديات الهجرة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، التي تفاقمت بسبب غزو روسيا لأوكرانيا.
الحفاظ على الهدوء في منطقة القطب الشمالي
تتطلع الولايات المتحدة إلى منطقة قطب شمالي سالمة وآمنة ومستقرة ومزدهرة وتعاونية. ولقد تسبب تغيرُ المناخ في الاهتمام بالقطب الشمالي أكثر من أي وقت مضى، وتهديد مجتمعات القطب الشمالي والنظم الإيكولوجية الحيوية، إضافة إلى خلق فرص اقتصادية محتملة جديدة، وتكثيف المنافسة لتشكيل مستقبل المنطقة.
واستثمرت روسيا بشكل كبير في وجودها في القطب الشمالي على مدى العقد الماضي، وتحديث بنيتها التحتية العسكرية وزيادة وتيرة التدريبات. كما أثار سلوكها العدواني التوترات الجيوسياسية في القطب الشمالي، مما زاد من مخاطر اندلاع صراعات غير مقصودة، إضافة إلى أنه عرقل التعاون.
كما سعت الصين أيضًا إلى زيادة نفوذها في القطب الشمالي من خلال زيادة استثماراتها في المنطقة، ومتابعة أنشطة علمية جديدة، واستخدام هذه الارتباطات العلمية لإجراء أبحاث ذات استخدام مزدوج مع تطبيقات استخباراتية وعسكرية.
بدورنا، سندعم أمن الولايات المتحدة في المنطقة من خلال تحسين الوعي بالمجال البحري والاتصالات وقدرات الاستجابة للكوارث للتحضير لزيادة النشاط الدولي في المنطقة.
ستتواجد حكومة الولايات المتحدة في المنطقة كما هو مطلوب منها، مع العمل على الحد من المخاطر ومنع التصعيد غير الضروري.
تتحمل بلدان القطب الشمالي المسؤولية الرئيسية عن مواجهة التحديات الإقليمية، وسنعمق تعاوننا مع حلفائنا وشركائنا في القطب الشمالي وسنعمل معهم للحفاظ على المجلس الشمالي (المجلس النوردي) ومؤسسات القطب الشمالي الأخرى على الرغم من التحديات التي تواجه التعاون في المنطقة بسبب الظروف التي تفرضها حرب روسيا في أوكرانيا.
كما أننا سنواصل حماية حرية الملاحة وتحديد الجرف القاري الممتد للولايات المتحدة وفقًا للقواعد الدولية. ويجب أن نبني القدرة على التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته في المنطقة، بما في ذلك من خلال اتفاقات للحد من الانبعاثات والمزيد من التعاون البحثي بخصوص القطب الشمالي.
مع زيادة النشاط الاقتصادي في القطب الشمالي، سنستثمر في البنية التحتية، ونحسن سبل العيش، ونشجع استثمارات القطاع الخاص من قبل الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها. وعبر هذه الجهود، سنتمسك بالتزامنا باحترام السيادة القبلية والحكم الذاتي من خلال التشاور والتعاون المنتظم والهادف والقوي مع مجتمعات ألاسكا الأصلية.
حماية البحر والجو والفضاء
يعتمد الناس في جميع أنحاء العالم على البحر والجو والفضاء من أجل أمنهم وازدهارهم. وبدورنا، سندافع عن حرية الملاحة والطيران، وندعم حماية البيئة، ونعارض ممارسات الصيد المدمرة من خلال التمسك بالقوانين والمعايير الدولية، بما في ذلك قواعد القانون الدولي العرفي في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وسنعزز مكانة القارة القطبية الجنوبية كقارة مخصصة للسلام والعلوم وفقا لأحكام معاهدة أنتاركتيكا لعام 1959.
كما ستحافظ أمريكا على مكانتها الرائدة في مجال الفضاء، وستعمل جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي لضمان استدامة المجال وسلامته واستقراره وأمنه. وسنعزز مرونة أنظمة الفضاء الأمريكية التي نعتمد عليها في وظائف الأمن القومي والوطني الحيوية. وتهدف هذه الجهود إلى حماية المصالح الأمريكية في الفضاء، وتجنب سباقات التسلح المزعزعة للاستقرار، والإشراف بشكل مسؤول على البيئة الفضائية.
الجزء الخامس: الخلاصة
نحن واثقون من أن الولايات المتحدة، إلى جانب حلفائها وشركائها، في وضع يمكِّنها من النجاح في سعيها لتحقيق نظام عالمي حر ومنفتح ومزدهر وآمن. ومع العناصر الرئيسة المبينة في هذه الاستراتيجية، سنعالج التحديين الاستراتيجيين في عصرنا، وهما: التفوق على منافسينا لتشكيل النظام الدولي، ومواجهة التحديات المشتركة، بما في ذلك تغير المناخ والتأهب للأوبئة والأمن الغذائي. سنعزز الديمقراطية والمؤسسات متعددة الأطراف في جميع أنحاء العالم، في ذات الوقت الذي نتطلع فيه إلى المستقبل لرسم قواعد جديدة وعادلة تنظم التكنولوجيا الناشئة والأمن السيبراني والتجارة والاقتصاد. وسنفعل كل ذلك وأكثر من خلال الاستفادة من مزايانا الكبيرة وشبكة علاقاتنا وحلفائنا وشركائنا الذين لا مثيل لهم.
وبينما ننفذ هذه الاستراتيجية، سنقيِّم نهجنا باستمرار لضمان أننا نخدم الشعب الأمريكي على أفضل وجه. كما أننا سنسترشد بحقيقة ثابتة لا جدال فيها؛ وهي أن قوة وجودة المشروع الأمريكي في الداخل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقيادتنا في العالم وقدرتنا على تشكيل شروط النظام العالمي. وسيتم تقييم استراتيجية الأمن القومي هذه من خلال مقياس أساسي: ما إن كانت تجعل الحياة أفضل وأكثر أمانًا وعدلًا للشعب الأمريكي، وما إن كانت ترفع البلدان والشعوب في جميع أنحاء العالم التي تشاركنا رؤيتنا للمستقبل.
ونحن مدفوعون برؤية واضحة لما يبدو عليه النجاح في نهاية هذا العقد الحاسم. فمن خلال تعزيز قدرتنا الصناعية والاستثمار في شعبنا وتعزيز ديمقراطيتنا، سنكون قد عززنا أساس اقتصادنا، وقدرتنا الوطنية، ومصداقيتنا على الساحة العالمية، وكفلنا أفضليتنا التنافسية.
ومن خلال تعميق وتوسيع علاقاتنا الدبلوماسية، ليس فقط مع حلفائنا الديمقراطيين، ولكن مع جميع الدول التي تشاركنا رؤيتنا لمستقبل أفضل، سنكون قد طورنا شروط التنافس مع منافسينا الاستراتيجيين، والتي ينبغي أن تكون مواتية لمصالحنا وقيمنا، ووضعنا الأساس لزيادة التعاون بشأن التحديات المشتركة.
وعبر تحديث جيشنا، ومتابعة التقنيات المتقدمة، والاستثمار في القوى العاملة الدفاعية لدينا، سنكون قد عززنا الردع في عصر المواجهة الجيوسياسية المتزايدة، كما نكون قد تموضعنا للدفاع عن وطننا وحلفائنا وشركائنا ومصالحنا الخارجية، وكذلك الدفاع عن قيمنا في جميع أنحاء العالم.
ومن خلال الاستفادة من نقاط قوتنا الوطنية وحشد تحالف واسع من الحلفاء والشركاء، سنعزز رؤيتنا لعالم حر ومنفتح ومزدهر وآمن، ونتفوق على منافسينا، ونحرز تقدمًا ملموسًا في قضايا مثل تغير المناخ والصحة العالمية والأمن الغذائي لتحسين حياة، ليس فقط الأمريكيين، ولكن حياة الناس في جميع أنحاء العالم.
وهذا ما يجب أن نحققه في هذا العقد الحاسم. وكما فعلنا طوال تاريخنا، ستغتنم أمريكا هذه اللحظة وترتقي إلى مستوى التحدي. فليس هناك وقت لنضيعه.