مصر وانخراط الحوثي في الصراع الإقليمي.. الآثار والتحديات وسيناريوهات الاستجابة
المحتويات |
---|
مقدمة |
أولا: العمليات الحوثية وردود الفعل الأولية |
ثانيا: التأثيرات على مصر |
ثالثا.. بدائل السياسات المصرية |
خاتمة |
مقــــــــــدمــــــــــــة
في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت جماعة الحوثي في اليمن عن إطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة، وعدد كبير من الطائرات المسيّرة على أهداف مختلفة في دولة الاحتلال، بينما أعلن جيش الاحتلال تفعيل منظومة “السهم / حيتس” الدفاعية للمدى الطويل، لأول مرة لصدّ الصواريخ[1].
وتوالت تداعيات هذا التدخل على أصعدة عدة، طال بعضها دولا إقليمية، وطال بعضها دولا كبرى عمدت لتطوير حراك إستراتيجي لمزيد تأمين لمنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك البحرين الأحمر والمتوسط. ومن ذلك، التحرك الذي قادته أمريكا وبريطانيا، في 12 يناير/كانون الثاني 2024، لقصف عدة أهداف في اليمن.
وتجاوزت أبعاد تدخل الحوثي حدود الدول المعنية بالشرق الأوسط؛ لتبلغ آفاقا تتعلق بنحو 1 بالمئة من سكان العالم تقريبا، لما نجم عن هذا التدخل من تأثر قطاع من حركة التجارة العالمية، وبخاصة تلك التي تمر من قناة السويس.
وتقودنا التأثيرات المذكورة على قناة السويس للتساؤل عن تأثيرات التدخل الحوثي على مصر، ما يدفعنا للحديث عن قضية تسوية الصراع الدائر الآن في غزة من جهة، وقضية تأمين البحر الأحمر من جهة ثانية، وقضية حدود تأثر مصر بتقلص التدفق التجاري عبر البحر الأحمر من جهة ثالثة، ثم التنسيق الأمني بين النظام المصري وإسرائيل. هذه المناحي الأربعة (أمن البحر الأحمر – التأثير على الدور المصري – اقتصاديات قناة السويس- التنسيق الأمني) يرتبط بها استجابات وسيناريوهات قد يتبعها النظام المصري لمواجهة هذا التحدي. وتأتي هذه الورقة كمحاولة لمعرفة تأثير هذه الملفات على النظام من جهة، وتعامله معها من جهة أخرى.
أولا: العمليات الحوثية وردود الفعل الأولية
مع انطلاق الرشقة الأولى من الصواريخ والمسيرات الحوثية تجاه “إسرائيل”، فُتح الباب للتساؤل عن حدود التدخل الحوثي في الصراع، وعلاقة هذا التدخل بإيران، وتداعيات التدخل على أصعدة عدة. وازدادت حدة التساؤلات بعد توجه الحوثي نحو تهديد الحركة الملاحية ذات الصلة بالكيان الصهيوني، ما أدى إلى تعقد المشهد، وبالتالي تعقد الأسئلة المثارة حوله.
وفيما يتعلق بدور الحوثيين، فقد انقسم إلى قسمين؛ أولهما يتعلق باستخدام السلاح المطور إيرانيا. وبدأ الأمر في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين أعلنت جماعة الحوثي في اليمن إطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة، وعدد كبير من الطائرات المسيّرة على أهداف مختلفة في الأراضي المحتلة.
وتمتلك جماعة “أنصار الله” ترسانة غير محددة الحجم من الصواريخ المجنحة، مثل صاروخ “طوفان (مداه من 1350 كيلومترًا إلى نحو 1900 كيلومتر)، ويمكن لهذا الصاروخ أن يصل إلى إيلات إن جرى إطلاقه من أبعد نقطة عن إيلات في اليمن، وصاروخ (قدس)، بإصدارات قدس 2 وقدس 3 وقدس4، والتي تتراوح أمديتها بين 1350 و2000 كم[2]، هذا علاوة على طائرة “وعيد” المسيرة، المشابهة لمسيرة “شاهد 136” الإيرانية، ويصل مدى “وعيد” إلى نحو 2500 كيلومتر. وغالبية عناصر الترسانة الجوية الحوثية يمكنها أن تصل إلى إيلات التي تبعد عن سواحل اليمن بحوالي 1580 كم.
أما الجزء الثاني من رد فعل الحوثيين فتمثل في تهديد الملاحة في البحر الأحمر، عبر استهداف السفن التابعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ثم تطور الأمر لتهديد السفن التي تتوجه نحو دولة الاحتلال، أيا كانت تبعية هذه السفن.
وفيما يعلن الحوثي أن عملياته تأتي في سياق انتصاره للقضية العربية ومركزها فلسطين، فإن التحليلات تباينت في تفسيرها لموقف الحوثيين، إذ يعتبر البعض أن رد الفعل الحوثي طبيعي بالنظر للتكوين الثقافي للشعب اليمني بمختلف طوائفه[3]، بينما يرى آخرون في سلوك الحوثيين محاولة لكسر العزلة و لكسب الشرعية الشعبية المنقوصة، وتلميع الصورة، وجمع المال من الداخل اليمني، علاوة على توجيه رسالة تهديد غير مباشر للسعودية والإمارات[4].
وفجر الجمعة، 12 يناير/كانون الثاني 2024، أعلن البيت الأبيض في بيان مشترك لـ 10 دول، أنه “ردا على هجمات الحوثيين … ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، نفذت القوات المسلحة الأمريكية والبريطانية هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن”. وصدر هذا البيان باسم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية.[5]
وفي المقابل، أفاد المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، بأن الغارات أدت إلى مقتل 5 وإصابة 6 آخرين من قوات الحوثي، مشيرا إلى أن غارات التحالف بلغت 73 غارة على محافظات صنعاء والحديدة وتعز وحجة وصعدة.[6]
ثانيا: التأثيرات على مصر
ثمة 4 ملفات تتعلق بتأثير الانخراط الحوثي في الصراع القائم على مصر، وهي: ملف المشاركة المصرية في تأمين البحر الأحمر، وملف الوساطة المصرية في الصراع، ثم ملف تأثر قناة السويس، وأخيرا دلالات التصرف العسكري لجيش الاحتلال في إطار التنسيق الأمني. وفيما يلي تفصيل القول في هذه الملفات الأربعة.
أ. المشاركة في تأمين البحر الأحمر:
كنتيجة مباشرة للعمليات اليمنية ضد السفن المملوكة للكيان الصهيوني، أو المتوجهة إليه، أعلن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023، خلال زيارته للبحرين، حيث مقر الأسطول الخامس الأمريكي، عن تشكيل تحالف لحماية أمن الملاحة في البحر الأحمر. وأعلن أن العمليات ستنضم لها كل من المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا، وذلك من بين 40 دولة شاركت عبر الفيديو في اجتماع البحرين[7].
وعقّب “لويد” لاحقا، في 21 ديسمبر/كانون الأول، أن اليونان وأستراليا قد انضمتا لهذا التحالف، ما رفع عدد الدول المشاركة فيه إلى 20، وإن كان خبراء يؤكدون أن الدول المنخرطة في هذه العملية 10 فقط[8]. وكان من اللافت تصريحه أن 8 دول على الأقل منها رفضت أن تكون مشاركتها علنية. وتحمل القوة البحرية التي شكلتها الولايات المتحدة اسم “حارس الازدهار”[9].
التحالف العملياتي الجديد الذي دشنته الولايات المتحدة، يضاف إلى 4 تشكيلات عسكرية دولية ترتبط بالفعل بالبحر الأحمر، منها قوتين أوروبيتين وقوتين أمريكيتين، وهي:
1. قوة عملية أتالانتا .. Atalanta: وهي عملية أطلقتها القوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي في الصومال، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2008، ومقرها إسبانيا. وتعمل هذه القوة في بقعتين؛ هما: قبالة القرن الأفريقي وغرب المحيط الهندي. وقد تشكلت هذه القوة لدعم قرارات الأمم المتحدة لحماية البحار من القرصنة، وتركز في عملياتها الميدانية على حماية السفن والشحنات التابعة لبرنامج الأغذية العالمي والاتحاد الإفريقي وغيرها، وتراقب أنشطة الصيد في السواحل الإقليمية. وتتشكل من قوات وقطع بحرية تعود لكل من ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وبلغاريا وكرواتيا وإسبانيا وفنلندا واليونان وأيرلندا ولوكسمبورج والنرويج وهولندا والسويد والبرتغال[10].
2. قوة عملية أجينور.. AGENOR: وهي عملية عسكرية تابعة للبحرية الأوروبية، مركز عملها في مضيق هرمز، وتهدف العملية إلى خفض حالة التوتر والحفاظ على حركة مرور آمنة في الممر المائي الأساسي بين الخليج العربي وخليج عمان. ويتألف المكون العسكري لهذه القوة من قوات وموارد بشرية عسكرية تابعة لكل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا والدنمارك واليونان وهولندا والبرتغال والنرويج[11].
3. قوة المهام المشتركة للقرن الأفريقي: وقد تأسست في إطار استجابة الولايات المتحدة لتحدي “الإرهاب” بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث تأسست القوة في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2002، وتتمثل أهدافها في التعاون العملياتي العسكري لتعزيز قدرة الدول المشاركة، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، وردع الصراعات، وحماية مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. وفي 1 أكتوبر/تشرين الأول 2008، نُقلت مسئولية هذه المهمة من القيادة المركزية الأمريكية إلى قيادة أفريقيا للولايات المتحدة (أفريكوم)، وانتقل مقرها الدائم من “ماونت ويتني” بالولايات المتحدة إلى معسكر ليمونيه في جيبوتي، في 13 مايو/أيار 2003.
4. القوة 153: وهي إحدى تشكيلات القوة البحرية المشتركة (CMF)، التي شكلها الأسطول الخامس الأمريكي لحماية منطقتي البحر الأحمر وخليج عدن من أنشطة الإرهاب والتهريب. وأنشأت “القوة 153” في 17 أبريل/نيسان 2022؛ بهدف تعزيز الأمن البحري الدولي وجهود بناء القدرات في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وأشرف على تأسيسها النقيب بالبحرية الأمريكية روبرت فرانسيس، وتولى قيادتها حتى 13 ديسمبر/كانون الأول 2022، حيث سلم القيادة إلى العميد البحري المصري محمود عبد الستار. وتماما بعد ستة أشهر، استعادت الولايات المتحدة قيادة هذه القوة في 12 يونيو/حزيران 2023.
ولم تكد تمضي أربعة أشهر حتى شنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عملية “طوفان الأقصى”، لقطع الطريق على الترتيبات التي تقوم بها قوات الاحتلال لقضم الضفة الغربية، ولكسر جمود حالة الحصار المستمر منذ نحو 18 عاما، وإحباط مخططات التوسع في الاستيطان الإحلالي في مدينة القدس ومحيطها؛ وكبح مساعي المتطرفين “الحريديم” لهدم المسجد الأقصى؛ وفق الرؤى الأبوكالبتية اليهودية (رؤى نهاية العالم).
ورغم قناعة قطاع واسع من خبراء الإستراتيجية بأن القوة 153 تملك مقومات كافية لمواجهة الحوثيين[12]، ورغم اتجاه الولايات المتحدة لتوسيع مهام القوة[13]، وصدور بيان وزارة الدفاع الأمريكية ذي الصلة بهذا الشأن في 17 ديسمبر/كانون الأول 2023[14]، وبعد ثمانية أيام من الشد والجذب، إلا أنه كان واضحا مع هذه التطورات أن “القوة 153” تواجه أزمة تجاه محاولة توسيع مهامها لتشمل إحباط عمليات تتعلق بالمواجهة الدائرة في حرب غزة. وهذا بدوره دفع الولايات المتحدة للبحث عن سبيل جديد، وهو ما تمثل في إعلان تشكيل قوة “حارس الازدهار”، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023[15]، أي بعد 8 أيام من صدور بيان توسيع نطاق مهام “القوة 153”. وفي 12 يناير/كانون الثاني 2024، جاءت ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا ضد أهداف تابعة للحوثيين في اليمن.
ورغم أن عملية “حارس الازدهار” تخدم المصالح الاقتصادية لمصر نظريا، إذ توفر حماية لقناة السويس ولحرية وأمن الملاحة في البحر الأحمر، إلا أن قوات مصرية لم تشارك في هذه العملية. ورغم عدم صدور بيان من النظام في هذا الصدد، إلا أن خبراء عسكريين مقربين من الجيش ومن سلطة 3 يوليو، أكدوا عدم مشاركتها. وكان التبرير المعلن يتمثل في الحديث عن غموض أهداف القوة الجديدة، وإيلاء مصر أولوية لأمنها القومي[16]، وهذا الرأي راجح على آخر يظن فيه خبير عسكري أن “حارس الازدهار” بمثابة تطوير لـ”القوة 153”[17].
ورغم أن القرار في هذا الإطار عسكري، وذلك بالنظر لعلاقة المؤسسة العسكرية المصرية بنظيرتها الأمريكية في المقام الأول، إلا أنه نتيجة لهذا التردد المصري، تلقى رأس سلطة 3 يوليو اتصالا هاتفيا من الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، هو الاتصال الأول بينهما منذ وصول “رئيسي” لكرسي الرئاسة، رغم مقابلة الطرفين على هامش “قمة الرياض” العربية – الإسلامية. وقد تضمن الاتصال تهنئة من الرئيس الإيراني بما اعتبره فوزا بالانتخابات الرئاسية، وتحدثت وسائل الإعلام عن توافق بين الطرفين على اتخاذ مواقف ملموسة للوصول إلى تسوية، ودفع عملية إدخال المساعدات لقطاع غزة[18]. ويبدو أن اتصالا هكذا لم يكن ليتم من دون توفر معلومات بأن مصر لن تشارك في عملية “حارس الازدهار”. لكن هذا التصور لا يعني أن الجيش المصري لن يستدرك على عدم مشاركته، عبر خوض مسارات أخرى ضمن بدائل سنتحدث عنها في المحور التالي.
ب. تهديد قناة السويس:
التأثير الثاني لهجمات اليمنيين الحوثيين على الكيان الصهيوني بالنسبة لمصر يتمثل في تأثر عائدات قناة السويس. ويمكن تلمس هذا التأثير من جهتين، هما تأثر الملاحة وتأثر عائداتها.
1. تأثر الملاحة في البحر الأحمر: من التداعيات المهمة والمباشرة للعمليات التي يقوم بها الحوثيون تأثر الملاحة في البحر الأحمر، ومن ثم التهديد طويل الأمد للقيمة الجيواقتصادية لقناة السويس. ورغم كثرة المشروعات المطروحة لمنافسة القناة، إلا أن قلة منها تبدو واعدة، وقابلة للتنفيذ. ويمكن في هذا الإطار الحديث عن ملفين هامين:
الأول هو الجسر البري، إذ كان لافتا خلال فترة الحرب في غزة؛ سرعة استجابة الإمارات، وهي دولة مطبعة مع الكيان الصهيوني، والسعودية، وهي دولة كانت في طريقها للتطبيع قبل “طوفان الأقصى”. وتتمثل سرعة الاستجابة فيما كشفته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، من توقيع اتفاق بين الإمارات وإسرائيل لإنشاء جسر بري بين الطرفين. وهو الاتفاق الذي وقعته شركة “تراكنت” عن جانب دولة الاحتلال مع شركة “بيورترانز” الإماراتية للخدمات اللوجستية. ويتمثل مسار هذا الجسر البري في الانطلاق من ميناء دبي، مرورا بالأراضي السعودية ثم الأردنية، ووصولاً إلى ميناء حيفا في “إسرائيل”[19].
والثاني هو خط السكك الحديدية، ففي عام 2017، عرض وزير النقل بحكومة الاحتلال حينها، يسرائيل كاتس (يشغل حاليا منصب وزير الخارجية)، رؤيته لمشروع أسماه “مسارات من أجل السلام الإقليمي”. وهذا المشروع عبارة عن خط سكك حديد يربط ميناء حيفا بخط سكك الحديد في الأردن ومنها إلى السعودية والإمارات، وناقشت حكومة نتنياهو -وقتها- المشروع مع إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ومع بعض الدول العربية؛ قبل أن تعلن حكومة نتنياهو عنه.
المسار المعد للمشروع ينطلق عبر خط قطار المرج، الذي يمتد من مدينة حيفا إلى مدينة بيت شيعان، القريبة من الحدود الأردنية، ليكمل المسار مرورا بمعبر نهر الأردن، أو ما يُعرف بجسر الشيخ حسين، ليتصل بخط السكك الحديدية الأردنية، رابطا الخط بميناء العقبة، المطل على البحر الأحمر، ليكمل المسار عبر الأراضي السعودية (مرورا بالعاصمة الرياض[20]) إلى الإمارات. وورقة العمل الخاصة بهذا الجسر البري لم تقصر امتدادات الخط على ميناء جبل علي في الإمارات، بل يحمل تصور الخط إمكانية وصوله إلى كل من سلطنة عمان ويشمل العراق والكويت مستقبلا. وتضمنت ورقة عمل الخط جدوى الخط اقتصاديا، مقدرة خفض وقت نقل البضائع بين الكيان الصهيوني والإمارات بفترة تراوح بين يومين إلى عدة أسابيع، وتوفير ما يصل إلى 20 بالمئة في تكاليف الشحن[21]، إلا أن المدير التنفيذي لشركة “تراكنت” الصهيونية صرح لوسائل الإعلام في الكيان بأن الخط الجديد سيوفر أكثر من 80 بالمئة من تكلفة نقل البضائع عبر الطريق البحري[22].
ومن المرجح أن هذا الخط لن يؤثر بشكل كبير على القيمة الجيوسياسية لقناة السويس، وإن كان سيؤثر قطعا على الشق المتعلق بنقل السلع والأفراد، بخلاف الطاقة. والجدير بالذكر أن ورقة “كاتس” أشارت إلى اتجاه المشروع للتوسع بغرض نقل الأفراد كذلك، وهو ما يتوقع مع انتعاش السياحة في كل من الأردن والسعودية والكيان الصهيوني.
2. تأثر عائدات الملاحة في البحر الأحمر: تمثل قناة السويس ثالث مصادر النقد الأجنبي بالنسبة لمصر بعد كل من تحويلات المصريين العاملين بالخارج الصادرات، إذ مثلت ما بين 8 و7.8 بالمئة من مصادر العملة الأجنبية في عامي 2020 و2021 على التوالي[23]، ليرتفع عائدها في 2022 إلى نحو 7.9 مليار دولار وفق بيانات الهيئة العامة لقناة السويس[24]. وتمر من القناة ما بين 8 إلى 12 بالمئة من إجمالي تجارة العالم، وبين 22 إلى 30 بالمئة من تجارة الحاويات، ونحو 10 بالمئة من إمدادات النفط العالمية[25]. وبلغ إجمالي إيرادات القناة في عام 2022 نحو 7.9 مليار دولار بحسب بيانات الهيئة العامة لقناة السويس[26].
ومع انخراط الحوثي في الصراع الدائر في المنطقة، أعلنت عدة شركات شحن عالمية أنها ستحول مسار كل سفنها باتجاه ممر رأس الرجاء الصالح الملاحي، ومنها شركة حاويات الشحن الألمانية هاباج لويد لرويترز، التي تتكثف تعاملاتها مع الكيان الصهيوني. وثمة قطاع آخر من الشركات قصر تحويل المسار على السفن التي لها تعامل مع الكيان الصهيوني، ومن أبرز هذه الشركات شركتا “ميتسوي أو إس كيه لاينز” و”نيبون يوسن” اليابانيتين، وشركة “ميرسك” الدنماركية، “سي إم إيه سي جي إم” الفرنسية. وزادت الشركات من تكاليف الشحن لرحلاتها التي تدور حول القارة الأفريقية[27].
وتقلل شركات الشحن العالمية من أهمية التحول إلى رأس الرجاء الصالح، حيث نشر تقرير أصدرته شركة “لينرليتيكا” المتخصصة في الشحن البحري، أن عدد السفن التي حولت مسارها من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح قد ارتفع إلى مستوى قياسي ليبلغ 125 سفينة حتى 24 ديسمبر/كانون الأول[28]. هذا الرقم يمثل أكثر بقليل من نصف بالمئة من إجمالي المرور بالقناة، ما يمكن رفع تقديراته إلى 7 بالمئة إذا استمرت الحرب لعام كامل. غير أن قدرة التأثير الخاصة بانخراط الحوثيين في الحرب تتعلق بتأثيرها على سعر الحاوية النمطية الواحدة، والذي ارتفع بمقدار 2000 دولار للحاوية الواحدة[29].
ج. تعقيد حسابات النظام ضد حماس:
التأثير الثالث لتدخل الحوثي في الحرب الدائرة في غزة، على موقف النظام المصري، يتمثل في أن هذا التدخل يعقد حسابات النظام، ويقلل نسبيا من حدة تأثير ضغوطه على حركة حماس. إذ أن تدخل الحوثي يؤدي لتعدد الفاعلين ويزيد من تعقيد المشهد ويؤدي لاضطراب الحسابات المصرية؛ ومن ثم يشتت انتباه النظام المصري عن الضغط على حماس، بل قد يكون سببا يدفع النظام للعمل على الوصول لهدنة دائمة.
وهناك مفارقة محتملة تتمثل في أن يقدم رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، على توسيع نطاق الصراع بالتحرك تجاه لبنان[30]، حرصا على أمنه السياسي. وقد بدأ التمهيد لهذا السيناريو عبر تصريحات عديدة من مسؤولين إسرائيليين، منهم وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، الذي قال بأن الكيان الصهيوني يتعرض لهجمات على 7 جبهات، وأنه يرد على 6 منها حتى تاريخ صدور التصريح في 26 ديسمبر/كانون الأول 2023[31].
في هذا الإطار، يمكن القول بأن تحرك حكومة الاحتلال لتوسيع نطاق المواجهة قد بدأ بالفعل، وذلك باغتيال رضي موسوي في سوريا[32]. ومع حدوث انخراط واسع من حزب الله؛ فإن هذا يعني أن الصراع قد بدأ يخرج عن السيطرة، ما يمكن معه توريط واشنطن[33] بصورة أكبر في المواجهة؛ ما لم يكن لإدارة الرئيس الأمريكي بايدن تصور آخر لتطوير مسار المواجهة.
صحيح أن واشنطن وطهران لا تريدان تمدد رقعة الحرب[34]، لكن قد يكون لـ”نتنياهو” تصور آخر، حتى وإن لم يكن هذا التصور عسكريا. فالتعاطي الأمني الذي يمثل عنوانا للمرحلة الثالثة من الحرب قد يشمل عمليات أمنية في العمق اللبناني، وهو ما تمثلت إرهاصاته في اغتيال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس[35].
هذا الوضع، الذي يلعب فيه” محور المقاومة” دورا مساندا لغزة، يتحرك في اتجاه معاكس لدور النظام المصري؛ والذي يلعب دور الوسيط الضغط. ويتمثل الضغط المصري في إحكام حصار غزة وفق الدور التقليدي المعتاد من النظام، كما أنه يأتي تماهيا مع قرار وزير الدفاع بحكومة الاحتلال، يوآف جالانت، بالحصار الشامل على غزة، والذي أعلنه في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023[36]. ولا يسمح هذا الحصار إلا باستثناءات محدودة، وبإدخال كميات أقل بكثير من المطلوب، رغم تصريحات وزير خارجية النظام المصري عن خطورة التجويع على أهل غزة[37]. هذا الحصار المستمر يهدف إلى الحصول على توقيع فلسطيني على ما يتوصل له الطرف المصري مع حكومة الاحتلال، لكن تدخل الحوثي وباقي أطراف “محور المقاومة” يعقد المشهد بالنسبة لمصر.
د. التنسيق العسكري بين مصر وقوات الاحتلال:
أدى دخول الحوثيين للحرب إلى إبراز أمرين يتعلقان بالتنسيق العسكري بين القوات المسلحة المصرية وجيش الاحتلال. ففي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نشرت قناة “القاهرة الإخبارية” المقربة من أجهزة النظام المصري مقطع فيديو يظهر ما قالت إنه سقوط “جسم غريب” قرب محطة الكهرباء في منطقة نويبع على البحر الأحمر[38]. وصرح متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن المقذوف الذي سقط في مصر مرتبط فيما يبدو “بتهديد جوي فوق البحر الأحمر”[39].
وفي صبيحة نفس اليوم، سقط صاروخ على مدينة طابا، وأسفر سقوطه عن إصابة خمسة مواطنين مصريين في المدينة. وفي تعليق على هذا الحادث، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال إنه على علم بوقوع حادث أمني بالقرب من حدوده على البحر الأحمر مع مصر في وقت مبكر من ذلك اليوم[40]. وعلق المتحدث العسكري المصري بأن الحادثين نتجا عن استهداف طائرتين من دون طيار أتيا من جنوب البحر الأحمر، وأنه باستهدافهما؛ وقع حطام إحداهما في مدينة نويبع، فيما سقطت المسيرة الأخرى في مدينة طابا[41].
أما وسائل الإعلام التي نقلت الخبر عن مسؤولين مصريين قبل صدور بيان المتحدث العسكري، فقد أشارت إلى أن ما سقط في نويبع كان مقذوفات، وليس طائرة من دون طيار. وأفاد تقرير لقناة الحرة أن الوزير السابق في حكومة الاحتلال، أيوب القرا، أفاد أن التهديد “تم إسقاطه فوق طابا “لأنها خطر على مصر وإسرائيل وعلى كل المنطقة”[42].
تصريح “القرا” يحمل بين طياته، بشكل غير مباشر، أن المقذوفات تعود إلى طائرات إسرائيلية تصدت للمسيرات فوق مدينة طابا، قبل دخولها إيلات المحتلة (أم الرشراش)، ما دفع محللين لترجيح تدخل طيران قوات الاحتلال لإسقاط المسيرة فوق طابا[43]، ما يفسر حديث المسؤولين عن “مقذوفات”.
فمن جهة، أدى القصف الحوثي إلى الكشف عن وجود تنسيق يشي بقدر من استخدام الطيران الإسرائيلي للمجال الجوي المصري. لكنه من جهة أخرى، فإنه كشف عن قدر من عدم الاكتراث في التعاطي مع أمن وسلامة المواطن المصري، وذلك بتفجير الطائرة فوق منطقة مأهولة في مدينة طابا، تحت ادعاء أعلنه الوزير السابق بحكومة الاحتلال، باعتبار المسيرة تهديد لكل من مصر والكيان الصهيوني.
ولا يمكن القول بأن القوات المسلحة المصرية ستتخذ إجراءات أبعد من إعلان نتائج التحقيق، إذ يبدو أن ثمة اتفاق من الجيش مع كلمة رأس سلطة 3 يوليو، التي قالها قبل الحادث بيومين، وهي أن “القوة الرشيدة” هي أهم سمة للجيش المصري.[44] وقد أعاد وزير دفاع النظام المصري، محمد زكي، التأكيد عليها فيما بعد[45]، بعد تكرار عدوان قوات الاحتلال في معبري رفح وكرم أبي سالم.
ثالثا: بدائل السياسات المصرية
إذا كانت الملامح بهذه الصورة.. فماذا عن استجابات النظام المصري وبدائلها؟ في هذا الإطار نناقش ملفات ثلاثة، هي المتعلقة بأمن البحر الأحمر، وملف إدارة الصراع، وملف قناة السويس.
أما تداعيات التدخل اليمني على صعيد التنسيق العسكري فيبدو أنه شبه محسوم بموجب التفاهمات التي استقرت بوساطة أميركية على مدار العقود الأربعة الماضية.
أ. مسار الدعم العسكري:
لا يمكن القول بأن رفض الدول العربية “المعلن” في التعاطي مع الطلب الأمريكي بالمشاركة العسكرية، هو نهاية المطاف لها، سواء في ذلك مصر، أو حتى السعودية والإمارات. وبشكل عام، فما زالت المشاركة غير المعلنة، وعبر إجراءات غير ميدانية، استخباراتية أو لوجيستية، خيارا مطروحا لدى هذه الدول، حيث تقدم دعما محدودا؛ بالنظر لأمرين؛ أولهما: خطورة المشاركة العملياتية على أمنها القومي، وبخاصة مع التهديد الصريح من جانب الحوثيين لكل من الرياض وأبو ظبي[46]، والذي تبعه إثبات جدية متمثل في مهاجمة الحوثيين للقوات البحرينية الموجودة في الحدود الجنوبية للسعودية مع اليمن[47].
ومن ناحية أخرى، فإن اعتياد النظام المصري على دور “الوسيط الضاغط”[48] يمكّنها من مباشرة نفس السياسة في مضيق باب المندب، حيث يمكن للنظام التعاطي مع قوات العمليات العسكرية المختلفة الموجودة في منطقة جنوب البحر الأحمر وباب المندب بصورة لوجيستية؛ ومن ثم تطوير قطاع من عمليات هذه القوات، بالتنسيق مع حلف شمال الأطلسي “الناتو” و القيادة الأمريكية للشرق الأوسط “سنتكوم”، بما يكفي للضغط على الحوثيين؛ ومن دون أن يؤدي الضغط لتطور نوعي في موقف هذا الفاعل.
في هذا الإطار، نقلت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية، قوله إن “عدة دول أخرى وافقت أيضا على المشاركة في العملية؛ لكنها فضلت عدم الكشف عن اسمها علنا”[49]. ويرجح الباحث أن تكون هذه الدول عربية، وأن يقتصر دعمها على البعدين اللوجيستي والاستخباراتي.
غير أن ثمة وزن خاص للقوات المسلحة المصرية في رؤية القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، ما يتمثل في اهتمام قيادة هذه القوات بالتنسيق الدائم معها، حتى في حالات توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وسلطة 3 يوليو. وتلعب رئاسة الأركان المصرية دورا مهما في بناء اعتمادية أمريكية عليها، وهو ما قد يفسر جزئيا عدم تغيير رئيس الأركان، أسامة عسكر، رغم توليه مهام منصبه في 27 أكتوبر 2021[50]، أي منذ أكثر من عامين، ما يجعله أحد استثناءات القانون رقم 134 لسنة 2021، والذي يقصر مدة تولي المناصب الرفيعة بالقوات المسلحة على عامين فقط[51].
علاوة على ذلك، فإن للنظام المصري مسارات أخرى للتعاطي الإيجابي مع المشاركة العسكرية في هذه الحرب. وفي هذا الإطار، أشرنا آنفا إلى وجود 4 عمليات سبق أن تواجدت بالمنطقة لإدارة عدة أزمات أمنية، وهي عمليات “أتالانتا” و”أجيونور” و”قوة المهام المشتركة للقرن الأفريقي”، علاوة على “القوة 153”. ويضاف لهذه المهام الأربعة مهمة أخرى تابعة لحلف شمال الأطلسي “الناتو” في البحر المتوسط، وهي “مهمة حارس البحر”[52].
وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2023، نشرت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية خبرا عن اجتماع مبكر بين قائد القوات البحرية، أشرف عطوة، مع قائد عملية أتلانتا. وفي نفس اليوم، التقى “عطوة” بقائد عملية “حارس البحر” التابعة لحلف شمال الأطلسي، وحضر اللقاء الأخير عدد من الملحقين العسكريين لعدد من الدول. والسبب المعلن للقاء هو أنه جاء على هامش زيارة سفن العملية لقاعدة الإسكندرية البحرية، وأنه تناول الحفاظ على الأمن البحري بالمنطقة، والأنشطة التي يتم تنفيذها خلال التدريبات التي تجريها السفن المصرية وغيرها التابعة للعملية[53].
لكن يمكن القول إنه ليس مصادفة أن يلتقي قائد سلاح البحرية بقادة قوتين، إحداهما تابعة للاتحاد الأوروبي، والأخرى تابعة لحلف شمال الأطلسي، أي أنها تعبير عن الحضور العسكري الأمريكي، وبخاصة مع مرور المنطقة بمنعطف حاد سببته تداعيات عملية “طوفان الأقصى”.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن اللقاء مع قيادة عملية “الناتو” اقترن بحضور الملحقين العسكريين لعدد من الدول، ما يمنح اللقاء بعدا عملياتيا، خاصة وأنه اجتماع مع قائد سلاح، ما يعني أن النظام المصري قد تجاوزت البعد التشاوري. ومن ناحية ثالثة، فإن اللقاء أتى بعد نحو 40 يوما من انخراط فاعلين يمنيين غير دوليين في الصراع، وأتى كذلك في اليوم التالي لإعلان القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” عن إسقاطها للمسيرات الحوثية التي كانت موجهة للكيان الصهيوني، بعد أن شهد يوم 4 ديسمبر/كانون الأول، 4 هجمات يمنية على سفن كانت متوجهة للكيان الصهيوني[54].
القرينة الأخيرة على ارتباط البحرية، بشكل أو بآخر، بالمشروع الأمريكي الجاري تتمثل في بقاء الفريق “عطوة” في حركة المؤسسة العسكرية، التي صادق رأس سلطة 3 يوليو عليها في 23 ديسمبر/كانون الأول 2023[55]، حيث إن أشرف عطوة تولى مهام منصبه كقائد سلاح البحرية المصري في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021[56].
وآخر ما يمكن الوقوف عليه من دلائل حول وجود اتجاه نحو التعاون بين مصر وقيادة عملية “حارس البحر”؛ والتي تعمل في البحر المتوسط؛ ما أعلنه قائد في الحرس الثوري الإيراني من تهديد بإغلاق البحر الأبيض المتوسط وممرات مائية أخرى بسبب الحرب على قطاع غزة[57]، وهو ما يشي بأن إيران قد بلغها تسريب استخباراتي مفاده وجود بعد عملياتي للقاء عطوة بقوة “حارس البحر”. والجدير بالذكر أنه إن كان عدم الانخراط العربي بعامة، والمصري بخاصة في عملية “حارس الازدهار” قد أدى لنزع الغطاء العربي الإسلامي عن هذه العملية، فإن نفس المنطق لا ينطبق على مشاركة البحرية المصرية في عمليات قوات أخرى مثل “أتلانتا” و”حارس البحر”.
إن التهديد الذي يلف المنطقة، والتخوفات من اتساع نطاق الحرب أكثر من حدودها الحالية، يمنعان من كشف حدود ومجالات التعاون البحري الذي جرى الاتفاق عليه خلال زيارتي 5 ديسمبر/كانون الأول، لكن المؤشرات الإطارية تشير إلى أن ثمة مخاوف دولية من النوايا الأميركية، ما أدى لإعلان كل من إسبانيا وإيطاليا تبرمهما من الزج باسميهما في التحالف الذي أعلن عنه وزير الدفاع الأميركي[58] أثناء زيارته للبحرين في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023[59].
هذا الوجه من وجوه التفسير، والذي يعكس التخوف من النوايا الأميركية لا ينفي وجود وجه آخر محتمل يتمثل في تخوف هذه القيادات من تأثير تطور العمليات في غزة على أمن هذه الدول من جهة، وعلى مستقبل الحركات الحاكمة فيها من جهة ثانية. ويدعم تفسير تخوف هذه الدول على أمنها ما سبق وأعلنه قائد في الحرس الثوري الإيراني من تهديد بإغلاق البحر الأبيض المتوسط وممرات مائية أخرى بسبب الحرب على قطاع غزة[60].
وفي هذا الإطار، يستفيد النظام المصري من إبداء الاستعداد للمشاركة في عمليات قائمة بالفعل، وقد يحصل على عوائد مالية جراء إبداء استعداده، كما يستفيد من الابتعاد عن التصورات السياسية السلبية المرتبطة بقوة “حارس الازدهار”.
ويتبقى في هذا الإطار أن يتخذ البنتاجون قراره بتطوير نطاق العمليات الخاص بعملية “حارس البحر” على وجه التحديد، وهو قرار بات صعبا اليوم مع تطور الموقف الإيراني، وانتشار الباسيج، وبخاصة الباسيج البحري، الذي أعلن عن تشكيله في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023[61]، وتهديد إيران بإغلاق البحر المتوسط، والذي ما زالت آلية تنفيذه غير واضحة حتى اليوم.
وبعيدا عن توجه الأمن الجماعي حيال البحر الأحمر، فإن رأس سلطة 3 يوليو أعلن عن نية مصرية منفردة لمعاقبة الجهة المسؤولة عن سقوط أي مسيرات أو صواريخ على التراب المصري[62]، وهو ما يمكن اعتباره تصريحا لحفظ ماء وجه رأس سلطة 3 يوليو؛ والذي كان مقبلا على انتخابات في ذلك الحين؛ وبخاصة مع حدوث إصابات بين المدنيين المصريين جراء توجه المسيرات اليمنية نحو الأراضي المحتلة.
ب. المبادرة المصرية وما وراءها:
في 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، قدمت سلطة 3 يوليو المصرية مبادرة للوصول إلى تسوية في الحرب الدائرة رحاها في غزة[63].
ومرت المبادرة المصرية بمرحلتين. وانعقد الإجماع الفلسطيني على رفض الإصدارة الأولى، لما ورد بها من تدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي؛ وذلك بالنص على تشكيل حكومة تكنوقراط، وتحديد تصور لمسار انتخابات عامة في عموم فلسطين، إلى إصدار نسخة ثانية لها، ملامحها كالتالي[64]:
1. المرحلة الأولى: تتضمن صفقة إنسانية لمدة 10 أيام، تقوم خلالها حماس بالإفراج عن جميع المدنيين المحتجزين لديها من النساء والأطفال والمرضى كبار السن، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين لديها، وذلك على النحو التالي:
- وقف كامل لإطلاق النار في قطاع غزة من الجانبين، وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية بعيدا عن محيط التجمعات السكنية، والسماح بحرية حركة المواطنين من الجنوب للشمال، وحركة السيارات والشاحنات، مع التزام حماس بوقف كافة أشكال العمليات تجاه إسرائيل.
- وقف جميع أشكال النشاط الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك المسيرات، وطائرات الاستطلاع بكافة مناطق القطاع.
- تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى كافة مناطق القطاع، خصوصا في مدينة غزة وشمال القطاع.
2. المرحلة الثانية: وتتضمن هذه المرحلة الإفراج عن كافة المجندات المحتجزات لدى حماس مقابل عدد يتفق عليه من الجانبين، من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين داخل السجون الإسرائيلية.
تسليم كافة الجثامين المحتجزة لدى الجانبين منذ بدء العمليات في 7 أكتوبر، وتمتد هذه المرحلة لمدة 7 أيام وفق معايير وإجراءات المرحلة الأولى.
3. المرحلة الثالثة: يتم خلالها التفاوض لمدة تمتد لشهر حول إفراج “حماس” عن جميع المجندين الإسرائيليين لديها مقابل قيام إسرائيل بالإفراج عن عدد يتفق عليه بين الجانبين من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.
واقترح النظام المصري أن يتم خلال هذه المرحلة إعادة انتشار القوات الإسرائيلية خارج حدود القطاع، مع استمرار وقف جميع الأنشطة الجوية والتزام “حماس” بوقف كافة الأنشطة العسكرية ضد إسرائيل.
وبشكل عام، يمكن وصف هذه المبادرة بأنها تقليدية في بنيتها، وتأتي في إطار تمسك القاهرة بتصورها لدورها الإقليمي المكتفي بلعب دور وظيفي ضمن الإستراتيجيات الأكبر، حيث يعنى هذا الدور بإخماد أي صراع ينشب على حدودها الشمالية الشرقية، وبالضغط على حماس.
ويمكن القول إن مبادرة النظام المصري لا تأخذ في الحسبان خلاصة التطورات التي يتسم بها المشهد الفلسطيني الراهن، من تموضع حركة حماس في مركز التفاعلات الصراعية، ما يعني أن تتموضع بالتبعية في مركز عملية التسوية، وارتفاع درجة تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية وتأكيدها على خيار المقاومة، واحتمالات خضوع الكيان الصهيوني لسقف تحدده حركة حماس.
كما أهملت المبادرة تقدير تراجع الدعم الدولي للدورين الصهيوني والأمريكي في الأزمة، ورفض الأمم المتحدة الانجرار لاستصدار قرار يساند أية عملية عسكرية ضد قطاع غزة. وفي الأخير لا تنظر مبادرة النظام المصري بعين الاعتبار لإرهاصات الانهيار في الإرادة العسكرية الصهيونية، التي باتت اليوم تحمل عنوان “معركة نتنياهو” وحده.
وعلى هذا، يرى الباحث أن النظام يحاول إنهاء الحرب، لكنه، وخلال ذلك، يميل للضغط على حماس. ويتخوف النظام أن يقود استمرار الحرب إلى خيار التهجير، لأنه يقود إلى عدة معضلات أمنية.
1. المعضلة الأمنية الأولى: تتعلق باحتمالية أن تشن أطراف فلسطينية هجمات على الكيان الصهيوني انطلاقا من الأراضي المصرية -إذا تم التهجير- ما سيدفع الكيان الصهيوني وداعميه لتحميل مصر المسؤولية المباشرة عن هذا التحدي الأمني. هذه الرؤية طرحها رأس سلطة 3 يوليو بصورة مباشرة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع المستشار الألماني،[65] أولاف شولتز، خلال زيارة الأخير للقاهرة في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
2. المعضلة الأمنية الثانية: أن كبح جماح الفلسطينيين، في حال وجودهم على أرض مصر، قد يؤدي لمواجهات عنيفة ومستمرة بين الفلسطينيين والقوات الأمنية المصرية، بما في ذلك القوات المسلحة المصرية، وهو ما يمكن التعبير عنه ببساطة بنقل عبء المواجهات الدورية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال إلى القوات الأمنية المصرية. وهذا من شأنه أن يثير حفيظ الداخل المصري، أو ربما يفتح الشهية للتحرك الاحتجاجي لدى الشارع المصري الذي يخضع لضغوط اجتماعية – اقتصادية هائلة. ويبدو هذا الخيار مطروحا بقوة بعد إبداء الشارع المصري استجابته مع حرب في غزة، بما في ذلك المظاهرات التي خرجت في بداية الحرب ثم أوقفها النظام، وحملات مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للاحتلال.
3. المعضلة الأمنية الثالثة: تتعلق بكون غزة جبهة شاغلة للكيان الإسرائيلي المعروف برغبته في التوسع. فقد واجهت مصر تاريخيا الكيان الإسرائيلي في حروب عديدة، آخرها حرب 1973، لتسترد من شبه جزيرة سيناء. وانطلاقا من هذا التاريخ العدائي بين مصر وإسرائيل، فإن وجود غزة، كجبهة شاغلة للكيان الصهيوني ضروري للأمن القومي المصري. وحيث إن “إسرائيل” تذهب أكثر فأكثر نحو اليمين المتطرف، فإن هذا من شأنه أن يثير مخاوف المؤسسة العسكرية في مصر من أن يأتي إلى السلطة في “إسرائيل” من يتخذ قرارات متطرفة تجاه ملف سيناء، إذا أمن جبهة غزة. ومن هذا المنطلق، تمثل خطة التهجير الإسرائيلية معضلة أمنية لمصر.
ولهذه الأسباب، ترغب سلطة 3 يوليو في العودة بالوضع في غزة إلى ما قبل 7 أكتوبر. حيث يضمن لها هذا الحال إبقاء التحديات الأمنية في إطار ما حدده المفكر اللبناني، حسن حمادة، في ثالوث “الحصار المصري” و”المطرقة الصهيونية” و”الإغاثة الخليجية”[66]، أو ما يمكن تسميته “تهديد الحد الأدنى” المتمثل في صورة التهديد الحدودي.
هذه الرؤية تفسر كون المبادرة المصرية، في إصدارتها الأولى، أتت في صورة لا تستوعب المتغيرات، وبخاصة المتغير المرتبط برغبة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في أن تكون طرفا أصيلا في أية عملية للوصول إلى تسوية، والدعوة لاستبدال حكومة تكنوقراط بنظام “حركة حماس” وحتى “حركة فتح” في الضفة.
جدير في هذا الإطار أن نذكر أن كلا الطرحين، المصري والفلسطيني/الحمساوي، يحافظان على الدور الإقليمي المصري. فقرار قبول المبادرة المصرية ووصول وفد حركة حماس، برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، إلى مصر في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023[67] يعني إيلاء الاعتبار لدور النظام المصري في الوساطة.
لكن طرح النظام يرغب في إنتاج مبادرة يكون لها عائدين؛ الأول أن تحظى برضاء الكيان الصهيوني، والثاني أن تحافظ على تدفقات المساعدات المرتبطة بـ”اتفاقية كامب ديفيد”. وفي إطار هذه المعادلة، يتصور النظام أن البعد الأضعف؛ والأكثر قابلية للاحتواء، هو البعد المتعلق بأوضاع الطرف الفلسطيني، ولهذا تتصور أنها يمكنها الضغط على حركة “حماس” مع افتراض ثبات البعدين الآخرين المرتبطين بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
غير أن انتقال الكيان الصهيوني للمرحلة الثالثة جرد هذه المبادرة من فاعليتها، حيث كانت أولى خطواتها اغتيال العاروري، وهو ما يعني عمليا دفع حماس لرفض هذه المبادرة.
وقد أسفرت المشاورات عن تعديل في نص المبادرة المصرية، بحيث ألغى النظام المصري أحد محاورها، والمتمثل في تشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة كل من الضفة وغزة، وهو ما اعترضت عليه السلطة الفلسطينية، ورفضته منظمة التحرير الفلسطينية[68].
وفي كلمته في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، كان واضحا من خطاب “أبي عبيدة”، المتحدث باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، أن الحصار والألم قد بلغ بالفلسطينيين مبلغا كبيرا، حتى أكد على أنه “لا تتقدم على وقف العدوان أية أولوية”[69]. ولم تلبث الصحف بعد الكلمة المسجلة له أن أعلنت عن وصول وفد حركة حماس لتسليم الرد على “المبادرة المصرية المعدلة”.
ويكتنف القبول بالمبادرة عدة مصاعب. ورغم توقع الباحث أن هناك جهات داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي تريد القبول بالمبادرة، إلا أنه لا يسعه التغافل عن تصريحات قيادات ووزراء في حكومة الاحتلال الراهنة[70].
فمن جهة، صرح “نتنياهو”، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2023،بأن “الحرب لن تتوقف حتى تكتمل جميع أهدافها”، حيث أوضح أنه “سيعمل بكل قوة لضمان ألا تشكل غزة أي تهديد لإسرائيل”. وفي هذا السياق قال: “لن نوقف الحرب حتى نكمل جميع أهدافها، ألا وهي استكمال القضاء على حماس وإطلاق سراح جميع مختطفينا”. وأردف مجليا غموض كلمته هذه بقوله: “سأعمل بكل قوتي لضمان ألا تشكل غزة أي تهديد لإسرائيل.. لا حماسستان ولا فتحستان”.
لم يكن “نتنياهو وحده من أطلق تصريحات في هذا الإطار، فقد صرح عضو حكومة الحرب الحالية، وزير الدفاع السابق في حكومة الاحتلال، بيني جانتس، بأن “العملية في غزة مستمرة، والأضرار التي لحقت بحماس تزداد عمقا وستستمر في عمق المنطقة وفي مراحل مختلفة”. وأضاف: “لا توجد نية لوقف القتال حتى نعيد مختطفينا، ونغير الواقع في كل من الجنوب والشمال”. وأشار وزير الدفاع السابق إلى أن “رفض حماس إطلاق سراح المختطفين بعد أكثر من 70 يوما، هو دليل آخر على ضرورة إزالة تهديدها”.
وفي نفس السياق، هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن جفير، بسحب حزبه، “القوة اليهودية”، من الائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو، في حال وقف الحرب على غزة قبل القضاء على حركة “حماس”.
وتبرز هنا المعضلة الأساسية التي تواجه الوسيط المصري. فهدف حركة “حماس” يتعارض تماما مع الأهداف الواردة في تصريحات “نتنياهو” و”جانتس” و”بن جفير”. ورغم أن البوصلة الأساسية لدى رأس سلطة 3 يوليو هي “نتنياهو”، الذي سبق أن تدخل لصالح رأس سلطة 3 يوليو في عام 2013، منتجا صدعا بين إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، وبين البنتاجون، إلا أنه سيتعين أن تبذل الدبلوماسية المصرية جهدا في تحريك موقف الرئيس الأميركي، جو بايدن، من أجل تعزيز خيار الوقف الدائم لإطلاق النار. وهي مهمة لن تكون يسيرة على الرئيس الأميركي، بسبب تعنت نتنياهو، الذي يخاف المساءلة بعد توقف الحرب، وحل حكومته بضغط حزب “القوة اليهودية”؛ الذي يتزعمه المتطرف ووزير الأمن القومي “بن غفير”.
غير أن المبادرة المصرية المعدلة لا تتطلب موافقة نهائية مبدئية، بل تتضمن بنودا تحتاج تفاوضا تكميليا وبخاصة فيما يتعلق بالبند المتعلق بإطلاق سراح المجندات الأسيرات من جيش الاحتلال، ما يفتح الباب أمام احتمالات تدهور الموقف في غزة وفي المنطقة بأكملها.
ج. قناة السويس:
فيما يتعلق بقناة السويس، وبالنظر لعدم تأثر قناة السويس على الصعيد الجيوسياسي بشكل كبير، فإن الراجح تأثر قناة السويس اقتصاديا، كما أوضحنا آنفا. وفي هذا الإطار ثمة سيناريوهين للاستجابة لتحديات المرتبطة بقناة السويس:
1. الانخراط في الممر البري: الاستجابة الأولى لسلطة 3 يوليو فيما يتعلق بتهديد قناة السويس تمثلت في المشاركة في الخط البري. ونشرت وسائل إعلام عالمية عن انضمام مصر لمشروع الجسر البري الذي يصل بين الإمارات وإسرائيل لتجنب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مشيرة لإعلان شركة “تراكنت” الصهيونية عن توقيعها اتفاقا، في 28 ديسمبر 2023، مع شركة “WWCS” المصرية المملوكة لرجل الأعمال المصري هشام حلمي[71]، أشارت وسائل إعلام إلى أن الاتفاق تضمن أن تكون شركة “WWCS” الوكيل الحصري للخدمات الإلكترونية المقدمة للشاحنات عبر المسار الجديد المار بمصر[72].
المسار المكمل للجسر في الاتفاقية مع شركة “WWCS” يمتد من مينائي حيفا وإيلات في المحتلتين إلى موانئ بورسعيد والعين السخنة. وفي حين لم تتوفر معلومات حول الجدوى الاقتصادية للخط المكمل، يرجح لدى الباحث ضعف الجدوى الاقتصادية لهذا الخط لثلاثة اعتبارات:
الأول: أن المسار المصري لاحق للمحطات في الكيان الصهيوني، إيلات وحيفا المحتلتين، ومن ثم؛ فإنه لا يمكن التعويل عليه ليكون مسارا مستقلا إلا في حال تدشين مسار من الرياض أو عمان، أو أية نقطة بين المدينتين إلى أحد المدن المصرية.
الثاني: أن ميناء حيفا مطل على البحر المتوسط في حين أن مينائي مصر يبعدان عن البحر المتوسط بمسافة أكبر؛ وبخاصة ميناء العين السخنة، غير أن قدرة الكيان الصهيوني على تسويق ميناء حيفا في العواصم الغربية، أكبر من قدرة مصر على تسويق ميناء بورسعيد.
الثالث: أن ثمة رؤية جيوسياسية لدى الكيان الصهيوني قامت على إحلال ميناء حيفا محل ميناء بيروت في الأهمية، الأمر الذي ينظر إليه مراقبون كمدخل تفسيري محتملا لفهم تفجير ميناء بيروت[73] في 4 أغسطس/آب 202، بل ويذهب بعض المراقبين للربط بين توقيت صدور قرار خصخصة ميناء حيفا القديم وبين تفجير مرفأ بيروت، وهما حدثان وقعا في نفس اليوم[74].
2. تعويض خسائر تراجع عائدات القناة: من أهم التحديات التي ترتبط بوجود جسر بري بديل لقناة السويس أنه يؤدي لتراجع عائدات قناة السويس على نحو ما بينا عاليه، على الرغم من ضعف نسبة التراجع. ويمكن القول بأن ثمة سيناريوهين للتعامل مع هذا الوضع:
السيناريو الأول يتعلق باتجاه هيئة قناة السويس منذ 2022 لرفع رسوم عبور القناة، وهو القرار الذي أعلن عنه فعليا في مارس 2022[75]، وقد تشهد القناة رفع نوعي للرسوم، بما لا يؤثر على أسعار البضائع، ويكتفى فيه بالرسوم المتعلقة بالتحركات العسكرية؛ ضمن البروتوكولات التي توقع مع القوى العسكرية المختلفة. ومن المتوقع قبول هكذا طلبات بالنظر لاستمرار الأهمية الجيوسياسية للقناة من جهة، ولارتباط الارتفاع المشار إليه بمشروعات جيوسياسية عالمية، وبعضها مرتبط بالكيان الصهيوني، وهو ما يمثل مدخلا لمساندة مصر لئلا تتضرر جراء هذه المشروعات.
السيناريو الثاني يتعلق باستجداء الدعم المالي الغربي لمصر، وهو ما تمثلت إرهاصاته في موافقة صندوق النقد الدولي على رفع قيمة القرض الموجه لمصر، وهو ما عللته كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، خلال مقابلة مع رويترز على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، بأن الزيادة قيد الدراسة ترجع إلى “الصعوبات الاقتصادية التي تفرضها الحرب بين إسرائيل وحماس”[76]. ولم يقرر الصندوق بعد الحجم النهائي للقرض.
لم يكن صندوق النقد وحده، بضوء أخضر أمريكي – بطبيعة الحال – من قرر زيادة المساعدات لسلطة 3 يوليو. فقبيل إعلان مديرة صندوق النقد الدولي عن زيادة حجم القرض المقدم لمصر، أفادت وكالة “بلومبيرج” أن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تخطط لزيارة القاهرة قريباً لتعزيز الجهود المبذولة لدعم التنمية الاقتصادية في مصر، حيث فسر مصدر “بلومبيرج” أهداف هذه الزيارة متمثلة في أهمية القاهرة الإستراتيجية، والمخاوف بشأن زيادة تدفقات اللاجئين، بما في ذلك من الدول الأفريقية مثل السودان. وكشفت الشبكة الإخبارية عن خطة من 6 محاور تتراوح بين الاقتصاد والاستثمارات والهجرة والأمن. وما زال الجدول الزمني والأرقام النهائية قيد الإعداد، لكن الرقم المبدئي المطروح، والذي يحظى بدعم ألماني – فرنسي يبلغ 9 مليار يورو (9.8 مليار دولار)؛ موجهة لقطاعات الرقمنة والطاقة والزراعة والنقل، وتنظم من خلال منتدى استثماري مخطط له في الربيع المقبل.
خـــــــاتمـــــــــة
تبدو تداعيات الانخراط الحوثي في الصراع الدائر في غزة محدودة التأثير على الطرف المصري حتى الآن. فمن جهة، فإن إبعاد الطرف المصري عن القوة 153 في يونيو/حزيران 2023 صاحبته رغبة أمريكية في دفع مصر للمشاركة في قوة جديدة أطلقتها الولايات المتحدة في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023، لكن النظام المصري آثر الاقتداء بالموقف الأوروبي، وفضل عدم الانخراط في هذه القوة، وفضل التعاطي مع عمليات موجودة بالفعل على الأرض، ومنها عمليتا “حارس البحر” التابعة للناتو، و”عملية أتالانتا” التابعة للاتحاد الأوروبي. غير أن خطط هاتين العمليتين لم يتخذ قرار بعد بتوسيع نطاقها، ويبدو خطر الباسيج البحري دافع لمزيد دراسة قبل الإقدام على أية خطوة في هذا الإطار. وعلى هامش موقف الأمن الجماعي، حذر رأس سلطة 3 يوليو بصورة منفردة مرسلي المسيرات من العبث بـ”سيادة مصر”.
ومن جهة أخرى، وعلى اعتبار أن تضامن محور المقاومة مع الطرف الفلسطيني في الصراع الدائر في غزة يضاد التحركات المصرية لاحتواء هذا الصراع تحت سقف رضا الكيان الصهيوني، واستحقاق “معاهدة كامب ديفيد”، والرغبة المصرية في العودة للمربع صفر؛ أي مربع ما قبل 7 أكتوبر 2023، فإن سلطة 3 يوليو في مصر تراهن على متضافرة الحصار الشامل من جهة، وعلى عامل الوقت، من جهة أخرى، من أجل دفع الطرف الفلسطيني لقبول مبادرة النظام المصري؛ وبخاصة المبادرة المعدلة، والتي تحمل مضمونا تقليديا قوامه العودة لمربع ما قبل 7 أكتوبر. ورغم أن تدخل الحوثي يعقد حسابات النظام في الضغط على حماس، إلا أنه لا يُتوقع أن يكون هذا التدخل تأثير كبير في رؤية الطرف المصري للحرب، إلا في حالة اتجاه حكومة الاحتلال لتوسيع رقعة الصراع، بحيث لا تكتفي بالضربات الجوية المحدودة، بل تنخرط في حرب واسعة على الجبهة الشمالية.
وفيما يخص مبادرة النظام المصري، فقد زار وفد من حركة حماس القاهرة لتقديم رد على المبادرة، في 29 ديسمبر/كانون الأول، ولم تسفر المبادرة عن أي جديد، إلى أن توقفت المفاوضات بعد اغتيال العاروري. ويبدو أن إصرار حكومة الاحتلال على تحقيق هدف “تحييد قدرات حماس” هو العامل الحاسم وراء تأخر حسم الموقف.
ومن جهة ثالثة، وفيما يتعلق بقناة السويس، فإن تأثير الانخراط اليمني في صراع غزة ما زال محدودا، رغم أن هذا الانخراط أدى لتفعيل الجسر البري الذي تعمل عليه كل من دولة الإمارات والكيان الصهيوني منذ 2017. وبعيدا عن إمكانية تعويض مصر لخسائرها جراء تغيير السفن المتوجهة للكيان الصهيوني مسارها الملاحي تجاه رأس الرجاء الصالح، فإن المفاجأة تمثلت في مشاركة مصر في الجسر البري عبر ملحق بالاتفاقية؛ فيما لا يبدو أن هذه المشاركة تحمل جدوى اقتصادية أو جيواقتصادية لأن المسار الموصول بمينائي بورسعيد والعين السخنة يأتي من إيلات المحتلة، وليس من السعودية أو الأردن.
[1] المحرر + وكالات، جماعة الحوثي: نفذنا 3 هجمات بصواريخ باليستية ومسيرات على أهداف إسرائيلية، الجزيرة نت، 31 أكتوبر 2023.
[2] المحرر، صواريخ ومسيّرات.. تعرّفوا إلى ترسانة الحوثيين العسكرية بمواجهة إسرائيل، موقع “تلفزيون العربي“، 19 نوفمبر 2023
[3] المحرر، حرب غزة وتداعياتها المتوقعة يمنيا.. تقدير موقف، موقع “مركز أبعاد للدراسات والبحوث” 25 أكتوبر 2023
[4] هدير أبو زيد، انخراط متصاعد: دوافع وتداعيات تدخل الحوثيين في حرب غزة، موقع “المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية“، 30 ديسمبر 2023
[5] محمد سمعي، الحوثي: كل المصالح الأمريكية البريطانية “أهداف مشروعة لقواتنا“، الأناضول، 12 يناير 2024
[6] المحرر، الحوثيون يعلنون سقوط 5 قتلى و6 جرحى في الضربات الأميركية والبريطانية باليمن، الشرق الأوسط، 12 يناير 2024
[7] المحرر، حارس الازدهار.. تعرف على العملية الأمنية لحماية البحر الأحمر، موقع “سكاي نيوز عربية“، 19 ديسمبر 2023.
[8] أسامة السعيد، صمت وترقب في مصر حيال «حارس الازدهار»، موقع “صحيفة الشرق الأوسط“، 20 ديسمبر 2023.
[9] المحرر، حقائق–قوة المهام الأمريكية في البحر الأحمر تتلقى دعما محدودا من بعض الحلفاء، موقع سويس إنفو، 22 ديسمبر 2023.
[10] European Union.. External Action, EU NAVFOR Somalia.
[11] المحرر، البعثة الأوروبية تبقي مضيق هرمز تحت الرقابة، موقع “المشارق“، 1 نوفمبر 2021.
[12] المحرر، قوة المهام المشتركة “153”.. هل تردع هجمات الحوثيين؟، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 11 ديسمبر 2023.
[13] مترجمون، بعد مبادرة “حماية السفن“.. ما هي القوات البحرية المشتركة والفرقة 153؟، موقع “قناة الحرة” الأمريكية بالعربية، 19 ديسمبر 2023.
[14] المحرر، ردا على الحوثيين.. الفرقة “153” تستنفر بالبحر الأحمر، موقع “العربية نت“، 17 ديسمبر 2023.
[15] Editorial, What is U.S.-led Red Sea coalition and which countries are backing it?, Reuters, 22 December 2023.
[16] أسامة السعيد، صمت وترقب في مصر حيال «حارس الازدهار»، موقع “صحيفة الشرق الأوسط“، 20 ديسمبر 2023.
[17] ناصر حاتم، هل تشارك مصر في ضرب الحوثيين سرا؟ خبير عسكري مصري يتحدث عن قوة “حارس الازدهار“، موقع “قناة روسيا اليوم” بالعربية، 19 ديسمبر 2023.
[18] خالد الشامي، تهنئة ونقاش واتفاق.. الإعلام الإيراني يُسلط الضوء على اتصال السيسي ورئيسي، موقع “صحيفة المصري اليوم“، 23 ديسمبر 2023.
[19] المحرر، جسر بري بين الإمارات وإسرائيل مروراً بالسعودية والأردن.. فما المكاسب من الاتفاق؟، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 6 ديسمبر 2023.
[20] منقول، الجسر البري “الإسرائيلي الإماراتي” يمتد إلى مصر: شركة wwcs المصرية تشارك في اتفاقية التأسيس، موقع “صحيفة السفير العربي” 28 ديسمبر 2023.
[21] فرات علوان، من حيفا إلى الخليج: مشروع أمريكي إسرائيلي يهدّد قناة السويس!، موقع “ساحات التحرير“، 19 أغسطس 2023.
[22] المحرر، جسر بري بين الإمارات وإسرائيل مروراً بالسعودية والأردن.. فما المكاسب من الاتفاق؟، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 6 ديسمبر 2023.
[23] مصطفى عيد، 76 مليار دولار حصيلة مصر من 5 مصادر للنقد الأجنبي العام الماضي (جراف)، موقع “مصراوي“، 19 أكتوبر 2021.
[24] المحرر، قناة السويس فى عام 2022.. 7.9 مليار دولار عائدات (إنفوجراف)، موقع “صحيفة اليوم السابع“، 22 ديسمبر 2022.
[25] المحرر، بعد أزمة السفينة.. ما أهمية قناة السويس في التجارة العالمية؟، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 25 مارس 2021.
[26] المحرر، 7.9 مليار دولار إيرادات قناة السويس خلال عام 2022، موقع “وكالة الأنباء الصينية، 20 ديسمبر 2022.
[27] وكالات، شركات الشحن العالمية تواصل تحويل مسار سفنها بعيدا عن قناة السويسن العربية نت، 30 ديسمبر 2023.
[28] المحرر، شركة شحن بحري: 125 سفينة فقط حولت مسارها إلى رأس الرجاء الصالح، موقع “ثحيفة المالي“، 28 ديسمبر 2023.
[29] المرجع السابق.
[30] سيباستيان سايبت، فيما تواصل حربها على حماس.. هل تسعى إسرائيل إلى فتح جبهة ضد حزب الله؟، موقع “قناة فرانس 24″ بالعربية، 22 ديسمبر 2023.
[31] مترجمون، غالانت: إسرائيل تتعرض لهجمات من 7 جبهات وترد على 6 حتى الآن، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 26 ديسمبر 2023.
[32] وكالات، بعد أيام من اغتيال رضي موسوي.. إيران تعلن إعدام 4 أشخاص على صلة بالموساد، العربية نت، 29 ديسمبر 2023.
[33] بسام جمال، ماك شرقاوى: “نتنياهو” يسعى لتوريط الولايات المتحدة فى حرب إقليمية، 3 يناير 2024.
[34] المحرر، التصعيد في غزة.. ارتدادات تتخطى حدود القطاع وإسرائيل، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 29 ديسمبر 2023.
[35] المحرر، اغتيال العاروري يثير شبح توسيع نطاق الحرب– في واشنطن بوست، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 3 يناير 2024.
[36] المحرر + وكالات، إسرائيل: نفرض حصاراً كاملاً على غزة.. لا كهرباء لا طعام لا ماء، العربية.نت، 9 أكتوبر 2023.
[37] المحرر، مصر: نحذر من سياسة الحصار والتجويع والتهجير ضد سكان غزة، العربية.نت، 13 أكتوبر 2023.
[38] المحرر، نويبع.. فيديو سقوط “جسم غريب” قرب محطة الكهرباء تنشره القاهرة الإخبارية، موقع قناة سي إن إن” بالعربية، 27 أكتوبر 2023.
[39] رانيا أيمن، سقوط جسم غريب والسلطات تجمع المزيد من المعلومات.. ماذا حدث في نويبع؟، موقع “قناة صدى البلد” المصرية، 27 أكتوبر 2023.
[40] المحرر، بالفيديو: سقوط صاروخ في طابا بمصر وإصابة 6 أشخاص، موقع “سكاي نيوز عربية“، 27 أكتوبر 2023.
[41] حساب “قناة إكسترا نيوز“، المتحدث العسكري يعلن نتائج التحقيقات الجارية في حادثي سقوط جسم غريب بنويبع وطائرة بدون طيار بطابا، موقع “يوتيوب“، 27 أكتوبر 2023.
[42] ضياء عودة ، روايتان وتحليلات.. ماذا حدث في طابا المصرية قرب إسرائيل؟، موقع “قناة الحرة” الأمريكية بالعربية، 27 أكتوبر 2023.
[43]المرجع السابق.
[44] وكالات، فيديو.. الرئيس السيسي:الجيش بقوته الرشيدة لا يطغى وهدفه حماية مصر دون تجاوز، موقع “الهيئة الوطنية للإعلام“، 25 أكتوبر 2023.
[45] مها سالم، وزير الدفاع: الأمة المصرية تؤمن بأن امتلاك القوة الرشيدة هو الضمان الأساسي للأمن والسلام، موقع “صحيفة الأهرام“، 4 ديسمبر 2023.
[46] المحرر، قيادي حوثي لـRT: “إذا ما صعّدوا لن نبقي على حقل نفط ولا على حقل غاز” والمعركة ليست محصورة في فلسطين، موقع “قناة روسيا اليوم” بالعربية، 22 ديسمبر 2023.
[47] المحرر، هجوم حوثي.. ماذا حدث على الحدود بين السعودية واليمن وما دخل البحرين؟، موقع “قناة صدى البلد“، 25 سبتمبر 2023.
[48]الوسيط الضاغط، مصطلح صكه الباحث ليقوم بتوصيف ظاهرة مباشرة الحد الأدنى من الضغط العسكري على أحد طرفي الصراع؛ بما يسمح للدور المصري بحضور فاعل أمام الطرف الأقوى في المواجهة، وهو الدور الذي تباشره مع قطاع غزة عبر الحصار الذي تتلاعب به لكي تمنح دبلوماسيتها وجهازها السيادي إمكانية تحقيق اختراق في المحادثات لتي غالبا ما تكون غير مباشرة بين أطراف الصراع. ويمكن لهذا الدور أن يسمح لمصر بالتعاطي مع إيران وجماعة الحوثي كوسيط خشن، يمكن ان تنقلب وساطته لضغوط عسكرية قابلة للتفاوت في حدتها بحسب المرونة التي يبديها الطرف الأضعف في المحادثات (الحوثي في هذه الحالة).
[49] أسامة السعيد، ما هي احتمالات انضمام أطراف عربية إلى «حارس الازدهار»؟موقع “صحيفة الشرق الأوسط” السعودية، 22 ديسمبر 2023.
[50] المحرر، صقر سيناء.. من هو أسامة عسكر رئيس أركان الجيش المصري؟، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 27 أكتوبر 2021.
[51] إسماعيل يوسف، “خلع الأنياب”.. لماذا قلص السيسي مدة بقاء قادة الجيش في مناصبهم؟، موقع “صحيفة الاستقلال اللندنية، 26 يوليو 2021.
[52] مهمة حارس البحر هي مهمة تابعة لحلف شمال الأطلسي، ويعلن الحلف أنها عملية أمنية بحرية تابعة لحلف شمال الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط، وتنفذ حاليًا ثلاث مهام أمنية بحرية: بناء قدرات الأمن البحري، ودعم الوعي بالأوضاع البحرية ومكافحة الإرهاب البحري.
[53] Editorial, Egyptian Navy commander meets commanders of Operation Atlanta, Operation Sea Guardian, State Information Service, 5 October 2023.
[54] المحرر، واشنطن تسقط طائرات مسيرة في البحر الأحمر بعد هجوم الحوثيين على سفينتين، موقع “قناة فرانس 24″، 4 ديسمبر 2023.
[55] مراسلون، خاص لرصد: السيسي يعتمد حركة تنقلات الجيش لشهر ديسمبر 2023، موقع “شبكة رصد” الإخبارية، 26 ديسمبر 2023.
[56] زكى القاضي، السيرة الذاتية للواء بحرى أشرف إبراهيم عطوة قائد القوات البحرية الجديد، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصرية، 14 ديسمبر 2021.
[57] المحرر، إيران تهدد بإغلاق البحر المتوسط وممرات مائية أخرى، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 23 ديسمبر 2023.
[58] مرزاح العسل، انهيار تحالف أمريكا لحماية السفن الصهيونية في البحر الأحمر قبل أن يرى النور، موقع “سبأ نت“، 24 ديسمبر 2023.
[59] المحرر، حارس الازدهار.. تعرف على العملية الأمنية لحماية البحر الأحمر، موقع “سكاي نيوز عربية“، 19 ديسمبر 2023.
[60] المحرر، إيران تهدد بإغلاق البحر المتوسط وممرات مائية أخرى، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 23 ديسمبر 2023.
[61] مراسلون، «الحرس الثوري» يعلن تشكيل قوات «باسيج بحرية»، موقع “صحيفة الشرق الأوسط” السعودية، 19 ديسمبر 2023.
[62] المحرر، السيسي بعد حادثتي طابا ونويبع: يجب احترام سيادة مصر وموقفها، موقع “إذاعة مونت كارلو الدولية“، 28 أكتوبر 2023.
[63] المحرر، مبادرة مصرية من 3 مراحل لإنهاء القتال في غزة، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 24 ديسمبر 2023.
[64] مراسلون، “الشرق” تكشف تفاصيل تعديل المبادرة المصرية لوقف الحرب على غزة، موقع “قناة الشرق” السعودية، 26 ديسمبر 2023.
[65] محمد الجالي، الرئيس السيسى بالمؤتمر الصحفى مع المستشار الألمانى: نرفض جميع الممارسات المتعمدة ضد المدنيين ونطالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقفها فورًا.. ومصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين قسريًا من أرضهم، موقع “صحيفة اليوم السابع” المصري، 18 أكتوبر 2023
[66] قناة “Bel Moubashar – بالمباشر“، حسن حمادة بكلام لا يجرؤ الكثيرون على قوله عن التحول الكبير، المرحلة المفصلية… ومخطط يوازي وعد بلفور!، موقع “يوتيوب“، 23 ديسمبر 2023.
[67] سوزان عاطف، وفد حماس يصل القاهرة اليوم لتسليم الرد على المبادرة المصرية لإنهاء العدوان على غزة، موقع “صحيفة المصري اليوم“، 29 ديسمبر 2023.
[68] مراسلون، “الشرق” تكشف تفاصيل تعديل المبادرة المصرية لوقف الحرب على غزة، موقع “قناة الشرق” السعودية، 26 ديسمبر 2023.
[69] حساب “تلفزيون العربي“، كتائب القسام تنشر كلمة أبو عبيدة في اليوم 83 للحرب، موقع “يوتيوب“، 29 ديسمبر 2023.
[70] المحرر، نتنياهو وغانتس يعلنان: الحرب على غزة لن تتوقف، موقع “قناة روسيا اليوم” بالعربية، 21 ديسمبر 2023.
[71] المحرر، مصر تشارك في الجسر البري بين الإمارات وإسرائيل.. ما هو المسار الجديد؟، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 28 ديسمبر 2023.
[72] المحرر، مصر تشارك في الجسر البري بين الإمارات وإسرائيل.. ما هو المسار الجديد؟، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 28 ديسمبر 2023.
[73] المحرر، انفجار بيروت: كل ما نعرفه حتى الآن عنه وأسبابه وملابساته، موقع “قناة بي بي سي” بالعربية، 6 أغسطس 2020.
[74] ريمون ميشال (منقول)، هل استفاد ميناء حيفا من تفجير مرفأ بيروت؟ موقع “آي إم ليبانون“، 13 يوليو 2021.
[75] وكالات، مصر ترفع رسوم مرور عبور السفن من قناة السويس، موقع “قناة سكاي نيوز عربية“، 1 مارس 2022.
[76] وكالات، بسبب حرب غزة.. صندوق النقد يدرس “بجدية” زيادة قيمة قرضه لمصر، موقع “مصراوي“، 18 نوفمبر 2023.