مسار التقارب بين السيسي ونظام الأسد.. الأبعاد والدوافع
المحتويات
- مقدمة
- العلاقات عقب انقلاب 2013 مباشرة
- دعم سياسي مصري محدود
- تسارع اللقاءات وإعادة تأهيل الأسد
- أسباب تصاعد دعم السيسي للأسد
- أسس التقارب بين الطرفين
مقدمة
شهدت الأشهر الأخيرة، وبالتحديد منذ الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير/ آذار 2023، سباقًا بين قوى عربية لتطبيع علاقاتها مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وإعادة تأهيله وضمه للجامعة العربية من جديد. ويمكننا ملاحظة أن مصر في القلب من هذه الدعوات المتصالحة من الأسد.
لكن يمكننا القول إن موقف النظام المصري لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج مسار بدأ منذ الانقلاب على أول رئيس مصري منتخب، محمد مرسي، في 3 يوليو/ تموز 2013، والذي لم يكن انقلابًا فقط في الداخل المصري، بل يمكن اعتباره أيضًا انقلابًا على محددات السياسة الخارجية المصرية، وخصوصًا تلك المتعلقة بدعم ثورات الربيع العربي.
فعقب نجاح الشعبين التونسي والمصري في إسقاط رأسي النظام الحاكم في كلا البلدين، زين العابدين بن علي ومحمد حسني مبارك، مطلع عام 2011. اندلعت الثورة الليبية في 15 فبراير/ شباط من ذات العام، وأعقبها انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية منتصف مارس/ آذار. فيما عرف بثورات الربيع العربي.
وقد تمكن ثوار ليبيا من الإطاحة بمعمر القذافي في أكتوبر/ تشرين الأول 2011. لكن ظل الحراك السوري مشتعلًا بسبب تمسك الأسد بالبقاء في منصبه، واستخدامه العنف المفرط ضد المطالبين برحيله.
وبالتزامن مع ذلك، كانت القوى الشعبية في كافة البلدان العربية، لا سيما في مصر وتونس وليبيا – التي نجحت فيها الثورات مرحليًا آنذاك- داعمة لثورة الشعب السوري بكافة الأشكال.
وانتقل هذا الدعم من مستوى الدعم الشعبي إلى الدعم الرسمي الحكومي، خصوصًا في مصر، التي انتخب شعبها، منتصف عام 2012، الرئيس مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، أحد أكبر الحركات الشعبية الداعمة للإصلاح والتغيير في المنطقة، والتي كان لها دور فاعل إبان ثورات الربيع العربي.
واستمر هذا الدعم الشعبي والرسمي حتى الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي، ليكون ذلك الحدث أول مظاهر الارتداد في دعم مصر لثورات الربيع العربي.
فقد نتج عن انقلاب مصر ارتدادات عكسية ألقت بظلالها على كافة الثورات في المنطقة، لا سيما الثورة السورية، التي يمكن القول إنها خسرت حليفًا رسميًا مهمًا، كما أنها خسرت دعمًا شعبيًا مطردًا؛ بسبب القبضة الأمنية العنيفة التي تشهدها مصر منذ الانقلاب.
وخلال الأسطر المقبلة سنحاول استعراض مسيرة تحول الموقف المصري من الدعم في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، إلى الانقلاب على هذا الدعم في بدايات عهد السيسي، الذي دعم الأسد منذ بدايات الانقلاب، ولو بشكل محدود، ثم بعد ذلك سنستعرض التطور الأخير الذي تمثل في الانفتاح على نظام الأسد، ودعم عودته لجامعة الدول العربية.
وإزاء هذا الخط الزمني، سنحاول استعراض أسباب محدودية دعم السيسي للأسد في الفترة ما بعد عام 2013، والأسباب التي قادت للانفتاح شبه الكامل عليه مؤخرًا، كما سنتناول النقاط الاستراتيجية التي يتفق عليها كلا النظامين، وتمثل قاعدة صلبة لعلاقاتهما.
العلاقات عقب انقلاب 2013 مباشرة
قبيل إعلان عبد الفتاح السيسي انقلابه على الرئيس مرسي، صدرت إشارات داعمة من رئيس النظام السوري بشار الأسد لإسقاط الحكم المنتخب في مصر.
ففي حوار أجرته صحيفة “الثورة” الحكومية السورية بين 30 يونيو/ حزيران و3 يوليو/ تموز 2013، اعتبر الأسد أن ما يجري في مصر يجسد “سقوط ما يسمى الإسلام السياسي”. زاعمًا أن “من يأتي بالدين ليستخدمه في السياسة أو لصالح فئة دون أخرى. سيسقط في أي مكان في العالم”.[1]
وعلى الجانب الآخر، شرع النظام العسكري المصري في التضييق على السوريين الفارين من بطش النظام السوري، وذلك بعد أيام معدودة من إعلان الانقلاب.
ففي 7 يوليو/ تموز 2013، أي بعد 4 أيام فقط من الانقلاب، فوجئ مئات اللاجئين السوريين بمنعهم من دخول الأراضي المصرية، وذلك بدعوى صدور قرار مفاجئ بمنع دخول السوريين إلى مصر دون الحصول على تأشيرة مسبقة.
كان على رأس المحتجزين آنذاك هيثم المالح، عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي احتجزته السلطات الأمنية في المطار عدة ساعات، قبل أن تسمح له بشكل استثنائي في الدخول. وقد اعتبر المالح أن قرار النظام المصري بمثابة “هدية لنظام بشار الأسد”.
لكن استمر احتجاز عشرات السوريين في المطار، وأعيد مئات السوريين إلى الأماكن التي أتوا منها. وحذرت السلطات كافة شركات الطيران بعدم نقل سوريين على رحلاتها إلى مصر إلا بعد الحصول على تأشيرات دخول مسبقة وموافقة أمنية من السفارات والقنصليات المصرية بالخارج، مضيفة أن التعليمات تشمل جميع السوريين بكافة المراحل العمرية.[2]
كما تواصلت حملات التضييق على السوريين وإجبار بعضهم، بينهم أطفال وكبار سن[3]، على مغادرة مصر، التي كانت لهم ملاذًا آمنًا آنذاك[4].
وبالتالي، بدا منذ اليوم الأول للانقلاب أن السلطة العسكرية سحبت الدعم الذي كان مقدمًا من الدولة المصرية للشعب السوري والسياسيين الداعمين للثورة والممثلين لها.
أضف إلى ذلك أن سلطة الانقلاب أوقفت الانتقاد الرسمي للنظام السوري، واعتمدت لهجة غير منحازة للشعب السوري، بل اكتفت بالحديث عن ضرورة “الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة”، وهو ما يعد دعمًا ضمنيًا لأجهزة الدولة التي يحكمها الأسد.
ولا شك أن هذا الوضع كان يصب في صالح النظام السوري، الذي كان منزعجًا من حكومة الرئيس مرسي بسبب مواقفها الواضحة الداعمة للشعب السوري وثورته.
وإذا ما انتقلنا من المستوى الحكومي الرسمي إلى مستوى الإعلام شبه الرسمي، سنجد أن الإسناد الإعلامي المصري للثورة السورية تلاشى إلى حد كبير بعد الانقلاب، نظرًا لأن كافة القنوات المستقلة المعبرة عن الشعب المصري أغلقت، ولم يتبق سوى الإعلام المناهض للثورات والمقرب من الأجهزة الأمنية.
وحتى الدعم الشعبي العلني تراجع أيضًا بسبب الإجراءات الأمنية العنيفة التي اتخذتها السلطات عقب الانقلاب العسكري. ولا ينبغي هنا إغفال أن انتكاسة الثورة المصرية كان لها انعكاس سلبي معنوي على ثورات الربيع العربي الأخرى، نظرًا لأهمية مصر ومكانتها الإقليمية.
دعم سياسي مصري محدود
وبعد مرور سنتين من وصوله للحكم، أشار السيسي بوضوح، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، إلى أن مصر تتبع سياسة دعم “الجيش الوطني السوري” التابع لبشار الأسد في مواجهة الجماعات الإرهابية، معتبرًا أنه “قوة استقرار” في المنطقة.[5]
وقد أكد السيسي غير مرة على ضرورة دعم الجيش السوري التابع لبشار، ففي سبتمبر/ أيلول 2016، صرح أمام مجلس الأمن بضرورة “الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية الوطنية وفي مقدمتها الجيش العربي السوري”، مشيرًا إلى ضرورة “استبعاد قوى الإرهاب من أي اتفاق”.
وفي مناسبة أخرى، وضع السيسي دعم الأسد في سياق أوسع يتمحور حول دعم الجيوش في المنطقة، ففي مقابلة له مع تلفزيون برتغالي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، دعا السيسي لدعم “الجيوش الوطنية” في سوريا والعراق وليبيا، الأمر الذي دفع المحاور أن يسأل مؤكدًا: “هل تقصد بالجيش الوطني في سوريا، الجيش السوري؟”، فأجاب السيسي: “نعم”.[6]
ولم يكتف النظام العسكري بالتصريحات الداعمة ضمنًا وصراحة لنظام الأسد، لكن تحدثت تقارير مختلفة آنذاك عن تنسيق أمني وعسكري بين الجيشين المصري والسوري، لعل أبرزها ما نشرته صحيفة “الأخبار” اللبنانية، في ديسمبر/ كانون الأول 2016، إذ أكدت انتقال مجموعة من الضباط المصريين من الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى سوريا منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.[7]
وقد سبق أن صرح بشار الأسد، في لقاء مع قناة المنار اللبنانية، في أغسطس/ آب 2015، أن “سوريا ومصر يقفان في خندق واحد في مواجهة الإرهابيين الذين يبدلون أسماءهم كما تبدل مسميات أي منتج فاسد”، زاعمًا أن “الجهات الأمنية والسيادية في مصر رفضت قطع العلاقات مع سوريا في عهد الرئيس مرسي رغم إصداره قرارًا بهذا الشأن”.[8]
وفي يوليو/ تموز 2016، أكد محمد بدر الدين زايد، السفير المصري في لبنان آنذاك، تأييد مصر للتدخل العسكري الأجنبي في سوريا. ففي حواره مع إحدى الصحف السعودية، قال: “مصر تؤيد التدخل الروسي في سوريا، ونؤيد أي تدخل يستهدف التنظيمات المتطرفة في سوريا”. في الوقت الذي تجاهل فيه استهداف الطيران الروسي لمئات المدنيين السوريين وهجومه على مقرات الفصائل السورية الداعمة للثورة.[9]
ومع تقدم الأحداث في سوريا، بعد سيطرة تنظيم الدولة “داعش” على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، وما تبعه من تدخل دولي واسع في سوريا، قدم السيسي رؤية لحل الأزمة السورية، أمام مجلس الأمن الدولي، في 21 سبتمبر/ أيلول 2016، وارتكزت هذه الرؤية ضمنًا على 5 أمور.
أولها سلمية الحل، وثانيها ضرورة الحفاظ على وحدة التراب السوري، وثالثها ضرورة الحفاظ على مؤسسات “الدولة السورية الوطنية” وطبعا في مقدمتها الجيش العربي السوري، ورابعها أن مستقبل سوريا يحدده السوريون فقط، وخامسها استبعاد قوى الإرهاب من أي اتفاق.[10]
وفي عام 2017، سرّبت تقارير إعلامية توثيقًا بالصور والمقاطع المرئية لاستخدام جيش الأسد صواريخ وأسلحة مصرية الصنع، كان قد استخدمها في قصف المدنيين والمعارضة في عامَي 2017-2018، بجانب ما أثير حول مشاركة طيارين مصريين إلى جانب القوات الجوية لنظام الأسد في استهداف السوريين، وهو ما نفته القاهرة حينها.
لكن ما عزز سردية دعم القاهرة للأسد عسكريًا هو ما سبقها من زيارة لـ”علي مملوك”، رئيس مكتب الأمن الوطني (المخابرات) في نظام الأسد، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2016، إلى القاهرة، ولقائه بمدير المخابرات العامة المصري حينها، خالد فوزي، واتفاقهما على “تنسيق المواقف سياسيًا بين دمشق والقاهرة، وكذلك تعزيز التنسيق في مكافحة الإرهاب الذي يتعرض له البلدان”.
وفي أبريل/ نيسان 2017، عارضت مصر مشروع القرار الذي ناقشه مجلس الأمن، بشأن إدانة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية في مواجهته مع المعارضة والمدنيين.
وتُحيلنا هذه الشواهد إلى أن نظام السيسي، ومنذ اليوم الأول، انحاز إلى جانب نظام الأسد، وقد تمظهر هذا الانحياز – في الغالب- في شكل تصريحات إعلامية ومواقف سياسية من رأس النظام. لكن كان لهذا الخطاب حدود، حتى إن القاهرة كانت تحاول التنصل – أحيانًا- من ذكر دعمها لبشار بشكل مباشر.
فعلى سبيل المثال، عندما صرح السيسي بدعمه “للجيش السوري” في حديثه من قناة برتغالية، تبع ذلك موجة انتقادات كبيرة، وانتشر بشكل واسع وسم (#السيسي_يدعم_بشار) على موقع “تويتر”، ليخرج بعدها الإعلامي المقرب من النظام، عمرو أديب، ويحاول تفسير تصريح السيسي بشكل مختلف. حيث قال: إن “السيسي لا يقصد بتصريحه الداعم للجيش الوطني السوري أي دعم لنظام بشار الأسد”.[11]
لكن الملاحظ أنه منذ عام 2018 على وجه التحديد بدأت وتيرة اللقاءات الثنائية تتسارع، وهي بمثابة مقدمة لتطبيع العلاقات السياسية بشكل كامل بين الطرفين.
تسارع اللقاءات وإعادة تأهيل الأسد
بحلول عام 2018، ومع تراجع مد الثورة السورية، وتمكن الأسد – بدعم روسي وإيراني- على استعادة سيطرته على مناطق واسعة من سوريا، بدأ النظام المصري في تسريع وتيرة اللقاءات، ثم تبع ذلك تحرك على المستوى الإقليمي لإعادة دمج نظام الأسد في المحيط العربي.
ففي 22 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أجرى “مملوك” زيارة أخرى إلى القاهرة، التقى فيها بنظيره المصري، عباس كامل، الذي صعّد من وتيرة التواصل والتعاون مع نظام الأسد.[12] وفي 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، نشرت مجلة “إنتيليجنس أونلاين” الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، تقريرًا أفاد أن “كامل تولى مسؤولية الملف السوري، وعمل على حث الدبلوماسيين المصريين بجامعة الدول العربية، على استخدام نفوذهم لتعزيز عملية إعادة دمج سوريا في الحظيرة العربية”.[13]
وأكدت المجلة الفرنسية حينها أن “هذه المبادرة جاءت في أعقاب مذكرة أصدرها كامل في نهاية يوليو/ تموز 2020، تنص على ضرورة تعزيز العلاقات بين مصر وسوريا، الحليف المحتمل في مواجهة عدائية أنقرة”، مشيرة إلى أن هذه المبادرة “لاقت مبادرة دعمًا في الوقت الراهن من لبنان والبحرين والإمارات وسلطنة عمان، التي عينت سفيرًا لها في دمشق في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2020”.
كذلك، قالت تقارير ووسائل إعلام موالية للنظام السوري إن “كامل” زار العاصمة السورية دمشق، في 2 آذار/ مارس 2020، والتقى مسؤولين سوريين.[14] وفي 4 يوليو/ تموز 2021، زار وزير الأوقاف لدى نظام الأسد مصر، والتقى بمفتي مصر التابع لنظام السيسي شوقي علام، ورئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف في البرلمان حينها، علي جمعة.[15]
ثم تطورت اللقاءات، لتشمل لقاء وزير خارجية النظام المصري، سامح شكري، بنظيره في النظام السوري، فيصل المقداد، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 سبتمبر/ أيلول 2021.[16]
هذا الخط المتصاعد في التطبيع مع الأسد تطور في عام 2022، ليشمل الدعوة الصريحة إلى عودة نظام الأسد للجامعة العربية مرة أخرى. ففي مؤتمر صحفي مع نظيره العماني، في 23 يناير/ كانون الثاني 2022، قال شكري إن “مصر تتطلع إلى أن تتوفر الظروف لعودة سوريا للنطاق العربي، وتكون عنصرًا داعمًا للأمن القومي العربي”. وتابع: “سنستمر بالتواصل مع الأشقاء العرب؛ لتحقيق هذا الغرض، ونتطلع إلى أن تتخذ الحكومة السورية الإجراءات التي تسهل عودة سوريا للجامعة العربية”.[17]
ثم جاء الزلزال المدمر الأخير، الذي ضرب شمال سوريا، في 6 فبراير/ شباط 2023، ليمنح السيسي أول فرصة للتواصل المباشر والمعلن مع الأسد، إذ جرى أول اتصال هاتفي بينهما في اليوم التالي للزلزال مباشرة.[18]
وتبع ذلك زيارتان، الأولى كانت من “شكري” إلى دمشق في 27 من فبراير/ شباط 2023، ثم رد نظيره السوري الزيارة للقاهرة في 1 أبريل/ نيسان 2023.[19]
وهنا يمكن القول، إن دعم مصر للثورة السورية شهد انكسارًا بعد وصول السيسي للسلطة، لكن رغم موقفه المبدئي في دعم الأسد منذ البداية، لم يذهب السيسي مبكرًا لتبني موقف عام يدفع نحو إعادة تأهيل نظام الأسد، واكتفى بالتصريحات – وربما دعمًا سريًا كما أوردت بعض المصادر. لكن مع تطور الأوضاع انتقل نظام السيسي لمرحلة للترويج لنظام الأسد، وتطبيع العلاقات معه على المستوى السياسي، على مستويات عليا.
أسباب تصاعد دعم السيسي للأسد
يمكن إحالة تغير طبيعة الدعم المصري للنظام السوري خلال العقد الماضي، وتصاعده تدريجيًا، إلى سببين رئيسيين مرتبطين. الأول هو أن الساحة الإقليمية لم تكن تتقبل الانفتاح على نظام بشار في عام 2013 والأعوام القليلة التي تلته، وخصوصًا السعودية، التي كانت داعمة لنظام السيسي بسخاء خلال تلك الفترة.
ففي عام 2011، سحبت الرياض سفيرها في دمشق، ثم أغلقت سفارتها في مارس/ آذار 2012، متمسكة بحل سياسي لا يكون الأسد طرفًا فيه. واستمر هذا الموقف إلى شهور مضت، حتى إن السفير السعودي في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، شن هجومًا على نظام الأسد، في أواخر عام 2021، مطالبًا بـ”عدم التصديق بأن الحرب في سوريا انتهت”، ومشيرًا إلى أنها لم تنته بعد إضافة نحو “2000 شهيد هذا العام إلى قائمة 350 ألف شهيد”.[20]
وأضاف المسؤول السعودي: “لا تصدقوهم إن وقف زعيمهم فوق هرم من جماجم الأبرياء مدعيًا النصر العظيم. كيف يمكن لنصر أن يعلن بين أشلاء الأبرياء وأنقاض المنازل، وأي نصر لقائد يكون على حساب شعبه”.
هذا الموقف السعودي لم يكن مانعًا من إصدار السيسي تصريحات داعمة للأسد بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أنه لم يمنع عقد لقاءات أمنية محدودة بين القاهرة ودمشق، لكنه بالتأكيد كان سببًا لعدم محاولة نظام السيسي الترويج لإعادة تأهيل الأسد، وضمه من جديد للجامعة العربية.
أما السبب الآخر الذي جعل السيسي يُحجم عن تبني موقفًا إقليميًا لدعم الأسد، هو طبيعة السياسة الخارجية المصرية في عهد السيسي على وجه الخصوص. إذ يغلب على نظامه عدم المغامرة في أي ملف، حتى تلك التي تتهدد فيها المصالح الاستراتيجية لمصر بشكل مباشر، كملف سد النهضة.
ومن باب أولى، فإن السيسي لا يحاول وضع سياسة الخارجية في موضع صدام مع السياسة الخارجية لداعميه. فلربما يُحجم السيسي عن اتخاذ بعض المواقف التي ترضي حلفائه إذا ما رأى أنها ستضره، لكنه في ذات الوقت لا يُقدم على ما يضعه في موضع صدام معهم.
ويمكن أن نجد ذلك – على سبيل المثال- في الحرب اليمنية التي أعلن فيها السيسي تأييده لعاصفة الحزم التي أطلقتها السعودية ضد الحوثيين عام 2015، وإطلاقه لتصريحات داعمة لها، من قبيل تصريحه الشهير: “مسافة السكة”، و”أمن الخليج جزء من أمننا القومي”، إلا أنه عند احتدام الصراع في اليمن، أبدى تراجعًا، قائلًا: “الجيش المصري لوطنه فقط”.[21]
كما نجد ذلك أيضًا في علاقاته مع اليونان، وخصمها في شرق البحر الأبيض المتوسط، تركيا. فخلال السنتين الماضيتين وفي ظل التطورات التي شهدتها العلاقات التركية-المصرية، حرص السيسي على الحفاظ على علاقاته مع أثينا. لذلك، نجد أن كل تواصل سياسي بين تركيا ومصر تقريبًا، يصاحبه تواصل بين اليونان ومصر، وتأكيدات من النظام المصري على عمق العلاقات مع اليونان، والتزامه بالتعاون معها،[22]مثلما أوضحنا في عدد سابق من إصدارنا “ملفات تركية“.
لذلك، يمكن القول إن نهج “السلامة” أو “عدم المخاطرة” الذي يتبناه السيسي في سياسته الخارجية، انعكس على علاقاته مع نظام الأسد أيضًا. فعندما كان حلفاؤه الخليجيون يعارضون إعادة تأهيل الأسد، كان السيسي يُظهِر موقفه منه بالقدر القليل، الذي لا يزعج العواصم الخليجية، أما مع تطور الموقف الإماراتي ثم الموقف السعودي مؤخرًا، وانفتاح الدولتين على التعامل مع الأسد، فقد وجد نظام السيسي الفرصة سانحة للحديث عن إعادة الأسد إلى الجامعة العربية، والدفع في هذا المسار.
أسس التقارب بين الطرفين
وهنا يجدر الحديث عن ملفات التعاون المشترك بين الأسد والسيسي، والتي قادت لاتخاذ الأخير موقفًا داعمًا لنظام الأسد منذ الانقلاب عام 2013. ويبرز الموقف من ثورات الربيع العربي كعامل مركزي في علاقات النظامين المصري والسوري، فكلاهما حاول القضاء على ثورة الشعب التي انطلقت عام 2011. ولذلك نجد السيسي يحذر باستمرار من تكرار ما حدث في ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث دلف على تحميلها كل الإخفاقات والأزمات التي مُنيت بها مصر خلال العقد الماضي.
فكلا الرجلين يريا أن الديمقراطية خطر على النظام القائم، حيث وصل أحدهما إلى سدة الحكم بالتوريث واستخدم البطش للحفاظ عليه، بينما وصل الآخر بالانقلاب على الرئيس المنتخب بقوة السلاح، واستخدم أجهزته الأمنية للبطش بالمعارضين.
وعلاوة على ذلك، يتسم حكم كل من السيسي والأسد بالفردية حتى داخل مؤسسات النظام نفسه، حيث يحكم الأسد دمشق بشكل مطلق دون أدنى قدر من توزيع السلطات، وكذلك يفعل السيسي، الذي زج بالسجن كل من قد يمثل تهديدًا لحكمه حتى لو كان من داخل المؤسسة العسكرية نفسها، كاعتقاله لرئيس أركان الجيش المصري، سامي عنان، في 2018، بعد عزمه منافسة السيسي في الانتخابات.
ويتفرع عن هذا العداء لثورات الربيع العربي، ورفض الديمقراطية، عداء الثوار أنفسهم، وفي القلب منهم الحركات الإسلامية الداعمة لخيارات الشعوب. فالخطاب الإعلامي لكل من القاهرة ودمشق يركز على مهاجمة تلك الحركات ووصمها بـ”الإرهاب”.
حتى إن زيارة وزير أوقاف النظام السوري، محمد عبدالستار السيد، والوفد المرافق له، عندما زار مصر والتقى بالمفتي الحالي شوقي علام، وسلفه علي جمعة، تركز الحوار حول ما أسموه بـ”الارتقاء بالخطاب الديني المعاصر ليكون ملائمًا لمتطلبات الواقع وملامسًا لمشكلات المجتمع وتنقيته من الشوائب الإخوانية والتكفيرية الهدامة”، وسرد حينها بيان وزارة الأوقاف في نظام الأسد التاريخ المشترك للأنظمة المصرية والسورية في محاربة جماعة “الإخوان المسلمين”.[23]
علاوة على ذلك، فإن مشروع السيسي في مصر تمركز حول القضاء على أي مكتسب من مكتسبات ثورة يناير، وباعتبار أن الثورة المصرية كانت جزءًا من انتفاضة إقليمية شملت دولًا أخرى، فإنه من الأهمية بمكان بالنسبة للسيسي، أن يُقضى على ثورات الربيع العربي حيث كانت، إذ أن نجاح أي ثورة يُعد عامل قوة قد يحفز شعوب المنطقة ويحيي أملها في إنجاز التحول الديمقراطي، الأمر الذي يشكل خطرًا على الأنظمة الاستبدادية.
وأخيرًا، فإن هناك سببًا آخر يدفع السيسي لدعم الأسد، وهو تفضيل السيسي للتعامل مع الجيوش النظامية على حساب أي قوة أخرى داخل بلدان المنطقة. فالسيسي يرى أن تلك الجيوش هي القوة التي بإمكانها السيطرة على دولها، والتحكم في مجريات الأحداث فيها، ومنع أي محاولة لتغيير الأنظمة فيها.
وهذا ما صرح به الإعلامي عمرو أديب، حين حاول تبرير إعلان السيسي دعمه جيش الأسد، حيث قال إن “السيسي رجل خريج الجيش الوطني المصري، فهو يتعاطى مع الجيوش ومنها الجيش الوطني السوري، وليس المليشيات”.[24] كما أن هذا ما نجده في الوقت الحالي كأحد أسباب دعم السيسي للقوات المسلحة السودانية، بقيادة عبد الفتاح البرهان، في قتالها مع قوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ”حميدتي”، كما أوضحنا في ملفنا “الموقف المصري من النزاع السوداني .. محددات العلاقة وكوابح التدخل“.
وعلى هذا، فالسيسي وبشار متشابهان من حيث رفضهما لثورات الشعوب، والبطش بطلائعها، والتمحور حول القوة العسكرية للتحكم في مسار الأحداث. لكن صحب هذه النقاط التأسيسية مصالح تكتيكية أخرى، تتمثل في استغلال الملف السوري في سياق علاقات مصر المتوترة مع تركيا من جهة، ورغبة القاهرة في عدم القطيعة التامة مع المحور الإيراني في المنطقة من جهة أخرى.
ففيما يتعلق بتركيا، فقد كانت علاقاتها متوترة مع النظامين السوري والمصري إلى وقت قريب، قبل البدء في المصالحات التي عمت المنطقة بالتزامن مع وصول الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى البيت الأبيض.
وفي الحقيقة، فإن أسباب التوتر التركي-السوري قريبة من تلك الأسباب التي قادت للتوتر علاقات مصر مع نظام الأسد إبان حكم الرئيس مرسي، المتعلقة بدعم ثورات الربيع العربي. أضف إلى ذلك، أن التدخل التركي في سوريا لمنع تشكيل دولة انفصالية للتنظيمات الكردية المسلحة، كان أحد أسباب التوتر كذلك، بل ووصل في بعض مراحله إلى الصدام العسكري بين أنقرة ودمشق في شمال سوريا.
هذه العلاقات المتوترة بين تركيا ونظام الأسد حاول السيسي توظيفها في سياق علاقته مع أنقرة. ولذلك نجد أن مصر – بالإضافة إلى قوى الثورة المضادة الأخرى- حرصت دائمًا على دفع الجامعة العربية لإصدار بيانات تهاجم سياسة أنقرة في الإقليم من هذا الباب. وكان نظام السيسي فاعلًا في الاجتماعات التي تصدر عنها تلك البيانات، عبر رئيس جامعة الدول العربية نفسه، وزير الخارجية المصري الأسبق، أحمد أبو الغيط.
فقد أصدرت الجامعة – تحت قيادة أبو الغيط- العديد من البيانات التي هاجمت فيها أنقرة عندما كان هناك توتر في العلاقات التركية-المصرية، بينما خفتت هذه اللهجة – وإن لم تنته تمامًا- بعد المصالحات التي أجرتها تركيا في الإقليم، ومنها تقاربها مع النظام المصري.
فكثيرًا ما وصفت بيانات الجامعة العربية العمليات العسكرية التركية ضد التنظيمات الانفصالية الساعية لتقسيم سوريا والعراق وتركيا بمصطلحات كـ”الاحتلال”، و”العدوان”، و”الغزو”، حتى إن أبو الغيط دعا في غير مرة إلى “النظر في اتخاذ إجراءات عاجلة دبلوماسية واقتصادية واستثمارية وثقافية وسياحية وفيما يتعلق بالتعاون العسكري لمواجهة العدوان التركي”.[25]
وبالإضافة إلى البيانات الرسمية الصادرة عن جامعة الدول العربية، دأب أبو الغيط بشخصه على توجيه انتقادات مستمرة لتركيا، باللهجة ذاتها التي يتحدث بها النظام المصري. فعلى سبيل المثال، اتهم أبو الغيط تركيا، في 2019، بإدخال “الإرهابيين” إلى سوريا منذ عام 2011، أي منذ بداية الثورة السورية.[26]
أما فيما يخص إيران، فقد حرص نظام السيسي منذ اليوم الأول للانقلاب على البحث عن مصالح النظام الذي تعرض لأزمة عميقة حول شرعيته السياسية في بدايات حكمه، ولذلك انتهج سياسة تقوم على الانفتاح على جميع الأطراف الإقليميَّة والدوليَّة بما فيها إيران. فالسيسي، وإن كان محسوبًا على محور الخليج المعارض لثورات الربيع العربي، إلا أنه كان حريصًا على اتخاذ مسافة من دول الخليج فيما يتعلق بموقفها التقليدي من إيران.
وهو ما اتضح من دعوة الرئيس روحاني لحضور مراسم تنصيب السيسي والتفاهم بين البلدين حول بعض القضايا الإقليميَّة، مثل قضيتي سوريا واليمن. وفي عام 2016، مصر للرؤية الروسيَّة فيما يخص القضيَّة السوريَّة في مجلس الأمن خلافًا للرؤية العربيَّة، وهو ما جعله أقرب إلى إيران وروسيا والنظام السوري منه إلى الدول العربيَّة التي أيَّدته في الانقلاب، ما دفع السعوديَّة إلى وصف موقف مصر بالمؤلم.
هذا فضلًا عن موقف مصر من “عاصفة الحزم”، وأخذها مسافة من الموقف الخليجي كما أسلفنا في هذه الورقة، وفي ورقة “العلاقات الإيرانية المصرية خلال الفترة 2010 -2020“، المنشورة على موقعنا.
وعلى هذا، يمكن القول إن العلاقة بين نظام السيسي ونظام الأسد مبنية من حيث الأصل على أسباب استراتيجية، تتعلق بالتصدي لثورات الربيع العربي، هذا فضلًا عن سياسات تكتيكية حاول السيسي توظيف الأسد من خلالها فيما يخص علاقات مصر بكل من أنقرة وطهران.
حاليًا، ومع اتجاه الإقليم – بما فيه السعودية- إلى التطبيع مع الأسد، فإن هذا يمثل فرصة لنظام السيسي لتعزيز علاقاته مع الأسد. ومن المرجح أن تستمر علاقات النظامين، المصري والسوري، في التقدم، إلا في حالة وجود ضغط غربي واسع وجدي ضد المتعاونين مع الأسد، أو وجود تسوية دولية في الملف السوري، تنحي الأسد جانبًا، لكن ذلك لا يبدو محتملًا في الأفق القريب.
[1] France 24 عربي، الأسد يقول إن ما يحصل في مصر “سقوط لما يسمى الإسلام السياسي”، 3 يوليو/ تموز 2023.
[2] الجزيرة، المالح: مصر تمنع دخول السوريين دون تأشيرة، 7 يوليو/ تموز 2013.
[3] هيومان رايتس ووتش، مصر ـ احتجاز لاجئين من سوريا وإكراههم على العودة، 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013.
[4] بي بي سي عربي، سوريون في مصر يفرون من الملاذ الذي كان آمنا، 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2013.
[5] الجزيرة، السيسي: الجيش الوطني بسوريا هو جيش نظام الأسد، 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
[6] الأناضول، انتقادات واسعة لحديث السيسي عن دعم “الجيش الوطني السوري”، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016
[7] الشروق، صحيفة لبنانية: مصر ترسل 200 خبير وضابط إلى سوريا، 7 ديسمبر/ كانون الأول 2016.
[8] الجزيرة، الأسد: مصر وسوريا بخندق واحد ونتواصل “أمنيا”، 26 أغسطس/ آب 2015.
[9] الدرر الشامية، سفير مصر في لبنان: نؤيد التدخل العسكري الروسي في سوريا، 31 يوليو/ تموز 2016.
[10] اليوم السابع، نص كلمة “السيسى” أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، 21 سبتمبر/ أيلول 2016
[11] شبكة رصد، انتقادات واسعة لحديث السيسي عن دعم “الجيش الوطني السوري”، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016
[12] القدس العربي، علي مملوك زار القاهرة والتقى عباس كامل، 23 ديسمبر/ كانون الأول 2018
[13] صحيفة الاستقلال، مساعٍ مخابراتية.. هكذا يخطط السيسي لإعادة الأسد إلى الجامعة العربية، 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
[14] عربي 21، أنباء عن زيارة سرية لرئيس المخابرات المصرية إلى سوريا، 9 مارس/ آذار 2020
[15] صحيفة الاستقلال، محمد عبدالستار.. وزير أوقاف الأسد المتحكم “الحصري” بالشأن الديني في سوريا، 1 ديسمبر/ كانون الأول 2021
[16] الجزيرة نت، الأول منذ الثورة السورية.. ماذا وراء لقاء شكري والمقداد؟، 29 سبتمبر/ أيلول 2021
[17] العربية، شكري: نتطلع لإجراءات من سوريا تسهل عودتها إلى الجامعة العربية، 23 يناير/ كانون الثاني 2022
[18] المصري اليوم، السيسي يجري اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس السوري بشار الأسد (تفاصيل)، 7 فبراير/ شباط 2023
[19] DW، لأول مرة منذ أكثر من عقد – وزير خارجية سوريا يزور القاهرة، 1 أبريل/ نيسان 2023
[20] الحرة، “لا تصدقوهم”.. تصريحات سعودية نارية قد تعرقل جهود المطبعين مع الأسد، 18 ديسمبر/ كانون الأول 2021
[21] الجزيرة نت، السيسي وعاصفة الحزم.. مشاركة أم مقاطعة؟، 5 أبريل/ نيسان 2015
[22] صحيفة ديلي صباح التركية، وزير الخارجية المصري يزور اليونان قبيل زيارة مخطط لها لتركيا، 12 أبريل/ نيسان 2023
[23] البوصلة، لماذا توافق نظاما الأسد والسيسي على خطاب ديني موحد؟، 18 يوليو/ تموز 2021
[24] وكالة الأناضول، انتقادات واسعة لحديث السيسي عن دعم “الجيش الوطني السوري”، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016
[25] رويترز، الأمين العام للجامعة العربية: الهجوم التركي في سوريا “غزو لأراضي دولة عربية”، 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2019
[26] شفق، أبو الغيط: تركيا مسؤولة عن إدخال الإرهابيين لسوريا، 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2019