دفاتر مصرية – مايو/أيار 2022
المحتويات
مقدمة
الدفتر السياسي
- عودة المواجهات العسكرية في سيناء
- أجواء الاستعداد للحوار السياسي في مصر
- فشل مفاوضات أبوظبي حول سد النهضة
الدفتر الاقتصادي
- قراءة تحليلية في الموازنة العامة لمصر للعام المالي 2022/2023
الدفتر التشريعي
- مشروعات القوانين التي وافق عليها مجلس النواب
- الاتفاقيات الدولية والقرارات الجمهورية
الدفتر الفكري والثقافي
- تشويه المفاهيم الدينية والتشكيك فيها
- السخرية الشعبية في زمن الاستبداد
الدفتر الإعلامي
- التناول الإعلامي المصري للحوار الوطني
- قناة مكملين بالخارج “انطلاقة جديدة”
- الإعلاميّون يتضامنون مع وزيرة الهجرة
مقدمة
يتناول تقرير دفاتر مصرية، عن شهر مايو/أيار 2022، أهم الأحداث التي شهدتها مصر خلال الشهر، وذلك من خلال دفاتره المختلفة، السياسي والاقتصادي والتشريعي والفكري والإعلامي.
ففي الدفتر السياسي، يتناول التقرير ثلاثة موضوعات، هي عودة العمليات العسكرية مرة أخرى إلى سيناء بعد الإعلان عن القضاء على الإرهاب. والاستعداد للحوار الوطني الذي دعا إليه النظام، ولم يوفر له أدنى متطلبات النجاح. واستمرار الفشل في التعامل مع أزمة سد النهضة.
وفي الدفتر الاقتصادي، يقدم التقرير قراءة تحليلية في الموازنة العامّة لمصر للعام المالي 2022/2023، تتناول الملامح العامة للموازنة، من خلال تقديم قراءة تفصيلية في المصروفات، وتتضمن الأجور والمرتبات، وشراء السلع والخدمات، والفوائد، والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية والمصروفات الأخرى، والاستثمارات العامة غير المالية. والإيرادات، وتتضمن الضرائب، والإيرادات غير الضريبية.
أما الدفتر التشريعي فيتناول أهم القوانين ومشاريع القوانين التي ناقشها مجلس النواب أو وافق عليها، بالإضافة إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وافق عليها المجلس.
وإذا انتقلنا إلى الدفتر الفكري والثقافي، فسنجد أنه يحتوي على موضوعين: يتناول أولهما موضوع تشويه المفاهيم الدينية والتشكيك فيها، من خلال الأعمال الفنية والأدبية التي اعتاد صناعها إثارة الشبهات. ويتناول الثاني موضوع السخرية الشعبية ولجوء الشعب المصري إليها في زمن الاستبداد، للسخرية من الحاكم وأعوانه وانتقاد تجربته في الحكم.
وأخيرًا، يحتوي الدفتر الإعلامي على ثلاثة موضوعات، هي التناول الإعلامي المصري للحوار الوطني، وانطلاق قناة “مكملين” مرة أخرى بعد أن أغلقت أبوابها في تركيا، وحملة التضامن التي قام بها الإعلاميّون المصريون مع وزيرة الهجرة، والزعم أنها بدافع إنساني.
الدفتر السياسي
شهد شهر مايو/أيار 2022 العديد من الأحداث السياسية، سلط الدفتر السياسي الضوء على أبرزها، وهي عودة المواجهات العسكرية مرة أخرى إلى سيناء، بعد أن أعلن رأس النظام عن القضاء على الإرهاب هناك، وأجواء الاستعداد للحوار الوطني الذي دعا إليه النظام، والتي لا تدل على جديته في إدارة حوار حقيقي يُخرج البلاد من أزمتها. وفشل جولة جديدة من جولات مفاوضات سد النهضة، الذي أعلن الإثيوبيّون عن قرب القيام بالملء الثالث له.
- عودة المواجهات العسكرية في سيناء
بعد أيام من إعلان السيسي أن “الموضوع خلص” بالنسبة للإرهاب، وأن الإعلان عن انتهائه سوف يتم بعد التخلص من العبوات الناسفة المزورعة في بعض الأماكن في سيناء، وأن الجيش المصري أنفق مليار جنية شهريًّا على مدار 84 شهرًا من أجل مواجهة العمليات الإرهابية[1]، جاء الرد من جانب جماعة “ولاية سيناء” المنضوية تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث أعلن المتحدث العسكري المصري، في 7 مايو/أيار، عن مقتل ضابط و10 مجندين وإصابة خمسة آخرين بعد هجوم مسلح، قامت به عناصر وصفها بالـ”تكفيرية”، استهدف محطة رفع مياه شرقي قناة السويس[2].
ووفق مصادر محلية، فإن تنظيم ولاية سيناء هاجم كمين “الطاسة” شرقي قناة السويس في اتجاه مدينة بئر العبد، وتمكنوا من السيطرة على الكمين وإسقاط العسكريين الذين كانوا فيه بين قتيل وجريح، قبل الانسحاب من المنطقة.
وفي 11 مايو/أيار، أعلن المتحدث العسكري أن القوات المسلحة تمكنت من إحباط محاولةٍ للهجوم على إحدى الارتكازات الأمنية، وتمّ التعامل معها، مما أدى إلى مقتل 7 عناصر “تكفيرية”، ونتيجة للأعمال البطولية لقوات إنفاذ القانون، نال شرف الشهادة ضابط و4 جنود، كما أصيب جنديّان آخران[3].
وبهذا، ارتفع عدد ضحايا الجيش المصري خلال أسبوع واحد إلى 16 قتيلًا، أو 23 قتيلًا، بحسب بعض الروايات التي تقول إن ضحابا الهجوم الأول 17 قتيلًا، وليس 11 كما قال المتحدث العسكري.
لم يكتف تنظيم ولاية سيناء باستهداف قوات الجيش المصري، وإنما استهدف أيضًا عناصر من المجموعات القبليّة المتعاونة مع الجيش في شمال سيناء، حيث ذكرت مصادر قبليّة وشهود عيان أن عبوة ناسفة انفجرت بمجموعة مسلحة كانت تقوم بمهمة تمشيط في نطاق مدينة رفح، ما أدى إلى سقوط قتيلين ومصابين.
وكان ثلاثة عناصر من المجموعات القبليّة قد قتلوا، في هجوم مسلح لتنظيم ولاية سيناء، استهدف قرية المقاطعة، جنوب مدينة الشيخ زويد[4].
وفي المقابل، لم يعلن تنظيم ولاية سيناء – الذي توعد بالمزيد من الهجمات ردًّا على اعتقال الجيش عددًا من زوجات الناشطين في التنظيم في مدينتي رفح والشيخ زويد – عن سقوط قتلى من جانبه، رغم وجود بيانات عسكرية رسمية تفيد سقوط أعداد من عناصر التنظيم خلال تعقب أفراده، وهي البيانات التي لا يمكن التأكد من حقيقتها بسبب حالة العزل التام التي تفرضها السلطات المصرية على شمال سيناء، ومنع وسائل الإعلام من تغطية الأحداث هناك، بالإضافة إلى وجود اتهامات من جانب منظمات حقوقية للجيش المصري باستهداف مدنيّين، وقتلهم بدم بارد، والزعم بأنهم من عناصر التنظيم.
ويُعد الهجوم على كمين الجيش المصري مفاجأة في كل تفاصيله، لا سيما لناحية طبيعة عمل هذا الكمين والمرفق الذي يحميه، فقد فاجأ الهجوم المنظومة الأمنية المصرية، في ظل الهدوء الأمني السائد في شمال سيناء منذ شهور، وتحقيق الجيش و”اتحاد قبائل سيناء” إنجازات عسكرية ملموسة على أرض الواقع، ليأتي هذا الهجوم ويعيد المشهد الأمني سنوات للوراء.
وتتمثل مفاجآت الهجوم في عدة اتجاهات، أهمها توقيته الذي جاء في وقت شعر فيه الجيش المصري بالراحة إثر السيطرة الميدانية على مناطق واسعة كانت تمثل معاقل لتنظيم “ولاية سيناء” طيلة سنوات الحرب بين الطرفين.
كما جاء الهجوم بعد ساعات قليلة من زيارة قائد قوات تأمين شمال سيناء، اللواء محمد ربيع، إلى مدينتي الشيخ زويد ورفح، للاطلاع عن كثب على الإنجازات التي حققها الجيش و”اتحاد قبائل سيناء”، والتقاطه الصور التذكارية في المكان.
وعلى الرغم من بُعد المسافة الجغرافية بين مكان الهجوم والزيارة، إلا أنها لم تكن لتحدث لولا التقارير الأمنية والاستخباراتية المطمئنة حول تراجع قدرة تنظيم “ولاية سيناء” على تنفيذ هجمات ضد قوات الأمن.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجوم استهدف نقطة حراسة سرية لمرفق مياه ذي طابع إستراتيجي، فالكمين الذي تمّت مهاجمته مكلف بحراسة محطة رفع مياه تضخ في اتجاه مدينة رفح الجديدة.
وهذا يشير إلى أن التنظيم استطاع الوصول إلى معلومة استخبارية عن أهمية المشروع من ناحيةٍ، ومن ناحيةٍ أخرى استطاع القضاء على قوة عسكرية قوامها 17 عسكريًّا، من قوة الكتيبة 505 مهام سرية، بينما تمكّن مسلحو التنظيم من الانسحاب من دون إصابات في صفوفهم[5].
وتعليقًا على هجمات التنظيم، قال خبراء إن استمرار الهجمات الدموية بعد كل هذه السنوات، خصوصًا بعد نتائج “العملية الشاملة في سيناء” لعام 2018، يشير ببساطة إلى عدم الكفاءة، على الرغم من الحديث المتكرر عن القضاء على التنظيم وعودة المهجرين إلى قراهم.
ويرى هؤلاء الخبراء أن قوات الجيش المصري، ومنذ صعود “ولاية سيناء”، استخدمت تكتيكات قتالية تشبه سياسة الأرض المحروقة والتي تتمثل في التجريف وهدم المنازل وتهجير السكان، وكذلك استخدام ورقة اتحاد القبائل، بالإضافة إلى الدفع بـ50 ألف مقاتل نظامي من قوات الجيش، وإلى قوات الأمن الموجودة أصلًا في سيناء، وقوات حرس الحدود التابعة للجيش.
كما استغل الجيش المصري غطاء من التعديلات المتتالية لاتفاقية الأمن مع إسرائيل، التي شاركت في الحرب على التنظيم، وأجهزة استخبارات إقليمية ودولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تشارك بشكل حقيقي في الحرب على الإرهاب في سيناء.
وعلى الرغم من كل ما سبق، إلا أن التنظيم ما يزال يملك القدرة الكافية لتنفيذ هجماته، حتى وإن قل عددها، وأن التنظيم تمكن من الحفاظ على هيكلياته التنظيمية في كافة مناطق سيناء، وأعاد ترتيب أوراقه مع القيادة الجديدة التي استلمت زمام الأمور في التنظيم، وتفهم طبيعة البيئة المحيطة به، في حين أن المشكلة الأساسية في سيناء تتعلق بالأسباب الجذرية العميقة، حيث لا تزال مقاربة عسكرية أمنية فجة في التعامل مع ملف سيناء وهو ما يستثمر فيه التنظيم لتجنيد عناصره، ويتمتع بالخبرة في ذلك[6].
والحقيقة أن إستراتيجية مكافحة الإرهاب، والتي تعتمد على المواجهة العسكرية والأمنية، لا يمكن أن تغير الوضع على الأرض في غياب مشروع تنموي يعالج المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها أبناء الشعب المصري في سيناء، وحتى لا يكون اللجوء إلى التنظيم والانضمام إليه هو الحل الأسهل بالنسبة لشباب سيناء.
- أجواء الاستعداد للحوار السياسي في مصر
في ظل غياب القدر الأدنى من هذه المرتكزات المطلوبة للنجاح، انطلقت في مايو/أيار التجهيزات والاستعدادات للحوار السياسي في مصر، حيث أعلنت إدارة الحوار الوطني بالأكاديمية الوطنية للتدريب اختيار ضياء رشوان نقيب الصحفيين، منسقًا عامًا للحوار، بالإضافة إلى اختيار المستشار محمود فوزي الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رئيسًا للأمانة الفنية للحوار الوطني، لافتة إلى بدء أولى جلسات الحوار الوطني في الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز القادم. كما تمَّ الانتهاء من كافة التجهيزات واللوجيستيات اللازمة لتنظيم الحوار، وذلك من خلال الأكاديمية المنوطة بتنظيم المؤتمر الوطني للشباب[7].
وقد لقي إسناد الحوار إلى الأكاديمية معارضة كثيرين ممن رأوا أنها خطوة تدل على عدم الجدية، حتى إن محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، انتقد إسناد الحوار الوطني إلى الأكاديمية الوطنية للتدريب، وقال إنه غير راض ومطمئن عن إسناد تنظيمه وإدارته لبعض المؤسسات الشبابية التي تنتمي وتدار «بمعرفة أجهزة بعينها» في شكل كرنفال مفتوح ربما لن يحقق الهدف منه[8].
وبالتوازي مع استعدادات الأكاديمية، لم يقدم النظام الحاكم أي ضمانات لإنجاح هذا الحوار، ولعل أولها هو إتاحة الفرصة لكل القوى السياسية الفاعلة للمشاركة، وهو ما لم يتحقق بعد أن تمّ استبعاد القوى السياسية الفاعلة، والاكتفاء بالأحزاب الكرتونية الموالية للنظام والشخصيات المؤيدة له، والتي شاركت من قبل في الانقلاب العسكري الذي جاء بالنظام الحالي، وترى أن الدعوة للحوار مكرمة من النظام، وأنه لا يجب أن تكون هناك شروط مسبقة قبل الانخراط فيه.
فبعد أن صرح السيسي بأن الحوار لن يستثني أحدًا، قامت أذرعه المختلفة بشن حملة واسعة على المعارضة المصرية، خاصّة جماعة الإخوان المسلمين، معلنة عدم وجود مكان لها في الحوار، مستخدمة في ذلك مصطلحات التخوين والاتهامات التي لم تتوقف عن ترديدها منذ 2013، حتى إن أحد نواب البرلمان قال إن جماعة الإخوان المسلمين لن يكون لها مكان بالحوار الوطني الذي دعا له رئيس البلاد، لأن الاختلاف معها ليس اختلافًا سياسيًّا، بل هو اختلاف وطني شامل[9].
وكانت مجموعة من من الحقوقيين والسياسيين والشخصيات العامة قد دعت النظام إلى اتخاذ عدة إجراءات وتدابير من أجل بناء الثقة، لإثبات جدية الحوار، وطرحت المجموعة عريضة جاء فيها أنه “على الرغم من دأب النظام الحاكم على مدار ثماني سنوات على تخوين وقمع المعارضين ومنتقدي توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتنكيل بكل من مارس حقه في التعبير السلمي عن الرأي، أو ممارسة الحق في التنظيم، وفي التجمع السلمي وتداول الآراء والمعلومات، ورغم أن الحديث عن الحوار السياسي الوطني يأتي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية حرجة تئن فيها البلاد تحت وطأة ديون طائلة، ويواجه قطاع عريض من المصريين ظروفًا معيشية قاسية، فإنهم يدركون أن الدعوة للحوار قد تمثل متنفسًا وفرصة لكسب قدر ما من العدل وإنفاذ القانون يساعد في تخفيف معاناة بعض المحتجزين في سجون النظام.
وأعرب هؤلاء عن تخوفهم من الانحراف بالحوار المرتقب إلى شخصنة القضايا والإفراجات المتعلقة بها بدلًا عن الاتفاق على إجراءات بجدول زمني محدد لمواجهة الأزمة الأكبر التي تعيش مصر في ظلالها بسبب تفضيل النظام الحاكم لاعتماد القمع كوسيلة حكم بديلًا عن النقاش والحوار.
وأوضحوا أن أي حوار سياسي ذي معنى لا بد أن يسبقه وتتوازى معه سلسلة من الإجراءات والتدابير الجادة لبناء الثقة بين السلطة الحاكمة وباقي مكونات المجتمع السياسي والمدني المصري.
وطالب الموقعون على العريضة وقف أشكال الاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري، والإفراج الفوري عن مسجوني الرأي، ووقف تنفيذ أحكام الإعدامات.
وأكد الموقعون على البيان أن أي حوار وطني لا بد أن يتسع لتناول التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المجتمع المصري.
وشدد الموقعون على أن التمثيل في الحوار الوطني يجب أن يتسع لأطياف المعارضة السياسية كافة، بما يشمل ممثلين عن المحتجزين والمحتجزات، بالإضافة لممثلين عن المعارضة المصرية التي تكونت في المهجر بفعل سياسات النظام، كما يجب أن يتم إشراك ممثلي هذه الأطراف مع ممثلين عن الأحزاب ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة في الترتيب لهذا الحوار الوطني المرتقب وتقرير أجندته[10].
ولكن النظام رد على هذه المطالب بمزيد من التعسف، حيث صدرت أحكام جديدة بالإعدام على خلفية سياسية، كما صدرت أحكام مشددة بالسجن على قيادات إخوانية بارزة، حيث قضت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ في مصر، بالسجن المؤبد على 14 شخصًا، ومعاقبة عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور محمود عزت و7 آخرين بالسجن المشدد لمدة 15 عامًا، ومعاقبة آخرين بالسجن المشدد 10 سنوات، بتهمة نشر أخبار كاذبة، و”الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتولي قيادة جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون”[11].
- فشل مفاوضات أبوظبي حول سد النهضة
تواصل أديسأبابا عمليات البناء في سد النهضة، تمهيدًا للملء الثالث الذي اقترب موعده، في مطلع يوليو/تموز 2022، مع تجمد المفاوضات الثلاثية منذ نحو عام، حيث تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولًا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، غير أن إثيوبيا ترفض ذلك، وتؤكد أن سدها الذي بدأت تشييده قبل نحو عقد لا يستهدف الإضرار بأحد.
وعلى الرغم من تعنت الجانب الإثيوبي، وفشل جميع المفاوضات السابقة، فإن مصر تصر على التمسّك بمسار التفاوض الذي أثبت فشله، بعد أن قامت إثيوبيا بالملء الأول والملء الثاني دون التنسيق مع الجانب المصري الذي يطالب بالتوصل لاتفاق قانوني شامل وملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل، وينتظر تدخل القوى الإقليمية والدولية للضغط على الإثيوبيين للموافقة على هذا الاتفاق.
كانت آخر جولات المفاوضات في الإمارات، حيث نقلت تقارير صحفية عن مصادر مصرية مطلعة أن العاصمة الإماراتية أبوظبي استضافت جولتين من المفاوضات بين وفود فنية من إثيوبيا ومصر والسودان، وذلك بعد أن أقنع الإماراتيون – الذين حضر ممثلون منهم الاجتماعات كمراقبين – الإثيوبيّين بالمشاركة بضمانات إماراتية.
وذكرت المصادر أن “المشاورات التي جرت على مدار جولتين، لم تحقق اختراقًا في أي من القضايا العالقة، فيما انحصر التعاون الإثيوبي في إمكانية تنسيق الجهود بين البلدان الثلاثة قبل عملية الملء الثالث فقط، مع التأكيد على الرفض التام لإطلاع المصريّين والسودانيّين على أي معلومات دقيقة تخص عملية تشغيل السد في الوقت الراهن، وكذلك خطط الاستعداد للملء الثالث[12].
وأوضحت المصادر أنه “تمّ إطلاع مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، على تفاصيل الجلستين الماضيتين خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، حيث طالب المسؤولون في مصر بدور أمريكي أكثر فاعلية لزحزحة إثيوبيا عن موقفها الرافض لإبداء أي مرونة، سواء بشأن المفاوضات الفنية الجارية في أبوظبي، أو التعاطي مع المطالب المصرية السودانية لإطلاق جولة مفاوضات سياسية جديدة بشأن الأزمة[13].
وفي سياق متصل، اعترفت إثيوبيا لأول مرة بأن ملء سد النهضة سيسبب أضرارًا لمصر، وهو التصريح الذي لم يحرك ساكنًا في الجانب المصري الذي ينتظر التدخل الخارجي والوساطات الدولية في الضغط على إثيوبيا.
جاء هذا الاعتراف على لسان مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي، كيفلي هورو، الذي صرح في 27 مايو/أيار، بأن عملية الملء الثالث لسد النهضة ستكون في أغسطس وسبتمبر المقبلين، مشيرًا إلى “احتمال تضرر مصر والسودان من عملية الملء”، وقال إن إثيوبيا “لن تسمح بوقف تشييد هذا المشروع، ولن تفعل ذلك، ولن تسمح بتعطيله”، داعيًا مصر والسودان إلى “التحلي بالعقلانية”[14].
وكالعادة، جاءت الردود المصرية ضعيفة، ولا ترقى إلى مستوى الخطر الذي يمكن أن يسببه هذا السد، وتتناسب مع وضعها الضعيف بسبب عدم وجود نص قانوني في اتفاقية إعلان المبادئ – التي تمَّ توقيعها عام 2015 – يلزم إثيوبيا بالموافقة على مطالب الجانب المصري حول توقيع اتفاق قانوني شامل وملزم بشأن قواعد ملء السد وتشغيله.
الدفتر الاقتصادي
قراءة تحليلية في الموازنة العامة لمصر للعام المالي 2022/2023
تأتي الموازنة العامة لمصر هذا العام وسط تداعيات دولية شديدة الصعوبة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا. وشأن العديد من الأزمات الإقليمية والدولية، فإنها تنعكس سلبيًّا على الأداء الاقتصادي لمصر، وذلك لسببين: الأول أن مصر تعتمد بشكل كبير على الموارد الريعية الخارجية في تأمين جزء لا يستهان به من النقد الأجنبي (إيرادات قناة السويس، إيرادات السياحة الخارجية، صادرات النفط، تحويلات العاملين بالخارج)، كما أن مصر تعتمد بشكل كبير على الخارج في تأمين احتياجات أساسية، سواء فيما يتعلق بالسلع الرأسمالية، أو وسائل النقل، ومستلزمات الإنتاج، أو السلع الاستهلاكية.
وقد شهدت الأوضاع الاقتصادية في مصر خلال الشهور الماضية، عدة تداعيات سلبية، بسبب الأزمة الروسية على أوكرانيا، فقد اتجهت مصر لخفض عملتها المحلية بنسبة تصل إلى 20 بالمئة، كما ارتفعت معدلات التضخم لتتجاوز 15 بالمئة، واتخذ البنك المركزي عدة قرارات بزيادة سعر الفائدة على الإيداع والإقراض.
والمعلوم أن الموازنة العامة، تأتي كبرنامج مالي معبر عن الخطة العامة للدولة في إطارها الاجتماعي والاقتصادي، كما أنها تعكس أداء الاقتصادي القومي، ومن هنا وجدنا أن نفرد الدفتر الاقتصادي هذا الشهر، لقراءة تحليلية للموازنة العامة للدولة للعام المالي 2022/2023.
الملامح العامة للموازنة[15]:
تظهر الملامح العامة للموازنة أن قيمة المصروفات العامة المقدرة في الموازنة تصل إلى 2.07 تريليون جنيه، وأن قيمة الإيرادات العامة المقدرة، 1.51 تريليون جنيه، وأن العجز الكلي سوف يصل إلى 558 مليار جنيه.
وعن المخصصات الرئيسة ببند المصروفات، فقد قدرت مخصصات الأجور والمرتبات بـ 400 مليار جنيه، وشراء السلع الخدمات 125.6 مليار جنيه، وفوائد الدين العام قدرت بـ 690 مليار جنيه، ومخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية قدرت بـ 355 مليار جنيه، ومخصصات المصروفات الأخرى (التي تضم مخصصات مؤسسات موازنة السطر الواحد، وعلى رأسها الجيش ومجلس النواب ومجلس الشيوخ، والقضاء والجهاز المركزي للمحاسبات) قدرت بقيمة 122.7 مليار جنيه، أما الاستثمارات العامة فقدرت مخصصاتها بـ 376 مليار جنيه. وثمّة بند مهم ضمن الاستخدامات العامة، نال اهتمام المعنيين بالموازنة وكذلك المعنيين بالشأن السياسي والاجتماعي في مصر، وهو أقساط الدين العام، والتي قدرت بـ 965 مليار جنيه، وسوف نتناول هذا الأمر بشيء من التفصيل خلال القراءة التفصيلية.
أما الإيرادات العامة، فكانت بنودها الرئيسة، تتمثل في 1.16 تريليون جنيه إيرادات ضريبية، و912 مليون جنيه منح، و348 مليار جنيه إيرادات أخرى.
القراءة التفصيلية:
أولًا: المصروفات
تشمل المصروفات ستة أبواب فقط، بينما هناك بابان آخران، لا يدرجان في المصروفات، ولكن يضافان للأبواب الستة لتكون الأبواب الثمانية مكونة لما يُسمَّى الاستخدامات العامة، والبابان الآخران هما صافي حيازة الأصول المالية، وكذلك مخصصات سداد أقساط القروض. ومرجع هذا التصنيف وقصر المصروفات على الأبواب الستة المعروفة، هو أن الموازنة المصرية تأخذ بما يعرف بالمبدأ “النقدي” الذي يُحمل كل عام مالي بمخصصاته فقط، بينما المبدأ الآخر وهو “الاستحقاق” يحمل العام المالي بمخصصات سنوات أخرى قادمة، وهو ما يعكس حالة من عدم الشفافية في تحديد المصروفات.
ونبدأ بالأبواب الستة للمصروفات، من حيث أبرز ما تتضمنه، وما نراه من ملاحظات:
- الأجور والمرتبات: 400 مليار جنيه، هي إجمالي مخصصات الرواتب والأجور للعاملين بالحكومة والقطاع العام، وحسب أرقام البيان المالي للموازنة، فإن هذا المبلغ يتضمن 93 مليار جنيه رواتب أساسية، و153 مليار مكافأت، و34 مليار جنيه بدلات نوعية، ونحو 65 مليار جنيه مزايا ( نقدية وعينية وتأمينية)، ومن هنا يأتي الخلل في بند المرتبات والأجور، فالرواتب الأساسية لا تمثل إلا نسبة 23.2 بالمئة من إجمالي مخصصات باب الأجور والمرتبات، وباقي المخصصات يتم التحكم فيها بناء على تقديرات شخصية من المديرين أو الجهات العليا، مما يخل بمبدأ الكفاءة ويفتح الباب للمحسوبيات والفساد. وبشكل عام، يُعاني نظام الرواتب والأجور في مصر من حالة عدم العدالة، بسبب التفاوت في المكافآت والبدلات من جهةٍ لأخرى، فدخول العاملين في قطاعات مثل الكهرباء أو البترول أو القضاء أو الدواوين العامة في الوزارات، أفضل بكثير عما هو معمول به في قطاع المحليات والتعليم والصحة مثلًا، بسبب ما يحصل عليه العاملون في القضاء والكهرباء والبترول من بدلات ومكافأت.
والأمر الآخر الذي يحتاج إلى معالجة جذرية في بند الأجور بالموازنة، هو قضية ربط الأجور الأسعار، فهناك فارق كبير بين الأسعار والأجور، وتعتبر الزيادة السنوية في الأجور أقل بكثير من معدلات التضخم، فنجد أن الزيادة في الأجور والمرتبات بالموازنة هذا العام بحدود 10.8 بالمئة، بينما قفزت معدلات التضخم لتزيد عن 15 بالمئة، أي أن الرواتب والدخول الحقيقية للعاملين بالحكومة والقطاع العام، قلت قوتها الشرائية، وهو ما يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر في مصر، بشكل مستمر.
والجدير بالذكر أن الحكومة قد أعلنت تعديل رواتب العاملين بالدولة في ضوء تحسين الحد الأدنى للأجور، ليكون عند 2700 جنيه شهريًّا في حده الأدنى، بدلًا من 2400 جنيه في العام الماضي… ولكن على الرغم من هذا التحسين إلا أنه لم يصل بعد إلى الحد الأدنى للدخل للأسر الفقيرة عند 3128 جنيه شهريًّا للأسرة المكونة من 4 أفراد. وهو ما يعني أن التحسين الذي قدمته وأعلنت عنه الحكومة، غير كافٍ لمعيشة كريمة للعاملين في المستويات الدنيا بالسلم الوظيفي في الحكومة.
- شراء السلع والخدمات: مخصصات الباب الثاني بالموازنة في جانب المصروفات، والتي تخص شراء السلع والخدمات، بلغت 125.6 مليار جنيه، بزيادة نسبتها 20.7 بالمئة عن مخصصات العام الماضي، وتشتمل مخصصات هذا الباب على عدة بنود أهمها وأعلاها، الصيانة بقيمة 15 مليار جنيه، والأدوية 14.6 مليار جنيه، والأغذية 12.2 مليار جنيه، والمواد الخام 10 مليار جنيه، والإنارة 10.8 مليار جنيه. والملفت للنظر في كافة الموازنات الماضية لمصر، هو تواضع مخصصات الصيانة، فعلى الرغم من ارتفاع مخصص الصيانة بين باقي مخصصات الباب الثاني، إلا أنه علينا أن نعلم بأن هذا المبلغ يشمل صيانة كافة الأصول الرأسمالية لمصر، والتي بدأت منذ دولة محمد علي، من مباني وطرق وصرف صحي ومياه، ومنشآت تعليمية وصحية وخلافه. ولذلك نجد تراجعًا في أداء تلك الأصول وانخفاض كفاءتها، بسبب ضعف المخصصات، بجانب سوء الإدارة.
- الفوائد: تبلغ مخصصات الباب الثالث من المصروفات 690 مليار جنيه، وبزيادة قيمتها 111 مليار جنيه عن مخصصات العام الماضي، وتصل نسبة هذه الزيادة للعام الماضي 19 بالمئة. وتمثل مخصصات الفوائد نسبة 33.3 بالمئة من إجمالي المصروفات. ويلاحظ أن فوائد سندات الخزانة تستحوذ على النصيب الأكبر من مخصصات الفوائد بنسبة 50 بالمئة، أما فوائد أذون الخزانة فتستحوذ على نسبة 27 بالمئة، أما فوائد الدين الخارجي فتمثل نسبة 9 بالمئة من إجمالي مخصصات الفوائد.
وهنا عدة ملاحظات تخص قضية الدين العام، أولها أن الحكومة تتصرف في هذه القضية دون وجود استراتيجية للسداد، فكل ما تقوم به الحكومة، هو عملية تدوير للقروض، لتقوم بالحصول على قروض جديدة لتسدد القروض القديمة، ثم تتراكم عليها الفوائد لتزيد من قيمة الدين.. وتعتبر الحكومة ما تقوم به من عمليات تحويل بعض الديون قصيرة الأجل إلى ديون متوسطة أو طويلة الأجل حالة نجاح.. وهذا غير حقيقي، فحالة النجاج المرتجاة هي أن تقوم الحكومة بتخفيض قيمة الدين العام، وكذلك نسبته لتصل إلى أقل من 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. واستمرار الحكومة بنفس سياستها الحالية مع قضية الديون، والتي تعتمد على إطلاق يدها في الحصول على ديون خارجية وداخلية، تشل يد صانع السياسة الاقتصادية، وتحد من قدرة الحكومة على الإنفاق بقطاعات مهمة وضرورية مثل الصحة والتعليم والبنية الأساسية. لقد أصبحت قضية الديون العامة في مصر مصدر قلق لدى شريحة كبيرة من المواطنين، وبخاصة في ظل ما يصدر من تقارير خارجية لجهات ومؤسسات أجنبية، تبين مدى خطورة وضع الاقتصاد المصري، في ظل سياسة الاستدانة الحالية، كما أن استمرار اعتماد الحكومة في اللجوء للمؤسسات المالية الدولية (البنك والصندوق الدوليان) تفرض على مصر سياسات اقتصادية واجتماعية، أدت إلى اتساع شرائح الفقر والبطالة بشكل ملموس. والجدير بالذكر أن الدين العام المحلي في مصر بلغ 4.7 مليار جنيه في يونيو/حزيران 2020 (وذلك حسب أحدث بيانات من البنك المركزي المصري في نشرته الاحصائية في مارس 2022) بينما بلغ الدين العام الخارجي في ديسمبر 2021 نحو 145.5 مليار دولار.
- الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية: الباب الرابع من المصروفات قدرت مخصصاته بـ 355 مليار جنيه، وهو ما يعكس زيادة قدرها 34.6 مليار جنيه عن مخصصات العام الماضي، وقد خصص للدعم السلعي 121 مليار جنيه، ودعم الخدمات الاجتماعية 181 مليار جنيه، ودعم مجالات التنمية 5.6 مليار جنيه، ودعم الأنشطة الاقتصادية 12 مليار جنيه. وثمّة عدة ملاحظات على مخصصات وإدارة هذا الباب، الأولى تتعلق بما تمّ رصده للدعم السلعي عند 121 مليار جنيه، منها 90 مليار دعم للسلع التموينية، وهو يتضمن دعم رغيف الخبز وبطاقات التموين، والمعلوم للجميع أن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وأن الأسعار قفزت في السوق العالمية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا بشكل كبير، وبالتالي فالزيادة المدرجة للدعم السلعي في مخصصاته لن تكون كافية، وبالتالي سوف تلجأ الحكومة لاتباع سياسات تقليص هذا الدعم، وهو أمر من شأنه أن يؤدي إلى زيادة رقعة الفقراء. أما المشكلة الأكبر في جانب الدعم الخاص بالمجال الاجتماعي، فتتعلق بنظام المعاشات التي تصرف في إطار برامج تكافل وكرامة أو معاش الضمان الاجتماعي، حيث إن هذه المبالغ لم تعد كافية بصورة آدمية لمن يحصلون على هذه المعاشات، ومن جهةٍ أخرى، فإن اتساع رقعة الفقر يدرج عدد كبير من الأسر المصرية، يستحقون الحماية الاجتماعية، من خلال هذه المعاشات ولا يحصلون عليها. فحسب أرقام البيان المالي هناك نحو ما يزيد بقليل جدًّا عن 4 مليون أسرة تحصل على تلك المعاشات، ولكن عدد الأسر المستحقة لتلك المعاشات يزيد عن 8.5 مليون أسرة، وبلا شك أنه في ظل التداعيات السلبية للأوضاع الاقتصادية الحالية، فقد يزيد عدد الأسر الفقيرة التي تحتاج للحماية الاجتماعية عن 9 ملايين أسرة.
- المصروفات الأخرى: يعد هذا الباب في مخصصات الموازنة من الأمور التي يمكن أن يطلق عليها الصندوق الأسود، حيث يضم مخصصات عدة مؤسسات منها الجيش والقضاء ومجلس النواب ومجلس الشيوخ، والجهاز المركزي للمحاسبات. وقد بلغت مخصصات هذا الباب 122.7 مليار جنيه، بزيادة قدرها 8.9 مليار جنيه عن مخصصات العام الماضي، وتمثل هذه الزيادة نسبة 7.8 بالمئة مقارنة بمخصصات العام الماضي. والملاحظة الرئيسة في هذا الباب، هي غياب الشفافية، فالتوسع في موازنة السطر الواحد لتشمل عدد كبير من مؤسسات الدولة غير مطلوب، ولقد كان هذا الأمر من السلبيات البارزة التي أخذت على دستور 2014 في ظل الانقلاب العسكري، ولا زالت مطالب المجتمع المدني، أن يتم إحالة كافة هذه المؤسسات إلى الموازنة العادية التي تعرض على مجلس النواب مثل باقي مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات الاقتصادية المدنية للجيش، ولا تعطي سمة موازنة السطر الواحد، إلا لمؤسسات الجيش الخاصة بالدفاع والتسليح.
- الاستثمارات العامة غير المالية: الباب السادس من المصروفات خصص له 376 مليار جنيه، وبزيادة قدرها 8.9 مليار جنيه عن مخصصات العام الماضي، وقد بلغت هذه الزيادة نسبة 7.8 بالمئة من قيمة مخصصات العام الماضي. ونظرًا لتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي منذ عام 1991/1992، والذي أدى إلى فصل الهيئات الاقتصادية والاجتماعية عن الموازنة العامة للدولة، باستثناء العجز والفائض، فقد اقتصرت استثمارات الحكومة على كل ما هو غير إنتاجي، حيث نجد أن مخصصات الإنشاءات في مخصصات الاستثمار العامة تبلغ 268 مليار جنيه وبما يمثل نسبة 71.2 بالمئة من إجمالي الاستثمارات العامة، منها تشييدات 165 مليار جنيه، و67 مليار مباني غير سكنية، و34 مليار مباني سكنية.
ثانيًا: الإيرادات
بلغت الإيرادات المقدرة في الموازنة هذا العام 1.517 تريليون جنيه، مقارنة بـ 1.365 تريليون جنيه العام الماضي، وقد بلغت الزيادة في الإيرادات العامة المقدرة هذا العام 152 مليار جنيه، وتصل نسبة هذه الزيادة 11.2 بالمئة. وتمثل الضرائب الجانب الأكبر من الإيرادات العامة، حيث تبلغ 1.168 تريليون جنيه، بينما تبلغ الإيرادات غير الضريبية 348 مليار جنيه، وقدرت المنح بـ 912 مليون جنيه. ومن هنا نجد أن الضرائب تمثل نسبة 76.9 بالمئة. والجدير بالذكر أن الإيرادات الضريبية كانت في عام 2013/2014 بحدود 358 مليار جنيه فقط لا غير، وهو ما يعني تحميل المواطنين أعباء ضريبية وصلت إلى ما يزيد عن ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في عام 2013/2014.
- الضرائب: بلغت الإيرادات الضريبية المقدرة هذا العام، 1.168 تريليون جنيه، منها 589 مليار جنيه ضرائب عامة، و477 مليار جنيه ضريبة القيمة المضافة، و46 مليار جنيه ضريبة جمركية، و55 مليار جنيه ضرائب أخرى. وبالنظر إلى تفاصيل الإيرادات الضريبية المقدرة، نجد أن الضرائب على الدخول تصل إلى 178 مليار جنيه، منها 107 مليار تخص الضرائب على المرتبات، ثم الضرائب على الشركات التي تقدر بـ 246 مليار جنيه منها 80 مليار تخص هيئتي البترول قناة السويس.
- الإيرادات غير الضريبية: والتي تقدر بـ 348 مليار جنيه، فيُعد أهم إيراداتها ما يخص الصناديق الخاصة، والمقدر لها أن تورد 52 مليار جنيه للخزانة العامة للدولة، وكذلك قناة السويس التي يقدر لها أن تحول فائضًا قدره نحو 40 مليار جنيه، ثم الهيئة العامة للبترول 12.2 مليار جنيه.
وبشكل عام: فإن هناك العديد من الملاحظات العامة، التي تمّ رصدها خلال القراءات الخاصة بالموازنة، والتي تتمثل في خلل المنظومة الضريبية في مصر، واعتمادها بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة، لسهولة تحصيلها من المنبع، على الرغم من أنها تساوي بين الغني والفقير في دفعها، في حين أن فلسفة الضرائب أن تؤخذ من الأغنياء، لتحقيق العدالة الاجتماعية، وأن تكون الضرائب أحد أدوات إعادة توزيع الثروة. أيضًا تحديد نسبة الضريبة في مصر عند سقف 20 بالمئة على كافة الأنشطة الاقتصادية، بعيد تمامًا عن استهداف تحقيق التنمية، فبلا شك أن الجهود المبذولة لتحقيق الأرباح مختلفة من قطاع إلى آخر، وبالتالي يجب أن تُميز القطاعات التي تبذل جهودًا أكبر مثل الصناعة، أو التي تقدم قيمة مضافة أكبر للناتج المحل بالإجمالي، بأن تكون ضرائبها أقل من الأنشطة الريعية والخدمية، ولا يمكن أن يتم الحديث عن مشكلات الضرائب في مصر، دون الحديث عن الفساد الذي يضرب الجهاز الإداري للمنظومة الضريبية في مقتل، حيث يتم ضياع مبالغ كبيرة من الحصيلة الضريبية على الدولة بسبب ممارسات الفساد.
الدفتر التشريعي
يتناول الدفتر التشريعي لشهر مايو/أيار 2022، مشروعات القوانين التي ناقشها مجلس النواب طوال الشهر، وقد وافق المجلس على مجموعة من مشروعات القوانين، منها مشروع قانون بإنشاء وتنظيم محطة الزهراء لتربية الخيول العربية الأصيلة، ومشروع قانون مقدم من الحكومة بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021/2022، ومشروع قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج. بالإضافة إلى الموافقة على مشروع قانون بتعديل قانون مكافحة غسل الأموال، من حيث المبدأ. كما يتناول الدفتر أبرز الاتفاقيات الدولية والقرارات الجمهورية التي أقرها مجلس النواب والآثار المترتبة عليها.
- مشروعات القوانين التي وافق عليها مجلس النواب
1 – قانون بإنشاء وتنظيم محطة الزهراء لتربية الخيول:
وافق مجلس النواب نهائيًّا على مشروع قانون بإنشاء وتنظيم محطة الزهراء لتربية الخيول العربية الأصيلة، إذ شهدت الجلسة العامة للمجلس، 7 مايو/أيار، مناقشات واسعة حول ضرورة الاهتمام بسلالات الخيول، باعتبارها مصدرًا للدخل القومى[16].
وعرض النائب هشام الحصرى رئيس لجنة الزراعة، تقرير اللجنة المشتركة من لجان الزراعة والرى والأمن الغذائي والثروة الحيوانية ومكتب لجنة الخطة والموازنة عن القانون، وقال إن “المحطة تُعَد النواة الرئيسية لإنشاء مدينة عالمية للخيول بالعاصمة الإدارية الجديدة، بأفضل الوسائل التكنولوجية الحديثة، والتى ستصبح صرحًا متكاملًا للأنشطة والرياضات المتعلقة بالخيول، والأكبر فى الشرق الأوسط فى مجال تربية وإنتاج الخيول العربية، بالمشاركة مع أعرق الخبرات الدولية والمحلية المتخصصة فى تربية وإنتاج الخيل العربى الأصيل”.
وأضاف الحصري أن “فلسفة مشروع القانون تكمن فى استعادة مصر لريادتها في مجال تربية وإنتاج وإكثار الخيول المصرية العربية الأصيلة، فضلًا عن خلق قيمة اقتصادية مضافة ومردود ثقافى وحضارى وسياحي في هذا المجال”.
2 – قانون بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة:
وافق مجلس النواب، خلال الجلسة العامة للمجلس، 9 مايو/أيار، نهائيًّا على مشروع قانون مقدم من الحكومة بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية(2021/2022)[17].
وتنص المادة الأولى على أن “يفتح اعتماد إضافي باستخدامات الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021/2022 بمبلغ 6 مليارات جنيه فقط وقدره (ستة مليارات جنيه بالباب الثالث الفوائد)”.
وتنص المادة الثانية على أن “تزاد الموارد العامة للدولة بالباب الخامس الاقتراض بمبلغ 6000000000 جنيه فقط، وقدره ستة مليارات جنيه)”.
فيما نصّت المادة الثالثة على الآتى: “تعدل موازنة الخزانة العامة والجداول المرافقة القانون ربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021/2022 المشار إليه بالآثار المترتبة على الاعتماد الإضافي المنصوص عليه بهذا القانون”[18].
3 – مشروع قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج:
وافق مجلس النواب نهائيًّا على مشروع قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج[19]. ويهدف مشروع القانون إلى تنظيم إجراءات فريضة الحج من خلال تشكيل لجنة وزارية، ولجنة أخرى تنفيذية تضم الوزارات والجهات ذات الصلة للقضاء على بعض السلبيات التي تواجه بعثة الحج المصرية، وتحقيق التعاون بين جميع الجهات المعنية بالحج، من خلال الربط بين تنظيم الإجراءات والبوابة الإلكترونية لمنع تعرض المصريين للغش والتلاعب، بالإضافة إلى مواد العقوبات التي تحقق الردع وإحكام إنفاذ القانون.
وأكدت اللجنة البرلمانية المشتركة من لجنة السياحة والطيران المدني، ومكاتب لجان الدفاع والأمن القومي، والتضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوي الإعاقة، القوى العاملة، الخطة والموازنة، فى تقريرها أن المشروع بقانون يهدف إلى تنظيم توزيع التأشيرات الممنوحة من السلطات السعودية على الجهات المنظمة للحج.
كما تهدف لحماية المواطنين من أي تلاعب في تأشيرات الحج أو تعرضهم للغش، حيث تعد البوابة الإلكترونية آلية لتنظيم سفر المصريين من وإلي المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج من خلال تنظيم وإحكام الرقابة وتحديد اختصاصات الجهات القائمة على تنظيم أداء تلك الفريضة بأنواعها المختلفة، وذلك لأن البوابة الإلكترونية للحج طبقًا للقانون أصبحت هي الأداة الرسمية الوحيدة لتلقي وإدراج جميع طلبات الحج بأنواعه.
4 – مشروع قانون بتعديل قانون مكافحة غسل الأموال:
وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة، الأحد 22 مايو/أيار، على مشروع قانون بتعديل قانون مكافحة غسل الأموال، من حيث المبدأ[20].
وكان المستشار ابراهيم الهنيدي، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، استعرض تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية، عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002.
وقال الهنيدي، إن مشروع القانون يأتى فى ضوء الالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية التي تلزم الدولة بأحكامها لمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين مع ضمان الحقوق والحريات العامة، واتساقًا مع خضوع جمهورية مصر العربية لعملية تقييم نظامها القانوني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بموجب عضويتها بمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي المجموعة الإقليمية “المختصة” بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
- الاتفاقيات الدولية والقرارات الجمهورية
1 – اتفاق قرض البنك الأوروبي لإعادة الإعمار
وافق مجلس النواب على قرار رئيس الجمهورية رقم 122 لسنة 2022 بشأن الموافقة على اتفاق قرض (مترو الإسكندرية) بين جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بمبلغ 250 مليون يورو، الموقع في القاهرة بتاريخ 27/12/2021.
2 – اتفاق القرض الإضافي مع حكومة ألمانيا الاتحادية:
وافق مجلس النواب على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 120 لسنة 2022 بشأن الموافقة على الخطابات المتبادلة بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية بشأن قرض إضافي تصل قيمته إلى 15 مليون يورو بمثابة زيادة لأموال مشروع “إعادة تأهيل محطات كهرباء مائية – المرحلة الثانية”، الموقعة في القاهرة بتاريخي 10/11/2021 و 14/12/2021.
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، تعليقًا على إقرار الاتفاقيتين، إن الاتفاقية الأولى تهدف للمساعدة في تمويل مشروع تطوير خط سكة حديد قائم يربط وسط مدينة الإسكندرية بمنطقة أبوقير التى تقع شمال شرق المحافظة، وتزويده بالكهرباء ليصبح نظام مترو يعمل بكفاءة عالية[21].
وأشادت وزيرة التعاون الدولي بالاستثمارات الضخمة للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر، حيث بلغت منذ عام 2012 نحو 8.6 مليار يورو، في 145 مشروعًا، أكثر من 76 بالمئة من هذه التمويلات تمّ توجيهها للقطاع الخاص، كما كانت مصر أكبر دولة عمليات في منطقة جنوب وشرق المتوسط خلال أعوام 2018 و 2019 و 2020 و 2021.
وفي تعليقها على الاتفاقية الثانية مع الحكومة الألمانية، أكدت وزيرة التعاون الدولي، أن حجم محفظة التعاون الإنمائي مع ألمانيا بلغت 1.7 مليار يورو، في 4 قطاعات، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
3 – الموافقة على الزيادة المؤقتة لرأس مال بنك التنمية الإفريقي:
وافق مجلس النواب على تقرير اللجنة المشتركة، من لجنة الشؤون الاقتصادية، ومكتبي لجنتي الخطة والموازنة والشؤون الإفريقية، عن قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 121 لسنة 2022، بشأن الموافقة على قرار محافظي بنك التنمية الإفريقي رقم 5/2021 الصادر فى 5 مارس/آذار 2021، بشأن التصريح بالزيادة الخاصة المؤقتة لرأس مال البنك القابل للاستدعاء، وأداة اكتتاب جمهورية مصر العربية في إطار الزيادة العامة السادسة لرأس مال البنك.
وتهدف هذه الزيادة إلى تجنب تخفيض التصنيف الائتماني لبنك التنمية الإفريقي عن مستواه الحالي “AAA”، كما أنها زيادة مؤقتة حيث ينقضي أجل هذه الأسهم فى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 ويمكن للبنك إنهائها قبل هذا التاريخ.
4 – الاتفاق مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية:
وافق مجلس النواب، على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 140 لسنة 2022 بشأن الموافقة على اتفاق تمويل التحول المستدام للمواءمة الزراعية في صعيد مصر (ستار) بين جمهورية مصر العربية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، الموقع في روما بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2022 [22].
ويهدف البرنامج للمساهمة في تحسين مستويات المعيشة للفئات المستهدفة في محافظات (المنيا وأسيوط وسوهاج) من خلال دعم هذه الفئات لتطوير القدرة على مواجهة ندرة المياه في المستقبل ومخاطر المناخ عن طريق الاعتماد والتبني المتزايد لتقنيات الإنتاج والري الفعالة، فضلًا عن تحسين إنتاجية وجودة المنتجات المختلفة، بالإضافة إلى تعزيز ربحيتها، وتنويع مصادر دخلها عن طريق مجموعة من المشروعات الصغيرة.
5 – اتفاق الشراكة مع مؤسسة الخبرة الفرنسية:
وافق مجلس النواب، على قرار رئيس الجمهورية رقم 123 لسنة 2022 بشأن اتفاق شراكة «صندوق الخبرة الفنية ونقل الخبرات»، بين مصر ومؤسسة الخبرة الفرنسية والوكالة الفرنسية للتنمية، بشأن تنفيذ مشروع تعاون فني لدعم ونقل الخبرات لمنظومة التأمين الصحي الشامل في مصر، الموقع بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول 2021 [23].
ويهدف الاتفاق، إلى تحديد الطرق التي في إطارها تقدم الوكالة الفرنسية للتنمية تمويلها للحكومة المصرية لدعم إصلاح التأمين الصحي الشامل في كل محافظات مصر ودعم الجهات المستفيدة «الهيئة العامة للرعاية الصحية، الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، وزارة الصحة والسكان، وحدة العدالة الاقتصادية»، بالإضافة إلى مراجعة المخططات والعمليات والأدوات التنظيمية، بما يشمل تعزيز نظام تكنولوجيا المعلومات وتنفيذ عدة أنشطة.
وتجدر الإشارة إلى مسألة الاتفاقات الدولية التي تُوقع بقرار جمهوري ويقرها مجلس النواب، وتختص بتمويلات تحصل عليها الحكومة المصرية من دول ووكالات دولية متخصصة لدعم مشروعات التنمية في الدول الإفريقية أو الدول النامية، وآخرها التمويلات التي أشار إليها الاتفاق المذكور أعلاه بشأن التنمية الزراعية في صعيد مصر ودعم فني لتطوير التأمين الصحي في مصر.
يُلاحظ أن هذه التمويلات المتتابعة التي تحصل عليها الحكومة المصرية لا تتوازى مع التنمية التي تشهدها هذه المجالات التي يُفترض أنها أساس هذه التمويلات، سواء قطاع التعليم أو الصحة أو التنمية الزراعية.
وفيما يوافق مجلس النواب على اتفاقات دولية لدعم مجال الحكومة للنهوض بقطاع الصحة، فإن عددًا من النواب أبدوا انزعاجهم من ردود وزير الصحة على طلبات الإحاطة والتساؤلات التي وجهها إليه النواب في جلسة 10 مايو/أيار أثناء حضور الوزير للإجابة على تساؤلات النواب[24].
وقام القائم بأعمال وزير الصحة، خلال ساعتين، بالرد على أكثر من 120 طلب إحاطة وسؤال وطلبات مناقشة عامة تقدم بها النواب عن سوء الخدمة الطبية بالمستشفيات والوحدات الصحية؛ نتيجة نقص وتهالك المنشآت الطبية ونقص الأجهزة والمستلزمات الطبية ونقص عدد الأطباء وسوء أحوالهم.
ورغم طول الوقت؛ سواء في الاستماع أو الإجابة، لم يقدم الوزير “حسب نواب”، ما يلبي طموحات الأعضاء بشأن الإجابة عن هذه الأسئلة وطلبات الإحاطة، بل كانت مجرد ردود وصفها النائب إيهاب منصور عضو مجلس النواب، بأنها روتينية ولا ترتقي لمستوى المناقشات والمشكلات المعروضة.
وفي خطوات الحكومة المتلاحقة للحصول على تمويلات، أطلقت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة التعاون الدولي، اتفاقًا مع الوكالة الفرنسية للتنمية، في 30 مايو/أيار، أطلق عليه “الاستراتيجية القطرية المشتركة حتى عام 2025، تحت عنوان “من أجل الازدهار المشترك”[25].
الاتفاقية تأتي في سياق استكمال الحوار الموسع الذي تمّ إجراؤه بين الوكالة ووزارة التعاون الدولي منذ بداية عام 2019، بهدف دعم الأولويات التنموية للحكومة، وتوفير التمويلات التنموية والدعم الفني للمشروعات المختلفة.
حيث تمّ توقيع مذكرة تفاهم في يناير/كانون الثاني 2019 بين الوكالة الفرنسية للتنمية ووزارة التعاون الدولي، تمّ تعزيزها في شكل إعلان نوايا بين الوكالة الفرنسية ووزارة التعاون الدولي في ديسمبر/كانون الأول 2020، وتفعيلها بالكامل في صورة الاتفاق الحكومي للمساهمة فى تحقيق التنمية وتنفيذ المشروعات ذات الأولوية فى مصر الذي تمّ توقيعه بين مصر وفرنسا خلال زيارة وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي لمصر في يونيو/حزيران 2021.
وتستهدف الاستراتيجية القطرية المشتركة حتى عام 2025 طرح رؤية للشراكة قادرة على مواءمة أهداف وأولويات مجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية لشمال إفريقيا 2020-2024، مع أولويات التنمية المستدامة للحكومة المصرية والمحددة في رؤية مصر 2030 [26].
الدفتر الفكري والثقافي
شهد مطلع شهر مايو/أيار، حالة من الجدل حول عمل درامي جديد يستغل أزمة اجتماعية في تشويه مفاهيم الدين والتشكيك فيه، وهو الأمر الذي صار يتكرر، بلا رقيب أو حسيب، من أناس تدعمهم الدولة وتفتح لهم الباب على مصراعيه من أجل نشر أفكارهم المريبة باسم التنوير وتجديد الخطاب الديني.
ولهذا فقد سلط الدفتر الضوء على هذا العمل وما فيه من مغالطات، بالإضافة إلى رصد موجة السخرية التي فجرها أحد التصريحات التي صدرت عن رأس النظام، فكانت منطلقًا لانتقاد الحالة السياسية في مصر، ما دفعنا إلى البحث عن السبب في لجوء الشعب المصري إلى هذه الوسيلة في هذا الوقت الذي تعاني فيه البلاد من حالة استبداد غير مسبوقة.
- تشويه المفاهيم الدينية والتشكيك فيها
تذكر كتب التراث أنه عندما كان عمرو بن العاص يحكم مصر، أثناء خلافة عمر بن الخطاب، ظهر رجل مُريب يُسمَّى الأصيبيغ، هذا الرجل بدأ في طرح بعض القضايا التي تشكك في الإسلام وفي النبي والخلافة، وكانت مصر في ذلك الوقت تفتقر إلى العلماء الذين يمكنهم الرد على أكاذيبه، فوصل الخبر لابن العاص، فأرسل إلى الخليفة يُخبره بالأمر، فرد عليه عمر: “إذا وصلك كتابي هذا فأرسل لي هذا الرجل في أول قافلة، وإيَّاك أن تتأخر”.
امتثل ابن العاص للأمر، وأرسل الرجل إلى المدينة، حيث جمع له عمر بن الخطاب كبارَ الصحابة، فدحروا رأيه، وأقاموا عليه الحجَّة، إلا أن الأصيبيغ لم يرجع عمّا كان يقول، فأدرك عمر أنه لا يريد إلا فتنة، فأتى به، وأمر بجلده، حتى ثاب إلى رشده، وقال: “أعاهدك الله ألا أعود لمثل هذا ثانية”، فأمر عمر بإطلاقه، ونفاه إلى الكوفة، فقال له: “يا أمير المؤمنين أرسلني إلى مصر، ففيها أهلي”، فقال عمر: “لا، بل إلى الكوفة، ففيها المغيرة بن شعبة، رجل لا تقوم عنده فتنة”.
وذهب الأصيبيغ للكوفة، وبعد استشهاد عمر، تولى عثمان بن عفان، وفي أواخر عهده بدأت الفتنة الكبرى، وخرج المتمردون عليه، فذهب أحدهم إلى الأصيبيغ، وقال له: “تعال معنا، فالناس تقول ما كنت تقوله”، فنظر له الأصيبيغ، ثم حك ظهره… وقال: “لا، أدبني الرجل الصالح عمر”.
لقد وجد الناس حينها علماء يمكنهم الرد على المشكك الذي خاض في أمور لا علم له بها، فلما رفض أن يثوب إلى رشده، ويعترف بخطئه، ويكف عن بث الشكوك، جاء دور الحاكم الحاسم في الحق، والذي يرى أن التهاون في ذلك يُضيّع الأمة.
واليوم، كثر أمثال الأصيبيغ الذين يشككون في أمور من الدين، ولكنهم لا يجدون مَن يقف لهم من علماء الأمَّة الذين اكتظت بهم السجون وحيل بينهم وبين الناس، بل ويحظون بتأييد الحاكم الذي ييسر لهم كل وسائل الحضور والانتشار، ويعتبرهم طليعة تنويرية جديرة بالحديث في تجديد الخطاب الديني.
فمع نهاية شهر رمضان الذي صادف مطلع مايو/أيار، عرضت الحلقات الأخيرة من مسلسل “أمل فاتن حربي”، الذي كتب أحداثه إبراهيم عيسى، الذي اعتاد أن يثير الشكوك في أمور الدين التي يخوض فيها بلا علم، فيُحدث حالة من الجدل، ثم سرعان ما يُعيد الكرَّة، حتى إنه لم يكد يخرج من معركته الأخيرة حتى بشر الناس بأنه سوف يُقدِم على تفسير القرآن الكريم، رغم أنه لا يُعرَف عنه التخصص في علوم التفسير.
تدور أحداث المسلسل الذي أذيع في رمضان، وهو موسم الهجوم على الإسلام والعاملين له وتشويه مفاهيمه وتعاليمه، حول امرأة تعاني وطفلتها من مشكلات مع طليقها وتواجه بعض العقبات بسبب قانون الأحوال الشخصية، الذي يحرمها من أطفالها إذا تزوجت من رجل آخر.
تعرّض المسلسل للعديد من الانتقادات بسبب توجه مؤلفه، الذي ينادي بفصل القانون عن الشريعة الإسلامية، التي يعتمدها القانون المصري كمصدر أساسي في التشريع، ويتعمّد الربط بين الشريعة الإسلامية والحقوق المسلوبة من المرأة في حالة الطلاق، بالإضافة إلى محاولاته الترسيخ لفكرة أن الشخص المتدين دائمًا ما يكون متشددًا ولا يتقبل الأفكار الأخرى، وقد يستخدم الشريعة لتحقيق أهدافه في قمع المرأة[27].
وكالعادة، لم يرد الأزهر بشكل مباشر على تشويه إبراهيم عيسى وصناع المسلسل للمفاهيم الدينية، وترك الأمر لمركز الفتوى الذي لمَّح ولم يُصرّح، حينما انتقد الشَّحن السَّلبي المُمنهج في بعض الأعمال الفنيّة تجاه الدّين؛ بنسبة كل المعاناة والإشكالات المُجتمعية إلى تعاليمه ونُصوصه؛ واعتبر ذلك تحيزًا واضحًا ضدّه، واتهامًا له بضيق الأفق والقصور، ونذير خطر يؤذن بتطرف بغيض فيه أو ضدّه، ويهدّد الأمن الفكري والسِّلم المجتمعي[28].
ورصد المركز في بيان له الأخطاء والمغالطات التي وردت بالمسلسل، وأبرزها ما يلي:
- تشويه المفاهيم الدينية والأخلاقية، وهو ما يعود أثره السلبي على استقامة المجتمع وانضباطه وسلامه.
- تعمد تقديم عالم الدين في صورة الجاهل، الإمعة، معدوم المروءة، دنيء النفس.
- الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وتحريف معانيها عمّا وُضِعت له عمدًا، وعَرْض تفسيرات خاطئة لها على أنها صحيحة بهدف إثارة الجدل.
- طرح القضايا الدينية والمجتمعية العادلة في قوالب مشبوهة يظلم هذه القضايا، واستخدام المنهج الانتقائي الموجه في عرض مشكلة مجتمعية.
- نسبة الأوصاف الشائنة لعلماء الأمة تدليسٌ، ووصاية، وخلط متعمَّد؛ يهدف إلى تشويههم، وإسقاط مكانتهم ومقامهم، كما يهدف إلى تشويه مفاهيم الدين الحنيف، وتفريغه من محتواه.
ورد البيان على تلك الأخطاء والمغالطات بجملة من الأسس والقواعد الثابتة لدى علماء المسلمين، ومنها:
- لا كهنوتية في الإسلام، ولم يدَّعِ أحد من الأئمة والفقهاء العصمة لنفسه على مرِّ العصور، بل كلهم بيَّن ما رآه حقًّا وفق أدوات العلم ومعايير التخصُّص على وجه الإيضاح، لا الإلزام.
- السُّنة النبويّة الصحيحة ثاني مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، وهي التطبيق العملي له، وأولى أدوات فهمه واستنباط أحكامه، ومحاولة تهميشها وتنحيتها؛ محاولةٌ لهدم عِماد من عُمُد الدين.
- إجماع العلماء المتخصصين المجتهدين في أحد العصور على حكم شرعي حُجَّة معتبرة، لا يجوز مخالفتها، لا لكون آحاد هؤلاء العلماء معصومًا كما يُزعَم، بل لاستحالة خطئهم مُجتمِعين في فهم نصٍّ، دلَّت على صِحَّته أدوات العلم والاستنباط، التي تخصصوا فيها وأتقنوها.
- شريعة الإسلام شريعة مُتكاملة معصومة تُصلِح كلَّ زمان ومكان، واجتهادات الفقهاء على مَرّ العصور رسَّخت منهجًا للفهم والتطبيق يستفاد منه في استخراج آراء جديدة تناسب تطوّر الواقع ومُستجداته، وتراعي مصالح النّاس.
- تجديد الفكر وعلوم الإسلام حِرفة دقيقة يُحسنها العلماء الراسخون في المحاضن العلمية المُتخصصة، قبل نشره على الشاشات أو بين غير المُؤهَّلين، والفكر المتطرف في أقصى جهتيه جامد يرفض التجديد بالكلية في جهة، أو يُحوِّله إلى تبديد للشَّرع وأحكامه في الجهة الأخرى.
- تصوير بعض الأفراد للتراث الإسلامي كعدوٍ للمرأة، واستخدام الإعلام والدراما لتشويه هذا التراث؛ فكر خبيث مغرض يستبيح الانحرافات الأخلاقية ويحاول تطبيعها، كما يستهدف تنحية الدين جانبًا عن حياة الإنسان وتقزيم دوره، ويدعو إلى استيراد أفكار غربية دخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية، بهدف ذوبان هويَّتها وطمس معالمها.
لم تكن هذه هي المرة الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، لإبراهيم عيسى وأمثاله من أولئك الذين يشككون في الدين ويثيرون الشكوك حول تعاليمه، خاصّة وأنه وأمثاله هم رأس الحربة التي يستخدمها النظام في حربه على معارضيه، وفي القلب منهم التيّار الإسلامي، باسم التنوير، وتحت مظلة تجديد الخطاب الديني.
- السخرية الشعبية في زمن الاستبداد
ثمَّة أليَّة دفاعية تلجأ إليها الشعوب والمجتمعات في مواجهتها للظلم والحكم الاستبدادي، وهي السخرية التي تنتشر في الوقت الذي تحظر فيه أجهزة الأمن جميع النشاطات السياسية والاجتماعية والثقافية المعارضة، وتجرد الأحزاب والجمعيات من قواعدها الشعبية.
وتتمثل السخرية في الاستهزاء والاستظراف واستخدام الدعابة القاسية والتهكم على نفاق الإنسان وأخطائه وخطاياه وحماقته، ومهاجمة المؤسسات والأفكار التقليدية، وكذلك كل جوانب النقص والسلوكيات الاجتماعية والسياسية الخاطئة لدى الجماعات أو المؤسسات وانتقاد الفساد، وكذلك اللامبالاة الأخلاقية والسلوكية[29].
وتحويل المأساة أو الوضع البائس أو الظرف السيء إلى مادة فكاهية ظاهرة شاعت في العالم العربي، فقد بات كل قرار أو ممارسة سياسية أو قرار اقتصادي لا خلاف بأنه خطيئة بل جريمة، مادة خصبة للتندر، وهناك من يبدع ويحترف في تحويلها إلى مادة للضحك؛ سواء عبر رسوم كاريكاتورية، أو عبر برامج ما يعرف بـ”التوك شو”، أو باستخدام مقاطع من مسرحيات كوميدية معروفة أو أفلام. أو عن طريق النكات أو العبارات الساخرة التي تصدر عن الأفراد العاديّين الذين صارت لهم نافذة يستطيعون الظهور من خلالها، وهي وسائل التواصل الاجتماعي.
وبلا شك، هذه الظاهرة تهدف أساسًا إلى التعبير عن رفض السياسات ومَن يصنعها، والسخرية منهم بهذا الأسلوب، عبر جعل الاهتمام بالشأن العام متاحًا للجميع ومحل متابعة واسعة من كافة طبقات المجتمع من بوابة الكوميديا[30].
ويُعرَف الشعب المصري بأنه يتمتع بروح الفكاهة وخفة الدم أكثر من غيره، مقارنة مع الشعوب المجاورة، بل على مستوى العالم ككل، وذلك على الرغم من الظروف الاقتصادية التي يعاني منها المصريون. وهو ما أكد عليه الباحث الألماني، راينر شتولمن، الذي يعلل ذلك في دراسة له بأن الضحك يُعَد المنفذ الوحيد للإنسان الذي يشعر بعدم الرضا عن وضعه، ولهذا يُعبّر بواسطته عن غضبه على الوضع الذي يصعب تغييره[31].
وبحسب قول الدكتور محمد رجب النجار، فإنه “إذا غلبت على المصري محنة النقمة، فملاذه النكتة والفكاهة يُروِّح بها عن نفسه، ويجنح إلى السخرية”. ويرى الدكتور عبد الحميد يونس أن النكتة الساخرة يرسلها الشعب المصري في أحلك الظروف وفي أصعب الأوقات وأحلك المناسبات[32].
تفجرت آخر موجة للسخرية في مصر بعد تصريح السيسي عن “أكل ورق الشجر”، حينما قال: “هاقول لكم على أمر وأرجو الناس ماتفهمنيش غلط فيه، النبي حُبس وحوصر في شعاب مكة ثلاث سنوات، وكان جبريل بينزل عليه بالوحي، لا الصحابة والتابعين ساعتها قالوا له، والنبي جيبوا لنا ناكل، ولا المية تتفجر تحتنا، ده ربنا بقى كن فيكون، قعدوا 3 سنين لدرجة وصلوا ياكلوا ورق الشجر، إحنا مش كده، إحنا أصلب من كده، أصلب من كده بكتير”[33].
وكالعادة، لم يتأخر الشعب المصري عن التقاط التصريح، والسخرية منه، ولكن سخريته لم تقتصر على تصريح السيسي عن أكل ورق الشجر، وإنما اتسعت دائرتها لتشمل نقدًا لاذعًا للنظام بكل مكوناته، بداية من رأسه ومشروعيته، ومرورًا بإدراته ومؤسساته ورجاله، ووصولًا إلى مواقفه من المعارضة، ما يدل على وعي المصريين بما يدور حولهم، ويؤكد عدم انخداعهم بما يروجه النظام من خلال أذرعه الإعلامية عن الجمهورية الجديدة والنقلة التي انتقلتها مصر في عهد السيسي.
كانت البداية مع سخرية المصريّين من مشروعية رأس النظام التي تستند إلى الادعاء بأنه جاء لإنقاذ الشعب المصري الذي “لم يجد من يحنو عليه”، وهو ما سخر منه أحد المواطنين من خلال حوار تخيّله بين السيسي ورئيس مخابراته، عبّاس كامل، جاء فيه:
- الشعب لم يجد من يحنو عليه يا عبّاس.
- هنعمل إيه يا أفندم؟
- هنأكله ورق الشجر.
وأشار مواطن آخر إلى لجوء السيسي إلى الموروث الديني في تبرير فشله في القضاء على الأزمات السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال السخرية من لجوئه إلى الدين، وهو الذي يتهم معارضيه من الإخوان المسلمين بخلط الدين بالسياسة، وهي مفارقة أثارت سخرية القائل: “بيقول الاخوان بيخلطو السياسة بالدين، وكل ما يمسك الحديدة يقعد يدينا محاضرات عن سيدنا سليمان وسيدنا محمد والصحابة وورق الشجر وحاجة في منتهى النفاق”.
وهناك من سخر من تكرار تشبيه السيسي حاله بحال الأنبياء، فقال: “ما شاء الله. إنت كمان بقيت نبي؟ وبعدين الرسول (ص) كان محاصر مع الناس.. مكنش باني لنفسه قصور وبيشتري أقل ساعة عنده بـ2 مليون جنيه.. دخل الشعب يعيش في العاصمة الإدارية وخليهم يركبوا عرباتكم ويعيشوا في مستواكم وهم هيصبروا ويتحملوا، إنت هتقول أنا ربكم الأعلى إمتى صحصح؟”.
وعلى نفس الدرب، سار مواطن آخر بقوله: “لكن النبي عليه الصلاة والسلام ما حاصر المسلمين، ولا تعاون مع اليهود ضد المسلمين، ولا خطف المسلمين وعذبهم، ولا ارتكب مجازر ليأخد حكم، ولا منع السفر والطعام ضد المسلمين، ولا سجن شباب مسلمين، ولما أفرج عنهم كانت عقول الشباب قد ذهبت من أهوال التعذيب”.
وطالت السخرية مؤسسات الدولة، التي استغل المواطنون تصريح السيسي في انتقاد أدائها الذي لا يعود بالنفع على الناس، وإنما هي مسخرة لخدمة النظام.
وفي هذا السياق، نشر أحدهم صورة لكبار قادة القوات المسلحة وهم يتناولون الطعام على مائدة فاخرة، وعلق ساخرًا: “الجماعة وهما محاصرين في شعب أبي بلحة وبياكلوا ورق الشجر”.
كما استدعى البعض مشهد الضباط الذين وقفوا أمام السيسي معرفين أنفسهم بأنهم قادة مقاتلون على خطوط إنتاج الجمبري والخضروات والدواجن، فقال أحدهم على لسان ضابط منهم: “قائد مقاتل خط ورق الشجر يا افندم”.
ونسب مواطن تصريحًا لوزير التموين المصري، يسخر فيه من أداء الوزارة، قال فيه: “عاجل وزير التموين: سيتم إدراج ورق الشجر في تموين شهر يونيو، وإضافة ورقتين شجر لكل مواطن في رمضان القادم، وتحيا ماسر تلات ورقات”.
أما المؤسسة الدينية التي اعتادت توظيف الدين في تأييد وتبرير النظام الحاكم، فقد كان لها نصيب من سخرية المواطن المصري، حيث سخر أحدهم من وزير الأوقاف الذي تجاوز كل الحدود في دعمه للنظام، فنشر له صورة على المنبر، وقال على لسانه: “من أكل ورق الشجر وقال تحيا ماسر تلات مرات دخل الجنة”.
كما سخر آخر من دار الإفتاء التي سَيَّست الفتوى الشرعية، وأهانت هذا الصرح العظيم بفتاويها العجيبة لتأييد النظام ومهاجمة معارضيه، فنسب إليها فتوى ساخرة، قال فيها: “دار الإفتاء: أكل ورق الشجر مفيد لغفران الذنوب، ويساعد في تفتيح لون البشره”.
وكان لوسائل الإعلام المصرية نصيب من سخرية المصريين، تلك الأذرع الإعلامية التي لا تعبر عن المواطنين، بل لا تتورع عن استفزازهم، كما حدث من عمر أديب، حينما طالب المصريين بأن يتوقفوا عن تناول البيض “الأورجانيك”، فسخر أحدهم قائلًا: “مش لازم ناكل ورق شجر أورجانيك، ماله ورق الشجر العادي؟”.
ولم ينس المصريون ملف سد النهضة الذي فشل النظام في إدراته، ولم يستطع أن يوقف إثيوبيا عند حدها، فراحت تنفذ مشروعها متجاهلة الجانب المصري الذي اكتفى بالإدانة وتسول الدعم الخارجي للضغط على أديس أبابا التي تستعد للملء الثالث، فقال أحدهم: “أحب أقولكم إن بعد الملء الثالث، مش هيبقي فيه مياه و مش هيبقي فيه ورق شجر تاكلوه”.
وفي إشارة ساخرة إلى استخدام النظام للمعارضة المصرية، وفي القلب منها الإخوان المسلمين، “أهل الشر” كما يراهم السيسي، كشماعةٍ لكل إخفاقاته، سخر مواطن مصري قائلًا: “العثور على ٤٠ مليون طن ورق شجر في شقة الإخوانى حسن مالك”.
سخر المصريون من تصريح شعروا أنه تمهيد لمنحدر جديد من منحدرات الفقر، وإعلان رسمي عن فشل النظام في معالجة الأزمات التي تسبب في حدوثها، وأطلقت سخريتُهم – التي أظهرت وعيهم بما يحيط بهم – الضحكَ، ولكنه “ضحك كالبكاء” كما قال المتنبي، لأن “شر البلية ما يُضحِك”.
الدفتر الإعلامي
يعرض الدفتر الإعلامي لشهر مايو/أيار 2022، عددًا من القضايا التي تناولها الإعلام باهتمام على مدار الشهر وأثارت حالة من الجدل بين المنصات الإعلامية.
وعلى رأس هذه القضايا التي تناولتها وسائل الإعلام بشكل مكثف مسألة الحوار الوطني، وذلك عن طريق إجراء عدد من اللقاءات التليفزيونية والصحفية، وكتابة المقالات والتقارير والتحقيقات المختلفة، من أجل الترويج للحوار الوطني والتأكيد على عدم مشاركة الإخوان المسلمين فيه وإبعادهم عن ساحة “القوى الوطنية”.
كما يتناول الدفتر الإعلامي انطلاقة قناة “مكملين” الفضائية في الخارج من جديد بعد إغلاق مكتبها في تركيا. وأخيرًا، التناول الإعلامي لأزمة وزيرة الهجرة المصرية.
- التناول الإعلامي المصري للحوار الوطني
منذ أن أطلق النظام المصري، ممثلًا في السيسي، دعوته للحوار الوطني، ودون إعلان أية خارطة عمل أو محاور لهذا الحوار، تناولت كل وسائل الإعلام المصرية الخاصة والحكومية مسألة الحوار الوطني، وأدارت نقاشات بشأنه على شاشات الإعلام، كما صدر الكثير من التقارير، وأُجريت العديد من التحقيقات والمقابلات الصحفية عن صداه كذلك.
الإعلام عمل على التمهيد للحوار الوطني من خلال أمرين، أولهما الترويج للنظام، وهو الدور الأساسي المنوط بوسائل الإعلام، فما أن أطلق النظام دعوته حتى تمّ ملاحظة خطاب جديد تمامًا في وسائل الإعلام يدعو إلى الانفتاح وطي صفحة الانسداد السياسي طيلة سبع سنوات مضت، والتي اعترف بها الإعلام في إطار أنها كانت “ضرورة وطنية”.
كما تمّ تسليط الضوء على حالة الحوار والأفق الواسع للنظام وحرصه على المصلحة الوطنية، من خلال تسليط الضوء على خطابات السيسي، واستدعاء وجوه سياسية ومعارضة كانت قد غابت عن المشهد تمامًا، إيذانًا بأن مصر تشهد مرحلة جديدة.
وبالتوازي مع هذه الإجراءات، سلطت وسائل الإعلام الأضواء على “لجنة العفو الرئاسي”، والتي قالت إنها تشمل جميع معتقلي الرأي، والذين تمّ القبض عليهم في ظروف استثنائية، وتمّ تسليط الضوء على بعض الإفراجات التي تمَت مؤخرًا.
ورغم قلة الإفراجات فإن طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، قد صرح بوضوح أن اللجنة لها خطوط حمراء فيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، وأنه لا يشملها عمل لجنة العفو الرئاسي[34]، باعتبارها جماعة إرهابية تمثل “خطورة على الأمن القومي” كما يصنفها النظام.
ووجه العوضي جملة من الاتهامات إلى الإخوان في تصريح له، ردًّا على هجوم إعلام الإخوان على ما يُسمَّى “لجنة العفو”، وقال: “إن هذا الهجوم واضح للجميع أنه مبرر جدًّا من جانب جماعة الإخوان الارهابية وحلفائهم الهاربين في إسطنبول وعدد من الدول والذين يقيمون اللطميات على المحبوسين ويتاجرون بهم ويجمعون ملايين الدولارات من التبرعات تحت مزاعم الإنفاق على المحبوسين وأسرهم، وهو ما لا يحدث في الواقع علي الإطلاق، وهذه الأموال يتم إنفاقها على هؤلاء الهاربين في الخارج”[35].
يتبين من هجوم العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، أنه يتنبى ما تروجه وسائل الإعلام من اتهامات “بالجملة” للمعارضين في الخارج وعلى رأسهم جماعة الإخوان، دون تغير في أدبيات هذا الخطاب، وهو ما يعني محدودية دور لجنة العفو، حتى تتماشى فقط مع خطة النظام الحالية.
وهنا تأتي ثاني النقاط، فيما يتعلق بتناول الإعلام لمسألة الحوار الوطني، بعد الترويج للنظام، وهي الخطوط الحمراء في الحوار الوطني والكيانات والجهات التي لن يشملها هذا الحوار، وعلى رأس هذه الكيانات جماعة الإخوان المسلمين.
فعلى الرغم من أنه لم يصدر أي تصريح رسمي من قبل النظام، إلا أنه أعلنها صراحة من خلال كم هائل من الكتابات والمقالات واللقاءات الإعلامية مع سياسيين ورؤساء أحزاب، تدور جميعها حول “عدم إمكانية مشاركة الإخوان المسلمين في الحوار الوطني”.
وقلل محللون ومراقبون من فكرة انفتاح النظام على جماعة الإخوان في الوقت الحالي، فالنظام في موقع قوة وليس ثمّة ما يدفعه إلى تقديم تنازل مجاني لها.
تساءل الإعلامي مصطفى بكري، “من قال إن الدولة في طريقها إلى التصالح مع الإخوان، وليس معنى قول الرئيس السيسي عن مرسي “الله يرحمه” أن الدولة سوف تصالح الإخوان، وذكر أن الموقف من جماعة الإخوان معروف فهي جماعة “احتكمت إلى السلاح وحرضت على القتل”.
من جانبه علق عمرو أديب، مقدم برنامج “الحكاية”، المذاع على قناة إم بي سي مصر: “العجب كل العجب، أنه الكام يوم اللي فاتوا، في ناس بتتكلم عن الحوار الوطني وهي غير مدعوة، لا هما من أهل العريس ولا العروسة”[36].
وتابع أديب: “الحوار الوطني فيه أبناء الوطن، اللي مش من أبناء الوطن مش جوه الحوار، وهو يضم دائرة فيها ناس عايزه تحافظ على الوطن مش تهده”[37].
وأكمل أديب: “مستغرب إني ألاقي الإخوان وفصائل المعارضة في الخارج، بيحطوا شروط لحضورهم الحوار الوطني، هو حد دعا هذه الفصائل المعارضة، للحوار الوطني انتوا مالكوا ومال الحوار الوطني؟”[38].
- قناة مكملين بالخارج “انطلاقة جديدة”
في بداية مايو/أيار، أعلنت قناة “مكملين” الفضائية إغلاق القناة في تركيا[39]، وهي الخطوة التي جاءت في سياق التقارب المصري التركي، حيث كان إغلاق قناة “مكملين” أحد مطالب النظام المصري كإحدى خطوات بناء الثقة مجددًا مع الجانب التركي.
وكانت تركيا قد بدأت بالفعل من تقليل مساحة المعارضة المصرية في تركيا في الظهور الإعلامي، وذلك من خلال إنهاء ظهور بعض الوجوه الإعلامية المعروفة في تركيا تباعًا، إلى أن تمّ إغلاق قناة مكملين نهاية أبريل/نيسان 2022.
ويذكر أن السلطات التركية كانت قد أوقفت برامج عدد من المذيعين المعارضين للنظام، على رأسهم محمد ناصر وحمزة زوبع وهشام عبدالله وحسام الغمري وهيثم أبو خليل، وحذرت آخرين من تكرار الأمر معهم ما لم يلتزموا بوقف انتقادهم لمصر التي بدأت أنقرة اتخاذ خطوات للتقارب معها.
وفي حين اعتبر النظام المصري أن هذه خطوة من خطوات تساقط أذرع جماعة الإخوان في الخارج والتي سيلحقها الكثير من الإخفاقات، وفق محليين وإعلاميين مصريين، فإنه لم يمضِ سوى شهر حتى أعلنت قناة مكملين في الخارج عن عودة جديدة من عواصم غربية[40]، بإطلالة أبرز الوجوه الإعلامية المعروفة.
وبثت صفحة قناة مكملين على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة إعلانات تؤكد نيتها العمل مرة أخرى تحت شعار “لسه مكملين”.
كما بثت إعلانات للمذيع محمد ناصر يؤكد فيها عودته ببرنامج “مصر النهارده” الذي كان يقدمه لسنوات قبل رحيله عن القناة في وقت سابق. وبث ناصر الإعلانات نفسها أيضًا على صفحاته بمواقع التواصل[41].
ومن جانبه، أعلن الإعلامي أسامة جاويش، الذي غادر قناة الحوار اللندنية قبل أيام، انضمامه مُجددًا إلى قناة مكملين في عودتها الأخيرة، والتي عمل بها قبل 8 سنوات[42].
وتمثل عودة القناة المعارضة من جديد أحد أسباب الإزعاج للنظام المصري، وذلك أن الإعلام المصري بشهادة، بعض المقربين من النظام، أصبح لا يمثل مصدر ثقة لدى المواطنين، وهذه أزمة كبيرة إذ يعتبر النظام أن الحرب الإعلامية إحدى أهم حروب هذا الجيل في شكلها الحديث، كما ذكر اللواء سمير فرج في تحقيق لـ”الأهرام”[43].
ويزعم ماهر فرغلي، الباحث في شئون جماعات الإسلام السياسي، أن جماعة الإخوان تمتلك جيشًا إلكترونيًّا ولجانًا وكتائب على «السوشيال ميديا» تمارس نشاطها من داخل مصر وخارجها، مشيرًا إلى أن العمل الحركي الإخواني يعمل على الاقتصاد والسياسة، والدعوة والعمل الحركي جزء من النظام السري للإخوان، والإعلام والاستقطاب جزء من العمل الحركي ككل.
وحول ما يثار عن زيادة الشائعات على السوشيال ميديا ودور الدولة في مواجهتها، تقول الدكتورة نعايم زغلول مدير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء إنه لا شك أن التطور التكنولوجي قد أسهم في زيادة معدلات انتشار الشائعات، وهو ما تمّت ملاحظته من خلال قيامنا بمهام مواجهة الشائعات والرد عليها منذ عام 2014 وحتى الآن.
وأضافت الدكتورة نعايم زغلول أنه من واقع مسئوليتنا عن إدارة ملف الشائعات فإنه يمكن القول إن الشائعات قد تزايدت خلال العامين الماضيين بشكل كبير وذلك بسبب حجم الإنجازات التي تحققت في مختلف المجالات.
يعتقد كثير من الرموز السياسية والإعلامية في مصر أن إعلام الخارج يدير مسألة الشائعات بشكل ممنهج، كما يروج لإنجازات النظام، في حين أن النظام دائمًا ما يسعى إلى التعامل مع إعلام الخارج بشكل أمني قدر المستطاع، دون أن يكون إعلام النظام هو الواجهة البديلة محل الثقة لدى المواطنين.
- الإعلاميّون يتضامنون مع وزيرة الهجرة
ثارت حالة من الجدل مؤخرًا حول اتهام نجل وزيرة الهجرة نبيلة مكرم، في جريمة قتل بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد التحفظ عليه واستدعائه للمحاكمة في أمريكا، في ظل توقعات بأحكام قاسية وفقًا للقانون الأمريكي.
تضامن عدد كبير من الإعلاميين في مصر مع الوزيرة نبيلة مكرم في مواجهة هذه المحنة التي تتعرض لها، والتي قد تسبب نوعًا من الإحراج للقيادة السياسية في مصر كما أشار الإعلامي عمرو أديب، داعيًا الوزيرة إلى أخذ أجازة مفتوحة لحين انتهاء القضية[44].
وأضاف أديب أنه يمكن لوكيل الوزارة أن يتابعها لكن رحمة بها ومنعًا للحرج للإدارة، يجب منحها إجازة وليس إقالة، متابعًا: يمكن تروح تاخد نفسها وتقعد جنب ابنها. وتابع: كل الدعم لهذه السيدة في المصيبة التي تعيش فيها وإنه لا يرى أن يتم تحميلها مسؤولية في هذا الأمر.
الأمر كذلك مع أبرز الوجوه الإعلامية في مصر، حيث تضامنوا بشكل واسع مع وزيرة الهجرة[45]، وأشار تقرير في صحيفة الوطن إلى تضامن عدد من الوجوه الإعلامية أبرزهم لبنى عسل، نشأت الديهي، ولميس الحديدي، إذ أكدوا على دعمها في محنتها “الإنسانية” على حد وصفهم.
على الجانب الآخر، شهدت منصات التواصل تذكيرًا بموقف الوزيرة المتشدد من معارضي الخارج، إذ أشارت إليهم في أحد تصريحاتها سابقًا قائلة: “اللي هيتكلم على مصر هنقطعه”، محذرة بذلك معارضة الخارج.
تحول الجدال الإعلامي في قضية “ابن الوزيرة” من بحث القضية ذاتها، وهل تستحق الوزيرة العقاب عليها أم لا، إلى البحث في مسألة الكيل بمكيالين، فالذين دافعوا ويدافعون بقوة عن الوزيرة تحت زعم “عدم أخذها بوزر ابنها لأن ذلك ليس من العدل” لم يلتفتوا إلى اعتقال العشرات من أقارب السياسيين والإعلاميين في الخارج، لا لشيء سوى لقرابتهم بذويهم في الخارج، وهم ما يزالون رهن الاعتقال التعسفي إلى اليوم.
[1] مصر اليوم، الرئيس السيسى: الجيش أنفق مليار جنيه شهريا فى 84 شهرا لمواجهة الإرهاب، 26 أبريل/نيسان 2022، https://bit.ly/3O9qiwd
[2] BBC عربي، الجيش المصري يعلن مقتل 11 عسكريا وإحباط “هجوم إرهابي” على محطة مياه شرقي قناة السويس، 7 مايو/أيار 2022، https://bbc.in/3tvBqLV
[3] نبض، نتيجة للأعمال البطولية لقوات إنفاذ القانون نال شرف الشهادة ضابط و(4) جنود كما أصيب جنديين أخرين، 11 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3xQ16FX
[4] العربي الجديد، قتيلان من المجموعات المساندة للجيش المصري في سيناء، 15 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3x0dt1q
[5] أفريقا برس، هجوم شرقي قناة السويس: محاولة للتشويش على نجاحات الجيش المصري، 9 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3a9rgdl
[6] العربي الجديد، زيادة عدد قتلى الجيش المصري في سيناء: الأسباب والنتائج، 14 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/38ZxU5B
[7] الدستور، ضياء رشوان منسقًا عامًا للحوار الوطنى.. ومحمود فوزى رئيسًا للأمانة الفنية، 8 يونيو/حزيران 2022، https://bit.ly/3QbAxBZ
[8] رصد، محمد أنور السادات ينتقد إسناد الحوار الوطني لجهة تابعة لـ«أجهزة معينة»، 16 مايو/أيار 2022، https://rassd.news/513344.htm
[9] مصر اليوم، برلماني مصري لـ «عكاظ»: لا مكان لـ«الإخوان» في الحوار الوطني، 21 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3tuKd0K
[10] أفريقيا برس، شخصيات مصرية توقّع عريضة تشترط إثبات جدّية حوار السيسي، 9 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3zNfvnJ
[11] الخليج، محكمة مصرية تقضي بسجن عبد المنعم أبو الفتوح ومحمود عزت 15 عاماً، 29 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3aVWapS
[12] العربي الجديد، سد النهضة: مفاوضات “فنية” ثلاثية بالإمارات تفشل باختراق موقف إثيوبيا، 25 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3z55v8Q
[13] المصدر السابق.
[14] السودان اليوم، إثيوبيا تقر باحتمال تضرر مصر والسودان من ملء سد النهضة، 28 مابو/أيار 2022، https://bit.ly/3lZ8JTK
[15] اعتمد الدفتر الاقتصادي في موضوعه الرئيس هذا الشهر عن الموازنة، على أرقام البيان المالي لموازنة عام 2022/2023، والمتاح على موقع وزارة المالية المصرية عبر هذا الرابط
[16] المصري اليوم، النواب يوافق على مشروع قانون بإنشاء وتنظيم محطة الزهراء لتربية الخيول، 9 مايو/أيار 2022،
[17] اليوم السابع، النواب يوافق على اعتماد إضافي بالموازنة العامة بـ 6 مليارات جنية، 9 مايو/أيار 2022،
[18] فيتو، النواب يوافق على اعتماد إضافي بـ6 مليارات جنيه بموازنة 2021/2022، 9 مايو/أيار 2022،
[19] اليوم السابع، النواب يوافق على قانون تنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية للحج، 24 مايو/أيار 2022،
[20] مصراوي، النواب يوافق على تعديلات قانون غسيل الأموال من حيث المبدأ، 22 مايو/أيار 2022،
[21] الدستور، النواب يوافق على اتفاقيتين بشأن مترو الإسكندرية وإعادة تأهيل محطات كهرباء مائية، 24 مايو/أيار 2022،
[22] الأهرام، النواب يوافق على اتفاقية دولية بشأن التنمية الزراعية، 9 مايو/أيار 2022،
[23] مجلس النواب المصري، النواب يوافق على قرار رئيس الجمهورية رقم 123 لسنة 2022، 9 مايو/أيار 2022،
[24] مصراوي، برلمانيون برلمانيون يفندون ردود وزير الصحة على طلبات الإحاطة: مجرد مسكنات، 14 مايو/أيار 2022،
[25] اليوم السابع، إطلاق الاستراتيجية المشتركة بين مصر والوكالة الفرنسية للتنمية حتى عام 2025، 30 مايو/أيار 2022،
[26] المصدر السابق.
[27] الجزيرة، فاتن أمل حربي.. مطلقة في مواجهة صفرية مع قوانين الأحوال الشخصية، 7 أبريل/نيسان 2022، https://bit.ly/3NH679h
[28] CNN بالعربية، الأزهر يحذر بـ19 نقطة من الاستهزاء بالقرآن والسنة ويؤكد دعم “الإبداع المستنير”، 16 ابريل/نيسان 2022، https://cnn.it/3NEa0eW
[29] شاكر عبدالله، التراث والتغير الاجتماعي “الفكاهة وآليات النقد الاجتماعي”، القاهرة، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، 2004، ص36.
[30] الجزيرة، السخرية والنِّكات لا تزحزح عرش الطاغية، 27 سبتمبر/أيلول 2020، https://bit.ly/396AI0N
[31] RT عربي، باحث ألماني: المصريون يتمتعون بروح الفكاهة الأكبر، 3 يوليو/تموز 2022، https://bit.ly/3zpuEv0
[32] الراية القطرية، تاريخ الفكاهة في مصر، 6 يونيو/حزيران 2020، https://bit.ly/3zliu6h
[33] رصد، السيسي: النبي محمد وصحابته أكلوا ورق الشجر ومحدش اعترض، 21 مايو/أيار 2022، https://bit.ly/3Q4qqPq
[34] حفريات، هل تعفو السلطات المصرية عن قيادات إخوانية، مسؤول بلجنة العفو يجيب، 31 مايو/أيار 2022،
[35] تحيا مصر، عضو لجنة العفو الرئاسي يرد على هجوم الإخوان، يتاجرون بالمحبوسين، 3 مايو/أيار 2022،
[36] مصر 2030، عمرو أديب عن تدخل الإخوان في الحوار الوطني “انتو مالكو”، 3 يونيو/حزيران 2022،
[37] المصدر السابق.
[38] المصدر السابق.
[39] مونت كارلو الدولية، قناة مكملين المعارضة تعلن إغلاق مكتبها في تركيا، 2 مايو/أيار 2022،
[40] الجزيرة، قناة مكملين تعلن العودة من كل ميادين العالم، ومحمد ناصر يعود إلى مكملين، 4 يوينو/حزيران 2022،
[41] المصدر السابق.
[42] يوتيوب، صفحة قناة مكملين، عودة أسامة جاويش، 3 يونيو/حزيران 2022،
[43] بوابة الأهرام، صناعة الكذب استراتيجية الإخوان لهدم الدولة، 11 مايو/أيار 2022،
[44] أخبار اليوم، عمرو أديب لنبيلة مكرم، بدعي لابنك يأخذ ما يستحقه، 29 مايو/أيار 2022،
[45] الوطن، إعلاميون يدعمون وزيرة الهجرة: «لا داع للمزايدات.. وربنا يقويكِ»، 28 مايو/أيار 2022،